الكتاب: شرح الأخبار
المؤلف: القاضي النعمان المغربي
الجزء: ١
الوفاة: ٣٦٣
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق: السيد محمد الحسيني الجلالي
الطبعة: الثانية
سنة الطبع: ١٤١٤
المطبعة: مطبعة مؤسسة النشر الإسلامي
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ردمك:
ملاحظات:

شرح الأخبار
في
فضائل الأئمة الأطهار
للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي
المتوفي سنة 363 ه‍. ق
مؤسسة النشر الاسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
1

الكتاب: شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار ج 1 (1 - 4)
المؤلف: القاضي النعمان بن محمد التميمي المغربي
المحقق: السيد محمد الحسيني الجلالي
الموضوع: تاريخ اللغة: عربي
عدد الاجزاء: 16 جزء عدد الصفحات: 496
الناشر: مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
الطبع: مطبعة مؤسسة النشر الاسلامي
الطبعة: المطبوع: 1000 نسخه
التاريخ:
2

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على القائل " النجوم أمان لأهل السماء وأهل
بيتي أمان لامتي " وعلى عترته الطيبين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
من الواضح المعلوم أن الأئمة صلوات الله عليم أجمعين أمناء الله على عباده وخلفاؤه في
أرضه وهم السبل الواضحة التي تهتدي بها البشرية وسفن النجاة التي لا يغرق من ركبها وهم
معادن علم الله ومحط بركاته لا يعرف فضلهم ولا تدرك منزلتهم ولا يوصف ثناؤهم، ولا يسع
لاحد التعرف عليهم بما هم إلا الله ورسوله. ولذلك نرى القرآن الكريم أبان فضلهم وعرف
قدرهم وبين مقامهم وأظهر شأنهم، ومن جهة أخرى قام الرسول الأعظم صلى الله عليه
وآله ببيان مقامهم في ضمن أحاديث كثيرة جمعها أرباب الحديث في تصانيفهم وأخذ كل
بقدر وسعه منها وسردها في كتابه، منهم القاضي النعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن
حيون الامامي المذهب في كتاب سماه ب‍ " شرح الاخبار في فضائل الأئمة الأطهار " وهو لم
يطبع بعد بهذه الكيفية، وقد قام العلامة السيد محمد الجلالي بتحقيق هذا الكتاب وتصحيحه ومقابلته مع نسخ خطية متعددة فجزاه الله خير الجزاء وجعله من أحسن موالي أهل البيت
عليهم أفضل الصلاة والسلام.
وقد قامت المؤسسة - بحمد الله ومنه - بطبع ونشر هذا السفر الشريف كي تتعرف الأمة
الاسلامية أكثر على فضائل ومناقب آل الرسول عليهم السلام، سائلة المولى عز وجل لها وللسيد
المحقق التوفيق لخدمة الاسلام ونشر علوم أهل البيت إنه سميع مجيب
مؤسسة النشر الاسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
3

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل رسله و
أشرف بريته أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين
واللعنة الدائمة على أعدائهم ومخالفيهم ومنكري فضائلهم من الآن
إلى قيام يوم الدين. آمين يا رب العالمين.
4

مقدمة المحقق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحقائق التاريخية هي منتهى آمال الباحثين ومطمع انظار المحققين، فمن
خلال الدراسة والتحقيق يتم التعرف على مدى ثقافة وعظمة الأمم السالفة
لمعرفة وتثمين وتقصي النقاط الايجابية منها. بيد أن الدوافع المادية والنزعات
القبلية لذوي النفوس الشريرة فرضت بأساليب مختلفة وطرق متباينة من
ترغيب و ترهيب وتطميع وتعذيب لتدوين التاريخ المتداول ملائما لميولها
ومنسجما مع أغراضها ومجانسا لمأربها ومشبعا لرغباتها، فلو كان التاريخ على
حقيقته لكشف لنا الكثير من نتائج المعادلات المجهولة التي لو كانت لدينا
لحصلنا واكتسبنا مزيدا مما نروم إليه في حياتنا العلمية وتعاملنا وتفاعلنا مع
الحوادث والافراد والأمم بالشكل الموضوعي الموصل بالمجتمع إلى الخير والسعادة
والتقدم والازدهار وتجنبنا المزيد من عوامل التخلف والشقاء والتفرق، ومن
البديهي - الغير القابل للجدل - أن يحاول المستبدون والجبابرة والمستعمرون
بالإضافة إلى طمس المعالم الخلقية والظواهر الطيبة والبوادر الخيرة لأجل تمرير
أحقادهم وتسييب شعوبهم وتحكيم موقعهم منطلقين من مبادئهم وآرائهم التي
تمخضت عن تلكم النتائج البغيضة، فرغم توليد الأحقاد وتباعد الشعوب
والافراد حرمان الأجيال القادمة من الارتواء من معرفة أسلافهم إلا النزر
القليل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، وأوضح مصداق وأكبر برهان لما
5

ذكرنا ما عاناه أهل البيت عليهم السلام الذين جعلهم نبراسا ومنارا وملاذ
لنا لنقتدي بهم ونتمسك بحبلهم ونلجأ إليهم ونستلهم من سيرتهم، وهم الذين
ارتضاهم الله وخصهم بقوله: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل
البيت ويطهركم تطهيرا " (1).
من ذوي النفوس الخبيثة والمآرب الشريرة - كذوي الأعين المصابة بالرمد -
آلوا على أنفسهم وشدوا العزم على إطفاء هذا النور الساطع والضياء المنتشر،
ليدوم سلطانهم ودولتهم بل لم يكتفوا بالقتل والتشريد والتعذيب والتنكيل حتى
شمروا عن سواعدهم وبذلوا أقصى الجهود وصرفوا أكثر ما في وسعهم لقلب
الحقائق وتشويه الصور وتعكير الأجواء، ففي أربعين عاما من أيام التاريخ
الاسلامي كان أمير المؤمنين عليه السلام يسب على منابر المسلمين في خطب
الجمعة وغيرها وتلصق به أنواع التهم والافتراءات، وقتل حتى من يحتمل موالاته
ومحبته لعلي عليه السلام، حتى أن الحجاج أمر باحراق محلة بما فيها لأجل اختفاء
موال فيها. و... و... ولكن ما أسرع أن تبدد الظلام ولاح نور الصباح في الأفق
وبانت الحقيقة وظهر الحق رغم قسره على الاختفاء. مصداقا لوعده وهو أصدق
القائلين و " يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ". والكتاب الذي
بين يديك من تلك المظاهر مما حدى بي إلى اختياره للتحقيق. وقد كانت منذ
أمد بعيد تساورني هواجس وخلجات تحفزني فكرة تأليف سفر في هذا المعنى،
ولما وجدت هذا الكتاب موفيا لرغبتي زاد شوقي إليه، وبادرت إلى تحقيقه
واخراجه إلى عالم الطباعة.
* * *

(1) الأحزاب 33.
6

نسخ الكتاب:
إنه من الكتب العزيزة النزيرة النسخ، ولعل السبب في ذلك إضافة إلى
تعدد أجزائه، وتفرقة في البلاد هو قلة الناسخين له، فلم يتعد ناسخوه المعدودين
بالأصابع المنتمين إلى الفرقة الإسماعيلية التي تحرص أشد الحرص للحفاظ
على كتبها لئلا يطلع عليها من هو خارج عن هذه الفرقة. ورغم ذلك فقد
حاولت حثيثا وجهدت مليا حتى حصلت على جميع أجزاء الكتاب من بلدان
عديدة في العالم. فهناك أجزاء وجدت في المكتبات الأوربية صورها وأرسلها
لي مشكورا الأخ العلامة الحاج السيد محمد حسين الحسيني الجلالي دام توفيقه
من أمريكا وهناك أجزاء عثرت عليها في مكتبة جامعة طهران، وهناك أجزاء
خطية ومصورة وقفت عليها في مكتبة السيد المرعشي بقم - ولعل أكمل مجموعة
من أجزاء الكتاب هي ما وقفت على مصورتها أخيرا في مكتبة السيد المرعشي
دام ظله -.
وأما النسخ التي اعتمدنا عليها في تحقيق الكتاب فهي:
1 - نسخة جامعة طهران:
تحتوي على الاجزاء 1 - 7 في 216 صفحة بمقياس 21 × 15 سم. وفي كل
صفحة 21 سطرا.
وهذه النسخة كانت لدى الميرزا النوري - صاحب مستدرك الوسائل - ثم
انتقلت إلى السيد محمد مشكاة الذي أهداها بدوره إلى مكتبة جامعة طهران في
سنة 1328 هجرية.
وقد ذكرها الميرزا النوري في مستدرك الوسائل 3 / 321 بقوله: عثرنا
بحمد الله تعالى على نسخة عتيقة منه إلا أنه ناقص من أوله وآخره، أظنه أوراق
7

يسيرة.
وفي الحقيقة أن الساقط من الكتاب - نسخة الجامعة - ما يقارب النصف
الأول من الجزء الأول، ومن آخره هو أكثر من نصف الكتاب - أي تسعة
أجزاء -، ولعل السبب في توهم العلامة النوري - ره - بأن الساقط أوراق يسيرة هو
الكتابة الموجودة صفحة الغلاف، من أن الساقط من الكتاب هو ثلاثة
أوراق.
وهذه النسخة محفوظة في مكتبة جامعة طهران برقم 916. وقد رمزنا لها
بالحرف الألف.
2 - نسخ مكتبة السيد المرعشي:
أ - نسخة خطية تحتوي على الاجزاء 1، 2، 4، 6 بخط محمد بن يوسف
علي وهو برقم 4202، وعدد صفحات هذه النسخة 278 صفحة بمقياس
14 × 5 / 8 سم، وفي كل صفحة 17 سطرا.
وقد رمزنا لها بالحرف - ب -.
ب - نسخة خطية في مجلدين برقم 3731 و 3751 تحتوي على الاجزاء 5،
6، 7، 8 بخط حسين بن عبد العلي المباركفوري الأعظمي.
والمجلد الأول المرقم 3731 يحتوي على الجزئين 5 و 6 وهو مؤرخ بتاريخ
1316 هجرية والمجلد الثاني المرقم 3751 يحتوي على الجزئين 7 و 8 مؤرخ
بتاريخ 1350 هجرية.
وتقع هذه النسخة في 306 صفحة بمقياس 8 × 15 سم وفي كل صفحة
12 سطرا.
وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف - ج -.
3 - نسخة مصورة محتوية على الاجزاء 1، 2، 4، 6، 7 وتقع في 227
8

صفحة بمقياس 5 / 21 × 11 سم وفي كل صفحة 23 سطرا تقريبا.
وهذه النسخة مجهولة التاريخ والناسخ إلا أنها تمتاز بكونها مشكولة،
وعليها عدة بلاغات مما يدل على مقابلتها وتصحيحها.
وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف - د -.
4 نسخة مصورة أخرى تحتوي على الاجزاء 9 - 12 في 267 صفحة
بمقياس 5 / 13 × 5 / 7 سم وفي كل صفحة 16 سطرا.
وهذه النسخة مجهولة الناسخ والتاريخ إلا أن عليها تملكا نصه: مما من
الله به على عبدوليه (كلمة لا تقرأ) بن الشيخ الفاضل الحاج حبيب الله.
وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف - ه‍ -.
5 نسخة مصورة - ثالثة - تحتوي على الاجزاء 6 - 10 في 217 صفحة
بمقياس 13 × 8 سم، وفي كل صفحة 13 سطرا مؤرخة 1116 هجري وعليها
تملك محمد علي بن فتح بهائي بن سليمان حي بهائي ساكن سكندرپور في محلة
كوثر. كما ورد على ظهر النسخة. وهي من كتب الجمعية الإسماعيلية بلندن
تحت الرقم 5845.
وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف - و -.
6 - نسخة مصورة - رابعة - تحتوي على الاجزاء 13 - 16 في 285 صفحة
بمقياس 14 × 5 / 8 سم وفي كل صفحة 15 سطرا.
والنسخة الخطية مؤرخة سنة 1295 هجرية محفوظة في الجمعية
الإسماعيلية في بمبي برقم 167 الف و 129 ن.
وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف - ز -.
7 - نسخة مصورة - خامسة - تحتوي على الجزئين: 13 و 14 في 155 صفحة
15 × 5 / 9 سم وفي كل صفحة 15 سطرا. أرسلها سماحة العلامة الأخ السيد
محمد حسين الجلالي وهي نسخة جامعة لندن غير مؤرخة برقم 25432. وعلى
9

النسخة تملك نصه: ملك طيب علي ملاجيوا بهائي. وقد ضبط فيضي كلمة:
(ملاچى)، وقال: إنها أسرة معروفة لدى طائفة البهرة الداودية لما لها من مكانة
علمية متوارثة. (كما جاء في مقدمة الدعائم 1 / 18 ط / القاهرة 1289 ه‍) وعلى
النسخة أبيات تدعو إلى محبة نجم الدين الداعي وهو نجم الدين بن زكي الدين
المتوفي سنة 1232 هجرية.
وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف - ح -.
ولدينا نسخة مطبوعة من الجزء الخامس عشر طبعة إيفانوف - غير أن هذه
الطبعة منتخب من الجزء الخامس عشر طبعت عام 1942 م بمطبعة اوكسفورد
ضمن سلسلة البحوث الإسماعيلية وتقع في 34 صفحة.
عملنا في الكتاب:
إن هذا الكتاب من الكتب النادرة، وقد انفرد القاضي بإيراد روايات
عزيزة لم نقف عليها في مصادر أخرى. أضف إلى ذلك وجود روايات أخرى لم
تكن من السهل العثور عليها في المصادر الحديثية الموجودة بأيدينا لأجل
تقطيعها أو ذكر محل الحاجة منها، ومع ذلك استقصينا الجهد في تخريج
الروايات وشرح الغريب من ألفاظها بالاعتماد على المصادر الكثيرة والمراجع
اللغوية. وألحقنا بكل جزء من أجزاء الكتاب ملحقا بعنوان - تخريج
الأحاديث - وذكرنا فيه شواهد الروايات التي أوردها المؤلف ومتابعاتها كما
حاولنا ذكر المزيد من المؤيدات لتلك الروايات اعتمادا على أمهات المراجع
من كتب العامة والخاصة مع تقديم كل نص أقرب لما ذكره المؤلف. وذكرنا
أسانيدها بايراد أسماء الرواة دون التعرض إلى ما لا يلزم ذكره من قبيل
الألقاب والكنى، ومراعاة عدم الإطالة والتكرار.
وقد قمنا أساسا في التحقيق بعد ضبط النص ومقابلته مع النسخ المتوفرة
10

والمصادر الأخرى بما يلي:
أ - ترقيم الأحاديث بالتسلسل وفق ما وجدناه في النسخ المستحضرة
لتحقيق الكتاب.
ب - جعل ما سقط من نسخة الأصل ووجدناه في النسخ الأخرى بين
قوسين، وما وجدناه في المصادر الأخرى ضمن معقوفتين هكذا ().
ج - الإشارة إلى اختلاف الكلمات أو الجمل الموجودة بين النسخ في
الهامش.
د - تبديل الكلمات التي وردت في تضاعيف الكتاب إلى الرسم المتداول
كالزكاة والصلاة إلى الزكاة والصلاة.
ه‍ - تبديل ما رمز إليه في بعض النسخ من عبارات الاجلال والتعظيم للفظ
الجلالة والصلاة على النبي والأئمة والترضية على الصحابة الكرام بالعبارات
الصريحة.
وختاما أسأل المولى القدير أن يوفقنا لما يحب ويرضى إنه سميع مجيب.
محمد الحسيني الجلالي
شهر رمضان المبارك 1407 ه‍
11

صورة الصفحة الأولى من الجزء الأول
من نسخة مكتبة آية الله المرعشي " النسخة - ب - "
12

صورة الصفحة الأخيرة من الجزء الثالث
من نسخة مكتبة آية الله المرعشي " النسخة - ب - "
13

صورة الصفحة الأولى من الجزء الأول
من نسخة جامعة طهران " النسخة - ألف -
14

صورة الصفحة الأولى من الجزء الثالث
" النسخة - د - " الممتازة عن سائر النسخ بالبلاغات العديدة
15

صورة الصفحة الأخيرة من الجزء الثالث
" النسخة - د - " الممتازة
16

المؤلف والكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
شارك المؤلف أبو حنيفة النعمان الشيعي - المتوفى سنة 363 ه‍ - في الدعوة
الفاطمية في مهدها بالمغرب، وقام بتأصيل أصولها حتى أصبحت الدعوة تعتمد
على النشاط الفكري للمؤلف بقدر اعتمادها على النشاط السياسي للخلفاء
الفاطميين.
ولدوره البارز في الدفاع عن حريم التشيع اعتبرته بعض المصادر الشيعية
إماميا إثنا عشريا، بالرغم من كثرة مؤلفاته التي تعتبر مصدر عطاء للمذهب
الإسماعيلي، ولا يزال أتباع المذهب الإسماعيلي يعبرون عنه بألفاظ التجليل
التي لا يصفون غيره بها، كألفاظ (سيدنا الأوحد) و (القاضي الأجل)
و (سيدنا القاضي).
وبالرغم من انغلاق أبواب المكتبة الإسماعيلية في وجه الباحثين لعوامل
التقية التي أصبحت متأصلة في نفوسهم وحرمت العلم من أصحابه فقد تمكن
الأخ السيد محمد الحسيني الجلالي - حفظ الله - بسعيه الحثيث أن يجمع أفراط
هذا الكتاب (شرح الاخبار في فضائل الأئمة الأطهار) من مختلف المكتبات
ويقدمها سلسلة منضودة كاملة.
ترجمة المؤلف:
هو أبو حنيفة النعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حيون، واتفقت
17

المصادر على وصفه بالفضل والعلم والنبل، وصرحت بتوليه القضاء، وانفرد
ابن العماد الحنبلي (ت / 1089 ه‍) على نسبته إلى التشيع ظاهرا والزندقة
باطنا، وهو نابع من الخلاف المذهبي.
وقال معاصره المعز لدين الله (ت / 365 ه‍) رابع خلفاء الفاطميين: (...
من يؤدي جزء مما أداه النعمان أضمن له الجنة بجوار ربه) (1).
ووصفه ابن زولاق الحسن بن إبراهيم الليثي (ت / 387 ه‍) بقوله: (...
في غاية الفضل من أهل القرآن والعلم بمعانيه، وعالما بوجوه الفقه وعلم
اختلاف الفقهاء واللغة والشعر والعقل والمعرفة بأيام الناس مع عقل
وانصاف) (2).
أما الأمير المختار عز الملك محمد الكاتب المسيحي فوصفه بقوله: (كان من
أهل العلم والفقه والرأي والنبل على ما لا مزيد عليه وله عدة تصانيف) (3).
وقال عنه محمد بن علي بن شهرآشوب (ت / 588 ه‍): (ابن فياض
القاضي النعمان بن محمد ليس بإمامي وكتبه حسان...) (4).
وابن خلكان (ت / 681 ه‍) قال: (أحد الأئمة الفضلاء المشار إليهم...
وكان مالكي المذهب ثم انتقل إلى مذهب الإمامية) (5).
واليافعي (ت / 768 ه‍) قال: (كان من أوعية العلم والفقه والدين) (6).
وابن حجر أحمد بن علي العسقلاني (ت / 852 ه‍) قال: (كان مالكيا " ثم

(1) عن عيون الأخبار: للداعي إدريس راجع أعلام الإسماعيلية: ص 59.
(2) ابن خلكان: 5 / 416، ويراجع البداية والنهاية.
(3) وفيات الأعيان: 5 / 415.
(4) معالم العلماء: ص 126.
(5) وفيات الأعيان: 5 / 415.
(6) مرآة الجنان: 2 / 278.
18

تحول إماميا وولي القضاء للمعز العبيدي صاحب مصر وصنف لهم التصانيف
على مذهبهم، وفي تصانيفه ما يدل على انحلاله) (1).
والداعي إدريس عماد الدين القرشي (ت / 872 ه‍) يقول: (إن
النعمان كان في مكانة رفيعة جدا قريبة من الأئمة، وأنه كان دعامة من دعائم
الدعوة) (2).
وابن تغرى بردى يوسف (ت / 874 ه‍) يقول: (قاضي مملكة المعز، وكان
حنفي المذهب، لان المغرب كان يومذاك غالبه حنفية إلى أن حمل الناس
على مذهب مالك فقط المعز بن باديس) (3).
وابن العماد الحنبلي (ت / 1089) يقول: (القاضي أبو حنيفة الشيعي
ظاهرا الزنديق باطنا قاضي قضاة الدولة العبيدية) (4).
هذا ولم يذكر المتأخرون شيئا جديدا في وصف المؤلف، راجع الحر العاملي
(ت / 1104 ه‍) (5)، وبحر العلوم (ت / 1212) (6) وشيخنا العلامة
(ت / 1389) (7)، ويعتبر ابن شهرآشوب (ت / 588) الوحيد الذي وصفه بابن
الفياض، ولم اهتد للوجه الصحيح لهذه النسبة سوى أن والد المؤلف أبو عبد الله
محمد القيرواني كان كما يقول ابن خلكان (ت / 681 ه‍): (قد عمر، ويحكي
أخبارا كثيرة نفيسة) فإذا صح تلقبه بالفياض، والمؤلف بابن الفياض، وربما

(1) لسان الميزان: 6 / 167.
(2) عن عيون الأخبار له، راجع مقدمة اختلاف أصول المذاهب ص 13 لمصطفى غالب.
(3) النجوم الزاهرة: 4 / 106.
(4) شذرات الذهب: 3 / 47.
(5) أمل الآمل: 2 / 332.
(6) رجال بحر العلوم (الفوائد الرجالية): 4 / 5.
(7) نوابغ الرواة: 4 / 32.
19

عثر ابن شهرآشوب على مصدر لذلك، فإن كتبه تشهد بأنه كان على اطلاع
واسع للمصادر التي لم تصل يد التتبع إليها.
هذا واتفق المؤرخون على وفاة المؤلف في سنة 363 ه‍، ولكن لم ينص
أحد منهم على تاريخ ولادته، مما أدى إلى أعمال مجرد الظن والحدس في نص
ذكره المؤلف في كتابه (المجالس) الذي يعتبر حافلا بالتواريخ الهامة في الدعوة
الإسماعيلية، فقد قال: (وخدمت المهدي بالله (ت 322 ه‍) من أواخر عمره
تسع سنين وشهورا وأياما) (1).
وحيث إن المهدي هو أول الخلفاء الفاطميين توفى في 14 ربيع الأول
322 ه‍ فيكون تاريخ خدمة المؤلف إياه في أواخر عام 312 ه‍ في عمر تؤهله
للخدمة، ويصعب تحديد ذلك، وإذا قدرنا عمره آنذاك انه كان في العشرين
من العمر فتكون ولادته حدود منه 292 ه‍.
والمؤلف يذكر في (المجالس) بعض الاعمال والوظائف التي قام بها والتي
تعد قمة المسؤولية في عهد الخليفة المعز، وإليك بعض التواريخ الهامة في حياته.
292 (؟) ه‍ حدود تاريخ ميلاده
313 - 322 (؟) ه‍ تسع سنين وشهورا وأياما من أواخر عمر المهدي
المتوفى سنة 322 ه‍ وبعده القائم.
وكان المؤلف ينقل (أخبار الحضرة إليهما في كل يوم طول
تلك المدة إلا أقل الأيام) (2) ولا أعرف بالضبط طبيعة
هذه الوظيفة، وربما تكون مجرد الخدمة أو المراقبة.
322 - 334 ه‍ في عهد الخليفة الثاني الفاطمي (القائم بأمر الله أبى
القاسم محمد (ت / 334 ه‍)) كان المؤلف يقوم بنفس دور

(1) المجالس: ص 69.
(2) المجالس: ص 79.
20

نقل أخبار الحضرة، وأيضا كان يورق لابنه إسماعيل، فقد
قال المؤلف: (وكنت أخدم المنصور بالله بعض أيام المهدي
بالله وأيام القائم كله... وكانت خدمتي إياه في جمع الكتب له واستنساخها) (1).
334 - 341 ه‍ لما أصبح إسماعيل الخليفة الفاطمي الثالث ولقب بأبي
طاهر المنصور بالله زادت رتبة المؤلف إلى تولي القضاء،
قال: (وكنت أول من استقضاه من قضاته، وأعلى ذكري
ورفع قدري...) (2).
334 (؟) 337 ه‍ استقضاه المنصور على مدينة طرابلس ثم أمره بالقدوم
إليه (3).
عام 337 ه‍ استقضاه المنصور على المنصورية التي بناها عام 337 ه‍ وعن
ذلك يقول المؤلف: (لما أرحلني المنصور بالله من مدينة
طرابلس إلى الحضرة المرضية وافق وصولي إليها غداة يوم
جمعة، فخلع علي يوم وصولي وقلدني، وأمرني بالسير من يومي
إلى المسجد الجامع بالقيروان وإقامة صلاة الجمعة فيه
والخطبة، إذ لم يكن يومئذ بالمنصورية جامع، ثم خرج توقيعه
من غد إلى ديوان الرسائل بأن يكتب لي عهد القضاء لمدن
المنصورية والمهدية والقيروان وسائر مدن إفريقية
وأعمالها) (4).
عام 341 ه‍ وفي عهد الخليفة الفاطمي الرابع إلى تميم معد المعز لدين الله

(1) المجالس: ص 80.
(2) المجالس: ص 81.
(3) المجالس: ص 51.
(4) المجالس: ص 348.
21

قويت شوكة النعمان للوصلة المتبادلة بينهما قبل الخلافة
والتي يقول عنها: (... وكان اعتمادي أيام المنصور بالله فيما
أحاوله عنده وأرفعه إليه وأطالعه فيه على المعز لدين الله،
فما أرادته من ذلك بدأته به ورفعته إليه وسألته حسن رأيه
فيه، فما أمرني أن أفعله من ذلك فعلته... وما كرهه لي
تركته...) (1).
وهذه الطاعة المطلقة للمعز هي التي سهلت له الوصول
إلى أعلى المراتب في الدولة الفاطمية، وجعلته من أقطاب
الفكر الإسماعيلي، وفي هذا العهد بلغ المؤلف مبلغا عظيما
من الثراء حيث يقول عن ملك له: (فبلغ كراؤه في السنة
نحوا من مائتي دينار) (2) كما أنه في هذا العهد كتب ونشر
كتبه وتصانيفه.
عام 362 ه‍ انتقل المعز إلى مصر في رمضان وأصبحت قاعدة الخلافة
الفاطمية، وصحبه المؤلف إليها حيث وصفه ابن زولاق
(ت / 387 ه‍) بقوله: (القاضي الواصل معه من المغرب
أبو حنيفة محمد الداعي) (3).
وقال اليافعي (ت / 768 ه‍): (كان ملازما صحبة
المعز ووصل معه إلى الديار المصرية أول دخوله إليها من
أفريقية) (4).
وبالتعاون الفكري مع النعمان أسس ملكه وحكمه

(1) المجالس: ص 351.
(2) المجالس: ص 525.
(3) ابن خلكان: 5 / 426.
(4) مرآة الجنان: 2 / 380.
22

على نظام إسلامي شيعي، وبنى مدينة القاهرة واتخذها
عاصمة لخلافته التي منها بعث الدعاة إلى أرجاء العالم
الاسلامي، وعهده يمثل ذروة عظمة الخلافة الفاطمية.
عام 363 ه‍ وبعد أقل من عام - بعد انتقاله إلى مصر - توفى المؤلف
النعمان في القاهرة في 29 جمادى الآخرة - أو: رجب - سنه
363 ه‍ وكما يقول المقريزي (ت / 845 ه‍): (حزن المعز
لموته وصلى عليه أضجعه في التابوت، ودفن في داره
بالقاهرة) (1).
هذا ولا تزال جوانب كثيرة من حياة المؤلف مجهولة،
لا بد أن تكشفها مخطوطات الإسماعيلية، فقد ترجمه
الداعي التاسع عشر عماد الدين إدريس (المتوفى
سنه 872 ه‍) في كتابه عيون الأخبار، الجزء السادس
المخطوط. فقد قال مجدوع الإسماعيلي في فهرسته: إنه يحتوي
على ترجمة النعمان وماله من الفضل والعلم وبيان تأليفه) (2).
ولم يطبع من هذا الكتاب سوى المجلد الرابع عام
1973 م، والخامس عام 1975 م بتحقيق مصطفى غالب
ببيروت، والتي منعت عن نشرها التقية التي أصبحت
عقيدة بعد أن كانت وسيلة، ولما عاتبت الامام الإسماعيلي
على المنع من البحث في تراثهم نفى وقال: إنها ميسرة في
جامعتهم للباحثين. ولما أبديت استعدادي للذهاب إليها

(1) الاتعاظ: ص 202.
(2) فهرست مجدوع: ص 75.
23

فورا، تبسم تبسم الامتناع والتقية.
وهذه سيرة تخالف سيرة المؤلف النعمان الذي قضى
حوالي سبعين عاما من عمره في سبيل العلم ونشر علوم أهل
البيت عليهم السلام.
أسرته:
انحدر المؤلف النعمان من أسرة مغربية من القيروان، فهو النعمان بن محمد
بن منصور بن حيون، ولم تذكر المصادر شيئا عن قبيلته ولكنه وصف بأنه
تميمي الأصل في المصادر الإسماعيلية (1) واتفقت المصادر على ذكر نسبه إلى
حيون ولابد أن يكون له شأن في القبيلة حيث به عرف المؤلف. وكان لرجال
الأسرة القدح المعلى في القضاء والدعوة، كما زاد الأسرة قوة، تصاهر بعض
أفرادها مع الحكام، كما يظهر أن هذا التصاهر كان سببا في أفول نجم الأسرة
فيما بعد - أيضا -.
والده:
ترجمه ابن خلكان (ت / 681 ه‍) قائلا: (وكان والده أبو عبد الله محمد قد
عمر ويحكي أخبارا كثيرة نفيسة حفظها وعمره أربع سنين، وتوفى في رجب
سنة 351 وصلى عليه ولده أبو حنيفة المذكور ودفن في باب سلم وهو أحد
أبواب القيروان، وكان عمره مائة وأربع سنين) (2).
وذكر محمد بن حارث الخشني ترجمة نصها:

(1) مقدمة الهمة: ص 6، أعلام الإسماعيلية: ص 589.
(2) وفيات الأعيان: 5 / 416.
24

(محمد بن حيان الذي كان شيخنا عالي السن وكان صاحب الصلاة
بسوسة، وكان مدنيا صحب ابن سحنون فتشوق فكان لذلك مستترا) (1).
قال الجلالي: جاء في هامش المجالس المتقدم ص 6 احتمال كون صاحب
الترجمة والد النعمان، وهو احتمال وجيه جدا فان وصف ابن خلكان إياه
بطول العمر يطابق تماما وصفه بعلو السن، وأظن أن كلمة (حيون) تصغير
لكلمة (حيان) وان هذه الكلمة غلبت على المؤلف فيما بعد لشيوعها عند عامة
الناس، فإذا ثبت ذلك فتكون الأسرة مدنية الأصل هاجرت إلى المغرب،
وأظن أن كلمة (تشوق) تصحيف لكلمة (تشيع) حتى يناسب كونه علة
للاستتار، والله العالم.
أولاده:
كان للنعمان ولدان، ولدا في المغرب وتوفيا بمصر.
(أولهما) أبو عبد الله محمد بن النعمان توفى سنة 389 ه‍، وابنه أبو القاسم
عبد العزيز بن محمد قتل سنه 401 ه‍، وابنه أبو محمد القاسم بن عبد العزيز توفى
سنة 441 ه‍ وله ولدان: الأول محمد بن القاسم (ت / 455 ه‍)، والثاني
عبد الله بن القاسم (ت / 463 ه‍).
(ثانيهما) أبو الحسن علي بن النعمان توفى سنه 374 ه‍ وله ولدان: الأول:
أبو عبد الله الحسن بن علي (ت / 395 ه‍)، والثاني: النعمان بن علي
(ت / 403 ه‍).
وقد ذكر أحمد بن خلكان (ت / 681 ه‍) بتفصيل أحوال المؤلف
وأحفاده الذين ورثوا العلم والقضاء خلفا عن سلف، حتى انتهى إلى أبي

(1) هامش المجالس والمسايرات: ص 6 عن طبقات علماء إفريقية ص 223 طبع الجزائر سنة 1914.
25

القاسم عبد العزيز بن محمد بن النعمان الذي تصاهر مع القائد جوهر الصقلي
على ابنه وكان يتولى القضاء، ثم عزله الحاكم الفاطمي في 16 رجب 398،
وبعد أربع وأربعين سنه أمر الا تراك بقتله مع القائدين جوهر وابن أخيه في ربيع
الأول 354 ه‍.
ولابد أن الحاكم وجد فيهم القوة المعارضة لحكمه الذي أدى إلى انشقاق
الإسماعيلية على نفسها، وتكون الفرقة التي عرفت بالدروز - فيما بعد - وهكذا
أفل نجم الأسرة، وكما يقول ابن خلكان: (في 398 خرج القضاء عن أهل
بيت النعمان) (1).
العقيدة والمذهب:
لو أعرضنا عن اتهام الزندقة الذي وجهه إلى القاضي النعمان، ابن العماد
الحنبلي (ت / 1089 ه‍) كما في شذرات الذهب 3 / 47، والذي هو نابغ عن
الخلاف المذهبي بلا ريب، نجد المؤلف قد خدم الدولة الفاطمية، وكتب لها
كتب الدعوة الإسماعيلية التي تلتقي في خطوط عريضة مع المذهب الامامي،
فهو إما إسماعيلي أو إمامي.
وأما عن مذهبه قبل صلته بالفاطميين، فيرى ابن خلكان (ت / 681 ه‍) أنه كان مالكيا ثم تحول إماميا (2) ولم يذكر مستنده في ذلك وربما لشيوع
المذهب المالكي في المغرب.
بينما ابن تغري بردى (ت / 874 ه‍) يرى أنه كان حنفي المذهب ويعلله
بقوله: (لان المغرب كان يوم ذاك غالبه حنفية) (3) وهذا لا يصح فيما عدى

(1) وفيات الأعيان: ص 432.
(2) وفيات الأعيان: 5 / 415.
(3) النجوم الزاهرة: 4 / 106.
26

الأسرة الحاكمة آنذاك - عهد بني الأغلب (212 290 ه‍) فإن المذهب
المالكي كان هو الغالب، كما يشهد بذلك شهرة الاعلام المالكية كسحنون
صاحب المدونة المتوفى سنة 240 ه‍، وأبى زكريا يحيى بن عمر الكتاني
(ت / 289 ه‍) وعيسى بن مسكين (ت 295 ه‍) وسعيد بن محمد الحداد
(ت / 302 ه‍) وغيرهم، وطبيعي أن تنعكس آثار المذاهب المختلفة التي وجدت
في الشرق في المغرب الاسلامي أيضا.
إسماعيليته:
يقول الكاتب الإسماعيلي فيض: (إن النعمان كان إسماعيلي المذهب
منذ نعومة أظفاره) (1).
والإسماعيلي المعاصر مصطفى غالب يقول: (لقد أدى القاضي النعمان
للدعوة الإسماعيلية خدمات علمية جلى كان لها الفضل الأكبر في تركيز دعائم
الدعوة، ولا غرو، فقد كان اللسان الناطق للامام، واستحق ان يتربع على
عرش الدعوة العلمية وان يورث أبناءه هذه الزعامة) (2).
ولو أهملنا عامل التقية، التي كان يؤمن بها المؤلف وكان عارفا بأساليبها
وقد نسبت إليه حين صلته بالفاطمية، لكانت كتبه حجة على كونه
إسماعيليا.
إماميته:
ذهب جمع من أعلام الشيعة إلى أن المؤلف النعمان كان إماميا على
مذهب الشيعة الاثني عشرية، وأنه تستر بالتقية في خدمته للفاطميين، وأظهر

(1) مقدمة الهمة: ص 6.
(2) أعلام الإسماعيلية: ص 595.
27

كونه إسماعيليا خوفا من بطشهم.
ويعتبر العلامة المجلسي (ت / 1111 ه‍) أول من أبدى هذه الفكرة وتبعه
جمع من الاعلام، قال ما نصه: (كان مالكيا أولا ثم اهتدى وصار إماميا،
وأخبار هذا الكتاب (دعائم الاسلام) موافقة لما في كتبنا المشهورة، لكن لم يرو
عن الأئمة بعد الصادق عليهم السلام خوفا من الخلفاء الإسماعيلية وتحت ستر
التقية أظهر الحق لمن نظر فيه متعمقا وأخبار تصلح للتأييد والتأكيد) (1).
وذكر السيد بحر العلوم (ت / 1222 ه‍) ما نصه: (نقل صاحب تاريخ
مصر (ابن زولاق (ت / 387 ه‍)) أن القاضي نعمان كان غاية في العلم والفقه
والدين والنبل على ما لا مزيد عليه (ثم عقبه السيد بحر العلوم بقوله:) وكتاب
الدعائم كتاب حسن جيد يصدق ما قيل فيه، إلا أنه لم يرو عمن بعد الصادق
من الأئمة خوفا من الخلفاء الإسماعيلية، حيث كان منصوبا من قبلهم بمصر،
لكنه قد أبدى من وراء التقية مذهبه كما لا يخفى على اللبيب) (2).
وللكاظمي (ت / 1237 ه‍) وصفه بأنه (من أفاضل الامامية وأنه لم يرو
كتابه إلا عن الصادق ومن قبله من الأئمة) (3).
والمحدث النوري (ت / 1320 ه‍) وهو أكثر هم تأكيدا وأوسعهم استدلالا
على إماميته قال: (إنه أظهر الحق تحت أستار التقية لمن نظر فيه متعمقا، وهو
حق لامرية فيه بل لا يحتاج إلى التعمق والنظر) (4).
ويظهر أن المحقق المامقاني قدس سره ظن تعقيب السيد بحر العلوم تتمة
لكلام صاحب التاريخ فقال (فما في معالم ابن شهرآشوب من أنه لم يكن اماميا
اشتباه قطعا، فإن أهل البيت وهم المؤرخون المذكورون أدرى بما في البيت

(1) بحار الأنوار: 1 / 38.
(2) رجال بحر العلوم: 4 / 5.
(3) المقابيس له نقلا " عن المستدرك: 3 / 314.
(4) مستدرك الوسائل: 3 / 314.
28

(ثم) ولا معنى لتصنيف غير الامامي كتابا في مثالب الغاصبين للحق، وكتابا
آخرين في فضائل الأئمة الأطهار، وكتابا ثالثا في الإمامة، كما اعترف به هو بقوله:
وكتبه حسان) (1).
وأوضح شيخنا العلامة (ت / 1389 ه‍) أسلوب التقية المذكورة قائلا ":
(ولما كان قاضيا " من قبل الخلفاء الفاطميين المعتقدين بإمامة إسماعيل بن
جعفر عليه السلام ثم أولاد إسماعيل، كان يتقي في تصانيفه من أن يروي عن
الأئمة بعد الإمام الصادق صريحا لكنه يروي عنهم بالكنى المشتركة، فيروي
عن الرضا بعنوان أبي الحسن، وعن الجواد بعنوان أبي جعفر) (2).
والشيخ محمد تقي التستري المعاصر قال: (روى عن الجواد بلفظ أبي جعفر
موهما إرادة الباقر عليه السلام به، يظهر ذلك من خبر في آخر كتاب وقف
دعائمه) (3).
قال الجلالي: يظهران مستند كلمات القوم أمران.
الأول: تصريح ابن خلكان (ت / 681 ه‍) أن النعمان انتقل من المذهب
المالكي إلى مذهب الإمامية، وحيث إن (الامامية) أصبحت علما للمذهب
الشيعي الاثني عشري، بخلاف سائر الفرق التي يعرف كل منها باسم خاص
كالإسماعيلية والزيدية، لذلك اعتبروه إماميا.
ولكن الحق خلاف ذلك، فإن وصف الامامية قد يراد به الخاص وقد يراد
به المعنى العام، أي مطلق من يعتقد بالإمامة، بخلاف من لا يعتقد بها، فلا
ينافي أن يكون المؤلف إماميا إسماعيليا بهذا المعنى العام.
والعقيدة الشيعية في المغرب في بداية الدعوة لم تتحدد بأبعادها

(1) تنقيح المقال: 3 / 273.
(2) الذريعة: 1 / 61، النوابغ: ص 324.
(3) قاموس الرجال: 9 / 222.
29

وخصوصياتها بل كانت دعوة مجملة لأحقية أهل البيت عليهم السلام ومن نفى
كونه إماميا إنما قصد المعنى الخاص، وأقدم هؤلاء هو ابن شهرآشوب
(ت / 588 ه‍) حيث قال: (انه ليس بإمامي) (1)، ثم الأفندي
(ت / 1325 ه‍)، ثم الخونساري (ت / 1313 ه‍) (3).
الثاني: التقية وقد استدل على ذلك بتفصيل المحدث النوري (ره)
(ت / 1320 ه‍) بوجوه أقواها: أن المؤلف روى عن الأئمة الذين لا يعتقد
الإسماعيلية بإمامتهم فإن الإسماعيلية يعتقدون بالأئمة من نسل إسماعيل بن الإمام
الصادق عليه السلام دون غيرهم.
ثم ذكر المحدث النوري هذا الروايات بنصوصها الواردة في دعائم الاسلام:
(منها) الحديث الوارد في الوقوف، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام
قال النوري: (إلى آخر السند المروي في الكافي والتهذيب والفقيه مسندا عن
علي بن مهزيار قال: كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام...، وعلي من أصحاب
الجواد والرضا لم يدرك قبلهما من الأئمة أحدا) (4).
قال الجلالي: ليس في المطبوع عنوان كتاب الوقوف، وإنما هو مدرج تحت
عنوان كتاب العطايا والحديث هو برقم 1290 ويبتدئ هكذا: (وعنه (أبي
جعفر محمد بن علي) إن بعض أصحابه كتب إليه أن فلانا ابتاع
ضيعة...) (5).
وما أكثر الروايات المتفقة نصا والمختلفة اسنادا، فإن وجود تخريج للحديث
في كتبنا لا يعني اتحادهما.

(1) معالم العلماء: ص 126.
(2) رياض العلماء: 5 / 278.
(3) روضات الجنان: 8 / 149.
(4) المستدرك: 3 / 314.
(5) دعائم الاسلام: 2 / 344.
30

(ومنها) الحديث الوارد في باب الوصايا عن ابن أبي عمير، عن أبي جعفر في
امرأة استأذنت على أبي جعفر في حكم فقيه العراق... ثم قال النوري:
(والمراد به أبو جعفر الثاني قطعا، لان ابن أبي عمير لم يدرك الصادق فضلا عن
الباقر عليه السلام بل أدرك الكاظم ولم يرو عنه وإنما هو من أصحاب الرضا
والجواد وهو من مشاهير الرواة..) (1).
قال الجلالي: الحديث المذكور وارد نصا في دعائم الاسلام ولكن ليس في
سند المطبوع ابن أبي عمير بل روي عن الحكم بن عيينة قال: كنت جالسا
على باب أبي جعفر عليه السلام إذ أقبلت امرأة... إلى آخر الحديث (2).
ومن هنا نجد أن للدعائم روايتان رواية شيعية وأخرى إسماعيلية، وأن
عوامل التعصب للمذهب دعى إلى تحريف النسخة، وهذا يحتاج إلى مقارنة
دقيقة عسى أن يقوم بها بعض طالبي الحقيقة. والقول بأن المؤلف استخدام
التقية، يستلزم القول بأنه استخدمها بتطرف، فإنه كثيرا ما يحاول تأسيس
أصول المذهب الإسماعيلي بما لا يلتقي مع الفكر الامامي، ولعل أهمها مسألة
الاعتقاد بالمهدي وتطبيق الأحاديث الواردة فيه على الخليفة الفاطمي الأول
الذي أظهر الدعوة واستولى على (رقادة) في 4 ربيع الأول 297 ه‍. وبقى
كذلك حتى وفاته في 14 ربيع الأول سنه 322 ه‍.
وعلى سبيل المثال: فقد ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وآله قوله:
(يقوم رجل من ولدي على مقدمه رجل يقال له: المنصور يوطأ له - أو قال:
يمكن له -، واجب على كل مؤمن نصرته - أو قال: إجابته).
ثم عقبه بقوله: وكان بين يدي المهدي (الخليفة الفاطمي)، خرج أبو
القاسم صاحب دعوة اليمن وكان يسمى المنصور وهو وطأ ومكن للمهدي، ولان

(1) المستدرك: 3 / 314.
(2) دعائم الاسلام: 2 / 360.
31

أبا عبد الله صاحب دعوة المغرب الذي وطأ ومكن للمهدي.
(وأيضا) روى عنه صلى الله عليه وآله: (لابد من قائم من ولد
فاطمة من المغرب بين الخمسة إلى السبعة، يكسر شوكة المبتدعين ويقتل
الظالمين).
ثم عقبه بقوله: وكذلك قام المهدي، وفي المغرب ظهر فيه أمره بعد أن كان
مستترا، بوصول صاحب دعوته بالمغرب بجموع عساكر أوليائه المستجيبين
لدعوته إليه في سنة 296) (1).
ولم يكتف بذلك بل ألف كتابا خاصا أسماه (معالم المهدي) لم تصل
إليه يد التتبع بعد.
والتحقيق: لمعرفة حقيقة مذهب النعمان يلزم ملاحظة أربعة أمور هي:
دور المذاهب في المغرب، ومذهب الامامية بالذات، وموقف الأسرة منها،
وموقف المؤلف بالذات.
التشيع في المغرب:
من الطبيعي أن تنعكس آثار الخلافات المذهبية في الشرق على المغرب
فلا بد أن يكون لكل مذهب موضع قدم في المغرب تختلف نسبة المعتقدين
بذلك المذهب من منطقة إلى أخرى.
والتشيع - بالذات - كان معروفا في المغرب منذ عام 145 ه‍ وفي عصر
المؤلف كانت بلاد من المغرب معروفة بالتشيع ك‍ (ماجنة) و (الادبس)
و (نقطة).
يقول ابن خلدون (ت / 808 ه‍) عن بطون البربر: (ولصنهاجة ولاية لعلي

(1) شرح الاخبار: ص 14 و 62 و 65.
32

بن أبي طالب، كما أن لمعراوة ولاية لعثمان بن عفان إنا لا نعرف سبب هذه
الولاية ولا أصلها) (1).
ولا بد أن هجرة المهاجرين كان السبب الأول في تكون هذه الولاية وإن لم
نعرف تفاصيلها، إذ أن كل مهاجر يحمل معه جميع انطباعاته وميوله وعقائده
ويبثها في المجتمع الجديد.
ويصف المؤلف التشيع في المغرب بقوله: (... قدم إلى المغرب في سنة
145 رجلان من المشرق، قيل إن أبا عبد الله جعفر بن محمد (الصادق)
صلوات الله عليه بعثهما.
(أحدهما: سفيان) وكان أهل تلك النواحي يأتونه ويسمعون فضائل أهل
البيت منه ويأخذونها عنه، فمن قبله تشيع من تشيع من أهل مرماجنة وهي
دار شيعية، وكان سبب تشيعهم، وكذلك أهل الأدبس ويقال إنه كان - أيضا -
سبب تشيع أهل نقطة...
(وثانيهما: الحلواني) وصل إلى سوجمار فنزل منه موضعا يقال له الناظور
فبنى مسجدا وتزوج امرأة واشترى عبدا وأمة، وكان في العبادة والفضل علما
في موضعه، فاشتهر به ذكره، وخرجت الناس من القبائل إليه وتشيع كثير منهم
على يده من كتامة ونقزة وسمانة...) (2).
وأيضا نشر الدعوة إلى التشيع الحسين بن أحمد الكوفي المعروف بأبي
عبد الله الشيعي (ت / 298 ه‍) الذي نزل على عشيرة كتامة المغربية التي
وصفها ابن خلدون (ت / 808 ه‍) بأنها (من قبائل البربر بالمغرب وأشدهم بأسا
وقوة وأطولهم باعا في الملك) (3).

(1) تاريخ ابن خلدون: 6 / 311.
(2) افتتاح الدعوة: ص 29.
(3) تاريخ ابن خلدون: 6 / 301.
33

وعنه يقول المؤلف: (لما قدم أبو عبد الله (الشيعي) من اليمن قبل إفريقية أظهر
أمره بكتامة أنه صنعاني، وكان يدعى عليه على منابر بني الأغلب، كذلك يقال:
(اللهم إن كان هذا الكافر الصنعاني قد استشرى شره...) (1).
فالتشيع في المغرب كان ظاهرا بارزا قبل الفاطميين حتى اعتبره المناؤون
شرا استشرى.
المذهب الامامي:
إن كون الداعية أبى عبد الله الشيعي كوفيا قد يعبر عن مذهب الرجل
وكونه إماميا شأنه شأن أغلب أهل الكوفة.
وبالرغم من الغموض الشديد لتاريخ الشيعة في هذا الدور نجد المؤلف يشير
إلى وجود أتباع للمذهب الامامي في المغرب.
فقد روى النعمان رواية عن عبد الرحمن بن بكار الأقرع القيرواني رواها
عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام - سابع أئمة الشيعة - ورواية محمد بن
حميد القيرواني الذي وصفه المؤلف بقوله: (وكان شيعيا) (2) مما يظهر كونهما
إماميين.
ونقل رواية الأقرع بطولها: (... قال حججت فدخلت المدينة فأتيت
مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فرأيت الناس مجتمعين على مالك بن أنس
يسألونه ويفتيهم فقعدت عنده فاتي برجل وسيم حاضر في المسجد حوله حفدة
(؟) يدفعون الناس عنه، فقلت لبعض من حوله: من هذا؟ فقالوا موسى بن
جعفر. فتركت مالكا، وتبعته ولم أزل أتلطف حتى لصقت به فقلت: يا بن
رسول الله إني رجل من أهل المغرب من شيعتكم ممن يدين الله بولايتكم،

(1) افتتاح الدعوة: ص 33.
(2) شرح الاخبار: 14 / 77.
34

قال: إليك عني يا رجل فإنه قد وكل بنا حفظة أخافهم عليك...) (1).
وهذه الرواية تدل بوضوح أن في عصر الإمام الكاظم عليه السلام
(ت / 183 ه‍) كانت له شيعة من أهل المغرب ممن يدين الله بولايته، قصد
الامام بالرغم من الرقابة على الامام وأتباعه. وطبيعي أن لا نعثر على ترجمة
هذا القيرواني وأمثاله الذين لابد وأن أقل نجمهم باستيلاء الإسماعيليين على
الحكم في المغرب.
فإذا صح القول بأن المؤلف استخدام التقية، يجوز القول بأن في روايته لهذه
الرواية في كتابه ترك آثار التقية، إذ كيف يصح لإسماعيلي أن يذكر منقبة أو
ما يشعر بفضيلة للامام الكاظم عليه السلام وهو لا يؤمن بإمامته، فالمؤلف لم
يظهر الاعتقاد به، وفي نفس الوقت أثبت ما ربما يدل على هذا الاعتقاد،
وترك (الحرف الذي يدل على الولاية) (2) كما فعل غيره من أصحاب التقية.
موقف أسرة المؤلف:
وأسرة المؤلف لم تقف متفرجة على المذاهب المختلفة الواردة من الشرق
دون أن تتخذ لها موقفا واضحا منها، وخاصة والد المؤلف الذي كان معمرا
وصاحب تجربة طويلة في الحياة ومطلعا على الأخبار الكثيرة التي حفظها منذ
صغره وهو في الرابعة من العمر حتى وفاته عام 351 ه‍ (3).
وقد تقدم ما استظهرناه في ترجمته من قول الخشني: (وكان مدنيا صحب
ابن سحنون فتشرق فكان لذلك مستترا) (4).

(1) شرح الاخبار: 14 / 65.
(2) مقدمة الهمة: ص 33.
(3) وفيات الأعيان: 5: 416.
(4) هامش المجالس ص 6 عن طبقات علماء إفريقية: ص 223.
35

وسحنون هو صاحب المدونة المتوفى سنة 240 ه‍، فلابد وأن تكون كلمة
فتشرق تصحيف عن كلمة فتشيع، إذا لا معنى لتشرقة، والمفروض أنه جاء من
المدينة فهو شرقي بالأصالة، أضف إلى ذلك أن معنى العبارة لا تستقيم، فإن
التشرق لا يمكن أن يكون سببا للتستر، فإن الاستتار إنما يكون لسبب معقول،
وطبيعي أن يتستر لسبب تشيعه خوفا من الظالمين، (أو) أن كلمة التشرق
كانت تعني التشيع عند أهل المغرب آنذاك فلا يكون تستره إلا لتشيعه.
موقف المؤلف:
والمؤلف الذي يعتبر شاهد عيان لاحداث مصيرية حدثت في القيادات
الفاطمية وما يتعلق بها نراه قد التزم الصمت تجاهها، وهال على المنتصر
بالمدح فمن غير المعقول أنه لم يقف على الحقيقة، فلا بد وأنه فضل السلامة
بالتزام التقية - وهو العارف بأساليبها - فإن من الثابت تأريخيا أن الدعوة
انتشرت بسواعد أبي عبد الله الشيعي الكوفي الأصل الذي سرعان ما اغتيل من
قبل أول الخلفاء الفاطميين - المهدى السلمى الأصل - مما يدل على الانشقاق
الذي حصل في القيادة في أيامها الأولى.
وبالرغم من طبيعة التستر على المعتقدات الإسماعيلية يمكن تلخيص
معتقداتهم في ثلاث نقاط:
1 الخلاف في الإمامة:
من المصطلحات الإسماعيلية الإمامة المستقرة والمستودعة، ويعنى
بالمستودعة أن القائم بها ليس مستحقا للإمامة بالنسب وأنما يتقلدها لضرورة
تفرضها الظروف السياسية ويتسلمها موقتا كي يسلمها بدوره إلى صاحبها
الحقيقي المعبر عنه بالامام المستقر، وقد حصل ذلك في فترات في الإمامة
36

الإسماعيلية في عهد ميمون بن داود القداح (ت / 180 ه‍) والمهدي أيضا - كما
يظهر من قوله: (صاحب هذا الامر (الإمامة) في هذا الوقت حمل في بطن أمه
وعن قريب يولد) -.
وأوضح المعز هذا الكلام بقوله: (وكان المنصور (ثاني الخلفاء
الفاطميين) حملا في ذلك الوقت، وكان عند المهدي حمل فولد المنصور وولد
أبو الحسن للمهدي) (1).
ويظهر بوضوح أن المهدي اعترف بأنه لم يكن الامام المستقر، ولوح في نفس
الوقت بأن الامام المستقر هو المنصور الذي كان حملا آنذاك، وهنا نقطة
الخلاف، إذ كيف يقر المهدي بالإمامة للحمل ولا يقرها لأبيه وهو القائم
(المتوفى سنة 334 ه‍) ولا لعمه (المتوفى سنة 382 ه‍)، فإن كون الإمامة
بالنسب يقتضي ذلك. وكانت مسألة النسب واضحة بحيث لا يمكن أن
ينكرها المهدي. وبعد وفاة المهدى أعلنت زوجته أم الحسن مصرحة: (والله
لقد خرج هذا الامر (الإمامة) من هذا القصر - تعني قصر المهدي بالله فلا يعود
إليه أبدا، وصار إلى ذلك القصر - تعني قصر القائم بأمر الله - فلا يزال في ذرية
صاحبه ما بقيت الدنيا) (2).
وأصرت أم الحسن على موقفها بالرغم من اتهام المعارضة إياها بالتخليط
لكثرة العمر قائلة: (أما الكثرة فنعم، وأما التخليط فلا، والله ما أنا
بمخلطة) (3).
فالمهدي ببعد نظره السياسي قد تمكن من إسكات المعارضة المتمثلة في
القائم وذلك بالاقرار بالإمامة المستقرة في الحمل وإبقاء السلطة السياسية في
يده، ولم يجد القائم بدا من الرضوخ إلى هذا القرار، ولعل زوجة المهدي سلكت

(1) المجالس: ص 543.
(2) المجالس: ص 543.
(3) المجالس: ص 543.
37

نفس الموقف حينما آل الحكم إلى القائم لنفس السبب، فأجواء التقية الخانقة
خيمت على هذا الجو المريب وزاده المؤلف ريبة بإهماله اعطاء التفاصيل
الكافية.
2 الشك في المهدي:
نقل المؤلف رأي المعارضة للمهدي بروايته لقول هارون بن يونس (إنا قد شككنا
في أمرك، فأتنا بآية إن كنت المهدي) ولم يأت المهدي بجواب مقنع لهم واكتفى
بالقول: (إنكم كنتم أيقنتم واليقين لا يزيله الشك) (1).
وبقى هذا الشك حتى اليوم، فقد قال مصطفى غالب: (اختلف العلماء
والمؤرخون في نسب عبيد الله اختلافا كثيرا فأيد جماعة صحة نسبه إلى
إسماعيل... وذهب آخرون إلى القول بأنه من سلالة موسى الكاظم...
وطائفة قالت إنه من الأئمة الاثني عشرية أو الموسوية وطائفة نسبته إلى
إسماعيل بن جعفر الصادق - وهم الإسماعيلية -) (2).
والمعارضة تنسبه إلى عبد الله بن ميمون القداح الداعي الإسماعيلي الذي
كان مولى بني مخزوم (3).
ومرة أخرى نرى أن المؤلف يمر على هذه المسألة مرور الكرام.
3 الخلاف الشخصي:
ويحاول المؤلف النعمان أن يظهر أن المعارضة نبعت من خلاف شخصي
ولا صلة لها بالعقيدة، وعقد بابا بعنوان (أخبار المنافقين على المهدي) وذكر
.

(1) افتتاح الدعوة: ص 311 و 315.
(2) أعلام الإسماعيلية: ص 348.
(3) رجال الطوسي: ص 135.
38

بتفصيل أن أبا العباس طمع في الرئاسة فأوغر صدر أخيه أبى عبد الله الشيعي
على المهدي، ومما يقول: (... ولما اجتمع (أبو العباس) مع أبي عبد الله
(الشيعي) أحدث نفاقا واستفسد رجال الدولة بعد أن صار المهدي إلى
إفريقية، ووسوس إلى أخيه أبي عبد الله واستفسده، وأراد أن يكون الأمر والنهي
والاصدار والايراد لهما دون المهدي، وأن يكون المهدي كالمولى
عليه) (1).
وعن دور المهدي في التجسس عليهما يقول: (وكان ممن خالطهم
واعتصم بحبل المهدي، وكان يأتي بأخبارهم إليه غزوية بن يوسف، فقدمه
المهدي على من استعبد من العبيد وجمع إليه من سلم من النفاق من المؤمنين،
واستعدوا للمنافقين على كثرتهم وقلة عدد المؤمنين) (2).
وعن وجهة نظر المعارضة ينقل عن أبي عبد الله الشيعي قوله للمهدي: (يا
مولانا إن كتامة قوم قد قومتهم بتقويم وأحريتهم على ترتيب وتعليم، وتم لي منهم
بذلك ما أردت وبلغت بذلك منهم ما قصدت، وهذا الذي فعلته أنت بهم من
إعطائهم الأموال وتوليتهم الاعمال وما أمرتهم به من اللباس والحلي فساد
لهم) (3).
وعن تصفية المعارضة يقول: (وخرج أبو عبد الله وأبو العباس يوما
يريدان قصر المهدي على عادتهما فحمل غزوية بن يوسف على أبي عبد الله
وحبر بن نماشت على أبي العباس فيما بين القصر، وكان قتلهما يوم الاثنين
ضاحية النهار يوم النصف من جمادى الأخرى 298 ه‍... وأمر المهدي بدفنهما
في الجبان وترحم على أبي عبد الله وذكره بخير ولعن أبا العباس وقال فيه

(1) شرح الاخبار: ص 15 - 34.
(2) افتتاح الدعوة: ص 316.
(3) افتتاح الدعوة: ص 308.
39

سوء) (1).
وهذه المعلومات التي تتصف بشئ من التفصيل لا يتصور المعارضة على
أنها نابغة من خلاف شخصي مع أن استنادها إلى خلاف عقائدي أولى.
وخاصة إذا لا حظنا أن الحسين بن أحمد أبي عبد الله الشيعي - كان
كوفيا، والغالب فيها التشيع الامامي، وأن عبيد الله المهدي كان من
السلمية، والغالب فيها التشيع الإسماعيلي. وأن تصفية المعارضة بالاغتيال
خصيصة إسماعيلية معروفة في التاريخ.
وبالرغم من محاولة المؤلف تبرئة المهدي من هذه الحادثة، فإنه يبقى
السؤال: كيف أمر المهدي بالاغتيال قبل أن يحاجج المعارضة على الأسلوب
الذي كان يسلكه الإمام علي عليه السلام مع الخوارج؟ وكيف قتل الشيعي
وأخيه من دون أن يباشر أية جريمة؟ (وأيضا) إن لم يكن ترحم المهدي على
أبي عبد الله ترحما سياسيا فلماذا لم يؤد الفروض الدينية في الصلاة عليه قبل
دفنه؟
ومن هنا يظهر بوضوح أن دور المهدي لم يكن إلا دورا سياسيا محضا، وأن
أبي عبد الله الشيعي قد وقف على هذه الحقيقة فخشي المهدي على سلطانه
فقضى عليه قبل أن يثور عليه الشيعي، والمهدي عارف بمدي شجاعته وقدرته،
حيث إنه هو الذي أنقذ المهدي من السجن وساعده حتى وصل إلى ما وصل
إليه. وكان الشيعي ينظر إلى الحكم كوسيلة للعمل لا كهدف اسمى، وهذا
ما لم يجده في حكومة المهدي بل وجد العكس فيها.
وعليه فاحتمال التقية بحق المؤلف الذي علم بهذا النوع من الاغتيال أمر
طبيعي، ويشهد له الخضوع المطلق الذي يبديه المؤلف للخلفاء في كل لفظة

(1) افتتاح الدعوة: ص 316.
40

يقولها أو كلمة يكتبها، وربما كان علمه بالتفاصيل دعاه إلى هذا الخضوع
المطلق حتى يؤمن على حياته من الاغتيال.
فالوجوه الآنفة توحي بأن المؤلف كان من أسرة شيعية إمامية المذهب،
وأنه تعاطف مع الفاطميين فكتب لهم ما يرغبون إشاعته في المجتمع، ولم يتعد
رغباتهم قيد أنملة، وأنه قد أفرط في الاحتماء بالتقية التي كان يعيها بأساليبها وعيا
كاملا كما يظهر من مقدمة كتابه (الهمة) فقد وقف على كتاب كتب لاحد
الملوك فاستحسنه غاية الاستحسان (وعلى حرف من ذلك الكتاب دل على
أن مؤلفه كان من أهل الولاية وأنه كان مكرها مجبورا في صحبة من صحبه من
ملوك الأرض) (1).
والمؤلف النعمان ترك حروفا في كتبه تدل على ذلك.
مؤلفاته:
لم يقتصر نشاط المؤلف الفكري على جانب واحد، بل ساهم في مختلف
فروع المعرفة التي أغنت المكتبة الفاطمية من الفقه والعقيدة والتأويل والتأريخ
والوعظ.
قال ابن زولاق (ت / 387 ه‍): (ألف لأهل البيت من الكتب آلاف
الأوراق بأحسن تأليف وأملح سجع) (2).
وزاد مصطفى غالب الإسماعيلي المعاصر: (وتمتاز مؤلفات القاضي
النعمان بعدم الاغراق والتأويل التي تتسم به كتب الدعاة الإسماعيلية التي
وضعوها في أدوار الستر) (3).

(1) الهمة: ص 33.
(2) وفيات الأعيان: 5 / 416.
(3) أعلام الإسماعيلية: ص 594.
41

وقد استقصى المستشرق ايفانوف له 45 كتابا ورسالة من دون إشارة
إلى أماكن وجودها في كتابه (دليل الأدب الإسماعيلي) ص 37 - 40.
وذكر الكاتب الإسماعيلي پونا والا 62 كتابا من تأليفات النعمان في
كتابه (مصادر الأدب الإسماعيلي) ص 51 - 68. ونحن نذكر في الثبت التالي
ما ذكراه مقتصرين على الكتب المطبوعة والمذكورة أماكن وجودها في
المكتبات مع مراعاة الملاحظات التالية.
فنذكر أولا تاريخ النسخة بالتاريخ الهجري، ثم اسم المكتبة، ثم رقم
النسخة - إن وجدت - وبعد ذلك رمز المصدر الذي نقلنا وصف النسخة عنه وهي:
م: المكتبة.
سزكين: تاريخ المصادر العربية لفؤاد سزكين / لندن 1967 م.
پونا: مصادر الأدب الإسماعيلي تأليف إسماعيل پونا والا / كاليفورنيا
1977 م، ويمتاز هذا الفهرس بالإشارة إلى مكتبات إسماعيلية خاصة في الهند.
المعهد: فهرس المخطوطات العربية في مكتبة معهد الدراسات الإسماعيلية،
تأليف آدم غسك، المجلد الأول / لندن 1984 م.
وإليك مؤلفاته حسب حروف التهجي.
1 - الاخبار:
عده ابن خلكان (ت / 681 ه‍) من مؤلفات النعمان، وقال عنه المؤلف
في كتابه (الاقتصار): (ثم جردت منه (الايضاح) كتاب الاخبار، أخبرت
فيه عما أجمع الرواة عليه واختلفوا فيه من أصول الفتيا، وقربت معانيه بطرح
عامة الفروع والأسانيد والحجج، فاجتمع نحو ثلاثمائة ورقة (1).
فما ذكره شيخنا العلامة (ت / 1389 ه‍) في الذريعة من أنه مختصر

(1) الاقتصار: ص 10.
42

الدعائم، إنما هو مجرد ظن. وأضاف شيخنا العلامة - رحمه الله -: (وهذا الكتاب
اختصره العلامة الكراجكي (ت / 449 ه‍) وسماه (الاختيار من
الاخبار).. وفي فهرس الكراجكي أن كتاب الاخبار هذا يجري مجرى
اختصار الدعائم، وعليه فاختيار الكراجكي منه اختصار لاختصاره) (1).
ولم تقف يد التتبع على نسخة من اختصار الكراجكي، ووصفه الكاتب
پونا والا بأنه: (في سبعة فصول هي الطهارة والوضوء (؟)، والصلاة، والزكاة،
والصوم، والحج، والحج، والجهاد) (2).
وذكر من نسخه: ما بتاريخ 1310 ه‍ في مكتبة الوكيلي بالهند، وبتاريخ
1311 ه‍ في م - كيخا والا بالهند، وبتاريخ 1320 ه‍ في م - قربان حسين
بالهند - المجلد الأول فقط.
2 - اختلاف أصول المذاهب:
ذكرة المؤلف في مواضع من كتبه منها ص 51 من هذا الكتاب. وأشار
إليه كل من ابن شهرآشوب (ت / 588 ه‍) وابن خلكان (ت / 681 ه‍)
واليافعي (ت / 768 ه‍) ووصفه بأنه (ينتصر فيه لأهل البيت)، وابن حجر
(ت / 852 ه‍) وقال (يرد فيه على الأئمة الأطهار وينتصر للإسماعيلية) (3).
ووصفه مجدوع الإسماعيلي (ق / 12 ه‍) بقوله: (.. وأول ذكره ذكر علة
الاختلاف في حجة قول المخالفين.. وهو كتاب عجيب بليغ كاف فيما بنى
عليه، استوعب فيه ذلائل كل منهم، وذكر جميع ما قالوه في دعواهم جملة، ثم
الرد عليهم في ذلك تفصيلا) (4).

(1) الذريعة: 1 / 310.
(2) مصادر الأدب الإسماعيلي: ص 53.
(3) لسان الميزان: 6 / 167.
(4) فهرس مجدوع: ص 97.
43

وقد أصاب شيخنا العلامة - رحمه الله - في كون المراد به كتاب اختلاف
الفقهاء الذي ذكره ابن خلكان (1).
وقد طبع هذا الكتاب بتحقيق الكاتب الإسماعيلي مصطفى غالب في
بيروت عام 1393 ه‍ / 1913 م اعتمادا على نسخة غير مؤرخة بخط محمد
مباركيفوري من الجمعية الإسماعيلية في باكستان برقم 490، وأخرى بتاريخ
323 ه‍ بخط الشيخ حسن علي البدخشاني في 135 صفحة.
(نسخ الكتاب): نسخة بتاريخ 1209 في م - المعهد الإسماعيلي بلندن
برقم 256 في 357 صفحة، وأخرى بتاريخ 1297 ه‍ في م - قيوم، وأخرى
بتاريخ 1283 ه‍ في م - قربان (2).
3 - الأرجوزة المختارة:
قال مجدوع تحت عنوان (القصيدة المختارة): إنها في الاحتجاجات في
إثبات حق أمير المؤمنين وأولاده وتسلسل الإمامة فيهم واحدا بعد واحد إلى
الإمام المهدي (3). وقال شيخنا العلامة: (إنها في العقائد وانها غير المنتخبة) (4).
ووصفها پونا والا بأنها في العقائد وأنه حققها على سبع نسخ وطبع في
كندا في 1970 م - ولم أقف على النسخة بعد -.
ومن نسخ الكتاب: نسخة بتاريخ 1231 في م - قيوم، ونسختان بتاريخ 1292 في م - الوكيلي.

(1) الذريعة: 1 / 360.
(2) فهرس پوناوالا.
(3) الفهرس: ص 82.
(4) الذريعة: 17 / 29.
44

4 - أساس التأويل: وصفه مجدوع بقوله: (والموجود كتاب الولاية الذي جمع فيه تأويل ما أتى
في ظاهر قصص الأنبياء ممن وردت أسماؤهم في كتاب الله الحميد إلى ذكر
وصي نبينا محمد صلى الله عليه وآله وقتاله لأهل البصرة وفيه من الفوائد
والمعارف) (1).
وقد طبع بتحقيق الكاتب الإسماعيلي عارف تأمر ببيروت سنة 1960 م
اعتمادا على نسختين إحداهما في السلمية والأخرى في إفريقيا وذلك في 419
صفحة.
(نسخ الكتاب): منها نسخة بتاريخ سنه 1157 في م - فيضى، وأخرى
بتاريخ 1262 ه‍، وأيضا بتاريخ 1347 ه‍ (كما في سزكين)، وأخرى بتاريخ
1228 في م - قيوم، وأخرى بتاريخ 1325 في م - الوكيلي، وأخرى بتاريخ
1329 في كيخا (كما في فهرس پونا) وهناك نسخ غير مؤرخة في جامعة لندن
برقم 25734، والقاهرة برقم 24346 (سزكين).
5 - افتتاح الدعوة وإنشاء الدولة:
ألفه ستة 346 ه‍، ذكره ابن شهرآشوب (ت / 588 ه‍) بعنوان: الدولة (2)،
وابن خلكان (ت / 681 ه‍) بعنوان (ابتداء الدعوة للعبيديين) (3)، وتبعه
شيخنا العلامة (4) (الذريعة 1 - 601)، ووصفه مجدوع بقوله: (في ذكر أمر
الدعوة بأرض المغرب إلى المهدي، بدأ فيه بذكر ابتداء الدعوة باليمن، والقائم

(1) فهرس مجدوع: ص 134.
(2) معالم العلماء: ص 126.
(3) وفيات الأعيان: 5 / 416.
(4) الذريعة: 1 / 601.
45

(بها) وهو أبو القاسم الحسن بن فرج بن حوشب الكوفي من أولاد مسلم بن عقيل
بن أبي طالب عليه السلام) (1).
وقد طبع الكتاب أولا بتحقيق وداد القاضي ببيروت 1970 بعنوان
(رسالة افتتاح الدعوة) وثانيا بتحقيق فرحات الدشراوي في تونس سنة
1975 م بعنوان (كتاب افتتاح الدعوة).
(نسخ الكتاب): منها نسخة بتاريخ 1228 ه‍ في م - قيوم، وبتاريخ 1277
و 1292 ه‍ في م - كيخا، و 1262 و 1317 و 1326 في م - قربان، و 1315 في م -
الهمدانية متحف دار الكتب، ونسخة غير مؤرخة في م - العهد الإسماعيلي / لندن
برقم 79، ونسخة مؤرخة 1350 ه‍ برقم 254 ونسختان غير مؤرختان (2).
6 - الاقتصار:
ذكره ابن خلكان (ت / 681 ه‍) وقد وصفه المؤلف قائلا: (ثم رأيت
وبالله توفيقي أن اقتصر على الثابت مما أجمعوا عليه واختلفوا فيه بمجمل من
القول لتقريبه وتخفيفه وتسهيله، فجمعت ذلك في هذا الكتاب وسميته
الاقتصار وفيه إن شاء الله لمن اقتصر عليه كفاية) (3).
وقد طبع هذا الكتاب بتحقيق محمد وحيد ميرزا بدمشق عام 1957 م
ضمن منشورات المعهد الفرنسي للدراسات العربية اعتمادا على ثلاث نسخ
بتواريخ 1079 و 1256 و 1323.
(نسخ الكتاب): نسخ التواريخ 1304 و 1267 و 1312 و 1338 في م -
كيخا، وبتاريخ 1328 في م - نجم الدين، وبتاريخ 1255 و 1267 في م -

(1) الفهرس: ص 67.
(2) فهرس المعهد.
(3) الاقتصار: ص 10.
46

قيوم، وبتاريخ 1346 في م - قربان، وبتواريخ 1357 و 1323 في م - الوكيلي
(كما في فهرس پونا) وبتاريخ 1327 ه‍ في م - المعهد الإسماعيلي / لندن برقم
856، وأخرى بتاريخ 1328 ه‍ برقم 257، وبتاريخ 1330 ه‍ برقم 715 بخط
عبد الرسول بن حبيب كل بن ملا (كما في فهرس المعهد 9.
7 - الايضاح:
أشار إليه المؤلف في مواضع، منها ص 81 وذكره ابن شهرآشوب (ت /
588 ه‍) ووصفه المؤلف في مقدمة الاقتصار بقوله: (فرأيت جمعه (ما أجمع عليه
رواة أهل البيت) وتصنيفه وبسطه وتأليفه على ما أدته الرواة في كتاب سميته
الايضاح، أوضحت فيه مسائله (الفقه) وبسطت أبوابه وذكرت ما أجمعوا عليه
وما اختلفوا فيه على ما أداه الرواة إلينا لم أعد قولهم وثبت الثابت من ذلك بالدلائل والبراهين فبلغ زهاء ثلاثة آلاف ورقة) (1).
قال پونا والا: (إنه في 120 جزء وإنه مفقود تماما ما عدى قطعة صغيرة
في فضل الصلاة، وإنه ألفها في عهد الخليفة الفاطمي القائم، وإنه أشار إلى
هذا في قصيدته (الأرجوزة المنتخبة) بقوله:
وكنت قد جمعت عن آبائه في الفقه ما أوعيت في استقصائه (2)
(نسخ الكتاب): نسخة مؤرخة 1284 ه‍ في م - الهمدانية في 225 ومؤرخة
1312 في توبنجين بألمانيا (كما في فهرس پونا) وذكر پونا والا في ص 68 نسخة
من مسائل فقهية مما اختصره ابن كامل من الايضاح ومن مسائل الخطاب بن
وسيم في مكتبة الوكيلي بالهند بتاريخ 1317 ه‍.

(1) الاقتصار: ص 10، وراجع فهرس مجدوع: ص 33.
(2) الفهرست: ص 52.
47

8 - تأويل الشريعة:
ذكر مجدوع الإسماعيلي هذا الكتاب بدون ذكر مؤلفه وأوله: (عن الامام
المعز لدين الله فيه رشد المسترشد ونجاة المستعبد... ويشبه هذا الكتاب في شأنه
ومعانيه كتاب الروضة وهو صغير بجمعه مقدار ستة عشر ورقة) (1).
وفي فهرس المعهد الإسماعيلي بلندن: إنه تأليف أبي تميم معد المعز لدين
الله (ت / 365 ه‍) وأول النسخة: (الحمد لله الذي لم يسبقه علة فيكون مولودا
ولم يحط به حس ولا عقل فيكون موجودا... كتاب يشتمل على تأويل
الشريعة وحقائقها عن الامام المعز لدين الله...) (2).
ويظهر أن النسخة من تأليف النعمان، أو قطعة مستلة من مؤلفاته حيث
جاء النقل عن المعز في بداية الكتاب وهي عادة اتخذها النعمان لنفسه، ولم
يكتب إلا بأمر المعز، ولم ينقل إلا ما وافق عليه، أما لأي سبب كان هذا
الانقياد المطلق؟، فهو لان الإسماعيلية يعتقدون بأن علم المؤلف نابع من
الينبوع ويعنون بذلك المعز المذكور أبي تميم الخليفة الفاطمي الرابع
(ت / 365 ه‍).
(نسخ الكتاب): منها مؤرخة سنة 1352 ه‍ في م - كيخا، ومؤرخة 1038
في م - قيوم، وسنة 1297 و 1329 و 1333 في م - الوكيلي، ونسخة بخط الداعي
34 في م - الدعوة بسورت بالهند (كما في فهرس پونا) ومن النسخ المنسوبة إلى
المعز مؤرخة بتاريخ 1264 في المعهد الإسماعيلي بلندن بخط جيو ابن ملا فيض
الله برقم 670، وأيضا بتاريخ 1384 بخط طاهر بن ميان صاحب، وأخرى غير
مؤرخة برقم 733 (كما في فهرس المعهد).

(1) فهرس مجدوع: ص 139.
(2) فهرس المعهد: 1 / 129.
48

9 - تربية المؤمنين بالتوقيف على حدود باطن الدين (تأويل الدعائم):
وقد ألفه النعمان في تأويل كتابه الشهير (دعائم الاسلام)، قال مجدوع:
(وسمي به لأنه أتى في هذا الكتاب بتأويل ما في ذلك الكتاب عن ظاهر
دعائم الاسلام صنفه بعد كتابه الموسوم بأساس التأويل بأقل درجة منه في
وجوه التأويل) (1).
وجاء الاسم الكامل في نسخة مؤرخة بسنة 1275 في م - المعهد
الإسماعيلي بلندن برقم 18، وقد طبع بتحقيق محمد حسن الأعظمي اعتمادا
على مخطوطات خمس في القاهرة في ثلاثة أجزاء عام 1967 م.
(نسخ الكتاب): منها نسخة مؤرخة 1326 ه‍ في م - كيخا وهي ناقصة،
وأخرى بتاريخ 1311 في م - الوكيلي (كما في فهرس پونا)، وأخرى بتاريخ
1275 في م - المعهد الإسماعيلي بلندن برقم 18، وأيضا بتاريخ 1357 برقم
274 وبتاريخ 1252 برقم 557 بخط إبراهيم بن ملا لقمان، وأيضا بتاريخ
1280 برقم 558 (كما في فهرس المعهد) وعدة نسخ غير مؤرخة في مكتبات
متفرقة.
10 - تقويم الاحكام:
ذكره پونا والا، وذكره له عدة نسخ، والمؤرخة منها في المكتبات الخاصة
الإسماعيلية بالهند هي: بتاريخ 1083، في م - قيوم، وبتاريخ 1120 في م -
قربان، وبتاريخ 1311 في م - الوكيلي، ونسخة الفيضي برقم 216، ونسخة
بدار الكتب المصرية برقم 105 مصورة عن اليمن.
وأظنه قطعة مستلة من مؤلفاته الأخرى.

(1) فهرس مجدوع: ص 135.
49

11 - التوحيد: نقل مجدوع عن المؤلف في المقدمة قوله: (إن هذا الكتاب على ما قدمت
ذكره في إثبات حقيقة توحيد الله ونفي التشبيه والصفات عنه لا شريك له بما
جاء في ذلك من اللفظ (كذا) وغامض المعاني بمبلغ علمي، وعرضت ذلك بعد
أن جمعته على إمام الزمان الذي أمر بجمعه فنقحه وصححه وأمرني بنشره
وابتدأت فيه بذكر خطبة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب تعرف بالوحيدة وهي
قوله: الحمد لله القديم الدائم الحي الأحد الصمد الذي لم يزل أولا بلا توهم
غاية...) (1).
والظاهر أن هذا هو الذي سماه ايفانوف: إثبات الحقائق في معرفة توحيد
الخالق. (الدليل إلى الأدب الإسماعيلي - 39 رقم 75).
(نسخ الكتاب): منها مؤرخة بسنة 1378 في م - قيوم، وسنة 1310 في م -
بتنبورغ / ألمانيا (كما في فهرس پونا) وسنة 1260 في م - فيض / بمبي برقم 47
في 153 ورقة، ونسخة غير مؤرخة في م - برلين الغربية برقم 2958 (كما في
سزكين).
12 - دعائم الاسلام في مسائل الحلال والحرام والقضايا والأحكام:
وهو من أشهر مؤلفات القاضي النعمان الفقهية، ألفه بأسلوب جيد في
الفقه، حيث جعله في سبعة دعائم هي الولاية والطهارة والصلاة والزكاة
والصوم والحج والجهاد، مع أن الولاية ليست من الأبواب الفقهية وذلك
استنادا إلى حديث الدعائم السبع المروي عن الإمام الصادق عليه السلام،

(1) فهرس مجدوع: ص 111.
50

واهتم كل من الإسماعيلية والامامية بهذا الكتاب وإن كان عناية
الإسماعيلية به أشد.
قال مجدوع: (هو آخر كل (كذا) كتاب صنفه في علم الفقه وأجمعه للآثار
والفقه والاخبار) (1).
وقال مصطفى غالب: (أهم كتاب خالد للنعمان) (2).
وعن الداعي إدريس القرشي (ت / 872 ه‍) في سبب تأليف الكتاب
أنه (حضر القاضي النعمان بن محمد وجماعة من الدعاة عند أمير المؤمنين المعز
لدين الله فذكروا الأقاويل التي اخترعت والمذاهب والآراء التي افترقت بها
فرق الاسلام وما اجتمعت، وما أتت به علماؤها وابتدعت... ثم ذكر لهم
المعز لدين الله: إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه وإلا فعليه لعنة
الله. ونظر إلى القاضي النعمان بن محمد فقال: أنت المعني بذلك في هذا
الأوان يا نعمان، ثم أمره بتأليف كتاب الدعائم وأصل له أصوله وفرع له فروعه
وأخبره بصحيح الروايات عن الطاهرين من آبائه عن رسول الله... فأتم
القاضي النعمان بن محمد تأليف هذا الكتاب على ما وصفه له أمير المؤمنين
وأصله، وكان يعرض عليه فصلا فصلا وبابا بابا فيثبت منه ويقيم الأود ويسد
الخلل حتى أتمه فجاء كتابا جامعا مختصرا غاية الاحكام) (3).
ولم يكتف الخلفاء الفاطميون بتجليل هذا الكتاب ومدحه بل - كما يحكي
حاجي خليفة (ت / 1067 ه‍) - (في عام 416 ه‍ أمر الظاهر فأخرج من بمصر
من الفقهاء المالكيين وأمر الدعاة والوعاظ أن يعظوا من كتاب دعائم الاسلام

(1) فهرس مجدوع: ص 34.
(2) أعلام الإسماعيلية: ص 594.
(3) عن عيون الأخبار، راجع فهرس مجدوع: ص 18.
51

وجعل لمن يحفظه مالا...) (1).
والامامية تروي هذا الكتاب برواية تختلف اختلافا فاحشا عن الرواية
الإسماعيلية، وخاصة فيما يتعلق بالعقيدة والمذهب، كما تقدم في عقيدة المؤلف
ص 11، ويراجع المستدرك ج 3 ص 322.
وقال العلامة المجلسي (ت / 1111 ه‍) الذي يعتبر أول من ساند هذا
الكتاب، قال عنه: (قد كان أكثر أهل عصرنا يتوهمون أنه تأليف الصدوق،
وقد ظهر لنا أنه تأليف أبي حنيفة النعمان... لم يرو عن الأئمة بعد الصادق
خوفا من الخلفاء الإسماعيلية، وتحت ستر التقية أظهر الحق لمن نظر فيه
متعمقا، وأخباره تصلح للتأييد والتأكيد) (2).
وفي كلامه - رحمه الله - مسامحة، إذ لو كان المؤلف - كما يقول رحمه الله -
إماميا فلماذا لم يستند إلى الكتاب بشكل قطعي واكتفى بالقول بصلاحيته
للتأييد والتأكيد. فيظهر أنه - رحمه الله - كان مترددا في ذلك.
هذا وقد حقق الكاتب الإسماعيلي أصغر بن علي أصغر فيضي هذا
الكتاب ونشره بالقاهرة في مجلدين سنة 1370 ه‍ - 1951 م معتمدا على ثماني
نسخ من المكتبات الإسماعيلية، أقدمها نسخة ناقصة مؤرخة 961 ه‍، وأخرى
بتاريخ 1141 ه‍، بخط لطف الله بن حبيب الله لقمان عن نسخة مؤرخة 989 ه‍.
وذكر فيضي أنه رأى نسخة مؤرخة 852 ه‍ ولكنه لم يذكر مكان
وجودها (3).
(نسخ الكتاب): نسخة مؤرخة سنة 1003 في م - الرضوية، وبتاريخ
1285 ه‍ في م - القزويني بكربلاء (4)، وبتاريخ 1209 في م - القاهرة برقم

(1) كشف الظنون: 1 / 755.
(2) بحار الأنوار: 1 / 39.
(3) المجلة الآسيوية: ص 24.
(4) الذريعة: 8 / 197.
52

19665 ب، وبتاريخ 1249 في م - فيض برقم 46 و 227 (كما في سزكين)، وبتاريخ 1222 و 1262 في م - كيخا، وبتاريخ 1365 (المجلد الأول) و 1079
(المجلد الثاني) في م - قيوم، وأيضا المجلد الأول بتاريخ 1150 و 1332 والمجلد
الثاني بتاريخ 1126 في م - قربان، والمجلد الأول بتاريخ 1314 و 1318 و
1319 والمجلد الثاني بتاريخ 1311 و 1360 في م - الوكيلي (كما في فهرس
پونا)، وبتاريخ 1357 في م - المعهد الإسماعيلي / لندن برقم 33 المجلد الأول
وبتاريخ 1098 ه‍ برقم 34 المجلد الثاني، وأيضا بتاريخ 1324 برقم 35 المجلد
الثاني بخط فدا حسين بن ملا حسن بهائي (كما في فهرس المعهد).
ورأيت نسخة في مكتبة الشيخ شير محمد الهمداني بالنجف كتبها عن
نسخة مؤرخة بسنة 1285، وهناك عدة نسخ غير مؤرخة في المكتبات المذكورة
وغيرها، منها: نسخة دار الكتاب المصرية برقم 19665 ب، والفاتيكان المجلد
الثاني برقم 1156.
13 - ذات البيان:
ذكره شيخنا العلامة (ت / 1389 ه‍) وقال: (رد فيه على ابن قتيبة) (1)
وقال پوناوالا: (رسالة (ذات البيان) في الرد على ابن قتيبة وكتابه (عيون
المعارف) لبعض الأحاديث المروية عن رسول الله - صلى الله عليه وآله -
والقضايا والأحكام...
يظهر أن القسم الأول منه لا يزال محفوظا في مكتبة
الدعوة بخط الداعي شمس الدين...) (2).
وذكر لها ثلاث نسخ: نسخة مؤرخة 1294 في م - قيوم، ونسختين غير
مؤرختين في م - كل من قربان والوكيلي بالهند.

(1) الذريعة: 10 / 3.
(2) مصادر الأدب الإسماعيلي: ص 63.
53

14 - الراحة والتسلي: وصفه ايفانوف قائلا: (كتيب صغير في سبعة فصول هي 1 - القدرة
(ظ) (1) والاستطاعة 2 - كيفية الوحي 3 - ابراز الخلق 4 - الفرق بين الخالق
والمخلوق 5 - معرفة المحتاج إلى المكان 6 - معرفة ثواب العقل وعقابه 7 - في
معرفتك به على الكمال وانتقالك إليه.
وبالرغم من أنه نسب إلى القاضي النعمان في المخطوطة فإنه مشكوك، إذ
أن أسلوبه يختلف عن أسلوب القاضي النعمان مع أنه لم يذكر في الفهرس ولا
في العيون، ويظهر أن الكتاب قديم حيث يرجع إليه في الازدهار...) (2).
أوله: فصل الكلمة الأزلية والعلة العلوية.
(نسخ الكتاب): منها نسخة مؤرخة 1336 ه‍ في م - فيض برقم 38 في
14 ورقة (كما في سزكين)، ونسخة غير مؤرخة في المعهد الإسماعيلي برقم 105
في 81 - 61 صفحة (كما في فهرس المعهد) ونسخة مؤرخة 1316 في م - قيوم،
وأخرى غير مؤرخه في م - كيخا والا في مدينة سورت بالهند (3).
15 - الرسالة المذهبية في العقائد الإسماعيلية:
وهي أولى الرسائل الخمس التي حققها عارف تأمر في بيروت سنة
1375 ه‍ / 1956 م بعنوان خمس رسائل إسماعيلية، وقد اعتمد في تحقيقها على
ثلاث نسخ من القدموس وسلمية ومصياف، وأصناف في المقدمة أنه: (لم يأت
أحد من الباحثين والمحققين على ذكر هذا الرسالة، والظاهر أنها غير معروفة

(1) في الأصل: القوة - وهو خطا -.
(2) دليل الأدب الإسماعيلي: ص 39.
(3) فهرس پونا والا: ص 329.
54

لديهم فهي من المخطوطات الإسماعيلية السورية السرية) (1).
16 - شرح الاخبار في فضائل الأئمة الأطهار:
وسيأتي الكلام عنه تحت عنوان (هذا الكتاب).
17 - الطهارات:
كذا ذكره شيخنا العلامة (ت / 1389 ه‍) (2)، وقال مجدوع: (فيه ثلاث
كتب: كتاب الطهارات وكتاب الصلاة وكتاب الجنائز) (3).
وورد في نسخة المعهد الإسماعيلي بلندن باسم كتاب الطهارة وهي غير
مؤرخة في 180 صحفة برقم 853 من خطوط القرن الثالث عشر الهجري. أوله:
(الحمد لله المحمود بآلائه وأفضاله، والصلاة على رسوله، فقال القاضي
النعمان بن محمد - قدس سره -: أما بعد فإن أوجب ما ابتدء بعلمه والعمل به بعد
معرفة الله...) (كما في الفهرس).
وأظن أن هذا قطعة مستلة من كتبه الأخرى ولعلة الايضاح.
(نسخ الكتاب): منها نسخة مؤرخة 1329 في - م ورامتين، ومؤرخة 1307
و 1316 في م - الوكيلي، ونسخ غير مؤرخة في م - قربان ودار الكتب المصرية
مصورة عن اليمن 2 - 311 (كما في فهرس پونا).
18 - قصيدة في الإمام الحسين:
وردت هذه القصيدة ضمن مجموع في الاشعار في 216 صفحة من خطوط

(1) المقدمة: ص 9.
(2) الذريعة: 15 / 183.
(3) فهرس مجدوع: ص 18.
55

القرن الرابع عشر في م - المعهد الإسماعيلي / لندن برقم 856.
ومطلع هذه القصيدة: وإذا رأى الحسين ما قدر به ناشدهم بالله والقرابة
19 - المجالس والمسايرات: ويعتبر هذا الكتاب أهم مصدر إسماعيلي في تواريخ الخلفاء الفاطميين
وخاصة الخليفة الرابع المعز، فقد نقل المؤلف عنه نصوصا ذات قيمة تأريخية
تلقي بعض الضوء على جوانب من حياة الفاطميين وعقائدهم المغطاة بستار
التقية.
قال مجدوع: (وهو نصفان كل نصف منهما مجلد برأسه - ثم نقل قول
المؤلف: واذكر في هذا الكتاب ما سمعته من المعز لدين الله من حكمة وفائدة
وعلم ومعرفة على مذاكرة في مجالس أو مقام أو مسايرة وما يأتي من ذلك إلي
من بلاغ أو توقيع أو مكاتبة على بادية المعنى دون اللفظ حقيقة بلا زيادة ولا
نقصان..) (1).
وقد طبع هذا الكتاب طباعة محققة وافية باهتمام إبراهيم شبوح وآخرين
في المطبعة الرسمية بتونس سنة 1978 م، واعتمد في تحقيقه على عدة نسخ ملفقة
هي نسخة مؤرخة 1361، وأخرى مؤرخة 1315، ونسخة المكتبة الآصفية برقم 2590 / تاريخ.
(نسخ الكتاب): منها نسخة مؤرخة 1256 في م - الهمداني، ومؤرخة 1090
في م - قيوم، وأخرى مؤرخة 1272 (المجلد الأول) و 1279 (المجلد الثاني) في
بتنونجن، ومؤرخة 1014 و 1332 في م - المعهد الإسماعيلي بلندن رقم 712،

(1) فهرس مجدوع: ص 52، وراجع المجالس: ص 47.
56

وأيضا مؤرخة 1355 برقم 541، ومؤرخة 1384 برقم 119، ومؤرخة 1355
برقم 713، ومؤرخة 1356 برقم 549، ومؤرخة 1384 برقم 731 (كما في
فهرس المعهد). ونسخ غير مؤرخة في معهد المخطوطات العربية بالقاهرة برقم
2590 / تاريخ، وم - جامعة القاهرة برقم 26060 وم - جامعه بيروت برقم 17 - ن 8 - 297 (كما في فهرس پونا).
20 - مختصر الآثار فيما روي عن الأئمة الأطهار:
قال مجدوع: (من تصانيفه... بأمر إمامه المعز لدين الله... (وهو) نصفان
كل نصف منها مجلد برأسه جامع لجميع ذلك الكتاب (الدعائم) غير كتاب
الولاية فإنه ما أتى إلا فيه) (1) ومنه يظهر أن الكتاب لا يختص بموضوع الدعاء
بل هو مختصر الدعائم.
وقال پونا والا: أنه يحتوي على ثمانية فصول 1 - الرغائب في طلب العلم
2 - الطهارة 3 - الوضوء (؟) 4 - الصلاة 5 - الزكاة 6 - الصوم 7 - الحج...) (2).
وذكره الأفندي (ق / 12 ه‍) بعنوان (مختصر الآثار في الأدعية) (3)،
ولعل ما وقف عليه الأفندي كان قطعة مستلة من الكتاب في الأدعية.
وذكر شيخنا العلامة (ت / 1389 ه‍) في الذريعة الجزء 20 ص 176
تحت عنوانين هما (مختصر الآثار) و (مختصر الآثار النبوية) مما يوهم
تعددهما، ولا وجه لذلك بل هما كتاب واحد كما ذكر مجدوع.
أول هذه النسخة: (الحمد لله على ما أولى به من آلائه حمدا يقتضي المزيد
من فضله ونعمائه...).

(1) فهرس مجدوع: 32.
(2) فهرس پونا والا: ص 54.
(3) رياض العلماء: 5: 175.
57

(نسخ الكتاب): منها نسخة مؤرخة 1310 ه‍ في م - الفاتيكان ويدا برقم
1104 وهو في 149 ورقة (كما في فهرس سزكين)، ومؤرخه 1287 في م
- كيخا، ومؤرخة 1281 (المجلد الأول) وبسنة 1251 (المجلد الثاني) في م
- قيوم، ومؤرخة 1250 و 1354 (المجلد الأول) في م - قربان، ومؤرخة 1306 و
1341 و 1351 (المجلد الأول) في م - الوكيلي، ومؤرخة 1306 (المجلد الثاني) في
م - دار الكتب المصرية وهي مصورة عن اليمن (كما في فهرس پونا)، ومؤرخة
1356 في م - المعهد الإسماعيلي بلندن المجلد الأول برقم 710، وأيضا مؤرخة 1358.
21 - مفاتيح النعمة: وصفه مجدوع بأنه: (رسالة... في ذكر امتحان الخلق في أنفسهم وأموالهم
بقوله: إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) (1).
ويظهر أنها إحدى رسائل النعمان في تفسير الآية الكريمة من القرآن الكريم
السورة 9 الآية 111، وأول النسخة كما في فهرس الإسماعيلي: (الحمد لله
ولي التوفيق... إعلم أعانك الله يا أخي على طاعته... وبعد فقد كان أخونا
أبو الحسن البغدادي أعز الله...).
وذكر سزكين أنه في 56 صفحة ولكن لم يذكر مكان وجوده.
(نسخ الكتاب): منها نسخة مؤرخة 1294 في م - قيوم، وأخرى غير مؤرخة،
وثالثة مؤرخة بسنة 1335 في م - الوكيلي، وأخرى غير مؤرخة (2)، ونسخة غير
مؤرخة من القرن الرابع عشر في المعهد الإسماعيلي بلندن برقم 105 في مجموعة
من الأوراق 301 - 245 (3).

(1) فهرس مجدوع: ص 187.
(2) فهرس پونا: ص 66.
(3) فهرس المعهد.
58

22 المناقب والمثالب:
أشار إليه المؤلف في كتبه كثيرا وذكره ابن شهرآشوب (ت / 588 ه‍) (1)، وابن
خلكان (2) واليافعي (ت / 768 ه‍) (3) ووصفه المجلسي بقوله: (كتاب لطيف
مشتمل على فوائد جليلة) (4).
ونقل مجدوع عن مقدمة المؤلف قوله: (وإننا وبالله التوفيق نبسط كتابنا
هذا في إبطال دعاويهم (بني أمية) وذكر أسباب عداوتهم وما جرى عليه منا من
تقدم من أسلافهم من قبل مبعث رسول الله وبعد مبعثه ووفاته) (5).
ثم أورد مجدوع فهرس الكتاب مبتدئا بذكر مناقب عبد مناف بن قصي
وشرفه ومنتهيا بمناقب الأئمة القائمين بالإمامة ومثالب المتغلبين بأرض الأندلس
من بني أمية.
وقد أرجع إليه المؤلف في شرح الاخبار بقوله: (فهذه نكتة قد ذكرناه
- كما شرطنا - مختصرة في مثالب معاوية وبني أمية، وقد ذكرنا تمام القول في
ذلك في كتاب (المناقب والمثالب) فمن أراد استقصاء ذلك نظر فيه) (6).
ووصفه السيد حسن الصدر (ت / 1354 ه‍): (انه يزيد على عشرين
كراسا) (7).
وقد رأيت نسخة كاملة من هذا الكتاب في مكتبة الشيخ شير محمد
الهمداني الجورقاني (المولود سنه 1302 ه‍، والمتوفى سنة 1390 ه‍ في النجف
الأشرف)، وكان - رحمه الله - أشهر من رأيت على استنساخ تراث الشيعة

(1) معالم العلماء: ص 122.
(2) وفيات الأعيان: 5 / 416.
(3) مرآة الجنان: 2 / 380.
(4) بحار الأنوار: 1 / 39.
(5) فهرس مجدوع: ص 65.
(6) شرح الاخبار: ص 135.
(7) الذريعة: 22 / 336.
59

ومقابلته مع النسخ المختلفة المتيسرة عنده، وقد انتهى من نسخته - رحمه الله - في
شوال سنة 1370 ه‍ عن نسخة وصفها بأنها جيدة عتيقة إلا أوراقا من أوائلها،
وقد ذكرته في الصيانة، فراجع.
(نسخ الكتاب): منها نسخة مؤرخة سنة 852 في م - طلعت بدار الكتب
رقم 2068 / تاريخ وهي في 124 ورقة، ومؤرخة 1128 في م - فيض برقم 36
في 274 ورقة، ومؤرخة 1244 برقم 37 في 117 ورقة (كما في سزكين)،
ومؤرخة 1256 في م - كيخا، ومؤرخة 1332 في م - قيوم، ومؤرخة 1266 و
1314 في م - الوكيلي (كما في فهرس پونا) ومؤرخة 1232 في م - المعهد
الإسماعيلي بلندن برقم 543، وأيضا مؤرخة 1300 برقم 545، وأيضا مؤرخة
1348 برقم 544 (كما في فهرس المعهد) وعدة نسخ غير مؤرخة في م - السماوي
بالنجف مصورة في معهد المخطوطات العربية بالقاهرة برقم 11548 (كما في
سزكين)، وذكر في الذريعة ج 22 ص 336 نسخا في مكتبات الميرزا أحمد
الطهراني، وعيسى أفندي جميل زاده، وعبد الشاكر أفندي الآلوسي، والشيخ
علي كاشف الغطاء.
23 - المنتخبة:
هي قصيدة فقهية سماها (المنتخبة) لأنه انتخبها لمن أراد حفظها كما قال:
(وقد نظمته (الاقتصار) موزونا رجزا مزدوجا في قصيدة سميتها (المنتخبة)
انتخبتها لمن أراد حفظها، والله يعين على العلم من هداه لطلبه..) (1).
ولكونه قصيدة على الرجز سماها بعضهم بالقصيدة المنتخبة أو الأرجوزة
المنتخبة، وقد أحسن ابن خلكان (ت / 681 ه‍) وصفها حيث قال: (وله

(1) الاقتصار: ص 10.
60

القصيدة الفقهية لقبها بالمنتخبة) (1).
والظاهر أنه إياها عنى اليافعي (ت / 768 ه‍) حيث عد من مؤلفاته
قصيدة فقهية (2).
وقد أخطأ إسماعيل پاشا (ت / 1339 ه‍) حيث قال: (الفتحية منظومة
في الفقه لأبي حنيفة النعمان) (3).
فقد قال المؤلف في المقدمة:
سميتها إذ تمت المنتخبة * لأنني انتخبتها للطلبة
من قول أهل البيت إذ حملته * عن الثقات بعد أن صنفته
نقل هذه الأبيات پونا والا وأبياتا أخرى كثيرة في مصادر الكتب
الإسماعيلية ص 32 و 33، وتوجد في م - المعهد الإسماعيلي بلندن شرح لهذه
القصيدة لأمين جي بن جلال المتوفى سنة 1010 ه‍ وتاريخ النسخة 1350 ه‍
وهي برقم 550 في 60 ورقة، بخط أكبر علي بن ملا سلطان علي
الداندلوي (4).
(نسخ الكتاب): منها نسخة مؤرخة 1312 و 1321 و 1310 في م
- الهمدانية، ومؤرخة 1320 و 1310 و 1331 في م - كيخا، ومؤرخة 1248 في م
- كازى / بمبي، ومؤرخة 1335 في م - قربان، ومؤرخة 1278 و 1292 الجزء
الأول و 1258 و 1306 و 1307 و 1317 و 1332 في م - الوكيلي 0 كما في فهرس
پونا)، ومؤرخة 1337 في م - المعهد الإسماعيلي بلندن برقم 722، وأيضا مؤرخة
1337 برقم 601، ونسختين غير مؤرخين برقم 512 و 702 (5).

(1) وفيات الأعيان: 5 / 416.
(2) مرآة الجنان: 2 / 380.
(3) ايضاح المكنون: 2 / 176.
(4) فهرس المعهد: 1 / 118.
(5) فهرس المعهد: ص 135.
61

24 - منهاج الفرائض:
ذكر سزكين أنه ينسب إلى القاضي النعمان، وأن نسخة منه في مجموعة
فيض ببمبي برقم 39 - 1، وآخر برقم 1 ب 24 (1).
وذكر پونا والا لهذا الكتاب عدة نسخ في ص 67 في مكتبة كيخا والا
بتاريخ 1260 ه‍، وفي مكتبة قيوم بتاريخ 1292، وفي مكتبة الوكيلي نسختان
بتواريخ 1316 و 1317.
25 - الهمة في آداب اتباع الأئمة: وصفه مجدوع بأنه (أحسن كل (كذا) كتاب جمع وصنف مما هو عليه مما
يجب على المؤمن لامام زمانه، ولا أعلم أن أحدا في كتب خزانة الدعوة اشتمل
في باب الأئمة وآدابهم من المؤمنين بأبلغ من العبارة وأجمعها بمثل ما اشتمل عليه
من هذا الكتاب) (2).
وقد طبع بتحقيق محمد كامل حسين بالقاهرة معتمدا على نسخة واحدة
مؤرخة 1101 ه‍ في 129 صفحة بخط حسن بن محمد علي بن محمد السورتي.
(نسخ الكتاب): منها مؤرخة 1313 ه‍ في م - فيض برقم 32 في 102
ورقة، وأخرى بتاريخ 1253 برقم 33 في 109 ورقة، وبتاريخ 1331 برقم 34
في 90 ورقة (كما في سزكين)، ومؤرخة 1347 في م - كيخا، ومؤرخة 1344 و
1320 و 1329 في م - الوكيلي (كما في فهرس پونا)، ومؤرخة 1101 في م
- المعهد الإسماعيلي بلندن برقم 68 في 91 ورقة، وأيضا مؤرخة 1241 برقم 69
(كما في فهرس المعهد)، وفي المعهد أيضا نسخة غير مؤرخة برقم 70، وذكر پونا

(1) راجع الذريعة. 23 / 169.
(2) فهرس مجدوع: ص 50.
62

والا في ص 65 من الفهرس نسختين غير مؤرختين في م - قربان، واخر في
المكتب الهندي برقم 1421.
26 - الينبوع:
قال مجدوع: (مجلد واحد مشتمل على ما اشتمل عليه النصف الثاني من
كتاب الدعائم)، ثم أورد مجدوع فهرس الكتاب (1).
(نسخ الكتاب): منها نسخة مؤرخة 1310 في م - كيني، ومؤرخة 1347 في
م - نجم الدين، ومؤرخة 1144 في م - قيوم، ومؤرخة 1357 في م - قربان،
ومؤرخة 1356 و 1291 في م - الوكيلي (كما في فهرس پونا)، ومؤرخة 1346 في
المعهد الإسماعيلي بلندن برقم 240، ونقل پونا في ص 54 نسخة غير مؤرخة في
دار الكتب المصرية مصورة عن اليمن برقم 462.
27 - كتاب يوم وليلة في الصلاة المفروضة:
ذكره پونا والا في فهرسه ص 55 وقال: إنه أجوبة القاضي النعمان
لأسئلة فقهية سأله عنها خطاب بن وسيم مقدم زواوة وحاكمهم، - وأضاف -
أن منه نسختان في مكتبة قيوم بالهند ضمن مجموعة، وأخرى في دار الكتب
المصرية مصورة عن اليمن.
الكتب المفقودة:
وهناك طائفة من الكتب وصفت بأنها من تأليف النعمان أو منسوبة
إليه ولم تقف عليها يد التتبع، وأظن أن قسما كبيرا منها مقتطفات من مؤلفاته

(1) فهرس مجدوع: ص 35.
63

الأخرى أو رسائله الخاصة التي انتزع القراء أسماء خاصة لها من واضعيها أو
لأسباب اخر، فذكرها أصحاب التراجم والفارس من دون ذكر أماكن
وجودها وهي كالآتي: -.
28 - الآثار النبوية:
قال الأفندي (ق / 12 ه‍): (كتاب الآثار النبوية للقاضي النعمان
المذكور - أيضا - في الفقه ثم اختصر منه كتاب: مختصر الآثار) (1) وتبعه في ذلك
شيخنا العلامة (ت / 389 ه‍) (2).
ويظهر أن ذلك مجرد ظن من الأفندي - رحمه الله - وأن شيخنا العلامة تبعه
لحسن ظنه به، فإنه ليس للمؤلف كتاب بهذا العنوان وذلك لان هذا الكتاب
إنما هو اختصار لكتاب دعائم الاسلام. فإن مجدوع الإسماعيلي (ق / 12 ه‍)
أورد ذكر الدعائم ووصفه بقوله: (وهذا الكتاب نصفان كل نصف منهما مجلد
برأسه، وفي النصف الأول سبعة كتب على قدر الدعائم السبعة) (3).
ثم أورد فهرس الدعائم بتفصيل مبتدأ بكتاب الولاية، ثم ذكر بعد وصف
الدعائم في ص 32 من فهرسته كتاب مختصر الآثار مما روي عن الأئمة
الأطهار وقال: (... وهو أيضا نصفان كل نصف منها مجلد برأسه جامع لجميع
ذلك الكتاب (دعائم الاسلام) غير كتاب الولاية فإنه (كتاب الولاية) ما أتى
إلا فيه (الدعائم)) (4).
ولا أدري من أين أتى الأفندي - رحمه الله - بوصف النبوية للآثار في اسم

(1) رياض العلماء: 5 / 276.
(2) الذريعة: 2 / 176، وتوابع الرواة: 5 / 625.
(3) فهرس مجدوع: ص 20.
(4) فهرس مجدوع: ص 32.
64

الكتاب مع أنه ليس في مختصر الآثار ولا غيره، والله العاصم.
29 - الاتفاق والافتراق:
أشار إليه المؤلف في شرح الاخبار قائلا: (والذي ذكرته في هذا الباب من
ذكر علم علي عليه السلام ما جاء من قضاياه فيها غيره يخرج عن تفصيه حد
هذا الكتاب، وقد ذكر ذلك وبما جاء من مثله عن الأئمة في كتاب الاتفاق
والافتراق وفي كتاب الايضاح وغيرها من كتب الفقه التي بسطت فيها قول
الأئمة من أهل البيت - عليهم السلام - في الحلال والحرام والقضايا
والأحكام) (1).
ويظهر أن الكتاب كان موجودا في القرن السادس حيث ذكره ابن
شهرآشوب (ت / 588 ه‍) في كتابه (معالم العلماء ص 113)، وذكر پونا والا
في فهرسه ص 55 أنه في أربعين جزء كما ذكر كتاب المقتصر، ووصفه بأنه
مختصر كتاب الاتفاق والافتراق على ما ذكره الإدريس في (العيون).
30 - أصول الحديث:
ذكره پونا والا في فهرسه ص 67 ولم يذكر مكان وجوده.
31 - الإمامة:
أشار إليه المؤلف في شرح الاخبار في مواضع منها ج 1 ص 26 و 51 و 72
و ج 4 ص 72 وذكره ابن شهرآشوب (المتوفي سنة 588 ه‍) مما يدل على
وجود الكتاب في القرن السادس.

(1) شرح الاخبار: 8 / 81.
65

وقال شيخنا العلامة (ت / 1389 ه‍): (قال (النعمان) في كتاب الزكاة
من الدعائم في باب وجوب دفع الصدقات وحرمة منعها عن الأئمة من آل محمد
ما لفظه: استقصاء الكلام في ذكر إمامتهم والاحتجاج في ذلك يخرج عن حد
هذا الكتاب، وقد أفردنا له كتابا في ذكر الإمامة خاصة) (1).
والحديث مذكور في دعائم الاسلام ج 2 الحديث 982 من طبعة القاهرة
سنة 1389 ه‍ 1969 م.
ووصف پونا والا هذا الكتاب في فهرسه ص 62 بأنه في أربعة أجزاء ولم يذكر
مكان وجوده.
32 - البلاغ الأكبر والناموس الأعظم - في أصول الدين -:
نقل پونا والا في ص 56 من فهرسه عن ابن كثير في البداية والنهاية أن هذا
الكتاب هو للنعمان ولكنه يظهر أن كلام ابن كثير قد التبس عليه فقد قال
ابن كثير (ت / 774 ه‍) ما نصه: (سنة 386 وهي أيام محمد بن النعمان
قاضي الفاطميين الذي صنف البلاغ الذي انتصف فيه للرد على القاضي
الباقلاني وهو أخو عبد العزيز بن النعمان) (2).
وآخر كلام أبي الفداء يدل بوضوح على أن البلاغ إنما هو من تأليف
الابن (محمد بن النعمان) لا الأب (النعمان بن محمد) فراجع.
33 - تأويل القرآن:
ذكره ابن حجر (ت / 852 ه‍) في لسان الميزان ج 6 ص 167، وذكره پونا

(1) الذريعة: 2 / 267.
(2) البداية والنهاية: 9 / 321 ط / القاهرة سنة 1932.
66

والا في فهرسه ص 63 باسم (حدود المعرفة في تفسير القرآن والتنبيه على
التأويل) وقال: أنه في 70 جزء.
34 - التقريع والتعنيف لمن لم يعلم العلم:
وصفه پونا والا في فهرسه ص 62 وقال بأنه جزءان.
35 - الدامغ الموجز في الرد على العتكي:
قال پونا والا في فهرسه ص 63 بأنه أربعة أجزاء.
36 - الدعاء: قال پونا والا في فهرسه ص 66 بأنه جزءان.
37 - الرد على الخوارج:
استظهره پونا والا في ص 62 من فهرسه من قول المؤلف: (والحجة عليهم
(الخوارج) يخرج أيضا عن حد هذا الكتاب، وقد أفردت كتابا في الرد عليهم،
فمن آثر النظر في ذلك وجده فيه).
ولعل النعمان عنى به الأرجوزة الآتية.
38 - ذات المحنة:
قال شيخنا العلامة (ت / 1389 ه‍) في وصفها: (منظومة في ثورة أبي يزيد
مخلد بن كيداد الخارجي) (1).

(1) الذريعة: 10 / 2.
67

وإليه أشار النعمان حيث قال: (وقد بسطنا عن أخبار فتنة اللعين مخلد
وما كان من الآيات والبراهين والمعجزات فيها للقائم والمنصور كتابا ضخما
كبيرا استقصينا فيه جميع ما جرى في ذلك) (1).
وقد ذكرها پونا والا في ص 58 من فهرسه وقال: إنها جزءان.
39 - ذات المنن:
قال شيخنا العلامة (ت / 1389 ه‍): (منظومة في بعض حوادث وقعت
للخليفة الفاطمي المعز) (2).
وذكرها ايفانوف في فهرسه ص 38 نقلا عن العيون، ووصفها پونا والا
في ص 58 بأنها في جزءين، وأن المؤلف أشار إليها في المجالس وشرح الاخبار، راجع الجزء 15 ص 101.
40 - الرسالة المصرية في الرد على الشافعي:
كذا عنونها پونا والا في ص 63 من فهرسه وقال: إنها جزءان، وقد عرفت
في ترجمة المؤلف، أن كلا من ابن خلكان (ت / 681 ه‍) واليافعي
(ت / 768 ه‍) قال: بأن له ردود على المخالفين لأبي حنيفة ومالك والشافعي
وابن شريح (3).
41 - كيفية الصلاة على النبي:
ذكره پونا والا في ص 64 من فهرسه.

(1) شرح الاخبار: 15 / 116.
(2) الذريعة: 10 / 2.
(3) وفيات الأعيان: 5 / 416، مرآة الجنان: 2 / 380.
68

42 - كتاب فيما رفضته العامة من كتاب الله وأنكرته:
ذكره پونا والا في ص 63 من فهرسه وقال: إن النعمان أشار إليه في
المجالس.
43 - معالم الهدى:
جاء ذكره بالألف المقصورة في شرح الاخبار بخلاف المصادر الأخرى.
فقد ذكره شيخنا العلامة بعنوان (معالم المهدي) (1).
واستظهر ايفانوف أنه قطعة من قصيدة ذات المنن، وليس بصحيح إذ أن
النعمان أرجع إليه مستقلا بهذا الاسم في مواضع مختلفة من كتبه، قال في شرح
الاخبار: (... أفردت كتابا قبل هذا لذلك وهو كتاب (معالم الهدى) ولكن
نجعل في هذا الكتاب بابا نذكره فيه مجملا - إن شاء الله تعالى - ذكر معالم
الهدى قصدنا في هذا الباب نحو ما قصدناه في جملة الكتاب من الاقتصار على
الأخبار الصحيحة المشهورة مع حذف الأسانيد وإطراح التكرار لكثرة
الروايات في الخبر الواحد في الطريق الواحد لئلا يطول بذلك الكتاب ولنختصر
الباب مما جاء من البشرى في المهدي) (2).
ومنه يظهر أن النعمان لخص كتاب (معالم الهدى) في باب واحد
وأدرجه في شرح الاخبار، وذلك بحذف الأسانيد وعدم التكرار.
وقال في مقدمة افتتاح الدعوة: (... وقد أفردنا كتابا غير هذا في ذكر
معالم المهدي وصفته وذكر قيامه وأيامه وما تقدم في ذلك من الآثار عن

(1) الذريعة: 21 / 202.
(2) شرح الاخبار: 14 / 71.
69

رسول الله صلى الله عليه وآله فيما بشر به منه) (1).
ولم يحسن محقق الكتاب حيث قال بأنه: (جزء من كتاب شرح
الاخبار) فإن الموجود في شرح الاخبار ليس إلا ملخصا من ذلك الكتاب.
ونقل پونا والا في فهرسه ص 58 عن المناقب: (وقد ألفنا في ذلك
(معجزات المهدي) كتابا بذكر هجرته وقيامه وسيرته ودعوته وأيامه من مقدار
هذا الكتاب (المناقب) فمن أراد استقصاء ذلك وجده فيه بتمامه).
44 - نهج السبيل إلى معرفة علم التأويل:
وصفه پونا والا في فهرسه ص 63 بأنه جزءان.
وذكر كل من ايفانوف وپونا والا في فهرسيهما الأسماء التالية من دون أي
وصف لها وهي.
45 - التعقيب والانتقاد
46 - الحلى والثياب
47 - الشروط
48 - منامات الأئمة
49 - رسالة إلى المرشد الداعي بمصر في تربية المؤمنين:
50 - كما انفرد پونا والا في ذكر كتاب المغازي في ص 62 من الفهرس
وكما تقدم فإنه يغلب على الظن بأن هذه المذكورات هي مقتطفات من
كتبه الأخرى الموجودة.

(1) افتتاح الدعوة: ص 2.
70

هذا الكتاب:
واسمه الكامل: (شرح الاخبار في فضائل الأئمة الأطهار) (1)، وقد
استعرض فيه النعمان النقاط الهامة في حياة أئمة أهل البيت - عليهم السلام -
إلى الإمام جعفر الصادق - عليه السلام -، وتوسع في ما يتعلق بفضائل الإمام علي
عليه السلام ورد شبهات المخالفين، ثم انتصر فيه للإسماعيلية.
وبالرغم من المحافظة الإسماعيلية الشديدة على كتبهم فقد تمكن عالمان
من علماء الشيعة جلدان على التتبع - كما يظهر من كتبهما - أن يقفا على هذا
الكتاب وينقلا من نصوصه.
فقد وقف ابن شهرآشوب (ت / 588 ه‍) على الكتاب ونقل منه عدة
نصوص في كتابه (مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 363 إلى ص 365) فيما يتعلق
بقضايا الامام على في عهد الخليفة الثاني، وعقبها بأحاديث رواها من النعمان
وأبي القاسم الكوفي في كتابيهما.
والمجلسي (ت / 1111 ه‍) من بعده، نقل تلك النصوص نصا عن المناقب
في كتابه (بحار الأنوار ج 4 ص 229 - 231) مما يظهر أنه لم يقف على
الكتاب بنفسه.
ووقف على الكتاب أيضا المحدث النوري (ت / 1321 ه‍) ووصفه
بقوله (في الفضائل والمناقب وشطر من المثالب، مشتمل على سبعة أجزاء
ينبئ عن سعة اطلاعه وطول باعه وفضله وكماله) (2).
ويظهر أن نسخة النوري قد كتبت بواسطة كاتب اكتفى بالاجزاء السبعة
الأولى من الكتاب وترك الاجزاء الأخرى، ومن هنا ظنها المحدث النوري

(1) فهرس مجدوع: ص 69.
(2) مستدرك الوسائل: 3 / 321.
71

- رحمه الله - سبعة أجزاء فقط مع أنها ستة عشر جزء.
وقد وصف مجدوع فهرس هذا الكتاب بتفصيل ونقل شطرا من مقدمة
الكتاب، ونكتفي بما يأتي:
الجزء الأول: في حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها.
الجزء الثاني: في سبق علي إلى الاسلام.
الجزء الثالث: في جهاد علي.
الجزء الرابع: في جهاده مع جموع الناكثين والقاسطين والمارقين.
الجزء الخامس: في بقية أخبار القاسطين.
الجزء السادس: في تمام الاحتجاج المذكور.
الجزء السابع: في مناقب علي ورد الحشوية.
الجزء الثامن: في بيان ما جاء من الامر بطاعة علي.
الجزء التاسع: في ما نزل من الوحي والقرآن في علي.
الجزء العاشر: في ذكر معاوية.
الجزء الحادي عشر: تمام ما جاء من الاخبار مجملا من ذكر أهل بيته.
الجزء الثاني عشر: فضائل الحسن والحسين عليهما السلام.
الجزء الثالث عشر: في من قتل مع الحسين عليه السلام.
الجزء الرابع عشر: في مولانا جعفر بن محمد والأئمة المستورين.
الجزء الخامس عشر: في ذكر معالم المهدي وبشاراته.
الجزء السادس عشر: في صفات شيعة علي عليه السلام (1).
وهذه الاجزاء الستة عشر ليست مجموعة بين دفتين، بل هي متفرقة
متشتتة، ويظهر أن كل ناسخ استنسخ ما استطاب من موضوع الكتاب مما

(1) فهرس مجدوع: ص 69 - 73.
72

يهمه، فجاء الكتاب مفرط العقد تحتفظ المكتبات بنسخ مخطوطة من أجزاء
مختلفة من الكتاب.
نسخ الكتاب: نسخة شبه كاملة بتاريخ 1126 و 1127 في مكتبة فيض بمبي برقم
40 - 45 يحتوي على الاجزاء 1 - 12 و 15 - 16 وينقصها الجزءان 13
و 14 فقط.
ونسخة غير مؤرخة من الجزء 13 و 14 في م - جامعة لندن برقم 25722
وأن منه مختصر في برلين برقم 9662 ومنه مصورة في القاهرة برقم 10892 (كما
ذكره سزكين).
وذكر پونا والا النسخ التالية: مؤرخة 1249 في م - الهمداني تحتوي على
الاجزاء 5 - 8. وأيضا الاجزاء 9 - 12 بتاريخ 1247 ه‍، ومؤرخة 1264 ه‍ في م
كيخا يحتوي الاجزاء 1 - 4، وبتاريخ 1305 ه‍ يحتوي الاجزاء 7 - 16،
وبتاريخ 1288 يحتوي الاجزاء 13 و 14، وبتاريخ 1289 الاجزاء 9 - 12،
وبتاريخ 1360 في م - ناجي الجزء السادس، ومؤرخة 1371 الاجزاء 3 - 4،
ومؤرخة 1234 الاجزاء 1 - 9، ومؤرخة 1287 الجزء الثاني، ومؤرخة 1318
الاجزاء 5 - 8 والاجزاء 9 - 12، ومؤرخة 1278 الجزء الحادي عشر.
كما ذكر أجزاء غير مؤرخة كالآتي:
م - الأوقات برقم 3087 الاجزاء 1 - 4، وم - ناجي الاجزاء 1 - 4، وم -
هاروارد الجزء الأول، وم - فيض الاجزاء 1 - 12 و 15 - 16، وم - الجمعية
الإسماعيلية بباكستان الاجزاء 1 و 3 و 5 و 7 و 9 و 12 و 16، وم - لندن -
الاجزاء 13 و 14، وم - قيوم الجزء 1 و 2 و 5 - 8، وم - طهران الاجزاء 1 - 7، وم
- الهمداني 1 - 4، وم - الوكيلي 1 - 4 و 13 - 14 و 13 - 16، وفي اليمن الاجزاء 2
73

و 9 و 12 و 16 (1).
ويحتفظ معهد الدراسات الإسماعيلية في لندن بالنسخ التالية:
مؤرخة سنة 1382 برقم 551 الجزء الأول، ومؤرخة 1335 برقم 700
الجزء الأول والثاني، ومؤرخة 1264 برقم 698 الجزء 1 - 4، ومؤرخة 1380
برقم 682 الجزء الثاني (كذا)، ومؤرخة 1381 برقم 683 الجزء الثالث،
ومؤرخة 1380 برقم 684 الجزء الرابع، ومؤرخة 1380 برقم 685 الجزء
الخامس، ومؤرخة 1381 برقم 687 الجزء السابع، ومؤرخة 1308 برقم 186
الجزء السابع والثامن، ومؤرخة 1381 برقم 688 الجزء الثامن، ومؤرخة 1381
برقم 689 الجزء التاسع، ومؤرخة 1304 برقم 699 الجزء 9 - 12، ومؤرخة
1381 برقم 691 الجزء 11، ومؤرخة 1359 برقم 697 الجزء 11 - 12،
ومؤرخة 1349 برقم 577 الجزء 10 و 13، ومؤرخة 1381 برقم 694 الجزء
14، ومؤرخة 1384 برقم 732 ج 14 و 15، ومؤرخة 1347 برقم 552 الجزء 6،
ومؤرخة 1381 برقم 696 ج 16 - أيضا -.
كما يوجد في المعهد نسخ غير مؤرخة كالآتي:
الجزء 1 - 4 برقم 183، والجزء 5 - 8 برقم 184، والجزء السادس برقم
686، والاجزاء 6 - 7 برقم 553، والاجزاء 9 - 12 برقم 185، والاجزاء
9 - 10 برقم 188، والاجزاء 9 - 12 برقم 699، والجزء العاشر برقم 690،
والجزء 12 برقم 692 والجزء 13 برقم 693، والجزء 15 برقم 695.
وتفسير مكتبة المعهد الإسماعيلي بلندن من أغنى المكتبات اقتناء لنسخ
هذا الكتاب. * * *

(1) فهرس پانا والا: ص 60.
74

تنبيه:
وينبغي التنبيه على أن النسخة الألمانية المحفوظة في مكتبة برلين برقم
9662 ليست مختصرة من الكتاب، وإن تضمنت ونقلت نصوصا كثيرة منه،
فقد وقع في هذا الخطأ مفهرس الفهرس الألماني الهاودت في ج 9 ص 205
ط / 1897 م حيث وجد في النسخة نصوصا تقول - مثلا -: (ويتلوه من الجزء
الثالث مما اختير من كلام النعمان) (ص 29) أو قوله، في آخر الجزء السادس:
(ويتلوه لمنة الله وقوته من الجزء السابع ومن آخر الجزء الثامن المختار منهما، وإن
كان ذلك كله خيرة لكن أوجب ذلك قصور الهمة وضعف المكنة)
(ص 173).
ووقع في نفس الخطأ فؤاد سيد في فهرس مخطوطات دار الكتب المصرية
- القسم الثاني ص 8 ط / القاهرة 1382 ه‍، حيث عرف النسخة المصورة من
الألمانية وأشار إلى نسخة أخرى بخط حسين فهمي مؤرخة 1368.
وتبعهما فؤاد سزكين في كتابه (تاريخ الأدب العربي) (1).
(بيان ذلك): إن من خصيصة المؤلفين الإسماعيليين أنهم ينقلون نصوصا
طويلة من كتب قدمائهم وكأنهم يعترون ذلك نوعا من الاحترام والتعظيم
لهم، وذلك لا يخفى على من سبر كتبهم ككتاب الأزهار للحسن بن نوح
الهروجي، وعيون الأخبار للداعي عماد الدين إدريس (ت / 872 ه‍)، وكأنه
نابع من عقيدتهم حيث إن علومهم تنبع عن عين الحقيقة.
ويدل على ذلك إن كاتب النسخة قد نقل عن غير القاضي النعمان أيضا
فقد نقل عن كتاب شواهد التنزيل لقواعد التفضيل مصرحا باسم الكتاب

(1) ج 1 / 577 ط / لندن 1967 م.
75

ومؤلفه الحسكاني (المتوفى بعد سنة 470 ه‍) في مواضع منها ص 1 وص 16
وص 29 وص 57 وص 114 وص 115 وص 173 - والمؤلف هو: الحافظ المحدث
أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن حسكان
القرشي العامري النيسابوري الحنفي الحاكم، ويعرف بابن الحذاء، وتوفى بعد
السبعين وأربعمائة (1) ومن غير المعقول أن ينقل النعمان (المتوفى سنه 362 ه‍)
عنه.
فليست النسخة الألمانية سوى كتاب مستقل مشتمل على نصوص كثيرة
من شرح الاخبار ومن غيره.
وقد طبع القسم الأول من شرح الاخبار - كما ذكره پوناوالا - بواسطة
الجمعية الصفية في سورت الهند، كما ونشر ايفانوف في سلسلة جمعية البحوث
الإسماعيلية رقم 10 المنتخب من الجزء الخامس عشر من كتاب شرح الاخبار
في 34 صفحة في مطبعة اكسفورد عام 1942 م.
أسلوب التأليف:
والنعمان في كافة مؤلفاته يسلك أسلوبا فريدا حيث لا يعيد عن رغبات
الخلفاء الفاطميين، فلا يكتب إلا بإرشادهم ولا ينشر إلا بعد موافقتهم وإذنهم،
فكتبه مرآة صادقة لأفكار الخلفاء الفاطميين.
قال مجدوع: (ولم يؤلف تأليفا ولا جمع كتابا متى عرضه على الأئمة شيئا
فشيئا، فأثبتوا منه الصحيح وقوموا الأود...) (2).
وصرح بذلك النعمان في كتبه ومنها هذا الكتاب حيث قال: (...
جمعت من الآثار في فضل الأئمة الأطهار حسب ما وجدته وغاية ما أمليته

(1) راجع تذكره الحفاظ: 2 / 1200.
(2) فهرس مجدوع: ص 32.
76

واستصفيته فصححت من ذلك ما بسطته في كتابي هذا ألفته بأن عرضته على
ولي الأمر وصاحب الزمان والعصر مولاي الامام المعز لدين الله أمير المؤمنين
صلوات الله عليه وعلى سلفه وخلفه وأثبت منه ما أثبته وصح عنده وعرفه وآثره
عن آبائه الطاهرين وأجازني سماعه منه وبأن أرويه لمن يأخذ عني عنه،
فبسطت في هذا الكتاب ما أثبته وأجازه وعرفه، وأسقطت ما رفعه من ذلك
وأنكره).
وقال أيضا (... وحذفت أسانيدها وتكرار أكثر الروايات منها
واختلاف الحكايات منها، إذ قد آثرتها وأثبتها وصححتها بأسنادها إلى إمام
العصر وصاحب الامر...) (1).
ويحاول المؤلف في كتابه هذا - كسائر مؤلفاته - الإشارة إلى سائر كتبه في
كل مناسبة وهي حقيقة تنبئ عن وعي المؤلف لمثل هذه الضرورة وربما عانى
هو نفسه منها في معرفة المخطوطة الناقصة أثناء زياراته للمكتبات مما جعله يلتزم
بهذا الأسلوب في كل كتبه.
ويمتاز هذا الكتاب بالتزام المؤلف بالاختصار في الأسانيد وتجنب التكرار
في متون الروايات المتفقة أو المتقاربة معنى، كما يكرر هذا الالتزام في كل
مناسبة. فقد قال (... اختصرت كما شرطت في أول هذا الكتاب أكثر
ما جاء في ذلك واقتصرت على حديث واحد من كل فن، وحذفت التكرار
الذي يدخله أصحاب الحديث وغيرهم باختلاف الأسانيد، وغير ذلك مما
يريدون به التأكيد...) (2).
وقال أيضا: (قصدنا في هذا الباب نحو ما قصدناه في جملة هذا الكتاب
مما أثبت في أوله من الاقتصار على الأخبار الصحيحة المشهورة مع حذف

(1) مقدمة شرح الأخبار ص 88.
(2) شرح الاخبار: 1 / 126.
77

الأسانيد واطراح التكرار لكثرة الروايات في الخبر الواحد من الطريق الواحد
لئلا يطول بذلك الكتاب) (1).
ويشير المؤلف في هذا الكتاب وسائر كتبه إلى أنه يتحمل رواية الكتب
بالطرق المعروفة فيقول: (... فإني قد تصفحت الكتب المروية عن أهل البيت
- عليهم السلام - مما كان فيها من سماع ومناولة وأخذته إجازة أو صحيفة...) (2)
وقال أيضا: (... حذفت أسانيدها إذ صححتها بأسنادها إلى إمام
العصر فقربت بذلك بعيدها...) (3).
والتأمل في الكلامين يفيد أن ليس للمؤلف سماع أو مناولة أو إجازة من
غير المعز، وأنه لم ينقل عن الكتب إلا بالوجادة، فكأنه استصغر شأن هذا الفن،
والناس أعداء ما جهلوا، فلم أقف على شيخ له غير المعتز، كما لم أقف على
شيخ للمعتز في هذا الفن.
ويظهر أن الإسماعيلية أخذوا هذه السيرة عنه، فقد حدثني شيخ البهرة
بأنهم لا يعتقدون بالإجازة بل يعتمدون على إمامهم - وكما قال: (نغترف من
منبع الحديث) - وليس هذا إلا جهلا بقواعد الفن إذ لو كان إمامهم منبعا
لأحاديثهم فإنه لا يعقل أن يكون منبعا لأحاديث غير الإسماعيلية - أيضا -،
وكيف يعقل أسناد الأحاديث المروية عن المخالفين في المعتقد إلى المعز؟.
ويظهر أن دور المعز لم يكن سوى مطالعة ما يجمعه المؤلف عن المصادر
المختلفة وإبداء رأيه الشخصي بحذف ما لا يراه مطابقا لأصول المذهب، كما
يظهر من مواضع من المجالس ص 43.
ونتيجة لهذا الأسلوب - أعني عدم دراسة الأسانيد - لم يسلم المؤلف من

(1) شرح الاخبار: 14 / 132.
(2) الاقتصار: ص 32.
(3) مقدمة شرح الأخبار ص 88.
78

الخطأ في النقل، وعلى سبيل المثال فقد قال: (وكان علي بن موسى (الإمام الرضا
عليه السلام) بالشام) (1) في حين أنه ليس لهذا أي مصدر تأريخي، وقد
التبس عليه أمر الامام - عليه السلام - بأمر المأمون، والثابت تأريخيا أن المأمون
كان بالشام وتوفى هناك دون الإمام الرضا - عليه السلام - فان ذلك إنما حصل
من إهمال دراسة الاسناد في المصدر الذي نقل عنه أو اشتباه فهمه للنص.
مصادر الكتاب:
من الطبيعي أن يستفيد النعمان من مكتبات الفاطميين الخاصة التي
كانت زاخرة بالكتب وخاصة ما يتعلق بالخليفة الفاطمي - المعز - (ت / 365 ه‍)،
فقد ورد فيها أنها (كانت مكتبة المعز في المنصورية ثم في القاهرة زاخرة بالكتب، وقد
بلغ في شغفه بهذه المكتبة أنه كان يعرف مواضع ما فيها من الكتب وما تحويه من
المعلومات) (2).
ومع الأسف أن المؤلف لم يذكر بتفصيل أسماء المصادر التي اعتمد عليها،
ويمكن استنتاج أن المؤلف كان يعتمد في كتابه على المصادر المتوفرة لديه، من
أسلوبه حيث يذكر اسم أحد المؤلفين قائلا باسناده، وهذا يشير إلى أن المؤلف
أخذ تلك الأحاديث من كتبهم، وبالرغم من ذلك فقد صرح ببعض المصادر
التي تعتبر الآن بعضها مفقودة وهي:
المغازي لابن إسحاق (ت / 151 ه‍):
ذكر النعمان في تفسير قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) ما رواه

(1) شرح الاخبار: 14 / 63.
(2) المعز لدين الله: ص 222.
79

الخاص والعام، وذكر أصحاب التفسير من العامة ومن أصحاب السير - ونقل
الحديث ثم قال: (وروى هذا الحديث بهذا السند محمد بن إسحاق صاحب
المغازي، وغيره من علماء العامة) (1).
وابن إسحاق هو محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي أحد الأئمة الاعلام في
المغازي توفي سنة إحدى وخمسين ومائة هجرية.
المغازي للواقدي (ت / 207 ه‍):
قال المؤلف في الجزء 14 ص 42 (روي عن الواقدي) وقال في الجزء 13
ص 121 (ذكر محمد بن عمرو الواقدي) مما يظهر أن المؤلف كان ينقل عن كتابه
أحيانا مباشرة وأخرى بالواسطة.
والواقدي هو محمد بن عمر بن واقد الأسلمي المتوفى سنة 207 ه‍، وقد
كان المؤلف على اطلاع واسع بكتب المغازي والسير فقد أحال إليها كثيرا.
علي بن هاشم (ق 2 ه‍):
ينقل المؤلف عنه في ص 59 وص 80 روايات وفضائل، والظاهر أنها
منقولة من كتاب علي بن هاشم القمي الذي هو من مشايخ الكليني المتوفى
سنه 329 ه‍.
النسائي (ت / 302 ه‍):
ينقل المؤلف في موارد منها ص 48 وص 50 وص 51 عن أحمد بن شعيب
بن علي بن بحر النسائي المتوفى سنة 302 ه‍، والظاهر أنها من كتابه (المناقب).

(1) شرح الاخبار: 1 / 107.
80

كتاب الغدير للطبري (ت / 310 ه‍):
ويعتبر هذا الكتاب المصدر الوحيد الذي ذكره المؤلف بالاسم ونقل عنه
نصوصا كثيرة، وتظهر أهمية هذه النقول أن الكتاب - اليوم - مفقود من المكتبة
الاسلامية بالرغم من أنه كان في متناول الباحثين في القرن الثامن الهجري.
فقد نقل عنه المؤرخ الدمشقي عماد الدين أبو الفداء بن كثير (ت / 774 ه‍) حيث
عنونه باسم (كتاب غدير خم)، ونقل عن الجزء الأول منه في كتابه البداية
والنهاية (1) أورد فيه سبعة أحاديث من الكتاب المذكور.
واهتم علماء الشيعة بهذا الكتاب اهتماما خاصا وذكروا اسنادهم إليه في
كتبهم بالرغم من أن مؤلفه كان عامي المذهب لأهمية موضوع الغدير:
فقد ذكر الشيخ الطوسي (ت / 460 ه‍) اسناده إليه قائلا: (محمد بن
جرير الطبري يكنى أبا جعفر صاحب التاريخ عامي المذهب له كتاب غدير
خم وشرح أمره، أخبرنا به أحمد بن عبدون عن أبي بكر الدوري عن ابن كامل عنه) (1).
وقال النجاشي (ت / 450 ه‍): (محمد بن جرير أبو جعفر طبري عامي
له كتاب الرد على الحرقوصية ذكر طرق خبر يوم الغدير أخبرنا القاضي أبو
إسحاق إبراهيم بن مخلد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن جرير بكتابه
الرد على الحرقوصية) (3).
وحيث صرح كل من الطوسي والنجاشي بعاميته فلا وجه لما استظهره

(1) ج 5 / 313 الطبعة الأولى سنه 1359 / القاهرة.
(2) الفهرست: ص 178.
(3) رجال النجاشي: ص 226.
81

شيخنا العلامة (ت / 1389 ه‍) بقوله: (بل المظنون أنها لأبي جعفر محمد بن
جرير بن رستم الطبري الامام المعاصر لصاحب الترجمة... وإنما وقع الخلط من
اتحاد الاسم والكنية واسم الأب والنسبة) (1). فان تصريح كل من الطوسي والنجاشي والمؤرخ ابن كثير والمؤلف هنا
يقتضي خلاف ذلك وللتفصيل يراجع الصيانة، فقد ذكرت فيه ما يفي بذلك إن شاء الله.
وقال المؤلف ما نصه: (ورواه (خبر الغدير) أكثر أصحاب الحديث وممن
رواه وأدخله في كتاب ذكر فيه فضائل علي غير من قدمت ذكره محمد بن جرير
بن الطبري وهو أحد أهل بغداد من العامة ممن قرب عهده (؟) في العلم
والحديث والفقه عندهم، واسناده فيه أنه قال: حدثنا محمد بن حميد...) (2).
ثم أورد طائفة من الروايات ذلك الكتاب وعسى أن يوفق الله سبحانه
العثور عليه.
وكفى لهذا الكتاب أهمية وجود هذه الطائفة المنقولة من كتاب الغدير
للطبري فيه، فهي وإن كانت محذوفة الأسانيد إلا أنها تلقي الضوء على محتوى
ذلك الكتاب.
وختاما:
أبارك جهد الأخ السيد محمد الحسيني الجلالي - حفظ الله - الذي قام
بتحقيق هذا الكتاب وإخراجه إلى عالم المطبوعات، وكان الله في عون كل
مخلص أمين.
محمد حسين الحسيني الجلالي

(1) الذريعة: 16 / 26.
شرح الاخبار: 1 / 116.
82

فهرس المصادر
اسم الكتاب
المؤلف وسنة الوفاة
محل وسنة الطبع
1 - اتعاظ الحنفاء بأخبار الخلفاء * تقي الدين المقريزي 845 * القاهرة 1367 ه‍
2 - أعلام الإسماعيلية * مصطفى غالب الإسماعيلي * بيروت 1964 م
3 - أمل الآمل * الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي - 1104 * النجف 1385 ه‍
4 - إيضاح المكنون * إسماعيل پاشا البغدادي - 1339 * استانبول 1945 م
5 - بحار الأنوار * الشيخ محمد باقر المجلسي - 1111 * طهران 1376 ه‍
6 - البداية والنهاية، أبي الفداء بن كثير - 774 * القاهرة 1922 م
7 - تاريخ التراث العربي - بالألمانية * فؤاد سزكين * لندن 1967 م
8 - تنقيح المقال * الشيخ عبد الله المامقاني - 1351 * النجف 1352 ه‍
9 - جامع الرواة * محمد بن علي الأردبيلي - بعد 1100 * طهران 1331 ه‍
10 - دليل المخطوطات الإسماعيلية * ايفانوف * لندن 1933 م
11 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة * الشيخ آغا بزرگ الطهراني - 1389 * النجف 1355 ه‍
12 - رجال بحر العلوم (الفوائد الرجالية) * السيد محمد مهدي بحر العلوم - 1212 * النجف 1386 ه‍
13 - رجال الطوسي * الشيخ أبي جعفر الطوسي - 460 * النجف 1381 ه‍
14 - رياض العلماء * عبد الله الأفندي - ق 12 * قم 1401 ه‍
15 - شذرات الذهب * العماد الحنبلي - عبد الحي - 1089 * القاهرة 1966 م
83

16 - مصادر الأدب الإسماعيلي * إسماعيل پوناوالا * كاليفورنيا 1977 م
17 - الفهرست * الشيخ أبي جعفر الطوسي - 460 * النجف 1380 ه‍
18 - الفهرس (رجال النجاشي) * أبى العباس النجاشي - 450 * قم 1397 ه‍
19 - فهرسة الكتب والرسائل * إسماعيل مجدوع ق 12 * طهران 1966 م
20 - فهرس المخطوطات العربية في مكتبة معهد الدراسات الإسماعيلية بلندن - بالإنجليزية * آدم غسك * لندن 1984 م
21 - فهرس مكتبة آية ا... المرعشي * السيد أحمد الحسيني * قم 1364 ش
22 - قاموس الرجال * الشيخ محمد تقي التستري * قم 1388 ه‍
23 - القضاة الذين ولو اقضاء مصر * أبي عمرو الكندي - 358 * باريس 1908 م
24 - كشف الظنون * حاجي خليفة - 1067 * استانبول 1941 م
25 - لسان الميزان * أحمد بن حجر العسقلاني - 852 * حيدر آباد 1331 ه‍
26 - معالم العلماء * محمد بن علي بن شهرآشوب - 588 * النجف 1380 ه‍
27 - المعز لدين الله * حسن إبراهيم حسن * القاهرة 1964 م
28 - مناقب آل أبي طالب محمد بن علي بن شهرآشوب 588 * قم
29 - مرآة الجنان * عبد الله اليافعي - 768 * حيدر آباد 1338 ه‍
30 - مستدرك الوسائل * ميرزا حسين النوري - 1321 * طهران 1384 ه‍
31 - وفيات الأعيان * شمس الدين أحمد بن خلكان - 681 * بيروت 1968 م
32 - النجوم الزاهرة * جمال الدين يوسف بن تغرى بردى - 874 * القاهرة 1963 م
33 - نوابغ الرواة * الشيخ آغا بزرگ الطهراني - 1389 * بيروت 1392 ه‍
84

شرح الاخبار
في
فضائل الأئمة الأطهار
تأليف
القاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي
المتوفى سنة 363 ه‍. ق
الجزء الأول
85

(خطبة الكتاب)
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الحمد لله الأول بلا أحد، والآخر بلا أمد، وصلى الله على خاتم الأنبياء
ورسله محمد النبي، وعلى الأئمة من ذريته ونجله.
قال القاضي النعمان بن محمد (قدس الله روحه): آثرت من الاخبار
وجمعت من الآثار في فضل الأئمة الأبرار حسب ما وجدته وغاية ما أمكنني
واستطعته، فصححت من ذلك ما بسطته في كتابي هذا، وألفته بأن عرضته
على ولي الأمر وصاحب الزمان والعصر مولاي الامام المعز لدين الله (1) أمير
المؤمنين صلوات الله عليه وعلى سلفه وخلفه، وأثبت منه ما أثبته وصح عنده
وعرفه، وآثره من آبائه الطاهرين، وأجاز لي سماعه منه، وبأن أرويه - لمن
يأخذه عني - عنه صلوات الله عليه. فبسطت في هذا الكتاب ما أثبته وأجازه
وعرفه، وأسقطت ما دفعه من ذلك وأنكره مما نسبه إلى أهل الحق المبطلون،
وحرفه من قولهم المحرفون الضالون إذ هو صلوات الله عليه والأئمة من آبائه
الطاهرين وخلفه الأكرمين الذين عناهم رسول الله صلى الله عليه وآله بقوله
يحمل هذا العلم من كل خلف عدول ينفون عنه تحريف الجاهلين المحرفين
وانتحال المبطلين وتأويل الغالين. وأمدني صلوات الله عليه مع ذلك من نوره

(1) الفاطمي.
87

وأفادني من علمه، من بيان ذلك ما أدخلته في تصانيف ما بسطته في هذا
الكتاب، من البيان لما في الاخبار المبسوطة فيه لمن عسى أن يشكل شئ منها
أو يقصر فهمه عنها، وحذفت أسانيدها وتكرار أكثر الروايات فيها واختلاف
الحكايات منها إذ قد أثرتها وصححتها بأسنادها إلى إمام العصر (ع)،
فقربت بذلك بعيدها واحتصرتها وقويت تأكيدها، ثم رأيت أن يكون بسطها
لفيفا، كما رويت، وصنفا صنفا كما حكيت لان مجئ الصنف بعد الصنف
من الاخبار أوقع بالقلوب، وأقرب إلى الحفظ والتذكار، كما أن الطعام إذا
جاء (لونا بعد لون) (1) كان أشهى، وكان من يوتى به إليه أكثر منه أكلا من
أن يتلو منه الشئ ما هو مثله وإن كنت قد تابعت شيئا من ذلك تأكيدا فإنني
لم أطله إطالة تمل من سمعه.
وبالله التوفيق على فضله، ومدد وليه المعول.

(1) وفي الأصل: جاء ألوانا ألوانا بعد لون.
88

(قول رسول الله صلوات الله عليه وعلى الأئمة من نسله:
(أنا مدينة العلم وعلي بابها))
(1) (الصنابجي) (1) عن علي صلوات الله عليه وعلى الأئمة من ولده، إن
رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها.
(2) الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس، إنه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وآله: أنا مدينه العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب.
(3) عبد الرزاق عن يحيى بن علي يرفعه إلى علي بن أبي طالب صلوات الله عليه
إنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا مدينة الحكمة وعلي بابها،
وكذب من دخلها من غير بابها.
(4) محمد بن الحسن الجعفري عن جعفر محمد عليه السلام عن آبائه: إن
رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام: يا علي أنا مدينة العلم
وأنت بابها، فمن دخل المدينة من غير بابها فقد أخطأ الطريق.
وهذا مأثور مشهور، وقد رواه الخاص والعام وهو مما أبان به
رسول الله صلى الله عليه وآله ولاية علي عليه السلام وإمامته ومكانه منه،
وانه لا يصح اخذ العلم والحكمة عنه في حياة رسول الله ولا بعد وفاته إلا
من فيله ولا يؤتى إليه إلا من قبله كما قال الله عز وجل: (وأتوا البيوت

(1) وفي الأصل: الصباعي ولم أجده في كتب الرجال.
89

من أبوابها) (1). فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بأن مثله مثل المدينة
التي هي جامعة البيوت ذوات الأبواب، وبأن عليا عليه السلام مثله مثل
بابها الذي هو باب الأبواب، كذلك لا يؤتي كل إمام إلا من قبل من
نصبه بابا له ولا يؤخذ عنه علمه إلا من جهته، وفي هذا كلام طويل
دونه سر ليس هذا موضع كشفه، فلو كانوا أخذوا علم رسول الله صلى الله
عليه وآله كما أمر هم من قبله واقتصروا في ذلك عليه لم يختلفوا.
(5) كما جاء عن الصادق جعفر بن محمد صلوات الله عليه إن سائلا سأله:
فقال: يا ابن رسول الله من أين اختلفت هذه الأمة فيما اختلفت فيه من
القضايا والأحكام (من الاحلال والاحرام)، ودينهم واحد، ونبيهم
واحد؟. فقال عليه السلام: هل علمت إنهم اختلفوا في ذلك أيام حياة
رسول الله صلوات الله عليه وآله.
فقال: لا، وكيف يختلفون وهم يردون إليه ما جهلوه واختلفوا
فيه؟؟. فقال: وكذلك، لو أقاموا فيه بعده من أمرهم بالاخذ عنه لم
يختلفوا ولكنهم أقاموا فيه من لم يعرف كلما ورد عليه، فردوه إلى الصحابة
يسألونهم عنه، فاختلفوا في الجواب، فكان سبب الاختلاف، ولو كان
الجواب عن واحد والقصد في السؤال عن واحد كما كان ذلك لرسول الله
صلى الله عليه وآله لم يكن الاختلاف.

(1) البقرة: 189.
90

(قول رسول الله صلى الله عليه وآله: أقضاكم علي)
(6) أبو سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلوات الله عليه وآله يقول:
أقضاكم علي.
(7) حدث بذلك عنه عطاء بن أبي رياح، فقيل لعطاء: أكان في أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وآله أعلم من علي؟، فقال: لا والله، ما
أعلمه (1).
والخبر المأثور عن رسول الله بقوله: أقضاكم علي مشهور، قد رواه
الخاص والعام ذلك مما لم يختلف فيه، وسيأتي في هذا الكتاب بعد هذا
إن شاء الله مع ذكر ما جرى له من القضايا في أيام حياة رسول الله
صلى الله عليه وآله ومن بعده واعتراف الصحابة له بأنه أقضاهم
وأعلمهم، وأنهم كانوا في ذلك محتاجين إليه يسألونه، ولم يسأل هو أحدا
منهم ولا من غيرهم، وكان يضرب بيده على صدره، ويقول: سلوني قبل
أن تفقدوني، إن هاهنا لعلما جما لو أجد له حملة، ويضرب بيده على بطنه
ويقول: أنه لعلم كله، ويقول: سلوني قبل أن تفقدني، فلن نجدوا أعلم
بما بين اللوحين مني، ويقول: ما دخل عيني غمض مذ صحبت رسول الله

(1) وفي فيض القدير للمناوي 3 / 46: لا والله لا أعلم.
91

صلى الله عليه وآله إلى أن قبض ليلة من الليالي حتى علمت ما أنزل
عليه في ذلك اليوم، وفيما أنزل.
وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله قد أخبرهم إنه أقضاهم
فليس ينبغي لهم أن يتحاكموا بعده إلى غيره. والقضاء يجمع علوم
الدين. وهذا أيضا مما أبان به رسول الله صلى الله عليه وآله فضله،
وأوجب به إمامته لان القضاء لا يكون إلا للامام أو لمن أقامه الإمام عليه السلام.
92

(قول رسول الله صلى الله عليه وآله: علي مني وأنا من علي)
(8) مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن عمران بن حصين، إن رسول الله
صلى الله عليه وآله، قال: علي مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن من
بعدي.
(9) عمرو بن ميمون عن ابن عباس، إنه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وآله علي مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي.
(10) أعمش بن شيرين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي بن
أبي طالب عليه السلام: أنت مني وأنا منك.
(11) عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة، قال: بعثنا رسول الله صلى الله
عليه وآله في بعث (1) إلى اليمن وبعث عليه علي بن أبي طالب
عليه السلام، وعلى طائفة منه خالد بن الوليد، وقال: إذا اجتمعتم فعلي
على جميع الناس وإذا افترقتم فكل واحد على أصحابه، فلقينا العدو،
فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرية، فاصطفى علي عليه السلام لنفسه جارية
من السبي. فكتب بذلك خالد إلى رسول الله صلوات الله عليه وعلى
آله، ونال من علي، وأمرني أن أقع فيه عنده وكنت ممن ضم إليه،

(1) وفي كفاية الطالب: في سرية.
93

فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله بكتاب خالد، فدفعته إليه، فقلت:
يا رسول الله صلى الله عليه وآله بعثتني مع رجل، وأمرتني بطاعته،
فوجهني إليك، وأمرني أن أقع (1) في علي عندك، وهذا مقام العائذ
بك. فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: يا بريدة، لا تقع في علي،
فإنما علي مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي.
(12) جعفر بن سليمان، عن عمر بن علاء، قال: لما كان يوم أحد وتفرق
الناس عن رسول الله صلى الله عليه وآله ضرب رسول الله ستين ضربة
بالسيف، وعليه يومئذ درعان قد تظاهر بينهما، وكسرت رباعيته وشج
في وجهه وتفرق الناس عنه، وبقي معه علي بن (أبي) طالب
عليه السلام، فقال له رسول الله: ارجع يا علي، فقال: إلى أين أرجع
عنك يا رسول الله؟؟ أرجع كافرا بعد أن أسلمت؟! وأقبل إلى رسول الله
صلوات الله عليه وآله كردوس (2) من المشركين. فقال لعلي
عليه السلام: فاحمل إذن على هؤلاء، فحمل عليهم ففرجهم، وأصاب
منهم.
فقال جبرائيل لرسول الله صلى الله عليه وآله: يا محمد إن هذه
للمواساة. فقال: يا جبرائيل: إنه مني وأنا منه.
فقال جبرائيل: وأنا منكما.
(13) عبد الله بن رقيم، عن سعد بن مالك، قال: بعث رسول الله صلى الله
عليه وآله أبا بكر ببراءة إلى أهل مكة، ثم أتبعه عليا عليه السلام، فأخذها

(1) وقع في فلان، أي: ذمه وعيبه وعنفه. ووقعت فيه إذا عتبه وذممته. (النهاية لابن الأثير
5 / 215).
(2) كردوس، أي: الجماعة من الأعداء.
94

منه. فقال أبو بكر: يا رسول الله، أنزل في شئ. قال: لا، إلا أنه لا
يؤدي عني غيري أو رجل مني، فعلي مني وأنا منه.
فهذه وغيرها أخبار كثيرة مأثورة معروفة قد رواها الخاص والعام
فيما ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله فيها إن عليا عليه السلام منه، وهو
صلوات الله عليه من علي صلوات الله عليه وعلى الأئمة من ولده وذلك
أيضا مما أبان به رسول الله صلى الله عليه وآله ولايته وإمامته، وإنه ولي
أمر الأمة من بعده لان الله عز وجل يقول:
(14) (أفمن كان على بينه من ربه) (1) يعني رسول الله صلى الله عليه
وآله ويتلوه شاهد منه يعني عليا، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله
إنه هو ذاك الشاهد على الأمة من بعده.
وليس أحد ممن تأمر على الأمة من بعده غيره يدعي إنه من
رسول الله صلوات الله عليه وآله وإن رسول الله منه، ولا إنه قال ذلك فيه،
ولا يدعي ذلك له أحد غيره. والشهداء هم الأئمة بعد رسول الله
صلى الله عليه وآله ومن ذلك:
(15) قول الله عز وجل: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد) (2)
(وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) (3). وقوله عز وجل: (وجئ بالنبيين
والشهداء) (4) والأنبياء أيضا شهداء على أهل زمانهم.
(16) ومن ذلك قول الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وآله: (وجئنا بك
على هؤلاء شهيدا) يعني أهل زمانه لأنه لا يقال هؤلاء إلا للحضور
دون من لم يكن بعد.

(1) هود: 17.
(2) النساء: 41.
(3) النحل: 89.
(4) الزمر: 69.
95

(17) ومن ذلك ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله، إنه قرأ عليه
قول الله عز وجل حكاية عن عيسى: (وكنت عليهم شهيدا ما دمت
فيهم، فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم) (1) فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله: وأنا أقول كذلك: يا رب أكون شهيدا على هؤلاء
ما دمت فيهم.
وإنما اشتق الشاهد والشهيد لمشاهدته ما يشهد به.
فكان علي عليه السلام بقول الله وقول رسول الله صلى الله عليه وآله
هو الشاهد على الأمة بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله الذي يتلوه وهو
منه وهو ولي المسلمين - كما أخبر - من بعده.

(1) المائدة: 117.
96

(قول رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام:
(أنت مني بمنزلة هارون من موسى))
(18) أسماء بنت عميس، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي
عليه السلام: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي.
(19) فضل بن عطية، عن أبي سعيد الخدري، قال خرج رسول الله
صلى الله عليه وآله إلى غزوة تبوك، وخلف عليا عليه السلام في أهله.
فقال بعض الناس: ما منعه أن يخرجه معه، إلا أنه كره صحبته، فبلغ
بذلك عليا عليه السلام، فذكره لرسول الله صلى الله عليه وآله. فقال له:
يا ابن أبي طالب، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى،
تخلفني في أهلي.
(20) عمار بن سعيد بن مالك (1)، عن أبيه، مثل ذلك، وزاد فيه: إلا أنه
لا نبي بعدي.
وهذا أيضا خبر مشهور قد جاء من طرق شتى وثبت، وهو أيضا
كذلك مما أبان (2) به رسول الله صلى الله عليه وآله فضل علي وإمامته،
وكان هارون أخا موسى من الولادة، ولم يكن علي عليه السلام كذلك

(1) كذا في الأصل.
(2) مما أظهر.
97

من رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان هارون نبيا قد بعثه الله عز وجل
مع موسى إلى فرعون، كما ذكر في كتابه، فأخبر النبي صلى الله
عليه وآله إن عليا عليه السلام ليس بنبي كذلك، فلم يبق مما يكون به
منزلة علي من رسول الله صلى الله عليه وآله منزلة هارون من موسى إلا
أن يكون وزيره وخليفته كما أخبر الله عز وجل عن موسى في قوله:
(واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري، وأشركه في
أمري) (1). وقوله: (اخلفني في قومي) (2). وقد قال رسول الله
صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: أنت وزيري وخليفتي في أهلي. فصرح
بذلك له، وإذا كان خليفته، فمن أين يجوز لغيره أن يدعي بعده الخلافة؟

(1) طه: 29.
(2) الأعراف: 142
98

(قول رسول الله صلى الله عليه وآله (من كنت مولاه فعلي مولاه))
(21) يحيى بن جعدة، عن زيد بن أرقم، قال: خرجنا مع رسول الله
صلى الله عليه وآله في حجة الوداع، فلما انصرفنا وصرنا إلى غدير خم،
نزل - وذلك في يوم ما أتى علينا يوم أشد حرا منه - فأمر بدوح (1)،
فجمع، فقمم له ما تحته (من الشوك) واستظل به، ونادى في الناس
- الصلاة جامعة - فاجتمعوا إليه أجمع ما كانوا، لأنه قل من بقي من
المسلمين لم يخرج معه في تلك الحجة، فلما اجتمعوا قام فيهم
خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس إن الله عز وجل لم
يبعث نبيا إلا عاش نصف ما عاش النبي الذي كان قبله، وإني أوشك أن
ادعى، فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم (بهما) (2) لن تضلوا:
كتاب الله، وعترتي.
ثم أخذ بيد علي عليه السلام، فأقامه ورفع يده بيده حتى رؤي
بياض إبطيهما. وقال: من أولى بكم من أنفسكم. قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: ألست أولى بذلك لقول الله عز وجل: (النبي أولى بالمؤمنين من

(1) قال ابن الأثير في النهاية 2 / 138: الدوح: الشجر.
(2) وفي الأصل: تمسكتم به.
99

أنفسهم) (1) قالوا: اللهم نعم. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه،
اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. هل سمعتم وأطعتم؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد.
(22) قال: زيد بن أرقم: فسمعت بعد ذلك عليا عليه السلام في الرحبة،
ينشد الناس بالله من سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من كنت
مولاه فعلي مولاه، إلا قام. فقام ممن حضر، ستة عشر رجلا، فشهدوا
بذلك وكنت فيمن كتم ذلك، فذهب بصري، وكان يحدث بذلك بعد
أن عمى.
(23) عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم
وال من والاه وعاد من عاداه.
(24) سالم، قال: كنت في المسجد ونافع بن الأزرق الخارجي
وأصحابه قعود في ناحية من المسجد، إذ خرج عبد الله بن عمر من
خوخة (2)، فقام يصلي. فسمعت نافعا وهو يقول لأصحابه: اذهبوا بنا
إلى هذا الشيخ نضحك منه، ونسخره. فقالوا: نعم. فذهبوا، فذهبت
معهم، وقلت: لأسمعن كلامهم اليوم، فجلست إليهم، فسمعت نافعا
يقول لابن عمر: يا أبا عبد الرحمان أسألك؟ قال: سل أن شئت.
قال: ما تقول في رجل دعا الناس إلى أمر هدى حتى إذا جاء به
عنق من الناس (3) شك في أمره؟ قال: إني لأراك تعني علي بن أبي

(1) الأحزاب: 6.
(2) الخوخة: باب صغير كالنافذة الكبيرة، وتكون بين البيتين ينصب عليها باب (نهاية ابن
الأثير 2 / 86).
(3) عنق من الناس، أي جماعة من الناس.
100

طالب عليه السلام؟ قال: نعم إياه أعني!. قال: يا نافع، أتقول إن الله
عز وجل أعلم نبيه صلى الله عليه وآله بما هو كائن في هذه الأمة إلى يوم
القيامة ولم يعلمه بأمر علي عليه السلام؟ لقد قلت إذا قولا عظيما، أم
تقول لغاسل جسد نبينا ومواري جثته، ومن قضى مواعيده هذه؟؟ لقد
قلت إذا قولا عظيما، ما كان الله عز وجل أن يفعل هذا بوليه وصفيه
ونبيه، فيغسل جسده ويواري جثته ويقضي مواعيده من يضل بعده.
ويحك يا نافع: إني شهدت ولم تشهد، وسمعت ولم تسمع، شهدت
مع رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الغدير، فأمر بشجرات هنالك
فكسح ما تحتهن، وسمعته يقول: أيها الناس ألست أولى بالمؤمنين من
أنفسهم، فأجبناه كلنا: بلى يا رسول الله، فأخذ يده فوضعها على يد علي
بن أبي طالب عليه السلام، ثم رفعها حتى رأينا بياض إبطيهما، ثم
قال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من
عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله. فقاموا بعضهم يبصر في
وجوه بعض، وافترقوا من يومئذ.
(25) أبو الجارود - زياد بن المنذر -، قال: كنت عند أبي جعفر محمد بن
علي عليه السلام وعنده جماعة، فقال أحدهم: يا ابن رسول الله، حدثنا
حسن البصري حديثا ابتدأه ثم قطعه، فسألناه تمامه، فجعل يروع لنا
عن ذلك. قال: وما حدثك به؟، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
إن الله حملني رسالة، فضاق بها صدري وخفت أن يكذبني الناس،
فتواعدني إن لم أبلغها أن يعذبني، ثم قطع الحديث - يعنى الحسن
البصري -. فسألناه تمامه، فجعل يروغ لنا عن ذلك ولم يخبرنا به.
فقال أبو جعفر عليه السلام: ما لحسن؟ قاتل الله حسنا، أما والله لو
101

شاء أن يخبركم لأخبركم، لكني أنا أخبركم، إن الله عز وجل بعث محمدا
صلى الله عليه وآله إلى الناس بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا
رسول الله وإقامة الصلاة فيها بالناس، فأقلوا وكثروا. فأتاه جبرائيل
عليه السلام، قال: يا محمد، علم الناس صلاتهم وحدودها ومواقيتها
وعددها، فجمع رسول الله صلى الله عليه وآله الناس، ثم قال: أيها
الناس، إن الله قد فرض عليكم صلاة الظهر كذا وكذا، وحدودها
ووقتها وعددها والعصر كذا وكذا، وحدودها ووقتها وعددها، والمغرب
كذا وكذا، وحدودها ووقتها وعددها، والعشاء كذا وكذا، وحدودها
ووقتها وعددها، والفجر كذا وكذا، وحدودها ووقتها وعددها.
ثم قال أبو جعفر عليه السلام: فهل تجدون هذا في كتاب الله؟ قالوا:
لا.
قال:
ثم انزل الله فرض الزكاة، فأعطى هذا من دنانيره وهذا من
دراهمه وهذا من تمره وهذا من زرعه (1)، فأتاه جبرائيل فقال: يا محمد علم الناس من زكاتهم كما علمتهم من صلاتهم، فجمع رسول الله
صلى الله عليه وآله الناس، ثم قال أيها الناس إن الله عز وجل قد فرض
عليكم الزكاة، فمن عشرين دينارا نصف دينار، ومن مائتي درهم خمسة
دراهم، ومن الإبل كذا وكذا، ومن البقر كذا، ومن الغنم كذا، ومن الزرع
كذا.
ثم قال أبو جعفر عليه السلام: فهل تعلمون هذا من كتاب الله
تعالى؟ قالوا: لا.
قال: ثم أنزل الله عز وجل فرض الصيام، وإنما كانوا يصومون يوم

(1) أي الحنطة والشعير.
102

عاشوراء (1)، فأتى جبرائيل عليه السلام فقال: يا محمد علم الناس من
صومهم كما علمتهم من صلاتهم وزكاتهم، فجمع رسول الله صلى الله
عليه وآله الناس، ثم قال: أيها الناس إن الله عز وجل قد فرض عليكم
صيام شهر رمضان تمسكون في نهاره عن الطعام والشراب والجماع،
وتفعلون كذا وكذا حتى أتى على فرائض الصوم.
ثم قال أبو جعفر عليه السلام: فهل تجدون هذا في كتاب الله؟ قالوا:
لا.
قال: ثم أنزل الله عز وجل فريضة الحج فلم يعرفوا كيف يحجون،
فأتاه جبرائيل، فقال: يا محمد، علم الناس من حجهم كما علمتهم من
صلاتهم وزكاتهم وصومهم، فجمع رسول الله صلوات الله عليه وآله
الناس، ثم قال: أيها الناس إن الله عز وجل قد فرض عليكم الحج،
فطواف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة ووقوف بعرفات ورمي الجمار
كذا وكذا حتى أتى على مناسك الحج.
ثم قال أبو جعفر عليه السلام: فهل تجدون هذا في كتاب الله؟ قالوا: لا.
قال: ثم أنزل الله عز وجل فريضة الجهاد فلم يعلموا كيف يجاهدون،
فأتاه جبرائيل عليه السلام، فقال: يا محمد علم الناس من جهادهم كما
علمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم، فجمع رسول الله
صلوات الله عليه وعلى آله الناس، ثم قال: أيها الناس إن الله عز وجل قد
فرض عليكم الجهاد في سبيله بأموالكم وأنفسكم، وبين لهم حدوده،
وأوضح لهم شروطه.

(1) وهو يوم العاشر من شهر محرم الحرام.
103

ثم افترض الله عز وجل الولاية، فقال: (إنما وليكم الله ورسوله و
الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) (1).
فقال المسلمون: هذا بعضنا أولياء بعض، فجاءه جبرائيل
عليه السلام، فقال: يا محمد، علم الناس من ولايتهم كما علمتهم من
صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم وجهادهم. فقال رسول الله صلى الله
عليه وآله: يا جبرائيل أمتي حديثة عهد بجاهلية، وأخاف عليهم أن يرتدوا
فأنزل الله عز وجل: (يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك) (2) في
علي (فإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس).
فلم يجد رسول الله صلى الله عليه وآله بدا من أن جمع الناس بغدير
خم، فقال: أيها الناس إن الله عز وجل بعثني برسالة، فضقت بها ذرعا،
فتواعدني إن لم أبلغها أن يعذبني، أفلستم تعلمون إن الله عز وجل مولاي
وأني مولى المسلمين ووليهم وأولى بهم من أنفسهم، قالوا: بلى، فأخذ بيد
علي عليه السلام فأقامه ورفع يده بيده، وقال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه
ومن كنت وليه فهذا علي وليه، اللهم وال من والاه (وعاد من) عاداه
وانصر من نصر واخذل من خذله وأدر الحق معه حيث دار.
ثم قال أبو جعفر عليه السلام: فوجبت ولاية علي عليه السلام على كل
مسلم ومسلمة.
(26) قال جعفر بن محمد عليه السلام عن أبيه آبائه صلوات الله عليهم
أجمعين: إن آخر ما أنزل الله عز وجل من الفرائض ولاية علي عليه السلام
فخاف رسول الله صلى الله عليه وآله إن بلغها الناس أن يكذبوه ويرتد
أكثرهم حسدا له لما علمه في صدور كثير منهم له، فلما حج حجة الوداع

(1) المائدة: 55.
(2) المائدة: 67.
104

وخطب بالناس بعرفة، وقد اجتمعوا من كل أفق لشهود الحج معه،
علمهم في خطبته معالم دينهم وأوصاهم وقال في خطبته: أني خشيت ألا
أراكم ولا تروني بعد يومي هذا في مقامي هذا وقد خلفت فيكم ما إن
تمسكتم به بعدي لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا
حتى يردا علي الحوض، حبل ممدود من السماء إليكم، طرفه بيد الله
وطرفه بأيديكم، وأجمل صلى الله عليه وآله ذكر الولاية في أهل بيته إذ
علم أن ليس فيهم أحد ينازع فيها عليا عليه السلام وأن الناس إن
سلموها لهم سلمو (1) بما هم لعلي عليه السلام، واتقى عليه وعليهم أن
يقيمه هو بنفسه، فلما قضى حجه، وانصرف وصار إلى غدير خم، أنزل
الله عز وجل عليه: (يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك فإن لم
تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) (2) فقام بولاية علي
عليه السلام ونص عليه كما أمر الله تعالى فأنزل الله عز وجل: (اليوم
أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام
دينا (3).
فالخبر عن قيام رسول الله صلى الله عليه وآله بغدير خم بولاية علي
صلوات الله عليه وعلى الأئمة من ولده. وما قال في ذلك مما ذكره من
ولايته أيضا من مشهور الاخبار، ومما رواه الخاص والعام، وفي ذلك أبين
البيان على إمامته واستخلافه إياه على أمته من بعده أن جعله أولى بهم
منهم بأنفسهم كمثل ما كان الله عز وجل جعله هو فيهم بقوله: (النبي
أولى بالمؤمنين من أنفسهم) (4).

(1) هكذا في الأصل.
(2) المائدة: 67.
(3) المائدة: 3.
(4) الأحزاب: 6.
105

ومن كان أولى بهم من أنفسهم وكان مولاهم كما كان رسول الله
صلى الله عليه وآله فهو أحق الناس بمقامه فيهم من بعده، والمولى هاهنا:
الولي كذلك هو في لغة العرب يسمون الولي مولى.
فقول رسول الله صلى الله عليه وآله: (من كنت مولاه فعلي مولاه)
أي: من كنت وليه في دينه فعلي وليه في دينه، أي الذي يلي عليه فيه
وفي جميع أموره وتلك منزلة أنبياء الله في الأمم ومنزلة الأئمة من بعدهم
كل إمام في أهل عصره.
وقد قام رسول الله صلى الله عليه وآله بولاية علي بن أبي طالب
صلوات الله عليه وعلى الأئمة من ولده، وأوقف الأمة على أنه وليهم
وإمامهم من بعده في غير مقام ومشهد بقول مجمل ومفسر وعلى قدر
طبقاتهم ومنازلهم وما يعلمه من قبولهم له وإقبالهم عليه وانحرافهم عنه
وكان أول ذلك فيما رواه الخاص والعام.
(27) وذكره أصحاب التفسير من العوام وأصحاب السير. إن الله عز وجل
لما أنزل على رسوله صلى الله عليه وآله: (وأنذر عشيرتك
الأقربين) (1) أمر عليا عليه السلام أن يدعو إليه بني عبد المطلب وقد
صنع لهم طعاما برجل شاة (أي بربعها) وصاع من بر (2) وأتاهم
بعس (3) من لبن، وأتاه علي عليه السلام بهم وهم أربعون رجلا، إن كان
الواحد منهم ليأكل ذلك الطعام وحده، وأدخل رسول الله صلوات الله
عليه وآله يده فيه، ثم قال لهم: كلوا بسم الله، فأكلوا حتى صدروا عنه (4)

(1) الشعراء: 314.
(2) أي: الحنطة.
(3) العس: القدح الكبير وجمعه: عساس وأعساس (النهاية لابن الأثير 2 / 236).
(4) أي امتلؤا وشبعوا.
106

ثم قال لعلي عليه السلام: أسقهم، فجاءهم بعس اللبن، فشربوا منه عن
آخرهم حتى ارتووا، ثم أراد رسول الله صلى الله عليه وآله الكلام،
فبدره (1) أبو لهب، فقال القوم: لو لم تستدلوا على سحر صاحبكم إلا بما
رأيتموه صنع في هذا الطعام واللبن لكفاكم!. ثم قام وقاموا، فافترقوا من
قبل أن يذكر لهم رسول الله صلى الله عليه وآله ما أراد ذكره، فصنع لهم
من غد مثل ذلك. جمعهم عليه، فلما أكلوا وشربوا، قال لهم: يا بني
عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بمثل ما جئتكم
به، لقد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ولقد أمرني الله عز وجل أن أدعوكم
إليه فأطيعوني تنجوا من النار وتكونوا ملوك الأرض، فأيكم يؤازرني على
أمري أن يكون أخي ووصيي ووليي وخليفتي فيكم، فأحجم (2) القوم عن
جوابه.
فلما رأى ذلك علي عليه السلام - وهو يومئذ أحدثهم سنا -، قال:
يا رسول الله صلى الله عليه وآله أنا أكون وزيرك على أمرك، فأخذ
رسول الله صلى الله عليه وآله بيده، وقال: هذا أخي ووصيي ووليي
وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا. فانصرفوا يضحكون ويقولون لأبي
طالب: قد أمرك ابن أخيك أن تسمع وتطيع لابنك.
وهذا أول عهد أخذه رسول الله صلى الله عليه آله لعلي عليه السلام
وكان ذلك بمكة قبل هجرته في حياة أبي طالب عمه.
وروى هذا الحديث بهذا النص محمد بن إسحاق صاحب المغازي
وغيره من علماء العامة وجاء كذلك عن أهل البيت صلوات الله عليهم
ورحمته وبركاته، وأخذ له بعد ذلك في مواطن كثيرة على المهاجرين

(1) أي منعه من الكلام.
(2) أي امتنعوا عن الجواب.
107

والأنصار إلى أن قبض صلى الله عليه وآله وكان كثير من المهاجرين
والأنصار يعرفون ذلك له ويقولونه ويدعونه مولاهم كما نحله (1) رسول الله
صلوات الله عليه وآله.
(من كنت مولاه فعلي مولاه)
ذكره من مكان يدعو عليا مولاه ممن والاه من المهاجرين والأنصار، وقد
كان لعلي عليه السلام شيعة معروفون باعتقاد ولايته مشهورون بذلك في حياة
رسول الله صلى الله عليه وآله بعد وفاته منهم سلمان وعمار ومقداد وأبو ذر وغيرهم
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يذكرهم بالفضل في ذلك ويدعوهم شيعة
علي ويذكرهم ما أعده الله لهم من ثوابه على ولايتهم إياه، وروى ذلك الخاص
والعام عنه، وسيأتي في هذا الكتاب ما يجب أن نذكره فيه من ذلك، ومنه قوله
صلى الله عليه وآله: شيعة علي هم الفائزون، وهو سماهم: الشيعة.
ومما قدمنا ذكره مما كان يؤثر عن غيرهم ما ذكره.
(28) رياح بن الحارث (النخعي)، قال: كنا جلوسا عند علي عليه السلام إذ
أقبل ركب وهم متلثمون (2) بعمائمهم حتى نزلوا وواجهوا عليا عليه السلام،
فقالوا: السلام عليك يا مولانا. فقال لهم: وعليكم السلام، ألستم من
العرب؟ قالوا: نعم، نحن من الأنصار، وهذا أبو أيوب فينا، فحسر (3) أبو أيوب
عمامته عن وجهه، وقال: سمعت وهؤلاء الرهط معي يوم غدير خم، ما
سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن عليه فقال: وما سمعتم منه؟

(1) نحله اي أعطاه وسماه.
(2) اللثام: ما كان على الفم من النقاب. (مختار الصحاح ص 592).
(3) حسر: كشف، والانحسار: الانكشاف (المختار ص 135).
108

قالوا: سمعناه يقول:
ما قد علمت إذ أخذ بيدك وأقامك، فقال: من كنت مولاه فهذا
علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره
واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار، فأنت مولانا ونحن
أنصارك فأمرنا ما شئت. فأثنى عليهم خيرا (1)، وتحدثوا عنده، وانصرفوا.
(29) حبيب بن يسار (2)، عن أبي رملة، قال: كنت جالسا عند علي
عليه السلام في الرحبة إذ أقبل الينا أربعة على نجائب (3)، فأناخوها عن
بعد ثم تقدموا حتى وقفوا على علي عليه السلام، فقالوا: السلام عليك يا
مولانا. قال: وعليكم السلام، من أين أقبلتم، قالوا: أقلنا من أرض
كذا وكذا. قال: ولم دعوتموني مولاكم؟ قالوا: سمعنا رسول الله
صلى الله عليه وآله يوم غدير خم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم
وال من والاه وعاد من عاداه. فقال - عند ذلك -: أناشد الله رجلا سمع
من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول ما يقوله هؤلاء الرهط إلا قام،
فتكلم، فقام إثنا عشر رجلا، فشهدوا بذلك.
(30) أبو نعيم الفضل بن (دكين) (4) قال: قلت لعطية بن خليفة: كم كان بين
قول رسول الله صلى الله عليه وآله من كنت مولاه، إلى يوم وفاته؟ قال:
مائة يوم (5).

(1) اي: دعا لهم بالخير.
(2) وفي الأصل جيب بن بشار.
(3) والنجائب: جمع نجيبة، تأنيث النجيب وهو الفاضل من كل حيوان. والمراد في الرواية الإبل.
(4) وفي الأصل: الفضل بن زكي.
(5) والظاهر أن عطية غير ناظر إلى خطبة الرسول في غدير خم حيث إن بين واقعة الغدير (18 ذي
الحجة) وبين وفاة الرسول صلى الله عليه وآله ما يقارب 70 يوما.
109

(31) إبراهيم بن خيار، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام قال: تقدم إلى
عمر بن الخطاب رجلان يختصمان وعلي عليه السلام جالس إلى جانبه،
فقال له: إقض بينهما يا أبا الحسن، فقال أحد الخصمين: يا أمير المؤمنين
يقضي هذا بيننا وأنت قاعد. قال: ويحك أتدري من هذا؟ هذا مولاي
ومولى كل مسلم، فمن لم يكن هذا مولاه فليس بمسلم.
ومن قال ذلك ويقوله إلى يوم القيامة فيما بعده، من لا يحصى
عددهم من المسلمين إلا الله، فمن قال ذلك عارفا بحق علي عليه السلام
وحقوق الأئمة من ولده مسلما لأمرهم ومتبعا لما جعله الله ورسوله لهم،
فقد أخذ بحظه، ومن أنكر ذلك وجحده فهو ممن قال الله عز وجل
(فيهم): (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا) (1).
أعاذنا الله من جميع ذلك وجميع المؤمنين وجمع على معرفتهم والتسليم
لأمرهم جميع الخلق أجمعين.

(1) النمل: 14.
110

(علي كنفس رسول الله صلى الله عليه وآله)
قول رسول الله صلى الله عليه وآله إن عليا عليه السلام كنفسه:
(32) عبد الله بن شداد قال: وفد على رسول الله وفد من اليمن، فقال لهم النبي
صلى الله عليه وآله: لتقيمن الصلاة وتؤتون الزكاة أو لأبعثن عليكم رجلا
كنفسي (يقاتل مقاتلتكم ويسبي) (1) ذراريكم و (يأخذ) أموالكم وهو هذا،
ثم أخذ بعضد علي عليه السلام.
(33) صفية بنت شيبة عن ابن أنس، قالت: توعد رسول الله صلى الله عليه وآله
أهل الطائف. فقال: يا أهل الطائف لتقيمن الصلاة وتؤتون الزكاة أو
لأبعثن (إليكم) رجلا كنفسي يعصاكم بالسيف، ثم أخذ بيد علي
عليه السلام فرفعها. فقال عمر: بخ بخ - إن هذه للفضيلة -.
(ضبط الغريب)
قوله يعصاكم بالسيف، يقال منه عصى بسيفه، فهو يعصي، إذا أخذه
أخذ العصى، وذلك إذا ضرب به ضرب العصى، قال الشاعر:

(1) وفي الأصل: (نسخة ب) رجلا كنفسي يخمس ذراريكم وأموالكم. راجع تخريج الحديث لمعرفة
مصدر التصحيح.
111

وإن المشرفية ما علمتم * إذا تعصى بها نفس الكرام
(34) محمد بن حميد، يرفعه قال: انقطعت نعل رسول الله صلى الله عليه وآله
فأخذها علي عليه السلام ليصلحها وتخلف، ورسول الله صلى الله عليه وآله
يقول: لئن لم ينته بنو وليعة لأبعثن عليهم رجلا كنفسي يقتل المقاتلة
ويسبي الذرية، فقال عمر لأبي ذر: يا أبا ذر من تراه يعني؟ قاله له أبو ذر
- ورسول الله صلوات الله عليه وآله يسمعه -: ليس يعنيك يا عمرو لا
صاحبك، إنما يعني بذلك صاحب النعل.
وهذا خبر أيضا مشهور دل به رسول الله صلى الله عليه وآله
على فضل علي عليه السلام وإمامته إذ مثله بنفسه وعدله به ولم يكن
ينبغي لمن سمع ذلك من رسول الله صلوات الله عليه وآله وبلغه عنه أن
يتقدم على علي عليه السلام لان رسول الله صلوات الله عليه وآله قد جعله
كنفسه وأقامه مقامه وتوعد به من توعده لما قد علمه الخاص والعام من
شجاعته وشدته في أمر الله (1) وأمر رسوله، وإنه لم يقصد أحدا فقام له ولا
بارز أحدا إلا قتله ولا انهزم ولا ولى دبره، وكان عليه السلام يلبس درعا
صدرا بلا ظهر، فقيل (له) في ذلك؟ فقال: إذا وليت عدوي ظهري
فليصنع فيه ما شاء (2).

(1) أي حريص على امتثال أوامر الله ورسوله مهما كلف الثمن.
(2) وهذا أروع وأبدع مثال للشجاعة والتضحية في سبيل الله.
112

(قول رسول الله صلى الله عليه وآله: علي مني يؤدي ديني ويقتضي عداتي)
(35) جابر بن عبد الله أبي إسحاق عن بصيرة بن مريم قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: يا علي أنت أخي ووصيي وخليفتي
من بعدي وأبو ولدي تقاتل على سنتي وتقضي ديني وينجز عداتي من
أحبك في حياتك فهو كنز الله له، ومن أحبك بعد موتك ختم الله (1) له
بالأمن والأمان، ومن مات وهو يحبك فقد قضى نحبه بريا من الآثام
ومن مات وهو يبغضك مات ميتة جاهلية وحوسب بما عمل في الاسلام.
(36) (حبشي بن جنادة السلولي) (2)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
علي مني وأنا منه ولا يقضي عني ديني إلا أنا أو علي.
وهذا أيضا خبر مأثور مشهور، وقد قضى علي عليه السلام دين
رسول الله صلى الله عليه وآله وأنجز عداته بعد وفاته كما أمره بذلك بعد أن
أمر بأن ينادى في الناس ألا من كان له على رسول الله صلى الله عليه وآله
دين أو وعده بشئ فليأت عليا عليه السلام. فقضى ذلك من أتاه فيه
وهذا لا يفعله إلا مستخلف. وكذلك لما هاجر رسول الله صلى الله

(1) ختم الله له: أي صانه ومنحه الامن والأمان.
(2) وفي الأصل حبيب بن جيادة السكوني.
113

عليه وآله إلى المدينة استخلف عليا عليه السلام في أهله، وأمر بأن يقضى
عنه دينه ويؤدي ما كان عنده من وديعة وأمانة إلى من كان له ذلك
وكان بذلك خليفته في حياته وبعد وفاته ووصيه كما ذكر ذلك صلى الله
عليه وآله، فمن ادعى الخلافة غيره أبطل هذا دعواه.
ومما قضى عنه من الدين دين الله عز وجل الذي هو أعظم الديون
وذلك ما كان افترضه عليه، فقبض صلوات الله عليه وآله قبل أن يقضيه
وأوصى عليا عليه السلام بقضائه عنه وذلك قول الله عز وجل: (يا أيها
النبي جاهد الكفار والمنافقين) (1)، فجاهد الكفار في حياته. وأمر
عليا عليه السلام أن يجاهد المنافقين بعد وفاته، فجاهدهم وقضى بذلك دين
رسول الله صلى الله عليه وآله الذي هو أعظم (ما) كان عليه لربه تعالى.
(37) ومن ذلك ما روي عنه عليه السلام إنه قال: أمرني رسول الله صلى الله
عليه وآله بجهاد الناكثين، فجاهدتهم (وهم أصحاب طلحة والزبير)
بايعوني راغبين طائعين، ثم نكثوا بيعتهم بغير سبب أوجب ذلك، وأمرني
بقتال القاسطين فقاتلتهم (وهم أصحاب الشام معاوية وأصحابه)، وقال
عليه السلام: وأمرني أن أقاتل المارقين فقاتلتهم (وهم الخوارج، أهل
النهروان).
(ضبط الغريب) القسوط في اللغة: الميل عن الحق. قال الله عز وجل: (وأما القاسطون
فكانوا لجهنم حطبا) (2)، ومنه اشتق القسط: وهو اعوجاج القدمين وانضمام
الساقين، والقسط خلاف الفجج، والأقساط خلاف القسوط، الأقساط العدل

(1) التوبة: 73.
(2) الجن: 15.
114

في القسمة، يقال من القسوط، رجل قاسط: اي مائل عن الحق، ومن
الأقساط، رجل مقسط: أي عدل، وإذا حكم بالعدل قيل: أقسط، والقسط:
التعديل بالحق، يقال: أخذ كل إنسان قسطه: أي حصته بالعدل، ومن
القسوط قول غزالة للحجاج: (1) إنك عادل قاسط: أي تعدل عن الحق،
فتشرك به. وتقسط عن الحق: أي تميل عنه. فقيل لأصحاب معاوية
قاسطون: لميلهم عن الحق الذي مع علي عليه السلام إلى الباطل الذي عليه
معاوية.
وقال عليه السلام: وأمرني أن أقاتل المارقين (وهم الخوارج). والمروق:
الخروج من الشئ، وهذا اسم نحله رسول الله صلى الله عليه وآله للخوارج، وقد
ذكرهم، فقال: يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.

(1) وقد نقل المؤرخون هذا القول للشهيد البطل سعيد بن جبير في محادثة جرت بينه وبين الحجاج
بن يوسف الثقفي في مجلسه. (راجع أعيان الشيعة مجلد 7 / 235).
115

(علي عليه السلام أمير المؤمنين والوصي والخليفة)
نص النبي صلى الله عليه وآله على علي بالوصية والخلافة وإمرة المؤمنين،
وقد ذكرت في الباب الذي قبل هذا الباب: قول النبي صلوات الله عليه وآله
لعلي عليه السلام: أنت أخي ووصيي. وفيما قبله من قوله له يوم جمع بني
عبد المطلب يعرض عليهم أيهم يوازره على أمره على أن يجعله أخاه ووصيه ووليه
وخليفته من بعده، وإنهم أحجموا (1) عن ذلك. وسارع علي عليه السلام النبي.
فقال لهم: هذا أخي ووصيي وخليفتي ووليي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا.
فهو كما ذكر خبر مشهور. ورواه أكثر أصحاب الحديث، وممن رواه وأدخله
في كتاب ذكر فيه فضائل علي عليه السلام غير من تقدمت ذكره: محمد بن
جرير الطبري وهو أحد أهل بغداد من العامة عن قرب عهد في العلم والحديث
والفقه عندهم، أورده فيه، إنه قال: حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا سلمة بن
الفضل، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن عبد الغفار بن القاسم، عن المنهال
بن عمر، عن عبد بن الحارث بن نوفل، عن العباد بن الحارث بن عبد المطلب،
عن ابن عباس، عن علي عليه السلام وذكر الحديث...

(1) أي: امتنعوا.
116

وحكاه من طرق شتى غير هذا الطريق. ولو ذكرت من رواه لاحتاج ذلك
إلى كتاب مفرد، وهو من أشهر الاخبار وأوضحها وأثبتها في إمامة علي
عليه السلام من رواية العامة بذلك وإقرارهم له بأن رسول الله صلوات الله
عليه وآله جعله أخاه ووصيه ووليه وخليفته من بعده وأمر الناس بالسمع
والطاعة له.
(38) وعن الطبري بإسناده له من عباد، عن علي عليه السلام إنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: من يؤدي ديني ويقتضي عداتي ويكون
معي في الجنة؟ فقلت: أنا يا رسول الله.
(39) وبإسناده له آخر، عن أبي طفيل، قال: قال علي عليه السلام لعثمان
وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمان وعبد الله بن عمر: أناشد كم الله هل
تعلمون أن لرسول الله صلى الله عليه وآله وصيا غيري، قالوا: اللهم لا.
(40) وبإسناد له عن سلمان الفارسي، قال: قلت لرسول الله صلى الله
عليه وآله: يا رسول الله إنه يكن نبي إلا وله وصي، فمن وصيك؟؟ قال:
وصيي وخليلي وخليفتي في أهلي وخير من أترك بعدي مؤدي ديني ومنجز
عداتي علي بن أبي طالب.
(41) وبإسناد له آخر يرفعه إلى علي بن أبي طالب عليه السلام، إنه قال:
أوصاني رسول الله صلى الله عليه وآله عند وفاته وأنا مسنده إلى صدري،
فقال لي: يا علي، أوصيك بالعرب خيرا - يقولها ثلاث مرات - ثم سالت
نفسه في يدي.
أقول: وإيصاؤه إياه بالعرب قاطبة مما يبين استخلافه إياه على الأمة
لان ذلك لا يوصي به إلا من يملك أمرها من بعده.
(42) وبآخر عن محمد بن القاسم الهمداني، قال: شهدت مع علي عليه السلام
117

على قتال الحرورية (1)، فنزل بقرب دير دون النهر بأرض فلاة، فلم يجد
الناس الماء فأتوه وذكروا له ذلك فقام ودعى ببغل فركبه ثم أتى موضعا
بقرب الدير، فأدار البغل حوله سبع مرات وهو ينظر إليه، ثم قال:
إحفروا هاهنا، فحفروا، فخرجت عين من ماء، فشرب الناس وسقوا
واستقوا، فنزل الديراني، فقال للناس من أنتم، فقالوا: نحن من ترى
وأخبروه بخبرهم، فقال: إن لي في هذا الدير كذا وكذا من السنين
ولحقت به من له أكثر من ذلك وما علمنا أن هاهنا ماء وكنا نخبر بأن
هاهنا عينا لا يخرجها إلا نبي أو وصي نبي، قالوا: فهذا وصي نبينا هو
الذي أخرجها.
(43) وبآخر رفعه إلى أبي أيوب الأنصاري، قال: مرض رسول الله صلى الله
عليه وآله، فأتته فاطمة عليها السلام تعود (ه)، فلما رأت ما به من المرض،
بكت، فقال لها: يا فاطمة، إن الله عز وجل لكرامته إياك زوجك
أقدمهم سلما، وأكثرهم علما وأعظمهم حلما. وإن الله تبارك وتعالى
اطلع على الأرض اطلاعة، فاختارني منها فبعثني نبيا، ثم اطلع إليها
الثانية فاختار منها بعلك (2) فجعله لي وصيا، وإنا أهل بيت قد أعطينا
سبعا لم يعطها أحد قبلنا: نبينا أفضل الأنبياء وهو أبوك، ووصينا أفضل
الأوصياء وهو بعلك، وشهيدنا أفضل الشهداء وهو عم أبيك حمزة، ومنا
من جعل الله له جناحين يطير بهما في الجنة مع الملائكة حيث يشاء وهو
ابن عم أبيك جعفر، ومنا سبطا هذه الأمة وهما ابناك الحسن والحسين،

(1) الحرورية: طائفة من الخوارج نسبوا إلى الحر وراء موضع قريب من الكوفة وكان أول مجتمعهم
وتحكيمهم فيها، وهم أحد الخوارج الذين قاتلهم علي عليه السلام (النهاية 1 / 367).
(2) البعل: الزوج.
118

ومنا والذي نفسي بيده مهدي هذه الأمة وهو من ولد ولدك هذا
- ضرب بيده على الحسين عليه السلام -.
(44) وبآخر رفعه إلى ابن عباس إن رسول الله صلى الله عليه وآله نظر إلى علي
عليه السلام وأشار بيده إليه وقال (لمن حضره من الناس): هذا الوصي
على الأموات من أهل بيتي والخليفة على الاحياء من أمتي.
(45) وبآخر رفعه إلى أنس بن مالك. قال: كنت خادم النبي صلى الله
عليه وآله، فدعاني بوضوء، فأتيته به فتوضأ، ثم صلى ركعتين، ثم دعاني،
فقال: يا أنس يدخل عليك الآن أمير المؤمنين وسيد المسلمين وخير
الوصيين وأولى الناس بالناس أجمعين.
قال أنس: فقلت في نفسي: اللهم اجعله من الأنصار، فضرب
الباب، ففتحته فإذا علي بن أبي طالب عليه السلام.
فقام النبي صلى الله عليه وآله إليه فجعل يمسح من وجهه ويمسحه بوجه
علي عليه السلام ويمسح من وجه علي عليه السلام فيمسح وجهه، فدمعت عينا
علي عليه السلام، فقال: يا نبي الله هل نزل في شئ فما رأيتك فعلت بي مثل
هذا قط؟... فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ومالي لا أفعل بك وأنت
تسمع صوتي وتبرء مني وتبين للناس ما اختلفوا فيه من بعدي.
وهذا من قول الله عز وجل: (وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين
لهم الذي اختلفوا فيه) (1) فأقام عليا عليه السلام لبيان ذلك من بعده.
(46) وبآخر يرفعه إلى حذيفة اليماني، قال: خرج الينا رسول الله صلى الله
عليه وآله يوما وهو حامل الحسن والحسين على عاتقه فقال: هذان خير
الناس أبا واما، أبوهما علي بن أبي طالب أخو رسول الله صلى الله

(1) النحل: 64.
119

عليه وآله ووزيره ووصيه وابن عمه وخليفته من بعده وسابق رجال
العالمين إلى الايمان بالله ورسوله وأمهما فاطمة بنت رسول الله صلى الله
عليه وآله أفضل نساء العالمين.
وهذان خير الناس جدا وجده، جدهما رسول الله صلى الله عليه وآله
وجدتهما خديجة أول من آمن بالله. وهذان خير الناس عما وعمة، عمهما
جعفر الطيار في الجنة وعمتهما أم هاني بنت أبي طالب ما أشركت بالله
طرفة عين (1).
هذان خير الناس خالا وخالة، خالهما القاسم بن رسول الله
صلى الله عليه وآله وخالتهما زينب بنت رسول الله.
إن الله عز وجل اختارنا (أنا وعليا وحمزة وجعفر) يوم بعثني برسالته
وكنت نائما بالأبطح (2) وعلي نائم عن يميني وحمزة عن يساري وجعفر عند
رجلي فما انتبهت إلا بحفيف (3) أجنحة الملائكة، فنظرت فإذا أربعة من
الملائكة، واحدهم يقول لصاحبه: يا جبرائيل، إلى إي الأربعة أرسلت،
فرفسني برجله، وقال: إلى هذا.
قال: ومن هذا؟!
قال: محمد سيد المرسلين.
قال: ومن هذا عن يمينه؟؟
قال: علي سيد الوصيين.
قال: ومن هذا عن يساره؟؟

(1) أي: لحظة.
(2) قال ابن الأثير في النهاية 1 / 134: الأبطح: يعنى أبطح مكة وهو مسيل واديها وتجمع على البطاح
والأباطح. ومنه قيل قريش البطاح وهم الذين ينزلون أباطح مكة وبطحاءها.
(3) أي: محدقة به.
120

قال: حمزة سيد الشهداء.
قال: ومن عنه رجليه؟؟
قال: جعفر الطيار في الجنة.
(ضبط الغريب)
قوله صلى الله عليه وآله: فرفسني برجله: الرفسة: الصدمة بالرجل في
الصدر.
(47) وبآخر يرفعه إلى أبي رافع، قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله
وكان من أمر الناس ما كان، قام علي عليه السلام خطيبا، فحمد الله
وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله وذكر ما منح الله بهم أهل
البيت إذ بعث فيهم رسول منهم وأذهب عنهم الرجس وطهرهم
تطهيرا (1)، ثم قال: أنا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وأبو بنيه
والصديق الأكبر وأخو رسول الله صلى الله عليه وآله لا يقولها أحد غيري
إلا كاذب، أسلمت وصليت معه قبل الناس، وأنا وصيه وخليفته من
بعده وزوج ابنته سيدة نساء العالمين، ونحن أهل بيت الرحمة، بنا هداكم
الله من الضلالة وبصركم من العمى، ونحن نعم الله فاتقوا الله يبقي
عليكم نعمه.
(48) وبه عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام أما
ترضى يا علي (أن تكون) أخي ووصيتي ووزيري ووليي وخليفتي من بعدي،
(49) وبآخر، صفية (2) قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله: إنه ليس من

(1) كما ورد في سورة الأحزاب الآية 33.
(2) صفية بنت حيي بن اخطب (الإصابة 4 / 346).
121

نسائك الا من لها إن كان كون من تلجأ إليه، فإن كان كون فإلى من
تلجأ صفية؟ قالت: فقال لي (صلى الله عليه وآله): إلى علي
عليه السلام.
(50) وبآخر يرفعه إلى أبي رافع، قال: كنت جالسا عند أبي بكر بعد أن بايعه
الناس، إذ أتاه علي عليه السلام والعباس يختصمان في تراث رسول الله
صلى الله عليه وآله، فافتتح العباس الكلام، فقال له أبو بكر: لا
تعجل، فاني أسألك أمرا، أناشدك الله هل تعلم إن رسول الله صلى الله
عليه وآله أجمع بني عبد المطلب وأولادهم وأنت فيهم، فقال: يا بني
عبد المطلب إن الله لم يبعث نبيا إلا جعل له أخا ووزيرا ووارثا ووصيا
وخليفة في أهله، فمن يقوم منكم فيبايعني على أن يكون أخي ووزيري
ووارثي ووصيي وخليفتي في أهلي، فأمسكتم، ثم أعاد الثانية، فأمسكتم، ثم
أعاد الثالثة فأمسكتم، فقال: لئن لم يقم قائمكم ليكونن في غيركم، ثم
لتندمن، فقام هذا (يعنى عليا عليه السلام) من بينكم، فبايعه إلى ما
دعاكم إليه وشرط له عليكم ما شرط، أتعلم ذلك يا عباس؟
قال: نعم، هذا قول أبي بكر.
(51) وبآخر رفعه إلى أبي سعيد الخدري (إنه) قال: اعتل رسول الله صلى الله
عليه وآله فكنت عنده إذ دخلت فاطمة عليها السلام، فلما رأته لما به،
بكت. فقال: ما يبكيك يا فاطمة. قالت: أخشى الضيعة بعدك يا
رسول الله؟! قال: يا فاطمة، أما علمت أن الله عز وجل اطلع إلى أهل
الأرض إطلاعة واختار منهم أباك، فبعثه نبيا ثم اطلع الثانية فأختار
منهم بعلك، فأوحى إلي أن أزوجك به، فاختاره لي وصيا يا فاطمة، أما
علمت أن لكرامة الله إياك زوجك أعظم الناس حلما وأكثرهم علما
وأوفرهم فهما وأقدمهم سلما. فاستبشرت وسرت. فأراد النبي
122

صلى الله عليه وآله أن يزيدها من الفضل الذي أعطاه الله إياه. فقال: يا
فاطمة إن لعلي سبعة أضراس قطع (1) ليست لاحد غيره: إيمانه بالله
ورسله، وحكمته، وعلمه بكتاب الله وفهمه، وزوجته فاطمة بنت محمد،
وابناه الحسن والحسين سبطا هذه الأمة، وأمره بالمعروف، ونهيه عن
المنكر.
يا فاطمة، إن الله عز وجل أعطانا خصالا لم يعطها أحد من الأولين
ولا يدركها أحد من الآخرين، نبينا خير الأنبياء وهو أبوك، ووصينا خير
الأوصياء وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وهو عم أبيك (2)، ومنا من
جعل الله له جناحين يطير بهما في الجنة مع الملائكة حيث يشاء وهو ابن
عم أبيك، ومنا سبطا هذه الأمة وهما ابناك ومنا - المهدي وضرب بيده
على ظهر الحسين، وقال -: وهو من ولد ولدك هذا (يقولها ثلاث
مرات) (3).
(52) وبآخر رفعه إلى ابن عباس، قال: قال علي عليه السلام في حياة رسول الله
صلى الله عليه وآله: إن الله عز وجل يقول: (أفإن مات أو قتل انقلبتم
على أعقابكم) (4) والله لا ننقلبن على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ولئن
مات أو قتل لا قاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت والله لأني لأخو

(1) أضراس قطع: فقد شبه الرسول الكريم صلى الله عليه وآله فضائله عليه السلام بالأضراس لأجل قوتها ورصانتها وعظمتها بحيث يتحدث من يجابهه بها. وفي كتاب سليم بن قيس: أن لعلي بن أبي طالب
ثمانية أضراس تواقب.
(2) وهو حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء.
(3) وفي بحار الأنوار 28 / 53 الحديث أضاف: مهدي هذه الأمة الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا
كما ملئت ظلما وجورا
(4) آل عمران: 144.
123

رسول الله صلى الله عليه وآله ووليه وابن عمه ووصيه ووارثه وخليفته من
بعده، فمن أحق به مني.
(53) وبآخر يرفعه أيضا إلى ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله
لام سلمة: يا أم سلمة إشهدي هذا علي أمير المؤمنين وسيد الوصيين
وعيبة العلم ومنار الدين وهو الوصي على الأموات من أهلي والخليفة
على الاحياء من أمتي.
(54) وبآخر يرفعه إلى الأصبغ بن بناتة، قال: كنا مع علي عليه السلام بالبصرة
وهو راكب على بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال لنا: ألا أخبركم
بأفضل الخلق عند الله يوم يجمع الله الخلق. فقال أبو أيوب الأنصاري:
أخبرنا يا أمير المؤمنين. فقال: أفضل الخلق عند الله يوم يجمع الله الخلق
الرسل عليهم السلام، وأفضل الرسل نبينا محمد صلى الله عليه وآله
وأفضل الخلق بعد الرسل الأوصياء، وأفضل الأوصياء وصي نبينا
عليهم السلام، وأفضل الخلق بعد الأوصياء الأسباط وأفضل الأسباط
سبطا نبيكم - يعنى الحسن والحسين عليهم السلام - وأفضل الخلق بعد
الأسباط الشهداء، وأفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب وجعفر بن أبي
طالب ذو الجناحين المخضبين، (هذه) تكرمة خص الله بها محمدا نبيكم
صلى الله عليه وآله، والمهدي المنتظر في آخر الزمان لم يكن في أمة من
الأمم مهدي ينتظر غيره.
(55) وبآخر عن سلمان (ره)، قال: قلتم: كان الف نبي والف وصي
فاهتدت الأنبياء والأوصياء وضل وصي نبينا من بينهم؟ كذبتم والله ما
ضل ولكنه كان هاديا مهديا.
(56) وبآخر عن علي عليه السلام إنه قال كان الف وصي والف نبي، والله ما
بقي منهم غيري.
124

(57) وبآخر عن كريم، قال: شهدت الجمل مع عائشة وأنا مملوك لواء عائشة
مع مولاي، فكنت بين يدي هودجها وهو مجلل بالدروع، فبينا نحن
كذلك إذ جاء أحنف ابن قيس، فوقف إلى مولاي فوعظه ونهاه عما
ارتكبه وأمره بالرجوع، فسكت مولاي عنه، ولم يجبه بشئ، وانصرف
الأحنف، ثم تحرك الناس حركة، فقيل: ما هذا، فقالوا: مستأمن جاء
الينا، فنظرنا، فإذا هو عما بن ياسر، فجاء حتى وقف بين يدي الهودج،
فقال: يا أم المؤمنين، اتقي الله ولا تسفكي هذه الدماء بين يديك وأنت
امرأة، ولست من هذا في شئ، فانصرفي إلى بيتك.
فسكتت عنه عائشة ولم تجبه بشئ.
فقال: اذكر الله والقرآن الذي أنزله الله في بيتك على رسوله، أما
علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله جعل عليا عليه السلام وصيه على
أهله، فبإذن من خرجت؟ فاتقي الله وارجعي. فسكتت ولم تجبه
بشئ، فانصرف.
ثم تحرك الناس حركة، فقلنا ما هذا؟. فقيل مستأمن جاءنا،
فنحن على ذلك، إذ نظرنا إلى علي عليه السلام قد أقبل وعليه بردان و
عمامته سوداء متقلدا بسيفه حتى وقف بين يدي الهودج، فقال: يا
عائشة، اتقي الله ولا تسفكي هذه الدماء اليوم على يديك وبسببك،
فلست مما هنالك في شئ، أنت امرأة، فانصرفي، فلم تجبه بشئ.
فقال: أذكرك الله والقرآن الذي أنزله على رسوله في بيتك، أما علمت
أن رسول الله صلوات الله عليه وآله جعلني وصيا على أهله، فبإذن من
خرجت؟؟ فارجعي، فسكتت، ولم تجبه بكلمة، فناشدها الله (العودة)
وكلمها ووعظها فلم تكلمه، فانصرف، ودارت الحرب.
(58) وبآخر عن سلمان الفارسي، قال: قلت لرسول الله صلوات الله عليه
125

وآله: يا رسول الله، إنه لم يكن نبي إلا وله وصي!، فمن وصيك؟؟ قال:
يا سلمان لم يبين لي بعد (1)؟ قال: فمكثت بعد ذلك ما شاء الله، ثم
دخلت المسجد، فناداني رسول الله صلى الله عليه وآله: يا سلمان، فأتيته.
فقال: يا سلمان كنت قد سألتني من وصيي في أمتي، فمن كان وصي
موسى؟ فقلت: يوشع (2) وقال: لم كان وصيه؟ قلت: الله ورسوله
أعلم. قال: لأنه كان أعلم أمته من بعده، وأعلم أمتي من بعدي علي بن
أبي طالب وهو وصيي
(59) وبآخر عن أبي رافع، قال: لما كان اليوم الذي قبض فيه رسول الله
صلى الله عليه وآله، أغمي عليه، ثم آفاق وأنا أبكي وأقول: من لنا
بعدك يا رسول الله؟ فقال: لكم بعدي الله تعالى ذكره ووصيي علي
صالح المؤمنين.
(60) وبآخر عن حسن الصنعاني، قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: نحن
النجباء، وإفراطنا إفراط الأنبياء وأنا وصي الأوصياء.
فهذه الأخبار ثابتة، وكلها وما تقدم قبلها وما نذكره في هذا الكتاب بعدها مما قد
رواة الثقات عند العامة من أصحاب الحديث والفقهاء منهم عندهم وأهل الفضل
فيهم، بعد أن اختصرت - كما شرطت في أول هذا الكتاب - أكثر مما جاء في ذلك،
واقتصرت على حديث واحد من كل فن، وحذفت التكرار الذي يدخله أصحاب
الحديث وغيرهم باختلاف الأسانيد وغير ذلك فيما يريدون به التأكيد، وفيما ذكرته من
ذلك وجئت به في هذا الباب أبين البيان على إمامة علي عليه السلام، وأنه أولى الناس
بها بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وبأنه وصيه من بعده وكل وصي كان لنبي تقدم

(1) هكذا في الأصل وفي مجمع الزوائد 9 / 113: فسكت عني فلما كان بعد رآني. قال: يا سلمان...
(2) يوشع بن نون.
126

قبله فهو ولي أمته من بعده، والذي يقوم لها مقامه، فلا اختلاف بين الأمة في ذلك
وبأنه نص عليه بأنه أمير المؤمنين، فكيف ينبغي لغيره أن (يتسمى) (1) معه بهذا
الاسم بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله أو يتأمر عليه وقد جعله رسول الله
صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين وأمره بذلك عليهم أجمعين ونص - أيضا - عليه فيما
ذكرناه بأنه خليفته على أمته، فمن أين يجوز لاحد أن يدعي أنه خليفة رسول الله
صلى الله عليه وآله بعده معه؟ بل أي نص، وأي تأكيد، وأي بيان يكون أبلغ
من هذا، وأي شبهة فيه؟ إلا على من أعمى الله قلبه واتبع هواه وصرح
بالخلاف على الله عز وجل وعلى رسوله صلى الله عليه وآله، نعوذ بالله من الحيرة
والضلال والكون في جملة الجهال.
وأعجب ما جاء في هذا الباب احتجاج أبي بكر على العباس بما كان من
رسول الله صلى الله عليه وآله يوم جمع بني عبد المطلب من اقامته عليا وأخذه البيعة
له بالاخوة والوصاية والوراثة والوزارة والخلافة، وأمره إياهم بالسمع والطاعة له.
وقد ذكرت الحديث قبل هذا بتمامه وهو من مشهور الاخبار عن الخاص
والعام، فإذا كان ذلك كذلك وهو الأخ والوزير والوصي والوارث والخليفة
ومستحق تراث رسول الله فمن أين وجب لأبي بكر وغيره أن يدعوا أنهم خلفاء
رسول الله وأن يقوموا مقامه من بعده، وليس أحد منهم يدعي أن رسول الله
صلى الله عليه وآله قال له مثل ذلك ولا شيئا مما قدمنا ذكره ويأتي بعد في هذا
الكتاب مما يوجب إمامة علي عليه السلام وما هذا إلا كما قال الله تعالى: (فإنها
لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) (2) وقوله تعالى (أفلا
يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) (3).

(1) وفي الأصل: أن يتمسى.
(2) الحج: 46.
(3) محمد: 24.
127

وأكثر مما سمعناه وتأدى الينا عن المتعلقين بهؤلاء من ضعفاء الأمة إن
أحدهم إذا خوطب بمثل هذا وقامت الحجة عليه فيه ولم يجد مدفعا لها أن يقول:
أفتكفر أبا بكر وعمر وجميع الصحابة الذين بايعوا لهما؟ فيقال له: فأي لكع،
فلا تكفرهم أنت - إن شئت - وتخالف أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وتكذبه،
فتكون أنت الكافر. ولقد صدق من قال: إن مجئ علي عليه السلام مع العباس
إلى أبي بكر يختصمان إليه إنه إنما كان لما أراده من إقامة الحجة عليه بمثل ما
أقر به، وبأنه لو لم يقر بذلك لاحتج به وبغيره عليه علي صلوات الله عليه
وكتبه فيه وقرره على تعديه، فلما كفاه ذلك باقراره، سكت عنه، وكان
اختصامهما في ذلك إليه كاختصام الملكين إلى داود عليه السلام قرراه عليه من
أمر (ال‍) خطيئة (1) - والله أعلم -.
ولو أنا ذهبنا إلى استقصاء الحجج في هذا المعنى لقطعنا عما أردنا من تأليف
هذا الكتاب ولاحتاج ذلك إلى كتاب مثله، وفيما ذكرناه من ذلك ونذكره
وأقل قليل منه بيان لذوي الألباب والله الموفق برحمته للصواب.
قد شرطت في أول هذا الكتاب وذكرت في آخر الباب الذي قبل هذا
الباب اختصار ذكر الاحتجاج على المقتصرين بعلي أمير المؤمنين عليه السلام كما
أبانه الله عز وجل به على لسان محمد رسوله صلى الله عليه وآله من الفضل
والكرامة واستحقاق الوصية من رسول الله صلى الله عليه وآله والإمامة من بعده
وأن ذلك إن ذكرته طال ذكره وقطع الكتاب عما عليه بسطته، ثم لم أجد بدا
من ذكر هذا الفصل فيه لما قيل إنه لابد للصدور من أن ينفث، وذكري فيه،
محمد بن جرير الطبري وما رواه وبسطه من فضائل علي عليه السلام لما أردته من

(1) وقد يذكر المؤلف هذا الموضوع مفصلا في الجزء 13 من هذا الكتاب وهذا قول هشام بن
الحكم مع أحد متكلمي العباسين.
128

الاخبار بذلك عن إقرار العوام وروايتهم ما قد بسطته في هذا الكتاب من ذلك،
ولان لا يرى من سمعه إنه شاذ أو مما انفردت به الشيعة دون العامة، فيكون
ذلك مما يضعف عند عقل الضعفاء ممن لا علم له بالحديث، ولا معرفة له
بالاخبار، ورأيت في هذا الكتاب:
129

(نقد للطبري)
حجة (1) احتج بها الطبري على بعض من خالفه في تفضيل علي
عليه السلام وما عليه من الحجة مع إقراره بفضله.
ومما رواه في اثبات خلافته وامامته مما قد حكيت ذلك عنه في الباب
الذي قبل هذا الباب مع تصحيحه ذلك وانه كبعض من قدمت ذكره ممن
يتعاظم أن يكفر غيره ولا يتعاظم التكفير لنفسه، فمن ذلك أن كتابه الذي
ذكرناه وهو كتاب لطيف بسيط ذكر فيه فضائل علي عليه السلام وذكر إن
سبب بسطه إياه، إنما كان لان سائلا سأله عن ذلك لأمر بلغه عن قائل زعم
أن عليا عليه السلام لم يكن شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله حجة الوداع
التي قيل أنه قام فيها بولاية علي بغدير خم (2) ليدفع بذلك بزعمه عنه الحديث.

(1) هذا أول ما في النسخة (الف) واما ما تقدم من الكتاب فقد كان ساقطا من هذه النسخة إلا
أنا أكملناه بالنسخة (ب).
(2) (الطبري وكتابه)
(وهو أبو جعفر محمد بن جرير المتولد سنة 224 ه‍ والمتوفى 310
كتابه: الولاية في طرق حديث الغدير.
وقد روى فيه من نيف وسبعين طريقا. قال الحموي في معجم الأدباء 18 / 80 في ترجمة الطبري: له
كتاب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه تكلم في أوله بصحة الأخبار الواردة في غدير خم، ثم تلاه
بالفضائل ولم يتم. وقال في ص 74: وكان إذا عرف من إنسان بدعة أبعده وأطرحه، وكان قد قال بعض
الشيوخ ببغداد بتكذيب غدير خم، وقال: إن علي بن أبي طالب كان باليمن في الوقت الذي كان
رسول الله صلى الله عليه وآله بغدير خم وقال هذا الانسان في قصيدة مزدوجة يصف فيها بلدا بلدا ومنزلا
منزلا أبياتا يلوح فيها إلى معنى (حديث غدير خم) فقال:
ثم مررنا بعد بغدير * خم كم قائل فيه بزور رجم.
على علي والنبي الأمي
وبلغ أبا جعفر ذلك فابتدأ بالكلام في فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام وذكر طريق حديث
خم فكثر الناس لاستماع ذلك واستمع قوم من الروافض من بسط لسانه بما لا يصلح في الصحابة ره.
فابتدأ بفضائل أبي بكر وعمر.
وقال الذهبي في طبقاته (2 / 254): لما بلغ (محمد بن جرير الطبري) ان ابن داود تكلم في حديث
غدير خم عمد كتابه الفضائل وتكلم في تصحيح الحديث.
وقال السيد ابن طاووس في الاقبال: ومن ذلك ما رواه محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ
الكبير صنفه وسماه كتاب الرد على الحرقوصية. روى حديث يوم الغدير وروى ذلك. من خمس وسبعين
طريقا). الغدير 1 / 153.
وقال الشيخ آغا بزرگ الطهراني في الذريعة إلى تصانيف الشيعة 16 / 35 حول شخصية الطبري
وكتابه ما نصه:
(كتاب غدير خم وشرح أمره كما عبر عنه كذلك في الفهرست وفي تهذيب التهذيب وفي معالم العلماء
وقال هذا بعد ذلك وسماه كتاب الولاية. وقال النجاشي: ذكر طرق خبر يوم الغدير، وصرح الجميع بأنه
لأبي جعفر محمد بن جرير العامي صاحب التاريخ والتفسير الذي توفي سنة 310 ه‍ ومر رده على
الحرقوصية.
أقول: ظاهر توصيف هذا الكتاب وتسميته ب‍ (كتاب الولاية) وكذا رد الحرقوصية لا يلائم مذهب
أبي جعفر الطبري العامي بشهادة كلماته في تاريخه وتفسيره بل المظنون أنها لأبي جعفر محمد بن جرير بن
رستم الطبري الامامي المعاصر لصاحب الترجمة وهو مصنف كتاب المسترشد في الإمامة وإنما وقع الخلط
من اتحاد الاسم والكنية واسم الأب والنسبة، ويدل عليه عدم ذكر ابن النديم هذين الكتابين للطبري
العامي مع بسطه القول في ترجمته وتصانيفه، وترجمة تلاميذه وناصريه في مذهبه المعروف بمذهب أبي جعفر
الطبري في قبائل سائر المذاهب كما وقع لابن النديم خلط في نسبة المسترشد إلى هذا العامي مع أن في كل
صفحة منه ردود على العامة. مع أن الذي نسب كتاب الغدير إلى العامي في طريق الفهرست، هو أبو بكر
بن أحمد بن كامل الذي هو على مذهب أستاذه أبي جعفر العامي، ونصر مذهبه، ومخلد والد أبي إسحاق
إبراهيم بن مخلد الغير المذكور في رجالنا، ولعله أيضا عامي.
ومن تأليفات الطبري - الأخرى - الآداب الحميدة، الايضاح، دلائل الأئمة، المسترشد، غريب
القرآن. فضائل أمير المؤمنين).
والذي يؤيد كلام الشيخ آغا بزرگ ما نقله الأمين العاملي في أعيان الشيعة المجلد 9 / 199 بعد ذكر
الكلمات التي أوردها ابن أبي الحديد جوابا عن كلام المرتضى في الشافي ما لفظه: وأما الاخبار التي
رواها عن عمر فأخبار غريبة ما رأيناها في الكتب المدونة. وما وقفنا عليها إلا من كتاب المرتضى، وكتاب
آخر يعرف بكتاب المستبشر لمحمد بن جرير الطبري وليس ابن جرير صاحب التاريخ بل هو من رجال
الشيعة. والعجب من الشيخ آغا بزرگ رحمه الله أنه عاد (في نفس الجزء 16 / 256) ونسب تأليف فضائل
أمير المؤمنين إلى الطبري العامي واستدل بقول الحموي في معجم الأدباء.
قد ذكر كارل بروكلمان في كتابه: (تاريخ الأدب العربي 3 / 45) ترجمة محمد بن جرير الطبري،
وادعى أنه كان صاحب مذهب فقهي وسرد مؤلفاته ولم يتعرض إلى هذا الكتاب.
والخلاصة: أن أبا جعفر محمد جرير الطبري الآملي، المعروف بهذا الاسم رجلان من كبار
العلماء: أحدهما محمد بن جرير بن يزيد المولود في آمل طبرستان والساكن في بغداد المفسر والمحدث والمؤرخ
والفقيه من أئمة أهل السنة.
والثاني محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي من أكابر علماء الإمامية في المائة الرابعة ومن أجلاء
الأصحاب - وهو ثقة -.
130

(61) لقول رسول الله صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فهذا علي مولاه. فأكثر
131

الطبري التعجب من جهل هذا القائل، واحتج على ذلك بالروايات
الثابتة (1) على:
(62) قدوم علي (صلوات الله عليه) من اليمن على رسول الله صلى الله عليه وآله
عند وصوله إلى مكة، وبأنه أتاه بهدي ساقه معه وأصابه، (و) وقد انزل
عليه ما انزل في أمر المتعة بالعمرة إلى الحج، وأنه أمر من لم يسق الهدي
أن يتمتع بها وأقام هو صلى الله عليه وآله على إحرامه لمكان الهدي الذي
كان قد ساقه معه لقول الله تعالى: (ولا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ

(1) ذكر أحمد بن حنبل في مسنده عدة طرق للحديث راجع ج 1 / 79 / 123 / 143 / 154.
132

الهدي محله) (1) وأنه قال لعلي صلوات الله عليه لما وصل إليه: بماذا
أهللت يا علي؟ قال: قلت: اللهم إني أهل بما أهل به رسولك. قال: فلا
تحلل (2). فاني قد سقت الهدي، ولو استقبلت من أمري ما استدبرته لم أسقه ولجعلتها متعة.

(1) وتمام الآية: (وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي، ولا تخلقوا
رؤسكم حتى يبلغ الهدي محلة). البقرة: 196.
(2) وفي المناقب لابن شهرآشوب 2 / 130: كن على إحرامك مثلي وأنت شريكي في هديي.
133

(إشراكه في الهدي) (63) وإنه أشركه في هديه، ونحر هو بعضه ونحر علي بعضه واكد ذلك الطبري
بالروايات الثابتة عن حجة الوداع وكون علي عليه السلام فيها مع
رسول الله صلى الله عليه وآله واجماع أصحاب الحديث والعلماء (1) عنده
على ذلك، ليدفع به قول من نفي ذلك.
(الرسول في حجة الوداع)
ثم جاء أيضا في هذا الكتاب بباب أفرد فيه الروايات الثابتة التي جاءت
من رسول الله صلى الله عليه وآله.
(64) بأنه قال - قبل حجة الوداع وبعدها -: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم
وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله.
(فضائل أخرى لأمير المؤمنين عليه السلام)
(65) وقوله: علي أمير المؤمنين، وعلي أخي، وعلي وزيري، وعلي وصيي،

(1) وقد صنف العلامة الأميني موسوعة قيمة حول حديث الغدير وطرق اسناده ورواته في 11 جزء
لا يستغني عنه الباحث.
134

وعلي خليفتي على أمتي من بعدي، وعلي أولى الناس بالناس من
بعدي.
(66) وغير ذلك مما يوجب له مقامه من بعده، وتسليم الأمة له ذلك، وأن لا
يتقدم عليه أحد منها، ولا يتأمر عليه، في كلام طويل (1) ذكر ذلك فيه،
واحتجاج أكيد أطاله، على (القائل) (2) حكى قوله.
(شذوذ القول بانكار حضور علي عليه السلام يوم الغدير)
ولا نعلم أحد قال بمثله، وما حكاه عنه من دفع ما اجتمعت الأمة عليه
ونفيه أن يكون علي عليه السلام مع رسول الله صلى الله عليه وآله في حجة
الوداع، وعامة أهل العلم، وأصحاب الحديث مجمعون (3) على أنه كان معه.
ومن نفى ما أثبته غيره من الثقات لم يلتفت إلى نفيه، ولم يعد خلافه
خلافا عند أحد من أهل العلم علمته، وهذا من أصول ما عليه العمل عند أهل
العلم في قبول الشهادات والاخبار، ودفع ما يجب دفعه منها عن الثقة العدل في
قوله وشهاداته ونقله إذا قال: رأيت، أو سمعت كذا، وقال من هو في مثل
حاله أو فوقه في الثقة والعدالة وجواز الشهادات، لم يكن ذلك (و) لم يقله أحد
لما لم يلتفت إلى قوله لأنه غير شاهد فيه (4) وكان القول قول من شهد بما عاين أو سمع.
فأشغل الطبري أكثر كتابه بالاحتجاج على هذا القائل الجاحد الشاذ قوله

(1) راجع الغدير 1 / 165.
(2) وفي الأصل: قائم.
(3) وفي نسخة - ب -: يأثرون.
(4) وخلاصة قول المؤلف للذين انكر الحادث أو الرواية: لم نقبل شهادته من جهة انه منكر وليس
بشاهد (المنكر هنا في الحقيقة مدع فعليه البينة).
135

الذي لم يثبت عند أحد من أهل العلم. إذ قد جاء عنهم، وصح لديهم إثبات ما
نفي عنه. وأغفل الطبري أو جهلها أو تعمد أو تجاهل خلافه، لما أثبته ورواه
وصححه مما قدمنا ذكره. وحكايته عنه في علي عليه السلام وذهب فيه إلى ما
ذهب أصحابه من العامة إليه. من تقديم أبي بكر وعمر وعثمان عليه
فهذا مما قدمت ذكره من عماء القوم، وتعاميهم وجهلهم وضلالهم،
. إقرارهم بذلك على أنفسهم تقية من أن ينسبوه إلى غيرهم. فلو قالوا في مثل
ذلك ما قاله الله سبحانه في كتابه: (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم
ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون) (1). وتوقفوا عن القول في القوم
وقدموا من قدمه الله ورسوله واعتقدوا ذلك له لكان أولى بهم من الدخول في
جملة من قال الله عز وجل فيهم: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما و
علوا) (2) أعاذنا الله وجميع المؤمنين من ذلك ومما يدعون إليه (3) بفضله ورحمته.

(1) البقرة: 134 و 140.
(2) النمل: 14.
(3) هكذا في الأصل.
136

(مناقب أمير المؤمنين عليه السلام) ونحن بعد هذا نحكي مما رواه الطبري هذا من مناقب علي صلوات الله
عليه وفضائله الموجبة لما خالفه هو لنؤكد بذلك ما ذكرناه عنه من اغفاله أو
جهله أو تعمده أو تجاهله خلاف ما رواه، وتقديمه أبا بكر وعمر وعثمان على
علي عليه السلام.
الاخبار عن كون علي صلوات الله عليه وصي رسول الله صلى الله عليه وآله
وأنه أحب الخلق إلى الله والى رسوله صلى الله عليه وآله وخير الخلق والبشر.
(حديث الطير)
(67) الطبري باسناد له رفعه إلى أبي أيوب الأنصاري. قال: أهدي إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله طير يقال له: الحجل، فوضع بين يديه.
قال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطعام.
وكان أنس بن مالك وعائشة وحفصة قريب منه فقالت عائشة:
اللهم اجعله أبا بكر. وقالت حفصة: اللهم اجعله عمر. وقال أنس:
اللهم اجعله سعد بن عبادة - أو رجلا من الأنصار -.
وقال: وحرك الباب. فقال: يا أنس انظر من بالباب. قال أنس:
فخرجت، فإذا هو علي بن أبي طالب عليه السلام.
137

فقلت له: النبي على حاجة. فرجع علي عليه السلام ومكث رسول الله
صلى الله عليه وآله ما شاء الله، ثم رفع رأسه. وقال اللهم ائتني بأحب
خلقك إليك ليأكل معي من هذا الطعام. ثم قال: وحرك الباب ثانية،
ثم قال رسول الله: يا أنس انظر من بالباب فخرجت فإذا هو علي بن أبي
طالب عليه السلام. فقلت له: النبي على حاجة. فانصرف. فمكث
رسول الله صلى الله عليه وآله ما شاء الله، ثم رفع يديه، وقال: اللهم ائتني
به الساعة. قال: وحرك الباب. ثم قال يا أنس انظر من الباب. قال
أنس: فخرجت فإذا هو علي بن أبي طالب عليه السلام، فقلت له: النبي
علي حاجة. قال: فوضع يده على صدري ثم دفعني فألصقني بالحائط، ثم
دخل، قال: فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وآله عانقه، ثم قال: اللهم
والي اللهم والي (يعني إنه أحب خلقك إليك وإلي) ثم قال له: يا علي
ما حبسك. قال: جئت ثلاث مرات كل ذلك يردني أنس. فنظر إلي
النبي، وقال: ما حملك على هذا يا أنس. فقلت: يا رسول الله أردت أن
تكون الدعوة لرجل من قومي الأنصار. فقال لي رسول الله صلى الله
عليه وآله: لست بأول من أحب قومه.
وجاء الطبري بهذا الحديث بروايات كثيرة وطرق شتى. ورواه
غيره كثير (ون) وهو من مشهور الاخبار (1).

(1) وقد ذكر العلامة البحراني في غاية المرام ص 471: 35 حديثا من طرق العامة و 8 أحاديث من
الخاصة ونقل أيضا ابن عساكر في تاريخ دمشق (ترجمة الإمام علي 2 / 105) أكثر من 90 حديثا من طرق
شتى. وكذلك الكنجي في كفاية الطالب ص 152 يرويه عن 86 رجلا كلهم يروونه عن أنس بن مالك.
وابن المغازلي في مناقبه ص 157 من 34 طريقا.
138

(حديث اللحم المشوي)
(68) وروى أيضا حديثا بأسناد له يرفعه إلى أبي رافع، قال: أصبت لحما،
فصنعته للنبي صلى الله عليه وآله ولم يكن قريب عهد بلحم، فأتيته به على
خلوة ليصيب منه. فقال لي: كأنك أتيتني به خاليا لأصيبه وحدي.
قلت: نعم، يا رسول الله. قال: أما والله على ذلك ليأكله معي رجل
يحب الله ورسوله. ويحبه الله ورسوله، ووضعته بين يديه، وقمت إلى باب
الحجرة، فرددته، فأتى علي عليه السلام يستأذن على رسول الله صلى الله
عليه وآله. فقلت له: هو على حاجة. فناداني رسول الله: افتح له، ففتحت
له، فدخل علي عليه السلام، فأكل معه، ما أكل معه أحد غيره. فقلت:
صدق الله ورسوله.
(69) وبآخر عن أبي رافع أيضا. قال: صنع زيد بن حارثة للنبي صلى الله
عليه وآله طعاما، فأتاه به. وعنده نفر من أصحابه، وفيهم أبو بكر وعمر،
فوضعه بين أيديهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ليدخلن عليكم
الآن رجل يحب الله ورسوله ويجبه الله ورسوله. فقال أبو بكر: اللهم
اجعله عبد الرحمن يعني ابنه. وقال عمر (اللهم) اجعله عبد الله يعني ابنه.
ثم نظروا إلى شخص مقبل بين النخيل. فقالوا: هذا رجل قد أقبل. فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله: كن عليا. فإذا هو علي. فجاء حتى دخل
عليهم.
139

(عائشة تعترف بفضله)
(70) وبآخر يرفعه إلي جميع بن عمير، قال دخلت مع عمتي (على) (1) عائشة،
فسألتها: أي النساء كانت أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله؟
فقالت: فاطمة رضوان الله عليها. فقالت لها: فمن كان أحب إليه من
الرجال؟ قالت: بعلها علي بن أبي طالب، ولقد كان كما علمت
(صواما) قواما.
(71) قال: وسألتها امرأة في مقام آخر: من كان أحب أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وآله إليه؟ قالت: علي بن أبي طالب. ما ظنكم برجل
سالت نفس رسول الله صلى الله عليه وآله في يده، فمسح بها وجهه.
(72) وبآخر عن جميع بن عمير أيضا، إنه قال: قالت عمتي لعائشة: ما حملك
على الخروج على علي عليه السلام؟ فقالت: دعيني عن هذا، والله، ما
كان أحد من الرجال أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله من علي
عليه السلام، ولا في النساء من فاطمة.
(73) وبآخر، إنه قيل لعائشة: كيف كانت منزلة علي فيكم؟ قالت: سبحان
الله! أتسألوني عن رجل لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله، قال

(1) وفي الأصل: إلى.
140

الناس: أين يدفن؟ (1) فقال علي عليه السلام: إنه ليس بأرضكم هذه
بقعة أحب إلى الله من البقعة التي قبض فيها رسول الله صلى الله
عليه وآله، فادفنوه بها.
وكيف تسألوني عن رجل فاضت (2) نفس رسول الله صلى الله
عليه وآله في يده فمسح بها وجهه؟.
وكيف تسألوني عن رجل وضع يده من رسول الله صلى الله
عليه وآله موضعا لم يضع أحد يده عليه غيره (3) (يعني على سوئه عند
غسله). وكان أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله.
فقيل لها: فكيف خرجت عليه مع علمك هذا فيه؟ قالت: دعوني
من هذا. فلو قدرت أن أفتدي منه بما علي الأرض لفعلت (4).
(74) عن مسروق، قال: دخلت على عائشة فقالت لي: يا مسروق: إنك من
أبر ولدي بي، وإني أسألك عن شئ فأخبرني به.
فقلت: سلي يا أماه
عما شئت. قالت: (المخدج) (5) من قتله؟ قلت: علي بن أبي طالب
عليه السلام. قالت: وأين قتله؟ قلت على نهر يقال لأعلاه تامرا،
ولأسفله (6) النهروان بين (اخافيق وطرقا) (7). فقالت: لعن الله فلانا

(1) وفي بحار الأنوار 9 / 336 ط 1: فقيل: أين تدفنوه؟
(2) وفي تاريخ دمش 3 / 15 حديث 1037: سالت.
(3) وفي بحار الأنوار 9 / 336 ط 1: موضعا لم يضعها أحد.
(4) وفي المناقب لابن شهرآشوب 3 / 67: عن الداري باسناده عن الأصبغ بن نباتة وعن جميع
التميمي كليهما عن عائشة: انها لما روت هذا الخبر، قيل لها: فلم حاربتيه؟ قالت: ما حاربته من ذات
نفسي إلا حملني طلحة والزبير. وفي رواية: أمر قدر وقضاء غلب.
(5) وفي الأصل: المخدع في نسخة - أ -.
(6) وفي كشف الغمة 1 / 159 لأسفله تامرا ولأعلاه النهروان.
(7) وفي الأصل: احافيف وطرق. الاخافيق: شقوق في الأرض. وفي الحديث: فوقصت به ناقته في
اخافيق جردان. وقال الأصمعي: إنما هي لخافيق واحدها لخفوق. وقال الأزهري صحيحة كما جاءت في
الحديث اخافيق.
141

(تعني عمرو بن العاص) فإنه أخبرني إنه قتله على نيل مصر (1). قال
مسروق: يا أماه! فأني أسألك بحق الله (وبحق رسوله وبحقي) (2)، فأني
ابنك (3) لما أخبرتيني بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله فيهم.
قالت: سمعته يقول فيهم (أهل النهروان): هم شر الخلق والخليقة يقتلهم
خير الخلق والخليقة، وأقربهم إلى الله وسيلة (4). قال مسروق: وكان
الناس يومئذ أخماسا، فأتيتها بخمسين رجلا - عشرة من كل خمس (5) -
فشهدوا لها أن عليا عليه السلام قتله (6).

(1) ذكر فضل بن شاذان المتوفي 260 ه‍ في الايضاح ص 86: عن أبي خالد الأحمر عن مجالد عن
الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت: لعن الله عمرو بن العاص ما أكذبه لقوله: انه قتل ذا الثدية بمصر.
وروى البحراني في غاية المرام ص 451 الباب الأول الحديث 21 نقلا من كتاب صفين للمدائني
عن مسروق: ان عائشة قالت له - لما عرفت -: من قتل ذي الثدية؟ لعن الله عمرو بن العاص فإنه كتب
إلي يخبرني انه قتله بالإسكندرية إلا أنه ليس يمنعني ما في نفسي ان أقول ما سمعته من رسول الله، سمعته
يقول: يقتله خير أمتي من بعدي.
(2) وفي الأصل: حق رسوله وحقي.
(3) وفي مناقب ابن المغازلي ص 55: فاني من ولدك.
(4) وأضاف في كشف الغمة 1 / 159: يوم القيامة.
(5) وفي كشف الغمة: 1 / 159: فأتيتها بسبعين رجلا من كل سبع عشرة وكان الناس إذ ذاك
اسباعا.
(6) وفي مناقب ابن المغازلي (ص 56) أضاف: قتله على نهر يقال لأعلاه تأمر ولأسفله النهروان
بين (احقافيق) وطرفاء.
142

(حب الرسول له)
(75) وبآخر عن ابن بريدة: إن نفرا دخلوا على أبيه بريدة، فقالوا له: أخل لنا،
فأمر من حوله بالقيام، قال: فبقيت معه. فنظروا إلي. وقالوا: تنح. فقال
أبي: أما ابني فلا. فقالوا: أما إذا رضيت به فقد رضينا. حدثنا أي
الناس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال (أبي): كان
أحب الناس إليه علي بن أبي طالب.
(76) وبآخر عن أبي رافع، إنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي
عليه السلام: أما ترضى أن تكون أخي في الدنيا والآخرة، وإنك خير
أمتي في الدنيا والآخرة.
(علي خير البشر)
(77) وبآخر عن الحويرث. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الحسن
والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما.
(78) وبآخر عن عطاء، قال: سألت عائشة عن علي عليه السلام. فقالت:
ذلك خير البشر لا يشك فيه إلا من كفر.
(79) وبآخر عن جابر إنه سأل عن علي عليه السلام، فقال رسول الله صلى الله
143

عليه وآله: ذلك خير البشر.
(80) وفي رواية أخرى عنه. أنه قال: ذلك خير البرية.
(81) عن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: علي خير
البشر ومن أبى فقد كفر.
(82) وبآخر عن حذيفة أيضا، انه سئل عن علي عليه السلام فقال: ذلك خير هذه الأمة بعد نبيها لا يشك فيه إلا منافق.
(83) عن ابن مسعود، إنه قال:: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وآله سبعين
سورة وختمت القرآن على خير الناس بعده. فقيل من هو؟ فقال: علي بن
أبي طالب. صلوات الله عليه.
144

(الحسين وعبد الله بن عمرو بن العاص)
(84) وبآخر عن إسماعيل بن (رجاء) (1) عن أبيه، قال كنت جالسا مع
عبد الله بن عمرو بن العاص و (أبي) (2) سعيد الخدري بالمدينة في حلقة
بمسجد الرسول صلى الله عليه وآله، فمر بنا الحسين بن علي عليه السلام
(فسلم، ورد عليه القوم) (3)، وسكت عبد الله بن عمرو بن العاص، ثم
اتبعه وعليك السلام ورحمة الله بعد ما فرغ القوم، ثم قال: ألا أخبركم
بأحب أهل الأرض إلى أهل السماء. قلنا: بلى. قال: هو هذا المقفى. (4).
وما كلمني كلاما منذ ليالي صفين، ولان رضي عني أحب إلي من أن
يكون لي حمر النعم.
فقال أبو سعيد: فإن شئت انطلقنا إليه، فاعتذرت إليه، قال: نعم.
فتواعدا أن يغدوا إليه، فغدوت معهما، فدخل أبو سعيد ودخلت معه.
فجلس أبو سعيد إلى جانب الحسين عليه السلام، واستأذنه لعبد الله بن
عمرو. فقال له: يا بن رسول الله مررت بنا أمس. فقال لنا (عبد الله):

(1) وفي الأصل: رحا.
(2) وفي الأصل: ابن.
(3) هذه الزيادة موجودة في النصائح الكافية ص 29.
(4) وفي المناقب لابن شهرآشوب 4 / 73: هذا المجتاز. وفي نسخة المرعشي: هذا الفتى.
145

كيت وكيت. فقلت له: ألا تمضي تعتذر إليه. فقال: نعم. وقد جاء
يعتذر إليك، فأذن له يا بن رسول الله. فأذن له، فدخل عبد الله بن عمرو
بن العاص. وأبو سعيد جالس إلى جانب الحسين عليه السلام، فسلم، ثم
وقف، فانزجل (1) له أبو سعيد. فجذب الحسين عليه السلام أبا سعيد
إليه ثم تركه، فانزجل له، فجلس بينهما. فقال له أبو سعيد: حديثك
يا عبد الله. قال (عبد الله): نعم، قلت ذلك وأشهد أنه أحب أهل الأرض
إلي أهل السماء. قال له الحسين عليه السلام: (أ) فتعلم إني أحب أهل
الأرض إلى أهل السماء وتقاتلني أنا وأبي يوم صفين، والله إن أبي لخير
مني. قال (عبد الله): أجل والله ما أكثرت لهم سوادا، ولا اخترطت سيفا
معهم، ولا رميت معهم بسهم، ولا طعنت معهم برمح، ولكن كان أبي
قد شكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال: هو يصوم النهار ويقوم
الليل، وقد أمرته أن يرفق بنفسه، فقد عصاني، فقال لي رسول الله
صلى الله عليه وآله: أطع أباك. فلما دعاني إلى الخروج معه، فذكرت
قول رسول الله صلى الله عليه وآله: أطع أباك، فخرجت معه.
فقال له الحسين عليه السلام: أما سمعت قول الله (عز وجل) (2) (و
إن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) (3)
وقول رسول الله صلى الله عليه وآله: إنما الطاعة في المعروف، وقوله:
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؟
قال: بلى، قد سمعت ذلك يا ابن رسول الله، وكأني لم أسمعه إلا
اليوم. وكان جل ذلك مما كان بالحسين عليه السلام.

(1) اي وسع له المكان ليجلس.
(2) موجودة في المناقب لابن شهرآشوب 4 / 73.
(3) لقمان: 15.
146

(علي حبيب الرسول)
(85) وبآخر عن عائشة (انها قالت): لما احتضر رسول الله صلى الله عليه وآله
قال: ادعوا لي حبيبي، فدعوت (له) أبا بكر، فلما دخل ونظر إليه، ثم
أعرض عنه، وقال: ادعوا لي حبيبي. فدعت حفصة له عمر، فكان منه
مثل ذلك. فقلت: ويحكم، ادعوا له علي بن أبي طالب، فوالله لا يريد
غيره، فدعوه. فلما رآه فرج الثوب الذي كان عليه ثم أدخله معه فيه،
فلم يزل يحتضنه (1) إلى أن قبض ويده عليه.
(حديث الراية)
(86) وبآخر عن بريدة، أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعرض له
وجع الشقيقة (2)، فلما كان يوم خيبر أصابه ذلك ولم يخرج إلى الناس.
وإن أبا بكر أخذ الراية وخرج بالناس. فقاتل وقاتلوا (3) ولم يكن شئ

(1) الحضن ما دون الإبط إلى الكشح، والكشح ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلف.
(2) وفي كفاية الطالب ص 101 نقل الكنجي زيادة: وربما اخذته الشقيقة فيمكث يوما أو يومين
لا يخرج.
(3) وفي الكفاية أيضا: ثم نهض وقاتل قتالا شديدا.
147

ثم انصرف وانصرفوا. فأخذها عمر وخرج، وقاتل ومن معه، وانصرف
وانصرفوا ولم يصنعوا شيئا (1). فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
لأعطينها غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار،
يفتح خيبر عنوة، وكان علي عليه السلام قد رمد، فتخلف، فتطاول لها
جماعة (من) الناس (2). فلما أصبح أتاه علي عليه السلام وهو أرمد قد
عصب على عينيه (3). فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: مالك يا
علي. فقال قد رمدت يا رسول الله. قال: ادن مني، فدنا منه، فتفل في
عينيه (4)، ففتحهما في الوقت ما بهما علة، وما رمد بعدها، فأعطاه الراية
فأخذها، وعليه جبة ارجوان حمراء، وقصد إلي خيبر، فخرج إليه مرحب
صاحب الحصن، وعليه درع وبيضة ومغفرة وهو يرتجز ويقول:
قد علمت خيبر أني مرحب * (شاكي) السلاح بطل مجرب
أطعن أحيانا وحينا أضرب (5)
فأجابه علي بن أبي طالب عليه السلام:

(1) وفيه أيضا: ثم رجع فأخبر رسول الله.
(2) وفي رواية الحسين بن واقد أضاف: وقال بريدة: وأنا ممن تطاول لها. الفضائل لابن حنبل
ص 130.
(3) وفي كفاية الطالب: قد عصب عينه بشقة بردله قطري.
(4) روى ابن المغازلي في مناقبه ص 180 باسناده عن المغيرة عن أم موسى، قالت: سمعت عليا
عليه السلام يقول: ما رمدت ولا صدعت منذ مسح رسول الله وجهي وتفل في عيني يوم خيبر.
(5) ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 102:
قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الليوث أقبلت تلهب * وأحجمت عن صولة المغلب
أطعن أحيانا وحينا أضرب
148

أنا الذي سمتني أمي حيدرة (1) * أكيلكم بالسيف كيل السندرة
كليث غابات شديد القصرة (2)
(ضبط الغريب)
كيل السندرة: ضرب من الكيل غراف جزاف. كذا قال الخليل.
والقصرة: أصل العنق.
واختلفا بينهما ضربتين، بدره علي عليه السلام فضربه على أم رأسه فقد
المغفرة والبيضة، وشق رأسه حتى وصل السيف إلى أضراسه... وافتتح خيبر
عنوة.
فجاء الطبري بهذا الخبر وما قبله من الاخبار من طرق كثيرة وهو وما قبله
من الاخبار المشهورة المأثورة.
وإذا ثبت أن عليا عليه السلام خير الخلق وأحبهم إلى الله ورسوله، فمن أين
يجوز لاحد أن يتقدم عليه؟
وهل يجوز أن يتقدم الخلق إلى الله عز وجل وافدهم عليه إلا خيرهم عنده
وأحبهم إليه؟. وقد قال عز وجل لرسوله صلى الله عليه وآله (قل إن كنتم

(1) قال أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 14: ان فاطمة بنت أسد (أمه ره) لما ولدته
سمته حيدرة فغير أبو طالب اسمه وسماه عليا.
وروى ابن المغازلي في مناقبه ص 79 عن أبي محمد عبد الله بن مسلم: سألت بعضا عن قوله: انا
الذي سمتني أمي حيدرة، فذكر ان أم علي كانت فاطمة بنت أسد فلما ولدت عليا عليه السلام - وأبو طالب
غائب - سمته أسدا باسم أبيها، فلما قدم أبو طالب كره هذا الاسم، وسماه عليا، وقال: وحيدرة اسم من
أسماء الأسد.
(2) قال الرازي في مختار الصحاح ص 537: والقصرة بفتحتين أصل لعنق والجمع قصر ومنه قرأ ابن
عباس (انها ترمي بشرر كالقصر) وفسره بقصر النخل يعني أعناقها. وقال الزمخشري: هذه القراءة بأعناق
الإبل.
149

تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) (1). ولا يجوز أن يتقدم من أحبه الله وكان
خير الخلق عنده من هو دونه في ذلك، وقد قال رسول الله صلى الله عليه آله:
(يؤم القوم أفضلهم) ولم يجعل المفضول أن يؤم من هو أفضل منه.

(1) وتمامه: (ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم) آل عمران: 31.
150

(فصل)
جاء فيمن ذم عليا صلوات الله عليه أو أبغضه أو قصر به عن حقه.
(الله زين عليا)
(87) عن الطبري باسناد له يرفعه إلى عمار بن ياسر (رحمة الله عليه) إنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: يا علي إن الله
عز وجل قد زينك بزينة لم يزين أحدا من العباد، بزينة أحب إليه منها
وهي زينة الأبرار عند الله، الزهد في الدنيا، فجعلك لا تزرأ من الدنيا
(شيئا) ولا تزرأ (1) منك الدنيا (شيئا، ووهب لك حب المساكين
فجعلك ترضى بهم) (2) أتباعا (ويرضون) بك إماما. فطوبى لمن أحبك
وصدق فيك وويل لمن أبغضك وكذب عليك، فأما من أحبك وصدق
فيك فأولئك جيرانك في دارك وشركاؤك في جنتك، وأما من أبغضك
وكذب عليك (فحق) (3) على الله أن يوقفه موقف الكذابين (4).

(1) الزرأ: الإصابة من الخبر.
(2) والعبارة بين المعقوفتين لم تكن في الأصل (نسخة أ) ولكن في جميع الكتب التي روت الحديث موجودة ومنها
غاية المرام راجع الحديث في قسم السند. أما في نسخة ب فموجودة أيضا.
(3) وفي الأصل: فيحق.
(4) كفاية الطالب ص 66 مستدرك الصحيحين 3 / 135.
151

(الايمان في حبه)
(88) وبآخر عن (زربن حبيش) (1) أنه قال: سمعت عليا يقول: عهد إلي
رسول الله صلى الله عليه وآله أن لا يجبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا كافر
(أو) منافق.
(89) وبآخر عن (زر) أيضا إنه قال: سمعت عليا يقول: والذي فلق الحبة
وبرأ النسمة إنه لعهد (عهده) إلي رسول الله صلى الله عليه وآله: لا
يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق.
(90) وبآخر عن (حيان الأسدي) (2) قال: سمعت عليا عليه السلام يقول:
قال في رسول الله صلى الله عليه وآله: عهد معهود إن الأمة ستغدر بك
من بعدي. وإنك تعيش على ملتي، وتقتل على سنتي، من أحبك أحبني،
ومن أبغضك أبغضني، وأن هذه ستخضب من هذه (يعني لحيته من رأسه
عليه السلام).
(مبغضو علي)
(91) وبآخر عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال علي صلوات الله عليه: لا يحبني
ثلاثة: ولد زنا، ومنافق، ورجل حملت به أمه في بعض حيضها.
(92) وبآخر عن بريدة (3) عن أبيه، قال: قال علي صلوات الله عليه: لا يحبني

(1) وفي الأصل: برير بن جبير. وبعد مراجعة عدة مصادر لم أعثر على هذا الاسم بل كان زر هو
الرواي وأظنه تصحيفا علما بان في نسخة - ب - زر بن حبيش.
(2) وفي الأصل: حسان.
(3) في الأصل: بريرة، وأظنها بريرة بنت خضيب الأسلمي شقيق بريدة مع أني لم أر اسمها في أي
مصدر. ونقلت الرواية المضاهية عن طريق آخر راجع آخر الكتاب. وفي نسخة - ب - بريدة عن أبيه.
152

كافر ولا منافق ولا ولد زنا.
(المبغض لعلي لا يؤمن)
(93) وبآخر عن أم سلمة رضي الله عنها، إنها قالت: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول في علي عليه السلام: لا يحبه منافق ولا يبغضه مؤمن.
(94) وبآخر عن عبد الله بن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول: من زعم أنه آمن بي وما انزل علي وهو يبغض عليا فهو كاذب
ليس بمؤمن.
(95) وبآخر عن جابر بن عبد الله، إنه قال: والله ما كنا نعرف المنافقين على
عهد رسول الله صلى الله عليه وآله إلا ببغضهم عليا عليه السلام.
وعن أبي سعيد الخدري مثله.
(96) وبآخر عن أبي سعيد الخدري أيضا أنه قال في قوله عز وجل: (ولتعرفنهم
في لحن القول) (1)، قال: ببغضهم لعلي عليه السلام.
(97) وبآخر عن أنس بن مالك، إنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال: أيها الناس إني أحدثكم حديثا فاعرفوا وعرفوا به الناس بعدي،
إنه لا يحب عليا إلا من أحبني ولا يبغض عليا إلا من أبغضني، فمن
حدثكم إنه يحبني ويبغض عليا فهو كاذب، وانه لشئ كتبه الله
عز وجل عليه لا يملك غيره (2).
(98) وبآخر عن أبي رافع، قال: بعث النبي صلى الله عليه وآله عليا إلى اليمن
أميرا، وأخرج معه (رجل من أسلم يقال له) (3) عمرو بن شاس فرجع

(1) محمد صلى الله عليه وآله: 30.
(2) هكذا في الأصل.
(3) الزيادة موجودة في المجمع للهيثمي 9 / 129.
153

وهو يلوم عليا عليه السلام ويشكوه، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله
فبعث إليه، فأتاه فقال له: أخبرني عن علي! هل رأيت منه جورا في
حكم، أو حيفا في قسم (1). قال: اللهم لا. قال (ص): فبم تنقمن
عليه، وتقول ما بلغني إنك تقول فيه؟ قال: لبغض له في قلبي لا أملكه.
فغضب النبي صلى الله عليه وآله حتى التمع لونه، وعرفنا الغضب في
وجهه، ثم قال: كذب من زعم إنه يحبني ويبغض عليا، من أبغض عليا "
فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله، ومن أحب عليا فقد أحبني
ومن أحبني فقد أحب الله (تعالى).
(من آذى عليا فقد آذى الرسول)
(99) وبآخر (عن) عمرو بن شاس هذا: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال
من آذى عليا فقد آذاني. قال: وكان ذلك إني خرجت مع علي
عليه السلام إلى اليمن (فرأيت) منه جفوة، فانصرفت إلى المدينة، فجعلت
أشكوه إلى من أجلس إليه في المسجد. واني دخلت يوما إلى المسجد،
فرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله ينظر إلي حتى (جلست) (2)، فلما
اطمأننت. قال: أما والله يا عمرو بن شاس لقد آذيتني. فقلت: أعوذ
بالله وبالاسلام أن اؤذي رسول الله. قال: بلى من آذى عليا فقد آذاني.
قلت: والله لا أؤذيه ابدا.
(علي سيد في الدنيا والآخرة)
(100) وبآخر عن ابن عباس، قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى علي

(1) أي الجور والظلم في التقسيم.
(2) وفي الأصل: جلسنا.
154

عليه السلام، فقال (له): إنك (1) سيد في الدنيا (و) سيد في الآخرة، يا
علي من أحبك فقد أحبني ومحبي (2) حبيب الله، ومن أبغضك أبغضني
ومبغضي عدو الله والويل لمن أبغضك.
(من سب عليا فقد سب الله)
(101) وبآخر عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، قال: سمع رسول الله
صلى الله عليه وآله رجلا يسب عليا. فقال: إنه من سب عليا فقد سبني،
ومن سبني سب الله، ألا والله لا يخلص الايمان في قلب عبد ابدا حتى
تخلص مودتي إلى قلبه، ولا تخلص مودتي إلى قلب عبد أبدا حتى تخلص
الله مودة علي، وكذب من زعم إنه يحبني ويبغض عليا.
(ابن عباس والساب لعلي)
(102) وبآخر عن ابن عباس انه مر (بعد ما كف بصره) بمجلس من مجالس
قريش، وهم يسبون عليا عليه السلام، فقال لقائدة: ما سمعت هؤلاء
يقولون؟ قال سمعتهم يسبون عليا. قال: فردني إليهم، فرده. فوقف
عليهم. فقال: أيكم الساب لله تبارك وتعالى. قالوا: سبحان الله من
سب الله فقد أشرك. فقال: أيكم الساب رسول الله صلى الله عليه وآله.
قالوا: سبحان الله من سب رسول الله فقد كفر. قال: فأيكم الساب علي
بن أبي طالب. قالوا: أما هذا، فقد كان.

(1) لم تكن في نسخة - أ - ولكن في الرواية التي ذكرها ابن المغازلي في مناقبه ص 103: أنت وفي
نسخة - ب - إنك.
(2) ونقله ابن المغازلي في مناقبه: حبيبي.
155

قال ابن عباس: فأنا أشهد بالله لقد سمعت رسول الله صلى الله
عليه وآله يقول: من سب عليا فقد سبني، ومن سبني فقد سبب الله
عز وجل (1). ثم تولى عنهم. وقال لقائده (2): ما سمعتهم يقولون. قال: ما
سمعتهم قالوا شيئا. قال: كيف رأيت نظرهم إلي حين قلت ما قلت
لهم؟ فقال شعرا:
نظروا إليك بأعين مزورة * نظر التيوس إلى شعار الجازر (3).
فقال: زدني لله أبوك. فقال:
خزر الحواجب ناكسو أذقانهم * نظر الذليل إلى العزيز القاهر
فقال: زدني لله أبوك. فقال: ما عندي ما أزيدك.
قال: لكن عندي. ثم قال:
أحياهم خزيا على أمواتهم * والميتون فضيحة للغابر (4)
(أبو سعيد الخدري وسب علي)
(103) وبآخر عن فطر بن خليفة. قال: قال لي سعد بن مالك (5): إنه بلغني

(1) وفي المناقب لابن شهرآشوب 3 / 221 زاد: ومن سب الله فقد كفر.
(2) وهو سعيد بن جبير.
(3) وقد نقله ابن شهرآشوب في المناقب هكذا:
نظروا إليه بأعين محمرة * نظر التيوس إلى شعار الجازر
خزر الحواجب خاضعي أعناقهم * نظر الذليل إلى العزيز القاهر
(4) وذكر في المناقب 3 / 221 أيضا هكذا:
سبوا الإله وكذبوا بمحمد * والمرتضى ذلك الوصي الطاهر
أحياؤهم خزي على أمواتهم * والميتون فضيحة للغابر
أقول: التيس وهو المعز الحبشي الجازر أولاد البقر الوحشية.
(5) وهو أبو سعيد الخدري راجع آخر الكتاب - التراجم -.
156

إنكم تعرضون على سب علي عليه السلام، فهل سببته؟ (ثم) قال:
معاذ الله والذي نفس سعد بيده لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول في علي عليه السلام شيئا لو وضع المنشار على مفرقي على أن أسبه ما
سببته أبدا (1).
(أربعة يسأل العبد عنها)
(104) وبآخر عن أبي برزة (إنه) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
(والذي نفسي بيده) لا تزول قدم (عبد) (2) يوم القيامة حتى يسأله الله
عز وجل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه وعن ماله مما
اكتسبه وفيما أنفقه وعن حبنا أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين.
فقال عمر بن الخطاب: وما علامة حبكم يا رسول الله؟ قال
(صلى الله عليه وآله): هذا (ووضع يده على رأس علي بن أبي طالب
عليه السلام) (علامة حبي من بعدي).
(حب علي أمان)
(105) وبآخر عن علي صلوات الله عليه، إنه قال: قال لي رسول الله صلى الله
عليه وآله: إن الله أمرني أن أدنيك فلا أقصيك، وأن أعلمك فلا
أجفوك (3)، وحق علي أن أطيع ربي عز وجل وحق عليك أن تعي. يا
علي من مات وهو يحبك كتب الله له بالأمن والأمان ما طلعت شمس

(1) وفي الخصائص للنسائي ص 173 زاد: بعد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله ما
سمعت الترغيب في موالاته والترهيب من معاداته.
(2) وفي الأصل: العبد.
(3) هكذا في الأصل.
157

وما غربت (1)، ومن مات وهو يبغضك مات ميتة الجاهلية وحوسب بعمله
في الاسلام (2).
(106) وبآخر عن أبي عبد الله الجدلي قال: قال لي علي عليه السلام: يا أبا
عبد الله ألا أخبرك بالحسنة التي من جاء أمن من فزع يوم القيامة،
والسيئة التي من جاء بها (أ) كبه الله لوجهه في النار؟ قلت: بلى يا
أمير المؤمنين. قال عليه السلام: الحسنة حبنا والسيئة بغضنا.
(107) عن أبي جعفر عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال لعلي
عليه السلام: يا علي قل: اللهم (اجعل لي عندك عهدا) واقذف لي الود
في صدور المؤمنين. فقالها، فأنزل الله عز وجل: (إن الذين أمنوا و
عملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) (3).

(1) وذكر المتقى في كنز العمال هكذا: بالأمن والأمان وآمنه يوم الفزع.
(2) وذكر أيضا: مات ميتة الجاهلية ويحاسبه الله بما عمل في الاسلام.
(3) مريم: 96.
158

(خطبة علي على منبر الكوفة)
(108) عن الشعبي أنه كان يقول: سمعت رشيد الهجري والحارث الأعور
(الهمداني) (1) وصعصعة بن صوحان (العبدي)، وسالم بن دينار
الأزدي، كلهم (2) يذكرون إنهم سمعوا علي بن أبي طالب عليه السلام
على منبر الكوفة يقول في خطبته:
يا معشر أهل الكوفة، والله لتصبرن على قتال عدوكم أو ليسلطن
الله (عليكم) أقواما أنتم أولى بالحق منهم، فيعذبكم الله بهم ثم يعذبهم بما
شاء من عنده، أو من قتله بالسيف تفرون إلى الموت على الفراش. فأني
أشهد إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن معالجة ملك
الموت لأشد من ضربة الف سيف (اخبرني جبرئيل): يا علي إنه
يصيبكم بعدي إثره وزلزال، فعليكم بالصبر الجميل.
وقال لي أيضا: قضاء مقضي على لسان النبي الأمي: إنه لا
يبغضك يا علي مؤمن ولا يحبك كافر، وقد خاب من حمل ظلما

(1) وفي الأصل: الحمداني. والعمدي مكان العبدي.
(2) وفي الأصل: وكلهم.
159

واقترى (1).
ثم جعل يقول لنفسه: يا علي إنك ميت أو مقتول، بل مقتول إن شاء
الله. فما ينتظر (2) أشقاها أن يخضب هذه من هذا (ثم أمر يده اليمنى على
لحيته ثم وضعها على رأسه) ثم قال: أما لقد رأيت في منامي إنه يهلك في
اثنان (ولا ذنب لي) محب غال، ومبغض قال.
ثم قال: ألا إنكم ستعرضون على البراءة مني، فلا تتبرأوا مني، فإن
صاحبكم والله على فطرة الله التي فطر الناس عليها (3).
ثم نزل عن المنبر.

(1) وفي الارشاد للمفيد ص 25 بسنده عن الحارث الهمداني: قضاء قضاه الله تعالى على لسان النبي
صلى الله عليه وآله لا يحبني الا مؤمن ولا يبغضني الا منافق وقد خاب من افترى.
واما المحمودي في نهج السعادة 2 / 589 فقد نقل: وذلك إنه قضى ما قضى على لسان النبي الأمي:
انه لا يبغضك مؤمن ولا بحبك كافر وقد خاب من حمل ظلما وافترى.
(2) ذكر القزويني في مقتل أمير المؤمنين ص 69 عن علي عن النبي: فانتظر أشقاها يخضب هذه من
هذه.
(3) وفي المناقب لابن شهرآشوب 2 / 372 أضاف: وسبقت إلى الاسلام والهجرة.
160

(بغض أهل البيت)
(109) وبآخر عن فضل بن عمرو: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
اشتد غضب الله على اليهود (واشتد غضب الله على النصارى و) اشتد
غضب الله على من آذاني في عترتي.
(110) وبآخر عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلى الله
عليه وآله يقول: والذي نفسي بيده لا يبغضنا - أهل البيت - أحد إلا أكبه
الله على وجهه في النار.
(111) وبآخر عن جابر (الأنصاري) إنه قال: كان (1) رجل يجفو عليا
عليه السلام فلقيه رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال له: إنك قد
آذيتني. فقال: بأي شئ يا رسول الله؟ قال: من جفا عليا فقد آذاني.
فقال: لا والله لا أجفوه بعدها ابدا يا رسول الله.
(112) وبآخر عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي
عليه السلام: يا علي، إنه لن يرد على الحوض مبغض لك، ومن أحبك
فهو يرد الحوض معك.

(1) وفي المناقب أيضا 3 / 210 نقله جابر عن عمر بن الخطاب قال: كنت أجفو عليا.
161

(بين ابن عمر ومبغض لعلي)
(11) وبآخر عن ابن عمر: إن رجلا سأله عن علي عليه السلام، فقال: إذا
أردت أن تسأل عن علي عليه السلام، فانظر إلى منزله من منزل النبي
صلى الله عليه وآله الذي أنزله فيه (1) فهذا منزل رسول الله صلى الله
عليه وآله، وهذا منزل علي عليه السلام.
قال الرجل: فإني أبغضه. قال له ابن عمر: أبغضك الله عز وجل،
(أتبغض رجلا سابقة من سوابقه خير من الدنيا وما فيها) (2).
(زيد يتحدث)
(114) وبآخر عن بحر بن جعدة، قال: إني لقائم وزيد بن أرقم على باب
مصعب بن الزبير إذ تناول قوم عليا عليه السلام. فقال زيد: أف لكم
إنكم لتذكرون رجلا (صلى وصام) قبل الناس سبع سنين (3).
وان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الصدقة لتدفع سبعين
نوعا من أنواع البلاء أهونها الجذام والبرص، وإن البر ليزيد في العمر،
وإن الدعاء ليرد القضاء الذي قد أبرم إبراما. ومن أبغضنا أهل البيت

(1) هكذا في الأصل وفي الخصائص للنسائي ص 201.
هذه الزيادة موجودة في غاية المرام ص 497 باب 19 الخبر 24.
(3) ولقد أجاد الحميري:
من فضله انه قد كان أول من * صلى وآمن بالرحمن إذ كفروا
سنين سبعا وأياما محرمة * مع النبي على خوف وما شعروا
(حلية الأبرار للبحراني 1 / 243)
وما بين المعقوفين لم يكن في الأصل ونقله ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 69.
162

حشره الله يهوديا أو نصرانيا، فقال جابر بن عبد الله: وإن صام وصلى
وحج البيت؟ قال: نعم. إنما فعل ذلك احتجازا أن يسفك دمه أو يؤخذ
ماله أو يعطي الجزية عن يد وهو صاغر.
(115) وبآخر عن عبد الله بن نجي. قال: قال لي علي عليه السلام: إن
الحسن والحسين قد اشتركا في حبهما البر والفاجر، وإنه كتب لي ألا يحبني
إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.
(حب أهل البيت تسقط الذنوب)
(116) وبآخر عن الحسين عليه السلام، إنه قال: من أحبنا أهل البيت لله
نفعه حبنا، وأن كان أسيرا بالديلم، ومن أحبنا للدنيا فإن الله يفعل ما
يشاء. والله إن حبنا أهل البيت لتساقط الذنوب كما تساقط الريح الورق
اليابس عن الشجر.
(المنافق لا يحب عليا)
(117) وبآخر عن أبي الطفيل، قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: لو
ضربت المؤمن على خيشومه ما أبغضني، ولو أعطيت المنافق الذهب
والفضة ما أحبني.
(118) وبآخر عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام عن آبائه عن
رسول الله صلى الله عليه وآله، إنه قال: إن الله (تعالى) عهد إلي عهدا،
فقلت: يا رب بينه لي. فقال: اسمع. (ف‍) قلت: قد سمعت. فقال: يا
محمد، إن عليا راية الهدى بعدك وإمام أوليائي ونور من أطاعني، وهو
الكلمة التي ألزمه الله المتقين، فمن أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد
163

أبغضني، فبشره بذلك (1).
(لعن علي)
(119) وبآخر عن مالك بن ضمرة، قال: قال على صلوات الله عليه: ألا
إنكم ستعرضون على لعني ودعائي (كذبا) (2) فمن (لعنني) منشرح الصدر
(بلغني فلا حجاب بينه وبين الله ولا حجة له عند محمد) (3) ومن لغنني
كارها مكرها يعلم الله من قبله ذلك، جئت أنا وهو يوم القيامة كهاتين
- وجمع بين (السبابة) (4) والوسطى -
ألا وان محمدا صلى الله عليه وآله أخذ بيدي هذه، فقال: من بايع
هؤلاء الخمس ثم مات (وهو) يحبك فقد قضى نحبه، ومن مات وهو
يبغضك (مات ميتة جاهلية) و يحاسب بما عمل في الاسلام، ومن بقي
بعدك وهو يحبك، ختم الله له بالأمن و الايمان ما طلعت شمس وما
غربت.
وهذا مما أثبتناه في هذا الكتاب مما آثره الطبري - الذي قدمنا
ذكره - وذلك كله من الثابت الصحيح المأثور (5) عن علي عليه السلام،
وفيه وفي خبر واحد من هذه الأخبار حجة لله عز وجل على من روى

(1) وأضاف في حلية الأبرار للبحراني 1 / 66: فجاء على فبشرته. فقال: يا رسول الله انا عبد الله وفي
قبضته فان يعذبني فبذنبي وان يتم لي الذي بشرتني به فالله أولى بي. قال: فقلت: اللهم اجل قلبه واجعل
ربيعة الايمان. فقال الله: قد فعلت به ذلك. ثم إنه رفع إلى أنه سيخصه من البلاء بشئ لم يخص به أحدا
من أصحابي. فقلت: يا رب أخي وصاحبي. فقال: إن هذا لشئ قد سبق وانه مبتلى ومبتلى به.
(2) وفي الأصل: كذابا.
(3) وفي الأصل بين المعقوفين: فلا حاجة لي عند محمد.
(4) وفي الأصل: المسبحة.
(5) اي ينقله خلف عن سلف.
164

ذلك، وانتهى إليه، ثم قدم على علي عليه السلام أحدا من البشر. (120) وما آثرناه مما يدخل في هذا الباب ما روي عن الحسين بن علي
عليه السلام إنه قال: من أحبنا أهل البيت بقلبه وجاهد معنا بلسانه
ويده فهو معنا في الجنة في الرفيق الاعلى، ومن أحبنا بقلبه وجاهد معنا
بلسانه وضعف عن أن يجاهد معنا بيده فهو معنا في الجنة دون تلك، ومن
أحبنا بقلبه وضعف عن أن يجاهد معنا بلسانه ويده فهو معنا في الجنة
دون ذلك، ومن أبغضنا بقلبه و أعان علينا بلسانه ويده فهو في الدرك
الأسفل من النار، ومن أبغضنا بقلبه و لسانه وكف عنا يده فهو في النار
فوق ذلك، ومن أبغضنا بقلبه وكف عنا لسانه ويده فهو في النار فوق
ذلك.
(أمير المؤمنين ينعى نفسه)
(121)
ومما آثرناه عن أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عطية الدغشي
المحازني باسناده عن الأصبغ بن نباتة، قال: لما أصيب علي عليه السلام
وضربة ابن ملجم لعنه الله - الضربة التي مات منها - لزمناه يومه ذلك،
وبتنا عنده، فأغمي عليه في الليل، ثم أفاق فنظر الينا، فقال: وانكم
لها هنا؟ قلنا: نعم يا أمير المؤمنين. قال: وما الذي أجلسكم؟ قلنا: حبك.
قال: والله الذي أنزل التوراة على موسى، والإنجيل على عيسى، والزبور
على داود والفرقان على محمد صلوات الله عليه وعليهم ما أجلسكم إلا
ذلك. قلنا: نعم. قال: فخفوا، فخف بعض القوم، ثم أغمي عليه،
ثم أفاق، فقال: ما أجلسكم؟ قلنا: حبك يا أمير المؤمنين. قال: أما
والذي أنزل التوراة على موسى والإنجيل على عيسى والزبور على داود
والفرقان على محمد صلوات الله عليه وعليهم لا يحبني عبد إلا ورآني حيث
165

يسره، ولا يبغضني عبد إلا رآني حيث يسؤه - ارتفعوا - (1) فإن رسول الله
صلوات الله عليه وعليهم أخبرني إني اضرب ليلة تسع عشرة من شهر
رمضان في الليلة التي مات فيها وصي موسي عليه السلام (2)، وأموت في
الليلة أحد (ى) وعشرين منه في الليلة التي رفع فيها عيسى عليه السلام.
قال الأصبغ: فمات والذي لا إله إلا هو فيها. كما قال.
(أفضل الأعمال)
(123) وعنه باسناد آخر له عن يحيى بن كثير (الضرير) رأيت زبيد (بن
الحارث) الايامي (3) في المنام بعد أن مات. فقلت له: ماذا سرت إليه
(يا أبا عبد الرحمان)؟ قال: إلى رحمة الله. قلت: فأي عملك وجدت
أفضل؟ قال: الصلاة وحب علي بن أبي طالب عليه السلام.
(ببغض علي نعرف المنافق)
(123) وبآخر عن أبي سعيد الخدري. قال: إنما كنا نعرف منافقي الأنصار
ببغضهم عليا (4).
(بحب علي نختبر أولادنا)
(124) وسأل رجل عبادة بن صامت عن علي صلوات الله عليه، قال: أما
نحن معاشر الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، فانا نختبر
أولادنا بحبه فمن لم يحبه منهم عرفنا إنه ليس منا.

(1) هكذا في الأصل، ولعلها تفرقوا.
(2) يوشع بن نون.
(3) وفي بحار الأنوار 39 / 259: النامي
(4) هكذا في المناقب لابن شهرآشوب 3 / 207.
166

(أم سلمة وسب علي)
(125) أبو إسحاق (السبيعي) قال: حججت وأنا غلام. فمررت بالمدينة
(فرأيت الناس عنقا واحدا) فسألتهم، فقالوا: نريد أم سلمة زوج النبي
صلى الله عليه وآله نسمع منها. فأتبعتهم حتى دخلنا إليها. فحدثتنا. ثم
نادت يا (شبث) (1) بن ربعي فأجابها رجل من آخر الناس (2): أن
لبيك يا أم المؤمنين. قالت: أيسب رسول الله صلى الله عليه وآله في
ناديكم؟ قال: معاذا لله. قالت: فعلي بن أبي طالب؟ قال: إنهم يقولون
شيئا يريدون به عرض (هذه) الدنيا. قالت: فاني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول: من أحب عليا فقد أحبني ومن أحبني فقد أحبه
الله، ومن سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله.
(الرسول وسب علي)
(126) وبآخر عن أبي جعفر صلوات الله عليه، قال: بلغ رسول الله صلى الله
عليه وآله عن قوم إنهم يسبون عليا عليه السلام فغضب لذلك غضبا
شديدا - وهو على ذلك يذكره مع أصحابه - حتى أقبل علي عليه السلام،
فأجلسه إلى جانبه، ثم قال: إنكم لن تدخلوا الجنة حتى تحبوني، وكذب
من زعم إنه يحبني ويبغض هذا - ووضع يده على علي عليه السلام -.
(127) زيد بن أرقم. قال: دخلت على أم سلمة. فقالت: من أين أنت؟

(1) وفي الأصل: شبيب.
(2) وذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق 318: فأجابها رجل جلف جاف. وكذا في كنز العمال
6 / 401 مستدرك الصحيحين 3 / 121.
167

قلت: من أهل الكوفة. قالت: أنت من الذين يسب فيهم رسول الله
صلى الله عليه وآله؟ قلت: لا والله يا أم المؤمنين، ما سمعت أحدا فينا
يسب الله صلى الله عليه وآله. قالت: بلى. والله إنهم يقولون: فعل
الله بعلي، وصنع به وبمن يحبه، وقد كان والله رسول الله صلى الله
عليه وآله يحبه، وكان أحب الناس إليه.
(الأصبغ وابن هود)
(128) وبآخر عن الأصبغ بن نباتة، قال: لقيني محبس بن هود، فقال: يا
أصبغ، كيف أنت وأخوك أبو تراب الكذاب؟ فقلت: لعن الله شركما أبا
واما وخالا وعما، أما إني سمعت عليا عليه السلام يقول: وبارئ النسمة
وفالق الحبة وناصب الكعبة لا يبغضني إلا ولد زنا، أو من حملت به أمه
(وهي) (1) حائض، أو منافق. أما إني أقول: اللهم خذ محبسا أخذة رابية لا
تبقي له في الأرض باقية.
قال: فما كان إلا بعض أيام حتى دخل اصطبلا فيه دواب،
فانفلتت (دابة) فرمحته (2) بأرجلها، فقتلته.
(البراءة من أمير المؤمنين)
(129) وبآخر عن أبي صالح مولى عاص (3). قال: أتيت عليا عليه السلام
وأنا مملوك. فقلت: أبايعك، يا أمير المؤمنين فقال: أحر أنت؟ قلت: بل
مملوك. فقبض يده عني. فقلت: أبايعك يا أمير المؤمنين على أني إن
شهدت معك نصرتك وإن غبت عنك نصحتك. قال: فبايعني على

(1) وفي الأصل - وهو -.
(2) أي ضربته.
(3) وفي نسخة - ب - مولى عياص.
168

ذلك. ثم قال: سيظهر عليكم بعدي رجل، وإنه سيعرضكم على سبي
والبراءة مني، فان خفتموه فسبوني، فإنما هي زكاة ونجاة وإن سألكم
(البراءة مني) (1) فلا تبرأوا مني فاني على الفطرة.
(130) بآخر عن سعد بن ظريف. قال: أخذ الحجاج همدان مؤذن علي
عليه السلام. فقال له: أبرأ من علي واشتمه. فقال: لا والله لا أبرأ ممن
أدبني صغيرا وعلمني كبيرا. فقتله.

(1) أورده المفيد في الارشاد ص 169.
169

(صعصعة مع معاوية)
(131) وبآخر عن تميم بن مالك القرشي إنه قال: كتب معاوية بن أبي
سفيان إلى زياد: أن ابعث لي خطباء أهل العراق: وابعث إلي صعصعة
بن صوحان. ففعل. فلما قدموا على معاوية خطبهم. فقال: (مرحبا بكم
يا أهل العراق) قدمتم على إمامكم، وهو جنة لكم يعطيكم مسألتكم، ولا يعظم في عينه كبيرا، ولا يحقر لكم صغيرا، وقدمتم على أرض المحشر
والمنشر والأرض المقدسة وأرض هجرة الأنبياء. ثم قال في خطبته: ولو أن
أبا سفيان ولد الناس كلهم لكانوا أكياسا.
ولما فرغ من خطبته، قال لصعصعة: قم واخطب يا صعصعة. فقام
صعصعة: فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله، ثم
قال: إن معاوية ذكر إنا قدمنا على إمامنا وهو جنة لنا فما يكون حالنا إذا
انخرقت الجنة، وذكر إنا قدمنا على أرض المحشر والمنشر والأرض المقدسة
وأرض هجرة الأنبياء. فالمحشر والمنشر لا يضر بعدهما مؤمنا ولا ينفع
قربهما كافرا. والأرض لا تقدس أحدا، وإنما يقدس العباد أعمالهم.
ولقد وطأها من الفراعنة أكثر مما وطأها من الأنبياء. وذكر إن أبا
سفيان لو ولد الناس كلهم لكانوا أكياسا، فقد ولدهم من هو خير من
170

أبي سفيان آدم (صلوات الله عليه) فولد الكيس والأحمق (والجاهل
والعالم).
- فغضب معاوية - وقال: اسكت لا أم لك ولا أب ولا أرض (1).
فقال صعصعة: الأب والام ولداني ومن الأرض خرجت واليها
أعود.
فأمر برده إلى زياد، ثم كتب إليه: أقمه للناس وأمره أن يلعن عليا
عليه السلام، فإن لم يفعل، فاقتله. فأخبره زياد بما أمره به فيه وأقامه
للناس. فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله
عليه وآله، ثم قال:، أيها الناس إن معاوية أمرني أن ألعن عليا فالعنوه لعنه
الله، ونزل.
فقال زياد لصعصعة: لا أراك لعنت إلا أمير المؤمنين. قال: إن
تركتها مبهمة وإلا بينتها. قال (زياد): لتلعنن عليا، وإلا نفذت فيك أمر
أمير المؤمنين، فصعد المنبر. فقال: أيها الناس إنهم أبوا علي إلا أن أسب
عليا عليه السلام وقد (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من سب عليا
فقد سبني ومن سبني فقد سب الله) (2)، وما كنت بالذي أسب الله
ورسوله. فكتب زياد بخبره إلى معاوية. فأمره بقطع عطائه وهدم داره.
ففعل.
فمشى بعض الشيعة إلى بعضهم، فجمعوا له سبعين ألفا.
(أقول:)

(1) وفي رواية أخرى قال له معاوية: والله لأجفينك عن الوساد ولأشردن بك في البلاد. فقال
صعصعة: والله إن في الأرض لسعة وان في فراقك لدعة (أعيان الشيعة مجلد 7 / 388.)
(2) وقد مر هذا الحديث عن أم سلمة رقم الحديث 60.
171

والاخبار عن رسول الله صلى الله عليه وآله في علي والأئمة الهدى من
أهل بيته في الامر بمودتهم والنهي عن بغضهم والبراءة من (أعدائهم)
تخرج عن حد هذا الكتاب.
وقد ذكرنا منها ما في بعضه كفاية لمن أراد الله عز وجل (ان) يهديهم
ويشرح للايمان صدروهم، وكل ذلك كتاب لله شاهد له بنص الله جل
ذكره فيه على ذلك، وقد قال جل من قائل: (قل لا أسألكم عليه أجرا
إلا المودة في القربى) (1).
(آية المودة)
(132) وجاء في تفسير ذلك: إن الأنصار اجتمعوا إلى رسول الله صلى الله
عليه وآله، فقالوا: يا رسول الله إنك قد جئتنا بخير الدنيا والآخرة وهذه
أموالنا خذها إليك جزاء لما جئتنا به أو ما شئت منها، فأنزل الله عز وجل
(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى). يعني على ما جئتكم به إلا
المودة في القربى.
(ابن عباس وآية المودة)
(133) قال عبد الله بن عباس: فلما نزل ذلك اجتمع الناس إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله، فقالوا: يا رسول الله من قرابتك الذين فرض الله
عز وجل علينا مودتهم؟ فقال: علي وفاطمة وولدهما.
فنص النبي صلى الله عليه وآله على بيان ذلك من قرابته المذكورة
مودتهم والمأثور بها، وروى ذلك عبد الله بن العباس وهو واحد القرابة،

(1) الشورى: 23.
172

وأخرج نفسه بذلك من القرابة المفروضة مودتهم. وزعم من أراد دفع ذلك
عداوة لهم إن ذلك إنما هو إن العرب بأسرها قرابة لرسول الله صلى الله
عليه وآله. فأمرهم عز وجل بمودتهم لقرابته منهم.
والقرآن يشهد على إبطال هذا القول لان الله عز وجل قال: (ذلك
الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه
أجرا إلا المودة في القربى) فكان الخطاب بذلك لجميع المؤمنين من
العرب والعجم وغيرهم، فمودة علي وذريته الأئمة الطاهرين صلوات الله
عليهم أجمعين فرض من الله عز وجل على جميع المؤمنين فمن أبغضهم أو
عاداهم أو سبهم أو آذاهم فقد خرج من جملة المؤمنين وخالف أمر الله
جل ذكره وكتابه وما افترضه فيه على المؤمنين من عباده. عصمنا الله
وجميع المؤمنين والمؤمنات من ذلك أجمعين. برحمته إنه أرحم الراحمين وخير
الغافرين.
تم الجزء الأول من كتاب شرح الاخبار في فضائل الأئمة الأطهار
والحمد الله رب العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد ووصيه وآلهما الطاهرين
173

شرح الاخبار
في فضائل الأئمة الأطهار
تأليف
القاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي
المتوفى سنة 363 ه‍. ق
الجزء الثاني
175

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله وحده وصلى الله على محمد وآله
176

(سبق علي صلوات الله عليه إلى الاسلام)
(134) الدغشي بإسناده، عن حبة العرني، قال: نزلت النبوة على النبي
صلى الله عليه وآله يوم الاثنين، وصلى علي عليه السلام معه يوم
الثلاثاء.
(135) وبآخر عن (ابن) (1) يحيى، قال: قال علي عليه السلام: صليت مع
رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاث سنين قبل أن يصلي معه أحد.
(136) وبآخر عن حبة العرني، قال: (رأيت عليا (صلوات الله عليه)
ضحك على المنبر لم أره ضحك ضحكا أكثر منه حتى بدت نواجده.
ثم) (2) قال علي عليه السلام: بينما أنا ورسول الله صلى الله عليه وآله
ببطن نخلة نصلي إذا ظهر علينا أبو طالب. فقال: ما تصنعان يا بن أخي؟
فدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله ورغبة في الاسلام. فقال: ما أرى
بالذي تقول وتصنع بأسا، ولكن والله ما تعلوني أستي أبدا. ثم قال علي
عليه السلام: اللهم لا أعرف عبدا من هذه الأمة عبدك قبلي غير

(1) وهو عبد الله بن يحيى وفي الأصل: عن يحيى. أقول: ولعله عبد الله بن نجي، هو من أصحاب
أمير المؤمنين وصاحب مظهرته.
(2) بين معقوفين موجود في غاية المرام ص 503 راجع تخريج الأحاديث لهذا الجزء.
177

نبيها (1)، يقولها ثلاث مرات، ثم قال: لقد صليت قبل أن يصلي أحد
سبعا، يعني سبع سنين.
(137) وبآخر، عن مروان (و) (2) عبد الرحمان التميمي (قالا): مكث
الاسلام سبع سنين ليس فيه إلا ثلاثة رسول الله صلى الله عليه وآله
وخديجة رضوان الله عليها وعلي عليه السلام.
(138) وبآخر عن سلمان الفارسي رحمه الله إنه قال: إن أول هذه الأمة
ورودا على نبيها صلى الله عليه وآله أولها إسلاما علي بن أبي طالب
صلوات الله عليه، وإن هذا البيت يخرب على يد رجل من ولد الزبير
- حديث بذلك قبل أن يكون -.
(139) وبآخر عنه أيضا، إنه قال: وردت على رسول الله صلى الله عليه وآله
وهو على رأس ركي، فقال لي: يا سلمان. قلت: لبيك يا رسول الله.
قال: أما إنك من أهل الجنة، وان أول أمتي ورودا علي الحوض يوم
القيامة علي ابن أبي طالب. قلت: يا رسول الله قبل أبي بكر وعمر. قال:
نعم، إنما يردون على إسلامهم، يا سلمان إنه من سبح الله تسبيحة أو
هلله تهليلة، أو كبره تكبرة، أو حمده تحميدة، غرس الله عز وجل له بها
شجرة في الجنة أصلها من ذهب، وفرعها من اللؤلؤ مكللة بالياقوت
ثمرها كثدي الابكار أحلى من الشهد وألين من الزبد، كلما جنى منها
شئ عاد مكانه مثله.
(140) وبآخر عن أبي الجحاف عن رجل ذكره، قال: دخلنا على
أمير المؤمنين علي عليه السلام في الرحبة (3)، فأصبناه على سرير قصير.

(1) وفي مسند أحمد بن حنبل 1 / 99: نبيك.
(2) وفي الأصل: عن مروان بن عبد الرحمان التميمي. وكذا في نسخة - ب -.
(3) الرحبة: قرية بحذاء القادسية على مرحلة من الكوفة على يسار الحجاج إذا أرادوا مكة.
178

قال: وما جاء بكم؟ قلنا: حبك يا أمير المؤمنين. قال: إنه ما أحبني أحد
إلا رآني حيث يحب، وما أبغضني أحد إلا رآني حيث يبغض. ثم قال.
والله، ما عبد الله رجل قبلي مع نبيه صلى الله عليه وآله من ذكور هذه
الأمة، ثم ضحك وأعرض بوجهه، وقال: أتدرون مم ضحكت؟ قلنا:
لا. قال لما ذكرت عرض بي قول أبي طالب، وقد هجم على رسول الله
صلى الله عليه وآله وأنا معه ونحن (لله) (1) ساجدون. فقال:
أو فعلتماها. ثم أخذ بيدي فقال: انظر كيف تنصره يعني رسول الله
صلى الله عليه وآله وجعل يرغبني في ذلك ويحضني عليه، فلما رأى
رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك طمع في إسلامه، فدعاه إلى الاسلام،
فقال: يا ابن أخي والله ما أراك تدعو إلا إلى خير، فأما أن تعلو أستي
رأسي فلا يعنى السجود، فضحكت إذ تذكرت قوله هذا (2).
(141) وبآخر سعيد، قال: أسلم علي عليه السلام وهو ابن ثمان سنين
وهاجر وهو ابن ثمان عشر سنة وشهد بدرا، فقتل من قتل يومئذ وكان ما
كان منه وهذه سنه.
(142) وبآخر، عن عفيف (أخ الأشعث بن قيس) قال: أتيت [في
الجاهلية) مكة لابتاع (لأهلي) من عطرها وثيابها، فبينا أنا مع العباس
بن عبد المطلب جالسا في المسجد إذ نظرت إلى شاب قد أقبل وقد
حلقت (3) الشمس، فجعل ينظر إليها نحو السماء، ثم توجه إلى البيت ثم

(1) وفي الأصل: له ساجدون.
(2) ولا يخفى أن جملة: فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله، وما بعدها لم تكن في رواية النهج لابن
أبي الحديد راجع تخريج الأحاديث. علما بأنا في الجزء 13 ذكرنا بعض الأحاديث تبعا للمؤلف حول
إيمان أبي طالب.
(3) أي ارتفعت.
179

جاء غلام فوقف إلى جانبه ثم جاءت امرأة فوقفت خلفهما، فركع
الشاب وركعا، وسجد فسجدا حتى أتم الصلاة، فقلت للعباس: أني أرى
أمرا عظيما، قال: نعم، هذا الشاب وهو محمد بن عبد الله ابن أخي،
وهذا الغلام ابن أخي أيضا علي بن أبي طالب. قلت: فالامرأة؟ قال:
خديجة بنت خويلد زوج محمد هذا. وإنه زعم إن الله رب السماوات
والأرض بعثه رسولا بهذا الدين، ودعا إليه، فلم يجبه إلا من ترى (1).
(143) وبآخر، عن الحسن بن علي (صلوات الله عليهما)، إنه خطب الناس
بعد أن أصيب علي صلوات الله عليه فقال: لقد قتل أمس رجل ما سبقه
الأولون بعمل، ولا يدرك الآخرون مثله (2)، لقد كان رسول الله
صلى الله عليه وآله يبعثه في السرية، فيقول: أما (3) إن جبرائيل عن يمينه
وميكائيل عن يساره وملك الموت أمامه فليس يقاتل أحد إلا قتله، ولا
يروم فتح شئ إلا فتحه الله على يديه، ما ترك صفراء ولا بيضاء إلا
سبعمائة درهم فضلت عنده من عطائه أعدها لخادم (4).
(144) وبآخر، عن عبد الوهاب بن محمد، عن أبيه، إنه قال: كل آية في
القرآن يا - أيها الذين آمنوا - فعلي عليه السلام رأسها، لأنه أول من آمن
بالله ورسوله من جميع المؤمنين.
(145) وبآخر، عن أبي بكرية، عن عمر بن أمية، قال: مكث الاسلام

(1) وفي مسند أحمد بن حنبل (1 / 209) أضاف: ولا والله ما على الأرض كلها أحد على هذا الدين
غير هؤلاء الثلاثة.
(2) وفي كفاية الطالب ص 92: ولا يدركه الآخرون.
(3) وفي أمالي الصدوق ص 262: في السرية فيقاتل جبرائيل عن يمينه.
(4) وفي خصائص أمير المؤمنين عليه السلام للرضي ص 54: فضلت من عطائه أراد أن يبتاع بها
خادما لأهله. وفي كفاية الطالب: خادما لام كلثوم.
180

ثلاث سنين ليس فيه إلا ثلاثة: رسول الله صلوات الله عليه وآله وعلي
عليه السلام وخديجة رضوان الله عليها.
وهذه الأخبار ثابته وأكثر المنسوبين إلى العلم من العامة (1) يقولون
بذلك، وأن عليا عليه السلام أول من أسلم من ذكور هذه الأمة ولم يسبقه
بالاسلام إلا خديجة بنت خويلد زوج النبي صلوات الله عليه وآله، وكان
ذلك لأمر قد يقدم عندها أراد الله به سعادتها.
وذلك أن رسول الله صلوات الله عليه وآله مات أبوه عبد الله بن
عبد المطلب وأمه آمنة حاملة به، فلما ولدته كفله جده عبد المطلب. ثم توفي
عبد المطلب ورسول الله صلوات عليه وآله ابن ثمان سنين. وكفله بعده
أبو طالب عمه شقيق أبيه. أمهما فاطمة بنت عمرو بن عابد بن
عمران بن مخزوم (2).
وكان عبد المطلب قد عهد في ذلك (3) إليه، فلما أراد الله عز وجل
لمحمد صلوات الله عليه وآله من كرامة النبوة أنشأه على الطهارة ومكارم

(1) قال الثعلبي (في تفسير قوله تعالى: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار).
(التوبة: 100): قد اتفق العلماء على أن أول من آمن بعد خديجة من الذكور برسول الله صلى الله عليه وآله
علي بن أبي طالب، وهو قول ابن عباس وجابر بن عبد الله الأنصاري وزيد بن أرقم ومحمد بن المنكدر وأبي
جارود المدني وربيعة التميمي.
(2) ذكر ذلك المؤلف في الجزء 13 مفصلا فراجع.
(3) قال لأبي طالب واسمه عبد مناف:
أوصيك يا عبد مناف بعدي * بمفرد بعد أبيه فرد
فارقه وهو ضجيع المهد * فكنت كالأم له في الوجد
تدنيه من أحشائها والكبد * فأنت من أرجى بني عندي
لدفع ضيم أو لشد عقد
(تاريخ اليعقوبي 2 / 13)
181

الأخلاق، وكان أفضل الناس مروءة، وأحسنهم خلقا، وأصدقهم
حديثا، وأجملهم صحبة وجوارا، وأعظمهم حلما، وأكرمهم حسبا، وله
في ذلك من مكارم أخلاقه وفضله وبرهان نبوته ودلائلها ما يخرج ذكره
عن حد هذا الكتاب حتى إنهم كانوا يسمونه الأمين لما رأوا من أمانته
وطهارته ومكارم أخلاقه ونزاهته وبراءته من كل فاحشة ونقيصة.
(146) وكان مما يؤثر عنه صلوات الله عليه وآله، إنه قال: كنت يوما وأنا
صبي ألعب مع الصبيان من قريش، فجعلت أنقل حجارة لبعض ما كنا
نلعب، فرأيت كل واحد من الصبيان قد نزع إزاره فألقاه على عاتقه
لمكان الحجر الذي يحمله ليقيه منه، وبقوا عراة، فذهبت لافعل مثل ما
فعلوا (1) فلما أن مددت يدي لأحل إزاري لكمني لاكم لكمة (2) وجيعة،
وقال: لا تحل إزارك واشدده على نفسك ولا تكشف سوأتك، فجعلت
أنظر يمينا وشمالا فلا أرى أحدا، فتركت ما أردته من أخذ إزاري
وشددته على نفسي حسب ما كان، وجعلت أنقل الحجارة على عاتقي.
وبلغ رسول الله صلوات الله عليه وآله مبلغ الرجال وقد استفاضت
الاخبار عنه في الناس بطهارته ومكارم أخلاقه وصيانته وعفافه وورعه،

(1) وقد ذكر علي بن برهان الحلبي في السيرة الحلبية 1 / 199 ما مفاده إنه حل إزاره ومشى عاريا
(راجع تخريج الأحاديث) وهذا ينافي عصمته وما أثر عنه من العفة والحياء. وقد روى ابن شهرآشوب في
مناقبه 1 / 36: عن ابن عباس: قال أبو طالب لأخيه: يا عباس، أخبرك عن محمد، اني ضممته فلما
أفارقه ساعة من ليل أو نهار فلم أئتمن أحدا حتى نومته في فراشي، فأمرته أن يخلع ثيابه وينام معي،
فرأيت في وجهه الكراهية. فقال: يا عماه إصرف بوجهك عني حتى أخلع ثيابي وأدخل فراشي، فقلت
له: ولم ذلك؟ فقال: لا ينبغي لاحد أن ينظر إلى جسدي، فتعجبت من قوله وصرفت بصري عنه.
الحديث.
(2) اللكمة: الضرب بجميع الكلف.
182

وما شوهد من بواهره وأعلام النبوة فيه، واتصل عن المخبرين بذلك عنه،
ممن شاهده من الاخبار والرهبان (1) وغيرهم ممن كان عنده علم من
علوم دين الله سبحانه وكتبه وإعلام أنبيائه. وكانت خديجة بنت
خويلد امرأته لها شرف وما وقد تأيمت من زوج كان لها هلك (2).
وكانت قد تبضع البضائع مع عبيد لها ومضاربين إلى الشام في التجارة،
وكانت قريش كذلك تجارا يخرجون في تجارتهم إلى الشام وغيره.
ولما انتهى إليها عن رسول الله صلوات الله عليه وآله ما قد فشى
واستفاض عنه من الخبر، أرسلت إليه في أن تعطيه مالا يتجر لها به إلى

(1) ومن هؤلاء الرهبان والأحبار والكهان:
أ - ربيعة بن مازن الكاهن المعروف ب‍ سطيح، قصد مكة ليبشرهم بالنبي (الأنوار لابن الحسن
البكري ص 275).
- ب زرقاء اليمامة: عندما جاءت إلى مكة لأجل أن تدبر الحيلة في اغتيال آمنة مع امرأة
ماشطة.
قالت الماشطة: سمعت رجلا يقول لزرقاء هذه الأبيات:
كاهنة جاءت من اليمامة * أزعجها ذو همه همامة
لما رأت نورا على تهامة * وهو لاظهار النبي علامة
محمد الموصوف بالكرامة * ستدرك الزرقاء به الندامة
لهفي على سيدة اليمامة * إذا أتاها صاحب الغمامة
ج - الفيلق بن اليونان بن عبد الصليب وكان يكنى بأبي بحيرة الراهب.
د - سعد بن قمطير من أحبار اليهود (إعلام الورى للطبرسي ص 26).
(2) والمعروف إنها تزوجت قبله برجلين.
أولهما: عتيق بن عائذ بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، فولدت له بنتا اسمها هند (وهي أم محمد
بن صيفي المخزومي).
ثانيهما: أبو هالة (واسمه: هند بن زرارة التيمي)، فولدت له ولدا اسمه هالة وولدا اسمه هند
أيضا، فهو هند بن هند، وكان يقول: أنا أكرم الناس أبا واما أخا وأختا. أبي رسول الله (لأنه زوج أمه)
وأمي خديجة، وأخي القاسم، وأختي فاطمة. قتل هند مع علي يوم الجمل.
183

الشام، ففعل (1) وأرسلت معه عبدا يقال له: ميسرة (2) فنزلوا منزلا
بقرب دير فيه راهب ونزل الناس، وذهب رسول الله صلوات الله
عليه وآله إلى شجرة (3) بعيدة عنهم، فنزل تحتها، ورآه الراهب، فنزل حتى
أتاه، ورآى ميسرة يخدمه ويحدثه، فخلا به، وقال: من أين هذا الشاب
الذي أراك معه؟ فقال: من أهل مكة حرم الله، قال: من قريش؟
قال: نعم، من أوسطها نسبا، فما تريد منه؟ قال: إنا نأثر أن نبيا
يبعث من العرب وانه ينزل تحت هذه الشجرة في هذا اليوم، وانه ما نزل
تحتها قط في مثله إلا نبي. قال له ميسرة: والله لقد دلت عليه بذلك
عندنا (4) أخبار كثيرة بمثل ما ذكرت. قال له الراهب (5): تكتم عليه ما

(1) وهو ابن خمس وعشرين سنة (مروج الذهب 2 / 275).
(2) ذكر الحلبي في السيرة 1 / 197 عن ابن مندة: إن الذي كان مع الرسول في سفره إلى الشام
وما جرى بينه وبين الراهب وجلوس الرسول صلى الله عليه وآله تحت الشجرة هو أبو بكر وليس وميسرة.
وقال ابن حجر: ويحتمل أن يكون سفر أبي بكر معه صلى الله عليه وآله في سفرة أخرى بعد سفر أبي
طالب.
أقول: ولكن المتفق عليه إنه لم يسافر أكثر من مرتين مرة مع أبي طالب والأخرى مع ميسرة.
وقال: أبو الحسن البكري في كتاب الأنوار ص 258 ما مضمونه: انها أرسلت عبدين مع الرسول
وهما: ميسرة وناصح وأمرتهما بالإطاعة له.
(3) وكانت الشجرة يابسة لم تخضر. فقال الراهب لا ولادة: يا أولادي إن كان هذا النبي
المنعوت في الكتب والمبعوث في هذا الزمان في هذا الركب فإنه ينزل تحت هذه الشجرة اليابسة ويجلس
تحتها، وقد جلس تحتها عدة من الأنبياء، وإنها من عهد عيسى بن مريم يابسة لم تخضر. وهذه البئر لها عدة
سنين لم يكن فيها ماء فإنه قد يأتي إليه ويشرب منه قال: فما كان إلا ساعة وإذا بالركب قد أقبل ونزلوا
حول البئر وحطوا الأحمال عن الأحمال وكان النبي يحب الخلوة بنفسه فأقبل حتى نزل تحت الشجرة
فاخضرت وأثمرت من وقتها وساعتها. (الأنوار للبكري ص 278)
(4) محمد وعلي والأوصياء 1 / 134 - 1 / 41.
(5) قال ابن شهرآشوب في المناقب والمسعودي في المروج 2 / 271 يقال للراهب نسطور.
184

قلت لك، فإنه له أعداء من اليهود (1). ثم نظر ميسرة بعد ذلك في يوم قد
اشتد حر الشمس (2)، فما يملك أحد ممن كان معهم الكلام من شدة
الحر، وغمامة قد أظلت رسول الله صلوات الله عليه وآله وهو وادع لم يصبه
شئ مما أصاب القوم.
وربح في تلك التجارة ما لم يربح أحد مثله (3) فلما قدم بذلك على
خديجة قالت لغلامها ميسرة: ما أعظم أمانة محمد وبركته، ما ربحت في
تجارة قط كربحي فيما أبضعته معه. فقال لها ميسره: وأعظم من ذلك ما
سمعته فيه ورأيته منه. قالت: وما هو؟ فأخبرها بخبر الراهب وخبر
الغمامة (4).
وكان لخديجة ابن عم قد ذكرت له وذكر لها - وهو ورقة بن نوفل -
وكان على دين النصرانية وكان يذكر إنه أزف (5) وقت ظهور نبي من
العرب يبعثه الله عز وجل على جميع الأمم مع ما سمعته من الاخبار عن
رسول الله صلوات الله عليه وآله فقالت: والله إن هذا أولى بي من ورقة
وغيره، فأرسلت إليه، فتزوجته. وكانت من أفضل نسائه، وكل ولده منها
خلاء إبراهيم فإنه من مارية القبطية، وولدت له أكبر ولده وهو القاسم

(1) الأنوار للبكري ص 284.
(2) قال السكي:
وميسرة قد عاين الملكين ذا
إظلاك لما سرت ثاني سفره
(3) قال أبو جهل: يا قوم ما رأيت ربحا أكثر من ربح محمد لخديجة (الأنوار للبكري ص 290).
(4) قال ابن شهرآشوب في المناقب 1 / 41: فأعتقت ميسرة وأولادها وأعطته عشرة آلاف درهم
لتلك البشارة.
(5) قال الرازي في مختار الصحاح: ازف الرحيل دنا. ومنه قوله تعالى: (أزفت الآزفة) يعني
القيامة.
185

وبه كان يكنى صلوات الله عليه وآله وهو أكبر الذكور من ولدها منه ثم
الطيب ثم الطاهر، وأكبر بناتها منه رقية ثم زينب ثم أم كلثوم ثم فاطمة
(عليها وعليهم السلام)، ولما تزوجها رسول الله صلوات الله عليه وآله لم
تزل ترى منه ويخبرها بمثل ما استفاض الخبر به عنه من إعلام النبوة،
فتذكر ذلك لابن عمها ورقة (1) فيبشرها ويغبطها ويعظمها به ويقول:
والله إنه لهو النبي المنتظر. ومات ورقة قبل أن يبعث رسول الله صلوات الله
عليه وآله وكان شاعرا. وكان كلما أخبرته خديجة بما تشاهده منه ويخبرها
به رسول الله صلوات الله عليه وآله يستبطئ أمره ويقول: حتى متى يبعث
رسول الله صلوات الله عليه وآله فأومن به؟ وفي ذلك يقول:
لججت وكنت في الذكرى لجوجا * لهم طال ما بعث النشيجا
لوصف من خديجة بعد وصف * فقد طال انتظاري يا خديجا
بما خبرته من قول قس (2) * من الرهبان يكبر أن يعوجا
ببطن المكتين على رجائي * حديثك ان أرى منه خروجا

(1) وهو ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى. وقد قال عندما أخبرته خديجة: ما أراه إلا نبي هذه
الأمة الذي بشر به موسى وعيسى. وقد قال هذه الأبيات:
يا للرجال وصرف الدهر الغدر
هذي خديجة تأتيني لأخبرها * وما لنا بخفي الغيب من خبر
بأن أحمد يأتيه فيخبره * جبريل إنك مبعوث إلى البشر
فقلت على ترجين ينجزه * له الا له فارجى الخير وانتظري
(الإصابة لابن حجر 3 / 634)
أقول: وهذا ينافي ما صرح به المؤلف: إنه مات قبل البعثة.
(2) قس بن ساعدة الأيادي: وهو خطيب العرب قاطبة. والمضروب به المثل في البلاغة والحكمة
كان يدين بالتوحيد. وسمعه النبي صلى الله عليه وآله قبل البعثة يخطب في عكاظ، فأثنى عليه، جواهر
الأدب للهاشمي 2 / 19. وفي نسخة - ب - من قول قيس.
186

بأن محمدا سيسود قوما * ويخصم من يكون له حجيجا
ويظهر في البلاد ضياء نور (1) * يقيم به البرية إن تموجا
فيلقى من يحاربه خسارا * ويلقى من يسالمه فلوجا
فيا ليتي إذا ما كان ذاكم * شهدت وكنت أولهم ولوجا
ولوجا في الذي كرهت قريش * ولو عجت بمكتها عجيجا
ارجي بالذي كرهوا جميعا * إلى ذي العرش إن سفلوا عروجا
وهل أمر السفالة غير كفر * بمن يختار من سمك البروجا
فإن يبقوا وأبق تكن أمور * يضج الكافرون لها ضجيجا
وإن أهلك فكل فتى سيلقى * من الاقدار مبلغه خروجا
(ضبط الغريب)
النشيج من البكاء، يقال: نشج الباكي إذا غص البكاء في حلقه. فهذا سبب (2) خديجة رضوان الله عليها ورحمته.

(1) وفي نسخة - ب - ضياء عدل.
(2) هكذا في الأصل.
187

(اختصاص علي بالرسول صلى الله عليه وآله)
أما علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) فإن سببه في ذلك إن أشراف
العرب وأهل (السيادة) (1) منهم كانوا إذا شب لأحدهم الولد، وأراد تقويمه
وتأديبه دفعه إلى شريف من أشراف قومه ليلى ذلك منه ويستخدمه فيما يقومه به
لئلا يدل في ذلك عليه دلالة الولد على الوالد.
وكان لأبي طالب ثلاثة من الولد (2) أكبرهم سنا عقيل ابن أبي طالب،
وأوسطهم جعفر، وبينه وبين عقيل عشر سنين، وأصغرهم علي (صلوات الله
عليه)، وبينه وبين جعفر عشر سنين فلما شب عقيل دفعه أبو طالب إلى عباس
أخيه، ولما شب جعفر دفعه إلى حمزة أخيه، ولما شب علي دفعه إلى رسول الله
صلوات الله عليه وآله.
وفي رواية أخرى إنه دفع جعفر إلى عباس وعليا عليه السلام إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله وأبقى عقيلا عنده.
فلما لحق رسول الله صلى الله عليه وآله بالرجال وبان بنفسه وتأهل، فكان

(1) وفي الأصل: السادات.
(2) ولم يذكر المؤلف طالبا الولد الأرشد لأبي طالب وقد ذكره في ج 13 مفصلا عند الحديث عن
أسرة أبي طالب فراجع.
188

علي عليه السلام عند رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما أتى رسول الله صلوات الله
عليه وآله جبرائيل عليه السلام بالرسالة عن الله عز وجل، وذلك في يوم
الاثنين، أطلع خديجة على ذلك حسبما كان يطلعها عليه مما يراه ويتصل به من
مواد الله عز وجل أناه بمخايل النبوة التي أهله لها، فكان ذلك مما تقدم عندها
على ما ذكرناه وتأكد لديها، فلم تزل مستشرفة إليه منتظرة له، فلما أتاها به
رسول الله صلوات الله عليه وآله أسلمت في الوقت.
(147) ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وآله من غد يوم الثلاثاء عليا
عليه السلام وهو صغير لا علم عنده بذلك ولا خبر.
فقال له بأبي أنت وأمي أنظرني ساعة (1) فقال له رسول الله
صلى الله عليه وآله: أنا أنظرك ما شئت ولكن يكون ما قتله لك أمانة
عندك أن لا يطلع عليه أحد غيرك. فقال علي عليه السلام: إنما أردت أن
لا أتقدم في ذلك إلا عن رأي أبي، فإذا ما قلت فأنا أشهد أن لا إله إلا
الله وإنك رسوله.
فكانت نبوة محمد صلى الله عليه وآله يوم الاثنين وأسلم علي
عليه السلام من غد يوم الثلاثاء كما جاء ذلك مأثورا في أول هذا
الباب، وهو كما ذكرنا مما يؤثره أكثر العوام وبإسنادهم حكيت أكثر ما
حكيته منه، وكان ذلك مما امتحن الله عز وجل به قلب علي عليه السلام
بالايمان به وبرسوله على حداثة سنه وقرب عهده، فوجده عندما ارتضاه
منه وأرضاه.
وقد طعن قوم من العامة من مبغضيه الذين أبغضهم الله عز وجل،
وأخبر بذلك على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: إن إسلامه

(1) أقول: أهذا هو جواب طفل غير رشيد؟ أم هو نبوغ العقل لذا تقدم.
189

يومئذ لا يعد إسلاما لأنه لم يكن بالغا مكلفا، وهذا منهم طعن على
رسول الله صلى الله عليه وآله إذ كان قد دعاه إلى الاسلام، وقبله منه.
وهو بزعمهم غير مقبول، ولا واجب عليه مع جهل هؤلاء بدين الله
عز وجل، وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وما أنزله عليه عز وجل في كتابه،
فقد قال جل ثناؤه: (وآتيناه الحكم صبيا) (1) والحكم درجة بعد
الاسلام ولا يكون إلا لمن يستحقه، وقد رووا عن عبد الله بن عمر هو
وأمثاله من الصحابة عندهم ممن يجب اتباعه ولا يجوز عندهم مخالفة
قوله، إنه قال: إذا بلغ الصبي سبع سنين كتب إيمانه وكفره. وحجته في
ذلك عندهم اسلام علي عليه السلام (وذكروا) بأجمعهم قول رسول الله
صلى الله عليه وآله: كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه يهودانه أو
ينصرانه أو يمجسانه (2). وأجمعوا كذلك أن حكم الولد حكم أبويه ودينه
على دينهما حتى يختار الخروج منه، فإذا كان مولودا على الفطرة لم يجزأن
ينقل عنها حتى يبلغ، وهو إذا بلغ عندهم على الاسلام ثم اختار غيره
استتيب فان تاب وإلا قتل. وفي هذا كلام يطول ذكره.
(148) ومما رووه في نفس هذا المعنى عن عمرو بن سلمة، إنه قال: كنا
بحاضرا يمر بنا من جاء من عند النبي صلوات الله عليه وآله، فيحدثون عنه
عليه الصلاة والسلام، فحفظت قرانا كثيرا، فوفدوا بي إلى النبي في نفر
من قومي، فعلمهم الصلاة، وقال: ليؤمكم أقرأكم، فقدموني، وكنت
أؤمهم وأنا ابن ثمان سنين، وكان علي بردة إذا سجدت انكشف
سوأتي. فقال امرؤ من القوم: واروا سوءة إمامكم، فكسوني عمامة معقدة،

(1) مريم: 12.
(2) أي يسلك الطريقة المجوسية في حياته العلمية.
190

فما فرحت بشئ بعد الاسلام مثل ما فرحت بها.
فهذا عمرو بن سلمة أحد الصحابة الذين لا يجوز خلاف قولهم
عندهم يخبر أنه أسلم ووفد على رسول الله صلوات الله عليه وآله وأم الناس
بعد ذلك وهو ابن ثمان سنين.
إنما قال من قال: بأن إسلام علي عليه السلام لم يكن إسلاما ليدفع
بذلك فضله بزعمه على أبي بكر وعمر وغيره ممن تقدم عليه لان الله
عز وجل يقول: (والسابقون السابقون أولئك المقربون) (1)، ولا يجوز أن
يكون المقرب عند الله يتقدمه من يكون هو أقرب إليه منه، ورسول الله
صلوات الله عليه وآله يقول: إمام القوم وافدهم إلى الله، وكذلك إنما
يتقدم القوم في كل شئ إمامهم ولا يكون ذلك إلا لمن هو أقربهم إلى
الله عز وجل وإلى رسوله.. (2) بينه وبين علي عليه السلام.
(149) بإسناد آخر عن حبة العرني، قال: قال علي عليه السلام بعرفة: أنا
عبد الله وأخو رسول الله، لم يقلها أحد قبلي ولا يقولها أحد بعدي إلا
كاذب.
(150) وبآخر عن عبد الله بن عمر، قال: أخي رسول الله صلوات الله
عليه وآله بين أصحابه ولم يذكر عليا عليه السلام، فقام وعيناه تهملان.
فقال: يا رسول الله، مالي تركتني بلا أخ. فقال له رسول الله صلى الله
عليه وآله، لنفسي تركتك، أنت أخي في الدنيا والآخرة (3).
(151) بآخر عن أسماء بنت عميس، قالت: وقف رسول الله صلى الله

(1) الواقعة: 10.
(2) هكذا في الأصل.
(3) وهذا الحديث لم يكن في نسخة - أ -.
191

عليه وآله بجمع امراد مزدلفة في حجة الوداع مستقبلا ثبير (1)، فقال:
اللهم إني أقول كما قال أخي موسى: اللهم اغفر لي ذنبي واشرح لي
صدري ويسر لي أمري، واحطط عني وزري واجعل لي وزيرا من أهلي
عليا أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا ونذكرك
كثيرا إنك كنت بنا بصيرا (2).
(152) وبآخر، عن الأصبغ بن نباتة، قال: خطبنا علي عليه السلام فقال:
أيها الناس أنا ابن عم رسول الله صلوات الله عليه وآله وأخو رسول الله
صلوات الله عليه وآله ووصي رسول الله، ووارث رسول الله، وابنته
زوجتي وخير نساء أمته، فمن زعم أن وحيا ينزل بعد محمد صلوات الله
عليه وآله فقد كفر بالرحمان عز وجل.
(153) وبآخر، عن أبي يحيى، قال: سمعت عليا عليه السلام وهو على المنبر
يقول: أنا عبد الله وأخو رسوله، لا يقولها أحد غيري إلا كذاب. فقال
رجل (3) وأنا عبد الله وأخو رسوله، فأصابته جنة.
(154) وبآخر، عن كثير بن سعد، عن أبي يحيى، قال: سمعت عليا
عليه السلام ما لا أحصيه، أو قال: أكثر من الف مرة يقول - على المنبر،
ما صعد عليه إلا قال -: أنا عبد الله وأخو رسوله، لا يقولها بعدي إلا
كاذب.

(1) وفي تفسير فرات بن إبراهيم ص 216: أشرق ثبير أشرق ثبير، اللهم إني أسألك ما سألك أخي
موسى. وفي ص 92 الرواية منقولة أيضا عن إبراهيم بن أحمد عن عمر الهمداني إلا إن الجملة الأخيرة لم
يذكرها.
(2) وقد ورد شطرا من ذلك في سورة طه الآيات: 29 - 33.
(3) وفي البحار للمجلسي 41 / 205: رجل من عبس.
192

(الاخوة)
وهذه الأخبار أيضا ثابتة، قد رواها الخاص والعام من طرق كثيرة، ولم
يختلفوا في صحتها، ولم يكن علي عليه السلام أخا لرسول الله صلى الله عليه وآله
اخوة نسب في الظاهر لأبيه ولا لامه، ولا كان أخا شقيقا، وإنما قال ذلك فيه
إبانة (1) لمنزلته وإمامته وفضله على سائر المسلمين لئلا يتقدمه أحد منهم ولا
يتأمر عليه بعده إذ قد أخي بينهم أجمعين، وقرن بين كل واحد منهم وصاحبه
وأفرده هو من بينهم باخوته. والعرب تقول للشئ إنه أخو الشئ إذا أشبهه أو
قاربه أو وافق معناه. وقد قالوا في قوله الله عز وجل حكاية عن الذين أنكروا
على مريم عليه السلام ولادة عيسى عليه السلام: (يا أخت هارون ما كان
أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا) (2). قالوا: كان هارون هذا في ذلك
الوقت رجلا عاهرا فشبهوها به بأن قالوا: يا أخت هارون: يا شبيهة هارون في
عهره. وهذا معروف في لسان العرب.
فلما كان عليه السلام وصي رسول الله عليه وآله في أمته وخليفته
عليها من بعده، والقائم فيها مقامه. وكان أقرب الناس شبها في المنزلة به، وإن
كان رسول الله صلى الله عليه وآله أعلى منزلة منه وقدرا، وإنه أقربهم إليه في
ذلك كما ذكرناه إنه يجوز أن يقال للشئ إذا قارن الشئ وشاكله إنه أخوه،
فأكد له رسول الله صلى الله عليه وآله ما جعله له من الإمامة بذلك، وبغيره مما
ذكرناه ونذكره في هذا الكتاب من وجوه شتى مع النص عليه الذي ذكرناه.
وأما الاخوة في النسب الظاهر فليست بموجبة لهذا المقام بلا نص، لأنه قد
يكون المؤمن أخا للكافر وللمنافق في النسب ويختلفان في الحال والمذهب. وإنما

(1) إظهارا.
(2) مريم: 28.
193

اخوة الدين فإنما تكون لاعتقاده والتشابه فيه والاجتماع عليه، لذلك قال الله
عز وجل: (إنما المؤمنون إخوة) (1) لاتفاقهم على الايمان، فكانوا إخوة فيه
لاتفاقهم عليه، وأبان الله عز وجل عليا عليه السلام على لسان رسوله بأن جعله
مشاكلا موافقا له إذا قد خصه باخوته من بين جميع المؤمنين، ولم يكن لاحد منهم
مع ذلك أن يتقدمه ولا يتأمر عليه كما لم يكن لهم أن يفعلوا ذلك مع رسول الله
صلوات الله عليه وآله.

(1) الحجرات: 10.
194

(تفضيل علي عليه السلام)
ومما جاء النص به من تفضيل علي عليه السلام باسمه:
(155) بإسناد آخر، عن أنس بن مالك، قال: كنا نتهيب أن نسأل
رسول الله صلى الله عليه وآله فلما نزلت: (إذا جاء نصر الله والفتح) (1)
رأينا (2) أن نفسه نعيت إليه. فقلنا: يا رسول الله أرأيت إن كان شئ فمن
نسأل بعدك؟! فقال: أخي ووزيري وخليفتي في أهلي، وخير من أترك
بعدي يقضي ديني وينجز موعدي علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.
(156) وبآخر عن السدي، قال: دخل علي صلوات الله عليه على رسول الله
صلى الله عليه وآله وعائشة جالسة فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله:
مرحبا بسيد العرب. فقالت عائشة: يا رسول الله أو لست سيد العرب؟.
قال أنا سيد ولد آدم عليه السلام ولا فخر، وعلي سيد العرب (3).
(157) وبآخر، عن جابر بن عبد الله الأنصاري: إنه ذكر عنده علي
عليه السلام فقال: ذلك خير البرية أو قال: خير البشر. يعني عليا

(1) النصر: 1.
(2) علمنا، كما في تاريخ دمشق لابن عساكر 1 / 115.
(3) هذا الحديث لم يكن في نسخة - أ -.
195

صلوات الله عليه.
(158) وبآخر أيضا عنه إنه ذكر عليا عليه السلام فقال: علي عليه السلام
خير البشر لا يشك فيه إلا منافق.
(159) وبآخر، عن عمار بن ياسر (رحمه الله) إنه قال يوما لقوم اجتمعوا
إليه: من أخير الناس وأفضلهم عندكم؟ قالوا: عمر، أمير المؤمنين، فتح
الفتوح، ومصر الأمصاء، وذلك في أيامه. فسكت. فقالوا: ما تقول يا أبا
اليقطان؟ قال: أقول ما قد سمعت من رسول الله صلوات الله عليه وآله،
إنه قال: علي خير البشر، فمن أبى فقد كفر. وسمعته صلى الله عليه وآله
يقول: ما من قوم ولوا أمورهم رجلا وفيهم من هو خير منه إلا كان أمرهم
إلى سفال.
(160) وبآخر، عن محمد بن قيس، عن أبيه، قال: كنا عند الأعمش (1)
- فتذاكرنا الاختلاف - فقال: أنا أعلم من أين وقع الاختلاف. قلت: من أين وقع؟ قال: ليس هذا موضع ذكر ذلك. قال: فأتيته بعد ذلك
فخلوت به. وقلت: ذكرنا الاختلاف الواقع، وذكرت إنك تعلم من أين
وقع. فسألتك عن ذلك، فقلت: ليس هذا موضع ذلك. وقد جئتك
خاليا. فأخبرني من أين وقع الاختلاف؟ قال: نعم، ولي أمر هذه الأمة
من لم يكن عنده علم فسئل. فسأل (2) الناس فاختلفوا فلو ردوا هذا
الامر في موضعه ما كان اختلاف. قلت: إلى من؟ قال: إلى من كان
يسئل بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وما سئل أحد غيره، إلى من كان
يقول: سلوني قبل أن تفقدوني، وإنكم لن تجدوا أعلم بما بين اللوحين

(1) سلمان بن مهران الأسدي - راجع قسم التراجم -.
(2) وفي الأصل فسئل فبال الناس.
196

مني، إلى من كان يضرب بيده على صدره، ويقول: إن هاهنا لعلما جما لم
أجدله حمله، إلى من قال رسول الله صلى الله عليه وآله فيه: أقضاكم علي
بن أبي طالب.
(161) وبآخر، عن الحسن البصري، قال: دخلت مسجد رسول الله
صلى الله عليه وآله فجلست إلى عبد الله بن عمر، وذلك في يوم الجمعة إلى
أن طلع علينا مروان، فخطب، وصلى، فجعل عبد الله بن عمر يقول:
رحمك الله يا سلمان. ويكرر ذلك. فقلت له: يا أبا عبد الرحمان، لقد
ذكرت من سلمان شيئا. قال: نعم، خرج علينا عشية بايع الناس لأبي
بكر، فقال: أما والله لقد أطمعتم فيها أولاد العتل (1) ولو وليتموها أهل
بيت نبيكم ما طمع فيها غيرهم، وذكرت قوله هذا لما رأيت مروان (2) على
المنبر.
(162) وعن أبي صالح، قال: لما حضرت عمر الوفاة جمع أهل الشورى
- فاجتمع عنده علي صلوات الله عليه وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمان
بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأناس من المهاجرين والأنصار: - فحمد
الله تعالى وأثنى عليه. وقال: إني مفارقكم كالذي فارقكم من قبلي،
وإني أسألكم بالله هل تعلمون علي مظلمة أو تباعة لاحد من الناس من
المسلمين والمعاهدين؟ فقالوا جميعا: اللهم، لا. وسكت علي صلوات الله
عليه. فقال: ألم تكونوا راضين إلى يومكم هذا؟ قالوا: نعم. ولم يقل علي
عليه السلام شيئا. فنظر إليه عمر، وقال: ما تقول يا أبا الحسن. قال:
أقول: غفر الله لي ولك يا عمر أنت إلى رضا من تقدم عليه أحوج منك

(1) العتل: الغيظ الجافي وغيره.
(2) وهو الذي لعنه الرسول ونصبه معاوية أمير المدينة (تذكرة الخواص ص 17).
197

إلى رضانا، فقال له الزبير بن العوام: يا أبا الحسن، إن في صدر
أمير المؤمنين هاجسا، ولم يقبل عليك بالمسألة من بيننا إلا لتسمعه خيرا.
فقال علي عليه السلام: إن يكن فيما كان منه إلي خاصة - ما قد عرفت -
فقد أحس فيما ولي من أمور العامة، وقد أوصاني خليلي أن تغفر المظلمة في
خاصتنا، وأنا أقول كما قال يوسف: (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله
لكم وهو أرحم الراحمين) (1). قال عمر: ولك يغفر الله، يا أبا
الحسن، فقديما كنت سباقا إلى الخير. ثم قال: يا معشر المهاجرين
والأنصار إن رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرنا من قبل أن يقبض: إن الله
مولى رسوله، وإن رسوله مولى كل مؤمن، وأولى المؤمنين من أنفسهم، وإن
علي بن أبي طالب مولى من كان رسول الله صلوات الله عليه وآله مولاه.
(163) محمد بن سنان عن (أبي) الجارود (زياد بن المنذر) عن عمر المرادي
قال: كنت أرى رأي الخوارج لأني لم أر قوما أشد منهم اجتهادا ولا
أسخى نفوسا بالموت، وكنت أأتي القضاة والفقهاء، فقال لي رجل يوما
من الأيام: هل أدلك على امرأة ليس بالبصرة فقيه ولا مجتهد إلا وهو
يأتيها؟ قلت: وددت ذلك. فوصف لي منزلها، فدخلت عليها، فإذا بامرأة
قد طعنت في السن.، علبها أثر العبادة، في ناحية من دارها رجل (2)
ملتف في خلق، فظننت أنه بعض من يخدمها. فقالت لي: ما حاجتك يا
عبد الله؟ قلت: إني رجل أرى رأي الخوارج لأني رأيتهم أشد الناس
اجتهادا وأسخاهم نفوسا بالموت، فرفع إلي الشيخ رأسه، وقال: إنك
لتحطب في حبل قوم في النار يسبون الله ورسوله بسبهم أفضل الناس بعد
رسول الله صلى الله عليه وآله. فأقبلت عليه كالمنكر لما قال. فقالت لي

(1) يوسف: 92.
(2) وفي نسخة - ب -: شيخ.
198

المرأة: يا عبد الله أتدري من هذا الشيخ؟ هذا أبو الحمراء خادم رسول الله
صلى الله عليه وآله. فقلت له: ما عرفتك. فأخبرني عما عندك في علي
عليه السلام. قال أخبرك بما رأت عيناي وسمعت أذناي ومشت فيه
قدماي، بينا أنا بين يدي رسول الله صلوات الله عليه وآله أخدمه، إذ قال
لي: يا أبا الحمراء اخرج فأتني بمائة رجل من العرب، وسماهم لي،
وخرجت فأتيته بهم، فصفهم صفا بين يديه. ثم قال لي: اخرج فأتني
بكذا وكذا (1) من العجم، وسماهم لي. فأتيته بهم فصفهم صفا خلف
صف العرب، ثم قال لي: اخرج فائتني بقوم من القبط، وسماهم لي،
فأتيته بهم، فصفهم وراء العجم، ثم قال لي: ائتني بنفر من الحبش
وسماهم لي، فأتيته بهم، فصفهم من وراء القبط، ثم أقبل على جميعهم،
وقال: (2) أتشهدون إني مولي المؤمنين، وأولى بهم من أنفسهم؟ قالوا:
اللهم نعم، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد
من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله، هل سمعتم وأطعتم. قالوا:
نعم، يا رسول الله! قال: اللهم اشهد، ثم قال لي: يا أبا الحمراء (3)،
ائتني بأديم ودواة. فأتيته بذلك، ثم قال لي: أكتب:

(1) وفي أمالي الصدوق ص 313: وخمسين رجلا من العجم وثلاثين رجلا من القبط وعشرين
رجلا من الحبشة.
(2) وفي البحار 38 / 106: ثم قام، فحمد الله وأثنى عليه ومجد الله بتمجيد لم يسمع الخلائق بمثله، ثم
قال: يا معشر العرب والعجم والقبط والحبشة أقررتم بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن
محمدا عبده ورسوله، فقالوا: نعم. فقال: اللهم اشهد، حتى قالها ثلاثا.
(3) وفي الأمالي والبحار: ثم قال لعلي عليه السلام: يا أبا الحسن، انطلق فائتني بصحيفة ودواة،
فدفعها إلى علي بن أبي طالب، ثم قال له: اكتب.
أقول: أظن بنظري القاصر العبارة في الكتابين مصحفة.
199

بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أقرب به العرب والعجم والقبط
والحبش إن الله جل ثناؤه مولى رسوله، ورسوله مولى المؤمنين وأولى بهم
من أنفسهم، وإن من كان رسول الله صلى الله عليه وآله مولاه فعلي
مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل
من خذله.
ثم أخذ الكتاب فختمه ودفعه إلى علي فوالله ما أدري ما صنع به.
وقد روى أيضا هذا الحديث محمد بن جرير الطبري في كتابه الذي
قدمنا ذكره.
(164) وبآخر، عن علي بن حزور، يرفعه، قال: لما فرغ أمير المؤمنين
صلوات الله عليه من قتال أهل البصرة، فوقف صلوات الله عليه على أفواه
ثلاث سكك، ووقف الناس من حوله، فقال عليه السلام: ألا أخبركم
بخير الخلق عند الله يوم القيامة. قالوا: نعم، يا أمير المؤمنين فخبرنا، فقال:
هم شيعة من ولد عبد المطلب. قال له عمار (بن ياسر): سمهم لنا يا
أمير المؤمنين. قال: ما حدثتكم إلا وأنا أريد أن أخبركم بأسمائهم. هم:
رسول الله وصاحبكم وصيه وحمزة وجعفر والحسن والحسين والمهدي منا
أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين.
(165) (الحسين) (1) بن الحكم الحبري، باسناده، عن ربيعة السعدي،
قال: لما كان من أمر عثمان ما كان بايع الناس عليا عليه السلام، وكان
حذيفة اليماني على المدائن يوم قتل عثمان، فبعث إليه علي عليه السلام
بعهده، وأخبره بما كان من أمر الناس وبيعتهم إياه. فنادى حذيفة

(1) وفي الأصل: الحسن، ولم يكن أحد بهذا الاسم أما الحسين بن الحكم الحبري هو صاحب
كتاب (ما نزل من القرآن في علي) ويذكر المؤلف منه فيما بعد.
200

الصلاة فاجتمع الناس، فقام فيهم خطيبا، فحمد الله تعالى وأثنى
عليه، وذكر النبي صلى الله عليه وآله بما هو أهله، وأخبرهم بأمر علي وما
كتب به إليه، وقال: قد والله وليكم أمير المؤمنين حقا، ورددها سبع
مرات، ويحلف لهم بالله على ذلك، فقام إليه رجل (1)، فقال: أيها
الأمير، متى كان أمير المؤمنين اليوم حين ولي، أو قد كان قبل ذلك، فإنا
نسمعك كررت ذلك سبعا تحلف عليه، ولا أظن ذلك إلا لأمر تقدم عندك فيه.
قال له حذيفة: إن شئت أخبرتكم وإلا فبيني وبينك علي عليه السلام
فإنه أعلم الناس بما أقوله. قال: فخبرني. فقال حذيفة: إن رسول الله
صلى الله عليه وآله كان يقول لنا: إذا رأيتم دحية الكلبي عندي جالسا
فلا يقربني أحد منكم، وكان جبرائيل يأتيه في صورة دحية الكلبي وأني
أتيته يوما لأسلم عليه فرأيته نائما، ورأسه في حجر دحية الكلبي،
فغمضت عيني ورجعت فلقيني علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)،
فقال لي: من أين جئت؟ قلت: من عند رسول الله صلى الله عليه وآله
وأخبرته الخبر. فقال لي: ارجع معي فلعلك أن تكون لنا شاهدا على
الخلق، فمشى ومشيت معه حتى أتينا باب النبي صلى الله عليه وآله
فجلست من وراء الباب، ودخل علي (صلوات الله عليه) فقال: السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته. فأجابه دحية الكلبي: وعليكم السلام ورحمة
الله وبركاته، يا أمير المؤمنين ادن مني فخذ رأس ابن عمك من حجري
فأنت أولى به مني. فوضع رأس النبي صلى الله عليه وآله في حجر علي
عليه السلام، ثم نظرت فلم أره. ومكث النبي صلى الله عليه وآله مليا ثم
انتبه، فنظر إلى علي عليه السلام. فقال: يا علي من حجر من أخذت

(1) وفي بحار الأنوار ط قديم 8 / 19: فتى يقال له: مسلم.
201

رأسي؟ قال: من حجر دحية الكلبي يا رسول الله. قال: بل أخذته من
حجر جبرائيل، فأي شئ قلت حين دخلت؟ وما الذي قال لك؟
قال: قلت: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال لي: وعليكم السلام
ورحمة الله وبركاته يا أمير المؤمنين ادن مني فخد رأس ابن عمك من
حجري فأنت أولى به منى. فقال: صدق، أنت أولى (بي) منه فهنيئا لك
يا علي رضي عنك أهل السماء وسلمت عليك الملائكة بإمرة المؤمنين،
فلهنك هذه الفضيلة والكرامة من الله عز وجل. وما لبث أن خرج
رسول الله صلى الله عليه وآله فرآني من وراء الباب، فقال لي: يا حذيفة
أسمعت شيئا؟ فقلت: اي والله سمعته، وأخبرته الخبر. فقال لي: حدث
بما سمعت من جبرائيل عليه السلام.
(166) وبآخر، عن أسماء ابنة مخزومة أم عبد الله بن العباس (1) إنها قالت
لا بنها: يا بني إلزم علي بن أبي طالب، فإنه ليس أحدا من الناس بعد
رسول الله صلى الله عليه وآله أعلم ولا أفضل منه.
(167) وبآخر، عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، إنه قال: أنزلت في
علي عليه السلام وشيعته آية: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك
هم خير البرية) (2) قال: هو علي و شيعته.
(168) وبآخر عن أم سلمة (رضوان الله عليها) قالت: نزلت هذه الآية:
(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا) (3) على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في بيتي وأنا على باب

(1) هكذا في الأصل وأظن أنها أسماء بنت سلامة (سلمة) بن مخربة بن جندل. وهي أم عياش بن
عبد الله كما في الإصابة لابن حجر (4 / 232).
(2) البينة: 7.
(3) الأحزاب: 33.
202

البيت، ومعه في البيت علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام،
فتلاها. فقلت. يا رسول الله، من أهل البيت؟ قال: أنا وعلي وفاطمة
والحسن والحسين. قالت: قلت: فهل أنا من أهل البيت؟ قال: إنك
على خير، إنك من أزواج النبي. ما قال لي: إنك من أهل البيت.
(169) وبآخر، عن ربعي بن خراش، قال: سمعت عليا عليه السلام يقول:
جاء سهيل بن عمرو إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد، إنه
قد خرج إليك قوم من عبيدنا، فارددهم علينا. فقال أبو بكر وعمر:
صدق يا رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال النبي صلى الله عليه وآله: لن
تنتهوا معشر قريش حتى يبعث الله عليكم رجلا قد منح (1) الله قلبه
الايمان يضرب رقابكم على هذا الدين وأنتم عنه مجفلون إجفال النعم.
قوله: إجفال النعم. الجفول سرعة العدو في السير.
قال عمر: فأنا هو يا رسول الله؟ قال: لا. ولكنه خاصف النعل.
قال علي عليه السلام: وكان في يدي نعل رسول الله صلى الله عليه وآله
أخصفها (2).
(170) وبآخر، عن سعيد بن جبير، قال: رأيت عبد الله بن عباس جالسا
على شفير زمزم إذ وقف إليه رجل وهو يحدث الناس فقام بين يديه.
وقال: يا بن عباس، إني امرؤ من أهل الشام، أتيتك أسألك. فقال ابن
عباس: أعوان كل ظالم إلا من عصم (3) الله منهم، سل عما بدا لك! قال:

(1) بمعنى أعطى الله. وفي كشف الغمة 1 / 212: امتحن الله قلبه على الايمان.
(2) وفي كفاية الطالب ص 97 إصافة: قال: ثم التفت الينا علي بن أبي طالب عليه السلام فقال:
إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.
(3) وفي رواية غاية المرام ص 141: من عصم الله أيضا، وفي نسخة - أ -: خصهم الله.
203

أتيتك أسألك عن علي بن أبي طالب، وقتاله أهل لا إله إلا الله لم
يكفروا بصلاة ولا بصيام ولا بزكاة ولا حج. فقال ابن عباس: يا
شامي سل عما يعنيك؟ قال: إني لم آتك أضرب (1) من حمص (2) لحج
ولا لعمرة، ولا جئت إلا أن أسألك عما سألتك عنه، ولتشرحه لي.
فقال له ابن عباس: إن علم العالم صعب لا يحتمل ولا تقربه أكثر
القلوب، إن مثل علي فيكم كمثل العالم وموسى عليهم السلام. قال الله
عز وجل لموسى: (يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي
وبكلامي فخدما آتيتك وكن من الشاكرين) (3) وقال: (وكتبنا له في
الألواح من كل شئ) (4). وكان موسى عليه السلام يرى أن الأشياء
كلها أثبتت له في الألواح، كما ترون أنتم أن علماء كم قد أثبتوا لكم
الأشياء كلها، وإنما قال الله عز وجل أنه كتب لموسى عليه السلام من
كل شئ ولم يقل أنه كتب له فيها كل شئ. فلما أتى موسى الساحل
ولقى العالم وكلمه عرف فضله ولم يحسده على علمه كما حسدتم أنتم عليا
عليه السلام على علمه وفضله الذي جعله الله عز وجل له فرغب موسى
إليه وأحب صحبته كما أخبر الله عز وجل بذلك عنه في كتابه فعلم أن
موسى عليه السلام لا يصبر على ما يكون منه ما لم ينته إليه علمه، فتقدم
في ذلك إليه، وقال: (فإن اتبعتني فلا تسألني عن شئ حتى أحدث
لك منه ذكرا) (5) فخرق السفينة وكان خرفها لله سبحانه رضا وسخط
بذلك موسى عليه السلام وأنكره عليه، وقتل الغلام وكان قتله لله

(1) ضرب يضرب ضربا ومضربا بفتح الراء أي سار (مختار الصحاح 378).
(2) مدينة في سوريا.
(3) الأعراف: 144 - 145.
(4) الأعراف: 144 - 145.
(5) الكهف: 70.
204

عز وجل رضا وسخط ذلك موسى (عليه السلام) وأنكره عليه، وأقام
الجدار وكان إقامته لله عز وجل رضا، وسخط ذلك موسى عليه السلام
وأنكره عليه (1) كما سخطتم أنتم فعل علي عليه السلام وأنكرتموه ولم
يفعل من ذلك إلا ما رضيه الله عنه وأمر به رسول الله صلى الله عليه وآله
(ولأهل الجهالة من الناس سخط) (2). فاجلس يا أخا أهل الشام
أحدثك ببعض فضائله، وبقليل من كثير. فجلس الرجل.
فقال له ابن عباس: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما تزوج زينب
بنت جحش، أولم (3) عليها، وكانت وليمته الحيس (4)، وكان يدعو
المؤمنين عشرة عشرة فإذا أصابوا طعام نبيهم استأنسوا لحديثه والنظر إليه،
فجلسوا، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يحب أن تخلو له الدار،
ويكره أذى المؤمنين فأنزل الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا
بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا
دعيتم فأدخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم
كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق) (5). فلما
نزلت هذه الآية كان الناس إذا دعوا إلى طعام نبيهم، فطعموا، لم يلبثوا.

(1) كل هذه مفاد الآيات التالية: (فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق
أهلها لقد جئت شيئا إمرا. قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا. قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا
ترهقني من أمري عسرا. فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا
نكرا)... سورة الكهف الآيات 71 - 78.
(2) هذه الزيادة موجودة في غاية المرام ص 141.
(3) وفي مختار الصحاح ص 736 الوليمة: طعام العرس وقد أولم. وفي الحديث: أولم ولو بشاة.
(4) طعام يستحضر من تمر وسمن وسويق.
(5) الأحزاب: 53.
205

فمكث رسول الله صلى الله عليه وآله في بيت زينب بنت جحش
سبعة أيام ولياليهن، ثم تحول من بيت زينب بنت جحش إلى بيت أم
سلمة (بنت أمية)، فمكث عندها يوما وصبيحة الغد.
فلما تعالى النهار أتى علي عليه السلام إلى الباب، فدقه دقا خفيفا،
فعرف رسول الله صلى الله عليه وآله (دقه) وأنكر (ته) أم سلمة.
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: قومي يا أم سلمة فافتحي
الباب.
قالت: يا رسول الله، ومن هذا الذي قد بلغ من خطره أن أقوم، فأفتح
له وأستقبله بوجهي ومعاصمي؟
فقال: يا أم سلمة، من يطع الرسول فقد أطاع الله! قومي فافتحي
الباب فان بالباب رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، وإنك متى
فتحت الباب لم يلج (1) حتى يسكن حس وطئك عن الباب.
فقامت وهي تقول: بخ بخ لرجل يحب الله ورسوله ويحبه الله
ورسوله، ففتحت الباب.
فلما أحسها علي أمسك الباب أن ينفتح وأقام حتى انصرفت، ففتح
الباب ودخل، فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله، فرد عليه أحسن
رد، وسأله عن حاله. ثم قال: يا أم سلمة، هل تعرفين هذا الرجل؟
قالت: نعم هذا ابن عمك علي بن أبي طالب، يا رسول الله.
فقال: يا أم سلمة، هو ابن عمي حقا وهو أخي ووزيري وخير من أخلف في
أهلي وسيد المسلمين وأمير المؤمنين من بعدي وقائد الغر المحجلين يوم القيامة إلي
وصاحب حوضي ورفيقي في الجنة وسبطاي إبناه وقرة عيني وثمرة قلبي وريحانتي

(1) ولج يلج ولوجا أي دخل (مختار الصحاح 735).
206

من الدنيا، إشهدي بذلك يا أم سلمة وبأن زوجته فاطمة سيدة نساء العالمين.
اشهدي يا أم سلمة بأن حربه حربي وسلمه سلمي.
اشهدي يا أم سلمة إنه النائد عن حوضي من أبغضه وعاداه كما تذاد غريبة
الإبل.
اشهدي يا أم سلمة إنه يبعث يوم القيامة على ناقة من نوق الجنة مسايرا لي
يصل ركبته ركبتي.
اشهدي يا أم سلمة إنه معي على الصراط يقول لأعدائنا أهل البيت - وهم
في النار - تعستم تعستم (1).
اشهدي يا أم سلمة إنه يقاتل من بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين.
اشهدي يا أم سلمة إنه مع الحق يزول حيث ما زال ويدور حيث ما دار، لا
أخاف عليه فتنة ولا بلاء حتى يلقاني وعد وعدني ربي فيه ولن يخلف الله وعده
أن يحفظني فيه وتسلم له دينه حتى يلحق بي.
(فقال الشامي: فرجت علي يا عبد الله بن العباس، أشهد أن علي بن أبي
طالب مولاي ومولى كل مسلم) (2).
(171) أبو نعيم، باسناده، عن أم سلمة رضوان الله عليها - إنه ذكر عندها علي
عليه السلام ومن كان معه ومن فارقه - فقالت: كان والله علي
صلوات الله عليه على الحق فمن اتبعه اتبع الحق ومن فارقه فارق
الحق (3).
(172) شريك بن عبد الله، باسناده، عن عطاء بن رياح، قال: قلت لجابر

(1) تعسا لفلان أي ألزمه الله هلاكا (مختار الصحاح 77).
(2) ما بين المعقوفتين مأخوذ من غاية المرام ص 242.
(3) وفي كشف الغمة للأربلي 1 / 144 زيادة: عهدا معهودا قبل يومه هذا.
207

بن عبد الله: ما كانت حال علي عليه السلام فيكم في حياة رسول الله صلى
الله عليه وآله؟ قال: كان بمنزلة الأمير، إن شهد عظم وسود، وإن غاب انتظر.
(173) الحارث بن نصر، عن عمرو بن الحمق، قال: قال لي رسول الله
صلى الله عليه وآله يوما وأنا بين يديه في المسجد: يا عمرو، ألا اربك آية
الجنة وآية النار، يأكل الطعام ويشرب الشراب ويمشي في الأسواق.
قلت: نعم، بأبي أنت وأمي يا رسول الله فأرنيهما. فأقبل علي عليه السلام
يمشي حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وآله فسلم وجلس بين يديه،
فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عمرو هذا وقومه آية الجنة. ثم
أقبل معاوية فسلم وجلس، فقال: يا عمرو هذا وقومه آية النار.
(174) علي بن أبي القاسم، باسناده، عن عباد بن كثير: إن النبي صلى الله
عليه وآله قال لعلي عليه السلام: يا علي إن الله تعالى أمرني أن أبشرك
إنك نور الهدى وإمام الأئمة، وإنك تقاتل عدوي من بعدي.
(175) راشد بن خالد، باسناده: إن رسول الله صلى الله عليه وآله خلا يوما
بيت من بيوته، فأمر عليا عليه السلام بأن يحجب الناس عنه، فجاء
عمر، فقال لعلي عليه السلام: استأذن لي على رسول الله صلى الله
عليه وآله. فقال هو مشغول عنك، فانصرف، ومكث ساعة، ثم أتاه (في)
الثانية. فقال له مثل ذلك (فانصرف)، ثم أتاه الثالثة. فقال له مثل
ذلك، فانصرف عمر وهو يقول: يا عجباه جئت ثلاث مرات أستأذن
على النبي صلى الله عليه وآله فلم يؤذن لي.
فقال له علي عليه السلام:
على رسلك يا عمر إن رسول الله صلى الله عليه وآله في داره مائة وستون
ملكا (1) وهو معهم مشغول عنك وعن غيرك. فلما خرج رسول الله

(1) وفي تفسير فرات الكوفي ص 23: ثلاثمائة وستون ملكا.
208

صلى الله عليه وآله أعلمه عمر بذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
أقلت ذلك يا علي؟ قال: نعم، يا رسول الله. قال: كيف علمت إنه
زارني هذا العدد من الملائكة؟ قال: يا رسول الله، أحصيت سلامهم
عليك وكان ذلك عددهم، قال صلى الله عليه وآله: وسمعت ذلك؟
قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم زده فضلا وعلما
وإيمانا.
(176) وبآخر، عن يحيى بن سلمة، باسناده، عن كميل باسناده عن علي
عليه السلام إنه قال: إن حسبي حسب النبي صلى الله عليه وآله،
وعرضي عرضه، ودمي دمه، فمن أصاب مني شيئا فإنما أصابه عن
رسول الله صلى الله عليه وآله.
(177) وبآخر، عن أبي سعد الحجاف، رفعه إلى أبي أيوب الأنصاري، قال:
خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله يوم عرفة، فقال: أيها الناس إن
الله عز وجل باهى بكم في هذا اليوم، فغفر لكم عامة ولعلي خاصة. فأما
العامة منكم فمن لم يحدث بعدي حدثا وهو قول الله عز وجل: (فمن نكث
فإنما ينكث على نفسه) (1).
وأما الخاصة: فطاعة علي طاعتي فمن عصاه فقد عصاني. ثم قال: قم
يا علي، فقام. فوضع رسول الله صلى الله عليه وآله كفه في كفه. ثم قال:
أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا، فطاعتي مفروضة وإني غير خائف
لقومي ولا محاب لقرابتي منهم وإنما أنا رسول الله: (وما على الرسول إلا
البلاغ) (2) الا إن هذا جبرائيل يخبرني عن ربي عز وجل إن السعيد حق

(1) الفتح: 10.
(2) المائدة: 99.
209

السعيد من أحب عليا في حياته أو بعد وفاته. وإن الشقي حق الشقي من
أبغض عليا في حياته أو بعد وفاته.
(178) وبآخر، الحكم بن سليمان باسناده عن أبي سعيد الخدري، قال:
ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله الخوارج فوصفهم ثم قال: يقتلهم خير
البرية علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.
(179) وبآخر، الحسين بن الحكم عن أبي الحمراء خادم رسول الله
صلوات الله عليه وآله. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لما
أسري بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش فإذا هو مكتوب عليه: لا إله
إلا الله محمد رسول الله (1) أيدته بعلي ونصرته به.
(180) وبآخر، أبو غسان، باسناده، عن ابن عباس، إنه سئل عن سوابق
علي عليه السلام.
فقال: والله لقد سبقت له سوابق لو كان بعضه لامة
من الأمم لرأت إن الله عز وجل قد منحها فضلا عظيما.
(181) وبآخر، عن حذيفة بن اليمان، إنه قال: لما قتل عثمان، أتاه قومه
فقالوا: يا أبا عبد الله إن أمير المؤمنين قد قتل، فما تأمرنا؟ قال: آمركم أن
تتبعوا عمار بن ياسر فتكونوا حيث كان. قالوا: إن عمار مع علي لا
يفارقه. قال حذيفة: إن الحسد أهلك الجسد وإنما يقربكم من عمار قربه
من علي عليه السلام، فوالله لعلي أخير من عمار بأبعد ما بين التراب
والسحاب، وأن عمارا لمن الأخيار.
(182) وبآخر، إبراهيم بن الحسين، باسناده عن سالم بن أبي الجعد، قال:
بعث علي عليه السلام إلى عائشة بعد أن انقضى أمر الجمل وهي
بالبصرة، أن ارجعي إلى بيتك، فأبت، ثم أرسل إليها ثانية، فأبت، ثم

(1) وفي البحار 39 / 53: محمد رسولي وصفيي من خلقي.
210

أرسل إليها ثالثة (1): لترجعن أو لا تكلم بكلمة يبرأ الله بها منك
ورسوله. فقالت: أرحلوني أرحلوني. فقالت لها امرأة - ممن كان عندها
من النساء (2): يا أم المؤمنين ما هذا الذي ذعرك من وعيد علي
عليه السلام إياك. قالت: إن النبي صلى الله عليه وآله استخلفه على
أهله وجعل طلاق نسائه بيده.
(183) وبآخر، عن أنس بن مالك (3)، قال: لما أنزلت: (إذا جاء نصر الله
والفتح) (4) قلنا لسلمان: سل نبي الله صلى الله عليه وآله إلى من يسند
أمرنا بعده؟ فأتاه، فسأله، فسكت. فلما كان بعد عشرة أيام دعاه.
فقال: يا سلمان يا - أبا عبد الله - ألا أخبرك عما سألتني عنه؟ فقال: بلى،
بأبي أنت وأمي، ولقد خشيت لما أمسكت عني أن تكون مقتني أو وجدت علي
فيه، فقال: لا مقتك ولا وجدت عليك في شئ إلا أن أخي ووزيري وخليفتي
من بعدي وأفضل من أخلف في أهلي بعدي (5) ويقضي ديني وينجز عداتي علي
بن أبي طالب عليه السلام.
(184) وبآخر، رواه مطير، عن أنس بن مالك. قال يحيى: حدثناه وقد
انصرف من صلاة العصر، ثم رفع يده نحو السماء، وبكى. وقال: إن قوما
يقولون لي: إتق الله ولا تحدث إلا بما سمعت، اللهم سلني عنه يوم ألقاك

(1) المرسل هو الإمام الحسن (عليه السلام) كما في البحار 38 / 74.
(2) امرأة من المهالبة: أتاك ابن عباس شيخ بني هاشم وخرج من عندك مغضبا وأتاك غلام
فأقلعت.
(3) وفي الإصابة 1 / 217 قال: كنا إذا أردنا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وآله عن شئ أمرنا
عليا أو سلمان أو ثابت بن معاذ لأنهم كانوا أجرأ أصحابه عليه فلما نزلت...
(4) النصر: 1.
(5) وفي تاريخ دمشق لابن عساكر 1 / 115: خير من تركت بعدي.
211

يوم أقف بين يديك إني حدثت بما سمعت عن أنس بن مالك (1).
(185) وبآخر، عن أبي إسحاق، قال: قلت لقثم (2) بن عباس: كيف
ورث علي عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله وأبوك حي؟ قال:
لأنه كان أشدنا به لزوقا وأسرعنا به لحوقا.
(186) وبآخر، عن جابر بن عبد الله، إنه سئل عن فضل علي عليه السلام
فقال: وهل يشك فيه إلا كافر.
(187) وبآخر، إسماعيل بن موسى، باسناده عن الحسن البصري، قال:
قيل له: يا أبا سعيد، صف لنا علي بن أبي طالب عليه السلام. فقال:
كان سهما من سهام الله صائبا لأعداء الله ليس بالنؤومة عن أمر الله ولا
بالسرقة لمال الله، ورهباني هذه الأمة في فضلها وشرفها، أعطى القرآن
حقائقه فأحل حلاله وحرم حرامه حتى أورده ذلك رياضا مونقة وحدائق
مورقة (ذاك علي بن أبي طالب، يا لكع) (3).
(188) وبآخر، عن عائشة إنها سألت: أي الناس أفضل منزلة عند
رسول الله صلى الله عليه وآله ورسول الله صلى الله عليه وآله أوثق به؟
فقالت: لا أعرف أفضل منزلة عنده ولا من هو أوثق به من علي بن أبي
طالب عليه السلام.
(189) وبآخر، عن عطية العوفي، قال: سألت جابر بن عبد الله بعد ما كبر
وسقط حاجباه على عينيه: أي رجل، كنتم تغدون علي بن أبي طالب
فيكم فرفع رأسه وقال: أليس ذلك خير البرية.

(1) هكذا في الأصل.
(2) وفي نسخة - ب - القاسم بن عباس.
(3) هذه الزيادة موجودة في بحار الأنوار 42 / 144 الحديث 6.
212

(190) وبآخر، عن أبي البحتري، قال: أتى رجل عليا عليه السلام فذكر فضله
وأثنى عليه وتجاوز في القول، وكان يعلم منه غير ما يقول، فقال له: أنا دون ما
قلت، وفوق في نفسك.
(191) وبآخر، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى، إنه قال لعمرو بن ضمرة: ماذا
ألقاه من إخوانك من الشيعة، يأتوني فيسألوني عن مناقب علي بن أبي
طالب عليه السلام، فأقول: ما تسألوني عن مناقب رجل صفته ما أقول
لكم: من المهاجرين والأنصار الأولين، ومن أهل بدر، ومن أهل بيعة
الرضوان، ومن أصحاب الشورى، وابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله
وزوج فاطمة ابنته، وأبو الحسن والحسين (صلوات الله عليهم أجمعين)،
فيقولون هذا قد عرفناه.
إختصرت في هذا الباب جملا من القول في فضائل علي
(صلوات الله عليه) وكل ما ذكرته وأذكره في هذا الكتاب فهو مما آثرته
من فضائله والذي اختصرته، ولم آثره أكثر من ذلك لأنه عبد أنعم الله
عز وجل عليه بأفضل مما أنعم به على أحد من الأمة، وقد قال جل من
قائل: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) (1). كذلك لا يحصي أحد
وإن اجتهد فضل علي عليه السلام، فلا يرى من نظر في هذا الكتاب إنا
لما رسمنا هذا الباب بذكر فضائله عليه السلام إنا قد أتينا على جميعها
كما رأى ابن (أبي) ليلى، إن الذي ذكر من فضائله لمن سأله من الشيعة
عنها فيه ما يأتي عليها بأسرها، وأنكر قولهم هذا قد عرفناه كما ذكرنا عنه
هذا الخبر وهو خاتمة هذا الباب، وكان أحق بالانكار عليه إذ اقتصر لمن
سأله عن فضائل علي عليه السلام - على ما ذكره في الخبر - وهو بلا شك

(1) النحل: 18.
213

يعلم أكثر مما ذكرناه ونذكره في هذا الكتاب من فضائله، إذ هي من
المشهور المعروف عند الخاص والعام.
ومما لا يكاد مثله أن يخفى عن ابن أبي ليلى لقرب عهده بزمانه،
ولأنه من أهل العراق محل شيعته وأنصاره، ولأنه ممن عني بجمع الآثار،
وقد آثرنا عنه فيما اختصرناه من الاسناد فيما ذكرناه كثيرا غير ما جاء به في
هذا الحديث، فإما أن يكون ترك ذكر ذلك تقية، أو لما الله عز وجل
أعلم به. وكان القصد في إثبات هذا الباب في هذا الكتاب إلى العلم
بأن عليا عليه السلام أفضل الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد
أقر بذلك وقال به أكثر العوام.
(الفاضل والمفضول)
لكن زعم بعضهم إنه يجوز أن يؤم المفضول الفاضل لعلة من تقدم بعد
رسول الله صلى الله عليه وآله وحذرا منهم من أن ينكروا أشياء من أفعالهم على
نحو ما قدمنا ذكره من إجازتهم الخطاء على أنفسهم واستكبارهم إجازته على
غيرهم لما هم عليه من الضعف وقلة العلم بالواجب، وقولهم إن امامة المفضول
للفاضل جائزة، رد لقول رسول الله صلى الله عليه وآله ولامره الذي أمر الله
سبحانه باتباعه ونهى عن خلافه وهو فيما يؤثرون عنه صلى الله عليه وآله، يقول:
يؤمكم أفضلكم، ويقول: وأئمتكم شفعاؤكم، ولا تقدموا إلى الله بين أيديكم
إلا أفضلكم. وهم مجمعون فيما يروونه من تقديم الأئمة بآرائهم واختيارهم إنهم
متى أرادوا ذلك لم يقدموا إلا من يختارونه وإن الاختيار لا يقع إلا على من هو
أفضل، فلما ثبت عندهم أن عليا عليه السلام أفضل الصحابة بعد رسول الله
صلى الله عليه وآله ولم يجدوا إلى دفع ذلك سبيلا، قالوا بما قالوه إنه يجوز
للمفضول أن يتقدم الفاضل تهيبا من الانكار على من فعل ذلك وخالفوا بقولهم
214

هذا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وفعل الجماعة منهم. وفي هذا الباب من
الاحتجاج عليهم ما يخرج عن حد هذا الكتاب. وقد بسطنا كثيرا من ذلك في
كتاب الإمامة وغيرهما مما بسطناه من الكتب. فمن آثر علم ذلك وجده فيما
بسطناه من ذلك إن شاء الله تعالى.
215

(إطاعة علي عليه السلام وعدم مفارقته)
ذكر بعض ما جاء من الامر بطاعة علي (صلوات الله عليه) والنهي عن
مفارقته.
(192) الدغشي، باسناده، عن مجاهد، يرفعه إلى رسول الله صلى الله
عليه وآله، إنه قال: من فارقني فقد فارق الله، ومن فارق عليا فقد فارقني.
(193) حصن، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه عن آبائه
عليهم السلام إنه قال: من شك في حرب علي عليه السلام فقد شك في
حرب رسول الله صلى الله عليه وآله، وذلك أن رسول الله صلى الله
عليه وآله قال له: حربك حربي وسلمك سلمي.
(194) وبآخر، الحكم، باسناده، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام،
إنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي: يا علي، من خالفك فقد
خالفني.
(195) وبآخر، أبو محمد عبد الله بن محمد بن عابد، يرفعه إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله، إنه قال: إن الله عز وجل عهد إلي في علي (عهدا).
فقلت: رب بين لي. فقال: إسمع. فقلت: سمعت يا رب. فقال: يا
محمد إن عليا راية الهدى وإمام أوليائي ونور من أطاعني وهو الكلمة التي
216

ألزمتها المتقين، فمن أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني: فبشره
بذلك.
(196) وبآخر، يحيى بن اليعلى، باسناده، عن أبي ذر رحمة الله عليه، إنه
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي عليه السلام: يا علي
من أطاعك فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله. ومن عصاك فقد
عصاني (ومن عصاني) فقد عصى الله، ومن عصى الله ورسوله فهو من
الكافرين.
(197) وبآخر، عن إسماعيل بن موسى، باسناده، عن أبي الحجاف، قال:
سمعت عمار بن ياسر (رحمة الله عليه) يقول: أيها الناس إلزموا عليا
عليه السلام فإنه لم يخطئ بكم طريق الحق، وإن رأيتموني خالفته يوما
من الدهر فاعلموا إنه على الحق واني على الباطل.
(198) وبآخر، محمد بن إسماعيل، باسناده، عن عقيل (1). قال: سمعت
عليا عليه السلام يقول: إفترقت اليهود على كذا وكذا فرقة والنصارى على
كذا وكذا فرقة ولا أرى هذه الأمة إلا ستختلف كما اختلفوا (2)
ويزيدون عليهم فرقة، إلا إن الفرق كلها على ضلال إلا أنا ومن اتبعني
- يقول ذلك ثلاثا -.
هذا باب رسمناه في هذا الكتاب لنذكر به من غفل، وأكثر ما
ذكرناه فيه ونذكره مما يوجب طاعة علي عليه السلام والنهي عن مخالفته
والتقدم عليه مثل الامر بولايته، وقول النبي صلى الله عليه وآله: اللهم

(1) وفي أمالي المفيد ص 133: أبي عقيل.
(2) وفي نسخة - ب - ألا ستفترق كما افترقوا.
217

وال عن والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وقوله: أنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأن عليا عليه السلام مولى من كان الرسول
مولاه.
وكلما ذكرناه ونذكره إنه يوجب إمامته، فهو يوجب طاعته لان
الولاية والإمامة موجبتان للطاعة، وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله
قد أوجب طاعته على جميع المؤمنين، فمن أين يجوز لاحد بعده أن يتقدم
عليه ويوجب عليه أن يطيعه؟ أوليس هذا ردا لقول رسول الله صلى الله
عليه وآله وخلافا عليه إذ كان قد أمر بطاعته وولايته جميع المؤمنين،
فيدعي ذلك غيره لنفسه ويوجب عليه طاعته؟ أوليس قد أبان
رسول الله صلى الله عليه وآله بما أمر به من طاعته وولايته بأنه ولي الأمر
من بعده إذا كانت الطاعة إنما تجب لولاة الامر لقول الله عز وجل:
(أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (1) وهذا أبين و
أوضح من أن نحتاج إلى بيانه وايضاحه لمن وفق لفهمه، وكذلك كلما
أدخلناه وندخله في تضاعيف هذه الأخبار ولكنا أردنا بذلك تنبيه من
لعله غفل، وتعليم من لعله جهل. رجاء لثواب الله تعالى على ذلك والله
يثيبنا عليه بفضله ورحمته.

(1) النساء 59.
218

(ولاية علي عليه السلام)
ذكر الامر بولاية علي (صلوات الله عليه) وولاية الأئمة من ذريته (عليهم
أفضل السلام).
قد تقدم في هذا الكتاب وما يتلوه هذا الباب من إيجاب ولاية علي
عليه السلام كثير من الاخبار مثل قول النبي صلى الله عليه وآله: من كنت
مولاه فعلي مولاه، وغير ذلك مما يطول ذكره، ولكنا أردنا أن نفرد بابا في هذا
الكتاب بذكر الولاية لنبين بعد ما نذكره فيه ما يوجبه، وقد قال الله عز وجل
لجميع المؤمنين: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) (1) الذين آمنوا يدخل
في جملتهم الأنبياء والأوصياء وجميع من آمن بالله عز وجل فهم من الذين آمنوا،
ولكن قد يقع القول على شئ دون شئ على المراد به منهم، فالمراد بالذين
آمنوا هاهنا: الذين قرنهم الله عز وجل في الولاية برسوله صلى الله عليه وآله فهم
أئمة الهدى من آل الرسول.
(199) وكذلك آثرنا عن أبي جعفر (محمد بن علي ابن الحسين
عليه السلام)، إنه سئل عن قول الله: (إنما وليكم الله ورسوله والذين
آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)، فقال: إيانا

(1) التوبة: 55.
219

عنى بالذين آمنوا هاهنا، وعلي عليه السلام أولنا وأفضلنا.
(200) وعن سلمان الفارسي (رضي الله عنه) عن النبي صلى الله عليه وآله
إنه قال: خلقت أنا وعلي من نور واحد قبل أن خلق الله آدم
(عليه السلام) بأربعة آلاف عام، فركب ذلك فيه، ولم يزل في شئ واحد
حتى افترقنا في صلب عبد المطلب (1).
ومن هذا قول الله عز وجل:
(المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) (2).
لان اسم الايمان قد جمع الأئمة منهم والمأمومين فبعضهم الذين عنى
الأئمة أولياء سائر المؤمنين، ولو كان ذلك لعامتهم كما توهم من قصر
علمه وفهمه لكانت طاعتهم كلهم واجبة، ولم يدر من الولي منهم ولا من
المولى عليه، وذلك ما لابد من معرفته ولا يقوم أمر العباد إلا به، فأبان
رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الغدير بقوله: من كنت مولاه فعلي
مولاه.
(201) وفي بعض الروايات: من كنت وليه فعلي وليه، وإن عليا عليه السلام
ولي جميع المؤمنين، ونص ذلك فيه، وفي الأئمة من ذريته بما نذكره في هذا
الباب إن شاء الله تعالى.
(202) فمن ذلك ما رواه الدغشي، باسناده عن عمران (3) بن حصين، إنه
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: علي مني وأنا منه، فهو
ولي كل مؤمن من بعدي.

(1) وهذا الحديث لم ينقل في نسخة - ب -.
(2) التوبة: 71.
(3) وفي الأصل: عمرو بن حصين.
220

(203) وبآخر، عن عبد الله بن عباس، إنه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وآله: علي ولي كل مؤمن من بعدي.
(204) وبآخر عن البراء بن عازب، إن رسول الله صلى الله عليه وآله، أخذ
بعضد علي عليه السلام فأقامه، ثم قال: هذا وليكم من بعدي والى الله
من والاه وعادى من يعاديه. قال: فقام عمر بن الخطاب إليه. فقال:
يهنيك يا بن أبي طالب، أصبحت، أو قال: أمسيت (1) ولي كل مسلم.
(205) وبآخر عن بريدة، إنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: علي
وليكم من بعدي.
(206) وبآخر عن عمار بن ياسر رحمة الله عليه إن رسول الله صلى الله
عليه وآله: أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب فمن تولاه
فقد تولاني ومن تولاني فقد تولى الله عز وجل.
(207) وبآخر، الحسين بن الحكم بن مسلم الحبري، باسناده عن سلمان
الفارسي (رضوان الله عليه)، أنه قال: كنت عند رسول الله صلى الله
عليه وآله وعنده جماعة من أصحابه إذ وقف أعرابي (من بني عامر وسلم)
فقال: والله يا محمد لقد آمنت بك من قبل أن أراك، وصدقتك من قبل
أن ألقاك، وقد بلغني عنك أمر، فأردت سماعه منك. فقال له رسول الله
صلى الله عليه وآله: وما الذي بلغك عني يا أعرابي؟ قال: دعوتنا إلى أن
نشهد أن لا إله إلا الله والى. الاقرار بأنك رسول الله صلى الله عليه وآله،
فأجبناك، وإلى الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد، فأجبناك، ثم لم
ترض حتى دعوت الناس إلى حب ابن عمك علي وولايته، فذلك فرض
علينا من الأرض أم الله فرضه من السماء؟

(1) وفي غاية المرام ص 84: أصبحت وأمسيت.
221

قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: بل الله عز وجل فرضه
من السماء (1).
قال الاعرابي: فإن كان الله عز وجل فرضه، فحدثني به يا رسول الله.
فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا أعرابي أني أعطيت في علي خمس
خصال الواحدة منها خير من الدنيا بحذافيرها، يا أعرابي ألا أنبئك بهن؟
قال: بلى يا رسول الله.
قال: كنت يوم بدر جالسا وقد انقضت الغزاة فهبط علي جبرائيل
(عليه السلام)، فقال: يا محمد إن الله تعالى يقرؤك السلام، ويقول
لك: إني آليت على نفسي بنفسي ألا الهم حب علي، إلا من أحببته، فمن
أحببته ألهمته ذلك، ومن أبغضته ألهمته بغضه وعداوته.
يا أعرابي ألا أنبئك بالثانية؟
قال: بلى يا رسول الله.
قال: كنت يوم أحد جالسا، وقد فرغت من جهاز عمي حمزة فإذا
أنا بجبرائيل عليه السلام وقد هبط علي، فقال، يا محمد، الله تعالى
يقرؤك السلام، ويقول لك: اني فرضت الصلاة ووضعتها عن
العليل (2)، والزكاة ووضعتها عن المقسر، والصوم فوضعته عن
المسافر، والحج ووضعته عن المقتر (3)، والجهاد فوضعته عمن له عذر
وفرضت ولاية علي ومحبته على جميع الخلق، فلم أعط أحدا فيها رخصة

(1) وفي الفضائل لابن شاذان: ص 147 بل فرضه الله تعالى في السماوات على أهل السماوات
والأرض.
(2) وهو المريض، ووضعناها بمعنى خففت من أحكامها لعلة مرضه بأحكام مرنة ملائمة لحاله.
(3) الفقير.
222

طرفة عين. (ثم قال صلى الله عليه وآله:) يا أعرابي ألا أنبئك بالثالثة؟
قال: بلى.
فقال النبي صلى الله عليه وآله (1): ما خلق الله عز وجل شيئا إلا
جعل له سيدا، فالنسر سيد الطيور (2) والثور سيد البهائم والأسد سيد
السباع وإسرافيل سيد الملائكة ويوم الجمعة سيد الأيام وشهر رمضان سيد
الشهور (3) وأنا سيد الأنبياء وعلي سيد الأوصياء.
(ثم قال صلى الله عليه وآله:) يا أعرابي، إلا أنبئك بالرابعة؟
قال: بلى يا رسول الله.
قال: يا أعرابي: إن الله عز وجل خلق حب علي شجرة أصلها في الجنة
وأغصانها في الدنيا، فمن تعلق بغصن من أغصانها في الدنيا أورده الجنة،
وبغض علي شجرة أصلها في النار وأغصانها في الدنيا، فمن تعلق بغصن
من أغصانها في الدنيا أورده في النار.
(ثم قال صلى الله عليه وآله:) يا أعرابي ألا أنبئك بالخامسة؟
قال: بلى يا رسول الله.
قال: إذا كان يوم القيامة يؤتى بمنبري فينصب عن يمين العرش
ويؤتى بمنبر إبراهيم عليه السلام فينصب عن يمين العرش. يا أعرابي
والعرش له يمينان، فمنبري عن يمين، ومنبر إبراهيم عن يمين ثم يؤتى
بكرسي عال مشرف فينصب بين المنبرين المعروف بكرسي الكرامة

(1) وفي بحار الأنوار 27 / 129: إنه ما أنزل الله كتابا ولا خلق الله.
(2) وفي الأصل: الطير.
(3) وفي الفضائل ص 147 أضاف: وآدم سيد البشر.
223

لعلي، وأنا عن يمين العرش على منبري وإبراهيم على منبره وعلي على
كرسي الكرامة وأصحابي حولي، وشيعة علي حوله فما رأيت أحسن من
حبيب بين خليلين.
يا أعرابي: أحبب عليا حق حبه، فما هبط علي جبرائيل إلا سألني
عن علي وشيعته، ولا عرج من عندي إلا قال أقرء مني عليا أمير المؤمنين
عليه السلام السلام.
(فعند ذلك قال الاعرابي: سمعا وطاعة لله ولرسوله ولابن عمه علي
بن أبي طالب) (1).
(208) وبآخر، أبو بصير، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، إنه قال:
إذا مات العبد المؤمن من أهل ولايتنا وصار إلى قبره دخل معه قبره ست
حور منهن حورة أحسنهن وجها وأطيبهن ريحا وأنظفهن هيئة، حورة تكون
عند رأسه، وتكون الأخرى منهن عن يمينه، والأخرى عن يساره،
والأخرى من خلفه، والأخرى عن قدامه، والأخرى عند رجليه، فيمنعنه
من حيث ما أتى من الجهات ويؤنسنه في قبره، فيقول الميت من أنتن،
جزاكن الله خيرا. فتقول التي عن يمينه: أنا الصلاة، وتقول التي عن
يساره: أنا الزكاة، وتقول التي بين يديه: أنا الصيام، وتقول التي من
خلفه: أنا الحج والعمرة، وتقل التي عند رجليه: أنا الجهاد وأنا من
وصلته من إخوانك، وتقول التي عند رأسه وهي أحسنهن: أنا الولاية لعلي
عليه السلام والأئمة من ذريته.
(209) وبآخر، معاذ بن مسلم، قال: دخلت مع أخي عمرو، على أبي
عبد الله (جعفر بن محمد عليه السلام)، فقلت له: جعلت فداك هذا

(1) هذه الزيادة موجودة في الفضائل لابن شاذان ص 147.
224

أخي يريد أن يسمع منك. فقال له: سل عما شئت.
فقال: أسألك عن الذي لا يقبل الله عز وجل من العباد غيره، ولا
يعذرهم على جهله؟
قال عليه السلام: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
والطهارة والصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت الحرام لمن
استطاع إليه سبيلا والجهاد لمن قدر عليه والائتمار (1) مع ذلك بأئمة الحق
من آل محمد عليه وعليهم أفضل الصلاة.
قال له عمرو: سمهم لي جعلت فداك.
قال عليه السلام: علي أمير المؤمنين، والحسن، والحسين، وعلي بن
الحسين، ومحمد بن علي، ويعطي الله الخير من يشاء.
قال له: فأنت جعلت فداك؟ قال: يجري لآخرنا ما جرى لأولنا،
ومحمد وعلي أفضلنا.
(210) أبو صالح، عن عبد الله بن عباس، إنه قال في قول الله عز وجل
(إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون
الزكاة وهم راكعون) (2). قال أتى عبد الله بن سلام ورهط من أهل
الكتاب رسول الله صلى الله عليه وآله عند صلاة الظهر، فقالوا: يا رسول الله،
إن بيوتنا قاصية ولا نجد محدثا أهل المسجد، وإن قومنا لما رأونا قد آمنا بالله
ورسوله وتركنا دينهم أظهروا لنا العداوة وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يجالسونا ولا
يكلمونا وتبرؤا منا ومن ولايتنا و (قاطعونا)، فشق ذلك علينا.
فبينا هم يشكون ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله إذ انزل عليه:
(إنما وليكم الله ورسوله... الآية). فقرأها رسول الله صلى الله

(1) الافتداء.
(2) المائدة: 55.
225

عليه وآله. فقالوا: رضينا بالله ورسوله وبالمؤمنين، وأذن بلال لصلاة
الظهر.
فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المسجد والناس يصلون، ومسكين
يسأل، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: هل أعطاك أحد شيئا؟
قال: نعم. قال: ماذا؟ قال: خاتم فضة. قال صلى الله عليه وآله: من
أعطاك؟ قال: ذلك الرجل القائم وأومى إلى علي فقال صلى الله
عليه وآله: وعلى أي حال أعطاك؟ قال: وهو راكع مررت به، وأنا
أسأل، فاستله (1) من إصبعه وناولني إياه. فقال رسول الله صلى الله
عليه وآله: الله أكبر (2).
(211) وفي إسناد آخر، إنه لما فرغ من الصلاة دعا عليا عليه السلام فبشره
بما أنزل الله فيه وما أوجب من ولايته.
(212) وبآخر عن علي بن عامر، يرفعه إلى أبي معشر، قال: دخلت الرحبة،
فإذا علي عليه السلام بين يديه مال مصبوب وهو يقول: والذي فلق الحبة
وبرئ النسمة لا يموت عبدا وهو يحبني إلا جئت أنا وهو كهاتين يوم
القيامة - وجمع المسبحتين من يديه جمعا - ولا أقول كهاتين - وجمع بين

(1) استله أي: استخرجه من إصبعه.
(2) روى عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام إن الخاتم الذي تصدق به أمير
المؤمنين عليه السلام وزن أربعة مثاقيل حلقته من فضة - وفضته خمسة مثاقيل - وهو من ياقوتة حمراء، وثمنه
خراج الشام، وخراج الشام ثلاثمائة حمل من فضة وأربعة أحمال من ذهب، وكان الخاتم لمران بن طوق،
قتله أمير المؤمنين - في الجهاد - وأخذ الخاتم من إصبعه، وأتى به إلى النبي صلى الله عليه وآله من جملة الغنائم
وأمره النبي صلى الله عليه وآله أن يأخذ الخاتم.
قال الغزالي في كتاب سر العالمين: إن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنين كان خاتم سليمان بن داود.
قال الشيخ الطوسي: إن التصدق بالخاتم كان في اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة.
226

المسبحة والوسطى من يده اليمنى - وقال: أنا يعسوب المؤمنين ووليهم،
وهذا - وأشار إلى المال - يعسوب المنافقين ومقصدهم، فبي يلوذ المؤمنون،
وبهذا يلوذ المنافقون.
(213) وعن جعفر بن سليمان الهاشمي، يرفعه إلى عمر بن الخطاب، إنه
قال: أحبوا الاشراف وتوددوهم، واتقوا على أعراضكم السفلة، ولا يتم
إسلام مسلم حتى يتولى علي بن أبي طالب.
(214) الحسين بن الحكم الحبري، يرفعه إلى أبي جعفر محمد بن علي
صلوات الله عليه، إنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله يمشي وعلي
عليه السلام معه في بعض طرق الجبانة، إذ عرضت لهما جنازة رثة الهيئة
قليلة التبع، فوقف النبي صلى الله عليه وآله حتى انتهوا بها إليه، فقال:
قفوا، من هذا الميت؟ فقالوا: يا رسول الله هذا عبد لبني الرياح (1) كان
كثير الاسراف على نفسه فجفاه الناس، فلما مات قل تبعه. قال:
أصليتم عليه؟ قالوا: لا. فقال: امضوا. ومضى معهم حتى انتهوا إلى
موضع فيه سعة. فقال: أنزلوه. فأنزلوه، فصلى عليه، ثم مشى معهم إلى
قبره، فدفنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسوى عليه التراب، فلما تفرقوا،
قال لعلي عليه السلام: أما سمعت ما قال هؤلاء القوم في هذا الميت؟
قال: بلى يا رسول الله، ولكني أخبرك عنه إنه والله ما استقبلني قط إلا
قال لي: يا مولاي أنا والله أحبك وأتولاك. فقال رسول الله صلى الله
عليه وآله: فبها والله أدرك ما أدرك لقد رأيت معه قبيلا من الملائكة (2)
يشيعون جنازته.

(1) وفي البحار 39 / 289: هذا رياح غلام آل النجار.
(2) وفي البحار أيضا: شيعه سبعون ألف قبيل من الملائكة كل قبيل سبعون الف ملك.
227

(215) وعن (الحسين) (1) أيضا، باسناده، عن أبي هارون العبدي، قال:
كنت أرى رأي الخوارج إلى أن جلست يوما إلى أبي سعيد الخدري،
قال: ألا إن الاسلام بني على خمس، فأخذ الناس بأربع وتركوا واحدة،
فقلت: وما هي يا أبا سعيد؟ قال: أما الأربع التي عمل بها الناس
فالصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج، فأما التي تركوها فولاية علي
بن أبي طالب عليه السلام. قلت ما تقول، هي مفروضة؟ قال: إي
والله مفروضة.
(216) وبآخر عنه، يرفعه إلى زيد بن أرقم والبراء بن عازب، إنهما قالا:
سمعنا أن النبي صلى الله عليه وآله يقول: إن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل
بيتي، لعن الله من ادعى إلى غير أبيه، ولعن الله من انتمى إلى غير
مواليه، الولد للفراش وللعاهر الحجر، ليس لوارث وصيه إلا وقد سمعتم
مني ورأيتموني، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ألا وأني
فرطكم على الحوض ومكاثر بكم الأمم يوم القيامة، ولاستنقذن من النار
رجل، وليستنقذن من يدي آخرون، فأقول: يا رب أصحابي، فيقول:
إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، ألا إن الله وليي وأنا ولي كل مؤمن
ومؤمنة، ومن كنت مولاه فعلي مولاه.
(217) وبآخر، سعد بن ظريف، عن أبي جعفر عليه السلام، إنه قال: بينا
علي عليه السلام يصلي إذ مر به سائل، فرمى إليه بخاتمه وهو راكع، فلما
فرغ من صلاته أتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له: يا علي، ما
صنعت في صلاتك؟ فأخبره. فقال: إن الله تعالى أنزل فيك آيتين وتلا
عليه قوله: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا... إلى قوله: هم

(1) وفي الأصل: الحسن. وفي نسخة - ب - الحسين بن الحكم.
228

الغالبون) (1).
(218) وبآخر محمد بن جرير الطبري، باسناده، عن عبد الله بن مسعود،
إنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو آخذ بيد علي
عليه السلام وهو يقول: هذا ولي من أنا وليه، عاديت من عاداه وسالمت
من سالمه (2).
(219) وبآخر، أبو نعيم (الفضل بن دكين) عن سفيان بن عيينة، قال:
سألت أبا عبد الله (جعفر بن محمد) عليه السلام عن قول الله عز وجل:
(أفبعذابنا يستعجلون) (3).
فنظر أبي كالمتعجب، فقال لي: يا سفيان، كيف سألتني عن هذه
الآية وما سألني عنها أحد غيرك؟
ولقد سألت عنها أبي محمد بن علي عليه السلام فقال لي: يا بني
كيف سألتني عن هذه الآية وما سألني أحد غيرك؟
ولقد سألت عنها أبي علي بن الحسين عليه السلام فقال لي مثل
ذلك.
وإنه سأل عنها أباه الحسين بن علي عليه السلام فقال له مثل
ذلك.
وإنه سأل عنها أباه علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له مثل

(1) الآيتين في سورة المائدة الآية 55 و 56 (إنما وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذين يقيمون
الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون، ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون).
(2) ولقد أجاد المؤلف حيث أشار في أرجوزته إلى هذا المعني:
ثم دعاه بينهم إليه * وقال وهو رافع يديه
يا رب وال اليوم من والاه * وعاديا ذا العرش من عاداه
(3) الشعراء: 204. (الأرجوزة المختارة ص 107)
229

ذلك، وانه قال لأبيه علي عليه السلام، إذ قال ذلك له: أردت أن تخبرني
عنها فيمن أنزلت؟
قال: نعم، لما رجعنا من حجة الوداع نزل رسول الله صلى الله
عليه وآله بغدير خم، فقال: معاشر الناس، اني مسؤول عنكم وأنتم مسؤولون
عني، فما أنتم قائلون؟
قالوا: نشهد إنك لرسول الله، بلغت رسالة ربك ونصحت لامتك
وعبدت ربك حتى أتاك اليقين، فجزاك الله عنا من نبي خيرا.
قال صلى الله عليه وآله: وأنتم، فجزاكم الله عني خيرا، فلقد
صدقتموني وأعنتموني على تبليغ وحي الله عز وجل ورسالته، وجاهدتم
معي فجزاكم الله عني خيرا.
ثم أخذ بيدي فرفعها كأنها مروحة، وقال: ألست أولى بالمؤمنين من
أنفسهم وأنا ولي جميعهم؟
قالوا: نعم.
قال: من كنت مولاه فهذا مولاه. هل سمعتم وأطعتم.
قالوا: نعم.
قال: اللهم اشهد.
فقام نعمان بن الحارث الفهري (1) فقال: يا رسول الله أتيتنا
فذكرت لنا إنك رسول الله الينا، فقلنا لك: أعن الله ذلك؟ قلت:
نعم، فصدقناك.
ثم أتيتنا بالفرائض - وذكرت كل فريضة منها - فقلنا لك: أعن الله
هذا؟ قلت: نعم، فصدقناك.

(1) وفي البحار ذكر أنه الحارث بن النعمان الفهري راجع تخريج الأحاديث.
230

ثم أخذت الآن بيد ابن عمك هذا، فأمرتنا بولايته، فالله أمرك
بهذا؟ قال: نعم والله عز وجل أمرني أن أقول ذلك لكم.
فقال كلمة يعني بها التكذيب، ثم ولى مغضبا، وهو يقول: اللهم
إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا
بعذاب اليم. ثم أتى ناقته، فحل عقالها، وركبها، فانطلق يريد أهله،
فأصابته حجارة من السماء (فسقطت في رأسه وخرجت من دبره وسقط
ميتا) (1).
وفي رواية أخرى: نار فقتلته قبل أن يصل إلى أهله، فأنزل الله
عز وجل: (أفبعذابنا يستعجلون) (2).
(220) وبآخر عيسى بن عبد الله بن عمر، قال: كنت جالسا عند أبي
عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام فسمع الرعد، فقال: سبحان من
سبحت له.
ثم قال: يا أبا محمد أخبرني أبي عن أبيه عن جده، عن الصديق
الأكبر علي عليه السلام إنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
أوصي من آمن بي وصدقني، بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام فإن
ولاءه ولائي، وولائي ولاءه، أمر أمرني به ربي عز وجل، وعهد عهده إلي،
وأمرني أن أبلغكموه وإن منكم من ينقصه حقه ويركب عقه.
قالوا: يا رسول الله أولا تعرفنا بهم؟
قال: أما إني قد عرفتهم، ولكن أمرت بالاعراض عنهم لأمر هو
كائن، وكفى بالمرء منكم ما في قلبه لعلي عليه السلام.

(1) هذه الزيادة موجودة في بحار الأنوار 37 / 176.
(2) الشعراء: 204.
231

(221) وبآخر، مسعر عن طلحة بن عميرة، قال: شهدت عليا عليه السلام
على المنبر، وحول المنبر إثنا عشر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله
فقال: أناشدكم الله من كانت لي عنده شهادة من رسول الله صلى الله عليه
وآله إلا قام فأداها.
فقام القوم فذكروا قول رسول الله صلى الله عليه وآله: (من كنت
مولاه فعلي مولاه)، وكان فيهم أنس بن مالك، فلم يقم، ولم يقل شيئا.
فقال له علي عليه السلام: يا أنس بن مالك، ما منعك أن تقوم
فتشهد بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله.
فقال: يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت.
فقال علي عليه السلام: اللهم إن كان كاذبا فابتله ببياض لا تواريه
العمامة.
قال طلحة: فوالله ما مت حتى رأيتها نكتة (1) بين عينيه من برص
أصابه.
(222) وبآخر في حديث آخر عن زيد بن أرقم (2)، قد ذكرناه فيما تقدم إنه
قال: أنشد علي عليه السلام الناس (في المسجد): من سمع رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول: (من كنت مولاه فعلي مولاه)، إلا قام فشهد.
فقام جماعة، فشهدوا، وكنت فيمن كتم، فعمي بصري، وكان
يحدث بذلك بعد أن عمي.
(223) وبآخر، محمد بن عبد الله بن أبي رافع عن أبي عبيدة عن عمار بن
ياسر، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أوصي من آمن

(1) النكتة ونكت ونكات: النقطة البيضاء في الأسود.
(2) وفي نسخة - ب - عن بريدة.
232

بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب، فمن تولاه فقد تولاني، ومن تولاني
فقد تولى الله، ومن أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله، ومن
أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله، ومن أبغض الله يوشك
أن يأخذه عقاب.
(224) وبآخر، عن عباس، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليه
إنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا سيد الناس (1) ولا فخر،
وعلي سيد المؤمنين ولا فخر، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.
(225) وبآخر سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباته عن علي عليه السلام، إنه قال: في قوله الله تعالى: (إن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط
لناكبون) (2).
قال: (ناكبون) عن ولايتنا أهل البيت.
(226) وقال عليه السلام في قوله الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا
في السلم كافة) (3).
قال: في ولايتنا أهل البيت.
(227) وبآخر، أبو حمزة، عن ابن عباس، إنه قال في قوله الله عز وجل:
(ربنا آتنا في الدنيا حسنة) (4).
قال: الدخول في الولاية.
(وفي الآخرة الحسنة) قال: الجنة.
(228) وبآخر، الشعبي عن ابن عباس، إنه قال في قوله الله تعالى:

(1) وفي نسخة - أ - سيد البشر.
(2) المؤمنون: 74.
(3) البقرة 208 و 201.
(4) البقرة 208 و 201.
233

(وقفوهم إنهم مسؤولون) (1).
قال: يوقف الناس على الصراط فيسألون عن ولاية علي
عليه السلام.
(229) وبآخر، يزيد بن عبد الملك، عن علي بن الحسين عليه السلام، إنه
قال: في قوله الله تعالى: (بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل
الله بغيا) (2).
قال: من ولاية علي أمير المؤمنين والأوصياء من ولده عليهم السلام
أجمعين.
(230) وبآخر، زيد بن المنذر عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين
صلوات الله عليهم أجمعين إنه قال في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا
استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) (3).
قال: ولاية علي عليه السلام.
(231) وبآخر، داود بن سرحان، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن
قوله الله تعالى: (فلما راؤه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا
الذي كنتم به تدعون) (4).
قال: ذلك علي بن أبي طالب عليه السلام إذا رأوا ما أزلفه (5) الله
عز وجل به لديه، ومنزلة ومكانه من الله جل ثناؤه أكلوا أكفهم على ما
فرطوا فيه من ولايته عليه السلام. (232) وبآخر، أبو حذيفة عن هلقام، عن أبي جعفر عليه السلام، إنه قال

(1) الصافات: 24.
(2) البقرة: 90.
(3) الأنفال: 24.
(4) الملك: 27.
(5) أزلفه: فربه، والزلفى: القربة والمنزلة (مختار الصحاح ص 273).
234

في قول الله تعالى: (فاصبر على ما يقولون) (1).
قال: من دفعهم لولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه.
(233) وبآخر، أبان بن عثمان، عن أبي جعفر عليه السلام، إنه قال في
قول الله تعالى: (وذرني والمكذبين) (2).
قال: هو وعد تواعد الله به من كذب بولاية علي أمير المؤمنين.
(234) وبآخر، جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما أنزل الله تعالى
على رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله: (إلا أصحاب اليمين في
جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر) (3).
قال لعلي عليه السلام: المجرمون، يا علي المكذبون بولايتك.
(235) وبآخر، عن عمر بن أذينة، عن جعفر بن محمد عن أبيه صلوات الله
عليهم إنه قال في قول الله عز وجل: (أفتطمعون أن يؤمنوا لكم) (4).
قال: يقول: أفتطمعون أن يقروا لكم بالولاية، وهم يحرفون الكلم
عن مواضعه.
(236) وبآخر، جابر، عن أبي جعفر عليه السلام إنه قال في قول الله
(تعالى): أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم،
ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون) (5).
قال: قد كذبوا والله فريقا من آل محمد وقتلوا فريقا.
(237) وبآخر، ثابت الثمالي،
عن أبي جعفر عليه السلام، إنه قال في
قوله الله تعالى: (أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين) (6).

(1) ص: 17.
(2) المزمل: 11.
(3) المدثر: 42.
(4) البقرة: 75.
(5) البقرة: 87.
(6) البقرة: 114.
235

قال: يعني الولاية لا يقولوا بها إلا وهم يخافون على أنفسهم إظهار
القول بها.
(238) وبآخر، جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، إنه قال: في قول الله
عز وجل (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى
لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (1).
قال: مسلمون بولاية علي عليه السلام.
(239) وبآخر، محمد بن سلام، عن أبي جعفر عليه السلام، إنه قال في قول
الله عز وجل: (قل إنما أعظكم بواحدة) (2) قال: إن الله عز وجل أوحى
إلى نبيه محمد صلى الله عليه وآله يأمره بالصلاة والزكاة والصيام والحج
والجهاد فلما فعلوا ذلك وأقاموه، وكان آخر ما فعلوه منه الحج معه حجة
الوداع وقام فيهم بولاية علي عليه السلام.
قال قوم: إلى متى يلزمنا محمد هذه الفرائض شيئا بعد شئ؟
فأنزل الله تعالى قل: (إنما أعظكم بواحدة) يعني الولاية لأمير
المؤمنين صلوات الله عليه.
(240) وبآخر، عبد الصمد بن بشير، عن عطية عن أبي جعفر عليه السلام،
إنه قال: لما كان يوم غدير خم، وقال النبي صلى الله عليه وآله - في علي
عليه السلام - ما قال، اجتمع جنود إبليس إليه، فقالوا: ما هذا الامر الذي
حدث كنا نظن أن محمدا إذا مضى تفرق هؤلاء، فنراه قد عقد هذا الامر
لآخر من بعده. فقال لهم: إن أصحابه لا يفوا له بما عقد عليهم.
قال عطية: ثم قال لي أبو جعفر عليه السلام: أتدري أين هو من
كتاب الله تعالى؟

(1) البقرة: 132.
(2) السبأ: 46.
236

قلت: لا.
قال: هو قوله تعالى: (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا
فريقا من المؤمنين) (1).
(241) وبآخر، يعقوب بن المطلب، عن أبي جعفر محمد بن علي
عليه السلام، إنه قال: في قوله الله عز وجل: (ولا تلقوا بأيديكم إلى
التهلكة) (2).
قال: لا تعدلوا عن ولايتنا فتهلكوا في الدنيا والآخرة
(242) وبآخر، إبراهيم بن عمر الصنعاني، عن أبي جعفر (محمد بن علي بن
الحسين عليه السلام)، إنه قال: في قول الله عز وجل: (سيذكر من
يخشى) (3).
قال: لا يقول بولايتنا إلا من يخشى الله تعالى.
(243) فضيل بن الرسان، عن أبي جعفر عليه السلام، إنه قال في قول الله
تعالى: (ونيسرك لليسرى) (4).
قال: نعينك على تبليغ الرسالة بمعرفة حق الأوصياء عليهم السلام.
(244) وبآخر، جابر، عن أبي جعفر عليه السلام إنه قال في قول الله
(عز وجل): (يا أيها الناس قد جاء كم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا
خيرا لكم).
قال: يعني بولاية علي عليه السلام.
(وإن تكفروا - يعني بولايته - فإن لله ما في السماوات والأرض وكان
الله عليما حكيما) (5).

(1) السبأ: 20.
(2) البقرة: 195.
(3) الاعلى: 10.
(4) الاعلى: 8.
(5) النساء: 170.
237

(245) وبآخر، الفضل بن بشار، عن أبي جعفر عليه السلام، إنه قال في قول
الله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) (1).
يعني الأئمة (عليهم السلام).
(246) وعنه عليه السلام، إنه قال في قوله الله تعالى: (يا أهل الكتاب
لستم على شئ حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من
ربكم) (2).
قال: يعني الولاية.
(247) وبآخر، حميد بن جابر بن العبدي، عن أبي جعفر عليه السلام، إنه
قال في قوله الله تعالى: (إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها) (3)
قال: يعني الولاية (لا تفتح لهم أبواب السماء).
قال: لأرواحهم (ولا يدخلون الجنة) يوم القيامة.
(248) وبآخر، أبو الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام، إنه قال في قول
الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما
يحييكم) (4).
يقول: إلى ولاية علي عليه السلام، فإن استجابتكم له في ولاية علي
عليه السلام أجمع لامركم.
(249) وبآخر، عن ابن عمر عن أبي جعفر عن أبيه، إنه قال في قول الله
تعالى: (وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها) (5).
قال: بالاقرار بالولاية، فلتعبدوا، أتعستم فيها بالجحود.

(1) المائدة: 55.
(2) المائدة: 68.
(3) الأعراف: 40.
(4) الأنفال: 24.
(5) آل عمران: 103.
238

(250) وبآخر، جابر، عن أبي جعفر عليه السلام (إنه) قال: نزل جبرائيل
عليه السلام علي النبي صلى الله عليه وآله بهذه الآية: (فأبي أكثر الناس
إلا كفورا) (1).
قال بولاية علي عليه السلام.
(251) وبآخر، عبد الله بن محمد بن عقيل، عن أبي جعفر عليه السلام، إنه
قال في قول الله تعالى: (أما من استغنى) (2)، قال: هو التارك لحقنا،
المضيع لما افترضه الله تعالى عليه من ولايتنا.
(وما عليك ألا يزكى)، قال: يقول ليس عليك يا محمد ألا يصلي
ويزكي ويصوم، فإنه إن عمل أعمال الخير كلها وأتى بالفرائض بأسرها
ثم لم يقبل بولاية الأوصياء لم يزن ما عمل عند الله سبحانه جناح بعوضة.
(252) وبآخر، أبو الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام، إنه قال في قول
الله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) (3)
قال: علم الله عز وجل إنهم سيفترقون بعد نبيهم صلى الله عليه وآله
ويختلفون، فنهاهم الله عن التفرق كما نهى من كان قبله وأمرهم أن
يجتمعوا على ولاية آل محمد عليهم السلام ولا يتفرقوا.
(253) وبآخر، محمد بن زيد، عن أبيه، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام
عن قول الله تعالى: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) (4)، أهي
للمسلمين عامة؟.
قال: الحسنة: ولاية علي أمير المؤمنين صلوات الله عليه.
(254) وبآخر، خيثمة، عن أبي جعفر عليه السلام، إنه قال في قول الله

(1) الاسراء: 89.
(2) عبس: 5.
(3) آل عمران: 103.
(4) الانعام: 160.
239

تعالى: (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة
الوثقى) (1).
قال: العروة الوثقى هي: ولاية علي عليه السلام والقول بإمامته
والبراءة من أعدائه، والطاغوت أعداء آل محمد عليهم السلام.
(255) وبآخر، جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي عليه السلام، إنه قال في
قول الله عز وجل: (إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم
تنذرهم لا يؤمنون) (2)، قال: الذين كفروا بولاية علي عليه السلام
وأوصياء رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين.
(256) وبآخر، أبو حمزة، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، إنه
قال في قول الله تعالى: (هنالك الولاية لله الحق) (3)، قال: ولاية
علي عليه السلام وولايتنا من بعده.
(257) وبآخر، خالد بن يزيد، عنه عليه السلام، إنه قال: في قول الله
تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) (4)، قال: في القول بالولاية.
(258) وبآخر، حسان الجمال، قال: حملت أبا عبد الله (جعفر بن محمد
عليه السلام) من المدينة إلى مكة، فلما انتهى إلى غدير خم، نظر إلى
المسجد، فقال: ترى عن يسار المسجد ذاك؟
قلت: نعم.
قال: كان موضع قدمي رسول الله صلى الله عليه وآله حين أخذ بيد
علي عليه السلام، وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه.
ونظر إلى الجانب الأيمن، فقال: هاهنا كان فسطاط أربعة من

(1) البقرة: 256.
(2) البقرة: 6.
(3) الكهف: 44.
(4) التغابن: 16.
240

قريش - سماهم -، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وآله، تغشاه الوحي،
فنظروا إلى عينيه قد انقلبتا. فقالوا: ما هو إلا جن. فأنزل الله تعالى
فيهم: (وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر و
يقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين) (1).
ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: لولا إنك جمال لم أحدثك بهذا.
(259) وبآخر، معاوية بن وهب، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد
عليه السلام، يقول: لما كان يوم غدير خم وقال رسول الله صلى الله
عليه وآله في علي عليه السلام ما قال، قال أحد الرجلين لصاحبه: والله،
ما أمره الله بهذا، ولا هو إلا شئ تقوله.
فأنزل الله تعالى: (ولو تقول علينا بعض الأقاويل، لاخذنا منه
باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين، فما منكم من أحد عنه حاجزين، وإنه
لتذكرة للمتقين) يعني عليا عليه السلام، (وإنا لنعلم أن منكم
مكذبين) يعني بولايته (وإنه لحسرة على الكافرين، وإنه لحق اليقين،
فسبح باسم ربك العظيم) (2).
(260) وبآخر، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه، إنه
قال في قول الله عز وجل: (سأل سائل بعذاب واقع، للكافرين ليس له
دافع، من الله ذي المعارج) (3).
قال: نزلت والله بمكة للكافرين بولاية علي عليه السلام، وكذلك
هي في مصحف فاطمة صلوات الله عليها.
وانه قال في قال الله عز وجل: (فلا وربك لا يؤمنون حتى

(1) القلم: 51.
(2) الحاقة: 44 إلى آخر السورة.
(3) المعارج: 1.
241

يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و
يسلموا تسليما) (1).
قال: يعني فيما قضيت من أمر الولاية لعلي عليه السلام.
(261) وبآخر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام، إنه قال في
قول الله تعالى: (يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم
فآمنوا خيرا لكم) (2).
قال: بولاية علي عليه السلام وفيها نزلت.
(262) وبآخر، ابن إسباط، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، إنه
قال في قول الله تعالى: (وإن تلووا وتعرضوا) (3).
قال: يعني عن ولاية علي عليه السلام.
(263) وبآخر، سليمان الديلمي، عن أبي عبد الله عليه السلام، إنه قال في قول الله
تعالى: (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر، سلام هي
حتى مطلع الفجر) (4).
قال: نزل جبرائيل في ثلاثين ألفا من الملائكة ليلة القدر بولاية علي
عليه السلام وولاية الأوصياء من ولده صلوات الله عليهم أجمعين.
(264) وبآخر، أبو شبرمة، قال: دخلت أنا وأبو حنيفة على أبي عبد الله
جعفر بن محمد عليه السلام. فسأله رجل عن قول الله تعالى: (يا أيها
الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) (5).
فقال: السلم والله ولاية علي بن أبي طالب من دخل فيها سلم.

(1) النساء: 65.
(2) النساء: 170.
(3) النساء: 135.
(4) القدر: 4.
(5) البقرة: 208.
242

قال وقوله تعالى: (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) يعني من فارق
عليا (1).
قال: وكل شيطان ذكر في كتابه (2) فهو رجل بعينه معروف سماه
شيطانا.
وانه قال عليه السلام في قول الله تعالى: (الذين كفروا وصدوا
عن سبيل الله أضل اعمالهم) (3).
قال: يعني صدوا عن ولاية علي عليه السلام، وعلي عليه السلام هو
السبيل.
وقال في قول الله تعالى: (الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر
لهم ولا ليهديهم طريقا، إلا طريق جهنم) (4).
قال: الذين كفروا بولاية علي عليه السلام وظلموا آل محمد، ولا
يهديهم الله إلى ولايتهم ولا (يتولون) إلا أعداءهم الذين هم الطريق إلى
جهنم.
(265) سليمان الديلمي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، قال:
لما نصب رسول الله صلى الله عليه وآله عليا، وقال: من كنت مولاه فعلي
مولاه، افترق الناس في ذلك ثلاث فرق، فرقة قالوا: ضل محمد، وفرقة
قالوا: غوى، وفرقة قالوا: قال محمد في ابن عمه بهواه.
فأنزل الله تعالى: (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى و
ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى) (5).

(1) وفي نسخة - ب - هي والله ولاية من فارقه.
(2) وفي نسخة - ب - ذكر في القرآن.
(3) محمد: 1.
(4) النساء: 168.
(5) النجم: 1.
243

(266) وعنه، إنه قال في قول الله تعالى: (ويقطعون ما أمر الله به أن
يوصل ويفسدون في الأرض) (1).
قال: قطعوا ولايتنا وتركوا القول بها، ونهوا عنها واتبعوا ولاية
الطواغيت واستمسكوا بها وصدوا الناس عنا ومنعوهم من اتباعنا فذلك
سعيهم بالفساد في الأرض.
(267) وبآخر، العلا، قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام
عن قول الله تعالى: (وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم) (2).
قال: هو أمير المؤمنين علي (صلوات الله عليه) أوتي الحكمة وفصل
الخطاب وورث علم الأولين وكان اسمه في الصحف الأولى وما أنزل
الله تعالى كتابا على نبي مرسل إلا ذكر فيه اسم رسوله محمد صلى الله
عليه وآله واسمه وأخذ العهد بالولاية له عليه السلام.
(268) وبآخر، عن محمد بن سلام، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه، إنه
قال في قول الله تعالى: (وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم
يظلمون) (3).
قال: يقول لمحمد صلى الله عليه وآله وما ظلمونا بترك ولاية أهل
بيتك ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
(269) وبآخر، المفضل، عن أبي عبد الله عليه السلام، إنه قال في قول الله
تعالى: (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين) (4).
قال: السكينة ولاية أمير المؤمنين علي عليه السلام والتسليم له،
والمؤمنون هم شيعته الذين سكنوا إليه.

(1) البقرة: 27.
(2) الزخرف: 4.
(3) البقرة: 57.
(4) الفتح: 4.
244

(270) وبآخر، أبو جميلة، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه
عليه السلام، إنه قال: في قول الله تعالى: (فإذا فرغت فانصب) (1).
قال: فانصب - بكسر الصاد - إذا فرغت من إقامة الفرائض فانصب
عليا عليه السلام، ففعل صلى الله عليه وآله.
(271) وبآخر، المفضل، عن أبي عبد الله عليه السلام، إنه قال: في قول الله
تعالى: (وكانوا يصرون على الحنث العظيم) (2). قال: هو إصرارهم
على البراءة من ولاية علي عليه السلام، وقد أخذ رسول الله صلى الله
عليه وآله عليهم فيها.
(272) وبآخر، عنه عليه السلام إنه قال في قول الله تعالى: (كبر على
المشركين ما تدعوهم إليه) (3).
قال الذين أشركوا بولاية علي عليه السلام كبر عليهم ما دعوا إليه من
ولايته.
(273) وبآخر، علي بن سعيد، قال: كنت عند (أبي جعفر) محمد بن علي
بن الحسين عليه السلام، وعنده قوم من أهل الكوفة، فسألوه عن قول الله
تعالى: (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت
ليحبطن عملك، ولتكونن من الخاسرين) (4).
فقال: لما قام رسول الله صلى الله عليه وآله بولاية علي عليه السلام
بغدير خم، قام إليه معاذ بن جبل، فقال: يا رسول الله لو أشركت معه
أبا بكر وعمر حتى يسكن الناس لكان في ذلك ما يصلح أمرهم،
فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله فأنزل الله تعالى: (ولقد أوحي

(1) الشرح: 7.
(2) الواقعة: 46.
(3) الشورى: 13.
(4) الزمر: 65.
245

إليك وإلى الذين من قبلك) الآية. ففي هذا نزلت، ولم يكن الله
تعالى ليبعث رسولا يخاف عليه أن يشرك به، ورسول الله صلى الله
عليه وآله أكرم على الله عز وجل من أن يقول له: لئن أشركت بي، وهو
جاء بإبطال الشرك ورفض الأصنام وما عبد مع الله عز وجل غيره، وإنما
عنى: الشركة بين الرجال في الولاية، ولم يكن ذلك تقدم لاحد قبله من
النبيين.
(274) وبآخر، سعد بن حرب، عن محمد بن خالد، قال: سئل الشعبي عن
قول الله تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) (1).
قال الشعبي: أقولها ولا أخاف إلا الله تعالى، هي والله ولاية علي بن
أبي طالب عليه السلام.
فهذا بعض ما جاء في القرآن من ذكر الولاية، مما اثرته والذي جاء
في التأويل من ذلك ما يخرج ذكره عن حد هذا الكتاب (2). وفيه
إيضاح ما ذكر في هذا الباب من ذلك وبيانه وشرحه، وليس هذا موضع
ذكره.

(1) النساء: 58.
(2) ولهذه العلة لا نتعرض إلى بقية الآيات الواردة بهذا الصدد عن الأئمة عليهم السلام فمن أراد
الزيادة فليراجع.
1 - شواهد التنزيل للحسكاني تحقيق المحمودي.
2 - غاية المرام للبحراني الفصل الأول في الآيات النازلة في علي عليه السلام من الخاصة والعامة.
3 - ما نزل من القرآن في علي عليه السلام للحسين بن الحكم الحبري تحقيق أخي السيد محمد رضا الجلالي.
4 - تفسير فرات الكوفي.
5 - تفسير البرهان للبحراني.
246

فإن قال قائل: إن بعض ما جاء مما ذكر في هذا الباب من آي
القرآن في الولاية، قد جاء إنه نزل في غير ذلك من الاسلام والايمان
فمن أنكر ذلك ودفعه قيل له: كذلك القرآن ينزل في الشئ ويجري فيما
يجري مجراه بما جرى فيه.
وقد تكرر القول بأن الاسلام لا يصح إلا مع الولاية، لان الله
تعالى قرن طاعة ولاة الامر وطاعة رسوله صلى الله عليه وآله بقوله:
(أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم). فكما لا تصلح طاعة
الله عز وجل مع معصية الرسول فكذلك لا يصح الاقرار بالرسول مع
إنكار اولي الامر.
والولاية حد من حدود الدين، ومن أنكر حدا من حدود الدين
لم يكن من أهله.
ومثل ذلك ما ذكرناه آخرا من قول الشعبي، إن قول الله تعالى:
(إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها).. إنها نزلت في ولاية
علي عليه السلام.
وهي مع ذلك تجمع الامر بأداء جميع الأمانات مما ائتمن الله
عز وجل العباد عليه من فرائضه عليهم، وما ائتمن الله عز وجل عليه
بعضهم بعضا.
(275) وقد آثرنا عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، إنه سئل عن قول
الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر
منكم) (1) فكان جوابه، أن قال: (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا
من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء

(1) النساء: 59.
247

أهدى من الذين آمنوا سبيلا) (1).
قال: يقولون لائمة الضلال والدعاة إلى النار هؤلاء أهدى من آل
محمد سبيلا.
(أولئك الذين لعنهم الله، ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا، أم
لهم نصيب من الملك).
يعني الإمامة والخلافة، (فإذا لا يؤتون الناس نقيرا) (2).
نحن والله الناس الذين عنى الله تعالى. (والنقير: النقطة التي في
وسط النواة). (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله).
نحن الناس المحسودون على ما آتانا الله من فضله، وهي الإمامة
والخلافة دون خلق الله جميعا.
(فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا
عظيما) (3).
أي: جعلنا منهم الرسل والأنبياء والأئمة إلى قوله: (ظلا ظليلا) (4).
ثم قال: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا
حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله
كان سميعا بصيرا) (5).

(1) النساء: 51 - 54.
(2) النساء: 51 - 54.
(3) النساء: 51 - 54.
(4) وهي آيات 55 - 57 من سورة النساء وتمامها (. فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه و
كفى بجهنم سعيرا. إن الذين كفروا بآيتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا
غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما. والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات
تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا).
(5) النساء: 58.
248

فإيانا عنى بهذا أن يؤدي الأول منا إلى الامام الذي يكون بعده
الكتب والعلم والسلاح.
(وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)، يقول: إذا ظهرتم
أن تحكموا بالعدل الذي في أيديكم (إن الله نعما يعظكم به، إن الله
كان سميعا بصيرا).
ثم قال للناس: (يا أيها الذين آمنوا) لجميع المؤمنين إلي يوم القيامة
- (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (1) إيانا عنى بهذا.
فهذا أيضا من الأمانات التي أصلها، ما ذكر الشعبي من أنها ولاية
علي عليه السلام وما كان عند رسول الله صلى الله عليه وآله فيه فقد قام به
وأداه وبلغه واستودعه العلم والحكمة وكذلك فعل هو صلى الله عليه وآله
فيمن خلفه من بعده من الأئمة. والأئمة واحدا بعد واحد - على ما جاء عن
أبي جعفر صلوات الله عليه وكل أمانة مع ذلك يجب أداؤها فقد ائتمن
الله مع عباده على ما افترضه عليهم من الصلاة والزكاة والصوم وولاية
الأئمة من أهل بيت نبيه صلوات الله عليهم أجمعين وغير ذلك من فرائضه
فأداء ذلك واجب عليهم، وما ائتمن بعضهم بعضا عليه واجب (على
مؤتمن) أن يؤدي ما ائتمن عليه إلى من ائتمنه بنص الآية.
وجرى ذلك فيمن خوطب به في عصر الرسول صلى الله عليه وآله
ويجري إلى يوم القيامة في جميع الناس.
فالقرآن على هذا انزل، وبذلك تعبد الله العباد، فما جاء مما ذكر في
ولاية علي عليه السلام فذلك لازم للعباد في ولاية الله عز وجل وولاية
رسوله صلى الله عليه وآله وولايته الأئمة من أهل بيت رسول الله صلى الله

(1) السناء: 59.
249

عليه وآله إلى يوم القيامة.
وكذلك ما جرى من القول فيمن أنكر ولاية من ذكرناه، وعلى
مثل هذا جرى حكم جميع ما أنزل الله عز وجل وتعبد العباد به، إنه
خوطب به في وقت رسول الله صلى الله عليه وآله ومن كان في عصره، ثم
جرى ذلك فيمن أتى ويأتي من بعدهم إلى يوم القيامة، تجرى عليهم
فرائض الله تعالى في ذلك، وأحكامه وحلاله وحرامه.
وكذلك ما ذكرناه في هذا الفصل من أمر الولاية، فمن أغناه ما
ذكرناه فقد شرحناه له وأوضحناه، وأما ما تضمنه هذا الباب مما ثبت
فيه من الامر بولاية علي عليه السلام فذلك مما يوجب على جميع الخلق من
المسلمين أن يقولوه، وأن لا يلي أحد منهم عليه بعد رسول الله صلى الله
عليه وآله، وقد أقامه مقامه، وجعل له من الولاية ما كان له، وذلك
واضح بين لمن وفق لفهمه وهدي إليه بفضله ورحمته عز وجل.
تم الجزء الثاني من شرح الاخبار. والحمد الله رب العالمين، وصلواته
على رسوله سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين
وحسبنا الله ونعم الوكيل ونعم المولى ونعم النصير (1).

(1) وجاء في آخر النسخة ب ما يلي: اختتم هذا الجزء الثاني من كتاب شرح الاخبار المروي فيها
الروايات والآثار على يد الأقل الأذل الأحقر الحقير ذي الخطاء (و) التقصير في اليوم الثاني عشر من شهر
شعبان الكريم من سنة 1316 ه‍. ولي چي بن راج بهائي بن نور بهائي. وثبته على طاعته وطاعة إمام
عصره. وفي وقت سيدنا ومولانا محمد برهان الدين طول الله عمره إلى يوم الدين. في درس الرئيس الباذل
في نفسه وماله في سبيل (الله) بخالص نيته وطيب طويته أدم چي بن المرحوم القدس فير بهائي سلمه الله
تعالى وقر عينه في بنيه بحق سيدنا محمد وآله الطاهرين. كتب لنفسه ولاخوانه الذين هم يطلبون العلم
ويعلمون الاعمال الصالحات بحق سيدنا محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
250

شرح الاخبار
في
فضائل الأئمة الأطهار
تأليف
القاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي
المتوفى سنة 363 ه‍. ق
الجزء الثالث
في غزوات رسول الله صلوات الله عليه وآله
وبذل علي عليه السلام مهجته بين يديه
251

(جهاد علي صلوات الله عليه)
قد ذكرت فيما مضى من هذا الكتاب إن عليا عليه السلام أول من آمن
بالله ورسوله من ذكور أمته، وإنه أقام كذلك مدة من السنين لم يؤمن به
- بعد أن أرسله الله عز وجل إليهم - أحد غيره. وقد ذكرت في غير هذا الكتاب،
إن الاسلام بني على سبع دعائم، وهي: الولاية، والطهارة، والصلاة، والزكاة،
والصوم، والحج، والجهاد.
(مواقف علي عليه السلام المأثورة أيام الرسول صلى الله عليه وآله)
وكان علي عليه السلام أول من آمن بالله عز وجل وتولى رسوله صلى الله
عليه وآله، وأول من صلى معه وتزكى وصام، وأول من جاهد في سبيل الله،
وبذل مهجته دون رسول الله صلى الله عليه وآله، ولما حج رسول الله أشركه في
هديه، فكان بذلك أفضل من حج معه. فجمع الله عز وجل له السبق إلى كل
فضيلة إبانة له بالفضل عمن سواه. وإنه أقرب الخلق بعد رسول الله صلى الله
عليه وآله بقوله تبارك اسمه في كتابه تبارك اسمه: (والسابقون السابقون
أولئك المقربون) (1). فكان علي عليه السلام أسبق الخلق إلى كل فضيلة بعد

(1) الواقعة: 10.
253

رسول الله صلى الله عليه وآله لما يؤثر من سبقه إلى الجهاد وعنائه فيه، وإنه أوفر
الأمة حظا منه، بما أبان الله عز وجل به فضله على سائر الأمة لقوله عز وجل: (لا
يستوي القاعدون من المؤمنين غير اولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله
بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين
درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا
عظيما) (1).
(ليلة المبيت)
(276) ما رواه محمد بن سلام (2) بإسناده عن أبي جعفر محمد بن علي
صلوات الله عليه: ان عليا صلوات الله عليه ذكر ما امتحنه الله عز وجل في
حياة رسول الله صلوات الله عليه وآله وبعد وفاته في حديث طويل، قال
فيه:
وأما الثالثة: (3) فإن قريشا لم تزل تعمل الآراء والحيل في رسول الله
صلوات الله عليه وآله حتى كان آخرها ما اجتمعت عليه يوما بدار الندوة
وإبليس الملعون معهم حاضر، فلم تزل تضرب أمورها ظهرا وبطنا،
فاجتمعت (أراؤها) على أن ينتدب من كل فخذ من قريش رجل، ثم
يأخذ كل رجل منهم سيفا ثم يأتون النبي صلوات الله عليه وآله وهو نائم
على فراشه، فيضربونه (بأسيافهم جميعا) ضربة رجل واحد (فيقتلوه)،
فإذا قتلوه منعت قريش رجالها، فلم تسلمها، فيمضي دمه هدرا.
فهبط جبرائيل عليه السلام على النبي صلوات الله عليه وآله،

(1) النساء: 95.
(2) وفي نسخة - أ - محمد بن محمد بن سلام.
(3) وفي الخصال للصدوق 2 / 367 وفي الإختصاص للمفيد ص 159: اما الثانية.
254

فأنبأه بذلك. وأخبره بالليلة التي يجتمعون فيها إليه (والساعة التي يأتون
فراشه فيها) وأمره بالخروج، (و) وبالوقت الذي (ي‍) خرج فيه إلى الغار.
قال: فأتاني رسول الله صلوات الله عليه وآله بذلك، وأمرني بأن
أضطجع في مضجعه (وأن أقيه بنفسي) فسارعت إلى ذلك مطيعا،
وبنفسي على أن اقتل دونه موطنا، ومضى رسول الله صلوات الله
عليه وآله، واضطجعت في مضجعه أنتظر مجئ القوم إلي حتى دخلوا
علي، فلما استوى بي وبهم البيت نهضت إليهم بسيفي، فدفعتهم عن نفسي
بما قد علمه الناس.
فكان علي صلوات الله عليه أول من جاهد في سبيل الله وبذل نفسه
موطنا لها على القتل دون رسول الله صلوات الله عليه وآله.
وهذا خبر معروف مشهور، قد رواه أصحاب الحديث، وأثبته
أصحاب المغازي في كتب المغازي وأصحاب السير في كتب السير. ومما
آثرناه عنهم في ذلك، وجملة ما أجمعوا عليه أن الله تعالى لما أكرم نبيه
بالرسالة (1) واختصه بالنبوة. دعا قومه بمكة فكان أول من أجابه منهم
وصدقه - كما تقدم القول (2) من إجابته بذلك في الباب الذي قبل هذا
الباب - علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، ثم أسلم بعده بسنين من
أسلم من قريش وغيرهم، وجمع بني عبد المطلب كما ذكرناه في هذا
الكتاب وعرض عليهم الاسلام والمؤازرة فكان من إنكارهم ذلك عليهم
ما قد ذكرناه، ولما فشى الاسلام بمكة قام المشركون على من أسلم منهم،
فمن كان له من يحميه من أهل بيته حماه، وبعضهم حبس وعذب،

(1) وفي نسخة - ب - بالرخصة.
(2) راجع الجزء الأول الحديث 27.
255

وبعضهم خرج مهاجرا إلى أرض الحبشة (1)، ثم إلى أرض المدينة بعد أن
أسلم من أسلم من أهلها من الأنصار وبايعوا رسول الله صلوات الله عليه
وآله بمكة. وهم المشركون من أهل مكة برسول الله صلوات الله عليه وآله
ليقتلوه بعد أن اجتمعوا إليه وعدوه ورغبوه وأعطوه ما يريده من أموالهم،
وأن يرأسوه عليهم إن هو رجع عما هو عليه ليصدوه بذلك عن رسالة ربه،
فأبى إلا إبلاغها صلوات الله عليه وآله ومنعه عمه أبو طالب، وحماه
منهم فيمن يطيعه من قريش، فلم يجدوا إليه سبيلا، فاجتمع منهم بدار
الندوة (2) يوما.
(دار الندوة)
وهي دار قصي بن كلاب، فكانت قريش إذا أرادت أمرا تبرمه أو تجتمع
له إنما يكون اجتماعهم يومئذ فيها: عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو سفيان
بن حرب (3)، والحارث بن عامر بن نوفل وطعيمة بن عدي وحبير بن
(مطعم) (4)، والنضر بن (ال‍) حارث بن كلدة (5)، ومطعم بن النصراني، وأبو

(1) إشارة إلى جعفر بن أبي طالب وأصحابه.
(2) وهي دار بناها قصي حين صار أمر مكة إليه ليحكم فيها بين قريش وكانت أول دار بنيت بمكة
ولم يكن يدخلها من قريش من غير ولد قصي إلا من أتى عليه أربعين سنة آتي الأربعين سنة للمشورة، وأما
ولد قصي فيدخلونها كلهم وحلفاؤهم. ولم تزل دار الندوة بيد عبد الدار ثم جعلها بعده لولده عبد مناف بن
عبد الدار ثم صارت لبنيه من بعده دون ولد عبد الدار وإنما سميت دار الندوة لاجتماع فيها لأنهم كانوا
يندونها فيجلسون فيها لتشاورهم وإبرام أمرهم وعقد الألوية لحروبهم، وهذه الدار في الرواق الشامي من
المسجد الحرام بالزيادة. وهي معروفة مشهورة. (الجامع اللطيف ص 117)
(3) وهم من بني عبد شمس.
(4) وفي الأصل جبير بن ربيع. وهم من بني نوفل بن مناف
(5) من بني عبد الدار بن قصي
256

البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود (بن المطلب) وحكيم بن حزام (1)، ونبيه
ومنبه ابنا الحجاج (2)، وأبو جهل بن هشام (3)، وأمية بن خلف (4)، وهؤلاء
يومئذ رجال قريش من كل بطن من بطونها بمكة، واجتمع إليهم جماعة منهم
ليدبروا الحيلة في أمر رسول الله صلوات الله عليه وآله وذلك بعد أن مات أبو
طالب إلا أنه بقي من بني عبد المطلب من خافوا أن يقوم دونه ويحميه ويمنعه
منهم (5) ويطلبهم بما يكون منهم فيه، فلما صاروا إلى باب دار الندوة نظروا إلى
شيخ لا يعرفونه في جماعتهم، فأنكروه وسألوه!، ممن هو؟، فقال: رجل من أهل
نجد، بلغني ما اجتمعتم له فأردت أن أكون معكم فيه، وعسى أن لا تعدموني
رأيا ونصحا، فقالوا: ادخل، فكان ذلك الشيخ - فيما ذكروا - إبليس اللعين
لعنه الله تصور لهم.
(277) فلما أخذوا مجالسهم، قال بعضهم لبعض: إن هذا الرجل - يعنون
رسول الله صلوات الله عليه وآله - قد كان من أمره ما قد رأيتهم، وانتهى
إليكم (6) وقد اتبعه من قد علمتم، ونحن فلا نأمن منه أن يتوثب علينا
بمن اتبعه منا ومن غيرنا إن نحن تركناه إلى أن يقوى أمره ويكثر تبعه (7)
فأجمعوا رأيكم فيه - فتشاوروا بينهم - ثم قال قائل منهم: إحبسوه في
الحديد، وأغلقوا عليه بابا وتربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء

(1) وهم من بني أسد بن عبد العزى.
(2) وهما من بني سهم.
(3) من بني مخزوم.
(4) من بني جمح، ولم يذكر المؤلف العاص بن وائلة كما ذكره الأربلي في كشف الغمة 1 / 43.
(5) من المنع، وهو الحماية والحيطة، ومنه الحصن المنيع: اي الحصين.
(6) إنتهى إليكم موجودة في نسخة - ب -.
(7) اي أتباعه وأنصاره.
257

الذين كانوا قبله مثل: زهير، والنابغة (1)، ومن مضى منهم بالموت إلى أن
يصيبه ما أصابهم. فقال الشيخ النجدي: لا والله ما هذا لكم برأي،
ولئن حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من وراء الباب الذي أغلقتم
دونه، ولا وشك أصحابه أن يثبوا عليكم فينتزعوه من أيديكم ثم
يكابروكم حتى يغلبوكم على أمركم، ما هذا لكم برأي. فانظروا في
غيره - فتشاوروا - ثم قال قائل منهم: نخرجه من بين أظهرنا وننفيه عن
بلدنا، فإذا خرج عنا لم نبال أين ذهب، ولا حيث وقع إذا غاب،
وأصلحنا أمرنا وأنفسنا كما كانت. قال الشيخ النجدي: ما هذا لكم
برأي، ألم تروا حسن حديثه وبلاغة منطقة وحلاوته وغلبته على قلوب
الرجال بما يأتي به، ولو فعلتم ذلك ما أمنت أن يحل على حي من العرب
فيغلب عليهم بذلك من قوله وفعله (2) وحديثه حتى يبايعوه عليه، ثم يسير
بهم إليكم فيطأكم بهم فيأخذ أمركم من أيديكم، ثم يفعل بكم ما
أراده. أديروا فيه رأيا غير هذا!.
فقال أبو جهل بن هشام: والله إن لي فيه لرأيا ما أراكم وقعتم عليه.
قالوا: وما هو يا أبا الحكم؟؟ قال: أرى أن تأخذوا من كل قبيلة
منكم فتى شابا جلدا وسيطا من القبيلة، فيعطى كل فتى منهم سيفا
صارما ثم يأتونه ليلا في مرقدة، فيضربونه كلهم ضربة رجل واحد، فإذا
قتلوه بأجمعهم تفرق دمه في قبائل قريش جميعا، فيرضى بنو عبد المطلب
بالعقل (3) فيه.

(1) أضاف في تفسير القمي: 1 / 274: وامرء القيس.
(2) موجودة في نسخة - أ - فقط.
(3) عقل القتيل: أعطى ديته (مختار الصحاح ص 447).
258

فقال الشيخ النجدي: القول ما قاله الرجل هذا الرأي لا أرى
غيره، فتفرق القوم على ذلك.
فأتى جبرائيل النبي صلوات الله عليه وآله، فأخبره الخبر (1)، وقال له
في ذلك ما فعلوه، فدعا علي بن أبي طالب عليه السلام، فأطلعه على ذلك
وأخبره أنه مهاجر إلى المدينة، وأمره أن يتوشح ببردة وينام على فراشه،
ليرى من يأتيه من الذين أرادوا قتله إنه هو، إلى أن يبعد، وأمره بالمقام في
أهله وبأن يؤدي أمانات كانت عنده وديونا عليه، ثم يلحق به، فهو على
ذلك يوصيه إلى أن أحس القوم قد أحاطوا بمنزله، وقائل منهم يقول
لهم (2): إن محمدا هذا يزعم إنكم (إن) بايعتموه على أمره كنتم ملوك
العرب والعجم ما عشتم، ثم إذا متم بعثتم وأدخلتم جنانا كجنان
الأردن (3) وإن لم تفعلوا كان لكم القتل ثم تبعثون إلى نار جهنم تحرقون
فيها، فعجلوا أنتم ذلك له.
فأمر رسول الله صلوات الله عليه وآله عليا فاضطجع على فراشه
ووشحه ببردة الحضرمي (4) الذي كان ينام فيه وجعل يقرأ سورة يس
وأخذ بيده كفا من تراب، فرماه في وجوههم، وخرج فأخذ الله عز وجل
على أبصارهم ولم يكونوا تكاملوا ومضى نحو الغار وقد واعد أبا بكر وعامر
بن فهيرة (5) وعبد الله ابن أريقط إليه ليمضوا معه إلى المدينة وما يحتاج إليه

(1) وفي ذلك نزل قوله تعالى (وإذ يمكر بك الذين كفروا...) الأنفال: 30.
(2) وهو أبو جهل بن هشام. (سيرة ابن هشام 2 / 91).
(3) وفي الهامش: بضمتين وشد الدال: كورة بالشام عن القاموس.
(4) وفي الجوهرة لمحمد التلمساني ص 11: الحضرمي الأخضر.
(5) عامر بن فهيرة مولى أبى بكر.
259

ويدلوه على الطريق، ليمضوا معه إلى المدينة (1).
وجعل القوم ينظرون من خلال الباب إلى علي بن أبي طالب
صلوات الله عليه وهو مضطجع على فراش رسول الله صلوات الله عليه وآله
في بردة ولا يشكون إنه هو. فلما اجتمعوا وهموا بالقيام لما أتوه، أتاهم آت
ممن لم يكن معهم، فقال: ما تنتظرون هاهنا وما تريدون؟ فقالوا:
نقتل محمدا!. قال: لقد خيبكم الله، لقد خرج عليكم محمد وما ترك
منكم أحدا ممن حضر وقت خروجه حتى سفا عليه التراب، فنظروا إلى
التراب على رؤوس أكثرهم، ونظروا إلى علي صلوات الله عليه مكان
رسول الله صلوات الله عليه وآله في بردة، فقالوا: هذا محمد، ودخلوا إليه،
فلما أحس بهم علي صلوات الله عليه أخذ السيف - ذا الفقار - (2) ووثب في
وجوههم.
فلما رأوه وعرفوه أحجموا عنه، وقالوا: ليس إياك أردنا يا بن أبي
طالب. وقال بعضهم لبعض: ليس في محاصرتنا هذا، يقتل منا ونقتله
فائدة، وانصرفوا.
قالوا: وكان مما أنزل الله عز وجل في ذلك قوله تعالى: (وإذ يمكر
بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون و

(1) وعبارة ليمضوا معه إلى المدينة مكررة في نسخة ب.
(2) هكذا في الأصل كما في النسخ الأخرى وحسب تتبعنا الناقص المشهور المعروف لدى أصحاب
السير والمغازي إن سيف ذي الفقار نحله رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام، في غزوة أحد أو
بدر. قال علي بن إبراهيم القمي في تفسيره 1 / 116: فلما انقطع سيف أمير المؤمنين عليه السلام (في غزوة
أحد) جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله، إن الرجل يقاتل بالسلاح وقد انقطع
سيفي، فدفع إليه رسول الله صلى الله عليه وآله سيفه (ذا الفقار).
260

يمكر الله، والله خير الماكرين) (1). وقوله عز وجل: (أم يقولون شاعر
نتربص به ريب المنون قل تربصوا فإني معكم من المتربصين) (2).
فهذه رواية العامة في ذلك جاءت، كما جاء عن علي صلوات الله
عليه، فكان ذلك أول جهاد بذل فيه نفسه دون رسول الله صلى الله عليه
وآله، وقام فيه في مضجعه موطئا نفسه على القتل دونه، وقام في وجوه
من أرادوه بذلك - وهم عدد كثير - في حداثة من سنه وقرب من عهده.
(الهجرة)
ودخل رسول الله صلوات الله عليه وآله المدينة يوم الاثنين قبل زوال الشمس شئ يسير لا ثنتي عشرة ليلة مضين من شهر ربيع الأول (3) وهو أول
التاريخ. وكذلك ولد صلوات الله عليه وآله يوم الاثنين لا ثنتي عشرة ليلة مضين
من شهر ربيع الأول، وكانت سنه يوم دخل المدينة أن كان ابن ثلاث وخمسين
سنة كاملة، وذلك بعد أن أقام بمكة ثلاث عشر سنة بعد أن بعثه الله عز وجل
بالنبوة، وكان مبعثة أيضا بالنبوة يوم الاثنين، وهو ابن أربعين سنة (4).

(1) الأنفال: 30.
(2) الطور: 30.
(3) وفي إعلام الورى ص 18: الحادي عشر من ربيع الأول وروى في ص 74 عن ابن شهاب
الزهري في شهر ربيع الأول لا ثنتي عشرة ليلة خلت منه يوم الاثنين.
(4) وقبض يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة 11 ه‍. إعلام الورى ص 18.
261

(غزوة بدر)
ثم لحق به علي بن أبي طالب صلوات الله عليه لما قضى ما أمره، وأقام حولا
بالمدينة (1). ثم أذن له في الجهاد فغزا ثلاث غزوات: غزوة الأبواء، وغزوة
العشيرة، وغزوة بدر الأولى، وعلي صلوات الله عليه وآله معه، ولم يلق كيدا ولا
حارب أحدا في الغزوات إلا وهو معه صلوات الله عليهما. ثم غزا بدرا في الغزوة
الثانية - التي أصاب فيها ما أصاب من صناديد قريش وكانت أول غزوة قاتل
فيها المشركون.
وبرز من المشركين - لقتال رسول الله صلوات الله عليه وآله ومن معه من
المسلمين - رؤساء قريش: عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة،
فأنهض رسول الله صلوات الله عليه وآله عليا عليه السلام وحمزة رضوان الله عليه
وعبيدة بن الحارث رضي الله عنه، وعلي صلوات الله عليه أحدث القوم سنا
- ابن ثمان عشرة سنة، وقيل لم يبلغ العشرين -. فبارز الوليد بن عتبة، فقتله الله
بيده، وبارز حمزة شبية بن ربيعة، فقتله الله بيده، وما أمهلاهما، وبارز عبيدة
بن الحارث وكان أسنهم عتبة بن ربيعة، فأثبت كل واحد منهما صاحبه جراحة،

(1) وفي نسخة - أ - لما أقام من أمره وأقام حولا في المدينة.
262

فعطف علي وحمزة عليهما السلام على عتبة فقتلاه (1)، وفيه أنزل الله تعالى:
(هذان خصمان اختصموا في ربهم) (2).
(من قتلهم علي عليه السلام في يوم بدر)
(278) محمد بن سلام باسناده عن أبي جعفر محمد بن علي صلوات الله عليه
يرفعه إلى علي صلوات الله عليه إنه ذكر فيما امتحنه الله تعالى به: إن ابني
ربيعة والوليد دعوا إلى البراز، وهم يومئذ فرسان قريش وشجعانها،
فأنهضني رسول الله صلوات الله عليه وآله مع صاحبي رضي الله عنهما - وقد
فعل وأنا أحدث القوم سنا وأقلهم للحرب تجربة فقتل الله تعالى بيدي
شبية وعتبة والوليد سوى من قتلت يومئذ من جحاجحة (3) قريش
وفرسانها وسوس من أسرت، وكان مني في ذلك اليوم أكثر ما كان من
أحد من أصحابي.
وممن ذكره أصحاب المغازي: إن عليا صلوات الله عليه قتل يوم بدر
من قريش غير عتبة (4) والوليد، حنظلة بن أبي سفيان بن حرب بن أمية
بن عبد شمس قتله صلوات الله عليه (5)، وقال بعضهم: بل أشرك فيه

(1) المغازي للواقدي 1 / 69.
(2) الحج: 19. راجع الحديث 293 من هذا الجزء.
(3) الجحجاح بالفتح: السيد والجمع الحجاجح وجمع الجحاجح جحاجحة. مختار الصحاح
ص 92.
(4) وفي نسخة - ب -: شيبة والوليد.
(5) روى جابر بن أمير المؤمنين عليه السلام قال: لقد تعجبت يوم بدر من جرأة القوم وقد قتلت
الوليد وعتبة إذ أقبل إلي حنظلة بن أبي سفيان فلما دنى مني ضربته بالسيف فسالت عيناه ولزم الأرض
قتيلا. إعلام الورى ص 86.
263

علي وحمزة عليهما السلام (1) وزيد بن الحارث (2).
قالوا جميعا: وقتل علي صلوات الله عليه يومئذ العاص بن سعيد ابن
العاص بن أمية.
قالوا: وقتل علي صلوات الله عليه أيضا عقبة بن أبي معيط بن أبي
عمر بن أمية بن عبد الشمس.
قالوا: وقتل علي صلوات الله عليه يومئذ عامر بن عبد الله من بني أنمار
حليفا لقريش.
قالوا: وقتل علي صلوات الله عليه أيضا يومئذ طعيمة بن عدي بن
نوفل.
(قالوا: وممن قتله علي صلوات الله عليه زمعة بن الأسود بن المطلب
بن أسد بن عبد العزى بن قصي. وقال قوم: اشترك فيه حمزة عليه السلام
وعلي، وثابت بن الجزع) (3).
قالوا: وممن قتله علي صلوات الله عليه يومئذ أيضا عقيل بن الأسود
بن المطلب، وقال بعضهم: شاركه حمزة رضوان الله عليه في قتله.
قالوا: وممن قتله علي صلوات الله عليه نوفل بن خويلد بن أسد،
وكان من شياطين قريش (4) وهو الذي قرن أبا بكر وطلحة لما أسلما في
حبل وعذبهما، وكانا يسميان القرينين.
قالوا: وممن قتله علي صلوات الله عليه النضر بن الحارث بن كلدة

(1) المغازي للواقدي 1 / 114.
(2) كشف الغمة للأربلي 1 / 182.
(3) وما بين القوسين موجودة في نسخة - ب -.
(4) وهو عم الزبير بن العوام. إعلام الوري ص 86.
264

بن علقمة بن مناف (1)، قتله صبرا بين يدي رسول الله صلوات الله
عليه وآله.
قالوا: وممن قتله علي صلوات الله عليه يومئذ (عمير) (2) بن عثمان
بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم (3).
(قالوا: وممن قتله علي صلوات الله عليه يومئذ أبو مسافر الأشعري
حليف لقريش كان معهم.
وقالوا: وممن قتله علي صلوات الله عليه يومئذ أيضا مسعود بن
(أبي) أمية بن المغيرة) (4).
قالوا: وممن قتله علي صلوات الله عليه حرملة بن الأسد.
(قالوا: وممن قتله علي صلوات الله عليه أبو قيس بن الوليد بن المغيرة
ابن هشام) (5).
قالوا: وممن قتله يومئذ علي صلوات الله عليه أبو قيس بن الفاكة بن
المغيرة (6).
قالوا: وممن قتله علي صلوات الله عليه يومئذ عبد الله بن المنذر بن
أبي رفاعة بن عابد (7).
قالوا: وممن قتله علي صلوات الله عليه يومئذ أيضا حاجب بن

(1) من بني عبد الدار بن قصي، المغازي للواقدي 1 / 149.
(2) وفي الأصل: عمر.
(3) من بني تيم بن مرة.
(4) من بني أمية بن المغيرة، وما بين القوسين زيادة في نسخة - ب -.
(5) هكذا في نسخة - ب - ومن المحتمل: أبو قيس بن الوليد من بني الوليد بن المغيرة.
(6) من بني الفاكة بن المغيرة. قال الواقدي في المغازي 1 / 150: قتله حمزة بن عبد المطلب.
(7) وفي المغازي: عبد الله بن أبي رفاعة.
265

الشائب بن عويمر بن عمرو بن عابد بن عمران بن مخزوم، ويقال: هو
حاجز بن الشائب (1).
قالوا: وممن قتله علي صلوات الله عليه يومئذ أيضا، العاص بن
(منية) (2) بن الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعد بن سهم.
قالوا: وممن قتله علي صلوات الله عليه يومئذ أيضا، أبو العاص بن
قيس بن عدي بن سعد بن سهم.
قالوا: وممن قتله علي صلوات الله عليه يومئذ أيضا (أويس بن
المعير) (3) بن لوذان بن سعد بن جمح.
قالوا: وممن قتله علي صلوات الله عليه معاوية بن عامر حليف لبني
عامر بن لؤي وهو من عبد القيس.
فهؤلاء المعدودون من قتلى قريش المشركين يوم بدر ممن ثبت أن عليا
عليه السلام قتلهم غير من لم يوقف على صحيح قتله إياه ومن أثبته
جراحة، فمات. ومن أسر يومئذ هم - قبل - أكثر ممن قتل، وهذا وما يذكره
بعده ممن قتله علي عليه السلام من المشركين في جهاده بين يدي رسول الله
صلوات الله عليه وآله هو الذي أورثه عداوة أهل النفاق من قريش
وغيرهم الذي قتل أولياء هم في ذات الله عز وجل.

(1) هكذا في نسخة - ب - وذكر الواقدي: حاجز بن السائب بن عويمر بن عائذ قتله علي عليه السلام
وعويمر بن عائذ بن عمران بن مخزوم قتله النعمان بن أبي مالك.
(2) وفي الأصل: أمية.
(3) وفي الأصل نسخة - ب - مغيرة بن ودان بن جميح. وما صححناه عن البلاذري في أنساب الأشراف
1 / 300.
266

(غزوة أحد)
ثم كانت وقعة أحد استنفر لها أبو سفيان، جميع قريش وأحلافها ومن
أمكنه أن يستنفره من قبائل العرب، وأقبل إلى المدينة طالبا بثار يوم بدر في جمع
عظيم وانتهى ذلك إلى رسول الله صلوات الله عليه وآله، وكان من رأيه المقام
بالمدينة وأن يحاربهم منها ووافقه على ذلك بعض أهلها، وأبي أكثرهم ذلك
وقالوا: نخرج إليهم فنقاتلهم عن بعد من المدينة حيث لا يروع أمرهم نساؤنا
وصبياننا ولا يرون إنا خفناهم واحتصرنا لذلك وأبوا أن يقبلوا من رسول الله
صلوات الله عليه وآله ما رآه لهم. فدخل منزله ولبس لامته وخرج مغضبا
وأمرهم بالخروج، فلما رأوا ذلك منه قالوا: يا رسول الله، إنا نخاف إن
أسخطناك بخلافنا عليك!، فارجع، وافعل ما رأيته.
فقال: إن النبي إذا لبس لامته وأخذ سلاحه لم يكن له أن يرجع حتى
يقاتل، ومضى صلوات الله عليه وآله نحو أحد وخرجوا معه وانصرف عنه الذين
كانوا رأوا معه المقام بالمدينة، وقالوا: عصانا (1) واتبع هؤلاء، وتنازعوا، فقال
لهم الناس: ما هذا! ترجعون عن رسول الله صلوات الله عليه وآله، وقد خرج
لقتال أعداء الله وأعداء دينه؟؟

(1) وفي نسخة - أ - أغضبنا.
267

فقال عبد الله بن أبي وهو الذي رجع ورجع معه فيما قيل قدر ثلث من
خرج من الناس ممن كان على النفاق لم يخرج لقتال: ولو علمنا أنه يقاتل
لا تبعناه. ففيهم أنزل الله عز وجل: (قالوا لو نعلم قتالا لا تبعنا كم هم للكفر
يومئذ أقرب منهم للايمان) (1).
قال عبد الله بن أبي لمن رجع معه: أطاعهم وعصانا ففيم نقتل أنفسنا
معه؟، ورجعوا دون أن يبلغوا أحدا.
(حمزة سيد الشهداء)
ومضى رسول الله صلوات الله عليه وآله حتى بلغ أحدا، فعبأ الناس على
مراتبهم، واستقبل المشركين وتقدم علي وحمزة صلوات الله عليهما للقتال وكان
منهما في ذلك اليوم ما لم ير من أحد قبلهما، وأمعنا في قتل المشركين فانهزموا بهم
فلما رأى الهزيمة من كان في المراتب التي رتبها رسول الله صلوات الله عليه وآله
بين يديه انكشفوا عنه وذهبوا يطلبون الغنائم، ورمى حمزة عليه السلام وحشي
الأسود عبد لجبير بن مطعم (2) بحربة من حيث لا يراه، فقتله.
قال وحشي: رأيته في عرض الناس مثل الحمل الاورق (3) يهد الناس
بسفيه هذا ما يقوم له أحد، فاستترت بشجرة أو قال: بحجر منه ليدنو إلي
فأرميه بالحربة من حيث لا يراني إذ لم أكن أقدر على مواجهته فاني على ذلك إذ
بسباع بن عبد العزى (4) قد سبقني إليه يريد نزاله، فلما رآه حمزة مقبلا إليه قال:

(1) آل عمران: 167.
(2) قال الواقدي في المغازي 1 / 285: وكان وحشي عبدا لابنة الحارث بن عامر بن نوفل.
(3) الاورق: مغبر اللون.
(4) الخزاعي.
268

هلم إلي يا بن مقطعة البظور، - وكانت أمه تخفض الجواري - ثم حمل عليه حمزة
حملة أسد، فضربه بالسيف فكأنما أخطى رأسه ووقف عليه وقد خر ميتا وهولا
يراني، وأرسلت الحربة إليه، فأصبته في مقتل، فسقط ميتا.
يخبر وحشي بذلك رسول الله صلوات الله عليه وآله وقد جاء مسلما، وسأله
عن ذلك، فقال له رسول الله صلوات الله عليه وآله: يا وحشي غيب عني
وجهك فلا أراك.
فلما قتل حمزة رضي الله عنه، ورأي المشركون أن أصحاب رسول الله
صلوات الله عليه وآله قد انكشفوا عنه وتفرقوا خالفوا إليه، فقتلوا من كان بين
يديه وجرحوه وكسروا ثنيته (1) اليمنى السفلى، وكلموا شفته وهشموا البيضة
على رأسه وضرب نيفا " وستين ضربة.
وكان رسول الله صلوات الله عليه وآله قد ظاهر يومئذ بين درعين ووقف
على صخرة وانكشف الناس عنه.
(279) وبقى علي صلوات الله عليه وحده بين يديه، فقال له: إمض يا
علي. فقال: إلي أين أمضى يا رسول الله؟ أرجع كافرا بعد أن
أسلمت؟ وكانت كراديس المشركين تأتيهما، فيحمل رسول الله
صلوات الله عليه وآله على بعض (2)، ويقول لعلي: إحمل أنت (3) على
هؤلاء الآخرين، فيكشفان من آتاهما ويردانهم بعد أن يبليا فيهم، وكان
منهما صلوات الله عليهما يومئذ ما لم يكن أحد قبلهما مثله حتى كشف الله
عز وجل المشركين وهزمهم بهما.

(1) وفي الأصل: سنه.
(2) وفي نسخة ب: بعضها.
(3) وفي الأصل: إحمل أنت يا أسد الله على هؤلاء.
269

وانصرف عامة المسلمين إلى المدينة يقولون: قتل محمد وعلي!.
وأرجف الناس بذلك ولم يروا إلا أنه قد كان، ثم أقبل على صلوات الله
عليه على رسول الله صلوات الله عليه وآله فغسل وجهه مما به من الدم،
وأقبل معه.
وقيل: إن رسول الله صلوات الله عليه وآله كان أعطى الراية يومئذ
عليا صلوات الله عليه وآله فلما رأى من أشراف المشركين ما رآه قال:
تقدم يا علي. فتقدم، ووقف رسول الله صلوات الله عليه وآله مع لواء
الأنصار وهو بيد مصعب بن عمير، كان لواء المشركين بيد أبي سعيد بن
طلحة (1)، فلما رأى عليا عليه السلام بيده لواء رسول الله صلوات الله عليه
وآله، برز إليه (قائلا):
إن على أهل اللواء حقا * أن تخضب الصعدة أو تندقا (2)
(ضبط الغريب)
الصعدة: القناة المستوية تنبت كذلك لا تحتاج إلى تثقيف.
فبرز إليه علي صلوات الله عليه - فبرز كل واحد منهم على صاحبه - فقتله
علي صلوات الله عليه. فعندها انهزم المشركون ثم عطفوا على رسول الله
صلوات الله عليه وآله، فقتلوا مصعب بن عمير وبيده راية الأنصار بين يدي
رسول الله صلوات الله عليه وآله وكان من أمرهم ما كان، وقتل يومئذ سبعون
رجلا من المسلمين، وكانوا قد قتلوا وأسروا يوم بدر من المشركين مائة وأربعين

(1) إن لواء المشركين كان أولا بيد طلحة بن أبي طلحة ثم أبي سعيد بن طلحة قتلهما علي عليه السلام
(كشف الغمة 1 / 192 تفسير القمي 1 / 112 المغازي 1 / 226).
(2) ونسب الواقدي في المغازي 1 / 226 هذا البيت إلى عثمان بن أبي طلحة - أبي شبية -.
270

رجلا، ففي ذلك أنزل الله تعالى: (ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه
حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الامر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من
يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم
والله ذو فضل على المؤمنين. إذ تصعدون ولا تلون على أحد والرسول يدعوكم
في اخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله
خبير بما تعملون. ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم
وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من
الامر من شئ قل إن الامر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو
كان لنا من الامر شئ ما قتلنا ههنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب
عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم
والله عليم بذات الصدور. إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم
الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم. يا أيها الذين
آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا
غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله
يحيى ويميت والله بما تعملون بصير. ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله
ورحمة خير مما يجمعون ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون. فبما رحمة من الله لنت
لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم
وشاورهم في الامر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين. إن
ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى
الله فليتوكل المؤمنون. وما كان لنبي ان بغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة
ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون. أفمن اتبع رضوان الله كمن باء
بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير. هم درجات عند الله والله بصير بما
يعلمون. لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم
271

آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين.
أو لما أصابتك مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم انى هذا قل هو من عند أنفسكم إن
الله على كل شئ قدير. وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم
المؤمنين. وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا
لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للايمان يقولون بأفواههم ما
ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون (1).
(حنظلة غسيل الملائكة)
وبارز يومئذ أبو سفيان حنظلة بن أبي عامر الغسيل من الأنصار، فصرع
حنظلة أبا سفيان وعلاه ليقتله فرآه شداد بن الأسود فجاءه من خلفه، فضربه،
فقتله، وقام أبو سفيان من تحته، وقال: حنظلة بحنظلة يعني ابنه حنظلة - المقتول
ببدر الذي ذكرت أن عليا صلوات الله عليه قتله يومئذ.
ولما انهزم المشركون عن أحد، وقف رسول الله صلوات الله عليه وآله على
قتلى المسلمين، وأمر بدفنهم في مصارعهم ورد من حمل منهم فدفن هناك، وأمر
بدفنهم في ثيابهم وبدمائهم من غير أن يغسلوا كما يفعل بالشهداء. فرأى
الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر الأنصاري.
فلما قدم المدينة، قال: سلوا عنه امرأته. فقالت: فلما سمع بخروج
رسول الله صلوات الله عليه وآله خرج مبادرا وهو جنب من قبل أن يغتسل.
فقال رسول الله صلوات الله عليه وآله: فلذلك ما رأيت من غسل الملائكة
إياه.
وكانت هند بنت عتبة - أم معاوية - في ذلك اليوم مع المشركين تحرضهم،

(1) آل عمران: 152 - 167.
272

وتقول: إيها بني عبد الدار * إيها حماة الادبار (1)
ضربا بكل بتار
وقالت أيضا متمثلة، وهي تضرب بالدف:
نحن بنات طارق * نمشي على النمارق (2)
والدر في المخانق * والمسك في المفارق
إن تقبلوا نعانق * ونفرش النمارق
أو تدبروا نفارق * فراق غير وامق (3)
(أبو دجانة الأنصاري)
وأخذ رسول الله صلوات الله عليه سيفا بيده فهزه، وقال:: من يأخذ هذا
السيف بحقه؟؟ فقال الزبير بن (ال‍) عوام: أنا يا رسول الله. فأعرض عنه
رسول الله صلوات الله عليه وآله. وقال: من يأخذ بحقه؟
فقام إليه أبو دجانة الأنصاري - وكان من أبطال الأنصار - فقال: وما حقه
يا رسول الله؟؟ قال: ألا يقف به في الكبول (يعني أواخر الصفوف) وأن
يضرب به في العدو حتى ينحني. فقال: أنا آخذه يا رسول الله صلى الله عليك

(1) وقال الواقدي: النساء كن ينشدن خلف أبي سعد بن أبي طلحة:
ضربا بني عبد الدار * ضربا حماة الادبار
ضربا بكل بتار
(المغازي 1 / 227)
(2) النمارق: الوسائل الصغيرة وكل ما يجلس عليه.
(3) وفي الروض الأنف 2 / 129: ويقال إن هذا الرجز لهند بنت طارق بن بياضة الايادية.
الوامق: المحب.
273

وآلك. فدفعه إليه. فأخذه أبو دجانة - وهو مالك بن حرشة أخو بني سعدة من الأنصار - ثم
أخرج عصابة معه حمراء، فتعصب بها (فقالت الأنصار: تعصب أبو دجانة
عصابته قد نزل الموت، وكان إذا تعصب بها قبل، كان ذلك من فعله) (1).
ثم خرج يتبختر بين الصفين، ويقول:
اني امرؤ عاهدني خليلي * ونحن بالسفح لذي النخيل
ألا أقوم الدهر في الكبول * أضرب بسيف الله والرسول (2)
فقال رسول الله صلوات الله عليه وآله: إنها مشية يبغضها الله عز وجل إلا في
مثل هذا المقام.
قال الزبير: فقلت: منعني رسول الله السيف وأعطاه أبا دجانة، والله لأتبعنه
حتى لأنظر ما يصنع، فاتبعته حتى هجم في المشركين فجعل لا يلقى منهم أحدا
إلا قتله، فقلت: الله ورسوله أعلم.
قال: وكان في المشركين رجل قد أبلى ولم يدع منا جريحا إلا دق عليه
- أي قتله - فجعل كل واحد منهما يدنو من صاحبه، فدعوت الله أن يجمع بينهما،
فالتقيا واختلفا بضربتين، فضرب المشرك أبا دجانة ضربة بسيفه (3)، فاتقاها
أبو دجانة بدرقته، فعضب السيف، وضربه أبو دجانة فرمى برأسه، ثم رأيته حمل
السيف على مفرق رأس هند ابنة عتبة ثم عدله عنها. فقيل: لأبي دجانة في
ذلك!. فقال: رأيت إنسانا يخمش الناس خمشا شديدا - يعني يحركهم القتال -،

(1) ما بين القوسين زيادة من نسخة - ب -.
(2) ورواه ابن هشام في سيرته 3 / 20:
أنا الذي عاهدني خليلي * ونحن بالسفح لدى النخيل
الا أقوم الدهر في الكبول *
(3) وفي نسخة الأصل: بالسيف.
274

فصدرت إليه - يعني قصدته - فلما حملت السيف على رأسه لأضربه ولول، فإذا به
امرأة، فأكرمت سيف رسول الله من أن أضرب به امرأة.
(التمثيل بحمزة)
ولما قتل حمزة رضي الله عنه أتت إليه هند، فبقرت بطنه وأخذت قطعة من
كبده، فرمت بها في فيها ولاكتها لتأكلها، فلم تستطع أن تبتلع (1) منها شيئا،
فلفظتها، وذلك لأنه قتل يوم بدر أباها. ومثلث به، فأخبر بذلك رسول الله
صلوات الله عليه وآله. فقال: ما كانت لتأكلها، ولو أكلتها، لما أصابتها نار
جهنم (2) وقد خالط لحمها لحم حمزة عليه السلام.
ولما وقف صلوات الله عليه وآله على حمزة ورأي تمثيلهم به، قال: لئن
أمكنني الله تعالى منهم لأمثلن منهم بسبعين رجلا. فأنزل الله عز وجل: (وإن
عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) (3).
وقال رسول الله صلوات الله عليه وآله للمسلمين: إنهم لن يصيبوا منكم
مثلها أبدا وإن كنتم من أنفسكم أوتيتم.
(حوار شداد مع أبي سفيان)
وقال بعد ذلك شداد بن الأسود بن شعوب يذكر عند أبي سفيان لما
خلصه من حنظلة (بن أبي عامر) وقد قعد عليه ليقتله ونجاه من تحته، شعرا:
ولولا دفاعي يا بن حرب ومشهدي * لألفيت يوم النعف (4) غير مجيب

(1) وفي نسخة - ب -: تبلع.
(2) وفي نسخة - ب -: النار.
(3) النحل: 125.
(4) النعف: أسفل الجبل. إشارة إلى واقعة أحد.
275

ولولا مكرى المهر بالنعف قرقرت * عليك ضباغ أو ضراء كليب (1)
(ضبط الغريب)
قرقرت: أي صاحت. الكليب، الكلاب: أي صاحت الكلاب.
الضراء: الكلاب الضارية (2).
فقال أبو سفيان شعرا.
ولو شئت بختني كميت طمرة * ولم أحمل النعماء لابن شعوب
وما زال مهري مزجر الكلب منهم * لدن غدوة حتى دنت لغروب (3)

(1) وفي السيرة لابن هشام 3 / 26 العجز هكذا: ضياع عليه أو ضراء كليب.
(2) هذه الزيادة لم لكن في نسخة - ب -.
(3) وروى ابن هشام في السيرة 3 / 25 بقية الأبيات:
أقاتلهم وأدعي بالغالب * وأدفعهم عني بركن صليب
فبكي ولا ترعي مقالة عاذل * ولا تسأمي من عبرة ونحيب
أباك وإخوانا قد تتابعوا * وحق لهم من عبرة وبنصيب
وسلي الذي قد كان في النفس أني * قتلت من النجار كل نجيب
ومن هاشم قرما كريما ومصعبا * وكان لدى الهيجاء غير هيوب
ولو أنني لم أشف نفسي منهم * لكانت شجا في القلب ذات ندوب
فأبوا وقد أودى الجلابيب منهم * بهم خدب من معطب وكئيب
أصابهم من لم يكر لدمائهم * كفاء ولا في خطة بضريب
فأجابه حسان بن ثابت:
ذكرت القروم الصيد من آل هاشم * ولست لزور قلته بمصيب
أتعجب أن قصدت حمزة منهم * نجيبا وقد سميته بنجيب
ألم يقتلوا عمرا وعتبة وابنه * وشيبة والحجاج وابن حبيب
غداة دعا العاصي عليا فراعه * بضربة عضب بله بخضيب
والجلابيب: جمع جلباب. والجلباب في الأصل: الإزار الخشن، وكان المشركون يسمون من أسلم
الجلاليب. والخدب: الطعن النافذ.
276

المزجر: الهرب.
فظن الحارث بن هشام أن أبا سفيان عرض به لما ذكر من صبره إذ قد
هرب الحارث يوم بدر. فقال الحارث مجيبا لأبي سفيان في ذلك يذكر له وقعة
بدر لأنه لم يكن شهدها، شعرا:
وأنك لو عاينت ما كان منهم * لابت بقلب ما بقيت نخيب
لدى صحن بدر أو أقمت نوائحا * عليك ولم تحفل مصاب حبيب (1)
(صمود الرسول صلى الله عليه وآله)
وقيل: إن الذي كسر رباعية رسول الله صلوات الله عليه وآله وكلم شفته
عتبة بن أبي وقاص (2) رماه بحجر فأصاب ذلك منه. وإن عبد الله بن شهاب
الزهري (3) شجة في جبهته. وان ابن قميئة جرحه في وجنته (4).
قالوا: وسقط رسول الله صلوات الله عليه وآله يومئذ في حفرة من الحفر التي

(1) وروى ابن هشام في السيرة 3 / 26 هذه الأبيات بتقديم وتأخير بعد البيتين الذين سلف ذكرهما
(ولولا دفاعي) وهي:
جزيتم يوما ببدر كمثله * على سايح ذي ميعة وشبيب
لدى صحن بدر أو أقمت نوائحا * عليك ولم تحفل مصاب حبيب
وإنك لو عاينت ما كان منهم * لابت بقلب ما بقيت نخيب
السايح: الفرس السريع. والميعة: الخفة. والشبيب: أن يرفع الفرس يديه جميعا في الجري. النخيب:
الجبان.
(2) كشف الغمة 1 / 189 إعلام الورى ص 92.
(3) وفي نسخة ب: أبا عبد الله بن شهاب الزهري و
(4) روى الأربلي في كشف الغمة 1 / 189 عن أبي بشير المازني قال: حضرت يوم أحد وأنا غلام
فرأيت ابن قميئة علا رسول الله صلى الله عليه وآله بالسيف، فوقع على ركبتيه في حفرة امامه حتى توارى،
فجعلت أصيح وأنا غلام حتى رأيت الناس ثابوا إليه.
277

حفرها أبو عامر (كالخنادق) (1) ليقع فيها المسلمون وهم لا يعلمون.
قالوا: فأخذ علي صلوات الله عليه بيده حتى خرج منها واستوى قائما، وأتاه
مالك بن سنان أبو سعيد الخدري - فمص الدم من وجهه، ثم ازدرده (2). فقال
رسول الله صلوات الله عليه وآله: من دمس دمي دمه لم تصبه النار ودخلت في
وجنة رسول الله صلوات الله عليه وآله حلقتان من حلق المغفرة للضربة التي
ضربه ابن قميئة، فانتزعهما أبو عبيد بأسنانه، فسقطت ثنيتاه لشدتهما.
ورمى رسول الله صلوات الله عليه وآله يومئذ عن قوسه حتى اندقت
ستيها (3).
قالوا: وانتهى أنس بن النضر - وهو عم أنس بن مالك، وبه سمي إلى
عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله في رجال من المهاجرين والأنصار
منصرفين إلى المدينة، قد ألقوا بأيديهم، فقال (أنس): مالكم؟؟. قالوا: قتل
رسول الله صلوات الله عليه وآله!. قال: فما تصنعون بالحياة بعده؟ ارجعوا،
وموتوا على ما مات عليه رسول الله صلوات الله عليه وآله. ثم استقبل القوم،
فقاتل حتى قتل رحمه الله.
قالوا: وأتي أبي بن خلف، عدو الله إلى رسول الله صلوات الله عليه وآله،
وهو يقول: أين محمد؟؟ لا نجوت إن نجى! (4)، فقال علي صلوات الله عليه: يا
رسول الله، هذا أبي بن خلف، أقوم إليه؟ فقال، بل، أنا أقوم إليه!. فأمسكه
علي صلوات الله عليه ومن معه - إشفاقا عليه - فانتفض من بينهم انتفاضة

(1) المغازي 1 / 244.
(2) المغازي 1 / 247.
(3) سيت القوس - بالكسر مخففة -: ما تمطى من طرفيها، جمع سيات.
(4) إعلام الورى 91 / 1، سيرة ابن هشام 3 / 31.
278

تطايروا منها حوله، وأخذ حربة كانت بيد أحدهم، ثم استقبله، فطعنه بها
- طعنة في عنقه - كاد أن يسقط لها عن فرسه، وولي هاربا. وكان قد لقي
رسول الله صلوات الله عليه بمكة، فقال: يا محمد، والله لان لم تنته عما أنت عليه
لأقتلنك، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إليه، وقال، بل أنا والله أقتلك
يا أبي فلما لحق بأصحابه جعل يتغاشي (1). فقالوا له: ما بك، وما الذي
أرعب فؤادك؟؟ وإنما هو خدش. قال: ويحكم، إنه قال لي بمكة: أنا أقتلك.
فوالله لو بصق علي لقتلني. فمات عدو الله بسرف (2)، وهم قافلون (3) إلى مكة.
وقيل: إن رسول الله صلوات الله عليه وآله صلى الظهر يوم أحد جالسا لما به
من ألم الجراح، ولم يستطع القيام، وصلى معه من كان من المسلمين جلوسا.
قالوا: ولما لم يجد المشركون من رسول الله صلوات الله عليه وآله ما أرادوه
كفوا واحتجزوا، وبقى رسول الله صلوات الله عليه وآله بالشعب (4) من أحد.
وتسامع الناس بأنه حي لم يمت فأتاه كثير منهم وأتاه عمر فيمن أتاه وتحدث
المشركون بأن رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم قد قتل، وأتى ابن قميئة
أبا سفيان، وقال: أنا قتلته!، فركب أبو سفيان فرسه، وأتى نحو الشعب، فوقف عن
بعد منه ونظر إلى عمر بن الخطاب. فدعاه، فقال له رسول الله صلوات الله
عليه وآله: قم، فانظر ما يريد. فوقف إليه عمر، فقال له أبو سفيان:
أناشدك الله يا عمر أقتلنا محمدا؟
قال: اللهم لا، وانه ليسمع الآن كلامك!.

(1) أي مرتعدا فزعا خائفا.
(2) السرف: مكان على ستة أميال من مكة.
(3) أي عائدون.
(4) الشعب بالكسر واحد الشعاب للطريق بين الجبلين، أو ما انفجر بينهما، وشعب أحد: هو الذي
نهض المسلمون برسول الله صلى الله عليه وآله إليه يوم أحد. (وفاء الوفاء للسمهودي ص 1243).
279

قال أبو سفيان: أنت أصدق عندي من ابن قميئة وأبر (1)، وذلك لقول ابن قميئة
له: إنه قتل رسول الله صلوات الله عليه وآله. وانصرف. فقال رسول الله
صلوات الله عليه وآله لعلي صلوات الله عليه: قم يا علي في آثار القوم، فانظر ماذا
يصنعون. فان كانوا قد جنبوا الخيل وامتطوا الإبل، فإنهم يريدون مكة، وإن
ركبوا الخيل وساقوا الإبل فهم يريدون المدينة، والذين نفسي بيده لان أرادوها
لأسيرن إليهم، ثم لأناجزنهم دونها، فخرج علي صلوات الله عليه (2) في آثارهم
حتى لحق بهم، وقد جنبوا الخيل وامتطوا الإبل وساروا نحو مكة. فانصرف إلى
رسول الله صلوات الله عليه وآله، فأخبره.
ولما رأى الناس انصرافهم جاءوا إلى قتلاهم. وخرج رسول الله
صلوات الله عليه وآله من الشعب فيمن كان معه ممن لحق به، فلما رآهم الناس
مالوا إليهم ليعرفوا أمر رسول الله صلوات الله عليه وآله. قال كعب بن مالك (3): فعرفت عينيه صلوات الله عليه وآله تزهران (4) من تحت المغفر، فناديت بأعلى

(1) روى علي بن إبراهيم القمي في تفسيره 1 / 117: فقال أبو سفيان وهو على الجبل: أعل هبل.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين: قل له: الله أعل وأجل. فقال، يا علي إنه قد أنعم
علينا!!. فقال علي عليه السلام: بل الله أنعم علينا. ثم قال أبو سفيان: يا علي، أسألك باللات والعزى،
هل قتل محمد؟. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام لعنك الله ولعن الله اللات والعزى معك، والله ما
قتل محمد صلى الله عليه وآله وهو يسمع كلامك. فقال: أنت أصدق. لعن الله ابن قميئة زعم أنه قتل
محمدا.
(2) وفي تفسير القمي أيضا ص 1 / 124: فمضى أمير المؤمنين عليه السلام على ما به من الألم
والجراحات حتى كان قريبا من القوم. وفي إعلام الورى أيضا ص 93.
(3) وفي السيرة النبوية لابن هشام 3 / 31 عن ابن إسحاق قال: وكان أول من عرف رسول الله
صلى الله عليه وآله بعد الهزيمة وقول الناس: قتل رسول الله صلى الله عليه وآله - كما ذكر لي ابن شهاب
الزهري - كعب بن مالك قال: عرفت عينيه تزهران.
(4) أي تضيئان.
280

صوتي: يا معشر المسلمين، أبشروا هذا رسول الله صلوات الله عليه وآله!!، فأشار
إلي بيده أن انصت.
ومضى رسول الله صلوات الله عليه وآله يلتمس حمزة رضوان الله عليه،
فوجده ببطن الوادي، فقال - حين رآه -: أما إنه لولا أن تحزن صفية (1) ويكون
سنة بعدي لتركته حتى يكون (2) في بطون السباع وحواصل الطير. ثم قال: والله
ما وقفت موقفا قط أغيظ لي من هذا الموقف. فهبط جبرائيل عليه السلام، فقال:
يا محمد إنه مكتوب في أهل السماوات إن حمزة أسد الله وأسد رسوله. ثم أمر به
صلوات الله عليه فسجي ببردة، ثم صلى عليه، فكبر سبع تكبيرات، ثم أتى
بالقتلى يوضعون إلى حمزة فيصلي عليه وعليهم حتى صلى اثنين وسبعين صلاة.
وقيل لرسول الله صلوات الله عليه وآله إن صفية بنت عبد المطلب جاءت
لتنظر إلى أخيها حمزة. فقال للزبير ابها: ألقها، فأرجعها لئلا ترى ما صنع بأخيها،
فلقيها، فقال: يا أمة إن رسول الله صلوات الله عليه وآله يأمرك أن ترجعي،
قالت: ولم؟ وقد بلغني أنه مثل بأخي وذلك في الله عز وجل فما أرضانا بما كان
من ذلك!! لأحتسبن ولأصبرن إن شاء الله. فقال له رسول الله صلوات الله
عليه وآله خل بينها وبينه. فأتت، فنظرت إليه، وصلت عليه واسترجعت
واستغفرت له.
ثم أمر به رسول الله صلوات الله عليه وآله فدفن في مصرعه وأمر بالقتلى
كذلك أن يدفنوا في مصارعهم. وقال، أنا أشهد على هؤلاء أنه ما من أحد
يجرح في الله إلا والله عز وجل يبعثه يوم القيامة بدم جرحه اللون لون الدم والريح
ريح المسك.

(1) وهي صفية بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وآله. كما سيأتي.
(2) وفي النسخة الألمانية: حتى يكون أو يحشره من بطون السباع.
281

ثم انصرف صلوات الله عليه وآله راجعا إلى المدينة، وانصرف الناس معه
فلما دخل المدينة مر على دور الأنصار وهم يبكون قتلاهم، فذرفت عيناه
صلوات الله عليه وآله، فبكى، ثم قال: لكن حمزة لا بواكي له. فأمر
الأنصار نساءهم أن يبكين عليه (1)، ففعلن، فخرج رسول الله صلوات الله عليه
وآله وهن يبكين حمزة على باب المسجد فقال: إرجعن رحمكن الله، فقد
آسيتن (2) بأنفسكن، ونهاهن عن النوح (وقال: كل نادبة كاذبة إلا نادبة
حمزة) (3).
فلما دخل رسول الله صلوات الله عليه وآله (4) منزلة تلقته فاطمة صلوات الله
عليها، فدفع إليها سيفه، وقال لها: إغسلي يا بنية عن هذا دمه، فلقد صدقني
اليوم، وناولها علي صلوات الله عليه ذو الفقار، وكان رسول الله صلوات الله عليه
وآله أعطاه إياه ذلك اليوم. وقال لها مثل ذلك.
وقيل إن عليا صلوات الله عليه لما أبلى ذلك اليوم وأثخن بالقتل في
المشركين نادى مناد يسمعونه ولا يعرفونه: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا
علي (5). ثم قال رسول الله صلوات الله عليه وآله لعلي صلوات الله عليه إنه لا
يصيب المشركون منا مثلها حتى يفتح الله علينا.

(1) قال ابن هشام في السيرة 3 / 42 فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير إلى دار بني عبد الأشهل
أمر نساءهم أن يتحزمن ثم يذهبن فيبكين على عم رسول الله صلى الله عليه وآله.
(2) آسيتن: عاونتن.
(3) هذه الزيادة لم تكن في الأصل ونسخة ب وهي من النسخة الألمانية.
(4) هكذا في نسخة - ب -.
(5) وقد قيل إن النداء كان يوم بدر، والله أعلم.
282

(غزوة حمراء الأسد)
فلما كان من الغد - يوم الأحد - أذن مؤذن رسول الله صلوات الله عليه وآله في
الناس أن يخرجوا لطلب العدو وأن لا يخرج منهم إلا من خرج بالأمس، (وإنما
خرج رسول الله صلوات الله عليه - فيما قيل - مرهبا للعدو وليبلغهم أنه قد خرج
في طلبهم) (1) ليظنوا به قوة والذي أصابهم لم يوهنهم وليعلموا طاعة الناس له،
فخرج، وخرجوا معه من غد يوم الاثنين حتى انتهى إلى حمراء الأسد (2) - وهي
من المدينة على ثمانية أميال - فأقام بها الاثنين والثلاثاء والأربعاء.
ومر به معبد بن أبي معبد الخزاعي - وكانت خزاعة مسلمهم ومشركهم
عيينة نصح لرسول الله صلوات الله عليه وآله بتهامة، لا يخفون عنه شيئا بها،
ومعبد يؤمئذ مشرك - فقال: يا محمد، والله لقد عز علينا ما أصابك في
أصحابك، ولوددنا أن الله عز وجل عافاك فيهم، ثم مضى يريد مكة ورسول الله
بحمراء الأسد. فلقي أبا سفيان ومن معه بالروحاء (3) وقد اجتمعوا للرجوع إلى

(1) ما بين القوسين - ما عدى ما ذكرناه من النسخة الألمانية سقط من نسخة الأصل - أ - وموجودة
في نسخة - ب -.
(2) وفي نسخة الأصل - أ - حمر الاسمد.
(3) الروحاء بالفتح ثم السكون والحاء المهملة، قال المجد: موضع من عمل الفرع على نحو أربعين ميلا
من المدينة. (وفاء الوفاء ص 1222).
283

رسول الله صلوات الله عليه وآله وأصحابه، وذلك أنهم اجتمعوا هنالك، وقالوا:
والله ما صنعنا شيئا أصبنا جل القوم وقادتهم وأشرافهم ثم نرجع قبل أن
نستأصلهم (1).
فلما رأى أبو سفيان معبدا قال له: ما وراءك يا معبد؟ قال: محمد خرج
في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط يتحرقون عليكم تحرقا وقد اجتمع معه
من كان تخلف عنه في يومكم ذلك، وندموا على ما صنعوا، وبهم من الحنق
عليكم شئ لم أر مثله قط.
قال: ويلك ما تقول؟؟ قال: والله ما أرى أن ترحل حتى نرى نواصي
الخليل. قال: فوالله لقد أجمعنا الكرة عليهم حتى نستأصل بقيتهم. قال: فاني
أنهاك عن ذلك فوالله لقد حملني ما رأيت (منهم) أن قلت أبياتا أردت أن أبعث
بها إليك ثم جئت بنفسي. قال: وما قلت؟؟ قال:
كادت تهد من الأصوات راحلتي * إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل
تردى بأسد كرام لا تنابلة * عند اللقاء ولا ميل معازيل
(ضبط الغريب)
الأبابيل: القطع، تردى: تجرى، التنابلة: القصار، المعازيل:
الذين لا سلاح معهم
فظلت عدوا أظن الأرض مائلة * لما سموا برئيس غير مخذول
وقلت: ويل ابن حرب من لقائكم * إذا تغطمطت البطحاء بالجيل
إني نذير لأهل الحزم ضاحية * لكل ذي أربة منهم ومعقول

(1) وفي النسخة الألمانية: نستأصل شأفتهم.
284

من جيش أحمد لا أحصي تنابلة * وليس يوصف ما أنذرت بالقبل (1)
فساء ذلك أبا سفيان ومن معه، وقال لهم صفوان بن أمية بن خلف: إن
القوم قد حزبوا - أي غضبوا - وقد خشيت إن عاودتموهم أن يكون لهم قتال غير
الذي كان، وقد أصبتم ما أصبتم فارجعوا!، فرجعوا.
ولقى أبو سفيان ركبا من عبد القيس يريدون المدينة يمتارون (2) منها.
فقال: هل تبلغون عني محمدا رسالة وأنا أحمل لكم أجمالكم إذا انصرفتم زبيبا
(بعكاظ)؟؟ قالوا: نعم. قال: تخبروه إنا أزمعنا الرجوع إليه وإلى أصحابه
لنستأصل شافتهم، فمروا برسول الله صلوات الله عليه وآله وهو بحمراء الأسد،
فقالوا ذلك. فقال رسول الله صلوات الله عليه وآله: والذي نفسي بيده لقد
سومت لهم حجارة لو صبحوا بها لكانوا كالأمس الذاهب. وانصرف إلى
المدينة.
فهذه جملة مما ذكره أصحاب المغازي ابن إسحاق وابن هشام (3)
والواقدي (4) وقد ذكرت فيها ما جاء من مقام علي صلوات الله عليه في يوم أحد
ومقام حمزة عمه عليه السلام وما أكرمه الله عز وجل به (من الشهادة في ذلك
المقام الأعظم والموقف الاكرام) (5)، ونذكر بعد ذلك ما جاء من ذلك وغيره
نبذا كما شرطت، وقد ذكرت بعض ذلك فيما تقدم.
(280) ومن ذلك في رواية ثانية مما رواه أحمد بن علي بن سهل البغدادي

(1) الجرد: العتاق من الخيل. الميل: الذين لا رماح معهم. تغطمطت: اهتزت. الجيل: الصنف من
الناس. أهل الحزم: قريش. الضاحية، الظاهرة للشمس. الإربة: العقل.
(2) أي يمتنعون.
(3) في السيرة النبوية ج 3 من ص 14 إلى ص 92.
(4) في كتاب المغازي ج 1 من ص 199 إلى ص 340.
(5) ما بين القوسين زيادة في النسخة الألمانية.
285

بإسناده عن أبي رافع (ره) أنه قال: لما كان يوم أحد - وكان من أمر الناس
ما كان - جاء علي بن أبي طالب صلوات الله عليه فوقف بين يدي
رسول الله صلوات الله عليه وآله. فقال له رسول الله صلوات الله عليه وآله:
اذهب يا علي!!. فقال: يا رسول الله، إلى أين أذهب؟ وأدعك؟؟ - فهو
على ذلك إذ نظر إلى كتيبة مقبلة - فقال له رسول الله: فاحمل على هذه
الكتيبة، فحمل عليها، فقتل فيها هشام بن أمية المخزومي، وكشفها.
ثم أقبلت كتيبة ثانية. فقال: احمل على هذه، فحمل عليها، فقتل
عمر بن عبد الله الحجمي، وكشفها.
ثم مرت كتيبة ثالثة. فقال: احمل على هذه، فحمل عليها، فقتل فيها
شيبة بن مالك أخا بني عامر بن لؤي.
فقال جبرائيل للنبي صلوات الله عليه وآله: يا محمد (الرب يقرؤك
السلام ويقول لك:) (1) إن هذه للمواساة. فقال رسول الله صلوات الله
عليه وآله: إنه مني وأنا منه.
قال جبرائيل عليه السلام: وأنا منكما.

(1) ما بين القوسين زيادة في النسخة الألمانية.
286

(غزوة الخندق)
ثم كان بعد ذلك يوم الخندق فمما جاء منه فيه عليه السلام.
[281] ما رواه محمد بن سلام بإسناده عنه صلوات الله عليه فيما ذكره مما
امتحنه الله عز وجل في حياة رسوله صلوات الله عليه وآله، فقال:
وأما الخامسة (1) فإن العرب اجتمعت وعقدت بينها عقدا ألا ترجع
عنا حتى تقتل رسول الله صلوات الله عليه وآله وتقتلنا معه معشر بني
عبد المطلب لما استجاشها أبو سفيان وأقبل بها وبكافة قريش، فأتي
جبرائيل إلى النبي صلوات الله عليه وآله، فأخبره بالخبر.
وأمره بالخندق! فخندق على نفسه وعلى من معه من المهاجرين
والأنصار خندقا.
وأقبلت قريش وسائر العرب حتى أناخوا علينا بالمدينة موقنين في
أنفسهم بالظفر، فنزلوا على الخندق، وفارس العرب يومئذ عمرو بن
عبد ود يهدر كالبعير المغتلم على فرسه يدعو إلى البراز ويرتجز، ويخطر برمحه
مرة، وبسيفه مرة، لا يتقدم عليه منا متقدم ولا يطمع فيه منا طامع لا
حمية تهيجه ولا بصيرة تشجعه.

(1) وفي الإختصاص للمفيد ص 160 والخصال للصدوق 2 / 368: واما الرابعة.
287

فأنهضني إليه رسول الله صلوات عليه وآله، فعممني ببردة بيده،
وأعطاني سيفه هذا - وأومي إلى ذي الفقار - فخرجت أمشي ونساء المدينة
ورجالها بواك إشفاقا علي من عمرو بن عبد ود، فقتله!، والعرب لا
تعدل به فارسا غيره، وضربني هذه الضربة - وأومأ بيده إلى هامته،
ووضع يده على الضربة (1) -، وهزم الله المشركين.
وهذا يوم الأحزاب الذي ذكر الله عز وجل في كتابه فيه ما ذكر من
قوله: (إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم، وإذ زاغت الابصار و
بلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا) (2) إلى ما ذكر عز وجل في
سورة الأحزاب.
وكان سبب الأحزاب وهم الذين تحزبوا على رسول الله صلوات الله
عليه وآله من قبائل العرب فيما حكاه، ورواه أهل السير من العامة، إنه
كان بالمدينة وما حولها كثير من اليهود، وهم أهل نعم وأموال وذوي
رياسة وأصحاب حصون اطام، وكانوا أهل كتاب، وغيرهم من العرب
على عبادة الأوثان والتكذيب بالبعث والجزاء في الآخرة بالثواب
والعقاب إلا أنهم مع ذلك مقرون بأن الله عز وجل ربهم وخالقهم،
ويزعمون إنهم يتقربون إليه بعبادة ما نصبوه من الأوثان.
فلما صار رسول الله صلوات الله عليه وآله إلى المدينة، وأسلم أهلها
وأكرمهم الله عز وجل بنبيه وفضلهم بدينه حسدهم اليهود على ذلك
لأنهم كانوا يرون قبل ذلك أنهم أهل الكتاب ودين وإنهم بذلك أفضل
منهم، فكذبوا رسول الله صلوات الله عليه وآله وجحدوه وهم يجدونه

(1) ما بين الشارحتين زيادة في النسخة الألمانية.
(2) الأحزاب: 10.
288

مكتوبا عندهم كما أخبر الله سبحانه بذلك في كتابه (1) فدخل على أكثر
العرب الشك من أمرهم، وقالوا هؤلاء أهل الكتاب، فلو كان محمد
رسول الله كما زعم لعرفوه.
وكان رسول الله صلوات الله عليه وآله يجهد نفسه في دعاء اليهود،
وأنزل الله سبحانه كثيرا من القرآن في ذلك (2) فمن الله عز وجل الاسلام

(1) الأعراف: 157: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة
والإنجيل.) الآية.
(2) استقصيت الآيات النازلة في اليهود نذكرها حسب العناوين.
أ - بنو إسرائيل:
سورة البقرة 40 / 54 / 63 / 122، وسورة المائدة 22، وسورة الأعراف 136 / 159 / 160،
وسورة يونس 93، وسورة إبراهيم 6، وسورة طه 80، وسورة القصص 4 / 6، وسورة الدخان 30 / 33، وسورة
الجاثية 15.
ب - معاندتهم وتكذيبهم وقتلهم الأنبياء:
سورة البقرة 59 / 61 / 65 / 75 / 85 / 99 / 119 / 140 / 145 / 211 / 246. سورة آل
عمران 19 / 23 / 110 / 181، وسورة النساء 50 / 59 / 65 / 152 / 159، وسورة المائدة 23 / 35 / 44 /
62 / 73 / 113، وسورة الأعراف 160، وسورة الجاثية 16، وسورة الصف 5.
ج - تحريفهم لكلام الله:
سورة البقرة 75، سورة النساء 45، سورة المائدة 14 / 44، وسورة الانعام 91.
د - أخذ الميثاق عليهم وإلقاء العداوة بينهم:
سورة البقرة 63 / 83 / 93، سورة آل عمران 187، سورة النساء 153، سورة المائدة 13 / 67 / 73.
ه‍ - شدة حرصهم على الحياة:
سورة البقرة 94، سورة الجمعة 6.
و - عداوتهم لله والملائكة والمؤمنين:
سورة البقرة 97، سورة المائدة 85.
ز - غرورهم وأمانيهم: سورة البقرة 111 / 135، سورة آل عمران 24 / 75، سورة النساء 122، سورة المائدة 20، سورة
289

على كثير منهم فأسلموا. ونصب العداوة والبغضاء لرسول الله صلوات الله
عليه وآله أكثرهم وبغوه الغوائل وأعلموا فيه الحيل، فأوقع ببغضهم
ووادعه آخرون منهم. إذ خافوه، وهم على ذلك يعتقدون له المكروه.
فلما كان من أمر أحد ما كان رأوا أنها كانت فرصة، وأن الذين أتوه
من المشركين لو أقاموا على المدينة وعلى حرب لرسول الله صلوات الله عليه
وآله لظفروا به وبأهلها، وكان في ذلك راحتهم منه، وندموا إذ لم يعينوا
المشركين عليه وأرسلوا إلى أبي سفيان بذلك، ووعدوه أن ينصروه وأن
يكونوا بجماعتهم معه، فأصاب بذلك فرصة، وقال لهم: أنتم أهل
كتاب، والعرب تركن إلى ما تقولون من تكذيب محمد، فلو حاجوهم
وجوهكم واستفزوهم (1) وقرروا تكذيبه وما جاء به من الباطل عندهم

النحل 62.
ح - عدم رضاهم عمن لم يتبع ملتهم:
سورة البقرة 120.
ط - أقوالهم وجرأتهم على الله والأنبياء:
سورة المائدة 67، وسورة التوبة 31.
ي - ما حرم عليهم بغيهم:
سورة الأنعام 146.
ك - قضاء الله إليهم إنهم سيفسدون مرتين:
سورة الإسراء 4.
ل - جزاؤهم لو آمنوا:
سورة البقرة 103، سورة آل عمران 110، سورة النساء 45 / 63 / 65، سورة المائدة 13 / 68.
م - أصحاب السبت:
سورة البقرة 65 سورة النساء 46.
(1) وفي الأصل: استنفزوهم.
290

لنفروا إليه بجماعتهم، ففعلوا.
ومضى وجوههم وساداتهم حتى وصلوا إلى مكة واجتمع إليهم أهلها
فذكروا ذلك لهم فقال لهم أهل مكة: أنتم معشر يهود أهل كتاب ومحمد
يدعو إلى مثل ما أنتم عليه، ونحن على ما تعلمون، نسألكم بالله أينا أهدى
سبيلا نحن أم محمد؟؟ فقالوا: بل أنتم. ففيهم أنزل الله عز وجل فيما
قالوا: (ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا
سبيلا) (1). هذا كما ذكرنا فيما تقدم يجري فيهم وفيمن قال مثل قولهم.
فلما سمع أهل مكة ذلك ووعدهم القيام والنصرة وثقوا بذلك
واشتد عزمهم ومشوا معهم على قبائل العرب بمثل ذلك، فأجابتهم
غطفان من قيس بن غيلان ومن خف من سائر العرب، واتعدوا (2) على
أن يرجعوا بأجمعهم إلى المدينة فلا يبرحوا منها حتى يقتلوا رسول الله
صلوات الله عليه وآله ومن فيها وتعاقدوا على ذلك واجتمعوا فيه.
وكان أبو سفيان رئيس قريش ومن كان من أهل مكة من
حلفائهم وقائدهم وخرج بهم. وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن
ابن حذيفة بن بدر من بني فزارة (3)، والحارث بن عوف بن أبي حارثة
المزني في بني مرة، ومسفر بن دخيلة بن نميرة فيمن تابعه من قومه من
أشجع واجتمع الجميع في عدد عظيم وعدة وقوة عتيدة (4).

(1) ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا
هؤلاء... (النساء: 51).
(2) اي: اجمعوا
(3) واسم عيينة حذيفة، وسمي: عيينة لشتر كان بعينه وهو الذي قال فيه صلى الله عليه وآله الأحمق.
المطاع لأنه كان من الجرارين تتبعه عشرة آلاف قناة.
(4) عتيدة: قاهرة.
291

وانتهى أمرهم إلى رسول الله صلوات الله عليه وآله فأمر بحفر الخندق
على المدينة وما والاها مما يحتاج إلى حياطته والتفسح فيه، فبادر المسلمون
إلى ذلك، وكان من بعضهم فيه تقصير فعمل فيه رسول الله صلوات الله
عليه وآله بيده، وكان علي صلوات الله عليه وشيعته أكثر الناس عناء،
وفيه عملا، وكان في ذلك من الاخبار ما يطول ذكره. فلم تأت جموع
الأحزاب إلا بعد أن فرغ رسول الله صلوات الله عليه وآله منه فأناخوا
حول المدينة من كل جانب وخرج إليهم اليهود وبعض من كان منهم قد
حالف رسول الله صلوات الله عليه وآله حلفه - وهم بنو قريظة - وصاروا
مع الأحزاب إلبا على رسول الله صلوات الله عليه وآله، فأرجف المنافقون
من أهل المدينة لذلك.
وأمر رسول الله صلوات الله عليه وآله المسلمين بالثبات في مكانهم
ولزوم خندقهم وبادخال النساء والولدان والضعفاء من الرجال في أطام
المدينة وحصونها لتسكن أنفسهم ووعدهم نصر الله عز وجل إياهم.
ونظر المشركون إلى الخندق فتهيبوا القدوم عليه ولم يكونوا قبل ذلك
رأوا مثله، وقالوا إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تعرفها، فجعلوا
يدورون حوله بعساكرهم وخيلهم ورجلهم ويدعون المسلمين ألا هلم
للقتال والمبارزة، فلا يجيبهم أحد إلى ذلك ولا يرد عليهم فيه شيئا ولزموا
مواضعهم كما أمرهم رسول الله صلوات الله عليه وآله قد عسكروا في
الخندق وأظهروا العدة والبسوا السلاح ووقفوا في مواقفهم وتهيب
المشركون أن يلجوا الخندق عليهم.
فلما طال ذلك بهم ونفذت أكثر أزوادهم (1) اجتمعوا وندبوا من

(1) وفي الأصل: أزدادهم.
292

ينتدب منه إلى اقتحام الخندق على رسول الله صلوات الله عليه وآله،
فانتدب لذلك عمرو بن عبد ود وكان أشد من فيهم وأنجدهم يعرف له
ذلك جميعهم، وكان عمرو بن عبد ود قد شهد بدرا مع المشركين
وأثخن جراحة ونجي بنفسه فيمن نجا ولم يشهد أحدا فأراد أن يبين
بنفسه من قريش من أبطالهم بما يفعله فتعلم بعلامة ليشهر نفسه وجاء
فيمن قصده من بين قريش من أبطالهم ورجالهم.
وكان ذلك بعد أن أقاموا شهرا لم يكن بينهم قتال إلا نضح بالنبل
ورمي بالحجارة من وراء الخندق، فجاء القوم إلى الخندق، فمشوا حوله،
حتى أتوا إلى موضع ضيق منه، فأقحموا خيلهم فيه، فدخلوا، ووقف
الجميع من وراء الخندق ينتظرون ما يكون منهم، وثبت الناس في
معسكرهم حسبما أمرهم به رسول الله صلوات الله عليه وآله ولما تداخلهم
من الخوف وما عاينوه من الجموع.
وقد أرسل رسول الله صلوات الله عليه وآله إلى عيينة بن حصن،
فبذل له ثلث ثمرة المدينة في ذلك العام على أن يرجع عنه بغطفان لما رآه
من جزع المسلمين وفساد المنافقين وما تخوفه من أن يكون المكروه، ولان
المسلمين قد صاروا إلى حيث وصفهم الله عز وجل في كتابه بقوله: (إذ
جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الابصار وبلغت
القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا. هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا
زلزالا شديدا. وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله
ورسوله إلا غرورا) (1). فلم ينعقد بين رسول الله صلوات الله عليه وآله
وبين عيينة بن حصن في ذلك عقد، وسمعت به الأنصار وجالت أكثر

(1) الأحزاب: 10.
293

القلوب، قال الله عز وجل: (وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا
مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة و
ما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا. ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا
الفتنة لاتوها) (1) وتسلل عن رسول الله صلوات الله عليه وآله أكثر أهل
المدينة، فدخلوا بيوتهم كالملقين بأيديهم.
فاقتحم عمرو بن عبد ود وأصحابه (2) الخندق على المسلمين وهم
على هذه الحال فلما نظر رسول الله صلوات الله عليه وآله إلى ذلك وأن
خيلهم جالت بهم في السبخة بين الخندق وسلع (3) وقربوا من مناخ
رسول الله صلوات الله عليه وآله تخوف أن يمدهم سائر المشركين فيقتحموا
الخندق فدعى عليا صلوات الله عليه. فقال: يا علي، امض بمن خف
معك من المسلمين فخذ عليهم الثغرة التي اقتحموا منها فمن قاتلكم عليها
فاقتلوه.
فمضى علي صلوات الله عليه وآله في نفر جمعوا معه يريدون الثغرة، وقد
كان المشركون هموا أن يلحوها فلما رأوهم - وهم أقل من الذين اقتحموها
منهم - توقفوا لينظروا ما يكون من أمر أصحابهم معهم وعطف عليهم
عمرو بن عبد ود بمن كان معه تعتو بهم خيلهم حتى قربوا منهم.
فنادى علي صلوات الله عليه عمرو بن عبد ود، فأجابه فقال له علي
صلوات الله عليه: إنه بلغني أمنك كنت عاهدت الله أن لا يدعوك أحد إلى

(1) الأحزاب: 13.
(2) وهم: عكرمة بن أبي جهل وهبيرة بن أبي وهب المخزومي وضرار بن أبي الخطاب ومرداس
الفهري (المغازي 1 / 470).
(3) السبخة من الأرض: ما يعلوه الملوحة ولا ينبت إلا بعض الأشياء. والسلع بالفتح ثم السكون
آخره عين مهملة جبل معروف بالمدينة.
294

إحدى خلتين إلا أجبت إلى إحداهما (1).
قال: نعم، يا بن أخي، فما تريد بذلك - وكان عمرو بن عبد ود مؤالفا لأبي
طالب -.
قال: فاني أدعوك إلى خلتين.
قال: وما هما؟؟
قال: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
قال عمرو: ومالي بهذه من حاجة.
قال: فإني أدعوك إلى البراز.
قال: با بن أخي والله ما أحب أن أقتلك!، وقد كان بيني وبين أبيك من
المودة ما قد علمت.
فقال له علي صلوات الله عليه: فاني والله يا عمرو أحب أن أقتلك على
ذلك إذ قد أبيت ما دعوتك إليه - فغضب عمرو من قوله -.
ونزل عن فرسه، ثم عقره، وضرب وجهه، واخترط سيفه - وقد حمي -
وتقدم إلى علي صلوات الله عليه.
ووقف رسول الله صلوات الله عليه وآله والمسلمون معه، ووقف المشركون
من وراء الخندق ينظرون ما يكون منهما.
ورفع رسول الله صلوات الله عليه وآله يده إلى السماء يدعو الله عز وجل لعلي

(1) وفي الارشاد للمفيد ص 54: فلما انتهى أمير المؤمنين عليه السلام إليه، فقال له: يا عمرو إنك
كنت في الجاهلية تقول لا يدعوني أحد إلى ثلاث واللات والعزى إلا قبلتها أو واحدة منها؟ قال: أجل.
قال: فاني أدعوك إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن تسلم لرب العالمين. قال: يا بن
الأخ أخر هذه عني. فقال له أمير المؤمنين: أما أنها خير لك لو أخذتها. ثم قال: فها هنا أخرى. قال:
وما هي؟ قال: ترجع من حيث جئت. قال: لا نحدث نساء قريش بهذا أبدا. قال: فها هنا أخرى! قال:
وما هي؟ قال: تنزل فتقاتلني.
295

بالظفر. فتجاولا ساعة، ثم اختلفا ضربتين، فضرب عمرو عليا على أم رأسه
وعليه البيضة فقدها وأثر السيف في هامته، وضربة علي صلوات الله عليه فوق
طوق الدرع، فرمى برأسه، وثارت بينهما لذلك عجاجة فما انكشفت إلا وهم
يرون عليا صلوات الله عليه يمسح سيفه على ثياب عمرو - وقد خر صريعا -.
ثم حمل هو وأصحابه على أصحاب عمرو، فولوا بين أيديهم هاربين عن
الثغرة التي اقتحموها حتى خرجوا وانكشف المشركون عن الخندق وعلموا أن لا
حيلة لهم فيه، وألقى عكرمة بن أبي جهل رمحه وهو منهزم في الخندق إذ أثقله
- وكان ممن كان مع عمرو بن عبد ود - وكبر المسلمون وفرحوا وزال عنهم أكثر
الخوف الذي كان بهم.
وانصرف علي صلوات الله عليه إلى رسول الله صلوات الله عليه وآله، وهو
يقول:
نصر الحجارة من سفاهة رأيه * ونصرت رب محمد بصواب
فصددت حين تركته متجدلا * كالجذع بين دكادك وروابي
وعففت عن أثوابه ولو إنني * كنت المصرع (1) بزني أثوابي
لا تحسبن الله خاذل دينه وبنيه يا معشر الأحزاب
وقال حسان بن ثابت لعكرمة بن أبي جهل في إلقائه رمحه من الخوف
وهروبه:
ففر وألقى لنا رمحه * لعلك عكرم لم تفعل
ووليت تعدو كعدو الظليم * ما أن تجوز عن المعدل
ولم تلو (2) ظهرك مستأنسا * كأن قفاك قفا فرعل

(1) وفي السيرة لابن هشام 3 / 134: كنت المقطر بزني.
(2) وفي السيرة أيضا 3 / 134: ولم تلق.
296

(ضبط الغريب)
الفرغل: الصغير من الضباع (1).
فلما كان من علي صلوات الله عليه ما كان، وفتح به على المسلمين ما فتحه
قويت قلوبهم، وعلموا أن المشركين قد يئسوا من أن يلجوا الخندق عليهم، ووقع
اليأس والخوف في المشركين، ونفدت أزوادهم، واختلفت آراؤهم في المقام
والانصراف.
(نعيم بن مسعود)
وأتى رسول الله صلوات الله عليه وآله نعيم بن مسعود بن عامر - رجل من
غطفان ممن كان مع المشركين - فقال: يا رسول الله إني قد أسلمت ولم يعلم
قومي بإسلامي، فقد جئت إليك، فأمرني بما شئت.
فقال له رسول الله صلوات الله عليه وآله: إنما أنت فينا رجل واحد، فما
عسى أن تغني عنا، ولكن انصرف إلى قومك واخذ لهم (2) عنا ما استطعت فإن
الحرب خدعة.
فمضى على ذلك، وكان نديما لبني قريظة، فأتاهم كالزائر لهم، فرحبوا به
ووقروه، فلما خلا بهم قال: قد عرفتم مودتي لكم، وقد جئت إليكم ناصحا إن
قبلتم مني.
قالوا: جزاك الله خيرا، ما نتهمك بل نحن ممن نثق بمودتك ونقبل
نصيحتك، فقل ما أردت!

(1) والحجارة: الأنصاب التي كانت تعبدها قريش. الدكادك: الرمال اللينة. الظليم: ولد النعام.
(2) وفي نسخة - ب - واحذرهم.
297

قال: إنكم قد فعلتم فعلا لم تحسنوا النظر فيه لأنفسكم، نقضتم حلف محمد
وصرتم مع قريش وغطفان، ولستم كمثلهم، إن قريشا وغطفان إنما جاؤوا لحرب
محمد وأصحابه على ظهور دوابهم فإن أصابوا منه ما أرادوا وإلا انصرفوا عنه،
وتركوكم معه، وأنتم تعلمون أنه لا طاقه لكم به وبأصحابه إن خلا بكم، وقد
تداخل أصحابنا الفشل والاختلاف وطال مقامهم وخفت أزوادهم، وكان من
أمر ابن عبد ود وأصحابه ما قد عرفتم وإنما كان المعتمد عليهم والنظر إلى ما
يكون منهم عند اقتحامهم الخندق، فإذا قد كان من ذلك ما كان فقد تداخل
اليأس قلوب الناس وأكثر ما يقيمون أياما قليلة فإن رأوا فرصة أصابوها، وإن
كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وتركوكم!!
قالوا: لقد صدقت ونصحت فيما قلت، فجزاك الله خيرا. فما الحيلة بعد
هذا؟؟
قال: الحيلة ألا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رهائن من أشرافهم
يكونون بأيديكم ثقة لكم أن لا ينصرفوا عنكم ويدعوكم.
قالوا: لقد أشرت بالرأي، فأحسن الله عنا جزاك.
ثم أتى عيينة بن حصن وأبا سفيان، فقال: إن بني قريظة بيني وبينهم ما
قد علمتم، وقد بت عندهم فاطلعت منهم على سر خشيت منه علينا!.
قالوا: وما هو؟؟
قال: إن القوم قد ندموا على ما نقضوا من حلف محمد لما رأوا مقامنا ولم
نصنع شيئا، ونظروا إلى ما كان من أمر عمرو بن عبد ود وأصحابه، وخافوا أن
ننصرف عنهم فيطؤهم محمد، فأرسلوا إليه يرغبون في سلمه ويذكرون ندامتهم
على ما كان منهم. وقالوا: نحن نرضيك بأن نأخذ من القبيلتين رجالا من
أشرافهم، فنسلمهم إليك، فتضرب أعناقهم أو تفعل فيهم ما رأيت، ثم نكون
معك على من بقي منهم، فإياكما أن يخدعكما يهود أو أن يظفروا بأحد منكم.
298

فأرسل أبو سفيان وعيينة إليهم عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان
يستخبرونهم ذلك (1) ويدعونهم إلى القتال معهم ويقولون إنا لسنا بدار مقام وقد
هلك الخف والحافر ونفذ الزاد وأبى محمد وأصحابه إلا لزوما لخندقهم، وأنتم
أعلم بعورة الموضع، فأخرجوا الينا بجماعتهم لنناجز محمدا وأصحابه، ونقتحم
عليهم الخندق بجماعتنا.
فلما جاء القوم بني قريظة بذلك قالوا: قد كنا مع محمد على حلف ولم
نكن نرى منه إلا خيرا. ونقضنا ما كان بيننا وبينه ونحن نخشى ونخاف أن
ضرستكم (2) الحرب أن تشمروا إلى بلادكم وتتركونا والرجل في بلادنا، ولا
طاقه لنا به، فلسنا بالذي نقاتل معكم حتى تعطونا رهائن من وجوه رجالكم
يكونون بأيدينا ثقة لنا حتى نناجز محمدا.
فلما انصرف بذلك القوم إلى أبي سفيان وعيينة علما أن الامر ما قاله نعيم
بن مسعود، وأبوا أن يدفعوا إليهم أحدا.
وقالت بنو قريظة هذا مصداق قول نعيم بن مسعود ولزموا معاقلهم،
واستوحش بعض القوم من بعض وتنافرت قلوبهم ولم يجد الأحزاب إلا الرحيل
إلى بلادهم، فرحلوا، وافترقوا.
وانصرف رسول الله صلوات الله عليه وآله على بني قريظة، فقتلهم وسبى
ذراريهم، وكان ذلك بصنع الله لرسوله صلوات الله عليه وآله وللمسلمين وبما
أجراه الله على يدي وليه علي صلوات الله عليه وكان مقامه ذلك من أشهر
المقامات وأفضلها.
(282) أبو هارون العبدي عن ربيعة السعدي، قال: أتيت حذيفة بن

(1) هكذا في نسخة - ب - وفي الأصل: يبحثون ذلك.
(2) هكذا في نسخة - ب - وفي الأصل: سنرنبتكم.
299

اليماني، فقلت: يا أبا عبد الله إنا لنحدث عن علي صلوات الله عليه
ومناقبه، فيقول لنا أهل البصرة: إنكم تفرطون في علي صلوات الله عليه،
فهل أنت محدثي بحديث في علي صلوات الله عليه؟ قال:
فقال لي حذيفة: يا ربيعة، ما تسألني عن رجل - والذي نفسي بيده -
لو وضع جميع أعمال أصحاب محمد صلوات الله عليه وآله في كفة ميزان
ووضع عمل علي صلوات الله عليه في الكفة الأخرى لرجح عمله على
أعمالهم. فقال ربيعة: وأبو بكر وعمر؟ قال: نعم. فقلت: هذا الذي لا
يقام له ولا يقعد ولا يحمل له. قال: فقال لي حذيفة: يا لكع، وكيف لا
يحمل؟؟ وأين كان أبو بكر وعمر ثكلتك أمك وجميع أصحاب محمد
صلوات الله عليه وآله يوم عمرو بن عبد ود حين نادى للمبارزة، فأحجم
الناس كلهم ما خلا علي بن أبي طالب عليه السلام. فقتله الله على يده
(وفرق جميع - الأحزاب بسببه - والذي نفسي) (1) بيده لعمله في ذلك
اليوم أعظم أجرا من جميع أعمال أمة محمد صلوات الله عليه وآله إلى يوم
القيامة.

(1) هذه الزيادة - ما بين القوسين - من نسخة - ب -.
300

(غزوة خيبر)
ثم كان يوم خيبر فمما يؤثر من علي صلوات الله عليه فيه.
(283) إنه قال: لما غزا رسول الله صلوات الله عليه وآله خيبر تلقانا أهلها
- من اليهود - مثل الجبال من الخيل والسلاح، وهم أمنع دارا وأكثرها
عددا، كل ينادي للبراز إلى اللقاء، فلم يبرز إليهم من المسلمين أحد إلا
قتلوه حتى احمرت الحدق، ودعيت إلى النزال وهمت (1) كل امرء نفسه،
فأنهضني رسول الله صلوات الله عليه وآله إلى برازهم، فلم يبرز إلي أحد
منهم إلا قتلته ولم يثبت لي فارس منهم إلا طعنته ثم شددت عليهم شدة
الليث على فريسته، فأدخلتهم جوف مدينتهم يكسع بعضهم بعضا.
(الكسع: أن تضرب بيدك أو برجلك دبر كل شئ، وإذا اتبع قوم
أدبار قوم بالسيف، قيل، كسعوهم).
ووردت باب المدينة، فوجدته مسدودا عليهم، فاقتلعته بيدي،
ودخلت عليهم مدينتهم وحدي، أقتل من يظهر لي من رجالها وأسبي من
أجد فيها من نسائها، فاستفحتها وحدي لم يكن لي معاون فيها إلا الله
وحده.

(1) وفي نسخة الأصل: وهم.
301

وأما أصحاب السير (1)، فذكروا أن رسول الله صلوات الله عليه وآله
لما سار إلى خيبر، وأعطى الراية عليا صلوات الله عليه، قالوا: وكان رايته
يومئذ بيضاء.
قالوا: وبعث رسول الله صلوات الله عليه وآله أبا بكر برايته إلى بعض
حصون خيبر، فقاتل، ورجع ولم يك فتح، وقد جهد، ثم بعث من الغد
عمر بن الخطاب، فقاتل، ورجع، ولم يك فتح وقد جهد. فقال رسول الله
صلوات الله عليه وآله: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله
ورسوله يفتح الله على يديه ليس بفرار (2). فدعا عليا صلوات الله عليه
وهو أرمد. فتفل في عينيه، ثم قال: خذ هذه الراية، فامض بها حتى يفتح
الله عز وجل على يديك. فخرج بها حتى أتى الحصن فمركز الراية في رضم
من الحجارة تحت الحصن.
(الرضم: الواحدة منه رضمة: وهي حجارة مجتمعة ليست بثابتة في
الأرض وتكون في بطون الأدوية. والجمع الرضم والرضام).
واطلع إليه يهودي من رأس الحصن، فقال: من أنت؟؟ قال: أنا
علي بن أبي طالب. قال اليهودي: علوتم (3) وما أنزل على موسى، فما
رجع حتى فتح الله على يديه خيبر.
وقال بعضهم (4): إنه لما دنا من الحصن خرج إليه قوم، فقاتلهم،

(1) السيرة النبوية لابن هشام 3 / 216: عن ابن إسحاق عن بريدة الأسلمي عن أبيه عن سلمة،
قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر، الحديث.
(2) وفي نسخة الأصل: كرار غير فرار.
(3) وفي الارشاد للمفيد ص 67: غلبتم.
(4) الواقدي في كتاب المغازي 2 / 655 عن أبي رافع وأحمد بن إسماعيل في الأربعين المنتفى
الحديث 57.
302

فضربه رجل من اليهود فطرح ترسه بين يديه، فتناول علي صلوات الله
عليه بابا كان عند الحصن فتترس به، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى
فتح الله عز وجل علي يديه، ثم ألقاه من يده حين فرغ منهم.
قال صاحب الحديث (1) فلقد جئت في نفر معي سبعة أنا
ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقدر (أن) نقلبه.
فهذه أحد بواهر علي صلوات الله عليه ومما يبين أن الله عز وجل أيده بملائكة،
والاخبار بذلك عنه كثيرة. وقد ذكرنا بعضها فيما تقدم.

(1) وهو أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله كما رواه عبد الله بن الحسن (سيرة ابن هشام
3 / 216).
303

(فتح مكة)
وأما ما كان منه في فتح مكة.
(284) فما رواه محمد بن سلام باسناده عنه، أنه قال صلوات الله عليه: إن
رسول الله صلوات الله عليه وآله لما توجه لفتح مكة أحب أن يعذر إليهم
وأن يدعوهم إلى الله عز وجل آخرا كما دعاهم أولا، فكتب إليهم كتابا
يحذرهم وينذرهم عذاب ربهم ويعدهم من الله الصفح عنهم ونسخ فيه
لهم من أول سورة براءة (1) ليقرأ عليهم، ثم ندب أبا بكر إليه ليوجهه بها به.
فهبط عليه جبرائيل عليه السلام، فقال، يا محمد إنه لا يؤدي عنك
إلا رجل منك، فأنبأني رسول الله صلوات الله عليه وآله بذلك. ووجهني
في طلب أبي بكر بعد أن أنفذه بالصحيفة، فأخذتها منه وأتيت أهل مكة
وأهلها يومئذ ليس منهم أحد (2) إلا وقد وترته بحميم له. فلو قدر أن
يجعل على كل جبل مني إربا لفعل، ولو أن يبذل ماله ونفسه وولده
وأهله، فأبلغتهم رسالة النبي صلوات الله عليه وآله، فأقرأتهم كتابه. وكل
يلقاني بالتهديد والوعيد ويبدي لي البغضاء ويظهر لي الشحناء من

(1) وفي كتاب الإختصاص للمفيد ص 162: ونسخ لهم في آخر سورة براءة.
(2) وفي نسخة - ب -: رجل.
304

رجالهم ونسائهم فلم يرعبني ذلك حتى أنفذت ما وجهني إليه رسول الله
صلوات الله عليه وآله.
وكان الذي حمل عليه نفسه عليه السلام من التقحم على أهل مكة،
وقد قتل من ساداتهم وحماتهم ووجوه رجالهم من قد قتل من أعظم الجهاد
والاقدام بالنفس على التلف، فتقدم على ذلك مؤثرا لطاعة الله وطاعة
رسوله محتسبا له نفسه.
فأما قول جبرائيل عليه السلام لرسول الله صلوات الله عليه وآله: لا
يؤدي عنك إلا رجل منك، وفي بعض الروايات لا يؤدي عنك إلا أنت
أو علي، فقد تقدم ذكر ما في ذلك من البيان على إمامة علي صلوات الله
عليه. ولما توجه رسول الله صلوات الله عليه وآله بجموع المسلمين - وقد
أعزهم الله سبحانه وكثرهم - إلى مكة نظر أهلها من ذلك إلى ما ليس لهم
به قوام فاستكانوا وخضعوا، وسألوا الصفح عنهم والدخول في السلم،
أقبل رسول الله صلوات الله عليه وآله يوم دخول مكة في عساكر لم تر
العرب مثلها عددا وعدة قد تكفروا في السلاح ما يتبين منهم إلا الحدق.
وجعل الأنصار في الميمنة ورايتهم مع سعد بن عبادة، والمهاجرين في
الميسرة ورايتهم مع الزبير بن العوام، وقال لكل واحد منهما ادخلوا من
موضع كذا وكذا، وكان هو صلوات الله عليه وآله في جمهور خواص
المهاجرين والأنصار وسائر الناس، ومع كل قوم من قبائل العرب عدد
عظيم. فسمع عمر بن الخطاب سعد بن عبادة يقول وبيده الراية - وهو
يريد دخول مكة -:
اليوم يوم الملحمة * اليوم هتك الحرمة (1)

(1) وفي إعلام الورى للطبرسي. ص 198 والارشاد للمفيد 71 والمناقب لابن شهرآشوب 1 / 208
هكذا: اليوم يوم الملحمة * اليوم تسبى الحرمة
305

فجاء عمر إلى رسول الله صلوات الله عليه وآله، فأخبره بقوله. فقال:
يا رسول الله صلوات الله عليه وآله إني أخاف أن يكون له في قريش
صولة. فدعا رسول الله صلوات الله عليه وآله عليا صلوات الله عليه،
وقال له: اذهب فخذ الراية منه، وكن أنت الذي تدخل بها، ففعل.
وكان علي صلوات الله عليه وآله موضع حربه وموضع سلمه، وكذلك
قال له في غير موطن: يا علي حربك حربي وسلمك سلمي.
وفرق رسول الله صلوات الله عليه وآله المسلمين يوم دخول مكة
كتائب، وقدم على كل كتيبة منهم رجلا، وأمره ان يدخل بهم من موضع
سماه له، فدخلوا على ذلك آمنين كما وعد الله عز وجل وهو لا يخلف
الميعاد وأمر رسول الله صلوات الله عليه وآله امراء الكتائب ألا يقاتلوا إلا
من قاتلهم خلا نفر سماهم لهم أمر بقتلهم ولو وجدوا تحت أستار الكعبة
لعظم جرائم كانت لهم، فترك كثير منهم من لقيه ممن كانت بينه وبينهم
معرفة وله به عناية، واستأمن بعضهم لبعض، وجسروا على رسول الله
صلوات الله عليه وآله برد أمره فيهم، وكان منهم عبد الله بن سعد أخو بني
عامر بن لؤي، وكان أعظمهم جرما وكان رسول الله أشد عليه حنقا.
وكان أول من بدأ باسمه ممن ندر يومئذ دمه، وقال: اقتلوه ولو وجدتموه
تحت أستار الكعبة. وذلك إنه كان أسلم، فاستكتبه رسول الله
صلوات الله عليه، وكان يكتب له الوحي، فيملي عليه رسول الله
صلوات الله عليه وآله: غفور رحيم، فيكتب: عزيز حكيم، وأشباه ذلك،
فارتد كافرا ولحق بمشركي قريش، وقال: قد أنزلت قرآنا كثيرا وأتيته
306

عن نفسي، ففيه نزلت: (ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله) (1).
فجاء عثمان بن عفان فأتى به مستورا حتى أدخله على رسول الله
صلوات الله عليه وآله، فسأله فيه، فأعرض رسول الله صلوات الله عليه
وآله عنه مرارا، وسكت لا يجيبه بشئ، فألح عليه عثمان، فخلى
سبيله، ثم قال - لمن حضره من المسلمين -: لقد صمت طويلا لعل
أحدكم يقوم إليه فيضرب عنقه كمثل ما أمرت فما فعلتم؟ قالوا: يا
رسول الله، فلو كنت أشرت الينا بمثل ذلك. فقال: إن النبي لا يقتل
بالإشارة.
ولقى علي صلوات الله عليه الحويرث بن ثقيف وكان ممن نذر
رسول الله صلوات الله عليه وآله دمه يومئذ، وكان الحويرث يثق بعلي
صلوات الله عليه. فقال له علي صلوات الله عليه: يا عدو الله أنت
هاهنا؟ فقال الحويرث: ابق علي يا بن أبي طالب.
فقال: لا بقيت إن أبقيت عليك. وقتله.
ودخل علي صلوات الله عليه على أخته أم هاني بنت أبي طالب،
فأصاب عندها رجلين (2) ممن نذر رسول الله صلوات الله عليه وآله دمهما
من بني مخزوم قد استجارا بها لصهر كان بينهما فلما رآهما علي صلوات الله
عليه أخذ سيفه وقام إليهما ليقتلهما، فقامت أم هاني دونهما، وقالت: يا
أخي إني قد أجرتهما، قال: إن رسول الله صلوات الله عليه وآله قد أمر

(1) (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شئ ومن قال
سأنزل مثل ما أنزل الله) سورة الأنعام: الآية 93.
(2) قال الواقدي في المغازي 2 / 829: وهما: عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي والحارث بن هشام. أما
ابن هشام فقد قال في السيرة 4 / 40 هما: الحارث وزهير بن أبي أمية بن المغيرة.
307

بقتلهما، ولو كانا تحت أستار الكعبة. فقبضت على يده - وكانت ايدة
شديدة - فلوتها حتى انتزعت السيف من يده، فأمسكته، وأمرت بهما،
فدخلا بيتا وغلقت عليهما، ومضت إلى رسول الله صلوات الله عليه وآله،
فلما رآها رحب بها وسألها عن حالها. فأخبرته الخبر. فضحك. وقال: قد
أجرنا من أجرت يا أم هاني. فأرسل إلى علي صلوات الله عليه فأتاه،
فضحك إليه، وقال: غلبتك أم هاني؟ فقال: يا رسول الله والذي بعثك
بالحق نبيا لا قدرت على أن أمسك السيف حتى خلصته من يدي،
فضحك رسول الله، وقال: لو أن أبا طالب ولد الناس كلهم لكانوا
أشداء أقوياء.
وأخذ علي صلوات الله عليه يومئذ مفتاح الكعبة. فجاء به رسول الله
صلوات الله عليه وآله وقال: يا رسول الله هذا مفتاح الكعبة، فإن رأيت
أن تعطيناه لتجمع لنا السقاية والحجابة، فافعل. فقال: يا علي أعطيكم
ما هو أفضل من ذلك ما أعطانا الله من فضله وهذا يوم بر ووفاء، وإنما
أعطيكم ما يزدرون لا ما ترزأون. فادفع المفتاح إلى عثمان بن طلحة.
فدفعه إليه. وقال رضينا ما رضيته لنفسك وإنا معك يا رسول الله.
308

(غزوة بني جذيمة)
ولما فتح رسول الله صلوات الله عليه وآله واستقر قرار أهلها بعث رسول الله
صلوات الله عليه وآله قوما يدعون العرب إلى الله والى رسوله ليدخلوا فيما دخل
فيه أهل مكة، وكان فيمن بعثه خالد بن الوليد، ولم يأمرهم بقتال أحد، فأتى
بني جذيمة بن عامر بن عبد مناة ومعه كتبية، فلما رأوه أخذوا السلاح. فقال لهم
خالد: ضعوا السلاح فإن الناس قد أسلموا ووضعت الحرب أوزارها، وإنما
أرسلنا رسول الله صلوات الله عليه وآله لندعو الناس إلى الاسلام ولم يأمرنا
بقتال أحد. فوضعوا سلاحهم خلا رجل منهم يقال له: جحدم فإنه قال:
ويحكم فإنه خالد. والله ما بعد وضع السلاح إلا الأسر وما بعد الأسر إلا ضرب
الأعناق. فقاموا بأجمعهم عليه وقالوا: يا جحدم أتريد أن تسفك دماءنا، إن
الناس قد أسلموا ووضعوا السلاح. فقال: والله لا أضع سلاحي، فغلبوا عليه،
وانتزعوا السلاح من يده، فلما وضعوا سلاحهم، أمر بهم خالد فكتفوا ثم عرضهم
على السيف فقتل منهم جماعة، وبلغ رسول الله صلوات الله عليه وآله الخبر. فقام
قائما، ورفع يديه إلى السماء، وقال: اللهم إني أبرء إليك مما صنع خالد. ثم دعا
عليا صلوات الله عليه، وقال: يا علي اخرج إلى هؤلاء القوم فانظر في أمرهم
واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك. ودفع إليه مالا، وقال له: إعقل لهم من قتل
309

منهم وارجع إليهم ثمن ما اخذ منهم وانصفهم، فخرج علي صلوات الله عليه
فودى إليهم عقل الدماء وثمن ما أصيب من الأموال حتى أنه ليعطيهم ثمن
ميلغة الكلب (1) حتى إذا لم يبق لهم شئ من دم ولا مال إلا وفاه إليهم، قال:
هل بقي لكم شئ؟؟ قالوا: لا. قال: فإنه قد بقيت معي بقية من المال الذي
وجهه معي رسول الله صلوات الله عليه وآله فخذوها احتياطا لرسول الله
صلوات الله عليه وآله ودفع إليهم مالا كان قد بقي بعد الذي دفعه إليهم،
فأخذوه، وشكروه، ودعوا له بخبر.
ثم أتى النبي صلوات الله عليه وآله، فأخبره بالخبر. فقال: أحسنت يا علي
وأصبت أصاب الله بك المراشد، ثم توجه إلى القبلة قائما رافعا يديه إلى السماء
- حتى أنه ليرى ما تحت منكبيه - يقول: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد
- ثلاث مرات -.
وإنما فعل ذلك بهم خالد لأنهم كانوا قتلوا عمه الفاكهة بن المغيرة في
الجاهلية، وبلغ رسول الله صلوات الله عليه وآله أن خالد بن الوليد فخر على
بعض أصحابه بما أنفقه في سبيل الله. فقال له رسول الله صلوات الله عليه وآله:
دع عنك أصحابي يا خالد فوالله لو كان لك أحد ذهبا ثم أنفقته في سبيل الله
ما أدركت غدوة رجل من أصحابي ولا روحته.
فهذا ما ساقه أصحاب السير (2) مما كان من أمر علي صلوات الله عليه في
فتح مكة.

(1) ميلغة الكلب: مسقاة تصنع من خشب ليلغ فيها الكلب.
(2) سيرة ابن هشام 4 / 55.
310

(غزوة حنين)
فأما ما كان منه صلوات الله عليه في يوم حنين، فإن رسول الله صلوات الله
عليه وآله لما افتتح مكة وسمعت بذلك هوازن اتقوا على أنفسهم، فجمعهم
مالك بن عوف النصري وكان سيدهم يومئذ وكان فيهم دريد بن الصمة
(الجشمي) شيخا كبيرا قد خرف (1)، فأخرجوه لمعرفته في الحرب وليأخذوا من
رأيه (2) واجتمعوا على تقديم مالك بن عوف، فجمعهم ونزل بهم أوطاس وكان
مالك بن عوف قد أمرهم فساقوا معهم الأهل والمال، وكان دريد قد كف
بصره وصار كالفرخ على بعير يقاد به، فلما نزلوا، قال: أين نزلتم؟؟ قالوا:
بأوطاس. قال: نعم مجال الخيل، لا حزن ضرس ولا سهل دهس.
(ضبط الغريب)
(الحزن: الوعر. والضرس: ما خشن من الآكام والأخاشيب. والدهس
والدهاس: المكان اللين من الأرض الذي يغيب فيه قوائم الدواب).

(1) وهو يومئذ ابن ستين ومائة سنة. المغازي 2 / 886.
(2) أقول: في العبارة نوعا من التناقض فإنه يؤخذ من رأيه تناقض قد خرف. والظاهر أن كلمة قد
حرف تصحيف كما هو ظاهر من كتب السير ففي المغازي 2 / 886: وكان شيخا مجربا. وكذلك في سيرة
ابن هشام 4 / 60.
311

مالي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير وثغاء الشاة وبكاء الصغير. قالوا: لان
مالكا أمر الناس بالمجئ بالأهل والمال. قال: ادعوه لي. فدعوه. فقال: يا
مالك قد أصبحت رئيس قومك، وهذا يوم كائن لما بعده من الأيام، فلم سقت
مع الناس نساءهم وأموالهم. قال: أردت أن أجعل خلف كل رجل منهم أهله
وماله يقاتل عنهم. قال دريد: وهل يرد بذلك المنهزمة إن كانت والله لك لم
ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فضحت في أهلك وقومك،
فأرجع الأهل والمال إلى ممتنع بلادهم وعلياء قومهم. ثم الق عدوك على متون
الحيل، فإن كانت لك لحق بك وراءك (1)، وإن كانت عليك كنت قد
أحرزت أهلك ومالك. فكره مالك أن يكون لدريد في ذلك أمر، فلاطفه في
القول، وقال لهوازن: هذا شيخ قد كبر وكبر عقله. فأحسن ذلك منه دريد. فقال
شعرا:
يا ليتني فيها جذع * أخب فيها وأضع (2)
وكان ذلك مما هيئه الله ويسره من أموالهم ليفيئه على رسوله صلوات الله
عليه وآله، فسار رسول الله صلوات الله عليه وآله إليهم في اثني عشر ألف مقاتل،
وذلك أنه قدم مكة في عشرة آلاف وخرج معه منها ألفان، فلما قرب من
المشركين وهم بحنين تفرقوا له وكمنوا له في واد على طريقه إليهم سبقوه إليه
- وفيه شعاب ومضايق، فلما صار المسلمون فيه وقد أعجبتهم كما قال الله

(1) وفي نسخة الأصل: قومك.
(2) وأضاف ابن هشام 4 / 61 والقمي في تفسيره 1 / 286:
أقود وطفاء الزمع * كأنها شاة صدع
الجذع: الشاب الحدث، ويريد به منا قوة الشباب، الوطفاء: الطويلة الشعر. والشاة: الوعل.
صدع: متوسط بين العظيم والحقير.
312

عز وجل - كثرتهم (1) لم يشعروا إلا بكتائب المشركين قد خرجت إليهم من تلك
الشعاب والمضايق، وشدوا عليهم شدة رجل واحد، فانشمروا راجعين لا يلوي
أحد منهم على أحد.
(قوله: انشمروا، أي انقبضوا، ومنه تشمير الثوب).
وثبت رسول الله صلوات الله عليه وآله في خمسة من بني عبد المطلب. وعلي
صلوات الله عليه شاهر سيفه، يحميه ويضرب دونه، والعباس آخذ بلجام بغلة
رسول الله صلوات الله عليه وآله وكان يومئذ راكبا على بغلة: وقال رسول الله
صلوات الله عليه وآله للعباس - وكان رجلا صيتا -: ناد بالناس وعرفهم مكاني،
وقد أمعن الناس في الهزيمة كما أخبر الله عز وجل بقوله: (ويوم حنين إذ
أعجبتكم كثرتكم فلم تعن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم
وليتم مدبرين، ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) (2) يعني
الذين ثبتوا مع رسول الله صلوات الله عليه وآله، فظهر من المنافقين يومئذ
ما يسرونه، فأخرج أبو سفيان أزلاما من كنانته فضرب بها، وقال: إني أرى أنها
هزيمة لا يردها إلا البحر. وقال آخرون منهم (3): اليوم بطل السحر. وهم شيبة
ابن عثمان بن أبي طلحة بأن يقتل رسول الله صلوات الله عليه وآله، وقال: اليوم
أدرك ثأر أبي، وكان أبوه قتل ببدر، قال: فتغشى فؤادي شئ لم أملك معه
نفسي، فعلمت أنه ممنوع مني. ونظر علي صلوات الله عليه وهو يجالد بين يدي
رسول الله صلوات الله عليه وآله ويذب عنه إلى صاحب لواء المشركين وهو من
هوازن على جمل والراية معه وهو يطعن بها في المسلمين وقد تضايقوا في وعرهم

(1) التوبة: 25.
(2) التوبة: 25 - 26
(3) وهم: كلدة وجبلة ابنا الحنبل.
313

منهزمين. فأهوى علي صلوات الله عليه إلى صاحب الراية (1) من خلفه فضرب
عرقوبي جمله بالسيف فحلهما (2) فوقع الجمل على عجزه، وسقط صاحب الراية
عنه فعلاه بالسيف فقتله، فصار حدا والجمل حدا بين المسلمين والمشركين.
ونادى العباس - بأعلى صوته - يا معشر المسلمين، يا معشر المهاجرين والأنصار
يا أصحاب الشجرة ويا أهل بيعة الرضوان هلموا إلى نبيكم، فهذا هو!. فجعلوا
ينادون من كل جانب: لبيك لبيك!. ولم يكونوا ظنوا إلا أن رسول الله
صلوات الله عليه وآله قد قتل، أو رجع فيمن رجع، فجعل الرجل منهم يريد أن
يصل إليه بفرسه أو على بعيره فلا يقدر لضيق المكان وازدحام الناس، فيأخذ
سلاحه ثم يرمي بنفسه عن مركبه ويدعه ويأتي رسول الله صلوات الله عليه وآله
ولما أصيب صاحب لواء المشركين ولم يقدروا على أن يقيموا غيره مكانه انحل
نظامهم واضطربوا وضرب الله عز وجل في وجوههم وأيد رسوله بجنود لم تروها
كما أخبر سبحانه، فما رجع آخر الناس من الهزيمة إلا والأسارى بين يدي
رسول الله مكتوفين والغنائم قد حيزت، وكان من علي صلوات الله عليه يومئذ من
البلاء ما لم يكن لاحد مثله، وقامت الأنصار فيه لما انصرفوا مقاما حسنا.
(مقتل دريد)
ولحق يومئذ ربيعة بن رفيع دريد بن الصمة وهو على جمل في شجار.
(والشجار: خشب الهودج فإذا غشي صار هودجا).

(1) وهو أبو جرول وكانت يرتجز:
أنا أبو جرول لا براح * حتى نبيح القوم أو نباح
فضربه علي صلوات الله عليه وهو يقول:
قد علم القوم لدى الصباح * إني في الهيجاء ذو نصاح
(2) وفي الأصل: فقدهما.
314

فتوهم انه امرأة، فأخذ بخطام الجمل وأناخه، فإذا هو بشيخ كالفرخ،
فأخذ السيف وتقدم إليه ليقتله. فقال له دريد: ماذا تريد؟؟ قال: أقتلك!،
قال: ومن أنت؟؟ قال: أنا ربيعة بن رفيع السلمي، فضربه بسيفه فلم يصنع
السيف فيه شيئا. فقال له دريد: بئسما أسلحتك أمك! خذ سيفي فهو في مؤخر
الرحل في الشجار، ثم اضرب به فارفع عن العظام واخفض عن الدماغ فإني
كنت كذلك أضرب الرجل، ثم إذا أتيت أمك فأخبرها إنك قتلت دريد بن
الصمة وكثيرا ما منعت من نسائكم، فقتله ثم أخبر أمه!. فقالت له: ويلك
والله لقد أعتق من أمهاتك ثلاثا من الأسر.
(الغنائم)
وأصاب رسول الله صلوات الله عليه وآله من سبي هوازن ستة آلاف من
الذراري والنساء، ومن الإبل والشاة ما لا يدرى عدته. فقسم رسول الله كثيرا
من سبيهم، ثم وفد منهم على رسول الله صلوات الله عليه وآله وقد أسلموا. فقالوا:
يا رسول الله، إنا ونساءنا أهل مال وعيال وعشيرة، وقد أصابنا من البلاء ما لم
يخف عليك فامنن علينا بفضلك فإنما نساءنا عماتك وخالاتك وحواضنك
اللواتي كن يكفلنك (يعنون: إنه كان صلوات الله عليه وآله استرضع فيهم)،
وقالوا: يا رسول الله لو كنا ملحنا (أي: أرضعنا) الحارث بن أبي شمر أو
النعمان بن المنذر ثم نزل نا مثل الذي نزل لرجونا عطفه وعايدته علينا وأنت
خير المكفولين. فقال لهم رسول الله صلوات الله عليه وآله أبناؤكم ونساؤكم
أحب إليكم أم أموالكم؟ قالوا: يا رسول الله إن خيرتنا بين أموالنا ونسائنا،
فنساؤنا وأبناؤنا أحب الينا. فقال لهم رسول الله صلوات الله عليه وآله: أما ما
كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، فإذا أنا صليت الظهر بالناس - وكان ذلك
بمكة - فقوموا وقولوا: إنا نستشفع برسول الله إلى المسلمين وبالمسلمين إلى
315

رسول الله في أبنائنا ونسائنا، فسأعطيكم ذلك وأسأل لكم.
فلما صلى رسول الله صلوات الله عليه وآله بالناس الظهر بمكة، قاموا،
فتكلموا بالذي أمر هم به. فقال صلوات الله عليه وآله: أما ما كان لي ولبني
عبد المطلب فهو لكم. قال المهاجرون: وما كان لنا فهو لرسول الله صلوات الله عليه
وآله، وقالت الأنصار: ما كان لنا فهو لرسول الله صلوات الله عليه وآله. فقال
الأقرع بن حابس: أما أنا وبنو تميم، فلا. وقال عيينة بن حصن: أما أنا وبنو
فزارة، فلا. وقال عباس بن مرادس: أما أنا وبنو سليم، فلا، فقالت بنو سليم:
بل ما كان لنا فهو لرسول الله صلوات الله عليه وآله. فقال رسول الله صلوات الله
عليه وآله: أما من تمسك منهم بحقه من أهل السبي، فله بكل نسمة منه سنة
فرائض (يعني من الغنيمة) فرد الناس عليهم أبناءهم ونساءهم. وقسم رسول الله
صلوات الله عليه وآله المال على الناس. ونادى مناديه أدوا الخياط والمخيط.
وكان عقيل بن أبي طالب قد دخل يومئذ على امرأته (1) وسيفه متلطخ
بالدم. فقالت له: قد عرفت أنك قد قاتلت، فماذا أصبت من الغنيمة. فقال:
دونك هذه الإبرة تخيطي بها، فاقتلع إبرة من ثوبه، فدفعها إليها، ثم سمع
منادي رسول الله صلوات الله عليه وآله وهو يقول: أدوا الخياط والمخيط فإن
الغلول يكون على أهله عارا وشنارا يوم القيامة. فقال عقيل لامرأته: لا أرى
أبرتك إلا وقد فاتتك، فأخذها ورمى بها في المغنم.
(عطاء المؤلفة قلوبهم)
وأعطى رسول الله صلوات الله عليه وآله المؤلفة قلوبهم من الغنائم ما
يستميلهم بذلك في الاسلام، أعطى كل واحد منهم مائة من الإبل. قالوا: وقد

(1) وهي فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة.
316

كان ممن أعطاه ذلك أبو سفيان ابن حرب ومعاوية ابنه، وحكيم بن
حزام، والحارث بن الحارث بن كلدة، والحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو،
وخويطب بن عبد العزى، والعلاء بن حارثة، وعيينة بن حصن، والأقرع بن
حابس، ومالك بن عوف، وصفوان بن أمية فهؤلاء أكابر أكابر المؤلفة قلوبهم يومئذ
وأعطى آخرين منهم دون ذلك.
(إسلام مالك بن عوف)
وسأل رسول الله صلوات الله عليه وآله عن مالك بن عوف سيد هوازن
يومئذ ما فعل؟ فقالوا: لحق بالطائف وتحصن بها مع ثقيف يا رسول الله.
قال: فأخبروه أنه إن أتاني مسلما رددت إليه أهله وماله وأعطيته مائة من
الإبل. فأخبر بذلك. فخرج من الطائف متسللا عن ثقيف لئلا يعلموا به
فيحبسوه. وأتى رسول الله صلوات الله عليه، فرد عليه أهله وماله وزاده مائة من
الإبل، وأسلم وحسن إسلامه.
وتكلم الناس فيما أعطاه رسول الله صلوات الله عليه وآله المؤلفة قلوبهم على
ضعف إسلامهم. فقيل إن قائلا قال: أعطيت عيينة بن حصن والأقرع بن
حابس مائة من الإبل وتركت جعيل بن سراقة. فقال صلوات الله عليه: أما
والذي نفسي بيده لجعيل بن سراقة خير من طلاع الأرض كلهم مثل عيينة
والأقرع ولكن تألفتهما على الاسلام ووكلت جعيلا إلى إسلامه.
(الطلاع: ما طلعت عليه الشمس من الأرض. يقال منه لو كان لي طلاع
الأرض مالا لافتديت به من هول المطلع).
وبلغه صلى الله عليه وآله مثل ذلك من الأنصار، فجمعهم، ثم قال: يا
معشر الأنصار ما مقالة بلغني عنكم أو جدة أوجدتموها في أنفسكم لما أعطيته
317

المؤلفة قلوبهم. أفلم تكونوا (1) ضلالا فهداكم الله وعالة فأغناكم الله وأعداء
فألف بين قلوبكم؟؟ قالوا: لله ولرسوله المن والفضل. قال: ألا تجيبون يا
معشر الأنصار؟؟ قالوا بماذا نجيبك يا رسول الله؟؟ قال: أما والله لو شئتم
لقلتم فصدقتم، أتيتنا مكذوبا فصدقناك، ومخذولا فنصرناك، وطريدا فآويناك،
فوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا، تألفت بها قوما
ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم، ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس
بالشاة والبعير وترجعون برسول الله إلى منازلكم، فوالذي نفس محمد بيده لولا
الهجرة لكنت رجلا من الأنصار، ولو سلك الناس شعبا وسلك الأنصار شعبا
لسلكت شعب الأنصار. اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء
الأنصار.
(اللعاعة: بقلة ناعمة شبهها صلوات الله عليه وآله وضربها مثلا بنعيم الدنيا،
كما قال - في موضع آخر -: الدنيا حلوة خضرة).
فهذه أخبار أهل السير من العامة وثقات أصحاب الحديث منهم عندهم
يخبرون أن معاوية من المؤلفة قلوبهم ويخبرون عن فضل علي صلوات الله عليه. ثم
معاوية بعد ذلك ينافس عليا صلوات الله عليه في الإمامة ويدعيها معه!!!.
(285) ورووا أيضا في ذلك أن رجلا وقف ورسول الله صلوات الله عليه
وآله يقسم غنائم حنين يومئذ، وقد أعطى المؤلفة ما أعطاهم. فقال: يا
محمد قد رأيت ما صنعت منذ اليوم، فلم أراك عدلت، فغضت
رسول الله صلوات الله عليه وآله. فقال: ويحك إذا لم يكن العدل عندي
فعند من يكون؟؟ مضى الرجل. فقال رسول الله صلوات الله عليه وآله:
يخرج من ضيضئ هذا! قوم يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من

(1) وفي نسخة - ب -: آثكم.
318

الدين كما يمرق السهم من الرمية (يعني الخوارج) وذكر أمرهم، وسيأتي
بتمامه في موضعه إن شاء الله تعالى.
فهذه غزوات رسول الله صلوات الله عليه وآله التي قاتل فيها المشركين
لم يكن لاحد فيها من العناء والصبر والجلد والفضيلة مثل الذي كان لعلي
صلوات الله عليه، ثم علمت العرب أنه لا طاقة لها بحرب رسول الله
صلوات الله عليه وآله، فجعلت وفودها تفد عليه مسلمين مؤمنين به.
وخرج صلوات الله عليه وآله إلى تبوك واستخلف عليا صلوات الله عليه،
وقد ذكرت ما كان منه إليه عندما ذكر الناس من تخلفه، وقوله له:
أنت مني بمنزلة هارون من موسى، ولم يتخلف علي صلوات الله عليه عن
رسول الله صلوات الله عليه وآله في غزوة غيرها. ولم يكن فيها قتال وإنما
وادع رسول الله صلوات الله عليه وآله فيها أهل تبوك على إعطائهم
الجزية، فكتب بذلك لهم عهدا، وانصرف إلى المدينة.
319

(سرايا الرسول)
فأما ما أخرجه رسول الله صلوات الله عليه وآله من السرايا فإنه لم يبق
أحد من أصحابه إلا أخرجه في سرية وأمر عليه غيره غير علي صلوات الله عليه
فإنه لم يؤمر عليه أحد قط إبانة لفضله واستحقاقه الإمامة من بعده. وغزاه
غزوتين غزوة اليمن وغزوة بني عبد الله بن سعيد من أهل فدك فأرضي الله
ورسوله فيهما. وكان آخر بعث بعثه رسول الله صلوات الله عليه وآله بعث أسامة
بن زيد بن حارثة، وقد نعيت نفسه إليه صلوات الله عليه وآله وأمره أن يوطئ
الخليل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين، وأوعب معه جميع المهاجرين
الأولين لم يبق منهم أحدا غير علي صلوات الله عليه إلا وقد أمره بالنفور مع أسامة
بن زيد.
فاعتل صلوات الله عليه وآله العلة التي قبض فيها وقد برر أسامة بأصحابه.
وكان آخر ما عهده أن قال: نفذوا جيش أسامة ولا يتخلف أحد ممن أنفذه معه
أراد أن يصفوا الامر لعلي صلوات الله عليه وألا يعارض أحد فيه، فتثاقلوا إلى أن
قبض رسول الله صلوات الله عليه وآله، وكان من أمرهم ما قد كان.
فهذه جملة ما جاء في السير عن العامة في فضل جهاد علي صلوات الله عليه.
ونحن نذكر نكتا بعد ذلك مما روي في مثله.
320

(286) أبو غسان بإسناده عن عبد الله بن عصمة، قال: سمعت أبا سعيد
الخدري يقول: أخذ النبي الراية يوم خيبر فهزها، ثم قال: من يأخذها
بحقها، فجاء الزبير ليأخذها من يده، فقال له: امط امط (أي: زل).
ثم قال: والذي نفسي بيده (1) لأعطيتها رجلا لا يفر (2)! هاك يا
علي. فدفعها إليه. فانطلق حتى فتح الله على يديه خيبر وفدك، وجاء
بعجوتها وقديدها (3).
(287) أبو غسان بإسناده عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه عن أبي سعيد
الخدري، قال: كنا مع رسول الله صلوات الله عليه وآله، فانقطعت نعله،
فرمى بها إلى علي صلوات الله عليه، ثم ذكر القرآن، فقال: إن منكم من
يقاتل على تأويله كما قاتلت على تنزيله، فقال أبو بكر: أنا يا رسول الله؟
قال: لا ولكن هو ذلكم خاصف النعل.
(288) علي بن هاشم بإسناده عن علي صلوات الله عليه، إنه قال: عممني
رسول الله صلوات الله عليه يوم غدير خم بعمامة سدل طرفها على منكبي.
وقال: إن الله أيدني يوم بدر وحنين بملائكة معممين، هذه العمامة حاجزة
بين المسلمين والمشركين.
(289) وبآخر يرفعه إلى أبي رافع، أنه قال: كان علي صلوات الله عليه
صاحب راية النبي صلوات الله عليه وآله وحاملها في كل غزوة غزاها،
وكانت راية النبي صلوات الله عليه وآله معه يوم بدر ويوم أحد ويوم
الأحزاب ويوم بني النضير ويوم بني قريظة ويوم بني المصطلق من خزاعة

(1) وفي نسخة - ب -: والذي كرم وجه محمد.
(2) وفي نسخة الأصل: رجلا لا يغرني بها.
(3) القديد: اللحم المملوح المجفف في الشمس - فعيل بمعنى مفعول والعجوة: نوع من التمر.
321

ويوم بني لحيان من هذيل ويوم خبير ويوم الفتح ويوم حنين ويوم
الطائف.
(290) محمد بن عبد الله الهاشمي: قال: قلت لسفيان الثوري: حدثني من
فضائل علي صلوات الله عليه بحديث: فقال: حدثني منصور بن المعتمر
عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن عبد الله بن مسعود، قال: كنا جلوسا
عند رسول الله صلوات الله عليه وآله إذ مر علي صلوات الله عليه مسرعا
فدعا به رسول الله صلوات الله عليه وآله، فقال له: ما لي أراك مسرعا يا
علي؟ فقال: لحاجة لأهل البيت يا رسول الله. قال: اذهب أعانك الله
فمازلت معينا فراجا للكرب.
(291) محمد بن سعيد بإسناده عن الماجشون، قال: تخلف علي صلوات الله
عليه من بدر لدفن ابنة رسول الله صلوات الله عليه وآله، فجعل رسول الله
صلوات الله عليه وآله ينتظره، ويقوم مرة ويقعد أخرى، ينظر إلى الطريق
ويقول: إن يكن لله عز وجل بعلي حاجة فيشهده بدرا، فهو على ذلك إذ
أقبل شخص على العبد. فقال رسول الله صلوات الله عليه وآله كن عليا،
فقرب فإذا هو علي صلوات الله عليه.
(292) محمد بن سعيد بإسناده عن أبي ذر رحمة الله عليه أنه قال: اقسم بالله
أن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام وحمزة وعبيدة
رضوان الله عليهم، وعتبة وشيبة والوليد لما تبارزوا يوم بدر (هذان
خصمان اختصموا في ربهم).
(293) أبو صالح بإسناده عن موسى بن عقبة، أنه قال: لما كان يوم
الأحزاب أقبل عمرو بن عبد ود العامري، وكان من أشد الناس شجاعة
وإقداما. فضرب فرسه، فأجازه الخندق، ثم طفق ينادي: هل من
مبارز؟ فلم يجبه أحد، فلما طال ذلك به، أنشد: يقول:
322

ولقد بححت من النداء * بجمعهم هل من مبارز
ووقفت حين دعوتهم * في موقف القرن المناجز
إني كذلك لم أزل * متسرعا نحو الهزاهز
إن الشجاعة للفتى * والجود من كرم الغرائز
قال: فقام علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، فقال رسول الله
صلوات الله عليه وآله: يا علي إنه عمرو بن عبد ود. فقال علي: أستعين
بالله عليه يا رسول الله. فأذن له رسول الله صلوات الله عليه وآله، ودفع
إليه سيفه ذا الفقار. ورفع رسول الله صلوات الله عليه وآله يده، وقال:
اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه
ومن تحته. ومضى علي صلوات الله عليه وهو يقول شعرا:
إثبت أتاك لما دعوت * مجيب صوتك غير عاجز
ذو نية وبصيرة * والصدق ينجى كل فائز
إني لأرجو أن تقوم * عليك نائحة الجنائز (1)
فقال عمرو: من أنت؟ قال: علي بن أبي طالب. قال: كفو كريم
ولست من رجالي. فقال علي صلوات الله عليه: يا عمر إنه بلغني عنك
إنك نذرت أن لا يدعوك أحد إلى خصلتين إلا أجبته إلى إحداهما،
قال: أجل!. قال: فاني أدعوك إلى الله والى رسوله والى الاسلام.
قال: ما أبعدني من ذلك. قال: فاني أدعوك إلى النزال. قال: نعم،

(1) وأضاف سبط الجوزي في تذكره الخواص ص 157:
من ضربة نجلاء يسمع * عندها صوت الهزاهز
ضربة نجلاء: واسعة. الهزاهز: الحدوب الشدائد. البحة والبحاح: غلظ وخشونة الصوت.
المناجز: المبارز والمقاتل.
323

هي أهون الخصلتين علي، فاضطربا بأسيافهما ساعة وثارت عجاجة.
ودعا رسول الله صلوات الله عليه وآله لعلي صلوات الله عليه دعاءا
كثيرا، فأعانه الله عز وجل على عمرو بن عبد ود، فقتله، وانجلت
العجاجة وعلي صلوات الله عليه يمسح سيفه عنه، ويقول:
أعلي تقتحم الفوارس هكذا * عني وعنهم حدثوا أصحابي
يازرته فتركته متجدلا * بمصمم في الكف لبس بنابي
وعففت عن أثوابه ولو أنني * كنت المجدل بزني أثوابي
آلي ليقتلني بحلفة كاذب * وحلفت فاستمعوا إلى الكذاب
نصر الحجارة من سفاهة * رأيه ونصرت رب محمد بصواب
لا تحسبن الله خاذل دينه * ونبيه يا معشر الأحزاب
(294) عبد الله بن زياد بإسناده عن أبي رجا العطاردي، أنه سمع قوما
يقعون في علي صلوات الله عليه، فقال: إنكم لتقعون في رجل كان والله
مقامه ساعة بين يدي رسول الله صلوات الله عليه وآله أفضل من أعماركم
جميعا.
(295) محمد بن عبد الله بن بكير بإسناده عن محمد بن كعب القرظي قال:
تفاخر العباس وعثمان بن طلحة، فقال العباس: أنا ساقي الحجيج.
وقال عثمان بن طلحة: أنا صاحب البيت، وعندي مفتاحه. فقال علي
عليه السلام: لكنني أسلمت وآمنت بالله ورسوله وجاهدت في سبيل الله
قبلكما فلي في ذلك من الحظ ما ليس لكما. فأنزل الله عز وجل:
(أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم
الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم
الظالمين. الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم و
324

أنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون) (1).
قد ذكرت في أول هذا الباب سبق علي صلوات الله عليه وآله إلى
الجهاد وقد فضل الله عز وجل السابقين إليه على من جاهد من بعدهم،
فقال الله عز وجل: (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل
أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا) (2)، وكذلك
فضل الله عز وجل بعض المجاهدين على بعض، ففضل من كافح وقاتل
وجاهد على من تخلف ولم يشهد وقعد، فقال عز وجل (لا يستوي
القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون في سبيل الله
بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على
القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على
القاعدين أجرا عظيما. درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا
رحيما) (3).
فإذا كان المجاهد في سبيل الله أفضل من القاعد عن الجهاد كان
كذلك أكثر المجاهدين عناءا في الجهاد وبذلا لنفسه فيه أفضل ممن قصر
عنه، كما يكون من جاهد أدنى جهاد وقاتل أقل قتال أفضل في ذلك ممن
شهد ولم يقاتل، وللشاهد وإن لم يقاتل فضل على من لم يشهد لان
الشاهد وإن لم يقاتل فقد كثر جمع المجاهدين، وكان في جملة من أرهب
المشركين وقد ذكرت في هذا الباب ما جاء من جهاد علي صلوات الله
عليه وسبقه إلى الجهاد وبذله فيه نفسه ومحاماته عن رسول الله صلوات الله

(1) التوبة: 19 و 20.
(2) الحديد: 10.
(3) النساء: 95 - 96.
325

عليه وآله ما قد أجمعوا عليه وما هو معروف ثابت مشهور في مقاماته في
الجهاد وكفايته فيه ما ليس لأحد من المسلمين مثله مما قد أجمعوا عليه،
واعترف جميعهم له به وشهد له به رسول الله صلوات الله عليه وآله
وجبرائيل عليه السلام كما جاء فيما أثبتناه في أول هذا الكتاب من
الرواية في ذلك.
326

(أحاديث في الجهاد)
وقد جاء في فضل الجهاد والمجاهدين عن رسول الله صلوات الله عليه وآله
ما يخرج عن حد هذا الكتاب ذكره، من ذلك.
(296) قوله صلوات الله عليه وآله: من خير الناس رجل حبس نفسه في
سبيل الله، يجاهد أعداءه يلتمس الموت أو القتل في مطافه.
(297) وقال صلوات الله عليه وآله: غدوة أو روحة في سبيل الله خير من
الدنيا وما فيها.
(298) وقال صلوات الله عليه وآله: مقام أحدكم يوما في سبيل الله أفضل
من صلاته في بيته سبعين عاما، ويوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما
سواه.
(299) وقال صلوات الله عليه وآله: يرفع الله عز وجل المجاهد في سبيله على
غيره مائة درجة في الجنة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض.
(300) وقال صلوات الله عليه وآله: المجاهدون في سبيل الله قواد أهل
الجنة.
(301) وقال صلوات الله عليه وآله: أجود الناس من جاد بنفسه في سبيل
الله عز وجل.
327

وقد قال الله سبحانه: (إن الله يحب الذين يقاتلون في
سبيله) (1)، فأحبهم إليه أسبقهم لذلك وأقومهم به وأشدهم قياما به
وأكثرهم عناءا فيه، فمن كان أحب الخلق إلى الله تعالى وأفضلهم لديه
واكرامهم منزلة عنده أليس هو أوجب من أطاعوه وقدموه ولم يتقدموا
عليه، فإذا كان كما زعموا يجب أن يختاروا لأنفسهم اماما، فهل يجب
أن يقع الاختيار إلا على من هذه صفته، وهذه عند الله عز وجل منزلته.
ومن قول من قال: ان لهم أن يختاروا. إنهم لا يختارون إلا الأفضل
منهم، وقد ذكرت من فضل علي صلوات الله عليه فيما تقدم من هذا
الكتاب، ونذكر إن شاء الله فيما بقي منه مالا يجب معه لمن نظر فيه
ووفق لفهمه أن يقدم على علي صلوات الله عليه أحدا من الناس.
وإنما رجوت بما صنفته من هذا الكتاب وألفته، وكان قصدي فيه
الذي قصدته وما أدخلته من تضاعيف الاخبار فيه من الكلام، وما بينته
وشرحته أن يهدي الله به من نظر إليه أو سمع ما فيه فيتولى من أمر الله
عز وجل بولايته، ويقوم من قدمه الله عز وجل ويؤخر من أخره وينظر في
ذلك نظر ناصح لنفسه، ولا يورطها الهلكة باتباع غيره، وكراهة أن
يفارق من تقدم من سلفه وهم كما قال الله عز وجل: (تلك أمة قد
خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا
يعملون) (2). وقال (كل نفس بما كسبت رهينة) (3)، وأقصد بما
ذكرته الزراية والرد على من مات وانقضى أمره وفات، إذ لا يغني ذلك،
ولو قصدناه لم يغن عنهم شيئا، ولسنا نسمع من في القبور ولا نعارض من

(1) الصف: 3.
(2) البقرة: 133.
(3) المدثر: 37.
328

فيها بالنكر، وإنما نسمع الاحياء (ويحق القول على الكافرين) (1).
كما قال الله عز وجل وهو أصدق القائلين.
ونسأل الله توفيقا لما يرضيه ويزدلف لديه وهداية إليه لنا ولجميع
المؤمنين والمسلمين، وأن يظهر دينه على الدين كله (كما وعد في كتابه
المبين ويورث الأرض) (2) كما وعد عباده الصالحين، ويجمع من فيها على
طاعتهم أجمعين. حسبنا الله ونعم الوكيل.
تم الجزء الثالث من كتاب شرح الاخبار في فضائل الأئمة الأطهار.
والحمد الله وحده وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وسلم
تسليما.

(1) يس: 69.
(2) ما بين القوسين زيادة من نسخة - ب -.
329

شرح الاخبار
في
فضائل الأئمة الأطهار
تأليف
القاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي
المتوفي سنة 363 ه‍. ق
الجزء الرابع
في جهاد علي عليه السلام
جموع الناكثين والقاسطين والمارقين
331

مخطط لأهم البلدان الواردة في هذا الجزء
333

صورة الصفحة الأولى من نسخة الأصل
334

صورة الصفحة الأولى من نسخة - ألف -
335

صورة الصفحة الأولى من نسخة - د -
336

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين في جميع الأمور
(302) الدغشي، بإسناده، عن أبي سعيد الخدري، أنه قال: كنا جلوسا
ننتظر رسول الله صلوات الله عليه وآله، فخرج الينا من بعض بيوت
نسائه، فقمنا معه نمشي، فانقطع شسع نعله، فأخذها علي صلوات الله
عليه فتخلف عليها، ليصلحها، وقام رسول الله صلوات الله عليه وآله
ينتظر، ونحن معه قيام - وفي القوم أبو بكر وعمر -.
فقال رسول الله صلوات الله عليه وآله: إن منكم من يقاتل على
تأويل هذا القرآن كما قاتلت على تنزيله، فاستشرف (1) لها أبو بكر و
عمر!
فقال: لا، ولكنه خاصف النعل.
قال أبو سعيد الخدري: فأتيته بها لا بشره، فلم يرفع لها رأسا، فعلمت
أنه شئ قد سمعه من رسول الله صلوات الله عليه وآله قبل ذلك.
وفي حديث آخر: أن أبا بكر قال: أنا هو يا رسول الله. وعمر
أيضا.
قال: لا، ولكنه خاصف النعل، يعني عليا صلوات الله عليه.

(1) استشرف: اي من تطلع لها وتعرض لها (النهاية 2 / 462).
337

إسماعيل بن رجاء (1) عن أبيه: أن رجلا قال لي علي صلوات الله
عليه وهو في الرحبة، فقال: يا أمير المؤمنين، أناشدك الله، أكان في
النعل حديث؟؟
قال: اللهم نعم، أنه مما كان يسر إلي نبيك (2).
(304) وبآخر، عن ابن عباس: أن النبي صلوات الله عليه وآله قال لنسائه: ليت
شعري، أيتكن صاحبة الجمل الأدبب، التي تخرج حتى تنبحها
كلاب الحوأب، يقتل عن يمينها وعن يسارها قتلى كثير.
(والحوأب: عين بين البصرة ومكة وهو الذي نزلته عائشة لما قفلت
إلى البصرة في وقعة الجمل) ثم تنجو بعد أن كادت (3).
(305) وفي حديث آخر يقتل يقتل كثير، قتلى عن يمينها وعن يسارها في النار ثم
تنقلت بعد ما كادت.
ثم نظر إلى عائشة (4) فقال لها: انظري يا حميرا ألا تكوني أنت
هي؟؟ ثم التفت إلى علي عليه السلام. فقال له: يا أبا الحسن إن وليت
من أمرها شيئا فارفق بها.
(306) وبآخر عن خالد بن الأعصري أنه قال: سمعت عليا عليه السلام
يقول: أمرني رسول الله صلوات الله عليه وآله، أن أقاتل الناكثين و
القاسطين والمارقين.
(307) وبآخر عن إبراهيم النخعي قال: مر رسول الله صلوات الله عليه وآله

(1) وفي الأصل: إسماعيل بن رجا عن جابر عن أبيه وهو تصحيف، راجع تخريج الحديث.
(2) وفي تاريخ دمشق لابن عساكر 1 / 169 الحديث 1186: أنه مما كان يسره إلي رسول الله
صلى الله عليه وآله وأشار بيديه ورفعهما.
(3) وفي كتاب الجمل للمفيد ص 230: وتنجو بعد ما كادت.
(4) وفي مناقب الخوارزمي ص 110: فضحكت عائشة.
338

بعلي عليه السلام، فقال له: لتقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.
(308) وبآخر عن علي صلوات الله عليه وآله، أنه قال: أمرت بقتال
الناكثين والقاسطين والمارقين. فأما الناكثون فأصحاب الجمل، وأما
القاسطون فأهل الشام (1)، وأما المارقون فالخوارج (2).
(309) وبآخر عن أبي مخنف (3) أنه قال: دخلت على أبي أيوب الأنصاري،
وهو يعلف خيلا له، فقلت له: يا أبا أيوب قاتلت بسيفك المشركين مع
رسول الله صلوات الله عليه وآله، فلما أن أظهر الله الاسلام، جئت إلى
المسلمين تقاتلهم به؟؟
فقال: نعم، أمرنا رسول الله صلوات الله عليه وآله بقتال الناكثين و
القاسطين والمارقين. فقد قاتلنا الناكثين، وهم أهل الجمل،
والقاسطين، وهم أهل الشام. وأنا مقيم حتى أقاتل المارقين بالنهروان
والطرقات (4)، ووالله ما أدري أين هي. (ولكن لابد من قتالهم إن شاء
الله) (5).
(310) وبآخر عن أبي كعب الحارثي، أنه قال: خرجت حتى أتيت المدينة
وذلك في أيام عثمان بن عفان، فدخلت إليه وسألته عن شئ من
أمر الدين، وقلت: يا أمير المؤمنين إني امرؤ من أهل اليمن من بني

(1) وفي النهاية لابن الأثير 4 / 60 الناكثون: أصحاب الجمل لأنهم نكثوا بيعتهم (مع علي
عليه السلام). والقاسطون: لأنهم جاروا في حكمهم وبغوا عليه، المارقون: لأنهم مرقوا من الدين.
(2) وهم: معاوية وأصحابه.
(3) هكذا في النسخ ولكن في المصادر التي راجعتها وهي مجمع الزوائد 9 / 235 وكفاية الطالب
ص 169: عن أبي صادق من مخنف بن سليم أتينا أبا أيوب.
(4) وفي مجمع الزوائد 9 / 235: بالسعفات بالطرقات بالنهروانات.
(5) هذه الزيادة من تاريخ دمشق 3 / 170.
339

الحارث (1)، وإني أريد أن أسألك عن أشياء فأمر حاجبك ألا
يحجبني.
فقال: يا وثاب، إذا جاءك هذا الحارثي، فأذن له.
قال: فكنت إذا جئت، قال: من هذا؟ فقلت: الحارثي. اذن لي.
فجئت يوما فقرعت الباب. فقال: من ذا؟ فقلت: الحارثي، فقال:
ادخل. فدخلت، فإذا عثمان جالس وحوله نفر من أصحاب النبي (2)
صلوات الله عليه وآله سكوت لا يتكلمون كأن على رؤوسهم الطير،
فسلمت، ثم جلست ولم أسأله عن شئ لما رأيت من حالهم، فبينا أنا
كذلك إذ جاء نفر، فقالوا: أبى أن يجئ. فغضب عثمان، وقال:
أبى أن يجئ؟! اذهبوا فجيئوا به! فإن أبى أن يجئ فجروه جرا
فمكثت قليلا، وانصرفوا فجاء معهم رجل آدم طوال أصلع في مقدم
رأسه شعرات (وفي قفائه شعرات).
فقلت: من هذا؟ فقالوا: عمار بن ياسر. فقال له عثمان: أنت
الذي تأتيك رسلنا، فتأبى أن تأتي؟، فكلمه عمار بن ياسر بشئ لا
أدري ما هو، ثم خرج، فما زلوا ينفضون من حوله حتى ما بقي أحد (معه
غيري).
فقام عثمان وقمت معه حتى أتى المسجد، فإذا عمار بن ياسر جالس
إلى سارية من سواري المسجد، وحوله نفر من أصحاب رسول الله صلوات
الله عليه وآله وهو يحدثهم، وهم يبكون.

(1) وفي بحار الأنوار مجلد 8 ط قديم / 326: بني الحارث بن كعب.
(2) وكلمة (من أصحاب النبي) لم تكن في الرواية التي نقلها صاحب بحار الأنوار والموجود: نفر من
أصحابه مسكون.
340

فقال عثمان لحاجبه: يا وثاب علي بالشرط (1)، فجاء بهم. فقال:
فرقوا بين هؤلاء - يعني عمارا والذين كانوا حوله - ففرقوا بينهم، ثم
أقيمت الصلاة.
فتقدم عثمان ليصلي بالناس فلما كبر، قامت امرأة في حجرتها.
فقالت: أيها الناس اسمعوا، ثم تكلمت، فذكرت رسول الله صلوات الله
عليه وآله وما بعثه الله به: ثم قالت. ضيعتم أمر الله وخالفتم عهده ونحوا
من هذا. ثم صمتت.
ثم تكلمت أخرى، بمثل ذلك، فإذا هما عائشة وحفصة.
فلما سلم عثمان، وأقبل على الناس. فقال: إن هاتين لفتانتان (2)
يفتنان الناس، والله لتنتهيان عن سبي أو لأسبكما ما حل لي السب، فاني
بأصلكما لعالم.
فقال له سعد بن أبي وقاص: أتقول هذا لحبايب رسول الله صلوات
الله عليه وآله؟؟ فقال له عثمان: وما أنت وذا؟
ثم أقبل عثمان على سعد عامدا عليه (ليضربه).
قال: وانسل سعد وخرج، وأتبعه عثمان، فلقيه علي عليه السلام
(عند باب المسجد) فقال: أين تريد؟ قال: أريد هذا الكذا وكذا
- يعني سعدا - فقال له علي عليه السلام: أيها الرجل، دع هذا عنك.
فأقبل عليه عثمان بالكلام، فلم يزل الكلام بينهما إلى أن غضب
عثمان. فقال لعلي صلوات الله عليه: ألست المتخلف عن رسول الله
صلوات الله عليه وآله يوم تبوك؟ فقال له علي صلوات الله عليه: ما
تخلف عنه، ولكنه خلفني رسول الله صلوات الله عليه في أهله: وأنت

(1) وفي الأصل: بالشرطة.
(2) وفي الأصل: إن هاتين فتاتين.
341

تعلم ذلك ومن حضر. ولكن ألست الفار عن رسول الله صلوات الله عليه
يوم أحد؟ وهم كل واحد منهما بصاحبه، فقام الناس وحجزوا بينهما.
قال: فلما رأيت ما حدث بالناس خرجت من المدينة. فأتيت
الكوفة، فوجدتهم قد وقع بينهم اختلاف وردوا سعيد بن العاص ولم
يدعوه يدخل إليهم، فلما رأيت ذلك رجعت إلى أهلي باليمن.
(311) وبآخر عن محمد بن علي بن الحسين صلوات الله عليهم أجمعين أنه
قال: أرسل إلي سعيد بن عبد الملك بن مروان، فأتيته، فأقبل يسألني،
فرأيته رجلا قد لقي أهل العلم وحادثهم، فإذا هو ليس في يده شئ من
أمر عثمان إلا أنه يقول: خرجت عائشة تطلب بدمه.
فقلت له: أي رجل كان فيكم مروان بن الحكم؟
فقال: ذاك سيدنا وأفضلنا.
قلت: فأي رجل ترون علي بن الحسين عليه السلام؟
قال: صدوقا مرضيا.
قلت: فأني أشهد على علي بن الحسين عليه السلام أنه حدثني إنه
سمع مروان بن الحكم يقول: انطلقت أنا وعبد الرحمان بن عوف (1) إلى

(1) هكذا في الأصل وفي نسخة ب، ولكن الشيخ المفيد نقل في كتاب الجمل ص 76: جاءها
مروان بن الحكم وسعيد بن العاص. ومن المؤكد أنه لم يكن عبد الرحمان بن عوف لأنه توفى سنة 31 أو
32 للهجرة وأن عثمان قتل في سنة 35 أي بينهما 3 أو 4 سنين كما ذكره العسقلاني في الإصابة 2 / 463
الرقم 448 قال: (قال ابن إسحاق: قتل على رأس إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهر أو اثنين وعشرين
يوما من خلافته فيكون ذلك في ثاني وعشرين ذي الحجة سنة خمس وثلاثين).
وقال البلاذري في أنساب الأشراف 5 / 104: لما اشتد الامر على عثمان أمر مروان بن الحكم و
عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد. وقال ابن سعد في طبقاته: أتاها مروان وزيد بن ثابت وعبد الرحمان بن
عتاب. ومن المحتمل أن المؤلف أراد ذكر عبد الرحمان بن عتاب والتصحيف من الناسخ.
342

عائشة، وهي تريد الحج، وعثمان قد حصر. فقلت لها: قد ترين أن هذا
الرجل قد حصر، فلو أقمت فنظرت في شأنه وأصلحت أمره!
فقالت: قد غربت غرايري (1)، وأدنيت ركائبي، وفرضت الحج على
نفسي، فلست بالتي أقيم، فجهدنا (2) عليها، فأبت، فقمت من عندها،
وأنا أقول - وذكر بيتا من شعر تمثل به (3) -.
فقال: فقالت: أيها الرجل المتمثل بالشعر ارجع، فرجعت،
فقالت: لعلك ترى أني إنما قلت هذا الذي قلت وأنا أشك في عثمان،
وددت والله، أنه محيط عليه في بعض غرايري هذه حتى أكون التي أقذفه
في اليم (4) ثم ارتحلت حتى نزلت ماء يقال له: الصلصل (5).
وبعث الناس عبد الله بن العباس على الموسم وعثمان محصور،
فمضى حتى نزل ذلك الماء.
فقيل لها: هذا ابن عباس قد بعث به الناس على الموسم، فأرسلت
إليه. فقالت: بابن عباس إن الله عز وجل أعطاك لسانا وعلما،
فأناشدك الله أن تخذل الناس عن قتل هذا الطاغية عثمان غدا، ثم
انطلقت إلى مكة.
فلما أن قضت منسكها (6) وانقضى أمر الموسم بلغها أن عثمان قد

(1) الغرارة: بكسر المعجمة: الجوالق.
(2) وفي نسخة الأصل: فألححنا.
(3) وفي أنساب الأشراف قال مروان:
وحرق قيس علي البلاد * حتى إذا اضطرمت أجذما
(4) اليم: البحر.
(5) وفي كتاب الجمل ص 77: الصلعاء. والصلصل موضع بنواحي المدينة على سبعة أميال مها.
(6) نسك ومناسك جمع منسك بفتح السين وكسرها ومعناه التعبد. وسميت جميع أعمال الحج
بالمناسك. (النهاية 5 / 48).
343

قتل، وأن طلحة بن عبيد الله بويع قالت: (إيها ذا الإصبع، فلما بلغها بعد
ذلك أن عليا بويع قالت:) (1) وددت أن هذه تعني السماء وأشارت إليها
وقعت على هذه وأشارت إلى الأرض -.
قال أبو جعفر صلوات الله عليه: فهذا حديث مروان وسماعي إياه
من علي بن الحسين.
قال: فما خرجت من البيت حتى ترك سعيد بن عبد الملك ما كان
في يديه من أمر عثمان.
(312) وبآخر، عن الزبير أنه قيل له ان عثمان محصور: وإنه قد منع الماء!
فقال: (وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل
إنهم كانوا في شك مريب) (2).
(313) عن عبد الرحمان بن أبي ليلى، أنه قال: انتهيت إلى المدينة أيام حصر
عثمان في الدار، فإذا طلحة بن عبيد الله في مثل الحية السوداء من
الرجال ومن السلاح مطيف بدار عثمان، حتى قتل (3).
(314) وبآخر، عن سعيد بن المسيب (أنه) قال: انطلقت بأبي إلى المسجد،
فلما دخلنا، سمعت لغظ (4) الناس وأصواتهم، فقال أبي: ما هذا يا بني؟
فقلت: الناس محدقون بدار عثمان.
فقال: من ترى من قريش؟؟
قلت: طلحة بن عبيد الله.

(1) ما بين الهلالين زيادة من نسخة - ب -.
(2) سبأ: 54.
(3) وفي كتاب الجمل ص 74: والله إني لأنظر إلى طلحة وعثمان محصور وهو على فرس أدهم
وبيده الرمح بجول حول الدار وكأني أنظر إلى بياض ما وراء الدرع.
(4) وفي الأصل: لفظ الناس.
344

فقال: اذهب بي إليه، فمضيت به حتى دنا منه. فقال لطلحة: يا أبا
محمد، ألا تنهي الناس عن قتل هذا الرجل؟؟ فقال له طلحة: يا أبا
سعيد، إن لك دارا، فاذهب، واجلس في دارك فان نعثلا " (1) لم يكن
خاف هذا اليوم.
ذكرنا هذه الأخبار مختصرة من أخبار كثيرة لما أردنا من تقديمها قبل
خروج طلحة والزبير وعائشة يطلبون بزعمهم بدم عثمان في ظاهر الامر
وهذا كان أمرهم فيه.
(315) محمد بن سلام، باسناده عن علي صلوات الله عليه: إنه ذكر المواطن
التي امتحن فيها بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله.
فقال: وأما ما امتحنت بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله (في
سبعة مواطن: فوجدني فيهن - من غير تزكية لنفسي - بمنه ونعمته صبورا.
أما أولهن:) (2) فإنه لم يكن لي خاص آنس به ولا أستأنس (3) إليه ولا
أعتمد عليه ولا أتقرب إلى الله بطاعته، وأبتهج به في السراء، ولا أستريح
إليه في الضراء غير رسول الله صلوات الله عليه وآله، فإنه هو رباني صغيرا،
ويوأني كبيرا، وكفاني العيلة (4) وجبرني من اليتم، وأغناني
عن الطلب، وكفاني المكسب وعال لي النفس والأهل والولد مما
خصني الله عز وجل من الدرجات التي قادتني إلى معالي الحظوة عنده
فنزل بي من وفاة رسول الله صلوات الله عليه وآله ما لم تكن الجبال لو

(1) قال ابن الأثير في النهاية 4 / 166 والكامل 3 / 80 في مادة نعثل: ان عائشة سمت عثمان نعثلا
وهو اما رجل يهودي أو الشيخ الأحمق أو رجل طويل اللحية بمصر.
(2) هذه الزيادة في كتاب الخصال للصدوق 2 / 370.
(3) وفي الخصال: ولا أستنيم إليه.
(4) كفاني العجز الاقتصادي.
345

حملته تحمله، ورأيت أهل بيته بين جازع لا يملك جزعه ولا يضبط نفسه
ولا يقوى على حمل فادح (1) ما نزل بي قد أذهب الجزع صبره، وأذهل
عقله، وحال بينه وبين الفهم والافهام، وبين القول والاستماع، وسائر
بني عبد المطلب بين معز لهم يأمر بالصبر، وبين مساعد لهم بالبكاء،
وجازع لهم لجزعهم.
وحملت نفسي على الصبر عند وفاته، ولزمت الصمت والاخذ فيما
أمرني به من تجهيزه، وغسله وتحنيطه، وتكفينه، والصلاة عليه، ووضعه
في حضرته وجمع أمانة الله، وكتابه، وعهده الذي حملناه إلى خلقه،
واستودعناه لهم، لا يشغلني عن ذلك بادر دمعة (ولا هائج زفرة) ولا
لاذع حرقة (2) ولا جليل مصيبة حتى أديت في ذلك الواجب لله ولرسوله
علي، وبلغت منه الذي أمرني به رسول الله صلوات الله عليه وآله (3).
وقد كان رسول الله صلوات الله عليه وآله أمرني في حياته على جميع
أمته، وأخذ لي على من حضرني منهم البيعة بالسمع والطاعة لامري،
وأمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب، وكنت المؤدي إليهم عن رسول الله
أمره لا يختلج (4) في نفسي منازعة أحد من الخلق لي في شئ من الامر
في حياة رسول الله صلوات الله عليه وآله ولا بعد وفاته.
ثم أمرهم رسول الله صلوات الله عليه وآله بتوجيه الجيش الذي وجه
مع أسامة عند الذي حدث به من المرض الذي توفاه الله فيه فلم يدع

(1) الفادح: الثقيل.
(2) بادر دمعة: الدمعة التي تبدر بدون اختيار. واللذع، لذعته النار: أحرقته.
(3) الموطن الثاني.
(4) لا يختلج: لا يتحركه شئ من الشك والريبة.
346

أحدا من أبناء قريش ولا من الأوس والخزرج ولا من غيرهم من سائر
العرب ممن يخاف نقضه بيعتي ومنازعة إياي، ولا أحدا يراني بعين
البغضاء ممن قد وترته بقتل أخيه، أو أبيه، أو حميمه إلا وجهه في جيش
أسامة، لامن المهاجرين ولا من الأنصار وغيرهم من المؤلفة قلوبهم،
والمنافقين لتصفو لي قلوب من بقي معي بحضرته (1) ولئلا يقول لي قائل
شيئا مما أكرهه ولا يدفعني دافع عن الولاية، والقيام بأمور رعيته وأمته من
بعده (2).
ثم كان آخر ما تكلم به النبي صلوات الله عليه وآله في شئ من
أمر أمته، أن قال: يمضي جيش أسامة ولا يتخلف عنه أحد ممن انهض
معه، وتقدم في ذلك أشد التقديم، وأوعز فيه غاية الايعاز، وأكد فيه
أبلغ التأكيد.
فلم أشعر بعد أن قبض رسول الله صلوات الله عليه وآله إلا برجال
من بعث أسامة، وأهل عسكره قد تركوا مراكزهم، وخلوا مواضعهم،
وخالفوا أمر رسول الله صلوات الله عليه وآله فيما أنهضهم إليه، وأمرهم به
رسول الله صلوات الله عليه وآله، وتقدم إليهم فيه من ملازمة أميرهم
والسير معه تحت رايته حتى ينفذ إلى (3) الذي أنفذه إليه، وخلفوا
أميرهم مقيما في عسكره، وأقبلوا مبادرين إلى عهد عهده الله ورسوله،
فنكثوه، وعقدوا لأنفسهم عقدا ضبحت فيه أصواتهم، واختلف فيه
آراؤهم من غير مؤامرة، ولا مناظرة لاحد منا بني عبد المطلب أو مشاركة

(1) وفي الأصل 6 من بقي معه من بحضرته.
(2) اي الخلافة والإمامة.
(3) في الخصال 2 / 372: لوجهه.
347

في رأي، أو استقالة لما في أعناقهم من بيعتي، وفعلوا ذلك وأنا برسول الله
صلوات الله عليه وآله مشغول عن سائر الأشياء لأنه كان أهمها إلي،
وأحق ما بدأ به عنها عندي.
وكانت هذه من الفوادح من أفدح ما يرد على القلب مع الذي أنا
فيه من عظيم المحنة، وفاجع المصيبة، وفقد من لا خلف لي منه إلا الله
عز وجل، فصبرت منه!!
(1) ولم يزل القائم (2) بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله يلقاني معتذرا
في كل أيامه يلوم غيره ما ركب (3) به من أخذ حقي (ونقض بيعتي)
ويسألني تحليله، فكنت أقول: تنقضي أيامه ثم يرجع إلي حقي الذي
جعله الله لي عفوا (هينا) من غير أن أحدث في الاسلام - مع قرب عهده
في الجاهلية - حدثا في طلب حقي بمنازعة لعل قائلا أن يقول فيها: نعم،
وقائلا يقول: لا، وجماعة من خواص أصحاب رسول الله صلوات الله عليه
وآله أعرفهم بالنصح لله ولرسوله والعلم بدينه وكتابه يأتوني عودا وبدءا،
وعلانية وسرا فيدعونني إلى أخذ حقي ويبذلون لي أنفسهم في نصرتي
ليؤدوا إلي حق بيعتي في أعناقهم، فأقول: رويدا، وصبرا قليلا! لعل الله
أن يأتيني بذلك عفوا (4) بلا منازعة ولا إراقة دم، فقد ارتاب (5) كثير من
الناس بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله، وطمع في الامر بعده من

(1) وفي الخصال 2 / 372: وأما الثالثة يا أخا اليهود فإن القائم.
(2) إشارة إلى أبي بكر.
(3) وفي الخصال: ما ارتكبه من أخذ.
(4) اي بالطريقة السهلة الميسرة.
(5) من الريب والاسم الريبة وهو الشك.
348

ليس له بأهل، حتى قام كل قوم: منا أمير ومنكم أمير وما طمعوا في ذلك
إلا إذا تولى الامر غيري.
فلما آتت وفاة هذا القائم، وانقضت أيامه صير الامر من بعده
لصاحبه، وكانت هذه أخت تلك محلها من القلوب محلها، فاجتمع إلي
عدة من أصحاب رسول الله صلوات الله عليه وآله. فقالوا فيها مثل الذي
قالوا في أختها، فلم يعد قولي الثاني قولي الأول، صبرا واحتسابا خوفا من
أن تفنى عصابة ألفها رسول الله صلوات الله عليه وآله، باللين مرة،
وبالشدة أخرى حتى لقد كان في تأليفه إياهم إن كان الناس في
الكن (1) والشبع والزي واللباس والوطاء والدثار (2).
ونحن أهل بيت محمد لا سقوف لبيوتنا ولا ستور ولا أبواب إلا
الجرائد وما أشبهها، ولا وطاء لنا ولا دثار علينا، يتداول الثوب الواحد
منها في الصلاة أكثرنا، ونطوي الأيام والليالي جوعا عامتنا، وربما أتانا
الشئ مما أفاء الله تعالى علينا، وصيرة لنا خاصة دون غيرنا فيؤثر به
رسول الله صلوات الله عليه وآله أرباب النعم والأموال تأليفا منه لهم،
فكنت أحق من لم يفرق هذه العصابة التي ألفها رسول الله صلوات الله
عليه وآله ولم يحملها على الخطة التي لا خلاص لها منها (دون بلوغها) لأني
لو نصبت نفسي ودعوتهم إلى نصرتي كانوا مني وفي علي أمور:
إما متبع يقاتل معي، أو ممتنع يقاتلني، أو خاذل لي مقصر عن
نصرتي بخذلانه، فيهلك مقاتلي بقتاله، وخاذلي بتقصيره وخذلانه،
فيحل بهم من مخالفتي ما حل بقوم موسى (في مخالفة هارون وقد علموا أن

(1) ومن المحتمل، الكزم: شدة الاكل، والشبع: الامتلاء.
(2) الدثار ما يتغطى به النائم، الوطاء: الفراش.
349

محلي من رسول الله صلوات الله عليه وآله محل هارون من موسى) (1)
فرأيت تجرع الغصص (2) ورد أنفاس الصعداء أهون علي من ذلك،
وكان أمر الله قدرا مقدورا.
ولو لم أتق ذلك وطلبت بحقي لعلم من بحضرتي أني كنت أكثر
عددا، وأعز عشيرة، وأمنع دارا، وأقوى أمرا، وأوضح حجة، وأكثر في
الدين مناقب وآثارا، لسابقتي وقرابتي (3) ووزارتي فضلا عن استحقاق
ذلك بالوصية التي لا مخرج للعباد منها، والبيعة المتقدمة لي في أعناقهم
ممن تناولها.
ولقد قبض رسول الله صلوات الله عليه وآله وولاية الأمة في يديه و
في بيته لا في أيدي من تناولها ولا في أهل بيته بل في أهل بيته الذين
أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وهم أولو الامر من بعده من
غيرهم في جميع الخصال.
(4) ثم إن القائم (5) بعد صاحبه كان يشاورني في موارد الأمور و
مصادرها، فيصدرها عن رأيي وأمري، ولا يكاد أن يخص بذلك أحدا
غيري، ولا يطمع في الامر بعده سواي. فلما آتته منيته على فجأة بلا

(1) ما بين الهلالين زيادة من نسخة - ب -.
(2) الغصص: الشجى والحزن.
(3) والعجب من الدكتور صبحي صالح عند نقله قول أمير المؤمنين في هذا الصدد ينقله مع عدم
مراعاة الأمانة رغم أن الطبعة الأولى للنهج (الشيخ محمد عبده) موجودة العبارة بكاملها وهي: وا عجباه
أتكون الخلافة بالصحابة ولا تكون بالصحابة والقرابة. وقد نقلها الدكتور في النهج الذي ضبطه ص 502
باب حكم أمير المؤمنين رقم 190: وقال (ع): وا عجباه أتكون الخلافة بالصحابة والقرابة.
(4) وفي الإختصاص للمفيد: وأما الرابعة، يا أخا اليهود.
(5) إشارة إلى عمرو بن الخطاب.
350

مرض كان قبلها، ولا أمر أمضاه في صحة بدنه لم يشك الناس إلا أني قد
استرجعت حقي في عاقبته بالمنزلة التي كنت رجوت والعاقبة التي كنت
التمست، وأن الله عز وجل سيأتيني بذلك على (أحسن) ما رجوت وأفضل
ما أملت.
وكان من فعله الذي ختم به أمره أن سمى خمسة (1) أنا سادسهم
لم يسق (2) واحد منهم معي قط في حال توجب له ولاية الامر من قرابة، ولا
فضيلة، ولا سابقة، ولا لواحد منهم مثل واحدة من مناقبي، ولا أثر من
آثاري، فصيرها شورى بيننا، وصير ابنه (3) فيها حاكما علينا وأمره
بضرب أعناق الستة الذين صير فيهم إن هم أبوا أن يختاروا واحدا منهم،
وكفى بالصبر على هذه.
فمكث القوم أياما كل يخطبها لنفسه، وأنا ممسك لا أقول في ذلك
شيئا، فإذا سألوني عن أمري ناظرتهم في أيامي وأيامهم، وآثاري
وآثارهم، وأوضحت لهم ما جهلوه من وجوه استحقاقي لها دونهم،
وذكرتهم عهد رسول الله صلوات الله عليه وآله في إليهم وتأكيده ما أخذ
لي من البيعة عليهم، فإذا سمعوا ذلك مني دعاهم حب الامارة وبسط
الأيدي والألسن في الأمر والنهي، والركون إلى الدنيا وزخرفها إلى
الاقتداء بالماضين قبلهم وتناول ما لم يجعل الله عز وجل لهم، فإذا خلى بي
الواحد بعد الواحد منهم (4)، فذكرته أيام الله وما هو قادم عليه وصائر
إليه، التمس مني شرط طائفة من الدنيا أصيرها له.

(1) وهم عثمان بن عفان وطلحة بن عبد الله والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمان
بن عوف.
(2) وفي الخصال: يستوني.
(3) عبد الله بن عمر.
(4) وفي الخصال: فإذا خلوت بالواحد ذكرته.
351

فلما لم يجدوا عندي إلا المحجة البيضاء (1) والحمل على كتاب الله
جل ذكره وسنة رسول الله صلوات الله عليه وآله، وإعطاء كل امرئ
ما جعله الله عز وجل له. شكك القوم مشكك (2) فأزالها (3) إلى ابن عفان
طمعا في الشحيح معه فيها، وابن عفان رجل لم يستوبي (4)، ولا بواحد ممن
حضر فضيلة من الفضائل ولا مأثرة من المآثر.
ثم لا أعلم القوم ما أمسوا في يومهم ذلك حتى ظهرت ندامتهم،
ونكصوا على أعقابهم، وأحال بعضهم على بعض كل يلوم نفسه ويلوم
أصحابه.
ثم لم تطل الأيام بالسفير لابن عفان حتى كفره، ومشى إلى أصحابه
خاصة، وأصحاب محمد عامة يستقيلهم من بيعته ويتوب إلى الله من
(فتنته) (5).
وكانت هذه أكبر من أختيها، وأفظع، وأخرى أن لا يصبر عليها، فلم
يكن عندي فيها إلا الصبر، ولقد أتاني الباقون من الستة من يومهم الذي
عقدوا فيه لابن عفان ما عقدوه، وكل راجع عنه، يسألني خلع ابن
عفان، والقيام في حقي، ويعطيني صفقته وبيعته على الموت تحت رايتي:
أو يرد الله إلي حقي، وبعد ذلك مرارا كثيرة فيأتوني في ذلك وغيرهم،
فوالله ما منعني منها إلا ما منعني من أختيها قبلها، ورأيت الابقاء على من
بقي أبهج بي وأسر.

(1) اي: الدليل القاطع.
(2) وفي الاختصاص ص 168: شد من القوم مستبد فأزالها.
(3) إشارة إلى بيعة عبد الرحمان بن عوف لعثمان.
(4) وفي الخصال والاختصاص: لم يستو به.
(5) وفي الأصل: فثنته
352

ولو حملت نفسي على ركوب الموت لركبته، ولقد علم من حضر، و
من غاب من أصحاب محمد صلوات الله عليه وآله إن الموت عندي بمنزلة
الشربة الباردة من الماء في اليوم الحار من ذي العطش الصدي (1) ولقد
كنت عاهدت الله أنا وعمي حمزة وأخي جعفر وابن عمي عبيدة (2) على
ذلك الله ولرسوله، فتقدموني وبقيت أنتظر أجلي، فأنزل الله عز وجل
فينا: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى
نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ") (3).
وما أسكتني عن ابن عفان إلا أني علمت أن أخلاقه فيما أخبرت
عنه ما لا تدعه حتى تستدعي الأقارب فضلا عن الأباعد إلى خلعه وقتله،
فصبرت حتى كان ذلك، ولم أنطق فيه بحرف من لا، ولا نعم.
ثم أتاني الامر - علم الله - وأنا له كاره لمعرفتي بالناس وبما يطعمون
فيه مما قد عودوه، وأن ذلك ليس لهم عندي، فكان ذلك كذلك.
(4) واتاني فيه من أتاني فلما لم يجدوه عندي وثبوا المرأة علي، وأنا ولي
أمرها، والوصي عليها، فحملوها على الجمل، وشدوها على الرحل،
واقبلوا بها تخبط الفيافي (5) وتقطع الصحاري، وتنبحها كلاب الحوأب
وتظهر فيها علامات الندم - في كل ساعة، وعند كل حالة - في عصبة قد
بايعوني ثانية بعد بيعتهم لي في حياة رسول الله صلوات الله عليه وآله أولا،

(1) وفي نسخة - ب - عند ذي العطش الصأدي.
(2) وهو عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب في غزوة بدر كما سيأتي.
(3) الأحزاب 23.
(4) وهنا يبدأ الموطن الخامس.
(5) خبط البعير الأرض بيده خبطا: ضربها. والفيافي جمع الفيفي والفيفاء: المغازة التي لا ماء فيها
والمكان المستوي.
353

حتى أتوا بها بلدة قليلة عقولهم وعارية آراؤهم.
فوقفت من أمرهم على اثنتين (1) - كلاهما فيهما المكروه -: إن كففت
لم يرجعوا، وإن أقدمت كنت قد صرت إلى الذي كرهته، فقدمت الحجة
في الاعذار والانذار، ودعوت المرأة إلى الرجوع إلى بيتها، والقوم الذين
حملوها على الذي حملوها عليه إلى الوفاء ببيعتهم والترك
لنقضهم عهد الله وأعطيتهم من نفسي كل الذي قدرت عليه منها،
وناظرت بعضهم فانصرف (2)، وذكرته فذكر.
ثم أقبلت على الباقين بمثل ذلك فما ازدادوا إلا جهلا، وتماديا،
وعتوا وأبوا إلا ما صاروا إليه، وكانت عليهم الدائرة (3) والكرة وحلت
بهم الهزيمة والحسرة وفيهم الفناء. وحملت نفسي على التي لم أجد منها بدا،
ولم يسعني إذ تقلدت الامر آخرا مثل الذي وسعني فيه أولا من الاغضاء
والامساك.
ورأيت أني إن أمسكت كنت معينا لهم على ما صاروا إليه
بإمساكي، وما طمعوا فيه من تناول الأطراف وسفك الدماء وهلاك
الرعية وتحكيم النساء الناقصات العقول على الرجال كعادة بني
الأصفر (4) ومن مضى من ملوك سباء (5) والأمم الخالية. فأصير إلى ما

(1) وفي الأصل: من أمورهم على اثنتين.
(2) إشارة إلى الزبير بن العوام، راجع الحديث رقم 342.
(3) الدبرة: بفتحتين الهزيمة في القتال وهي اسم من الادبار مختار الصحاح 197. وفي الأصل
الدايرة.
(4) يعني أهل الروم لان أباهم كان أصفر اللون.
(5) وفي كتاب العرب قبل الاسلام 2 / 348 قائمة بأسماء ملوك سباء وأحوالهم، والمرأة هي بلقيس
التي أنشأت سد مأرب.
354

كرهت أولا، إن أهملت أمر المرأة آخرا (1)، وما هجمت على الامر إلا
بعد أن قدمت، وأخرت، وراجعت، وأزمعت، وسايرت، وراسلت،
وأعذرت، وأنذرت، وأعطيت القوم كل شئ التمسوه مما لا يخرج من
الدين، فلما أبوا إلا تلك تقدمت فتمم الله فيهم أمره، وكان الله عز وجل
عليهم شهيدا.
(2) ثم تحكيم الحكمين في وفي ابن آكلة الأكباد معاوية وهو طليق ابن
طليق، لم يزالا يعاندان الله ورسوله والمؤمنين مذ بعث الله عز وجل علينا
محمدا صلى الله عليه وآله إلى أن فتح الله علينا مكة، فأخذت بيعته،
وبيعة أبيه لي في ذلك اليوم في ثلاثة مواطن، وأبوه بالأمس أول من أخذ
بيدي يسلم علي بإمرة المؤمنين (3)، ويحصني على النهوض في أخذ حقي من
الماضين، وهو في كل ذلك يجدد لي بيعته كلما أتاني، ثم قالت هذا (4)
علي مما يطعم من أموال المسلمين وتحكم علي ليستديم ما يفنى بما يفوته مما
يبقى. وأعجب العجب إنه لما رأى الله عز وجل قد رد إلي حقي، وأقره في
معدنه عندي، فانقطع طمعه أن يصبح في دين الله تعالى راتعا، وفي
أمانته التي حملتها حاكما.
اعتمد على عمرو بن العاص (5) فاستماله بالطمع، فمال إليه. ثم
أقبل بعد أن أطعمه مصر، وحرام عليه أن يأخذ من الفئ درهما واحدا

(1) وفي الاختصاص ص 170: فأصير إلى ما كرهت أولا وآخرا.
(2) الموطن السادس.
(3) إشارة إلى أبي سفيان عند بيعة أبي بكر جاء لأمير المؤمنين (ع) وهو يغسل رسول الله صلى الله عليه وآله
وطلب منه النهوض.
(4) وفي الاختصاص: ثم يتثاءب علي.
(5) وفي نسخة - ب - العاصي بن العاص.
355

فوق قسمته، وعلى الراعي إيصال درهم إليه فوق حقه، والاغضاء له من
غير حقه، وأخذ يخبط البلاد بالظلم فيطؤها بالغشم (1)، فمن تابعه
أرضاه، ومن خالفه ناواه ثم توجه إلي ناكثا (2) عائثا في البلاد شرقا و
غربا ويمينا وشمالا، والانباء تأتيني والاخبار ترد علي.
فأتاني أعور ثقيف (3)، فأشار علي أن أوليه الناحية التي هو بها
لاراديه ذلك، وكان في الذي أشار به علي الرأي فيأمر الدنيا لو وجدت
عند الله مخرجا في توليته، وأصبت لنفسي فيما أتيت من ذلك عذرا،
فأعملت فكري في ذلك، وشاورت فيه من أثق به وبنصيحته الله
ولرسوله وللمؤمنين (4) وكان رأيه في ابن آكلة الأكباد (5) كرأبي فيه
ينهاني عن توليته، وحذرني أن أدخله في أمر المسلمين، فلم يكن الله ليعلم
أني متخذ المضلين عضدا، فوجهت إليه أخا بجيلة (6) وأخا الأشعريين
مرة (7) وكلاهما ركنا إلى ديناه، واتبعا هواه.
فما لم أره يزداد فيما هتك من محارم الله عز وجل إلا تماديا شاورت
من معي من أصحاب محمد صلوات الله عليه وآله البدريين الذين
ارتضى الله أمرهم للمسلمين فكل (8) يوافق رأيه (رأي في) غزوته،

(1) الغشم: الظلم وبابه ضرب (مختار الصحاح ص 475).
(2) وفي الأصل: ناكصا.
(3) إشارة إلى مغيرة بن شعبة الثقفي.
(4) وفي نسخة ب: للمسلمين.
(5) ابن آكلة الأكباد هو معاوية وأمه التي أكلت كبد حمزه حقدا وتشفيا.
(6) إشارة إلى جرير بن عبد الله البجلي.
(7) يعني: زياد بن النضر أو أبا موسى الأشعري. ويشير المؤلف إلى قضيتهما فيما بعد.
(8) وفي الأصل: فكلا.
356

ومحاربته، ومنعه مما مد إليه يده.
فنهضت إليه بأصحابي انفذ إليه من كل موضوع كتبي، وأوجه إليه
من كل ناحية رسلي أدعوه إلى الرجوع عما هو فيه والدخول فيما دخل فيه
الناس معي، فمكث يتحكم علي الاحكام ويتمنى علي الأماني، ويشترط
علي شروطا لا يرضاها الله ولا رسوله ولا المسلمون.
فشرط علي في بعضها أن أدفع إليه قوما من أصحاب محمد صلوات
الله عليه وآله أخيار أبرار فيهم عمار بن ياسر، رحم الله عمارا! وأين مثل
عمار؟ لقد رأيناه مع رسول الله صلوات الله عليه وآله ما يتقدم منا خمسة
إلا كان عمار سادسهم ولا أربعة الا كان خامسهم، فاشترط أن يقتلهم
ويصلبهم.
وانتحل دم عثمان. ولعمر الله ما ألب على عثمان ولا حمل الناس
على قتله إلا هو، وأشباهه من أهل بيته أغصان الشجرة الملعونة في القرآن.
فلما لم أجبه إلى ما اشترط من ذلك كر علي الدنيا مستعليا بطائفة
حمر (1) لا عقول لهم ولا بصائر، فأعطاهم من الدنيا ما استمالهم به،
فحاكمناه إلى الله بعد الاعذار والانذار.
فلما لم يزده ذلك إلا تماديا لقيناه بعادة الله التي عودنا من النصر على
عدوه وعدونا، وراية رسول الله صلوات الله عليه وآله معنا، فلم نزل نقلله
ونقلل حزبه حتى قضى الموت إليه وهو معلم برايات أبيه التي لم أزل
أقاتلها مع رسول الله صلوات الله عليه وآله في كل موطن (2).
فلما (لم) يجد من القتل (بدا إلا الهرب) ركب فرسه وقلب رأسه لا

(1) وفي نسخة الأصل: مستغلبا بطغامنا بجمر.
(2) إشارة إلى غزوات رسول الله صلى الله عليه وآله وحروبه مع قريش.
357

يدري كيف يصنع واستغاث بعمرو بن العاص (1)، فأشار إليه بإظهار
المصاحف ورفعها على الاعلام والدعاء إلى ما فيها، وقال له: إن ابن أبي
طالب ومن معه أهل بصيرة ورحمة، وقد دعوك إلى كتاب الله أولا وهم
يجيبونك إليه آخرا، فأطاعه فيما أشار به عليه إذ رأى أنه لا ملجأ (2) له
من القتل والهرب، فرفع المصاحف يدعو إلى ما فيها بزعمه.
فمالت إلى المصاحف قلوب من بقي من أصحابي بعد فناء خيارهم
بجدهم (3) في قتال أعدائهم على بصائرهم، وظنوا بابن آكلة الأكباد
الوفاء بما دعى إليه، وأصغوا (4) إلى دعوته، وأقبلوا إلي بأجمعهم يسألون
إجابته، فأعلمتهم أن ذلك منه مكر ومن ابن العاص، وهما إلى النكث
أقرب منهما إلى الوفاء، فلم يقبلوا قولي، ولم يطيعوا أمري، وأبوا إلا
الإجابة، وأخذ بعضهم يقول لبعض: إن لم يفعل فالحقوه بابن عفان أو
فادفعوه إلى معاوية.
فجهدت يعلم الله جهدي ولم أدع علم غاية في نفسي وأردت أن
يخلوني ورأيي، فلم يفعلوا، ودعوتهم إليه فلم يجيبوا لي ما خلا هذا الشيخ
وحده وعصبة (5) من أهل بيته قليلة وأومأ إلى مالك الأشتر النخعي
فوالله ما منعني من أن أمضي على بصيرتي إلا مخافة أن يقتل هذا وهذا
وأومأ بيده إلى الحسن والحسين عليهما السلام فينقطع نسل رسول الله
صلوات الله عليه وآله وذريته (6)، وأن يقتل هذا وهذا وأومأ بيده إلى
محمد بن الحنفية و عبد الله بن جعفر ره فإنه لولا مكاني لكان ذلك.

(1) وفي نسخة ب: العاصي بن العاص.
(2) وفي الخصال: لا منجي له.
(3) وفي الأصل: بخرقهم.
(4) وفي الأصل: فأسرعوا.
(5): جماعة.
(6) وفي الأصل: وفديته.
358

فلذلك صبرت وصرب إلى ما أراد القوم (1) مع ما سبق فيه من علم الله
عز وجل.
فلما رفعنا عن القوم سيوفنا تحكموا في الامر بالأهواء، وتخيروا في
الاحكام والآراء، وتركوا المصاحف وما دعوا إليه من حكم القرآن ودعوا
إلى التحكيم، فأبيت أن أحكم في دين الله سبحانه أحدا إذ كان
التحكيم في ذلك الخطاء الذي لا أشك فيه.
فلما أبوا إلا ذلك أردت من أصحابي أن يجعلوا الحاكم رجلا من
أهل بيتي ممن أرضى رأيه وعقله، وأثق بدينه ونصحه ومودته، وأن يكون
الحكم بكتاب الله الذي دعوا إليه، وعلمت أن كتاب الله كله يشهد لي
على معاوية، فأبي علي أصحابي، وأقبلت لا اسمي رجلا إلا امتنع علي
ابن هند، ولا أدعو إلى شئ من الحق إلا أدبر عنه، ولا يسومنا
خسفا إلا تابعه أصحابنا عليه.
فلما أبوا إلا ما أراد من ذلك (2) تبرأت إلى الله عز وجل منهم، فقلدوا
الحكم امرءا كان صبغ في العلم، ثم خرج منه، وقد عرفت وعرفوا أولا
ميله إلى ابن هند، وأخذه من دنياه، فحذرته، وأوصيته، وتقدمت إليه في
أن لا يحكم إلا بكتاب الله الذي دعا القوم إليه، فخدعه ابن العاص
خديعة سارت في شرق الأرض وغربها، وأظهر المخذوع عليها ندما (3).
(4) وكان رسول الله صلوات الله عليه وآله عهد إلي أن أقاتل في آخر

(1) من قبول التحكيم.
(2) وفي الخصال ص 381: فلما أبوا إلا غلبتي على التحكيم.
(3) إشارة إلى أبي موسى الأشعري.
(4) الموطن السابع.
359

أيامي قوما من أصحابي يصومون النهار ويقومون الليل ويقرأون القرآن
يعرفون بخلافهم إياي ومحاربتهم لي، يمرقون من الدين كما يمرق السهم
من الرمية، فيهم ذو الثدية، يختم الله بقتلهم لي السعادة، فلما انصرفت من
ابن هند بعد أمر الحكمين، أقبل أصحابي بعضهم على بعض باللائمة فيما
صاروا إليه من تحكيم الحكمين فلما لم (1) يجدوا لأنفسهم من ذلك مخرجا
إلا أن قالوا: كان ينبغي لأميرنا أن لا يتابع ما أخطأنا من رأينا وأن
يمضي بحقيقة رأيه على قتل من خالفه منا، فقد ظلم بمتابعته إيانا وطاعته
في الخطاء لنا، فقد حل لنا دمه. فاجمعوا على ذلك من حالهم، وخرجوا
ناكسين (2) رؤوسهم ينادون بأعلى أصواتهم أن لا حكم إلا لله.
ثم تفرقوا فرقا، فرقة بالنخيلة، وفرقة بحروراء، وفرقة راكبة رؤوسها
تخبط الأرض حتى عبرت دجلة، فلم تمر بمسلم إلا امتحنته، فمن تابعها
استحيت، ومن خالفها قتلت.
فخرجت إلى الأولتين، واحدة بعد الأخرى، أدعوهم إلى طاعة الله
ومتابعة الحق والرجوع إليه، فأبتا إلا السيف لا يقنعهم غيره.
فلما أعيت الحيلة (3) فيهما حاكمتهما إلى الله، فقتل الله هذه وهذه
(ولولا ما فعلوا) وكانوا لي ركنا قويا وسدا منيعا (4)، فأبى الله إلا ما
صاروا إليه، وكانوا (قد) سارعوا في قتل من خالفهم من المسلمين.
ثم كتبت إلى الفرقة الثالثة، ووجهت إليها رسلا تترى (5)، وكانوا
من جلة أصحابي، وأهل الثقة منهم، فأبت إلا اتباع أختيها، والاحتذاء

(1) وفي نسخة - ب -: فلم.
(2) وفي نسخة - ب -: راكبين.
(3) فشلت المحاولات السلمية.
(4) وفي الأصل: وسندا منيعا.
(5) أبي واحدا بعد واحد.
360

على مثالهما. وأسرعت في قتل من خالفها (1) من المسلمين وتتابعت
الاخبار بفعلهم، فخرجت حتى قطعت إليهم دجلة (2) أوجه إليهم
السفراء والنصحاء وأطلب إليهم العتبى بجهدي (3) بهذا مرة، وبهذا مرة،
وبهذا مرة، وبهذا مرة - وأومأ بيده إلى الأشتر والأحنف بن قيس، وسعيد
بن قيس (الأرحبي) والأشعث (بن قيس) الكندي.
فلما أبوا إلا تلك ركبتها منهم، فقتلهم الله عز وجل عن آخرهم - وهم
أربعة آلاف أو يزيدون - حتى لم يبق منهم مخبر. ثم استخرجت ذا الثدية
من قتلاهم بحضرة من ترون له ثدي كثدي المرأة (4).
فهذه سبع مواطن، امتحنت فيها بعد رسول الله صلوات الله عليه
وآله، وبقيت الأخرى وأوشك بها أن تكون.
قالوا يا أمير المؤمنين وما هذه الأخرى؟؟
قال: أن تخضب هذه وأشار إلى لحيته من هذه وأومأ إلى هامته
عليه الصلاة السلام.
فارتفعت أصوات الناس بالبكاء، والضجيج في المسجد الجامع
بالكوفة حتى لم يبق بالكوفة دار إلا خرج أهلها فزعا من الضجيج.
(تنبيه)
ولعل من قصر فهمه، وقل عقله إذا سمع ما في هذا الباب من رغبة علي

(1) وفي الأصل: خالفهما.
(2) اسم نهر في العراق.
(3) وفي الأصل: كهدي. والعتبى: الرجوع عن الإساءة إلى المسيرة.
(4) وقد أورد المؤلف في الجزء الخامس روايات عديدة حول ذي الثدية.
361

صلوات الله عليه في أمر الإمامة (1)، واحتجاجه على من دفعه عن ذلك يتوهم
أن ذلك منه رغبة في الدنيا، وقد علم الخاص والعام بلا اختلاف منهم: زهده
كان عليه الصلاة والسلام فيما قبل أن يلي الامر، ومن بعد أن وليه.
وإنما كان ذلك منه لان الإمامة قد عقدها له رسول الله صلوات الله عليه
وآله بأمر الله جل ذكره، كما ذكرت في غير موضع من هذا الكتاب، وهي (2)
فضيلة من الله عز وجل لمن أقامه لها، فليس ينبغي لمن آثره الله عز وجل بها و
اختصه بفضلها رفضها ولا دفعها ولا التخلف عنها، كما لا ينبغي مثل ذلك أن
يفعله من آثره الله عز وجل بفضل النبوة من أنبيائه، وقد قاموا بذلك صلوات الله
عليهم أجمعين مغتبطين بذلك راغبين فيه، وجاهدوا عليه وبذلوا أنفسهم دونه.
وليس سبيله في ذلك عليه الصلاة والسلام سبيل من لم يعهد إليه رسول
الله صلوات الله عليه وآله فيه ولا أمره به ولا أقامه له. والحجة في هذا وفي تحكيم
الحكمين وقتال من قاتله تخرج عن حد هذا الكتاب، وقد ذكرناه ذلك في غيره.

(1) وفي الأصل: أمر الأمة.
(2) وفي الأصل: فيه.
362

(من منابع الاختلاف)
فهذه جملة اختصار ذكر من حاربه صلوات الله عليه، وكيف تصرف به
الحال بعد النبي صلوات الله عليه وآله. وفي جملة ما حكاه عليه السلام من هذا
القوم الذي ذكرناه، وقع الاختلاف بين الأمة بعد النبي صلوات الله عليه
وآله.
(يوم السقيفة)
وكان أول اختلاف كان في الأمة بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله
ما جرى بين المهاجرين والأنصار يوم السقيفة، إذ أراد الأنصار أن يقيموا منهم
أميرا، فخالفهم من جاءهم من المهاجرين.
فقالت الأنصار: فيكون منا أمير ومنكم أمير.
فاحتجوا عليهم بأن النبي صلوات الله عليه وآله قال: الإمامة في قريش.
فسلم الأنصار لهم ذلك خلا سعد بن عبادة.
وانقطعت دعوى الأنصار أن تكون مخصوصة بالإمامة دون غيرها! (خلا
سعد بن عبادة ورجال من أفناء العرب إذ لم يعلم ممن هو) (1) وتابع قولها قوم،

(1) وما بين الهلالين لم يكن في نسخة - ب -.
363

فزعموا أن الامام يكون من أفناء الناس.
وفارقت الشيعة الجماعة الذين اجتمعوا على بيعة أبي بكر، فأنكرت بيعة
أبي بكر... وقالوا: الامام بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله علي الصلاة
والسلام. وبقي الاختلاف في ذلك إلى اليوم.
والحجة في إمامة علي صلوات الله عليه يخرج عن حد هذا الكتاب، وتقطع
مما قصدت (1) إليه، وقد بسطت ذلك في كتاب الإمامة.
(مقتل ابن النويرة وأصحابه)
ثم انفرد أبو بكر بقتال أهل الردة بعده، وهم الذين منعوه زكاة أموالهم،
وخالفه سائر الناس في ذلك، فأصر عليه وقال: لو منعوني عقالا لقاتلتهم عليه،
فتابعه قوم، وبقي على خلافه جماعة منهم.
والاختلاف في ذلك باق إلى اليوم.
ومن الناس من يرى أن قتالهم وقتلهم كان صوابا.
ومنهم من يرى أن ذلك كان خطأ وظلما.
(مقتل ابن عفان)
ثم اختلفوا في أمر عثمان.
فرأى قوم قتله، فقتلوه. ونصره قوم، ولم يروا قتله، وقعد عن نصرته، وعن
القيام عليه آخرون. فهذا الاختلاف في أمره باق إلى اليوم (2).
ومن الناس من يرى أن القيام عليه لما أحدث ما أحدثه كان حقا و

(1) وفي الأصل: انقطع عن قصدته. وما نقلته من نسخة - ب -.
(2) من: ثم اختلفوا. باق إلى اليوم لم يكن في نسخة - ب -.
364

صوابا، وقتله لما امتنع كذلك كان حقا وصوابا.
ومن الناس من أنكر القيام عليه، ورأي أنه قتل مظلوما.
ومن الناس من يرى الاعراض عن ذلك وترك القول فيه هو الصواب والحق. (خلافة أمير المؤمنين عليه السلام)
ثم بايع عليا صلوات الله عليه عامة المهاجرين والأنصار واتفق الناس
عليه خلا من شذ ومن تخلف عنه للتقية على نفسه مثل معاوية بن أبي سفيان و
نظرائه (1) والأمة (ذلك) اليوم مجمعون على استخلافه عليه الصلاة والسلام.
ثم افترقت عنه الخوارج بعد تحكيم الحكمين، فزعموا أن إمامته سقطت من
يومئذ، وهم إلى اليوم على ذلك، والحجة عليهم تخرج أيضا عن حد هذا
الكتاب وقد أفردت كتابا في الرد عليهم، فمن آثر النظر في ذلك وجده فيه.
فأما خروج عائشة وطلحة والزبير وخلافهم على علي صلوات الله عليه،
فقد انقطع ذلك الخلاف ولا أعلم أحدا تابعهم عليه.
فأما خلاف معاوية على علي صلوات الله عليه فقد تعلقت به بنو أمية - أعني
المتوثبين منهم على الإمامة وأتباعهم - فهم على ذلك إلى اليوم يتولونه ويزعمون
أنه كان مصيبا في خلافه، والحجة على هؤلاء مذكورة في كتاب الإمامة الذي
قدمت ذكره فمن آثر علم ذلك وجده فيه.
(نتائج الاختلاف)
ثم هذه الفرق التي ذكرناها تتشعب ويحدث في أهلها الاختلاف إلى

(1) أمثال عبد الله بن عمرو سعد بن أبي وقاص ومروان بن الحكم.
365

اليوم.
وأصلها ست فرق:
شيعة.
وعامة.
وخوارج (1).
ومعتزلة (2).
ومرجئة (3).
وحشوية.
(الشيعة)
فالشيعة: هم شيعة علي صلوات الله عليه القائلون بإمامته.
وهم أقدم الفرق، وأصلها الذي تفرعت عنه، ورسول الله صلوات الله

(1) وقد تعرض المؤلف إلى هذه الفرق وردها في أرجوزته من ص 38 - ص 92.
(2) وهم الذين اعتزلوا عن علي وامتنعوا من محاربته والمحاربة معه بعد دخولهم في بيعته والرضا به، وقالوا: لا يحل قتال علي ولا القتال معه.
(3) وهم الذين تولوا المختلفين جميعا (معاوية وطلحة والزبير وعائشة) وزعموا أن أهل القبلة كلهم
مؤمنون بإقرارهم الظاهر بالايمان ورجوا لهم جميعا المغفرة.
وهم أربع فرق:
1 - الجهمية: أصحاب جهم بن صفوان وهم مرجئة أهل خراسان.
2 - الغيلانية: أصحاب غيلان بن مروان وهم مرجئة أهل الشام.
3 - الماصرية: أصحاب عمرو بن قيس الماصر وهم مرجئة أهل العراق ومنهم (أبو حنيفة).
4 - الشكاك والبترية وهم أصحاب الحديث منهم سفيان بن سعيد الثوري وابن أبي ليلي. وهم
الحشوية، ومن أقوالهم: على الناس أن يجتهدوا آراءهم في نصب الإمام، وجميع حوادث الدين والدنيا إلى
اجتهاد الرأي. وأنكره بعضهم.
366

عليه وآله سماها بهذا الاسم. وقال: شيعة علي هم الفائزون. وقال لعلي
عليه السلام: أنت وشيعتك. في آثار كثيرة رويت عنه.
وسنذكر في هذا الكتاب ما يجري ذكره إن شاء الله تعالى. وغير ذلك من
الفرق محدثة أحدثت بعد النبي صلوات الله عليه وآله.
(أهل السنة والجماعة)
والذي تعلق العامة به من قولهم: إنهم أهل السنة والجماعة، وإن النبي
صلوات الله عليه وآله ذكر السنة والجماعة وفضلهما (1).
فالسنة سنة رسول الله صلوات الله عليه وآله لا يتهيأ لاحد أن يقول: إنها
سنة غيره. والجماعة الذين عناهم رسول الله صلوات الله عليه وآله بالفضل هم المجتمعون.
على القوم بكتاب الله جل ذكره وسنة رسوله صلوات الله عليه وآله،
(فأما من قال في دين الله والحلال والحرام والقضايا والأحكام برأيه وبقياسه
واستحسانه وبغير ذلك مما هو من ذات نفسه، فليس من أهل السنة) (2) ولا
من الجماعة التي أثنى عليها رسول الله صلوات الله عليه وآله، وقد سئل صلوات الله
عليه وآله عن السنة والجماعة لما ذكرهما: ما هما؟. فقال: ما أنا عليه
وأصحابي. وذلك أن أصحابه كانوا متفقين عليه غير مختلفين ولا قائلين بشئ
إلا بما جاء عن الله سبحانه وعن رسوله صلوات الله عليه وآله. فأهل السنة
والجماعة من كان على مثل ذلك متدينا بإمامة إمام زمانه صلوات الله عليه
يأخذ عنه ويطيعه كما أمر (3) الله جل ذكره. والقول في مثل هذا والحجة فيه

(1) فجملة (ان النبي ذكر السنة والجماعة) لم تكن في الأصل بل في نسخة - ب -.
(2) ما بين الهلالين من نسخة - ب -.
(3) وفي نسخة - ب - أخبر.
367

تطول وتتسع.
ولما ذكرنا في هذا الباب الذي رسمناه بذكر - حرب علي صلوات الله عليه
من فارقه - جملة قوله في حروبه. رأينا بعد ذلك أن تذكر نكتا مما جاءت به
الاخبار في ذلك والآثار كما شرطنا أن نذكر مثل ذلك في كل باب.
368

(خطبة علي عليه السلام بعد بيعته)
(316) فمن ذلك ما روي عن علي صلوات الله عليه أن خطب الناس بعد
أن بايعوه بيومين بالخطبة التي رمز فيها بأمثال ذكرها.
وهي، أنه عليه الصلاة والسلام: حمد الله عز وجل وأثنى عليه بما هو
أهله وصلى على النبي صلوات الله عليه وآله، وذكر فضله وما خصه الله
عز وجل به، ثم قال:
أيها الناس أوصيكم بتقوى الله فإنها نجاة لأهلها في الدنيا وفوز لهم
في معادهم في الآخرة، وخير ما تواصى به العباد، وأقربه من رضوان الله
وخير الفوائد عند الله، وبتقوى الله بلغ الصالحون الخير، ونالوا الفضيلة
وحلوا الجنة وكرموا على الله خالقهم عز وجل، بتقواهم الذي به أمرهم.
ثم احذروا عباد الله من الله ما حذركم من نفسه، واعملوا بما أمركم
الله بالعمل به مجاهدين لأنفسكم فيه، واضربوا عما حذركم منه، وتناهوا
عنه، فإنه من يعمل لغير الله يكله إلى من عمل له، ومن يعمل الله
بطاعته يتولى الله أمره، وإن الله لم يخلقكم عبثا ولم يدع شيئا من أمركم
سدى، وقد سمى آجالكم وكتب آثاركم، فلا تغرنكم الحياة الدنيا فإنها
غرارة لأهلها مغرور من اغتر بها وإلى الفناء ما هي، (وإن الدار الآخرة
لهي الحيوان لو كانوا يعلمون). نسأل الله منازل الشهداء ومرافقة
369

الأنبياء، ومعيشة السعداء، فإنما نحن به وله.
أما بعد ذلكم، فإنه لما قبض رسول الله صلوات الله عليه وآله
استخلف الناس أبا بكر، وقد استخلف أبو بكر عمر، ثم جعلها عمر
شورى بين ستة من قريش أنا أحدهم، فدار الامر لعثمان، وعمل ما قد
عرفتم وأنكرتم، وقد حصره المهاجرون والأنصار، وإنما أنا رجل واحد من
المهاجرين لي مالهم وعلي ما عليهم، ألا وقد فتح الباب بينكم وبين أهل
القبلة، ولا يحمل هذا الامر ولا يضطلع به إلا أهل الصبر والبصيرة (1)
بمواضع الحق، ألا إني حاملكم على منهاج نبيكم صلى الله عليه وآله ما
استقمتم عليه، وركنتم إليه، وماض لما أمرت به، والله المستعان.
أيها الناس، موضعي من رسول الله صلوات الله عليه وآله بعد وفاته
لموضعي منه في حياته، ألا وإنه لم (2) يهلك قوم ولوا أمرهم أهل بيت
نبيهم - أهل العلم والصفوة -، ألا وإن مواريث الأنبياء عندي مجتمعة
فاسألوني (واسألوا واسللوا) (3) فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة لئن
سألتموني عن العلم المخزون، وعن علم ما يكون، وعن علم ما لا تعلمون
لأخبرتكم بذلك مما أعلمنيه النبي الصادق عن الروح الأمين عن رب
العالمين.
أيها الناس، امضوا لما تؤمرون به وقفوا عندما تنهون عنه ولا تعجلوا في
أمر تنكرونه حتى تسألونا عنه، فإن عندنا لكل ما تحبون أمرا، وفي كل
ما تكرهون عذرا.

(1) وفي نسخة - ب -: والنظر بدل البصيرة.
(2) وفي الأصل: لن.
(3) ما بين الهلالين من نسخة - ب -.
370

أيها الناس، إن أول من بغى في الأرض، فقتله الله لبغيه: عناق
بنت آدم عليه السلام، خلق الله لها عشرين وإصبعا، طول كل إصبع منها
ذراعان وفي كل إصبع منها ظفران محددان (1) طويلان معقفان. وكان
موضع مجلسها في الأرض جريبا (2) (فبغت في الأرض ثمانين سنة)، فلما
بغت في الأرض خلق الله لها أسدا كالفيل ونسرا كالبعير وذئبا كالحمار
(فسلطهم عليها فمزقوها، فقتلوها) (3) وأكلوها وأراح الله منها. (ثم قتل
الله الجبابرة في زمانها) وقد قتل الله فرعون وهامان وخسف بقارون (4) ثم
قد عادت بليتكم مثلها مذ قبض الله نبيكم صلوات الله عليه وآله.
إيم الله لتغربلن غربلة ثم لتبلبلن بلبلة ولتساطن كما يساط القدر (5)
حتى يصير أعاليكم أسافلكم وأسافلكم أعاليكم، وليسبقن قوم قوما قد
كانوا سبقوا (6)، أما والله ما انتحلت وصمة (7) ولا كذبت كلمة (8).
ألا وإن الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها. (وخلعت لجمها)،

(1) وفي الأصل: مجردان. وأيضا: طويلان معممان.
(2) الجريب وحدة مساحية تساوي ستين ذراعا مربعا.
(3) هذه الزيادة في اثبات الوصية للمسعودي ص 126.
(4) وقد أضاف المسعودي في نقله ما يلي: وخسف بقارون وقد قتل عثمان وكان حق لي حازه
من لم آمنه عليه، ولم أشركه فيه، فهو منه على شفا حفرة من النار لا يستنقذه منها إلا نبي مرسل يتوب على
يديه، ولا نبي بعد محمد صلى الله عليه وآله.
(5) لتبلبلن: لتخلطن، لتغربلن: لتميزن. لتساطن: من السوط: وهو أن تجعل شيئين في الاناء و
تضربها بيديك حتى يختلط. سوط القدر: أي كما يختلط الابزار في القدر عند غليانه.
(6) وقد نقل الشريف الرضي في نهج البلاغة الخطبة 16 مقاطع من هذه الخطبة (التي نقلها
المؤلف) باختلاف يسير مثلا هذه الجملة: وليسبقن سابقون كانوا قصروا وليقصرن سباقون كانوا سبقوا.
(7) اي عيب.
(8) وفي النهج: ولا كذبت كذبة ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم.
371

فاقتحمت بهم نار جهنم (1). ألا وإن التقوى مطايا ذلل (2) حمل عليها
أهلها وأمكنوا من أزمتها، فسارت بهم رويدا حتى أتوا ظلا ظليلا،
فتحدثوا فيه وتسألوا وفتحت لهم أبواب الجنة وظلل عليهم ظلها وروحها
ووجدوا طيبها وقيل لهم ادخلوها بسلام آمنين.
أيها الناس إنه حق وباطل ولكل أهل، فلئن قام الباطل فقديما ما
فعل، ولئن قام الحق فلربما ولعل، ولقلما أدبر شئ فأقبل! (3) ولقد
خشيت أن تكونوا في قترة (من الزمن) (4) وما علي إلا الجهد وكانت أمور
مضت ملتم فيها علي، ميلة واحدة كنتم عندي فيها غير محمودي الرأي،
أما إني لو شئت أن أقول لقلت: عفى الله عما سلف. سبق الرجلان،
وقام الثالث كالغراب همه (5) بطنه، يا ويحه لو قص ريشه وقطع
جناحاه (6) شغل عن الجنة، والنار أمامه. ثلاثة واثنان ليس لهم سادس،
ساع مجتهد، وطالب يرجو (7)، ومقصر في النار، وملك يطير بجناحيه،
ونبي أخذ الله ميثاقه، هلك من ادعى، وخاب من افترى، اليمين
والشمال مضلتان (8)، (والوسطى) والطريق المثلى المنهج، عليه تأويل

(1) خيل شمس: منع طهره أن يركب. لجمها: عنان الدابة. فاقتحمت بهم نار جنهم: أردته فيها.
(2) الذلل: جمع ذلول وهي الطائعة، وأمكنوا من أزمتها: تغلبوا على المصاعب والشدائد.
(3) وقد أضاف الشريف الرضي في النهج ص 55 هذه الجمل عقيب ما سبق: شغل من الجنة
والنار أمامه ساع سريع نجا وطالب بطئ رجا ومقصر في النار هوى. اليمين والشمال مضلة.
(4) إثبات الوصية للمسعودي ص 126. اي زمان الانقطاع عن الحجة.
(5) وفي إثبات الوصية: همته.
(6) وفي الارشاد للمفيد ص 128: ويله لو قص جناحاه وقطع رأسه لكان خيرا له.
(7) وفي الارشاد: شغل من الجنة والنار أمامه ساع مجتهد وطالب يرجو ومقصر في النار ثلاثة واثنان.
(8) العمال خمسة:
1 - ساع في مرضاة الله مجتهد في إتيان أوامر الله.
2 - وطالب عند الله يرجو الفوز والفلاح - فهو على سبيل النجاة -.
3 - ومقصر فيما يقربه إلى الله مفرط في نيل الشهوات فهو في النار.
4 - وطائر طار إلى رضوان الله بجناحيه.
5 - ونبي أخذ الله بيده إلى مراضيه.
ولا سادس لهم.
372

الكتاب [والسنة] (1) وآثار النبوة.
أيها الناس إن الله جل وعلا أدب هذه الأمة بالسوط والسيف
- ليس عند الامام فيهما هوادة لاحد (2)، فاستتروا في بيوتكم، وأصلحوا
ذات بينكم، فالموت من ورائكم والتوبة أمامكم (3) ومن أبدى صفحته
للحق هلك.
ألا وكل قطيعة أقطعها عثمان أو مال أعطاه من مال الله، فهو
مردود على المسلمين في بيت مالهم، فإن الحق قديم لا يبطله شئ،
والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو وجدته قد تزوج به النساء واشتري به
الإماء وتفرق في البلدان لرددته على حاله فإن في الحق والعدل لكم
سعة، ومن ضاق به العدل فالجور به أضيق.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم.
وكانت هذه الخطبة مما سربه وسكن إليه المؤمنون المخلصون، و
أهل الحق والبصائر. واستوحش منه المنافقون والذين في قلوبهم مرض،
وكل من تطاعم الأثرة أو كان في يده شئ منها لما تواعد به علي صلوات
الله عليه من استرجاع ذلك من أيديهم، ورده إلى بيت مال المسلمين،

(1) هكذا في الارشاد للمفيد.
(2) اي رخصة لاحد.
(3) وفي إثبات الوصية ص 126: فإن التوبة من ورائكم.
373

وتداخل قلوبهم لذلك بغضه عليه الصلاة والسلام واعتقدوا القيام عليه
إن وجدوا سبيلا إلى ذلك.
فلما قام طلحة والزبير انضوى إليهما من هذه حاله وصاروا معهما،
وكان سبب خروجها عليه صلوات الله عليه.
(317) فيما رواه محمد بن سلام، بإسناده، عن أبي رافع: أن عليا صلوات الله
عليه لما أفضي الامر إليه بدأ ببيت المال فحصل جميع ما فيه، وأمر (أن)
يقسم ذلك على المسلمين بالسواء على مثل ما كان رسول الله صلوات الله
عليه وآله يقسم ما اجتمع عنده من فيئهم ما يجب قسمته فيهم وكانوا بعد
ذلك قد عودهم الذين ولوا الامر الأثرة والتفضيل لبعضهم على بعض.
فأمر علي صلوات الله عليه من أقامه لقسمة ذلك (1) أن يسوي بين
الناس فيه، وأن يعزلوا له من ذلك سهما كسهم أحدهم (2)، ففعلوا.
وخرج إلى ضيعته (3) فأتاه طلحة والزبير، وهو قائم في الشمس على
أجير يعمل له في ضيعته. فسلما عليه، وقالا: أترى أن تميل معنا إلى
الظل؟؟ ففعل. فقالا: إنا أتينا الذين أمرتهم بقسمة هذا المال بين
الناس، ومع كل واحد منا ابنه، فأعطونا مثل الذي أعطوا أبناءنا وسائر
الناس، وقد كان من مضى من قبلك يفضلنا لسابقتنا وقرابتنا
وجهادنا، فإن رأيت أن تأمر لنا بما كان غيرك يأمر لنا به، فافعل.
فقال لهما علي صلوات الله عليه: أنتما أسبق إلى الاسلام أم أنا؟ قالا:
بل أنت. قال: فأنتما أقرب إلى رسول الله صلوات الله عليه وآله أم أنا؟

(1) وفي الاختصاص ص 152: ولى أمير المؤمنين عمار بن ياسر بيت مال المدينة.
(2) وكان سهم كل واحد ثلاثة دنانير.
(3) قال ابن دأب: وكان بئر ينبع سميت بئر الملك وفيها ضيعته.
374

قالا: بل أنت، قال: فجهادكما أكثر أم جهادي؟؟ قالا: جهادك،
قال: فوالله ما أمرت أن يعزل لي من هذا المال إلا كما يصيب هذا الأجير
منه - وأومأ بيده إلى الأجير الذي يعمل بين يديه - على ما عهدت وعهدتما
رسول الله صلوات الله عليه وآله يقسم مثل ذلك، وسنته أحق أن تتبع
من أن يتبع من خالفها بعده. فسكتا ساعة، ثم قالا: لم نأت لهذا ولكنه شئ ذكرناه، ولكنا أردنا
العمرة، فأتيناك نستأذنك في الخروج إليها.
وكانت عائشة قد خرجت من مكة ولم تصل بعد إلى المدينة، فأرادا
لقاءها لما كان من أمرهما وأمرها.
فقال لهما علي صلوات الله عليه: اذهبا فما العمرة أردتما، ولقد أنبئت
بأمركما، وما يكون منكما. فخرجا، ولقيا عائشة وكان من أمرهم ما قد
كان.
375

حرب الجمل
(318) الدغشي بإسناده، عن أبي بشير العائدي (1)، قال: كنت بالمدينة
حين قتل عثمان، فاجتمع المهاجرون والأنصار وفيهم طلحة والزبير،
فأتوا عليا صلوات الله عليه، فقالوا: يا أبا الحسن، هلم لنبايعك!
فقال: لا حاجة لي في أمركم أنا معكم فمن اخترتم فقدموه.
فقالوا: ما نختارك غيرك!. فأبى عليهم (2)
فاختلفوا إليه في ذلك بعد قتل عثمان مرارا (3)، ثم أتوا في آخر
ذلك.
فقالوا إنه لا يصلح الناس إلا بإمرة، وقد طال هذا الامر ولسنا نختار
غيرك، ولابد لنا منك، وإن أنت لم تقبل ذلك خفنا أن ينخرق في
الاسلام خرق، إن بقي الناس لا ناظر فيهم فالله الله في ذلك!
فقال علي صلوات الله عليه: أنا أقول لكم قولا، فإن قبلتموه قبلت

(1) العائدي من نسخة ب ولم يكن في الأصل. وفي مناقب الخوارزمي ص 111: الشيباني.
(2) وأضاف في الدعائم 1 / 384: فمضيا وهو يتلو - وهما يسمعان -: (فمن نكث فإنما ينكث على
نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما).
(3) وفي المناقب للخوارزمي: فاختلفوا إليه أربعين ليلة.
376

منكم (1).
قالوا: قل ما شئت فمقبول منك.
فجاء حتى صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي
صلوات الله عليه وآله.
ثم قال: أما بعد، فقد طال ترداد كم إلي فيما أردتموه مني وكرهت
امركم، فأبيتم علي إلا ما أردتم مني، وقد علمت ما سبق فيكم فإن
كنت أتولى أمركم علي العدل فيكم والتسوية بينكم وإن تكون مفاتيح
بيت مالكم معي ليس لي منه إلا مثل ما لأحدكم ولا لغيري إلا ذلك
توليت أمركم.
قالوا: نعم. قال: أرضيتم ذلك؟؟
قالوا: رضينا.
قال: اللهم اشهد عليهم.
ثم نزل صلوات الله عليه، فبايعهم على ذلك.
قال أبو بشير: وأنا يومئذ عند منبر رسول الله صلوات الله عليه وآله
أسمع ما يقول.
(319) وبآخر عن زيد بن صوحان، إنه كان متوجها إلى المدينة من مكة،
فلقيه الخبر في الطريق: إن عثمان قد قتل وإن الناس قد بايعوا عليا
صلوات الله عليه. فبكى.
فقيل له: يا أبا سلمان ما يبكيك وعليه، فوالله ما كنت تحبه؟؟
فقال: ما عليه أبكي، ولكني أبكي لما وقعت فيه هذا الأمة.

(1) وفي نسخة - ب -: أمركم.
377

ثم دخل المسجد، فصلى ركعتين. ثم دخل على أزواج النبي صلوات الله
عليه وآله امرأة امرأة، يقول لكل واحدة منهن: إن هذا الرجل قد بويع
- يعني عليا صلوات الله عليه - فما ترين في بيعته؟ فتقول: بايعت.
فيقول: اللهم اشهد عليها، حتى فعل ذلك بهن كلهن.
فأظن هذا - والله أعلم - قد سمع قول النبي صلوات الله عليه وآله أن
إحدى أزواجه تقاتله وهي له ظالمة، وأراد أن يتوثق منهن.
(320) وبآخر، عبلة بنت طارق قالت: كنت جالسة عند امرأة تعالج
الصبيان في صدى، فإذا نحن براكب قد أشرف علينا، فجاء حتى انتهى
إلى باب الدار، ثم دخل، فجاء المرأة - التي كنا عندها - فأكب عليها،
فإذا ابنها. فقالت: يا نبي ما فعل الناس؟؟
قال: ما عندي من علم إلا أني كنت بمكة، فقدم طلحة والزبير على
عائشة، وتجهزوا إلى البصرة.
قال: فقلت: زوجة رسول الله صلوات الله عليه وآله وحواري (1) رسول
الله - يعني الزبير - والله لأموتن مع هؤلاء أو لأحيين معهم. حتى انتهيت
إلى ماء. قالت عائشة: ما هذا الماء؟ قيل لها: الحفير. قالت: ردوني، فقد
نهاني رسول الله صلوات الله عليه وآله أن أكون مع الركب (2) الواردين
حفيرا (3).
قال الفتى لامه: فقلت: ثكلتني أمي لا أراني أبيت في الركب
(الواردين حفيرا الذي نهى رسول الله صلوات الله عليه وآله عائشة أن

(1) حواري: الناصر.
(2) وفي نسخة - ب - مع الراكب.
(3) قال ابن الأثير في النهاية 1 / 407 بضم الحاء وفتح الفاء منزل بين ذي الحليفة وملل يسلكه
الحاج. وفاء الوفا ص 1192.
378

تكون فيه) (1).
قال: فأنخت بعيري ونزعت رحلي، وأقبل الناس علي، فقالوا:
مالك يا عبد الله. قلت: أغير على بعيري، وجعلت أشده مرة وأنزعه
أخرى.
فلما أتقطع الناس عني توجهت خلاف وجهتهم، والله ما أدري أين
أتوجه حتى رفعت لي نار، والله ما أدري أنار إنس هي أم نار جن،
فقصدتها، فإذا أعزابي معه أهله، فسألني عن خيري فأخبرته. فقال لي
الاعرابي: أحسنت لا عليها ولا لها. واستخبرت عن الطريق، فدلني
عليه (2) ثم كان ذا وجهي إليك.
(321) وبآخر عن زيد بن صوحان، جاء إلى علي صلوات الله عليه فقال:
يا أمير المؤمنين، إني رأيت كأن يدا تطلعت إلي من السماء، ولا أراني إلا
مقتولا، فأذن لي حتى آتي هذه المرأة - يعني عائشة -، وكانت يد - هذا زيد -
قد قطعت يوم جلولاء في الجهاد.
قال: انطلق يا أبا سلمان راشدا غير مودع فانطلق في عصابة، فلما
رآه من حول عائشة، قالوا: هذا زيد بن صوحان.
قالت عائشة: يا أبا سلمان، إلي تسير وقتالي تريد؟؟
قال: إني سرت فيما أمرني الله به وإنك سرت فيما نهاك الله عنه،
أمرني الله أن أجاهد وأن أقاتل في سبيله، وأمرك أن تقري في بيتك.
(323) وبآخر، أن أم سلمة رضوان الله عليها، أتت عائشة - لما أردت الخروج إلى

(1) ما بين الهلالين في نسخة - ب - وفي الأصل: مع الركب الذين نهى رسول الله صلوات الله عليه
وآله الواردين حفيرا.
(2) وفي الأصل: فدلني عليها.
379

البصرة - وقالت لها: يا عائشة، إنك بين سدة (1) رسول الله صلوات الله
عليه وآله وأمته وحجابك مضروب على حرمته، قد جمع القران ذيلك،
فلا تندحيه (2). وسكن عقيرتك فلا تصحريها، وقد علم رسول الله
صلوات الله عليه وآله مكانك، ولو أراد أن يعهد إليك لعهد، وقد أمرك
الله عز وجل، وأمرنا أن نقر في بيوتنا وإن عمود الدين لا يقام بالنساء، ولا
يرئب بهن صدعة (3) وخمارات النساء غض الأطراف وضم الذيول، ما
كنت قائلة لو أن رسول الله صلوات الله عليه وآله عارضك بأطراف
الفلوات ناصة قعودك من منهل إلى منهل إن بعين الله عز وجل مهواك،
وعلى رسول الله صلوات الله عليه وآله تردين.
والله لو قيل لي: ادخلي الفردوس، على أن أسير مسيرك (4) هذا
لاستحييت (أن القى محمدا صلوات الله عليه وآله هاتكة حجابا) (5) قد
ضربه علي، فلا تهتكي حجابا قد ضربه عليك رسول الله صلوات الله
عليه وآله، فإنه أطوع ما تكونين لله ما لزمتيه (6)، وأنصر ما تكونين للدين
ما قعدت عنه.
فقالت لها عائشة: ما أقبلني لوعظك وأعرفني بنصحك، وليس
الامر على ما تظنين، وإنما رأيت فئتين من المسلمين متناجزتين، فإن
أقعد (7) عن إصلاح ذات بينهما ففي غير حرج، وإن أمض فإلى ما لا

(1) وفي نسخة - ب - سيدة. وفي البحار: أنت سدة بين رسول الله وبين أمته.
(2) اي لا توسعيه وتنشريه.
(3) رأب الصدع: أصلحه.
(4) وفي الأصل: ميسرك.
(5) ما بين الهلالين زيادة من نسخة - ب -
(6) وفي الأصل فالزميه.
(7) وفي الأصل: فان قعدت من إصلاح.
380

غنى عن الازدياد عنه.
(ضبط الغريب)
وقولها: يرأب أرادت: يشعب. العقيرة: الصوت والاصحار: إبداء
الذي كان مستورا.
القعود من الإبل (الذي يقتعده الراعي فيحمل عليه زاده ومتاعه وكذلك
ما أفرده الرجل من الإبل) (1) لنفسه ليحمل ذلك عليه.
وناصة رافعة: يقال منه: نصصت ناقتي إذا رفعتها في السير، ونصصت
الحديث إذا رفعته إلى من ينسب إليه.
(323) وبآخر عن قرة بن الحارث التميمي، إنه قال: لما صارت عائشة إلى
البصرة أرسلت إلى الأحنف بن قيس أن يأتيها؟ فأبى، ثم أرسلت إليه،
فأبى. فلما يئست منه كتبت إليه: يا أحنف، ما عذرك عند الله في تركك
جهاد قتلة أمير المؤمنين، أمن قلة عدد أو إنك لا تطاع في العشيرة (2)؟؟
فكتب إليها: إنه والله ما طال العهد بي ولا نسيت لعهدي في العام
الأول وأنت تحرضين على جهاده وتذكرين إن جهاده أفضل من جهاد
فارس والروم.
فقالت: ويحك يا أحنف، إنهم ماصوه موص الاناء، ثم قتلوه.
(ضبط الغريب) ماصوه: يعني غسلوه، تقول لكل شئ غسلته: فقد مصته موصا يعني إنهم

(1) ما بين الهلالين من نسخة - ب - سقط من الأصل.
(2) وفي الرواية التي نقلها الأميني في الغدير 9 / 81: بم تعتذر إلى الله من ترك جهاد قتلة أمير
المؤمنين أو إنك لا تطاع في العشيرة. علما بان في الأصل مكان ما عذرك: ما عندك عند الله.
381

اختبر واقرف (1) به فكان بريا منه، أي خرج نقيا كما يكون الاناء إذا
غسل.
فقال لها الأحنف: إن آخذ برأيك وأنت راضية أحب إلي من أن آخذ به
وأنت ساخطة (2).
(324) وبآخر، عن علي صلوات الله عليه، إنه لما خرج يريد إلى طلحة و
الزبير وعائشة قصد الكوفة ومعه سبعمائة رجل من المهاجرين والأنصار
وأمر بجولقين فوضع أحدهما على الآخر، ثم صعد عليهما.
فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إني والله قد ضربت هذا
الامر ظهره وبطنه ورأسه وعينه، فلم أجد بدا من قتال هؤلاء القوم، أو
الكفر بما أنزل الله عز وجل على محمد صلوات الله عليه وآله (3).
فقام إليه الحسن عليه السلام، وهو يبكي (4)، فقال: يا أمير المؤمنين
لقد خشيت عليك أن تقتل بأرض مضيعة لا ناصر لك بها. فلو انصرفت
إلى المدينة، فكنت فيها بين المهاجرين والأنصار، فمن أتاك إليها قاتلته
عنها لكان خيرا لك.
فقال له علي صلوات الله عليه: إليك عني!، فلا أراك ألا تحن

(1) وفي الأصل: قدق.
(2) وفي الأصل: خير من أخذي وأنت ساخطة.
(3) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 138 / الحديث 1182 و 1183.
(4) كان ذلك إشفاقا وتحننا على أمير المؤمنين لما رآه من قلة أصحابه وكثرة أصحاب طلحة و
الزبير، والانباء الواردة من الكوفة بتخذيل الأشعري الناس عن أمير المؤمنين، ومن أن عائشة كتبت إلى
حفصة، وتغني جواري حفصة:
ما الخبر ما الخبر؟ علي في السفر كالأشقر * إن تقدم نحر وإن تأخر عقر
وخلاصة لما رآه من تغير الأجواء لغير صالح أمير المؤمنين عليه السلام لذلك أبدى حزنه وحنانه
بالبكاء.
382

كحنين الجارية، لا والله لا أجلس في المدينة (1) كمثل الضبع، وأترك
هؤلاء يظهرون في الأرض الفساد.
ثم دعا به وبعمار بن ياسر، فبعث بهما إلى الكوفة، وكتب معهما
كتابا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من بالكوفة
من المؤمنين والمسلمين.
أما بعد: فلا أقل أن أكون عند من شك في أمري أحد رجلين،
إما باغ وإما مبغيا عليه، فأنشد الله جميع المؤمنين والمسلمين لما حضروا
إلي، فإن كنت باغيا ردوني، وإن كنت مبغيا علي نصروني. والسلام.
فلما بلغ أهل الكوفة قدوم الحسن بن علي صلوات الله عليه وعمار بن
ياسر، تشاوروا وأجمعوا على أن يوجهوا هند الجملي (2) ليلقاهما، و
ليسأل عمارا عما سمعه من رسول الله صلوات الله عليه وآله في ذلك
- وقد كان انتهى إليهم إنه سمع رسول الله صلوات الله عليه وآله في ذلك
شيئا - فمضى هند حتى لقى الحسن صلوات الله عليه وعمارا بموضع يقال
له قاع البيضة وهما نازلان، فخلا بعمار، ثم قال لطه: قصيره من طويله،
أنا رائد القوم، والرائد لا يكذب أهله، وقد أرسلوني إليك لتخبرني بما
سمعت من رسول الله صلوات الله عليه وآله في هذا الامر.
قال عمار: اشهد بالله لقد أمرني رسول الله صلوات الله عليه وآله أن
أقاتل مع علي صلوات الله عليه الناكثين والمارقين والقاسطين.

(1) وفي نسخة ب: بالمدينة.
(2) وهو هند بن عمرو الجملي، نسبة إلى جمل بن سعد العشيرة، حي من مذحج، استشهد مع
أمير المؤمنين عليه السلام بصفين كما سيأتي في ج 5 إن شاء الله.
383

فرجع هند إلى الكوفة، فأخبرهم، وقرأ عليهم كتاب علي صلوات الله
عليه.
فقام أبو موسى الأشعري، فقال: أما إني قد سمعت رسول الله
صلوات الله عليه وآله يقول: أما إنه سيكون من بعدي فتنة، القائم فيها خير
من الساعي، والجالس خير من القائم، فقطعوا أوتار فسيكم (1) واغمدوا
سيوفكم وكونوا أحلاس بيوتكم.
فقال عمار: تلك التي تكون أنت منها، أما والله لقد سمعت
رسول الله صلوات الله عليه وآله وقد لعنك!
فقال أبو موسى: قد كان ما قلت ولكنه استغفر لي.
قال عمار: أما اللعنة فقد سمعتها، وأما الاستغفار فلم أسمعه!
فقام أبو موسى، فخرج، كأنه ديك يفترع.
وقول عمار رحمة الله عليه لأبي موسى، وقد ذكر أمر النبي صلوات
الله عليه وآله بالقعود عن الفتنة (تلك التي أنت منها، يعني إن النبي
صلوات الله عليه وآله إنما نهى عن القيام مع أهل الفتنة) (2) وهم الذين
افتتنوا فخرجوا (3) عن أهل الحق. وصاروا أهل البغي، فليس ينبغي
لاحد من المسلمين القيام مع هؤلاء، ولا الدخول في فتنتهم.
فأما قتالهم مع أهل العدل فقد افترضه الله عز وجل على المؤمنين في
كتابه، فقال جل ثناؤه (.. فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر

(1) وفي نسخة ب: أو ثار قيسكم.
(2) زيادة من نسخة - ب -.
(3) وفي الأصل: لخروج.
384

الله) (1) وإلى ذلك من قتال أهل البغي دعاهم (علي صلوات الله عليه،
فأجابه عامتهم ولم يلتفتوا إلى قول) (2) أبي موسى الأشعري لأنه كتاب
الله جل ثناؤه. وإلى مثل رأي أبي موسى الأشعري، هذا الفاسد، دعاه
عمرو بن العاص لما أراد اختداعه إذ قد علم أن مثل هذا القول تقدم
عليه إذ حكما. فقال: يا أبا موسى، أنت شيخ من شيوخ المسلمين ومن
أهل الفضل والدين، وقد سمعت ما قد سمعت من رسول الله صلوات
الله عليه وآله من أمر القعود عن الفتنة، وقد ترى أن الناس قد وقعوا
فيها، وإن نحن تناظرنا بكتاب الله عز وجل في أيهما أحق بالامر من علي و
معاوية؟ طال ذلك علينا، فاحكم بذلك إذ قد حكمت، واخلع أنت
عليا إذ قد حكمك، وأخلع أنا معاوية إذ قد حكمني، ويعود أمر الناس
كما كان بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله شورى بينهم يختارون
لأنفسهم من رادوا (3) أن يختاروه. فوالله ما أظن أحدا يختار معاوية على
علي صلوات الله عليه.
فخدعه بذلك، حتى اتفق معه عليه وأراه التعظيم له والتبجيل (4)
وقدمه قبله.
فقام فخلع عليا صلوات الله عليه بزعمه وركة عقله، وقام عمرو
فأثبت معاوية بزعمه.
فقام أبو موسى ينكر ذلك، ويذكر ما اتفقا عليه. وأنكر ذلك
عمرو، وقال: ما كان الاتفاق إلا على خلع علي صلوات الله عليه

(1) سورة الحجرات الآية 9.
(2) ما بين الهلالين زيادة من نسخة - ب -.
(3) وفي نسخة ب - رأوا.
(4) وفي الأصل: التجليل: أي الاحترام.
385

وإثبات معاوية.
وكان في ذلك ما سنذكره (1) والحجة فيه في موضعه إن شاء الله
تعالى.
(325) وبآخر، عن حذيفة اليماني، إنه قدم من المدائن وقد توجه أمير
المؤمنين علي صلوات الله عليه إلى الكوفة لقتال أهل الجمل، ووصل
حذيفة إلى المدينة، وهو عليل - شديد العلة - فلم يستطع اللحوق بعلي
صلوات الله عليه واجتمع الناس بالمدينة إلى حذيفة يوم جمعة، فلما رآهم
مجتمعين عنده:
حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلوات الله عليه وآله ثم قال:
أيها الناس من سره أن يلحق بأمير المؤمنين حقا حقا، فليلحق بعلي
صلوات الله عليه.
فلحق كثير من الناس، ولم تأت على حذيفة بعد ذلك جمعة حتى
مات (2).
(326) وبآخر عن حبة العرني إنه قال: لما التقى علي صلوات الله عليه

(1) في الجزء السادس من هذا المجلد.
(2) هكذا جاءت الرواية في كلا النسختين، ولكن كما هو المشهور أن حذيفة توفى في المدائن - مراقد
المعارف 1 / 239 -، وسوف يذكر المؤلف في رواية أخرى بأن حذيفة خطب في المدائن وليس بالمدينة كما
في الرواية. وقد روى السيد المدني في الدرجات الرفيعة ص 287 عن أبي مخنف، قال: لما بلغ حذيفة بن
اليمان أن عليا قد قدم ذي قار واستنفر الناس، دعا أصحابه، فوعظهم وذكرهم الله وزهدهم ورغبهم في
الآخرة، وقال لهم: الحقوا بأمير المؤمنين عليه السلام وسيد الوصيين فان من الحق أن تنصروه، وهذا ابنه
الحسن وعمار قد قدما الكوفة يستنفرون للناس، فانفروا. قال: فنفر أصحاب حذيفة إلى أمير المؤمنين
ومكث حذيفة بعد ذلك خمسة عشر ليلة وتوفي. ومما يظهر من هذه الرواية إنه توفي في المدائن وكانت الخطبة
في المدائن أيضا والله أعلم.
386

وأصحاب الجمل، دعا علي صلوات الله عليه رجلا من أصحابه (1)،
فأعطاه مصحفا وقال له: اذهب إلى هؤلاء القوم فأعرض عليهم هذا
المصحف وعرفهم إني أدعوهم إلى ما فيه.
ففعل فرشقوه بالنبل حتى قتلوه.
(327) وبآخر، عن عمار بن ياسر رحمة الله عليه، إنه نظر يوم الجمل إلى
أصحاب عائشة وطلحة والزبير وقد صفوا للقتال. فجعل يحلف بالله
ليهزمن هذا الجمع، وليولن الدبر.
فقال له رجل من النخع: يا أبا اليقظان، ما هذا؟ تحلف بالله على ما
لا تعلمه؟
فقال له عمار: لأنا أشر من جمل يقاد بخطامة (2) بين تهامة ونجد (3)
إن كنت أقول مالا أعلم.
(328) وبآخر، عن جعفر بن محمد بن علي صلوات الله عليه، إنه قال: لما
توافق الناس يوم الجمل، خرج علي صلوات الله عليه حتى وقف بين
الصفين، ثم رفع يده نحو السماء.
ثم قال: يا خير من أفضت إليه القلوب، ودعي بالألسن، يا حسن
البلايا يا جزيل العطاء، احكم بيننا وبين قومنا بالحق، وأنت خير
الحاكمين.
(329) وبآخر، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى، قال: سمعت عليا صلوات الله

(1) إن هذا الرجل هو مسلم بن عبد الله راجع تخريج الأحاديث. وكما سيأتي إن شاء الله مفصلا في
هذا الجزء عن أبي البختري - الحديث 334.
الخطام: الزمام.
(3) قال ابن الأثير في النهاية: 1 / 201 نجد ما بين العذيب إلى ذات عرق. وذات عرق أول تهامة إلى
البحر وجده. وقيل تهامة ما بين ذات عرق إلى مرحلتين من وراء مكة.
387

عليه - يوم الجمل - وهو ينادي بالزبير، فأتاه - فرأيت أعناق فرسيهما قد
اختلفت - وعلي صلوات الله عليه يقول له: أما تذكر قول رسول الله
صلوات الله عليه وآله لك - وقد ذكرتني له - إنك سوف تقاتله وأنت له
ظالم!!
قال: بلى، والله ما ذكرت ذلك إلا الآن.
فانصرف راجعا عن الفريقين، فرآه طلحة، فأتبعه، فرماه مروان بن
الحكم بسهم، فشك فخذه في السرج، فمات طلحة من ذلك الجرح.
(330) وبآخر، عن سلام، قال شهدت يوم الجمل، فلما التقينا نظرت إلى
عائشة على جمل أحمر مشرف على الناس. وحمل أصحاب الجمل، حتى
قلت لخطار: هذا الفرار من الزحف. فقال: نعم، والله يا بن أخي، ثم
تعاطفنا، فنظرت إلى هودج عائشة ما شبهته إلا بقنفذ (1) من النبل الواقعة
عليه (2) وهو يميل بها مرة ها هنا ومرة ها هنا حتى أحيط بها، ولما أحيط
بعائشة، وانصرف الزبير وقتل طلحة، وانهزم أهل البصرة، ونادى منادي
علي صلوات الله عليه: لا تتبعوا مدبرا (3) ولا من القى سلاحه ولا
تجهزوا على جريح، فإن القوم قد ولوا وليست لهم فئة يلجأون إليها.
فجرت السنة بذلك (في المسلمين في قتال أهل البغي، وأخذ بذلك
فقهاؤهم إن أهل البغي إذا انهزموا ولم تكن لهم فئة يلجأون إليها لم يجهز
على جريحهم ولم يتبع مدبرهم، وإن كان لهم فئة أجهز على جريحهم
واتبع مدبرهم، وقتلوا. وبهذا حكم علي صلوات الله عليه في أصحاب
معاوية، فأخذ فقهاء العامة ذلك عنه وأوجبوا أن حزبه حزب أهل

(1) القنفذ بضم الفاء وفتحها واحد القنافذ، والأنثى قنفدة.
(2) وفي الأصل: الواقعة به.
(3) أي: الهارب.
388

العدل وحرب من حاربه حزب) (1) أهل البغي واتفقوا على ذلك.
أجهزت على الجريح: أي أتيت على قتله. ويقال: موت مجهز: أي
وحي.
(331) وبآخر، عن موسى بن طلحة بن عبد الله - وكان فيمن أسر يوم
الجمل وحبس مع من حبس من الأسارى بالبصرة -.
قال: كنت في سجن علي بالبصرة حتى سمعت المنادي ينادي: أين
موسى بن طلحة بن عبيد الله؟؟ فاسترجعت (2) واسترجع أهل
السجن!! وقالوا: يقتلك!!، فأخرجني إليه.
فلما وقفت بين يديه. قال لي: يا موسى. قلت: لبيك يا أمير المؤمنين
قال: قل أستغفر الله وأتوب إليه، ثلاث مرات. فقلت: أستغفر الله
وأتوب الله، ثلاث مرات.
فقال لمن كان معي من رسله: خلوا عنه!
وقال لي: اذهب حيث شئت، وما وجدت لك في عسكرنا من
سلاح أو كراع (3) فخذه، واتق الله فيما تستقبله من أمرك، واجلس في
بيتك، فشكرت له، وانصرفت.
وكان علي صلوات الله عليه قد غنم أصحابه ما أجلب به أهل
البصرة إلى قتاله -، وأجلبوا به يعني: أتوا به في عسكرهم - ولم يعرض
لشئ غير ذلك (من أموالهم، وجعل ما سوى ذلك من أموال من قتل
منهم) (4) لورثتهم.

(1) ما بين الهلالين زيادة من نسخة - ب -.
(2) الاسترجاع - عند المصيبة - أي يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون.
(3) أي: الخيل.
(4) ما بين الهلالين من نسخة - ب -.
389

وخمس ما أغنمه مما أجلبوا به عليه، فجرت أيضا بذلك السنة وأخذ
به فقهاء العامة وآثروه عنه، وجعلوه حكما فيما يغنم (1) من أهل البغي.
(332) وبآخر، عن عبد الله بن عباس، إنه قال: لما استقر أمر الناس بعد
وقعة الجمل، وأقام علي صلوات الله عليه بالبصرة بمن معه أياما، بعث بي
إلى عائشة بأمرها بالرحيل عن البصرة، والرجوع إلى بيتها.
قال ابن عباس: فدخلت عليها في الدار التي أنزلها فيها، فلم أجد
شيئا أجلس عليه، ورأيت وسادة (2) في ناحية من الدار، فأخذتها،
فجلست عليها، فقالت لي: يا ابن عباس، ما هذا، تدخل علي بغير إذني
في بيتي، وتجلس على فراشي بغير إذني؟ لقد خالفت السنة.
قال ابن عباس: نحن علمناك وغيرك السنة ونحن أولى بها منك،
إنما بيتك البيت الذي خلفك فيه رسول الله صلوات الله عليه وآله
فخرجت منه ظالمة لنفسك عاتية (3) على ربك عاصية لنبيك، فإذا
رجعت إليه لم ادخله إلا بإذنك ولم أجلس على ما فيه إلا بأمرك.
قال: فبكت، فقلت لها: إن أمير المؤمنين بعثني إليك يأمرك بالرحيل
عن البصرة والرجوع إلى بيتك. قالت: ومن أمير المؤمنين، إنما كان أمير
المؤمنين عمر!
فقلت لها: قد كان عمر يدعي أمير المؤمنين وهذا والله علي أمير
المؤمنين حقا كما سماه بذلك رسول الله صلوات الله عليه وآله وهو والله
أمس برسول الله صلى الله عليه وآله رحما وأقدم سلما وأكثر علما وأحلم

(1) وفي الأصل: يعلم.
(2) وفي بحار الأنوار 8 / 450: فرأيت رحل عليه طنفسة، فمددت الطنفسة، فجلست عليها.
(الطنفسة: البساط).
(3) العتو: التجبر والتكبر.
390

حلما من أبيك ومن عمر.
قال: فقالت: ما شئت ذلك؟ قال: فقلت لها: أما والله لقد كان
أبوك ذلك قصير المدة عظيم التبعة ظاهر الشوم بين النكاد (1)، وما كان
إلا كحلب شاة حتى صرت ما تأخذين ولا تعطين، ولا كنت إلا كما
قال أخو بني فهر (2):
ما زال إهداء القصائد بيننا * شتم الصديق وكثرة الألقاب
حتى تركت كأن قولت فيهم * في كل مجمعة طنين ذباب
فأراقت دمعتها، وأبدت عولتها، وظهر نشيجها، ثم قالت: أرحل والله
عنكم، فوالله ما من دار أبغض إلي من دار تكونون بها.
قلت: ولم ذلك؟ والله ما ذلك ببلائنا عندك ولا بأثرنا عليك وعلى أبيك
إذ جعلناك اما للمؤمنين: وأنت بنت أم رومان، وجعلنا أباك صديقا وهو ابن
أبي قحافة، قالت: تمنون علينا برسول الله صلوات الله عليه وآله؟
قلت: ولم لا نمن عليكم (3) بمن لو كانت فيك من شعرة لمننت بها وفخرت،
ونحن منه وإليه لحمه ودمه، وإنما أنت حشيته (4) من تسع حشيات خلفهن
لست بأرسخهن عرقا (5) ولا بأنضرهن ورقا ولا بأمدهن ظلا، وإنما أنت كما
قال أخو بني أسد (6)
مننت على قوم فأبدوا عداوة * فقلت لهم كفوا العداوة والشكرا

(1) وفي بحار الأنوار ط قديم 8 / 450 النكد بمعنى العسر.
(2) وفي بحار الأنوار: إلا كمثل ابن الحضرمي بن نجمان أخي بني أسد.
(3) وفي الأصل: عليكم من.
(4) الحشية كمنبة أي الفراش المحشو والجمع حشايا وهي كناية عن النساء والتعبير بالفراش شايع.
(5) أرسخ: الثبات.
(6) وفي بحار الأنوار: أخو بني فهر.
391

ففيه رضا من مثلكم لصديقه * وأحرى بكم أن تظهروا البغي والكفرا
قال: فسكتت (1) وانصرفت إلى علي صلوات الله عليه، فأخبرته بما جرى
بيني وبينها، فقال صلوات الله عليه: أنا كنت أعلم بك إذ بعثتك.
وتثاقلت عائشة بعد ذلك عن الخروج إلى بيتها، فأرسل إليها (2) علي
صلوات الله عليه: والله لترجعن إلى بيتك أو لألفظن بلفظة لا يدعوك بعدها
أحد من المؤمنين اما. - فلما جاءها ذلك - قالت: ارحلوني ارحلوني، فوالله لقد
ذكرني شيئا لو ذكرته من قبل ما سرت مسيري هذا.
فقال لها بعض خاصتها: ما هو، يا أم المؤمنين؟؟
قالت: إن رسول الله صلوات الله عليه وآله قد جعل طلاق نسائه إليه و
قطع عصمتهن منه حيا وميتا، وأنا أخاف أن يفعل ذلك إن خالفته.
فارتحلت.
(333) وبآخر، علي بن هاشم، بإسناده، عن هشام (3) بن مساحق، عن
أبيه، إنه قال: شهدت يوم الجمل مع عائشة.
فلما انهزم الناس اجتمعت مع نفر من قريش، وفيهم مروان بن
الحكم. فقال لبعض (4) من حضره: والله لقد ظلمنا هذا الرجل (5)، و
نكثنا بيعته من غير حدث، ثم لقد ظهر علينا فما رأينا رجلا قط أكرم
سيرة، ولا أحسن عفوا بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله منه، فتعالوا
ندخل عليه، فنعتذر إليه مما صنعنا.

(1) وفي الأصل: فسكت.
(2) وفي الأصل: عليها.
(3) وفي كتاب الجمل ص 222: عن هاشم بن مساحق.
(4) وفي نسخة ب: فقال: بعضهم لبعض.
(5) يعنون أمير المؤمنين عليه السلام.
392

قال: فدخلنا عليه، فلما ذهب متكلمنا ليتكلم، قال: انصتوا
- أكفيكم - إنما أنا رجل منكم، فإن قلت حقا فصدقوني، وإن قلت غير
ذلك فردوه علي (1).
أنشدكم الله أتعلمون إن رسول الله صلوات الله عليه وآله قبض وأنا
أولى الناس به وبالناس من بعده؟
قلنا: الهم نعم.
قال: فبايعتم أبا بكر وعدلتم عني (2) ثم إن أبا بكر جعلها إلى عمر من
بعده (وأنتم تعلمون أني أولى الناس برسول الله صلوات الله عليه وآله
وبالناس من بعده) (3).
قلنا: اللهم نعم.
قال: حتى لما قتل عمر جعلني سادس ستة، ثم طعنتم على عثمان (4)
فقتلتموه ثم أتيتموني وأنا جالس في بيتي، أتيتموني غير داع لكم ولا
مستكره، فبايعتموني كما بايعتم أبا بكر وعمر وعثمان و، ثم نكثتم بيعتي.
قالوا: يا أمير المؤمنين، كن كالعبد الصالح إذ قال: (لا تثريب
عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين) (5).
قال: إن فيكم من لو بايعني بيده لنكث على بأسته.

(1) عجبا لحم الله. هذا قول منتصر في الحرب لافراد جاؤوا كي يعتذروا إليه مما ارتكبوا من الخطاء
وهم أشد أعدائه.
(2) وفي كتاب الجمل ص 222 إضافة: فأمسكت ولم أحب أن أشق عصا المسلمين وأفرق
جماعاتهم.
(3) ما بين الهلالين زيادة من نسخة - ب -.
(4) وفي كتاب الجمل أيضا: ثم بايعتم عثمان فطغيتم عليه وقتلتموه.
(5) يوسف 92.
393

قال: فرأينا أنه يعني مروان.
(334) إسماعيل بن موسى بإسناده عن أبي البختري، قال: لما انتهى علي
صلوات الله عليه إلى البصرة خرج إليه أهلها مع طلحة والزبير وعائشة،
فعبأ علي صلوات الله عليه أصحابه.
ثم أخذ المصحف وبدأ بالصف الأول، فقال: أيكم يتقدم إلى هؤلاء و
يدعوهم إلى ما فيه، وهو مقتول؟ فخرج إليه شاب يقال له: مسلم (1)
فقال: أنا يا أمير المؤمنين. فتركه، ومال إلى الصف الثاني، فقال: من
منكم يأخذ هذا المصحف ويمضي إلى هؤلاء القوم ويدعوهم إلى ما فيه،
وهو مقتول؟ فلم يجبه أحد! وجاءه مسلم، فقال: أنا أخرج إليهم به يا
أمير المؤمنين. فأعرض عنه. وتقدم إلى الصف الثالث، وقال لهم مثل
ذلك. فلم يخرج الله منهم أحد، وعرض له مسلم، فقال: أنا يا أمير
المؤمنين! فلما رأى أنه لم يخرج إليه أحد - من الجميع غيره - دفع إليه
المصحف، فمضى نحو القوم، فلما رأوه رشقوه بالنبل، وقرأه عليهم و
دعاهم إلى ما فيه، ثم خرج إليه رجل منهم، فضربه بالسيف على حبل
عاتقه من يده اليمنى - التي فيها المصحف - فأخذ المصحف بيده اليسرى (2)
فضربه الرجل حتى قتله (3).

(1) وهو مسلم بن عبد الله.
(2) وفي نسخة ب بيده الأخرى.
(3) وكانت أمه حاضرة وحملته وجاءت به إلى أمير المؤمنين وهي تبكي وتقول:
يا رب إن مسلما دعاهم * يتلو كتاب الله لا يخشاهم
فخضبوا من دمه فناهم * وأمهم قائمة تراهم
تأمرهم بالقتل لا تنهاهم
(الجمل ص 182)
394

ورموا أصحاب علي صلوات الله عليه بالنبل. قالوا: يا أمير المؤمنين
أما ترى النبل فينا كالقطر (1) وقد قتلوا مسلما.
فقال لهم علي صلوات الله عليه: قاتلوهم، فقد طاب لكم القتال.
فقاتلوهم وظهر عليهم وولوا منهزمين. فأمر علي صلوات الله عليه
مناديا " ينادي: لا تطعنوا في غير مقبل ولا تطلبوا مدبرا ولا تجهزوا على
جريح، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، وما كان
في العسكر فهو لكم مغنم، وما كان في الدور فهو ميراث يقسم بينهم على
فرائض الله عز وجل.
فقال إليه قوم من أصحابه، فقالوا: يا أمير المؤمنين من أين أحللت لنا
دماءهم وأموالهم وحرمت علينا نساءهم؟؟ فقال: لان القوم على
الفطرة، وكان لهم ولاء قبل الفرقة وكان نكاحهم لرشده.
فلم يرضيهم ذلك من كلامه صلوات الله عليه، فقال لهم: هذه
اليسرة في أهل القبلة، فأنكرتموها، فانظروا أيكم يأخذ عائشة في
سهمه؟؟ فرضوا بما قال، واعترفوا بصوابه، وسلموا لامره.
(335) عباد بإسناده، عن أبي رافع: إن رسول الله صلوات الله عليه وآله قال
لعلي صلوات الله عليه: إنه سيكون بينك وبين عائشة حرب. قال: يا رسول
الله، أنا من بين أصحابك؟؟ قال: نعم. قال: أنا أشقاهم (2) إذا. قال:
لا بل أفضلهم، ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها.
قال أبو رافع: ففعل ذلك أمير المؤمنين صلوات الله عليه ردها مع
نساء من أهل العراق، حتى صارت إلى مأمنها (3).

(1) وفي نسخة ب - كالمطر.
(2) الشقي ضد السعيد.
(3) أي إلى دارها في المدينة.
395

(336) أبو هاشم الرفاعي، بإسناده، عن أم راشد - مولاة أم هاني -، قالت:
دخل علي صلوات الله عليه على أم هاني بنت أبي طالب أخته فقربت
إليه طعاما، وذهبت لتأتيه بالماء، فإذا برجلين على باب الحجرة،
فاستأذنا، فأذن لهما فصعدت الدرجة، وأحدهما يقول لصاحبه: بايعته
أيدينا، ولم تبايعه قلوبنا (1) فقرأ (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله
يد الله فوق أيديهم) (2) الآية.
فقلت لام هاني: من هذان الرجلان؟؟
قالت: طلحة والزبير.
(337) شريك بن عبد الله، بإسناده، عن أبي بكر، قال: لما قدمت عائشة
أردت الخروج معها، فذكرت حديثا سمعته من رسول الله صلوات الله
عليه وآله يقول إنه لن يفلح قوم جعلوا أمرهم إلى امرأة (3).
(338) عباد بن يعقوب، بإسناده، عن علي صلوات الله عليه، إنه قال - يوم
الجمل -: قد علم أولوا العلم من آل محمد صلوات الله عليه وآله، وعلمت
عائشة بنت أبي بكر وها هي ذه، فاسألوها. إن أصحاب الجمل
وأصحاب الأسود ذي الثدية ملعونون على لسان النبي (4) صلوات الله
عليه وآله، وقد خاب من افترى.
(339) وبآخر عن أم سلمة رضي الله عنها، إن عائشة لقيتها بعد انصرافها
من البصرة، فقالت لها: السلام عليك يا أختاه.

(1) وفي كتاب الجمل ص 233: ما بايعنا بقلوبنا وإنما بايعنا بأيدينا.
(2) سورة الفتح الآية 10: فوق أيديهم، فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله
فسيأتيه أجرا عظيما.
(3) قالها لما بلغه أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى بعد موت والدها.
(4) وفي الأصل: محمد.
396

فقالت لها أم سلمة: السلام عليك يا حانط، ألم تعلمي إني نصحت
لك في خروجك وذكرتك قول رسول الله صلوات الله عليه وآله وما
أوجبه الله عز وجل عليك فأبيت، فآليت (1) أن لا أكلمك من رأسي
كلمة حتى القى رسول الله صلوات الله عليه وآله.
(340) أبو بكر بن عباس، بإسناده، عن علقمة: قال: قلت للأشتر النخعي:
لقد كنت كارها ليوم الدار (2) فرجعت عن رأيك؟؟
قال: أجل، والله كنت كارها ليوم الدار ولكني جئت أم حبيب بنت
أبي سفيان لادخل الدار، فأردت أن أخرج عثمان في هودجها، فأبوا أن
يدعوه لي، وقالوا: مالنا ولك يا أشتر، ولكني رأيت طلحة والزبير بايعا
عليا صلوات الله عليه، والقوم طائعين غير مكرهين، ثم نكثوا عليه.
قلت: فابن الزبير هو القائل يعنيك اقتلوني ومالكا (3).
قال: لا والله ما رفعت السيف من ابن الزبير، وأنا أظن فيه شيئا
من الروح لأنه استخف أم المؤمنين حتى أخرجها، فلما لقيته لم أرض له
بقوة ساعدي (4) حتى قمت في الركابين، ثم ضربته على رأسه، فرأيت إني
فتلته. ولكن القائل: اقتلوني ومالكا، عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، لما
لقيته اعتنقته، فوقعنا جميعا عن فرسينا، فجعل يقول: اقتلوني ومالكا.
أصحابه لا يدرون من يعني، ولو قال الأشتر لقتلوني.
(341) عباد بن يعقوب، بإسناده، عن أبي عرية، إنه قال: كنا جلوسا مع

(1) أي: التزمت.
(2) وهو يوم محاصرة دار عثمان.
(3) قال ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 159: ان القائل هو عبد الله بن الزبير.
397

علي صلوات الله عليه يوم الجمل، وقد وقف أهل البصرة ونضحونا
بالنبل، ولم يأذن في القتل، فجاءه قوم يشكون الجروح.
فقال: من يعذرني (1) من هؤلاء، يأمروني بالقتال، ولم تنزل الملائكة.
قال: فإنا قعود كذلك حتى هبت ريح طيبة (2) من خلفنا فوجدت
بردها بين كتفي من تحت الدرع، فلما انتهت مشى (3) قال: الله أكبر.
ثم قام، فصب عليه الدرع، وسار نحو القوم، وأمر الناس بالقتال. فما
رأيت فتحا كان أسرع منه قط.
(342) يوسف بن الحارث، بإسناده: إن عليا صلوات الله عليه خلا بالزبير
يوم الجمل، فقال له: أناشدك الله ألم تسمع رسول الله صلوات الله عليه
وآله يقول لك وأنت لا وبيدي بسقيفة بني ساعدة - لتقاتله (4) وأنت له
ظالم، ولينصرن عليك.
قال: بلى والله إني لاذكر ذلك، ولا جرم إني لا أقاتلك،
وانصرف.
(343) وبآخر، عن عائشة لما سارت تريد البصرة وانتهت إلى بعض مياه (5)
بني عامر، نبحتها كلاب، فقالت: ما هذا الماء؟؟ قالوا: الحوأب.
قالت: ما أراني إلا راجعة.
قال ابن الزبير: لا، بل تقدمين ويراك الناس، ويصلح الله ذات
بينهم بك.

(1) وفي الأصل: من تعدني.
(2) وفي الأصل: عليه.
(3) وفي نسخة - ب -: فلما أن هبت، قال: الله أكبر.
(4) وفي نسخة - ب -: لتقاتلنه.
398

قالت: إني سمعت رسول الله صلوات الله عليه وآله يقول لجماعة
من نسائه: كيف بإحداكن إذا نبحتها كلاب الحوأب.
(344) محمد بن داود، بإسناده، عن علي صلوات الله عليه إنه سئل عن
قتلى الجمل، أمشركون هم؟؟ قال: لا، بل من الشرك فروا.
قيل: فمنافقون؟؟
قال: لا، لان المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا
قيل: فما هم؟؟
قال: إخواننا بغوا علينا، فنصرنا عليهم.
قد خبر صلوات الله عليه إنهم من أهل البغي الذين أمر الله عز وجل
بقتالهم وقتلهم حتى يفيئوا إلى أمر الله سبحانه (1) وبذلك سار فيهم.
(345) عبد الله بن موسى، قال: سمعت سفيان الثوري يقول:
ما أشك في أن طلحة والزبير بايعا عليا صلوات الله عليه ثم نكثا
وما نقما عليه حيفا في حكم ولا استيثارا في فئ.
(346) وكيع، بإسناده، عن ابن عباس، إنه قال: أرسلني علي صلوات الله
عليه إلى طلحة والزبير (يوم الجمل)، فقلت لهما: أخوكما يقرءكما السلام
ويقول لكما: هل أخذتما علي استيثارا (2) في فئ أو ظلما أو حيفا (3) في
حكم.

(1) نص الآية الكريمة: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على
الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب
المقسطين. (سورة الحجرات الآية 9).
(2) وفي الأصل: استيثاري.
(3) أي جورا.
399

قال: لا، ولكن الخوف وشدة الطمع (1).
(347) سليمان بن أيوب، بإسناده، عن أبي سعيد الخدري قال: ذكر
رسول الله صلوات الله عليه وآله لعلي صلوات الله عليه ما يلقى من بعده
من الناس.
فبكى علي صلوات الله عليه! وقال: يا رسول الله، ادع الله أن
يقبضني قبلك. قال: كيف ادعوا لأجل مؤجل سبق أنه كائن في علم
الله! قال: يا رسول الله، فعلى ماذا أقاتلهم؟ قال: على إحداثهم في
الدين.
(348) أبو علي الهمداني، بإسناده، عن حبة، قال: شهدت حذيفة بن اليمان
قبل خروج عائشة بزمان، وهو يقول: ستطلع والله عليكم الحميرا (2) من
حيث تسؤكم (3). فقال له زر بن حبيش: يا أبا عبد الله، إنا لنسمع منك
الذي لا نقيم ولا نقعد. قال: ويحك إذا كان الله سبحانه قد قضى ذلك
فما أنت صانع! فوالله لكأني أنظر إليهم حولها صرعى لا تغني عنهم شيئا.
وهذا مما سمعه حذيفة من رسول الله صلوات الله عليه وآله.
(349) وبإسناده، عن محمد بن كعب القرظي، قال: لما دخل رسول الله
صلوات الله عليه وآله المدينة منصرفا عن أحد، دعا عليا صلوات الله
عليه، فقال له، لقد نصرتني وضربت معي بسيفك وذببت (4) عني
بنفسك، فكيف أنت إذا قاتلت بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين.
قال: يا رسول الله، أو يكون ذلك؟ قال: إي والذي نفسي بيده،

(1) وفي الرواية وشدة المطامع (بحار ط قديم 8 / 420).
(2) حميراء: كان الرسول (ص) يسميها. تصغير الحمراء: يريد البيضاء.
(3) وفي الأصل: يشهدكم.
(4) أي: دافعت.
400

وإن حزبك هم الغالبون، أما الناكثون فيبايعونك بأيديهم وتأبى قلوبهم
وأكثرهم الفاسقون، وأما القاسطون فهم الذي ركنوا إلى الدنيا فكانوا
لجهنم حطبا، وأما المارقون فيقاتلون معك ثم يكفرون ولا تجاوز صلاتهم
رؤوسهم ولا إيمانهم تراقيهم، أينما ثقفوا (1) اخذوا وقتلوا تقتيلا. ولا ينفع
المعين عليك ولا مبغضك ولا من قاتلك إيمان ولا عمل.
(350) حيان بن المغلس بإسناده عن عبد الرحمان بن أبي ليلى، قال: شهد
مع علي صلوات الله عليه يوم الجمل، ثمانون من أهل بدر وألف و
خمسمائة (2) من أصحاب رسول الله صلوات الله عليه وآله.
(351) محمد بن فضل بإسناده عن أبي عبد الله الجدلي، قال: بينا نحن بمكة،
وقد قتل عثمان في ذي الحجة، إذ أقبل طلحة والزبير حتى قدما على
عائشة، فدخلا عليها، فخرج مناديها، فنادى: من كان يريد السير مع
طلحة والزبير فليسر فإن أم المؤمنين سائرة.
قال أبو عبد الله: فدخلت عليها وكنت لها مواصلا (فقلت: يا أم
المؤمنين ما أخرجك رسول الله صلوات الله عليه وآله في غزوة قط) (3) أو في
قتال، ألم يأمرك الله عز وجل أن تقري في بيتك؟ فلم أزل بها أذكرها
وأنشدها حتى رجعت عن الذي أمرت به. فأمرت مناديها، فنادى: من
كان يريد السير مع طلحة والزبير، فليسر! فإن أم المؤمنين قد قعدت.
فلما سمع ذلك طلحة، دخل عليها، فنفث في اذنيها، فخرج مناديها،
فنادى بمثل ندائه الأول.

(1) أي وجدوا.
(2) وفي بحار الأنوار ط قديم 8 / 434 الف وخمسمائة من أصحاب الرسول.
(3) ما بين الهلالين زيادة من نسخة - ب -.
401

فلما كان من وأمرها ما كان، ورجعت إلى المدينة، وقفت ببابها،
فقلت: السلام عليك، أيدخل أبو عبد الله الجدلي؟ فانتحبت، حتى
رحمتها، ثم أذنت لي، فدخلت، وسألتها عن حالها، فجعلت تخبرني بما كان
من أرمها. فقالت: وقعت من الناس يوم الجمل ثلاث غلاء، فسمعت
صوتا لم أسمع مثله قط. فقلت لغلام كان معي: ويحك، اخرج فانظر
ما هذا؟؟ فذهب ثم أتاني، فقال: تواقع القوم. فقلت: الصوت فينا أو
فيهم؟؟ قال: فيكم. قلت: فذاك خير لنا أو شر علينا؟؟ قال: بل شر
عليكم.
ثم سمعت الثانية، فأرسلت الغلام. فقال: مثل ذلك.
ثم سمعت الثالثة، فذهبت لأنظر فإذا أنا في مثل لجة البحر (1)
فبرك الجمل، وجاء رجل، فأدخل يده، فقلت: من أنت، ويلك؟؟
قال: أبغض أهلك إليك! قلت: محمد بن أبي بكر؟ قال: نعم، فلا تسأل
عن عذل (2) ثم جاء الأشتر، فقال: لا تسل عن عذل (3)، وشتم حتى قال
لي: وددت أن السيف كان أصابك.
(ضبط الغريب)
الغلا: جمع غلوة، والغلوة: قدر ما تبلغه رمية السهم، يقال: إن الفرسخ
التام خمس وعشرون غلوة أي رمية السهم.
(352) محمد بن سعيد يرفعه إلى نافع مولى ابن عمر قال: حدثني من نظر إلى

(1) أي: في وسط الحراك والقتال.
(2) أمالي المفيد ص 23.
(3) وفي الأصل: عن عذر.
402

طلحة بن عبيد الله يوم الجمل: قبل القتال، وقد ناداه علي صلوات الله
عليه فخرج إليه، فقال له: يا أبا محمد، أناشدك الله، أما سمعت رسول
الله صلوات الله عليه وآله يقول: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟
قال طلحة: اللهم نعم. قال: فلم جئت تقاتلني وقد سمعت هذا من
رسول الله صلوات الله عليه وآله؟
قال: فانصرف، وقال: لا أقاتلك بعد هذا.
فلما انصرف قال مروان بن الحكم: لا أطلب بثأري بعد هذا اليوم
بدم عثمان (1) فرمى طلحة بسهم فقتله.
(353) جعفر بن سليمان، عن عبد الله بن موسى بن قادم، قال: سمعت
سفيان الثوري يقول - بأعلا صوته -: والله ما أشك، لقد بايع طلحة
والزبير عليا صلوات الله عليه، ولقد نكثا عليه، والله ما وجدا فيه - لا علة
في دين ولا خيانة في مال - (2).
قال: وسمعت سفيان الثوري يحلف باليمين المحرجة ما قاتل عليا
صلوات الله عليه أحد إلا وعلي صلوات الله عليه أولى بالحق منه.
(354) محمد بن إسماعيل بن أبان يرفعه إلى حديفة بن اليمان، إنه قال يوما
لجماعة حوله: كيف أنتم إذا صار أهل ملتكم فرقتين يضرب بعضكم
وجوه بعض بالسيف. قالوا: وإن ذلك لكائن يا أبا عبد الله؟؟
قال: نعم.
قالوا: فكيف نصنع إن نحن أدركنا ذلك؟؟
قال: انظروا إلى الفرقة التي فيها علي بن أبي طالب، أو تدعو إليه

(1) وفي نسخة - ب - من عثمان.
(2) أقول: وقد مر هذا الحديث بهذا السند تحت الرقم 345 بدون هذه الإضافة... يحلف... الخ.
403

أبدا من كانت، فالزموها، فإنها على الهدى.
(355) وبآخر عن علي بن ربيعة، إنه قال: سمعت عليا صلوات الله عليه
على منبركم هذا يقول: عهد إلي النبي صلوات الله عليه وآله أني مقاتل
بعده الناكثين والقاسطين والمارقين.
فهذه نكت وجوامع من أخبار نكث طلحة والزبير وخروجهما مع
عائشة وما كان من أخبار يوم الجمل، وقد ذكرت فيما تقدم إن أحدا لم
يتابع على ذلك طلحة والزبير ولا قال بما قالاه، ولا انتحل إلى اليوم ما
انتحلاه مما ذكرته وأذكره من رجوع طلحة والزبير عن ذلك، وندامة
عائشة عليه وندامة من تخلف عن علي صلوات الله عليه (1) فيه.

(1) أمثال عبد الله بن عمر وسعد بن أبي وقاص.
404

حرب صفين
فأما ما كان بينه وبين معاوية فقد ذكرت جملة قول علي صلوات الله عليه
في ذلك، ومما لم أذكره من جملة ما أردت إثباته وبسطه في هذا الكتاب، وذلك
أن عليا صلوات الله عليه لما فرغ من حرب أصحاب الجمل وقد كان أراد عزل
معاوية عن الشام، فدس إليه من يسأله في إثباته في ولايته، فأبى عليه من
ذلك، وأشار عليه بعض من ينصح له عليه السلام، وقيل إن عبد الله بن العباس
فيمن أشار عليه بذلك (أن يكتب إليه بعهده فإذا دعا له وأخذ بيعته على الناس
عزله) (1) فقال علي صلوات الله عليه: إن هذا لهو الرأي العاجل، فأما فيما بيني
وبين الله عز وجل، فما أجد لنفسي في ذلك عذرا (وما كنت متخذ المضلين
عضدا) (2).
فكتب إليه لما فرغ من أصحاب الجمل يدعوه إلى الدخول فيما دخل الناس
فيه - من بيعته والقدوم عليه -، فأبي معاوية من ذلك. وأتاه عمرو بن العاص
يوافقه على رأيه، ووعده معاوية أن يوليه مصر وأشركه في أمره فلا يخرج عن
رأيه. وكان عمرو داهية من دواهي العرب. وعلم أن ليس له عند علي صلوات

(1) ما بين الهلالين زيادة من نسخة - ب -.
(2) سورة الكهف الآية 51.
405

الله عليه ما يريده، فانحاز إلى معاوية، واتفقا على الخلاف على علي صلوات الله
عليه، وسلكا مسلك أصحاب الجمل في إظهار القيام بثار عثمان (1)، وعمدا
إلى قميص فضرجاه بالدم، ورفعاه على رمح، وجعلا يدوران به في جماعة بعثوا بها
في نواحي (2) الشام، ويقولون هذا دم خليفتكم المقتول ظلما، فقوموا في دمه،
واجتمعت لمعاوية جموع كثيرة لذلك، وسار علي صلوات الله عليه إلى الكوفة،
واجتمع له أهل العراق وأهل الحرمين (3) وأفاضل الصحابة من المهاجرين
والأنصار ممن قد كان شهد معه وقعة الجمل، وغيرهم ممن لحق به بعد ذلك. و
جعل يعذر إلى معاوية ويرسل إليه، فيشترط كما أخبر علي صلوات الله عليه فيما
قدمنا ذكره في هذا الكتاب من الحكاية عنه (4)، واشتراطه على الشروط التي
لا تحل ولا تجوز.
ومعاوية في كل ذلك لا يدعي إلا إنه عامل عثمان على الشام، ويدفع
بيعة علي صلوات الله عليه، ويقول: إنه على إمارة عثمان التي أمره، وعلى ذلك
كان يدعى الأمير، إلى أن قتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه،
فتسمى أمير المؤمنين.
وأما تعلقه بتأمير عثمان إياه، فذلك ما لا يجوز، لان الامارة التي عقدها له
عثمان قد انقطعت بانقطاع أمر عثمان ووفاته، كما أنه لو وكله على شئ من
أمواله، فمات وصار ما وكله عليه ميراثا لورثته لم تبق وكالته إياه، وكان لم
ورث ماله خلعه عن الوكالة أو إثباته.

(1) وفي نسخة - ب - بدم عثمان.
(2) وفي الأصل: ناحية.
(3) أي أهل مكة والمدينة فمكة حرم الله والمدينة حرم الرسول صلى الله عليه وآله.
(4) وقد مر في الحديث 315 المواطن التي امتحنه الله بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله.
406

وهذا ما لا اختلاف فيه بين المسلمين.
(عمار بن ياسر)
وكان عمار بن ياسر رضوان الله عليه فيمن كان مع علي صلوات الله عليه
وكان رسول الله صلوات الله عليه وآله قد قال له: يا عمار تقتلك الفئة
الباغية. وذلك مشهور في الآثار، يرويه الخاص والعام.
فقتل رضوان الله عليه مع علي صلوات الله عليه في حربه مع معاوية، قتله
أصحاب معاوية.
(356) وروى أبو غسان بإسناده عن رسول الله صلوات الله عليه وآله، إنه قال:
ما يريدون من عمار يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار.
(357) سعيد بن كثيرة بن عفير، عن أبي لهيعة يرفعه إلى النبي صلوات الله
عليه وآله إنه قال لعمار: تقتلك الفئة الباغية.
(358) أبو غسان، بإسناده، عن ربيعة بن ناجذ (1) قال: قال عمار - يوم
صفين -: الجنة تحت الأبارقة، والظمآن يرد الماء والماء مورد، اليوم القى
الأحبة محمدا وحزبه.
(359) وبآخر، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، قال عمار بن ياسر
- وهو يسير على شاطي الفرات -: اللهم إنك تعلم إني لو أعلم إن رضاك
عني أن أتردى عن دابتي، فأسقط، فيندق عنقي، لفعلت. لو أعلم إن
رضاك عني (أن أوقد نارا، فألقي نفسي فيها، لفعلت. ولو أعلم إن
رضاك عني) (2) أن أرمي بنفسي في هذا النهر، فأموت فيه، لفعلت.

(1) وفي الأصل: هاجر.
(2) ما بين الهلالين زيادة من نسخة - ب -.
407

اللهم فإني لا أقاتل أهل الشام إلا وأنا أريد (بذلك) وجهك، و
أرجو أن لا تخيبني وأنا أريد وجهك (الكريم).
(360) محمد بن حميد الاصباعي بإسناده عن وأبي عبد الرحمان السلمي، قال:
شهد عمار صفين وان لا يأخذ (1) واديا إلا وأصحاب محمد
صلوات الله عليه وآله يتبعونه كأنه لهم علم، وذلك لما سمعوا من رسول
الله صلوات الله عليه وآله إنه تقتله الفئة الباغية.
وكان معاوية وأصحابه يأثرون ذلك، ويقولون: معنا يقتل عمار،
وسوف يسير الينا. فلما قتلوه مع علي صلوات الله عليه اسقط في أيديهم،
فانبرى (2) عمرو بن العاص وقال: إنا نحن لم نقتل عمارا: وإنما قتله
أصحابه الذين أتوا به.
فقام ذلك في عقول أهل الشام، واتصل قوله بعلي صلوات الله عليه،
فقال: لعن الله عمرا، يا لها من عقول!! إن كنا نحن قتلنا عمارا، لأنا
جئنا به، وكان معنا! فرسول الله صلوات الله عليه وآله وأصحابه قتلوا من
استشهد فيهم من المسلمين.
قال أبو عبد الرحمان: وانتهى عمار يوم صفين إلى هاشم بن عتبة
(المرقال)، وبيده راية علي صلوات الله عليه، وقد ركزها، ووقف وكان
أعور فقال له عمار: يا هاشم، أعورا وجبنا، لا خير في أعور لا يغشى
الناس.
ثم نظر عمار إلى أبي موسى الأشعري، وهو بين الصفين، فقال: يا
هاشم والله لينقضن عهده وليخونن أمانته وليفرن جهده.

(1) في الجوهرة ص 100: لا يأخذ في جهة ولا واد.
(2) انبري: اعترض.
408

ثم حمل عمار وهاشم في أصحاب معاوية وهو يقول (1): أعور يبغي أهله محلا * قد عالج الحياة حتى ملا
لابد أن يفل أو يفلا
وعمار يقول: يا هاشم، الموت في أطراف الأسل والجنة تحت
الأبارقة، ترى محمدا وحزبه في الرفيق الاعلى. قال أبو عبد الرحمان: فما
رأيتهما رجعا من فورهما ذلك حتى قتلا.
(ضبط الغريب)
الأسل: القناة، شبهت لاستوائها بنبات له أو أغصان كثيرة دقاق ولا ورق
له، هو الأسل، واحدة: اسلة، ويقال: إنه الذي ضرب به أيوب عليه السلام
أهله (2).
(361) أبو نعيم: لما قتل عمار دخل خزيمة بن ثابت (الأسدي) فسطاطه،
فشن عليه من الماء، ثم طرح عليه سلاحه. ثم خرج، فحمل في أصحاب
معاوية، فلم يزل يقاتل حتى قتل رضوان الله عليه.
(362) وبآخر عن عمار بن ياسر، إنه قال: والله لو ضربونا حتى يبلغونا

(1) وفي كتاب صفين لنصر بن مزاحم ص 327 هكذا:
قد أكثروا لومي وما أقلا * إني شريت النفس لن أعتلا
أعور يبغي نفسه محلا * لابد أن يفل أو يفلا
قد عالج الحياة حتى ملا * أشدهم بذي الكعوب شلا
مع ابن عم أحمد المعلى * فيه الرسول بالهدى استهلا
أول من صدقه وصلى * فجاهد الكفار حتى أبلى
(2) وذلك إنه حلف على امرأته لأمر أنكره من قولها إن عوفي ليضربها مائة جلدة، فقيل له:
خذ ضغثا بعدد ما حلفت فاضربها به دفعة واحدة، فإنك إذا فعلت ذلك برت يمينك.
409

شعاف (1) هجر لعلمت إنا على الحق وإنهم على الباطل.
الشعاف: رؤوس الأثافي المستديرة، ورؤوس الجبال أيضا.
(ضبط الغريب)
(363) عبد الله بن جعفر، بإسناده، إن رسول الله صلوات الله عليه وآله نظر
إلى عمار وهو يبني مسجد المدينة، والناس ينقلون اللبن والحجر، حجرا
حجرا، وعمار ينقل حجرين حجرين.
فقال له النبي صلوات الله عليه: أتحمل لي نفسك يا عمار؟
فقال: يا رسول الله، إني والله مع ذلك لمحموم.
فقال رسول الله صلوات الله عليه وآله: إن الله قد ملا قلب عمار و
سمعه وبصره إيمانا، لا يعرض عليه أمر حق إلا قبله، ولا أمر باطل إلا
رده، تقتله الفئة الباغية، آخر زاده من الدنيا ضياح من لبن، وقاتلاه
وسالباه في النار.
وقد فسر الضياح في غير هذا المكان من الكتاب وهو: اللبن الخاثر
يصب فيه الماء حتى ينضح ويرق ويطيب.
(364) أبو نعيم، بإسناده، ن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلوات
الله عليه وآله: ثلاثة تشتاق إليهم الجنبة: علي وعمار و سلمان.
(365) أحمد بن ثابت بإسناده عن بشير بن تميم، إنه قال: نزل في أبي جهل
وعمار: (أفمن يلقى في النار) يعني أبا جهل (خير أم من يأتي آمنا

(1) وفي كشف الغمة 1 / 260: بلغونا سعفات.
السعفات: جمع سعفه بالتحريك وهي أغصان النخيل وقيل إذا يبست سميت سعفة.
وإنما خص هجر للمساعدة في المسافة ولأنها موصوفة بكثرة النخيل. وهجر يسمى اليوم بالأحساء.
410

يوم القيامة) (1) يعني عمار بن ياسر.
(366) الليث بن سعد، بإسناده: إن أول من بايع رسول الله صلوات الله
عليه وآله يوم الشجرة عمار.
(367) أبو غسان، بإسناده، عن علي صلوات الله عليه قال: استأذن عمار
على رسول الله صلوات الله عليه وآله فعرف صوته.
فقال: مرحبا بالطيب المطيب (ائذنوا له).
(368) وبآخر، عن الأشتر، قال: نازع عمار خالد بن الوليد، فشكاه إلى
رسول الله صلوات الله عليه وآله. فقال: يا خالد لا تسب عمارا، فإنه من
سب عمارا سبه الله ومن أبغض عمارا أبغضه الله (2).
قال خالد: استغفر الله لي يا رسول الله.
(369) إسماعيل بن أبان - بإسناده، عن عائشة إنها قالت: ما من أصحاب
محمد إلا من لو شئت أن أقول فيه لقلت غير عمار، فإنه قد ملئ - من
كعبيه إلى عنقه - إيمانا.
(370) سفيان الثوري، بإسناده، عن عمر، إنه كتب إلى أهل الكوفة: إنه
قد بعثت إليكم عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود (3)، وهما من النجباء
من أصحاب محمد من أهل بدر، فاقتدوا بهما، واسمعوا منهما، فقد آثرتكم
بهما على نفسي.
(371) صالح بن محمد الأصبهاني، بإسناده عن زياد مولى عمرو بن العاص.
قال: أهدى عمرو بن العاص إلى أصحاب النبي صلوات الله عليه وآله

(1) فصلت: 40.
(2) وفي نسخة ب: ومن أبغض عمارا أبغضه الله ومن سب عمارا فقد سبه الله. كرر الجملة
الأخيرة.
(3) وفي الدرجات الرفيعة ص 257: إني بعثت إليكم عمار بن ياسر أميرا وابن مسعود معلما.
411

ففضل عمارا عليهم! فقيل له في ذلك. فقال: إني سمعت رسول الله
صلوات الله عليه وآله يقول: تقتله الفئة الباغية.
(372) أبو أحمد، بإسناده، عن حذيفة بن اليمان، إنه لما احتضر، قيل له (1)
أوصنا!، فقال: أما إذا قلتم ذلك، فأسندوني، فأسندوه. فقال: سمعت
رسول الله صلوات الله عليه وآله يقول: أبو اليقطان على الفطرة لا يدعها
(ثلاث مرات. لا يدعها حتى يموت) (2).
(373) وبآخر، عن رسول الله صلوات الله عليه وآله، إنه قيل له: إن عمارا
وقع عليه حائط (3)، فمات. فقال: لا يموت عمار موتة، إنما تقتله الفئة
الباغية، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار.
(374) وبآخر عن عمار، إن رجلا قال - يوم صفين -: يا أبا اليقطان ألا
تقسم اليوم كما أقسمت يوم الجمل قال: أقسم بالله أنا على الحق،
وهؤلاء على الباطل.
(375) وبآخر عن عبد الله بن الحارث، قال: اني لأساير معاوية ومعه عمر و
(بن العاص وابنه عبد الله، إذ قال عبد الله بن عمرو) (4) سمعت رسول
الله صلوات الله عليه وآله يقول - لعمار -: تقتلك الفئة الباغية. فقال
عمرو لمعاوية: اسمع ما يقول: هذا الحدث: (5) نحن ما قتلناه، إنما
قتله من جاء به (6).

(1) وفي الأصل: إنه احتضر قيل له.
(2) هذه الزيادة في بحار الأنوار ط قديم 8 / 522.
(3) وفي كنز العمال 4 / 74: وقع عليه حجر.
(4) ما بين القوسين زيادة من نسخة ب.
(5) هكذا في الأصل وفي مسند أحمد 2 / 161: ألا تسمع ما يقول هذا؟ فقال معاوية: لا تزال تأتينا
بهنة أنحن قتلناه؟
(6) لقد مر في الحديث 360 جواب أمير المؤمنين صلوات الله عليه على هذا القول.
412

(376) الأعمش، قال: حدثنا سفيان الثوري، قال: (كنت جالسا مع
عمار ومعه أبو مسعود وأبو موسى) (1) فقالا له: يا عمار، ما وجدنا
عليك في شئ إلا في سرعتك في هذا الامر - يعنيان قيامه مع علي
صلوات الله عليه، وخروجه إلى البصرة -.
فقال لهما عمار: وإنا ما وجدت عليكما إلا تخلفكما عنه.
(377) أبو غسان، بإسناده، عن حذيفة، إنه قيل له - حين قتل عثمان - يا
أبا عبد الله، إن أمير المؤمنين قد قتل فمن تأمر أن نبايع بعده؟؟
قال: اتبعوا عمارا فمن تبعه عمار، فاتبعوه.
فقالوا: إن عمار مع علي صلوات الله عليه لا يفارقه.
قال حذيفة: إن الحسد أهلك الجسد، وإنما يقربكم من علي صلوات
الله عليه قرب عمار منه، فوالله لعلي خير من عمار بأبعد ما بين التراب
والسحاب، وإنما عمار لمن الأخيار.
(378) عثمان بن أبي شيبة، عن أبيه، عن هشام بن الوليد بن المغيرة (2)،
قال: كنت أمرض عمارا في مرضه، فجاء معاوية إليه يعوده.
فقال: اللهم لا تجعل ميتته بأيدينا، فأني سمعت رسول الله صلوات
الله عليه وآله يقول: تقتل عمارا الفئة الباغية.
ذكرنا ما ذكرنا من فضل عمار رحمة الله عليه وقول رسول الله صلوات الله
عليه فيه لما أردنا تأكيده وبيانه، من أن معاوية وأصحابه من أهل الشام الذين
قاتلوا عليا صلوات الله عليه ومن معه من أهل البغي. وأن عليا صلوات الله
عليه ومن معه هم أهل العدل. وإن كان عامة الأمة على القول بذلك. وبسيرة

(1) ما بين القوسين زيادة من نسخة ب.
(2) وفي كنز العمال 7 / 73: ابنة هشام بن الوليد بن المغيرة وكانت تمرض عمارا.
413

علي صلوات الله عليه فيهم وفي أهل الجمل، وما حكم به في قتلهم وأموالهم
وذراريهم، قال جماعة - المنسوبين إلى الفتيا - من العامة، وأوجبوا مثل ذلك في
أهل البغي إذا قاتلهم أهل العدل، وقد أمر الله عز وجل بقتال أهل البغي،
وأوجبه في كتابه وأذن في قتلهم كما أوجب قتال المشركين وأذن في قتلهم بقوله
عز من قائل: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت
إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله) (1) فمعاوية
وأصحابه أهل بغي بحكم رسول الله صلوات الله عليه وآله وإجماع عامة المسلمين
إلا من شذ ممن انتحل الاسلام من أتباعهم، ولم يفئ معاوية حتى مات. وتوسل
إلى الإمامة به من تغلب عليها من بني أمية إلى اليوم. فهم على ذلك أهل بغي
بمنزلة، وواجب على المسلمين قتالهم. ومن انتزع ما اغتصبوه بمثل ما هم عليه
من أيديهم - أعني به بني العباس ومن اتبعهم - فقتالهم (2) كذلك وأيضا واجب
مع فئة أهل العدل وهم الذين قاموا باستخلاف علي صلوات الله عليه إياهم
من الأئمة من ذريته صلوات الله عليهم أجمعين الذين قاموا من بعده مقامه،
فواجب على جميع المسلمين جهاد من خالفهم معهم حتى يفيئوا إلى طاعتهم كما
فعل ذلك أفاضل الصحابة والتابعين مع أمير المؤمنين صلوات الله عليه.
وسنذكر فيما بعد إن شاء الله تعالى من شهد حربه منهم ومن استشهد معه
من جماعتهم ما سمعوا من كتاب الله عز وجل ومن توقيف رسوله صلوات الله
عليه وآله على ذلك مما قد ذكرنا في هذا الكتاب بعضه ونذكر فيما بقي منه باقيه
إن شاء الله تعالى.
تم الجزء الرابع من كتاب شرح الاخبار في فضائل الوصي الكرار.
والحمد الله وحده وصلاته على سيدنا محمد وآله الطاهرين وسلم تسليما.

(1) الحجرات: 9.
(2) وفي الأصل: فقاتلهم.
414

تخريج الأحاديث
415

بسم الله الرحمن الرحيم
نذكر هنا شواهد الأحاديث المذكورة في المتن أو متابعاتها، كما نحاول ذكر
المزيد من المصادر التي أخرجت الحديث، والارجاع إلى أكبر قدر ممكن من المراجع
العامة المتكفلة لتقوية كل حديث متنا أو سندا أو كليهما مع تقديم ما يقرب
- من حيث اللفظ - لما ذكر في منن الكتاب.
(1) رواه ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص 51 عن أحمد، عن إبراهيم بن
عبد الله، عن محمد بن عبد الله الرومي، عن شريك، عن سلمة بن كهيل،
عن الصنابجي... الحديث.
وذكر أيضا أن سويد بن غفلة رواه أيضا عن الصنابجي.
(2) رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 83 الحديث 124، عن الفضل بن محمد
الأصفهاني، عن محمد بن موسى الصيرفي، عن محمد بن يعقوب الأصم،
عن محمد بن عبد الرحيم الهروي، عن عبد السلام بن صالح، عن أبي
معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس... الحديث.
وأخرجه الحاكم النيسابوري في المستدرك 3 / 126 ورواه أيضا
البحراني في غاية المرام ص 520 الباب 29 الحديث 2 و 6.
417

ورواه ابن الأثير في أسد الغابة 4 / 22.
ورواه ابن حجر في تهذيب التهذيب 6 / 320 و 7 / 427.
ورواه المتقي في كنز العمال 6 / 152.
(3) روى ابن المغازلي في مناقبه ص 87 - الحديث 129 عن محمد بن أحمد،
عن محمد بن المظفر، عن محمد بن محمد الباغندي، عن سويد، عن
شريك، عن سلمة بن كهيل، عن الصنابجي، عن علي عليه السلام...
الحديث.
ورواه أبو نعيم، عن الأصبغ بن نباتة، عن الحارث، عن أمير
المؤمنين... (في حيلة الأبرار 1 / 64).
ورواه الترمذي في سننه الباب 20 من المناقب عن الصنابجي
وكذلك البغوي في المصابيح 2 / 275.
(4) روى ابن المغازلي في مناقبه ص 85 الحديث 126: عن محمد بن أحمد
النحوي، عن إبراهيم بن عمر، عن محمد بن عبد الله بن المطلب، عن أحمد
بن محمد، عن محمد بن عبد الله بن عمر اللاحقي، عن علي بن موسى
الرضا (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده: جعفر بن محمد، عن أبيه، عن
جده و: علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)...
الحديث.
وأخرجه القندوري في ينابيع المودة 73.
(6) بهذا اللفظ ذكره الكنجي في كفاية الطالب ص 383 مرسلا، أما
المضمون - ولكن بألفاظ مختلفة - فقد ذكره كثيرون منهم البحراني في غاية
المرام ص 530 الباب 39 و 40 بطرق عديدة فراجع هناك، والأربلي في
كشف الغمة 1 / 116.
(7) وروى ابن الأثير في أسد الغابة 6 / 22 عن يحيى بن معين عن عبدة بن
418

سليمان قال: قلت لعطاء... الحديث. ورواه ابن عبد ربه في
الاستيعاب 2 / 462 والمحب الطبري في الرياض النضرة 2 / 194.
(8) رواه النسائي في خصائصه ص 136 الحديث 68 عن بشر بن هلال،
عن جعفر بن سليمان، عن يزيد الرشك عن مطرف بن عبد الله، عن
عمران بن حصين، عن رسول الله صلى الله عليه وآله... الحديث.
ورواه البحراني في غاية المرام ص 457 الحديث 15.
ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 114 وأضاف: فلا تخالفوه
في حكمه.
ورواه المتقي في كنز العمال 6 / 399.
ورواه ابن المغازلي في مناقبه ص 223 الحديث 270.
ورواه الترمذي في صحيحه 2 / 297.
(9) رواه أحمد بن إسماعيل في كتاب (الأربعين المنتقى في مناقب
المرتضى) الباب السادس: الحديث 9 عن محمد بن محمد بن يعقوب،
عن محمد بن الحسن، عن يحيى بن محمد، عن الحسن بن مسلم الكوفي،
عن يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الغفار، عن الحكم بن
عيينة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس... الحديث.
ورواه التلمساني في الجوهرة ص 64 عن أبي داود الطيالسي عن
أبي عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس... الحديث.
(11) رواه أحمد بن حنبل في مسنده 5 / 356 - بتفاوت - عن أبي نمير، عن
الأجلح الكندي عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه... الحديث.
ورواه البحراني في غاية المرام ص 456 الباب 5 الحديث 2.
(13) رواه النسائي في خصائصه ص 147 الحديث 77 عن زكريا بن يحيى،
عن عبد الله بن عمر، عن أسباط بن محمد، عن فطر، عن عبد الله بن
419

شريك، عن عبد الله بن رقيم، عن سعد... الحديث.
(14) روى البحراني في غاية المرام 2 / 214 الحديث 18 عن موفق بن أحمد
قال في قوله تعالى: (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه)
- هود 17 - قال: ابن عباس: هو علي يشهد للنبي وهو منه.
ورواه البحراني في غاية المرام ص 359 الباب 63 الحديث 2
مسندا.
(15) و (16) روى البحراني في تفسير البرهان (المقدمة / ص 195) عن سليم
بن قيس عن علي عليه السلام قال: إن الله إيانا عنى بقوله: شهداء على
الناس. فرسول الله شاهد علنيا ونحن شهداء الله على خلقه.
وعن الصادق عليه السلام في قوله تعالى: (فكيف إذا جئنا من
كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) قال: نزلت في أمة محمد
خاصه وفي قرن منهم إمام منا شاهد عليهم ومحمد شاهد علينا.
وروى عنه عليه السلام إنه قال: لا يكون شهداء على الناس إلا
الرسل والأئمة دون سائر الأمة. فإنه غير جائز أن يستشهد الله بهم وفيهم من
لا تجوز شهادته في الدنيا على آخرته.
وقال البحراني أيضا في 2 / 378 الحديث 5: قال الصادق
عليه السلام: لكل زمان وأمة شهيد تبعث كل أمة مع إمامها.
(18) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق ص 384 الحديث 443: عن محمد
بن معمر بن أحمد، عن رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، عن أحمد بن
محمد الواعظ، عن يوسف بن يعقوب، عن جده عن أبيه، عن غياث بن
إبراهيم، عن موسى الجهني، عن فاطمة بنت علي، عن أسماء بنت
عميس... الحديث.
(19) روى المجلسي في بحار الأنوار 37 / 261 الحديث 20، بإسناده عن
420

عبد الله بن أحمد، عن أبيه، عن وكيع عن فضل بن مرزوق، عن عطية
العوفي، عن أبي سعيد الخدري... الحديث.
(20) روى النسائي في الخصائص ص 119 الحديث 55 عن محمد بن
المثنى، عن أبي بكر الحنفي، عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن
سعد بن مالك... الحديث.
ورواه أيضا ابن عساكر في تاريخه (ترجمة الإمام علي عليه السلام)
ص 383 الحديث 442 الحديث.
(21) وفي البداية النهاية 5 / 213 عن أحمد بن حازم، عن أبي نعيم، عن
حبيب بن أبي ثابت، عن يحيى بن جعدة، عن زيد بن أرقم...
الحديث.
(22) رواه المؤلف أيضا " في الجزء الثاني من هذا الكتاب تحت الرقم 222
وذكرت المصادر في آخر ذلك الجزء، فراجع.
(23) رواه ابن عساكر في تاريخه (ترجمة الإمام علي عليه السلام) ص 60
الحديث 558، عن علي بن المسلم القرضي، عن عبد العزيز بن أحمد، عن
أبي محمد بن أبي نصر، عن جعفر بن محمد الكندي، عن أحمد بن
عبد الرحيم، عن محمد بن عيسى، عن المطلب بن زياد، عن عبد الله بن
محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله الأنصاري... الحديث.
(25) رواه البحراني في تفسير البرهان 1 / 490 الحديث 7 بهذا السند
والمضمون ولكن بتفاوت بسيط في الألفاظ، ورواه مختصرا في ص 480
أيضا.
(27) يذكر المؤلف سند هذه الرواية فيما يأتي (راجع عنوان: علي عليه السلام
الوصي والخليفة وأمير المؤمنين) حيث قال: حدثنا محمد بن حميد قال:
حديثنا سلمة بن الفضل قال: حدثنا محمد بن إسحاق عن عبد الغفار بن
421

القاسم، عن المنهال بن عمر، عن عبد الحارث بن نوفل، عن العباد بن
الحارث بن عبد المطلب، عن ابن عباس، عن علي عليه السلام... وذكر
الحديث.
ورواه المفيد في الارشاد ص 29 وابن شهرآشوب في المناقب 2 / 24
والبحراني في غاية المرام ص 66 الحديث 2 وص 78 الحديث 21 واليعقوبي
في تاريخه 2 / 27 والمفيد أيضا في أماليه ص 205 والحسكاني في شواهد
التنزيل 1 / 420.
(28) أخرجه الأميني في الغدير 1 / 188 عن إبراهيم بن الحسين بن علي
الكسائي، عن يحيى بن سليمان الجعفي، عن ابن فضيل، عن الحسن بن
الحكم الجعفي، عن رياح بن الحارث النخعي... الحديث.
ورواه أيضا أحمد بن حنبل في مسنده 5 / 419 والهيثمي في مجمعه
9 / 103.
(29) أخرج الحافظ أبو بكر بن مردويه كما في كشف الغمة ص 93 عن
حبيب بن يسار عن أبي رملة. ورواه أيضا المحب الطبري في الرياض
النضرة 2 / 169.
وروى ابن الأثير في أسد الغابة 1 / 368 عن أبي مريم زر بن حبيش
الحديث بفارق بسيط وأضاف: فقام اثنى عشر منهم: قيس بن ثابت بن
شماس، وهاشم بن عتبة، وحبيب بن بديل بن ورقاء.
(30) ذكره المحب الطبري في الرياض النضرة 2 / 169 بعد ذكر المناشدة.
(31) نقل المحب الطبري في الرياض النضرة 2 / 195 رواية مشابهة حيث
قال: أخرج ابن السمان عن عمر وقد نازعه رجل في مسألة، فقال: بيني
وبينك هذا الجالس وأشار إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فقال
الرجل: هذا الا بطن. فنهض عمر عن مجلسه وأخذ بتلبيبه حتى شاله من
422

الأرض ثم قال: أتدري من صغرت؟ مولاي ومولى كل مسلم.
(32) نقله ابن أبي شيبة في فضائل علي عليه السلام 6 / 156 عن شريك عن
عياش بن عمر والعامري التميمي عن عبد الله بن شداد قال: قدم على
رسول الله صلى الله عليه وآله وفد آل سرح من اليمن، فقال لهم رسول الله
صلى الله عليه وآله: لتقيمن الصلاة ولتوقف الزكاة ولتسمعن ولتطيعن أو
لأبعثن إليكم رجلا كنفسي يقاتل مقاتليكم ويسبي ذراريكم اللهم أنا
أؤمن هو كنفسي، ثم أخذ بيد علي.
ورواه البلاذري في أنساب الأشراف ج 1 / 319 الحديث 85.
(33) وروى قريبا منه المحب الطبري في الرياض النضرة 2 / 164 خرجه
عبد الرزاق. وابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة ص 77 قريبا له.
(34) روى أحمد بن شعيب النسائي في خصائصه 140، عن العباس بن
محمد الدوري، عن الأحوص بن جواب، عن يونس بن أبي إسحاق، عن
أبي إسحاق، عن زيد بن يثيع، عن أبي ذر (مع تفاوت بسيط).
ورواه أيضا الكنجي في كفاية الطالب ص 288 وابن الجوزي ص
45 والبحراني في غاية المرام ص 651 الباب 105 الحديث 2.
(35) روى المجلسي في بحار الأنوار 35 / 49 الحديث 2 عن الحسين بن يحيى
بن ضريس، عن معاوية بن صالح، عن أبي عوانة، عن محمد بن يزيد،
عن عبد الله بن ميمون، عن ليث، عن مجاهد عن ابن عمر... الحديث
(ويشابه ما رواه المؤلف).
ورواه أيضا الهيثمي في مجمع 9 / 121 والمتقي في كنز العمال
6 / 404 والمحب الطبري في الرياض النضرة 2 / 167.
(36) روى النسائي في خصائصه ص 143 الحديث 74 عن أحمد بن
سليمان، عن يحيى بن آدم، عن إسرائيل عن أبي إسحاق، عن حبشي
423

بن جنادة السلولي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: علي مني وأنا
منه ولا يؤدي عنى إلا أنا أو علي.
ورواه الترمذي في سننه 5 / 636 وابن ماجة في سننه 1 / 42.
وأما البحراني في غاية المرام ص 459 الحديث 30 روى الحديث
نصا بسنده فراجع.
(40) رواه أحمد بن حنبل في كتاب الفضائل (مناقب أمير المؤمنين) الحديث 174 عن هيثم بن خلف، عن محمد بن أبي عمر الدوري، عن شاذان،
عن جعفر بن زياد، عن مطر، عن أنس قال: قلنا لسلمان: سل النبي من
وصية؟ فقال له سلمان: يا رسول الله من وصيك... الحديث.
(42) روى البحراني في غاية المرام ص 171 الباب 23 الحديث 23: عن
ابن بابويه عن محمد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن إبراهيم
بن هاشم، عن عبد السلام بن صالح، عن محمد بن يوسف القرباني، عن
سفيان بن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن حبيب بن الجهم..
الحديث مفصلا.
ورواه مع تفاوت ابن شاذان في الفضائل ص 142 وابن
شهرآشوب في المناقب 2 / 265 عن محمد بن القيس.
(43) رواه علي بن سلطان في مرقاة المفاتيح 5 / 602 عن أبي أيوب
الأنصاري... الحديث. والمحب الطبري في ذخائره ص 44.
(45) رواه البحراني في غاية المرام ص 16 الباب الثاني الحديث 1 عن موفق
بن أحم، عن الحسن بن أحمد العطار الهمداني، عن الحسين بن أحمد
المقري، عن أحمد بن عبد الله الحافظ، عن محمد بن أحمد بن علي بن مخلد،
عن محمد بن عثمان، عن شيبة، عن إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن علي بن عابس، عن الحرث بن الحصين، عن القسم بن جندب، عن
424

أنس بن مالك، قال... (فذكر الحديث).
ورواه أيضا أبو نعيم في حلية الأولياء 1 / 63 والمفيد في الارشاد
ص 27.
(46) رواه المتقي في كنز العمال 6 / 221 وأخرجه الطبراني وابن عساكر عن
ابن عباس والهيثمي في مجمعه 9 / 184.
(50) رواه المجلسي في بحار الأنوار 8 / 87 ط قديم عن محمد بن عمر بن علي
عن أبيه عن أبي رافع، قال: قال: إني لعند أبي بكر إذ طلع علي والعباس
الحديث.
(51) روى المجلسي في بحار الأنوار 40 / 66 الحديث 100 عن أبي المفضل،
عن محمد بن فيروز الجلاب، عن محمد بن الفضل بن مختار، عن أبيه،
عن الحكم بن ظهير، عن أبي حمزه الثمالي، عن القاسم بن عوف، عن أبي
الطفيل، عن سلمان... الحديث.
والمحب الطبري في الذخائر العقبى ص 135 يرويه عن علي بن علي
الهلالي، عن أبيه.. الحديث. والهيثمي في مجمعه 9 / 165.
(52) رواه البحراني في تفسير البرهان 1 / 319 الحديث 4 عن ابن عباس أن
عليا عليه السلام (فذكر الحديث).
(53) رواه المفيد في الارشاد ص 28 عن المظفر بن محمد، عن محمد بن أحمد
بن أبي الثلج، عن جده، عن عبد الله بن داهر، عن أبي داهر بن يحيى
الأحمري المقري، عن الأعمش، عن عبابة الأسدي، عن ابن عباس: أن
النبي صلى الله عليه وآله قال لام سلمة (ره): اسمعي واشهدي هذا علي
أمير المؤمنين وسيد الوصيين.
ورواه أيضا المجلسي في بحار الأنوار 37 / 337 الحديث 78.
(58) رواه الهيثمي في مجمعه 9 / 113 عن سلمان... الحديث.
425

(61) رواه أحمد بن إسماعيل القزويني المتوفي 590 في كتاب الأربعين
الباب الثاني، عن موفق بن سعيد، عن الحسين بن محمد بن حمويه
الصفار، عن عبد الرحمان بن حمدان، عن عبد الله بن محمد بن زياد عن
أحمد بن إبراهيم بن عبد الله، عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، عن شابة
بن سوار المدائني، عن نعيم بن حكيم، عن أبي مريم، عن علي: أن النبي صلى الله عليه وآله أخذ بيده يوم غدير خم. فقال: اللهم من كنت مولاه
فعلي مولاه.
(62) روى أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 253 عن عفان، عن يزيد بن أبي
زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قدمنا مع رسول الله صلى الله
عليه وآله حجاجا... إلى قوله: وقدم علي من اليمن فقال له رسول الله: بما
أهللت؟ فقال: أهللت بما أهللت به. قال: فهل معك هدي. قال: لا.
قال صلى الله عليه وآله: فأقم كما أنت ولك ثلث هديي.
قال: وكان مع رسول الله صلى الله عليه وآله مائة بدنة.
(63) روى أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 260 عن يعقوب، عن أبيه، عن أبي
إسحاق، عن رجل، عن عبد الله بن بخيع، عن مجاهد بن جبر، عن ابن
عباس، قال: أهدى رسول الله صلى الله عليه وآله في حجة الوداع مائة
بدنة نحر منها ثلاثين بدنة بيده، ثم أمر عليا عليه السلام فنحر ما بقي
منها، وقال: قسم لحومها وجلودها بين الناس، ولا تعط جزارا منها شيئا،
وخذ لنا من كل بعير خذية من لحم، ثم اجعلها في قدر واحدة حتى نأكل
من لحمها ونحسو من مرقها، ففعل.
وقد ذكر أحمد بن حنبل في مسنده طرقا عديدة للحديث راجع
1 / 159 و 320 و 123 و 79 و 143 و 154 و 112 و 132 وفي 3 / 331.
(64) رواه الكنجي في كفاية الطالب ط 3 ص 63 عن الحسين بن
426

إسماعيل المحاملي عن الكاشغري، عن أحمد بن عبد الغني، عن ابن البطر،
عن ابن البيع، عن المحاملي، عن يوسف بن موسى، عن عبيد الله بن
موسى، عن فطر بن خليفة، عن أبي إسحاق، عن عمرو، وعن سعيد بن
وهب، وعن زيد بن يثيع، قالوا: سمعنا عليا يقول في الرحبة: أنشدكم
الله ولا انشد إلا من سمعت أذناه ووعى قلبه. فقام نفر فشهدوا أن
رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟
قالوا: بلى يا رسول الله. قال: فأخذ بيد علي بن أبي طالب، ثم قال:
من كنت مولاه فهذا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأحب
من أحبه وأبغض من أبغضه وانصر من نصره واخذل من خذله.
(65) روى البحراني في غاية المرام ص 615 الحديث 7 عن ابن بابويه عن
محمد بن عمر البغدادي، عن محمد بن أحمد بن ثابت، عن محمد بن
الحسن بن العباس، عن حسن بن حسين العرني، عن عمرو بن ثابت،
عن عطا بن السائب، عن أبي يحيى، عن ابن عباس. قال: صعد
رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر فخطب، واجتمع الناس إليه فقال: يا
معشر المؤمنين إن الله أوحى إلي، أني مقبوض وأن ابن عمي عليا
مقتول، أيها الناس أخبركم خيرا إن عملتم به سلمتم وإن تركتموه هلكتم
وأن ابن عمي عليا، وهو أخي ووزيري وهو خليفتي وهو المبلغ عني.
الحديث.
وروى الكنجي في كفاية الطالب ص 196 عن الزهري عن
عبد الرحمان بن مالك عن جابر بن عبد الله قال: سمعت علي بن أبي
طالب ينشد ورسول الله صلى الله عليه وآله يسمع:
أنا أخو المصطفى لا شك في نسبي * معه ربيت وسبطاه هما ولدي
جدي وجد رسول الله متحد * وفاطم زوجتي لا قول ذي فند
427

صدقته وجميع الناس في ظلم * من الظلالة والاشراك والنكد
فالحمد لله شكرا لا تعادله * البر بالعبد والباقي بلا أمد
فتبسم رسول الله. وقال: صدقت يا علي.
(66) روى الحديث السيد ابن طاووس المتوفى 664 ه‍ في كتابه اليقين
ص 58 عن سهل بن عبد الله، عن علي بن عبد الله، عن إسحاق بن
إبراهيم الديري، عن عبد الرزاق بن هاشم، عن معمر بن عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: كنا جلوسا مع النبي صلى الله
عليه وآله إذ دخل علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال: السلام عليك
يا رسول الله، قال: وعليك السلام يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته،
فقال علي عليه السلام: وأنت حي يا رسول الله! قال: نعم وأنا حي يا
علي... فأنت يا علي أمير المؤمنين في السماء وأمير المؤمنين في الأرض لا
يتقدمك بعدي إلا كافر ولا يتخلف عنك بعدي إلا كافر. وأن أهل
السماوات يسمونك أمير المؤمنين.
(67) ورواه غيره بنفس المضمون كما ذكر البحراني في غاية المرام ص 475
عن أبي ذر وابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 111 عن أم مجتبى بنت
ناصر عن إبراهيم بن منصور عن أبي بكر بن جعفر بن سليمان الضيعي،
عن عبد الله بن المثنى، عن عبد الله بن أنس، عن أنس بن مالك أنه
قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وآله حجل مشوي بخبر وصنابة،
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم أئتني بأحب خلقك إليك
يأكل معي من هذا الطعام. فقالت عائشة: اللهم اجعله أبي، وقالت
حفصة: الله اجعله أبي، قال أنس: وقلت: اللهم اجعله سعد بن
عبادة، قال أنس: فسمعت حركة بالباب، فخرجت فإذا علي بالباب،
فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وآله على حاجة، فانصرف ثم سمعت
428

حركة بالباب، فخرجت فإذا علي بالباب، فقلت: إن رسول الله صلى
الله عليه وآله على حاجة، فانصرف، ثم سمعت حركة بالباب، فسلم
علي، فسمع رسول الله صلى الله عليه وآله صوته، فقال: انظر من هذا،
فخرجت فإذا هو علي، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبرته.
فقال: ائذن له، فدخل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم وال من والاه.
ورواه ابن كثير في البداية النهاية 7 / 353 عن أبي رافع.
(70) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 168 حديث 658 عن أبي المظفر
بن المقشيري عن أبي القاسم، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سعد
بن حمويه السنوي، عن هيثم بن خالد، عن عبد السلام، عن أبي
الجحاف، عن جميع بن عمير الليثي قال: دخلت مع عثمان على
عائشة، فقلت لها: يا أم المؤمنين، أي الناس كان أحب إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله قالت: فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
قلت: فمن الرجل؟ قالت: زوجها، وأيم الله إن كان ما علمت صواما
قواما جديرا أن يقول ما يحب الله.
وروى الترمذي في الصحيح 2 / 319 بسنده عن جميع بن عمير
التميمي قال: دخلت مع عمتي على عائشة: فسألت: أي الناس كان
أحب إلى رسول الله؟ قالت: فاطمة. فقيل من الرجال. قالت: زوجها
إن كان ما علمت صواما قواما.
وروى أيضا في المستدرك 3 / 57 والخطيب البغدادي في تاريخه
11 / 430 وكنز العمال 6 / 400 والطبري في الذخائر 35 ذلك.
ورواه أيضا ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 165 عن محمد بن علي
بن عبد الله، عن محمد بن عبد العزيز بن محمد الفارسي عن عبد الرحمان
429

بن أحمد بن أبي شريح، عن يحيى بن محمد بن صاعد، عن يوسف بن
محمد بن سابق القرشي، عن يحيى بن عبد الله بن أبي عيينة، عن أبيه،
عن ابن إسحاق الشيباني عن جميع بن عمير، عن عائشة، قال دخلت
عليها مع أمي وأنا غلام فذكرت عليا، فقالت عائشة: ما رأيت رجلا قط
كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله منه، ولا امرأة أحب إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله من امرأته.
(71) رواه ابن شهرآشوب في مناقبه 2 / 224 عن أبي بكر بن عياش وأبي
الجحاف وعثمان بن سعيد كلهم عن جميع بن عمير عن عائشة: ولقد
سالت نفس رسول الله صلى الله عليه وآله في كف علي فردها إلى فيه.
قال الحميري:
وسالت نفس أحمد في يديه * فألزمها المحيا والجبينا
(72) وبهذا المضمون روى ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 167 عن عمر
بن إبراهيم الزيدي، عن محمد بن أحمد بن علان، عن محمد بن جعفر بن
محمد بن الحاكم، عن محمد بن القاسم بن زكريا، عن عباد بن يعقوب،
عن أبي عبد الرحمان عن كثير النوا، عن جميع بن عمير، عن عائشة. قال:
قلت لها: من كان أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال:
قالت: أما من الرجال فعلي وأما من النساء ففاطمة.
(73) رواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 92 باختلاف يسير عن جميع بن
عمير: إن أمه وخالته دخلتا على عائشة. (فساق الحديث بطوله). ورواه
أيضا أبو بكر بن أبي شيبة في فضائل علي ج 6 / 157 عن أبي بكر بن
عياش عن صدقة بن سعيد عن جميع بن عمير قال (الحديث).
(74) رواه ابن المغازلي في المناقب ص 55 عن أحمد بن محمد بن عبد الوهاب
بن طاوان، عن الحسين بن محمد العلوي، عن أحمد بن محمد الجواربي،
430

عن أحمد بن حازم، عن سهل بن عامر البجلي عن أبي خالد الأحمر، عن
مجالد، عن الشعبي، عن مسروق قال: قالت عائشة: يا مسروق إنك من
ولدي، وإنك من أحبهم إلي فهل عندك علم من المخدج؟ قال: قلت:
نعم، قتله علي بن أبي طالب على نهر يقال لأعلاه تأمرا ولأسفله النهروان
بين احقاق وطرقاء. قالت: ابغني على ذلك بينة، فأتيتها بخمسين رجلا
من كل خمسين بعشرة - وكان الناس إذ ذاك أخماسا - يشهدون أن عليا
عليه السلام قتله على نهر يقال لأعلاه تأمرا ولأسفله النهروان بين احقاق
وطرقاء. فقلت: يا أمة، أسألك بالله وبحق رسول الله صلى الله عليه وآله
وبحقي - فإني من ولدك - أي شئ سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول فيه؟ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: هم شر
الخلق والخليفة، يقتلهم خير الخلق والخليقة وأقربهم إلى الله وسيلة.
(75) رواه الروياني في مسند الصحابة 16 / 8 - باختلاف يسير - محمد بن
إسحاق، عن أبي جعفر بن نيزك، عن يونس بن محمد، عن حيان بن
علي، عن عبد الله بن عطاء، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: جاء قوم من
خراسان فقالوا: أنبئنا، فقال: أما من بني فلانة. فقالوا: أنبئنا، فقال: أما
من بني فلانة. فقالوا: أنبئنا عن أحب الناس كان إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: علي بن أبي طالب. عن علي بن هاشم
عن أبي الجحاف عن معاوية بن ثعلبة، قال: أتى رجل أبا ذر وهو جالس
في مسجد النبي صلى الله عليه وآله، فقال: يا أبا ذر ألا تخبرني بأحب
الناس إليك، فاني أعرف أن أحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله!
قال: اي ورب الكعبة، إن أحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله هو
ذاك الشيخ، وأشار إلى علي، وهو يصلي أمامه.
(76) روى البحراني في غاية المرام ص 482 باب 15 الحديث 4 عن ابن
431

المغازلي عن محمد بن أحمد بن عثمان عن الدارقطني يرفعه إلى ابن عمر،
قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي: أنت أخي في الدنيا
والآخرة.
أما القسم الثاني من الحديث يشابه ما ذكره ابن شهرآشوب في
المناقب 3 / 71 عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خير
هذه الأمة علي بن أبي طالب.
(77) روى الكنجي الحديث بطريق ابن عمر في مناقبه ص 341 عن جعفر
بن أبي البركات الهمداني، عن أحمد بن محمد بن أحمد السلفي، عن أحمد
بن محمد بن أحمد الكيلاني، عن محمد بن علي بن عمر بن مهدي
النقاش، عن أحمد بن محمد بن حمان بن سليل الرازي، عن أحمد بن مردة
بن زنجلة الاباسي، عن حسن بن علي الحلواني عن المعلي بن عبد الرحمان،
عن ابن أبي ذيب، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وآله: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما.
(78) رواه البحراني في غاية المرام ص 450 الباب الأول حديث 12 عن
ابن بابويه، عن يعقوب بن يوسف، عن إسماعيل بن محمد الصفار
البغدادي، عن محمد بن عتبة الكندي، عن عبد الرحمان بن شريك، عن
أبي عن الأعمش، عن عطاء، قال: سألت عائشة عن علي بن أبي
طالب؟ فقالت: ذلك خير البشر ولا يشك فيه إلا كافر.
ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 246 والصدوق في أماليه
ص 71 / الحديث 3.
(79) ذكر أبو الفضل شاذان بن جبرائيل المتوفي 660 ه‍ في الفضائل ص
162 باسناده يرفعه إلى محمد بن علي الباقر أنه قال: سئل جابر بن
عبد الله الأنصاري عن علي بن أبي طالب عليه السلام. قال:... ولقد
432

سمعت بإذني رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: علي بعدي خير البشر،
فمن شك فيه فقد كفر.
(80) رواه البحراني في غاية المرام ص 607 باب 78 حديث 14 عن الشيخ
المفيد عن محمد بن عمران المرزباني، عن عبد الله بن محمد الطوسي، عن
عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن علي بن حكيم الادمي، عن شريك، عن
عثمان بن أبي زرعة، عن سالم بن أبي الجعد، قال: سئل جابر بن عبد الله
الأنصاري، وقد سقط حاجباه على عينيه. فقيل له: أخبرنا عن علي بن
أبي طالب عليه السلام فرفع حاجبيه بيديه، ثم قال: ذاك خير البرية لا
يبغضه إلا منافق ولا يشك فيه إلا كافر
قال البياري:
ألا اقرأ لم يكن وتأملنها * تجد فيها خسار الناصبية
أمير المؤمنين لنا إمام * له العلياء والرتب السنية
فلم أنكرتم لو قلت يوما * بأن المرتضى خير البرية
سنذكر بعضه وقلاه يوما * أتاك ردى وحم لك المنية
(المناقب لابن شهرآشوب 3 / 69)
(81) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 455 بأربعة طرق ورواه أيضا
البحراني في غاية المرام ص 452 الباب الثاني الحديث الرابع، عن ابن
بابويه عن محمد بن أحمد الصوفي، عن محمد بن العباس، عن محمد بن
يونس البصري، عن أبي بكير، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن أبي
وائل عن حذيفة بن اليمان، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: علي بن
أبي طالب خير البشر، ومن أبى فقد كفر.
ورواه الصدوق في أماليه ص 71 الحديث 4.
(82) وبهذا المعنى روى البحراني في غاية المرام ص 454 الباب الثاني
433

الحديث 20 عن ابن بابويه، عن أبيه، عن عبد الله بن الحسن المؤدب،
عن أحمد بن علي الأصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن أبي رجاء
قتيبة بن سعيد، عن حماد بن زيد، عن حماد السراج، عن نافع، عن ابن
عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من فضل أحدا من أصحابي
على علي فقد كفر.
(83) رواه البحراني في غاية المرام ص 449 الباب الأول الحديث 7. عن
موفق بن أحمد باسناده عن زاذان عن عبد الله بن مسعود. الحديث.
(84) رواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 116 ورواه أيضا ابن شهرآشوب في
المناقب 4 / 73 عن الطبريين في الولاية والمناقب والسمعاني في الفضائل
بأسانيدهم عن إسماعيل بن رجاء وعمرو بن شعيب... الحديث.
ورواه أيضا محمد بن عقيل الحسيني المتوفى 1350 ه‍ في النصائح
الكافية ص 29 قال: أخرجه ابن عساكر عن إسماعيل بن رجاء عن
أبيه... الحديث.
ورواه ابن الأثير في أسد الغابة 3 / 234.
(85) رواه ابن شهرآشوب في المناقب 1 / 236 عن الحسن بن علي بن
الحسن بن الحسن وعبد الله بن العباس وأبي سعيد الخدري وعبد الله بن
الحارث: إن عائشة قالت: قال رسول الله وهو في بيتها لما حضره الموت
ادعو لي حبيبي... الحديث.
ورواه أيضا الكليني في أصول الكافي مع الترجمة 2 / 61 بطريق
آخر. علي بن إبراهيم عن أبيه وصالح بن السندي عن جعفر بن بشير عن
يحيى بن معمر العطار عن بشير الدهان عن أبي عبد الله الصادق
عليه السلام... الحديث.
(86) ذكره محمد بن يوسف الكنجي في كفاية الطالب ص 101 عن
434

صالح بن أبي المظفر السيبي، عن بشير بن عبد الله النهدي، عن سعيد بن
نبهان، عن أبي علي بن شاذان، عن عثمان بن أحمد بن عبد الله الدقاق،
عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير عن المسيب بن مسلم
الأزدي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: (فذكر الحديث).
ورواه ابن المغازلي في مناقبه ص 441 باختلاف يسير عن طريق
آخر.
(87) رواه البحراني في غاية المرام ص 54 باب 13 حديث 44 عن محمد
بن الحسن الطوسي، عن محمد بن محمد، عن علي بن خالد المراغي، عن
محمد بن صالح، عن عبد الاعلى بن واصل الأسدي، عن مخول بن
إبراهيم، عن علي بن خزور، عن الأصبغ بن نباتة قال: سمعت عمار بن
ياسر يقول:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي: إن الله قد زينك بزينة لم
يزين العباد بزينة أحب إلى الله منها. زينك بالزهد في الدنيا وجعلك لا
ترزأ منها شيئا، ووهب لك حب المساكين، فجعلك ترضى بهم أتباعا
ويرضون بك إماما، فطوبى لمن أحبك وصدق بك وويل لمن أبغضك
وكذب عليك، فأما من أحبك وصدق فيك، فأولئك جيرانك في دارك
وشركاؤك في جنتك، فأما من أبغضك وكذب عليك، فحق على الله أن
يوقفه موقف الكذابين.
(88) إن المؤلف ذكر في هذا السند مضمون حديثين منفصلين وهما:
أ ذكره أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 84: عن عبد الله عن أبيه عن
ابن نمير عن الأعمش عن عدي بن ثابت عن زر بن حبيش قال: قال علي
عليه السلام: والله إنه مما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وآله أنه لا
يبغضني إلا كافر ولا يحبني إلا مؤمن.
435

ب وذكر أيضا في مسنده 1 / 95: عن وكيع، عن الأعمش، عن
عدي بن ثابت، عن زر بن حبيش، عن علي عليه السلام قال: عهد إلي
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا
منافق.
ورواه أيضا ابن المغازلي في مناقبه ص 191.
(89) رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 68 عن إبراهيم بن محمد ويحيى
بن علي الحضرمي ومحمد بن محمود البغدادي، عن أبي الحسن بن محمد،
عن محمد بن الفضل، عن أبي الحسين بن محمد، عن محمد بن عيسى، ض
عن إبراهيم بن محمد، عن أبي الحسين مسلم، عن يحيى بن يحيى، عن
معاوية، عن الأعمش، عن عدي بن ثابت، عن زربن حبيش، قال:
قال: علي عليه السلام: والذي فلق الجنة وبرأ النسمة انه لعهد النبي الأمي،
أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.
(90) رواه الحاكم في مستدرك الصحيحين 3 / 142 عن حيان الأسدي
قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: قال لي رسول الله صلى الله
عليه وآله: إن الأمة ستغدر بك بعدي، وأنت تعيش على ملتي، وتقتل
على سنتي. من أحبك أحبني ومن أبغضك أبغضني، وأن هذه ستخضب
من هذا يعني لحيته من رأسه.
ورواه المتقي في كنزل العمال 6 / 157.
(91) رواه ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 208 قال: قال الطبري في الولاية
بإسناد له عن الأصبغ بن نباتة. الحديث.
(92) روى ابن شهر الشوب في المناقب 3 / 206 عن عبادة بن يعقوب عن
يعلي بن مرة، انه كان جالسا عند النبي صلى الله عليه وآله إذ دخل
أمير المؤمنين عليه السلام فقال: كذب من زعم أنه يتولاني ويحبني وهو
436

يعادي هذا ويبغضه، والله لا يبغضه ويعاديه إلا كافر أو منافق أو ولد
زانية.
قال الشاعر:
بحب علي تزول الشكوك * وتصفو النفوس ويزكو النجار
فمهما رأيت محبا له * فثم العلاء وثم الفخار
ومهما رأيت بغيضا له * ففي أصله نسب مستعار
(93) روى الكنجي في كفاية الطالب ص 320 عن أم سلمة رواية
مضاهية باسناده عن جابر، عن أبي جعفر، عن أم سلمة، قالت: دخل
علي بن أبي طالب على النبي، فقال النبي صلى الله عليه وآله: كذب
من زعم أنه يحبني ويبغض هذا.
(95) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 222 عن أحمد بن محمد، عن
إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، عن إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن
خورشيد، عن أبي بكر بن زياد، عن يوسف بن سعيد، عن عبيد الله بن
موسى، عن محمد بن علي السلمي، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن
جابر بن عبد الله قال... الحديث.
ورواه أيضا البحراني في غاية المرام ص 610 وابن شهرآشوب في
المناقب 3 / 207.
(96) رواه البحراني في غاية المرام ص 436 الباب 216 الحديث الثاني،
عن محمد بن العباس، عن محمد بن جرير، عن عبد الله بن عمر، عن
الخماني، عن محمد بن مالك، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد
الخدري... الحديث.
(97) ما يقارب هذا المعني رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 186 عن
أحمد بن المظفر بن سوسن، عن محمد بن محمد بن عبد الله السبحي، عن
437

أبي علي بن شاذان، عن محمد بن جعفر بن محمد الادمي، عن أحمد بن
موسى بن يزيد الشطري، عن إبراهيم بن الحسن التغلبي، عن يحيى بن
يعلى، عن عبيد الله بن موسى، عن أبي الزبير، عن جابر قال: دخل علينا
رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن في المسجد وهو آخذ بيد علي، فقال
النبي صلى الله عليه وآله: أليس زعمتم أنكم تحبوني؟ قالوا: بلى يا
رسول الله. قال: كذب من قال إنه يحبني ويبغض هذا.
(98) رواه الهيثمي في مجمعه 9 / 129 عن البزاز بإسناده عن أبي رافع، قال:
بعث رسول الله... الحديث مع فارق بسيط أشرنا إليه في الأصل.
(99) رواه أحمد بن حنبل في مسنده 3 / 483 مع اختلاف يسير في بعض
الألفاظ. عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، عن
أبان بن صالح، عن الفضل بن معقل بن يسار، عن عبد الله بن نيار
الانسلي، عن عمرو بن شاس الأسلمي (كان من أصحاب الحديبية)
قال: خرجت مع علي إلى اليمن، فجفاني في سفري ذلك حتى وجدت في
نفسي عليه، فلما قدمت المدينة أظهرت الشكاية في المسجد ذات غدوة
ورسول الله في ناس من أصحابه، فلما رآني أبدني عينيه (يقول: حدد إلي
النظر) حتى إذا جلست، قال صلى الله عليه وآله: يا عمرو والله لقد
آذيتني، قلت: أعوذ بالله أن أؤذيك يا رسول الله، قال صلى الله
عليه وآله: بلى، من آذى عليا فقد آذاني.
ورواه ابن شاذان في الفضائل ص 104 والخوارزمي في مناقبه
ص 93.
(100) رواه البحراني في غاية المرام ص 584 عن موفق بن أحمد، عن أحمد
بن الحسين، عن محمد بن الحسن العلوي، عن عبد الله بن محمد بن
الحسن، عن أحمد بن الأزهر بن منيع السليطي، عن عبد الرزاق، عن
438

المعمر، عن الزهري، عن عبد الله بن عبد الله، عن ابن عباس...
الحديث.
ورواه أيضا ابن المغازلي في مناقبه ص 103 وابن عساكر في تاريخ
دمشق 2 / 231.
(102) رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 81 عن أبي الحسن بن أبي
عبد الله بن أبي الحسن البغدادي، عن الفضيل بن سهل بن بشر
الأسفرايني، عن أحمد بن علي البغدادي، عن القاسم بن جعفر بن
عبد الواحد الهاشمي، عن أبيه، عن العباس بن عبد الواحد، عن يعقوب
بن جعفر بن سليمان، عن أبيه، عن جده، قال: كنت مع عبد الله بن
العباس وسعيد بن جبير يقوده، فمر على ضفة زمزم فإذا قدم من أهل الشام
يشتمون عليا. فقال لسعيد بن جبير: ردني إليهم، فوقف عليهم، فقال:
أيكم الساب الله عز وجل؟ فقالوا: سبحان الله ما فينا أحد سب الله.
قال: أيكم الساب رسول الله؟ قالوا: سبحان الله ما فينا أحد سب
رسول الله صلى الله عليه وآله. قال: فأيكم الساب علي بن أبي طالب
عليه السلام؟ فقالوا: أما هذا فقد كان. قال: فأشهد على رسول الله
صلى الله عليه وآله سمعته أذناي ووعاه قلبي، يقول لعلي بن أبي طالب:
من سبك فقد سبني ومن سبني فقد سب الله ومن سب الله أكبه الله على
منخريه في النار. ثم تول عنهم. وقال يا بني: ماذا رأيتهم صنعوا؟ فقلت له:
يا أبه.
نظروا إليك بأعين محمرة * نظر التيوس إلى شعار الجازر
فقال: فداك أبوك. فقلت:
خزر العيون نواكس أبصارهم * نظر الذليل إلى العزيز القاهر
فقال: زدني فداك أبوك. فقلت: ليس عندي مزيد. فقال: لكن عندي.
439

أحياؤهم عار على أمواتهم * والميتون مسبة للغابر
(103) روى ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 171 عن محمد بن إبراهيم عن
إبراهيم بن منصور، عن أبي بكر بن المقري، عن أبي علي الموصلي، عن
أبي خثيمة، عن عبيد الله بن موسى، عن سفيان بن أبي عبيد الله، عن
أبي بكر بن خالد بن عرفطة: أنه أتى سعد بن مالك، فقال: بلغني أنكم
تعرضون على سب علي بالكوفة، فهل سببته؟ قال: معاذ الله، والذي
نفس سعد بيده لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول في علي
عليه السلام شيئا لو وضع المنشار على مفرقي ما سببته أبدا.
وأضاف النسائي في الخصائص ص 173: بعد ما سمعت من
رسول الله صلى الله عليه وآله ما سمعت الترغيب في موالاته والترهيب
عن معاداته.
وذكره أيضا الهيثمي في مجمعه 9 / 129.
(104) رواه الخوارزمي في مناقبه ص 35 عن عبد الملك بن علي الهمداني،
عن شجاع بن المظفر، عن عبد الكريم بن هوازن القشيري، عن أبي عبد الله
الحافظ، عن أبي بكر بن أبي حازم الكوفي، عن المنذر بن محمد بن المنذر
القابوسي، عن أبيه، عن عمه: الحسين بن سعيد، عن أبان بن تغلب،
عن نفيع بن الحرث عن أبي برزة... الحديث.
(105) روى ابن الأثير في أسد الغابة 6 / 101 رواية مماثلة عن يحيى بن
عبد الرحمن الأنصاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:
من أحب عليا محياه ومماته كتب الله تعالى له الامن والايمان ما طلعت
الشمس وما غربت، ومن أبغض عليا محياه ومماته فميتة جاهلية وحوسب
بما أحدث في الاسلام.
ورواه نصا الصدوق في الخصال ص 576. والكنجي في كفاية
440

الطالب ص 110.
ورواه أيضا المتقي في كنز العمال 6 / 155 والهيثمي في مجمعه
9 / 121. والبحراني في غاية المرام ص 15.
(106) رواه البحراني في غاية المرام ص 252 باب 46 الحديث 14 عن
إبراهيم بن محمد الحمويني، عن إبراهيم بن عمر، عن عبد الرحمان بن
عمر، عن عبد الرحمن بن عبد السميع، عن شاذان بن جبرئيل، عن محمد
بن عبد العزيز القمي، عن محمد بن أحمد بن علي، عن أبي علي الحداد،
عن أبي نعيم، عن ابن سهيل، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن محمد بن
الحسين الخثعمي، عن أرطأة بن حبيب، عن فضيل بن زبير الرسان، عن
عبد الملك عن زاذان، وأبي داود، عن أبي عبد الله الجدلي قال: قال لي علي
عليه السلام: يا أبا عبد الله، ألا أخبرك بالحسنة التي من جاء بها أمن من
فزع الأكبر يوم القيامة، وبالسيئة التي من جاء بها كبت وجوههم بالنار
فلم تقبل منها عمل، ثم قرأ: من جاء بالحسنة قله خير منها وهم من فزع
يومئذ آمنون. ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار. ثم قال: يا أبا
عبد الله الحسنة حبنا والسيئة بغضنا. ورواه أيضا في ص 329.
ورواه الحبري في ما نزل من القرآن في علي عليه السلام ص 68
والمجلسي في بحار الأنوار 36 / 102.
(107) رواه البحراني في غاية المرام ص 374 باب 74 الحديث الخامس
عن أبي علي الطبرسي في مجمع البيان قال: وفي تفسير أبي حمزة الثمالي:
حدثني أبو جعفر الباقر عليه السلام: قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وآله: يا علي قل: اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في قلوب
المؤمنين ودا. فنزلت الآية.
ورواه أيضا من العامة أنها نزلت في علي بن أبي طالب. النيسابوري
441

في تفسيره 2 / 520. والشافعي في إسعاف الراغبين ص 109. والشبلنجي
في نور الابصار ص 112.
(108) رواه المحب الطبري في الرياض النضرة 2 / 214 عن الحارث
الهمداني.
وروى المحمودي في نهج السعادة 2 / 589 قطعا من هذه الخطبة عن
جابر عن رفيع بن فرقد البجلي، قال: سمعت عليا:
يا معاشر الكوفة والله لتصبرن على قتال عدوكم أو ليسلطن الله
عليكم قوما أنتم أولى بالحق منهم فليعذبنكم. أفمن قتلة بالسيف تحيدون
إلى موتة على الفراش.
(109) روى ابن المغازلي في مناقبه ص 292 عين الألفاظ وبطريق آخر:
عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عبد الله بن محمد بن عثمان المزني،
عن علي بن العباس البجلي، عن محمد بن عبد الملك، عن بشر بن الهذيل
الكوفي، عن أبي إسرائيل، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري
(سعد بن مالك)... الحديث.
(110) رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 137 عن ابن فرح، عن عثمان بن
نصر، عن إسحاق بن إبراهيم، عن داود بن عبد الحميد، عن عمرو بن
قيس الملائي، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: صعد رسول الله
صلى الله عليه وآله المنبر فقال: والذي نفس محمد بيده، لا يبغضنا - أهل
البيت - أحد إلا أكبه الله في النار. وذكر الشيخ المفيد في أماليه الخطبة
وفي ضمنها الحديث ص 134.
(111) رواه ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 210 بنفس المضمون بإسناده عن
محمد بن عبد الله، عن جابر الأنصاري، عن عمر بن الخطاب، قال:
كنت أجفو عليا، فلقيني رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: إنك آذيتني
442

يا عمر. فقلت: أعوذ بالله ممن آذى رسوله. قال: إنك قد آذيت عليا ومن
آذى عليا فقد آذاني.
(112) رواه البحراني في غاية المرام ص 460 الباب 6 الحديث الثالث:
مضمونا عن جابر. حيث ذكر سندا طويلا عن البجلي، عن عبد الله بن
لهيعة، عن عبد الله عن سلمة، عن سيار، عن جابر بن عبد الله:... يا علي
وانه لن يرد الحوض مبغض لك، ولن يغيب عنه محب لك حتى يرد
الحوض معك.
(113) رواه النسائي في الخصائص ص 28 مضمونا بسنده عن سعيد بن
عبيد قال: جاء رجل إلى ابن عمر، فسأله عن علي عليه السلام: قال: لا
أحدثك عنه ولكن انظر إلى بيته من بيوت رسول الله صلى الله عليه وآله
قال: فاني أبغضه. قال: به أبغضك الله.
وابن شهرآشوب في المناقب 2 / 219 عن ابن عمر قال: سأل رجل
عمر بن الخطاب عن علي فقال: هذا منزل رسول الله وهذا منزل علي بن
أبي طالب.
(114) روى قسما منه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 69 الحديث 113
عن عبد الرحمان بن أبي الحسن بن إبراهيم عن سهل بن بشر، عن أبي
طاهر محمد بن أحمد بن عبد الله الزهلي عن القاسم بن زكريا بن يحيى عن
أحمد بن محمد بن سعيد الصيرفي عن أبي الجواب عن عمرو بن أبي المقدام
عن أبيه عن إبراهيم القرطبي، قال: كنا جلوسا في دار المختار ليالي
مصعب، ومعنا زيد بن أرقم، فذكروا عليا فأخذوا يتناولونه. فوثب زيد
وقال: أف أف والله إنكم لتتناولون رجلا قد صلى قبل الناس بسبع
سنين.
وروى القسم الأخير الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 172 بإسناده عن
443

النبي صلى الله عليه وآله أنه خطب، وقال في خطبته: أيها الناس من
أبغضنا أهل البيت حشره الله يوم القيامة يهوديا. فقال جابر بن
عبد الله: يا رسول الله وإن صام وصلى؟ قال: وإن صام وصلى وزعم أنه
مسلم احتجز بذلك من سفك دمه وان يؤدي الجزية عن يد وهم
صاغرون.
(115) روى البحراني في غاية المرام ص 585 حديث 69 يضاهيه عن علي
بن أبي طالب، أن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن ابنتي فاطمة
ليشترك في حبها البر والفاجر، واني كتب إلي انه لا يحبك إلا مؤمن ولا
يبغضك إلا منافق.
(116) روى القندوري في ينابيع المودة القسم الأول والأخير والقسم
الأوسط رواه الهيثمي في مجمع الزوائد.
أ - وفي ينابيع المودة ط استامبول ص 276 عن زين العابدين عن
أبيه (الحسين بن علي): من أحبنا نفعه الله بحبنا، ولو أنه بالديلم.
ب - وفي مجمع الزوائد 1 / 281 عن الحسين بن علي عليه السلام،
قال: من أحبنا للدنيا فإن صاحب الدنيا يحبه البر والفاجر، ومن أحبنا
لله كنا نحن وهو يوم القيامة كهاتين - وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى.
ج‍ - وفي ينابيع المودة أيضا ص 276 عن جمال الدين الزرندي
المدني عن أبي سعيد الخدري عن الحسين بن علي عليه السلام: من أحبنا
أهل البيت تساقط الذنوب عنه كما تساقط الريح الورق عن الشجر.
وروى ابن المغازلي في مناقبه ص 400 ما يشابه نقل المؤلف.
(117) روى ابن عساكر في تاريخ دمشق (ترجمة الإمام علي 2 / 205) قريبا
منه عن أبي القاسم بن السمرقندي عن عمر بن عبيد الله بن عمر بن علي
عن عبد الواحد بن محمد بن عثمان بن إبراهيم عن الحسن بن محمد بن
444

موسى بن إسحاق الأنصاري عن جده عن عبد الله بن عمر مشكدانة عن
عبد الكريم بن هلال الخلقاني عن أسلم المكي عن أبي الطفيل قال: أخذ
علي بيدي في هذا المكان، فقال: يا أبا الطفيل، لو أني ضربت أنف
المؤمن بخشبة ما أبغضني أبدا، ولو أني أقمت المنافق ونثرت على رأسه
(الدنانير) حتى اغمره ما حبني أبدا... الحديث. ونقل المجلسي في البحار
39 / 251 عن أمالي المفيد بطريق آخر عن علي عليه السلام بهذا
المضمون.
(118) رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 46 بطريق آخر عن محمد بن علي بن
الحسن بن عبد الرحمان العلوي عن محمد بن الحسن البزاز عن الحسين بن
علي السلولي عن محمد بن الحسن السلولي عن صابح بن أبي الأسود عن
أبي المطهر الرازي عن الأعشى الثقفي عن سلام الجعفي عن أبي برزة
- الحديث -.
ورواه أبو نعيم في حلية الأبرار 1 / 66 مع زيادة أشرنا إليها في الهامش
راجع الأصل.
(119) رواه الشيخ المفيد في أماليه ص 78 عن محمد بن عمران المرزباني،
عن محمد بن الحسين الجوهري، عن هارون بن عبيد الله المقري، عن
عثمان بن سعيد، عن أبي يحيى التميمي، عن كثير، عن أبي مريم
الخولاني، عن مالك بن ضمرة... الحديث.
(120) وروى الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 172 ما يتداعى منه هذا المعنى
إلى الذهن عن الحسن بن علي عليهما السلام إن رسول الله صلى الله
عليه وآله قال: الزموا مودتنا أهل البيت فإنه من لقى الله عز وجل وهو يودنا
دخل الجنة بشفاعتنا. والذي نفسي بيده لا ينفع عبدا عمله إلا بمعرفة
حقنا.
445

(121) روى ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 223 ما يضاهي القسم الأول
من الرواية: عن الشعبي، عن الحارث الأعور، عن أمير المؤمنين
عليه السلام: لا يموت عبد يحبني إلا رآني حيث يحب، ولا يموت عبد
يبغضني إلا رآني حيث يكره. ورواه المجلسي في البحار 27 / 123.
أما القسم الأخير فقد نقله أيضا في المناقب 3 / 313 عن الأصبغ: أن
عليا عليه السلام قال: لقد ضربت في ط الليلة التي قبض فيها يوشع بن نون، ولا قبض في
الليلة التي رفع فيها عيسى بن مريم.
(122) رواه ابن شهرآشوب. في المناقب 3 / 200 عن يحيى بن كثير الضرير
رأيت زبيد بن الحارث النامي في النوم...
ورواه المجلسي في البحار ج 39 ص 259 عن حليه الأولياء.
(123) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ترجمة الإمام علي عليه السلام
2 / 221) عن عمر بن إبراهيم الزيدي، عن محمد بن أحمد بن محمد بن
علان، عن محمد بن عبد الله بن الحسين الجعفي، عن علي بن محمد بن
هارون الحميري عن هارون بن إسحاق، عن سفيان بن عيينة، عن
الزهري، عن يزيد بن خصيفة، عن يسر بن سعيد، عن أبي سعيد
الخدري قال: ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى الله
عليه وآله إلا ببغض علي.
(124) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ترجمة الإمام علي 2 / 223) عن
حصين، عن زيد بن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن الوليد بن عبادة
بن الصامت، عن أبيه، قال: كنا بنور أولادنا بحب علي بن أبي طالب،
فإذا رأينا أحدا لا يحب علي بن أبي طالب علمنا أنه ليس منا وأنه لغير
رشده.
ورواه ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 207.
446

(125) رواه بن عساكر في تاريخه (ترجمة الإمام علي عليه السلام 4 / 318
رقم الحديث 1358) عن عمر بن إبراهيم بن محمد، عن محمد بن أحمد بن
محمد بن علان، عن محمد بن عبد الله بن الحسين الجعفي، عن علي بن
محمد بن هارون بن زياد الحميري، عن محمد بن هارون، عن إسماعيل
بن الجليل، عن علي بن مسهر، عن أبي إسحاق السبيعي قال:...
(فذكر الحديث).
(127) رواه ابن عساكر في تاريخه (ترجمة الإمام علي 2 / 171) عن أبي
عبد الله الفراوي، عن أبي عثمان البحيري، عن محمد بن الحسين بن أحمد
بن سليم البجاد البغدادي، عن أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمان
الهمداني، عن أحمد بن يحيى الصوفي، عن إسماعيل بن أبان الوراق، عن
عمرو بن ثابت، عن يزيد بن أبي زياد، عن زيد بن أرقم... الحديث.
(128) أما الرواية فقد نقلها ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 208 بإسناده عن
الأصبغ بن نباتة، قال علي عليه السلام: لا يحبني ثلاثة: ولد زنا ومنافق
ورجل حملت به أمه في بعض حيضها.
أما بالنسبة إلى الحادثة فهناك حوادث كثيرة مشابهة، منها ما ذكره
ابن المغازلي في مناقبه ص 391 بإسناده عن سعيد بن طهمان قال:
سمعت هشيم بن بشير الواسطي يقول: أدركت خطباء أهل الشام بواسط
في زمن بني أمية كان إذا مات لهم ميت قام خطيبهم فحمد الله وأثنى
عليه وذكر عليا عليه السلام، فسبه، فجاء ثور فوضع قرنيه في ثدييه وألزقه
بالحائط، فعصره حتى قتله، ثم رجع يشق الناس يمينا وشمالا، لا يهج
أحدا ولا يؤذيه.
(129) فقد روى الصدوق في عيون أخبار الرضا 2 / 64 نقل قول الإمام أمير
المؤمنين، بإسناده عن علي عليه السلام: إنكم ستعرضون على البراءة مني
447

فلا تتبرأوا مني فاني على دين محمد صلى الله عليه وآله.
(131) روى الشيخ المفيد في الإختصاص ص 59 عن جعفر بن الحسين
عن محمد بن جعفر المؤدب، عن محمد بن عبد الله بن عمران، عن عبد الله
بن يزيد الغساني يرفعه قال: قدم وفد العراقين على معاوية، فقدم في وفد
أهل الكوفة عدي بن حاتم الطائي وفي وفد أهل البصرة الأحنف بن
قيس وصعصعة بن صوحان. فقال عمرو بن العاص لمعاوية: هؤلاء
رجال الدنيا وهم شيعة علي الذين قاتلوا معه يوم الجمل ويوم صفين فكن
منهم على حذر، فأمر لكل رجل منهم بمجلس سري واستقبل القوم
بالكرامة، فلما دخلوا عليه قال لهم: أهلا وسهلا قدمتهم أرض المقدسة
والأنبياء والرسل والحشر والنشر.
فتكلم صعصعة (وكان من أحضر الناس جوابا)، فقال: يا معاوية،
أما قولك: أرض المقدسة، فإن الأرض لا تقدس أهلها وإنما تقدسهم
الأعمال الصالحة.
وأما قولك: أرض الأنبياء والرسل، فمن بها من أهل النفاق
والشرك والفراعنة والجبابرة أكثر من الأنبياء والرسل.
وأما قولك: أرض الحشر والنشر، فإن المؤمن لا يضره بعد الحشر،
والمنافق لا ينفعه قربه.
فقال معاوية: لو أن الناس كلهم أولدهم أبو سفيان لما كان فيهم إلا
كيسا رشيدا.
فقال صعصعة: قد أولد الناس من كان خيرا من أبي سفيان، فأولد
الأحمق والمنافق والفاجر والفاسق والمعتوه والمجنون - آدم أبو البشر -.
فخجل معاوية.
وقد ذكر قسما منه السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة مجلد
448

6 / 388 مرسلا دون الإشارة إلى مصدر معين.
(132) وروى البحراني في غاية المرام ص 309 الحديث 9 عن أبي الحسن
عليه السلام عن أبيه، عن جده، عن آبائه، عن الحسين بن علي
عليهما السلام، قال: اجتمع المهاجرون والأنصار إلى رسول الله صلى الله
عليه وآله. فقالوا: يا رسول الله إن لك مؤونة في نفقتك ومن يأتيك من
الوفود وهذه أموالنا مع دمائنا، فاحكم فيها مأجورا واعط منها ما شئت
من غير حرج، فأنزل الله الروح الأمين، فقال: يا محمد قل: (لا أسألكم
عليه أجرا إلا المودة في القربى). يعني توددوا قرابتي بعدي. (الحديث).
(133) رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 307 الحديث 352 عن محمد بن
أحمد بن عثمان، عن عبد العزيز بن أبي صابر، عن إبراهيم بن إسحاق بن
هاشم، عن عبيد الله بن جعفر العسكري، عن يحيى بن عبد الحميد بن
الحسين الأشقر، عن قيس، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن
عباس... الحديث.
(134) هذا الكلام مفاد رواية نقلها حبة العرني عن أمير المؤمنين
عليه السلام ورواها البحراني في غاية المرام ص 504 الباب 21 الحديث
47: من كتاب فضائل الصحابة للسمعاني، بإسناده، عن سالم، عن
حبة العرني عن علي عليه السلام قال: بعث النبي صلى الله عليه وآله يوم
الاثنين وأسلمت يوم الثلاثاء.
ورواه أيضا ابن شهرآشوب في مناقبه 2 / 7. ونقل في كشف الغمة
1 / 84 رواية مشابهة عن أبي رافع حيث قال: صلى النبي أول يوم
الاثنين وصلت خديجة آخر يوم الاثنين، وصلى علي عليه السلام يوم
الثلاثاء من الغد.
(135) رواه البحراني في غاية المرام ص 499 الباب 21 الحديث 8 عن
449

عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، عن أبي الفضل الخراساني، عن أبي
غسان بن إسرائيل، عن جابر، عن عبد الله بن يحيى، عن علي
عليه السلام... الحديث.
ورواه أيضا البحراني في حلية الأبرار 1 / 239 بطريق آخر مع إضافة
كلمة (من الناس) في آخر الحديث (قبل أن يصلي معه أحد من
الناس).
(136) رواه البحراني في غاية المرام ص 503 باب 21 الحديث 38:
الحمويني، عن عبد الصمد بن أحمد البغدادي، عن عبد الرحمان بن علي
الجوزي، عن هبة الله بن محمد الشيباني، عن الحسن بن علي بن
المذهب، عن أحمد بن جعفر القطيفي، عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه، عن
أبي سعيد مولى بني هاشم، عن يحيى بن سلمة، عن أبيه، عن حبة
العرني، قال: رأيت عليا (صلوات الله عليه) ضحك على المنبر لم أره
ضحك ضحكا أكثر منه، حتى بدت نواجذه، ثم قال: ذكرت قول أبي
طالب. ظهر علينا أبو طالب وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن
نصلي ببطن نخلة، فقال: ماذا تصنعان يا بن أخي، فدعاه رسول الله
صلى الله عليه وآله، فقال: ما الذي تصنعان بأس (أو بالذي تقولان
بأس) لكن والله ما يعلوني أستي أبدا - وضحك تعجبا لقول أبيه - ثم قال:
اللهم لا أعرف أن عبدا لك من هذه الأمة عبدك قبلي غير نبيك - ثلاث
مرات - لقد صليت قبل أن يصلي الناس.
ورواه أيضا أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 99، والمتقي في كنز
العمال 6 / 395، والهيثمي في مجمعه 9 / 102، وابن الأثير في أسد الغابة
4 / 17.
(137) رواه ابن شهرآشوب في المناقب 2 / 7 عن مروان وعبد الرحمان...
450

الحديث.
(138) روى ابن المغازلي في مناقبه ص 15: صدر الكلام مفاد حديث
منقول من سلمان عن رسول الله وباختلاف في الألفاظ حيث قال:
أخبرنا أحمد بن موسى بن الطحان، عن ابن عبادة، عن جعفر بن محمد
الخلدي، عن عبد السلام بن صالح، عن عبد الرزاق، عن الثوري عن
سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن عليم بن قعن الكندي عن سلمان
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أول الناس ورودا علي الحوض
أولهم إسلاما علي بن أبي طالب عليه السلام.
وكما نقله عن سلمان أيضا البحراني في غاية المرام ص 506
الحديث 16، والخوارزمي في المناقب ص 17.
(140) ذكر المجلسي في البحار 39 / 295 باختلاف في الألفاظ قسما من
الرواية نقلا عن ابن أبي الحديد حيث روى عن أبي غسان النهدي،
قال: دخل قوم من الشيعة على علي عليه السلام في الرحبة وهو على حصير
خلق. فقال: ما جاء بكم؟ قالوا: حبك يا أمير المؤمنين. قال: إنه من
أحبني رآني حيث يحب أن يراني، ومن أبغضني رآني حيث يكره أن
يراني، ثم قال: ما عبد الله أحد قبلي إلا نبيه صلى الله عليه وآله. ولقد
هجم أبو طالب علينا وأنا وهو ساجدان. فقال: أو فعلتموها؟ ثم قال لي
وأنا غلام: ويحك انصر ابن عمك ويحك لا تخذله، وجعل يحثني على
مؤازرته ومكانفته.
(141) روى ابن عساكر في تاريخ دمشق (ترجمة الإمام علي عليه السلام)
1 / 41 عن أبي القاسم بن السمرقندي، عن أبي الحسين، عن عيسى بن
علي، عن عبد الله بن محمد، عن أحمد بن منصور عن يحيى بن بكير، عن
الليث بن سعد، عن أبي الأسود قال عروة: إن عليا أسلم وهو ابن ثمان
451

سنين.
ورواه أيضا البيهقي في السنن الكبرى 6 / 306.
(142) رواه النسائي في خصائصه ص 37: عن محمد بن عبيد الكوفي، عن
سعيد بن حثيم، عن أسد بن وداعة، عن أبي يحيى بن عفيف ين عفيف، عن أبيه،
عن جده عفيف، قال: جئت في الجاهلية إلى مكة، وأنا أريد أن أتباع
لأهلي من ثبابها وعطرها، فأتيت العباس بن عبد المطلب - وكان رجلا
تاجرا - فأنا عنده جالس حيث أنظر إلى الكعبة، وقد حلقت الشمس في
السماء فارتفعت وذهبت، إذ جاء شاب فرمى ببصره إلى السماء، ثم قام
مستقبل الكعبة، ثم لم ألبث إلا يسيرا حتى جاء غلام فقام على يمينه، ثم لم
ألبث إلا يسيرا حتى جاءت امرأة فقامت خلفهما، فركع الشاب فركع
الغلام والمرأة، فرفع الشاب فرفع الغلام والمرأة، فسجد الشاب فسجد
الغلام والمرأة. فقلت: يا عباس أمر عظيم! قال العباس: نعم أمر عظيم،
أتدري من هذا الشاب؟ قلت: لا. قال: هذا محمد بن عبد الله ابن
أخي. أتدري من هذا الغلام؟ هذا علي بن أبي طالب ابن أخي، أتدري
من هذه المرأة؟ هذه خديجة بنت خويلد زوجته. إن ابن أخي هذا
أخبرني أن ربه رب السماء والأرض أمره بهذا الدين الذي هو عليه ولا
والله ما على الأرض كلها أحد على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة.
ورواه الشيخ المفيد في الارشاد ص 21 والطبرسي في إعلام الورى
ص 49 والبحراني في حلية الأبرار 1 / 234.
(143) روى ابن المغازلي في مناقبه ص 13 مقاربا لما رواه المؤلف، عن
الحسن بن موسى، عن أحمد بن محمد عن أحمد بن عقدة الحافظ، عن
يعقوب بن يوسف، عن إسماعيل بن أبان، عن إسماعيل بن أبي خالد،
عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن بريم، قال: سمعت الحسن بن علي
452

عليه السلام قام خطيبا فخطب إلينا، فقال: أيها الناس إنه قد فارقكم
أمس رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون ولقد كان رسول الله
(صلى الله عليه وآله) يبعثه المبعث فيعطيه الراية فما يرجع حتى يفتح الله
عز وجل عليه وإن جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن شماله. ما ترك
بيضاء ولا صفراء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها
خادما.
ورواه أيضا الصدوق في أماليه ص 262 والكنجي في كفاية
الطالب ص 92 والبحراني في غاية المرام ص 181.
(144) روى الكنجي في كفاية الطالب ص 139 روايتين عن ابن عباس
بهذا المضمون نذكر تيمنا واحدا منهما:
عن محمد بن عبد الواحد بن المتوكل، عن أبي بكر بن نصر، عن أبي
القاسم بن أحمد، عن أبي عبد الله بن محمد، عن أحمد بن سليمان النجاد،
عن عبد الله بن سليمان بن الأشعث، عن عباد بن يعقوب، عن عيسى
بن راشد، عن علي بن نديمة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ما نزلت
آية فيها (يا أيها الذين آمنوا) إلا وعلي رأسها و أميرها وشريفها.
(145) وقد مرت مثل هذه الرواية مضمونا في الحديث المرقم - 137 -.
(146) روى علي بن برهان الحلبي في السيرة الحلبية 1 / 199 مرسلا: إن
رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لقد رأيتني إني رأيت نفسي في
غلمان من قريش ننقل الحجارة لبعض ما يلعب به الغلمان، كلنا قد
تعرى وأخذ إزاره وجعله على رقبته يحمل عليها الحجارة فأني لاقبل معهم
ذلك وأدبر إذ لكمني لاكم (أو لكمني لكمة شديدة) ثم قال: شد إزارك،
فأخذته فشددته علي، ثم جعلت أحمل الحجارة على رقبتي وإزاري علي
من بين أصحابي.
453

(147) رواه الخوارزمي في مناقبه ص 17 (الفضل الرابع) عن عبد الملك بن
علي بن محمد الهمداني، عن قتيبة بن عبد الرحمان، عن أحمد بن عبد الله،
عن محمد بن يعقوب، عن أحمد بن عبد الجبار عن يونس بن بكير، عن
محمد بن إسحاق، قال علي بن أبي طالب... الحديث باختلاف يسير.
ورواه أيضا بهذا السند البحراني في غاية المرام ص 500 الباب 21
الحديث 19.
(150) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ترجمة الإمام علي عليه السلام)
1 / 103: عن أبي القاسم بن السمرقندي، عن أبي القاسم الإسماعيلي،
عن أبي القاسم السلمي، عن أبي أحمد بن عدي، عن النساجي، عن
الحسن بن معاوية بن هشام، عن علي بن قادم، عن صالح بن حكيم، عن
جبير، عن جميع بن عمير، عن ابن عمر، - الحديث -.
(151) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 106، عن هبة الله بن عبد الله،
عن أبي بكر الخطيب، عن محمد بن عمر البراسي عن محمد بن عبد الله
الشافعي، عن أحمد بن الحسين، عن أحمد بن عبد الملك الآودي، عن أحمد
بن المفضل، عن جعفر الأحمر، عن عمران بن سليمان عن حصين الثعلبي
عن أسماء بيت عميس... الحديث.
ورواه أيضا المجلسي في بحار الأنوار 38 / 143، عن علي بن الحسين.
معنعنا عن أسماء. ورواه أيضا ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 57 عن ابن
عباس، عن أسماء.. الحديث. ورواه الإسكافي في المعيار والموازنة
ص 71. وفي تفسير الفرات في ص 92 و 216.
(152) رواه ابن بابويه، عن الحسين بن إبراهيم المؤدب، عن محمد بن أبي
عبد الله الكوفي، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد بن بشار، عن
عبيد الله بن عبد الله الدهقان، عن درست بن أبي منصور الواسطي، عن
454

عبد الحميد بن أبي المعلا عن ثابت بن دينار، عن سعد بن ظريف
الخفاف عن الأصبغ بن نباته... الحديث.
(153) رواه المتقي الهندي في كنز العمال 15 / 114 تحت الرقم 325، عن
العدني، عن أبي يحيى... الحديث.
وفي الروض النضير 5 / 367 رواه مع إضافة جملة: فأصابته جنة،
فجعل يضرب رأسه بالجدران حتى مات.
ورواه أيضا البحراني في غاية المرام ص 486 الباب 15 الحديث
38 ولكن بطريق آخر.
(154) رواه ابن شهرآشوب في المناقب 2 / 186 مرسلا عن أبي إسحاق
العدل قال أبو يحيى: ما جلس علي على المنبر إلا قال: أنا عبد الله، وأخو
رسول الله، يقولها بعدي إلا كذاب.
(155) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 115 بنفس المضمون مع زيادة
في الألفاظ: عن أبي محمد بن حمزة، عن أبي بكر الخطيب، عن الحسن بن
أبي بكر، عن أحمد بن محمد القطان، عن الحسن بن العباس الرازي، عن
القاسم بن الخليفة، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن مطير، عن أنس بن
مالك... الحديث.
ورواه أيضا ابن حجر في الإصابة 1 / القسم 3 / 217.
(157) رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 246 ضمن روايتين
منفصلتين. ورواه أيضا الحر العاملي في إثبات الهداة 2 / 48. وروى
المجلسي في بحار الأنوار 39 / 265 القسم الأول من الحديث مسندا إلا أن
في جميع ما ذكرنا بدل كلمة سيد الموجودة خير وقد روى المؤلف في الجزء
الأول الحديث 19 - 20 لفظة خير البشر وخير البرية.
(163) رواه الصدوق (ره) في أماليه ص 312 عن محمد بن موسى بن
455

المتوكل، عن علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله
البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن القاسم بن
الوليد، عن شيخ من ثمالة قال: دخلت على امرأة من تميم عجوز كبير.
الحديث. وفيه اختلاف في العبارات مع التحفظ على المضمون نوعا ما
وقد أشرنا إلى ذلك في ضمن الحديث. ونقله (كما في أمالي الصدوق)
السيد علي خان في الدرجات الرفيعة ص 372، والمجلسي في بحار الأنوار
27 / 220 ملخصا وفي 38 / 108 مفصلا. ونقله أيضا الحر العاملي في
إثبات الهداة 2 / 63.
(164) رواه في تفسير فرات الكوفي ص 35، عن الحسين بن علي بن بزيع
معنعنا عن الأصبغ بن نباته، عن علي عليه السلام باختلاف وزيادة.
وأخرج الخطيب في تاريخه 9 / 434 (حديثا مشابها لهذه الرواية):
بإسناده عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وآله. الحديث مع
فارق بسط.
(165) رواه ابن طاووس في اليقين ص 137: عن محمد بن الحسن
الواسطي، عن إبراهيم بن سعيد، عن الحسن بن زياد الأنماطي، عن
محمد بن عبيد الأنصاري، عن أبي هارون العبدي عن ربيعة السعدي.
الحديث.
ورواه السيد علي خان عن المسعودي في الدرجات الرفيعة ص 286.
ورواه المجلسي في البحار 8 / 19 ط قديم ضمن حديث مفصل
تشمل قضايا أخرى هامة توقف الانسان على حقائق تاريخية مهمة.
وروى الواقعة أنس بن مالك عن أمير المؤمنين في ضمن حديث:
الجنة تشتاق إلى أربعة، راجع غاية المرام للبحراني ص 20.
(167) روى البحراني في غاية المرام ص 327 الباب 27 الحديث 6: عن
456

موفق بن أحمد، عن شهردار بن شيرويه، عن عبدوس بن عبد الله، عن
الفضل بن محمد، عن أبي بكر بن محمد، عن أحمد بن محمد السري، عن
المنذر بن محمد، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن أبيه، عن إسماعيل
بن زياد، عن إبراهيم بن مهاجر، عن يزيد بن شراحيل الأنصاري كاتب
علي عليه السلام: قال: سمعت عليا عليه السلام. مضمون الحديث.
ورواه المجلسي بسند آخر في بحار الأنوار 38 / 8.
(168) رواه الحبرمي في كتاب ما نزل من القرآن في علي ص 71 عن حسن
بن حسين، عن مالك بن إسماعيل، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية،
عن أبي سعيد، عن أم سلمة... الحديث.
وروى التلمساني في الجوهرة ص 65، ما يشابهه وابن المغازلي في
المناقب ص 303 والصدوق في الخصال 1 / 273 والبحراني في غاية المرام
ص 287.
(169) ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 96، عن أحمد بن محمد، عن
عمر الدينوري، عن الكروخي، عن محمد بن القسم الأزدي، عن
عبد الجبار بن محمد، عن أحمد المحبوبي، عن أبي عيسى الحافظ، عن
سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن شريك، عن منصور، عن ربعي بن
حراش، عن علي عليه السلام... الحديث.
ورواه أيضا البحراني في غاية المرام ص 507 الباب 23 الأحاديث
1 و 7 و 9 و 10 و 11 و 12 وبطرق مختلفة.
ورواه أيضا الأربلي في كشف الغمة 1 / 212.
ورواه أيضا الطبرسي في إعلام الورى ص 191.
(170) رواه ابن طاووس المتوفي 664 ه‍ في كتاب اليقين ص 106 عن أحمد
بن هشام الطبري، عن محمد بن نسيم القرشي، عن الحسن بن الحسين،
457

عن يحيى بن يعلى، عن الأعمش، عن عباية الأسدي قال: بينهما ابن
عباس... الحديث. وروى السيد ابن طاووس ذيل الحديث في ص 35 في
نفس الكتاب.
ورواه أيضا البحراني في غاية المرام ص 141 الحديث 48.
ورواه أيضا ابن شاذان في الفضائل ص 144.
أما ذيل الرواية فقد رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 312
والمجلسي في بحار الأنوار 38 / 122 و 39 / 268 والأربلي في كشف الغمة
ج 1 ص 132 و 91. والبحراني أيضا في غاية المرام ص 253 الباب 46
الحديث 16.
(171) رواه الأربلي في كشف الغمة ص 1 / 144 عن أم سلمة قلت: كان
علي على الحق، من اتبعه اتبع الحق ومن تركه ترك الحق عهدا معهودا
قبل يومه هذا.
ورواه أيضا المجلسي في بحار الأنوار 38 / 32.
ورواه البحراني في غاية المرام ص 541 الباب 46 الحديث 6.
(173) رواه المفيد في الإختصاص ص 11 عن أحمد بن هارون، وجعفر بن
محمد بن قولويه، عن علي بن الحسين، عن عبد الله بن جعفر الحميري،
عن محمد بن الحسن، عن أحمد بن النصر عن صباح، عن الحارث بن
الحصيرة، عن صخر بن الحكم الفزاري عمن حدثه إنه سمع عمرو بن
الحمق يحدث عن رسول الله... الحديث.
ورواه الأمين العاملي في أعيان الشيعة المجلد 4 / 356.
(174) رواه مع فارق ابن المغازلي في مناقبه ص 47، عن محمد بن علي بن
الحسين العلوي، عن محمد بن الحسين التيملي، عن الحسين بن علي
السلولي، عن محمد بن الحسين السلولي، عن صالح بن أبي الأسود، عن
458

أبي المطهر الرازي، عن الأعشى الثقفي، عن سلام الجعفي، عن أبي برزة،
عن النبي... الحديث.
ورواه الصدوق بسندين عن ابن جبير عن ابن عباس ص 247
الحديث 16 وعن الإمام الباقر عليه السلام ص 386. الحديث 23 و 24.
ورواه أيضا المجلسي في بحار الأنوار 37 / 291 الحديث 5.
(175) رواه فرات الكوفي في تفسيره ص 23 عن جعفر بن محمد بن يوسف
معنعنا عن عبد الله بن عباس.
(176) روى المفيد في أماليه ص 60 ما يقارب هذا المعنى عن علي بن
الحسن، عن الحسين بن نصر بن مزاحم، عن أبيه، عن عبد الله بن
عبد الملك، عن يحيى بن سلمة، عن أبيه سلمة بن كهيل، عن أبي
صادق، قال: سمعت أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب عليه السلام)
يقول: ديني دين رسول الله وحسبي حسب رسول الله، فمن تناول ديني
وحسبي فقد تناول دين رسول الله وحسبه.
(177) رواه شمس الدين محمد بن محمد الشافعي المتوفى 833 ه‍ ص 66
عن أحمد بن الطحان المقرئ، عن محمد بن محمد الشيرازي، عن محمود
بن إبراهيم، عن محمد بن أبي بكر عن محمد بن الهيثم، عن أبي الحسين بن
أبي القاسم، عن أحمد بن موسى، عن أحمد بن محمد بن السري، عن
الحسين بن جعفر القرشي، عن جندل بن وائق، عن محمد بن عمر
الكناسي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن
فاطمة الصغرى، عن الحسين بن علي، عن فاطمة بنت محمد، قالت:
خرج علينا رسول الله... الحديث.
ورواه المفيد، عن هارون العبدي، عن سلمان الفارسي، في أماليه
ص 103.
459

ورواه الأربلي في كشف الغمة 1 / 108.
ورواه المجلسي عن عدة طرق في البحار 38 / 109 عن أبي حمراء
خادم الرسول الحديث 38. وروى في ج 39 / ص 257 عن فاطمة
الزهراء الحديث 32 وفي 265 عن سلمان الفارسي الحديث 37 وفي ص
276 عن فاطمة الزهراء الحديث 53.
(178) وقد مر في الجزء الأول الحديث 14 عن عائشة عن رسول الله
صلى الله عليه وآله، بهذا المضمون.
(179) رواه المجلسي في بحار الأنوار 36 / 53 الحديث 8 عن أبي جعفر
الطوسي، عن أبي نصر محمد بن محمد، بإسناده، عن الثمالي عن ابن
جبير، عن أبي الحمراء خادم رسول الله - صلى الله عليه وآله -... الحديث.
ورواه أيضا في 27 / 2 الحديث 4.
ورواه الصدوق في أماليه ص 179 الحديث 5.
ورواه أيضا الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 11 / 173 عن أنس بن مالك... الحديث.
ورواه أيضا المحب الطبري في ذخائر العقبى ص 69 عن أبي الخميس
- الحديث -.
ورواه المتقي الهندي في كنز العمال 6 / 158 عن أبي الحمراء.
ورواه الأربلي في كشف الغمة 1 / 329 أيضا.
(181) رواه السيد علي خان في الدرجات الرفيعة ص 257 عن مسعود
البدوي وطائفة قالوا لحذيفة حين احتضر.
وفي بحار الأنوار للمجلسي 37 / 298 الحديث 18 عن ابن مردويه،
عن محمد بن علي، عن أحمد بن عبيد بن إسحاق، عن مالك بن
إسماعيل، عن جعفر الأحمر، عن مهلهل العبدي عن كريزة الهجري.
460

الحديث.
(182) رواه المجلسي في بحار الأنوار 38 / 74 عن الأصبغ بن نباتة... الحديث.
(183) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 115 (ترجمة الإمام علي
عليه السلام) الحديث 155، عن أبي محمد بن حمزة، عن أبي بكر
الخطيب، عن الحسن بن أبي بكر، عن أحمد بن محمد القطان، عن الحسن
بن العباس الرازي،، عن القاسم بن خليفة، عن إسماعيل بن إبراهيم،
عن مطير، عن أنس بن مالك... الحديث.
ورواه أيضا ابن حجر في الإصابة 1 / 217 بسنده عن أنس بن
مالك.
(185) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ترجمة الإمام علي عليه السلام)
3 / 14 الحديث 1035 عن الحسين بن عبد الملك، عن سعيد بن أحمد،
عن عبد الله بن حامد الأصفهاني، عن عمر بن الحسن بن علي، عن أبيه،
قال: قلت ليحيى بن معين: أبو إسحاق لقى قثم؟ قال: نعم في طريق
خراسان. فقلت له: إن النفيلي حدثنا عن زهير عن أبي إسحاق، قال:
قيل لقثم: بأي شئ ورث علي النبي صلى الله عليه وآله؟ قال: كان
أولنا به لحوقا وأشدنا به لزوقا.
ورواه المتقي الهندي في كنز العمال 6 / 400. وفي مستدرك
الصحيحين.
وروى النسائي في خصائصه ص 206 عن خالد بن قثم بمعنى أن
المسؤول عنه 3 / 125 هو خالد بن قثم بخلاف ما ذكره المؤلف.
(186) ذكر المؤلف في الجزء الأول الحديث 19 عن جابر... الحديث.
وفي كشف الغمة للأربلي 1 / 158، عن سالم بن أبي الجعد، قال:
تذاكروا فضل علي عند جابر بن عبد الله. فقال: تشكون فيه. فقال
461

بعض القوم: إنه قد أحدث. قال: ولا يشك فيه إلا كافر.
(187) رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 73 الحديث 107 عن محمد بن
القاسم، عن أبيه، عن العباس بن ميمون، عن ابن عائشة، عن أبيه،
عن عوف، عن الحسن البصري... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 42 / 144 الحديث 6.
ورواه أيضا التلمساني في الجوهرة ص 74.
(192) رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 188 عن إبراهيم الكاشغري،
عن أبي المظفر الكاغذي، عن أحمد الطريقتي، عن أبي علي بن شاذان،
عن ابن درستويه، عن أبي يعقوب الغسوي، عن علي بن المنذر، عن
عبد الله بن نمير، عن عامر بن سميط، عن داود بن أبي عوف، عن
معاوية، عن أبي ذر، عن رسول الله... نص الحديث.
ورواه ابن المغازلي في مناقبه ص 240 بإسناده عن مجاهد، عن ابن
عمر... الحديث.
وفي بحار الأنوار 38 / 30 عن ابن عمرو أبي ذر.. الحديث.
ورواه الصدوق في أماليه ص 444 الحديث 8 بإسناده عن أبي
الحجاف، عن أبي إدريس، عن مجاهد، عن علي (عليه السلام) قال:
قال رسول الله:... الحديث.
ورواه الأربلي في كشف الغمة 1 / 143 الحديث 96 عن ابن عمر.
الحديث.
(193) روى المجلسي في بحار الأنوار 38 / 137 بإسناده عن الصدوق، عن
ماجيلويه، عن عمه، عن الكوفي، عن علي بن عثمان، عن محمد بن
الفرات، عن أبي جعفر، عن آبائه، قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وآله:... ذيل الحديث. ورواه أيضا في ص 117 الحديث 58 عن علي
462

عليه السلام... الحديث. ورواه أيضا في ص 95 الحديث 11.
(194) رواه المجلسي في بحار الأنوار 38 / 30 الحديث 2، عن ابن عمر.
الحديث.
(195) رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 36 (الحديث 69) عن أبي عبد الله
محمد بن علي العلوي، عن عن محمد بن الحسين التيملي، عن الحسين بن
علي السلولي، عن محمد بن الحسن السلولي، عن صالح بن أبي الأسود عن
أبي المطهر الرازي، عن الأعشى الثقفي، عن سلام الجعفي. عن أبي برزة،
عن النبي صلى الله عليه وآله... الحديث مع زيادة.
ورواه أيضا بهذا السند الكنجي في كفاية الطالب ص 72.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 38 / 137 الحديث 97 عن أبي جعفر.
الحديث.
(196) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ترجمة الإمام علي) 2 / 268.
الحديث 788، عن أبي القاسم بن السمرقندي، عن أبي القاسم بن
مسعدة، عن حمزة بن يوسف، عن عبد الله بن عدي، عن علي بن سعيد
الرازي، عن الحسن بن حماد، عن يحيى بن يعلى، عن بسام بن عبد الله
الصيرفي، عن الحسن بن عمرو الفقيمي، عن معاوية بن ثعلبة عن
أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 38 / 29 - الحديث 2، عن مجاهد، عن
أبي ذر... الحديث.
(198) رواه المفيد في أماليه ص 132 بتفاوت واختصار في الألفاظ مع
حفظ المضمون عن علي بن خالد المراغي، عن محمد بن محمد بن أحمد،
عن أحمد بن الحسن الضرير، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن يحيى، عن
إسماعيل بن أبان، عن يونس بن أرقم، عن أبي هارون العبدي، عن أبي
463

عقيل، قال:... الحديث.
وروى المجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 239 ما يقارب هذا
المضمون.
(200) رواه المجلسي في بحار الأنوار 38 / 150 الحديث 120 عن ابن
شيرويه في الفرودس عن سلمان الفارسي. الحديث مع إضافة: - ففي
النبوة وفي علي الخلافة - إلى آخر الحديث.
ورواه ابن المغازلي في مناقبه ص 88 الحديث 130 و 131 ولكن
باختلاف يسير.
(201) رواه ابن شهرآشوب في المناقب 2 / 218 عن ابن ميمون.
(202) رواه النسائي في خصائصه ص 164 الحديث 89 عن قتيبة بن
سعيد، عن جعفر بن سليمان، عن يزيد، عن مطرف بن عبد الله، عن
عمران بن حصين: في حديث آخره ما نقله المؤلف عن الرسول صلى الله
عليه وآله.
وروى ابن المغازلي في مناقبه ص 228 الحديث 275 عن البراء بن
عازب، صدر الحديث عن رسول الله.
ورواه ابن شهرآشوب في المناقب 2 / 218، عن عمران بن حصين،
الحديث.
(203) رواه ابن شهرآشوب في المناقب 2 / 218 مرسلا عن ابن عباس عن
رسول الله صلى الله عليه وآله: علي مني وهو ولي كل مؤمن بعدي.
(204) رواه البحراني في غاية المرام ص 84 الباب 16 الحديث 66 عن
إبراهيم بن محمد الحمويني، عن محمد بن أبي بكر عن محمد بن أبي
الفتوح، عن محمد بن عمر بن يعقوب، عن محمد بن علي القاري، وعن
مرتضى بن محمود بن الأشتري، عن أبيه، عن عبد الله بن محمد القزويني،
464

عن محمد بن حمويه، عن الفضل بن محمد الفارندي، عن عبد الله بن
علي، عن علي بن محمد بن بندار، عن علي بن عمر الحبري، عن محمد بن
عبيدة القاضي، عن إبراهيم بن الحجاج، عن حماد، عن علي بن زيد، عن
أبي هارون العبدي، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب، قال في
حديث طويل.
قول رسول الله صلى الله عليه وآله... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 37 / 198 الحديث 83 بإسناده عن
البراء بن عازب... الحديث.
(206) رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 74 عن علي بن عبد الله
البغدادي، عن المبارك بن الحسن الشهرزوري، عن أبي القاسم بن
البسري، عن أبي عبد الله العكبري، عن محمد بن أحمد الرقام، عن محمد
بن أحمد بن يعقوب، عن جده، عن عبد العزيز بن الخطاب، عن علي بن
هاشم، عن أبي رافع، عن أبي عبيدة بن محمد، عن أبيه، عن عمار بن
ياسر... الحديث.
وبهذا السند رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 230 الحديث 277
و 278 و 279.
ويرويه المؤلف في الحديث 359 عن عمار بن ياسر.
(207) رواه نصا ابن شاذان في الفضائل ص 147 مرفوعا إلى سلمان
الفارسي.
ورواه مع تفاوت المجلسي في بحار الأنوار 37 / 128 الحديث 119
عن سعد الأربلي، يرفعه إلى سلمان الفارسي.
(210) رواه الواحدي في أسباب النزول ص 148. وأخرجه ابن مردويه، من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس... الحديث.
465

ورواه الحسكاني في شواهد التنزيل 1 / 185: عن أبي العباس
المحمدي، عن علي بن الحسين، عن محمد بن عبيد الله، عن عثمان بن
أحمد الدقاق، عن عبد الله بن ثابت المقري، عن أبيه، عن الهذيل، عن
مقاتل، عن الضحاك، عن ابن عباس... الحديث.
ورواه أيضا البحراني في تفسير البرهان 1 / 484 عن موفق بن أحمد،
عن محمد بن أحمد المكي، عن أبي محمد بن إسماعيل، عن محمد بن علي
المؤدب، عن عبد الله بن جعفر، عن الحسين بن محمد، عن عبد الله بن
الوهاب، عن محمد بن الأسود عن محمد بن مروان، عن محمد بن
السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس... الحديث.
(214) رواه المجلسي في بحار الأنوار 39 / 289 باختلاف يسير، عن الصدوق
(محمد بن بابويه)، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن الحسين،
عن محمد بن جمهور، عن يحيى بن صالح، عن علي بن أسباط، عن
عبد الله بن القاسم، عن المفضل بن عمر، عن الصادق عليه السلام.
الحديث.
(215) رواه البحراني في غاية المرام ص 625 الباب 88 الحديث 19 عن
المفيد، عن علي بن بلال المهلبي، عن عبد الله بن أسد الأصفهاني، عن
إبراهيم بن محمد الثقفي، عن إسماعيل بن صبيح، عن سالم بن أبي سالم
البصير، عن أبي هارون العبدي، قال: كنت أرى رأي الخوارج لا رأي
لي غيره حتى جلست إلى أبي سعيد الخدري... الحديث.
(216) رواه البحراني في غاية المرام ص 94 الباب 17 الحديث 22، عن
الشيخ الطوسي، عن محمد بن محمد (المفيد) عن علي بن أحمد المراغي،
عن عبد الله بن محمد، عن عبد الرحمان بن صالح، عن موسى بن عمران
الحضرمي، عن أبي إسحاق السبيعي، عن زيد بن أرقم، قال: سمعت
466

رسول الله صلى الله عليه وآله... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 37 / 123 الحديث 18 عن المفيد بهذا
الاسناد.
وروى أحمد بن حنبل الحديث بطريق آخر في مسنده 4 / 286، عن
عبد الله، عن أبيه، عن عبد الرزاق، عن ليث، عن شهر بن حوشب، عن
النبي صلى الله عليه وآله... الحديث.
(217) رواه ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 3 عن أبي جعفر الباقر
عليه السلام مرسلا.
(218) رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 277 الحديث 323 عن علي بن
الحسين الصوفي، عن محمد بن علي السقطي، عن محمد بن الحسين
الزعفراني، عن أحمد بن القاسم، عن إسحاق بن بشير، عن جعفر بن
سعيد الكاهلي، عن الأعمش عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود،
الحديث.
ورواه أيضا، بطريق آخر في ص 431 الحديث 9.
ورواه المحب الطبري في رياض النضرة 2 / 172.
ورواه أيضا الهيثمي في مجمعه 9 / 108.
(219) أكثر المفسرين قالوا إن هذا الحديث متعلق بآية (سأل سائل بعذاب
واقع) كما في البحار 37 / 176 ولكن المؤلف كما في مناقب ابن
شهرآشوب 3 / 40 قال في رواية الفضل بن دكين إنها متعلقة بآية:
(أفبعذابنا يستعجلون).
وقد جمع الأميني في الغدير 1 / 239 - 266 بعض أقوال المفسرين.
(221) رواه المجلسي في بحار الأنوار 37 / 197 نقلا من كتاب حيلة الأولياء
لأبي نعيم بإسناده إلى عميرة بن سعد... الحديث.
467

(222) رواه المجلسي في بحار الأنوار 37 / 196، عن علي بن عمرو، عن أبيه،
عن محمد بن الحسين الزعفراني، عن أحمد بن يحيى، عن (أبي) إسرائيل،
عن الحكم بن أبي سليمان، عن زيد بن أرقم... الحديث.
وهذا السند رواه البحراني في غاية المرام ص 82 الباب 16
الحديث 29.
ورواه ابن المغازلي في مناقبه ص 23 الحديث 33 مع اختلاف يسير
في الألفاظ بنفس السند السابق.
(223) رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 230 الحديث 277، عن الحسن بن
أحمد الغندجاني، عن أحمد بن محمد القرشي عن علي بن محمد المصري،
عن أحمد بن رشدين، عن سفيان بن بشر، عن علي بن هاشم، عن ابن أبي
رافع، عن أبي عبيدة بن محمد، عن أبيه، عن عمار، قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله... الحديث.
وقد ذكر المؤلف رواية مشابهة عن بريدة في الحديث 206.
ورواه المحب الطبري في رياض النضرة 2 / 165.
(224) رواه البحراني في تفسير البرهان 4 / 245 الحديث 8، عن محمد بن
العباس، عن جعفر بن محمد العلوي، عن عبد الله بن محمد الزيات، عن
جندل بن والق، عن ابن عمر، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر بن
محمد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله... الحديث.
(225) رواه البحراني في غاية المرام ص 263 الباب 56 الحديث 1: عن
الحمويني، عن أحمد بن إبراهيم القاروني، عن عبد الرحمان الهاشمي، عن
شاذان بن جبرائيل القمي، عن محمد بن عبد العزيز، عن محمد بن أحمد،
عن جعفر بن عبد الواحد، عن أبي طاهر بن عبد الرحيم، عن أبي محمد بن
حيان، عن محمد بن علي، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن ظريف،
468

عن الأصبغ بن نباته... الحديث.
ورواه الحسكاني في شواهد التنزيل 1 / 403 الحديث 557 عن أبي
بكر السبيعي، عن وضيف بن عبد الله، عن جعفر بن علي، عن حسن بن
حسين، عن حسين بن علوان، عن سعد الإسكاف، عن الأصبغ بن نباته،
الحديث.
ورواه مرسلا، ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 73. عن الأصبغ بن
نباتة... الحديث.
ورواه أيضا المجلسي في بحار الأنوار 36 / 119.
(226) روى البحراني في تفسير البرهان 1 / 207، عن محمد بن يعقوب، عن
الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن
مثنى الحناط، عن عبد الله بن عجلان، عن الباقر عليه السلام... الحديث.
ونقله أيضا بطرق مختلفة.
(227) رواه الحسين بن الحكم في كتابه ما نزل من القرآن في علي عليه السلام
ص 78، عن الحسن بن نصر، عن القاسم بن عبد الغفار العجلي، عن أبي
الأحوص، عن مغيرة، عن الشعبي، عن ابن عباس... الحديث.
ورواه البحراني في غاية المرام ص 259 الباب 50 الحديث 4 عن
كتاب حلية الأولياء بإسناده، عن الشعبي عن ابن عباس... الحديث.
ورواه الحسكاني في شواهد التنزيل 2 / 107 الحديث 789 بإسناده،
عن الشعبي، عن ابن عباس... الحديث.
ورواه أيضا المجلسي في بحار الأنوار 36 / 77 الحديث 5.
(229) روى المجلسي في بحار الأنوار 36 / 139 الحديث 78، عن الباقر
حديثا طويلا فيه تفسير الآية الكريمة، كما أورده في ص 98، عن
جابر سألته عن قوله.. الحديث أيضا.
469

وروى البحراني في تفسير البرهان 1 / 139 الحديث 2: عن الباقر
عليه السلام أيضا.
(230) روى المجلسي في بحار الأنوار 36 / 165 الحديث 148: عن محمد بن
العباس، عن الحسن بن محمد، عن محمد بن الكناني، عن حسين بن
وهب، عن عيسى بن هشام، عن داود بن سرحان، قال: سألت جعفر
بن محمد... الحديث.
وروى البحراني في غاية المرام ص 428 الباب 88 الحديث 2
بطريق آخر عن الصادق عليه السلام... الحديث.
(231) روى البحراني في غاية المرام ص 436 الباب 214 الحديث 5، عن
محمد بن العباس، عن حسن بن محمد، عن حسين بن وهب الأسدي،
عن عبيس بن هشام، عن داود بن سرحان، عن الصادق عليه السلام.
الحديث.
(233) وفي تفسير البرهان للبحراني 4 / 398 الحديث 2، عن ابن
شهرآشوب، عن أبان بن عثمان، عن الباقر عليه السلام... الحديث.
والمؤلف روى عن عثمان وأظنه تصحيف.
(234) رواه البحراني في تفسيره 4 / 404 الحديث 4، عن محمد بن العباس،
عن أحمد بن محمد النوفلي، عن محمد بن عبد الله، عن الحسن بن علي، عن
ابن زكريا الموصلي، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر... الحديث.
ورواه المجلسي 36 / 109 الحديث 58 عن جابر، عن الباقر
عليه السلام... الحديث.
(236) رواه البحراني في تفسير البرهان 1 / 125 الحديث 2، عن محمد بن
يعقوب، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن حسان، عن محمد بن علي،
عن عمار بن مروان، عن جابر، عن الباقر عليه السلام... الحديث.
470

(238) رواه البحراني في تفسيره 1 / 156 الحديث 2 عن ابن شهرآشوب
الحديث.
(239) وفي تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي ص 127 معنعنا عن أبي حمزة
الثمالي. قال: سألت أبا جعفر عن قول الله عز وجل (قل إنما أعظكم
بواحدة) قال: إنما أعظكم بولاية علي عليه السلام... الحديث.
وروى بطريق آخر البحراني في تفسيره 3 / 353 الحديث 2.
الحديث.
(240) رواه البحراني في تفسير البرهان 3 / 350 الحديث 3، عن محمد بن
العباس، عن الحسين بن أحمد المالكي، عن محمد بن عيسى، عن أبي
فضالة، عن عبد الصمد بن بشير، عن عطية العوفي، عن أبي جعفر،
الحديث.
(244) روى البحراني في تفسير البرهان 1 / 428، الحديث 2، عن
العياشي، عن أبي حمزة الثمالي، عن الباقر عليه السلام.. الحديث.
(245) رواه البحراني في تفسير البرهان 1 / 483، الحديث 18، عن
الفضيل، عن أبي جعفر... الحديث.
(246) رواه المجلسي بطريقين في بحار الأنوار 36 / ص 95 الحديث 30
وص 148 الحديث 123.
ورواه أيضا البحراني في تفسير البرهان بطريقين أيضا 1 / 491
الحديث 1 و 2 و 3.
(248) رواه البحراني في تفسير البرهان 1 / 71 الحديث 3 من طريق العامة
عن ابن مردويه، عن رجاله مرفوعا، عن أبي جعفر... الحديث.
(250) رواه الحسكاني في شواهد التنزيل 1 / 353 الحديث 484، عن
فرات، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن عمر المازني، عن عباد بن
471

صهيب، عن جابر، عن أبي جعفر... الحديث.
ورواه البحراني في تفسير البرهان 2 / 445، الحديث 2، عن محمد بن
العباس، عن علي بن عبد الله، عن إبراهيم الثقفي، عن علي بن هلال
الأحمسي، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي بحيرة، عن جابر، عن أبي
جعفر... الحديث.
(252) رواه البحراني في تفسير البرهان 1 / 307 الحديث 10، عن علي بن
إبراهيم، قال في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر، في قول الله تعالى...
الحديث.
(253) رواه المجلسي في بحار الأنوار 36 / 81، الحديث 6، عن محمد بن
جعفر، عن يحيى بن زكريا، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمان بن
كثير، عن الصادق عليه السلام... الحديث.
ورواه أيضا البحراني في غاية المرام ص 330 الباب 32 الحديث
3، علي بن إبراهيم، عن محمد بن مسلمة، عن يحيى بن زكريا اللؤلؤي،
عن علي بن حسان، عن عبد الرحمان بن كثير، عن الصادق عليه السلام،
الحديث.
(256) رواه البحراني في تفسير البرهان 2 / 469 الحديث 1، عن محمد بن
يعقوب، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن أورمة،
عن علي بن حسان، عن عبد الرحمان بن كثير، عن الصادق عليه السلام،
الحديث.
وروى المجلسي في بحار الأنوار 36 / 126، الحديث 66، عن محمد
بن العباس، عن محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن محمد بن
عبد الحميد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن الباقر،
عليه السلام... الحديث.
472

(258) رواه البحراني في تفسير البرهان 4 / 274 الحديث 2، عن محمد بن
عباس، عن الحسين بن أحمد المالكي، عن محمد بن عيسى، عن يونس
بن عبد الرحمان، عن عبد الله بن سنان، عن حسان الجمال... الحديث.
ورواه المجلسي بهذا السند في بحار الأنوار 37 / 221 الحديث 89.
(259) رواه المجلسي في بحار الأنوار 36 / 149 الحديث 126، في ضمن
حديث طويل، عن زيد بن الجهم، عن الصادق عليه السلام.
(260) رواه البحراني في غاية المرام ص 398 الباب 118 الحديث 3، عن
محمد بن العباس، عن أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد اليساري، عن
محمد بن خالد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير، عن
الصادق عليه السلام... الحديث.
هذا بالنسبة إلى القسم الأول من الرواية المتعلقة بآية (سأل سائل)
أما القسم الثاني المتعلقة بآية (فلا وربك لا يؤمنون).
فقد رواه المجلسي في بحار الأنوار 36 / 95، الحديث 31، عن أحمد
بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة،
عن عبد الله النجاشي، عن الصادق عليه السلام... الحديث.
(261) رواه المجلسي في بحار الأنوار 38 / 27 الحديث 1، عن جابر، عن الباقر
عليه السلام... الحديث.
(265) رواه البحراني في تفسير البرهان 4 / 245 الحديث 10، عن محمد بن
العباس، عن أحمد بن القاسم، عن منصور بن العباس، عن الحصين، عن
العباس القصباني، عن داود بن الحسين، عن فضيل بن عبد الملك، عن
الصادق عليه السلام... الحديث.
(267) رواه البحراني في تفسير البرهان 4 / 135 الحديث 8، عن الحسن بن
أبي الحسين الديلمي، بإسناده، عن رجاله إلى حماد السندي، عن أبي
473

عبد الله عليه السلام... الحديث.
(268) رواه البحراني في تفسير البرهان 1 / 102 الحديث 5، عن محمد بن
يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن محمد بن عبد الله، عن عبد الوهاب بن
بشير، عن موسى بن قادم، عن سليمان، عن زرارة، عن الباقر
عليه السلام... الحديث.
(270) روى الحسكاني في شواهد التنزيل 2 / 349 الحديث 1116، عن علي
بن موسى، عن محمد بن مسعود، عن جعفر بن أحمد، عن حمدان، عن
العبيدي، عن يونس، عن زرعة، عن سماعة، عن أبي بصير، عن
الصادق عليه السلام... الحديث.
وروى المجلسي في بحار الأنوار 36 / 135 الحديث 91، عن أحمد بن
القاسم، عن أحمد بن محمد، بإسناده، إلى المفضل بن عمر، عن الصادق
عليه السلام... الحديث.
ورواه البحراني في غاية المرام ص 92 الباب 17 الحديث 13،
محمد بن العباس، عن أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن
علي، عن أبي جميلة، عن أبي عبد الله عليه السلام... الحديث.
(272) رواه البحراني في تفسير البرهان 4 / 119 الحديث 8، عن محمد بن
العباس، عن جعفر بن محمد الحسني، عن إدريس بن زياد الحناط، عن
أحمد بن عبد الرحمان الخراساني، عن يزيد بن إبراهيم، عن أبي حبيب
الشاجي، عن الصادق عليه السلام... الحديث.
(273) رواه المجلسي في بحار الأنوار 36 / 152 الحديث 132، عن محمد بن
العباس، عن محمد بن القاسم، عن عبيد بن المسلم، عن جعفر بن
عبد الله المحمدي، عن الحسن بن إسماعيل الأفطس، عن أبي موسى
المشرفاني (الرغابي)، عن الباقر عليه السلام... الحديث.
474

ورواه أيضا البحراني في تفسير البرهان 4 / 83 الحديث 3، بالسند
والنص المذكور في بحار الأنوار.
(276) رواه الصدوق في الخصال تحت عنوان: امتحان الله عز وجل أوصياء
الأنبياء في حياة الأنبياء في سبعة مواطن وبعد وفاتهم في سبعة مواطن.
ثم ذكر الحديث بطوله (الحديث 58) 2 / 364. وأخرج الحديث بسندين
إلى محمد بن الحنفية والشيخ المفيد في الإختصاص كما سيأتي.
1 - محمد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن الحسين بن
سعيد، عن جعفر بن محمد النوفلي، عن يعقوب بن يزيد، عن أبي عبد الله
جعفر بن أحمد بن محمد، عن يعقوب بن عبد الله الكوفي، عن موسى بن
عبيدة، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن
محمد بن الحنفية... الحديث.
2 - وعن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر
الحديث.
ورواه أيضا المفيد في كتاب محنة أمير المؤمنين عليه السلام ضمن
كتاب الاختصاص ص 158 بسندين:
1 - جعفر بن أحمد بن عيسى، عن يعقوب الكوفي، عن موسى بن
عبيد، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي إسحاق، عن الحارث. الحديث.
2 - وعن جابر، عن أبي جعفر، عن محمد بن الحنفية... الحديث.
ومن الملاحظ أن المؤلف ذكر: وأما الثالثة وفي الكتابين
المذكورين: وأما الثانية:
وقد ذكر المؤلف الحديث بأكمله في الجزء الرابع. راجع ص 345
حديث 315.
(277) رواه اليعقوبي في تاريخه 2 / 39.
475

ورواه التلمساني في الجوهرة ص 11 عن محمد بن كعب القرظي
ورواه ابن هشام في السيرة 2 / 89. عن ابن إسحاق... الحديث. ورواه علي
بن إبراهيم القمي في تفسير 1 / 274.
(278) وقد مرت الإشارة إليه تحت الرقم 1 وهنا الموطن الثالث كما في
الحديث.
(279) روى الأربلي في كشف الغمة 1 / 194 عن عمران بن حصين: لما
تفرق الناس عن رسول الله صلى الله عليه وآله جاء علي متقلدا بسيفه حتى
قام بين يديه، فرفع رأسه إليه، وقال: مالك لا تفر مع الناس. فقال: يا
رسول الله أرجع كافرا بعد إسلامي، فأشار إلى قوم انحدروا من الجبل،
فحمل عليهم فهزمهم.
(280) رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 274 عن إبراهيم بن بركات
عن أبي القاسم، عن علي بن إبراهيم العلوي، عن حيدرة بن الحسين بن
مفلح، عن الحسين بن أبي كامل الأطرابلسي، عن خيثمة بن سليمان، عن
يحيى بن إبراهيم الزهري، عن علي بن حكيم، عن حبان بن علي، عن محمد بن
عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه... الحديث.
ورواه المفيد في الارشاد ص 47 مرسلا والطبرسي في إعلام الورى
ص 195 عن عكرمة. ورواه الأربلي في كشف الغمة 1 / 194 عن
عمران بن حصين.
(281) رواه الصدوق في كتاب الخصال 2 / 363 عن أبيه ومحمد بن
الحسن، عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن الحسين، عن جعفر بن محمد
النوفلي، عن يعقوب بن يزيد، عن جعفر بن أحمد بن محمد، عن يعقوب بن
عبد الله الكوفي، عن موسى بن عبيدة، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي
إسحاق، عن الحارث، عن محمد بن الحنفية، وعمرو بن أبي المقدام، عن
476

جابر الجعفي، عن أبي جعفر، قال: أتى رأس اليهود علي بن أبي طالب إلى
قوله: وأما الرابعة... الحديث. ورواه أيضا المفيد ص 160.
(282) رواه المفيد في الارشاد ص 54 عن قيس بن الربيع، عن أبي هارون
العبدي، عن ربيعة السعدي قال: أتيت حذيفة بن اليمان... الحديث.
ورواه أيضا الطبرسي في إعلام الورى ص 195 أيضا.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 20 / 256 أيضا. والأربلي في كشف
الغمة 1 / 205.
(283) رواه المفيد في الإختصاص ص 157 عن جعفر بن أحمد بن عيسى،
عن يعقوب الكوفي، عن موسى بن عبيد، عن عمرو بن أبي المقدام، عن
أبي إسحاق، عن الحارث.
وعن جابر، عن أبي جعفر، عن محمد بن الحنفية.
ثم ذكر الحديث: والمواطن التي امتحن علي عليه السلام في حياة
الرسول إلى قوله: وأما السادسة: يا أخا اليهود فإنا وردنا مع رسول الله
صلى الله عليه وآله مدينة أصحابك خيبر على رجال اليهود وفرسانها من
قريش وغيرها، فلقونا بأمثال الجبال من الخيل والرجال والسلاح.
الحديث.
(284) نفس المصدر السابق ص 163 الموطن السابع:
وأما السابقة يا أخا اليهود فان رسول الله صلى الله عليه وآله لما توجه
لفتح مكة. ورواه أيضا الصدوق في الخصال 2 / 369.
(285) رواه الخوارزمي في مناقبه عن علي بن أحمد العاصمي، عن إسماعيل
بن أحمد الواعظ، عن أحمد بن الحسين البيهقي، عن محمد بن عبد الله
الحافظ، عن أبي محمد المزني، عن علي بن محمد بن عيسى، عن أبي اليمان،
عن شعيب، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، إن أبا سعيد
477

الخدري قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقسم قسما
إذ أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم، فقال: يا رسول الله
إعدل!!. فقال: ويحك من يعدل إن لم أعدل.. الحديث مع تفاوت.
(287) رواه أحمد بن إسماعيل الطالقاني في كتاب الأربعين الباب 37
الحديث 49 عن زاهر بن طاهر الشخامي، عن إسماعيل بن عبد الرحمان
الصابوني، عن أبي عبد الله الحافظ، عن محمد بن يعقوب، عن أحمد بن
عبد الجبار، عن أبي معاوية عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن
أبيه، عن أبي سعيد الخدري... الحديث.
ورواه المفيد في الارشاد ص 65 بطريق آخر: إسماعيل بن علي،
عن قائل بن نجيح، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر
محمد بن علي، عن أبيه... الحديث.
(288) رواه نصا أبو داود الطيالسي 1 / 23 والبيهقي في سننه 10 / 14 والمتقي
في كنز العمال 8 / 60 وابن الأثير في أسد الغابة 3 / 114. والمحب الطبري
في الرياض النضرة 2 / 217.
(289) رواه الطبرسي في إعلام الورى ص 191 عن الحكم بن عتيبة، عن
مقسم، عن ابن عباس... الحديث.
(292) رواه الخوارزمي في مناقبه ص 107 عن علي ابن أحمد العاصمي،
عن إسماعيل بن أحمد الواعظ، عن أحمد بن الحسين، عن أبي هاشم،
عن أبي حجلة، عن أبي قيس بن عباد القيسي قال: سمعت أبا ذر يقسم
قسما.
(293) رواه الخوارزمي أيضا في مناقبه ص 104 عن أحمد بن الحسين
البيهقي، عن محمد بن عبد الله الحافظ عن محمد بن يعقوب، عن أحمد بن
عبد الجبار، عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق... الحديث.
478

(295) رواه الواحدي في أسباب النزول ص 182 ورواه مسندا محمد بن
جرير الطبري في تفسيره 10 / 68 عن محمد بن كعب القرظي.
(302) رواه أحمد بن حنبل في مسنده 3 / 82 حديث قال: حدثنا عبد الله
عن أبي، عن حسين بن محمد، عن فطر بن إسماعيل بن رجا الزبيدي، عن
أبيه، قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول:... الحديث.
ورواه النسائي في الخصائص ص 286، وابن عساكر في تاريخ
دمشق ص 169، الحديث 1186. وفي مستدرك الصحيحين 3 / 122
بطريقين عن أبي سعيد الخدري. وأبو نعيم في حلية الأولياء 1 / 67، وابن
الأثير في أسد الغابة 4 / 33، وأحمد بن إسماعيل القزويني في الأربعين.
الحديث: 49.
(303) رواه البحراني في غاية المرام ص 651 الباب 105 الحديث 3، عن
عبد الله بن أحمد، عن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، عن أحمد بن
منصور، عن الأحوص بن جواب، عن عمار بن ذريق، عن الأعمش، عن
إسماعيل بن رجاء، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري... الحديث. ورواه
المجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 455.
(304) رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 170، عن عبد الله بن عمر
الليثي، عن الحسن بن جعفر المتوكلي، عن محمد بن الحسن الباقلاني، عن
أبي القاسم بن بشران، عن أحمد بن الفضل بن العباس، عن عيسى بن
عبد الله الطيالسي، عن عبيد الله بن موسى، عن عصام بن فدامة، عن
عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله،
الحديث.
ورواه ابن عبد ربه في الاستيعاب 2 / 745.
والهيثمي في مجمعه 7 / 234 ورواه أيضا المفيد، عن عصام بن
479

قدامة البجلي، عن ابن عباس... الحديث. ورواه ابن شهرآشوب في
المناقب 3 / 149 عن الماوردي.
(305) رواه الحافظ الموفق بن أحمد الخوارزمي في المناقب ص 110 عن سعد
بن عبد الله الهمداني، عن الحسن بن أحمد الحداد، عن عبد الرزاق بن عمر
الطهراني، عن أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني، عن محمد بن علي
بن دحيم، عن أحمد بن حازم، عن شهاب بن عباد، عن جعفر بن
سليمان، عن أبي هارون، عن أبي سعيد... الحديث.
ورواه ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 147. ورواه المجلسي في بحار الأنوار
ط قديم 8 / 452.
(306) رواه المتقي في كنز العمال 6 / 392 عن زيد بن علي بن الحسين، عن أبي
، عن جده، عن علي عليه السلام... الحديث.
ورواه الحموئي في فرائد السمطين 1 / 281 والسيوطي في اللئالي
1 / 213 والإسكافي في المعيار والموازنة ص 55 مرسلا. وابن عساكر في
تاريخ دمشق 2 / 158.
(308) رواه الخوارزمي في مناقبه ص 110 عن سعد بن عبد الله الهمداني،
عن الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد، عن عبد الرزاق ابن عمر بن
إبراهيم، عن أحمد بن موسى بن مردويه، عن محمد بن علي بن دحيم،
عن أحمد بن حازم، عن عثمان بن محمد، عن يونس بن أبي يعقوب، عن
حماد بن عبد الرحمان الأنصاري، عن أبي سعيد التميمي، عن علي
عليه السلام... الحديث. والمجلسي في بحار الأنوار 8 / 456 ط قديم. وابن
عساكر في تاريخ دمشق 3 / 162.
(309) رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 168 عن أبي الحسن بن أبي
عبد الله، عن المبارك بن الحسن بن أحمد. أخبرنا أبو القاسم بن أحمد،
480

عن حسين بن إسحاق التستري، عن محمد بن صباح الجرجاني، عن
محمد بن كثير، عن حارث بن حصيرة عن أبي صادق، عن محنف بن
سليم قال: أتينا أبا أيوب الأنصاري... الحديث. وابن عساكر في تاريخ
دمشق 3 / 169.
ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 235. والأمين العاملي في أعيان
الشيعة 6 / 284. والأميني في الغدير 192. والسيد الخوئي في
رجاله 21 / 35.
(310) رواه المجلسي في بحار الأنوار ط قديم ص 326 نقلا من كتاب
السقيفة لأحمد بن عبد العزيز الجوهري بإسناده عن أبي كعب
الحارثي. الحديث.
(311) نقل شيخنا المفيد في كتاب الجمل ص 76 حديثا بهذا المضمون
ولكن بطريق آخر فقد رواه عن محمد بن إسحاق والمدايني وحذيفة.
قال: لما عرفت عائشة أن الرجل مقتول، تجهزت إلى مكة، جاءها
مروان بن الحكم وسعيد بن العاص فقالا لها... الحديث.
ورواه البلاذري في أنساب الأشراف 5 / 104 وابن سعد في
طبقاته.
(312) رواه الشيخ المفيد في كتاب الجمل ص 75 عن أبي حذيفة
القرشي عن الأعمش، عن حبيب بن ثابت، عن تغلبة بن يزيد
الحماني، قال: أتيت الزبير وهو عند أحجار الزيت. فقلت له: يا أبا
عبد الله قد حيل بين أهل الدار وبين الماء. فقال (وحيل بينهم وبين ما
يشتهون كما فعل بأشياعهم) الآية. ورواه أيضا في ص 232 عن الفضل
بن دكين، عن عمران الخزاعي، عن ميسرة، عن جرير... الحديث.
(313) ورواه أيضا في كتاب الجمل ص 74، عن أبي حذيفة ابن
481

إسحاق بن بشير القرشي قال: حدثني يزيد بن أبي زياد عن
عبد الرحمان بن أبي ليلى... الحديث.
(315) رواه الصدوق في الخصال 2 / 364 بطريقين:
1 - عن أبيه ومحمد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن
الحسين بن سعيد، عن جعفر بن محمد النوفلي، عن يعقوب بن يزيد، عن
جعفر بن أحمد بن محمد، عن يعقوب بن عبد الله الكوفي، عن موسى بن
عبيدة، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن
محمد بن الحنفية... الحديث.
2 - وعن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر.
الحديث.
وأما المفيد في الإختصاص 158 فقد رواه أيضا بطريقين ولكن
باختلاف:
1 - جعفر بن أحمد بن عيسى، عن يعقوب الكوفي، عن موسى بن
عبيدة، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي إسحاق، عن الحارث.
الحديث.
2 - وعن جابر، عن أبي جعفر، عن محمد بن الحنفية... الحديث.
ورواه المجلسي عن الخصال في بحار الأنوار 38 / 167 الحديث 1.
(316) رواه المجلسي في بحار الأنوار ط قديم ص 392 عن ابن ميثم. ورواه
المسعودي في إثبات الوصية ص 126. ورواه المفيد في الارشاد ص 128
حيث قال: رواه الخاصة والعامة عنه، وذكر ذلك أبو عبيدة معمر بن
المثني، وغيره ممن لا يتهمه خصوم الشيعة في روايته أن أمير المؤمنين
عليه السلام قال في أول خطبة خطبها بعد بيعة الناس له على الامر
وذلك بعد مقتل عثمان بن عفان...
482

ورواه الجاحظ في البيان والتبيين 2 / 65، وابن الأثير في النهاية
1 / 132. وابن قتيبة في عيون الأخبار 1 / 60 و 2 / 236. وابن عبد ربه
في العقد الفريد 2 / 162 والشريف الرضي في النهج، الخطبة 16.
(317) رواه مختصرا المجلسي في بحار الأنوار 41 / 116 الحديث 23 عن
عبد الله بن أبي رافع وأبي الهيثم بن التيهان: أن طلحة والزبير جاءا إلى
أمير المؤمنين. ورواه ابن شهرآشوب في المناقب 1 / 315. ورواه أيضا
المؤلف في دعائم الاسلام كتاب الجهاد - باب قسمة الغنائم - الحديث 1
ج 1 / 384.
(318) رواه الخوارزمي في مناقبه ص 111 عن علي بن أحمد العاصمي
الخوارزمي، عن إسماعيل بن أحمد الواعظ، عن أحمد بن الحسين البيهقي،
عن أبي عبد الله الحافظ، عن محمد بن يعقوب، عن الحسن بن علي بن
عفان العامري، عن عبيد الله بن موسى، عن ابن ميمونة، عن أبي بشير
الشيباني... الحديث.
وذكر ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص 62 معنى الحديث دون
النص، حيث قال: وذكر غير سيف (بن عمر) وابن جرير: إن الناس
اختلفوا إلى علي عليه السلام بعد مقتل عثمان أربعين ليلة.
(321) رواه المفيد في كتاب الجمل ص 130 بصورة أخرى ضمن جواب
رسالة أرسلتها عائشة إلى زيد بن صوحان: بسم الله الرحمن الرحيم، من
عائشة ابنة أبي بكر أم المؤمنين زوجة النبي، إلى ابنها المخلص زيد بن
صوحان أما بعد: إذا جاءك كتابي هذا فأقم في بيتك وخذل الناس
عن علي حتى يأتيك أمري وليبلغني عنك ما أقربه فإنك من أوثق أهلي
عندي والسلام.
فكتب إليها زيد بن صوحان:
483

بسم الله الرحمن الرحيم من زيد بن صوحان إلى عائشة بنت أبي بكر، أما بعد، فإن الله أمرك بأمر وأمرنا بأمر، أمرك أن تقري في
بيتك، وأمرنا بالجهاد، فأتاني كتابك بضد ما أمر الله به وذلك خلاف
الحق والسلام.
ورواه الطبري في تاريخه 5 / 183. والمعلى في الحدائق
الوردية 1 / 35. والمجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 418.
(322) رواه المفيد في الإختصاص ص 113، عن محمد بن علي بن شاذان،
عن أحمد بن يحيى النحوي، عن أحمد بن سهل، عن يحيى بن محمد بن
إسحاق، عن أحمد بن قتيبة، عن عبد الحكم القتبي، عن أبي كبسة ويزيد
بن رومان... الحديث.
والطبرسي في الاحتجاج عن الصادق عليه السلام 2 / 449.
والمجلسي في بحار الأنوار ط قديم 9 / 424. والمفيد في كتاب الجمل
ص 126.
(323) أخرجه الأميني في الغدير 9 / 81 نقلا عن الاستيعاب: إن الأحنف
بن قيس كان عاقلا حليما ذا دين وذكاء وفصاحة. لما قدمت عائشة
البصرة أرسلت إليه... الحديث.
(324) روى الخطبة الحاكم في المستدرك 3 / 115 عن الحسن بن محمد
السكوني، عن محمد بن عثمان، عن يحيى بن عبد الحميد، عن شريك،
عن أبي الصيرفي، عن أبي قبيصة (عمر بن قبيصة)، عن طارق بن شهاب
قال: رأيت عليا على رحل رث بالربذة وهو يقول: الحديث. والبلاذري
في أنساب الأشراف 1 / 351 الحديث 293.
وروى السيد المدني في الدرجات الرفيعة ص 264 الكتاب الذي
بعثه أمير المؤمنين مع تفاوت يسير. وأيضا ما دار بين عمار وأبي موسى.
484

وأيضا في ص 366.
(325) روى ابن طاووس في كتاب اليقين ص 15 عن الحافظ ابن
مردويه، عن محمد بن علي، عن أحمد بن عبيد بن إسحاق العطار، عن
مالك بن إسماعيل، عن جعفر الأحمر، عن مهلهل العبدي، عن كريزة
الهجري، قال: لما (أمر) علي بن أبي طالب عليه السلام قام حذيفة بن
اليمان مريضا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إيها الناس من سره أن
يلحق بأمير المؤمنين حقا حقا فليلحق بعلي بن أبي طالب. فأخذ الناس
برا بحرا فما جاءت الجمعة حتى مات حذيفة.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 37 / 298 الحديث 19.
(326) وسيأتي في الرقم 334 سند هذا الحديث.
(329) روى المجلسي في بحار الأنوار 8 / 436 عن علي بن محمد الكاتب. عن
الحسن بن علي الزعفراني، عن الثقفي، عن إبراهيم بن عمر، عن أبيه، عن
أخيه، عن بكر بن عيسى... الحديث.
ورواه الطبرسي في الاحتجاج ص 162 عن سليم بن قيس الهلالي.
والحاكم في ط مستدرك الصحيحين 3 / 366 عن قيس بن أبي حازم،
الحديث. وابن الأثير في أسد الغابة 2 / 199. وفي تهذيب التهذيب
6 / 325 عن إسماعيل بن خالد، عن عبد السلام. والمتقي في كنز العمال
6 / 82 عن أبي الأسود الدؤلي.
ورواه مرسلا ابن قتيبة في الإمامة والسياسة ص 63.
(330) روى المفيد في كتاب الجمل عن يزيد عن أبي زياد، عن عبد الرحمان
بن أبي ليلى، قال: نظرت الهودج يوم الجمل كأنه قنفذ من النشاب
والنبل. وفي ص 216، عن فطر بن خليفة، عن منذر الثوري، قال: لما
انهزم الناس يوم الجمل، أمر أمير المؤمنين عليه السلام مناديا ينادي أن لا
485

تجهزوا على جريح ولا تتبعوا مدبرا، وقسم ما حواه العسكر من السلاح
والكراع. ورواه أيضا ابن شهرآشوب في المناقب 2 / 114.
(332) رواه المجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 450 عن جعفر بن معروف،
عن الحسن بن علي بن نعمان، عن أبيه، عن معاذ بن مطر، عن
إسماعيل بن الفضل الهاشمي، عن بعض مشايخه: لما هزم علي بن أبي
طالب عليه السلام أصحاب الجمل بعث أمير المؤمنين عليه السلام عبد الله
بن العباس إلى عائشة... الحديث.
(333) رواه المفيد في كتاب الجمل عن أبي مخنف، عن العدي، عن أبي
هشام، عن البريد، عن عبد الله بن المخارق، عن هشام بن مساحق
القرشي، عن أبيه: لما انهزم الناس يوم الجمل اجتمع معه طائفة من
قريش فيهم مروان بن الحكم...
ورواه الطوسي في أماليه ص 323 الحديث 15: عن جماعة، عن
أبي المفضل، عن محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي، عن عباد بن يعقوب
الأسدي، عن علي بن هاشم بن البريد، عن أبيه، عن عبد الله بن مخارق.
(334) رواه الديلمي في إرشاد القلوب ص 342 في حديث طويل. وقد مر
قسم من هذه الرواية سابقا تحت الرقم 326. قال: وفي خبر حذيفة بن
اليمان بحذف الاسناد... الحديث.
وختم الحديث بأبيات ترثي ولدها باكية. وقد ذكرتها في ذيل
الأصل. وقد رواه أيضا المجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 25، وأيضا
ص 260. والمفيد في كتاب الجمل ص 182. والخوارزمي في مناقبه
ص 118. وابن الجوزي في تذكرة الخواص ص 72.
(335) رواه أحمد بن حنبل في مسنده 6 / 393: بسنده عن أبي رافع: إن
رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي بن أبي طالب: إنه سيكون بينك
486

وبين عائشة أمر... الحديث. ورواه العسقلاني في فتح الباري
14 / 145 وقال: أخرجه أحمد والبزار بسند حسن. والمتقي في كنز العمال
6 / 410.
(336) رواه المفيد في كتاب الجمل 233 عن أم راشد مولاة أم هاني أن
طلحة والزبير دخلا على علي فاستأذناه في العمرة، فلما وليا من عنده
سمعتهما يقولان: ما بايعناه بقلوبنا وأنما بايعناه بأيدينا. فأخبرت عليا
بمقالتهما، فقال: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله فوق
أيديهم)... الحديث.
(337) رواه المفيد في كتاب الجمل ص 159، عن الواقدي عن معمر بن
راشد، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن البصري، قال: أقبل أبو بكرة
يريد أن يدخل مع طلحة والزبير... الحديث.
ورواه البخاري في صحيحة كتاب الفتن، عن عثمان بن الهيثم
عن عوف عن الحسن عن أبي بكرة. ورواه النسائي في صحيحه ج 2.
والحاكم في المستدرك 3 / 118، و 4 / 219 وص 524.
(338) رواه المجلسي في بحار الأنوار 8 / 435: عن سليم بن قيس الهلالي
ضمن كلام جرى بينهما يوم الجمل. ورواه أيضا الطبرسي في الاحتجاج
ص 162.
(339) وفي الاحتجاج للطبرسي ص 167 عن الصادق عليه السلام، فلما
كان من ندمها أخذت أم سلمة تقول:
لو كانت معتصما من زلة أحد * كانت لعائشة الرتبا على الناس
من زوجة لرسول الله فاضلة * وذكر آي من القرآن مدارس
وحكمة لم تكن إلا لها جسها * في الصدر يذهب عنها كل وسواس
يستنزع الله من قوم عقولهم * حتى يمر الذي يقضي على الرأس
487

ويرحم الله أم المؤمنين لقد تبدلت لي إيحاشا بإيناس
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 8 / 427 بتفاوت.
(341) رواه المجلسي في بحار الأنوار 8 / 436، عن المفيد، عن عمر بن محمد
الصيرفي، عن محمد بن القاسم، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن يحيى
بن الحسن بن فرات، عن المسعودي، عن الحرث بن حصيرة، عن أبي
محمد العنزي، عن أبي عبد الله الغنوي، قال: إنا لجلوس مع علي بن أبي
طالب يوم الجمل... الحديث.
(342) لقد مرت الإشارة إلى بعض المصادر عن هذا الحديث في ضمن
الحديث 329، فراجع.
(343) رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 171 عن ابن خزيمة، عن جعفر
بن أبي عثمان الطيالسي، عن يحيى بن معين، عن غندر عن شعبة، عن
إسماعيل، عن قيس عن عائشة لما أتت على الحوأب سمعت نبح
الكلاب... الحديث.
ورواه أيضا الحاكم في المستدرك 3 / 13. والمتقي في كنزل العمال
6 / 83. والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 112. وفي مسند أحمد بن حنبل
6 / 97 غير أنه قال: إن الزبير قال لها: لا، بل تقدمي ويراك الناس...
(346) رواه أحمد بن حنبل في كتاب الفضائل الحديث 137، عن أبيه،
عن وكيع، عن سفيان، عن جعفر بن محمد عن أبيه، عن علي بن
الحسين، قال: حدثني ابن عباس، قال: أرسلني علي إلى طلحة والزبير
يوم الجمل فقلت: إن أخاكما... الحديث.
ورواه أيضا أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني 16 / 127. والمجلسي
في بحار الأنوار ط قديم 8 / 420.
(347) رواه البحراني في غاية المرام ص 575 الباب 66 الحديث 4 عن
488

موفق بن أحمد، عن سعد بن عبد الله الهمداني، عن الحسن بن أحمد بن
الحسن الحداد، عن عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم، عن أحمد بن موسى
بن أحمد بن مردويه. وأيضا عن سليمان بن إبراهيم الأصفهاني، عن
أحمد بن موسى، عن محمد بن علي بن دحيم، عن أحمد بن حازم، عن
نبهان بن عباد، عن جعفر بن سليمان، عن أبي هارون، عن أبي سعيد
الخدري، قال: أسألك بحق قرابتي وبحق صحبتي إلا ما دعوت الله أن
يقبضني إليه. فقال له: يا علي، تسألني أن أدعو الله لأجل مؤجل...
الحديث.
ورواه أيضا الخوارزمي في مناقبه ص 109.
(348) رواه المجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 453 مع زيادة مرسلا عن
حذيفة حيث قال: لو أحدثكم بما سمعت من رسول الله لرجمتموني.
قالوا: سبحان الله نحن نفعل ذلك!. قال: لو أحدثكم إن بعض أمهاتكم
تأتيكم في كتيبة كثير عددها شديد بأسها تقاتلكم، صدقتم؟ قالوا: ومن
يصدق بهذا؟؟ قال: تأتيكم أمكم الحميراء في كتيبة يسوق بها أعلامها
من حيث تسؤكم... الحديث.
(350) روى المجلسي في بحار الأنوار 8 / 434 ط قديم عن ابن الصلت، عن
ابن عقدة، عن محمد بن جبادة، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن
بن أبي ليلى، قال: شهد مع علي عليه السلام يوم الجمل ثمانون من أهل
بدر وألف وخمسمائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله.
(352) رواه الخوارزمي في مناقبه ص 116 عن علي بن أحمد العاصمي، عن
إسماعيل بن أحمد الواعظ، عن أحمد بن الحسين البيهقي، عن أبي عبد الله
الحافظ، عن أبي الوليد، وأبي بكر بن قريش، عن الحسين بن سفيان،
عن أحمد بن عبيدة، عن الحسن بن الحسين، عن رفاعة بن أياس الضبي،
489

عن أبيه، عن جده، قال: كنا مع علي عليه السلام يوم الجمل... الحديث.
(354) رواه العسقلاني في فتح الباري 16 / 165 عن زيد بن وهب، قال:
بينا نحن نحوم حول حذيفة، إذ قال: كيف أنتم، وقد خرج أهل البيت
نبيكم فرقتين يضرب بعضهم وجوه بعض بالسيف، قلنا: يا أبا عبد الله،
فكيف نصنع إذا أدركنا ذلك، قال: انظروا إلى الفرقة التي تدعو إلى أمر
علي بن أبي طالب، فإنها على الهدى، ورواه الهيثمي في مجمعه 7 / 236
أيضا.
(355) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 158 الحديث 1196 عن سعيد
بن أبي رجاء، عن منصور بن الحسين وأحمد بن محمود قالا: عن أبي بكر
بن المقرئ، عن إسماعيل بن عباد البصري، عن عباد بن يعقوب، عن
الربيع بن سهل الفزاري، عن سعيد بن عبيد، عن علي بن ربيعة، قال:
سمعت عليا عليه السلام يقول: عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وآله أن
أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين وبطريق آخر أيضا.
(356) وروى أحمد بن حنبل في مسنده 3 / 90 عبد الله، عن أبيه، عن
محبوب بن الحسن، عن خالد عن عكرمة أن ابن عباس قال له (...
قوله) ويقول صلى الله عليه وآله ويح عما تقتلك الفئة الباغية، يدعوهم
إلى الجنة ويدعونه إلى النار.
ورواه السيد المدني في الدرجات الرفيعة ص 271 عن أبي سعيد
الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ويح عمار... الحديث
ورواه ابن الأثير الجزري في جامع الأصول 10 / 30.
(359) روى المجلسي في بحار الأنوار 8 / 522 ط عن المفيد عن محمد بن
الحسن المقري، عن الحسن بن علي بن عبد الله، عن عيسى بن مهران، عن
الفضل بن دكين، عن موسى بن قيس، عن الحسين بن إسباط، قال:
490

سمعت عمار بن ياسر (ره) يقول عند وجهه إلى صفين: اللهم لو أعلم...
الحديث.
ورواه أيضا السيد المدني في الدرجات الرفيعة ص 269.
(360) روى التلمساني في الجوهرة ص 100 عن أبي عبد الرحمان السلمي،
قال: شهدت مع علي صفين، فرأيت عمار بن ياسر لا يأخذ في جهة ولا
واد من أودية صفين إلا رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وآله يتبعونه
كأنه علم لهم.
والقسم الأخير من الرواية رواه المجلسي مرسلا في بحار الأنوار ط
قديم 8 / 527. وكذا السيد المدني في الدرجات الرفيعة ص 278.
أما الرواية كاملة فقد نقلها الهيثمي في مجمعه 7 / 240.
(362) رواه المجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 450 والتلمساني في الجوهرة
ص 100.
(363) روى الحاكم في المستدرك 3 / 387. وابن سعد في الطبقات
3 / 179. والهيثمي في مجمعه 7 / 240 عن عبد الرحمان السلمي. والسيد
المدني في الدرجات الرفيعة ص 279. والمتقي في كنز العمال 7 / 74.
(364) رواه المجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 526 عن الحسن بن صالح،
عن أبي ربيعة الأيادي، عن الحسن عن أنس، عن النبي صلى الله
عليه وآله قال: إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة علي وعمار وسلمان. وفي الطبعة
الجديدة 39 / 245.
ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 131 عن محمد بن
عبد الواحد، عن أبي القاسم بن اليسري، عن عبيد الله بن محمد الحافظ،
عن عبد الله بن سليمان، عن إسحاق بن إبراهيم النهشلي، عن يحيى بن
أبي بكر، عن الحسن بن صالح، عن أبي ربيعة الأيادي، عن الحسن، عن
491

أنس... الحديث. ورواه البحراني في غاية المرام ص 20 وفي فرائد السمطين
ص 293. المجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 327. وفي وقعة صفين لنصر
بن مزاحم ص 323.
(365) روى التلمساني في الجوهرة ص 100 قريبا لهذا المعنى رواية من ابن
عباس في قول الله عز وجل (أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا
يمشي به في الناس)، قال: هو عمار بن ياسر. (كمن مثله في الظلمات
ليس بخارج منها). قال: أبو جهل بن هشام. ورواه أيضا السيد المدني
في الدرجات الرفيعة ص 256.
(366) وروى التلمساني في الجوهرة ص 102 عن عبد الرحمان بن أبزي:
شهدنا مع علي صفين في ثمان مائة ممن بايع بيعة الرضوان، قتل منا ثلاثة
وستون، منهم عمار بن ياسر.
(367) رواه التلمساني في الجوهرة ص 102 عن علي بن أبي طالب -
الحديث. والمجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 524. والسيد المدني في
الدرجات الرفيعة ص 256.
(368) رواه أحمد بن حنبل في مسنده 4 / 89... الحديث. ورواه المجلسي في
بحار الأنوار ط قديم 8 / 327.
(369) رواه التلمساني في الجوهرة ص 100 عن مسروق عن عائشة...
الحديث. والسيد المدني في الدرجات الرفيعة ص 257. والمجلسي في بحار الأنوار
ط قديم 8 / 327.
(370) رواه السيد المدني في الدرجات الرفيعة ص 261: واستعمله عمر على
الكوفة وكتب معه إليهم كتابا مضمونه، أني بعثت إليكم عمار بن ياسر
أميرا وابن مسعود معلما ووزيرا وأنهما من النجباء... الحديث.
(371) رواه أحمد بن حنبل في مسنده 4 / 197 بسنده عن عمرو بن دينار،
492

عن رجل من أهل مصر يحدث: أن عمرو بن العاص أهدى إلى ناس
هدايا، ففضل عمار بن ياسر، فقيل له؟ فقال: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول: تقتله الفئة الباغية.
(372) رواه المجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 522 عن إبراهيم بن الحكم،
عن عبيد الله بن موسى، عن سعد بن أوس، عن بلال بن يحيى
العيسى... الحديث.
(373) رواه المتقي في كنز العمال 7 / 74 عن سعيد بن جبير... الحديث.
(375) رواه أحمد بن حنبل في مسنده 2 / 161 بسنده عن عبد الله بن الحارث
قال: إني لأسير مع معاوية... الحديث. ورواه مرسلا الأربلي في كشف
الغمة 1 / 260.
(377) وقد سبق أن المؤلف ذكر هذا الحديث في الجزء الثاني حديث 181
فراجع (تاريخ دمشق لابن عساكر 3 / 140 رقم الحديث 1196).
ورواه أيضا الهيثمي في مجمع الزوائد 7 / 243 عن سيار أبي الحكم،
قال: قالت بنو عبس لحذيفة... الحديث.
(378) رواه المتقي في كنز العمال 7 / 73، عن خالد بن الوليد، عن ابنة
هشام بن الوليد بن المغيرة، وكانت تمرض عمارا، قالت: جاء
معاوية... الحديث
493