الكتاب: مصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة)
المؤلف: الميرجهاني
الجزء: ٤
الوفاة: ١٣٨٨
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ قسم الفقه
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: ١٣٨٨
المطبعة:
الناشر:
ردمك:
ملاحظات: مستدرك نهج البلاغة الموسوم بمصباح البلاغة في مشكوة الصياغة / نسخة مخطوطة

الجزء الرابع من
مستدرك نهج البلاغة
الموسوم
بمصباح البلاغة في مشكاة الصياغة
من مؤلفات الاثم الفاني حسن الميرجهاني الطباطبائي
المحمد ابادي الجرقويي الأصبهاني نزيل عاصمة طهران
صانها الله عن طوارق الحدثان إلى ظهور
محور الامكان
الحجة المنتظر الإمام الثاني عشر
محمد بن الحسن العسكري صاحب اعصر والزمان
عجل الله تعالى فرجه بمنه
حق الطبع محفوظ للمؤلف
سنة 1388 ه‍ ق
1

هذا هو
الجزء الرابع من كتاب
مصباح البلاغة في مشكاة
الصياغة لعبد الفاني
حسن الميرجهاني الطباطبائي
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الحمد لله المحمود بنعمته المطاع بسلطانه الغالب لامره الدال على بقائه بفناء
خلقه وعلى قدرته بعجز كل شئ سواه الذي خلق الخلق بين ناطق معترف بوحدانيته
وصامت متخشع لربوبيته لا يخرج شئ عن قدرته ولا يمكن الفرار من حكومته وجعله
شفيعا للمذنبين أبي القاسم محمد خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وآله الطيبين
سيما ابن عمه ووصيه ووزيره وحافظ شريعته أبى الأئمة وسراج الأمة وكاشف الغمة
على أمير المؤمنين ووارث علوم الأولين والآخرين وكلام الله الناطق الأمين واللعنة
الدائمة على أعدائهم أجمعين من الان إلى يوم نصب الموازين أما بعد فهذا هو
الجزء الرابع من كتاب مصباح البلاغة في مشكاة الصياغة الحاوي للخطب البالغة العلوية
والكلمات الجامعة الولوية والوصايا والكتب المرتضوية عليه وآله أفضل الصلاة والتحية
مما روته الخاصة والعامة والمرجو من الله تعالى أن يجعله لي ذخيرة ليوم فقري وفاقتي وينفعني
به وجميع المؤمنين وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين المنتجبين
من وصاياه عليه السلام
لولده محمد بن الحنفية نقلها الفيض الكاشاني (ره) في روضة الوافي وهو المجلد الثالث منه
ص 65 في باب مواعظه عليه السلام عن الصدوق رحمه الله في الفقيه قال عليه السلام له
يا بني إياك والاتكال على الأماني فإنها بضايع النوكي وتثبيطه
2

عن الآخرة ومن خير حظ المرء قرين صالح جالس أهل الخير تكن
منهم باين أهل الشر ومن صدك عن ذكر الله عز وجل وعن
ذكر الموت بالأباطيل المزخرفة والأراجيف الملفقة تبين منهم
ولا يغلبن عليك سوء الظن بالله عز وجل فإنه لن يدع بينك و
بين خليلك صلحا أذل بالأدب الصواب وأبعدها من الارتياب
يا بني لا شرف أعلى من الاسلام ولا كرم أعز من التقوى ولا معقل
أحرز من الورع ولا شفيع أنجح من التوبة ولا لباس أجمل من العافية
ولا وقاية أمنع من السلامة ولا كنز أغنى من القنوع ولا مال أذهب
للفاقة من الرضا بالقوت ومن اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم
الراحة وتبوء خفض الدعة الحرص داع إلى التقحم في الذنوب
الق عنك واردات الهموم بعزائم الصبر عود نفسك الصبر فنعم الخلق
الصبر واحملها على ما أصابك من أهوال الدنيا وهمومها فاز الفائزون
ونجى الذين سبقت لهم من الله الحسنى فإنه جنة من الفاقة والجاء نفسك
3

في الأمور كلها إلى الله الواحد القهار فإنك تلجئها إلى كهف
حصين وحرز حريز ومانع عزيز وأخلص المسألة لربك فإن
بيده الخير والشر والاعطاء والمنع والصلة والحرمان
اللغات الاتكال الاعتماد والأماني جمع الأمنية وهي التمني والتوكي بالفتح جمع الأتوك وهو
الأحمق والتثبيط التعويق عن الآخرة أي عن عملها وفي بعض النسخ تقنط عن الآخرة والأول ظهر والملفقة المجتمعة
وبين خليلك يعني وبين الله أو المراد ان سوء الظن بخليلك لما لن يدع بينك وبين خليلك صلحا فإذا ظننت
بالله ظن السوء لن يدع بينك وبين الله صلحا أو المراد بسوء الظن بالله بالنظر إلى الاخوان يعنى إذا رأيت من خليل
لك من اخوانك مخالفة لله عز وجل فتظن إن الله سبحانه يعذبه فلا يمكنك الصلح معه أذل أي نور بالأدب بمداومة
الذكر ومراعاة الحياء للنحيزة بالنون والحاء المهملة والزاء بعدها المثناة التحتانية الطريقة والطبيعة والتجارب
عطف على الأدب وإضافة ا لبلغة بالضم إلى الكفاف بيانية خفض الدعة سعة العيش والراحة إلى التقحم أي
التهجم بلا رؤية في الذنوب لان الحريص لا يقنع بالحلال على ما أصابك أي على الصبر على ما أصابك فاز الفائزون
أي بالصبر فازوا وأخلص المسألة لربك أي لا تسئل غيره وقال عليه السلام في هذه الوصية
يا بني الرزق رزقان رزق تطلبه ورزق يطلبك فإن لم تأته أتاك فلا تحمل
هم سنتك على هم يومك كفاك كل يوم ما هو فيه فإن تكن السنة من
عمرك فما تصنع بغم ولا هم ما ليس لك واعلم أنه لن يسبقك إلى رزقك
طالب ولن يغلبك عليه غالب ولن يحتجب عنك ما قدر لك فكم رأيت من
طالب متعب نفسه مقتر عليه رزقه ومقتصد في الطلب قد ساعدته المقادير
4

وكل مقرون به الفناء اليوم لك وأنت من بلوغ غد على غير يقين
ولرب مستقبل يوما ليس بمستدبره ومغبوط في أول ليلة قام
في اخرها بواكيه فلا يغرنك من الله طول حلول النعم و
ابطاء موارد النقم فإنه لو خشى الفوت لعاجل بالعقوبة قبل
الموت يا بني اقبل من الحكماء ومواعظهم وتدبر أحكامهم وكن
آخذ الناس بما تأمر به واكف الناس عما تنهى عنه وامر بالمعروف
تكن من أهله فان استتمام الأمور عند الله تعالى الامر بالمعروف
والنهي عن المنكر وتفقه في الدين فإن الفقهاء ورثة الأنبياء إن
الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكنهم ورثوا العلم فمن أخذ
منه أخذ بحظ وافر واعلم أن طالب العلم يستغفر له من في السماوات
والأرض حتى الطير في جو السماء (الهواء خ ل) والحوت في البحر و
ان الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به وفيه شرف الدنيا
والآخرة والفوز بالجنة يوم القيمة لان فقهاء هم الدعاء إلى الجنان
5

والأدلاء على الله تعالى وأحسن إلى جميع الناس كما تحب أن يحسن
إليك وارض لهم بما ترضاه لنفسك واستقبح من نفسك ما
تستقبحه من غيرك وحسن مع جميع الناس خلقك حتى إذا غبت
عنهم حنوا إليك وإذا مت بكوا عليك وقالوا إنا لله وإنا إليه
راجعون ولا تكن من الذين يقال عند موتهم الحمد لله رب
العالمين واعلم أن رأس العقل بعد الايمان بالله مداراة الناس
ولا خير فيمن لا يعاشر بالمعروف من لابد من معاشرته حتى يجعل
الله تعالى إلى الخلاص منه سبيلا فإني وجدت جميع ما يتعايش
به الناس وبه يتعاشرون ملى مكيال ثلثاه استحسان وثلثه
تغافل وما خلق الله تعالى شيئا أحسن من الكلام ولا أقبح منه
بالكلام ابيضت الوجوه وبالكلام اسودت الوجوه واعلم أن الكلام
في وثاقك ما لم تتكلم به فإذا تكلمت به صرت في وثاقه فاخزن
لسانك كما تخزن ذهبك وورقك فان اللسان كلب عقور فإن أنت
6

خليته عقر ورب كلمة سلبت نعمة ومن سيب عذارة قاده إلى
كل كريهة وفضيحة ثم لم يتخلص من دهره الا على مقت من الله وذم
من الناس قد خاطر بنفسه من استغنى برأيه من استقبل وجوه الآراء
عرف مواقع الخطاء من تورط في الأمور غير ناظر في العواقب فقد تعرض
لمفظعات ا لنوائب التدبير قبل العمل يؤمنك من الندم والعاقل
من وعظته التجارب وفي التجارب علم مستأنف وفي تقلب الأحوال علم
جواهر الرجال الأيام تهتك لك عن السرائر الكامنة فافهم وصيتي
هذه ولا تذهبن عنك صفحا فان خير القول ما نفع اعلم يا بني انه لابد
لك من حسن الارتياد وبلاغك من الزاد مع خفة الظهر فلا تحمل على
ظهرك فوق طاقتك فيكون عليك ثقيلا في حشرك ونشرك في القيمة
فبئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد واعلم أن امامك مهالك
ومهاوى وجسورا وعقبة كؤودا لا محالة ان هابطا وان مهبطها
إما على جنة أو نار فارتد لنفسك قبل نزولك إياها فإذا وجدت
7

من أهل الفاقة من يحمل زادك إلى القيمة فيوافيك به غدا حيث تحتاج
إليه فاغتنمه وحمله وأكثر من تزوده وأنت قادر عليه فلعلك يطلبه
فلا تجده وإياك أن تثق لتحمل زادك بمن لا ورع له ولا أمانة فيكون
مثلك مثل ظمأن رأى سرابا حتى إذا جاءه لم يجده شيئا فتبقى في القيمة
منقطعا بك بيان حنوا من الحنين بمعنى الاشتياق مداراة ا لناس أي التقية منهم بالمعروف بما
يعد في العرف حسنا والاستحسان جعل الشئ حسنا يعني كلما يمكن من أفعال الناس أن يحمل على الوجه
الحسن يحمل عليه وما لم يكن فيه ذلك يتغافل عنه ولا يلتفت إليه وذلك إذا خاف منهم على نفسه والا فهو
مداهنة محرمة الا ما لا يتعلق بالدين من سيب عذاره اي أرسل لجام لسانه أو لجام نفسه فيكون أعم الأول
أظهر وأنسب بالكلام المفظعات النوائب أي الشدائد والمصائب الشديدة الشناعة وبالقاف والطاء المهملة
أي اللازمة كالجنة اللاصقة بالبدن ولا تذهبن عنك صفحا ذلك بأن تعرض عنها بصفحة وجه قلبك فتذهب
عنك من حسن الارتياد أي طلب الآخرة على الوجه الأحسن في المجاهدة وبلاغك من الزاد أي بقدر ما
يكفيك في سفر الآخرة مع خفة الظهر من تبعة العباد وغيرها وحمل زاد القيمة أهل الفاقة كناية عن الانفاق
في سبيل الله وكل خير ومعروف لله بمن لا ورع له أي بصرفه في غير مستحقه وقال عليه السلام
في هذه الوصية يا بني البغى سايق إلى الحين لم يهلك امرء عرف
قدره من حصن شهوته صان قدره قيمة كل امرء ما يحسن الاعتبار
يفيدك الرشاد أشرف الغنى ترك المنى الحرص فقر حاضر المودة
قرابة مستفادة صديقك أخ وك لأبيك وأمك وليس كل أخ
8

لك من أمك وأبيك صديقك لا تتخذن عدو صديقك صديقا
فتعادى صديقك كم من بعيد أقرب منك من قريب وصول معدم
خير من مثر جاف الموعظة كهف لمن وعاها من من بمعروفه أفسده
من أساء خلقه عذب نفسه وكانت البغضة أولى به ليس من
العدل القضاء بالظن على الثقة ما أقبح الأشر عند الظفر و
الكآبة عند النائبة والغلظة والقسوة على الجار والخلاف على
الصاحب والخب من ذي المروة والغدر من السلطان كفر النعم لوم
ومجالسة الأحمق شوم أعرف الحق لمن عرفه لك شريفا كان أو وضيعا
من ترك القصد جار من تعدى الحق ضاق مذهبه كم من دنف قد
نحى وصحيح قد هوى قد يكون الياس ادراكا والطمع هلاكا استعتب
من رجوت عتابه لا تبيتن على من امرء على غدر الغدر شر لباس
المرء المسلم من غدر ما أخلق أن لا يوفى له الفساد يبير الكثير والاقتصاد
ينمى اليسير من الكرم الوفاء بالذمم من كر ساد ومن تفهم ازداد
9

امحض أخاك النصيحة ونساعده على كل حال ما لم يحملك على معصية الله
تعالى زل معه حيث زال لا تصرم أخاك على ارتياب ولا تقطعه دون
استعتاب لعل له عذر أو أنت تلوم اقبل من متنصل عذره فتنالك
الشفاعة وأكرم الذين بهم تصول وازدد لهم على طول الصبحة
(الصحبة خ ل) برا واكراما وتبجيلا وتعظيما فليس جزاء من أعظم شأنك
أن تضع من قدره ولا جزاء من سرك أن تسوءه أكثر البر ما ا ستطعت
لجليسك فإنك إذا شئت رأيت رشده من كساء الحياء ثوبه اختفى
عن العيون عيبه من تحرى القصد خفت عليه المؤن من لم يعط
نفسه شهوتها أصاب رشده مع كل شدة ورخاء ومع كل آكلة
عصص لا تنال نعمة الا بعد أذى لن لمن عاظك تظفر بطلبتك
ساعات الهموم ساعات الكفارات والساعات تنفد عمرك لا
خير في لذة من بعدها النار وما خير بخير بعده النار وما شر
بشر بعده الجنة كل نعيم دون الجنة محقور وكل بلاء دون النار
10

عافية لا تضعن حق أخيك اتكالا على ما بينك وبينه فإنه ليس
لك باخ من أضعت حقه لا يكونن أخوك على قطيعتك أقوى منك على
صلته ولا على الإساءة إليك أقوى منك على الاحسان إليه يا بني
فإذا قويت فاقوا على طاعة الله وإذا ضعفت فاضعف عن معصية
الله وان استطعت أن لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فافعل
فإنه أدوم لجمالها وأرخى لبالها وأحسن لحالها فإن المرأة ريحانة
لا قهرمانة (وليست بقهرمانة خ ل) فدارها على كل حال وأحسن الصحبة
لها فيصفو عيشك واحتمل القضاء بالرضاء وان أحببت أن تجمع خير الدنيا
والآخرة فاقطع طمعك مما في أيدي الناس والسلام عليك ورحمة الله وبركاته
بيان الحين الهلاك حصن حفظ وفي بعض النسخ خطر أي منع ما يحسن ما يعلم من الاحسان بمعنى العلم يعني
تزيد قيمة المرء بزيادة علمه كما وكيفا ولا شك أن شرف المرء بشرف المعلوم فالعالم بعظمة الله جل جلاله وجلاله أعظم
قدرا من العالم بأحكامه وكذلك في ساير العلوم وما كان المقصود منه الدنيا فقيمته ما يحصل له في الدنيا
وماله في الآخرة من نصيب سوى الحسرة والندامة والمعدم الفقير والمثرى ذو المال من الثروة القضاء بالظن
على الثقة أي إذا كنت تثق بأحد في الدين والديانة والمحبة وغيرها فما لم يحصل لك اليقين بزوال هذه
الأشياء عنه لا تحكم بالزوال فان الظن لا يغنى من الحق شيئا والاشر النشاط والطغيان عند الظفري
الظفر بالمطلوب أو العدو وفي بعض النسخ البطر وكانه تصحيف والكآبة الغم والخب بالحاء المعجمة الخداع والمكر
11

وفي بعض النسخ الخبث بالمثلثة في آخره وفي بعضها بالحاء المهملة والنون وللثلاثة وكأنهما تصحيف جار إما
بالجيم من الجور أو بالمهملة من الحيرة والدنف بكسر النون من أثقله المرض قد يكون الياس ادراكا فإنه إذا
يئس من الناس يتداركه الله بقضاء حاجته استعتب استرض من رجوت أي خفت وأريد بالفساد المبير
أي المهلك للمال الاسراف زل معه حيث زال أي وافقه في جميع الأمور ما لم يعص الله لا تصرم لا تقطع
على ارتياب أي في محبته أو فسقه والمتنصل المعتذر فتنالك الشفاعة أي من محمد وأهل بيته عليهم
السلام لانهم ضمنوا له الشفاعة كما مضى بهم تصول أي تحمل على أعاديك
ومن وصاياه عليه السلام
ومد نقل بعضها الرضي رضي الله عنه في النهج وقال من وصيته للحسن والحسين عليهم السلام لما ضربه ابن ملجم
لعنه الله واخراه لكن نقلها الكليني في الكافي وعلي بن الحسين بن شعبة الحراني من أعلام المأة الرابعة في تحف
العقول تمامها رأيت أن أنقلها هنا مزيدا للفائدة وتتميما للمائدة لأنها أبسط ولما كان نقل الكليني أقدم من الرضي
أرويها عنه بطرقي المنتهية إليه باسناده قال أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار ومحمد بن إسماعيل عن الفضل عن
صفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج قال بعث إلى أبو الحسن موسى عليه السلام بوصيه أمير المؤمنين عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب (عليه
السلام) أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و
أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين
كله ولو كره المشركون صلى الله عليه وآله ثم إن صلوتي ونسكي
ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من
المسلمين ثم إني أوصيك يا حسن وجميع أهل بيتي وولدي ومن بلغه
12

كتابي بتقوى الله ربكم ولا تموتن الا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل
الله جميعا ولا تفرقوا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام وإن
المبيرة الحالقة للدين فساد ذات البين ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
انظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب الله الله
في الأيتام فلا تغيروا أفواههم ولا تضيعوا بحضرتكم فقد سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول من عال يتيما حتى يستغنى أوجب الله عز
وجل له بذلك الجنة كما أوجب الله لاكل مال اليتيم النار الله الله
في القرآن فلا يسبقكم إلى العمل به غيركم أحد الله الله في جيرانكم
فإن النبي صلى الله عليه وآله أوصى بهم وما زال رسول الله صلى الله
عليه وآله يوصى بهم حتى ظننا أنه سيورثهم الله ا لله في بيت ربكم
فلا يخلو منكم ما بقيتم انه إن ترك لم تناظروا وأدنى ما يرجع به من أمه
أن يغفر له ما سلف الله الله في الصلاة فإنها خير العمل وإنها عمود
13

دينكم الله الله في الزكاة فإنها تطفى غضب ربكم الله الله في شهر
رمضان فإن صيامه جنة من النار الله الله في الفقراء والمساكين
فشاركوهم في معايشكم الله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم و
ألسنتكم فإنما يجاهد رجلان امام هدى أو مطيع له مقتد بهداه الله
الله في ذرية نبيكم فلا يظلمن بحضرتكم وبين ظهرانيكم وأنتم تقدرون
على الدفع عنهم الله الله في أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا
ولم يأووا محدثا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى بهم
ولعن المحدث منهم ومن غيرهم والمؤوى للمحدث الله الله في النساء
وفيما ملكت أيمانكم فإن أخر ما تكلم به نبيكم صلى الله عليه وآله ان
قال أوصيكم بالضعيفين النساء وما ملكت ايمانكم الصلاة الصلاة
الصلاة لا تخافوا في الله لومة لائم يكفيكم الله من آذاكم ومن بغى
عليكم قولوا للناس حسنا كما أمركم الله عز وجل ولا تتركوا الامر
بالمعروف والنهي عن المنكر فيولى الله أمركم شراركم ثم تدعون فلا
14

يستجاب لكم عليكم وعليهم يا بني بالتواصل والتباذل والتبار و
إياكم والتقاطع والتدابر والتفرق وتعاونوا على البر والتقوى ولا
تعاونوا على الاثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب
حفظكم الله من أهل بيت وحفظ فيكم بنبيكم استودعكم الله واقرء
عليكم السلام ورحمة الله ثم
لم يزل يقول لا إله إلا الله حتى قبض صلوات الله عليه ورحمته في ثلاث ليال من العشر الأواخر ليلة ثلاث و
عشرين من شهر رمضان ليلة الجمعة سنة أربعين من الهجرة وكان ضرب ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان
أقول المشهور أنه عليه السلام ضرب في ليلة تسعة عشر من رمضان وقبض في ليلة إحدى وعشرين منه من السنة
الحالقة قال الفيروزآبادي الحالقة الخصلة التي من شأنها أن تحلق أي تهلك وتستأصل الدين كما تستأصل الموسى
الشعر فلا تغيروا أفواههم محتمل الوجهين أحدهما أي لا تجيعوهم فإن الجائع فمه تتغير نكهته والثاني لا تحرجوهم
إلى تكرار الطلب والسؤال فإن السائل ينصب ريقه وتنشف لهوانه وتتغير ريح فمه كذا قال ابن أبي الحديد في شرح
النهج قوله لم تناظروا أي لم تمهلوا بل ينزل عليكم العذاب من غير مهلة قوله من أحدث فيها حدثا أو أوى محدثا الحدث
الامر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنة والمحدث يروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول
فمعنى الكسر من نصر جانيا وآواه واجاره من خصمه وحال بينه وبين أن يقتص منه وبالفتح هو الامر المبتدع نفسه ويكون
معنى الايواء فيه الرضا به والصبر عليه فإنه إذا رضي بالبدعة وأقر فاعلها عليها ولم ينكرها فقد آواها قوله عليه السلام
وحفظ فيكم نبيكم أي جعل الناس بحيث يرعون فيكم حرمته صلى الله عليه وآله أو حفظ سنته وأطواره فيكم أو يحفظكم
لانتسابكم إليه صلى الله عليه وآله والأول أظهر.
وصيته لابنه الحسين عليه السلام
تحف العقول ص 88 لعلي بن الحسن بن شعبة الحراني قال وصيته لابنه الحسين عليهما السلام يا بني
أوصيك بتقوى الله في الغنى والفقر وكلمة الحق في الرضا والغضب
15

والقصد في الغنى والفقر وبالعدل على الصديق والعدو وبالعمل
في النشاط والكسل والرضا عن الله في الشدة والرخاء أي بني
ما شر بعده الجنة بشر ولا خير بعده النار بخير وكل نعيم دون
الجنة محقور وكل بلاء دون النار عافية واعلم أي بني أنه من
أبصر عيب نفسه شغل عن عيب غيره ومن تعرى من لباس التقوى
لم يستتر بشئ من اللباس ومن رضي بقسم الله لم يحزن على ما
فاته ومن سل سيف البغى قتل به ومن حفر بئرا لأخيه وقع
فيها ومن هتك حجاب غيره انكشفت عورات بيته ومن نسى
خطيئته استعظم خطيئة غيره ومن كابد الأمور عطب ومن
اقتحم الغمرات غرق ومن أعجب برايه ضل ومن استغنى بعقله
زل ومن تكبر على الناس ذل ومن خالط العلماء وقر ومن
خالط الأنذال حقر ومن سفه على الناس شتم ومن دخل
مداخل السوء اتهم ومن مزح استخف به ومن أكثر من شئ عرف
16

به ومن كثر كلامه كثر خطائه ومن كثر خطائه قل حياءه ومن قل
حياءه قل ورعه ومن قل ورعه مات قلبه ومن مات قلبه
دخل النار أي بنى عز المؤمن غناه عن الناس والقناعة مال
لا ينفد ومن أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير ومن علم أن
كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما ينفعه أي بني العجب ممن يخالف
العقاب فلم يكف ورجا الثواب فلم يتب ويعمل أي بني الفكرة تورث
نورا والغفلة ظلمة والجدال ضلالة والسعيد من وعظ بغيره والأدب
خير ميراث وحسن الخلق خير قرين ليس مع قطيعة الرحم نماء ولا
مع الفجور غنى أي بنى العافية عشرة أجزاء تسعة منها في الصمت إلا
بذكر الله وواحد في ترك مجالسة السفهاء اي بنى من تزيا بمعاصي
الله في المجالس أورثه الله ذلا ومن طلب العلم علم يا بني رأس العلم
الرفق وافته الخرق ومن كنوز الايمان الصبر على المصائب والعفاف
زينة الفقر والشكر زينة الغنى كثرة الزيارة تورث الملالة والطمأنينة
17

قبل الخبرة ضد الحزم واعجاب المرء بنفسه يدل على ضعف عقله
أي بني كم نظرة جلبت حسرة وكم من كلمة سلبت نعمة أي بني
لا شرف أعلى من الاسلام ولا كرم أعز من التقوى ولا معقل
أحرز من الورع ولا شفيع انجح من التوبة ولا لباس أجمل من العافية
ولا مال أذهب بالفاقة من الرضا بالقوت ومن اقتصر على بلغة
الكفاف تعجل الراحة وتبوء خفض الدعة أي بنى الحرص مفتاح
التعب وداع إلى التقحم في الذنوب والشرة جامع لمساوى العيوب
وكفاك تأديبا لنفسك ما كرهته من غيرك لأخيك عليك مثل الذي لك
عليه ومن تورط في الأمور بغير نظر في العواقب فقد تعرض
للنوائب التدبير قبل العمل يؤمنك الندم من استقبل وجوه الآراء
عرف مواقع الخطاء الصبر جنة من الفاقة البخل جلباب المسكنة
الحرص علامة الفقر وصول معدم خير من جاف مكثر لكل
شئ قوت وابن آدم قوت الموت أي بني لا تؤيس مذنبا فكم
18

من عاكف على ذنبه ختم له بخير وكم من مقبل على عمله مفسد في
اخر عمره صائر إلى النار نعوذ بالله منها أي بني كم من عاص نجا وكم
من عامل هوى من تحرى الصدق خفت عليه المؤن في خلاف
النفس رشدها الساعات تنقص الأعمار ويل للباغين من أحكم
الحاكمين وعالم ضمير المضمرين يا بني بئس الزاد إلى المعاد العدوان
على العباد في كل جرعة شرق وفي كل أكلة غصص لن تنال نعمة الا
بفراق أخرى ما أقرب الراحة من النصب والبؤس من النعيم والموت
من الحياة والسقم من الصحة فطوبى لمن أخلص لله عمله وعلمه و
حبه وبغضه وأخذه وتركه وكلامه وصمته وفعله وقوله و
حبه وبغضه واخذه وتركه وكلامه وصمته وفعله وقوله و
بخ بخ لعالم عمل فجد وخاف البيات فأعد واستعد ان سئل نصح
وان ترك صمت كلامه صواب وسكوته من غير عي جواب والويل
لمن بلى بحرمان وخذلان وعصيان فاستحسن لنفسه ما يكرهه من
غيره وأزرى على الناس بمثل ما يأتي واعلم أي بني أنه من لانت
19

كلمته وجبت محبته وفقك الله لرشده وجعلك من أهل طاعته
بقدرته انه جواد كريم
اللغات الصلاة السطوة والقدرة أي بهم تسطو وتغلب على الغير والعدة بالضم الاستعداد و
بالكسر الجماعة عورات بيته وفي بعض النسخ عوراته كابدها أي قاساها وتحمل المشاق في فعلها بلا اعداد أسبابها
وعطب أي هلك والغمرات ا لشدائد الأنذال جمع النذل الخسيس من النس المحتقر في جميع أحواله والمراد بهم ذوي
الأخلاق الذميمة الدنية تزيأ أي صار ذا زي الخرق الشدة ضد الرفق الطمأنينة اسم من الاطمينان وهو توطين النفس
وتسكينها والخبرة العلم بالشئ والحزم ضبط الامر وأحكامه والاخذ فيه بالثقة المعقل الحصن والملجأ والنجاح الظفر
والفوز أي لا يظفر الانسان بشفاعة شفيع بالنجاة من سخط الله وعذابه مثل ما يظفر بالتوبة البلغة بالضم ما يتبلغ به من
القوت ولا فضل فيه والكفاف بفتح الكاف ما كفى عن الناس من الرزق واغنى والخفض لين العيش وسعته والدعة بالتحريك
الراحة والإضافة للمبالغة أي تمكن واستقر في متسع الراحة النصب بالتحريك أشد التعب الشره بكسر الشين وشد ا لراء الحرص
والغضب والطيش والعطب وقد يطلق على البشر أيضا الوصول بفتح الواو الكثير الاعطاء والمقدم الفقير والجاف فاعل
من جفا يجفو جفاءا ضد واصله وانسه والمكثر الذي كثر ماله يعني من يصل إلى الناس بحسن الخلق والمودة مع الفقر
خير ممن يكثر في العطاء وهو جاف أي سئ الخلق التحري القصد والاجتهاد في الطلب والمؤن بضم الميم وفتح الهمزة جمع المؤنة
وهي القوت أو الشدة والثقل الشرق الغصة وهو اعتراق الشئ في الحلق وعدم أساغته ويطلق الأول في المشروبات
والثاني في المأكولات بخ اسم فعل للمدح واظهار الرضا بالشئ ويكرر للمبالغة العي العجز عن الكلام ازرى عليه عمله
أي عاتبه وعابه عليه
ومن كلامه عليه السلام
تحف العقول ص 212 في باب حكمه ومواعظه قال قال عليه السلام إن المؤمن إذا نظر
اعتبر وإذا سكت تفكر وإذا تكلم ذكر وإذا استغنى شكر وإذا
اصابته شدة صبر فهو قريب الرضا بعيد السخط يرضيه عن
الله اليسير ولا يسخطه الكثير ولا يبلغ بنبيه ارادته في الخير
20

ينوى كثيرا من الخير ويعمل بطائفة منه ويتلهف على ما فاته من
الخير كيف لم يعمل به والمنافق إذا نظر لها وإذا سكت سها و
إذا تكلم لغا وإذا استغنى طغى وإذا ا صابته شدة ضغا فهو
قريب السخط بعيد الرضا يسخطه على الله اليسير ولا يرضاه الكثير
ينوى كثيرا من الشر ويعمل بطائفة منه ويتلهف على ما فاته
من الشر كيف لم يعمل به تلهف أي حزن عليه وتحسر لها من اللهو أي لعب سها
أي غفل ونسى وذهب قلبه إلى غيره لغا أي خطأ وتكلم
من غير تفكر وروية ضغا أي تذلل وضعف
ومن كتبه عليه السلام
كتاب كتبه لأهل الكوفة بالفتح ولقد نقله المفيد في الارشاد ص 123 المطبوع في طهران سنة 1377 وهو هذا
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين
إلى أهل الكوفة سلام عليكم فإني حمد إليكم الله الذي لا إله
إلا هو إما بعد فإن الله حكم عدل لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما
بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له وما لهم من دونه
من وال أخبركم عنا وعمن سرنا إليه من جموع أهل البصرة ومن
21

تأشب إليهم من قريش وغيرهم مع طلحة والزبير ونكثهم صفقة
ايمانهم فنهضت من المدينة حين انتهى إلي خبر من سار إليها وجماعتهم
وما فعلوا بعاملي عثمان بن حنيف حتى قدمت ذا قار فبعثت الحسن
بن علي وعمار بن ياسر وقيس بن سعد فاستنفرتكم بحق الله وحق رسوله
صلى الله عليه وآله وحقي فاقبل إلي اخوانكم سراعا حتى قدموا
علي فسرت بهم حتى نزلت ظهر البصرة فأعذرت بالدعاء وقمت بالحجة
وأقلت العثرة والزلة من أهل الردة من قريش وغيرهم واستتبتهم من
نكثهم بيعتي وعهد الله عليهم فأبوا إلا قتالي وقتال من معي والتمادي
في الغي فناهضتهم بالجهاد فقتل الله من قتل منهم ناكثا وولى من ولى
إلى مضرهم وقتل طلحة والزبير على نكثهما وشقاقهما وكانت المرأة عليهم أشأم من ناقة الحجر فخذلوا وأدبروا وتقطعت بهم
الأسباب فلما رأوا ما حل بهم سألوني العفو عنهم فقبلت منهم
وغمدت السيف عنهم وأجريت الحق والسنة فيهم واستعملت
22

عبد الله بن العباس على البصرة وانا سائر إلى الكوفة إن شاء الله تعالى وقد بعثت إليكم زحر بن قيس الجعفي لتسألوه فيخبركم
عنا وعنهم ورد هم الحق علينا ورد الله لهم وهم كارهون
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ومن كتبه عليه السلام
إلى معوية أرسله بمصحوب جرير بن عبد الله التجلي إليه نقل شطرا منه الرضي رضي الله عنه في النهج رأيت أن كتب
تمامه وهو المنقول عن كتاب نصر بن مزاحم المنقري التميمي الكوفي الملقب بالعطار المعروف بكتاب صفين
الذي نقل عنه بعض خطبه عليه السلام وكتبه الرضي (ره) وصاحب كتاب بحار الأنوار في المجلد الثامن منه في باب
غزواته عليه السلام قال كتب إليه علي عليه السلام بسم الله الرحمن الرحيم إما بعد
فان بيعتي لزمتك بالمدينة وأنت بالشام لأنه بايعني القوم
الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بويعوا عليه فلم يك
للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد وانما الشورى للمهاجرين و
الأنصار فإذا اجتمعوا على رجل فسموه إماما كان ذلك لله رضا
فان خرج من أمرهم خارج بطعن أو رغبة ردوه إلى ما خرج منه
فان أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين ووليه الله ما تولى
23

ويصليه جهنم وساءت مصيرا وإن طلحة والزبير بايعاني ثم
نقضا بيعتي وكان نقضهما كردهما فجاهدتهما على ذلك حتى
جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون فادخل فيما دخل فيه المسلمون
فإن أحب الأمور إلي فيك العافية إلا أن تتعرض للبلاء فإن
تعرضت له قاتلتك واستعنت الله عليك وقد أكثرت في قتلة
عثمان فادخل فيما دخل فيه الناس ثم حاكم القوم إلي أحملك واياهم
على كتاب الله فاما تلك التبي تريدها فخدعة الصبي عن اللبن و
لعمري لئن نظرت لعقلك دون هواك لتجدني أبرء قريش من دم
عثمان واعلم انك من الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة ولا تعرض
فيهم الشورى وقد أرسلت إليك والى من قبلك جرير بن عبد
الله وهو من أهل الأليمان والهجرة فبايع ولا قوة إلا بالله
ومن كتبه عليه السلام
كتاب نصر بن مزاحم ص 79 عمر بن سعد عن رجل عن أبي الوداك أن طائفة من أصحاب علي عليه السلام
24

قالوا له أكتب إلى معاوية والى من قبله من قومك بكتاب تدعوهم فيه إليك وتامرهم بمالهم
فيه من الخطاء فإن الحجة لن تزداد عليهم بذلك الا عظما فكتب إليهم صلوات الله عليه
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين
إلى معاوية ومن قبله من قريش سلام عليكم فإني أحمد إليكم
الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإن لله عبادا امنوا بالتنزيل و
عرفوا التأويل وفقهوا في الدين وبين الله فضلهم في القرآن الحكيم
وأنتم في ذلك الزمان أعداء لرسول الله صلى الله عليه وآله
تكذبون بالكتاب مجمعون على حرب المسلمين من ثقفتهم منهم حبستموه
أو عذبتموه أو قتلتموه حتى أراد الله اعزاز دينه واظهار رسوله
ودخلت العرب في دينه أفواجا وأسلمت هذه الأمة طوعا وكرها
وكنتم ممن دخل في هذا الدين إما رغبة واما رهبة على حين فاز
أهل السبق بسبقهم وفاز المهاجرون الأولون بفضلهم فلا ينبغي
لمن ليست له مثل سوابقهم في الدين ولا فضائلهم في الاسلام
أن ينازعهم الامر الذي هم أهله وأولى به فيحوب بظلم ولا
25

ينبغي لمن كان له عقل أن يجهل قدره ولا أن يعدو طوره ولا أن
يشقى نفسه بالتماس ما ليس له ثم إن أولى الناس بأمر هذه الأمة
قديما وحديثا أقربها من رسول الله صلى الله عليه وآله واعلمها
بالكتاب وأفقهها في الدين وأولها اسلاما وأفضلها جهادا وأشدها
بما تحمله الرعية من أمورها اضطلاعا فاتقوا الله الذي إليه ترجعون
ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون واعلموا أن خيار
عباد الله الذين يعملون بما يعطون وأن شرارهم الجهال الذين
ينازعون بالجهل أهل العلم فإن للعالم بعلمه فضلا وإن الجاهل
لن يزداد بمنازعة العالم إلا جهلا الا وإني أدعوكم إلى كتاب الله و
سنة نبيه صلى الله عليه وآله وحقن دماء هذه الأمة لن تزدادوا
من الله إلا بعدا فان قبلتم أصبتم رشدكم واهتديتم لحظكم وإن
أبيتم إلا الفرقة وشق عصا هذه الأمة لن تزدادوا من الله
إلا بعدا ولن يزداد الرب عليكم الا سخطا والسلام
26

ومن كتبه عليه السلام
إلى معاوية قال نصر في كتابه ص 33 فكتب إليه علي عليه السلام
من علي إلى معاوية بن صخر إما بعد فقد أتاني كتاب امرء
ليس له نظر يهديه ولا قائد يرشده دعاه الهوى فأجابه
وقاده فاتبعه زعمت أنه أفسد عليك بيعتي خطيئتي في عثمان
ولعمري ما كنت إلا رجلا من المهاجرين أوردت كما أوردوا و
أصدرت كما أصدروا وما كان الله ليجمعهم على ضلالة ولا
ليضربهم بالعمى وما أمرت فيلزمني خطيئته الامر ولا قتلت
فيجب على قصاص وأما قولك إن أهل الشام هم الحكام على أهل
الحجاز فهات رجلا من قريش الشام يقبل في الشورى أو تحل له الخلافة
فان زعمت ذلك كذبك المهاجرون والأنصار والا أتيتك به من
قريش الحجاز واما قولك ادفع إلينا قتلة عثمان فما أنت وعثمان إنما
أنت رجل من بني أمية وبنو ع ثمان أولى بذلك منك فإن زعمت
أنك أقوى على دم أبيهم منهم فادخل في طاعتي ثم حاكم القوم
27

إلى أحملك واياهم على المحجة واما تمييزك بين الشام والبصرة و
بينك وبين طلحة والزبير فلعمري ما لا أمر فيما هناك إلا واحد لأنها
بيعة عامة لا يثنى فيها النظر ولا يستأنف فيها الخيار واما دلوعك
بي في أمر عثمان فما قلت ذلك عن حق العيان ولا بعين الخبر واما فضلي
في الاسلام وقرابتي من النبي صلى الله عليه وآله وشرفي في قريش
فلعمري لو استطعت دفع ذلك لدفعته
ومن كتبه عليه السلام
كتاب نصر بن مزاحم ص 47 قال فكتب علي عليه السلام في جوابه أي في جواب مكتوب معاوية أرسله إليه
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
إلى معاوية بن أبي سفيان إما بعد فإن أخا خولان قدم على بكتاب
منك تذكر فيه محمدا صلى الله عليه وآله وما أنعم الله عليه
به من الهدى والوحي والحمد لله الذي صدقه الوعد وتمم له
النصر ومكن له في البلاد وأظهره على أهل العدى والشنئان
من قومه الذين وثبوا به وشنفوا له وأظهروا له التكذيب وبارزوه
28

بالعداوة وظاهروا على اخراجه وعلى اخراج أصحابه وألبوا
عليه العرب وجامعوهم على حربه وجهدوا في أمره كل الجهد
وقلبوا له الأمور حتى ظهر أمر الله وهم كارهون وكان أشد
الناس عليه البتة أسرته والأدنى فالأدنى من قومه إلا من عصمه
الله منهم يا ابن هند فلقد خبأ لنا الدهر منك عجبا ولقد قدمت
فأفحشت إذ طفقت تخبرنا عن بلاء الله تعالى في نبيه محمد صلى الله
عليه وآله وفينا فكنت في ذلك كجالب التمر إلى هجر وداعي مشدده
إلى النضال وذكرت ان الله اجتبى له من المسلمين أعوانا أيده الله
بهم فكانوا في منازلهم عنده على قدر فضائلهم في الاسلام فكان
أفضلهم زعمت في الاسلام وأنصحهم لله ورسوله خليفة الأولى
وخليفة الخليفة ولعمرى ان مكانهما من الاسلام لعظيم وان المصاب
بهما لجرح في الاسلام شديد رحمهما الله وجزاهما بأحسن الجزاء
وذكرت أن عثمان كان في الفضل ثالثا فإن يكن عثمان محسنا فسيجزيه
29

الله باحسانه وان يك مسيئا فسيلقى ربا غفورا لا يتعاظمه ذنب
أن يغفره ولعمر الله إني لأرجو إذا أعطى الله الناس على قدر
فضائلهم في الاسلام ونصيحتهم لله ورسوله أن يكون
نصيبنا الأوفر في ذلك أن محمدا صلى الله عليه وآله لما دعى
إلى الايمان بالله والتوحيد كنا أهل البيت أول من آمن به
وصدق بما جاء به فلبثنا أحوالا مجرمة وما يعبد الله في ربع
ساكن من العرب غيرنا فأراد قومنا قتل نبينا واجتياح أصلنا
وهموا بنا الهموم وفعلوا بنا الأفاعيل فمنعونا الميرة وامسكوا عنا
العذب واحلسوا الخوف وجعلوا علينا الأرصاد والعيون واضطرونا
إلى جبل وعر وأوقدوا لنا نار الحرب وكتبوا علينا بينهم كتابا
لا يواكلونا ولا يشاربونا ولا يناكحونا ولا يبايعونا ولانا من فيهم
حتى ندفع النبي صلى الله عليه وآله فيقتلونه ويمثلوا به فلم
نكن نا من فيهم الامن موسم إلى موسم فعزم الله لنا على منعه
30

والذب عن حوزته والرمي من وراء حرمته والقيام بأسيافنا
دونه في ساعات الخوف والليل والنهار فمؤمننا يرجو بذلك الثواب
وكافرنا يحامى به عن الأصل فاما من أسلم من قريش بعد فإنهم
مما نحن فيه أخلياء فمنهم حليف ممنوع أو ذو عشيرة تدافع عنه
فلا يبغيه أحد بمثل ما بغانا به قومنا من التلف فهم من القتل بمكان
نجوة وامن فكان ذلك ما شاء الله أن يكون ثم أمر الله رسوله
بالهجرة واذن له بعد ذلك في قتال المشركين فكان إذا أحمر الباس
ودعيت نزال أقام أهل بيته فاستقدموا فوقا بهم أصحابه حر الأسنة
والسيوف فقتل عبيدة يوم بدر وحمزة يوم أحد وجعفر وزيد يوم
موتة وأراد لله من لو شئت ذكرت اسمه مثل الذي أرادوا من الشهادة
مع النبي صلى الله عليه وآله غير مرة إلا أن آجالهم عجلت ومنيته
أخرت والله ولي الاحسان إليهم والمنان عليهم بما قد أسلفوا من
الصالحات فما سمعت بأحد ولا رأيت فيهم من هو انصح لله في طاعة
31

رسوله ولا أطوع لرسوله في طاعة ربه ولا أصبر على اللاواء والضراء
وحين الباس ومواطن المكروه مع النبي صلى الله عليه وآله من
هؤلاء النفر الذين سميت لك وفي المهاجرين خير كثير نعرفه جزاهم
الله بأحسن أعمالهم فذكرت حسدي الخلفاء وابطائي عنهم و
بغيي عليهم فأما البغى فمعاذ الله أن يكون واما الابطاء عنهم و
الكراهة لأمرهم فلست اعتذر منه إلى الناس لان الله جل ذكره
لما قبض نبيه صلى الله عليه وآله قالت قريش منا أمير وقالت الأنصار
منا أمير فقالت قريش منا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله فنحن
أحق بذلك الامر فعرفت ذلك الأنصار فسلمت لهم الولاية والسلطان
فإذا استحقوها بمحمد صلى الله عليه وآله دون الأنصار فإن أولى الناس
بمحمد صلى الله عليه وآله أحق بها منهم والا فان الأنصار أعظم
العرب فيها نصيبا فلا أدري أصحابي سلموا من أن يكونوا حقي أخذوا أو
الأنصار ظلموا ع رفت أن حقي هو المأخوذ وقد تركته لهم تجاوز الله عنهم
32

وأما ما ذكرت من أمر عثمان وقطيعتي رحمه وتأليبي عليه فإن
عثمان عمل ما بلغك فصنع الناس ما قد رأيت وقد علمت أني كنت
في عزلة عنه إلا أن تجن فتجن ما بدا لك واما ما ذكرت من أمر
قتلة عثمان فإني نظرت في هذا الامر وضربت أنفه وعينيه فلم
أر دفعهم إليك ولا إلى غيرك ولعمرى لئن لم تنزع عن غيك و
شقاقك لتعرفنهم عن قليل يطلبونك ولا يكلفونك أن تطلبهم
في بر ولا بحر ولا جبل ولا سهل وقد كان أبوك أتاني حين ولى الناس
أبا بكر فقال أنت أحق بعد محمد صلى الله عليه وآله بهذا الامر وأنا
زعيم لك بذلك على من خالف ابسط يدك أبايعك فلم افعل وأنت تعلم أن
أباك قد قال ذلك وأراده حتى كنت أنا الذي أبيت لقرب عهد
الناس بالكفر مخافة الفرقة بين أهل الاسلام فأبوك كان أعرف بحقي
منك فإن تعرف من حقي ما كان أ بوك يعرف تصب رشدك وإن لم
تفعل فسيغنى الله عنك والسلام
33

ومن كتبه عليه السلام
كتاب كتبه إلى مخنف بن سليم نقله نصر بن مزاحم في كتابه ص 56 قال فكتب إلى مخنف بن سليم عامل أصفهان وهمدان
سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو إما بعد
فإن جهاد من صدق عن الحق رغبة عنه وهب في نعاس العمى
والضلال اختبارا له فريضة على العارفين إن الله يرضى عمن
ارضاه ويسخط ع لي من عصاه وانا قد هممنا بالمسير إلى هؤلاء القوم
الذين عملوا في عباد الله بغير ما أنزل الله واستأثروا بالفئ وعطلوا
الحدود وأماتوا الحق وأظهروا في الأرض الفساد واتخذوا الفاسقين
وليجة من دون المؤمنين فإذا ولي لله أعظم أحداثهم أبغضوه
وأقصوه وحرموه وإذا ظالم ساعدهم على ظلمهم أحبوه وادنوه
وبروه فقد أصروا على الظلم وجمعوا على الخلاف وقديما ما صدوا
عن الحق وتعاونوا على الاثم وكانوا ظالمين فإذا أتيت بكتابي هذا
فاستخلف على عملك أوثق أصحابك في نفسك واقبل إلينا لعلك
تلقى هذا العدو المحل فتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتجامع الحق
34

وتباين الباطل فإن لا غناء بنا ولا بك عن أجر الجهاد وحسبنا الله
ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
ومن كتبه عليه السلام
لما كتب عبد الله بن عباس إليه يذكر له اختلاف البصرة قال نصر بن مزاحم في كتابه فكتب إليه علي عليه السلام
من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عبد الله بن عباس إما بعد
فالحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد عبده و
رسوله إما بعد فقد قدم علي رسولك وذكرت ما رأيت وبلغك
عن أهل البصرة فقد قدم علي رسولك وذكرت ما رأيت وبلغك
عن أهل البصرة بعد انصرافي وسأخبرك عن القوم هم بين مقيم
لرغبة يرجوها أو عقوبة يخشاها فارغب راغبهم بالعدل عليه
والاحسان إليه والانصاف له وحل عقدة الخوف عن قلوبهم فإنه
ليس الامر أهل البصرة في قلوبهم عظم الا قليل منهم وانته إلى أمري
ولا تعده وأحسن إلى هذا الحي من ربيعة وكل من قبلك فاحسن
إليهم ما استطعت إن شاء الله والسلام
ومن كتبه عليه السلام
35

كتابه عليه السلام إلى الأسود بن قطنة نقله نصر بن مزاحم في كتابه ص 57 طبع طهران سنة 1300 الهجرة القمرية
من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى الأسود بن قطنة أما بعد فإنه
لم ينتفع بما وعظ لم يحذر ما هو غابر وما أعجبته الدنيا رضي بها
وليست بثقة فاعتبر بما مضى تحذر ما بقي واطبخ للمسلمين قبلك من
الطلاء ما يذهب ثلثاه وأكثر لنا من لطف الجند واجعله مكان ما عليهم
من أرزاق الجند فإن للوالدان علينا حقا وفي الذرية من يخاف دعاءه
وهو لهم صالح والسلام
ومن كتبه عليه السلام
كتاب كتبه إلى عبد الله بن عامر نقله نصر بن مزاحم في كتابه المطبوع ص 57 قال وكتب عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عبد الله
بن عامر أما بعد فإن خير الناس عند الله عز وجل أقومهم لله
بالطاعة فيما له وعليه وأقولهم بالحق ولو كان مرا فإن الحق به
قامت السماوات والأرض ولتكن سريرتك كعلانيتك وليكم حكمك
واحدا وطريقتك مستقيمة فإن البصرة مهبط الشيطان فلا
36

تفتحن على يد أحد منهم لا نطيق سده نحن ولا أنت والسلام
ومن كتبه عليه السلام
إلى عبد الله بن عباس نقله النصر في كتابه ص 58 قال وكتبه عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين
إلى عبد الله بن عباس أما بعد فانظر ما اجتمع عندك من
غلات المسلمين وفيئهم فاقسمه على من قبلك حتى تغنيهم
وابعث إلينا بما فضل نقسمه فيمن قبلنا والسلام
ومن كتبه عليه السلام
كتاب كتبه إلى عبد الله بن عباس نقله النصر في كتابه ص 58 قال وكتب عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى
عبد الله بن عباس أما بعد فإن الانسان قد يسره ما لم يكن
ليفوته ويسوءه فوت ما لم يكن ليدركه وان جهد فليكن سرورك
فيما قدمت من حكم أو منطق أو سيرة وليكن أسفك على ما فرطت لله
فيه من ذلك ودع ما فاتك من الدنيا فلا تكثر به خزنا وما أصابك
فيها تبع به سرورا وليكن همك فيما بعد الموت والسلام
37

ومن كتبه عليه السلام
كتاب كتبه إلى أمراء الخراج منقول عن كتاب النصر ص 58 قال وكتب عليه السلام إلى أمراء الخراج
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى أمراء الخراج
أما بعد فإنه من لم يحذر ما هو صائر إليه لم يقدم لنفسه ولم يحرزها
ومن اتبع هواه وانقاد له على ما يعرف نفع عاقبته عما قليل ليصبحن من
النادمين الا وان أسعد الناس في الدنيا من عدل عما يعرف ضره و
إن أشقاهم من اتبع هواه فاعتبروا واعلموا ان لكم ما قدمتم من خير و
ما سوا ذلك وددتم لو أن بينكم وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه
والله رؤوف رحيم بالعباد وان عليكم ما فرضتم فيه وإن الذي طلبتم
ليسير وإن ثوابه لكثير ولو لم يكن فيما نهى عنه من الظلم والعدوان عقاب
يخاف كان في ثوابه ما لا عذر لاحد بترك طلبته فارحموا ترحموا ولا تعذبوا
خلق الله ولا تكلفوهم فوق طاقتهم وأنصفوا الناس من أنفسكم واصبروا
لحوائجهم فإنكم خزان الرعية لا تتخذن حجابا ولا تحجبن أحدا عن حاجته
حتى ينهيها إليكم لا تأخذوا أحدا بأحد الا كفيلا عمن كفل عنه واصبروا
38

أنفسكم على ما فيه الاغتباط وإياكم وتأخير العمل ودفع الخير فان
في ذلك الندم والسلام
ومن كتبه عليه السلام
كتاب كتب إلى معاوية نقله النصر في كتابه ص 59 قال وكتب عليه السلام إلى معاوية
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى
معاوية بن أبي سفيان سلام على من اتبع الهدى فإني أحمد
الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإنك قد رأيت من الدنيا وتصرمها
بأهلها إلى ما مضى منها وخير ما بقى من الدنيا ما أصاب العباد
الصادقون فيما مضى ومن نسي الدنيا نسيان الآخرة يجد بينهما
بونا بعيدا واعلم يا معاوية انك قد ادعيت أمرا لست من أهله لا
في القدم ولا في الولاية ولست تقول فيه بأمر بين تعرف لك
به اثرة ولا لك عليه شاهد من كتاب الله ولا عهد تدعيه
من رسول الله صلى الله عليه وآله فكيف أنت صانع إذا انقشعت
عنك جلابيت ما أنت فيه من دنيا قد انتهت بزينتها وركنت إلى
39

لذتها وخلى فيها بينك وبين عدو جاهد ملح مع ما عرض في
نفسك من دنيا قد دعتك فأجبتها وقادتك فاتبعتها وأمرتك
فأطعتها فايس من هذا الامر وخذ اهبة الحساب فإنه يوشك ان
يقفك واقف على ما لا يحينك منه محن ومتى كنتم يا معاوية
ساسة للرعية أو ولاة لأمر هذه الأمة بغير قدم حسن ولا
شرف سابق على قومكم فشمر لما قد نزل بك ولا تمكن الشيطان
من بغيته فيك مع أني أعرف ان الله ورسوله صادقان فنعوذ
بالله من لزوم سابق الشقا وان لا تفعل أعلمك ما أغفلك من
نفسك فإنك مترف قد أخذ منك الشيطان مأخذه فجرى منك
مجرى الدم في العروق واعلم أن هذا الامر لو كان إلى الناس أو
بأيديهم لحسدونا ولا امتنوا به علينا ولكنه قضاء ممن امتن به
علينا على لسان نبيه الصادق المصدق لا أفلح من شك بعد
العرفان والبينة اللهم احكم بيننا وبين عدونا بالحق وأنت خير الحاكمين
40

ومن كتبه عليه السلام
كتاب كتبه عليه السلام إلى عمرو بن العاص نقله النصر في كتابه ص 60 قال وكتب إلى عمرو بن العاص
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله أمير المؤمنين علي إلى عمرو بن
العاص أما بعد فإن الدنيا مشغلة عن غيرها وصاحبها مقهور فيها
لم يصب منها شيئا قط الا فتحت له حرصا أدخلت عليه مؤنة تزيده رغبة فيها ولن يستغنى صاحبها بما نال عما لم يبلغه ومن وراء
ذلك فراق ما جمع والسعيد من وعظ بغيره فلا تحبط أجرك أبا عبد الله
ولا تجارين معاوية في باطله فإن معاوية غمص الناس وسفه الحق
ومن كتبه عليه السلام
كتاب كتبه إلى ابن عباس وإلى أهل البصرة المنقول من كتاب النصر ص 66 قال فكتب إليهما علي
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى زياد بن
41

النضر وشريح بن هاني سلام عليكما فإني أحمد إليكما الله الذي لا إله
إلا هو أما بعد إني قد وليت مقدمتي زياد بن النضر وأمرته عليها و
شريح على طائفة منها أمير فإن أنتما جمعكما بأس فزياد بن النضر على
الناس وان افترقتما فكل واحد منكما أمير على الطائفة التي وليناه
أمرها واعلما أن مقدمة القوم عيونهم وعيون المقدمة طلايعهم
فإذا أنتما خرجتما من بلاد كما فلا تسئما من توجيه الطلايع ومن نقض الشعاب
والشجر والخمر في كل جانب كيلا يغر كما عدوا ويكون لهم كمين ولا تسيرن
الكتائب الا من لدن الصباح إلى المساء الا على تعبية فان دهمكم دهم
أو غشيكم مكروه كنتم قد تقدتم في التعبية وإذا نزلتم بعدو أو نزل بكم
فليكن معسكركم في قبل الاشراف أو سفاح الجبال أو أثناء الأنهار كيما يكون
ذلك لكم ردءا أو تكون مقاتلتكم من وجه أو اثنين واجعلوا رقباءكم في صياصي
الجبال وبأعالي الاشراف ومناكب الأنهار يرون لكم لئلا يأتيكم عدو من
مكان مخافة أو آمن وإياكم والتفرق فإذا نزلت فانزلوا جميعا وإذا رحلتم
42

فارحلوا جميعا وإذا غشيكم ليل فنزلتم فحفوا عسكركم بالرمحا والأترسة
ورماتكم يلون ترستكم ورماحكم وما أقمتم فكذلك فافعلوا كيلا تصاب
لكم غفلة ولا تلفى لكم غرة فما قوم حفوا عسكرهم برماحهم وترستهم
من ليل أو نهار الا كانوا كأنهم في حصون واحرسا عسكركما بأنفسكما
واياكما أن تذوقا نوما حتى تصبحا الا غرارا أو مضمضة ثم ليكن ذلك
شأنكما ودأبكما حتى تنتهيا إلى عدو كما وليكم عندي كل يوم خبر كما
ورسول من قبلكما فإني ولا شئ الا ما شاء الله حثيث السير في آثاركما
عليكما في حربكما بالتودة وإياكم والعجلة إلا أن تمكنكم فرصة بعد
الاعذار والحجة وإياكم أن تقاتلا حتى أقدم عليكما الا أن تبديا أو يأتيكما
أمري إن شاء الله والسلام
ومن كتبه عليه السلام
كتاب كتبه إلى أمراء الأجناد نقله النصر في كتابه ص 68 قال وفي حديث عمر أيضا باسناده أن عليا كتب إلى أمراء
الأجناد بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين فإني
أبرء إليكم وإلى أهل الذمة من معرة الجيش الا من جوعة إلى شبعة
43

ومن فقر إلى غنى أو عمى إلى هدى فإن ذلك عليهم فاعزلوا
الناس عن الظلم والعدوان وخذوا على أيدي سفهاءكم واحترسوا
أن تعملوا أعمالا لا يرضى الله بها عنا فيرد علينا وعليكم دعاءنا
فإن الله تعالى يقول قل ما يعبؤ بكم ربي لولا دعاءكم فقد كذبتم
فسوف يكون لزاما فإن الله إذا مقت قوما من السماء هلكوا في
الأرض فلا تدخروا أنفسكم خيرا ولا الجند حسن السيرة ولا الرعية
معونة ولا دين الله قوة وأبلوه في سبيله ما استوجب عليكم فإن
الله قد اصطنع عندنا وعندكم ما شكره بجهدنا وأن ننصره ما
بلغت قوتنا ولا قوة إلا بالله
ومن كتبه عليه السلام
قال نصر بن مزاحم في كتابه ص 68 وفي كتاب عمر بن سعد أيضا وكتب إلى جنوده يخبرهم
بالذي لهم والذي عليهم من عبد الله علي أمير المؤمنين أما بعد فإن
الله جعلكم في الحق جميعا سواء أسودكم وأحمركم وجعلكم من الوالي
وجعل الوالي منكم بمنزلة الوالد من الولد وبمنزلة الولد من الوالد
44

الذي لا يكفيهم منعه إياهم من طلب عدوه والتهمة به ما سمعتم و
أطعتم وقضيتم الذي عليكم وان حقكم عليه انصافكم والتعديل
بينكم والكف عن فيئكم فإذا فعل ذلك معكم وجبت عليكم طاعته
بما وافق الحق ونصرته على سيرته والدفع عن سلطان الله فإنكم
وزعة الله في الأرض (قال عمر الوزعة الذين يدفعون عن الظلم) فكونوا له أعوانا
ولدينه أنصارا ولا تفسدوا في الأرض بعد اصلاحها إن الله
لا يحب المفسدين
ومن كتبه عليه السلام
كتابه في جواب كتاب معاوية قال نصر في كتابه ص 252 فلما انتهى كتاب معاوية إلى علي قرءه ثم قال العجب لمعوية
وكتابه ثم دعا علي عبيد الله بن أبي رافع كاتبه فقال اكتب إلى معاوية أما بعد فقد جاءني
كتابك تذكر انك لو علمت وعلمنا أن الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت لم
يخبها بعضنا على بعض فانا وإياك منها في غاية لم تبلغها واني لو
قتلت في ذات الله وحييت ثم قتلت ثم حييت سبعين مرة لم أرجع
عن الشدة في ذات الله والجهاد لأعداء الله واما قولك انه قد
45

بقي من عقولنا ما نندم به على ما مضى فإني ما نقصت عقلي ولا
ندمت على فعلي فاما طلبك الشام فإني لم أكن لأعطيك اليوم ما
منعتك أمس واما استواءنا في الخوف والرجاء فإنك لست بأمضى
على الشك مني على اليقين وليس أهل الشام بأحرص على الدنيا
من أهل العراق على الآخرة وأما قولك انا بنو عبد مناف ليس لبعضنا
على بعض فضل فلعمري انا بنواب واحد ولكن ليس أمية كهاشم ولا
ولا حرب كعبد المطلب ولا أبو سفيان كأبي طالب ولا المهاجر كالطليق
ولا المحق كالمبطل وفي أيدينا فضل النبوة التي أذللنا بها العزيز
وأعززنا بها الذيل والسلام
ومن كتبه عليه السلام
كتاب كتبه إلى معاوية بن أبي سفيان عن كتاب النصر ص 266 قال كتب علي بن أبي طالب عليه السلام إليه
من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان أما بعد
فإن أفضل ما شغل به المرء نفسه اتباع ما حسن به فعله ويستوجب
فضله ويسلم من عيبه وان البغى والزور يزريان بالمرء في دينه
46

ودنياه ويبديان من خلله عند من يعنيه ما استرعاه الله ما لا
يغني عنه تدبيره فاحذر الدنيا فإنه لا فرح في شئ وصلت إليه
منها ولقد علمت أنك غير مدرك ما قضى فواته وقد رام قوم أمرا
بغير الحق فتأولوا على الله تعالى فاكذبهم ومتعهم قليلا ثم
اضطرهم إلى عذاب غليظ فاحذر يوما يغتبط فيه من أحمد عاقبه
عمله ويندم من أمكن الشيطان من قياده ولم يحاده فغرته الدنيا
واطمأن إليها ثم انك قد دعوتني إلى حكم القرآن ولقد علمت أنك لست
من أهل القرآن ولست حكمه تريد والله المستعان وقد أجبنا القرآن
إلى حكمه ولسنا إياك أجبنا ومن لم يرض بحكم القرآن فقد ضل ضلالا بعيدا
ومن كتبه عليه السلام
ما كتبه في جواب كتاب عمرو بن العاص الذي كتبه إليه المنقول في كتابه النصر ص 269 قال فكتب إليه علي
أما بعد فإن الذي أعجبك من الدنيا مما نازعتك إليه نفسك و
وثقت به منها لمنقلب عنك ومفارق لك فلا تطمئن إلى الدنيا فإنها
غرارة ولو اعتبرت بما مضى لحفظت ما بقى وانتفعت بما وعظت به والسلام
47

ومن كتبه عليه السلام
كتاب كتبه إلى معاوية ولقد نقله ابن ميثم في شرح نهج البلاغة قال كتب أمير المؤمنين إلى معاوية
فقد بلغني كتابك تذكر مشاغبتي وتستقبح موادبتي وتزعمني
متجبرا وعن حق الله مقصرا فسبحان الله كيف تستجيز الغيبة و
تستحسن الهضيهة إني لم أشاغب الا في أمر بمعروف أو نهي عن
منكر ولم أتجبر الا على باغ مارق أو ملحد منافق ولم أخذ في
ذلك الا بقول سبحانه لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر
يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم وأبناءهم واما
التقصير في حق الله فمعاذ الله وانما المقصر في حق الله جل ثناؤه
ومن عطل الحقوق المؤكدة وركن إلى الأهواء المبتدعة واخلد الضلالة المحيرة ومن العجب أن تصف يا معاوية الاحسان تخالف
البرهان وتنكث الوثاق التي هي لله عز وجل طلبة وعلى العباد (عباده خ ل) حجة
مع نبذ الاسلام وتضييع ا لاحكام وطمس الاعلام والجري في الهوى
والتهوس في الردى فاتق الله فيما لديك وانظر في حقه
48

عليك وارجع إلى معرفة ما لا تعذر بجهالته فإن للطاعة اعلاما
واضحة وسبلا نيرة ومحجة نهجة وغاية مطلبة تردها الأكياس و
تخالفها الانكاس من نكب عنها جاز عن الحق وخبط في التيه وغير
الله نعمته وأحل به نقمته فنفسك نفسك فقد بين الله لك سبيلك
وحيث تناهت بك أمورك فقد أجربت إلى غاية خسرو محلة كفر وإن
نفسك قد أوحلتك شرا وأقحمتك غيا وأوردتك المهالك وأوعرت
عليك المسالك (ومن ذلك الكتاب) وان للناس جماعة يد الله عليها و
غضب الله على من خالفها فنفسك نفسك قبل حلول رمسك فإنك
إلى الله راجع والى حشره مهطع وستبهظك كربة وتحل بك غمة
في يوم لا يغني النادم ندمه ولا يقبل من المعتذر عذره يوم لا يغنى
مولى عن مولى شيئا وهم لا ينصرون
بيان قال الفيروزآبادي الشعب تهييج الشر كالتشغيب وشغبهم وبهم وعليهم كمنع وفرح هيج الشر
عليهم وشاغبه شاره والمواربة المداهاة والمخاتلة وفي أكثر النسخ موازرتي أي موازرتي عليك
والعضيهة الإفك والبهتان وركن إليه كعلم مال وأخلدت إلى فلان أي ركنت إليه واخلد بالمكان
أقام والطمس اخفاء الأثر وقال الجوهري المهوس الطوفان بالليل والهوس شدة الاكل والهوس
49

السوق اللين يقال هست الإبل فهاست أي ترعى وتسير والهوس بالتحريك طرف من الجنون قوله
فيما لديك أي من مال المسلمين وفيئهم أو في نعمة عليك ومعرفة ما لا يعذر بجهالته معرفة
الامام وطاعته والاعلام الأئمة أو الأدلة والنهج الطريق الواضح والمطلبة النسخ المصححة متفقة
على تشديد الطاء قال الجوهري طلبت الشئ طلبا وكذا أطلبته والتطلب الطلب مرة بعد أخرى والمعنى
غاية من شأنها أن تطلبه ويطلبها العقلاء ويكشف عنه قوله عليه السلام يردها الأكياس و
قرء ابن أبي الحديد بتخفيف الطاء وقال أي مساعفة لطالبها يقال طلب فلان مني كذا فأطلبته
أي أسعفته والانكاس جمع نكس بالكسر وهو الرجل الضعيف ذكره الجوهري والجزري وقال ابن
أبي الحديد وابن ميثم الدني من الرجال ونكب عن الطريق عدل والخبط المشي على غير استقامة قوله
تناهت بك يقال تناهى أي بلغ والباء للتعدية أي بين الله لك سبيلك وغايتك التي توصلك
إليها أعمالك أو المعنى قف حيث تناهت بك أمورك كقولهم حيث أنت وقولهم مكانك فلا يكون
معطوفا ولا متصلا بقوله فقد بين الله لك سبيلك قوله عليه السلام فقد أجريت هو من اجراء الخيل
للمسابقة وقال في الصحاح وحل الرجل وقع في الوحل وأوحله غيره والاقتحام الدخول في الامر بشدة
ويقال جبل وعر ومطلب وعراي صعب حزن والرمس بالفتح القبر والمهطع المسرع وبهظه أثقله
ومن كتبه عليه السلام
وروى ابن أبي الحديد وابن ميثم في شرحيهما للنهج إن أمير المؤمنين عليه السلام كتب إلى معاوية بن أبي
سفيان عليهما اللعنة أما بعد فإن الدنيا دار تجارة ربحها أون خسرها
الآخرة فالسعيد من كانت بضاعته فيها الأعمال الصالحة ومن
رأى الدنيا بعينها وقدرها بقدرها واني أعظك مع علمي بسابق العلم
فيك مما لا مرد له دون نفاذه ولكن الله تعالى أخذ على العلماء
أن يؤدوا الأمانة وأن ينصحوا القوى والرشيد فاتق الله ولا تكن
50

ممن لا يرجو لله وقارا ومن حقت عليه كلمة العذاب فإن الله
بالمرصاد وإن دنياك ستدبر عنك وستعود حسرة عليك فانتبه
من الغي والضلال على كبر سنك وفناء عمرك فإن حالك اليوم كحال
الثوب المهيل الذي لا يصلح من جانب الا فسد من اخر وقد ازديت جيلا
من الناس كثيرا خدعتهم بغيك وألقيتهم في موج بحرك تغشاهم
الظلمات وتتلاطم بهم الشبهات فحاروا من وجهتهم ونكصوا على
أعقابهم وتولوا على أدبارهم وعولوا على احسابهم الا من فاء
من أهل البصائر فإنهم فارقوك بعد معرفتك وهربوا إلى الله من
موازرتك إذ حملتهم على الصعب وعدلت بهم عن القصد فاتق الله
يا معاوية في نفسك وجاذب الشيطان قيادك فإن الدنيا منقطعة
عنك والآخرة قريب منك والسلام
أقول لقد روى الرضي رضي الله عنه وارضاه في النهج هذا الكتاب من قوله وأرديت جيلا إلى آخر
الكتاب قوله عليه السلام ومن رأى عطف على قوله من كانت أي السعيد من رأى الدنيا بعينها أي
يعرفها بحقيقتها أو يراها بالعين التي بها تعرف وهي عين البصرة ويعلم ما هي عليه من التغير والزوال
51

وانها خلقت لغيرها ليقدر هنا بمقدارها ويجعلها في نظره لما خلقت قوله ممن لا يرجو لله وقارا أي لا يتوقع
لله عظمة فيعبده ويطيعه والوقار اسم من التوقير بمعنى التعظيم وقيل الرجاء ههنا بمعنى الخوف والمهيل المتداعى
في التمرق ومنه رمل مهيل أي ينهال ويسيل وأرديت اي أهلكت والجيل الصنف وروى بالباء الموحدة بمعنى
الخلق وتنشأهم أي تأتيهم وتحيط بهم وحاروا عدلوا وتحيروا ونكصوا أي رجعوا وعولوا على أحسابهم أي اعتمدوا
على نخوة الجاهلية وتعصبهم ورجعوا عن الدين الا من فاء أي رجع والموازرة المعاونة والصعب مقابله
الذلول كناية عن الباطل لاقتحامه بصاحبه في المهالك والقياد بالكسر حبل يقاد به الدابة
ومن كتبه عليه السلام
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج قال أبو الحسن علي بن محمد المدائني كتب علي عليه السلام إلى معاوية في جواب كتابه
أما بعد فإن ما أتيت به من ضلالك ليس ببعيد الشبه مما أتى به
أهلك وقومك الذين حملهم الكفر وتمنى الأباطيل على حسد محمد
صلى الله عليه وآله حتى صرعوا مصارعهم حيث علمت لم يمنعوا حريما
ولم يدفعوا عظيما وأنا صاحبهم في تلك المواطن الصالي بحربهم والفأل
لحدهم والقاتل لرؤوسهم رؤوس الضلالة والمتبع إن شاء الله خلفهم
بسلفهم فبئس الخلف خلف اتبع سلفا ومحله محطة النار والسلام
قوله عليه السلام الصالي من صليت اللحم وغيره أصلية صليا إذا شويته ويقال أيضا صليت النار رجلا إذا أدخلته
النار والفأل من فللت الجيش أي هزمته ويقال فله فانقل أي كسره فانكسر ومحله محطة الضمير الأول راجع إلى الخلف والثاني
إلى السلف والنار بدل أو عطف بيان لمحطة ولعل الأصوب أن الضميرين فيهما راجعان إلى السلف
ومن كتبه عليه السلام
52

قال ابن أبي الحديد وكتب عليه السلام إليه أي إلى معاوية في جوابه مكتوبة أما بعد فما أعجب
ما يأتيني منك وما أعلمني بما أنت صائر إليه وليس ابطائي عنك
الا ترقبا لما أنت له مكذب وأنا له مصدق وكأني بك غدا تضج
من الحرب ضجيج الجمال من الأثقال وستدعوني أنت وأصحابك إلى
كتاب تعظمونه بألسنتكم وتجحدونه بقلوبكم والسلام
قوله عليه
السلام لما أنت به مكذب أي ما أخبرني به النبي صلى الله عليه وآله من وقت الحرب وشرائطه
أو اتمام الحجة واتباع أمره تعالى في ذلك ونزول الملائكة للنصرة وبكل ذلك كان لعنه الله مكذبا
ومن كتبه عليه السلام
قال فكتب إليه علي عليه السلام إما بعد فطال ما دعوت أنت وأولياءك أولياء
الشيطان الرجيم الحق أساطير الأولين ونبذتموه وراء ظهوركم وجهدتم
في اطفاء نور الله بأيديكم وأفواهكم والله متم نوره ولو كره الكافرون
ولعمري ليتمن النور على كرهك ولينفذن العلم بصغارك ولتجاربن
بعملك فعث في دنياك المنقطعة عنك ما طاب لك فكانك بأجلك
53

قد انقضى وعملك قد هوى ثم تصير إلى لظى لم يظلمك الله شيئا وما ربك
بظلام للعبيد قوله عليه السلام فعث من عاث يعيث إذا فسد وفي بعض النسخ فعش بالشين
ومن كتبه عليه السلام
قال ابن أبي الحديد وابن ميثم في شرحيهما على النهج كتب أمير المؤمنين عليه السلام إلى معاوية
أما بعد فإن الدنيا حلوة خضرة ذات زينة بهجة لم يصب إليها
أحد إلا وشغلته بزينتها عما هو أنفع له منها وبالآخرة أمرنا و
عليها حثثنا فدع يا معاوية ما يفنى واعمل لما يبقى واحذر الموت
الذي إليه مصيرك والحساب الذي إليه عاقبتك واعلم أن الله
إذا أراد بعبد خيرا حال بينه وبين ما يكره ووفقه لطاعته وإذا
أراد بعبد شرا أغراه بالدنيا وأنساه الآخرة وبسط له امله وعافته
عما فيه صلاحه وقد وصلني كتابك فوجدتك ترى غير غرضك
وتنشد غير ضالتك وتخبط في عماية وتتيه في ضلالة وعصم
بغير حجة وتلوذ بأضعف شبهة فاما سؤالك إلى المشاركة و
الاقرار لك على الشام فلو كنت فاعلا ذلك اليوم لفعلته أمس
54

واما قولك عمر ولا لها فقد عزل عمر من كان ولاه صاحبه
وعزل عثمان من كان عمر ولاه ولم ينصب للناس امام الا ليرى
من صلاح الأمة ما قد كان ظهر لمن كان قبله أو خفي عنهم غيه
والامر يحدث بعده الامر ولكل وال رأي واجتهاد فسبحان
الله ما أشد لزومك للأهواء المبتدعة والحيرة المتبعة مع تضييع
الحقايق واطراح الوثائق التي هي لله طلبة وعلى عباده حجة
فأما اكثارك الحجاج في عثمان وقتلته فإنك انما نصرت عثمان حيث
كان النصر لك وخذلته حيث كان النصر له والسلام
قوله الحقايق قال المجلسي في بحار الحقايق هي ما يحق للرجل أن يحميه كما يقال حامي الحقيقة وقيل هي الأمور
التي ينبغي أن يعتقدها من خلافته عليه السلام ووجوب طاعته ووثائق الله عهوده المطلوبة له وهي على عباده
حجة يوم القيامة
ومن كتبه عليه السلام
رواه ابن أبي الحديد في شرح على النهج من كتاب أبي العباس يعقوب بن أحمد الصيمري انه عليه السلام
كتبه في جواب كتاب أتاه من معاوية عليه ما يستحقه قال وكتب أيضا عليه السلام أما بعد
فطال ما دعوت أنت وأولياءك أولياء الشيطان الحق أساطير ونبذتموه
وراء ظهوركم وحاولتم اطفاءه بأفواهكم ويأبى الله إلا أن يتم نوره
ولو كره المشركون ولعمري لينفذن العلم فيك وليتمن النور بصغرك
55

وقماتك (قماطك) ولتخسأن طريدا مدحورا أو قتيلا مشهورا ولتجزين
بعلمك حيث لا ناصر لك ولا مصرح عندك وقد أسهبت في ذكر عثمان
ولعمرى ما قتله غيرك ولأخذله سواك ولقد تربصت به الدوائر و
وتمنيت له الأماني طمعا فيما ظهر منك ودل عليه فعلك واني لأرجو
أن ألحقك به على أعظم من ذنبه وأكبر من خطيئته فأنا ابن عبد
المطلب صاحب السيف وان قائمه لفى يدي وقد علمت من قتلت
به من صناديد بني عبد شمس وفراعنة بني سهم وجمح ومخزوم و
أيتمت أبناءهم وأيمت نساءهم وأذكرك ما لست له ناسيا يوم قتلت
أخاك حنظلة وجررت برجله إلى القليب وأسرت أخاك عمرا فجعلت
عنقه بين ساقيه رباطا وطلبتك ففررت ولك خصاص فلولا أني
لا أتبع فارا لجعلتك ثالثهما وأنا أولى لك بالله إليه بره غير فاجره
لئن جمعتني وإياك جوامع الاقدار لا تركنك مثلا يتمثل به الناس أبدا
ولا جعجعن بك في مناخك حتى يحكم الله بيني وبينك وهو خير
56

الحاكمين ولئن أنسا الله في أجلى قليلا لأغزينك سراة المسلمين و
لا نهدن إليك في جحفل من المهاجرين والأنصار ثم لا أقبل لك معذرة
ولا شفاعة ولا أجيبك إلى طلب وسؤال ولترجعن إلى تحيرك وترددك
وتلددك فقد شاهدت وأبصرت ورأيت سحب الموت كيف هطلت
عليك يصيبها (يصبها خ ل) حتى اعتصمت بكتاب أنت وأبوك أول من كفر
به وكذب بنزوله ولقد كنت تفرستها وأذنتك أنت فاعلها وقد
مضى منها ما مضى وانقضى من كيدك فيها ما انقضى وأنا سائر نحوك
على اثر هذا الكتاب فاختره لنفسك وانظر لها وتداركها فإنك ان فرطت
واستمررت على غيك وغلواءك حتى ينهد إليك عباد الله ارتجت عليك
الأمور ومنعت أمرا هو اليوم منك مقبول يا ابن حرب ان لجاجك في
منازعة الامر أهله من سفاه الرأي فلا يطمعنك أهل الضلال ولا
يوبقنك سفه رأي الجهال فوالذي نفس علي بيده لئن برقت في
وجهك بارقة من ذي الفقار لتصعقن صعقة لا تفيق منها حتى
57

تنفخ في الصور النفخة التي يئست منها كما يئس الكفار من أصحاب القبور
قوله عليه السلام حصاص الحصاص بالحاء المهملة شدة العدو وحدثه وقيل هو أن يمصع بذنبه و
يصر باذنه ويعدو وقيل هو الضراط وجعجع القوم إذا أناخوا بالجعجاع وهي الأرض والجعجاع أيضا الموضع الضيق
الخشن ومنه كتاب عبيد الله وجعجع بالحسين وأصحابه أي ضيق عليهم المكان وقال في القاموس الجعجاع الأرض
عامة ومناخ سوء لا يفر فيه صاحبه والفحل الشديد الرغاء والجعجعة صوت الرحا ونحر الجزور وأصوات الجمال إذا
اجتمعت وبروك البعير وتبريكه والحبس والقعود على غير طمأنينة وتجعجع ضرب بنفسه الأرض من وجع وفي النهاية
السرى بمعنى النفيس الشريف وقيل السخي ذو المروة والجمع سراة بالفتح على غير قياس وتضم السين لأغربنك
كأنه على الحذف والإيصال وفي بعض النسخ بالزاء من أغزاه إذا حمله على الغزو وفي القاموس الجحفل كجعفر
الجيش الكثير فقد شاهدت يدل على أنه كان الكتاب بعد الرجوع عن صفين عند إرادة العود إليه والغلو
بضم الغين وفتح اللام وقد تسكن الغلو وشرة ا لشباب وأوله ارتجت ا لباب أغلقته وارتج على القادي على ما لم
يسم فاعله إذا لم يقدر على القراءة كأنه أطبق عليه كما يرتج الباب ولا تقل ارتح عليه بالتشديد كذا نقل المجلسي عن الجوهري
ومن كتبه عليه السلام
في جواب مكتوب معاوية نقله العلامة المجلسي (ره) عن كتاب كنز الفوائد للكراچكي في المجلد الثامن من
بحار الأنوار ص 552 طبع امين ا لضرب قال جواب أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه من عبد الله
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى معاوية بن أبي سفيان إما بعد
فقد أتاني كتابك بتنويق المقال وضرب الأمثال وانتحال الأعمال
تصف الحكمة ولست من أهلها وتذكر التقوى وأنت على ضدها
قد اتبعت هواك فحاد بك المحجة ولحج بك عن سواء السبيل فأنت
58

تسحب أذيال لذات الفتن وتخبط في زهرة الدنيا كأنك لست توقن
بأوبة البعث ولا برجعة المنقلب قد عقدت التاج ولبست الخز و
أفرشت الديباج سنة هرقلية وملكا فارسيا ثم لم يقنعك ذلك حتى
يبلغني انك تعقد الامر من بعدك لغيرك فيملك دونك وتحاسب دونه
ولعمري لان فعلت ذلك فما ورثت الضلالة عن كلالة وانك لابن
من كان يبغي على أهل الدين ويحسد المسلمين وذكرت رحما عطفتك
علي فاقسم بالله الأعز الاجل ان لو نازعك هذا الامر في حياتك
من أنت تمهده له بعد وفاتك لقطعت حيله ولتبت أسبابه واما
تهديدك لي بالمشارب الوبيئة والموارد المهلكة فانا عبد الله علي
بن أبي طالب أبرز إلى صفحتك كلا ورب البيت ما أنت بأبي عذر عند
القتال ولا عند منافحة الأبطال وكأني بك لو شهدت الحرب وقد
قامت على ساق وكشرت عن منظر كريه والأرواح تختطف اختطاف البازي
زغب القطا لصرت كالمولهة الحيرانة تضربها العبرة بالصدمة لا تعرف
59

أعلى الوادي من أسفله فدع عنك ما لست من أهله فإن وقع الحسام
غير تشقيق الكلام فكم عسكر قد شهدته في قرن نازلته ورأيت اصطكاك
قريش بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أنت وأبوك و
من هو أعلى منكما لي تبع وأنت اليوم تهددني فاقسم بالله ان لو تبدى
الأيام عن صفحتك لنشب فيك مخلب ليث هصور لا يفوته فريسة
بالمراوغة كيف واني لي بذلك وأنت قعيدة بيت البكر المخدرة يفر
يفزعها صوت الرعد وأنا علي بن أبي طالب الذي لا أهدد بالقتال
ولا أخوف بالنزال فإن شئت يا معاوية فأبرز والسلام
توضيح في القاموس المنوق كمعظم المذلل من الجمال ومن النخل الملقح والنواق رايض الأمور ومصلحها والنوقة
الحذاقة في كل شئ وتنوق في مطعمه وملبسه تجود وبالغ وقوله لحج بك قال لحج السيف كفرح نشب في الغمد و
مكان لحج ككتف ضيق والمحج الملجأ ولحجه كمنعه ضربه واليه لجاء قوله عليه السلام فما ورثت الضلالة أي لم
تأخذ هذه الضلالة من بعيد في النسب بل أخذت من أبيك قال الجوهري الكل الذي لا ولد له ولا والد
والعرب تقوله لم يرثه كلالة أي لم يرثه عن عرض بل عن قرب واستحقاق قال الفرزدق ورثتم قناة الملك غير
كلالة عن ابني مناف عبد شمس وهاشم والوبيئة فعيلة من الوباء وهو الطاعون أو المرض العام يقال
أرض وبيئة أي كثيرة الوباء وقد يخفف فيشدد قوله عليه السلام وما أنت بأبي عذر أي لابتدائي بالقتال
يقال فلان أبو عذرها إذا كان هو الذي اقترعها واقتضها وقولهم ما أنت بذي عذر هذا الكلام أي لست
بأول من اقتضيه ولا يبعد أن يكون بالغين المعجمة والدال المهملة قال الجوهري رجل ثبت الغدر أي ثابت
60

في قتال وكلام والمنافحة المدافعة والمضاربة وقرب كل من القرنين إلى الاخر بحيث يصل إليه نفحه أي ريحه و
نفسه وقال الجوهري كثير البعير عن نابه أي كشف عنه والكثر التبسم وقال الزغب الشعيرات الصفر على ريش الفرخ
قوله عليه السلام تشقيق الكلام يقال شقق الكلام إذا أخرجه أحسن يخرج والهصر بالكسر والهصور الأسد و
راغ الرجل والثعلب روغا وروغانا مال وحاد عن الشئ وقعيدة الرجل امرأته والخدر ستر يمد للجارية في ناحيته
البيت وبالفتح الزام البنت الخدر كالاخدار والتخدير وهي مخدورة ومخدرة ومخدرة.
ومن كتبه عليه السلام
في المجلد الثامن من بحار الأنوار عن أمالي المفيد عن الكاتب عن الأجلح عن جندب بن أبي ثابت عن ثعلبة
بن زيد الحماني قال كتب أمير المؤمنين عليه السلام إلى معاوية بن أبي سفيان أما بعد فإن الله
أنزل إلينا كتابه ولم يدعنا في شبهة ولا عذر لمن ركب ذنبا بجهالة
والتوبة مبسوطة ولا تزر وازرة ور أخرى وأنت ممن شرع الخلاف
متماديا في غمرة الأمل مختلف السر والعلانية وتكذيبا بعد في
الاجل وكأنك قد تذكرت ما مضى منك فلم تجد إلى الرجوع سبيلا
ومن كتبه عليه السلام
روى ابن أبي الحديد في شرح النهج قال كتب أمير المؤمنين عليه السلام إليه أي إلى معاوية في جواب كتاب
كتبه إليه إما بعد يا ابن الصخر يا ابن اللعين يزن الجبال فيما زعمت حلمك
ويفصل بين أهل الجهل علمك وأنت الجاهل القليل الفقه
المتفاوت العقل الشارد عن الدين وقلت فشمر للحرب واصبر
61

للضرب فإن كنت صادقا فيما تزعم ويعين عليك ابن النابغة فدع
الناس جانبا واعف الفريقين من القتال وابرز إلي لتعلم أينا المرين
على قلبه المغطى على بصره فانا أبو الحسن حقا قاتل أخيك وخالك و
جدك شدخا يوم بدر ولك السيف بيدي وبذلك القلب القى عدوي
اعلم أن لهذا الكتاب صورة أخرى سيجيئ نقلها لك في هذا الكتاب تتميما للفائدة عن كتاب معادن الحكمة إن شاء الله
قال الشدخ كسر الشئ الأجوف شدخت رأسه فانشدخ هؤلاء الثلاثة حنظلة بن أبي سفيان والوليد
بن عتبة وأبوه عتبة بن ربيعة فحنظلة أخوه والوليد خاله وعتبة جده وقد قتلوا في غزاة بدر
ومن كتبه عليه السلام
في المجلد الثامن من البحار عن كتاب الغارات لإبراهيم بن محمد الثقفي روى أن عليا كتب إلى معاوية من
عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى معاوية بن أبي سفيان
إن الله تبارك وتعالى ذا الجلال والاكرام خلق الخلق واختار خيرة
من خلقه واصطفى صفوة من عباده يخلق ما يشاء ويختار ما كان
لهم الخيرة سبحان الله تعالى عما يشركون فامر الامر وشرع الدين
وقسم القسم ع لي ذلك وهو فاعله وجاعله وهو الخالق وهو المصطفى
وهو المشرع وهو القاسم وهو الفاعل لما يشاء له الخلق وله الامر و
62

له الخير والمشية والإرادة والقدرة والملك والسلطان أرسل
رسوله وخيرته وصفته بالهدى ودين الحق وأنزل عليه كتابه
فيه تبيان كل شئ من شرايع دينه فبينه لقوم يعلمون وفيه فرض
الفرائض وقسم فيه سهاما أحل بعضها لبعض وحرم بعضها لبعض
بينها يا معاوية إن كنت تعلم الحجة وضرب أمثالا لا يعلمها إلا
العالمون فانا سائلك عنها أو بعضها إن كنت تعلم واتخذ الحجة
بأربعة أشياء على العالمين فما هي يا معاوية ولمن هي وأعلم انهن
حجة لنا أهل البيت على من خالفنا ونازعنا وفارقنا وبغى علينا والمستعان
الله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون وكان جملة تبليغه رسالة
ربه فيما أمره وشرع وفرض وقسم جملة الذين يقول الله وأطيعوا الله
وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم هي لنا أهل البيت ليست لكم ثم نهى
عن المنازعة والفرقة وامر بالتسليم والجماعة فكنتم أنتم القوم الذين
أقررتم لله ولرسوله وبذلكم فأخبركم الله أن محمدا لم يكن (يك خ ل)
63

أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وقال عز وجل
أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم فأنت وشركاءك يا معاوية
القوم الذين انقلبوا على أعقابهم وارتدوا ونقضوا الامر والعهد
فيما عاهدوا الله ونكثوا البيعة ولم يضروا الله شيئا ألم تعلم يا معاوية
أن الأئمة منا ليست منكم وقد أخبركم الله أن أولي الأمر المستنبطوا العلم
وأخبركم أن الامر الذي تختلفون فيه يرد إلى الله وإلى الرسول
وإلى أولي الأمر المستنبطي للعلم فمن أوفى بما عاهد عليه يجد الله
موفيا بعهده يقول الله أوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون
وقال عز وجل أم يخسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد
آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما وقال للناس
بعدهم فمنهم من آمن ومنهم من صدعته فتبوءا مقعدك من
جهنم وكفى بجهنم سعيرا نحن آل إبراهيم المحسودون وأنت الحاسد
لنا خلق الله آدم بيده ونفخ فيه من روحه واسجد له الملائكة و
64

علمه الأسماء كلها واصطفاه على العالمين فحسده الشيطان فكان
من الغاوين ونوحا حسده قومه إذ قالوا ما هذا الا بشر مثلكم
يريد أن يتفضل عليكم ذلك حسد منهم لنوح أن يقروا له بالفضل
وهو بشر ومن بعده حسدوا هودا إذ يقول قومه ما هذا إلا
بشر مثلكم يأكل مما تأكلون ويشرب مما تشربون ولئن أطعتم بشرا
مثلكم إنكم إذا لخاسرون قالوا ذلك حسدا أن يفضل الله من شياء
ويختص برحمته من يشاء ومن قبل ذلك ابن آدم قابل قتل هابيل
حسدا فكان من الخاسرين وطائفة من بني إسرائيل إذ قالوا لنبي
لهم أبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله فلما بعث الله لهم طالوت
ملكا حسدوه وقالوا إني يكون له الملك علينا وزعموا أنهم أحق
بالملك منه كل ذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وعندنا
تفسيره وعندنا تأويله وقد خاب من افترى ونعرف فيكم شبهه
وأمثاله وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون فكان نبينا
65

صلى الله عليه وآله فلما جاءهم كفروا به حسدا من عند أنفسهم
أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده حسدا من القوم على
تفضيل بعضنا على بعض الا ونحن أهل البيت آل إبراهيم المحسودون
حسدا كما حسد آباءنا من قبلنا سنة ومثلا وقال الله وآل إبراهيم
وآل لوط وآل عمران وآل يعقوب وآل موسى وآل هارون وآل داود
فنحن آل نبينا محمد صلى الله عليه وآله ألم تعلم يا معاوية إن أولى
الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذي آمنوا ونحن أولوا
الأرحام قال الله تعالى والنبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه
أمهاتهم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله نحن
أهل بيت اختارنا الله واصطفانا وجعل النبوة فينا والكتاب لنا و
الحكمة والعلم والايمان وبيت الله ومسكن إسماعيل ومقام إبراهيم
فالملك لنا ويلك يا معاوية ونحن أولى بإبراهيم ونحن آله وآل
عمران وأولى بعمران وآل لوط ونحن أولى بلوط وآل يعقوب ونحن أولى
66

بيعقوب وآل هارون وآل داود وأولى بهم وآل محمد و
أولى به ونحن أهل بيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم
تطهيرا ولكل نبي دعوة في خاصة نفسه وذريته وأهله ولكل نبي
وصية في آله ألم تعلم أن إبراهيم أوصى بابنه يعقوب ويعقوب أوصى
بنيه إذ حضره الموت وأن محمدا أوصى إلى آله سنة إبراهيم والنبيين
اقتداء بهم كما أمره الله ليس لك منهم ولا منه سنة في النبيين
وفي هذه الذرية التي بعضها من بعض قال الله لإبراهيم وإسماعيل
وهما يرفعان القواعد من البيت ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن
ذريتنا أمة مسلمة لك فنحن الأمة المسلمة قالا ربنا وابعث فيهم
رسولا يتلوا عليهم آياتك الآية فنحن أهل هذه الدعوة ورسول الله
منا ونحن منه بعضنا من بعض وبعضنا أولى ببعض في الولاية و
الميراث ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم وعلينا نزل الكتاب
وفينا بعث الرسول وعلينا تليت الآيات ونحن المنتحلون للكتاب
67

الشهداء عليه والدعاة إليه والقوام به فبأي حديث بعده يؤمنون
أفغير الله يا معاوية تبغى ربا أم غير كتابه كتابا أم غير الكعبة بيت الله
ومسكن إسماعيل ومقام أبينا إبراهيم تبغى قبلة أم غير ملته تبغى
دينا أم غير الله تبغى ملكا فقد جعل الله ذلك فينا فقد أبديت عداوتك
لنا وحسدك وبغضك ونقضك عهد الله وتحريفك آيات الله و
تبديلك قول الله قال الله لإبراهيم إن الله اصطفى لكم الدين أفترغب
عن ملته وقد اصطفاه الله في الدنيا وهو في الآخرة من الصالحين
أم غير الحكم تبغى حكما أو غير المستحفظ منا تبغى إماما الإمامة لإبراهيم
وذريته والمؤمنون تبع لهم لا يرغبون عن ملته قال فمن تبعه فإنه
مني أدعوك يا معاوية إلى الله ورسوله وكتابه وولي أمره الحكيم
من آل إبراهيم والى الذي أقررت به زعمت إلى الله والوفاء بعهده
وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا ولا تكونوا كالذين
تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولا تكونوا
68

كالتي نقضت غزلها من بعده قوة أنكاثا تتخذون ايمانكم دخلا بينكم
ان تكونوا أمة هي أربى من أمة فنحن الأمة الأربى فلا تكونوا كالذين
قالوا سمعنا وهم لا يسمعون اتبعنا واقتد بنا فإن ذلك لنا آل إبراهيم
على العالمين مفترض فإن الأفئدة من المؤمنين والمسلمين تهوى
إلينا وذلك دعوة المرء المسلم فهل تنقم منا الا أن آمنا بالله وما أنزل
إلينا واقتدينا واتبعنا ملة إبراهيم صلوات الله عليه وعلى محمد وآله
ومن كتبه عليه السلام
عن كتاب معادن الحكمة مكاتيب الأئمة تأليف علم الهدى محمد بن المحسن الكاشاني قال
كتبه على شيعته ولقد رواه الكليني رفع الله مقامه في كتاب الرسائل عن علي بن إبراهيم القمي باسناده والرضي
رضي الله عنه بعض قطعاته في النهج وأورد السيد ابن طاوس بتمامه في كتابه كشف المحجة ص 173 إلى ص 189 عن
كتاب الرسائل والمجلسي (ره) في المجلد الثامن من البحار وابن أبي الحديد في الجزء الثاني من شرحه على نهج البلاغة
وقد نقلته هنا عن كتاب المعادن قال كتب أمير المؤمنين عليه السلام كتابا بعد منصرفه من النهروان وأمر
أن يقرءا على الناس وذلك أن الناس سئلوه عن أبي بكر وعمر وعثمان فغضب عليه السلام وقال
قد تفرغتم للسؤال عما لا يعينكم وهذه مصر قد افتتحت وقتل معاوية بن حديج ومحمد بن أبي بكر فيالها
من مصيبة ما أعظمها مصيبتي س بمحمد فوالله ما كان الا كبعض بني سبحان الله بينا نحن نرجو أن تغلب
القوم على ما في أيديهم إذ غلبوا على ما في أيدينا وأنا كاتب لكم كتابا فيه تصريح ما سألتم إن شاء
الله تعالى فدعا كاتبه عبيد الله بن أري رافع فقال له ادخل على عشرة من ثقاتي فقال سمهم لي يا أمير
المؤمنين فقال له ادخل اصبغ بن نباته وأبا الطفيل عامر بن وائلة الكناني وزرين بن جيش الأسدي
وجويرية بن مسهر العبدي وخندف بن زهير الأسدي وحارثة بن مصرف الهمداني والحارث
بن عبد الله الأعور الهمداني ومصابيح النخع علقمة بن قيس وكميل بن زياد وعمير بن زرارة فدخلوا
69

عليه فقال لهم خذوا هذا الكتاب وليقرأ عبيد الله بن أبي رافع وأنتم شهود كل يوم جمعة فإن
شغب شاغب عليكم فانصفوه بكتاب الله بينه وبينكم.
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى
شيعته من المؤمنين والمسلمين فإن الله يقول وان من شيعته
لإبراهيم وهو اسم شرفه الله في الكتاب وأنتم شيعة النبي محمد
صلى الله عليه وآله كما أن محمدا من شيعة إبراهيم اسم غير محتضر
(كذا في الوسائل والظاهر أن الصواب غير مختص كما في البحار وكشف المحجة) وامر غير مبتدع سلام
الله عليكم والله هو السلام المؤمن أولياءه من العذاب المهيمن
الحاكم بعدله بعث محمدا صلى الله عليه وآله وأنتم معاشر العرب
على شر حال يغذوا أحدكم كلبه ويقتل ولده ويغير على غيره فيرجع
وقد أغير عليه تأكلون العلهز والهبيد والميتة والدم تنيخون على
أحجار خشن وأوثان مضلة وتأكلون الطعام الجشب وتشربون الماء
الاجن تسافكون دماءكم ويسبى بعضكم بعضا وقد خص الله قريشا
بثلاث آيات وعم العرب بآية فاما الآيات اللاتي في قريش فهو
70

قوله تعالى واذكروا إذا أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون
أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات
لعلكم تشكرون والثانية وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا
الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم
وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد
خوفهم أمنا يعبدونني ولا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك
فأولئك هم الفاسقون والثالثة قول قريش لنبي الله حين دعاهم
إلى الاسلام والهجرة فقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا
فقال الله تعالى أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شئ
رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون واما الآية التي عم بها
العرب فهو قوله واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين
قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم
منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون فيالها من نعمة
71

ما أعظمها إن لم تخرجوا منها إلى غيرها ويا لها من مصيبة ما
أعظمها إن لم تؤمنوا بها وترغبوا عنها فمضى نبي الله صلى الله عليه
وآله وقد بلغ ما أرسل به فيالها من مصيبة خصت الأقربين
وعمت المؤمنين لم يصابوا بمثلها ولم تعاينوا بعدها مثلها فمضى
لسبيله صلى الله عليه وآله وترك كتاب الله وأهل بيته امامين
لا يختلفان وأخوين لا يتخاذلان ومجتمعين لا يفترقان ولقد
قبض الله نبيه صلى الله عليه وآله ولانا (كذا في نسخة وفي بعض النسخ بغير همزة)
أولى بالناس مني بقميصي هذا وما ألقي في روعي ولا عرض في رأيي
أن وجه الناس إلى غيري فلما ابطؤا علي بالولاية لهممهم وتثبط
الأنصار وهم أنصار الله وكتيبة الاسلام قالوا أما إذا لم تسلموها
لعلي فصاحبنا أحق بها من غيره فوالله ما أدري إلى من أشكو أمان
يكون الأنصار ظلمت حقها واما أن يكونوا ظلموني حقي بل حقي المأخوذ
وأنا المظلوم اللغات حديج بضم الحاء وفتح الدال المهملتين والجيم وكان في المتن خديج
72

فصححناه على تقريب ابن حجر وخلاصة تذهيب الكمال ولم نجد له ترجمة في كتب رجال الشيعة قوله مصرف كذا و
الصواب مضرب أو سنرس ولم يتحقق لنا ضبطه كذا في حاشية المعادن أقول قال في القاموس المفرس كمحدث ابن أبي
سفيان صحابي وابن ربعي شاعر شعب القوم ربهم وعليهم هيج الشر عليهم قوله غير محتضر كذا والظاهر أن الصواب
غير مختص كما في البحار وكشف المحجة قوله ويقتل ولده إشارة إلى وأد البنات في الجاهلية قوله وبغير من أغار عليهم
إذا هجم وأوقع بهم العلهر بكسر العين والهاء وسكون اللام والزاء شئ اتخذوه في سنين المجاعة وكانوا يخلطون
الدم بأوبار الإبل ثم يشوونه بالنار ويأكلونه وقيل كانوا يخلطون الدم بأوبار الإبل فيه القردان ويقال للقراد الضخم
علهز وقيل العلهز شئ ينبت ببلاد بني سليم له أصل كأصل البردي الهبيد الحنظل أو حبه قوله تنيحون يقال أناح
بالمكان أي أقام به والمراد هنا أنهم كانوا يعكفون على أصنامهم وأوثانهم اللاتي كانوا يعبدونها ويسجدون لها
الجشب بفتح الجيم وسكوت الشين وكسرها الطعام الغليظ الاجن بفتح الهمزة بلا ألف أو معها وكسر الجيم الماء ا لذي تغير
لونه وطعمه ولم تعاينوا في نسخة ولن تعاينوا قوله تثبط في نسخة تثبيط
فقال قائل من قريش إن نبي الله قال الأئمة من قريش فدفعوا الأنصار
عن دعوتها ومنعوني حقي منها فأتاني رهط يعرضون علي النصر منهم
أبناء سعيد والمقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر و
سلمان الفارسي وزبير بن العوام والبراء بن عازب فقلت لهم إن عندي
من نبي الله عهدا وله إلي وصية لست أخالفه عما أمرني به والله لو خرموني
بأنفي لأقررت لله سمعا وطاعة فلما رأيت الناس قد انثالوا على أبي بكر
بالبيعة أمسكت يدي وظننت أني أولى وأحق بمقام رسول الله صلى الله
عليه وآله ومن غيره وقد كان نبي الله صلى الله عليه وآله أمر
73

أسامة بن زيد على جيش وجعلهما في جيشه وما زال النبي صلى الله
عليه وآله إلى أن فاضت نفسه يقول أنفذوا جيش أسامة أنفدوا
جيش أسامة فمضى جيشه إلى الشام حتى انتهوا إلى أذرعات فلقى جيشا
من الروم فهزمهم وغنمهم الله أموالهم فلما رأيت راجعة من الناس
قد رجعت عن الاسلام تدعوا إلى محق دين محمد وملة إبراهيم عليهما السلام
خشيت إن أنا لم أنصر الاسلام وأهله أرى فيه ثلما وهدما تكون المصيبة
علي فيه أعظم من فوت ولاية أموركم التي انما هي متاع أيام قلائل ثم
تزول وتنقشع كما يزول وينقشع السحاب فنهضت مع القوم في تلك الاحداث
حتى زهق الباطل وكانت كلمة الله هي العليا وان رغم الكافرون ولقد
كان سعد لما رأى الناس يبايعون أبا بكر نادى أيها الناس إني والله ما أردتها حتى رأيتكم تصرفونها عن علي ولا أبايعكم حتى يبايع علي ولعلي لا أفعل وان بايع ثم
ركب دابته وأتى حوران وأقام في عيان حتى هلك ولم يبايع وقام فروة بن
عمرو الأنصاري وكان يقود مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرسين
74

ويصرم ألف وسق من تمر فيتصدق به على المساكين فنادى يا معشر
قريش أخبروني هل فيكم رجل تحل له الخلافة وفيه ما في علي فقال
قيس بن مخرمة الزهري ليس فينا من فيه ما في علي فقال له صدقت
فهل في علي ما ليس في أحد منكم قال نعم قال فما يصدكم عنه قال
اجماع الناس على أبي بكر قال إما والله لئن أصبتم سنتكم لقد أخطأتم سنة
نبيكم لو جعلتموها في أهل بيت نبيكم لأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم
فولى أبو بكر فقارب واقتصد فصحبته مناصحا وأطعته فيما أطاع الله
فيه جاهدا حتى إذا احتضر قلت في نفسي ليس يعدل بهذا الامر عني
ولولا خاصة بينه وبين عمر وأمر كان ربصاه بينهما لظننت أنه
لا يعدله عني وقد سمع قول النبي صلى الله عليه وآله لبريدة الأسلمي
اللغات الخزم جعل الخزامة في جانب أنف البعير وهي حلقة يشد فيها الزمام ويكنى به عن الاخضاع
والتسخير قوله انثالوا أي انصبوا عليه أذرعات بلد في طرف الشام يجاور أرض البلقاء تقشع وانقشع السحاب
انكشف وزال حوران بالفتح ماء بنجد وأيضا كورة واسعة من أعمال دمشق والمراد هنا هو الأخير عيان كحيان بلد الوسق
بفتح الواو وسكون السين حمل البعير وقيل ستون صاعا ربص بفلان انتظر به خيرا أو شرا
حين بعثني وخالد بن الوليد إلى اليمن وقال إذا افترقتما فكل واحد منكما
75

على حياله وإذا اجتمعتما فعلي عليكم جميعا فغزونا وأصبنا (فأغرنا واصفينا خ ل)
سبيا فيهم خولة بنت جعفر جار الصفا وانما سميت جأر الصفا لحسنها فأخذت
الحنفية واغتنمها خالد مني فبعث بريدة إلى رسول الله صلى الله عليه و
آله محرشا علي فأخبره بما كان من أخذي خولة فقال يا بريدة حظه في
الخمس أكثر مما أخذ انه وليكم بعدي سمعها أبو بكر وعمر وهذا بريدة حي
لم يمت فهل بعد هذا مقال لقائل فبايع عمر دون المشورة وكان مرضي
السيرة من الناس عندهم حتى إذا احتضر قلت في نفسي ليس يعدل بهذا
الامر عني للذي قد رأى مني في المواطن وسمع من الرسول صلى الله
عليه وآله فجعلني سادس ستة وأمر صهيبا أن يصلي بالناس ودعا أبا
طلحة زيد بن سعد الأنصاري فقال له كن في خمسين رجلا من قومك
فاقتل من أبي أن يرضى من هؤلاء الستة فالعجب من خلاف القوم إذ زعموا
أن أبا بكر استخلفه النبي صلى الله عليه وآله فلو كان هذا حقا لم يخف على
الأنصار فبايعه الناس على الشورى ثم جعلها أبو بكر لعمر برأيه خاصة
76

ثم جعلها عمر برأيه شورى بين الستة فهذا العجب واختلافهم والدليل
على ما لا أحب أن أذكر قوله وهؤلاء الرهط الذين قبض رسول الله
صلى الله عليه وآله وهو عنهم راض فكيف يأمر بقتل قوم رضي الله
عنهم ورسوله إن هذا الامر عجيب ولو لم يكونوا بولاية أحد أكره منهم
بولايتي كانوا يسمعون وأنا أحاج أبا بكر وأنا أقول يا معشر قريش أنا
أحق بهذا الامر منكم ما كان منكم من يقرء القرآن ويعرف السنة و
يدين دين الحق وانما حجتي أني ولي هذا الامر من دون قريش أن نبي
الله صلى الله عليه وآله وسلم قال الولاء لمن أعتق فجاء رسول الله
صلى الله عليه وآله يعتق الرقاب من النار وأعتقها من الرق فكان
فكان للنبي صلى الله عليه وآله ولاء هذه الأمة وكان لي بعده
ما كان له فما جاز لقريش من فضلها عليها بالنبي صلى الله عليه وآله
وسلم جاز لبني هاشم على قريش وجاز لي على بني هاشم بقول النبي
صلى الله عليه وآله يوم غدير خم من كنت مولاه فعلي مولاه إلا أن
77

تدعي قريش فضلها على العرب بغير النبي صلى الله عليه وآله فإن شاءوا
فليقولوا ذلك فخشى القوم إن أنا وليت عليهم أن أخذ بأنفاسهم و
اعترض لحلوقهم ولا يكون لهم في الامر نصيب فاجمعوا على اجماع رجل
واحد منهم حتى (ان) صرفوا الولاية عني إلى عثمان رجاء أن ينالوها و
يتداولوها في ما بينهم فبينا هم كذلك إذ نادى مناد لا يدري من هو و
أظنه جنيا فاسمع أهل المدينة ليلة (لليلة خ ل) بايعوا عثمان فقال
يا ناعي الاسلام قم فانعه * قد مات عرف وبدا منكر
ما لقريش لا على كعبها * من قدموا ليوم ومن أخروا
إن عليا هو أولى به * منه فولوه ولا تنكروا
فكان لهم في ذلك عبرة ولولا أن العامة قد علمت بذلك لم أذكره
فدعوني إلى بيعة عثمان فبايعت مستكرها وصبرت محتسبا وعلمت
أهل القنوت أن يقولوا اللهم لك أخلصت القلوب واليك شخصت
الابصار وأنت دعيت بالألسن واليك نجواهم في الأعمال فاتح بيننا
78

وبين قومنا بالحق اللهم إنا نشكو إليك غيبة نبينا وكثرة عدونا و
قلة عددنا وهواننا على الناس وشدة الزمان ووقع الفتن اللهم
فرج ذلك بعدل تظهره وسلطان حق نعرفه فقال عبد الرحمن
بن عوف يا ابن أبي طالب انك على هذا الامر حريص فقلت لست عليه
حريصا إنما اطلب ميراث رسول الله صلى الله عليه وآله وحقه و
إن لي من بعده ولاء أمته وأنت أحرص عليه مني إذ تحولون بيني و
بينه وتصرفون وجهي دونه بالسيف واللهم إني استعديك
على قريش فإنهم قطعوا رحمي وأضاعوا أيامي ودفعوا حقي و
صغروا قدري وعظيم منزلتي وأجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به
منهم فاستلبونيه ثم قالوا اصبر مغموما أو مت متأسفا وأما والله
لو استطاعوا أن يدفعوا قرابتي كما قطعوا سببي فعلوا ولكنهم لا يجدون
إلى ذلك سبيلا انما حقي على هذه الأمة كرجل له حق على قوم
إلى أجل معلوم فإن أحسنوا وعجلوا له حقه قبله حامدا وان أخروه
79

إلى أجله أخذه غير حامد ليس يعاب المرء بتأخير حقه إنما يعاب من
أخذ ما ليس له ولما كان رسول الله صلى الله عليه وآله عهد إلي
عهدا فقال يا ابن أبي طالب لك ولاء أمتي فإن ولوك في عافية و
أجمعوا عليك بالرضا فقم بأمرهم وان اختلفوا عليك فدعهم وما هم
فيه فإن الله سيجعل لك مخرجا فنظرت فإذا ليس لي رافد ولا معي
مساعد إلا أهل بيتي فضننت بهم عن الهلاك ولو كان لي بعد
رسول الله صلى الله عليه وآله عمي حمزة وأخي جعفر لم أبايع مكرها
ولكنني منيت برجلين حديثي عهد بالاسلام العباس وعقيل
فضننت بأهل بيتي عن الهلاك فأغضيت عيني على القذى و
تجرعت ريقي على الشجى وصبرت على أمر من العلقم وألم للقلب من
حز الشفار واما أمر عثمان فكانه علم من القرون الأولى علمها عند
ربي ولا ينسى خذ له أهل بدر وقتله أهل مصر والله ما أمرت ولا
نهيت ولو أني أمرت لكنت قاتلا ولو أني نهيت لكنت ناصرا و
80

كان الامر لا ينفع فيه العيان ولا يشفى فيه الخبر غير أن من نصره لا
يستطيع أن يقول خذله من أنا خير منه ولا يستطيع من خذله أن يقول
نصره من هو خير مني وأنا جامع أمره استأثر فأساء الأثرة و
جزعتم فأسأتم الجزع والله يحكم نبيكم وبينه والله ما يلزمني في عثمان
تهمة ما كنت إلا رجلا من المسلمين المهاجرين في بيتي فلما اقتلوه اتيتموني
تبايعوني فأبيت عليكم وأبيتم علي قبضت يدي وبسطتموها وبسطتها
فمددتموها ثم تداككتم على تداك الإبل الهيم على حياضها يوم ورودها
حتى ظننت أنكم قاتلي وأن بعضكم قاتل بعض حتى انقطعت النعل وسقط
الرداء ووطئ الضعيف وبلغ من سرور الناس ببيعتهم إياي أن حمل إليها
الصغير وهدج إليها الكبير وتحامل إليها العليل وحسرت لها الكعاب
فقالوا بايعنا على ما بويع عليه أبو بكر وعمر فإنا لا نجد غيرك ولا
ترضى الا بك فبايعنا لا نفترق ولا نختلف فبايعتكم على كتاب الله و
سنة نبيه صلى الله عليه وآله ودعوت الناس إلى بيعتي فمن بايعني
81

طائعا قبلت منه ومن أبى تركته فكان أول من بايعني طلحة والزبير
فقالا تبايعك على انا شركاءك في الامر فقلت لا ولكنما شركائي في
القوة وعوناي في العجز فبايعاني على هذا الامر ولو أبيا لماكرههما
كما لم أكره غيرهما وكان طلحة يرجو اليمن والزبير يرجو العراق فلما علما
أني غير موليهما استأذناني للغمرة يريدان الغدر فاتيا عايشة و
واستخفاها مع كل شئ في نفسها علي والنساء نواقص الايمان نواقص
العقول نواقص الحظوظ فاما نقصان ايمانهن فقعودهن عن الصلاة و
الصيام في أيام حيضهن وأما نقصان عقولهن فلا شهادة لهن إلا
في الدين وشهادة امرأتين برجل وأما نقصان حظوظهن فمواريثهن
على الانصاف من مواريث الرجال وقادها عبيد الله بن عامر إلى
البصرة وضمن لها الأموال والرجال فبيناها يقودانها إذ هي نقودهما
فاتخذاها فئة يقاتلان دونها فأي خطيئة أعظم مما أتيا اخراجهما زوجة
رسول الله صلى الله عليه وآله من بيتها وكشفا عنها حجابا ستره الله عليها
82

وصانا حلائلهما في بيوتهما ولا انصفا الله ورسوله من أنفسهما بثلاث
خصال مرجعها على الناس قال الله تعالى يا أيها الناس إنما بغيكم على
أنفسكم وقال من نكث فإنما ينكث على نفسه وقال ولا يحيق المكر السئ
الا بأهله فقد بغيا علي ونكثا بيعتي ومكر أبي فمنيت بأطوع الناس في
الناس عايشة بنت أبي بكر وبأشجع الناس الزبير وبأخصم الناس طلحة
وأعانهم علي يعلى بن منية بأصوع الدنانير والله لئن استقام أمري
لأجعلن ما له فيئا للمسلمين ثم أتوا البصرة وأهلها مجتمعون على بيتي و
طاعتي وبها شيعتي خزان بيت مال الله والمسلمين فدعوا الناس إلى معصيتي
والى نقض بيعتي فمن أطاعهم أكفروه ومن عصاهم قتلوه فناجزهم حكيم بن
جبلة فقتلوه في سبعين رجلا من عباد أهل البصرة ومخبتيهم يسمون المثفنين
كان راح أكفهم ثفنات الإبل وأبى أن يبايعهم يزيد بن الحارث اليشكري
فقال اتقيا الله إن أولكم قادنا إلى الجنة فلا يقودنا آخركم إلى النار فلا
تكلفونا أن نصدق المدعي ونقضي على الغائب إما يميني فشغلها علي بن
83

أبي طالب ببيعتي إياه وهذه شمالي فارغة فخذاها إن شئتما فخنق حتى
مات وقام عبد الله بن حكيم التميمي فقال يا طلحة هل تعرف هذا الكتاب
قال نعم هذا كتابي إليك قال هل تدري ما فيه قال أقرأه علي فإذا
فيه عيب عثمان ودعائه إلى قتله فسيره من البصرة واخذوا عاملي
عثمان بن حنيف الأنصاري غدرا فمثلوا به كل المثلة ونتفوا كل شعرة في
رأسه ووجهه وقتلوا شيعتي طائفة صبرا وطائفة غدرا وطائفة عضوا
بأسيافهم حتى لقوا الله فوالله لو لم يقتلوا منهم الا رجلا واحدا لحل لي
به دماءهم ودماء ذلك الجيش لرضاهم بقتل من قتل دع مع أنهم قد
أكثر من العدة التي قد دخلوا بها عليهم وقد أدال الله منهم فبعدا للقوم
الظالمين وأما طلحة فرماه مروان بسهم فقتله واما الزبير فذكرته قوله
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انك تقاتل عليا وأنت ظالم له وأما
عائشة فإنها نهاها رسول الله صلى الله عليه وآله عن مسيرها فعضت يديها
نادمة على ما كان منها وقد كان طلحة لما نزل ذا قار قام خطيبا فقال أيها
84

الناس انا أخطأنا في أمر عثمان خطيئة ما يخرجنا منها إلا الطلب بدمه
وعلي قاتله وعليه دمه وقد نزل دارا مع شكاك اليمن ونصارى ربيعة
ومنافقي مضر فلما بلغني قوله وقول كان عن الزبير قبيح بعثت إليهما
أناشدهما بحق محمد صلى الله عليه وآله ما أتيتماني وأهل مصر محاصروا
عثمان فقلتما إذهب بنا إلى هذا الرجل فانا لا نستطيع قتله الا بك لما
تعلم أنه سير أبا ذر وفتق عمارا وآوى الحكم بن أبي العاص وقد طرده رسول
الله صلى الله عليه وآله وأبو بكر وعمر واستعمل الفاسق على كتاب
الله الوليد بن عقبة وسلط خالد بن عرفطة العذري على كتاب الله
يمزق ويخرق فقلت كل هذا قد علمت ولا أرى قتله يومي هذا وأوشك
سقاءه أن يخرج المخض زبدته فأقرا بما قلت واما قولكما إنكما تطلبان
بدم عثمان فهذا ابناه عمرو وسعيد فخلوا عنهما يطلبان بدم أبيهما
متى كانت أسد وتيم أولياء بني أمية فانقطعا عند ذلك فقام عمران
بن الحصين الخزاعي صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وهو الذي
85

جاءت فيه الأحاديث وقال يا هذان لا تخرجانا ببيعتكما من طاعة
علي ولا تحملانا على نقض بيعته فإنها لله رضي أما وسعتكما بيوتكما
حتى أتيتما بأم المؤمنين فالعجب لاختلافها إياكما ومسيرها معكما وكفا
عنا أنفسكما وارجعا من حيث جئتما فلسنا عبيد من غلب ولا أول من سبق
فهما به ثم كفا عنه وكانت عائشة قد شكت في مسيرها وتعاظمها القتال
فدعت كاتبها عبيد بن كعب النميري فقالت اكتب من عائشة بنت أبي بكر
إلى علي بن أبي طالب فقال هذا أمر لا يجري به القلم قالت ولم قال لان
علي بن أبي طالب في الاسلام أول وله بذلك البدء في الكتاب فقالت
فقالت أكتب إلى علي بن أبي طالب من عايشة بنت أبي بكر إما بعد فإني
لست أجهل قرابتك من رسول الله ولا قدمك في الاسلام ولا عناءك
عن رسول الله وانما خرجت مصلحة بين بني لا أريد حربك ان كففت عن
هذين الرجلين في كلام لها كثير فلم أجبها بحرف وأخرت جوابها لقتالها
فلما قضى الله لي الحسنى سرت إلى الكوفة واستخلفت عبد الله بن عباس
86

على البصرة فقدمت الكوفة وقد اتسقت لي الوجوه كلها إلا الشام
فأحببت أن اتخذ الحجة واقضى العذر وأخذت بقول الله واما تخافن
من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء فبعثت جرير بن عبد الله إلى
معاوية معذرا إليه متخذا للحجة عليه فرد كتابي وجحد حقي ودفع
بيعتي فبعث إلي أن أبعث إلى قتله عثمان فبعثت إليه ما أنت وقتلة
عثمان أولاده أولى به فادخل أنت وهم في طاعتي ثم خاصموا القوم
لأحملكم وإياهم على كتاب الله والا فهذه خدعة الصبي عن رضاع الملي
فلما يئس من هذا الامر بعث إلي أن أجعل الشام لي حياتك فإن حدث
بك حادثة من الموت لم يكن لاحد علي طاعة وإنما أراد بذلك أن يخلع
طاعتي عن عنقه فأبيت عليه فبعث إلي أن أهل الحجاز كانوا الحكام على
أهل الشام فلما قتلوا عثمان صار أهل الشام الحكام على أهل الحجاز
فبعثت إليه إن كنت صادقا فسم لي رجلا من قريش الشام تحل له الخلافة
ويقبل في الشورى فإن لم تجده سميت لك من قريش الحجاز من تحل له
87

الخلافة ويقبل في الشورى ونظرت إلى أهل الشام فإذا هم بقية الأحزاب
فراش نار وذباب طمع تجمع من كل أوب ممن ينبغي له أن يؤب ويحمل
على السنة ليسوا بالمهاجرين ولا الأنصار ولا التابعين باحسان
فدعوتهم إلى الطاعة والجماعة فأبوا الا فراقي وشقاقي ثم نهضوا
في وجه المسلمين ينضخونهم بالنبل ويشجرونهم بالرماح فعند
ذلك نهضت إليهم فلما عضتهم السلاح ووجدوا اكم الجراح
رفعوا المصاحف يدعوكم إلى ما فيها فأنبأتكم انهم ليسوا بأهل
دين ولا قرءان وانما رفعوها مكيدة وخديعة فامضوا لقتالهم فقلتم
اقبل منهم واكفف عنهم فإنهم ان أجابوا إلى ما في القرآن جامعونا
على ما نحن عليه من الحق فقبلت منهم فخصصت عنهم فكان الصلح
بينكم وبينهم على رجلين حكمين ليحييا ما أحيى القرآن ويميتا ما
أمات القران فاختلف رأيهما واختلف حكمهما فنبذا ما في الكتاب
وخالفا ما في القرآن وكانا أهله ثم إن طائفة اعتزلت فتركناهم
88

ما تركونا حتى إذا عاثوا ما في الأرض يفسدون ويقتلون وكان فيمن
قتلوه أهل ميرة من بني الأسد وقتلوا خباب بن ارت وابنه وأم
ولده والحارث بن مرة العبدي فبعثت إليهم داعيا فقلت ادفعوا
إلينا قتلة اخواننا فقالوا كلنا قتلتهم ثم شدت علينا خيلهم و
رجالهم فصرعهم الله مصارع الظالمين فلما كان ذلك من شأنهم
أمرتكم أن تمضوا من فوركم ذلك إلى عدوكم فقلتم كلت سيوفنا ونصلت اسنة رماحنا وعاد أكثرها قصيدا فأذن لنا فلنرجع ولنستعد
بأحسن عدتنا وإذا نحن رجعنا زدنا في مقاتلتنا عدة من قتل منا
حتى إذا ظللتم على النخيلة أمرتكم أن تلزموا معسكركم وان تضموا إليه
نواصيكم وأن توطنوا على الجهاد نفوسكم ولا تكثروا زيارة أبناءكم و
لا نساءكم فإن أصحاب الحرب مصابروها وأهل التشمير فيها والذين
لا يتوجدون من سهر ليلهم ولا ظمأ نهارهم ولا فقدان أولادهم
ولا نسائهم وأقامت طائفة منكم معدة وطائفة دخلت المصر عاصية
فلا من دخل المصر عاد إلي ولا من أقام منكم ثبت معي ولا ضير ولقد
89

رأيتني وما في عسكري منكم خمسون رجلا فلما رأيت ما أنتم عليه دخلت
عليكم فما قدر لكم أن تخرجوا معي إلى يومكم هذا لله أبوكم ألا ترون إلى
مصر قد افتتحت والى أطرافكم قد انقضت والى مسالحكم ترقى والى بلادكم
تغزى وأنتم ذو عدد جم وشوكة شديدة وأولو باس قد كان مخوفا
لله أنتم أين تذهبون وأنى تؤفكون ألا إن القوم جدوا وتأسوا و
تناصروا وتناصحوا وانكم أبيتم وتخاذلتم وونيتم وتغاششتم ما
أنتم إن ائتمنتم على ذلك سعدوا فانبهوا رحمكم الله نائمكم وتحروا الحرب
عدوكم فقد أبدت الرغوة عن الصريح وأضاء الصبح لذي عينين
انما تقاتلون الطلقاء وأبناء الطلقاء وأهل الجفاء ومن أسلم كرها و
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انفا وللاسلام كله حربا
أعداء السنة والقرآن وأهل البدع والاحداث ومن كانت نكايته
تبقى وكان على الاسلام وأهله مخوفا اكلة الرشا وعبيد الدنيا لقد
أنهى إلي أن ابن النابغة لم يبايع معاوية حتى شرط له أن يعطيه اتاوة
90

هي أعظم مما في يديه من سلطانه فصفرت يد هذا البائع دينه بدنياه
وخريت أمانة هذا المشتري بنصرة فاسق غادر بأموال المسلمين وأي سهم
لهذا المشتري وقد شرب الخمر وضرب حدا في الاسلام وكلكم يعرفه بالفساد
في الدين وأي سهم لمن لم يدخل في الاسلام وأهله حتى رضخ له رضيخة
فهؤلاء قادة القوم ومن تركت لكم ذكر مساويه أكثر وأبور وأنتم تعرفونهم
بأعيانهم وأسماءهم كانوا على الاسلام ضدا ولنبي الله صلى الله
عليه وآله حربا وللشيطان حزبا لم يتقدم ايمانهم ولم يحدث نفاقهم
وهؤلاء الذين لو ولوا عليكم لأظهروا فيكم الفخر والتكبر والتسلط بالجبرية
والفساد في الأرض وأنتم على ما كان منكم من تواكل وتخاذل خير منهم
واهدى سبيلا منكم الفقهاء والعلماء والفهماء وحملة الكتاب والمتهجدون
بالاسحار الا تسخطون وتنقمون أن ينازعكم الولاية السفهاء البطاء عن الاسلام
الجفاة فيه ا سمعوا قولي يهديكم الله إذا قلت وأطيعوا أمري إذا أمرت فوالله
لئن أطعتموني لا تغووا وان عصيتموني لا ترشدوا قال الله تعالى أفمن
91

يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكن كيف تحكمون
وقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله انما أنت منذر ولكل قوم
هاد فالهادي بعد ا لنبي صلى الله عليه وآله هاد لامته على ما
كان من رسول الله صلى الله عليه وآله فمن عسى أن يكون الهادي
إلا الذي دعاكم إلى الحق وقادكم إلى الهدى فخذوا للحرب اهبتها
واعدوا لها عدتها فقد شبت وأوقدت نارها وتجرد لكم الفاسقون
لكيما يطفئوا نور الله بأفواههم ويغزوا عباد ا لله الا انه ليس أولياء
الشيطان من أهل الطمع والجفاء أولى بالحق من أهل البر والاخبات
في طاعة ربهم ومناصحة امامهم إني والله لو لقيتهم وحدى
وهم وأهل الأرض ما استوحشت منهم وما لا باليت ولكن اسف
يريني وجزع يعتريني من أن يلي هذه الأمة فجارها وسفهائها
فيتخذون مال الله دولا وكتاب الله دغلا والفاسقين حزبا و
الصالحين حزبا وأيم الله لولا ذلك ما أكثرت تأنيبكم وتحريصكم
92

ولتركتكم إذ أبيتم حتى ألقاهم متى حم لي لقاءهم فوالله إني لعلي
الحق وإني للشهادة لمحب وإني إلى لقاء الله ربي لمشتاق و
لحسن ثوابه لمنتظر إني نافرتكم فانفروا خفافا وثقالا وجاهدوا
بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ولا تثاقلوا في الأرض فتغموا
بالذل وتقروا بالخسف ويكون نصيبكم الاخسر إن أخا الحرب
اليقظان الارق إن نام لم تنم عينه ومن ضعف أودى ومن كره
الجهاد في سبيل الله كان المغبون المهين إني لكم اليوم على ما كنت
عليه الأمس (أمس خ ل) ولستم لي على ما كنتم عليه من تكونوا ناصريه ا خذ
بالسهم الاخيب والله لو نصرتم الله لنصركم وثبت أقدامكم إنه
حق على الله أن ينصر من نصره ويخذل من خذله أترون الغلبة لمن
صبر بغير نصر وقد يكون الصبر جبنا ويكون حمية وانما الصبر بالنصر
والورود بالصدر والبرق بالمطهر اللهم اجعلنا واياهم على الهدى
وزهدنا واياهم في الدنيا واجعل الآخرة خيرا لنا من الأولى
93

اللغات ص 76 س 4 التحريش الاغراء والمراد هنا ذكر ما يوجب عتابه له ص 78 س 3 الحلوق جمع الحلق س 7
الناعي هو الذي يأتي بخبر الموت ص 80 س 5 الرافد المعين س 6 الضن البخل س 9 القذى ما يقع في العين
س 10 الشجى ما يعترض في الحلق من عظم ونحوه العلقم الحنظل وكل شئ مر ص 11 الحز القطع والشفا بكسر الشين
جمع الشفرة بفتحها وهي السكين العظيمة العريضة وحد السيف ص 81 س 10 حسرت أي كشفت والكعاب بفتح الكاف
الجارية التي نهد ثديها يريدان سرور الناس ببيعتي بلغ إلى حد ان كشفت الجواري وجوههن ساعيات إليها ص 83
س 6 الأصوع بضم الواو جمع الصاع وهو المكيال المعروف س 9 أكفروه أي ادخلوه في الكفر وألجأوه إليه فناجزهم
أي بارزهم وقاتلهم ص 84 س 6 قوله صبرا أي حبس على القتل كان يمسك به ويرمى بشئ حتى يموت وكل
مقتول في غير معركة ولا حرب ولا حظاء فإنه مقتول صبرا قاله ابن الأثير ص 9 أدال الله منهم أي جعل الكرة عليهم س 13
ذا قار موضع بين الكوفة وواسط ص 85 ص 10 سقاءه بكسر السين وعاء من الجلد يمخض فيه اللبن ويستخرج ربذه
والسقاء اناء ا للبن والماء والمخض تحريك السقاء الذي فيه اللبن لاخراج ما فيه من الزبد - يعني أوشك أن
يفعل هو بنفسه ما يحصل به المقصود أو يفعل بعض الناس به ما يكفي أمره ويريح آخرين ص 88 س 2 من كل
أوب أي من كل جهة س 6 نصلت أي خرجت قصيدا أي متكسرا س 9 نواصيكم أي اشرافكم س 11 لا يتوجدون
أي لا يشتكون منها س 13 لا ضير في البحار وكشف المحجة لا صبر وهو أظهر ص 90 س 3 مسالحكم جمع المسلحة
بمعنى المرقب وموضع السلاح أي الا ترون العدو يصعد عليها س 8 أبدت الرغوة عن الصريح مثل يضرب
لظهور الامر بعد استتاره والرغوة الزبد والصريح اللبن الخالص الصافي س 10 انفا أي مستنكفا ص 91
س 1 صفرت يده أي خلت فهو صفر اليد س 4 رضح له رضيخة أي أعطى له شيئا قليلا والرضخ أيضا الكسر و
الشدخ س 5 أبو رأى أشد فسادا س 11 البطاء أي المتأخرون البعداء ص 92 س 8 الاخبات يقال أخبت
لله أي اطمأن إليه وتخشع امامه س 11 يريني في كشف المحجة يربيني وفي البحار يبريني أي يهزلني من بريت السهم أو
ينبريني من انبرى إليه أي اعترض أو يريني من ورى القيح جوفه أي أفسده وفلان فلانا أصاب ريته أو يربيني
من أربيته أي زدته يعني يزيدني هما - وكتب المؤلف في الهامش يربيني من الارباء بمعنى الانماء يعني اسف
يزيدني أسفا وتحزنا - أو من التربية كنى به عن دوامه ولزومه له - وفي بعض النسخ يبريني أي ينحتني من
بريت السهم إذا نحت وعلى هذا يكون كناية عن الهزال أي يهزلني وعلى التقادير لا يخلو من تكلف س 12
الدول بضم الدال وكسرها جمع الدولة وهي ما يتداول فيكون لهذا مرة ولذاك أخرى الدغل بفتحتين الخيانة والفساد
س 13 التأنيب اللوم والتعنيف ص 93 س 1 الحم بضم الحاء أي قدر س 5 الخسف المشقة والمهانة الارق من ذهب عنه النوا
94

ومن كتبه عليه السلام
في كتاب معادن الحكمة أيضا تاليف علم الهدى محمد بن محسن بن مرتضى الكاشاني صاحب التفسير والوافي
وغيرهما ص 64 المطبوع في طهران قال كتاب أمير المؤمنين عليه السلام إلى حذيفة بن اليمان حين ولاه
المدائن قال فصل ومن ذلك ما في كتاب ارشاد القلوب للحسن بن محمد الديلمي ان عثمان بن عفان
لما وجه عماله في الأمصار كان فيمن وجه الحارث بن الحكم إلى المدائن فأقام فيها مدة يتعسف أهلها
ويسئ معاملتهم فوفد منهم وفد إلى عثمان وقد شكوا إليه واعلموه بسوء ما يعاملهم به وأغلظوا
عليه في القول فولى حذيفة بن اليمان عليهم وذلك في اخر أيامه فلم ينصرف حذيفة بن
اليمان عن المدائن إلى أن قتل عثمان واستخلف علي بن أبي طالب عليه السلام فأقام حذيفة
عليها وكتب إليه
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى
حذيفة بن اليمان سلام عليك فإني قد وليتك ما كنت تليه
لمن كان قبل من جرف المدائن وقد جعلت إليك اعمال الخراج و
الرستاق وجباية أهل الذمة فاجمع إليك ثقاتك ومن أحببت ممن
ترضى دينه وأمانته واستعن بهم على أعمالك فان ذلك أعز
لك ولوليك واكتب لعدوك واني أمرك بتقوى الله وطاعته
في السر والعلانية فاحذر عقابه في المغيب والمشهد وأتقدم إليك
بالاحسان إلى المحسن والشدة على المعاند وأمرك بالرفق في أمورك
قال في القاموس الجرف بالفتح المال من الناطق والصامت والخصب والكلاء الملتف - وبالكسر وقد
95

يضم المكان الذي لا يأخذه السيل - وبالضم ما تجرفته السيول واكلته من الأرض وفي الارشاد
من حرف المدائن بالحاء المهملة وهو جمع الحرف بمعنى الحد والجانب ومسيل الماء
واللين والعدل في رعيتك فإنك مسؤول عن ذلك
وانصاف المظلوم والعفو عن الناس وحسن السيرة ما استطعت فالله
يجزى المحسنين وأمرك أن تجبى خراج الأرضين على الحق والنصفة
ولا تتجاوز ما قدمت به إليك ولا تدع منه شيئا ولا تبتدع فيه أمرا ثم
اقسمه بين أهله بالسوية والعدل واخفض لرعيتك جناحك وواس
بينهم في مجلسك وليكن القريب والبعيد عندك سواء في الحق واحكم
بين الناس بالحق وأقم بينهم بالقسط ولا تتبع الهوى ولا تخف في
الله لومة لائم فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وقد
وجهت إليك كتابا لتقرأه على أهل مملكتك ليعلموا رأينا فيهم وفي جميع
المسلمين فاحضرهم واقرأ عليهم وخذ البيعة لنا على الصغير والكبير
منهم إن شاء الله تعالى
ومن كتبه عليه السلام
96

قال في المعادن ولما وصل عهد أمير المؤمنين عليه السلام إلى حذيفة جمع الناس فصلى
بهم ثم أمر بالكتاب فقرء عليهم وهو
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين
إلى من بلغه كتابي هذا من المسلمين سلام عليكم فإني أحمد
إليكم الله الذي لا إله إلا هو وأسئله أن يصلي على محمد وآله
فأما بعد فإن الله تعالى اختار الاسلام دينا لنفسه وملائكته
ورسله وأحكاما لصنعه وحسن تدبيره ونظرا منه لعباده وخص
به من أحب من خلقه فبعث إليهم محمدا صلى الله عليه وآله
فعلمهم الكتاب والحكمة اكراما وتفضلا (وتفضيلا خ ل) لهذه الأمة
وأدبهم لكي يهتدوا وجمعهم لئلا يتفرقوا ووفقهم لئلا يجوروا
فلما قضى ما كان عليه من ذلك مضى إلى رحمة ربه حميدا محمودا
ثم إن بعض المسلمين أقاموا بعده رجلين رضوا بهداهما و
سيرتهما قاما ما شاء الله ثم توفاهما الله عز وجل ثم ولوا بعدهما
الثالث فأحدث احداثا ووجدت الأمة عليه فعالا فاتفقوا عليه
97

ثم نقموا منه فغيروا ثم جاءوني كتتابع الخيل فبايعوني فإني
استهدى الله بهداه وأستعينه على التقوى الا وان لكم علينا
العمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله والقيام
عليكم بحقه واحياء سنته والنصح لكم بالمغيب والمشهد وبالله
نستعين على ذلك وهو حسبنا ونعم الوكيل وقد وليت أموركم
حذيفة بن اليمان وهو ممن ارتضى بهديه وارجو صلاحه وقد
أمرته بالاحسان إلى محسنكم والشدة على مريبكم والرفق بجميعكم
اسئل الله لنا ولكم حسن الخيرة والاحسان ورحمته الواسعة في
الدنيا والآخرة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ومن كتبه عليه السلام
في الجزء الأول من كتاب أمالي شيخ الطائفة روى عن شيخه رضي الله عنه قال قال حدثني أبو عبد الله
محمد بن محمد بن النعمان رحمه الله قال أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن الحسن (الجيش خ ل) الكاتب قال
أخبرني الحسن بن علي الزعفراني قال أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي قال حدثني عبد الله بن
محمد بن عثمان قال حدثنا علي بن محمد بن أبي سعيد عن فضيل بن جعد عن أبي إسحاق الهمداني قال
لما ولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه محمد بن أبي بكر مصر واعمالها كتب له كتابا
وأمره أن يقرأه على أهل مصر وليعمل بما وصاه به فيه وكان الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم
98

من عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى أهل مصر ومحمد بن
أبي بكر سلام عليكم فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو أما بعد
فإني أوصيكم بتقوى الله فيما أنتم عنه مسؤولون وإليه تصيرون
فإن الله تعالى يقول كل نفس بما كسبت رهينة ويقول ويحذركم
الله نفسه والى الله المصير ويقول فوربك لنسئلنهم أجمعين عما
كانوا يعملون واعلموا عباد الله ان الله عز وجل سائلكم عن الصغير من
عملكم والكبير فان يعذب فنحن أظلم وأن يعف فهو أرحم الراحمين
يا عباد الله ان أقرب ما يكون العبد إلى المغفرة والرحمة حين يعمل
لله بطاعته وينصحه بالتوبة عليكم بتقوى الله فإنها تجمع الخير ولا خير
غيرها ويدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها من خير الدنيا وخير
الآخرة قال الله عز وجل وقيل للذين اتفقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا
للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار
المتقين اعلموا يا عباد الله ان المؤمن من يعمل الثلاث من الثواب
99

إما الخير فإن الله يثيبه بعمله في دنياه قال الله سبحانه لإبراهيم واتيناه
أجره في الدنيا وانه في الآخرة لمن الصالحين فمن عمل لله تعالى أعطاه
أجره في الدنيا والآخرة وكفاه المهم فيهما وقد قال الله تعالى يا
عباد الله الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة و
ارض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب فما أعطاهم
الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الآخرة قال الله تعالى للذين أحسنوا
الحسنى وزيادة والحسنى هي الجنة والزيادة هي الدنيا وإن الله تعالى
يكفر بكل حسنة سيئة قال الله عز وجل إن الحسنات يذهبن السيئات
ذلك ذكرى للذاكرين حتى إذا كان يوم القيمة حسبت لهم حسناتهم
ثم أعطاهم بكل واحدة عشرة أمثالها إلى سبعمأة ضعف قال الله
عز جل جزاء من ربك عطاء حسابا وقال أولئك لهم جزاء الضعف
بما عملوا وهم في الغرفات آمنون فارغبوا في هذا رحمكم الله واعلموا
له وتحاضوا عليه واعملوا يا عباد الله ان المتقين حازوا عاجل الخير واجله شاركوا أهل الدنيا
في دنياهم ولم يشاركهم أهل الدنيا في اخرتهم أباحهم الله
100

في الدنيا ما كفاهم به وأعناهم قال الله عز وجل قل من حرم زينة
الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في
الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون
سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت وأكلوها بأفضل ما أكلت شاركوا أهل
الدنيا في دنياهم فأكلوا معهم من طيبات ما يأكلون وشربوا من طيبات
ما يشربون ولبسوا من أفضل ما يلبسون وسكنوا من أفضل ما يسكنون
وتزوجوا من أفضل ما يتزوجون وركبوا من أفضل ما يركبون أصابوا
لذة الدنيا مع أهل الدنيا وهم غدا جيران الله تعالى يتمنون عليه
فيعطيهم ما يتمنون لا ترد لهم دعوة ولا ينقص لهم نصيب من اللذة
فإلى هذا يا عباد الله يشتاق إليه من كان له عقل ويعمل له بتقوى
الله ولا قوة إلا بالله يا عباد الله ان اتقيتم وحفظتم نبيكم في أهل بيته
فقد عبدتموه بأفضل ما عبد وذكرتموه بأفضل ما ذكر وشكرتموه
بأفضل ما شكر وأخذتم بأفضل الصبر والشكر واجتهدتم أفضل الاجتهاد
101

وإن كان غيركم أطول منكم صلود وأكثر منكم صياما فأنتم اتقى الله
منه وانصح لاولى الامر احذروا يا عباد الله الموت وسكرته فأعدوا
له عدته فإنه يفجئكم بأمر عظيم بخير لا يكون معه شر أبدا أو بشر
لا يكون معه خير أبدا فمن أقرب من الجنة من عاملها ومن أقرب
إلى النار من عاملها انه ليس أحد من الناس تفارق روحه جسده
حتى يعلم إلى أي المنزلين يصير إلى الجنة أم النار أعدو هو لله أم ولى
فإن كان وليا لله فتحت له أبواب الجنة وشرعت له طرقها ورأى ما أعد
الله له فيها ففرغ من كل شغل ووضع عنه كل ثقل وإن كان عدوا
لله فتحت له أبواب النار وشرع (شرعت خ ل) له طرقها ونظر إلى ما أعد
الله له فيها فاستقبل كل مكره وترك كل سرور وكل هذا يكون عند
الموت وعنده يكون بيقين قال الله تعالى الذين تتوفاهم الملائكة
طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ويقول الذين
تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فالقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى
102

ان الله عليم بما كنتم تعملون فأدخلوا أبواب جهنم خالدين فيها
فلبئس مثوى المتكبرين يا عباد الله إن الموت ليس منه قوت فاحذروه
قبل وقوعه واعدوا له عدته فإنكم طرد الموت إن أقمتم له أخذكم
وإن فررتم منه أدرككم وهو الزم لكم من ظلكم الموت معقود
بنواصيكم والدنيا تطوى خلقتكم فأكثروا ذكر الموت عندما تنازعكم
إليه أنفسكم من الشهوات وكفى بالموت واعظا وكان رسول الله صلى الله
عليه وآله كثيرا ما يوصى أصحابه بذكر الموت فيقول أكثروا ذكر الموت
فإنها هادم اللذات حائل بينكم وبين الشهوات يا عباد الله ما بعد
الموت لمن لا يغفر له أشد من الموت القبر فاحذروا ضيعته وضنكه و
ظلمته وغربته ان القبر يقول كل يوم أنا بيت الغربة انا بيت التراب انا
بيت الوحشة انا بيت الدود والهوام والقبر روضة من رياض الجنة أو
حفرة من حفر النيران ان العبد المؤمن إذا دفن قالت له الأرض مرحبا
واهلا قد كنت ممن أحب أن تمشي على ظهري فإذا وليتك فستعلم كيف
103

صنعي بك فيتسع له مد البصر وان الكافر إذا دفن قالت له الأرض
لا مرحبا ولا أهلا لقد كنت من أبغض من يمشي على ظهري فإذا وليتك
فستعلم كيف صنعي بك فتضمه حتى تلتقي أضلاعه وان المعيشة
الضنك التي حذر الله منها عدوه عذاب القبر انه يسلط على الكافر
في قبره تسعة وتسعين تنينا فينهش لحمه ويكسرن عظمه ويترددن
عليه كذلك إلى يوم يبعث لو أن تنينا منها نفح في الأرض لم تنبت
ذرعا ابدا اعلموا يا عباد الله ان أنفسكم الضعيفة وأجسادكم
الناعمة الرقيقة التي يكفيها اليسر تضعف عن هذا فاستطعتم ان
تجزعوا لأجسادكم وأنفسكم مما لا طاقة لكم به ولا صبر لكم عليه فاعملوا
بما أحب الله واتركوا ما كره الله يا عباد الله ان بعد البعث ما هو
شد من القبر يوم يشيب فيه الصغير ويسكر منه الكبير ويسقط فيه
الجنين وتذهل كل مرضعة عما أرضعت يوم عبوس قمطرير يوم كان
شره مستطيرا ان فزع ذلك اليوم ليرهب الملائكة الذين لا ذنب لهم
104

وترعب (ترعد خ ل) منه السبع الشداد والجبال الأوتاد والأرض
المهاد وتنشق المهاد فهي يومئذ واهية وتتغير فكانها وردة
كالدهان وتكون الجبال سرابا مهيلا كثيبا بعد ما كانت صما صلابا
وينفخ في الصور فيفزع من في السماوات ومن في الأرض الا من شاء
الله فكيف من عصى بالسمع والبصر واللسان واليد والرجل و
الفرج والبطن ان لم يغفر الله له ويرحمه من ذلك اليوم لأنه يعصى
ويصير إلى غيره إلى نار قعرها بعيد وحرها شديد وشرابها صديد
وعذابها جديد ومقامعها حديد لا يفتر عذابها ولا يموت ساكنها
دار ليس فيها رحمة ولا يسمع لأهلها دعوة واعملوا يا عباد الله ان
مع هذا رحمة الله التي لا تعجز العباد جنة عرضها كعرض السماوات و
الأرض أعدت للمتقين لا يكون معها شر أبدا لذاتها لا تمل ومجتمعها
لا يتفرق وسكانها قد جاوروا الرحمن وقام بين أيديهم الغلمان بصحاف
من الذهب فيها الفاكهة والريحان ثم اعلم يا محمد بن أبي بكر اني قد
105

وليتك أعظم احيازي في نفسي أهل مصر فإذا وليتك ما وليتك من
أمر الناس فأنت حقيق ان تخاف منه على نفسك وان تحذر فيه
على دينك فان استطعت أن لا تسخط ربك برضى أحد من خلقه فافعل
فان في الله عز وجل خلفا من غيره وليس في شئ سواه خلف منه
اشتد على الظالم وخذ عليه ولن لأهل الخير وقربهم واجعلهم
بطانتك واقرانك وانظر إلى صلاتك كيف هي فإنك امام لقومك ان
تتمها ولا تخففها فليس من امام يصلى بقوم يكون في صلاتهم نقصان
الا كان عليه لا ينقص من صلاتهم شئ وتممها وتحفظ فيها يكن لك
مثل أجورهم ولا ينقص ذلك في أجرهم شيئا وانظر إلى الوضوء فإنه
من تمام الصلاة تمضمض ثلاث مرات واستنشق ثلاثا واغسل وجهك
ثم يدك اليمنى ثم اليسرى ثم امسح رأسك ورجليك فاني رأيت رسول
الله صلى الله عليه وآله يصنع ذلك واعلم أن الوضوء نصف الايمان
ثم ارتقب وقت الصلاة فصلها لوقتها ولا تعجل بها قبله لفراغ
106

ولا تؤخرها عنه لشغل فان رجلا سئل رسول الله صلى الله عليه
وآله عن أوقات الصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أتاني
جبرئيل عليه السلام فأراني وقت الصلاة حين زالت الشمس فكانت
على حاجبه الأيمن ثم أراني وقت العصر فكان ظل شئ مثله ثم صلى المغرب
حين غربت الشمس ثم صلى العشاء الآخرة حين غاب الشفق ثم صلى
الصبح فأغلس بها والنجوم مشبكة فصل لهذه الأوقات وألزم السنة
المعرفة والطريق الواضح ثم انظر ركوعك وسجودك فإن رسول الله
صلى الله عليه وآله كان أتم الناس صلاة وأحقهم عملا بها واعلم أن
كل شئ من عملك تبع لصلاتك فمن ضيع الصلاة فإنه لغيرها أضيع
اسئل الله الذي يرى ولا يرى وهو بالمنظر الاعلى ان يجعلنا وإياك ممن
يحب ويرضى حتى يعيننا وإياك على شكره وذكره وحسن عبادته وأداء
حقه وعلى كل شئ اختار لنا في دنيانا وديننا واخرتنا وأنتم يا أهل مصر
فليصدق قولكم فعلكم وسركم علانيتكم ولا تخالف ألسنتكم قلوبكم
107

واعلموا انه لا يستوى امام الهدى وامام الردى ووصى النبي و
عدوه اني لا أخاف عليكم مؤمنا ولا مشركا إما المؤمن فيمنعه الله
بايمانه واما المشرك فيحجزه الله عنكم بشركه ولكني أخاف عليكم المنافق
يقول ما تعرفون ويعمل بما تنكروه يا محمد بن أبي بكر اعلم أن أفضل
الفقه الورع في دين الله والعمل بطاعته واني أوصيك بتقوى الله
في سر امرك وعلانيتك وعلى أي حال كنت عليه الدنيا دار بلاء
ودار فناء والآخرة دار الجزاء ودار البقاء فاعمل لما يبقى واعدل
عما يفنى ولا تنس نصيبك من الدنيا أوصيك بسبع هن من جوامع
الاسلام تخش الله عز وجل ولا تخش الناس في الله وخير القول
ما صدقه العمل ولا تقض في أمر واحد بقضائين مختلفين فيختلف أمرك
وتزيغ عن الحق وأحب لعامة رعيتك ما تحب لنفسك وأهل بيتك وأكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك فان ذلك أوجب للحجة وأصلح للرعية
خفض الغمرات إلى الحق ولا تخف في الله لومة لائم وافصح المرء إذا
108

استشارك واجعل نفسك أسوة القريب المؤمنين وبعيدهم جعل الله
مودتنا في الدين وخلنا وإياكم خلة ا لمتقين وأبقى لكم طاعتكم حتى
يجعلنا وإياكم بها اخوانا على سرر متقابلين أحسنوا أهل مصر موازرة
محمد أميركم واثبتوا على طاعتكم تردوا حوض نبيكم صلى الله عليه
وآله أعاننا الله وإياكم على ما يرضاه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ومن كتبه عليه السلام
رواه ابن الشيخ في كتابه المجالس في مجلس يوم الجمعة الثالث والعشرين من ذي الحجة سنة سبع وخمسين و
أربعمائة عن أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسين الطوسي رضي الله عنه باسناده عن عبد الله بن أبي بكر قال
حدثني أبو جعفر محمد بن علي عليهما السلام وأطال الكلام إلى أن قال فخطب الناس الحسن بن علي عليهما السلام فحمد
الله وأثنى عليه وذكر عليا عليه السلام وسابقته في الاسلام وبيعة الناس له وخلاف من خالفه ثم أمر بكتاب علي
وهو
بسم الله الرحمن الرحيم إما بعد فإني أخبركم عن أمر عثمان حتى يكون
سمعه عيانه إن الناس طعنوا عليه وكنت رجلا من المهاجرين أكثر
استعتابه وأقل عتابه (عيبه خ ل) وكان هذان الرجلان أهون سيرهما
فيه الوجيف وقد كان من أمر عايشة فلتة على غضب فانتحى له قوم
فقتلوه ثم إن الناس بايعوني غير مستكرهين وكان هذان الرجلان
109

أول من فعل على ما بويع عليه من كان قبلي ثم إنهما استأذناني
في العمرة وليسا يريدانها فنقضا العهد واذنا بحرب وأخرجا عايشة من
بيتها ليتخذانها فتنة وقد سار إلى البصرة اختبارا لها وقد سرت إليكم اختيارا
لكم ولعمرى ما إياي تجيبون ما تجيبون الا الله ورسوله ولن أقاتلهم
وفي نفسي منهم حاجة وقد بعثت إليكم بالحسن بن علي وعمار بن ياسر و
قيس بن سعيد مستنفرين فكونوا عند ظني بكم ولا حول ولا قوة إلا بالله
ومن كتبه عليه السلام
لما بعث إليه عليه السلام زياد بن أبيه كتابا وفي جوفه كتاب معاوية ولقد رواه علم الهدى في كتاب معادن الحكمة
في مكاتيب الأئمة ص 196 قال فكتب إليه علي عليه السلام إما بعد فإني قد وليتك ما
وليتك وانا أراك لذلك أهلا وانه قد كانت من أبي سفيان فلتة
في أيام عمر من أماني التيه وكذب النفس لم تستوجب بها ميراثا و
لم تستحق بها نسبا وان معاوية كالشيطان الرجيم يأتي المرء من بين
يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله فاحذره ثم فاحذره ثم احذره والسلام
ومن كتبه عليه السلام
110

وقال في المعادن أيضا ص 197 فلما بلغ أمير المؤمنين عليه السلام ما عرج (أي زياد بن أبيه) عليه
من القسوة والجفوة أخرج إليه سعدا مولاه يحثه على حمل مال البصرة إلى الكوفة فكانت بينه وبين
سعد منازعة في ذلك فرجع سعد وشكاه من شنيع ما أتى به هنا لك فكتب أمير المؤمنين
صلوات الله عليه في ما كتب إليه يلومه على ما جرى لعله يذكر أو يخشى
إما بعد فإن سعدا ذكر انك شتمته ظلما وتهددته (هددته) وجبهته تجبرا وتكبرا فما دعاك إلى التكبر وقد قال رسول الله صلى الله
عليه وآله الكبر رداء الله فمن نازع الله ردائه قصمه وقد أخبرني
انك تكثر من الألوان المختلفة في الطعام في اليوم الواحد وتدهن
كل يوم فما عليك لو صمت لله أياما وتصدقت ببعض ما عندك محتسبا
وأكلت طعامك مرارا قفارا فان ذلك شعار الصالحين أتطمع و
أنت متمرغ في النعيم تستأثر به على الجار والمسكين والضعيف و
الفقير والأرملة واليتيم أن يحسب لك أجر المتصدقين وأخبرني
انك تتكلم بكلام الأبرار وتعمل عمل الخاطئين فان كنت تفعل ذلك
فنفسك ظلمت وعملك أحبطت فتب إلى ربك يصلح لك عملك واقتصد
في أمرك وقدم الفضل ليوم حاجتك وأدهن غبا فاني سمعت رسول الله
111

صلى الله عليه وآله يقول ادهنوا غبا ولا تدهنوا دفقا (رفها خ ل)
ومن كتبه عليه السلام
قد نقله الشيخ الجليس علم الهدى في كتابه معادن الحكمة فيما أجاب أمير المؤمنين عليه السلام عن بعض
كتب معاوية فإن مساويك مع علم الله تعالى فيك حالت بينك و
بين أن يصلح لك أمرك أوان يرعوى قلبك يا ابن الصخر اللعين زعمت
أن يزن الجبال حلمك ويفصل بين أهل الشك علمك وأنت الجلف
المنافق الأغلف القلب القليل العقل الجبان الرذل فإن كنت صادقا
فيما تسطر ويعينك عليه أخو بني السهم فدع الناس جانبا وابرز
لما دعوتني إليه من الحرب والصبر على الضرب واعف الفريقين من
القتال لتعلم أينا المرين على قلبه المغطى على بصره فانا أبو الحسن قاتل
جدك وأخيك وخالك وما أنت منهم ببعيد والسلام
ومن كتبه عليه السلام
معادن الحكمة ص 164 مما كتب عليه السلام جوابا عن بعض كتبه قال من كتاب له عليه السلام إليه أيضا
جوابا عن كتاب منه إما بعد فانا كنا نحن وأنتم على ما ذكرت من الألفة و
الجماعة ففرق بيننا وبينكم أمس انا أمنا وكفرتم واليوم انا استقمنا
112

وفتنتم وما أسلم مسلمكم الا كرها وبعد ان كاف أنف الاسلام كله
لرسول الله صلى الله عليه وآله حربا وذكرت أني قتلت طلحة والزبير
وشردت بعائشة ونزلت بين المصرين وذلك أمر غبت عنه فلا
عليك ولا العذر فيه إليك وذكرت انك زائري في المهاجرين و
الأنصار وقد انقطعت الهجرة يوم أسر أخوك فإن كان فيك عجل فاسترفه
فاني ان أزرك فذلك جدير أن يكون الله انما بعثني للنقمة منك و
ان تزرني فكما قال أخو بني أسد مستقبلين رياح الصيف تضربهم
يحاصب بين أغوار وجلمود وعندي السيف الذي أعضضته
بجدك وخالك وأخيك في مقام واحد وانك والله ما علمت الأغلف
القلب المقارب العقل والأولى أن يقال لك انك رقيت سلما أطلعك
مطلع سوء عليك لا لك لأنك نشدت غير ضالتك ورعيت غير سائمتك
وطلبت أمرا لست من أهله ولا في معدنه فما أبعد قولك من فعلك
وقريب ما أشبهت من أعمام وأخوال حملتهم الشقاوة وتمنى الباطل
113

على الجحود بمحمد صلى الله عليه وآله فصرعوا مصارعهم حيث
علمت لم يدفعوا عظيما ولم يمنعوا حريما بوقع سيوف ما خلا منها
الوغى ولم تماشها الهوينا وقد أكثرت في قتلة عثمان فادخل
فيما دخل فيه الناس ثم حاكم القوم إلى أحملك واياهم على
كتاب الله تعالى واما تلك التي تريد فإنها خدعة الصبي على
اللبن في أول الفصال والسلام لأهله
قوله وانك ما علمت ما خبر ان والأغلف عطف بيان له أو بدل منه وفي بعض النسخ لا غلف
القلب وعليه فهو خبر لمبتدأ محفوف والأغلف القلب أي قلبه في غلاف فلا يفقه شيئا والمقارب
العقل أي ناقص العقل كأنه يقرب أن يصير عاقلا الضالة ما يفقد الانسان من مال ونحوه ونشدها طلبها
أي طلبت غير ما فقدت ورعيت غير ماشيتك الوغى الحرب والهوينا الرفق والتؤده ولم تماشها
الهوينا أي لم يصحب تلك السيوف رفق وفي بعض النسخ ولم تماسها بالسين المهملة
ومن كتبه عليه السلام
إلى أبي بكر بن أبي قحافة ولقد رواه الشيخ أبو منصور أحمد بن أبي طالب الطبرسي رحمه الله في كتاب الاحتجاج ج 1 ص 263
لما بلغه عنه كلام بعد منع الزهراء عليها السلام فدك شقوا متلاطمات أمواج الفتن
بحيازيم سفن النجاة وحطوا تيجان الفخر بجميع أهل الغدر واستضاؤوا
بنور الأنوار واقتسموا مواريث الطاهرات الأبرار واحتقبوا ثقل الأوزار
بغصبهم نحلة النبي المختار فكأني بكم تترددون في العمى كما يتردد
114

البعير في الطاحونة إما والله لو اذن لي بما ليس لكم به علم لحصدت
رءوسكم عن أجسادكم كحب الحصيد بقواضب من حديد ولفلقت من
جماجم شجعانكم ما اقرح به اماقكم وأوحش به مجالكم فإنه مذ عرفتموني
مردى العساكر ومفنى الجحافل ومبيد خضراءكم ومخمل ضوضاءكم
وجرار الدواوين إذ أنتم في بيوتكم معتكفون واني لصاحبكم بالأمس
لعمر أبي وأمي لن تحبوا أن تكون فينا الخلافة والنبوة وأنتم تذكرون
احقاد بدر وثارات أحد إما والله لو قلت ما سبق من الله فيكم
لتداخلت أضالعكم في أجوافكم كتداخل أسنان دوارة الرحى فان
نطقت تقولون حسد وان سكت يقال ابن أبي طالب جزع من الموت
هيهات هيهات ان الساعة يقال لي هذا وأنا الموت المميت وخواض
المنيات في جوف ليل حالك حامل السيفين الثقيلين والرمحين الطويلين
ومكسر الرايات في غطامط الغمرات ومفرج الكربات عن وجه خير
البريات أيهنوا فوالله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل إلى محالب
115

امه هبلتكم الهوابل لو بحت بما أنزل الله فيكم في كتابه لاضطربتم
اضطراب الأرشية في الطوى البعيدة ولخرجتم من بيوتكم هاربين و
على وجوهكم هائمين ولكني أهون وجدي حتى ألقى ربي بيد جذاء
صفرا من لذاتكم خلوا من طخياتكم فما مثل دنياكم عندي الا كمثل غيم
علاء فاستعلى ثم استغلظ فاستوى ثم تمزق فانجلى رويدا فعن قليل
ينجلي لكم القسطل وتجنون ثمر فعلكم مرا وتحصدون غرس أيديكم
ذعافا ممقرا وسما قاتلا وكفى بالله حكيما وبرسول الله خصيما و
بالقيامة موقفا فلا أبعد الله فيها سواكم ولا اتعس فيها غيركم
والسلام على من اتبع الهدى
الحيازيم جمع حيزوم وسط الصدر احتقب الاثم جمعه أو حمله على ظهره القاضب شديد القطع
وفي بعض النسخ قوابض والظاهر أنه تصحيف الآماق جمع مأق مجرى الدمع من طرف العين مما
يلي الانف مردى العساكر أي مهلكهم الجحافل جمع جحفل أي الجيش الكثير حالك شديد السواد
وفي بعض النسخ خامد السيفين ا لغمرات الأمواه الكثيرة غطامط عظيم الأمواج هبلتكم الهوابل
أي ثكلتكم الثواكل الأرشية بتخفيف الشين والياء جمع الرشاء وهو حبل الدلو والطوى البئر
المطوية بالحجارة طخياتكم أي ظلماتكم القسطل كجعفر الغبار الساطع في الحرب الذعاف بالضم السم
الذي يقتل في من ساعته والممقر المر وكتب المؤلف في الهامش في بعض النسخ ممزقا بالزاء قبل القاف و
كأنه تصحيف أتعسه أشقاه واهلكه
116

ومن كتبه عليه السلام
إلى عمرو بن العاص نقله علم الهدى في كتابه معادن الحكمة عن الشيخ البحراني في شرحه الكبير من
كتاب كتبه عليه السلام مما ذكر آنفا إلى ذلك اللعين الشرير نسخته من عبد الله علي
أمير المؤمنين إلى الأبتر ابن الأبتر عمرو بن العاص شانئ محمد وآل
محمد في الجاهلية والاسلام سلام على من اتبع الهدى إما
بعد فإنك تركت مروءتك لامرء فاسق مهتوك ستره يشين الكريم
بمجلسه ويسفه الحليم بخلطته فصار قلبك لقلبه تبعا كما وافق شن
طبقة فسلبك دينك وأمانتك ودنياك واخرتك وكان علم الله بالغا
فيك فصرت كالذئب يتبع الضرغام إذا ما الليل دجى يلتمس أن يداوسه
وكيف تنجو من القدر ولو بالحق طلبت أدركت ما رجوت وقد برشد من كان
الحق قائده فان يمكن الله منك ومن ابن اكلة الأكباد ألحقتكما بمن قتله
الله من ظلمة قريش على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وان تعجرا
ونبقيا بعدي فالله حسبكما وكفى بانتقامه انتقاما وبعقابه عقابا
مروءتك مودتك خ ل الشن القربة الخلق الصغيرة وهذا مثل يضرب لتوافق الشيئين وقيل في هذا المثل شن
اسم رجل وطبقة اسم امرأة وكان الرجل الزم نفسه أن لا يتزوج إلى أن اتصل بها فوجدها موافقة لها فتزوجها
117

ومن كتبه عليه السلام
كتبه إلى معاوية نقله أيضا في معادن الحكمة ص 291 قال فصل ومن ذلك ما في ذلك الكتاب من كتاب
آخر له صلوات الله وسلامه عليه وليتمن النور على كرهك ولينفذن العلم
بصغارك ولتجازين بعملك فعش في دنياك المنقطعة عنك ما طاب
لك فكانك بأجلك قد انقضى وعملك قد هوى ثم تصير إلى لظى
لم يظلمك الله شيئا وما ربك بظلام للعبيد
ومن كتبه عليه السلام
رواه الطبرسي (ره) في الاحتجاج عن أبي عبيدة (وهو اسمه معمر كجعفر البصري النحوي اللغوي كان متبحرا في
علم اللغة وأيام العرب واخبارها وكان يرى رأي الخوارج) قال كتب معاوية إلى أمير المؤمنين عليه
السلام إن لي فضائل كثيرة كان أبي سيدا في الجاهلية وصرت ملكا في الاسلام وأنا صهر رسول الله
صلى الله عليه وآله وخال المؤمنين وكاتب الوحي فقال أمير المؤمنين عليه السلام أبو الفضائل يبنى
على ابن اكلة الأكباد اكتب إليه يا غلام
محمد النبي أخي وصنوي * وحمزة سيد الشهداء عمي
وجعفر الذي يمسى ويضحى * يطير مع الملائكة ابن أمي
وبنت محمد سكنى وعرسي * مسوط لحمها بدمي ولحمي
وسبطا أحمد ولداي منها * فأيكمو له سهم كسهمي
سبقتكمو إلى الاسلام طرا * غلاما ما بلغت أوان حلمى
118

وصليت الصلاة وكنت طفلا * مقرا بالنبي في بطن أمي
وأوجب لي ولايته عليكم * رسول الله يوم غدير خم
فويل ثم ويل ثم ويل * لمن يلقى الاله غدا بظلمي
أنا الرجل الذي لا تنكروه * ليوم كريهة أو يوم سلم
فقال معاوية أخفوا هذا الكتاب لا يقرئه أهل الشام فيميلوا إلى ابن أبي طالب (عليه السلام)
ومن كتبه عليه السلام
إلى قيصر الروم جوابا عن مسائله قال علم الهدى (ره) في المعادن فصل ومن ذلك ما في كتاب
ارشاد القلوب للديلمي ان عمر لما جلس في الخلافة جرى بين رجل من أصحابه يقال له الحارث
بن سنان الأزدي وبين رجل من الأنصار كلام ومنازعة فلم ينتصف له عمر فلحق الحارث بن
سنان بقيصر وارتد عن الاسلام ونسى القران كله الا قول الله عز وجل (ومن يبتغ غير
الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) فسمع قيصر هذا الكلام قال
سأكتب إلى ملك العرب بمسائل فإن أخبرني بتفسيرها أطلقت من عندي من الأسارى فعرضت
عليهم النصرانية فمن قبل منهم استعبدته ومن لم يقبل قتلته وكتب إلى عمر بن الخطاب بمسائل
أحدها سؤاله عن تفسير الفاتحة وعن الماء الذي ليس من الأرض ولا من السماء وعما يتنفس
ولا روح فيه وعن عصا موسى مم كانت وما اسمها وما طولها وعن جارية بكر لأخوين في
الدنيا وفي الآخرة لواحد لما وردت هذه المسائل على عمر لم يعرف تفسيرها ففزع في ذلك إلى
علي (عليه السلام) فكتب إلى قيصر.
من علي بن أبي طالب صهر محمد ووارث علمه وأقرب الخلق إليه
ووزيره ومن حقت له الولاية وأمر الخلق من أعدائه بالبرائة قرة
عين رسول الله وزوج ابنته وأبي ولده إلى قيصر ملك الروم إما
119

بعد فاني أحمد الله الذي لا إله إلا هو عالم الخفيات ومنزل البركات
من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادي له ورد
كتابك وأقرأنيه عمر بن الخطاب فأما سؤالك عن اسم الله تعالى
فإنه اسم فيه شفاء من كل داء وعون عن كل دواء وأما الرحمن
فهو عون لكل من آمن به وهو اسم لم يسم به غير الله الرحمن تبارك و
تعالى وأما الرحيم فرحم من عصى وتاب وآمن وعمل صالحا وأما
قوله الحمد لله رب العالمين فذلك ثناء منا على ربنا تبارك وتعالى
بما أنعم علينا وأما قوله مالك يوم الدين فإنه يملك نواصي الخلق
يوم القيمة وكل من كان في الدنيا شاكا أو جبارا ادخله النار
ولا يمتنع من عذاب الله عز وجل شاك ولا جبار وكل من كان في
الدنيا طائعا مديما محافظا إياه ادخله الجنة برحمته واما قوله
إياك نعبد وإياك نستعين فانا نستعين بالله عز وجل من (على خ ل) الشيطان
الرجيم لا يضلنا كما أضلكم وأما قوله اهدنا الصراط المستقيم فذلك
120

الطريق الواضح من عمل في الدنيا عملا صالحا فإنه يسلك على الصراط
إلى الجنة وأما قوله صراط الذين أنعمت عليهم بتلك النعمة التي أنعمها
لله عز وجل على من كان قبلنا من النبيين والصديقين فنسئل
الله ربنا أن ينعم علينا كما أنعم عليهم واما قوله غير المغضوب عليهم
فأولئك اليهود بدلوا نعمة الله كفرا فغضب عليهم فجعل منهم القردة و
الخنازير فنسئل ربنا تعالى أن لا يغضب علينا كما غضب عليهم وأما قوله
ولا الضالين فأنت وأمثاله يا عابد الصليب الخبيث ضللتم من بعد عيسى
بن مريم فنسئل الله ربنا أن لا يضلنا كما ضللتم وأما سؤالك من الماء الذي
ليس من الأرض ولا من السماء فذلك الذي بعثته بلقيس إلى سليمان
بن داود عليهما السلام وهو عرق الخيل إذا جرت في الحروب وأما سؤالك
عما يتنفس ولا روح له فذلك الصبح إذا تنفس واما سؤالك عن عصا
موسى مما كانت وما طولها وما اسمها وما هي فإنها كانت يقال لها
البرنية الرائدة وكان إذا كان فيها الروح زادت وإذا خرجت منها
121

الروح نقصت وكانت من عوسج وكانت عشرة أذرع وكانت من الجنة
أنزلها جبرئيل عليه السلام واما سؤالك عن جارية تكون في الدنيا
لأخوين وفي الآخرة لواحد فتلك النخلة في الدنيا هي المؤمن مثلي و
الكافر مثلك ونحن من ولد آدم عليه السلام وفي الآخرة للمسلم
دون الكافر المشرك وهي في الجنة ليست في النار وذلك قوله
عز وجل فيها فاكهة ونخل ورمان
ثم طوى الكتاب وانفذه فلما قرء قيصر عمد إلى الأسارى فاطلقهم واسلم ودعا أهل مملكته
إلى الاسلام والايمان بمحمد صلى الله عليه وآله فاجتمعت عليه النصارى وهموا بقتله فجاء بهم
فقال يا قوم اني أردت أن أجربكم وانما أظهرت منه ما أظهرت للنظر كيف تكونون فقد حمدت ا لان
أمركم عند الاختبار فاسكنوا واطمأنوا فقال كذلك الظن بك وكتم قيصر اسلامه حتى مات وهو
يقول لخواص أصحابه ومن يثق به ان عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم
وروح منه ومحمدا صلى الله عليه وآله نبي بعد عيسى وان عيسى بشر أصحابه بمحمد صلى الله عليه
وآله ويقول من أدركه منكم فليقرئه مني السلام فإنه أخي و عبد الله ورسوله مات قيصر على
القول مسلما فلما مات وتولى بعده هرقل أخبروه بذلك قال اكتموا هذا وأنكروه ولا تقروا فإنه
إن ظهر طمع ملك العرب وفي ذلك فسادنا وهلاكنا فمن كان من خواص قيصر وخدمه وأهله
على هذا الرأي كتموه وهرقل أظهر النصرانية وقوى أمره والحمد لله وحده وصلى الله على محمد وآله
ومن كتبه عليه السلام
كتبه إلى بعض عماله نقله ابن أبي الحديد في شرح النهج في الجزء الثالث منه قال قال عليه السلام سأكتب إلى من
حولي من عمالي فيهم فكتب نسخة واحدة وأخرجها إلى العمال من عبد الله علي أمير
122

المؤمنين إلى من قرئ عليه كتابي هذا من العمال أما بعد فان
رجالا لنا عندهم تبعة خرجوا هرابا نظنهم خرجوا نحو بلاد البصرة
فاسئل عنهم أهل بلادك واجعل عليهم العيون في كل ناحية
من أرضك ثم اكتب إلي بما ينتهي إليك عنهم
ومن كتبه عليه السلام
في جوانب كتاب قرظة بن كعب بن عمرو الأنصاري وكان أحد عماله نقله ابن أبي الحديد في الجزء الثالث
من شرح النهج عن إبراهيم بن هلال حدثه عن محمد بن عبد الله عن ابن أبي سيف عن ابن الصلت التيمي عن
أبي سعيد عن أبي عبد الله بن وال التيمي قال كتب إليه أمير المؤمنين عليه السلام
إما بعد فقد فهمت ما ذكرت من أمر العصابة التي مرت بعلمك
فقتلت البر المسلم وامن عندهم المخالف المشرك وان أولئك قوم استهواهم
الشيطان فضلوا كالذين حسبوا أن لا يكون فتنة فعموا وصموا فاسمع
بهم وأبصر يوم يحشر أعمالهم فالزم علمك واقبل على خراجك فإنك
كما ذكرت في طاعتك ونصيحتك
ومن كتبه عليه السلام
نقله في ذلك الجزء من الكتاب عنه أيضا قال فكتب علي إلى زياد بن خصفة مع عبد الله بن وال
التيمي كتابا نسخته أما بعد فقد كنت أمرتك أن تنزل دير أبي موسى
123

حتى يأتيك أمري وذلك إني لم أكن علمت أين توجه القوم وقد بلغني
انهم أخذوا نحو قرية من قرى السواد فاتبع آثارهم وسل عنهم
فإنهم قد قتلوا رجلا من أهل السواد مسلما مصليا فإذا أنت لحقت
بهم فارددهم إلي فإن أبوا فناجزهم واستعن بالله عليهم فإنهم
قد فارقوا الحق وسفكوا الدم الحرام وأخافوا السبيل والسلام
ومن كتبه عليه السلام
إلى زياد بن خصفة نقله ابن أبي الحديد في الجزء الثالث من شرح النهج قال وكتب عليه السلام إلى زياد
بن خصفة إما بعد فقد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرت به الناجي
وأصحابه الذين طبع الله على قلوبهم وزين لهم الشيطان أعمالهم
فهم حيارى عموم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ووصفت ما بلغ
بك وبهم الامر فاما أنت وأصحابك فلله سعيكم وعليه جزاءكم
وأيسر ثواب الله للمؤمن خير له من الدنيا التي يقبل الجاهلون أنفسهم
عليها ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم
بأحسن ما كانوا يعملون واما عدوكم الذين لقيتم فحسبهم خروجهم من
124

الهدى وارتكاسهم في الضلالة وردهم الحق وجماحهم في التيه
فذرهم وما يفترون ودعهم في طغيانهم يعمهون فاسمع بهم و
أبصر فكانك بهم عن قليل بين أسير وقتيل فاقبل إلينا أنت و
أصحابك مأجورين فقد أطعتم وسمعتم وأحسنتم والسلام
ومن كتبه عليه السلام
إلى معقل بن قيس نقله ابن أبي الحديد في الجزء الثالث من شرحه على النهج
إما بعد فالحمد لله على تأييده أوليائه وخذله أعدائه جزاك الله
والمسلمين خيرا فقد أحسنتم البلاء وقضيتم ما عليكم فاسئل عن أخي
بني ناجية فان بلغت انه استقر في بلد من البلدان فسر إليه حتى تقتله
أو تنفيه فإنه لم يزل للمسلمين عدوا وللفاسقين وليا والسلام
ومن كتبه عليه السلام
قال فلما رجع معقل قرء على أصحابه كتابا من علي عليه السلام فيه
من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من قرء عليه كتابي هذا
من المسلمين والمؤمنين والمارقين والنصارى والمرتدين سلام
على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وكتابه والبعث بعد الموت
125

وافيا بعهد الله ولم يكن من الخائنين إما بعد فإني أدعوكم إلى كتاب
الله وسنة نبيه وان اعمل فيكم بالحق وبما أمر الله تعالى في كتابه
فمن رجع منكم إلى رحله وكف يده واعتزل هذا المارق الهالك المحارب
حارب الله ورسوله والمسلمين وسعى في الأرض فسادا فله الأمان على
ماله ودمه ومن تابعه على حربنا والخروج من طاعتنا استعنا بالله
عليه وجعلناه بيننا وبينه وكفى بالله وليا والسلام
ومن كتبه عليه السلام
إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني نقله ابن أبي الحديد في الشرح أيضا في الجزء الثالث قال كتب عليه السلام إليه
إما بعد فإن من أعظم الخيانة على الأمة وأعظم الغش على أهل المصر
غش الامام وعندك من حق للمسلمين خمسمائة ألف درهم فابعث بها
إلى حين يأتيك رسولي والا فاقبل إلي حين تنظر في كتابي فإني
قد تقدمت إلى رسولي أن لا يدعك ساعة واحدة يقيم بعد قدومه
عليك إلا أن تبعث بالمال والسلام
ومن كتبه عليه السلام
126

ما كتبه عليه السلام إلى عبيد الله بن العباس وسعيد بن نمران نقله ابن أبي الحديد في أوايل الجزء الثاني
من شرح النهج في جواب كتابهما إليه قال فلما وصل كتابهما ساء علينا عليه السلام واغضبه وكتب إليهما
من علي أمير المؤمنين إلى عبيد الله بن العباس وسعيد بن نمران سلام الله
عليكما فإني أحمد إليكما الله الذي لا إله إلا هو إما بعد فإنه أتاني
كتابكما تذكران فيه خروج هذه الخارجة وتعظمان من شأنها صغيرا
وتكثران من عددها قليلا وقد علمت أن نجب أفئدتكما وصغر أنفسكما و
ثبات رأيكما وسوء تدبير كما هو الذي أفسد عليكما من لم يكن عليكما
فاسدا وجرءا عليكما من كان على لقاءكما جبانا فإذا قدم رسولي عليكما
فامضيا إلى القوم حتى تقرءا عليهم كتابي إليهم وتدعوا هم إلى حظهم
وتقوى ربهم فان أجابوا حمدنا الله وقبلناهم وان حاربوا استعنا
بالله عليهم ونابذناهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين
ومن كتبه عليه السلام
قال ابن أبي الحديد عمن رواه وقال علي عليه السلام ليزيد بن قيس الأرحبي الا ترى ما صنع قومك
فقال إن ظني يا أمير المؤمنين بقوي لحسن في طاعتك فإن شئت خرجت إليهم فكفيتهم (فكففتهم خ ل)
وان شئت كتبت إليهم فتنظر ما يجيبونك فكتب علي عليه السلام
من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من شاق وغدر من أهل الجند و
127

صنعاء إما بعد فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو الذي لا يعقب له
حكم ولا يرد له قضاء ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين وقد بلغني
تجريكم وسقاقكم واعراضكم عن دينكم بعد الطاعة واعطاء
البيعة فسالت أهل الدين الخالص والورع الصادق واللب
الراجح عن يدا محرككم وما نويتم به وما أحمشكم له فحدثت عن ذلك
بما لم أر لكم في شئ منه عذرا مبينا ولا مقالا جميلا ولا حجة ظاهرة
فإذا أتاكم رسولي فتفرقوا وانصرفوا إلى رحالكم أعف عنكم و
اصفح عن جاهلكم واحفظ قاصيكم واعمل فيكم بحكم الكتاب فإن لم تفعلوا
فاستعدوا ا لقدوم جيش جم الفرسان عظيم الأركان يقصد لمن
طغى وعصا فتطحنوا كطحن الرحا فمن أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها
وما ربك بظلام للعبيد
ومن كتبه عليه السلام
في جواب مكتوب أخيه عقيل بن أبي طالب وقد نقله ابن أبي الحديد في الجزء الثاني من شرحه على النهج قال
كتب عليه السلام إليه من عبد الله أمير المؤمنين إلى عقيل بن أبي طالب سلام
128

عليك فاني أحمد الله إليك الذي لا اله الا هو إما بعد كلانا الله
وإياك كلاية من يخشاه بالغيب انه حميد مجيد قد وصل إلي كتابك
مع عبد الرحمن بن عبيد الأزدي تذكر فيه انك لقيت عبد الله بن
سعيد بن أبي سرح مقبلا من قديد في نحو من أربعين فارسا من أبناء
الطلقاء متوجهين إلى جهة الغرب وان ابن أبي سرح طال ما كاد
الله ورسوله وكتابه وصد عن سبيله وبغاها عوجا فدع ابن أبي
سرح ودعك عنك قريشا وخلهم وتركاضهم في الضلال وتجوالهم
في الشقاق الا وان العرب قد أجمعت على حزب أخيك اليوم اجماعها على
حرب رسول الله صلى الله عليه وآله قبل اليوم فأصبحوا قد جهلوا حقه
وجحدوا فضله وبادوه العداوة ونصبوا له الحرب وجهدوا عليه كل
الجهد وجروا إليه جيش الأحزاب اللهم فاجز قريشا عني الجوازي فقد
قطعت رحمي وتظاهرت علي ودفعتني عن حقي وسلبتني سلطان بن أمي
وسلمت ذلك إلى من ليس مثلي في قرابتي من الرسول وسابقي في الاسلام
129

الا أن يدعي مدع ما لا أعرفه ولا أظن الله يعرفه والحمد لله على كل حال
فأما ما ذكرت من غارات (غارة) الضحاك على أهل الحيرة فهو أقل وأذل من أن يلم بها
أو يدنو منها ولكنه قد كان أقيل في جريدة خيل فاخذ على السماوة حتى
مر بواقصة وشراف والقطقطانة مما والى ذلك الصقع فوجهت إليه جندا
كثيفا من المسلمين فلما بلغه ذلك قر هاربا فاتبعوه فلحقوه ببعض الطريق
وقد أمعن وكان ذلك حين طلعت الشمس للاياب فتناوشوا القتال قليلا
كلا ولا فلم يصبر لوقع المشرقية وولى هاربا وقتل من أصحابه بضعة عشر رجلا
ونجا جريضا بعد ما أخذ عنه منه بالمخنق فلأيا بلأى ما نجا فاما ما سئلتني
ان اكتب لك برأي فيما أنا فيه فان رأيي جهاد المحلين حتى ألقى الله لا يزيد
بي كثرة الناس معي عزه ولا تفرقهم عني وحشة لأنني بحق والله مع المحق
والله ما أكره الموت على الحق وما الخير كله الا بعد الموت لمن كان محقا
واما ما عرضت به من سيرك إلى بنيك وبنى أبيك فلا حاجة لي في ذلك
فاقم راشدا محمودا فوالله ما أحب أن تهلكوا معي ان هلكت ولا تحسبن
130

ابن أمك لو أسلمه الناس متخشعا ولا متضرعا انه لكما قال أخو بني سليم
فان تسئليني كيف أنت فإنني * صبور على ريب الزمان صليب
يعز على أن ترى بي كآبة * فيشمت عاد أو يساء حبيب
ومن كتبه عليه السلام
إلى زياد بن عبيد نقله ابن أبي الحديد في الجزء الرابع من شرحه على النهج ولقد رواه عن إبراهيم بن هلال قال
كتاب من علي عليه السلام فيه من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى زياد بن عبيد
سلام عليك إما بعد فاني قد بعثت أعين بن صبيعة ليفرق قومه
عن ابن الحضرمي فارقب ما يكون منه فان فعل وبلغ من ذلك ما يظن
به وكان في تفريق ذلك الأوباش فهو ما نحب وان ترامت الأمور
بالقوم إلى الشقاق والعصيان فانبذ من أطاعك إلى من عصاك فجاهدهم
فان ظفرت فهو ما ظننت والا فطاولهم وماطلهم فكأن كتائب
المسلمين قد أطلت عليك فقتل الله المفسدين الظالمين ونصر
المؤمنين المحقين والسلام
ومن كتبه عليه السلام
131

إلى ساكني البصرة نقله ابن أبي الحديد في شرح النهج قال من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى
من قرء عليه كتابي هذا من ساكني البصرة من المؤمنين والمسلمين
سلام عليكم إما بعد فإن الله حليم ذو أناة لا يعجل بالعقوبة قبل
البينة ولا يأخذ المذنب عند أول وهلة ولكنه يقبل التوبة ويستديم
الأناة ويرضى بالإنابة ليكون أعظم للحجة وأبلغ في المعذرة وقد
كان من شقاق جلكم أيها الناس ما استحققتم أن تعاقبوا عليه
فعفوت عن مجرمكم ورفعت ا لسيف عن مدبركم وقبلت من مقيلكم
وأخذت بيعتكم فان تفوا ببيعتي وتقبلوا نصيحتي وتستقيموا على طاعتي
اعمل فيكم بالكتاب وقصد الحق وأقيم فيكم سبيل الهدى فوالله ما
اعلم أن واليا بعد محمد صلى الله عليه وآله اعلم بذلك مني ولا
اعمل بقولي أقول قولي هذا صادقا غير ذام لمن مضى ولا منتقصا لاعمالهم
وان خطت بكم الأهواء المردية وسفه الرأي الجائر إلى منابذتي تريدون
خلافي فها أنا ذا قربت جيادي ورحلت ركابي وأيم الله لئن ألجأتموني
132

إلى المسير إليكم لأوقعن بكم وقعة لا يكون يوم الجمل عندها الا كلعقة
لاعق واني لظان أن لا تجعلوا إن شاء الله على أنفسكم سبيلا وقد قدمت
هذا الكتاب إليكم حجة عليكم ولن أكتب إليكم من بعده كتابا إن أنتم استغششتم
نصيحتي ونابذتم رسولي حتى أكون أنا الشاخص نحوكم إن شاء الله تعالى والسلام
ومن كتبه عليه السلام
قال ابن أبي الحديد في الجزء السادس من شرح النهج قال إبراهيم وحدثني يحيى بن صالح عن مالك عن خالد الأسدي عن الحسن
بن إبراهيم عن عبد الله بن الحسن بن الحسن قال كتب علي عليه السلام على أهل مصر لما بعث محمد بن أبي بكر إليهم يخاطبهم فيه ومخاطب
محمد أيضا فيه
إما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله وفي سر أمركم وعلانيته وعلى أي حال
كنتم عليها وليعلم المرء منكم ان الدنيا دار فناء وبلاء والآخرة دار جزاء
وبقاء فمن استطاع أن يؤثر ما بقي على ما يفنى فليفعل فان الآخرة
تبقى والدنيا تفنى رزقنا الله وإياكم نصرا لما نصرنا وفهما لما فهمنا
حتى لا نقصر عما أمرنا ولا نتعد إلى ما نهانا واعلم يا محمد انك إلى نصيبك
من الآخرة أحوج فان عرض لك أمران أحدهما للآخرة والاخر للدنيا
فابدء بأمر الآخرة ولتعظم رغبتك في الخير ولتحسن فيه نيتك فإن الله
133

عز وجل يعطي العبد على قدر نيته وإذا أحب الخير وأهله ولم يعمله
كان كمن عمله فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال حين رجع من
تبوك ان بالمدينة لاقواما ما سرتم من مسير ولا هبتم من واد الا
كانوا معكم ما حبسهم الا المرض يقول كانت لهم نية ثم اعلم يا
محمد إني وليتك أعظم أجنادي أهل مصر ووليتك ما وليتك من
أمر الناس فأنت محقوق أن تخاف على نفسك وتحذر فيه على دينك
ولو كان ساعة من نهار فان استطعت أن لا تسخط من ربك لرضى
أحد من خلقه فافعل فان في الله خلقا من غيره وليس في شئ خلف منه
فاشتد على الظالم ولن لأهل الخير وقربهم إليك واجعلهم بطانتك و
اخوانك والسلام
ومن كتبه عليه السلام
قال ابن أبي الحديد في الجزء السادس من شرح النهج قال إبراهيم وقد كان أمير المؤمنين كتب على يد الأشتر
إلى أهل مصر روى الشعبي عن صعصعة بن صوحان من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى
من بمصر من المسلمين سلام الله عليكم فاني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا
134

هو إما بعد فإني قد بعثت إليكم عبدا من عباد الله لا ينام أيام الخوف
ولا ينكل عن الأعداء حذار الدواير لا نأكل من قدم ولاواه في عزم
من أشد عباد الله بأسا وأكرمهم حسبا أضر على الفجار من حريق النار
وأبعد الناس من دنس أو عار وهو مالك بن الحرث الأشتر حسام صارم
لا نابي الضريبة ولاكليل الحد حليم في السلم رزين في الحرب ذو رأي أصيل
وصبر جميل فاسمعوا له وأطيعوا أمره فإن أمركم بالنفير فانفروا وإن أمركم
أن تقيموا فأقيموا فإنه لا يقدم ولا يحجم الا بأمري وقد آثرتكم به على نفسي
نصيحة لكم وشدة شكيمة على عدوكم عصمكم الله بالهدى وثبتكم
بالتقوى ووفقنا وإياكم لما يحب ويرضى والسلام
ومن كتبه عليه السلام
قال ابن أبي الحديد في الجزء السادس من كتابه قال إبراهيم وحدثنا محمد بن عبد الله المدائني عن رجاله
ان محمد بن أبي بكر لما بلغه ان عليا وجه الأشتر إلى مصر شق عليه فكتب عند مهلك الأشتر إما بعد
فقد بلغني موجدتك من تسريح الأشتر إلى عملك ولم افعل ذلك استبطاءا
لك عن الجهاد ولا استرادة لك مني في الحد ولو نزعت ما حوت يداك من
135

سلطانك لوليتك ما هو أيسر مؤنة عليك واعجب ولاية إليك الا أن
الرجل الذي وليته مصر كان رجلا مناصحا وعلى عدونا شديدا فرحمة
الله عليه فقد استكمل أيامه ولاقى حمامه ونحن عنه راضون فرضى
الله عنه وضاعف له الثواب وأحسن له المأب فاصحر لعدوك و
شمر للحرب وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة و
أكثر ذكر الله والاستعانة به والخوف منه يكفيك ما أهمك ويعينك
على ما ولاك أعاننا الله وإياك على ما لا ننال برحمته والسلام
ومن كتبه عليه السلام
كتاب كتبه جوابا لكتاب محمد بن أبي بكر نقله ابن أبي الحديد في شرح النهج في الجزء السادس منه قال فكتب
إليه علي عليه السلام فقد أتاني رسولك بكتابك تذكر أن ابن العاص قد
نزل في جيش جرار وان من كان على مثل رأيه قد خرج إليه فخروج من
كان يرى رأيه خير لك من إقامته عندك وذكرت انك قد رأيت ممن
قتلك فشلا فلا تفشل وان فشلوا حصن قريتك واضمم إليك شيعتك
وأذل الحرس في عسكرك واندب إلى القوم كنانة بن بشر المعروف بالنصيحة
136

وانا نادب إليك الناس على الصعب والذلول فاصبر لعدوك وامض
على بصيرتك وقاتلهم على نيتك وجاهدهم محتسبا لله سبحانه وإن كانت
فئتك أقل الفئتين فان الله تعالى يعين القليل ويخذل الكثير وقد
قرأت كتاب العاجزين المتحامين على المعصية والمتلائمين على الضلالة
والمريسين في الحكومة والمتكبرين على أهل الدين الذين استمتعوا بخلاقهم
فلا يضرنك ارعادهما وابراقهما واجبهما ان كنت لم تحبهما بما هما
أهله فإنك تجد مقالا ما شئت والسلام
ومن كتبه عليه السلام
إلى عبد الله بن العباس نقله ابن أبي الحديد في شرحه قال قال إبراهيم فحدثنا محمد بن عبد الله عن المدائني
قال كتب علي إلى عبد الله بن العباس وهو على البصرة من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى
عبد الله بن عباس سلام عليك ورحمة الله وبركاته إما بعد فإن
مصر قد افتتحت وقد استشهد محمد بن أبي بكر عند الله عز وجل نحتسبه
وقد كنت كتبت إلى الناس وتقدمت إليهم في بدء الاسلام وأمرتهم
قبل الموقعة ودعوتهم سرا وجهرا وعودا وبدءا فمنهم الآتي كارها و
137

ومنهم المتعلل كاذبا ومنهم القاعد خاذلا اسئل الله أن يجعل
لي منهم فرجا وأن يريحني منهم عاجلا فوالله لولا طمعي عند لقاء
عدوي بالشهادة وتوطيني نفسي عند ذلك لأحببت أن لا أبقى
مع هؤلاء يوما واحدا عزم الله لنا ولك على تقواه وهداه إنه
على كل شئ قدير والسلام عليك و
رحمة الله وبركاته
ومن كتبه عليه السلام
كتبه أمير المؤمنين عليه السلام إلى عثمان بن حنيف لما بلغه مشارفة القوم البصرة نقله ابن أبي الحديد في
الجزء التاسع من كتابه من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عثمان بن حنيف إما
بعد فان البغاة عاهدوا الله ثم نكثوا وتوجهوا إلى مصرك وساقهم
الشيطان لطلب ما لا يرضى الله به والله أشد بأسا وأشد تنكيلا
فإذا قدموا عليك فادعهم إلى الطاعة والرجوع إلى الوفاء بالعهد
والميثاق الذي فارقونا عليه فان أجابوا فأحسن حوارهم ما داموا عندك
وان أبوا الا التمسك بحبل النكث والخلاف فناجزهم الخلاف حتى يحكم الله
138

بينك وبينهم وهو خير الحاكمين وكتبت كتابي هذا إليك من
الربذة وانا معجل المسير إليك إن شاء الله وكتب عبيد الله بن أبي رافع
سنة ست وثلاثين
ومن كتبه عليه السلام
ما كتبه إلى عايشة نقله علم الهدى في كتابه معادن الحكمة عن كتاب كشف الغمة ان أمير المؤمنين عليه
السلام كتبت إلى عايشة إما بعد فإنك خرجت من بيتك عاصية لله تعالى
ولرسوله صلى الله عليه وآله تطلبين أمرا كان عندك موضوعا
ثم تزعمين انك تريدين الاصلاح بين الناس فخبريني ما للنساء
وقود العساكر وزعمت انك طالبة بدم عثمان وعثمان رجل من
بني أمية وأنت امرأة من بني تيم بن مرة ولعمري ان الذي عرضك
للبلاء وحملك على المعصية لأعظم إليك ذنبا من قتلة عثمان
وما غضبت حتى أغبت ولا هجت حتى هيجت فاتقى الله يا عائشة
وارجعي إلى منزلك واسبلي عليك سترك والسلام
ومن كتبه عليه السلام
139

في معادن الحكمة قال من كلام له عليه السلام في وصف الاسلام بعدة من الأسانيد إلى
جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السلام وبأسانيد مختلفة عن الأصبغ بن نباتة قال خطبنا أمير
المؤمنين عليه السلام في داره أو قال في القصر ونحن مجتمعون ثم أمر صلوات الله عليه فكتب في كتاب
وقرئ على الناس وروى غيره أن ابن الكواء سئل عن أمير المؤمنين عليه السلام عن صفة ا لاسلام
والايمان والكفر والنفاق فقال وفي الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن
عيسى وعدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد جميعا عن الحسن بن محبوب عن يعقوب السراج عن
جابر عن أبي جعفر عليه السلام وبأسانيد مختلفة عن الأصبغ بن نباتة وأورد السيد رضي الله عنه
في نهج البلاغة بعض من هذه الخطبة على اختلافات شتى في بعض ألفاظها
إما بعد، فإن الله تعالى شرع ا لاسلام وسهل شرايعه لمن ورده
وأعز أركانه لمن حاربه وجعله عزا لمن تولاه وسلما لمن دخله
وهدى لمن أئتم به وزينة لمن تجلله وعذرا لمن انتحله وعروة
لمن اعتصم به وحبلا لمن استمسك به وبرهانا لمن تكلم به ونورا
لمن استضاء به وشاهدا لمن خاصم به وفلجا لمن حاج به وعلما
لمن وعاه وحديثا لمن روى وحكما لمن قضى وحلما لمن جرب
ولباسا لمن تدثر وفهما لمن تفطن ويقينا لمن عقل وبصيرة لمن
عزم وآية لمن توسم وغبرة لمن اتعظ ونجاة لمن صدق وتؤده
لمن أصلح وزلفى لمن اقترب وثقة لمن توكل ورجاء لمن فوض وسبقة
140

لمن أحسن وخيرا لمن سارع وجنة لمن صبر ولباسا لمن اتقى و
ظهيرا لمن رشد وكهفا لمن آمن وآمنة لمن سلم وروحا لمن صدق
وغنى لمن قنع فذلك الحق سبيله الهدى ومأثرته المجد وصفته
الحسنى فهو أبلج المنهاج مشرق المنار ذاكى المصباح رفيع الغاية
يسير المضمار جامع الحلبة سريع السبقة أليم النقمة كامل العدة
كريم الفرسان فالايمان منهاجه والصالحات مناره والفقه
مصابيحه والدنيا مضماره والموت غايته والقيمة حلبته و
الجنة سبقته والنار نقمته والتقوى عدته والمحسنون فرسانه
فبالايمان يستدل على الصالحات وبالصالحات يعمر الفقه وبالفقه
يرهب الموت وبالموت يختم الدنيا وبالدنيا تجوز القيمة وبالقيمة
تزلف الجنة والجنة حسرة أهل النار والنار موعظة للمتقين و
التقوى سنخ الايمان الفلج بسكون اللام الغلبة على الخصم والتؤدة الرزانة والتأني قوله لمن
سلم النسخة الصحيحة لمن أسلم أبلج المنهاج أي واضح الطريق ذاكى المصباح من ذكت النار أي اشتد لهيبها
الحلبة بفتح الحاء وسكون اللام الخيل تجمع للسباق والمضمار الفسحة الواسعة لسباق الخيل والسبقة بالضم ما يتراهن به
141

ومن كتبه عليه السلام
إلى بعض أصحابه يعظه في الكافي عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن أبي جميلة عن الصادق
عليه السلام قال كتب أمير المؤمنين عليه السلام إلى بعض أصحابه يعظه أوصيك ونفسي بتقوى الله
من لا يحل معصيته ولا يرجى غيره ولا الغني الا به فان من أتقى الله
عز وقوى وشبع وروى ورفع عقله عن أهل الدنيا فبدنه مع
أهل الدنيا وقلبه وعقله معاين الآخرة فأطفأ بضوء قلبه ما
أبصرت عيناه من حب الدنيا فقذر حرامها وجانب شبهاتها و
أضر بالحلال الصافي الا ما لابد منه من كسرة يشد بها صلبه وثوب
يوارى به عورته من أغلظ ما يجد واخشنه ولم يكن له فيما لابد
ثقة ولا رجاء فوقعت ثقته ورجاءه على خالق الأشياء فجد و
اجتهد واتعب بدنه حتى بدت الأضلاع وغارت العينات فبدل
الله له من ذلك قوة في بدنه وشدة في عقله وما ذخر له في الآخرة
أكثر فارفض الدنيا فان حب الدنيا يعمى ويصم ويبكم ويذل الرقاب
فتدارك ما بقي من عمرك ولا تقل غدا وبعد غد فإنما هلك من كان
142

قبلك بإقامتهم على الأماني والتسويف حتى أتاهم أمر الله بغتة
وهم غافلون فنقلوا على أعوادهم إلى قبورهم المظلمة الضيقة
وقد أسلمهم الأولاد والأهلون فانقطع إلى الله بقلب منيب من
رقص الدنيا وعزم ليس فيه انكسار ولا انخزال أعاننا الله و
إياك على طاعته ووفقنا وإياك إلى مرضاته
ومن كتبه عليه السلام
في كتاب معادن الحكمة لعلم الهدى قال ومن ذلك ما أورد الشيخ الكليني وأخرجه السيد ابن طاووس في كشف
المحجة والمجلسي في الفتن والمحن وفهيما محمد بن يعقوب عن علي بن محمد ومحمد بن الحسن وغيرهما عن سهل بن
زياد عن العباس بن عمران عن محمد بن القاسم بن الوليد عن المفضل عن سنان بن طريف عن أبي عبد الله
عليه السلام قال كان أمير المؤمنين عليه السلام يكتب بهذه الخطبة إلى أكابر أصحابه وفيها كلام رسول الله
صلى الله عليه وآله بسم الله الرحمن الرحيم إلى المقربين في الأظلة الممتحنين
بالبلية المسارعين في الطاعة المستنبئين في الكرة تحية منا إليكم
سلام عليكم إما بعد فان نور البصرة روح الحياة الذي لا ينفع ايمان
الا به مع اتباع كلمة الله والتصديق بها فالكلمة من الروح والروح
من النور والنور نور السماوات والأرض فبأيديكم سبب وصل إليكم
143

منا اتيان واجبتان نعمة من الله لا تعقلون شكرها خصكم بها و
استخلصكم لها وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها الا
العالمون إن الله عهد ان لن يحل عقدة أحد سواه فتسارعوا
إلى وفاء العهد وامكثوا في طلب الفضل فإن الدنيا عرض حاضر
يأكل منها البر والفاجر وان الآخرة وعد صادق يقضي فيها ملك
قادر الا وان الامر كما قد وقع لسبع بقين من صفر تسير فيها الجنود
يهلك فيها البطل الجحود خيولها عراب وفرسانها أحزاب ونحن
بذلك واثقون ولما ذكرنا منتظرون انتظار المجدب المطر لينبت
العشب ويجنى الثمر دعاني إلى الكتاب إليكم استنقاذكم من العمى
وارشادكم باب الهدى فاسلكوا سبيل السلامة فإنها جماع الكرامة
اصطفى الله منهجه وبين حججه وارف ارفه ووصفه وحده وجعله
رضي كما وصفه ان العبد إذا دخل حفرته يأتيه ملكان أحدهما منكر
والاخر نكير فأول ما يسلأنه عن ربه وعن نبيه وعن وليه فإن
144

أجاب نجا وان تحير عذباه فقال قائل فما حال من عرف ربه وعرف
نبيه ولم يعرف وليه فقال ذلك مذبذب لا إلى هؤلاء ولا إلى
هؤلاء قيل فمن الولي يا رسول الله قال وليكم في هذا الزمان أنا و
من بعدي وصيي ومن بعد وصيي لكل زمان لحجج الله كيما تقولوا
كما قال الضلال قبلكم حين فارقهم نبيهم ربنا لولا أرسلت إلينا
رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى وانما كان تمام ضلالتهم
جهالتهم بالآيات وهم الأوصياء فأجابهم الله قل كل متربص
فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوى ومن اهتدى وانما
كان تربصهم ان قالوا نحن في سعة عن معرفة الأوصياء حتى يعلن
امام علمه فالأوصياء قوام عليكم بين الجنة والنار لا يدخل الجنة
الا من عرفهم وعرفوه ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه لانهم
عرفاء العباد عرفهم الله إياهم عند أخذ المواثيق عليهم بالطاعة
لهم فوصفهم في كتابه فقال جل وعز على الأعراف رجال يعرفون
145

كلا بسيماهم وهم الشهداء على الناس والنبيون شهداء لهم يأخذوه
لهم مواثيق العباد بالطاعة وذلك قوله فكيف إذا جئنا من كل
أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا يومئذ يود الذين كفروا
وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا وكذلك
أوحى الله إلى آدم ان يا آدم قد انقضت مدتك وقضيت نبوتك
واستكملت أيامك وحضر اجلك فخذ النبوة وميراث النبوة واسم
الله الأكبر فادفعه إلى ابنك هبة الله فاني لم أدع الأرض بغير
علم يعرف فلم يزل الأنبياء والأوصياء يتوارثون ذلك حتى انتهى الامر
إلي وأنا أدفع ذلك إلى علي وصيي وهو مني بمنزلة هارون من
موسى وان عليا يورث ولده حيهم عن ميتهم فمن سره أن
يدخل جنة ربه فليتول عليا والأوصياء من بعده وليسلم لفضلهم
فإنهم الهداة بعدي أعطاهم الله فهمي وعلمي فهم عترتي من
لحمي ودمي أشكو إلى الله عدوهم والمنكر لفضلهم القاطع عنهم
146

صلتي فنحن أهل البيت شجرة النبوة ومعدن الرحمة ومختلف الملائكة
وموضع الرسالة فمثل أهل بيتي في هذه الأمة كمثل سفينة نوح
من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك ومثل باب حطة في بني إسرائيل
من دخله غفر له فأيما راية خرجت ليست من أهل بيتي فهي الدجالية
إن الله اختار لدينه أقواما انتجبهم للقيام عليه والنصر له طهرهم
بكلمة الاسلام وأوحى إليهم مفترض القرآن والعمل بطاعته في مشارق
الأرض ومغاربها إن الله خصكم بالاسلام واستخلصكم له وذلك
لأنه أمتع سلامة وأجمع كرامة اصطفى الله منهجه ووصفه ووصف
أخلاقه ووصل أطنابه من ظاهر علم وباطن حلم ذي حلاوة ومرارة
فمن طهر باطنه رأى عجائب مناظره في موارده ومصادره ومن فطن لما
بطن رأى مكتوب الفتن وعجائب الأمثال والسنن فظاهرة أنيق و
باطنه عميق ولا تفنى غرائبه ولا تنقضي عجائبه فيه مفاتيح الكلام
ومصابيح الظلام لا تفتح الخيرات الا بمفاتيحه ولا تكشف الظلمات لا بمصابيحه
147

فيه تفصيل وتوصيل وبيان الاسمين الأعليين الذين جمعا فاجتمعا
لا يصلحان إلا معا يسميان فيفترقان ويوصلان فيجتمعان تمامهما في
تمام أحدهما حواليهما نجوم وعلى نجومها نجوم ليحتمى حماه ويرعى مرعاه
وفي القرآن تبيانه وبيانه وحدود وأركانه ومواضع مقاديره
ووزن ميزانه ميزان العدل وحكم الفصل ان رعاة الدين فرقوا بين
الشك واليقين وجاءوا بالحق المبين بنو الاسلام بنيانا فأسسوا
له أساسا وأركانا فجاءوا على ذلك شهودا بعلامات وامارات فهما
كفاء المكتفي وشفاء المستشفى يحمون حماه ويرعون مرعاه ويصونون
مصونه ويفجرون عيونه لحب الله وبره وتعظيم أمره وذكره بما يجب
أن يذكر به يتواصلون بالولاية ويتنازعون بحسن الرعاية ويتناسقون
بكأس روية ويتلاقون بحسن التحية واخلاق سنية وقوام وعلماء
وأوصياء لا يسوف فيهم الريبة ولا يسرع فيهم الغيبة فمن استبطأ
من ذلك شيئا استبطأ خلقا سيئا فطوبى لذي قلب سليم أطاع من
148

يهديه واجتنب من يرديه ويدخل مدخل كرامة وينال
سبل سلامة تبصرة لمن بصره وطاعة لمن أطاع يهديه إلى
أفضل الدلالة وكشف غطاء الجهالة المضلة المهلكة ومن أراد بعد
هذا فليظهر بالمهدي دينه فإن المهدي لا تغلق أبوابه وقد فتحت
أسبابه ببرهان وبيان لامرء استنصح وقيل نصيحة من نصح بخضوع
وحسن خشوع فليقبل امرء بقبولها وليحذر قارعة قبل حلولها والسلام
ومن كتبه عليه السلام
قال الشارح البحراني في شرحه للنهج روى عن الشعبي أن عليا عليه السلام لما قدم الكوفة وكان الأشعث
بن قيس على ثغر أذربايجان من قبل عثمان بن عفان فكتب إليه بالتبعة وطالبه بمال أذربيجان مع زياد بن
مرحب الهمداني وصورة الكتاب (ونقل الكتاب أيضا في الجزء الثاني من كتاب عقد الفريد لابن عبد ربه المالكي
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى الأشعث بن
قيس أما بعد فلولا هنات كن منك كنت المقدم في هذا الامر قبل الناس
ولعل اخر أمرك يحمد أوله وبعضه بعضا ان اتقيت الله انه قد كان من
بيعة الناس إياي ما قد بلغك وكان طلحة والزبير أول من بايعني
ثم نقضا بيعتي عن غير حديث واخرجا عايشة فساروا بها إلى البصرة فصرت
149

إليهم في المهاجرين والأنصار فالتقينا فدعوتهم إلى أن يرجعوا
إلى ما خرجوا منه فأبوا فأبلغت في الدعاء وأحسنت في البقية واعلم أن
عملك اليوم ليس لك بطعمة ولكنه في عنقك أمانة وأنت مسترعى
لمن فوقك ليس لك ان تفتأت في رعية ولا تخاطر الا بوثيقة وفي
يديك مال من مال الله تعالى وأنت من خزاني حتى تسلمه إلي و
لعلي أن لا أكون شر ولاتك لك والسلام وكتب عبد الله بن أبي رافع في شعبان سنة ست وثلاثين
المسترعى من ج عله راعيا والطعمة المأكلة والرعية المزعمة تفتات بالهمزة أي تستبد في الامر المخاطرة التقدم
في الأمور العظام والاشراف فيها على الهلاك والوثيقة ما يوثق به في الدين
ومن كتبه عليه السلام
نقله أحمد بن أبي يعقوب جعفر بن وهب الكاتب المعروف بابن واضح الاخباري المتوفى بعد سنة 292 في كتابه المعروف
بتاريخ اليعقوبي في الجزء الثاني قال قال غياث عن فطر بن خليفة حدثني أبو خالد الوالبي قال قرأت
عهد علي عليه السلام لجارية بن قدامة
أوصيك يا جارية بتقوى الله فإنها جموع الخير وسر على عون الله
فالق عدوك الذي وجهتك له ولا تقاتل إلا من قاتلك ولا
تجهز على جريح ولا تسخرن دابة وان مشيت ومشى أصحابك ولا تستأثر
150

على أهل المياه بمياههم ولا تشربن الا فضلهم عنط يب نفوسهم
ولا تشتمن مسلما ولا مسلمة فتوجب على نفسك ما لعلك تؤدب
غيرك عليه ولا تظمن معاهدا ولا معاهدة واذكر الله ولا تفتر
ليلا ولا نهارا واحملوا رجالتكم وترأسوا في ذات أيديكم وأجدد
السير وأجل للعدو حيث كان واقتله مقبلا واردده بغيظه صاغرا
واسفك الدم في الحق واحقنه في الحق ومن تاب فاقبل توبته
واخبارك في كل حين بكل حال والصدق في الصدق فلا رأى للكذوب
ومن كتبه عليه السلام
تاريخ اليعقوبي أيضا قال وكتب علي عليه السلام إلى عماله يستحثهم بالخروج فكتب إلى الأشعث بن
قيس وكان عامله بآذربيجان إما بعد فإنما غرك من نفسك وجرأك على
اخرك املاء الله لك إذ ما زلت قديما تأكل رزقه وتلحد في آياته و
تستمتع بخلاقك وتذهب بحسناتك إلى يومك هذا فإذا أتاك رسولي
بكتابي هذا فاقبل واحمل ما قبلك من مال المسلمين إن شاء الله
ومن كتبه عليه السلام
151

تاريخ اليعقوبي قال وكتب (عليه السلام) إلى يزيد بن قيس الأرحبي إما بعد فإنك أبطأت
بحمل خراجك وما أدري ما الذي حملك على ذلك غير أني أوصيك
بتقوى الله وأحذرك أن تحبط أجرك وتبطل جهادك بخيانة المسلمين
فاتق الله ونزه نفسك عن الحرام ولا تجعل لي عليك سبيلا فلا
أجد بدا من الايقاع بك واعزز المسلمين ولا تظلم المعاهدين و
ابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين
ومن كتبه عليه السلام
تاريخ اليعقوبي - قال وكتب إلى سعد بن مسعود عم المختار بن أبي عبيدة وهو عامله على المدائن
أما بعد فإنك قد أديت خراجك وأطعت ربك وأرضيت امامك
فعل البر التقي النجيب فغفر الله ذنبك وتقبل سعيك وحسن مآبك
ومن كتبه عليه السلام
تاريخ اليعقوبي قال وكتب إلى عمرو بن أبي سلمة المخزومي وهو ابن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه و
آله وسلم وكان عامله على البحرين إما بعد فإني قد وليت النعمان بن العجلان
البحرين بلا ذم لك فاقبل غير ظنين واخرج إليه من عمل ما وليت فقد
152

أردت الشخوص إلى ظلمة أهل الشام وبقية الأحزاب فأحببت ان
تشهد معي لقاءهم فإنك ممن استظهر به على إقامة الدين ونصر الهدى
جعلنا الله وإياك من الذين يعملون بالحق وبه يعدلون
ومن كتبه عليه السلام
لما بلغه ان النعمان بن العجلان قد ذهب بمال البحرين فكتب إليه علي عليه السلام
إما بعد فإنه من استهان بالأمانة ورغب في الخيانة ولم ينزه
نفسه ودينه أخل بنفسه في الدنيا وما يشفى عليه بعد أمر أبقى
وأشفى وأطول فخف الله انك من عشيرة ذات صلاح فكن عند صالح
الظن بك وراجع إن كان حقا ما بلغني عنك ولا تقلبن رأيي
فيك واستنظف خراجك ثم اكتب إلي ليأتيك رأيي وأمري إن شاء الله
ومن كتبه عليه السلام
تاريخ اليعقوبي قال وكتب إلى مصقلة بن هبيرة وبلغه أنه يفرق ويهب أموال أردشير خره وكان عاملا
عليها أما بعد فقد بلغني عنك أمر أكبرت أن أصدقه انك تقسم فيئ
المسلمين في قومك ومن اعتراك من السألة والأحزاب وأهل الكذب
من الشعراء كما تقسم الجور فوالذي فلق الحبة وبرء النسمة لأفتشن
153

عن ذلك تفتيشا شافيا فان وجدته حقا لتجدن بنفسك على هوانا
فلا تكونن من الخاسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة
الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا
ومن كتبه عليه السلام
تاريخ اليعقوبي في الجزء الثاني قال ووجه رجلا من أصحابه إلى بعض عماله مستحثا فاستخف
به فكتب إليه إما بعد فإنك شمت رسولي وزجرته وبلغني انك
تبخر وتكثر من الادهان وألوان الطعام وتكلم على المنبر بكلام
الصديقين وتفعل إذا نزلت أفعال المحلين فان يكن ذلك
كذلك فنفسك ضررت وأدبي تعرضت ويحك أن تقول قال الله
تعالى العظمة والكبرياء ردائي من نازعنيها سخطت عليه بل ما
عليك أن تدهن فيها فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم بذلك وما حملك أن تشهد الناس عليك بخلاف ما
تقول ثم على المنبر حيث يكثر عليك الشاهد ويعظم مقت الله
لك بل كيف ترجو وأنت متهوع في النعيم جمعته من الأرملة
154

واليتيم أن يوجب الله لك أجر الصالحين بل ما عليك ثكلتك أمك
لو صمت الله أياما وتصدقت بطائفة من طعامك فإنها سيرة الأنبياء
وأدب الصالحين أصلح نفسك وتب من ذنبك واد حق الله عليك والسلام
ومن كتبه عليه السلام
تاريخ اليعقوبي وقال وكتب إلى قيس بن سعد بن عبادة وهو على أذربيجان
إما بعد فاقبل علي خراجك بالحق وأحسن إلى جندك بالأنصاف
وعلم من قبلك مما علمك الله ثم إن عبد الله بن شبيل الأحمسي
سئلني الكتاب إليك فيه بوصايتك به خيرا فقد رأيته وادعا
متواضعا فألن حجابك وافتح بابك واعمد إلى الحق فان وافق الحق
ما يحبوا أسره ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون
عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب
ومن كتبه عليه السلام
تاريخ اليعقوبي قال قال غياث ولما أجمع علي عليه السلام على القتال لمعاوية كتب أيضا إلى قيس
أما بعد فاستعمل عبد الله بن شبيل الأحمسي خليفة لك واقبل
إلي فان المسلمين قد أجمع ملاهم وانقادت جماعتهم فعجل الاقبال
155

فانا سأحضر إلى المحلين عند غرة الهلال إن شاء الله وما تأخري
إلا لك قضى الله لنا ولك بالاحسان في أمرنا كله
ومن كتبه عليه السلام
تاريخ اليعقوبي قال وكتب عليه السلام إلى سهل بن حنيف وهو على المدينة
إما بعد فقد بلغني ان رجالا من أهل المدينة خرجوا إلى معاوية
فمن أدركته فامنعه ومن فاتك فلا تأس عليه فبعدا لهم فسوف
يلقون غيا أما لو بعثرت القبور واجتمعت الخصوم لقد بدا لهم
من الله ما لم يكونوا يحتسبون وقد جاءني رسولك يسألني
الاذن فاقبل عفى الله عنا وعنك ولا تذر خللا إن شاء الله
ومن كتبه عليه السلام
تاريخ اليعقوبي قال وكتب علي عليه السلام إلى عمرو بن أبي سلمة الأرحبي وهو عامله على البحرين
إما بعد فإن دهاقين عملك شكوا غلظتك ونظرت في أمرهم
فما رأيت خيرا فلتكن منزلتك بين منزلتين جلباب لين بطرف من
الشدة في غير ظلم ولا نقص فان هم أجابونا صاغرين فخذ ما لك
عندهم وهم صاغرون ولا تتخذ من دون الله وليا فقد قال
156

الله عز وجل لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء وقال تبارك و
تعالى ومن يتولهم منكم فإنه منهم وقرعهم بخراجهم
وقاتل من ورائهم وإياك ودمائهم والسلام
ومن كتبه عليه السلام
تاريخ اليعقوبي قال وكتب عليه السلام إلى قرظة بن كعب الأنصاري
أما بعد فإن رجالا من أهل الذمة من عملك وذكروا نهرا
في أرضهم قد عفا وادفن وفيه لهم عمارة على المسلمين فانظر
أنت وهم ثم أعمر وأصلح النهر فلعمري لئن يعمروا أحب إلينا
من أن يخرجوا وأن يعجزوا أو يقصروا في واجب من صلاح البلاد والسلام
ومن كتبه عليه السلام
تاريخ اليعقوبي قال وكتب إلى زياد وكان عامله على فارس
إما بعد فإن رسولي أخبرني بعجب زعم انك قلت له فيما
بينك وبينه أن الأكراد هاجت بك فكسرت عليك كثيرا من الخراج
وقلت له لا تعلم بذلك أمير المؤمنين يا زياد وأقسم بالله
انك لكاذب ولئن لم تبعث بخراجك لأشدن عليك شدة ندعك
157

قليل الوفر ثقيل الظهر الا أن تكون لما كسرت من الخراج محتملا
ومن كتبه عليه السلام
تاريخ اليعقوبي قال وكتب عليه السلام إلى كعب بن مالك
إما بعد فاستخلف على عملك واخرج في طائفة من أصحابك
حتى تمر بأرض كورة السواد فتسأل عن عمالي وتنظر في سيرتهم
فيما بين دجلة والعذيب ثم ارجع إلى البهقبا ذات فتول معونتها
واعمل بطاعة الله فيما ولاك منها واعلم أن كل عمل ابن آدم محفوظ
عليه مجزي به فاصنع خيرا صنع الله بنا وبك خيرا وأعلمني الصدق فيما
صنعت والسلام
ومن كتبه عليه السلام
في جواب كتاب أبي الأسود الدئلي حين كتب إليه عليه السلام أما بعد فإن الله جعلك واليا مؤتمنا وراعيا
مسؤولا وقد بلوناك رحمك الله فوجدناك عظيم الأمانة ناصحا للأمة توفر لهم فيئهم وتكف نفسك عن
دنياهم فلا تأكل أموالهم ولا ترتشى بشئ في أحكامهم وابن عمك قد أكل ما تحت يديه من غير علمك فلم
يسعني كتمانك ذلك فانظر رحمك الله فيما هنالك واكتب إلى برأيك فما أحببت اتبعه إن شاء الله - نقله
ابن عبد ربه المالكي في الجزء الثاني من كتابه عقد الفريد ورواه عن أبي مخنف عن سليمان بن أبي راشد عن
عبد الرحمن بن عبيد قال فكتب عليه السلام في جوابه إما بعد فمثلك نصح الامام والأمة
ووالى على الحق وفارق الجور وقد كتبت لصاحبك بما كتبت إليه فيه
158

ولم أعلمه بكتابك إلي فلا تدع اعلامي ما يكون بحضرتك مما النظر
فيه للأمة صلاح فإنك بذلك جدير وهو حق واجب لله عليك والسلام
وكتب علي عليه السلام إلى ابن عباس إما بعد فإنه قد بلغني عنك أمر ان كنت
فعلته فقد أسخطت الله وأخربت أمانتك وعصيت امامك و
خنت المسلمين بلغني انك خربت الأرض وأكلت ما تحت يدك
فارفع إلي حسابك واعلم أن حساب الله أعظم من حساب الناس والسلام
قال وكتب إليه ابن عباس إما بعد فإن كل الذي بلغك باطل وانا لما تحت يدي ضابط وعليه حافظ
فلا تصدق على الظنين والسلام
فكتب إليه علي عليه السلام
إما بعد فإنه لا يسعني تركلك حتى تعلمني ما أخذت من الجزية
من أين أخذته وما وضعت منها أين وضعته فاتق الله فيما ائتمنتك
عليه واسترعيتك إياه فان المتاع بما أنت رازمه قليل وتباعته
وبيلة لا تبيد والسلام
ومن كتبه عليه السلام
159

الجزء الثاني من العقد الفريد قال وقال سليمان بن أبي راشد عن عبد الله بن عبيد عن أبي الكنود قال كنت
من أعوان عبد الله بالبصرة فلما ك ان من أمره ما كان أتيت عليا فأخبرته فقال واتل عليهم بناء الذي
اتيناه فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين ثم كتب معه إليه إما بعد فإني
كنت أشركتك في أمانتي ولم يكن رجل من أهل بيتي أوثق عندي
منك بمواساتي وموازرتي بأداء الأمانة فلما رأيت الزمان قد
كلب على ابن عمك والعدو قد حرز وأمانة الناس قد خربت وهذه
الأمة قد فتنت قلبت لابن عمك ظهر المجن ففارقته مع ا لقوم المفارقين
وخذلته أسوء خذلان وخنته مع من خان فلا ابن عمك اسيت و
لا الأمانة إليه أديت كأنك لم تكن على بينة من ربك وانما كدت
أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) عن دنياهم وغدرتهم
عن فيئهم فلما أمكنتك الفرصة في خيانة الأمة أسرعت الغدرة
وعاجلت الوثبة فاختطفت ما قدرت عليه من أموالهم وانقلبت بها
إلى الحجاز كأنك انما حزت على أهلك ميراثك من أبيك وأمك سبحان
الله إما تؤمن بالمعاد إما تخاف الحساب إما تعلم انك تأكل حراما
160

وتشرب حراما وتشتري الإماء وتنكحهم بأموال اليتامى والأرامل
والمجاهدين في سبيل الله التي أفاء الله عليهم فاتق الله واد إلى
القوم أموالهم فإنك والله لئن لم تفعل وأمكنني الله منك لاعذرن
إلى الله فيك فوالله لو أن الحسن والحسين فعلا مثل الذي فعلت ما
كانت لهما عندي هوادة ولما تركتهما حتى أخذ الحق منهما والسلام
ومن كتبه عليه السلام
العقد الفريد قال فكتب إليه ابن عباس إما بعد فقد بلغني كتابك تعظم على أمانة المال الذي أصبت
من بيت مال البصرة ولعمري ان حقي في بيت مال الله أكثر من الذي أخذت والسلام فكتب إليه علي عليه السلام
إما بعد فإن العجب كل العجب منك إذ ترى لنفسك في بيت مال الله
أكثر مما لرجل من المسلمين قد أفلحت إن كان تمنيك الباطل وادعاءك ما
لا يكون ينجيك من الاثم ويحل لك ما حرم الله عليك عمرك الله انك لانت
البعيد البعيد قد بلغني انك اتخذت مكة وطنا وضربت بها عطنا تشتري
المولدات من المدينة والطائف وتختارهن على عينك وتعطى بها مال
غيرك واني أقسم بالله ربي وربك رب العزة ما أحب أن ما أخذت من
161

أموالهم لي حلالا ادعه ميراثا لعقبي فما بال اغتياطك به تأكله حراما
ضح رويدا فكانك قد بلغت المدى وعرضت أعمالك بالمحل الذي ينادى
فيه المغتر بالخسرة ويتمنى المضيع التوبة والظالم الرجعة فكتب إليه ابن عباس
والله لئن لم تدعني من أساطيرك لا حملنه إلى معاوية يقاتلك به فكف عنه علي عليه السلام
بيان كلب كفرح اشتد حرد في بعض النسخ حرب بالباء ككب اشتد غضبه وحربه كسلبه وزنا ومعنى و
قوله خريت أي وقعت في بلية الفساد قوله فتنت في بعض النسخ فنكت بالنون والكاف أي لم يبق لها من يحميها
المجن بكسر الميم وفتح الجيم الترس وهذا مثل يضرب لمن كان لصاحبه على مودة ورعاية ثم تحول إلى غيره وخذله
لاعذرن أي أبدى إلى الله عذري بعقوبتك الهوادة اللين والرخصة والمحاباة قوله ضح رويدا كلمة يقال
لمن يؤمر بالتؤدة والتأني واصلها من قولهم لمن يطعم ابله ضحى لا يشبعها يريدان يسير بها مسرعا يضحى رويدا
العطن مبرك الإبل ومربض الغنم حول الماء أقول قد نقل صاحب معادن الحكمة علم الهدى أعلى الله مقامه في
المعادن هذين الكتابين باختلاف يسير ثم قال الشارح البحراني المشهور انه عليه السلام كتب هذا الكتاب إلى
عبد الله بن عباس حين كان واليا على البصرة وألفاظ الكتاب تنبه على ذلك وأطال الكلام إلى أن قال
وأنكر قوم ذلك فقالوا إن عبد الله بن عباس لم يفارق عليا قط ولا يجوز أن نقول في حقه ما قال وقال
القطب الراوندي رحمه الله يكون المكتوب إليه هو عبيد الله بن عباس لا عبد الله قال وحمله على ذلك
أشبه وهو به أليق ثم قال واعلم أن هذين القولين لا مستند لهما إما الأول فهو مجرد استبعاد ان
يفعل ابن عباس ما نسب إليه ومعلوم أن ابن عباس لم يكن معصوما وعلي عليه السلام لم يكن
ليراقب في الحق أحدا ولو كان أعز أولاده كما تمثل بالحسن والحسين في ذلك فكيف بابن عمه بل يجب أن
تكون الغلظة على الأقرباء في هذا الامر أشد ثم إن غلظته عليه السلام عليه وعتابه له لا توجب مفارقته
إياه لأنه عليه السلام إذا فعل أحد من أصحابه ما يستحق به المؤاخذة أخذه به سواء كان عزيزا أو ذليلا قريبا
منه أو بعيدا فإذا استوفى حق الله منه أو تاب إليه مما فعل عاد في حقه إلى ما كان عليه كما قال
العزيز عندي ذليل حتى أخذ الحق منه فلا يلزم إذا من غلظته على ابن عباس ومقابلته إياه بما يكره
مفارقته له وشقاقه على ما بينهما من المحبة الوكيدة والقرابة واما القول الثاني فإن عبيد الله
كان عاملا له عليه السلام باليمن ولم ينقل عنه مثل ذلك انتهى كلامه رفع الله مقامه
162

وقال ابن أبي الحديد بعد نقل الاختلاف في المكتوب إليه وقد أشكل على هذا الامر أي أمر الكتاب
فان أنا كذبت النقل وقلت هذا موضوع على أمير المؤمنين عليه السلام خالفت الرواة فإنهم
قد أطبقوا على رواية هذا الكلام عنه وقد ذكر في أكثر كتب السير وان صرفته إلى عبد الله بن
عباس صدني عنه ما أعلمه من ملازمته لطاعة أمير المؤمنين عليه السلام في حياته وبعد
وفاته وان صرفته إلى غيره لم أعلم إلى من أصرفه من أهل أمير المؤمنين عليه السلام والكلام
يشعر بان الرجل المخاطب من أهله وبني عمه فانا في هذا الموضع من المتوقفين (انتهى كلامه)
ومن كتبه عليه السلام
إلى أبي موسى الأشعري نقله علم الهدى في المعادن وقال ذكر ابن أبي الحديد انه عليه السلام
لما نزل الربذة بعث هاشم بن عتبة بن أبي وقاص إلى أبي موسى الأشعري وهو الأمير يومئذ
على الكوفة لينفر إليه الناس وكتب إليه معه من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى
عبد الله بن قيس أما بعد فإني قد بعثت إليك هاشم بن عتبة لتشخص
إلى من قبلك من المسلمين ليتوجهوا إلى قوم نكثوا بيعتي وقتلوا شيعتي
وأحدثوا في الاسلام هذا الحدث العظيم فاشخص بالناس إلي معه
حين يقدم عليك فإني لم أولك المصر الذي أنت به ولم أقرك عليه
إلا لتكون من أعواني وأنصاري على هذا الامر والسلام
ومن كتبه عليه السلام
قال ثم بعث عليه السلام من الربذة بعد وصول المحل به خليفة عبد الله بن عباس ومحمد بن
أبي بكر إلى أبي موسى وكتب معهما من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى
163

عبد الله بن قيس أما بعد يا ابن الحائك يا عاض ايرابيه فوالله إن
كنت لارى أن بعدك من هذا الامر الذي لم يجعلك الله له أهلا و
لاجعل لك فيه نصيبا سيمنعك من رد أمري ولافتراء علي وقد
بعثت إليك ابن عباس وابن أبي بكر فخلهما والمصر وأهله واعتزل
عملنا مذءوما مدحورا فان فعلت والا فاني قد أمرتهما أن ينابذاك
على سواء إن الله لا يهدي كيد الخائنين فإذا ظهرا عليك قطعاك
إربا إربا والسلام على من شكر النعمة ووفى بالبيعة وعمل
برجاء العافية
ومن كتبه عليه السلام
معادن الحكمة - قال ومن ذلك ما رواه جامع الكافي باسناده (عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى
عن يونس عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام) قال إن مولى لأمير المؤمنين عليه السلام سأله
ما لا فقال عليه السلام يخرج عطائي فأقاسمك فقال لا أكتفي وخرج إلى معاوية فوصله فكتب إلى أمير المؤمنين
عليه السلام يخبره بما أصاب من المال فكتب إليه أمير المؤمنين عليه السلام إما بعد فإن ما في
يدك من المال قد كان له أهل قبلك وهو صائر إلى أهل بعدك و
إنما لك منه ما مهدت لنفسك فأثر نفسك على صلاح ولدك فإنما
164

أنت جامع لاحد رجلين إما رجل عمل فيه بطاعة الله فسعد بما
أشقيت واما رجل عمل فيه بمعصية الله فشقى بما جمعت له وليس
من هذين أحد بأهل أن تؤثره على نفسك ولا تبرد له على ظهرك
فارج لمن مضى رحمة الله وثق لمن بقى برحمة الله
قوله إلى أهل في نسخة إلى أهله قوله أشقيت في نسخة شقيت قوله لا تبرد له على ظهرك أراد بالتبريد
ايصال الخفضن والدعة وإزالة المشقة يعني لا تحمل له على ظهرك التعب والمشقة يقال عيش
بارد أي هي وكل محبوب عنده بارد قوله بقي برحمة الله في نسخة برزق الله (الخبر في روضة الكافي
ومن كتبه عليه السلام
ما نقله الحافظ أبو المؤيد الموفق بن أحمد بن محمد البكري المكي الحنفي المعروف بأخطب خوارزم المتولد
سنة 484 الهجرية والمتوفى سنة 568 الهجرية في كتابه المناقب قال وذكر ابن أعثم في فتوحه
إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام كتب إلى طلحة والزبير قبل قتال الجمل أخذا
للحجة عليهما أما بعد فقد علمتما أني لم أرد الناس حتى أرادوني و
لم أبايعهم حتى أكرهوني وأنتما ممن أراد بيعتي ونكثتما وبايعا و
لم تبايعا لسلطان غاصب ولا لعرض حاضر فإن كنتما بايعتماني طائعين
فتوبا إلى الله وارجعا عما أنتما عليه وإن كنتما بايعتما مكرهين فقد
جعلتما لي السبيل عليكما باظهاركما لي الطاعة وكتمانكما المعصية و
165

أنت يا زبير فارس قريش وأنت يا طلحة شيخ المهاجرين ودفعكما هذا
الامر قبل أن تدخلا فيه كان أوسع لكما من خروجكما بعد اقراركما
وقد عرفتما منزلتي من رسول الله صلى الله عليه وآله
ومن وصاياه عليه السلام
نور الابصار في مناقب آل بيت النبي المختار للعالم الفاضل سيد مؤمن بن حسن الشبلنجي قال
أخرجه الفضائلي وفي رواية عن الحسن رضي الله عنه لما حضرت الوفاة أقبل يوصى فقال
هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب أخو محمد صلى الله عليه (وآله)
ومسلم وابن عمه وصاحبه أول وصيتي أني أشهد أن لا إله إلا الله
وأن محمدا رسوله وخيرته اختاره بعلمه وارتضاه لخلقه وان
الله باعث من في القبور وسائل الناس عن أعمالهم عالما بما في
الصدور ثم إني أوصيك يا حسن وكفى بك وصيا بما أوصاني به
رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فإذا كان ذلك فالزم بيتك
وابك على خطيئتك ولا تكن الدنيا أكبر همك وأوصيك يا بني
بالصلاة عند وقتها والزكاة في أهلها عند محلها والصمت عند
166

التشبه والاقتصاد والعدل في الرضا والغضب وحسن الجوار واكرام
الضيف ورحمة المجهود وأصحاب البلاء وصلة الرحم وحب المساكين و
مجالستهم والتواضع فإنه من أفضل العبادة وذكر الموت والزهد في
الدنيا فإنك رهن موت وعرض بلاء وطرح سقم وأوصيك بخشية الله
تعالى في سرائرك وعلانيتك وأنهاك عن مخالفة الشرع بالقول والفعل
وإذا عرض لك شئ من أمر الآخرة فابدءا به وإذا عرض لك شئ من أمر الدنيا
فتانه حتى تصيب رشدك فيه وإياك ومواطن التهمة والمجلس المظنون
به السوء فإن قرين السوء يغير جليسه وكن لله يا بني عاملا وعن الخناز جورا
وبالمعروف أمرا وعن المنكر ناهيا وأخ الاخوان في الله وأحب الصالح
لصلاحه ودار الفاسق عن دينك وأبغضه بقلبك وزايله بأعمالك
لئلا تكون مثله وإياك والجلوس في الطرقات ودع الممارات ومجازات
من لا عقل له واقتصد يا بني في معيشتك واقتصد في عبادتك و
عليك فيها بالامر الدائم الذي تطيقه وألزم الصمت وبه تسلم وقدم
167

لنفسك تغنم وتعلم الخير تعلم وكن ذاكر الله تعالى على كل حال وارحم من
أهلك الصغير ووقر الكبير ولا تأكل طعاما حتى تتصدق منه قبل أكله
وعليك بالصوم فإنه زكاة البدن وجنة لأهله وجاهد نفسك و
احذر جليسك واجتنب عدوك وعليك بمجالس الذكر وأكثر من الدعاء
فإني لم آلك يا بني نصحا وهذا فراق بيني وبينك وأوصيك بأخيك
محمد خيرا فإنه ابن أبيك وقد تعلم حبي له واما أخوك الحسين فهو
شقيقك وابن أمك وأبيك والله الخليفة عليكم وإياه أسئل أن يصلحكم
وأن يكف الطغاة البغاة عنكم والصبر الصبر حتى يقضي الله هذا الامر
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم قال يا حسن أبصروا
ضاربي أطعموه من طعامي واسقوه من شرابي فإن عشت فأنا أولى بحق
وان مت فاضربوه ضربة فلا تمثلوا به فاني سمعت رسول الله صلى الله
عليه (وآله) وسلم يقول إياك والمثلة ولو بالكلب العقور يا حسن إن
أنامت لا تغال في كفني فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله)
168

وسلم يقول لا تغالوا في الأكفان وامشوا بين المشيين فإن كان خيرا
عجلتموني وإن كان شرا القيتموني عن أكثافكم يا بني عبد المطلب لا ألفيتكم
تريقون دماء المسلمين بعدي تقولون قتلتم أمير المؤمنين ألا لا يقتلن
الا قاتلي ثم لا ينطق الا بلا إله إلا الله حتى قبض رضي الله عنه ا لخناء ا لجور والغدر لم آلك أي
لم أرجعك المغاولة المبادرة ولا تغال أي لا تشتري بثمن غ آل لا ألفيتكم أي لا أجدكم تريقون أي تصبون
ومن كتبه عليه السلام
نقله الامام الفقيه أبي محمد عبد الله بن مسلم ابن قتيبة الدينوري المولود سنة 213 الهجرية والمتوفى سنة
276 الهجرية في كتابه الإمامة والسياسة المعروف بتاريخ الخلفاء في الجزء الأول منه وقد نقله الرضي
رضي الله عنه باختلاف وهكذا الخوارزمي في مناقبه كما أمر آنفا رأيت نقله هنا باعتبار الاختلاف والزيادة
قال كتب عليه السلام إلى طلحة والزبير
إما بعد فقد علمتما أني لم أرد الناس حتى أرادوني ولم أبايعهم
حتى بايعوني وانكما لممن أراد وبايع وان العامة لم تبايعني لسلطان
خاص فان كنتما بايعتماني كارهين فقد جعلتما لي عليكما السبيل باظهاركما
الطاعة واسرار كما المعصية وان كنتما بايعتماني طائعين فارجعا إلى الله
من قريب إنك يا زبير لفارس رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم
وحواريه وانك يا طلحة لشيخ المهاجرين وان دفاعكما هذا الامر
169

قبل أن تدخلا فيه كان أوسع عليكما من خروجكما منه اقراركما به وقد زعمتما
أني قتلت عثمان فبيني وبينكما فيه بعض من تخلف عني وعنكما من أهل المدينة
وزعمتما إني آويت قتلة عثمان فهؤلاء بنو عثمان فليدخلوا في طاعتي و
ثم يخاصموا إلى قتلة أبيهم وما أنتما وعثمان إن كان قتل ظالما أو
مظلوما وقد بايعتماني وأنتما بين خصلتين قبيحتين نكث بيعتكما واخراج أمكما
ومن كتبه عليه السلام
جوابا لمكتوب معاوية في كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري أضا قال فأجابه علي (عليه السلام)
إما بعد فقدر الأمور تقدير من ينظر لنفسه دون جنده ولا يشتغل
بالهزل من قوله فلعمري لئن كانت قوتي بأهل العراق أوثق عندي
من قوتي بالله ومعرفتي به ليس عنده بالله تعالى يقين من كان على هذا
فناج نفسك مناجاة من يستغني بالجد دون الهزل فان في القول سعة
ولن يعذر مثلك فيما طمح إليه الرجال واما ما ذكرت من انا كنا و
إياكم يدا جامعة فكنا كما ذكرت ففرق بيننا وبينكم ان الله بعث رسوله
منا فأمنا به وكفرتم ثم زعمت إني قتلت طلحة والزبير فذلك أمر غبت
170

عنه ولم تحضره ولو حضرته لعلمته فلا عليك ولا العذر فيه إليك و
زعمت أنك زائري في المهاجرين وقد انقطعت الهجرة حين أسر أخوك فإن
يك فيك عجل فاسترقه وان ازرك فجدير أن يكون الله بعثني عليك للنقمة
منك والسلام.
ومن كتبه عليه السلام
الإمامة والسياسة قال وذكروا انه (عليه السلام) لما فرغ من وقعة الجمل بايع له القوم جميعا فكتب
له أهل العراق واستقام له الامر بها فكتب إلى معاوية إما بعد فإن القضاء السابق و
القدر النافذ ينزل من السماء كقطر المطر فتمضى أحكامه عز وجل و
تنفذ مشيته بغير تحاب المخلوقين ولا رضا الآدميين وقد بلغك ما
كان من قتل عثمان رحمه الله وبيعة الناس عامة إياي ومصارع الناكثين
لي فادخل فيما دخل الناس فيه والا فانا الذي عرفت وحولي من تعلمه والسلام
ومن كتبه عليه السلام
الإمامة والسياسة قال كتاب علي للخوارج قالوا فاجمع رأى علي والناس على المسير إلى معاوية
بصفين فتجهز معاوية وخرج حتى نزل بصفين وأصبح على قد تجهز وعسكر فقيل له يا أمير
المؤمنين انه قد افترقت منا فرقة فذهبت قال فكتب إليهم علي (عليه السلام)
إما بعد فإن هذين الرجلين الخاطئين الحاكمين الذين ارتضيتم
171

حكمين قد خالفا كتاب الله واتبعا هواهما بغير هدى من الله فلم يعملا
بالسنة ولم ينفذ للقرآن حكما فبرء الله منهما ورسوله وصالح المؤمنين
إذا بلغكم كتابنا هذا فاقبلوا إلينا فانا سائرون إلى عدونا و
عدوكم ونحن على الامر الذي كنا عليه والسلام
ومن كتبه عليه السلام
الإمامة والسياسة قال ما كتب علي لأهل العراق قال فقام حجر بن عدي وعمرو بن
الحمق و عبد الله بن وهب الراسبي فدخلوا على علي فسئلوه عن أبي بكر وعمر ما تقول فيهما
وقالوا بين لنا قولك فيهما وفي عثمان قال علي كرم الله وجهه وقد تفرغتم لهذا وهذه
مصر قد افتحت وشيعتي فيها قد قتلت إني مخرج إليكم كتابا أنبئكم فيه ما سألتموني عنه فاقرأوه
على شيعتي فاخرج إليهم كتابا فيه
إما بعد فإن الله بعث محمدا صلى الله عليه (وآله) وسلم نذيرا
للعالمين وأمينا على التنزيل وشهيدا على هذه الأمة وأنتم يا
معشر العرب على غير دين وفي شر دار تسفكون دمائكم وتقتلون
أولادكم وتقطعون أرحامكم وتأكلون أموالكم بينكم بالباطل فمن
الله عليكم فبعث محمدا إليكم بلسانكم فكنتم أنتم المؤمنين وكان
الرسول فيكم ومنكم تعرفون وجهه ونسبه فعلمكم الكتاب والحكمة
172

والسنة والفرائض وأمركم بصلة الأرحام وحقن الدماء واصلاح
ذات بينكم وأن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وأن توفوا بالعقود وأن
تعاطفوا وتباروا وتراحموا ونهاكم عن التظالم والتحاسد والتقاذف
والتباغي وعن شرب الحرام وعن بخش المكيال والميزان وتقدم إليكم
فيما أنزل عليكم أن لا تزنوا ولا تأكلوا أموال اليتامى ظلما فكل خير
يبعدكم عن النار قد خصكم عليه وكل شر يبعدكم عن الجنة قد نهاكم
عنه فلما استكمل رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم مدته من
الدنيا توفاه الله وهو مشكور سعيه مرضي عمله مغفور له ذنبه شريف
عند الله نزله فيا لموته مصيبة خصت الأقربين وعمت المؤمنين فلما
مضى تنازع المسلمون الامر بعده فوالله ما كان يلقى في روعي ولا يخطر
على بالى ان العرب تعدل هذا الامر عني فما راعني إلا اقبال الناس
على أبي بكر واجفالهم عليه فأمسكت يدي ورأيت أني أحق بمقام
محمد في الناس ممن تولى الأمور علي فلبثت بذلك ما شاء الله حتى رأيت
173

راجعة من الناس رجعت عن الاسلام يدعون إلى محورين محمد وملة إبراهيم
عليهما السلام فخشيت إن لم أنصر الاسلام وأهله أن أرى في الاسلام
ثلما وهدما تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولاية أمركم التي انما
هي متاع أيام قلائل ثم يزول ما كان منها كما يزول الشراب فمشيت عند
ذلك إلى أبي بكر فبايعته ونهضت معه في تلك الاحداث حتى زهق
الباطل وكانت كلمة الله هي العليا وأن يرغم الكافرون فتولى أبو بكر
رضي الله عنه تلك الأمور فيسر وسدد وقارب واقتصد فصحبته مناصحا
وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهدا فلما احتضر قلت في نفسي ليس يصرف هذا الامر عفي
فجعلهما عمر شورى وجعلني سادس ستة فما كانوا لولاية أحد منهم باكره
منهم لولايتي لانهم كانوا يسمعونني وأنا أحاج أبا بكر فأقول يا معشر
قريش أنا أحق بهذا الامر منكم ما كان منا من يقرء القرآن ويعرف السنة
174

فخشوا إن وليت عليهم أن لا يكون لهم في هذا الامر نصيب فبايعوا
اجماع رجل واحد حتى صرفوا الامر عني لعثمان فأخرجوني منها رجاء
أن يتداولوها حين يئسوا أن ينالوها ثم قالوا لي هلم فبايع عثمان
والا جاهدناك فبايعت مستكرها وصبرت محتسبا وقال قائلهم انك
يا ابن أبي طالب على الامر لحريص قلت لهم أنتم أحرص أما أنا إذ طلبت
ميراث ابن أبي وحقه وأنتم إذ دخلتم بيني وبينه وتضربون وجهي دونه
اللهم إني أستعين بك على قريش فإنهم قطعوا رحمي وصغروا عظيم
منزلتي وفضلي واجتمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به منهم فسلبونيه
ثم قالوا اصبر كمدا وعش متأسفا فنظرت فإذا ليس معي رفاقة ولا مساعد
إلا أهل بيتي فضننت بهم على الهلاك فأغضيت عيني على القذى
وتجرعت ريقي على الشجى وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم
طعما وألم للقلب من حز الحديد حتى إذا نقمتم على عثمان آتيتموه فقتلتموه
ثم جئتموني تبايعوني فأبيت عليكم وأبيتم علي فنازعتموني ودافعتموني
175

ولم أمد يدي تمنعا عنكم ثم ازدحمتم على حتى ظننت أن بعضكم قاتل
بعض وانكم قاتلي وقلتم لا نجد غيرك ولا نرضى الا بك فبايعنا لا نفترق
ولا نختلف فبايعتكم ودعوتم الناس إلى بيعتي فمن بايع طائعا قبلت منه
ومن أبى تركته فأول من بايعني طلحة والزبير ولو أبيا ما أكرهتهما كما
لم أكره غيرهما فما لبثا الا يسيرا حتى قيل لي قد خرجا متوجهين إلى البصرة
في جيش ما منهم رجل الا وقد أعطاني الطاعة وسمح لي بالبيعة فقاموا
على عمالي بالبصرة وخزائن بيوت أموالي وعلى أهل مصري وكلهم في
طاعتي وعلى شيعتي فشتتوا كلمتهم وأفسدوا علي جماعتهم ثم وثبوا على
شيعتي فقتلوا طائفة منهم غدرا وطائفة صبرا وطائفة عصرا بأسيافهم
فضاربوهم حتى لقوا الله صابرين محتسبين فوالله لو لم يصيبوا منهم
الا رجلا واحدا متعمدين لقتله لحل لي بذلك قتل الجيش كله مع أنهم قد
قتلوا من المسلمين أكثر من العدة التي دخلوا عليهم بها فقد أدال الله
منهم فبعدا للقوم الظالمين ثم إني نظرت بعد ذلك في أهل الشام فإذا
176

هم أعراب وأحزاب وأهل طمع جفاة طغام تجمعوا من كل أوب ممن ينبغي
أن يؤدب ويولي عليه ويؤخذ على يديه ليسوا من المهاجرين والأنصار
ولا من التابعين باحسان فسرت إليهم ودعوتهم إلى الجماعة والطاعة
فأبوا الا شقاقا ونفاقا ونهضوا في وجوه المهاجرين والأنصار والتابعين
باحسان ينضحونهم بالنبل ويشجونهم بالرماح فهنا لك نهضت إليهم
فقاتلتهم فلما عضهم السلاح ووجدوا ألم الجراح رفعوا المصاحف
يدعونكم إلى ما فيها فنبأتكم أنهم ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن وانما
رفعوها إليكم خديعة ومكيدة فامضوا على قتالهم فاتهمتموني وقلتم
اقبل منهم فإنهم إن أجابوا إلى ما في الكتاب والسنة جامعونا على
ما نحن عليه من الحق وان أبوا كان أعظم لحجتنا عليهم فقبلت منهم
وخففت عنهم وكان صلحا بينكم وبينهم على رجلين حكمين يحييان ما
أخيا القرآن ويميتان ما أمات ا لقرآن فاختلف رأيهما وتفرق لحكمهما
ونبذا حكم القرآن وخالفا ما في الكتاب واتبعا هواهما بغير هدى من الله
177

فجنبهما ا لله السداد وأهوى بهما في غمرة الضلال وكانا أهل ذلك
فانخذلت عنا فرقة منهم فتركناهم ما تركونا حتى إذا عاثوا في الأرض
مفسدين وقتلوا المؤمنين آتيناهم فقلنا لهم ادفعوا إلينا قتلة
اخواننا فقالوا ك لنا قتلهم وكلنا استحللنا دمائهم ودماءكم و
شدت علينا خيلهم ورجالهم فصرعهم الله مصارع القوم الظالمين
ثم أمرتكم أن تمضوا من فوركم ذلك إلى عدوكم فإنه أفزع لقلوبهم
وانهك لمكرههم واهتك لكيدهم فقلتم كلت أدرعنا وسيوفنا ونفدت
نبالنا ونصلت اسنة رما حنا فأذن لنا فلنرجع حتى نستعد بأحسن عدتنا
وإذا رجعت زدت في مقاتلتنا عدة من هلك منا ومن قد فارقنا
فان ذلك قوة منا على عدونا فأقبلتم حتى إذا أظللتم على الكوفة أمرتكم
أن تلزموا معسكركم وتضموا قواصيكم وتتوطنوا على الجهاد ولا تكثروا زيارة
أولادكم ونساءكم فإن ذلك يرق قلوبكم ويلويكم وان أصحاب الحرب
لا يتوجدون ولا يتوجعون ولا يسئمون من سهر ليلهم ولا من ظمأ نهارهم
178

ولا من خمص بطونهم حتى يدركوا بثارهم وينالوا بغيهم ومطلبهم
فنزلت طائفة منكم معي معذرة ودخلت طائفة منكم المصر عاصية
فلا من نزل معي صبر فثبت ولا من دخل المصر عاد إلي ولقد نظرت إلى عسكري
وما فيه معي منكم إلا خمسون رجلا فلما رأيت ما آتيتم دخلت إليكم فما قدرتم
أن تخرجوا معي إلى يومكم هذا لله آباءكم فما تنتظرون إما ترون إلى أطرافكم
قد انتقصت والى مصركم قد افتتح فما بالكم تؤفكون الا إن القوم قد اجتمعوا
وجدوا وتناصحوا وانكم تفرقتم واختلفتم وتغاششتم فأنتم إن اجتمعتم
تسعدوا فأيقظوا رحمكم الله نائمكم وتحرزوا الحرب عدوكم انما تقاتلون
الطلقاء وأبناء الطلقاء ممن أسلم كرها وكان لرسول الله صلى الله عليه
(وآله) وسلم حربا أعداء السنة والقرآن وأهل الأحزاب والبدع و
الاحداث ومن كانت بوائقه تتقى وكان عن الدين منحرفا واكلة الرشا
وعبيد الدنيا لقد نمى إلي أن ابن الباغية لم يبايع معاوية حتى شرط عليه
أن يؤتيه اتاوة هي أعظم ما في يديه من سلطانه فصفرت يد هذا البايع
179

دينه بالدنيا وتربت يد هذا المشتري نصرة غادر فاسق بأموال الناس
وان منهم لمن شرب فيكم الحرام وجلد حدا في الاسلام فهؤلاء قادة
القوم ومن تركت ذكر مساويه منهم شر وأضر وهؤلاء الذين لو
ولوا عليكم لأظهروا فيكم الغضب والفخر والتسلط بالجبروت والتطاول
بالغضب والفساد في الأرض ولاتبعوا الهوى وحكموا بالرشا وأنتم على ما
فيكم من تخاذل وتواكل خير منهم واهدى سبيلا فيكم الحكماء والعلماء
والفقهاء وحملة القرآن والمتهجدون بالاسحار والعباد والزهاد
في الدنيا وعمار المساجد وأهل تلاوة القرآن أفلا تسخطون و
تنقمون أن ينازعكم الولاية سفهاءكم والأراذل والأشرار منكم
اسمعوا قولي إذا قلت وأطيعوا أمري إذا أمرت واعرفوا نصيحتي إذا نصحت
واعتقدوا جزمي إذا جزمت والتزموا عزمي إذا غرمت وانهضوا
لنهوضي وقارعوا من قارعت ولئن عصيتموني لا ترشدوا ولا
تجتمعوا خذوا للحرب اهبتها واعدوا لها التهيؤ فإنها قد وقدت نارها
180

وعلا سناها وتجرد لكم فيها الظالمون كيما يطفئوا نور الله ويقهروكم
عباد الله الا انه ليس أولياء الشيطان من أهل الطمع والجفاء بأولى في
الجد في غيهم وضلالهم وباطلهم من أهل النزاهة والحق و
الاخبات بالجد في حقهم وطاعة ربهم ومناصحة امامهم إني
والله لو لقيتهم وحيدا منفردا وهم في أهل الأرض إن باليت بهم
أو استوحشت منهم إني في ضلالهم ا لذي هم فيه والهدى الذي
أنا عليه لعلى بصيرة ويقين وبينة من ربي واني للقاء ربي لمشتاق
ولحسن ثوابه لمنتظر راج ولكن ا سفا يعتريني وجزعا يريبني من أن
يلي هذه الأمة سفهاءها وفجارها فيتخذون مال الله دولا وعباد
الله خولا والصالحين حربا والقاسطين حزبا وأيم الله لولا ذلك
ما أكثرت تأليبكم وجمعكم وتحريضكم ولتركتكم فوالله اني لعلى الحق
وإني للشهادة لمحب انا نافر بكم ان شاء ا لله فانفروا اخفافا وثقالا
وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ان الله مع الصابرين
181

ومن كتبه عليه السلام
كتاب الجمل والنصرة في حرب البصرة للشيخ الاجل أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد الحارثي العكبري
البغدادي المعروف بالشيخ المفيد المتوفى سنة 413 قدس سره المطبوع في المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف
ص 116 قال كتاب علي عليه السلام إلى أهل الكوفة فلما قدم الحسن وعمار وقيس الكوفة مستفرين لأهلها
وكان في كتاب معهم بسم الله الرحمن الرحيم من علي بن أبي طالب إلى أهل
الكوفة أما بعد فإني أخبركم من أمر عثمان حتى يكون أمره كالعيان
لكم ان الناس طعنوا عليه فكنت رجلا من المهاجرين أظهر معه عتبه
وأكره واشقى به وكان طلحة والزبير أهون سيرهما إليه الرجيف و
قد كان من أمر عايشة وقتله ما عرفتم فلما قتله الناس وبايعاني
غير مستنكرين طايعين مختارين وكان طلحة والزبير أول من بايعني
على ما بايعا به من كان قبلي ثم استأذناني في العمرة ولم يكونا
يريدان العمرة فنقضا العهد واذنا في الحرب واخرجا عايشة من
بيتها يتخذانها فتنة فسارا إلى البصرة واخترت السير إليهم معكم
ولعمرى إياي تجيبون انما تجيبون الله ورسوله والله ما قاتلتهم وفي
نفسي شك وقد بعثت إليكم ولدي الحسن وعمارا وقيسا مستفرين
182

لكم فكونوا عنه ظني بكم والسلام
ومن كتبه عليه السلام
كتاب الجمل ص 123 قال كتاب علي إلى أبي موسى ولما بلغ عليا ما قال وصنع غضب غضبا شديدا
وبعث عمار بن ياسر والحسن عليه السلام وكتب معهما كتابا فيه بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين إلى أهل الكوفة من المؤمنين
والمسلمين إما بعد فإن دار الهجرة تقلعت بأهلها فانقلعوا منها و
جاشت جيشان المرجل وكانت فاعلة يوم ما فعلت وقد ركبت المرأة الجمل
ونيحتها كلاب الحوأب وقامت الفتنة الباغية يقودها يطلبون بدم هم
سفكوه وعرض هم شتموه وحرمة انتهكوها وأباحوا ما أباحوا يعتذرون
إلى الناس دون الله يحلفون لكم لترضون عنهم فإن ترضوا عنهم
فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين اعلموا رحمكم الله ان الجهاد
مفترض على العباد فقد جاءكم في داركم من يحثكم عليه ويعرض عليكم
رشدكم والله يعلم أني لم أجد بدا من الدخول في هذا الامر ولو علمت أن
أحدا أولى به مني لما تقدمت إليه وقد بايعني طلحة والزبير طائعين
183

غير مكرهين ثم خرجا يطلبان بدم عثمان وهما اللذان فعلا بعثمان ما
فعلا وعجبت لهما كيف أطاعا أبا بكر وعمر في البيعة وأبيا ذلك علي
وهما يعلمان اني لست بدون واحد منهما مع اني قد عرضت
عليهما قبل أن يبايعاني ان أحبا بايعت لأحدهما فقالا لا ننفس
على ذلك بل نبايعك ونقدمك علينا بحق فبايعا ثم نكثا والسلام
ومن كتبه عليه السلام
كتاب الجمل ص 197 قال رجع علي عليه السلام إلى خيمته واستدعى عبد الله بن أبي رافع وقال اكتب إلى
أهل المدينة بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي بن أبي طالب
سلام عليكم فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو فإن الله بمنه و
فضله وحسن بلائه عندي وعندكم حكم عدل وقد قال سبحانه في كتابه
وقوله الحق إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله
بقوم سوء فلا مرد له وما لهم من دونه من وال وإني مخبركم عنا
وعمن سرنا إليه من جموع أهل البصرة ومن سار إليهم من قريش و
غيرهم مع طلحة والزبير البصرة وصنعا بعاملي عثمان بن حنيف ما
184

صنعا فقدمت إليهم الرسل وأعذرت كل الاعذار ثم نزلت ظهر
البصرة فأعذرت بالدعاء وقدمت الحجة وأقلت العثرة والزلة واستعتبتهما
ومن معهما من نكثهم بيعتي ونقضهما عهدي فأبوا الا قتالي و
قتال من معي والتمادي في الغي فلم أجد بدا في مناصفتهم لي
فناصفتهم بالجهاد فقتل الله من قتل ناكثا وولى من ولى
منهم وأغمدت السيوف عنهم وأخذت بالعفو فيهم وأجريت
الحق والسنة في حكمهم واخترت لهم عاملا استعملته عليهم
وهو عبد الله بن عباس واني ساير إلى الكوفة إن شاء الله تعالى
وكتب عبد الله بن أبي رافع في جمادي الأولى سنة ست وثلاثين من الهجرة
ومن كتبه عليه السلام
كتاب الجمل ص 198 قال وكتب أمير المؤمنين عليه السلام إلى أم هاني بنت أبي طالب (رضي الله عنه)
سلام عليك أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإنا
التقينا مع البغاة والظلمة في البصرة فأعطانا الله تعالى النصر عليهم
بحوله وقوته وأعطاهم سنة الظالمين فقتل كل من طلحة والزبير
و عبد الرحمن بن غتاب وجمع لا يحصى وقتل منا بنو مخدوع وابنا
185

صوحان وعليا وهندا وثمامة فيمن يعد من المسلمين رحمهم الله والسلام
ومن كتبه عليه السلام
كتاب التفسير للشيخ الثقة الجليل علي بن إبراهيم بن هاشم القمي المطبوع في إيران ص 596 ذيل أية كذلك أوحينا
إلى فريق في السعير من أوائل السورة قال حدثني الحسين بن عبد الله السكيني عن أبي سعيد النحلي عن عبد الملك بن
هارون عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام إلى أن قال ثم كتب عليه السلام إلى معاوية
لا تقتتل الناس بيني وبينك ولكن هلم إلى المبارزة فإن أنا قتلتك فإلى
النار أنت ويستريح الناس منك ومن ضلالتك فان قتلتني فانا إلى
الجنة وتغمد عنك السيف الذي لم يسعني غمده حتى أرد مكرك و
بدعتك وأنا الذي ذكر الله اسمه في التورية والإنجيل بموازرة رسول
الله (صلى الله عليه وآله) وأنا أول من بايع رسول الله تحت الشجرة
في قوله لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فلما قرء
معاوية كتابه وعنده ج لساءه قالوا قد والله أنصفك فقال معاوية والله ما أنصفني والله لا رمينه الخ
ومن كتبه عليه السلام
في مستدرك السابع عشر من مجلدات بحار الأنوار للعلامة المحدث النوري مؤلف كتاب مستدرك الوسائل
نقله عن كتاب الكافي عن علي عن ابن عيسى عن يونس عن أبي جميلة قال قال أبو عبد الله عليه السلام
كتب أمير المؤمنين صلوات الله عليه إلى بعض أصحابه يعظه
أوصيك ونفسي بتقوى من لا يحل معصيته ولا يرجى غيره ولا الغنى
الا به فإن من أتقى الله عز وجل قوى وشبع وروى ورفع عقله عن أهل
186

الدنيا فبدنه مع أهل الدنيا وقلبه وعقله معاين الآخرة فاطفأ
بضوء قلبه ما أبصرت عيناه من حب الدنيا فقذر حرامها وجانب
شبهاتها وأصروا لله بالحلال الصافي الا ما لابد منه من كسرة يشد
بها صلبه وثوب يواري به عورته ومن أغلظ ما يجدوا خشنه و
لم يكن له فيما لابد له مه ثقة ورجاء فوقعت ثقته ورجاؤه
على خالق الأشياء فجد واجتهد واتعب بدنه حتى بدت الأضلاع
وغارت العينان فأبدل الله له من ذلك قوة في بدنه وشدة في
عقله وما ذخر له في الآخرة أكثر فارفض الدنيا فان حب الدنيا يعمى و
يصم ويبكم ويذل الرقاب فتدارك ما بقي من عمرك ولا تقل غدا وبعد
غد فإنما هلك من كان قبلك بإقامتهم على الأماني والتسويف حتى
أتاهم أمر الله بغتة فهم غافلون فنقلوا على أعوادهم إلى قبورهم
المظلمة الضيقة وقد أسلمهم الأولاد والأهلون وانقطع إلى الله
بقلب منيب من رفض الدنيا وعزم ليس فيه انكسار ولا انخزال أعاننا
187

الله وإياك على طاعته ووفقنا الله وإياك لمرضاته
ومن كتبه عليه السلام
المجلد السابع عشر من البحار للعلامة المجلسي في باب كلمات أمير المؤمنين عليه السلام قال وكتب إلى عبد الله
بن العباس إما بعد فاطلب ما يعنيك واترك ما لا يعنيك فان في ترك
مالا يعنيك درك ما يعنيك وانما تقدم على ما أسلفت لا على ما
خلفت وأين ما تلقاه غدا على ما تلقاه والسلام
ومن وصاياه عليه السلام
السابع عشر من البحار في باب وصية علي عليه السلام لولده الحسن عليه السلام ولقد نقلها عن النجاشي
أنه قال أخبرنا عبد السلام بن الحسين الأديب عن أبي بكر الدوري عن محمد بن أحمد بن أبي الثلج عن جعفر بن
محمد الحسني عن علي بن عبدك عن الحسن بن طريف عن الحسين بن علوان عن سعد بن طريف عن أصبغ بن
نباته قال من وصية أمير المؤمنين عليه السلام لولده الحسن عليه السلام كيف واني بك يا بني
إذا صرت من قوم صبيهم عارم وشابهم فاتك وشيخهم لا يأمر
بالمعروف ولا ينهى عن منكر وعالمهم خب موار مستحوذ هواه متمسك
بعاجل دنياه أشدهم عليك اقبالا لا يرصدك بالعوايل ويطلب
الحيلة بالتمني ويطلب الدنيا بالاجتهاد خوفهم أجل ورجاهم عاجل
لا يهابون إلا من يخافون لسانه ويرجون نواله دينهم الريا كل حق
188

عندهم مهجور يحبون من غشهم ويملون من داهنهم قلوبهم
خاوية لا يسمعون دعاء ولا يجيبون سائلا قد استولت عليهم
سكرة الغفلة ان تركتهم لم يتركوك وان تابعتهم اغتالوك اخوان
الظاهر وأعداء السرائر يتصاحبون على غير تقوى فإذا افترقوا ذم بعضهم
بعضا يموت فيهم السنن ويحيى فيهم البدع فاحمق الناس من
اسف على فقدهم أو سر بكثرتهم فكن عند ذلك يا بني كابن اللبون
لا ظهر فيركب ولا وبر فيسلب ولا ضرع فيحلب فما طلابك بقوم إن
كنت عالما أعابوك وان كنت جاهلا لم يرشدوك وان طلبت العلم
قالوا متكلف متعمق وان تركت طلب العلم قالوا عاجز غبي وان تحققت
لعبادة ربك قالوا مصنع مرائ وان لزمت الصمت قالوا لكن وان نطقت
قالوا مهذار وان أنفقت قالوا مسرف وان اقتصرت قالوا بخيل وان
احتجت إلى ما في أيديهم صادموك وذموك وان لم تعتد بهم كفروك
فهذه صفة أهل زمانك فأصغاك من فزع عن جودهم وامن من الطمع
189

فيهم فهو مقبل على شانه مدبر لأهل زمانه ومن صفة العالم أن
لا يعظ الا من يقتل عظته ولا ينصح معجبا برأيه ولا يخبر بما يخاف اذاعته
ولا توذع سرك الا عند كل ثقة ولا تلفظ الا بما يتعارفون به الناس
ولا تخالطهم إلا بما يعقلون فاحذر كل الحذر وكن فردا وحيدا
واعلم أن من نظر في عيب نفسه شغل عن عيب غيره ومن كابد
الأمور عطب ومن اقتحم اللجج غرق ومن أعجب برأيه ضل ومن استغنى
بعقله زل ومن تكبر على الناس ذل ومن مزح استخف به ومن كثر
من شئ عرف به ومن كثر كلامه كثر خطائه ومن كثر خطائه قل
حياءه ومن قل حياءه قل ورعه ومن قل ورعه قل دينه ومن
قل دينه مات قلبه ومن مات قلبه دخل النار
ومن كتب عليه السلام
ما نقلته جماعة كثيرة من تقاة الاعلام والمحدثين الفخام منهم ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني في كتابه
الرسائل ومنهم أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري في كتابه الزواجر والمواعظ في الجزء الأول منه
من نسخة تاريخها ذو القعدة سنة ثلاث وسبعين وأربعمأة كما نقله العلامة المجلسي أعلى الله مقامه في المجلد السابع عشر من
مجلدات بحار الأنوار عن كتاب الوصايا للسيد الجليل ابن طاوس الحسني رحمه الله عن كتاب الزواجر والمواعظ أنه قال ما هذا لفظه وصيته أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لولده ولو كان من
190

الحكمة ما يجب أن يكتب بالذهب لكانت هذه وحدثني بها جماعة فحدثني علي بن الحسين بن إسماعيل
قال حدثنا الحسين بن أبي عثمان الآدمي قال أخبرنا أبو حاتم المكتب يحيى بن حاتم بن عكرمة قال
حدثني يوسف بن يعقوب بأنطاكية قال حدثني بعض أهل العلم قال لما انصرف علي عليه السلام من
صفين إلى قنسرين كتب به إلى ابنه الحسن عليه السلام من الوالد الفاني المقر للزمان وحدثنا أحمد بن
عبد العزيز قال حدثنا سليمان بن الربيع النهدي قال حدثنا كادح بن رحمة الزاهدي قال حدثنا
صباح بن يحيى المزني وحدثنا علي بن عبد العزيز الكوفي الكاتب (المكتب خ ل) قال حدثنا جعفر بن هارون
بن زياد قال حدثنا محمد بن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه عن جده ان
عليا عليهم السلام كتب إلى الحسن بن علي عليهما السلام وحدثنا علي بن محمد بن إبراهيم التستري قال
حدثنا جعفر بن عنبسة قال حدثنا عباد بن زياد قال حدثنا عمرو بن أبي المقدام عن أبي جعفر محمد بن علي
عليهما السلام قال كتب أمير المؤمنين إلى الحسن بن علي عليهما السلام وحدثنا محمد بن علي بن زاهر الراضي
قال حدثنا محمد بن العباس قال حدثنا عبد الله بن داهر عن أبيه عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام عن
علي عليه السلام قال كتب علي عليه السلام إلى ابنه الحسن عليه كل هؤلاء حدثونا إن أمير المؤمنين عليه
السلام كتب بهذه الرسالة إلى الحسن وأخبرني أحمد بن عبد الرحمن بن فضال القاضي قال حدثنا الحسن بن
محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال حدثنا جعفر بن محمد الحسني
قال حدثنا الحسن بن عبدك قال حدثنا الحسن بن ظريف بن ناصح عن الحسين بن الحسن بن علوان عن سعد بن
ظريف عن الأصبغ بن نباتة المجاشعي قال كتب أمير المؤمنين عليه السلام إلى ابنه محمد كذا واعلم يا ولدي محمد ضاعف
الله جل جلاله عنايته بك ورعايته لك قال السيد (ره) قد روى الشيخ المتفق على ثقته وأمانته محمد بن يعقوب الكليني
تغمده الله جل جلاله برحمته رسالة مولينا أمير المؤمنين عليه السلام إلى جدك الحسن ولده سلام الله جل جلاله عليه
وروى رسالة أخرى مختصرة عن مولينا علي عليه السلام إلى ولده محمد بن الحنفية رضوان الله جل جلاله عليه وذكر
الرسالتين في كتاب الرسائل ووجدنا نسخة عتيقة يوشك أن يكون كتابتها في زمن حياة محمد بن يعقوب (ره)
وهذا الشيخ محمد بن يعقوب (ره) كان حياته في زمن وكلاء مولانا المهدي عليه السلام عثمان بن سعيد العمري وولده
أبي جعفر محمد وأبي القاسم الحسين بن روح وعلي بن محمد السمري وتوفى محمد بن يعقوب قبل وفاة علي بن محمد السمري (ره)
لان علي بن محمد السمري توفى في شعبان سنة تسع وعشرين وثلثمائة وهذا محمد بن يعقوب الكليني توفى ببغداد
سنة ثمان وعشرين وثلثمأة فتصانيف هذا الشيخ محمد بن يعقوب ورواياته في زمن الوكلاء المذكورين في وقت
يجد طريقا إلى تحقيق منقولاته وتصديق مصنفاته ورأيت يا ولدي بين رواية حسن بن عبد الله العسكري
191

مصنف كتاب الزواجر والمواعظ الذي قدمناه وبين رواية الشيخ محمد بن يعقوب في رسالة أبيك أمير
المؤمنين عليه السلام إلى ولده تفاوت فنحن نوردها برواية محمد بن يعقوب الكليني فهو أجمل وأفضل
فيما قصدناه ثم أطال الكلام بذكر الرسالة باسناد الكليني (ره) وقال المجلسي (ره) بعد نقل كلام
السيد (ره) بتفصيله عن كتاب الوصايا ونقل الرسالة أقول أن الشيخ حسن بن علي بن شعبة قد ذكر هذا
الخبر في كتاب تحف العقول لكن باختلاف كثير فأردت أن أورده بهذه الرواية أيضا لان المسك ما كررته
يتضوع يقول جامع هذا الكتاب الحسن الميرجهاني الطباطبائي قد أورد السيد هذه الرسالة في نهج البلاغة
لكنه اختلاف كثير بينها وبينما في تحف العقول من حيث الزيادة والنقصان فاقتديت بالعلامة المجلسي في نقلها
هنا برواية التحف مزيدا للفائدة وتتميما للعائدة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وآله
تحف العقول للشيخ الثقة الجليل الأقدم أبي محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني رحمه الله
من أعلام القرن الرابع طبه طهران ص 68 قال كتابه إلى ابنه الحسن عليهما السلام
من الوالد الفان المقر للزمان المدبر العمر المستسلم للدهر الذام للدنيا
الساكن مساكين الموتى الظاعن عنها إليهم غدا إلى المولود المؤمل ما
لا يدرك السالك سبيل من (قد خ ل) هلك غرض الأسقام ورهينة
الأيام ورمية المصائب وعبد الدنيا وتاجر المغرور وغريم المنايا
وأسير الموت وحليف الهموم وقرين الأحزان ونصب الآفات و
صريع ا لشهوات وخليفة الأموات إما بعد فإن فيما تبينت من
ادبار الدنيا عني وجموح الدهر علي واقبال الآخرة إلي ما يزعني عن
ذكر من سواي والاهتمام بما ورائي غير أنه حيث تفرد بي دون
192

هموم الناس هم نفسي فصدفني رأيي وصرفني هواي وصرح لي
محض أمري فافضى بي إلى جد لا يكون فيه لعب وصدق لا يشوبه كذب
ووجدتك بعضي بل وجدتك كلي حتى كان شيئا لو أصابك أصابني
وكان الموت لو أتاك أتاني فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر نفسي فكتبت
إليك كتابي هذا مستظهرا به إن أنا بقيت لك أو فنيت فإني أوصيك
بتقوى الله أي بني ولزوم أمره وعمارة قلبك بذكره والاعتصام
بحبله وأي سبب أوثق من سبب بينك وبين الله ان أنت أخذت
به أحي قلبك بالموعظة وموته بالزهد وقوة باليقين وذلله
بالموت وقرره بالفناء وبصره فجائع الدنيا وحذره صولة الدهر
وفحش تقلب الليالي والأيام واعرض عليه اخبار الماضين وذكره
بما أصاب من كان قبله وسر في بلادهم وآثارهم وانظر ما فعلوا
وأين حلوا وعمن انتقلوا فإنك تجدهم انتقلوا عن الأحبة وحلوا دار
الغربة وناد في ديارهم أيتها الديار الخالية أين أهلك ثم قف
193

على قبورهم فقل أيتها الأجساد البالية والأعضاء المتفرقة كيف
وجدتم الدار التي أنتم بها أي بني وكأنك عن قليل قد صرت كأحدهم
فاصلح مثواك ولاتبع آخرتك بدنياك ودع القول فيما لا تعرف و
الخطاب فيما لا تكلف وامسك عن طريق إذا خفت ضلاله فإن الكف
عن خيرة الضلالة خير من ركوب الأهوال وأمر بالمعروف تكن من
أهله وأنكر المنكر بلسانك ويدك وباين من فعله بجهدك وجاهد
في الله حق جهاده ولا تأخذك في الله لومة لائم وخض الغمرات إلى
الحق حيث كان وتفقه في الدنيا وعود نفسك التصبر والجئ في الأمور
نفسك كلها إلى الهلك فإنك تلجئها إلى كهف حريز ومانع عزيز وأخلص
في المسألة لربك فان بيده العطاء والحرمان وأكثر الاستخارة وتفهم
وصيتي ولا تذهبن عنها صفحا فان خير القول ما نفع واعلم أنه لا خير
في علم لا ينفع ولا ينتفع بعلم حتى لا يقال به أي بني إني لما رأيتك قد
بلغت سنا ورأيتني ازداد وهنا بادرت بوصيتي إياك خصالا منهن أن
194

يعجل بي أجلي دون أن أفضى إليك بما في نفسي أو انقص في رأيي كما نقصت
في جسمي أو يسبقني إليك بعض غلبات الهوى وفتن الدنيا فتكون كالصعب
النفور وانما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقى فيها من شئ قبلته
فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبك المستقبل بحد رأيك
من الامر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته فتكون قد كفيت
مؤنة الطلب وعوفيت من علاج التجربة فأتاك من ذلك ما قد كنا نأتيه
واستبان لك منه ما ربما أظلم علينا فيه أي بني واني وان لم أكن غمرت
عمر من كان قبلي فقد نظرت في أعمالهم وفكرت في اخبارهم وسرت
في آثارهم حتى عدت كأحدهم بل كأني بما انتهى إلي من أمورهم قد
عمرت مع أولهم إلى آخرهم فعرفت صفو ذلك من كدره ونفعه من
ضره فاستخلصت لك من كل أمر نخيله وتوخيت لك جميله وصرفت عنك
مجهوله ورأيت حيث عناني من أمرك ما يعني الوالد الشفيق وأجمعت عليه
من أدبك أن يكون ذلك وأنت مقبل بين ذي النفية والنية وان أبدءك
195

بتعليم كتاب الله وتأويله وشرائع الاسلام وأحكامه وحلاله و
حرامه ولا أجاوز ذلك بك إلى غيره ثم أشفقت أن يلبسك ما اختلف
الناس فيه أهوائهم مثل الذي لبسهم وكان أحكام ذلك لك
على ما كرهت من تنبيهك له أحب إلي من اسلامك إلى أمر لا آمن
عليك فيه الهلكة ورجوت أن يوفقك الله فيه لرشدك وان
يهديك لقصدك فعهدت إليك وصيتي هذه واحكم مع ذلك
أي بني إن أحب ما أنت أخذ به إلي من وصيتي تقوى الله و
الاقتصار على ما افترض عليك والاخذ بما مضى إليه الأولون
من آباءك والصالحون من أهل ملتك فإنهم لم يدعوا أن ينظروا
لأنفسهم كما أنت ناظر وفكروا كما أنت مفكر ثم ردهم آخر ذلك
إلى الاخذ بما عرفوا والامساك عما لم يكلفوا فإن أبت نفسك
أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما كانوا علموا فليكن طلبك ذلك بتفهم
وتعلم لا بتورط الشبهات وعلو الخصومات وابدء قبل نظرك في ذلك
196

بالاستعانة بإلهك عليه والرغبة إليه في توفيقك وترك كل شائبة
أدخلت عليك شبهة وأسلمتك إلى ضلالة وإذا أنت أيقنت أن قد
صفا لك قلبك فخشع وتم رأيك فاجتمع وكان همك في ذلك هما
واحدا فانظر فيما فسرت لك وإن أنت لم يجتمع لك ما تحب من نفسك
من فراق فكرك ونظرك فاعلم انك انما تخبط خبط العشواء وليس طالب
الدين من خبط ولا خلط والامساك عند ذلك أمثل وإن أول ما ابدء
به من ذلك واخره أني أحمد إليك إلهي والهك واله آباءك الأولين
والآخرين ورب من في السماوات والأرضين بما هو أهله وكما هو أهله
وكما يحب وينبغي ونسئله أن يصلي عنا على نبينا صلى الله عليه وآله
وعلى أهل بيته وعلى أنبياء الله ورسله بصلاة جميع من صلى عليه من
خلقه وأن يتم نعمه علينا فيما وفقنا له من مسئلته بالإجابة لنا
فإن بنعمته تتم الصالحات.
اللغات قوله عليه السلام المقر للزمان أي المقر له بالغلبة والقهر المعترف بالعجز في يد تصرفاته كأنه
قدره خصما ذا بأس المؤمل ما لا يدرك أي يؤمل البقاء وهو مما لا يدركه أحد الرهينة ما يرهن الرمية
197

الهدف والتاء لنقل الاسم من الوصفية إلى الاسمية الصرفة الحليف المحالف والحلف بالكسر والحلف بالفتح التعاقد و
المعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق نصب الآفات يقال فلان نصب عيني بالضم أي لا يفارقني والصريع
الطريح يزعني أي يمنعني المحض الخالص أفضى أي انتهى الشوب المزج والخلط الفجائع جمع الفجيعة وهي المصيبة
الفحش بمعنى الزيادة والكثرة والغمرات الشدائد الكهف الملجأ الحريز الحصين الاستخارة أجاله الرأي في الامر
قبل فعله لاختيار أفضل الوجوه الصفح الاعراض استبان أي ظهر النخيل المختار المصفى توخيت أي تحريت
العشواء الضعيفة البصر واشعار لفظ الخبط له باعتبار أنه طالب للعلم بغير استكمال شرائط الطلب وعلى غير وجهه
فتفهم أي بني وصيتي واعلم أن مالك الموت هو مالك الحياة و
أن الخالق هو المميت وأن المفنى هو المعيد وأن المبتلى هو المعافي و
أن الدنيا لم تكن لتستقيم إلا على ما خلقها الله تبارك وتعالى عليه
من النعماء والابتلاء والجزاء في المعاد وما شاء مما لا نعلم فإن
أشكل عليك شئ من ذلك فاحمله على جهالتك به وانك أول ما خلقت
خلقت جاهلا ثم علمت وما أكثر ما تجهل من الامر ويتحير فيه رأيك
ويضل فيه بصرك ثم تبصره بعد ذلك فاعتصم بالذي خلقك و
رزقك وسواك فليكن له تعمدك واليه رغبتك ومنه شفقتك
واعلم يا بني أن أحدا لم ينبئ عن الله تبارك وتعالى كما أنبأ عنه نبينا
صلى الله عليه وآله فارض به رائدا والى النجاة قائدا فإني لم آلك نصيحة
198

وانك لم تبلغ في النظر لنفسك وان اجتهدت مبلغ نظري لك واعلم
يا بني انه لو كان لربك شريك لا تتك رسله ولرأيت آثار ملكه و
سلطانه ولعرفت صفته وفعاله ولكنه اله واحد كما وصف نفسه
لا يضاده في ذلك أحد ولا يحاجه وانه خالق كل شئ وانه أجل من
أن يثبت لربوبية بالإحاطة قلب أو بصر وإذا أنت عرفت ذلك فافعل
كما ينبغي لمثلك في صغر خطرك وقلة مقدرتك وعظم حاجتك إليه
أن يفعل مثله في طلب طاعته والرهبة له والشفقة من سخطه فإنه
لم يأمرك إلا بحسن ولم ينهك إلا عن قبيح أي بني إني قد أنبأتك عن
الدنيا وحالها وزوالها وانتقالها بأهلها وانباتك عن الآخرة وما
أعد لأهلها فيها وضربت لك فيها الأمثال إنما مثل من أبصر الدنيا
كمثل قوم سفر نبا بهم منزل جدب فأموا منزلا خصيبا وجنابا مريعا
الرائد هو الذي يذهب لطلب المنزل لصاحبه أو من ترسله في طلب الكلاء ليتعرف موقعه والرسول
قد عرف عن الله وأخبرنا فهو رائد سعادتنا لم ألك نصيحة أي لم أقصر في نصيحتك قوله بالإحاطة
قلب أو بصر في النهج من أن يثبت ربوبيته بإحاطة قلب أو بصر الجناب الناحية الريع أي كثير العشب
199

فاحتملوا وعثاء الطريق وفراق الصديق وخشونة السفر في الطعام و
المنام ليأتوا سعة دارهم ومنزل قرارهم فليس يجدون لشئ من
ذلك ألما ولا يرون نفقة مغرما ولا شيئا أحب إليهم مما قربهم من
منزلهم ومثل من اغتر بها كمثل قوم كانوا بمنزل خصب فنبا بهم إلى
منزل جدب فليس شئ أكره إليهم ولا أهول لديهم من مفارقة
ما هم فيه إلى ما يهجمون عليه ويصيرون إليه وقرعتك بأنواع
الجهالات لئلا تعد نفسك عالما فإن ورد عليك شئ تعرفه أكبرت
ذلك فان العالم من عرف ان ما يعلم فيما لا يعلم قليل فعد نفسه
بذلك جاهلا فازداد بما عرف من ذلك في طلب العلم اجتهادا فما
يزال للعلم طالبا وفيه راغبا وله مستفيدا ولأهله خاشعا مهتما و
للصمت لازما وللخطأ حاذرا ومنه مستحييا وان ورد عليه ما لا
يعرف لم ينكر ذلك لما قرر به نفسه من الجهالة وان الجاهل من عد
نفسه بما جهل من معرفة العلم عالما وبرأيه مكتفيا فما يزال للعلماء
200

مباعدا وعليهم زاريا ولمن خالفه مخطئا ولما لم يعرف من الأمور
مضللا فإذا ورد عليه من الأمور ما لم يعرفه أنكره وكذب به وقال
بجهالته ما أعرف هذا وما أراه كان وما أظن أن يكون وانى كان
وذلك لثقته برأيه وقلة معرفته بجهالته فما ينفك بما يرى مما
يلتبس عليه رأيه مما لا يعرف للجهل مستفيدا وللحق منكرا وفي الجهالة
متحيرا وعن طلب العلم مستكبرا أي بني تفهم وصيتي واجعل نفسك
ميزانا فيما بينك وبين غيرك فاحبب لغيرك ما تحب لنفسك وأكره له ما
تكره لنفسك ولا تظلم كما لا تحب أن تظلم وأحسن كما تحب أن يحسن
إليك واستقبح من نفسك ما تستقبح من غيرك وأرض من الناس لك ما
ترضى به لهم منك ولا تقل بما لا تعلم بل لا تقل كلما تعلم ولا
تقل ما لا تحب أن يقال لك واعلم أن الاعجاب ضد الصواب وآفة
قوله عليه السلام وعثاء الطريق أي مشقته خشونة السفر في النهج خشونة السفر وجشوبة المطعم هجم
عليه أي انتهى إليه بغتة قوله وأرض من الناس أي إذا عاملوك بمثل ما تعاملهم ولا تطلب منهم
أزيد مما تقدم لهم الاعجاب الاستحسان ما يصدر عن النفس
201

الألباب فإذا أنت هديت لقصدك فكن اخشع ما تكون لربك واعلم أن
امامك طريقا ذا مشقة بعيدة وأهوال شديد وانه لا غنى بك
فيه عن حسن الارتياد وقدر بلاغك من الزاد وخفة الظهر فلا تحملن
على ظهرك فوق بلاغك فيكون ثقلا ووبالا عليك وإذا وجدت من أهل
لحاجة من يحمل لك زادك فيوافيك به حيث تحتاج إليه فاغتنمه و
اغتنم من استقرضك في حال غناك واجعل وقت قضاءك في يؤمن عسرتك
واعلم أن امامك عقبة كؤودا لا محالة مهبطا بك على جنة أو على نار
المخف فيها أحسن حالا من المثقل فارتد لنفسك قبل نزولك واعلم أن
الذي بيده ملكوت خزائن الدنيا والآخرة قد أذن بدعائك و
تكفل بإجابتك وأمرك أن تسئله ليعطيك وهو رخيم لم يجعل بينك
وبينه ترجمانا ولم يحجبك عنه ولم يجئك إلى من يشفع إليه لك ولم
يمنعك ان أسأت التوبة ولم يعيرك بالإنابة ولم يعاجلك بالنقمة
ولم يفضحك حيث تعرضت للفضيحة ولم يناقشك بالجريمة ولم يؤيسك
202

من الرحمة ولم يشدد عليك في التوبة فجعل النزوع عن الذنب
حسنة وحسب سيئتك واحدة وحسب حسنتك عشرا وفتح لك باب
المتاب والاستيناف فمتى شئت سمع نداءك ونجواك فأفضيت إليه
بحاجتك وأنبأته عن ذات نفسك وشكوت إليه همومك واستغته
على أمورك وناجيته بما تستخفى به من الخلق من سرك ثم جعل بيدك
مفاتيح خزائنه فالحح في المسألة يفتح لك باب الرحمة بما أذن لك
فيه من مسئلته فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب خزائنه فالحح
ولا يقنطك ان ا بطأت عنك الإجابة فان العطية على قدر المسألة
وربما أخرت عنك الإجابة ليكون أطول للمسألة واجزل للعطية و
ربما سئلت الشئ فلم تؤته وأوتيت خيرا منه عاجلا وآجلا أو صرف
الارتياد الطلب أصله واوى من راد يرود وحسن الارتياد اتيانه من وجهه البلاغ الكفاية أي ما يكفي
من العيش ولا يفضل الكؤود صعبة شاقة المصعد والمخف بالضم فالكسر الذي خفف حمله بعكس المثقل
فارتد لنفسك أصله من راد يرود إذا طلب وتفقد وتهيأ مكانا لينزل إليها والمراد ابعث رائدا والإنابة
الرجوع إلى الله النزوع الرجوع والكف المتاب التوبة الاستيناف الاخذ بالشئ وابتدائه وفي بعض
النسخ الاستيتاب أفضيت اي ألقيت وأبلغت إليه المناجاة المكالمة سرا الحح من الالحاح من ألح في
السؤال أي واظب عليه.
203

عنك لما هو خير لك فلرب أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته
ولتكن مسألتك فيما يعنيك مما يبقى لك جماله وينفى عنك وباله و
المال لا يبقى لك ولا تبقى له فإنه يوشك أن ترى عاقبة امرك حسنا أو
سيئا أو يعفو العفو ا لكريم واعلم انك خلقت للآخرة لا للدنيا وللفناء
لا للبقاء وللموت لا للحيوة وانك في منزل قلعة وطريق إلى الآخرة
انك طريد الموت الذي لا ينجو (منه خ ل) هاربه ولا بد انه يدركك على
حال سيئة قد كنت تحدث فيها نفسك بالتوبة فيحول بينك وبين
ذلك فإذا أنت قد أهلكت نفسك أي بني أكثر ذكر الموت وذكر ما
تهجم عليه وتفضى بعد الموت إليه واجعله أمامك حتى يأتيك
قد أخذت منه ح ذرك ولا يأخذك على غرتك وأكثر ذكر الآخرة و
ما فيها من النعيم والعذاب الأليم فإذا ذلك يزهدك في الدنيا و
يصغرها عندك وقد نباك الله عنها ونعتت لك نفسها وكشفت عن
مساويها فإياك أن تغتر بما ترى من اخلاد أهلها إليها وتكالبهم عليها
204

وانما أهلها كلاب عاوية وسباع ضارية يهر بعضها على بعض يأكل
عزيزها ذليلها وكبيرها صغيرها قد أضلت أهلها عن قصد السبيل و
سلكت بهم طريق العمى وأخذت بأبصارهم عن منهج الصواب فتاهوا
في حيرتها وغرقوا في فتنتها واتخذوا هاربا فلعبت بهم ولعبوا بها
ونسوا ما ورائها قد أضلت عقولها وركبت مجهولها سروح عاهة
بواد وعث ليس لها راع يقيمها رويدا حتى يسفر الظلام كان قد وردت
الظعينة يوشك من أسرع أي يؤب واعلم أن من كانت مطيته الليل
والنهار فإنه يسار به وإن كان لا يسير أبى الله الا خراب الدنيا وعمارة
القلعة بالضم فالسكون أي لا يصلح للاستيطان والإقامة يقال منزل قلعة أي لا يملك لنازله ويقلع عنه
ولا يدري متى ينفلع عنه والبلغة ما يبلغ به من العيش والمراد انها دار تؤخذ فيها الكفاية للآخرة و
الحذر بالكسر الاحتراز والاحتراس والغرة بالكسر والتشديد الغفلة ونعتت لك نفسها في نسخة نعت لك
من النعي وهو الاخبار بالموت والمراد ان الدنيا تخبر بحالها من التغير والتحول عن فنائها التكالب التوائب
وتكالبهم عليها أي شديد حرصهم عليها ضارية أي مولعة بالافتراس يهر أي يكره أن ينظر بعضها بعضا
ويمقت العمى والعمائة الغواية فتاهوا أي ضلوا عن الطريق الشين ضد الزين أضلت عقولها أضاعت عقولها
الروح بالضم جمع سرح المال السالم من الإبل ونحوها الماشية والعاهة الآفة والوعث الطريق الغليظ
العسر يصعب السير فيه رويدا مصدر أورد مصغرا تصغير الترخيم مهلا ويسفر أي يكشف والمعنى عن قريب يكشف
ظلام الجهل عما خفى من الحقيقة بحلول الموت الظغينة الهودج عبر به عليه السلام عن المسافرين في
طريق الدنيا إلى الآخرة كان حالهم أن وردوا على غاية سيرهم وقوله عليه السلام يؤب أي يرجع
205

الآخرة أي بني فان تزهد فيما زهدك الله فيه من الدنيا وتعزف
نفسك عنها فهي أهل ذلك وان كنت غير قابل نصيحتي إياك فيها
فاعلم يقينا انك لن تبلغ أملك ولن تعدو اجلك وانك في سبيل
من كان قبلك فاخفض في الطلب وأجمل في المكتسب فإنه رب طلب قد
جر إلى حرب وليس كل طالب بناج وكل مجمل بمحتاج وأكرم نفسك
عن كل دنية وان ساقتك ا لي رغبة فإنك لن تعتاض بما تبذل
من نفسك عوضا ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا وما خير خير
لا ينال الا بشر ويسر لا ينال الا بعسر وإياك أن توجف بك مطايا
الطمع فتوردك مناهل الهلكة وان استطعت أن لا يكون بينك و
بين الله ذو نعمة فافعل فإنك مدرك قسمك واخذ سهمك وان
اليسير من الله تبارك وتعالى أكثر وأعظم من الكثير من خلقه و
ان ك ان كل منه ولو نظرت ولله المثل الاعلى فيما تطلب من الملوك
ومن دونهم من السفلة لعرفت أن لك في يسير ما تصيب من الملوك افتخارا
206

وان عليك في كثير ما تصيب من الدناة عارا فاقتصد في أمرك
تحمد مغبة علمك انك لست بائعا شيئا من دينك وعرضك بثمن و
المغبون من غبن نصيبه من الله فخذ من الدنيا ما أتاك وأنزلت
ما تولى فإن أنت لم تفعل فاجمل في الطلب وإياك ومقارنة من
رهبته على دينك وباعد السلطان ولا تأمن خدع الشيطان و
تقول متى أرى ما أنكر نزعت فإنه كذا هلك من كان قبلك من
أهل القبلة وقد أيقنوا بالمعاد فلو سمت بعضهم بيع آخرته بالدنيا
لم يطب بذلك نفسا ثم قد يتخيله الشيطان بخدعه ومكره حتى يورطه
قوله عليه السلام فاخفض في الطلب أي وارفق من الخفض بمعنى السهل وأجمل في المكتسب أي اسع
سعيا جميلا لا بحرص ولا بطمع الحرب محركة سلب المال من حرب الرجل سلبه ما له وتركه بلا شئ وأيضا
بمعنى الهلاك والويل الدنية مؤنث الدني الساقط الضعيف الخصلة المذمومة المحقورة وأيضا النقيصة والمراد
ان طلب المال لصيانة ا لنفس وحفظه فلو أتعبت وبذلت نفسك لتحصيل المال فقد ضيعت ما هو المقصود
منه فلا ع وض لما ضيع ولن تعتاض أي لن تجد عوضا قوله عليه السلام وما خير خير لا ينال الا بشر
المراد انه الذي لا ينال الا بشر لا يكون خيرا بل يكون شرا لان طريقه شر فكيف يكون هو خيرا وهكذا ما لا ينال
الا بعسر لا يكون يسرا توجف أي تسرع سيرا سريعا والمطايا جمع المطية وهي الدابة التي تركب والمناهل جمع
المنهل موضع الشرب على الطريق وما ترده الإبل ونحوها للشرب الدناة جمع دان أو الدني وهو الخسيس المغبة عاقبة
الشئ الخدع جمع الخدوع الكثير الخداع فلو سمت من سام السلعة يسوم أي عرضها وذكر ثمنها والمراد انك لو عرضت ببعضهم
بان يبيع اخرته بالدنيا لم يرض بذلك ولم يطب نفسه بهذه التجارة يورطه أي يلقاه في الورطة ويوقعه فيما لا خلاص له منه
207

في هلكته بعرض من الدنيا حقير وينقله من شر إلى شر حتى يؤيسه
من رحمة الله ويدخله في القنوط فيجد الوجه إلى ما خالف الاسلام
وأحكامه فإن أبت نفسك الا حب الدنيا وقرب السلطان فخالفت
ما نهيتك عنه بما فيه رشدك فاملك عليك لسانك فإنه لا بقية
للملوك عند الغضب ولا تسئل عن اخبارهم ولا تنطق عند أسرارهم و
لا تدخل فيما بينك وبينهم وفي الصمت السلامة من الندامة و
تلافيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراكك ما فات من منطقك و
حفظ ما في الوعاء بشد الوكاء وحفظ ما في يديك أحب إلي من طلب
ما في يد غيرك ولا تحدث إلا عن ثقة فتكون كاذبا والكذب ذل و
حسن التدبير مع الكفاف أكفى لك من الكثير مع الاسراف وحسن اليأس
خير من الطلب إلى الناس والعفة مع الحرفة خير من سرور مع فجور
والمرء احفظ لسره ورب ساع فيما يضره من أكثر أهجر ومن تفكر أبصر
ومن خير حظ امرء قرين صالح فقارن أهل الخير تكن منهم وباين أهل
208

الشر تبين عنهم ولا يغلبن عليك سوء الظن فإنه لا يدع بينك وبين
خليل صلحا وقد يقال من الحزم سوء الظن بئس الطعام الحرام وظلم
الضعيف أفحش الظلم والفاحشة كاسمها والتصبر على المكروه نقص
للقلب وإن كان الرفق خرقا كان الخرق رفقا وربما كان الدواء داء
وربما نصح غير الناصح وغش المستنصح وإياك والاتكال على المنى فإنها
بضائع النوكى وتثبط عن خير الآخرة والدنيا ذك قلبك بالأدب كما
تذكى النار بالحطب ولا تكن كحاطب الليل وعثاء السبيل وكفر النعمة لوم
وصحبة الجاهل شوم والعقل حفظ التجارب وخير ما جربت ما وعظك و
من الكرم لين الشيم بادر الفرصة قبل أن تكون غصة من الحزم العزم
قوله فاملك عليك لسانك أي فاحفظ لسانك التلافي التدارك لاصلاح ما فسد أو كاد والفرط القصد
ولا تحدث الا عن ثقة أي ولا تقل الا عن صدق وثقة مع الكفاف أي بقدر الكفاية والمرء احفظ لسره أي الأولى
أن لا تبوح بسرك أي أحد فأنت احفظ من غير كفان أذعته انتشر فلم تلم الا نفسك لأنك كنت عاجزا عن سر
نفسك فغيرك أعجز رب ساع عما يضره أي ربما كان الانسان يسعى فيما يضره لجهله أو سوء قصده من أكثر أهجر يقال
فلان أهجر في منطقه أي تكلم بالهذيان وكثير الكلام لا يخلو من الاهجار تبن عنهم أي تبين عنهم والفعل مجزوم لجواب
الشرط الخرق بالضم العنف أي الشدة وضد الرفق المستنصح اسم مفعول المطلوب منه النصح المنى جمع منية بالضم فالسكون
ما يتمناه الانسان لنفسه والبضائع جمع بضاعة وهي من المال ما أعد للتجارة النوكى كسكرى جمع الأنوك أي الأحق والمقهور
والمغلوب والتثبط التعويق والوعثاء التعب والمشقة الشيم بالكسر جمع شيمة وهي الخلق والطبيعة والمراد به الأخلاق الحسنة
209

من سبب الحرمان التواني ليس كل طالب يصيب ولا كل راكب
يؤب ومن الفساد إضاعة الزاد ولكل أمر عاقبة رب يسير
أنمى من كثير سوف يأتيك ما قدر لك التاجر مخاطر ولا خير في
معين مهين لا تبيتن من أمر على غرر من حكم ساد ومن تفهم
ازداد ولقاء أهل الخير عمارة القلوب ساهل الدهر ما ذل لك قعوده و
إياك أن تجمح بك مطية اللجاج وان قارفت سيئة فعجل محوها
بالتوبة ولا تخن من ائتمنك وان خ انك ولا تذع سره وان أذاعه
ولا تخاطر بشئ رجاء أكثر منه واطلب فإنه يأتيك ما قسم لك خذ
بالفضل وأحسن البذل وقل للناس حسنا وأي كلمة حكم جامعة
أن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لها إنك قل
أن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لها انك قل
ما تسلم ممن تسرعت إليه أن تندم أو تتفضل عليه واعلم أن من
الكرم الوفاء بالذمم والدفع عن الحرم والصدود أية المقت و
كثرة العلل آية البخل ولبعض امساكك عن أخيك مع لطف خير من بذل
210

مع جنف ومن الكرم صلة الرحم ومن يرجوك أو يثق بصلتك إذا
قطعت قرابتك والتحريم وجه القطيعة احمل نفسك مع أخيك
عند صرمه على الصلة وعند صدوده على اللطف والمسألة و
عند جموده على البذل وعند تباعده على الدنو وعند شدته
على اللين وعند جرمه على الاعتذار حتى كأنك له عبد وكانه
ذو نعمة عليك وإياك أن تضع ذلك في غير موضعه وأن تفعله
بغير أهله لا تتخذن عدو صديقك صديقا فتعادى صديقك ولا
قوله التاجر مخاطر أي بنفسه وماله والمهين بضم الميم بمعنى فاعل الاهابة ولا يصلح لان يكون معينا فيفسدها
يصلح أو بفتحها بمعنى الحقير فإنه أيضا لا يصلح الضعف قدرته القعود بالفتح من الإبل ما يقتعده الراعي في كل
حاجة أي يتخذ مركبا ويقال أيضا للإبل الفصيل من قياده والظنين بالظاء المتهم وبالضاد البخيل العزر
بالتحريك المغرور به تجمح بك المطية يقال جمحت المطية تغلب على راكبه وذهب به وجمحت به أي طرحت به
وحمله على ركوب المهالك اللجاج بالفتح الخصومة أي إني أحذرك من أن تغلبك الخصومات فلا تملك
نفسك من الوقوع في مضارها الذمم بكسر الأول وفتح الثاني جمع الذمة العهد والأمان والضمان الحرم
بضم الأول والثاني جمع الحريم ما يدافع عنه ويحميه والصدود الاعراض والميل عن الشئ والمقت
شدة البغض الجنف الجور ربما كان الامساك مع حسن الخلق خير من البذل مع الجور قال الله تعالى في سورة
البقرة آية 265 قوله معروف ومغفرة خير منص دقة يتبعها أذى احمل نفسك مع أخيك عند صرمه على
الصلة في بعض النسخ احمل نفسك من أخيك والصرم بالضم أو الفتح القطيعة وقوله عليه السلام
على الصلة متعلق بأحمل نفسك أي ألزم نفسك بعملة صديقك إذا قطعك وهكذا بعده
والمراد بالجمود البخل
211

تعمل بالخديعة فإنها خلق اللئيم وامحض أخاك النصيحة حسنة كانت
أو قبيحة وساعده على كل حال وزل معه حيث زال ولا تطلبن
مجازاة أخيك ولو حثا التراب بفيك وخذ على عدوك بالفضل فإنه
أحرى للظفر وتسلم من الناس بحسن الخلق وتجرع الغيظ فإني لم أر
جرعة أخلى منها عاقبة ولا ألذ مغبة ولا تصرم أخاك على ارتياب
ولا تقطعه دون استعتاب ولن لمن غالظك فإنه يوشك أن يلين
لك ما أقبح القطيعة بعد الصلة والجفاء بعد الاخاء والعداوة
بعد المودة والخيانة لمن ائتمنك وخلف الظن لمن ارتجاك والغدر
بمن استأمن إليك فان أنت غلبتك قطيعة أخيك فاستبق لها من
نفسك بقية ترجع إليها ان بدا ذلك له يوما ومن ظن بك خيرا
فصدق ظنه ولا تضيعن حق أخيك اتكالا على ما بينك وبينه
فإنه ليس لك باخ من أضعت حقه ولا يكن أهلك أشقى الخلق بك
ولا ترغبن فيمن زهد فيك ولا تزهدن فيمن رغب إليك إذا كان
212

للخلطة موضعا ولا يكونن أخوك أقوى على قطيعتك منك على
صلته ولا يكونن على الإساءة أقوى منك على الاحسان
ولا على البخل أقوى منك على البذل ولا على التقصير أقوى منك
على الفضل ولا يكبرن عليك ظلم من ظلمك فإنه انما يسعى في مضرته
ونفعك وليس جزاء من سرك أن تسوءه والرزق رزقان رزق
تطلبه ورزق يطلبك فإن لم تأته أتاك واعلم أي بني ان الدهر
ذو صروف فلا تكونن ممن تشتد لأئمته ويقل عند الناس عذره
ما أقبح الخضوع عند الحاجة والجفاء عند الغني إنما لك من دنياك
ما أصلحت به مثواك فانفق في حق ولا تكن خازنا لغيرك وان كنت
حثا التراب أي صبه المغبة بفتحتين وتشديد الباء العاقبة الارتياب الاتهام والشك الاستعتاب
طلب العتبي أي الاسترضاء بقية أي بقية من الصلة يسهل لك معها الرجوع إليه قوله إن بدا له
أي ظهر له حسن العودة يوما قوله فصدق ظنه أي بلزوم ما ظن بك من الخير قوله على صلته أمر بلزوم حفظ
الصداقة يعني إذا أتى أخوك بالقطيعة فقابلها أنت بالصلة حتى تغلبه ولا يكونن هو أقدر على ما يوجب القطيعة منك
على ما يوجب الصلة وهكذا بعده قوله فإن لم تأته أتاك المراد أن الرزق رزقان رزق الطالب ورزق المطلوب فرزق الطالب
ما هو المقدر للانسان فان أنت لم تأته أتاك ورزق المطلوب ما كان مبدئه الحرص في الدنيا قوله الدهر ذو صروف صرف
الدهر وصروفه نوائبه وحدثانه يعني إن الدهر بطبيعته وحقيقته متغير ومتزلزل لا يثبت بحال ولا يدوم على وجه وقد أذن
بفراقه ونادت بتغيره ونعت نفسه وأهله ولا يجوز أن تشتد ذمه ولومه المثوى المقام أي حظك من الدنيا ما أصلحت به مقامك
213

جازعا على ما تفلت من يديك فاجزع على كل ما لم يصل إليك و
استدلل على ما لم يكن بما كان فإنما الأمور اشتباه ولا تكفرن ذا
نعمة (ولا تكفر نعمة خ ل) فان كفر النعمة من الام الكفر واقبل العذر
ولا تكونن ممن لا ينتفع من العظة الا بما لزمه فان العاقل ينتفع
بالأدب والبهائم لا تتعظ الا بالضرب أعرف الحق لمن عرفه لك
رفيعا كان أو وضيعا واطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصبر
وحسن اليقين من ترك القصد جار ونعم حظ المرء القناعة
ومن شر ما صحب المرء الحسد وفي القنوط التفريط والشح يجلب
الملامة والصاحب مناسب الصديق من صدق غيبه والهوى
شريك العمى ومن التوفيق الوقوف عند ا لحيرة ونعم طارد الهم
اليقين وعاقبة الكذب الذم وفي الصدق السلامة وعاقبة
الكذب شر عاقبة رب بعيد أقرب من قريب وقريب أبعد من
بعيد والغريب من لم يكن له حبيب لا يعدمك من حبيب سوء ظن
214

ومن حمى طنى ومن تعدى الحق ضاق مذهبه ومن اقتصر على قدره
كان أبقى له نعم الخلق التكرم والام اللوم البغي عند القدرة و
الحياء سبب إلى كل جميل وأوثق العرى التقوى وأوثق سبب أخذت
به سبب بينك وبين الله ومنك من أعتبك والافراط في الملامة تشب
نيران اللجاج وكم من دنف قد نجا وصحيح قد هوى فقد يكون الياس
ادراكا إذا كان الطمع هلاكا وليس كل عورة تظهر ولا كل فريضة تصاب
وربما أخطأ البصير قصده وأصاب الأعمى رشده ليس كل من طلب وجد
ولا كل من توقى نجا اخر الشر فإنك إذا شئت تعجلته وأحسن إن أحببت
قوله تفلت بتشديد اللام أي تملص وتخلص من اليد فلم يمكن أن يحفظه والمراد لا تجزع على ما فاتك فان الجزع
عليه كالجزع على ما لم تصله فالثاني لا يجوز لأنه لا يحصر فينال فالجزع عليه مذموم فكذا الأول العزائم جمع العزيمة
وهو ما جزمت بها ولزمتها من الإرادة المؤكدة القصد الاعتدال جار أي مال عن الحق والصاحب مناسب
ينبغي أن يكون الصاحب كالنسيب المشفق ويراعى في المصاحب ما يراعى في قرابة النسب صدق غيبه أي حفظ
لك حقك وهو غائب عنك والهوى شريك العمى في كونهما موجبين للضلال وعدم الاهتداء معهما إلى ما
إلى ما ينبغي من المصلحة وفي بعض النسخ الهوى شريك العنا أي الشقاء والتعب منح مى طنى حمى بمعنى منع ودفع عنه وقام
بنصره والمريض ما يضره وطني اللديغ من لدغ العقرب عوفي وطني فلانا عالجه التكرم تكلف الكرم وتكرم عنه تتره اعتبه أعطاه
العتبي وارضاه عنه بعد اسخاطه إياه عليه الدنف محركة المرض اللازم والمريض الذي لزمه المرض والدنف بكسر النون
من لازمه مرضه الجمع أدناف وهو بلفظ واحد يقال رجل دنف وامرأة دنف وهما دنف مذكر أو مؤنثا وهم وهن
دنف لان الدنف مصدر وصف به إذا كان الطمع في الشئ هلاكا أي كان اليأس منه ادراكا للنجاة توقى أي تجنب
215

أن يحسن إليك واحتمل أخاك على ما فيه ولا تكثر العتاب فإنه يورث
الضغينة ويجر إلى البغضة واستعتب من رجوت اعتابه وقطيعة الجاهل
تعدل صلة العاقل ومن الكرم منع الحزم من كابر الزمان عطب
ومن ينقم عليه غضب (من ينتقم عليه غضب خ ل) ما أقرب النقمة
من أهل البغي وأخلق بمن غدران لا يوفى له زلة المتوقى أشد زلة و
علة الكذب أقبح علة والفساد يبير الكثير والاقتصاد يثمر اليسير والقلة
ذلة وبر الوالدين من كرم الطبيعة والزلل مع العجل ولا خير في لذة
تعقب ندما والعاقل من وعظته التجارب والهدى يجلو العمى و
لسانك ترجمان عقلك ليس مع الاختلاف ائتلاف من حسن الجوار تفقد
الجار لن يهلك من اقتصد ولن يفتقر من زهد بين عن امرء دخيله رب
باحث عن حتفه لا تشترين بثقة رجاء ما كل ما يخشى يضر رب هزل عاد
جدا من آمن الزمان خانه ومن تعظم عليه أهانه ومن ترغم عليه
أرغمه ومن لجأ إليه أسلمه وليس كل من رمى أصاب إذا تغير السلطان
216

تغير الزمان وخير أهلك من كفاك والمزاح يورث الضغاين و
ربما أكدى الحريص رأس الدين صحة اليقين وتمام الاخلاص تجنبك
المعاصي وخير المقال ما صدقه الفعال والسلامة مع الاستقامة
والدعاء مفتاح الرحمة سل عن الرفيق قبل الطريق وعن الجار
قبل الدار وكن من الدنيا على قلعة احمل لمن أدل عليك واقبل
عذر من اعتذر إليك وخذ العفو من الناس ولا تبلغ إلى أحد مكروهه
أطع أخاك وان عصاك وصله وإن جفاك وعود نفسك السماح
الحزم ضبط الامر وأحكامه والحذر من فواته والاخذ فيه بالثقة وهنا بمعنى الشدة والغلظة
عطب الرجل كفرح يعطب عطبا هلك وفي بعض النسخ من تنقم عليه غضب الأخلق الأجدر يقال
هو خليق به أي جدير بحث في الأرض حفرها والحتف الموت وفي المثل كالباحث عن حتفه بظلفه
يضرب لمن يطلب ما يؤدى إلى تلف النفس هزل في كلامه هزلا كضرب أي مزج وهو ضد الجد
قوله ومن تعظم عليه أهانه تنبيه على وجوب الحذر من الزمان ودوام ملاحظة تغيراته والاستعداد
لحوادثه قبل نزولها واستعار لفظ الخيانة باعتبار تغيره عند الغفلة عنه والامن فيه فهو في ذلك كالتصديق
الخائن قوله كل من رمى أصاب تنبيه على ما ينبغي من ترك الأسف على ما يفوت من المطالب والتسلي
بمن أخطأ في طلبه واليه أشار أبو الطيب ما كل من طلب المعالي نافذا فيها ولا كل الرجال فحول قوله إذا تغير
السلطان تغير الزمان تنبيه على أن تغير السلطان في رأيه ونيته وفعله في رعيته من العدل إلى الجور
يستلزم تغير الزمان عليهم إذا يغير من الاعداد للعدل الاعداد للجور أكدى الحريص يقال أكدى الرجل
أي لم يظفر بحاجته على قلعة أي على رحلة وعدم سكون للتوطن وفي بعض النسخ اجعل من أذل عليك
ولا تبلغ إلى أحد في بعض النسخ ولا تبلغ من أحد السماح الجود أي صير نفسك معتادة للجود
217

وتخير لها من كل خلق أحسنه فان الخير عادة وإياك أن تذكر من الكلام
قذرا أو يكون مضحكا وإن حكيت ذلك عن غيرك وانصف من نفسك قبل
أن ينتصف منك وإياك ومشاورة النساء فإن رأيهن إلى أفن و
عزمهن إلى وهن واكفف عليهن من أبصارهن بحجبك إياهن فان شدة
الحجاب خير لك ولهن وليس خروجهن بأشد من ادخالك من لا يوثق
به عليهن وان استطعت أن لا يعرفن غيرك فافعل ولا تملك المرأة
من أمرها ما جاوز نفسها فإن ذلك أنعلم لحالها وأرخى لبالها
وأدوم لجمالها فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة ولا تعد
بكرامتها نفسها ولا تطمعها أن تشفع لغيرها فتميل مغضبة عليك معها
ولا تطل الخلوة مع النساء فيملكنك أو تملهن واستبق من نفسك بقية
من امساكك عنهن وهن يرين أنك ذو اقتدار خير من أن يظهرن منك
على انتشار وإياك والتغاير في غير موضع غيرة فان ذلك يدعو الصحيحة
منهن إلى السقم ولكن أحكم أمرهن فإن رأيت ذنبا فعاجل النكير على
218

الكبير والصغير وإياك أن تعاقب فتعظم الذنب وتهون العتب وأحسن
لمماليك الأدب واقلل الغضب ولا تكثر العتب في غير ذنب فإذا استحق
أحد منهم ذنبا فأحسن العدل فان العدل مع العفو أشد من الضرب لمن
كان له عقل والتمسك بمن لا عقل له أوجب القصاص واجعل لكل امرء
منهم عملا تأخذه به فإنه أحرى أن لا يتواكلوا وأكرم عشيرتك فإنهم
جناحك الذي به تطير وأصلك الذي إليه تصير وبهم تصول وهم العدة
عند الشدة فأكرم كريمهم وعد سقيمهم وأشركهم في أمورهم وتيسر عند
معسور لهم واستعن بالله على أمورك فإنه أكفى معين استودع الله
دينك ودنياك وأسئله خير القضاء لك في الدنيا والآخرة والسلام عليك
ورحمة الله
القذر الوسخ قوله من قبل أن ينتصف منك أي عامل الناس بالأنصاف قبل أن يطلبوا منك النصف الا فن
بالتحريك ضعف الرأي الوهن الضعف من لا يوثق به عليهن أي ادخال من يوثق به عليهن إما مساو لخروجهن
في المفسدة أو أشد وكل ما كان كذلك لا يجوز الرخصة فيه وانما كان أشد في بعض الصور لان دخول من لا
يوثق به عليهن أمكن لخلوته بهن والحديث معهن فيها يزداد من الفاسد لا يتواكلوا أي يتكمل بعضهم على بعض
الصولة السطوة والقدرة أي بهم تسطو وتغلب على الغير والعدة بالضم الاستعداد وبالكسر الجماعة قوله
وعد سقيمهم من عاد المريض يعوده عيادة أي زاره
ومن كتبه عليه السلام
219

بشارة المصطفى لشيعة المرتضى تأليف أبي جعفر محمد بن علي الطبري من علماء الإمامية في المادة السادسة من الهجرة
المطبوع في النجف الأشرف سنة 1369 الهجرية ص 235 قال وكتب أمير المؤمنين عليه السلام فيما كتب إلى سهل بن
حنيف والله ما قلعت باب خيبر وقذفت به أربعين ذراعا لم يحس به
أعضائي بقوة جسدية ولا حركة غذائية ولكني أيدت بقوة ملكوتية
ونفس بنور ربها مضيئة فانا من أحمد كالضوء من الضوء والله لو
تظاهرت العرب على قتالي لما وليت ولو أمكنتني الفرصة من الفرار
ومن لم يبال متى حتفه عليه ساقط فجنانه في الملمات رابط
ومن وصاياه عليه السلام
بشارة المصطفى ص 249 قال عن أبي جعفر محمد بن منصور قال حدثني أبو الطاهر قال حدثنا أبي عن أبيه
ان عليا (عليه السلام) جمع أهل بيته وهم أحد عشر الحسن بن علي والحسين بن علي ومحمد بن علي
الأكبر وعمر بن علي ومحمد بن علي الأصغر والعباس بن علي و عبد الله بن علي وجعفر بن علي وعثمان
بن علي و عبد الله بن علي وأبو بكر بن علي فلما اجتمعوا عنده قال يا بني كبارا وصغارا لا
تكونوا كاشباه الفواه والحفاة الذين لم يتفقهوا في الدين ولم يعطوا
من الله اليقين كبيض بيض في أحدى ويح الفراخ آل محمد من خليفة
مستخلف عفريت مترف يقتل خلفي وخلف الخلف ثم قال والله
لقد علمت بتبليغ الرسالات وتمام الكلمات وتصديق العداة وليتمن
220

عليكم نعمته أهل البيت
ومن وصاياه عليه السلام
في كتاب الجمل للشيخ الجليل محمد بن محمد بن النعمان المفيد المطبوع في النجف الأشرف ص 209 قال ومما رواه
الواقدي عن رجاله قال لما أراد أمير المؤمنين عليه السلام الخروج إلى البصرة استخلف عليها عبد الله بن العباس
ووصاه وكان في وصيته له أن قال يا ابن عباس عليك بتقوى الله والعدل بمن
وليت عليه وان تبسط للناس وجهك وتوسع عليك مجلسك و
تسعهم بحلمك وإياك والغضب فإنه طيرة الشيطان وإياك والهوى
فإنه يصدك عن سبيل الله واعلم أن ما قربك من الله فهو مباعدك
من النار وما باعدك من الله فمقربك من النار واذكر الله كثيرا ولا تكن
من الغافلين
ومن وصاياه عليه السلام
تحف العقول ص 222 قال وقال لابنه الحسن عليهما السلام أوصيك بتقوى الله
وأقام الصلاة لوقتها وايتاء الزكاة عند محلها وأوصيك بمغفرة
الذنب وكظم الغيظ وصلة الرحم والحلم عند الجاهل والتفقه
في الدين والتثبت في الامر والتعهد للقرآن وحسن الجوار والامر
بالمعروف والنهي عن المنكر واجتناب الفواحش كلها في كل ما عصى الله فيه
221

ومن كتبه عليه السلام
تحف العقول ص 218 قال وكتب (عليه السلام) إلى عبد الله بن العباس (سهوا مكر رشده)
إما بعد فاطلب ما يعنيك واترك ما لا يعنيك فان في ترك ما لا يعنيك
درك ما يعنيك وانما تقدم على ما أسلفت لا على ما خلفت وابن ما
تلقاه غدا على ما تلقاه والسلام
ومن وصاياه عليه السلام
تحف العقول ص 191 قال وصيته عليه السلام لزياد بن النضر حين أنفذه على مقدمته إلى صفين
اتق الله في كل ممسى ومصبح وخف على نفسك الغرور ولا تأمنها على
حال من البلاء واعلم أن ك لم تزع نفسك عن كثير مما تحب مخافة مكروهة
سمت بك الأهواء إلى كثير من الضر حتى تظعن فكن لنفسك مانعا وازعا
عن الظلم والغي والبغي والعدوان قد وليتك هذا الجند فلا تستدلنهم
ولا تستطل عليهم فان خيركم أتقاكم تعلم من عالمهم وعلم جاهلهم
وأحلم عن سفيههم فإنك انما تدرك الخير بالعلم وكف الأذى والجهل
ثم أردفه بكتاب يوصيه فيه وحذره اعلم أن مقدمة القوم عيونهم
وعيون المقدمة طلائعهم فإذا أنت خرجت من بلادك ودنوت من
222

عدوك فلا تسأم من توجيه الطلائع في كل ناحية وفي بعض الشعاب
والشجر والخمر وفي كل جانب حتى لا يغيركم عدوكم ويكون لكم كمين ولا
تسير الكتائب والقبائل من لدن الصباح إلى المساء الا تعبية فان
دهمكم امرء أو غشيكم مكروه كنتم قد تقدمتم في التعبية وإذا أنزلتم
بعدو أو نزل بكم فليكن معسكركم في اقبال الاشراف أو في سفاح الجبال
أو أثناء الأنهار كيما تكون لكم ردءا ودونكم مردا ولتكن مقاتلتكم من
وجه واحد واثنين واجعلوا رقباءكم في صياصي الجبال وبأعلى الاشراف
وبمناكب الأنهار يريؤن لكم لئلا يأتيكم غدو من مكان مخافة أو آمن
وإذا نزلتم فانزلوا جميعا وإذا رحلتم فارحلوا جميعا وإذا غشيكم الليل فنزلتم
فحفوا عسكركم بالرماح والترسة واجعلوا رماتكم يلوون ترستكم كيلا
تصاب لكم غرة ولا تلقى لكم غفلة وأحرس عسكرك بنفسك وإياك أن ترقد
أو تصبح الا غرارا أو مضمضة ثم ليكن ذلك شأنك ودأبك حتى تنتهي إلى
عدوك وعليك بالتأني في حربك وإياك والعجلة إلا أن تمكنك فرصة
223

وإياك أن تقاتل الا أن يبدؤك أو يأتيك أمري والسلام عليك ورحمة الله
قوله عليه السلام ممسى ومصبح أي المساء والصباح لم تزع أي لم تكف ولم تمنع سمت أي ارتفعت
وازعا أي زاجرا ولا تستطل أي لا تقتل منهم أكثر ما كانوا قد قتلوا الخمر بالتحريك كل ما واراك من جبل
أو غيره الكتائب جمع الكتيبة القطعة من الجيش والقبائل جمع القبيلة وفي بعض النسخ القنابل جمع قنبلة
أي طائفة من الناس عبى الجيش تعبية أي هيأه وجهزه دهمكم امراى فجأكم وغشيكم اقبال جمع القبل
بالضم من المكان صفحه أي أسفله والاشراف المكان العالي سفح الجبل أصله وأسفله حيث يسفح أي ينصب
فيه الماء الأثناء جمع ثنى وثنى الوادي بالكسر منعطفه مردا مصرفا الصياصي الحصون والقلاع وكل ما
امتنع بها وصياصي الجبال أطرافها العالية ومناكب الأنهار نواحيها وجوانبها فحفوا فاحدقوا وأحاطوا
الترسة بالكسر جمع الترس بالضم المجن ويقال بالفارسية (سپر) والرماة بالضم جمع الرامي والغرة
بالكسر الغفلة ترقد تنام والغرار بالكسر النوم القليل وتمضمض أي دب الفرصة بالضم النوبة
ومن وصاياه عليه السلام
تحف العقول ص 176 قال وصيته عليه السلام محمد بن أبي بكر حين ولاه مصر
هذا ما عهد عبد الله علي أمير المؤمنين إلى محمد بن أبي بكر
حين ولاه مصر أمره بتقوى الله والطاعة له في السر والعلانية
وخوف الله في الغيب والمشهد وباللين للمسلم وبالغلظة على الفاجر
وبالعدل على أهل الذمة وبانصاف المظلوم وبالشدة على الظالم
وبالعفو عن الناس وبالاحسان ما استطاع والله يجزي المحسنين
ويعذب المجرمين وأمره أن يدعو من قبله إلى الطاعة والجماعة
فان لهم في ذلك من العافية وعظيم المثوبة ما لا يقدرون قدره
224

ولا يعرفون كنهه وأمره أن يلين جناحه لهم ويساوى بينهم في
مجلسه ووجهه ويكون القريب والبعيد عنده في الحق سواء وأمره
يحكم بين الناس بالعدل وأن يقيم بالقسط ولا يتبع الهوى ولا
يخاف في الله لومة لائم فإن الله مع من اتقاه واثر طاعته وأمره
على من سواه وكتب عبيد الله بن أبي رافع
عبيد الله بن أبي رافع من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام بل من خواصه وله كتاب قضايا أمير
المؤمنين عليه السلام وكتاب تسمية من شهد مع علي بن أبي طالب عليه السلام من الصحابة الجمل
وصفين والنهروان وأخوه علي بن أبي رافع من خيار الشيعة وكاتبا له عليه السلام وكان كثير الحفظ
وجمع كتابا في فنون من الفقه وأبوه إبراهيم أبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وآله وشهد مع علي
عليه السلام حروبه وكان صاحب ماله بالكوفة
ومن كتبه عليه السلام
كتاب الاختصاص للشيخ المفيد قدس سره المطبوع في طهران سنة 1379 الهجرية القمرية ص 138 قال كتاب معاوية إلى
علي عليه السلام وجواب علي عليه السلام على يد الطرماح إليه كتب معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب
صلوات الله عليه بسم الله الرحمن الرحيم إما بعد يا علي لأضربنك بشهاب قاطع لا يدكنه الريح ولا يطفأه الماء
إذا اهتز وقع وإذا وقع نقب والسلام فلما قرء علي عليه السلام كتابه دعا بدواة وقرطاس ثم كتب
بسم الله الرحمن الرحيم إما بعد يا معاوية فقد كذبت أنا علي بن أبي
طالب وأنا أبو الحسن والحسين قاتل جدك وعمك وخالك وأبيك وأنا
الذي أفنيت قومك في يوم بدر ويوم فتح ويوم أحد وذلك السيف بيدي
225

تحمله ساعدي بجرأة قلبي كما خلفه النبي صلى الله عليه وآله بكف
الوصي لم استبدل بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وآله نبيا وبالسيف
بدلا والسلام على من اتبع الهدى
ومن وصاياه عليه السلام
للطبيب اليوناني المدعى للفلسفة والطب بعد أن أسلم بيده عليه السلام وقد رواها الشيخ الجليل
أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي (ره) في كتابه الاحتجاج باسناده عن أبي محمد العسكري عن علي بن
الحسين زين العابدين عليهم السلام أنه قال قال له علي عليه السلام
آمرك أن تقر لله بالوحدانية وتشهد له بالجود والحكمة وتنزهه
عن العبث والفساد وعن ظلم الإماء والعباد وتشهد أن محمدا
الذي أنا وصيه سيد الأنام وأفضل رتبة في دار السلام وتشهد
أن عليا الذي أراك ما أراك وأولاك من النعم ما أولاك خير خلق الله
بعد محمد رسول الله وأحق خلق الله بمقام محمد صلى الله عليه و
آله بعده وبالقيام بشرايعه وأحكامه وتشهد أن أولياءه أولياء
الله وأعداءه أعداء الله وأن المؤمنين المشاركين لك فيما كلفتك
المساعدين لك فيما أمرتك (على ما أمرتك) به خيرة أمة محمد صلى الله
226

عليه وآله وصفوة شيعة علي وآمرك أن تواسى اخوانك المطابقين
لك على تصديق محمد صلى الله عليه وآله وتصديقي والانقياد
له ولي مما رزقك الله وفضلك على من فضلك به منهم تسد فاقتهم
وتجبر كسرهم وخلتهم ومن كان منهم في درجتك في الايمان ساويته
من مالك بنفسك ومن كان منهم فاضلا عليك في دينك آثرته
بمالك على نفسك حتى يعلم الله منك أن دينه آثر عندك من مالك
وان أولياءه أكرم عليك من أهلك وعيالك وآمرك أن تصون دينك
وعلمنا الذي أودعناك واسرارنا التي حملناك ولا تبد علومنا لمن يقابلها
بالعناد ويقابلك من أهلها بالشتم واللعن والتناول من العرض والبدن
ولا تفش سرنا إلى من يشنع علينا وعند الجاهلين بأحوالنا ولا تعرض
أولياءنا لبوادر الجهال وآمرك أن تستعمل التقية في دينك فإن الله
عز وجل يقول لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين
ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ الا أن تتقوا منهم تقاة وقد
227

أذنت لك في تفضيل أعداءنا ان لجأك الخوف إليه وفي اظهار البراءة منا
ان حملك الوجل عليه وفي ترك الصلوات المكتوبات ان خشيت على حشاشتك
الآفات والعاهات فان تفضيلك أعداءنا علينا عند خوفك لا ينفعهم
ولا يضرنا وإن اظهارك براءتك منا عند تقيتك لا يقدح فينا ولا ينقصنا
ولان تبرأت منا ساعة بلسانك وأنت موال لنا بجنابك لتبقى على نفسك
روحها التي بها قوامها ومالها الذي به قيامها وجاهها الذي به تماسكها
وتصون من عرف بذلك وعرفت به من أولياءنا وإخواننا من بعد ذلك بشهور
وسنين إلى أن يفرج الله تلك الكربة وتزول به تلك الغمة فإن ذلك أفضل
من أن تتعرض للهلاك وتنقطع به عن عمل الدين وصلاح اخوانك المؤمنين
وإياك ثم إياك أن تترك التقية التي أمرتك بها فإنك شائط بدمك ودم
خوانك معرض لنعمك ونعمهم على الزوال مذل لك ولهم في أيدي
أعداء دين الله وقد أمرك الله باعزازهم فإنك إن خالفت وصيتي كان
ضررك على نفسك واخوانك أشد من ضرر المناصب لنا الكافر بنا
228

ومن وصاياه عليه السلام
فروع الكافي في كتاب الوصايا رواها عن أبي على الأشعري عن محمد بن عبد الحبار ومحمد بن إسماعيل عن
الفضل بن شاذان عن صفوان بن يحيى وفي التهذيب لشيخ الطائفة عن الحسين بن سعيد عن صفوان
بن يحيى عن عبد الرحمن بن الحجاج واللفظ عن الكافي قال بعث إلى أبو الحسن موسى عليه السلام بوصية أمير
المؤمنين عليه السلام وهي بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اوصى به وقضى به في
ماله عبد الله على ابتغاء وجه الله ليولجني به الجنة ويصرفني به عن
النار ويصرف النار عنى يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ان ما كان لي
من مال بينبع يعرف لي فيها وما حولها صدقة ورقيقها غير أن رياحا
وأبا نيزر وجبير اعتقاء أهاليهم وفي التهذيب غير أبى رياح وأبى نيزر وجبير عتقاء ليس لأحد عليهم سبيل فهم موالى يعلمون في النال خمس حجج وفيه
نفقتهم ورزقهم وارزاق أهاليهم وسع ذلك ما كان لي بوادي القرى
كله من مال لبنى فاطمة ورقيقها صدقة وما كان لي بديمة وأهلها
صدقة غير أن زريقا له مثل ما كتبت لأصحابه (وفي التهذيب غير أن رقيقها
لهم مثل ما كتبت لأصحابهم) وما كان لي بأذينة وأهلها صدقة والقصيرة
والعفرتين (خ ل) كما قد علمتم صدقة في سبيل الله وان الذي كتبت من موالى
229

هذه صدقة واجبة بتلة حيا انا أو ميتا ينفق كل نفقة ينبغي بها
وجه الله وفي سبيل الله ووجهه وذوي الرحم من بني هاشم وبني المطلب
والقريب والبعيد فإنه يقوم على ذلك الحسن بن علي يا كل
منه بالمعروف وينفقه حيث يراه الله عز وجل في حل محلل الاحرج
عليه فيه فان أراد ان يبيع نصيبا من المال فيقضى به الدين فليفعل
ان شاء ولاحرج عليه فيه وان شاء جعله سرى الملك (وفي التهذيب
شراء الملك) وان ولد على ومواليهم وأموالهم إلى الحسن بن علي
وإن كانت دار الحسن بن علي غير دار الصدقة فبدا له ان يبيعها فليبع
ان شاء لا حرج عليه فيه وان باع فإنه يقسم ثمنها ثلاثة أثلاث
فيجعل ثلثا في سبيل الله وثلثا في بني هاشم وبني المطلب ويجعل
الثلث في آل أبي ي ألب وانه يضعه فيهم حيث يراه الله وان حدث
بحسن حدث وحسين حي فإنه إلى الحسين بن علي وان حسينا يفعل
فيه مثل الذي امرت به حسنا له مثل الذي كتبت للحسن وعليه
230

مثل الذي على الحسن وان لبنى (لابنى) فاطمة من صدقة على مثل
الذي لبنى على وانى انما جعلت الذي جعلت لابنى فاطمة ابتغاء وجه
الله عز وجل وتكريم حرمة رسول الله صلى الله عليه وآله وتعظيمهما
وتشريفهما ورضاهما وان حدث بحسن وحسين حدث فان الاخر
منهما ينظر في بنى على فان وجد فيهم من يرضى به فان وجد آل أبي طالب
قد ذهب كبرائهم وذووا آرائهم فإنه يجعله إلى رجل يرضاه من
وينفق ثمره حيث امرته به من سبيل الله ووجهه وذوي الرحم
من بني هاشم وبني المطلب والقريب والبعيد لا يباع منه شئ ولا
يوهب ولا يورث وانمال محمد بن علي وهو إلى ابني فاطمة وان رقيقي
الذين في صحيفة صغرة التي كتبت لي عتقاء (كلمة ليس في التهذيب) هذا ما
231

قضى به علي بن أبي طالب في أمواله هذه من قدم مسكن
ابتغاء وجه الله والدار الآخرة والله المستعان على كل حال ولا يحل
لامرء مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقول في شئ قضيته من مالي
ولا يخالف فيه امرى من قريب أو بعيد إما فان ولائدي
اللائي أطوف عليهن السبعة عشر منهن أمهات أولاد معهن أولاد هن
ومنهن حبالى ومنهن من لا ولد له فقضائي فيهن ان بي حدث
انه من كان منهن ليس لها ولد وليست بحبلى فهي عتيق لوجه الله
عز وجل ليس لأحد علهن سبيل ومن كان منهن لها ولد أو
حبلى فتمسك على ولدها وهي من حظه (في بعض النسخ في حصته) فان
قضى به على في ماله الغد من يوم مسكن شهد أبو سمر بن
أبرهة وصعصعة بن صوحان ويزيد بن قيس وهياج بن أبي هياج
وكتبت علي بن أبي طالب بيده لعشر خلون من جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين
232

ومن كتاب عليه السلام
روى العلامة المجلسي أعلى الله مقامه في المجلد الثامن من البحار في باب شكاية أمير المؤمنين عليه السلام عمن
تقدمه ص 180 طبع امين الضرب عن تاريخ أحمد بن أعثم الكوفي انه كتب عليه السلام في جواب كتاب كتب
إليه معاوية والجواب هذا
إما بعد فإنه اتانى كتابك تذكر فيه حسدي للخلفاء وابطائي
وذلك أنه لما قبض النبي صلى الله عليه وآله واختلف الأمة قالت
قريش منا الأمير وقالت الأنصار بل منا الأمير فقالت قريش محمد
صلى الله عليه وآله منا ونحن أحق بالامر منكم فسلمت الأنصار القريش
الولاية والسلطان فإنما تستحقها قريش بمحمد صلى الله عليه وآله
دون الأنصار نحن أهل البيت أحق بهذا من غيرنا (إلى قوله عليه السلام)
وقد كان أبوك أبو سفيان جاءني في هذا الوقت الذي بايع الناس
فيه أبا بكر فقال لي أنت أحق بهذا الامر من غيرك وانا يدك على من
خالفك وان شئت لأملأن المدينة خيلا ورجلا على ابن أبي قحافة
فلم اقبل ذلك فكنت انا الذي أبيت عليه مخافة الفرقة بين أهل الاسلام
233

فان تعرف من حقي ما كان أبوك يعرفه لي فقد أصبت رشدك وان
أبيت فها انا قاصد إليك والسلام
ومن كتبه عليه السلام
المجلد الثامن ص 390 من البحار عن أبي الحديد في شرح النهج قال لما بويع عليه السلام كتب إلى معاوية
إما بعد فان الناس قتلوا عثمان عن غير مشورة منى وبايعوني عن
مشورة منهم واجتماع فإذا اتاك كتابي فبايع بي واو فد إلى اشراف
أهل الشام قبلك ومن كتبه عليه السلام
في المجلد الثامن ص 558 من البحار نقله العلامة المجلسي عن كتاب سليم بن قيس الهلالي بالاسناد عن ابان
عنه قال قال وحدثني أيضا عمر بن أبي سلمة وزعم أبو هريرة العبدي انه سمعه عن أبي سلمة
ان معاوية دعا أبا الدرداء ونحن مع أمير المؤمنين عليه السلام بصفين ودعا أبا هريرة فقال
لهما انطلقا إلى علي فاقرءاه منى السلام وأطال الكلام مفصلا من ارساله معهما كتابا إلى أمير المؤمنين
وأرسله عليه السلام معهما جوابه قال بعد كلام طويل ثم كتب معاوية إلى أمير المؤمنين عليه السلام
كتابا اخر ونقل الكتاب إلى أن قال فكتب إليه أمير المؤمنين عليه السلام إما بعد فقد قرأت
كتابك فكثر ما يعجبني مما خطت فيه يدك وأطنبت فيه من كلامك و
من البلاء العظيم والخطب الجليل على هذه الأمة ان يكون مثلك يتكلم
أو ينظر في عامة امرهم أو خاصة وأنت من تعلم وأين من قد علمت
وانا من قد علمت وأين من تعلم وسأجيبك فيما قد كتبت بجواب
234

لا أظنك تعقله أنت ولا وزيرك ابن النابغة عمرو الموافق لك كما وافق شن
طبقة فإنه هو الذي امرك بهذا الكتاب وزينة لك وحضر كما فيه إبليس
ومردة أصحابه وفي رواية أخرى ومردة أبالسته وان رسول الله صلى الله
عليه وآله قد كان اخبرنى انه رأى على منبره اثنى عشر رجلا أئمة ضلال
من قريش يصعدون منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وينزلون
على صورة القردة (القرود؟) يردون أمته على ادبارهم عن الصراط
المستقيم اللهم وقد خبرني بأسماء هم رجلا رجلا وكم يملك كل واحد
منهم واحدا بعد واحد عشرة منهم من بنى أمية ورجلين من حيين
مختلفين من قريش عليهما مثل أوزار الأمة جميعا إلى يوم القيمة
ومثل جميع عذابهم فليس دم يهرق في غير حقه ولافرج يغشى ولا
حكم بغير حق الا كان عليهما وزره وسمعته يقول إن بنى العاص إذا
بلغوا ثلاثين رجلا جعلوا كتاب الله دخلا وعباد الله حولا خولا ومال الله دولا وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا اخى انك لست
235

كمثلي ان الله امرنى اصدع بالحق واخبرنى يعصمني من الناس وأمرني ان أجاهد ولو بنفسي فقال جاهد في سبيل الله ولا تكلف الا
نفسك وقال حرض المؤمنين على القتال وقد مكث بمكة ما مكثت
لم أمر بقتال ثم امرنى بالقتال لأنه لا يعرف الدين الابى وفي ولا
الشرايع ولا السنن والاحكام والحدود ولا الحلال والحرام وان
الناس يدعون بعدي ما امرهم الله به وما امرتهم فيك من ولايتك
وما أظهرت من محبتك متعمدين غير جاهلين مخالفة ما انزل الله
فيك فان وجدت أعوانا عليهم فجاهد هم وان لم تجد أعوانا فاكفف
يدك واحقن دمك واعلم انك ان دعوتهم لم يستجيبوا لك فلا تدعن
ان تجعل الحجة عليهم انك يا اخى لست مثلي انى قد أقمت حجتك وأظهرت
لهم ما انزل الله فيك وانه لم يعلم انى رسول الله وان حقي وطاعتي
واجبان حتى أظهرت ذلك فانى كنت قد أظهرت حجتك وقمت بامرك
فان سكت عنهم لم تأثم غير أنه أحب ان تدعوهم وان لم يستجيبوا لك
236

ولم يقبلوا منك وتظاهرت عليك ظلمة قريش فإني أخاف عليك أن
ناهضت القوم ونابذتهم وجاهدتهم من غير أن يكون معك فئة
تقوى بهم أن يقتلوك والتقية من دين الله ولا دين لمن لا تقية له
وإن الله قضى الاختلاف والفرقة على هذه الأمة ولو شاء لجمعهم
على الهدى ولم يختلف اثنان منهما ولا من خلقه ولم يتنازع من شئ
من أمره ولم يجحد الفضول ذا الفضل فضله ولو شاء عجل منهم النقمة
وكان منه التغيير حتى يكذب الظالم ويعلم الحق أين مصيره والله جعل
الدنيا دار الأعمال وجعل الآخرة دار الثواب والعقاب ليجزي الذين
أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى فقلت شكر الله على نعمائه
وصبرا على بلاءه وتسليما ورضا بقضاءه ثم قال صلى الله عليه وآله
وسلم يا أخي أبشر فإن حياتك وموتك معي وأنت أخي وأنت وصيي وأنت وزيري
وأنت وارثي وأنت تقاتل على سنتي وأنت مني بمنزلة هارون من موسى و
لك بهارون أسوة حسنة إذا استضعفه أهله وتظاهروا عليه وكادوا
237

يقتلونه فاصبر لظلم قريش إياك وتظاهرهم عليك فإنها ضغائن في صدور
قوم احقاد بدر وترات أحد وان موسى أمر هارون حين استخلفه في قومه
إن ضلوا فوجد أعوانا أن يجاهدهم بهم فإن لم يجد أعوانا أن يكف يده
ويحقن دمه ولا يفرق بينهم فافعل أنت كذلك إن وجدت عليهم
أعوانا فجاهدهم وان لم تجد أعوانا فاكفف يدك واحقن دمك فإنك ان
نابذتهم قتلوك واعلم انك ان لم تكف يدك وتحقن دمك إذا لم تجد أعوانا
تخوفت عليك أن يرجع الناس إلى عبادة الأصنام والجحود بأني رسول
الله فاستظهر بالحجة عليهم ودعهم ليهلك الناصبون لك والباغون
عليك ويسلم العامة والخاصة فإذا وجدت يوما أعوانا على إقامة كتاب
الله والسنة فقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله فإنما يهلك
من الأمة من نصب لك ولاحد من أوصياءك وعادى وجحد ودان بخلاف
ما أنتم عليه ولعمري يا معاوية لو ترحمت عليك وعلى طلحة والزبير ما كان
ترحمي عليكم واستغفاري لكم ليحق باطلا بل يجعل الله ترحمي عليكم و
238

استغفاري لكم لعنة عليكم وعذابا وما أنت وطلحة والزبير بأحقر
جرما ولا أصغر ذنبا ولا أهون بدعة وضلالة ممن استنالك ولصاحبك
الذي تطلب بدمه ووطئا لكم ظلمنا أهل البيت وحملاكم على رقابنا
قال الله تبارك وتعالى ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون
بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين
آمنوا سبيلا أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد لهم
نصيرا أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا أم يحسدون
الناس على ما آتاهم الله من فضله فنحن الناس ونحن المحسودون
قال الله عز وجل فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم
ملكا عظيما فالملك العظيم أن جعل فيهم أئمة من أطاعهم أطاع
الله ومن عصاهم عصى الله والكتاب والحكمة والنبوة فلم يقرون
بذلك في آل إبراهيم وينكرونه في آل محمد يا معاوية فان تكفر بها
أنت وصاحبك ومن قبلك من طغاة أهل الشام واليمن والاعراب
239

أعراب ربيعة ومضر جفاة الأمة فقد وكل الله قوما ليسوا بها بكافرين
يا معاوية إن القرآن حق ونور وهدى ورحمة وشفاء للمؤمنين
والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى يا معاوية إن
الله لم يدع صنفا من أصناف الضلالة والدعاة إلى النار الا وقد رد
عليهم واحتج عليهم في القرآن ونهى عن اتباعهم وأنزل فيهم
قرآنا ناطقا علمه من علمه وجهله من جهله إني سمعت من رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ليس من القرآن آية الا ولها
ظهر وبطن وما من حرف الا وله تأويل وما يعلم تأويله الا الله والراسخون
في العلم الراسخون نحن آل محمد وأمر الله سائر الأمة أن يقولوا آمنا
به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب وأن يسلموا إلينا و
قد قال الله ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين
يستنبطونه منهم هم الذين يسئلون عنه ويطلبونه ولعمرى لو أن الناس
حين قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سلموا لنا واتبعونا و
240

قلدونا أمورهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ولما
طمعت أنت يا معاوية فما فاتهم منا أكثر مما فاتنا منهم ولقد
أنزل الله في وفيك سورة خاصة الأمة يؤولونها على الظاهر و
لا يعلمون ما الباطن وهي في سورة الحاقة فأما من أوتي كتابه بيمينه
وأما من أوتي كتابه بشماله وذلك أنه يدعي بكل امام ضلالة و
امام هدى ومع كل واحد منهما أصحابه الذين بايعوه فيدعى بي و
بك يا معاوية وأنت صاحب السلسلة الذي يقول يا ليتني لم أوت كتابيه
ولم أدر ما حسابيه سمعت رسول الله يقول ذلك صلى الله عليه وآله
وسلم وكذلك كل إمام ضلالة كان قبلك أو يكون بعدك له مثل ذلك
من خزي الله وعذابه ونزل فيكم قول الله عز وجل وما جعلنا الرؤيا التي
أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن وذلك أن رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى اثني عشر إماما من أئمة الضلالة
على منبره يردون الناس على أدبارهم القهقري رجلان من قريش وعشرة
241

من بني أمية أول العشرة صاحبك الذي تطلب بدمه وأنت وابنك و
سبعة من ولد الحكم بن أبي العاص أولهم مروان وقد لعنه رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم وطرده وما ولد حين اسمع نبينا صلى الله
عليه وآله (حين استمع لنساء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)
يا معاوية إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا ثوابا وقد سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنت ووزيرك وصويحبك يقول
إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا كتاب الله دخلا وعباد الله
خولا ومال الله دولا يا معاوية إن نبي الله زكريا نشر بالمنشار ويحيى ذبح
وقتله قومه وهو يدعوهم إلى الله عز وجل وذلك لهوان الدنيا على الله
إن أولياء الشيطان قد حاربوا أولياء الرحمن قال الله ان الذين يكفرون
بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط
من الناس فبشرهم بعذاب أليم يا معاوية إن رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم قد أخبرني أن بني أمية سيخضبون لحيتي من دم رأسي و
242

أني مستشهد وستلى الأمة من بعدي وانك ستقتل ابني الحسن بالسم
وان ابنك يزيد لعنه الله سيقتل ابني الحسين يلي ذلك منه ابن زانية
وان الأمة سيليها من بعدك سبعة من ولد أبي العاص وولد مروان
بن الحكم وخمسة من ولد تكملة اثني عشر إماما قد رأيهم رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم يتواثبون على منبره تواثب القردة يردون أمته
على دين الله على أدبارهم القهقري وانهم أشد الناس عذابا يوم القيامة
وان الله سيخرج الخلافة منهم برايات سود تقبل من الشرق يذلهم الله بهم
ويقتلهم تحت كل حجر وان رجلا من ولدك مشوم ملعون جلف جاف منكوس
القلب فظ غليظ القلب قد نزع الله من قلبه الرأفة والرحمة أخواله من كلب
كأني أنظر إليه ولو شئت لسميته ووصفته وأين كم هو فيبعث جيشا إلى
المدينة فيدخلونها فيسرفون فيها في القتل والفواحش ويهرب منهم رجل
من ولدي زكي تقي الذي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا
واني لأعرف اسمه أين كم هو يومئذ وعلامته وهو من ولد ابني الحسين
243

الذي يقتله ابنك يزيد وهو الثائر بدم أبيه فيهرب إلى مكة ويقتل صاحب
ذلك الجيش رجلا من ولدي زكيا بريا عند أحجار الزيت ثم يسير ذلك الجيش
إلى مكة واني لاعلم اسم أميرهم وأسماءهم وسمات خيولهم فإذا دخلوا
البيداء واستوت بهم الأرض خسف الله بهم قال الله عز وجل ولو ترى
إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب قال من تحت أقدامهم فلا يبقى
من ذلك الجيش أحد غير رجل واحد يقلب الله وجهه من قبل قفاه ويبعث
الله للمهدي أقواما يجمعون من الأرض قزع كقزع الخريف والله إني لأعرف
أسماءهم واسم أميرهم ومناخ ركابهم فيدخل المهدي الكعبة ويبكي و
يتضرع قال جل وعز أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم
خلفاء الأرض هذا لنا خاصة أهل البيت إما والله يا معاوية لقد كتبت
إليك هذا الكتاب وإني لاعلم انك لا تنتفع به وانك لتفرح إذا أخبرتك
انك ستلي الامر وابنك بعدك لان الآخرة ليست من بالك وانك بالآخرة
لمن الكافرين وستندم كما ندم من أسس هذا الامر لك وحملك على رقابنا
244

حين لم تنفعه الندامة ومما دعاني إلى الكتاب بما كتبت به انى امرت
كاتبي ان ينسخ ذلك لشيعتي ورؤس أصحابي لعل الله ان ينفعهم بذلك
أو يقرأه واحد من قبلك فيخرجه الله به وبنا من الضلالة إلى الهدى
ومن ظلمك وظلم أصحابك وفتنتهم وأجبت ان احتج عليك
فكتب اله معاوية هنيئا لك يا أبا الحسن تملك الآخرة وهنيئا لنا نملك الدنيا
ومن كتبه عليه السلام
في المجلد الثامن من البحار ص 470 في باب بغى معاوية قال كتب على إلى جرير إما بعد فإنما
أراد معاوية ان لا يكون لي في عنقه بيعة وان يختار من امره ما أحب
وأراد ان يرثيك حتى تذوق أهل الشام وان المغيرة بن شعبة قد كان
أشار على أن استعمل معاوية على الشام وانا بالمدينة فأبيت ذلك
عليه ولم يكن الله ليراني اتخذ المضلين عضدا فان بايعك الرجل والا
فاقبل ومن كتبه عليه السلام
في المجلد الثامن من البحار ص 376 باسناده عن عبد الله بن عوف وقال كان كتاب علي بن عباس
إما بعد فاشخص إلى بمن قبلك من المسلمين والمؤمنين وذكر هم
245

بلائي عندهم وعفوي عنهم واستبقائي لهم ورغبهم في الجهاد واعلمهم
الذي لهم في ذلك من الفضل والسلام
ومن كتبه عليه السلام
المجلد الثامن من البحار ص 447 روى عن أبي مخنف لوط بن يحيى عن عبد الله بن عاصم عن محمد بن
بشير الهمداني قال ورد كتاب أمير المؤمنين عليه السلام مع عمرو بن سلمة الأرجى إلى أهل الكوفة
فكبر الناس تكبيرة سمعها عامة الناس واجتمعوا لها في المسجد ونودي الصلاة جمعا فلم يتخلف أخد
وقرء الكتاب فكان فيه بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله أمير المؤمنين إلى
قرظة بن كعب ومن قبله من المسلمين سلام عليكم فانى احمد إليكم
الله الذي لا اله الا هو إما بعد فانا لقينا القوم الناكثين لبيعتنا و
المفارقين لجماعتنا الباغين علينا في امتنا فحججنا هم فحاكمنا هم إلى الله
فأدالنا عليهم فقتل طلحة والزبير وقد تقدمت إليهما بالمعذرة و
أقبلت إليهما النصيحة واستشهدت عليهما صلحاء الأمة فما أطاعا
المرشدين ولا أجابا الناصحين ولا ذاهل البغى بعايشة فقتل حولها
من أهل البصرة عالم جسيم وضرب الله وجه بقيتهم فأدبروا فما كانت
ناقة الحجر بأشئم عليهم منها على أهل ذلك المصر مع ما جاءت به من
246

الحرب الكبير في معصيتها ربها ونبيها واغترارها في تفريق المسلمين وسفك دماء المؤمنين بلا بينة ولا معذرة ولا حجة ظاهرة فلما هزمهم
الله امرت ان لا يبتع مدبر ولايجاز (لا يجهز؟) على جريح ولا يكشف
عورة ولا يهتك ستر ولا يدخل دار الا بإذن وامنت الناس وقد استشهد منا رجال صالحون ضاعف الله حسناتهم ورفع درجاتهم
وأثابهم ثواب الصادقين الصابرين وجزاكم الله من أهل مصر عن أهل بيت
نبيكم أحسن جزاء العاملين بطاعته والشاكرين لنعمة فقد سمعتم
وأطعتم وأجبتم إذا دعيتم فنعم الاخوان والأعوان على على الحق أنتم والسلام
عليكم ورحمة الله وبركاته كتب عبيد الله بن أبي رافع في رجب سنة ست وثلثين
ومن وصاياه عليه السلام
في المجلد السابع عشر من البحار ص 122 عن كتاب مطالب السئول المحمد بن طلحة الشافعي قال قال عليه السلام
احذروا الدنيا إذا أمات الناس الصلاة وأضاعوا الأمانات واتبعوا
الشهوات واستحلوا الكذب وأكلوا الربا وأخذوا الرشا وشيدوا
البناء واتبعوا الهوى وباعوا الدين بالدنيا واستخفوا بالدماء و
247

ركنوا إلى الربا وتقاطعت الأرحام وكان الحلم ضعفا والظلم فخرا و
الامراء فجرة والوزراء كذبه والامناء خونة والأعوان ظلمة و
القراء فسقة وظهر الجور وكثر الطلاق وموت الفجاة وحليت المصاحف
وزخرفت المساجد وطولت المنابر ونقضت العهود وخربت القلوب
واستحلوا المعازف وشرب الخمور وركبت الذكور واشتغل النساء
وشاركن أزواجهن في فحينئذ عدوا أنفسكم في الموتى ولا تغرنكم الحياة الدنيا
فان الناس اثنان برتقى واخر شقى والدار داران لا ثالث لهما والكتاب واحد لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها الا وان حب الدنيا
رأس كل خطيئة وباب كل بلية ومجمع كل فتنة وداعية كل ريبة
الويل لمن جمع الدنيا وأورثها من لا يحمده وقدم على من لا يعذره
الدنيا دار المنافقين وليست بدار المتقين فليكن حظك من الدنيا
248

قد وقع الفراغ من تسويد هذا الكتاب وتأليفه عشية يوم الجمعة ليلية الثالث من شهر شعبان المعظم يوم
ميلاد السبط الثاني والامام الثالث سيد شباب أهل الجنة رحمة الله الواسعة سفينة نجاة العاصين
من المؤمنين زين السماوات والأرضيين مصباح الهدى والعروة الوثقى التي لا انفصام لها قرة عين
الرسول وفلذة كبد البتول سيد الكونين وشفيع النشأتين مولانا ومولى الثقلين أبى عبد الله
الحسين سلام الله عليه وعلى جده وأبيه وامه وبنيه ستة ثمان وثمانين و
ثلاثمأة بعد الآلف من الهجرة المقدسة النبوية على مهاجر ها صلاة لا تحصى
وتحية لا تنتهي وتسليم لا تعد والحمد لله على ما هدانا وله الشكر على ما
أولانا ولقد ألفته وكتبته بيمناي الداثرة وانا العاصي الاثم
ابن علي بن القاسم الحمدآبادي الجرقوي الأصبهاني
حسن الميرجهاني الطباطبائي الحسنى الحسيني وقاه
الله عن عن التواني وعفى الله عنس جرائمه
249