الكتاب: مقتضب الأثر
المؤلف: أحمد بن عياش الجوهري
الجزء:
الوفاة: ٤٠١
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة: العلمية - قم
الناشر: مكتبة الطباطبائي - قم
ردمك:
ملاحظات:

كتاب
مقتضب الأثر
في النص على الأئمة الاثني عشر
تأليف
المحدث العلامة الشيخ أحمد بن عبيد الله بن عياش
الجوهري قدس سره المتوفي سنة 401 ه‍ مع مقدمة وتعليقات قيمة
الناشر
مكتبة الطباطبائي
قم مدرسة فيضية المطبعة العلمية - قم
تعريف الكتاب 1

بسم الله وله الحمد
الحمد لله الذي وفقني بنشر هذا الأثر الديني القيم الذي هو - مع
صغر حجمه - من نفائس كتب الشيعة، وقد تفضل علينا الأستاذ العلامة
المتبحر: الشيخ لطف الله الصافي الگلپايگاني بتأليف مقدمة حول الكتاب
ومؤلفه الجليل وتخريج أحاديثه من كتب الخاصة والعامة، فجزاه الله
عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
وقد من علينا الفاضل المتتبع الورع: الحاج السيد هاشم الرسولي
دامت بركاته العالية بتصحيح الكتاب وتهذيبه والتعليق عليه فشكرا
له ثم شكرا.
الناشر
كلمة الناشر 2

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين
الطاهرين المعصومين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.
وبعد: فمن المباحث التي كثر البحث عنها، وظهر الحق فيها
لمن توخاه، مبحث الإمامة والرياسة العامة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإنه من أقدم
المباحث الاسلامية، ويرجع تاريخه إلى عصر الرسول صلى الله عليه وآله
بل إلى أوايل أزمنة الدعوة والبعثة، ولما نزل قوله تعالى: وانذر عشيرتك
الأقربين. وظهر بصورة أهم المباحث الدينية والسياسية في حجة الوداع
في غدير خم، وفى مرض موت النبي صلى الله عليه وآله وسم حين دعى بقلم ودواة وتنازعوا
في انفاذ امره فرأى بعضهم ذلك إطاعة للنبي الذي لا ينطق عن الهوى ان
هو الأوحى يوحى، وقال بعضهم: ما قال! وتجاوز عن حد الأدب وصدر
منه مالا ينبغي للمسلم المؤمن بمعنى الرسالة نقله، فضلا عن التكلم
به! فوقعت المصيبة العظمى وهي منع الرسول صلى الله عليه وآله عن كتابة
وصيته.
ولما ارتحل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى جوار ربه تعالى صار ذلك أكبر
مسألة اليوم وموردا للتشاجر، وتدافع الآراء والأهواء، ووقع ما وقع
وانقلب تاريخ الاسلام، وتغير مسيره، وآل الامر إلى أن تولى خلافة النبي
صلى الله عليه وآله وسلم وزعامة الأمة أمثال يزيد والوليد وغيرهما من بنى أمية وبنى العباس
المقدمة 3

فقلبوا الاسلام ظهرا لبطن، واستبدوا، وعاملوا مع المسلمين معاملة
السلاطين والملوك مع أبناء جيلهم، وارتكبوا من الجرائم، والمظالم،
والقتل الفجيع، وقطع الأيدي والألسن، واضطهاد دعاة العدل والحرية
الاسلامية، وتعذيب أهل الحق ما سودت صحايف التاريخ، وكان أعظم
ما ترتب على ذلك من المفاسد منع المسلمين عن الرجوع إلى أهل بيت
النبي صلى الله عليه وآله وسلم علماء الاحكام واعدال الكتاب وأئمة الخلق الذين نص النبي
صلى الله عليه وآله وسلم بان التمسك بهم وبالكتاب امن من الضلال، وانهما لن يتفرقا حتى
يردا على الحوض.
غير أن أرباب السياسات والدعايات الباطلة لم يتمكنوا من إطفاء نورهم
فهم وان منعوهم عن مناصبهم الظاهرية لم تمس أيديهم مناصبهم الروحية
وما أعطاهم الله تعالى من العلم والحكمة والفضايل النفسانية فصدر منهم
من العلوم كالتفسير والفقه والأخلاق والآداب وأصول الدين وغيرها
ما يكفي جميع حاجيات البشر، وقد اخذ العلم من الإمام جعفر بن محمد الصادق
عليه السلام جماعة تزيد عددهم عن أربعة آلاف رجل، حتى أن الحافظ الجليل
ابن عقدة المتوفى سنة 333 أحد شيوخ أبى عبد الله الجوهري صاحب مقتضب
الأثر صنف كتابا في أسماء الرجال الذين رووا عنه أربعة آلاف رجل، واخرج
لكل رجل حديثا رواه عن الامام صادق عليه السلام، وله أيضا كتاب من روى عن
أمير المؤمنين وكتاب من روى عن الحسن والحسين، وكتاب من روى
عن علي بن الحسين، وكتاب من روى عن أبي جعفر محمد بن علي عليهم السلام، و
هو الذي قال في مجلس مناظرة له انه يجيب بثلثمأة الف حديث من أحاديث
أهل البيت عليهم السلام.
وقال الشيخ: أخبرنا بجميع كتبه أحمد بن عبدون عن محمد بن أحمد
المقدمة 4

بن الجنيد (1) وقد ذكر كرائم الخلاق أئمة أهل البيت عليهم السلام وفضائلهم
ومناقبهم واخبارهم، مشاهير رجال الحديث في كتبهم التي لا نقدر على
احصائها، كما أنهم أفردوا في النصوص عليهم، وفى تواريخهم وأخبارهم
وما صدر عنهم من الأحاديث في أصول الدين وجميع أبواب الفقه كتبا
لا يخفى كثرتها على من كان له قليل من التتبع.
واليك أسماء بعض الكتب المصنة في النصوص عليهم وتاريخ حياتهم
الشريفة
فمنها: كتاب تاريخ الأئمة لإسماعيل بن علي الخزاعي، وتاريخ
الأئمة لأبي عبد الله الحصيبي، المتوفى 358، وتاريخ الأئمة للصرامي المعاصر
للصدوق، وتاريخ الأئمة لأبي بكر بن أبي الثلج المتوفى 325 والموازنة
لمن استبصر في امامة الاثني عشر لأبي بكر المؤدب المتوفى بعد
ثلثمأة بقليل، وكتاب الآل في امامة أمير المؤمنين والأحد عشر من أولاده
لابن خالويه المتوفى 370 وبراهين الأئمة لأبي القاسم الكوفي المتوفى
385، والتاج الشرفي للسعد آبادي المعاصر للسيد المرتضى والحجج
والبراهين في امامة أمير المؤمنين وأولاده الأحد عشر أئمة الدين
للشيخ أبى محمد البصري أحد تلامذة السيدين والشيخ، والايضاح للشيخ
المفيد المتوفى 413 واخبار الأئمة ومواليدهم لأبي عبد الله الكوفي شيخ
علي بن همام المتوفى 336، وأبى غالب الرازي، والأنوار لأبي على محمد بن أبي
بكر الإسكافي المتوفى 336، وأبى غالب الرازي، والأنوار لأبي على محمد بن أبي
بكر الإسكافي المتوفى 336، والأنوار في تواريخ الأئمة الاطهار لشيخ
المتكلمين إسماعيل بن علي النوبختي، واثبات النص على الأئمة الاطهار لشيخ
المتكلمين إسماعيل بن علي النوبختي، واثبات النص على الأئمة للصدوق و
اتفاق صحاح الأثر في امامة الأئمة الاثني عشر لابن بطريق المتوفى سنة 600،

(1) الفهرست ص 28 الرقم 76 والروضات ص 58 ج 1 وساير كتب
الرجال.
المقدمة 5

وروضة الواعظين للفتال في جلدين الأول في امامة الأئمة الاثني عشر،
والاستنصار للكراجكي، واستقصاء النظر في امامة
الأئمة الاثني عشر لابن ميثم البحراني المتوفى 679، والارشاد للمفيد،
وإعلام الورى للطبرسي صاحب المجمع، والصفا لا حمد بن إبراهيم بن أبي
رافع، وأنساب الأئمة ومواليدهم إلى صاحب الامر عليه السلام لأبي محمد
الأطروش المتوفى 304، وعيون المعجزات في مناقب الأئمة الاثني عشر
واسرار الإمامة لعماد الدين الطبري من اعلام القرن الخامس، واثبات
الوصية للمسعودي المتوفى 333 ودر النظيم في مناقب الأئمة اللهاميم
للشيخ يوسف الشامي، واثبات الهداة، فيه أكثر من عشرين الف حديث
كما ذكر في مقدمته وأسانيد تقرب من سبعين الف سند منقولة عن مأة
واثنين وأربعين كتابا لأصحابنا وأربعة وعشرين كتابا من العامة بلا واسطة
وخمسين كتابا من أصحابنا، ومأتين وثلاثة وعشرين من كتب العامة
بواسطة الكتب السابقة وفيه النقل عن كتب أخرى لم تدخل فيها
لشيخنا الحر العاملي صاحب الوسائل (1) وكفاية الأثر في النصوص على
الأئمة الاثني عشر لعلي بن محمد الخزاز الرازي اخرج فيه أحاديث كثيرة
في النص عليهم من جهة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كابن عباس وابن
مسعود وأبى سعيد وأبي ذر وسلمان وجابر بن سمرة وابن عبد الله وأنس بن
مالك وعمر وأبي هريرة وزيد بن ثابت وابن أرقم، وأبى امامة وأبى أيوب و
وعمار وحذيفة بن أسيد وابن اليمان وعمران بن حصين وأبى قتادة وأمير المؤمنين
والحسن والحسين عليهم السلام ومن النساء عن فاطمة عليها السلام وأم سلمة وعايشة،
واخرج أيضا ما يوافق ذلك عن الأئمة (ع)، وليس في وسعنا استقضاء أسماء
الكتب المصنفة في إمامتهم (ع) فضلا عن استقضاء النصوص المخرجة فيها

(1) وقد طبع أخيرا مع الترجمة الفارسية بقم في ستة مجلدات.
المقدمة 6

والإيعاز إلى هذه الجملة لتعرف كثرة هذه النصوص وكثرة مخرجيها من
اعلام الدين، وحفظة الأحاديث، وان شئت ان تعرف مبلغا من ذلك فراجع
البحار وغيره من الجوامع الكبيرة.
ومن جملة ما صنف في النصوص على إمامتهم وانحصار هم في الاثني عشر كتاب مقتضب الأثر في امامة الاثني عشر للشيخ أبى عبد الله أحمد بن
محمد بن عبيد الله بن الحسن بن عياش بن إبراهيم بن أيوب الجوهري
الامام في الأدب والتواريخ وعلوم الحديث، وكان معاصرا لشيخنا الصدوق
ومن أهل العلم والأدب القوى وطيب الشعر وحسن الخط وكان كثيرا الرواية
يروى عنه الشيخ الجليل جعفر بن محمد الدوريستي والشيخ علي بن محمد
الخزاز صاحب كفاية الأثر وقال الشيخ في الفهرست أخبرنا بسائر كتبه
ورواياته جماعة من أصحابنا عنه " انتهى "، وكان جده وأبوه من وجوه أهل
بغداد أيام آل حماد وامه سكينة بنت الحسين بن يوسف بن يعقوب بن
إسماعيل بن إسحاق بنت اخى القاضي أبى عمر ومحمد بن يوسف واخرج عن كتابه
شيخنا العلامة المجلسي في البحار وغيره.
وله كتب منها كتاب الأغسال، وكتاب أخبار أبى هاشم الجعفري
وكتاب شعر أبى هاشم الجعفري، وكتاب أخبار جابر الجعفي، وكتاب
الاشتمال على معرفة الرجال ذكر فيه من روى عن كل امام مختصر وكتاب
ذكر من روى الحديث من بنى ناشره وكتاب ما نزل القرآن في صاحب
الامر عليه السلام، وكتاب في ذكر الشجاج، وكتاب عمل رجب وكتاب
عمل شعبان، وكتاب عمل شهر رمضان، وكتاب اخبار السيد وكتاب
الوكلاء للأئمة عليهم السلام مختصر وغيرها وكتاب مقتضب
الأثر في امامة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام مات سنة إحدى
المقدمة 7

وأربعمأة (1).
وهذا الكتاب كما قال شيخنا المحدث النوري في خاتمة المستدرك
(ص 480 ج 3) مع صغر حجمه من نفايس الكتب وحيث لم يخرج
فيه الا قليل من النصوص وعزم بعض من الأصدقاء على طبعه ونشره للمرة
الثانية قدمت له هذا المقدمة لئلا يتوهم من لا خبرة له ان النصوص المأثورة
مقصورة على ما فيه.
ونقول على زيادة ما ذكرناه ان النصوص المتواترة الواردة
من طرق الجمهور الدالة على امامة ساداتنا أئمة الاثني عشر عليهم السلام
على كثرتها على أصناف.
منها: الأحاديث الواردة في عدد الأئمة، وهذه الأحاديث كثيرة جدا
قد أخرجها جماعة من أرباب صحاحهم وأكابر علمائهم وشيوخهم كأحمد
وابنه، والبخاري، ومسلم، وأبى داود الطيالسي، والسجستاني،
والترمذي، وابن عدي، وابن عساكر، والحاكم، والطبراني، والخطيب،
وابن الدبيع، والمتقي، وابن حجر، و الحميدي، والعبدري، والسيوطي،
والديلمي، وابن بطة وغيرهم بطرق كثيرة عن جمع من الصحابة كجابر
وابن مسعود، وابن عمر، وأبى سعيد فرواها احمد في مسندة من أربع و
ثلثين طريقا عن جابر بن سمرة ولفظه في بعض طرقه سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم
يكون لهذه الأمة اثنا عشر خليفة.
واخرج بسنده عن ابن مسعود في حديث (ج 1 - ح 378) انه سئل
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كم يملك هذه الأمة من خليفة فقال اثنى عشر كعدة
نقباء بني إسرائيل.

(1) راجع فهرست الشيخ والنجاشي وتأسيس الشيعة وجامع الرواة
ومنهج المقال والروضات وغيرها من كتب الرجال والتراجم.
المقدمة 8

واخرج الطيالسي في مسنده عن جابر بطريقين (ح 767 و 1278)
ومسلم في صحيحه في باب (الناس تبع لقريش) بثمانية طرق وأبو داود في
سننه في كتاب المهدي عليه السلام بثلاثة طرق، والخطيب في تاريخه بثلث
طرق.
واخرج الديلمي في الفردوس (1) عن أبي سعيد الخدري قال:
صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة الأولى ثم اقبل بوجهه الكريم علينا
فقال: يا معاشر أصحابي ان مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح وباب
حطة في بني إسرائيل فتمسكوا باهل بيتي بعدي الأئمة الراشدين من ذريتي
فإنكم لن تضلوا ابدا فقيل: يا رسول الله كم الأئمة بعدك؟ قال: اثنا عشر من
أهل بيتي - أو قال: - من عترتي.
واخرج السيوطي في الجامع الصغير (ج 4 ص 91) عن ابن عدي
في الكامل وابن عساكر عن ابن مسعود: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ان عدة الخلفاء
بعدي عدة نقباء موسى.
واخرج شارح غاية الاحكام (2) بسنده عن أبي قتادة قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: الأئمة بعدي اثنى عشر عدد نقباء بني إسرائيل
وحواري عيسى عليه السلام.
وهذه الأحاديث لا تنطبق الاعلى مذهب الإمامية لأنه ليس في
الأمة من قد ادعى هذا العدد غير الأئمة الاثني عشر عليهم السلام ولا تنطبق
على غيرهم كائنا من كان وقد صنف في هذه الأحاديث العلامة محمد معين السندي
كتابا مفردا سماه (مواهب سيد البشر في حديث أئمة الاثني عشر) وأثبت ان
المراد بهذه الأحاديث أئمتنا الاثني عشر المعروفين بأسمائهم عليهم السلام كما

(1) عبقات الأنوار ص 264 ج 2 ج 12.
(2) كشف الأستار ص 74.
المقدمة 9

انه أثبت أيضا في كتابه (وراسات اللبيب في الأسوة الحسنة بالحبيب) ان
الذين أمر بالرجوع إليهم من العترة في حديث الثقلين هم الأئمة الاثني
عشر عليهم السلام الذين لا شائبة في كونهم معصومين ومختصين بالعلوم
التي تلقوها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (1).
ومنها النصوص المصرحة بأسمائهم وأوصافهم عليهم السلام، وقد
أخرجها من طرق العامة القندوزي في ينابيع المودة (ص 58) عن أبي
الطفيل عامر بن واثلة عن علي عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي أنت
وصيي حربك حربي، وسلمك سلمى، وأنت الامام، وأبو الأئمة الإحدى
عشر الذين هم المطهرون المعصومون، ومنهم المهدى الذي يملأ الأرض
قسطا وعدلا.
واخرج في (ص 493) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الأئمة من بعدي
اثنا عشر أولهم أنت يا علي، وآخرهم القائم الذي يفتح الله عز وجل على
يديه مشارق الأرض ومغاربها.
واخرج المحموئي في فرايد السمطين والسيد على الهمداني في
مودة القربى (2) عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنا سيد النبيين
وعلي بن أبي طالب سيد الوصيين وان أوصيائي اثنا عشر أولهم علي بن أبي
طالب، وآخرهم القائم.
واخرج في فرايد السمطين، وروضة الأحباب (3) عن ابن عباس
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي
الاثني عشر أولهم اخى وآخرهم ولدى قيل: يا رسول الله ومن أخوك؟

(1) عبقات الأنوار ص 295 و 296 ج 2 ج 12
(2) ينابيع المودة ص 258 و 445 وكشف الأستار ص 74
(3) ينابيع المودة ص 447 والعبقات ص 237 ج 2 ج 12.
المقدمة 10

قال علي بن أبي طالب قيل: فمن ولدك / قال: المهدى الذي يملاها قسطا
وعدلا كما ملئت جورا وظلما، والذي بعثني بالحق بشيرا لو لم يبق من
الدنيا الا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدى المهدى
فينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلى خلفه، وتشرق الأرض بنوره ويبلغ
سلطانه المشرق والمغرب.
واخرج القندوزي عن واثلة وصاحب فرايد السمطين عن عمر بن
سلمة حديثا طويلا في ذلك (1).
واخرج شارح غاية الاحكام (2) عن أبي عبد الله الحسين عليه السلام
أنه قال: منا اثنا عشر مهديا أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم
عليه السلام.
واخرج أيضا الحموئي والسيد على الهمداني (3) عن ابن عباس
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: انا وعلى والحسن والحسين، وتسعة من ولد
الحسين مطهرون معصومون.
واخرج الخوارزمي في مقتل الحسين عليه السلام (ص 94 ج 1) وفى مناقبه
(4) والسيد على الهمداني في مودة القربى (5) عن سلمان قال دخلت
على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإذ الحسين بن علي على فخذه، وهو يقبل عينيه،
ويلثم فاه يقول: أنت سيد بن سيد أنت امام بن امام أخو امام أبو الأئمة أنت
حجة الله ابن حجته، وأبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم.
واخرج في فرايد السمطين (6) بسنده عن مجاهد عن ابن عباس

(1) ينابيع المودة ص 443 والعبقات ص 240 ج 2 ج 12
(2) كشف الأستار ص 74.
(3) ينابيع المودة ص 258 و 445
(4) ينابيع المودة ص 258 و 492.
(5) ينابيع المودة ص 258 و 492.
(6) ينابيع المودة ص 440
المقدمة 11

رواية طويلة ذكر فيها الأئمة من أمير المؤمنين عليه السلام إلى مولينا المهدى
أرواحنا لخدام جنا به الفداء.
واخرج في روضة الأحباب وفى المناقب (1) عن جابر الرواية
المعروفة الطويلة فيها ذكر أسمائهم عليهم السلام.
واخرج الخوارزمي في مقتل الحسين (ج 1 ص 95) بسنده عن أبي
سلمى راعى ابل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أخرجه في مقتضب الأثر وفيه أيضا
التصريح بأسمائهم عليهم السلام، وأخرجه في ينابيع المودة (ص 486)
وفى آخر فرايد السمطين (ج 2) كما حكى عنه.
واخرج أيضا في مقتل الحسين عليه السلام (ص 94 ج 1) في الفصل السادس
بسنده عن علي عليه السلام قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم انا وارد كم على الحوض وأنت
يا علي الساقي " الحديث " وفيه التصريح بأسمائهم وأوصافهم أيضا إلى صاحب
الزمان عليه الصلاة والسلام، وأخرجه عنه جمع كثير من الاعلام.
ونقتصر في المقام بما رواه الحافظ أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي
الفوارس المتوفى سنة 412 في أربعينه الذي ذكر في أوله قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم
من حفظ عنى عن أمتي أربعين حديثا كنت له شفيعا، ونقل عن الشافعي
ان المراد من هذه الأربعين مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ونقل
باسناده عن أحمد بن حمبل أنه قال خطر ببالي من أين صح عند الشافعي
فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم، وهو يقول بما شككت في قول محمد بن
إدريس الشافعي عن قولي من حفظ من أمتي أربعين حديثا في فضايل أهل
بيتي كنت له شفيعا يوم القيامة؟ أما علمت أن فضايل أهل بيتي لا تحصى!
قال الحافظ أبو الفتح محمد بن مسلم بن أبي الفوارس في أربعينه: الحديث
الرابع أخبرنا محمود بن محمد الهروي بقريبة في جامعها في سلخ ذي الحجة

(1) العبقات ص 238 ج 2 ج 12، وينابيع المودة ص 494
المقدمة 12

قال: أخبرنا أبو عبد اله محمد بن أحمد بن عبد الله عن سعد بن عبد الله عن عبد الله
بن جعفر الحميري قال: حدثنا محمد بن عيسى الأشعري عن أبي حفص أحمد بن
نافع البصري قال: حدثني أبي وكان خادما للامام أبى الحسن علي بن موسى
الرضا عليه السلام قال: حدثني الرضا قال: حدثني أبي العبد الصالح موسى بن جعفر
قال: حدثني أبي جعفر الصادق قال حدثني أبي باقر علم الأنبياء محمد بن علي
قال: حدثني أبي سيد العابدين علي بن الحسين قال: حدثني أبي سيد الشهدا،
الحسين بن علي قال: حدثني أبي سيد الأوصياء علي بن أبي طالب صلوات الله
عليه أنه قال اخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أحب ان يلقى الله عز وجل وهو
مقبل عليه غير معرض فليتول بنك الحسن، ومن أحب ان يلقى الله وقد تمحص عنه ذنوبه
فلتول علي بن الحسين فإنه كما قال الله " سيماهم في وجوههم من اثر السجود "
ومن أحب ان يلقى الله عز وجل وهو قرير العين فليتول محمد بن علي، ومن
أحب ان يلقى الله فيعطيه كتابه بيمينه فليتول جعفر بن محمد الصادق، ومن أحب
ان يلقى الله طاهرا مطهرا فليتول موسى بن جعفر الكاظم، ومن أحب ان يلقى
الله وهو ضاحك فليتول علي بن موسى الرضا، ومن أحب ان يلقى اله وقد
رفعت درجاته وبدلت سيئاته حسنات فليتول ابنه محمدا ومن أحب ان
يلقى الله عز وجل فيحاسبه حسابا يسيرا ويدخله جنة عرضها السماوات
والأرض أعددت للمتقين فليتول ابنه عليا، ومن أحب ان يلقى الله عز وجل
وهو من الفائزين فليتول ابنه الحسن العسكري ومن أحب ان يلقى الله
عز وجل وقد كمل ايمانه وحسن اسلامه فليتول ابنه المنتظر محمدا صاحب
الزمان المهدى فهؤلاء، مصابيح الدجى، وأئمة الهدى، واعلام التقى فمن
المقدمة 13

أحبهم وتولاهم كنت ضامنا له على الله الجنة (1).
ومنها أحاديث الثقلين المتواترة المشهورة بين الفريقين الدالة
على عدم خلو الزمان من امام عالم معصوم من أهل البيت عليهم السلام
وانهم اعدال الكتاب وان التمسك بهم أمان من الضلال، وليس في أهل البيت
من ادعى العصمة والعلم بجميع الاحكام غير الأئمة الاثني عشر (ع)
وثبت ذلك أيضا بما نقل عنهم من طرق الخاصة والعامة من العلوم الكثيرة
الكافلة لجميع ما يحتاج إليه المسلمون في أمورهم الدينية والدنيوية
واخرج فضايلهم وكراماتهم ومناقبهم جماعة من علماء الجمهور قال
الشيخ عبد الله الشبراوي الشافعي المتوفى س 1172 وشيخ الجامع الأزهر
في عصره في كتابه الاتحاف بحب الاشراف (ص 19) قال بعض أهل العلم: ان آل
البيت حازوا الفضائل كلها علما وحلما وفصاحة وصباحة وذكاء وبديهة وجودا
وشجاعة، فعلومهم لا تتوقف على تكرار درس، ولا يزيد يومهم فيها على ما كان
بالأمس بل هي مواهب من مولاهم من أنكرها وأراد سترها كان كمن أراد
ستروجه الشمس فما سألهم في العلوم مستفيد ووقفوا ولك جرى معهم في
مضمار الفضل قوم الا عجزوا وتخلفوا، وكم عاينوا في الجلاد والجدال
أمورا فتلقوها بالصبر الجميل وما استكانوا وما ضعفوا، تقر الشقاشق إذا
هدرت شقاشقهم، وتصغى الاسماع إذا قال قائلهم، ونطق ناطقة سجايا
خصهم بها خالقهم، وقال في (ص 69) وقد أشرق نور هذه السلسلة
الهاشمية، والبيضة الطاهرة النبوية، والعصابة العلوية، وهم اثنا عشر إماما
مناقبهم علية، و صفاتهم سنية، ونفوسهم شريفة أبيه، وأرومتهم
كريمة محمدية. ثم ذكر أسمائهم الشريفة عليهم الصلاة والسلام

(1) عبقات الأنوار ص 253 و 254 ج 2 ج 12 وكشف الأستار ص 27
و 28 و 29.
المقدمة 14

ومنها أحاديث السفينة أخرجها جمع من الاعلام ما ير بو على المأة
في جوامعهم وكتبهم كمسلم، واحمد والطبراني وأبى نعيم، وابن عبد البر
والسماني وابن الأثير، والفخر وابن طلحة، وسبط ابن الجوزي، والخطيب
والمحب الطبري وأبى يعلى، والثعلبي، وابن المغازلي، وابن الصباغ، و
السمهودي، والمناوي، وأبى بكر الحضرمي، والبان، والشبلنجي، والبنهاني
وغيرهم، عن أبي ذر وابن عباس وابن الزبير وأبى سعيد وأنس وابن ذر،
ولفظها في بعض الطرق: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها
نجي، ومن تخلف عنها غرق، وفى بعضها: ان مثل أهل بيتي، وفى بعضها انما
مثل أهل بيتي وفى بعضها: انما مثلي ومثل أهل بيتي، وفى بعضها: مثل
عترتي، وفى بعضها من تخلف عنها هلك، وفى رواية زج في النار وفى بعضها قال
في اخره وانما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة بني إسرائيل من دخله
غفر له، وفى رواية: غفر له الذنوب، وفى بعضها، مثلك ومثل الأئمة من ولدك
بعدي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق، ومثلكم
كمثل النجوم كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة (1).
ومنها: أحاديث الأمان. أخرجها الحاكم، وابن حجر واحمد
وابنه وأبو يعلى، والمناوي، والحكيم الترمذي، والحموئي وغيهم
عن ابن عباس وسلمة بن الأكوع، أين وأبى سعيد وجابر وأبى موسى،
وأمير المؤمنين علي عليه السلام، ولفظها في بعضها: النجوم أمان لأهل الأرض من
الغرق، وأهل بيتي أمان لامتي من الاختلاف، وفى بعضها: النجوم أمان

(1) المستدرك ج 3 ص 15 - الصواعق ص 150 - 184 و 234 - الجامع الصغير ص 97 ج 1 و 155 ج 2 كفاية الطالب ص 233 و 234، و
رضفة الصادق ص 80 نور الآصار ص 103 واسعاف الراغبين ص 114 و
ينابيع المودة ص 27 و 28 وكنوز الحقاق ج 2 ص 89 وتاريخ بغداد ج 12
ص 91 ق 6507 واحياء الميت ج 24 و 25 و 26 و 27 وغير ذلك.
المقدمة 15

لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي جاء، أهل
الأرض من الآيات ما كانوا يوعدون (1).
ومنها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي
ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين، وتأويل
الجاهلين الا وان أئمتكم وفدكم إلى الله عز وجل فانظروا من توفدون
أخرجه الملا وابن حجر، والقندوزي والمحب الطبري وغيرهم (2).
ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: من سره ان يحيى حياتي، ويموت مماتي ويسكن
جنة عدن غرسها ربى فليوال عليا من بعدي، وليوال وليه، وليقتد
بالأئمة من بعيد، فإنهم عترتي خلقوا من طينتي رزقوا فهما وعلما، و
ويل للمكذبين بفضلهم من أمتي القاطعين فيهم صلتي لا أنالهم الله شفاعتي.
أخرجه أبو نعيم في الحلية بسنده عن ابن عباس، وأورده المتقى في الكنز
(ح 3819)، ومنتخب كنز العمال ص 94 ج 5 عن الطبراني وأخرجه أيضا
ابن أبي الحديد في شرح النهج وروى نحوه احمد في مسنده (ج 2 ص 449)
وأخرجه الخوارزمي في المناقب (ص 44 و 45).
والأحاديث من طرق العامة بهذه المعاني في الدلالة على امامة
أمير المؤمنين وأولاده الطاهرين عليهم السلام ووجوب إطاعتهم والرجوع
إليهم في الأمور الدينية والدنيوية كثيرة جدا لا يسعها المقام احصائها
والإشارة إليها وقد ذكرنا طائفة منها في كتاب أفردناه لاثبات حجية
النصوص المأثورة عن أئمة أهل البيت (ع) ووجوب الاخذ بما ورد عنهم في
الأحكام الشرعية وفى كتاب منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر عليه السلام وفى

(1) المستدرك ج 3 ص 149 والصواعق 150 و 185 و 234 و
الجامع الصغير ج 2 ص 189 وكنوز الحقائق ص 133 وينابيع المودة
ص 19 و 20 ورشفة الصادي ص 78 وايحاء الميت ج 21 و 35.
(2) الصواعق ص 148 ورشفة الصادي ص 72 وينابيع المودة ص 191.
المقدمة 16

غيرهما ومن تأمل في ما ذكرنا في هذه الوريقات من الأحاديث كأحاديث السفينة
وأحاديث الإمام، وأحاديث الثقلين وأحاديث الخلفاء والأئمة الاثني عشر
وحديث في كل خلف وحديث من سره وحديث من مات ولم يعرف امام
زمانه مات ميتة جاهلية وغيرها يقطع بعدم خلو الزمان من امام معصوم
من أهل البيت عليهم السلام وانحصار الأئمة المعصومين في الأئمة الاثني عشر
عليهم السلام إلى قيام الساعة، وانهم خلفاء الرسول في بيان الاحكام و
تبليغ مسائل الحلال والحرام وتفسير القرآن والرياسة العامة، وانهم
والكتاب العزيز خليفتاه وهما لا يفترقان عن الاخر حتى يردا على الحوض
ونختم الكلام بما أخرجه الحافظ عبد العزيز بن الأخضر على ما حكى عنه
في ينابيع المودة (ص 273) وابن حجر في الصواعق (ص 50) ان الإمام زين العابدين
عليه السلام كان إذا تلا قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا
مع الصادقين.
يقول في دعا، طويل، وذهب آخرون إلى التقصير في أمرنا واحتجوا
بمتشابه القرآن، وتأولوا بآرائهم، واتهموا مأثور الخبر (إلى أن قال) فإلى
من يفزع خلف هذه الأمة وقد درست اعلام هذه الملة، ودانت الأمة،
بالفرقة والاختلاف يكفر بعضهم بعضا والله تعالى يقول: ولا تكونوا
كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جائهم البينات. فمن الموثوق به على
ابلاغ الحجة، وتأويل الحكم الا أهل (اعدال خ ل) الكتاب وانباء
أئمة الهدى ومصابيح الدجى الذين احتج الله بهم على عباده، ولم يدع الخلق
سدى من غيره حجة هل تعرفونهم أو تجدونهم الامن فروع الشجرة المباركة
وبقايا الصفوة الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وبرأهم
من الآفات، وافترض مودتهم في الكتاب.
وهذا آخر ما أردنا ذكره في هذه المقدمة مما رواه العامة واماما أخرجه
المقدمة 17

الخاصة وملأوا به الكتب الكبيرة والجامع العظيمة فهي أكثر من أن
تحصى. جعلنا الله تعالى من المتمسكين بحبل ولاية أهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله وسلم
ومن شيعتهم الفائزين يوم القيامة ورزقنا شفاعتهم بحق محمد وآله الطاهرين
صلوات الله عليهم أجمعين.
حرره أقل خدمة حفظة آثار أهل بيت النبوة (ص) لطف الله الصافي
لطف الله به
المقدمة 18

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المبتدى خلقه بالنعم، وايجادهم بعد العدم، والمصطفى
منهم من شاء في الأمم، حججا على سائر الأمم، وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ختم،
وبالأئمة من بعده النعمة أتم، مصابيح الظلم، وينابيع الحكم، صلى الله
عليهم وسلم وكرم، فجعلهم الله تبارك وتعالى من حججه الماضين أبد
الأبدين، وضرب لهم في كتابه أمثلا فقال جل اسمه: ان عدة الشهور
عند الله اثنا عشر شهرا وقال: فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا وقال: بعثنا
منهم اثنى عشر نقيبا ثم قرنهم رسول الله بكتاب ربه، جعلهم قرنائه، و
عليه أمناءه، فقال: انى مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي
الا وانهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض، فجعل حكمهما في الطاعة
وفى الاقتداء بهما واحدا، ثم أعلمنا صلى الله عليه وآله وسلم أسماءهم عليهم السلام وانبائهم
ووقفنا على أعيانهم وازمانهم، وجعل ثاني عشرهم قائمهم عليه السلام كما كان هو
للأنبياء خاتمهم، فمن حاول انتقاصا من مددهم أو زيادة في عددهم فقد الحد
في دين الله، وباء يغضب من الله، وهو كالزايد في كتاب الله والمنتقص منه،
إذ كان حكمهم والقرآن واحدا لا منتقصا منه ولا زائدا صلى الله عليهم وسلم.
وقد ذكرت في كتابي هذا من مقتضب الآثار ما أدته إلينا رواة
الحديث من مخالفينا من النص على أئمتنا عليهم السلام من الروايات الصحيحة
والتوقيف على أسمائهم وأعيانهم وأعدادهم موافقا لرواياتنا، فنقلته
1

عنهم نقل متأولة بالقبول، لشهادتهم لنا بتصديقنا ووجدنا في روايتهم
ذكر أئمتنا عليهم السلام كما كان اسم نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم موجودا عند أهل الكتب
في التوراة والإنجيل، فكتبت في ذلك جزءا مفردا وهو هذا.
وتلوته بجزء ثان (1) يشتمل على شواهد الاشعار والاخبار السالفة على
الزمان والاعصار في أسماء الأئمة عليهم السلام وأعدادهم، وذلك قبل كمال
عددهم ومددهم، ليكون ذلك دليلا ظاهرا وبرهانا باهرا متواخيا، ووصلتهما
بجزء ثالث متوخيا متضمنا لرواياتنا خاص، وأوضح عن صحيح الرواية
وصريحها، والكشف عن أدغال من أدغل فيها، متوخيا في جميع ذلك
رضا الله جل اسمه والقربة إليه والزلفة لديه، وحسبي الله وأتو كل عليه و
هو حسبي ونعم الوكيل.

(1) قد سبقه في جمع ما قيل من الاشعار في الأئمة الاثني عشر شيخنا
ثقة الاسلام الكليني المتوفى سنة 328 صاحب الكافي فإنه أفرد في ذلك كتابه
المسمى بكتاب ما قيل في الأئمة الاثني عشر من الشعر.
2

بسم الله الرحمن الرحيم
ما رواه عامة أصحاب الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في اعداد الأئمة
الاثني عشر عليهم السلام وأسمائهم.
من ذلك ما روى في اعدادهم خاصة عن صلى الله عليه وآله
عبد الله بن مسعود الهذلي.
قال: حدثنا عبد الصمد بن علي بن محمد بن مكرم، ومحمد بن عبد الله بن
عتاب، ومحمد بن ثابت الصيلنايي (1) ثلثتهم قالوا: حدثنا إسماعيل بن إسحاق
القاضي: قال حدثنا سليمان بن حرب الواشجي، قال: حدثنا
حماد بن يزيد عن مجاهد عن الشعبي عن مسروق، قال: كنا جلوسا
عند عبد الله بن مسعود وهو يقرينا القرآن، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن
هل سئلتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كم يملك أمر هذه الأمة من خليفة بعده؟ فقال
له عبد الله: ما سئلني عنها أحد منذ قدمت العراق سألنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فقال: اثنا عشر عدة نقباء بني إسرائيل (2)
قال انس بن مالك الأنصاري
حدثني أبو الحسن علي بن إبراهيم بن حماد الأزدي، قال: حدثني أبي

(1) يحتمل اتحاده مع ما يأتي في سند رواية جابر ولم أجد صحيحه
في كتب الرجال.
(2) أخرجه في اثبات الهداة ج ص 196 وأخرجه أحمد في مسنده ج 1
ص 378 وقال في مقاليد الكنوز اسناده صحيح وأخرجه الحاكم والطبراني و
المتقى والسيوطي وغيرهم.
3

قال: حدثني محمد بن مروان، قال حدثني عبد الله بن أمية مولى بنى مجاشع
عن يزيد الرقاشي عن انس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لن يزال
الدين قائما إلى اثنى عشر من قريش، فإذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها (1).
قال جابر بن سمرة الأحمسي
حدثنا محمد بن عمر بن المفضل بن غالب الحافظ، قال: حدثنا محمد بن
أحمد بن أبي خيثمة، قال: حدثنا علي بن جعد عن زهير بن معاوية، عن زياد
بن خيثمة عن الأسود بن سعيد الهمداني، قال: سمعت جابر بن سمرة يقول
سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من
قريش، فقالوا له ثم يكون ماذا؟ قال: ثم يكون الهرج (2).
قال عبد الله بن أبي اوفى الأسلمي
أخبرنا أبو العباس، أحمد بن ممد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا
عبد الله بن مستورد (3) قال حدثنا مخول، قال: حدثنا محمد بن بكر، عن

(1) أخرجه في اثبات الهداة ج 3 ص 196 وأخرجه ابن بطة في الإبانة
باسناده عن انس ولفظه هذا الدين قائما إلى اثنا عشر من قريش فإذا مضوا ساخت
الأرض بأهلها وفى نسخة ماجت (كشف الأستار ص 99) وارج في الكفاية
ص 297 عن أبي عبد الله الجوهري مصنف هذا الكتاب بسنده عن انس بن مالك
قال صلى بنا رسول الله صلاة الفجر ثم اقبل علينا وقال معاشر أصحابي من أحب
أهل بيتي حشر معنا ومن استمسك بالأوصياء من مدى فقد استمسك بالعروة الوثقى
فقام إليه أبو ذر الغفاري فقال يا رسول الله كم الأئمة بعدك قال عدد نقباء بني إسرائيل
فقال كلهم من أهل بيتي تسعة من صلب الحسين والمهدى منهم.
(2) أخرجه في اثبات الهداة ج 3 ص 196 وأخرجه بلفظه أو بمعناه
عن جابر جماعة من أكابر الجمهور كأحمد وأرباب السنن الا النسائي والخطيب و
البن الأثير والحاكم والسيوطي وغيرهم.
(3) مذ هو الظاهر الموافق لنسخة البحار لكن في الأصل عبد الله بن مسعود
والظاهر أنه تصحيفه.
4

زياد بن منذر، قال حدثنا عبد العزيز بن خضير، قال: سمعت عبد الله بن أبي
أوفى يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكون بعدي اثنا عشر خليفة من
قريش، ثم تكون فتنة دوارة! قال: قلت: أنت سمعته من رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: نعم سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال وان على عبد الله بن أبي
أوفى يومئذ برنس خز (1).
قال عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي
حدثنا أبو الحسن بن أحمد بن سعيد المالكي الحربي، قال:
حدثنا أحمد بن عبد الجبار الصوفي، قال: حدثنا يحيى بن معين، قال: حدثنا
عبد الله بن صالح، قال: حدثنا ليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعد بن أبي
هلال، عن ربيعة بن سيف، قال: كنا عند سيف الأصمعي، فقال: سمعت
عبد الله بن عمرو بن العاص يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: كون خلفي
اثنا عشر خليفة (2).
قال بعض الرواة: هم مسمون كنينا عن أسمائهم، وذكر ربيعة بن
سيف قوما لم نجدهم في غير روايته، قال الشيخ أبو عبد الله أحمد بن محمد بن
عياش: فإذا كانت هذه العدة المنصوصة عليها لم توجد في القائمين بعد
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا في بنى أمية، لان عدة خلفاء بنى أمية تزيد على الاثني
عشر، ولا في الأئمة من بعدهم الا زايده عليهم، ولم تدع فرقة من رق
الأمة هذه العدة في أئمتها غير الإمامة دل ذلك على أن أئمتهم المعنيون بها

(1) أخرجه في البحار ج 9 ص 160 وفى اثبات الهداة ج 3 ص 197
عن هذا الكتاب.
(2) أخرجه الشيخ في كتاب الغيبة بسنده عن شفى الأصبحي وأخرجه ابن
شهرآشوب في المناقب والطبرسي في إعلام الورى عن شقيق والظاهر أن
الصحيح شفى وأخرجه في اثبات الهداة ج 3 ص 197 وأخرجه في البحار ج 9
ص 160 عن هذا الكتاب.
5

ومن ذلك ما رواه عن رسول الله (ص) من أسمائهم واعدادهم
مع سلمان الفارسي رضوان الله عليه (1) حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن
جعفر الصولي البصري، قال: حدثنا عبد الرحمن بن صالح بن رعيدة قال:
حدثني الحسين بن حميد بن الربيع، قال: حدثنا الأعمش، عن محمد بن خلف
الطاطري، عن زاذان عن سلمان قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما
فلما نظر إلى قال: يا سلمان ان الله عز وجل لم يبعث نبيا ولا رسلا الا جعل له
اثنى عشر نقيبا، قال: قلت له: يا رسول الله! لقد عرفت هذا من أهل الكتابين،
قال: يا سلمان فهل عرفت من نقبائي الاثنا عشر الذين اختارهم الله للامامة من
بعدي؟ فقلت: الله ورسوله أعلم! قال: يا سلمان خلقني الله من صفوة نوره،
ودعاني فأطعته وخلق من نوري نور علي عليه السلام فدعاه إلى طاعته فأطاعه، وخلق
من نوري ونور على فاطمة فدعاها فأطاعته، وخلق منى ومن على وفاطمة الحسن
والحسين فدعا هما فأطاعاه، فسمانا الله عز وجل بخمسة أسماء من أسمائه،
فالله محمود وانا محمد، والله العلى وهذا على، والله فاطر وهذه فاطمة، والله ذو
الاحسان وهذا الحسن والله المحسن وهذا الحسين، ثم خلق منا ومن نور الحسين
تسعة أئمة فدعاهم فأطاعوا قبل أن يخلق الله عز وجل سماءا مبنية، وأو أرضا
مدحية، أو هواءا وماءا وملكا أو بشرا، وكنا بعلمه أنوارا نسبحه

(1) أخرجه المحدث النوري في نفس الرحمن عن هذا الكتاب مع اختلاف
في بعض العبارات وقال وفى الباب التاسع والستين من مصباح الشريعة للصادق
روى باسناد صحيح عن سلمان وأخرجه علي بن محمد بن يونس العاملي الناطي
البياضي المتوفى 877 في الصراط المستقيم في الباب العاشر في القطب الثاني
مختصرا والبحراني في بهجة النظر في اثبات الوصية والإمامة للأئمة الاثني
عشر بسنده إلى سلمان وأخرجه حسن بن سليمان الحلى تلميذا الشهيد الأول في
المختصر ص 196 وابن جرير الطبري في دلايل الإمامة بسنده عن زاذان و
أخرجه في اثبات الهداة مختصرا ج 3 ص 197 و أخرجه في البحار ج 13
ص 2366 عن هذا الكتاب وغيره.
6

ونسمع له ونطيع، فقال سلمان: قلت: يا رسول الله! بابى أنت وأمي ما لمن
عرف هؤلاء؟ فقال: يا سلمان! من عرفهم حق معرفتهم وافتدى بهم،
فوالى وليهم وتبرء من عدوهم فهو والله منا يرد حيث نرد ويسكن
حيث نسكن، قال: قلت: يا رسول الله فهن يكون ايمان بهم بغير معرفة
بأسمائهم وأنسابهم / فقال: لا يا سلمان، فقلت: يا رسول الله فانى لي
لجنابهم قال: قد عرفت إلى الحسين، قال: ثم سيد العابدين: علي بن
الحسين، ثم ولده: محمد بن علي باقر علم الأولين والآخرين من النبيين و
المرسلين ثم جعفر بن محمد لسان الله الصادق، ثم موسى بن جعفر الكاظم غيظه
صبرا في الله، ثم علي بن موسى الرضا الامر الله، ثم الحسين بن علي الصامت الأمين
على دين الله العسكري، ثم ابنه حجة الله فلان سماه باسمه ابن الحسن
المهدى، والناطق القائم بحق الله.
قال سلمان: فبكيت، ثم قلت: يا رسول الله فانى لسلمان بادرا كهم؟
قال: يا سلمان انك مدر كهم وأمثالك ومن توليهم بحقيقة المعرفة، قال
سلمان: فشكرت الله كثيرا، ثر قلت: يا رسول الله! انى مؤجل إلى عهدهم
قال: يا سلمان اقرأ فإذا جاء وعد أوليهما بعثنا عليكم عبادا لنا
أولى باس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ثم رددنا
لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نقيرا
قال سلمان: فاشتد بكائي وشوقي وقلت: يا رسول الله! بعهد منك؟ فقال: أي
والذي ارسل محمدا انه لعهد منى وبعلى وفاطمة والحسن والحسين وتسعة
أئمة، وكل من هو منا ومظلوم فينا، أي والله يا سلمان، ثم ليحضرن
إبليس وجنوده وكل من محض الايمان محضا، ومحض الكفر محضا، حتى
يؤخذ بالقصاص والأوتار والتراث ولا يظلم ربك أحدا، ويجرى تأويل
7

هذه الابة ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة
ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونرى فرعون وهامان
وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون قال سلمان رضي الله عنه: فقمت من
بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وا يبالي سلمان متى لقى الموت أو لقيه.
قال الشيخ: أبو عبد الله بن عياش: سألت أبا بكر محمد بن عمر الجعايي
الحافظ عن محمد بن خلف الطاطري؟ فقال: هو محمد بن خلف بن موهب الطاطري
ثقة مأمون، وطاطر سيف من أسياف البحر تنسج فيها الثياب، تسمى
الطاطرية كانت تنسب إليها.
قال: وما رواه سلمان أيضا من وجه آخر بلفظ غير هذا وإن كان المعنى
موافقا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حدثنا أبو محمد عبد الله بن إسحاق بن عبد العزيز
الخراساني المعدل، قال: حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح، قال: حدثنا
إبراهيم بن الحسن بن يزيد الهمداني، قال: حدثنا محمد بن آدم، عن أبيه
آدم، عن شهر بن حوشب، عن سلمان الفارسي (1) قال: كنا مع رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم والحسين بن علي عليهما السلام على فخذه، إذ تفرس في وجهه

(1) وأخرجه المحدث النوري في نفس الزمن عن هذا الكتاب
واخرج
نحوا من هذا الحديث في الدلالة على الأئمة الاثني عشر عليهم السلام الصدوق
بسنده عن سليم عن سلمان في كمال الدين والخصال والعيون والخزاز في الكفاية
بسنده عن سليم عن عطاء من سائب عن أبيه وابن شاذان القمي في المناقب
المأة عن سلمان وابن طاووس في الطرائف والبحراني في مناقب أمير المؤمنين
وغيرهم ومن العامة أخرجه الخوارزمي في مقتل الحسين ج 1 ص 94 والفندوزي
في ينابيع المودة ص 258 عن كتاب مودة القربى في المودة العاشرة وفى
ص 492 عن مناقب الخوارزمي بسنده عن سليم عن سلمان وقال أخرجه
الحمويني وأخرجه في اثبات الهداة ج 3 ص 19 عن هذا الكتاب مختصرا و
أخرجه في البحار ج 9 ص 160 عن هذا الكتاب.
8

وقال: يا أبا عبد الله أنت سيد من سادة، وأنت امام بن امام، أخو
امام أبو أئمة تسعة تاسعهم قائمهم، لمامهم أعلمهم أحكمهم أفضلهم.
قال: ومما روته العامة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما رووه عن جابر بن
عبد الله الأنصاري عنه صلى الله عليه وآله وسلم.
حدثني محمد بن عثمان بن محمد الصيداني (1) وغيره قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق
القاضي، قال: حدثنا سليمان بن حرب الواشجي، قال: حدثنا حماد
بن زيد (2) عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ان الله اختار من الأيام يوم الجمعة، ومن الليالي ليلة القدر
ومن الشهور شهر رمضان، واختارني وعليا، واختار من على الحسن
والحسين، واختار من الحسين حجج العالمين تاسعهم قائمهم اعلمهم
أحكمهم (3).
قال الشيخ: وقد روى أصحابنا هذا الحديث من طريقهم موافقا.
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار القمي، قال: حدثنا
أبو العباس: عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا أحمد بن هلال قال:
حدثنا محمد بن أبي عمير سنة أربع ومائتين قال: حدثني سعيد بن غزوان
عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام (4) قال: قال رسول الله

(1) قال الحموي في صيداء: وذكر السمعاني انه ينسب إليها الصيداني
بالنون كأنه لحق بصنعاء وصنعاني وبهراء وبهراني.
(2) هذا هو الظاهر الموافق لنسخة البحار فإنه الذي يروى عن عمرو بن
دينار كما ذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب ج 3 ص 9 لكن في الأصل
" حماد بن يزيد ".
(3) أخرجه في البحار ج 9 160 وفي اثبات الهداة ج 3 ص 198
عن هذا الكتاب.
(4) وأخرجه الصدوق في كمال الدين بسنده عن سعيد بن غزوان عن
أبي بصير والنعماني في غيبته بسنده عن سعيد عن أبي بصير والشيخ في غيبته أيضا
بسنده عن أبي بصير ومحمد بن جرير الطبري في دلايل الإمامة بسنده ما يقرب
منه وحسن بن سليمان في المختصر نحوه وأخرجه في البحار عن هذا الكتاب
ج 9 ص 160 وشيخنا شيخ الطائفة في الغيبة والسيد ابن طاوس المتوفى 664
في الطرائف وأبى الحسن محمد بن شاذان القمي ابن أخت قولويه في المناقب
المأة والمجلسي المتوفى 1110 في البحار عن جماعة مسندا عن أبي سلمى وعن
تفسير فرات بن إبراهيم مسندا عن أبي جعفر عليه السلام عن النبي صلى الله عليه
وآله والفندوزي المتوفى 1294 في ينابيع المودة ص 486 والسيد البحراني
المتوفى 107 في غاية المرام ومناقب أمير المؤمنين.
9

صلى الله عليه وآله وسلم: ان الله اختار من الأيام الجمعة، ومن الشهور شهر رمضان، ومن
الليالي ليلة القدر، واختار من الناس الأنبياء واختار من الأنبياء الرسل،
واختارني من الرسل، واختار منى عليا، واختار من على الحسن
والحسين، واختار من الحسين الأوصياء، ينفون عن التنزيل تحيف
الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، تاسعهم باطنهم ظاهرهم
قائمهم، وهو أفضلهم.
قال: وما رووه عن أبي سلمى راعى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنه من أسماء
الأئمة وأعدادهم.
حدثنا أبو الحسن علي بن سنان الموصلي المعدل، قال: أخبرني
أحمد بن محمد الخليلي الآملي، قال: حدثنا محمد بن صالح الهمداني، قال:
حدثنا سليمان بن أحمد قال: اخبرني الريان بن مسلم، عن عبد الرحمن
بن يزيد بن جابر، قال: سمعت سلام بن أبي عمرة قال: سمعت أبا سلمى (1)

(1) اخرج هذا الحديث جماعة من اعلام الخاصة والعامة منهم الموفق
بن أحمد الخوارزمي المتوفى 538 أو 568 في مقتل الحسين عليه السلام ج 1
ص 95 والحمويني في آخر فرايد السمطين ج 2 وأخرجه في البحار ج 9 ص
125 وفى اثبات الهداة ج 3 ص 198 مختصرا عن هذا الكتاب.
10

راعى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ليلة اسرى بي إلى
السماء قال العزيز جل ثناؤه: آمن الرسول بما انزل إليه من ربه قلت:
والمؤمنون، قال: صدقت يا محمد! من خلفت لامتك؟ قلت: خيرها، قال:
علي بن أبي طالب؟ قلت: نعم، قال: يا محمد! انى اطلعت على الأرض اطلاعة
فاخترتك منها، فشققت لك اسما من أسمائي، فلا أذكر في موضع الا وذكرت
معي، فانا المحمود وأنت محمد، ثم اطلعت فاخترت منها عليا، وشققت له
اسما من أسمائي، فانا الاعلى وهو على، يا محمد أين خلقتك وخلقت عليا وفاطمة
والحسن والحسين من سن نوري، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات
والأرضين، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان عندي من
الكافرين، يا محمد! لو أن عبدا من عبادي عبدني حتى ينقطع أو بصير كالشن
البالي، ثم اتانى جاحدا لولايتكم، ما غفرت له أو يقر بولايتكم يا محمد! تحب ان
تراهم؟ قلت: نعم يا رب فقال لي: التفت عن يمين العرض فالتفت وإذا بعلى وفاطمة
والحسن والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن
جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي،
والمهدى في ضحضحا من نور (1) قياما يصلون، وهو في وسطهم - يعنى
المهدى - كأنه كوكب درى فقال: يا محمد! هؤلاء الحجج وهو الثائر من
عزتك، وعزتي وجلالي انه الحجة الواجبة لأوليائي، والمنتقم من
أعدائي.
قال: وما رووه من اعدادهم وأسمائهم مما وجد في ارض الكعبة
في كتاب مكتوبا حدثنا (2) أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبيد الله بن

(1) الضحضاح - كما قال الجزري -: ما رق من الماء على وجه الأرض
واستعير للنور في قوله (ص) في ضحضاح من نور.
(2) أخرجه في البحار ج 9 ص 125 وفى اثبات الهداة ج 3 ص 198
عن هذا الكتاب.
11

أحمد بن عيسى المنصوري الهاشمي بسر من رأى، سنة تسع وثلثين وثلثمائة
قال: حدثني عم أبى موسى بن عيسى [بن أحمد بن عيسى بن المنصور] (1)
قال: حدثني الزبير بن بكار قال: حدثني عتيق بن يعقوب قال: حدثني
عبد الله بن ربيعة رجل من أهل مكة، قال: قال لي أبى انى محدثك الحديث
فاحفظه عنى واكتمه على ما دمت حيا أو يأذن الله فيه بما يشاء: كنت مع
من عمل مع ابن الزبير في الكعبة، حدثني ان ابن الزبير أم العمال ان
يبلغوا في الأرض، قال: فبلغنا صخرا أمثال الإبل، فوجدت على بعض
تلك الصخور كتابا موضوعا، فتناولته وسترت امره، فلما صرت إلى منزلي
تأملته فرأيت كتابا لا أدرى من أي شئ هو؟ ولا أدرى الذي كتب به ما هو؟
الا انه ينطوى كما ينطوى الكتب فقرأت فيه باسم الأول لا شئ قبله،
لا تمنعوا الحكمة أهلها فتظلموهم، ولا تعطوها غير مستحقها تظلموها،
ان الله يصيب بنوره من يشاء والله يهدى من يشاء والله فعال لما يريد، بسم
الأول لا نهاية له، القائم على كل نفس بما كسبت، كان عرشه على الماء
ثم خلق الخلق بقدرته، وصورهم بحكمته وميزهم بمشيئته كيف شاء
وجعلهم شعوبا وقبائل وبيوتا لعلمه السابق فيهم، ثم جعل من تلك القبائل
قبيلة مكرمة سماها قريشا، وهي أهل الإمامة، ثم جعل من تلك القبيلة بيتا
خصه الله بالبناء والرفعة، وهم ولد عبد المطلب حفظة هذا البيت وعماره وولاته و
سكانه، ثم اختار من ذلك البيت نبيا يقال له محمد ويدعى في السماء احمد، ويبعثه الله
تعالى في آخر الزمان نبيا ولرسالته مبلغا، وللعباد إلى دينه داعيا منعوتا في
الكتب تبشر به الأنبياء ويرث علمه خير الأوصياء، ويبعثه الله وهو ابن أربعين عند
ظهور الشرك وانقطاع الوحي وظهور الفتن، ليظهر الله به دين الاسلام

(1) ما بين المعقفتين انما هو في نسخة الأصل دون نسخة البحار.
12

ويدحر (1) به الشيطان، ويعبد به الرحمن، قوله فصل، وحكمه عدل،
يعطيه الله النبوة بمكة والسلطان بطيبة، له مهاجرة من مكة إلى طيبة
وبها موضع قبره، ويشهر سيفه ويقاتل من خالفه، ويقيم الحدود
فيمن اتبعه وهو على الأمة شهيد ولهم يوم القيمة شفيع، يؤيده
بنصره، ويعضده بأخيه وابن عمه وصهره وزوج ابنته ووصيه في أمته
من بعده وحجة الله على خلقه، ينصبه لهم علما عند اقتراب اجله،
هو باب الله فمن اتى الله من غير الباب ضل يقبضه الله وقد خلف في أمته عمودا
بعدان يبينه لهم، يقول بقوله فيهم، ويبينه لهم هو القائم من بعده و
الامام والخليفة في أمته، فلا يزال مبغوضا محسودا مخذولا ومن حقه
ممنوعا لأحقاد في القلوب، وضغاين في الصدور، لعلو مرتبته وعظم منزلته
وعلمه وحلمه، وهو وارث العلم ومفسره، مسؤول غير سائل عالم غير
جاهل، كريم غير ليئم، كرار غير فرار، لا تأخذه في الله لومة لائم يقبضه الله
عز وجل شهيدا بالسيف مقتولا وهو يتولى قبض روحه ويفن في الموضع
المعروف بالغرى، يجمع الله بينه وبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم القائم من بعده أبا
الحسن سيد الشباب وزين الفتيان، يقتل مسموما يدفن بأرض طيبة في
الموضع المعروف بالبقيع، ثم يكون بعده الحسين عليه السلام امام عدل
يضرب بالسيف ويقرى الضيف، يقتل بالسيف على شاطئ الفرات في الأيام
الزاكيات، يقتله بنو الطوامث والبغيات يدفن بكر بلا وقبره للناس
نور وضياء وعلم، ثم يكون القائم من بعده ابنه على سيد العابدين
وسراج المؤمنين، يموت موتا يدفن في ارض طيبة في الموضع المعروف
بالبقيع، ثم يكون الإمام القائم بعده المحمود فعاله محمد باقر العلم و
معدنه وناشره ومفسره، يموت موتا يدفن بالبقيع من ارض طيبة، ثم

(1) دحره: طرده. أبعده.
13

يكون بعده الإمام جعفر وهو الصادق بالحكمة ناطق مظهر كل معجزة
وسراج الأمة، يموت موتا بأرض طيبة موضع قبره البقيع، ثم الامام
بعده المختلف في دفنه سمى المنادى ربه موسى بن جعفر، يقتل بالسم
في محبسه بدفن في الأرض المعرفة بالزوراء، ثم القائم بعده ابنه الامام
على الرضا المرتضى لدين الله امام الحق، يقتل بالسم في ارض العجم، ثم
الامام بعده ابنه محمد يموت موتا يدفن في الأرض المعروفة بالزوراء، ثم
القائم بعده ابنه على لله ناصر ويموت موتا ويدفن في المدينة المحدثة، ثم القائم
بعده ابنه الحسن وارث علم النبوة ومعدن الحكمة يستضاء به من الظلم،
يموت موتا يدفن في المدينة المحدثة، ثم المنتظر بعده اسمه اسم النبي
صلى الله عليه وآله وسلم يأمر بالعدل ويفعله وينهى عن المنكر ويجتنبه، يكشف الله به
الظلم ويجلو به الشك والعمى يرعى الذنب في أيامه مع الغنم، ويرضى
عنه ساكن السماء والطير في الجو والحيتان في البحار، يا له من عبد ما
أكرمه على الله، طوبى لمن اطاعه وويل لمن عصاه طوبى لمن قاتل بين يديه
فقتل أو قتل أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم
المهتدون وأولئك هم المفلحون وأولئك هم الفائزون.
قال: وما رووه في مسائل اليهودي الوارد إلى المدينة في
أيام عمر ومسائله لأمير المؤمنين (ع) وفيها الاثني عشر أئمة بعد محمد
صلى الله عليه وعليهم.
حدثني أبو علي الحسن بن علي السلمي قال: حدثنا أحمد بن
أيوب بن ممد، قال: حدثنا محمد بن يحيى الأزدي، قال: حدثنا سعيد بن
عامر، عن جعفر بن سليمان عن أبي هارون العبدي عن عمر بن سلمة (1)

(1) اخرج هذا الحديث من العامة القندوزي في ينابيع المودة (ص 433)
عن عامر بن واثلة وصدر الدين إبراهيم بن محمد الجويني الحموئي في فرائد
السمطين مع اختلاف في بعض العبارات فراجع العبقات (ص 240 ج 2 - ج 12)
وليس فيهما (لا أزيد يوما واحدا ولا انقص يوما واحدا) وقد روى مثل هذا الحديث
في الدلالة على الأئمة الاثني عشر وسؤال اليهودي عن أمير المؤمني (ع)
بطرق متعددة في كمال الدين وغيبة الشيخ وإعلام الورى والبحار وغيرها
فراجع وأخرجه في البحار ص 126 ج 9 وفى اثبات الهداة ج 3 ص 199 مختصرا
عن هذا الكتاب.
14

قال: شهدت مشهدا ما شهدت مثله كان أعجب عندي، ولا أوقع على قلبي
منه، قال: فقيل: يا أبا جعفر فما ذاك؟ قال: لما مات أبو بكر أقبل الناس يبايعون
عمر بن الخطاب إذ إقبل يهودي (1) قد أقر له بالمدينة يهودها انه أعلمهم، و
كذلك كان أبوه من قبل فيهم، فقال: يا عمر من أعلم هذه الأمة بكتاب الله وسنة
نبيه؟ فأشار بيده إلى علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: فاتاه اليهودي فقال: يا علي
أنت كما زعم عمر بن الخطاب؟ فقال له وما زعم؟ فقال له: يزعم انك أعلم هذه
الأمة بكتاب الله وسنة نبيه، فقال له: يا يهودي سل عما بدا لك تخبر
انشاء الله تعالى، فقال: انى سائلك عن ثلاث وثلث وواحدة، فقال علي عليه السلام:
ولم لا تقول سبعا؟ فقال له: لا أقول سبعا ولكن أسئلك عن ثلث! فان
أجبتني فيهن سألتك عما بعدهن، والا علمت أنه ليس فيكم عالم و
مضيت، فقال له علي عليه السلام: فانى سائلك بإلهك الذي تعبده ان أجبتك في
كل ما سئلتني عنه لتد عن دينك ولتدخلن في ديني؟ فقال له اليهودي:
ما جئت الا للاسلام فقال له على: سل عما شئت! فقال له: أخبرني عن
أول قطرة دم قرت على وجه الأرض أي شئ هو؟ وأخبرني عن أول
عين فاضت على وجه الأرض أي عين هي؟ وأول شجر اهتزت على وجه

(1) وكان من أولاد هارون بن عمر أنكما ذكره الكليني في الكافي و
غيره في غيره وسيأتي في الرواية أيضا ما يفيد ذلك، ويحتمل سقطه من هذا
الموضع من الرواية.
15

الأرض أي شجرة هي؟ فقال له علي عليه السلام: يا هاروني! أما أنتم فتقولون:
أول قطرة دم قطرت على وجه الأرض حيث قتل ابن آدم أخاه، وليس
هو كما تقولون، ولكن أقول: أول قطرة قطرت على وجه الأرض حيث
طمثت حواء وذلك قبل أن تلد ابنها شيثا، قال: صدت قال له علي عليه السلام:
أما أنتم فتقولون: ان أول شجرة اهتزت على الأرض الشجرة التي كان
منها سفينة نوح وهي الزيتونة، وليس هو كما تقولون! ولكنها النخلة
التي نزلت مع آدم عليه السلام من الجنة وهي العجوة ومنها يتفرق ما ترى من
أنواع النخل، قال: صدقت فقال له علي عليه السلام: أما أنتم فتقولون: ان
أول عين فاضت على وجه الأرض عين اليقور، وهي العين التي تكون
في بيت المقدس وليس هو كما تقولون، ولكنها عين الحياة التي وق
عليها موسى بن عمران وفتاه، ومعهم النون المالحة فسقطت فيها
فحييت، وكذلك ماء تلك العين لا يصيب شئ منها إلا حيي، وكذلك
كان الخضر عليه السلام على مقدمة ذي القرنين في طلب عين الحياة أصابها
الحضر عليه السلام فشرب منها، وجاء ذو القرنين يطلبها فعدل عنها قال: صدقت
والذي لا اله الا هو انى لأجده في كتاب أبى هارون بن عمران كتبه بيده
واملاء موسى بن عمران، قال: فأخبرني عن الثلث الخر، أخبرني
عن محمد كم له من امام؟ وأي جنة يسكن ومن ساكنها معه في جنته؟
وعن أول حجر هبط إلى الأرض؟ فقال علي عليه السلام: يا هاروني ان لمحمد
صلى الله عليه وآله اثنى عشر إماما عدلا لا يضرهم خذلان من خذلهم، و
لا يستوحشون لخلاف من خالفهم، أرسب في الدين من الجبال الراسيات في
الأرض، وان مسكن محمد صلى الله عليه وآله وسلم في جنة عدن التي قال الله عز وجل كن
فيها، فكان وفيها انفجرت انها الجنة وسكان محمد صلى الله عليه وآله وسلم في جنته أولئك
الاثني عشر امام عدل، وأول حجر هبط فأنتم تقولون هي الصخرة التي
16

في بيت المقدس وليس كما تقولون، ولكنه الذي في بيت الله عز وجل
الحرام هبط به جبرئيل إلى الأرض وهو أشد بياضا من الثلج، فاسود من
خطايا بنى ادم فقال له اليهودي: صدقت والذي لا إليه الا هو انى لأجدها
في كتاب أبى هارون واملاء موسى، فقال المهدي: وبقيت واحدة!
وهي أخبرني عن وصى محمد كم يعيش وهل يموت أو يقتل؟ فقال له على: يا يهودي
وصى محمد أنا أعيش بعده ثلثين سنة لا أزيد يوما واحدا ولا انقص يوما واحدا، ثم
ينبعث أشقاها شقيق عاقر ناقة ثمود، فيضربني ضربة هيهنا في قرني،
فيخضب لحيتي، قال: وبكى علي عليه السلام بكاءا شديدا، قال: فصاح اليهودي
وأقبل يقول: اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد ان محمد عبده
ورسوله، واشهد يا علي انك وصى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وانه ينبغي لك ان تفوق
ولاتفاق ولن تعظم ولا تستضعف، وان تقدم ولا يتقدم عليك، وان تطاع
فلا تعصى وانك لاحق بهذا المجلس من غيرك، واما أنت يا عمر فلا صليت
خلفك أبدا فقال له على: كف يا هارون من صوتك، ثم اخرج الهاروني
من كمه كتابا مكتوبا بالعبرانية، فأعطاه عليا عليه السلام فنظر فيه علي عليه السلام
فبكا، فقال له الهاروني: ما يبكيك؟ قال له علي عليه السلام: يا هارون: هذا
فيه اسمى مكتوبا، فقال له: يا علي! اقرأ اسمك في أي موضع هو مكتوب
فإنه كتاب بالعبرانية وأنت رجل عربي؟! فقال له علي عليه السلام: ويحك
يا هاروني! هذا اسمى أما في التورية سمى هابيل وفى الإنجيل حيدار
فقال له اليهودي، صدقت والذي لا اله الا هو، انه لخط أبى هارون و
املاء موسى بن عمران توارثته الآباء حتى صار إلى، قال: فاقبل على
يبكى ويقول: الحمد لله الذي لم يجعلني عنده منسيا الحمد لله الذي
أثبتني في صحف الأبرار، ثم أخذ علي عليه السلام بيد الرجل فمضى إلى منزله،
فعلمه معالم الخير وشرايع الاسلام قال وما رويته أم سليم صاحبة الحصاة
17

وليست بجبابة الوالبية لا بأم غانم صاحبتي الحصاة هذه أم سليم
غيرهما وأقدم منهما من طريق العامة.
حدثا أبو صالح سهل بن محمد الطر طوسي القاضي - قدم علينا من
الشام في سنة أربعين وثلثمائة - قال: حدثنا أبو فروة زيد بن محمد الرهاوي
قال: حدثنا عمار بن مطر، قال: حدثنا أبو عوانة عن خالد بن علقمة، عن عبيدة
بن عمرو السلماني، قال: سمعت عبد الله بن خباب بن الأرت قتيل
الخوارج يقول: حدثني سلمان الفارسي والبراء بن عازب قالا: قالت
أم سليم.
ومن طريق أصحابنا حدثني أبو القاسم علي بن حبشي بن قوني، قال:
حدثنا جعفر بن محمد بن ملك الفزاري، قال: حدثني الحسين بن أحمد
المنقري التميمي، قال: حدثني الحسن بن محبوب، قال: حدثني
أبو حمزة الثمالي عن زر بن حبيش الأسدي، عن عبد الله بن خباب بن الأرت
قتيل الخوارج عن سلمان الفارسي والبراء بن عازب، قالا: قالت
أم سليم وبين الحديثين خلاف في الألفاظ وليس في عدد الاثني عشر خلاف الا
انى سقت حديث العامة لما شرطناه في هذا الكتاب، قالت أم سليم: كنت
امرأة قد قرأت التوراة والإنجيل، فعرفت أوصياء الأنبياء وأحببت ان
أعرف وصى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فلما قدمت ركابنا المدنية أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وخلفت الركاب مع الحي فقلت له: يا رسول الله ما من نبي الا وكان له
خليفتان خليفة يموت قبله وخليفة يبقى بعده، وكان خليفة موسى عليه السلام
في حياته هارون فقبض قبل موسى، ثم كان وصيه بعد موته يوشع بن
نون، وكان وصى عيسى في حياته كالب بن يوفنا فتوفى كالب في حياته
يسى ووصيه بعد وفاته شمعون بن حمون الصفا ابن عمة مريم، وقد
نظرت في الكتب الأولى فما وجدت لك الأوصياء واحدا في حيوتك
18

وبعد وفاتك، فبين لي بنفس أنت يا رسول الله من وصيك؟ فقال رسول الله:
ان لي وصيا واحدا في حياتي وبعد وفاتي، قلت له: من هو؟ فقال: أتيني
بحصاة، فرفعت إليه حصاد من الأرض فوضعها بين كفية ثم فركها بيده
كسحيق الدقيق، ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء ختمها بخاتمه، فبدا
النقش فيها للناظرين، ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء ختمها بخاتمه، فبدا
النقش فيها للناظرين، ثم أعطانيها وقال: يا أم سليم من استطاع مثل
هذا فهو وصى، قالت: ثم قال لي: يا أم سليم وصيي من يستغنى بنفسه في
جميع حالاته كما أنا مستغن، فنظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد ضرب
بيده اليمنى إلى السقف وبيده اليسرى إلى الأرض قائما لا ينحنى في حالة
واحدة إلى الأرض، ولا يرفع نفسه بطرف قدميه، قالت: فخرجت فرأيت
سلمان يكنف عليا ويلوذ بعقوته دون من سواه من أسرة محمد صلى الله
عليه وآله (1) وصحابته على حداثة من سنة، فقلت في نفسي:
هذا سلمان صاحب الكتب الأولى قبلي صاحب الأوصياء وعنده من العلم
ما لم يبلغني، فيوشك أن يكون صاحبي، فاتيت عليا فقلت: أنت وصى
محمد؟ قال: نعم وما تريدين؟ قلت له: وما علامة ذلك؟ فقال: أتيني
بحصاة، قالت: فرفعت إليه حصاة من الأرض فوضعها بين كفيه، ثم فركها
بيده، فجعلها كسحيق الدقيق، ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء، ثم
ختمها فبدا النقش فيها للناظرين، ثم مشى نحو بيته فاتبعته لأسئله عن
الذي صنع رسول الله صلى الله عليه وآله، فالتفت إلى ففعل مثل الذي فعله فقلت:
من وصيك يا أبا الحسن؟ فقال: من يفعل مثل هذا، قالت أم سليم: فلقيت
الحسن بن علي عليه السلام فقلت: أنت وصى أبيك؟ هذا وإنا أعجب من صغره و
سؤالي إياه، مع انى كنت عرفت صفته الاثني عشر إماما وأبوهم سيدهم
وأفضلهم، فوجدت ذلك في الكتب الأولى، فقال لي: نعم أنا وصى أبى فقلت

(1) العقوة: الساحة وأسرة الرجل: أهله المعروفون بالعائلة.
19

وما علام ذلك؟ فقال أتيني بحصاة قالت: فرفعت إليه حصاة من الأرض
فوضعها بين كفية ثم سحقها كسحيق الدقيق ثم عجنها فجعلها ياقوتة
حمراء ثم ختمها فبدا النقش فيها ثم دفعا إلى فقلت له: فمن وصيك؟ فقال
من يفعل مثل هذا الذي فعلت، ثم مد يده اليمنى حتى جاوزت سطوح
المدينة وهو قائم، ثم طأطأ يده اليسرى فضرب بها الأرض من غيران ينحنى
أو يتصعد، فقلت في نفسي: من يرى وصيه؟ فخرجت من عنده فلقيت
الحسين عليه السلام وكنت عرفت نعته من الكتب السالفة بصفته وتسعة من ولده
أوصياء بصفاتهم، غير انى أنكرت حليته لصغر سنة، فدنوت منه وهو على
كسرة رحبة المسجد (1) فقل له: من أنت يا سيدي؟ قال: انا طلبتك
يا أم سليم انا وصى الأوصياء وأنا أبو التسعة الأئمة الهادية، أنا وصى اخى
الحسن وأخي وصى أبى على وعلى وصى جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعجبت من قوله
فقلت: ما علامة ذلك؟ فقال: أتيني بحصاة، فرفعت إليه حصاة من الأرض
قالت أم سليم: لقد نظرت إليه وقد وضعها بين كفيه، فجعلها كهيئة
السحيق من الدقيق ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء، فختمها بخاتمه فثبت
النقش فيها ثم دفعا إلى وقال لي: انظري فيها يا أم سليم، فهل ترين فيها
شيئا؟ قالت أم سليم: فنظرت فإذا فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى والحسن و
الحسين وتسعة أئمة صلوات الله عليهم أوصياء من ولد الحسين عليه السلام، قد
تواطئت أسمائهم الاثنين منهم أحدهما جعفر والاخر موسى، وهكذا قرأت
في الإنجيل فعجبت ثم قلت في نفسي: قر أعطاني الله الدلائل ولم يعطها
من كان قبلي، فقلت يا سيدي أعد على علاة أخرى! قالت: فتبسم وهو قاعد
ثم قام فمد يده اليمنى إلى السماء فوالله لكانا عمود من نار تخرق الهواء
حتى توارى عن عيني وهو قائم لا يعبأ بذلك ولا يتحفز، فأسقطت وصعفت
20

21 فما أفقت الا به ورأيت في يده طاقة من آس يضرب بها منخري، فقلت في
نفسي: ماذا أقول له بعد هذا؟ وقمت وأنا والله أجد إلى ساعتي رائحة هذه
الطاقة من الآس، وهي والله عندي لم تذو ولم تذبل (1) ولا تنقص من
ريحها شئ، وأوصيت أهلي ان يضعوها في كفني، فقلت: يا سيدي من
وصيك؟ قال: من فعل مثل فعلى، قالت: فعشت إلى أيام علي بن الحسين
عليه السلام.
" قال زربن حبيش خاصة دون غيره: وحدثني جماعة من التابعين
سمعوا هذا الكلام من تمام حديثها، مهم: مينا مولى عبد الله بن عوف
وسعيد بن جبير مولى بنى أسد، سماها تقول هذا، وحدثني سعيد بن
المسيب المخزومي ببعضه عنها ".
قالت: فجئت إلى علي بن الحسين عليه السلام وهو في منزله قائما يصلى،
وكان يطول فيها ولا يتحوز (2) فيها وكان يصلى الف ركعة في اليوم و
الليلة فجلست مليا فلم ينصرف من صلاته، فأردت القيام فلما هممت به
حانت منى التفاتة إلى خاتم في إصبعه: عليه فص حبشي، فإذا هو مكتوب
مكانك يا أم سليم أنبأك بما جئتني له قالت: فأسرع في صلاته فلما سلم
قال لي: يا أم سليم أنبأك بما جئتني له قالت: أسرع في صلاته فلما سلم
قال لي: يا أم سليم! أتيني بحصاة - من غير أن أسئله عما جئت له - فدفعت إليه
حصاة من الأرض فخذها فجعلها بين كفيه فجعلها كهيئة الدقيق السحيق
ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء ثم ختمها فثبت فيها النقش، فنظرت والله
إلى القوم بأعيانهم كما كنت رأيتهم يوم الحسين عليه السلام فقلت له: فمن وصيك
جعلني الله فدا؟ قال: الذي يفعل مثل ما فعلت ولا تدركين من بعدي

(1) الكسر: جانب البيت.
(1) ذيل النبات قل ماؤه وذهبت نضارته.
(2) تحوز: تنحى وقال المجلسي (ره) لعله كناية عن عدم الفصل بين
الصلوات وكثرة التشاغل بها.
21

مثلي، قالت أم سليم: فنسيت ان أسأله ان يفعل مثل ما كان قلة من رسول الله وعلى والحسن والحسين صلوات الله عليهم، فلما خرجت من البيت
ومشيت شوطا، ناداني يا أم سليم! قلت: لبيك، قال: ارجعي، فرجعت
فإذا هو واقف في صرحة داره وسطا، ثم مشى فدخل البيت وهو يتبسم
ثم قال: السى يا أم سليم فجلست فمد يده اليمنى فانخرقت الدور و
الحيطان وسكك المدينة، وغابت يده عنى، ثم قال: خذي يا أم سليم!
فناولني والله كيسا فيه دنانير وقرطان من ذهب وفصوص كانت لي! من جزع
في حق لي كانت في منزلي، فقلت يا سيدي أما الحق فاعرفه واماما فيه
فلا أدرى ما فيه غير انى أجدها ثقيلا، قال: خذيها وامضى لسبيلك قالت:
فخرجت من عنده فدخلت منزلي وقصدت نحو الحق فلم أجد الحق في
موضعه، فإذ الحق حقي، قالت: فعرفتهم حق معرفتهم بالبصيرة والهداية
فيهم من ذلك اليوم والحمد لله رب العالمين.
قال الشيخ أبو عبد الله: سألت أبا بكر محمد بن عمر الجعابي عن هذه
أم سليم، وقرأت عليه اسناد الحديث للعامة واستحسن طريقها وطرى
أصحابنا فيه، فما عرفت أبا صالح الطرطوسي القاضي فقال: كان ثقة عدلا
حافظا، واما أم سليم فهي امرأة من النمر بن قاسط، معروفة من النساء
اللاتي روين عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: وليست أم سليم الأنصارية أم انس
المالك، ولا أم سليم الدوسية، فإنها لها صحبة ورواية، ولا أم سليم
الخافضة التي كانت تخفض الجواري على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا أم سليم
الثقفية وهي بنت مسعود أخت عروة بن مسعود الثقفي فإنها سلمت و
حسن اسلامها وروت الحديث (1).

(1) وأخرجه في البحار ص 226 و 227 ج 7 وفي اثبات الهداة ج 3
ص 200 مختصرا عن هذا الكتاب.
22

ومن طريق العامة حديث رواه عبد الرحمن بن سليط عن الحسين
عليه السلام.
حدثنا أبو علي أحمد بن زياد الهمداني، قال: حدثنا علي بن
إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا أبي، قال حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي
قال: أخبرنا وكيع بن الجراح، عن الربيع بن سعد عن عبد الرحمن بن
سليط (1) قال: قال الحسين بن علي عليه السلام: منا اثنا عشر مهديا أولهم
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وآخرهم التاسع من ولدى وهو
القائم بالحق، يحيى الله به الأرض بعد موتها، ويظهر به الدين على الدين
كله ولو كره المشركون، له غيبية يرتد فيها قوم ويثبت على الدين
فيها آخرون، فيؤذون ويقال لهم: ومتى هذا الوعد ان كنتم صادقين أما
ان الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب، بمنزلة المجاهد بالسيف بين
يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال ومن حديث العامة ما رواه أبو جعفر محمد بن علي الأول
(ع) عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أبيه عبد الله بن عمرو
هو موافق لحديث أبى سلمى المتقدم في أول الكتاب. (2)
حدثنا أبو الحسن ثوابة بن أحمد الموصلي الوراق الحافظ، قال:
حدثني أبو عروبة الحسن بن محمد بن أبي معشر الحراني قال: حدثني موسى
بن عيسى بن عبد الرحمن الإفريقي، قال: حدثنا هشام بن أبي عبد الله
الدستوائي عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر محمد بن علي
عليه السلام، قال: حدثني سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عبد الله بن عمر قال:
.

(1) اخرج في كمال الدين والبحار هذا الحديث عن مقتضب الأثر وأخرجه
في كفاية الأثر عبد الرحمن بن ثابت وأخرجه في اثبات الهداة (ص 133 ج 2
ب 9) وفى البحار ج 9 ص 163 عن هذا الكتاب.
(2) وأخرجه النعماني في غيبته بسنده عن سلام عن أبيه.
23

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ان اله تعالى أوحى إلى ليلة اسرى بي يا محمد: من
خلفت في الأرض؟ - وهو أعلم بذلك - قلت: يا رب أخي، قال: يا محمد علي بن أبي
طالب؟ قلت: نعم يا رب! قال: يا محمد انى اطلعت إلى الأرض اطلاعة اخترتك
منها فلا أذكر حتى تذكر معي، انا المحمود وأنت محمد، ثم انى اطلعت إلى
الأرض اطلاعة أخرى فاخترت منها علي بن أبي طالب فجعلته وصيك،
فأنت سيد الأنبياء وعلى سيد الأوصياء، ثم اشتققت له اسما من أسمائي
فانا الاعلى وهو على، يا محمد أين خلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين
عليهم السلام والأئمة من نور واحد، ثم عرضت ولا يتهم على الملائكة،
فمن قبلها كان من المقربين، ومن جحدها كان من الكافرين، يا محمد
لوان عبدا من عبادي عبدني حتى ينقطع النفس، ثم لقيني جاحدا لولايتهم
أدخلته نرى، ثم قال: يا محمد أتحب أن تراهم؟ قلت: نعم، قال: تقدم
امامك، فتقدمت امامى فإذا علي بن أبي طالب، والحسن، والحسين، و
علي بن الحسين، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والحجة
القائم كأنه كوب درى في وسطهم، فقلت: يا رب من هؤلاء؟ فقال:
هؤلاء الأئمة وهذا القائم يحل حلالي ويحرم حرامي وينتقم - يا محمد - من
أعدائي، يا محمد أحببه واحبب من يحبه.
قال الشيخ أبو عبد الله بن عياش: وقد كنت قبل كتبي هذا الحديث
عن ثوابة الموصلي رأيته في نسخة وكيع بن الجراح التي كانت عند أبي
بكر محمد بن عبد الله بن عتاب، حدثنا بها عن إبراهيم بن عيسى القصار
الكوفي عن وكيع بن الجراح رأيتها في أصل كتابه، فسئلت أن يحدثني
به فابى، وقال: لست أحدث بهذا الحديث عداوة ونصبا، وحدثنا بما
سواه، ومن فروع كتاب أروج فيه أحاديث وكيع بن الجراح، ثم
24

حدثني به بعد ذلك ثوابة، ورواية ابن عتاب أعلى لو كان حدثني!.
تم الجزء الأول ويتلوه في الجزء الثاني حديث عبد الله بن عمر
بن الخطاب مرفوعا في أسماء الأئمة، وحديث كعب والحمد لله رب
العالمين وصلى الله على محمد وآله وحسبنا الله ونعم الوكيل.
25

الجزء الثاني
من مقتضب الأثر في الأئمة الاثني عشر جمع الشيخ أبى عبد الله
أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن عياش بن إبراهيم بن أيوب
بسم الله الرحمن الرحيم
حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب (1) مرفوعا في أسماء الأئمة
عليهم السلام وأعدادهم وحديث كعب الأحبار.
حدثني أبو الخير ثوابة بن أحمد الموصلي الحافظ، قال: حدثني
أبو عروبة الحسين بن محمد بن أبي معشر الحراني قال: حدثا موسى
بن عيسى بن عبد الرحمن الإفريقي، قال: حدثنا هشام بن أبي عبد الله
الدستوائي أبو عامر قال: حدثني عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد
الجعفي، قال: سمعت سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب يحدث
أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين عليه السلام بمكة قال: سمعت أبي عبد الله بن عمر
بن الخطاب يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن الله عز وجل اوحى
إلى ليلة اسرى بي يا محمد! من خلفت في الأرض على أمتك - وهو اعلم
بذلك -؟ قلت: يا رب أخي، قال: يا محمد! علي بن أبي طالب؟ قلت، نعم
يا رب! قال: محمد انى اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها، فلا
أذكر حتى تذكر معي، انا المحمود وأنت محمد، ثم اطلعت إلى الأرض

(1) أخرجه في البحار ج 9 ص 127 وفى اثبات الهداة ج 3 ص 200
عن هذا الكتاب.
26

إطاعة أخرى فاخترت منها علي بن أبي طالب فجعلته وصيك، فأنت
سيد الأنبياء وعلى سيد الأوصياء، ثم اشتققت له اسما من أسمائي فانا
الاعلى وهو على، يا محمد انى خلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين (ع)
والأئمة من نور واحد، ثم عرضت ولايتهم على الملائكة، فمن قبلها
كان من المقربين ومن جدها كان من الكافرين، يا محمد لوان عبدا من
عبادي عبدني حتى ينقطع ثم لقيني جاحدا لولايتهم أدخلته ناري، ثم
قال: يا محمد أتحب أن تراهم، قلت: نعم، قال: تقدم امامك فتقدمت امامى
فإذا علي بن أبي طالب وأحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي
، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي
وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والحجة القائم كأنه كوكب درى في
وسطهم، فقلت: يا رب! من هؤلاء؟ فقال: هؤلاء الأئمة، وهذا القائم
يحل حلالي ويحرم حرامي وينتقم من أعدائي، يا محمد! أحببه فانى
أحبه وأحب من يحبه، قال جابر: فلما انصرف سالم من الكعبة تبعته،
فقلت: يا أبا عمر وأنشدك الله هل أخبرك أحد غير أبيك بهذه الأسماء،
قال: اللهم أما الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا، ولكني كنت مع أبي
عند كعب الأحبار، فسمعته يقول: إن الأئمة من هذه الأمة بعد
نبيها على عدد نقباء بني إسرائيل، وأقبل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال
كعب: هذا المقفى أولهم وأحد عشر من ولده، وسماه كعب أسمائهم
في التورية تقوبيث، قيذوا، دبيرا، مفسورا، مسموعا، دوموه،
مشيو، هذار، يثمو، بطور، نوقس، قيذمو (1).

(1) وفى المنقول عن المقتضب في المناقب (ط قم ص 302 ج 1) و
البحار اختلاف في الألفاظ المنقولة عن التورية بل بينهما وبين الكتاب أيضا و
لما لم أنظر على صحيحها بالعرية تركتها بحالها وكذا فيما يأتي.
27

قال أبو عامر هاشم الدستواني: لقيت يهوديا بالحيرة يقال له عتو بن
اوسو، وكان حبر اليهود وعالمهم، فسألته عن هذه الأسماء وتلتها عليه، فقال
لي: من أين عرفت هذه النعوت، قلت: هي أسماء قال: ليست أسماء لو كانت
أسماء لتطرزت في تواطى الأسماء، ولكنها نعوت لاقوام وأوصاف بالعبرانية
صحيحة نجدها عندنا في الترية، ولو سالت عنها غيري لعمى عن معرفتها
لو تعامى، قلت: ولم ذلك؟ قال: أما العمة فللجهل بها، واما التعامي
لئلا تكون على دينه ظهير أو به خبيرا، وانما أقررت لك بهذه النعوت
لانى رجل من ولد هارون بن عمران مؤمن بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، أسر ذلك
عن بطانتي من اليهود الذين لم أظهر لهم الاسلام ولن أظهره بعدك لاحد
حتى أموت، قلت: ولم ذاك؟ قال: لانى أجد في كتب آبائي الماضين
من ولد هارون ألا نؤمن لهذا النبي الذي اسمه محمد ظاهرا، ونؤمن به
باطنا حتى يظهر المهدى القائم من ولده، فمن أدركه منا فليؤمن به،
وبه نعت الأخير من الأسماء قلت: وبما نعت به، قال: بأنه يظهر على الدين كله
ويخرج إليه المسيح فيدين به ويكون له صاحبا، قلت: لي هذه
النعوت لاعلم علمها، قال: نعم فعه عنى وصنه الا عن أهله وموضعه
انشاء الله تعالى.
أما تقويث فهو أول الأوصياء ووصى آخر الأنبياء، واما قيذوا
فهو ثاني الأوصياء وأول العترة الأصفياء واما دبيرا فهو ثاني العترة و
سيد الشهداء واما مفسورا فهو سيد من عبد الله من عباده، واما مسموعا
فهو وارث علم الأولين والآخرين، واما دوموه فهو المدرة الناطق عن
الله الصادق، واما مشيو فهو خير المسجونين في سجن الظالمين، واما
هذا فهو المنخوع بحقه النازح الأوطان الممنوع واما يثمو فهو القصير
العمر الطويل الأثر، واما بطور فهو رابع اسمه، واما نوقس فهو سمى
28

عمه، واما قيذمو فهو المفقود من أبيه وامه، الغائب بأمر الله وعلمه
والقائم بحكمه.
قال ومما روته العامة عن الحسن بن أبي الحسن البصري
في ذلك.
حدثني: أبو الحسين عبد الصمد بن علي بن محمد بن مكرم
الطستي، قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن علي بن علوية القطان،
قال: حدثني إسماعيل بن عيسى العطار، فان: حدثنا داود بن الزبرقان
والمبارك بن فضالة عن الحسن بن أبي الحسن البصري يرفعه قال:
اتى جبرئيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: يا محد! ان الله عز وجل يأمرك ان
تزوج فاطمة من على أخيك، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى علي عليه السلام فقال
له: يا علي انى مزوجك فاطمة ابنتي سيدة نساء العالمين وأحبهن إلى
بعدك وكائن منكما سيد شباب أهل الجنة والشهداء المضرجون
المقهورون في الأرض من بعدي، ويميت بهم الباطل، عدتهم عدة أشهر
السنة آخرهم يصلى عيسى بن مريم المسيح خلفه (1)
قال: حدثني أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد القطان قال:
حدثنا محمد بن غالب بن حرب الضبي، يعرف بتمتام قال: حدثنا
هلال به عقبة أخو قبيضة بن عقبة، قال: حدثني حيان بن أبي بش الغنوي
عن معروف بن خربوذ المكي، قال: سمعت أبا الطفيل عامر بن واثلة
الكناني (2) يقول: سمعت عليا عليه السلام يقول: ليلة القدر في كل سنة ينزل

(1) أخرجه في البحار ص 137 ج 9 وفى اثبات الهداة ج 3 ص 201
عن هذا الكتاب.
(2) أخرجه في البحار ص 162 ج 9 وفى اثبات الهداة ج 3 ص 201
مختصرا عن هذا الكتاب.
29

فيها على الوصاة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما ينزل، قيل له: ومن الوصاة
يا أمير المؤمنين؟ قال: انا وأحد عشر من صلبي هم الأئمة المحدثون،
قال معروف: فلقيت أبا عبد الله مولى ابن عباس في مكة، فحدثته بهذا
الحديث، فقال: سمعت ابن عباس يحدث بذلك ويقرء: وما أرسلنا من
قبلك
من نبي ولا رسول ولا محدث.
قل: هم والله المحدثون
قال: ومن أعجب الروايات في اعداد الأئمة وأسمائهم من
طريق المخالفين ما رووه عن داود الرقي (عن أبي عبد الله (ع)
قال: حدثني أبو الحسين عبد الصمد بن علي بن محمد بن مكرم
الطلستي، قال: حدثني أحمد بن موسى الأسدي، عن داود بن كثير
الرقي، قال: دخلت على جعفر بن محمد، فقال لي: ما الذي أبطأ بك
عنايا داود؟ فقلت له: حاجة عرضت لي بالكوفة هي التي أبطأت بي
عنك جعلت فداك، فقال لي: ماذا رأيت بها؟ قلت: رأيت عمك زيدا
على فرس ذنوب (2) قد تقلد محفا وقد حف به فقهاء الكوفة وهو
يقول: يا أهل الكوفة انى العلم بينكم وبين الله تعالى، قد عرفت ما في
كتاب الله من ناسخه ومنسوخه، فقال أبو عبد الله: ا سماعة بن مهران
أتيني بتلك الصحيفة، فاتاه بصحيفة بيضاء فدفعها إلى وقال لي: اقرأ
هذه مما أخرج إلينا أهل البيت يرثه كابر عن كابر منا من لدن رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم، فقرأتها فإذا فيها سطران: السطر الأول لا إله إلا الله محمد
رسول الله، والسطر الثاني ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا

(1) أخرجه في البحار ص 48 ج 11 وفى اثبات الهداة ج 3 ص 203
مختصرا عن هذا الكتاب.
(2)
الذنوب من الخيل: الوافر الذنب.
30

في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك
الدين القيم علي بن أبي طالب، والحسن بن علي، والحسين بن علي
، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى
بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، و
الحسن بن علي، والخلف منهم الحجة لله، ثم قال لي: يا داود أتدري
أين كان ومتى كان مكتوبا؟ قلت: يا ابن رسول الله الله إعلم ورسوله وأنتم!
قال: قبل أن يحلق ادم بألفي عام، فأين يتاه بزيد ويذهب به: ان أشد
الناس لنا عداوة وحسدا الأقرب إلينا فالأقرب!
قال: ومما حدثني به هذا الشيخ الثقة أبو الحسين عبد الصمد بن علي
وأخرجه إلى من أصل كتابه وتاريخه في سنة خمس وثمانين ومأتين
سماعه من عبيد بن كثيرا بي سعد العامري قال: حدثني نوح بن دارج عن
يحيى بن الأعمش عن زيد بن وهب عن ابن أبي جحيفة السوائي - من سواءة
بن عامر - والحرث بن عبد الله الجارثي الهمداني، والحرث بن شرب كل
حدثنا انهم كانوا عند علي بن أبي طالب عليه السلام فكان إذا قبل ابنه الحسن
عليه السلام يقول: مرحبا يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإذا اقبل الحسين يقول:
بابى أنت وأمي يا أبا ابن خير الإماء فقيل له: يا أمير المؤمنين ما بالك تقول هذا
للحسن وتقول هذا للحسين؟ ومن ابن خيرة الإماء؟ فقال: ذلك الفقيد
الطريد الشريد: محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر
بن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام هذا ووضع يده على رأس الحسين
عليه السلام (1).
قال: ومن اتقن الاخبار المأثورة وغريبها وعجيبها ومن المصون
المكنون في اعداد الأئمة وأسمائهم من طريق العامة مرفوعا وهو خبر

(1) وأخرجه في البحار عن هذا الكتاب ج 13 ص 28.
31

الجارود بن المنذر (1) واخباره عن ق بن ساعدة: ما حدثنا به أبو جعفر
محمد بن لاحق بن سابق بن قرين الأنباري، قال: حدثني جدي أبو النصر
سابق بن قرين، في سنة ثمان وسبعين ومأتين بالأنبار في دارنا، قال: حدثني
أبو المنذر هشام بن محمد بن السايب الكلبي، قال: حدثني أبي عن الشرقي بن
القطامي، عن تميم بن وهلة المري قال: حدثني الجارود بن المنذر العبدي
وكان نصرا نيافا سلم عام الحديبية وحسن اسلامه وكان قاريا للكتب، عالما
بتأويلها على وجه الدهر وسالف العصر، بصيرا بالفلسفة والطب، ذا رأى
أصيل وجه جميل، أنشأ يحدثنا في امارة عمر بن الخطاب قال وفدت
على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في رجال من عبد القيس ذوي أحلام وأسنان وفصاحة
وبيان وحجة وبرهان، فلما بصروا به صلى الله عليه وآله وسلم واعهم منظره ومحضره، و
أفحموا عن بيانهم واعتراهم العرواء (2) في أبدانهم! فقال زعيم القوم
لي: دونك من أقمت بنا أممه (3) فما نستطيع ان نكلمه فاستقدمت دونهم
إليه فوقفت بين يديه صلى الله عليه وآله وسلم وقلت: السلام عليك يا نبي الله بابى أنت وأمي ثم
أنشأت أقول:

(1) روى هذا الحديث الكراجكي في كنز الفوائد عن قاضى بن أحمد
البغدادي عن أحمد بن محمد الجوهري إلى آخر أسند مع نقصان كثير واختلاف
يسير واخره المجلسي قدس سره في أربعينه عن كنز الفوائد ص 74 في شرح
الحديث العشرين وفى البحار ج 6 في اخر باب البشارة بمولد النبي صلى الله
عليه وآله ونبوته عن هذا الكتاب وفى باب المعراج عن تفسير علي بن إبراهيم و
كنز الفوائد وأخرجه المحدث الحر العاملي (قده) في اثبات الهداة 3 ص 202
عن هذا الكتاب مختصرا.
(2) اعتر به الامر: أصابه والعرواء: نفضة نصيب المريض وغيره
(3) هذا هو الظاهر الموافق لنسخة البحار لكن في الأصل " أقمه "
بدل " أممه ".
32

يا نبي الهدى أتتك رجال * قطعت قرددا والافالا (1)
جابت البيد والمهامة حتى * غالها من طوى السرى ما غلا
قطعت دونك الصحاصح تهوى * لا تعد الكلال فيك كلالا (2)
كل دهناء تقصر الطرف عنها * أرقلتها قلاصنا ارقالا (3)
وطوتها العتاق تجمع فيها * بكماة مثل النجوم تلألأ (4)
ثم لما رأتك أسن مرأى * أفحمت عنك هيبة وجلالا
تتقى شر باس يوم عصيب * هائل أو جل القلوب وهالا
ونداء بمحشر الناس طرا * وحسابا لمن تمادى ضلالا
نحو نور من الاله وبرهان * وبر ونعمة لن تنالا
وأمان منه لدى الحشر والنشر * إذ الخلق لا يطيق السؤالا
فلك الحوض والشفاعة والكوثر * والفضل إذ ينص السؤالا
خصك الله يا ابن آمنة الخير * إذا ما تلت سجال سجالا (5)
أنبأ الأولون باسمك فينا * وبأسماء بعده تتلألأ
قال: فاقبل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بصفحة وجه المبارك شمت منه
ضياء لامع ساطعا كوميض البرق (6)
فقال: يا جارود لقد تأخر بك

(1) قال ابن أثير في النهاية: وفى حديث: قس بن ساعدة وآلا مآلا الآل
السراب. وقال: وقردد: الموضع المرتفع من الأرض ويقال للأرض المستوية
أيضا قردد ومنه حديث قس والجارود: قطعت قرددا.
(2) الصحاصح جمع الصحيح: ما استوى من الأرض وكان أجود.
(3) الدهناء: الفلات وأرقل المفازة: قطعها. القلاص جمع القلوس
من الإبل: الطويلة القوائم.
(4) العتاق جمع العتق وفرس عتيق: رائع. وجمح الفرس: تغلب
على راكبه وذهب به لا ينثني.
(5) السجال جمع السجل: الدلو العظيمة فيها ماء قل أو كثر.
(6) وميض البرق: لمعانه.
33

وبقومك الموعد، وقد كنت وعدته قبل عامي ذلك ان أفد إليه بقومي،
فلم أته وأتيته في عام الحديبية، فقلت: يا رسول الله! بنفسي أنت ما كان
ابطائي عنك الا ان جلة قومي أبطئوا عن إجابتي حتى ساقها الله إليك لما
أراد لها من الخير لديك، فاما من تأخر عنه فحظ فات منك، ذلك أعظم
حوبة (1) وأكثر عقوبة ولو كانوا ممن سمع بك أو رآك لما ذهبوا عنك،
فان برهان الحق في مشهدك ومحتدك (2) وقد كنت على دين النصرانية
قبل أن تأتيني إليك الأولى فها أنا تاركه بين يديك إذ ذلك مما يعظم الاجر
ويمحوا المآثم والحوب ويرضى الرب عن المربوب، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
أنا ضامن لك يا جارود! قلت: أعلم يا رسول الله انك بذلك ضمين قمين (3)
قال: فدن الآن بالوحدانية ودع عنك النصرانية، قلت: اشهد ان لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، وانك عبده ورسوله ولقد أسلمت على علم بك
وبناء فيك: علمته من قبل، فتبسم صلى الله عليه وآله وسلم كأنه علم ما أردته من الانباء
فيه فاقبل على وعلى قومي فقال: أفيكم من يعرف قس بن ساعدة
الأيادي؟ قلت: يا رسول الله كلنا نعرفه غير انى من بينهم عارف بخبره
واقف على أثره، كان قس بن ساعدة يا رسول الله سبطا من أسباط العرب
عمر خمسمائة عام تقفر منها في البراري خمسة أعمار يضج بالتسبيح على
منهاج المسيح، لا يقره قرار ولا يكنه جدار (4) ولا يستمتع منه جار،
لا يفتر من الرهبانية ويدين الله بالوحدانية يلبس المسموح ويتحسى في
سياحته بيض النعام (5) ويعتبر بالنور والظلام يبصروا يتفكر فيختبر،

(1) الحوبة: الاثم.
(2) المحتد: الأصل.
(3) القمين: الخليق الجدير.
(4) كن الشئ: ستره في كنه وغطاه وأخفاه وصانه من الشمس.
(5) المسوح جمع المسح بالكسر: ما يلبس من نسيج الشعر على البدين
تقشعا وقهرا للجسد. تحسى المرق: شربه شيئا بعد شئ
34

تضرب بحكمته الأمثال، أدرك رأس الحواريين شمعون وأدرك لوقا
ويوحنا وأمثالهم ففقه كلامهم ونقل منهم، تحوب الدهر (1) وجانب
الكفر، وهو القائل بسوق عكاظ وذي المجاز شرق وغرب ويابس ورطب
وأجاج وعذب وحب ونبات، وجمع وأشتات، وذهاب وممات، وآباء و
أمهات وسرور مولود ورزء مفقود تبا لأرباب الغفلة (2) ليصلحن العامل
عمله قبل أن يفقد أجله، كلا بل هو الله الواحد ليس بمولود ولا والد أمات
وأحيى وخلق الذكر والأنثى وهو رب الآخرة والأولى، ثم أنشد كلمة
له شعرا:
ذكر القلب من جواه ادكار * وليال خلالهن نهار
وشموس من تحتها قمر الليل * - وكل متابع موار
وجبال شوامخ راسيات * وبحار مياههن غزار
وصغير وأشمط ورضيع * كلهم في السعيد يوما بوار (3)
كل هذا هو الدليل على الله * ففيه لنا هدى واعتبار
ثم صاح: يا معاشر أياد أين ثمود وأين عاد! وأين الآباء والأجداد
وأين العليل والعواد وأين الطالبون والرواد، وكل له معاد أقسم قس
برب العباد، وساطح المهاد، وخالق السبع الشداد، سماوات بلا عماد
ليحشرن على الانفراد، وعلى قرب وبعاد، إذ نفخ في الصور ونقر في
الناقور، وأذشرقت الأرض بالنور، فقد وعظ الواعظ، وانتبه القائظ (4)

(1) تحوب: اجتنب الحوب أي الاثم.
(2) هذا هو الظاهر الموافق لنسخة البحار وكان في الأصل " بئسا "
بدل " تبا ".
(3) الأشمط: الذي خالط بياض رأسه سواد.
(4) كذا في نسختي الأصل والبحار والظاهر " الياقظ " بدل " القايظ "
كما استظهره المجلسي (ره) أيضا.
35

وابصر الاحظ ولفظ الأفظ، فويل لمن صدف عن الحق الأشهر، وكذب
بيوم المحشر والسراج الأزهر، في يوم الفصل وميزان العدل، ثم أنشأ
يول:
يا ناعي الموت والأموات في جدث عليهم من بقايا بزهم خرق
منهم عراة وموتى في ثيابهم * منها الجديد ومنها الأورق الخلق
دعهم فان لهم يوما يصاح بهم * كما ينبه من رقداته الصعق
حتى يجيئوا بحال غيرهم حالهم * خلق مضوا ثم ماذا بعد ذاك لقوا
ثم أقبلت على أصحابه فقلت: على علم به آمنتم به قبل مبعثه ما
آمنت به أنا، فنصت إلى رجل منهم وأشارت إليه وقالوا: هذا صاحب و
طالبه على وجه الدهر وسالف العصر، وليس فينا خير منه ولا أفضل فبصرت
به أغر أبلج قد وفذته الحكمة أعرف ذلك في أسارير وجهه (1) وان
لم أحظ علما بكنهه قلت: ومن هو؟ قالوا هذا سلمان الفارسي ذو البرهان
العظيم، والشأن القديم قال سلمان: عرفته يا أخا عبد القيس من قبل
إتيانه، فأقبلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يتلألأ ويشرق وجهه نور أو
سرورا، فقلت: يا رسول الله ان قسا كان ينتظر زمانك ويتوكف إبانك
(2) ويهتف باسمك واسم أبيك وأمك، وبأسماء لست أصيبها معك ولا
أراها فيمن اتبعك، قال سلمان: فأخبرنا فأنشأت أحدثهم ورسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم يسمع والقوم سامعون واعون، قلت: يا رسول الله لقد شهدت قسا
خرج من ناد من أندية أيد، إلى صحصح ذي قتاد وصمرة وعتاد (3)

(1) الأساربر: الخطوط في الجبهة.
(2) توكف الخبر: أتظهر ظهوره. وأبان الشئ بكسر الهمزة وشد
الباء: أوله. حينه.
(3) الأندية جمع النادي: مجلس القوم ما داموا مجتمعين فيه. والصحصح
تقدم معناه والقتاد: شجر صلت له شوك كالابر. والسمرة بالضم: شجر الطلح
وهو شجر عظا كثير الشوك. والعتاد بفتح العين: كل ما هيئ من سلاح ودواب
وآلة حرب.
36

وهو مشتمل بنجاد، فوقف في أضحيان ليل كالشمس (1) رافعا إلى السماء
وجهه وإصبعه، فدنوت منه وسمعته يقول: اللهم رب هذه السبعة الا رقعة
والأرضين الممرعة (2) وبمحمد والثلاثة المحامدة معه، والعليين
الأربعة، وسبطيه النبعة والارفعة الفرعة (3) والسري اللامعة وسمي
الكليم الضرعة (4) والحسن ذي الرفعة أولئك النقباء الشفعة والطريق
المهيعة (5 9 درسة الإنجيل وحفظة التنزيل، على عدد النقباء من بني إسرائيل
، محاة الأضاليل ونفاة الأباطيل، الصادقوا القيل، عليهم تقوم
الساعة وبهم تنال الشفاعة، ولهم من الله تعالى فرض الطاعة، ثم قال:
اللهم ليتني مدر كهم ولو بعد لأي (6) من عمري ومحياي ثم أنشأ يقول:
متى انا قبل الموت للحق مدرك * وإن كان لي من بعد هاتيك مهلك
وان غالني الدهر الخئون بغوله * فقد غال من قبلي ومن بعد يوشك
فلاغر وانى سالك مسلك الأولى * وشيكا و من ذا للردى ليس يسلك (7)

(1) ليلة اضحيانة: مضيئة.
(2) الا رقعة جمع الرقيع: السماء عموما. وقيل الرقع اسم سماء الدنيا
وأمرع المكان: أخصب.
(3) هذا هو الظاهر الموافق لنسختي البحار واثبات الهداة لكن في
الأصل " الا رفعة القرعة " بحذف العاطف والقرعة بالقاف
(4) كذا في الأصل ونسخة البحار والظاهر أنه تصحيف الصرعة بالصاد
المهملة كما في بعض نسخ اثبات الهداة وهو بمعنى الحلم عند الغضب.
(5) المهيع: الطريق الواسع البين.
(6) اللاءى: الشدة والمحنة.
(7)
الوشيك: السريع.
37

ثم آب يكفكف دمعه ويرن رنين البكرة (1) وقد برئت ببراة
وهو يقول:
أقسم قس قسما * ليس به مكتتما
لو عاش ألفي عمر * لم يلق منها ساما
حتى يلاقى أحمدا * والنقباء الحكما
هم أوصياء أحمد * أكرم من تحت السما
يعمى العباد عنهم * وهم جلاء للعمى
لست بناس ذكرهم
حتى أحل الرجما (2)
ثم قلت: يا رسول الله أنبئني أنبأك الله يخير عن هذه الأسماء التي
لم نشهدها وأشهد ناقس ذكرها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا جارود ليلة
اسرى بي إلى السماء أوحى الله عز وجل إلى أن سل من أرسلنا من قبلك
من رسلنا على ما بعثوا؟ فقلت: على ما بعثتم؟ فقالوا: على نبوتك و
ولاية علي بن أبي طالب والأئمة منكما، ثم أوحي إلي ان التفت عن يمين
العرش، فالتفت فإذا على والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين،
ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى،
ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والمهدى في
ضحضاح من نور يصلون، فقال لي الرب تعالى: هؤلاء الحجج لأوليائي
هذا المنتقم من أعدائي، قال الجارود: فقال لي سلمان يا جارود هؤلاء
المذكورون في التورية والإنجيل والزبور كذلك، فانصرفت بقومي
وقلت في وجهتي إلى قومي:

(1) كفكف الدمع: مسحه مرة بعد مرة والبكرة بضم الباء وكسرها:
آلة مستدبرة في وسطها محزم عليها حبل لرفع الأثقال وحطها.
(2) الرجم: القبر.
38

اتيتك يا ابن آمنة الرسولا * لكي بك اهتدى النهج السبيلا
فقلت وكان قولك قول حق * وصدق ما بدال ان تقولا
وبصرت العمى من عبد قيس * وكل كان من عمه ضليلا
وأنبئناك عن قس الأيادي * مقالا فيك ظلت به جديلا
وأسماء عمت عنا فآلت * إلى علم وكنت به جهولا
قال الشيخ أبو عبد الله أحمد بن محمد: وإذ قد تقدم لأدرك الرسول
والأئمة الاثني عشر من بعده بنعوتهم في الإنجيل عن كعب الأحبار، فهذه
رواية أخرى (1) هي أسمائهم في التورية.
قال حدثني ثوابة بن أحمد الموصلي قال: حدثني الحسن بن أحمد
بن حازم المصيصي، قال: حدثني حاجب بن سليمان أبو موزج الصيدوي
قال: لقيت ببيت المقدس عمران بن خاقان الوافد إلى المنصور المنصوب
على يهود الجزيرة وغيرها أسلم على يد أبى جعفر المنصور، وكان قد حج
اليهود ببيانه وكانوا الا يستطيعون جحده لما في التورية من علامات رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم والخلفاء من بعده، فقال لي يوما: يا أبا موزج انا نجد في
التورية ثلثة عشر اسما منها محمد صلى الله عليه وآله وسلم واثنى عشر من بعده من أهل
بيته، هم أوصيائه وخلفائه مذكورون في التورية ليس فيهم القائمون
بعده، من تيم ولا عدى ولا بنى أمية، وأين لأظن ما يقوله هذه الشيعة حقا؟
قلت: فأخبرني به، قال لتعطيني عهد الله وميثاقه ان لا تخبر الشيعة بشئ
من ذلك فيظهروه على؟ قلت،: وما تخاف من ذلك؟ والقوم من بني هاشم
قال: ليست أسمائهم أسماء هؤلاء بل هم من ولد الأول منهم، وهو محمد
صلى الله عليه وآله وسلم ومن بقيته في الأرض من بعده، فأعطيته ما أراد من المواثيق، و
قال لي: حدث به بعدي ان تقدمتك والا فلا، عليك ان لا تخبر به أحدا، قال:

(1) أخرجه في البحار ج 9 ص 127 عن هذا الكتاب.
39

نجدهم في التورية شموعل شما عسحوا وهي بيرختى ايثوا بمايذيثم عوشود
بستم بوليد وبشير العوى قوم لوم كود ودعان لا مذبور وهومل (1) قال
وفى التورية ان شموعل يخرج من صلبه ابن مبارك صلواتي عليه وقدسي،
يلد اثنى عشر ولدا يكون ذكرهم باقيا إلى يوم القيمة، وعليهم القيمة
تقوم، طوبى لمن عرفهم بحقيقتهم.
قال الشيخ أبو عبد الله: ونختم هذا الخبر بأعظم خاتم وأكرم خبر،
وهو ذكر صاحب الامر عليه السلام على السنة الفرس وينتظم أعداد السادة الأئمة
عليهم السلام.
قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري قلا:
حدثني محمد بن علي بن الحسن النوشجاني، قال حدثني النوشجاني [عن محمد
ابن سلميان عن أبيه عن] (2) ابن البود مردان - قال محمد بن علي النوشجاني و
نوشجان جدي - قال: لما جلى الفرس عن القادسية، وبلغ يزد جرد بن شهريار
ما كان من رستم وإدالة العرب عليه، وظن أن رستم قد هلك والرس جميعا، وجاء
مناذر فأخبره بيوم القادسية وانجلائها عن خمسين ألف قتيل من الفرس، خرج
يزد جرد هاربا في أهل بيته، فوقف بباب الإيوان فقال: السلام عليك أيها
الإيوان ها أنا ذا منصرف عنك وأرجع إليك أنا أدو رجل من ولدى، لم يدن
زمانه ولا آن أوانه، قال سليمان الديلمي: فدخلت على أبى عبد الله عليه السلام
فسئلته عن ذلك؟ وقلت له: ما قوله أو رجل من ولدى؟ فقال عليه السلام: ذلك
صاحبكم القائم بأمر الله عز وجل السادس من ولدى: قد ولده يزد جرد

(1) أخرج ابن شهرآشوب (قده) هذه الألفاظ المنقولة من التورية في
المناقب مع اختلاف كثير (ج 1 ص 301 ط قم) عن هذا الكتاب وكذا المجلسي
(ره) في البحار ولا تخلوا الجميع عن التحريف والتصحيف وقد مر شطر من الكلام
في ذلك في حديث كعب الأحبار أيضا فراجع.
(2) ما بين المعقفتين انما هو في نسخة البحار دون الأصل.
40

فهو ولده وذكرنا في الحديث في يوم القادسية (1).
قال: وحدثني محمد بن جفر الآدمي من أصل كتابه واثنى ابن غالب
الحافظ عليه، قال: حدثني أحمد بن عبيد بن ناصح قال: حدثني الحسين
بن علوان الكلبي، عن همام بن الحرث، عن وهب بن منبه، قال: إن
موسى نظر ليلة الخطاب إلى كل شجرة في الطور، وكل حجر ونبات
تنطق بذكر محمد صلى الله عليه وآله وسلم واثنى عشر وصيا له من بعده، فقال موسى: إلهي
الا أرى شيئا خلقته الا وهو ناطق بذكر محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأوصيائه الاثني عشر،
فما منزلة هؤلاء عندك؟ قال: يا ابن عمران انى خلقتهم قبل خلق الأنوار
وجعلتهم في خزانة قدسي يرتعون في رياض مشيتي، ويتنسمون روح
جبروتي، ويشاهدون أقطار ملكوتي، حتى إذا شئت مشيتي أنفذت قضائي
وقدري، يا ابن عمران انى سبقت بهم السابق حتى أزخرف بهم جناني، يا ابن
عمران تمسك بذكرهم فإنهم خزنة علمي وعيبة حكمتي، ومعدن نوري
قال حسين بن علوان: فذكرت ذلك لجعفر بن محمد عليه السلام فقال: حق ذلك
هم اثنى عشر من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم على والحسن والحسين (ع)، وعلي بن
الحسين، ومحمد بن علي، ومن شاء الله قلت: جعلت فداك انما أسئلك
لتفتيني بالحق: قال: أنا وابني هذا - وأومى إلى ابنه موسى عليه السلام - و
الخامس من ولده يغيب شخصه ولا يحل ذكره باسمه (2).
تم الجزء الثاني بحمد الله ومنه وصلاته على محمد وآله ويتلوه في
الجزء الثالث انشاء الله ما جاء من شواهد الاشعار المقولة قبل وجود السادة

(1) أخرجه في البحار ج 13 ص 40 عن هذا الكتاب.
(2) أخرجه في البار ج 13 ص 37 وفي اثبات الهداة ج 3 ص 204
عن هذا الكتاب.
41

ومواليد بذكرهم (1)

(1) ومن جملة الروايات التي رواها الشيخ أبو عبد الله أحمد بن محمد
الجوهري (مؤلف هذا الكتاب) ما أخرجه الخزاز في الكفاية ص 293 في باب
ما جاء عن سلمان عنه وعن محمد بن عبد المطلب جميعا عن محمد بن لاحق اليماني
عن إدريس بن زياد السبيعي عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي عن جعفر
بن زبير عن القسم بن سليمان عن سلمان الفارسي قال خطبنا رسول الله (ص)
فقال معاشر الناس انى راحل عنكم عن قريب ومنطلق إلى الغيب أوصيكم في
عترتي خيرا وإياكم والبدع فان كل بدعة ضلالة وكل ضلالة وأهلها في النار
معاشر الناس من افتقد الشمس فليتمسك بالقمر ومن افتقد القمر فليتمسك بالفرقد بن
ومن افتقد الفرقد بن فليتمسك بالنجوم الزاهرة بعدي أقول قولي واستغفر الله لي
والكم فلما نزل عن منبره عليه السلام تبعته حتى دخل بيت عايشة فدخلت عليه فقلت
بابى وأمي يا رسول الله سمعتك تقول إذا افتقدتم الشمس فتمسكوا بالقمر وإذا
افتقدتم القمر فتمسكوا بالفرقدين وإذا افتقدتم الفرقدين فتمسكوا بالنجوم
الزاهرة فما الشمس وما القمر والفرقدان وما النجوم الزاهرة فقال أما الشمس
فانا واما القمر فعلي عليه السلام وإذا افتقدتموني فتمسكوا به بعدي واما الفرقدان
فالحسن والحسين عليهما السلام فإذا افتقدتم القمر فتمسكوا بهما واما الفرقدان
واما النجوم الزاهرة فالأئمة (فهم خ ل) التسعة من صلب الحسين عليهم السلام والتاسع
مهديهم ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم هم الأوصياء والخلفاء بعدي أئمة أبرار
عدد أسباط يعقوب وحواري عيسى قلت فسمهم لي يا رسول الله قال أو لهم سيدهم
علي بن أبي طالب عليه السلام (وبعده ظ) سبطاي وبعدهما زين العابدين علي بن
الحسين عليه السلام وبعده محمد بن علي باقر علم النبيين وجعفر الصادق بن محمد
وابنه الكاظم سمى موسى بن عمران والذي يقتل بأرض خراسان علي عليه السلام
ثم ابنه والصادقان على والحسن والحجة القائم المنتظر في غيبته فإنهم عترتي
من دمى ولحمي علمهم علمي وحكمهم حكمي من آذاني فيهم ملا انا له الله تعالى شفاعتي.
42

الجزء الثالث
بسم الله الرحمن الرحيم
حدثني أبو القاسم عبد اله بن القسم البلخي، قال: حدثنا أبو مسلم
الكجي: عبد الله بن مسلم، قال: حدثنا أبو السمح عبد الله بن عمير
الثقفي، قال: حدثنا هرمز بن حوران، قال: حدثنا فراس عن الشعبي
(1) قال: ابن عبد الملك بن مروان دعاني فقال: يا أبا عمر وان موسى بن
نصير العبدي كتب إلى - وكان عامله على المغرب - يقول: بلغني ان مدينة
من صفر كان ابتناها نبي الله تعالى سليمان بن داود عليه السلام، أمر الجن أن
يبنوها له، فاجتمعت العفاريت من الجن على بنائها وانها من عين القطر
التي ألانها الله لسليمان بن داود عليه السلام وأنها في مفازة الأندلس، وان فيها
من الكنوز التي استودعها سليمان عليه السلام وقد أردت ان أتعاطى الارتحال
إليها، فاعلمني العلام بهذا الطريق انه صعب لا يتمطى الا بالاستعداد من
الظهور، والازواد الكثيرة مع بعد المسافة وصعوبتها، وان أحدا لكم
يهتم بها الأقصر عن بلوغها، الادارا ابن دارا فلما قتله الإسكندر قال:
والله لقد جئت الأرض والأقاليم كلها ودان لي أهلها، وما أرض الا وقد
وطئتها الا هذه الأرض من الأندلس، فقد أدركها دار ابن دارا وانى لجدير
بقصدها كي لا أقصر عن غاية بلغها دارا، فتجهز الإسكندر واستعد للخروج

(1) أخرجه مختصرا المحدث الحر العاملي (قده) في اثبات الهداة ج 3
ص 205 عن هذا الكتاب.
43

عاما كاملا، فلما ظن أنه قد استعد لذلك وقد كان بعث رواده فأعلموه ان
موانع دونها، فكتب عبد الملك بن مروان إلى موسى بن نصير يأمره
بالاستعداد والاستخلاف على عمله، فاستعد وخرج فرآها وذكر أحوالها
فلما رجع كتب إلى عبد الملك بحالها وقال في آخر الكتاب: فلما مضت
الأيام وفنيت الأزواد سرنا نحو بحيرة ذات شجر، وسرت مع سور المدينة
فصرت إلى مكان من السور فيه كتاب بالعربية، فوقفت على قرائته وأمرت
بانتساخه فإذا هو شعر:
ليعلم المرء ذو العز المنيع ومن * ير جو الخلود وماحي بمخلود
لوان خلقا ينال الخلد في مهل * لنال ذاك سليمان بن داود
سالت له القطر عين القطر فائضة * بالقطر منه عطاء غير مصدود
فقال للجن ابنوا لي به أثرا * يبقى إلى الحشر لا يبلى ولا يؤدى
فصيروه صفاحا ثم هيل له * إلى السماء باحكام وتجويد
وافرغ القطر فوق السور منصلتا * فسار أصلب من صماء صيخود (1)
وبث فيه كنوز الأرض قاطبة * وسوف يظهر يوما غير محدود
وصار في قعر بطن الأرض مضطجعا * مصمدا بطوابيق الجلاميد (2)
لم يبق من بعده للملك سابقة حتى يضمن رمسا غير أخدود
هذا ليعلم ان الملك منقطع * الامن الله ذو النعماء والجود
حتى إذا ولدت عدنان صاحبها * من هاشم كان منها خير مولود
وخصه الله بالآيات منبعثا * إلى الخليقة منها البيض والسود

(1) انصلت في عدوه: جدو سبق الغير. والصماء: الصخرة ليس فيها
خرق ولاصدع وصيخود: الصخرة الشديدة. قال الجزري: والياء زائدة
(2) قوله مصمدا من صمد الرجل رأسه: لف عليه صمادا وهو ما يلفه
الرجل على رأسه من خرقه أو منديل والجلمود: الصخر.
44

له مقاليد أهل الأرض قاطبة * والأوصياء له أهل المقاليد
هم الخلائف اثنا عشرة حججا * من بعده الأوصياء السادة الصيد
حتى يقوم بأمر الله قائمهم * من السماء إذا ما باسمه نودي
فلما قرء عبد الملك الكتاب وأخبره طالب بن مدرك وكان
رسوله إليه بما عاين من ذلك، وعنده محمد بن شهاب الزهري قال:
ماذا ترى في هذا الامر العجيب فقال الزهري: أرى وأظن أن جنا كانوا
موكلين بما في تلك المدينة حفظة لها، يخيلون إلى من كان
صعدها، قال عبد الملك: فهل علمت من أمر المنادى باسمه من السماء
شيئا؟ قال: أله عن هذا يا أمير المؤمنين! (1) قال عبد الملك: وكيف
ألهو عن ذلك وهو أكبر أوطاري؟ لتقولن باشد ما عندك في ذلك سائني
أم سرني؟ فقال الزهري: أخبرني علي بن الحسين عليه السلام ان هذا المهدى
من ولد فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال عبد الملك: كذبتما لا تزالان
تدحضان في بولكما، وتكذبان في قولكما، ذلك رجل منا! قال الزهري
أما أنا فرويته لك عن علي بن الحسين عليه السلام فان شئت فأسئله عن ذلك ولا
لوم على فيما قلته لك فان يك كاذبا فعليه كذبه وان يك صادقا يصبكم
بعض الذي يعدكم فقال عبد الملك: لا حاجة لي إلى سؤال ابن أبي تراب
فخفض عليك يا زهري بعض هذا القول فلا يسمعه منك أحد، قال الزهري
لك علي ذلك (2).
قال الشيخ: وحدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن ملك النحوي
الواسطي، قال: حدثنا علي بن محمد بن سنان، قال: أتشدني محمد بن
زياد بن عقبة الأعرابي أبو عبد الله، قال: أنشدنا جماعة من الأسديين منهم

(1) لهى عنه: سلا عنه وغفل وترك ذكره واعرض عنه.
(2) أخرجه في البحار ج 13 ص 40.
45

مشمعل بن سعد الناشري للمورد بن يد أخي الكميت بن زيد الأسدي،
وقد وفد على أبى جعفر محمد بن علي بن الحسين الباقر عليه السلام يخاطبه ويذكر
وفداته إليه وهي نظم: (1).
كم جزت فيك من أحواز وايفاع * وأوقع الشوق بي قاعا إلى قاع (2)
يا خير من حملت أنثى ومن وضعت * به إليك غد أسيري وايضاعي (3)
أما بلغتك فالآمال بالغة * بنا إلى غاية يسعى لها الساعي
من معشر شيعة لله ثم لكم * صور إليكم بابصار واسماع (4)
دعاة أمر ونهى عن أئمتهم * يوصى بها منهم واع إلى واع
لا يسامون دعاء الخير ربهم * ان يدر كوا فيلبوا دعوة الداع
وقال فيها من مختزن الغيوب من ذلك سر من رأى قبل بنائها و
ميلاد الحجة عليه السلام.
متى الوليد بسامرا إذا بنيت * يبدو كمثل شهاب الليل طلاع
حتى إذا قذفت أرض العراق به * إلى الحجار أناخوه بجعجاع (5)
وغاب سبتا وسبتا من ولادته * مع كل ذي جوب للأرض قطاع (6)

(1) ارجه في البحار 99 ج 11 عن هذا الكتاب.
(2) الأحواز جمع الحوزة: الناحية. والايفاع جمع اليفع: التلال مشرف أو كل ما ارتفع من الأرض والقاع: ارض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الجبال والأكام.
(3) أوصع البعير: حمله على سرعة السير.
(4) الصور: الميل والمعوج يقال " في عنقه صور ": وهنا كناية عن
الخضوع والطاعة.
(5) الجعجاع: المكان الضيق الخشن.
(6) السبت: الدهر وفسر في حديث أبي طالب مع فاطمة بنت أسد بثلثين
سند وجاب الأرض جوبا: قطعها.
46

لا يسامون به الجواب قد تبعوا * أسباط هارون كيل أصاع بالصاع
شبيه موسى وعيسى في مغابهما * لو عاش عمر يهما لم ينعه ناع
تتمة النقباء المسرعين إلى * موسى بن عمران كانوا خير سراع
أو كالعيون التي يوم العصا انفجرت
فانصاع منها إليه (إليهم ظ) كل منصاع (1)
انى لأرجو له رؤيا فأدركه * حتى أكون له من خير اتباع
بذاك أنبأنا الراوون عن نفر * منهم ذوي خشية الله طواع
روته عنكم رواة الحق ما شرعت * آبائكم خير آباء وشراع
ولعلي بن أبي عبد الله الخوافي وكان من أصحاب الرضا عليه السلام يرثيه و
يذكر الأئمة من بعده وأسمائهم واعدادهم ولم يدركهم من الرضا عليه السلام إلى
من بعده منهم، أنشدنيها علي بن هارون بن يحيى المنجم:
يا ارض طوس سقاك الله رحمته * ماذا حويت من الخيرات يا طوس
طابت بقاعك في الدنيا وطاب بها * شخص ثوى بسنا آباد مرموس
شخص عزيز على الاسلام مصرعه * في رحمة الله مغمور ومغموس
يا قبره أنت قبر قد تضمنه * علم وحلم وتظهير وتقديس
فخرا فإنك مغبوط بجثته * وبالملائكة الأبرار محروس
ى كل عصر لنا منكم امام هدى * فربعه آهل منكم ومأنوس
أمست نجوم سما الدين آفلة * وظلل أسد الشرى قد ضمها الخيس (2)
غابت ثمانية منكم وأربعة * يرجى مطالعها ما حنت العيس

(1) صعت الشئ فانصاع أي فرقه فتفرق
(2) قال الحموي: ويقال المشجعان ما هم الا اسود الشرى قال بعضهم:
شرى ما سدة بعينها وقيل: شرى الفرات ناحية به غياض وآجام تكون فيها الأسود
" انتهى " والخيس: غابة الأسد.
47

حتى متى يظهر الحق المنير بكم * فالحق في غيركم داج ومطموس (1)
وأنشد الشريف أبو الحسين صالح بن الحسين بن الحسين النوفلي،
قال: أنشدني أبو سهل النوشجاني لأبيه مصعب بن وهب النوشجاني، وكان
الذي باع ماردة أم المعتصم من الرشيد، فولدت له المعتصم، قال الشريف
أبو الحسين: حدثني بذلك علي بن الريان بن الصلت، عن أبيه الريان
خال المعتصم، وقال مصعب بن وهب وهذا يعرف بالحرون:
فان تسئلاني ما الذي انا دائن * به فإذا أبديه مثل الذي اخفى
إذ دين بان الله لا شئ غيره * قوى عزيز بارئ الخلق من ضعف
وان رسول الله أفضل مرسل * به بشر الماضون في محكم الصحف
وان عليا بعده أحد عشرة * من الله وعد ليس في ذاك من خلف
أئمتنا الهادون بعد محمد * لهم صفو ودي ما حييت لهم أصفى
ثمانية منهم مضوا لسبيلهم * وأربعة يرجون للعدد الموف
ولى ثقة بالرجعة الحق مثلما * وثقت برجع الطرف منى إلى الطرف (2)
وأنشدني الشريف أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي الطبري
لسفيان بن مصعب العبدي، وحدثنيه بخبره أحمد بن زياد الهمداني قال
قال: حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثني أبي عن الحسن بن علي
سجادة عن أبان بن عمر ختن آل ميثم، قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام
فدخل عليه سفيان بن مصعب العبدي، فقال: جعلني الله فداك ما تقول في
قوله تعالى ذكره وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم؟ قال: هم
الأوصياء من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم الاثني عشر، لا يعرف الله الامن عرفهم وعرفوه،

(1) اخرج خمسة من هذه الأبيات في البحار ص 92 ج 12 واخرج ثلثة
منها في اثبات الهداة ج 3 ص 252.
(2) أخرجه في البحار ج 13 ص 237 وفى اثبات الهداة ج 3 ص 252
عن هذا الكتاب.
48

قال: فما الأعراف جعلت فداك: قال: كثائب من مسك عليها رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم ولأوصيائك يعرفون كلا بسيماهم، فقال سفيان:، أفلا أقول في ذلك
شيئا؟ فقال من قصيدة شعر:
أي ربعهم هل فيك لي اليوم مربع * وهل لليال كن لي فيك مرجع
وفيها يقول:
وأنتم ولاة الحشر والنشر والجزاء * وأتنم ليوم المفزع لأهول مفزع
وأنتم على الأعراف وهي كثائب * من المسك رياها بكم يتضوع (1)
ثمانية بالعرش إذ يحملونه * ومن بعدهم في الأرض هادون أربع (2)
وأنشدني أبو منصور عبد المنعم بن النعمان العبادي قال: أنشدني
الحسن بن مسلم الوهبي ان أبا الغوث الطهوي المنبجي شاعر آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم
أنشده بعسكر سر من رأى قال الوهبي: واسم أبو الغوث أسلم بن مهوز من
أهل منبج (3) وكان البختري يمدح الملوك، وهذا يمدح آل محمد صلى الله عليه وآله
وكان البختري أبو عبادة ينشد هذه القصيدة لأبي الغوث:
ولهت إلى رؤياكم وله الصادي * يذاد عن الورد الروي بذواد (4)
محلى عن الورد اللذيذ مساغه * إذا طاف وراد به بعد وراد
فأعلمت فيكم كل هوجاء جسرة
* ذمول السرى بقتاد في كل مقتاد (5)

(1) تضوع المسك: انتشرت رائحته.
(2) أخرجه في البحار ج 9 ص 396 مختصرا.
(3) قال ياقوت: وبلد قديم وما أظنه الا روميا الا ان اشتقاقه في العربية
يجوزان يكون من أشياء إلى أن قال: وذكر بعضهم ان أول من بناها كسرى لما
غلب على الشام وسماها من به أي أنا أجود فعربت فقيل له سنبج.
غلب على الشام وسماها من به أي أنا أجود فعربت فقيل له سنبج.
(4) الصادي: العطشان وذاده: دفعه وطرده.
(5) الهوجاء مؤنث الأهوج: الناقة المسرعة حتى كان بها هوجا. و
الجسرة من الإبل: العظيمة وذمل ذمولا البعير: سار سيرا لينا.
49

أجوب بها بيد الفلا وتجوب بي * إليك ومالي غير ذكرك من زاد
فلما ترائت سر من رأى تجشمت * إليك فعوم الماء في مفعم الوادي (1)
فادت إلينا تشتكى ألم السرى * فقلت اقصري فالعزم يس بمياد (2)
إذا ما بلغت الصادقين بنى الرضا * فحسبك من هاد يشير إلى هاد
مقاويل ان قالوا بها ليل ان دعوا * وفاة بميعاد كفاة لمرتاد (3)
إذا أو عدوا أعفوا وان وعدوا أوفوا * فهم أهل فضل عند وعد وايعاد
كرام إذا ما انفقوا المال أنفدوا * وليس لعلم انفقوه بإنفاد
ينابيع علم الله أطواد دينه * فهل من نفاد ان علمت لا طواد (4)
نجوم متى نجم خبا مثله بدا * فصلى على الخابي المهمين والبادي (5)
عباد لمولاهم موالى عباده * شهود عليهم يوم حشر واشهاد
هم حجج الله اثنتي عشرة متى * عددت فثاني عشرهم خلف الحديث
بميلاده الانباء جاءت شهيرة * فاعظم بمولود وأكرم بميلاد
وهي طويلة كتبنا منها وضع الحاجة إلى الشاهد (6).
قال: حدثني أبو محمد عبد بن محمد المسعودي قال: حدثني المغيرة بن محمد
المهلبي قال: أنشدني عبد لله بن أيوب الخريبي (7) الشاعر وكان انقطاعه

(1) فعم الاباء ملاء وقال البحار: وفعوم مفعول مطلق لتجشمت من
غير لفظه أو صفة لمصدر محذوف بنزع الخافض.
(2) قوله ليس بمياد أي مضطرب.
(3) البهاليل جمع البهلول: السيد الجامع لكل خبر.
(4) الأطواد جمع الطود: الجبل العظيم.
(5) خبت البار: طفئت.
(6) أخرجه في البحار ج 12 ص 150 عن هذا الكتاب.
(7) كذا في نسختي الأصل والبحار وهو نسبة إلى الخرببة: موضع
بالبصرة وعندها كانت وقعة الجمل. وقال العلامة: السيد حسن الصدر في كتاب
تأسيس الشيعة عند ذكر شعراء الشيعة: ومنهم عبد الله بن أيوب الجزيني بالزاء
كما في بعض النسخ وجز ن قرية كبيرة قريبة من أصفهان وقرية من قرى جبل عامل و
قيل بالراء وحينئذ فهو من جرين تصغير جرن موضع من ارض نجد.
ثم قال: ورأيت في نسخة مصححة من كتاب مقتب الأثر انه عبد الله بن
أيوب الحزيبي بالحاء ثم الزاء المعجمة ثم الياء ثم البائك الموحدة ثم باء النسبة
كأنه نسبة إلى أحزيب مصغر حزب ملاحظ وقال: كان فاضلا شاعرا أديبا " انتهى ".
50

إلى أبى الحسن علي بن موسى الرضا، يخاطب ابنه أبا جعفر محمد بن علي
عليه السلام بعد وفاة أبيه الرضا عليه السلام من كلمة له لم نكتبها على وجهها بل ذكرنا
منها موضع الشاهد، يقول نطم:
ا ابن الذبيح ويا ابن أعراق الثرى * طابت أرومته وطاب عروقا (1)
يا ابن الوصي وصى أفضل مرسل * أعني النبي الصادق المصدوق (2)
مالف في خرق القوابل مثله * أسدي لف مع الخريق خريقا
يا أيها الحبل المتين متى أعذ * يوما بعقوته أجده وثيقا (3)
انا عائذ بك في القيمة لائذ * أبغي لديك من النجاة طريقا
لا يسبقني في شفاعتكم غدا * أحد فلست بحبكم مسبوقا
يا ابن الثانية الأئمة غربوا * وأبا الثلاثة شرقوا تشريقا (4)

(1) قال الطريحي: وفى حديث أبي عبد الله (ع) انا ابن أعراق الثرى
أي أصول الأرض وإركانها من الأئمة والأنبياء (ع) كإبراهيم وإسماعيل (ع) و
محصله: أنا خير أصول الأرض. والأرومة: أصل الشجرة.
(2) وفى المنقول عن النسخة المصححة من الكتاب " الصديقا " بدل المصدوقا
(3) العقوة: الساحة والمحلة.
(4) قال المجلسي (ره) تغريب الثمانية لعله كناية عن وفاتهم كما أن
تشريق الثلاثة كناية عن كونهم ظاهرين أو بمعرض الظهور، والتغريب كناية عن
سكانهم غابا أو ولادتهم في بلد الحجاز ويثرب وهي غريبة بالنسبة إلى العراق
فالتشريق ظاهر.
51

ان المشارق والمقارب أنتم * جاء الكتاب بذلكم تصديقا (1)
قال: حدثنا عبد الله بن محمد المسعودي قال: حدثنا أبو محمد
الحسن بن محمد الوهبي قال: حدثني علي بن قادم، عن عيسى بن داب قال
لما حمل أبو عبد الله جعفر بن محمد عليها السلام على سريره وأخرج إلى البقيع ليدفن
قال أبو هريرة (2):
أقول وقدر أحوابه يحملونه * على كاهل من حامليه وعاتق
أتدرون ماذا تحملون إلى الثرى * ثبيرا ثوى من رأس عليا شاهق (3)
غداة حثى الحاثون فوق ضريحه * ترابا وأول كان فوق المفارق
الصادق ابن الصادقين ألية * بآبائك الاطهار حلفة صادق (4)
لحقا بكم ذو العرش قسم في الورى * فقال تعالى الله رب المشارق
نجوم هي اثنا عشرة كن سبقا * إلى اله في علم من الله سابق (5)
ولمحمد بن إسماعيل بن صالح الصيمري قصيدة يرثى بها مولانا
أبا الحسن الثالث ويعزى ابنه أبا محمد عليه السلام أو لها:
الأرض حزنا زلزلت زلزالها * وأخرجت من جزع أثقالها
يعدد الأئمة وتكملهم بالحلف وذلك قبل ميلاده:

(1) أخرجه في البحار ج 12 ص 90 عن هذا الكتاب.
(2) هو أبو هريرة العجلي الذي عده ابن شهرآشوب في المعالم من
شعراء أهل البيت المجاهر بن وروى عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) أنه قال:
من ينشدها شعر أبي هريرة؟ قلت: جعلت فداك انه كان يشرب! فقال (ع)
له رحمة الله وما ذنب الا ويغفره الله تعالى لولا بغض علي (ع).
(3) الثبير يطلق على جبال مكة والتميز بالإضافة.
(4) الالية: اليمين.
(5) أخرجه في البحار ج 11 ص 204 و 205 عن هذا الكتاب وأخرجه
ابن شهرآشوب في المناقب ج 4 ص 278 ط قم والمحدث القمي في الكنى والألقاب
ج 1 ص 177 وفى سفينة البحار ج 1 ص 510.
52

عشر نجوم أفلت في فلكها * ويطلع الله لنا أمثالها
بالحسن الهادي أبي محمد * تدرك أشياع الهدى آمالهم
وبعده من يرتجى طلوعه * يظل جواب الفلا جزالها
ذو العيبتين الطول الحق التي * لا يقبل الله من استطالها
يا حج الرحمن إحدى عشرة * آلف بثاني عشر ها ما آلها (1)
قرء على أبو الحسين صالح بن الحسين النوفلي وأنا اسمع حدثكم
أبوكم رضي الله عنه قال: حدثني أبو الفيض ذو النون بن إبراهيم المصري،
قال: خرجت في بعض سياحتي حتى كنت ببطن السماوة، فافضى بي
المسير إلى قدعر (2) فرأيت بقربها أبنية عادية قديمة، فساورتها فإذا
هي من حجارة منقورة فيها بيوت وغرف من حجارة، وأبوابها كذلك
بغير ملاط، وأرضها كذلك حجارة صلدة، فبينا أنا أجول فيها إذ بصرت
بكتابة غريبة على حايط منها، فقرأته فإذا هو أبيات:
انا ابن منى والمشعرين وزمزم * ومكة والبيت العتيق المعظم
وجدي النبي المصطفى أبي الذي * ولايته فرض على كل مسلم
وأمي بتول المستضاء بنورها * إذا ما عددناها عديلة مريم
وسبطا رسول الله عمى ووالدي وأولاده الاطهار تسعة أنجم
متى تعتلق منهم بحبل ولاية * تفز يوم يجز الفائزون وتنعم
أئمة هذا الخلق بعد نبيهم * فان كنت لم تعلم بذلك فاعلم
انا العلوي الفاطمي الذي ارتمى * به الخوف والأيام بالمرء ترتمي

(1) أخرجه في البحار ج 12 ص 150 عن هذا الكتاب.
(2) كذا في الأصل وفى نسخة البحار " تدصر " والظاهر أنهما تصحيف
" تدمير " قال الحموي: تدمر: مدينة قديمة، مشهورة في برية الشام بينها وبين
حلب خمسة أيام.
53

فضاقت بي الأرض الفضاء برحبها * ولم أستطع نيل السماء بسلم
فألممت بالدار التي أنا كاتب * عليها بشعري فاقر ان شئت والمم
وسلم لأمر الله في كل حالة * فليس أخو الاسلام من لم يسلم
قال ذو النون: فعلمت انه علوي قد هرب، وذلك في خلافة هارون،
ووقع إلى ما هناك، فسئلت من ثم من سكان هذه الدار كانوا من بقايا
القبطية الأول: هل تعرفون من كتب هذا الكتاب؟ قالوا: لا والله
ما عرفناه الا يوما واحدا، فإنه نزل بنا فأنزلناه، فلما كان صبيحة ليلته
غدا فكتب هذا الكتاب ومضى، قلت: أي رجل كان؟ قالوا: رجل عليه
اطمار رثة (1) علوه هيبة وجلالة وبين عينيه نور شديد لم يزل ليلته قائما
وراكعا وساجدا إلى أن انبلج له الفجر فكتب وانصرف (2).
قال حدثني علي بن السرى قال: حدثني عمى، قال: حدثني إبراهيم بن أبي
سمال وسمعته يحدث به جامعة من أهل الكوفة في مسجد السهلة فيهم
جعفر بن بشير البجلي، ومحمد بن سنان الزهري وغيرهم قال: كنت أسير بين
الغابة ودومة الجندل مرجعنا من الشام في الليلة مسدفة (3) بين جبال ورمال
فسمعت هاتفا من بعض تلك الجبال وهو يقول:
ناه من طيبة مثواه وفى طيبة حلا * احمد المبعوث بالحق عليه الله صلى
وعلى التالي له في الفض والمخصوص فضلا * وعلى سبطيهما المسموم والمقتول قتلا

(1) الأطمار جمع الطمر بالكسر: الثوب البالي.
(2) أخرجه المجلسي (ره) في البحار ج 11 ص 286 و 287 عن
هذا الكتاب وقال: لا يبعد كونه الكاظم عليه السلام ذب وكتب
لاتمام الحجة
عليهم.
(3) أسدف الليل: أظلم.
54

على السنة متعهم محتدا طابوا وأصلا
وهم منا الحق للخلق إذا ما الخلق ضلا
نادهم يا حجج الله على العالم كلا
كلمات الله تمت بكم صدقا وعدلا (1)
قد ذكرنا في كتابنا هذا ما ضمناه ونالته روايتنا وان خرج
لناشئ من لسماع ألحقناه إن شاء الله به الثقة وهو حسبنا ونعم الوكيل
وصلى الله على سيدنا محمد وآله تمت.
وقد فرغت من تصحيحه والتعليق عليه في الخامس عشر من
شعبان المعظم سنة 1379 وانا العبد الفاني السيد هاشم الرسولي
المحلاتي عفى عنه وعن والديه بحق محمد وآله

(1) أخرجه في البحار ج 9 ص 171 وفي اثبات الهداة ج 3
ص 255 - 256.
55