الكتاب: نوادر المعجزات
المؤلف: محمد بن جرير الطبري ( الشيعي)
الجزء:
الوفاة: ق ٤
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق: مؤسسة الإمام المهدي (ع)
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٠
المطبعة:
الناشر: مؤسسة الإمام المهدي (ع) - قم المقدسة
ردمك:
ملاحظات:

كتاب
نوادر المعجزات
في مناقب الأئمة الهداة عليهم السلام
تأليف
أبى جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري
من أعاظم علماء الإمامية
في المائة الرابعة
تحقيق ونشر
مدرسة الإمام المهدي عليه السلام
قم المقدسة
تعريف الكتاب 1

هوية الكتاب
الكتاب: نوادر المعجزات في مناقب الأئمة الهداة
المؤلف: محمد بن جرير بن رستم الطبري الامامي
تحقيق ونشر: مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام - قم المقدسة -.
برعاية: السيد محمد باقر نجل آية... السيد المرتضى الموحد الأبطحي
الطبعة: الأولى
العدد: (200) نسخة نموذجيا
المطبعة: مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام
التاريخ: ذو الحجة 1410 ه‍. ق.
حقوق الطبع: كلها محفوظة للمؤسسة
تلفون: 33060
تعريف الكتاب 2

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا بلطفه إلى معرفته والايمان به، وعرفنا دينه القويم وكتابه
وما أنزله على نبيه صلى الله عليه وآله وحببنا سبيله بجميل إحسانه، وأحيانا على التثبت بحبل
أمانته، ووفقنا لخدمة تراث أهل بيت نبيه، وإحياء آثار رسالته.
والصلاة والسلام على من ختم به رسالته، وأكمل به دينه، محمد وآله المعصومين
صلى الله عليه وعليهم أجمعين، ورحمته وبركاته المتواصلة على الذين اتبعوهم من
المخلصين الأخيار، والموالين للنبي والأئمة الأطهار.
أما بعد: لما كانت المشيئة الإلهية في أن يعمر الأرض ويرثها أفضل خلقه، فقد
جعل المولى الحق - وهو الخالق لكل شئ - عبادة الانسان له شرطا لذرئه إياهم
فقال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ليكونوا النواة الصالحة
للبشرية، والمخلصين لله بعبادته تعالى.
ولما كانت البشرية بحاجة إلى توجيه ورعاية إلهية خالدة، ولئلا تكون لهم
الحجة على الله تعالى في معصيته، ولبيان الحقائق الضرورية ومختلف مقومات
الحياة، فقد كان على الله تعالى - ومن فضل رحمته على عباده - أن لا يخلي الأرض
من خليفة يصطفيه وينتجبه من خيار خلقه، ممن كان طاهر السريرة، عارفا بحقائق
الأمور، كفوءا لحمل الرسالة، واعيا لظروف أمته وما تحيط به من السلبيات
وشوائب السلف، وخاليا من أية عاهة أو نقص في الجسم والعقل والنسب، لكي لا يكون
عرضة للشك والريب، ويستخلفه أمينا على وحيه، حافظا لحدود، متكفلا أداء رسالته
مصطبرا على عبادته، صابرا على أذى قومه، يرغبهم في الطاعة ويحذرهم المعصية
مقدمة التحقيق 3

وينذرهم عواقب السيئات بما ينزل عليهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر يوم
يقوم الناس لرب العالمين.
وبما أن هذه الدعوات الإلهية إلى المعارف الغيبية لا تحتملها علومهم الحسية، كما
لا يحتملون مفاجأة الامر الجديد الذي يدعو إلى تغيير سلوك ما كانوا عليه، ولا تطيق
إمرة شخص عليهم - من بينهم - دون اختيارهم، فكان على الرسالة السماوية
أن تبرهن معجزة ظاهرة وآية باهرة، حتى يكونوا على بينة من أمرهم في تصديق
الرسول صلى الله عليه وآله بما أتاهم عن الله تعالى، وينالوا جوابا لما يختلج في نفوسهم
وتعارضه أفكارهم بقولهم: (فات بآية إن كنت من الصادقين).
فبعث - الله تعالى - أنبياء امناء إلى الأرض بالآيات البينات، والمعجزات الباهرات
ليعرفوا البشرية آفاق الرسالة السماوية، ويبلغوهم المطالب النورانية، ويدعوهم
إلى عبادة الواحد الأحد، ونبذ ما كانوا عليه من العبادات والتقاليد السقيمة البالية
التي ورثوها.
ومن الضروري أن رسالات الأنبياء لا تختص باثبات وجود الصانع الذي
لا تتوقف معرفته على إتيان المعجز والبراهين، لان الانسان السوي ذا الفطرة السليمة
إذا نظر في آيات السماوات والأرضين وما بينهما من النبات والحيوان والانسان والماء
والهواء وغيرها - خلقا ونظاما - يستدل بفطرته تلك على أن هذه كلها بقدرة حكيم
قوي، صانع عليم، لا يقاس علمه وحكمته وقدرته بما يصنعه الانسان -. الذي خلق ضعيفا -
مهما بلغ من درجات العلم والكمال فلا يكون إلا كما قال تعالى: " إن الذين تدعون
من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه
ضعف الطالب والمطلوب " وقوله: " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ".
وبعد هذه النظرة الواقعية، تنادي الفطرة مستنكرة ومتمثلة بما ذكره تعالى في محكم
كتابه: " أفي الله شك فاطر السماوات والأرض " ثم تجيب: لا، بل تسبح له ما في
مقدمة التحقيق 4

السماوات والأرض، وإنه إله إلا هو خالق كل شئ وهو على كل شئ قدير.
وبالجملة فرسالات الأنبياء لا تنحصر بمثل إثبات الخالق بل تتعداها إلى أنواع
المعارف الإلهية، وغيبه وأحكامه وثوابه وعقابه في يوم القيامة، يوم يحيي فيها
الموتى بعد ما صارت العظام رميما.
ومن غرائب النفوس البشرية البسيطة، أنها قاصرة عن إدراك تلك المعارف الغيبية -
قبل أن تشاهدها - إلا بدلائل صدق مدعيها عقلا، فالعقل يحكم بضرورة إتيان المعجزة
وبأن من أتى بها حقا فهو صادق في دعواه بالرسالة منه تعالى.
كما مر على الأمم السالفة كذلك، وينطق القرآن الكريم بما يحكيه لنا من قصص
ثلة من الأنبياء مع أممهم ولقد قالوا لهم: إئتونا بآية! فجاءوهم بآيات بينات، فهذه
الفطرة باقية، والسنة جارية وحجة الله بالغة إلى يوم القيامة، وهذه مشيئة الباري تعالى
- بالنسبة إلى عامة الأنبياء - في تعزيز رسالته بالقوة الدامغة والبراهين الساطعة
بواسطة أنبيائه وأوصيائهم عليهم السلام.
وأما خاتمهم إلى آخر الدهر فهو أفضل الأنبياء، وأكملت رسالته بخير الأوصياء -
علي وبنيه - الأئمة والقادة المعصومين، الذين خلقهم تعالى من نوره قبل أن يخلق
الخلق، وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فهم الادلاء عليه سبحانه، كما
أعطاهم من الفضل وكثرة الكرامات ما لم يعط أحدا قبلهم، ووهبهم المعجزات
وسخر لهم كل شئ باذنه تعالى، ليظهر بهم دينه حتى تقوم الساعة ولو كره الكافرون.
فإذا كان (آصف بن برخيا) الذي آتاه الله تعالى علما من الكتاب، أتى بعرش بلقيس
قبل أن يرتد الطرف، فحقيق على الله تعالى أن يطلع من أنباء الغيب من عنده علم الكتاب
الأئمة الأطهار الاثني عشرة عليهم السلام بواسطة نبيه محمد صلى الله عليه وآله كما قال تعالى: (ذلك من أنباء
الغيب نوحيه إليك) والرسول الكريم بدوره أطلع الأئمة بما أنبأه الله تعالى إماما
بعد إمام، والأئمة كلهم واحد، وأولهم وآخرهم واحد، كما قال الصادق عليه السلام: " المنكر
لآخرنا كالمنكر لأولنا " وقال: من " أنكر واحدا من الاحياء فقد أنكر الأموات ".
مقدمة التحقيق 5

والحق أن ما أعطوا من الكرامات والمعجزات الإلهية التي كانت تبرهن إمامتهم
لمن كان يجحدها أو بشك فيها ولحكمة تقتضي أن يظهرها الأئمة عليهم السلام، قد أبهرت
عقول البشرية وحيرتهم في الاتيان بوصف كنههم عليهم السلام.
ورغم تلك البراهين الساطعة الدالة على نبوة الأنبياء ورسالتهم - بلا إكراه
ولا جبر - فقد يتمادى بعض الضالين والطغاة بغيهم، فينالوا جزاءهم:
" ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة ".
وقد أشار إليهم القرآن المجيد في مواضع كثيرة من قصص الأنبياء.
ومن نتائج التاريخ المظلم، والظروف العصيبة القاسية والملابسات التي أحاطت
بحياة ووضع الأئمة عليهم السلام وجور الحكام الظالمين، وحقد الحاقدين، وحسد
الحاسدين، ومخالفة المخالفين، ووضع الوضاعين وأصحاب البهتان والزور
أن كل ما ظهر من خوارق العادات والآيات الباهرات من النبي والأئمة
الأطهار حسب الضرورات، لم يصل إلى عصرنا عصر النشر والنور والمعرفة.
نعم لقد وصلنا من تراثهم في المعجزات النزر اليسير الذي حافظ عليه موالوهم
من الشيعة وغيرهم ممن حرص على كتابته وطبعه ونشره.
وقد أخذت مؤسستنا الموقرة على عاتقها - حرصا منها - جمع ونشر علوم
وآثار أهل البيت ومعجزاتهم عليهم السلام كما هو دأبها.
وقد نشرت كتاب (الخرائج والجرائح) للشيخ الفقيه المحدث قطب الدين الراوندي
الذي تضمن معجزات النبي والأئمة عليهم السلام.
مقدمة التحقيق 6

والآن - عزيزي القارئ - بين يديك هذا السفر المتواضع في حجمه، والعظيم
في محتواه، المسمى ب‍ " نوادر المعجزات في مناقب الأئمة الهداة عليهم السلام ".
تأليف الشيخ الجليل أبي جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب دلائل الإمامة.
وقد حرصنا في تحقيقه بكل دقة وأمانة، لاخراجه بالشكل اللائق ووضعه بين
يدي القراء الأعزاء، لعلهم ينتهلون من فيوضات الآثار التي خلفها لنا أئمتنا الأطهار
عليهم السلام باظهار فضلهم وكراماتهم على الله تعالى وعلو شأن شيعتهم لديهم.
وورثها العلماء الأمناء وحفظوها تراثا وحجة لمن سواهم.
وغير خفي أن حفظ الآثار خلفا عن أسلافنا الأبرار وأداء الأمانة والرسالة الحديثية
منهم لا يوجب الالتزام بصحة جميعه، بل إن هذا كأحد الكتب الموروثة - سوى
القرآن - يحتاج إلى تحقيق وتثبت أكثر.
وإنما غرضنا العثور على جامع كبير لآثارهم عليهم السلام في كل موضوع، راجين
المولى العلي القدير أن يوفقنا للسير على هداهم، وأن يلهمنا بصيص أنوار علومهم
ويكلل مساعينا لخدمة نشر معارفهم وآثارهم بالتوفيق والسداد، إنه ولي التوفيق.
مقدمة التحقيق 7

التعريف بالنسخة ومنهج التحقيق:
بفضل الله تعالى ومنه اعتمدنا في تحقيق هذا الكتاب على نسخة فريدة وقعت
بأيدينا بعد عناء وجهد طويلين، ولم نعثر على ما سواها.
وقد كانت تلك النسخة كثيرة السقط والخطأ والبياض، بالإضافة إلى ضعف خطها.
وقد قابلنا هذا الكتاب - الوحيد - الذي اعتبر التوأم لكتاب دلائل الإمامة -
لنفس مصنفه - مع مصادره والبحار كما هو المألوف، لدينا لاثبات متن صحيح
وقويم للخبر، بعد إجراء التعديلات اللازمة، والإشارة في الهامش إلى كل اختلاف
لفظي ضروري.
وطبيعي أن مثل هذا يحتاج إلى تكرار المقابلة من قبل مجموعات مختلفة
مستخدمين العدسة المكبرة، وتخريج المصادر والمتحدات وبالأخير تقويم النص.
كما أشرنا مفصلا إلى المصادر والاتحادات لكل حديث في نهايته، واعتمدنا
على المصادر اللغوية لشرح أكثر الألفاظ اللغوية شرحا موجزا.
ووضعنا ترجمة لثلة من الاعلام التي وردت في أسانيد الروايات ومتونها
خصوصا تلك التي ورد فيها تصحيف أو تحريف، معتمدين على كتب الرجال والتاريخ
المعتبرة والقيمة.
وكذلك الحال لأسماء الأماكن والبقاع والأقوام والفرق والقبائل.
علما بأن ما كان بين [] دون إشارة في الهامش فهو مما استظهرناه أو
أثبتناه من سائر المصادر أو بعضها.
وختاما فإني أشكر جميع الإخوة الأفاضل العاملين في مؤسستنا، الذين
آزرونا وتعاونوا في إخراج هذا المستطاع.
كما نشكر السيد باسم الموسوي الذي قام بتقويم النص ابتداءا بعد الاستنساخ
والمقابلة والتصحيح واستخراج المصادر والاتحادات، وقبل الخوض في مراحل
التأكيد والتدقيق والتحقيق والتوضيح.
مقدمة التحقيق 8

بسم الله الرحمن الرحيم
ترجمة المؤلف:
هو أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي، من كبار علماء الإمامية
في القرن الرابع الهجري، وهو من الأصحاب الاجلاء، جليل القدر، دين، كثير
العلم، حسن الكلام، ثقة في الحديث، وله كتاب " غريب القرآن " ذكره ابن النديم
(ص 52) لدى ذكره الكتب المصنفة في غريب القرآن، معبرا عنه ب‍ " أبي جعفر بن
رستم الطبري ".
وقد اختلف المؤرخون في تحديد عصره ومعاصريه وفي نسبة التصنيف إليه
فقد لقبوا بهذا الاسم: الكبير والصغير والمتأخر والسمي.
وقد وصفه صاحب الذريعة عند ذكره " نوادر المعجزات في مناقب الأئمة الهداة
عليهم السلام بمحمد بن أبي جعفر بن رستم أبي جعفر الآملي الطبري الكحي كوهي " الصغير
في قبال الطبري الكبير الامامي صاحب المسترشد المعاصر للطبري المؤرخ المتوفى
سنة 310 ه‍.
ويروي المؤلف عن أبي الفضل الشيباني، وعن أبي الحسين بن محمد بن هارون
التلعكبري، وعن أحمد بن محمد الجوهري " صاحب مقتضب الأثر " وعن أبي التحف
علي بن إبراهيم المصري (1).
ووصفه الشيخ الطوسي في الفهرست بالكبير وثناه النجاشي بالإمامي، وقد
ذكرا له كتاب المسترشد في الإمامة (2) يروي عنه الشريف أبو محمد الحسن بن

1) الذريعة إلى تصانيف الشيعة: 4 / 349 برقم 1880.
2) الفهرست: 281 برقم 123، ورجال النجاشي: 332 برقم 879
1

حمزة المرعشي الطبري المتوفى سنة 538 ه‍، وهو معاصر لسميه محمد بن جرير
ابن يزيد الطبري العامي، صاحب التاريخ والتفسير الكبير بن المولود سنة 224 ه‍
والمتوفى سنة 310 ه‍ على ما في فهرس ابن النديم (1).
وقد ترجم الشيخ الطوسي والنجاشي لهذا العامي مصرحين بأنه عامي، وأنه
ألف التاريخ والتفسير الكبير بن، كما ترجما للإمامي الكبير مؤلف " المسترشد "
ولكنهما لم يترجما لمحمد بن جرير المتأخر مؤلف " دلائل الإمامة " والذي كان
معاصرا لهما، والدليل على ذلك عدة أمور:
1 - روايته في كتابه " دلائل الإمامة " عن كثير من مشايخهما منهم: أبو عبد الله الحسين
ابن إبراهيم بن علي (عيسى خ ل) المعروف بابن الخياط القمي من مشايخ الشيخ
الطوسي، ومنهم: محمد بن هارون بن موسى التلعكبري المتوفى سنه 387 ه‍ الذي
يروي عنه النجاشي عن والده التلعكبري، كما يروي الشيخ الطوسي عن أخيه الحسين
ابن هارون بن موسى عن والده، ومنهم: أبو المفضل الشيباني المتوفى سنة 385 ه‍
الذي أدركه النجاشي أيضا ولكنه امتنع عن الرواية عنه إلا بواسطة، لرعاية الاحتياط.
ومنهم: أبو عبد الله الحسين بن الغضائري.
2 - روايته عن جمع ممن يروون عن الصدوق أبي جعفر بن بابويه، كما يروي
الشيخ والنجاشي عن جمع ممن يروون عن الصدوق أيضا، كما أن الشيخ الطوسي
والنجاشي وصاحب دلائل الإمامة يروون جميعا عن جمع ممن يروون عن التلعكبري.
3 - أنه ألف " دلائل الإمامة، بعد سنة 411 ه‍ التي توفي فيها ابن الغضائري وهو
شيخهم جميعا، فإنه عند ذكر معجزة صاحب الزمان عليه السلام ص 300 من المطبوع قال:
" نقلت هذا الخبر من أصل بخط شيخنا أبي عبد الله الحسين بن الغضائري (ره).
فيظهر وفاته قبل النقل عن خطه.

1) فهرس ابن النديم: 95.
2

مع أن ترك الشيخ الطوسي والنجاشي ترجمتهما له في كتابيهما لا يدل
على عدم وجوده.
فإنهما قد تركا ترجمة جمع من المصنفين الاجلاء المعاصرين لهما مثل:
1 - الكراجكي المتوفى سنة 449 ه‍.
2 - سلار بن عبد العزيز تلميذ الشيخ المفيد المتوفى سنة 413 ه‍.
3 - القاضي عبد العزيز بن براج تلميذ الشريف المرتضى المتوفى سنة 436 ه‍.
4 - الشيخ محمد بن علي الطرازي مؤلف " الدعاء والزيارة ".
وغير هؤلاء ممن ذكرهم الشيخ منتجب الدين بن بابويه المتوفى 385 ه‍ في
فهرسه أو لم يذكرهم الشيخ منتجب الدين أيضا كالطرازي المذكور، والطبري
صاحب الدلائل هذا وغيرهما ممن ضاعت عنا أسماؤهم وآثارهم.
والمراجع لأسانيد روايات هذا الكتاب يظهر له أن المؤلف يرويها على ثلاثة أنحاء:
الأول: ما رواه عن مشايخه الذين تحمل عنهم الحديث بالإجازة أو القراءة أو
السماع، حتى صح له أن يقول: حدثنا، أخبرنا، حدثني، أخبرني، وهؤلاء الذين
صدر الرواية عنهم بقوله: حدثني، أخبرني، هم مشايخه لا محالة. وإذا نظرنا
فيهم رأينا أن بعضهم من مشايخ النجاشي المتوفى سنة 450 ه‍ خاصة، وبعضهم من
مشايخ الطوسي المتوفى سنة 460 ه‍ خاصة، وبعضهم من مشايخهما معا، وبعضهم
ممن يختص به مؤلف دلائل الإمامة ولا يروي الطوسي والنجاشي عنه كأبي طاهر
عبد الله الخازن، كما وقع في (ص 93 و 239) من الدلائل المطبوع، ويروي أبو طاهر
في كلا الموضعين عن أبي بكر محمد بن سالم القاضي الجعابي المتوفى سنة
355 ه‍ - كما أرخه في تاريخ بغداد -.
فظهر أن أبا طاهر شيخ صاحب الدلائل مع الشيخ المفيد (ره) الذي هو
أستاذ الطوسي والنجاشي كانا في طبقه واحدة لروايتهما عن القاضي الجعابي.
3

كما أن صاحب الدلائل مع الطوسي والنجاشي كانوا في طبقة واحدة لاشتراكهم
في مشايخ كثيرة.
فظهر أنه قد سقط اسم الشيخ صاحب الدلائل عن أول السند الموجود في النسخ
الناقصة منه، فان الموجود هكذا: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي
مع أنه بقرينة السندين المذكور بن في (ص 93 و 239) يكون هكذا:
وحدثني أبو طاهر عبد الله بن أحمد الخازن، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر
ابن سالم التميمي الجعابي.
فرواية صاحب الدلائل عن الجعابي بالواسطة في الموضعين دليل على سقوط
أول السند فيما وصل إلينا منه، كما سقط في أول الكتاب إلى هذا الحد.
وقرينة أخرى على ذلك أن السيد ابن طاووس روي في " أمان الاخطار " عن
محمد بن جرير بن رستم، عن أبي طاهر عبد الله بن أحمد الخازن، عن أبي بكر محمد
ابن عمر القاضي الجعابي، عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة المتوفى
سنة 323 ه‍ (كما ذكر).
الثاني: ما رواه برفع الحديث إلى رجل معين متقدم عليه كقوله: روى جميل
ابن دراج، روى إبراهيم بن هاشم، روى الحسين بن علاء، روى الحسن بن علي
الوشاء، روى الهيثم النهدي، روى عباد بن سليمان، روى أبو حامد السندي.
وقد ذكر الثلاثة الأخيرة في (ص 191) من المطبوع، وغير هؤلاء من القدماء
فيحتمل أنه وجد الرواية في كتبهم أو وصلت إليه الرواية مسندة فأرسلها هو اختصارا.
الثالث: ما رواه عن رجل متقدم بعنوان (قال). فجاء في ص 31 [قال الصفواني]
وفي ص 182 [قال أبو عبد الله المرزباني] وجاء مكررا [قال أبو جعفر بن بابويه]
وأمثال هؤلاء ممن لم يلقهم، فإنه يروي عن الصفواني والصدوق بواسطة
النقيب أبي محمد الحسن بن أحمد المحمدي، فروايته عنهم يقال رواية عن كتابهم.
4

الرابع: ما رواه بعنوان [قال أبو جعفر] ومراده فيه مختلف في الموارد.
ففي كثير من الروايات أن مراده (من أبي جعفر) هو أبو جعفر محمد بن جرير
الطبري الذي يروي غالبا عن سفيان بن وكيع بن الجراح الرواسي الكوفي المتوفى
سنة 247 ه‍، عن أبيه، عن الأعمش كما في الصفحات (66 و 67) من المطبوع، وعن أبي
محمد عبد الله بن محمد البلوي كما في الصفحات (65، 66، 74، 75، 84، 85
و... وغيرها) والبلوي يروي عن عمارة بن زيد، وعن محمد بن الحسن بن عبد الله
الجعفري المذكور في رجال النجاشي.
وفي بعض الموارد مراده - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري - الذي كان من
أصحاب الإمام الحسن العسكري عليه السلام المستشهد سنة 260 ه‍، ويخاطبه الامام بقوله:
[يا بن جرير] كما في (ص 224 و 225) وقد يريد بأبي جعفر، محمد بن جرير بن يزيد
العامي المؤرخ والمفسر المتوفى سنة 310 ه‍ فإنه يروي في (ص 30) عن القاضي
أبي إسحاق إبراهيم بن مخلد بن جعفر بن سهيل بن حمران الدقاق.
ومن المعلوم أن إبراهيم بن مخلد هو من مشايخ النجاشي ويروي عن أبيه مخلد
وهو بدوره يروي عن محمد بن جرير المؤرخ.
فصاحب الدلائل يروي عن سميه المؤرخ بواسطتين هما: إبراهيم وأبو مخلد.
وكذا يروي عن سميه الاخر الكبير مؤلف المسترشد بثلاث وسائط.
فان صاحب الدلائل يروي عن الصدوق بواسطة واحدة وهو الشريف الحسن بن
أحمد المحمدي، والصدوق يروي عن صاحب المسترشد بواسطة واحدة كذلك وهو
محمد بن إبراهيم الطالقاني.
ثم إن مؤلف الدلائل معاصر للنجاشي وهو مع أن له الاسناد العالية لم يحصل له طريق
الرواية عن صاحب المسترشد إلا بواسطتين، فلا يصح دعوى رواية مؤلف الدلائل عن
مؤلف المسترشد بدون واسطة، وبما أن النجاشي يروي بعدة طرق عن الكليني المتوفى سنة
5

329 ه‍ بواسطتين، يظهر أن مؤلف المسترشد كان متعاصرا مع الكليني (تقريبا) ولم
يكن ممن أدرك أحد الأئمة عليهم السلام ظاهرا، فإنه لو كان كذلك لكان الطوسي والنجاشي
قد ذكرا ذلك كما هو ديدنهما.
وعلى هذا فمؤلف المسترشد غير ابن جرير الذي خاطبه الإمام العسكري عليه السلام ثلاث
مرات ضمن قصة المعجزات التسع الواردة في " مدينة المعاجز " بقوله: يا بن جرير.
إذ يستبعد بقاء من خاطبه الإمام العسكري عليه السلام المستشهد سنة 260 ه‍ إلى
عهد الكليني، فالمخاطب هو سمي آخر لمؤلف المسترشد.
وأيضا كان مؤلف المسترشد معاصرا لحسين بن روح (ره) المتوفى سنة 326 ه‍
لأنه يروي عنه من أدرك الحسين بن روح، وهو أبو العباس محمد بن إبراهيم بن
إسحاق الطالقاني الذي هو من مشايخ الصدوق... رحمهم الله، والطالقاني هذا روى
عن أبي جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب المسترشد الحديث الموجود في
نسخة المسترشد.
والصدوق (ره) روى هذا الحديث بعينه عن محمد بن إبراهيم الطالقاني، عن
محمد بن جرير الطبري في باب الثلاثة من كتاب " الخصال ".
وروى عن محمد بن إبراهيم، عن محمد بن جرير الطبري أيضا في المجلس الخامس من
" أماليه " في كيفية ورود فاطمة عليها السلام إلى المحشر، وابن جرير في هذا السند يروي عن
أبي محمد الحسن بن عبد الواحد الخزاز، عن إسماعيل بن علي السندي.
وفي المجلس 63 من " أمالي الصدوق " أيضا محمد بن إبراهيم، عن محمد بن
جرير، عن الحسن بن محمد، عن محمد بن عبد الرحمان المخزومي، ورواية أخرى
لمحمد بن جرير، عن الحسن بن محمد، عن الحسن بن يحيى الدهان، وقال نفسه
في المسترشد: حدثنا أحمد بن مهدي، وقال أيضا: أخبرني الحسن بن الحسين العرني
6

وبالجملة فصاحب الترجمة هو: محمد بن جرير " الكبير " في طبقة سميه
المتوفى سنة 310 ه‍ وهؤلاء مشايخه، ومنهم أيضا أحمد بن رشيد كما في المجلس
47 من " الأمالي ".
وأما محمد بن جرير " المتأخر " فهو يروي في كتابه " الإمامة " عن القاضي أبي
الفرج المعافا النهرواني الذي كان أوحد عصره في مذهب محمد بن جرير المؤرخ
والمفسر في سنة 377 ه‍ كما ذكره ابن النديم. والمعافا يروي عن محمد بن أحمد بن محمد
ابن أبي الثلج المتوفى سنة 325 ه‍، وهو من أصحاب أبي جعفر محمد بن جرير المؤرخ
والمفسر كما ذكره ابن النديم.
وأما نسبة ابن النديم " المسترشد " إلى ابن جرير المؤرخ والمفسر، فهي إما من
اشتباهه في اسم المؤلف، أو أن " المسترشد " الذي للطبري صاحب التفسير هو
كتاب آخر مشارك مع الموجود في الاسم.
كما أن ابن طاووس في كتاب " اليقين " و " الطرف " روى عن " مناقب أهل البيت
عليهم السلام " عدة أحاديث وجزم بأنه لابن جرير المؤرخ والمفسر وهو غير واضح، بل
الظاهر أن " مناقب أهل البيت " لصاحب الترجمة، وهو مرتب على الحروف من
أسماء من روى ابن جرير عنهم.
وفي باب الياء ذكر روايته عن يوسف بن علي البلخي، كما ذكره ابن طاووس
في " الطرف "، و " المناقب " هذا غير " مناقب فاطمة عليها السلام " الذي ينقل عنه السيد هاشم
البحراني في " مدينة المعاجز " فإنه لمحمد بن جرير الصغير المتأخر عن هذا الكبير
والمعاصر للطوسي والنجاشي والمشارك معهما في جملة من المشايخ.
ثم إنه من المحتمل جدا أن الطبري صاحب الترجمة كان معاصرا للطبري صاحب التاريخ
والتفسير، وأنه هو الطبري (الكبير) الذي أدرك أبا محمد الحسن العسكري عليه السلام ورأي
منه تسع معجزات وعبر عنه ب‍ (الحسن بن علي السراج) وقد خاطبه الإمام عليه السلام
7

بقوله: يا بن جرير، وأنه رأى خط الامام بهلاك الزبير بن جعفر المتوكل بعد ثلاثة
أيام. وأنه روى عن علي بن محمد بن زياد الصيمري وهو من أصحاب الإمام
الهادي عليه السلام.
وأن محمد بن جرير الطبري صاحب " دلائل الإمامة " وهو الصغير والذي ذكر
فيه المترجم له قائلا: " قال محمد بن جرير الطبري: رأيت الحسن بن علي السرج ".
وقد رواها السيد البحراني التوبلي في " مدينة المعاجز " ووصف - مؤلف هذا
الكتاب - بقوله:
الطبري محمد بن جرير الآملي، كثير العلم، حسن الكلام إلا أنه زعم كونه
محمد بن جرير الامامي " صاحب المسترشد " وأقول: لعل هذا الخلط منشأه عدم وجود
ترجمة ل‍ (محمد بن جرير الطبري) المتأخر في أصولنا الرجالية على ما عندي.
ثم اعلم أن أول من عثرنا على أنه نقل من هذا الكتاب هو السيد علي بن طاووس
المتوفى سنة 664 ه‍، ثم السيد هاشم البحراني، كما أنه نقل بعض رواياته الشيخ
المجلسي (ره) المتوفى سنة 1110 ه‍ في بحار الأنوار وكذا غيره من المتأخرين.
وأخيرا نقول: إن صاحب الترجمة قد جمع بعضا مما ألفه من كتب شتى
ونوادر في مناقب ومعجزات الأئمة الأطهار عليهم السلام وعلومهم واحتجاجاتهم، مما
لا يستغني عنها الباحثون وطالبو الحق والحقيقة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين أولا وآخرا
وصلوات الله على محمد وآله رسولا وإماما.
8

مقدمة المؤلف:
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
الحمد لله الذي نور قلوبنا بهداية محمد، وشرح صدورنا بولاية علي وصلى الله
عليهما وعلى آلهما المعصومين المنصوصين صلاة دائمة إلى يوم الدين.
اما بعد، فان الله سبحانه وتعالى لما أبدع العالم وذر الناس وبسط لهم أرزاقهم
أوجبت حكمته أن يدعوهم إلى معرفة خالقهم، وعبادة رازقهم، واقتضى عدله أن
أمرهم بالعدل والاحسان، ونهاهم عن الفحشاء والمنكر والبغي، لا لحاجة منه سبحانه
إلى ذلك، بل لحاجة خلقه إلى ما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة.
فأرسل إليهم رسله صلى الله عليهم مبشرين ومنذرين، وبعث فيهم حججه
والداعين إليه، والناطقين عنه، ليبصرهم الرشد، ويعلمهم الكتاب والحكمة ويهديهم
إلى الصراط المستقيم.
وجعلهم (صلوات الله عليهم) كاملين معصومين، قادرين عالمين بما كان وبما
يكون، ليقيموا للناس البراهين الساطعة، والدلائل الواضحة، وليظهروا القدرة
الباهرة، والمعجزة التامة التي تشهد بصدق قولهم: أنه من قبل الصانع القديم الأزلي
رب العالمين، خالق السماوات والأرضين جلت عظمته.
ولو لم يجعلهم كذلك - قادرين كاملين عالمين معصومين - لم تبد من أولهم
9

وأوسطهم وآخرهم القدرة الباهرة، والمعجزة التامة، والبراهين الساطعة، والدلائل
الواضحة، والعلوم الكاملة [و] ما اتبعهم أحد، [و] ما آمن بهم نفر ولصارت أمور
الخلق داعية إلى البوار وذهاب الحرث والنسل.
وشاهد ذلك قول الله عز وجل: (فلله الحجة البالغة) (1) والحجة البالغة هي
الرسل والأئمة عليهم السلام، الذين احتج الله تعالى بهم على الملائكة والجن والانس.
والحجة البالغة - فيما وصف الله تعالى من حجته - حجة لا تخلو من أن تكون
بالغة من بعض الاحتجاج، وفوقها ما هو أبلغ منها وأتم وأكمل في كل الاحتجاج.
وأن تكون " بالغة " في كل الاحتجاج حتى لا يكون فوقها تام هو أتم منها.
ولاكمال هو أكمل من صفاتها، فان كانت بالغة في بعض الاحتجاج دون بعض.
وفوقها ما هو أتم وأكمل منها، فهي حجة ناقصة عن حدود التمام والكمال.
ثم لا يخلو الحكيم القادر عز وجل من أن يكون قادرا على الاحتجاج على خلقه
في الأتم والأبلغ والأكمل، أو أن يكون غير قادر على ذلك، فإن كان غير قادر - ونعوذ
بالله من هذا القول - لزم أن يكون مخصوص القدرة، ومعتل الحكمة، فيكون قادرا
على الشئ عاجزا عن غيره، حكيما في شئ غير حكيم في غيره.
وهذه صفات خارجة عن (2) صفات أفعال الحكيم، لأنها كلها توجب الاضطرار فيما
عجز عنه وغفل عن الحكمة فيه، ولا يوجب هذا ممن أقر بالصانع القديم إلا جاهل
عمي، وغافل غوي.
فإن كان قادرا على الاحتجاج بالأتم والأكمل لزم في حكم الحكمة وتمام القدرة
أن يحتج على خلقه بكمال حجة، وتمام دعوة.
وقوله (3): (فلله الحجة البالغة) يوجب أنه ليس فوقها أبلغ ولا أتم ولا أكمل

1) الانعام: 149.
2) استظهرناها، وفى الأصل " غير ".
3) استظهرناها، وفى الأصل " لقوله ".
10

منها، وأنها بالغة التمام والكمال في جميع وجوه الاحتجاج.
ويوجب (1) باضطرار - لا محيص عنه - أن حججه والداعين إليه والناطقين عنه
عليهم السلام معصومون، قادرون على كل شئ، عالمون بما كان وبما يكون إلى آخر الزمان.
وإذ أثبت ولزم أن نبينا صلى الله عليه وآله بهذه الصفة في العصمة والكمال والقدرة، وأن الأنبياء
الذين أرسلهم الله قبله كانوا بهذه الصفة، وكذلك أوصياؤهم الذين هم حجج الله في
أرضه، لزم أن يكون الأئمة الذين يقومون مقام نبينا - صلى الله عليه وآله وعليهم
أجمعين كذلك يشاكلونه في العصمة والكمال والقدرة وما شاكل ذلك.
وأن لافرق بينه - صلى الله عليه وآله - وبينهم صلوات الله عليهم إلا رتبة النبوة، ليكون الدين
كاملا، والحجج بالغة في كل الاحتجاج، قال الله تعالى:
(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي) (2) الآية.
وكمال الدين يكون بكمال الحجة، وأن تكون بالغة في جميع الاحتجاج.
ثم وجب أن يكون القيم بأمر الدين بعد الرسول صلى الله عليه وآله من اختاره الله تعالى
ورسوله صلى الله عليه وآله، فان من تختاره الأمة يكون خارجا عن حد الكمال، داخلا في حد
النقصان.
وليس للأمة اختيار الإمام مع قول الله تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا
قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) (3)
[و] مع قوله تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) (4).
وإذا لزم وثبت أن الأئمة الطاهرة من عترة نبينا صلى الله عليه وآله، الذي هو سيد المرسلين
وخاتم النبيين صلى الله عليه وآله هم الحجج البالغة لله سبحانه في أرضه، ثبت لهم صحة
المعجزات التامة، والقدرات الباهرة، والبراهين الواضحة، التي كانوا يحتجون بها

1) استظهرناها، وفى الأصل " انهم ".
2) المائدة: 3.
3) الأحزاب: 36.
4) الأحزاب: 6.
11

على عباد الله، ويظهرونها (1) لهم كما كانت الأوصياء وخلفاء الأنبياء الذين تقدموا
نبينا - صلى الله عليه وآله وعليهم أجمعين - الذي هو سيدهم لأولهم وآخرهم
أظهروها للأمم السالفة واحتجوا بها عليهم، على ما قصها الله تعالى إلى خيرته في
محكم كتابه [فحكى] (2).
عن وصى سليمان عليه السلام الذي كان عنده علم من الكتاب فأتى بعرش بلقيس من
سبأ إلى مقام سليمان عليه السلام بيت المقدس - مسيرة خمسمائة فرسخ - قبل أن يرتد إليه طرفه.
وكان هذا الوصي آصف بن برخيا وهو ابن عمه ووصيه وزوج ابنته. (3)
هذا يوجب فضل نبينا صلى الله عليه وآله على جميع الأنبياء عليهم السلام، وكان فضل أوصيائه على
كافة أوصياء الأنبياء الذين كانوا قبل نبينا صلى الله عليه وآله [كفضله عليهم] (4) وعلى جميع المرسلين.
والمشهور من معجزات يوشع بن نون بن إفرائيم (5) بن يوسف الذي كان وصي
موسى عليه السلام، أنه كان في بعض غزواته فعن (6) له ما أعجزه عن صلاة العصر في وقتها
حتى غربت الشمس، فتكلم عليه السلام بكلمات فرد الله الشمس إلى المكان الذي يصلي
فيه العصر، فصلى هو ومن معه من المؤمنين، وهذا مما لا يختلف فيه لشهرته بين
أهل العلم. (7)
ووصى المسيح عليه السلام هو شمعون الصفا عليه السلام، وكان يبرئ الأكمه والأبرص
ويأتي بالمعجزات والبراهين التي كان يظهرها المسيخ عليه السلام على ما اتفقت عليه
روايات أصحاب الحديث، وكان معه شيعته الصديقون، فمن آمن به فهو مؤمن
ومن جحده [كان] كافرا، ومن شك فيه كان ضالا. (8)

1) استظهرناها، وفى ط و " وليظهروا بها ".
2) أثبتناها للزمها.
3) أورد نحوه في اثبات الوصية: 70.
4) أضفناها للزوم السياق.
5) في ط " أفايم " تصحيف.
6) عن: ظهر أمامه واعترض.
7) راجع تاريخ الطبري: 1 / 310، الكامل لابن الأثير: 1 / 202، اثبات الوصية: 60
8) أورد مثله في اثبات الوصية: 82. ولزيادة الاطلاع راجع البحار: 14 / 345 ب 42.
12

ودانيال عليه السلام كان وصي منذر بن شمعون فأخذه وأصحابه من المؤمنين (1) بختنصر
وكان ملكا كافرا عنيدا خبيثا، وأمر أن يتخذ لهم أخدود فيه النار، ثم أمر بدانيال
عليه السلام وأصحابه المؤمنين أن يلقوا في النار، فلم تحرقهم النار، فلما رأى أن النار
لا تحرقهم أمر أن يطرحوا في جب فيه السباع، فلاذت السباع بهم وتبصبصت
حولهم. فلما رأى تلك الحال عذبهم بأنواع العذاب فخلصهم الله منه، وأدخلهم
جنته، وضرب الله تعالى مثلهم في كتابه فقال: (قتل أصحاب الأخدود * النار) (2) الآية.
إلا أن الذين انقلبوا على أعقابهم - على ما قصه الله تعالى في محكم كتابه (3) -
واختاروا أئمتهم بعد النبي صلى الله عليه وآله - وعدلوا عمن نصبه الله ورسوله - ومالوا إليهم
بمشاكلتهم إياهم في النقص وقلة الفهم لينالوا من دنياهم، ولما رجوهم من الارتقاء
إلى درجتهم الدنياوية بعدهم، وأحلوهم عندهم محل الأئمة الطاهرين المعصومين
الكاملين القادرين الذين جعلت (4) إليهم الإمامة بالنصوص.
أنكروا معجزات الأئمة في شريعة نبينا صلى الله عليه وآله خصوصا لئلا يطالب أحدهم بإقامة
معجزات، وإظهار برهان ودليل، وأرادوا إطفاء نور الله بأفواههم وأبى الله إلا أن
يتم نوره ولو كره المشركون.

1) زاد في ط (فهربته من). واللفظ في اثبات الوصية هكذا: وقام دانيال بالامر بعده
ومضى بخت نصر وملك ابنه (فهرا) وكان كافرا خبيثا... والامر لا يخلو من غرابة حيث
أن كتب التاريخ تحكى عن بخت نصر بأنه هو الذي اتخذ الأخدود لدانيال، وتجدر
الإشارة إلى أن ابن الأثير في الكامل: 1 / 261، قال: قد اختلف العلماء في الوقت
الذي أرسل فيه بخت نصر على بني إسرائيل، فقيل: في عهد أرميا النبي ودانيال... وقيل.
راجع التفاصيل في البحار: 14 / 351 ب 25، وتاريخ ابن الأثير المذكور ص 267
2) أورده في اثبات الوصية: 85 مثله، والآية: 4 و 5 من سورة البروج.
3) في سورة آل عمران: 144.
4) استظهرناها، وفى ط " فصلت ".
13

فلما وجدت ذلك كذلك، حاولت أن أؤلف مما أظهروه من المعجزات، وأقاموه
من الدلائل والبراهين، مما سمعته وقرأته، في كتاب مقصور على ذكر المعجزات
والبراهين، ليسهل حفظها وبلوغ ما أوردت فيها من أحاديث عجيبة هائلة مهولة.
فإنها من المشكلات التي تتهافت فيها العقول لكونها من المعضلات [مما] لا يتحمله إلا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان.
وجمعت من كتب شتى من مناقبهم وعلومهم واحتجاجاتهم التي لا يستغني عنها
الطالب للحق والراغب فيه زلفة إلى الله، وابتغاءا لمرضاته، وتقربا إلى صاحب
الحضرة العلية الامامية المرتضوية صلوات الله على مشرفها.
الحمد لله الذي أخرجنا من الظلمات إلى النور، وهدانا إلى الصراط المستقيم
وصلى الله على محمد سيد المرسلين، وعلى علي وآله الطاهرين الطيبين المعصومين
المنصوصين.
14

فمن دلائل المولى أمير المؤمنين، وسيد الوصيين
علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام:
1 - حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه [قال: حدثنا
محمد بن الحسن بن الوليد] (1) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد
ابن زكريا، عن أبي المعافا (2) عن وكيع، عن زاذان، عن سلمان قال:
كنا مع أمير المؤمنين عليه السلام ونحن نذكر شيئا من معجزات الأنبياء عليهم السلام فقلت له:
يا سيدي أحب أن تريني ناقة ثمود، وشيئا من معجزاتك؟
قال: أفعل [إن شاء الله تعالى]. ثم وثب فدخل منزله وخرج إلي وتحته فرس
أدهم، وعليه قباء أبيض وقلنسوة بيضاء، ونادى: يا قنبر أخرج إلي ذلك الفرس.
فأخرج فرسا آخر أدهم، فقال لي: اركب يا أبا عبد الله.
قال سلمان: فركبته، فإذا له جناحان ملتصقان إلى جنبه، فصاح به الإمام عليه السلام
فحلق في الهواء، وكنت أسمع حفيف أجنحة الملائكة [وتسبيحها] تحت العرش
ثم حضرنا على ساحل بحر عجاج مغطمط (3) الأمواج، فنظر إليه الامام شزرا
فسكن البحر.
فقلت له: يا سيدي سكن البحر من غليانه من نظرك إليه!
فقال: يا سلمان، خشي أن آمر فيه بأمر.
ثم قبض على يدي، وسار على وجه الماء، والفرسان يتبعاننا لا يقودهما أحد
فوالله ما ابتلت أقدامنا ولا حوافر الخيل، فعبرنا ذلك البحر، ودفعنا (4) إلى جزيرة

1) أثبتناه لأنه طريق الصدوق (المولود بعد الثلاثمائة) إلى الصفار (المتوفى سنة 290).
راجع معجم رجال الحديث: 15 / 250.
2) كذا، وفى البحار هكذا: وجدت في بعض الكتب: حدثنا محمد بن زكريا العلائي
قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار المعروف بابن المعافا، عن وكيع...
3) الغطمطة: اضطراب الأمواج، وفى الأصل " مغمط ".
4) أي: انتهينا. يقال: طريق يدفع إلى مكان كذا: ينتهى إليه.
15

كثيرة الأشجار والاثمار والأطيار والأنهار، وإذا شجرة عظيمة بلا ثمر، بل ورد
وزهر (1).
فهزها بقضيب كان بيده، فانشقت وخرجت منها ناقة طولها ثمانون ذراعا، وعرضها
أربعون ذراعا، وخلفها قلوص (2) فقال لي: ادن منها واشرب من لبنها.
[قال سلمان]: فدنوت منها وشربت حتى رويت، وكان لبنها أعذب من الشهد وألين من الزبد وقد اكتفيت.
قال صلوات الله عليه: هذا حسن؟ قلت: حسن يا سيدي! قال: تريد أن أريك
أحسن منها؟ فقلت: نعم يا سيدي.
قال: يا سلمان ناد: أخرجي يا حسناء. فناديت (3) فخرجت ناقة طولها مائة
وعشرون ذراعا، وعرضها ستون ذراعا [ورأسها] من الياقوت الأحمر [وصدرها من
العنبر الأشهب، وقوائمها من الزبرجد الأخضر] وزمامها من الياقوت الأصفر، وجنبها
الأيمن من الذهب، وجنبها الأيسر من الفضة، وضرعها من اللؤلؤ الرطب.
فقال لي: يا سلمان اشرب من لبنها.
قال سلمان: فالتقمت الضرع فإذا هي تحلب عملا صافيا محضا (4)
فقلت: يا سيدي هذه لمن؟
قال: هذه لك ولسائر الشيعة (5) من أوليائي. ثم قال: ارجعي.
فرجعت من الوقت، وسار بي في تلك الجزيرة حتى ورد بي إلى شجرة عظيمة
وفي أصلها مائدة عظيمة، عليها طعام يفوح منه رائحة المسك، وإذا بطائر في صورة
النسر العظيم، قال [سلمان]: فوثب ذلك الطير فسلم عليه، ورجع إلى موضعه

1) " بلا صدع ولا زهر " البحار.
2) القلوص: الشابة من الإبل، الطويلة القوائم.
3) " قال سلمان: فنادى عليه السلام: أخرجي يا حسناه " البحار والمدينة.
4) محضا: خالصا.
5) " المؤمنين " المدينة.
16

فقلت: يا سيدي ما هذه المائدة؟
قال: هذه منصوبة في هذا الموضع للشيعة من موالي إلى يوم القيامة.
فقلت: ما هذا الطائر؟ فقال: ملك موكل بها إلى يوم القيامة.
فقلت: وحده يا سيدي؟ فقال: يجتاز به الخضر عليه السلام كل يوم مرة.
ثم قبض على يدي، وسار بي إلى بحر ثان، فعبرنا إذا بجزيرة عظيمة، فيها
قصر لبنة من ذهب ولبنة من فضة بيضاء، وشرفه من العقيق الأصفر، وعلى ركن (2). أقبلت
الملائكة تسلم عليه، ثم أذن لهم فرجعوا إلى مواضعهم.
قال سلمان: ثم دخل الإمام عليه السلام إلى القصر، فإذا فيه أشجار [وأثمار] وأنهار وأطيار
وألوان النبات، فجعل الإمام عليه السلام يتمشى فيه حتى وصل إلى آخره، فوقف على
بركة كانت في البستان، ثم صعد إلى سطحه، فإذا كرسي من الذهب الأحمر، فجلس
عليه، وأشرفنا على القصر، فإذا بحر أسود يغطمط (3) بأمواجه كالجبال الراسيات.
فنظر إليه شزرا فسكن من غليانه حتى كان كالمذنب.
فقلت: يا سيدي سكن البحر من غليانه لما نظرت إليه!
قال: خشي أن آمر فيه بأمر، أتدري يا سلمان أي بحر هذا؟
فقلت: لا يا سيدي. فقال: هذا البحر الذي غرق فيه فرعون (لعنة الله) وقومه، إن
المدينة حملت على محاميل (4) جناح جبرئيل عليه السلام ثم رمى بها في هذا البحر
فهويت فيه لا تبلغ قراره إلى يوم القيامة.
فقلت: يا سيدي هل سرنا فرسخين؟
فقال: يا سلمان لقد سرت خمسين ألف فرسخ، ودرت حول الدنيا عشرين ألف

1) " ألفا " المدينة.
2) استظهرناها، وفى ط " ذلك الركن ".
3) " يغطط " ط.
4) كذا في ط. والظاهر " محامل " جمع محمل: ما يحمل فيه.
17

مرة، فقلت يا سيدي وكيف هذا؟!
فقال: يا سلمان إذا كان ذو القرنين طاف شرقها وغربها وبلغ إلى سد يأجوج
ومأجوج فأنى يتعذر علي وأنا أخو سيد المرسلين، وأمين رب العالمين، وحجته
على خلقه أجمعين.
يا سلمان أما قرأت قول الله تعالى حيث يقول: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه
أحدا إلا من ارتضى من رسول) (1) فقلت: بلى يا سيدي.
فقال: يا سلمان أنا المرتضى من الرسول الذي أظهره الله على غيبه، أنا العالم
الرباني، أنا الذي هون الله عليه الشدائد وطوى له البعيد.
قال سلمان: فسمعت صالحا يصيح في السماء - يبلغ صوتا ولا يرى الشخص -
وهو يقول: صدقت، صدقت، أنت الصادق المصدق صلوات الله عليك.
ثم وثب فركب الفرس وركبت معه وصاح به، وحلق في الهواء، ثم حضرنا
بأرض الكوفة، هذا كله وقد مضى (2) من الليل ثلاث ساعات، فقال لي:
يا سلمان، الويل كل الويل على من لا يعرفنا حق معرفتنا، وأنكر ولايتنا.
يا سلمان أيما أفضل محمد صلى الله عليه وآله أم سليمان بن داود؟
قال سلمان: [قلت:] بل محمد صلى الله عليه وآله.
فقال: يا سلمان فهذا آصف بن برخيا قدر أن يحمل عرش بلقيس من اليمن إلى
بيت المقدس في طرفة عين وعنده علم من الكتاب، ولا أفعل ذلك وعندي علم مائة
كتاب وأربعة وعشرين (3) كتاب؟!

1) سورة الجن: 26 و 27.
2) " هذا وهذا ما مضى " ط.
3) " مائة ألف كتاب وأربعة وعشرين ألف " ط، والمدينة، والمتن كما في البحار.
والظاهر أن كليهما تصحيف اما روى الصدوق باسناده إلى أبي ذر (رض) ضمن حديث
أنه قال: يا رسول الله كم أنزل الله تعالى من كتاب؟ قال: مائة كتاب وأربعة كتب:
أنزل الله تعالى على شيث خمسين صحيفة، وعلى إدريس ثلاثين صحيفة، وعلى إبراهيم
عشرين صحيفة، وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان... الخير. (معاني الأخبار
333 ضمن ح 1، الخصال: 2 / 524 ضمن ح 13، ومثله المفيد في الإختصاص: 258
عن ابن عباس).
وأخرج شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات الظاهرة: 1 / 240 ح 24 هذه القطعة
من الرواية إلى آخره، برواية الشيخ المفيد عن رجاله مسندا إلى سلمان الفارسي الا أن
فيها:... ولا أقدر أنا وعندي علم ألف كتاب، أنزل الله منها على شيث بن آدم خمسين
صحيفة... وذكر مثل رواية الصدوق.
18

أنزل الله على شيث بن آدم عليه السلام خمسين صحيفة،
وعلى إدريس عليه السلام ثلاثين صحيفة [وعلى نوح عليه السلام عشرين صحيفة]
وعلى إبراهيم عليه السلام عشرين صحيفة، والتوراة والإنجيل والزبور [والفرقان].
فقلت: صدقت يا سيدي هكذا [يكون الامام].
قال الإمام عليه السلام: إعلم يا سلمان أن الشاك في أمورنا وعلومنا كالممتري في
معرفتنا وحقوقنا، وقد فرض الله عز وجل ولايتنا في كتابه، وبين فيه ما أوجب العمل
به وهو غير مكشوف (1). (2)
2 - ومنها: حدثنا إبراهيم بن الحسين (3) الهمداني، عن إسحاق بن إبراهيم، عن
عبد الغفار بن القاسم، عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام عن أبيه عليه السلام يرفعه إلى
أمير المؤمنين عليه السلام:
أن جبرئيل عليه السلام نزل على النبي صلى الله عليه وآله بجام (4) من الجنة فيه فاكهة كثيرة من فواكه

1) كذا، والظاهر " وهو مكشوف " كما في رواية الشيخ المفيد.
2) البحار: 42 / 5 ح 1، اثبات الهداة: 5 / 84 ح 501، مدينة المعاجز: 88.
3) " الحارث " ط. تصحيف، فالظاهر هو إبراهيم بن الحسين بن علي بن مهران بن ديزيل
الكسائي الهمداني. (لسان الميزان: 1 / 48).
4) جام: اناء من فضة.
19

الجنة، فدفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله فسبح الجام وكبر وهلل في يده.
ثم دفعه إلى أبي بكر فسكت الجام، ثم دفعه إلى عمر فسكت الجام.
ثم دفعه إلى أمير المؤمنين، الجام وكبر وهلل في يده، ثم قال الجام:
إني أمرت أن لا أتكلم إلا في يد نبي أو وصي نبي. (1)
3 - وفى كتاب الأنوار (2) بأن الجام من كف النبي صلى الله عليه وآله عرج إلى السماء
وهو يقول بلسان فصيح سمعه كل من كان عند النبي صلى الله عليه وآله:
(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (3). (4)
4 - وأيضا: وروي أن جبرائيل وميكائيل عليهما السلام أتيا به، فوضعاه في يد
أمير المؤمنين عليه السلام بأمر النبي صلى الله عليه وآله فسلم عليه الجام، فرد عليه السلام:
قال الله تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) (5)
قال الصادق عليه السلام: أعطى الله أمير المؤمنين عليه السلام حياة طيبة بكرامات [و] أدلة
وبراهين [و] معجزات، وقوة إيمانه، ويقين علمه وعمله، وفضله الله على جميع
خلقه بعد النبي صلى الله عليهما وآلهما. (6)

1) عيون المعجزات: 11، عنه اثبات: 5 / 15 ح 318، والبحار: 39 / 129 ح 17
ومدينة المعاجز: 22 ح 30.
2) كتاب الأنوار في تاريخ الأئمة الأطهار الشيخ أبى على محمد بن أبي بكر همام بن
سهيل الكاتب الإسكافي المولود سنة 258 والمتوفى سنه 336. ذكره في الذريعة:
2 / 412 رقم 1646.
3) الأحزاب: 33.
4) نفس التخريجة السابقة.
5) النحل: 97. أقول: وفى ذلك قال العوني:
على كليم الجام إذ جاعه * كريمان في الاملاك مصطفيان
وقال أيضا (غيره):
امامي كليم الجان والجام بعد * لهل لكليم الجان والجام من مثل!؟
6) عيون المعجزات: 12.
20

5 - وأيضا فيه: حدثنا العباس بن الفضل، عن موسى بن عطية الأنصاري، قال:
حدثني حسان بن أحمد الأزرق، عن أبي الأحوص، عن أبيه، عن عمار الساباطي، قال:
قدم أمير المؤمنين عليه السلام المدائن فنزل بايوان كسرى، وكان معه دلف [ابن]
منجم كسرى، فلما صلى الزوال قام [و] قال لدلف: قم معي. وكان معه جماعة من
[أهل] ساباط (1) فما زال يطوف في مساكن كسرى ويقول لدلف: كان لكسرى
[في] هذا المكان كذا وكذا، فيقول دلف: هو والله كذلك.
فما زال على ذلك حتى طاف المواضع بجميع من كانوا معه ودلف يقول:
يا سيدي كأنك وضعت [هذه] الأشياء في هذه الأمكنة!!
ثم نظر صلوات الله عليه إلى جمجة نخرة.
فقال لبعض أصحابه: خذ هذه الجمجمة، وكانت مطروحة، وجاء عليه السلام إلى
الإيوان وجلس فيه، ودعا بطست، وصب فيه ماء، فقال له: دع هذه الجمجمة في
الطست، ثم قال: أقسمت عليك يا جمجمة أخبريني من أنا؟ ومن أنت؟
فنطقت الجمجمة بلسان فصيح فقالت:
أما أنت فأمير المؤمنين، وسيد الوصيين، وإمام المتقين في الطاهر والباطن
وأعظم من أن توصف، وأما أنا فعبد الله وابن أمة الله كسرى أنو شيروان (2).
فانصرف القوم الذين كانوا معه من أهل ساباط إلى أهاليهم وأخبروهم بما كان
وبما سمعوه من الجمجمة: فاضطربوا واختلفوا في معنى أمير المؤمنين عليه السلام فحضروه
فقال بعضهم: قد أفسد هؤلاء قلوبنا بما أخبرونا عنك.
وقال بعضهم فيك (3) مثل ما قال عبد الله بن سبأ (4) وأصحابه، ومثل ما قاله النصارى في

1) ساباط: مدينة قرب المدائن بناها بلاش بن فيروز بن يزجرد، وتسمى ساباط كسرى.
(مراصد الاطلاع: 2 / 680، والكامل في التاريخ: 1 / 411).
2) " عبد الله بن أمة كسرى " ط.
3) " فيه " ط. تصحيف.
4) كذا! روى في معرفة اختيار الرجال: 106 ح 170 باسناده عن ابن قولويه، عن سعد بن عبد الله
عن محمد بن عثمان العبدي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، عن أبيه
عن أبي جعفر عليه السلام ان عبد الله بن سبأ كان يدعى النبوة، ويزعم أن أمير المؤمنين
عليه السلام هو الله (تعالى الله عن ذلك) فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام...
فحبسه واستتابه ثلاثة أيام فلم يتب، فأحرقه بالنار.
راجع أيضا ح 171 - 174 من الكتاب المذكور، وكتاب " عبد الله بن سبأ " للسيد مرتضى
العسكري ففيه دراسة وافية، حول هذا الرجل وحقيقته.
21

المسيح، فان تركتهم على هذا كفروا الناس.
فلما سمع ذلك منهم قال: ما تحبون أن أصنع بهم؟ قالوا: تحرقهم بالنار
كما حرقت عبد الله بن سبأ وأصحابه. فأحضرهم وقال: ما حملكم على ما قلتم؟
قالوا: سمعنا كلام الجمجمة النخرة ومخاطبتها إياك، ولا يجوز ذلك إلا لله
تعالى، فمن ذلك قلنا ما قلنا.
فقال عليه السلام: ارجعوا عن كلامكم هذا، وتوبوا إلى الله.
فقالوا: ما كنا نرجع عن قولنا، فاصنع بنا ما أنت صانع.
فأمر عليه السلام أن تضرم لهم النار، فحرقهم، فلما احترقوا، قال: اسحقوهم وذروهم
في الريح، فسحقوهم وذروهم في الريح.
فلما كان من اليوم الثالث من إحراقهم دخل إليه أهل ساباط وقالوا: الله الله في
دين محمد، إن الذين أحرقتهم بالنار قد رجعوا إلى منازلهم أحسن ما كانوا!
فقال عليه السلام: أليس قد أحرقتهم بالنار، وسحقتموهم وذريتموهم في الريح؟
قالوا: بلى. قال عليه السلام: أحرقتهم والله أحياهم (1). (2)
6 - وأيضا: حدث أحمد بن محمد البزاز الكوفي، قال: حدثنا عبد الوهاب

1) " وأحييتهم " عيون.
2) أخرجه في عيون المعجزات: 16 عن كتاب الأنوار، عنه البحار: 41 / 213 ح 27
وعن الفضائل لابن شاذان: 70.
وأخرجه في اثبات الهداة: 5 / 16 ح 320، ومدينة المعاجز: 34 ح 49 عن العيون.
22

قال: حدثنا أبو ذر حكيم، عن أبي اليسع، قال: حدثنا أبو رواحة الأنصاري، عن
حبة العرني قال:
كنت مع أمير المؤمنين عليه السلام وقد أراد حرب، معاوية، فنظرنا إلى جمجمة في
جانب الفرات قد أتت عليها الأزمنة، فوقف عليها أمير المؤمنين عليه السلام ودعاها، فأجابته
بالتلبية، وتدحرجت (1) بين يديه، وتكلمت بلسان فصيح ثم أمرها [بالرجوع]
فرجعت إلى مكانها كما كانت. (2)
7 - وفى رواية أخرى: أنه عليه السلام وقف على جمجمة نخرة في النهروان، فقال
لها: من أنت؟ فقالت: أنا فلان بن فلان. (3)
8 - ومنها: حدث محمد بن عثمان، قال: [حدثنا] أبو زيد النميري، قال:
حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث (4) قال: حدثنا شعبة (5) عن سليمان الأعمش قال:
حدثنا سهيل (6) بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال:
صليت الغداة مع النبي صلى الله عليه وآله فلما فرغ من صلاته وتسبيحه أقبل علينا بوجهه
الكريم وأخذ معنا في الحديث، فأتاه رجل من الأنصار، فقال: يا رسول الله، إن
كلب فلان الأنصاري خرق ثوبي وخدش ساقي، ومنعني من الصلاة معك في الجماعة

1) استظهرناها، وفى ط " قد دحرجت إلى ".
2) الفضائل لابن شاذان: 72 في حديث طويل عن أبي رواحة، عن المغربي (مثله)، عنه البحار:
41 / 215 ح 28، ومدينة المعاجز: 35 ح 51.
3) نفس التخريجة السابقة.
4) " عبد الوهاب " ط، تصحيف، راجع تهذيب التهذيب: 6 / 327.
5) " سعيد " ط، تصحيف، وهو شعبة بن الحجاج العتكي الأزدي، انظر تهذيب التهذيب:
4 / 222 وص 338.
6) " سهل " ط، تصحيف، وهو من أقران سليمان الأعمش، انظر تهذيب التهذيب: 4 /
222 وص 263.
23

فأعرض (1) عنه.
فلما كان في اليوم الثاني جاء رجل آخر وقال: يا رسول الله إن كلب فلان
الأنصاري خرق ثوبي وخدش ساقي، ومنعني من الصلاة معك.
فقال النبي صلى الله عليه وآله: قوموا بنا إليه (2) فان الكلب إذا كان عقورا وجب قتله.
فقام صلى الله عليه وآله ونحن معه حتى أتى منزل الرجل، فبادر أنس بن مالك إلى الباب فدقه
وقال: " النبي بالباب ".
فأقبل الرجل مبادرا حتى فتح بابه، وخرج إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال:
فداك أبي وأمي ما الذي جاء بك؟ ألا وجهت إلي فكنت أجيبك!
فقال صلى الله عليه وآله: أخرج إلينا كلبك العقور، فقد وجب قتله، وقد خرق ثياب فلان و
خدش ساقه، وكذا فعل اليوم بفلان بن فلان.
فبادر الرجل إلى كلبه فشد في عنقه حبلا وجره إليه، ووقفه بين يديه، فلما نظر
الكلب إلى النبي صلى الله عليه وآله واقفا قال: يا رسول الله، ما الذي جاء بك؟ ولم تقتلني؟
فأخبره الخبر، فقال: يا رسول الله، إن القوم منافقون نواصب مبغضو علي بن
أبي طالب عليه السلام، ولولا أنهم كذلك ما تعرضت [لسبيلهم].
فأوصى به النبي صلى الله عليه وآله خيرا، وتركه وانصرف (3). (4)
9 - ومنها: قال حبة العرني، قال الحارث بن عبد الله الهمداني:

1) أي صد لعلمه صلى الله عليه وآله به أنه معاد لأمير المؤمنين علي عليه السلام كما يفهم من
آخر الحديث. وفى ط " فعرض ".
2) زاد في ط " فقال ". تصحيف.
3) " وانصرف الكلب " ط.
4) أورده في عيون المعجزات: 18 مثله، عنه البحار: 41 / 246 ح 15، وعن الفضائل
والروضة في الفضائل لابن شاذان: 154 (مخطوط) ومدينة المعاجز: 41 ح 7، ومستدرك
الوسائل: 8 / 296 ح 1.
24

كنا مع أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم على باب الرحبة (1) إذ اجتاز بنا يهودي ومعه
حوتان (2) فناداه أمير المؤمنين عليه السلام فقال لليهودي:
بكم اشتريت أبويك من بني إسرائيل!
فصاح اليهودي صيحة عظيمة، وقال: أما تسمعون كلام علي بن أبي طالب، يذكر
أنه يعلم الغيب وأني قد اشتريت أبي وأمي من بني إسرائيل.
فاجتمع عليه خلق كثير من الناس، وقد سمعوا كلام أمير المؤمنين عليه السلام وكلام
اليهودي، وكنت أنظر إلى أمير المؤمنين عليه السلام وقد تكلم بكلام لا أفهمه.
فأقبل على أحد الحوتين وقال: أقسمت عليك أن تتكلمي وتقولي من أنا؟ ومن
كان أبوه (3)؟
فنطقت السمكة بلسان فصيح [وقالت]: أنت أمير المؤمنين ووصي رسول رب
العالمين، علي بن أبي طالب عليه السلام وقالت لليهودي: يا فلان، أنا أبوك فلان بن فلان
مت (4) في سنة كذا، وخلفت (5) عليك من المال كذا وكذا، والعلامة في يدك
كذا وكذا.
وأقبل عليه السلام على الأخرى وقال لها: أقسمت عليك أن تتكلمي وتقولي: من أنا؟
ومن كانت أمه؟
فنطقت بلسان فصيح وقالت: أنت أمير المؤمنين، وسيد الوصيين علي بن أبي
طالب، ثم قالت: يا فلان وأنا أمك فلانة بنت فلان مت (6) في سنة كذا، والعلامة في
يدك كذا [وكذا]. فقال القوم: نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا

1) الرحبة: على مرحلة من الكوفة، على يسار الحجاج إذا أرادوا مكة، خربت. (مراصد
الاطلاع: 2 / 608).
2) الحوت: السمك، وقد غلب في الكبير منه.
3) " ومن أنت " العيون، وكذا التي تأتى.
4) " مات " ط.
5) " خلف " ط.
6) " ماتت " ط.
25

عبده ورسوله، وأن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب حقا.
فعادت الحوتتان إلى ما كانتا عليه، وآمن اليهودي وقال: أشهد أن لا إله إلا الله
وأن محمدا رسول الله، وأنك أمير المؤمنين.
[وانصرف القوم] وقد ازدادوا معرفة بأمير المؤمنين. (1)
10 - ومنها: حدث نصير بن مدرك قال: قال عمار بن ياسر:
كنت بين يدي مولاي أمير المؤمنين عليه السلام وكان يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت
من صفر، وإذا بزعقة (2) قد ملأت المسامع، وكان عليه السلام على دكة القضاء فقال:
يا عمار إئت بذي الفقار - وكان وزنه سبعة أمنان وثلثي [من] بالمكي - فبحثت به فانتضاه (3)
من غمده وتركه، وقال: يا عمار هذا يوم أكشف فيه لأهل الكوفة جميعا الغمة ليزداد
المؤمن وفاقا والمخالف نفاقا (4) يا عمار إئت بمن على الباب.
قال عمار: فخرجت وإذا (5) بالباب امرأة في قبة على جمل وهي تصيح:
" يا غياث المستغيثين، ويا غاية الطالبين، ويا كنز الراغبين، ويا ذا القوة المتين
ويا مطلق الأسير، ويا راحم الشيخ الكبير، ويا رازق الطفل الصغير، ويا قديم سبق قدمه
كل قديم، ويا عون من لاعون له، ويا سند من لا سند له، ويا ذخر من لا ذخر له، ويا حرز
من لاحرز له، يا عون الضعفاء ويا كنز الفقراء إليك توجهت وبك توسلت، بيض

1) أورده في عيون المعجزات: 20 بالاسناد عن جعفر بن محمد البجلي الكوفي، عن علي
ابن عمر الصيقل، عن توبه، عن أبيه، عن جده [حبة ظ] العرني، عن الحارث (مثله)
عنه اثبات الهداة: 5 / 16 ح 321، والبحار: 39 / 146 ح 11، ومدينة المعاجز:
40 ح 66.
2) أي بصيحة.
3) كذا في رواية ابن شاذان، أي سله. وفى ط والعيون " فصاع "، وفى المدينة " فصاح "
صاع الشئ: ثناه ولواه. وصاح العنقود: إذا استتم خروجه من أكمته.
4) زاد بعدها في ط " فقال ". والظاهر " ثم قال ".
5) في " ط " كلمة مبهمة.
26

وجهي، وفرج همي، واكشف غمي ".
قال: وحولها ألف فارس بسيوف مسلولة، قوم معها، وقوم عليها في الكلام
فقلت: أجيبوا أمير المؤمنين.
فنزلت عن الجمل، ونزل القوم معها ودخلوا المسجد، ووقفت المرأة بين يدي
أمير المؤمنين عليه السلام وقالت:
يا علي إياك قصدت، فاكشف مابي من غمة، إنك ولي ذلك والقادر عليه.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: يا عمار ناد في الكوفة لينظروا إلى قضاء أمير المؤمنين.
فناديت، فاجتمع الناس حتى صار المقدم عليه أقدام كثيرة.
ثم قام (1) أمير المؤمنين عليه السلام [وقال]: اسألوا عما بدا لكم يا أهل الشام.
فنهض من بينهم شيخ أشيب، عليه بردة أتحمية (2) وحلة عدنية، و [على رأسه]
عمامة خز سوسية، فقال:
السلام عليك يا كنز الفقراء، ويا ملجأ اللهفي، يا مولاي هذه الجارية ابنتي وما
قربتها ببعل قط، وهي عاتق (3) حامل، وقد فضحتني في عشيرتي، وأنا معروف
بالشدة والنجدة والبأس والسطوة [والشجاعة] والبراعة والنزاهة، أنا قلمس (4)
عفريس (5) وليث [عسوس (6) ووجه على الأعداء] عبوس، لا تخمد لي نار
ولا يضام لي جار، عزيز عند العرب بأسي ونجدتي وحملاتي وسطواتي، وقد بقيت

1) " قال " ط.
2) الا تحمى: ضرب من البرود. والتحمة: شدة السواد أو الشقرة.
3) العاتق: الجارية التي قد أدركت وبلغت فخدرت في بيت أهلها ولم تتزوج، سميت بذلك لأنها عتقت عن خدمة أبويها ولم يملكها زوج بعد. (لسان العرب: 10 / 235).
4) القلمس: السيد العظيم، الكثير الخير والعطية، الداهية من الرجال (لسان العرب: 6 / 182)
5) عفريس: أسد. وفى العيون " قلمس بن عفريس ".
6) عسوس: طلوب لما يأكل.
27

- يا علي - حائرا في أمري فاكشف هذه الغمة [فهذه عظيمة لا أجد أعظم منها].
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما تقولين يا جارية فيما يقول لك أبوك؟ فقالت:
أما ما يقول أبي: إني عاتق فقد صدق، وأما ما يقول أني حامل، فوالله ما أعلم من
نفسي خيانة قط يا أمير المؤمنين، أنت وصي رسول الله صلى الله عليه وآله ووارثه، لا يخفى عليك
شئ وتعلم أني ما كذبت فيما قلت، ففرج عني غمي، يا فارج الهم.
فصعد أمير المؤمنين عليه السلام المنبر وقال: الله أكبر، الله أكبر " جاء الحق وزهق
الباطل إن الباطل كان زهوقا " (1) ثم قال عليه السلام: وإلي التسليم، وعلي بداية (2)
الكوفة، فجاءت امرأة يقال لها: " حولاء " (3) وكانت قابلة نساء الكوفة، فقال:
اضربي بينك وبين الناس حجابا، وانظري هذه الجارية أعاتق حامل؟
ففعلت ما أمرها أمير المؤمنين عليه السلام فقالت: نعم يا أمير المؤمنين عاتق حامل.
فقال عليه السلام: يا أهل الكوفة أين الأئمة الذين ادعوا منزلتي؟! أين من يدعي في
نفسه أن له مقام الحق فيكشف هذه الغمة؟! فقال عمرو بن حريث (4) كالمستهزئ:
مالها غيرك يا بن أبي طالب! اليوم تثبت لنا إمامتك!
فقال أمير المؤمنين عليه السلام لأب الجارية: يا أبا الغضب المقطب، ألست أنت من
أعمال دمشق؟ قال: بلى.

1) اقتباس من قوله تعالى في سورة الإسراء: 81.
2) الداية: القابلة.
3) " لبنى " العيون.
4) أورد الدينوري في الاخبار الطوال: 223 أنه لما مات المغيرة وجمع معاوية لزياد الكوفة
إلى البصرة، كان يقيم بالبصرة ستة أشهر، وبالكوفة مثل ذلك، فخرج في بعض خرجاته
إلى البصرة، وخلف على الكوفة عمرو بن حريث العدوي، فصعد عمرو بن حريث ذات
جمعة المنبر ليخطب فقعد له حجر بن عدي (ره) وأصحابه فحصبوه [أي رموه بالحجارة
والحصى] فنزل عن المنبر، فدخل القصر وأغلق بابه.
وللاطلاع على حمقه راجع معرفة اختيار الرجال: 83 ح 139 وص 85 ح 140.
28

قال: من قرية يقال لها أسعار [طريق بانياس (1) الجولة]؟ فقال: نعم.
فقال: هل فيكم من يقدر على قطعة ثلج؟
فقال أبو الغضب: الثلج في بلادنا كثير (2).
فقال عليه السلام: بيننا وبين بلادكم مائتا فرسخ وخمسون فرسخا؟ قال: نعم.
قال عمار: فمد يده وهو على منبر جامع الكوفة وردها، وفيها قطعة من الثلج
[تقطر ماءا] ثم قال لداية الكوفة: ضعي هذا الثلج مما يلي فرج الجارية، سترمي علقة (3)
وزنها سبعة وخمسون مثقالا (4) ودانقان (5).
فأخذتها وخرجت بها من الجامع، وجاءت بطشت ووضعت الثلج على الموضع
منها، فرمت علقة كبيرة، فوزنتها الداية [فوجدتها] كما قال أمير المؤمنين عليه السلام.
وأقبلت الداية مع الجارية فوضعت العلقة بين يديه (6) فقال: وزنتيها؟
قالت: نعم، فوزنها سبعة وخمسون مثقالا ودانقان.
فقال عليه السلام: بلى (وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) (7).
ثم قال: يا أبا الغضب، ابنتك ما زنت، وإنما دخلت الموضع (8) [فدخلت] فيها هذه

1) بانياس: اسم لقرية أو بلدة قرب دمشق، تحت الجبل الذي في غربي دمشق، يرى
عليه الثلج. (مراصد الاطلاع: 1 / 158).
2) أضاف في رواية بن شاذان " ولكن ما تقدر عليه ههنا ".
3) العلق - بفتح العين واللام -: دود أسود وأحمر يكون بالماء يعلق بالبدن ويمص الدم.
(حياة الحيوان: 2 / 70).
4) " درهما " العيون. درهم أهل مكة: ستة دوانيق، ودراهم الاسلام المعدلة كل عشرة:
سبعة مثاقيل.
5) الدانق: سدس الدرهم.
6) " يديها " ط.
7) الأنبياء: 47.
8) المراد بالموضع بركة ماء.
واللفظ في رواية ابن شاذان هكذا: وإنما دخلت الموضع الذي فيه الماء.
29

العلقة وهي صبية بنت عشر سنين، فربت في بطنها إلى وقتنا هذا.
فنهض أبوها وهو يقول: أشهد أنك تعلم ما في الأرحام وما في الضمائر. (1)
11 - ومنها: وحدث بمثل هذا الحديث أبو عبد الله أحمد بن محمد بن أيوب بن
العباس (2) الجوهري البغدادي، قال: حدثنا علي بن عيسى، قال: حدثنا جعفر بن
مالك الفزاري البزاز، قال: حدثنا علي بن عيسى، قال: حدثنا جعفر بن
مالك الفزاري البزاز، قال: حدثنا الحسين بن علي الخزاز، عن الحسن بن أبي سارة
عن الحسن بن مسكان، عن المفضل بن عمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر
ابن عبد الله الأنصاري أنه قال:
كان أمير المؤمنين عليه السلام جالسا ذات يوم على دكة القضاء بالكوفة، وذلك بعد صفين
والحكمين، إذ دخل عليه أربعة أنفس طوال كأنهم أربع نخلات، فسلموا على
أمير المؤمنين عليه السلام فنظر إليهم وقال: ما أنتم من بلادي!
فقالوا: لا يا أمير المؤمنين نحن من عمان اليمن، من جند معاوية.
فقال لهم: ما تصنعون بأرضي وأنتم أعدائي؟
فقالوا: معاذ الله يا أمير المؤمنين، ثم قالوا: إنما أستخلفك رسول الله صلى الله عليه وآله بحفظ

1) رواه في عيون المعجزات: 21 باسناده عن أبي التحف المصري، عن العلا بن طيب
ابن سعيد المغازلي البغدادي، عن نصر بن مسلم بن صفوان الجمال المكي، عن أبي هاشم
المعروف بابن أخي طاهر بن زمعة، عن أصهب بن جنادة، عن بصير بن مدرك (مثله)
عنه مدينة المعاجز: 101 ح 274.
وأورد (مثله) ابن شاذان في الفضائل: 155، وفى الروضة في الفضائل: 149 ح 154
عنهما البحار: 40 / 277 ح 42.
ورواه أبو الفوارس في أربعينه: 35 عن محمد بن الحسن السمرقندي، عن جماعة
من الصادقين يرفعونه بالأسانيد الصحيحة إلى زيد بن أرقم، عن عمار (مثله) وابن حسنويه
في درر بحر المناقب: 127 عن عمار بن ياسر وزيد بن أرقم (مثله)، عنهما إحقاق الحق
: 8 / 712.
2) الظاهر " عياش ": صاحب مقتضب الأثر وأخبار جابر الجعفي.
30

الدين وكشف الغمة، وقد دهانا أمر عظيم.
فقال علي عليه السلام: وما هو؟
فقالوا له: أخت لنا وهي بكر حامل، وقد تحرك الجنين في أحشائها!
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: فأين هي؟ فقالوا: هاهنا في هودج على باب المسجد.
فقال لهم: علي بها. فأدخلوا بها إليه.
فقال عليه السلام: أمشي عشر خطوات. ففعلت، فقال: ارجعي. ففعلت، فأمر
أمير المؤمنين عليه السلام أن يشد لها إزار في جانب المسجد، وأمر بها فأقعدت من ورائه
واستدعى بدينار الخصي - وكان يثق به - وبامرأة قابلة يقال لها " حولة العطارة " وأمرها
أن تجس المرأة وتلمسها، وأشرف دينار عليها، فدخلت فجستها فقالت:
يا أمير المؤمنين، عاتق حامل وقد تحرك الجنين في أحشائها.
فأمرها أمير المؤمنين بالخروج من عندها، وأمر أن تجلس على كرسي عال
وتنحي عنها سراويلها وتترك تحت ثيابها طستا.
وأقبل على الصحابة يحدثهم والمرأة تسمع حديثه، ثم التفت صلوات الله عليه
فزعق زعقة هائلة فاضطربت المرأة وارتعدت فرائصها، وانشقت العذرة، ووقعت
في الطست علقة بكبر السنور (1) ثم قال لدينار الخصي: ادخل وأخرج الطست
وفيه العلقة. وقال لإخوانها: أفي داركم التي تنزلونها بركة ماء؟ قالوا: نعم.
فقال عليه السلام: هذه نزلت فيها أيام الصيف تغتسل، فانسابت هذه العلقة، فما زالت
تمص الدم حتى كبرت على هذه الصفة.
فلما قال ذلك اضطرب أهل الجامع وقالوا فيه أقاويل مختلفة، وعندها أقام
الاخوة العمانيين بالكوفة ولم يرجعوا إلى معاوية وحسن إيمانهم، وزوجوا أختهم
بالكوفة، وكانوا من خواص الحسن والحسين عليهما السلام إلى أن قتلوا بكربلاء.
12 - ومنها: حدثنا أبو التحف علي بن محمد بن إبراهيم المصري، قال:

1) السنور: الهر.
31

[حدثني] الأشعث بن مرة، عن المثنى بن سعيد، عن هلال بن كيسان الكوفي (1)
الجزار، عن الطيب الفواخري (2) عن عبد الله بن سلمة الفتحي (3) عن شقادة بن
الاصيد العطار البغدادي، قال [حدثني] عبد المنعم بن الطيب (4) عن العلا بن
وهب بن قيس، عن الوزير أبي محمد [بن] سايلويه (رضي الله عنه) فإنه كان من
أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام [العارفين (5).
وروى جماعتهم] عن ابن حريز (6) عن أبي الفتح المغازلي، عن أبي جعفر (7)
ميثم التمار قال:
كنت بين يدي مولاي أمير المؤمنين عليه السلام، إذ دخل علينا من الباب رجل مشذب (8)
عليه قباء أدكن (9) قد اعتم بعمامة صفراء، وقد تقلد بسيفين، فنزل من غير سلام

1) " الكرخي " ط.
2) " الطلب الفواجري " العيون.
3) " القبحي " العيون.
4) " الطيب القدوري " العيون.
5) كذا.
6) " أبي جرير " العيون.
7) " أبي سالم " ط. ولم ترد كنيته هكذا الا في هذا الموضع من الرواية، ففي بقية
الرواية وفى العيون والفضائل " أبى جعفر "، ولعله هو الأرجح على ما رواه الشيخ المفيد
في الارشاد - في كيفية قتل ميثم - ان ميثم التمار كان عبدا لامرأة من بنى أسد، فاشتراه
أمير المؤمنين عليه السلام منها، فاعنقه فقال له: ما اسمك؟ فقال: سالم فقال:
أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن اسمك الذي سماك به أبواك في العجم " ميثم ".
قال: صدق الله ورسوله، وصدقت يا أمير المؤمنين، والله انه لاسمي.
قال: فارجع إلى اسمك الذي سماك به رسول الله صلى الله عليه وآله ودع سالما.
فرجع إلى ميثم واكننى ب‍ " أبى سالم ". وأما أولاده فهم: صالح وحمزة وعمران.
وللاطلاع أكثر على شخصيته (رض) راجع رجالي الكشي: 8 ح 135 - 137، السيد
الخوئي: 19 / 94 رقم 12916.
8) مشذب: طويل ليس بكثير اللحم.
9) دكن: مال لونه إلى السراد، فهو أدكن.
32

ولم ينطق بكلام، فتطاول إليه الناس بالأعناق، ونظروا إليه [بالاماق، ووقفت إليه
الناس من جميع] الآفاق ومولانا أمير المؤمنين عليه السلام وإليه التسليم لا يرفع رأسه إليه.
فلما هدأت من الناس الحواس، فصح عن لسان كأنه حسام صقيل جذب من غمده
وقال: أيكم المجتبى في الشجاعة، والمعمم بالبراعة، والمدرع بالقناعة؟
أيكم المولود في الحرم، والعالي في الشيم، والموصوف بالكرم؟
أيكم أصلح الرأس، والثابت الأساس، والبطل الدعاس (1) والمضيق
للأنفاس، والاخذ بالقصاص؟
أيكم غصن أبي طالب الرطيب [وبطله المهيب والسهم المصيب] والقسم
النجيب؟
أيكم الذي نصر به محمد صلى الله عليه وآله في زمانه فاعتز به سلطانه، وعظم به شأنه؟
أيكم قاتل العمرو بن، وآسر العمرو بن - العمروان اللذان قتلهما: عمرو بن عبد ود
وعمرو بن الأشعب المخزومي، والعمروان اللذان أسرهما: عمرو بن معد يكرب
وعمرو بن سعيد الغساني أسره في يوم بدر.
قال أبو جعفر ميثم التمار: فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أنايا سعد (2) بن الفضل بن
الربيع بن مدركة بن الصليب بن الأشعث بن أبي السمعمع بن الا حبل بن فزارة بن
دعبل (3) بن عمرو الدويني (4) فقال: لبيك يا علي.
فقال عليه السلام: سل ما بدالك، فأنا كنز الملهوف، وأنا الموصوف بالمعروف.
أنا الذي قرعتني الصم الصلاب، وهطل بأمري السحاب، وأنا المنعوت بالكتاب.
أنا الطور (5) ذو الأسباب، أنا " ق، والقرآن المجيد " أنا النبأ العظيم، أنا الصراط المستقيم

1) الدعاس: الطعان.
2) " سعيد " العيون.
3) " دهيل " العيون.
4) في رواية ابن شاذان هكذا " يا مالك يا أبا سعد بن الفضل بن الربيع بن مدركة بن
نجيبة بن الصلت بن الحارث بن الأشعث بن السميمع الدوسي ".
5) " الطود " العيون.
33

أنا البارع، أنا العسوس (1) أنا القلمس، أنا العفرس (2) أنا المدعس (3) أنا ذو النبوة
والسطوة، أنا العليم، أنا الحليم، أنا الحفيظ، أنا الرفيع، وبفضلي نطق كل كتاب
وبعلمي شهد ذووا الألباب، أنا علي أخو رسول الله صلى الله عليه وآله وزوج ابنته، وأبو بنيه
فقال الاعرابي: بلغنا عنك أنك تحبي الموتى، وتميت الاحياء، وتفقر وتغني
وتقضي في الأرض [وتمضي ليس لك مطاول يطاولك، ولا مصاول فيصاولك.
أفهو كما بلغنا يا فتى قومه؟] فقال عليه السلام: قل ما بدالك.
فقال: إني رسول إليك من ستين ألف رجل يقال لهم " العقيمة " وقد حملوا معي
ميتا قد مات منذ مدة، وقد اختلفوا في سبب موته، وهو على باب المسجد، فان أحييته
علمنا أنك صادق نجيب الأصل، وتحققنا أنك حجة الله في الأرض، وإن لم تقدر
على ذلك رددته إلى قومه وعلمنا أنك تدعي غير الصواب، وتظهر من نفسك ما
لا تقدر عليه.
فقال: يا أبا جعفر اركب بعيرا وطف في شوارع الكوفة ومحالها وناد:
من أراد أن ينظر إلى ما أعطى الله عليا أخا رسول الله وبعل فاطمة الزهراء من الفضل
و [ما أودعه رسول الله من] العلم فليخرج إلى النجف غدا.
فلما رجع ميثم قال له أمير المؤمنين عليه السلام: خذ الاعرابي إلى ضيافتك [فغداة غد
سيأتيك الله بالفرج. قال أبو جعفر ميثم]:
فأخذت الاعرابي ومعه محمل فيه الميث (4) وأنزلته منزلي، وأخدمته أهلي.
فلما صلى أمير المؤمنين عليه السلام صلاة الفجر خرج وخرجت معه، ولم يبق في
الكوفة بر ولا فاجر [إلا] وقد خرج إلى النجف.
[ثم] قال الإمام عليه السلام: ائت يا أبا جعفر بالاعرابي وصاحبه الميت. فأتى بهما النجف

1) العسوس: الطالب للصيد.
2) العفرس: السابق السريع، الأسد.
3) المدعس: الطعان.
4) " صاحب الميت " ط. تصحيف.
34

ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام: يا أهل الكوفة قولوا فينا ما ترونه منا، وارووا. (1)
عنا ما تسمعونه [منا] ثم قال عليه السلام: أبرك يا أعرابي جملك هذا، وأخرج صاحبك
- أنت وجماعة [من] المسلمين - من التابوت.
فقال ميثم: فاخرج من التابوت عصب ديباج (2) أصفر فاحل فإذا تحته عصب ديباج
أخضر، وأحل فإذا تحته بدنة (3) من اللؤلؤ فيها غلام [ثم إعذاره (4)] بذوائب كذوائب
المرأة الحسناء.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام:
كم لميتك هذا؟ فقال: أحد وأربعون يوما. فقال: وكيف كانت ميتته؟ قال الاعرابي:
إن أهله يريدون أن تحييه ليعلموا من قتله، لأنه بات سالما وأصبح مذبوحا من اذنه إلى اذنه.
فقال عليه السلام: من يطلب دمه؟ فقال: خمسون رجلا من قومه يقصد بعضهم بعضا في
في طلب دمه، فاكشف الشك والريب يا أخا رسول الله صلى الله عليه وآله.
قال عليه السلام: قتله لأنه زوجه يا بنته فخلاها وتزوج غيرها، فقتله حنقا عليه.
فقالوا: لسنا نرضى بقولك، وإنما نريد أن يشهد الغلام (5) بنفسه عند أهله [على]
من قتله ويرتفع من بينهم السيف والفتنة.
فقام عليه السلام، فحمد الله تعالى وأثنى عليه وصلى على النبي وآله، ثم قال:
يا أهل الكوفة، ما بقرة إسرائيل بأجل عند الله تعالى من علي أخي رسول الله، إنها
أحيت (6) ميتا بعد سبعة أيام.
ثم دنا عليه السلام من الميت، وقال: إن بقرة بني إسرائيل ضرب ببعضها الميت فعاش
وإني لاضربه ببعضي لان بعضي عند الله خير من البقرة، ثم هزه برجله اليمنى وقال:

1) " أوردوا " ط.
2) العصب: ضرب من البرود. والديباج: الثوب الذي سداه ولحمته
من الحرير.
3) بدنة: قميص لاكم له درع قصيرة.
4) أعذاره: شده.
5) " الكلام " ط. تصحيف.
6) " أحياه الله " ط. تصحيف.
35

قم بإذن الله يا [مدرك بن] حنظلة بن غسان بن بحير بن فهم (1) بن سلامة بن طيب بن
مدركة بن الأشعث بن الأحوص بن ذاهلة (2) بن عمر بن الفضل بن حباب (3)
قم فقد أحياك علي بإذن الله تعالى.
فنهض غلام أحسن من الشمس أضعافا، وأوضأ (4) من القمر أوصافا، وقال:
لبيك لبيك يا محيي العظام، ويا حجة الله على الأنام، المتفرد بالفضل والانعام
لبيك يا أمير المؤمنين، ويا وصي رسول رب العالمين، يا علي بن أبي طالب.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: من قتلك يا غلام؟
فقال: عمي حريث بن زمعة بن ميكال بن الأصم (5).
ثم قال عليه السلام للغلام: انطلق إلى أهلك. فقال: لا حاجة لي في القوم.
فقال عليه السلام: ولم؟ قال: أخاف أن يقتلني ثانيا [ولا تكون أنت فمن يحيني]؟
فالتفت إلى الاعرابي فقال: امض أنت إلى أهلك.
فقال الاعرابي: أنا معك ومعه إلى أن يأتي (6) اليقين (7). (8)
وكانا مع أمير المؤمنين عليه السلام إلى أن قتلا بصفين رحمهما الله، فصار أهل الكوفة
إلى أماكنهم، واختلفوا في أقوالهم وأقاويلهم فيه عليه السلام.

1) " قهر " العيون.
2) " واهلة " العيون.
3) في رواية ابن شاذان هكذا: " مدرك بن حنظلة بن غسان بن يحيى بن سلامة بن الطبيب ".
4) أوضا: أحسن.
5) في رواية ابن شاذان هكذا " حبيب بن غسان ".
6) " يأتيك " ط.
7) اليقين: الاجل.
8) أورده في عيون المعجزات: 24 بنفس الاسناد مثله، عنه مدينة المعاجز: 38 ح 64
(وعن البرسي).
ورواه ابن شاذان في الفضائل: 1، وفى الروضة في الفضائل: 143 (مثله)، عنهما البحار:
40 / 274 ح 40، والموصلي في درر بحر المناقب: 101 (مثله)، عنه إحقاق الحق: 8 / 726.
36

13 - ومنها: حدثنا عبد المنعم بن الأحوص [يرفعه برجاله] عن عمار بن ياسر قال:
كنت بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام إذا بصوت قد أخذ جامع الكوفة فقال:
يا عمار ائت بذي الفقار [الباقر للأعمار]. فجئته [بذي الفقار] فقال:
اخرج يا عمار وامنع الرجل عن ظلامة المرأة، فان تركها وإلا منعته بذي الفقار.
قال عمار: فخرجت فإذا أنا برجل وامرأة قد تعلفا بزمام جمل، والمرأة تقول:
الجمل لي. والرجل يقول: الجمل لي. فقلت: إن أمير المؤمنين ينهاك عن ظلم [هذه]
المرأة. فقال: يشتغل علي بشغله ويغسل يده من دماء المسلمين الذين قتلهم بالبصرة (1)
أيريد أن يأخذ جملي ويدفعه إلى هذه المرأة الكاذبة؟!
قال عمار: فرجعت لاخبر مولاي، وإذا به قد خرج ولاح الغضب في وجهه
فقال عليه السلام: ويلك خل جمل هذه المرأة! فقال: هو لي.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: كذبت يا لعين. قال: فمن يشهد أنه للمرأة يا علي؟
فقال عليه السلام: الشاهد الذي لا يكذبه أحد من أهل الكوفة.
فقال الرجل: إذا شهد شاهد وكان صادقا سلمته إلى المرأة.
فقال علي عليه السلام: أيها الجمل لمن أنت؟ فقال بلسان فصيح:
يا أمير المؤمنين ويا سيد الوصيين، أنا لهذه المرأة منذ بضع عشرة سنة.
فقال عليه السلام: خذي جملك، وعارض الرجل بضربة فقسمه نصفين. (2)

1) " بالنهر " ط. تصحيف.
2) رواه في عيون المعجزات: 29 باسناده عن أبي التحف المصري، عن شحيح (نجيح)
ابن اليهودي الصباغ الحلبي، عن حبر (جبير) بن شقاوة، عن عبد المنعم بن الأحوص
(مثله)، عنه مدينة المعاجز: 67 ح 161.
وأورده ابن شاذان في الفضائل: 64، عنه البحار: 40 / 267 ح 37.
وأخرجه ابن طاووس في اليقين: 72 ب 93 عن كتاب الأربعين لابن أبي الفوارس
بالاسناد عن إبراهيم بن علي العلوي الحسيني، عن الشيخ شهريار بن تاج الفارسي
عن أبي القاسم أحمد بن طاهر السوري، عن الشيخ أبى المختار، عن أبي النجيب
علي بن محمد، عن الأشعث بن مرة، عن الليثي، عن سعيد، عن هلال بن كيسان، عن
الطيب القواصري، عن عبد الله بن سلمة المنتجى، عن سفارة بن الأصيمد البغدادي، عن
ابن حريز، عن أبي الفتح المغاز لي، عن عمار بن ياسر (مثله)، عنه البحار: 41 / 236 ح 7.
37

14 - ومنها: حدثني سعيد بن مرة، يرفعه إلى عمار بن ياسر أنه قال:
كان أمير المؤمنين عليه السلام جالسا في دار القضاء، فنهض إليه رجل يقال له " صفوان بن
الاكحل " وقال: يا أمير المؤمنين أنا رجل من شيعتك، وعلي ذنوب، وأريد
أن تطهرني منها [في الدنيا] لارتحل إلى الآخرة وما علي ذنب.
فقال عليه السلام: أعظم ذنوبك ما هو؟ قال: أنا ألوط بالصبيان.
[فقال عليه السلام هو ذنب عظيم عظيم] ثم قال (1): أيما أحب إليك ضربة بذي الفقار
أو اقلب عليك جدارا، أو أضرم لك نارا، فان ذلك جزاء من ارتكب ما ارتكبته؟
فقال: يا مولاي أحرقني بالنار.
فقال عليه السلام: يا عمار أجمع له ألف حزمة من قصب فأنا أضرمه، غدا بالنار، وقال
للرجل: امض وأوص.
قال: فمضى الرجل وأوصى بماله [وعليه] وقسم ماله بين أولاده، وأعطى كل
ذي حق حقه، ثم بات على باب الحجرة التي (2) ببيت نوح عليه السلام شرقي جامع [الكوفة]

1) في ط هكذا " فقال عليه السلام: وهي ذنب عظيم عظيم، فقال عليه السلام:
أعظم ذنوبك ما هي؟ قال: أنا ألوط بالصبيان، فقال ". والصحيح ما أثبتناه.
2) " على باب حجرة أمير المؤمنين عليه السلام " العيون. عن كتاب محمد بن المثنى، عن
جعفر بن محمد بن شريح، عن ذريح المحاربي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
حد المسجد - أي مسجد الكوفة... إلى أن قال - وسألته عن بيت على فقال: " إذا دخلت
فهو من عضادته اليمنى إلى ساحة المسجد، وكان بينه وبين بيت نبي الله خوخة " يريد
ببيت نبي الله: بين نوح وهو المقام الملاصق للمنبر الموجود الان... راجع تاريخ
الكوفة: 26 للسيد البراقي.
38

فلما صلى فلما صلى أمير المؤمنين (عليه السلام وأنجانا الله به من الهلكة) قال:
يا عمار، ناد بالكوفة: اخرجوا وانظروا كيف يحرق علي رجلا من شيعته بالنار.
فقال أهل الكوفة: أليس قالوا إن شيعة علي ومحبيه لا تأكلهم النار؟ وهذا
رجل من شيعته تحرقه النار! بطلت إمامته، فسمع ذلك أمير المؤمنين عليه السلام.
[قال عمار:] فخرج الامام وأخرج الرجل، وبنى عليه ألف حزمة [من القصب]
وأعطاه مقدحة وكبريتا وقال له: اقدح واحرق نفسك، فان كنت من شيعة علي وعارفيه
ما تمسك النار، وإن كنت من المخالفين المكذبين فالنار تأكل لحمك وتكسر عظمك.
قال: فقدح النار على نفسه، واحترق القصب وكان على الرجل ثياب بيض
لم تعلقها (1) النار، ولم يقربها الدخان، فاستفتح الامام وقال:
كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا، وخسروا خسرانا مبينا.
ثم قال: أنا قسيم الجنة والنار، وشهد [لي] بذلك حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله في
مواطن كثيرة. وفيه قال عامر بن ثعلبة:
علي حبه جنة (2) * قسيم النار والجنة
وصي المصطفى حقا * إمام الانس والجنة (3). (4)

1) تعلقها: تنشب بها.
2) في الحديث " الامام جنة - بضم الجيم - " أي يتقى به ويستدفع به الشر. (مجمع
البحرين: 6 / 230).
3) وينسب هذا الشعر أيضا للشافعي كما في إحقاق الحق: 15 / 188.
وذكر ابن الفوطي في رواية أوردها في مجمع الآداب في معجم الألقاب: 3 / 594 أن
أحمد بن حنبل كان قد أنشده أيضا.
4) رواه في عيون المعجزات: 29 بنفس الاسناد (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 40 ح 70.
وأورده ابن شاذان في الفضائل: 74 عن عمار (مثله)، عنه البحار: 42 / 43 ح 16.
ولهذه القصة نظير من وجه، فراجع الوسائل ج 18 ص 423 باب سقوط الحد بالتوبة.
39

15 - ومنها: روى خالص بن ثعلبة، عن عمار بن ياسر قال:
كنت مع أمير المؤمنين عليه السلام وقد خرج من الكوفة إذ عبر بالضيعة التي يقال لها
" النخيلة " (1) على فرسخين من الكوفة فخرج منها خمسون رجلا من اليهود وقالوا:
أنت علي بن أبي طالب الامام؟ فقال: أنا ذا.
فقالوا: لنا صخرة مذكورة في كتبنا عليها اسم ستة من الأنبياء، وها نحن نطلب
الصخرة فلا نجدها، فان كنت إماما فأوجدنا الصخرة؟
فقال علي عليه السلام: اتبعوني. قال عمار: فسار القوم خلفه إلى أن استبطن [بهم] البر
وإذا بجبل من رمل عظيم، فقال: أيتها الريح انسفي الرمل عن الصخرة. فما كان إلا
ساعة حتى نسفت الريح الرمل عن الصخرة، وظهرت الصخرة، فقال عليه السلام: هذه
صخرتكم. فقالوا: عليها اسم ستة من الأنبياء على ما سمعناه وقرأناه في كتبنا ولسنا
نرى عليها الأسماء [فقال عليه السلام: الأسماء] التي عليها فهي على وجهها الذي على
الأرض، فاقلبوها، فاعصوصب (2) عليها ألف رجل فما قدروا على قلبها.
فقال علي عليه السلام: تنحوا عنها فمد يده إليها وهو راكب فقلبها، فوجدوا عليها اسم
ستة من الأنبياء أصحاب الشريعة: آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام.
فقال نفر [من] اليهود: نشهد أن إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأنك
أمير المؤمنين وسيد الوصيين وحجة الله في أرضه، من عرفك سعد ونجا، ومن
خالفك ضل وغوى، وإلى الجحيم هوى، جلت مناقبك عن التحديد، وكثرت

1) " النخلة " ط. " البجلة " العيون والفضائل. وكلها تصحيف لما في المتن. والنخيلة -
تصغير نخلة -: موضع بقرب الكوفة على سمت الشام، وهو الموضع الذي خرج إليه
علي عليه السلام لما بلغه ما فعل بالأنبار من قتل عامله عليها، وخطب خطبة مشهورة ذم
فيها أهل الكوفة... (معجم البلدان: 5 / 278).
2) اعصوصب: اجتمع.
40

آثار نعمك عن التعديد. (1)
16 - ومنها: حدثنا أبو التحف، قال: حدثنا محمد بن محمد بن عمرو بن حريث
عن سعيد بن الأروع اللسعاني، قال: [حدثنا] سمرة بن الأصعب، عن مالك بن
ثقيف، عن حمزة العطار الكوفي السبعي، عن سهيل بن وهب، عن الجراح
المذكور (2) عن عبد الغفار بن ودود الجرهمي، قال: حدثنا سعيد بن عبد الكريم
عن حذيفة اليمان قال:
كنا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله إذ حفنا صوت عظيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: انظروا
ما دهاكم ونزل بكم! فخرجنا إلى ظاهر المدينة، فإذا بأربعين راكبا على أربعين
ناقة حمراء بأربعين مركبا من العقيق، وعلى كل واحد بدنة من اللؤلؤ، وعلى رأس
كل واحد قلنسوة مرصعة بالجواهر الثمينة يقدمهم غلام لا نبات بعارضيه (3)

1) رواه في عيون المعجزات: 31 باسناده عن أبي التحف المصري، عن الحسن بن أبي الحسن
السوراني - يرفعه إلى - عمار بن ياسر مثله. عنه وعن البرسي مدينة المعاجز: 84 ح 209.
وأورده ابن شاذان في الفضائل: 73، وفى الروضة: 36 ح 160.
ورواه ابن أبي الفوارس في الأربعين: 41 عن الشيخ زكى الدين أحمد بن محمد
عن القاضي شرف الدين بن أبي بكر النيشابوري، عن الحسن بن أبي الحسن العلوي
عن جبير بن الرضا، عن عبد مسهر، عن سلمة بن الأصهب، عن كيسان بن أبي عاصم
عن مرة بن سعد، عن أبي محمد بن جعديان، عن القائد أبى نصر بن منصور التستري
عن أبي عبد الله المهاطى، عن أبي القاسم القواس، عن سليم النجار، عن حامد بن سعيد
عن خالص بن ثعلبة، عن عبد الله بن خالد بن سعيد العاص (كذا في اليقين، وفى إحقاق الحق
: عن سعيد بن العاص) عنه اليقين: 63 ب 87.
وأخرجه في البحار: 41 / 257 ح 18 عن اليقين والفضائل والروضة، وفى إحقاق الحق:
8 / 734 عن الأربعين.
2) كذا.
3) العارض: الخد، يريد لا شعر فيهما.
41

كأنه فلقة قمر، وهو ينادي:
الحذار، الحذار، البدار (1) البدار إلى محمد المختار [المبعوث في الأقطار].
قال حذيفة: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبرته، فقال:
يا حذيفة، انطلق إلى حجرة كاشف الكرب، وهازم العرب، الليث الهصور (2)
واللسان الشكور [والطرف النائي الغيور] والبطل الجسور، والعالم الصبور الذي
جرى اسمه في التوراة والإنجيل والزبور.
قال حذيفة: فأسرعت إلى حجرة مولاي علي عليه السلام أريد [إخباره] فإذا به قد لقيني
وقال: يا حذيفة! جئتني لتخبرني بقوم أنا بهم عالم منذ خلقوا وولدوا! قال حذيفة:
فأقبل سائرا وأنا خلفه حتى دخل المسجد، والقوم حافون برسول الله صلى الله عليه وآله.
فلما رأوه نهضوا له قياما، فقال صلوات الله عليه: كونوا على أماكنكم.
فلما استقر به المجلس، قام الغلام الأمرد قائما دون أصحابه وقال:
أيكم الراهب إذا انسدل الظلام؟ أيكم المنزه عن عبادة الأوثان والأصنام؟
أيكم الشاكر لما أولاه المنان؟ أيكم الساتر عورات النسوان؟
أيكم الصابر يوم الضرب والطعان؟
أيكم قاتل الاقران، ومهدم البنيان، وسيد الإنس والجان؟
أيكم أخو محمد [المصطفى] المختار، ومبدد المارقين في الأقطار؟
أيكم لسان الصادق، ووصيه الناطق؟
أيكم المنسوب إلى أبي طالب بالولد، والقاعد للظالمين بالرصد؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي أجب الغلام، وقم بحاجته.
فقال عليه السلام: أنا يا غلام، ادن مني فاني [أعطيك سؤالك و] اشفي غليلك بعون الله
تعالى ومشيئته، فانطق بحاجتك لأبلغك أمنيتك، وليعلم المسلمون إني سفينة النجاة
[وعصا موسى] والكلمة الكبرى، والنبأ العظيم [الذي هم فيه مختلفون] والصراط

1) البدار: السرعة.
2) الهصور: الشديد. الأسد لأنه يهصر فريسته أي يكسرها كسرا.
42

المستقيم، الذي من حاد عنه ضل وغوى.
فقال الغلام إن معي أخا وهو مولع بالصيد والقنص، وخرج في بعض أيامه
متصيدا، فعارضته [عشر] بقرات وحش، فرمى إحداها وقتلها فانفلج (1) نصفه في
الوقت، وقل كلامه حتى لا يكلمنا إلا إيماءا، وقد بلغنا أن صاحبكم يدفع عنه
ونحن من بقايا قوم عاد، نسجد للأصنام ونقتسم بالأزلام (2).
فان شفى صاحبكم أخي آمنا على يده، ونحن تسعون ألفا، فينا البأس والنجدة
والقوة والشدة، ولنا الكنوز من الذهب والفضة.
نحن سباق جلاد، سواعدنا شداد وأسيافنا حداد، وقد أخبرتكم بما عندي.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: وأين أخوك يا غلام؟ فقال: سيأتي في هودج له.
فقال عليه السلام: إذا جاء أخوك شفيت علته.
[فالناس على مثل ذلك] إذ أقبلت امرأة عجوز تحت (3) محمل على جمل فأنزلته
بباب المسجد، فقال الغلام: جاء أخي يا علي.
فنهض عليه السلام ودنا من المحمل، وإذا فيه غلام له وجه صبيح، فلما نظر إليه بكى
الغلام، وقال بلسان ضعيف: إليكم الملجأ والمشتكى يا أهل بيت النبوة.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: اخرجوا الليلة إلى البقيع فستجدون من علي عجبا.
قال [حذيفة]: فاجتمع الناس من العصر في البقيع إلى أن هذا الليل، ثم خرج
إليهم أمير المؤمنين عليه السلام وقال لهم: اتبعوني.
فاتبعوه، فإذا بنارين متفرقة قليلة وكثيرة، فدخل في النار القليلة.
قال حذيفة: فسمعنا زمجرة كزمجرة الرعد، فقلبها على النار الكثيرة، ودخل فيها

1) الفالج: داء يحدث في أحد شقى البدن فيبطل احساسه وحركته.
2) الأزلام: جمع زلم - بفتح الزاي - قداح - أي سهام - لا ريش لها ولا نصل، كانوا
يتفاءلون بها - أي في الجاهلية - في أسفارهم وأعمالهم... (مجمع البحرين: 6 / 79).
3) كذا، والصحيح " بجنب " كما في الفضائل.
43

ونحن بالعبد [عنه] وننظر إلى النيران إلى أن أسفر الصبح، ثم طلع منها وقد كنا آيسنا
منه، فجاء وبيده رأس دوره سبعة عشر إصبعا، له عين واحدة في جبهته، فأقبل إلى
المحمل، وقال:
قم بإذن الله يا غلام، ما عليك من بأس. فنهض الغلام ويداه صحيحتان ورجلاه
سالمتان، فانكب على رجل أمير المؤمنين عليه السلام يقبلها (1) وأسلم، وأسلم القوم الدين
كانوا معه، والناس متحيرون فلا يتكلمون.
فالتفت عليه السلام إليهم وقال:
أيها الناس هذا رأس لعمر بن الأخيل بن لاقيس بن إبليس، كان في اثني عشر ألف
فيلق من الجن وهو الذي فعل بالغلام ما فعل، فقاتلتهم وضربتهم بالاسم المكتوب على
عصا موسى عليه السلام التي ضرب بها الحجر فانفلق، فماتوا كلهم، فاعتصموا بالله تعالى
وبنبيه ووصيه، (2)
17 - ومنها: حدثنا القاضي أبو الحسن علي [بن] القاضي الطبراني، عن القاضي
سعيد بن يونس المعروف بالقاضي الأنصاري المقدسي، قال: حدثني المبارك بن
صافي، عن خالص بن أبي سعيد، عن وهب الجمال، عن عبد المنعم بن سلمة، عن
وهب الزايدي، عن القاضي يونس بن ميسرة المالكي، عن الشيخ المعتمر الرقي، قال:
حدثنا صحاف الموصلي، عن الرئيس أبي محمد بن جميلة، عن حمزة البارزي
الجيلاني، عن محمد بن ذخيرة، عن أبي جعفر ميثم التمار قال:
كنت بين يدي مولاي أمير المؤمنين عليه السلام إذ دخل غلام وجلس في وسط المسلمين

1) " وقبلها " ط.
2) رواه في عيون المعجزات: 32 باسناده عن أبي التحف مرفوعا إلى حذيفة.
عنه مدينة المعاجز: 102 ح 275.
وأورده ابن شاذان في الفضائل: 159، والروضة: 152 ح 159 عن ابن عباس، عنهما
البحار 391 / 186 ح 25.
44

فلما فرغ عليه السلام من الاحكام، نهض إليه الغلام.
وقال: يا أبا تراب أنا إليك رسول، فصف لي (1) سمعك، واخل إلي ذهنك
وانظر إلى ما خلفك وإلى ما بين يديك، فقد جئتك برسالة تتزعزع لها الجبال، من
رجل حفظ كتاب الله من أوله إلى آخره، وعلم علم القضايا والاحكام، وهو أبلغ
منك في الكلام، وأحق منك بهذا المقام، فاستعد للجواب، ولا تزخرف المقال.
فلاح الغضب في وجه أمير المؤمنين عليه السلام وقال لعمار: إركب جملك وطف في
قبائل الكوفة، وقل لهم:
أجيبوا عليا، ليعرفوا الحق من الباطل، والحلال من الحرام، والصحة من السقم.
[قال ميثم:] فركب عمار [وخرج] فما كان إلا هنيئة حتى رأيت العرب كما
قال الله تعالى: (إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون) (2) فضاق
جامع الكوفة بهم، وتكاثف الناس كتكاثف الجراد على الزرع الغض في أوانه
فنهض العالم الأورع، والبطين الأنزع صلوات الله عليه، ورقى من المنبر مراق (3)
ثم تنحنح، فسكت الناس، فقال:
رحم الله من سمع فوعى، أيها الناس إن معاوية يزعم أنه أمير المؤمنين، وأن
لا يكون الامام إماما حتى يحيي الموتى، أو ينزل من السماء مطرا، أو يأتي بما يشاء
كل ذلك مما يعجز عنه غيره، وفيكم من يعلم أني الآية الباقية، والكلمة التامة
والحجة البالغة، ولقد أرسل إلي معاوية اهلا من جاهلية العرب، ففسح في كلامه
وعجرف (4) في مقاله، وأنتم تعلمون أني لو شئت لطحنت عظامه طحنا، ونسفت
الأرض من تحته نسفا، وخسفتها عليه خسفا، إلا أن احتمال الجاهل صدقة [عليه].

1) " الان " ط.
2) يس: 53. وفى ط هكذا " ان كانت الا صيحة فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون "
تصحيف.
3) مراق: درجات.
4) العجرفة: التكبر، الجفوة في الكلام.
45

ثم حمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي وآله، وأشار بيده اليمنى إلى الجو
فدمدم، وأقبلت غمامة، وعلت سحابة، وسمعنا منها قائلا (1) يقول:
السلام عليك يا أمير المؤمنين، ويا سيد الوصيين، ويا إمام المتقين ويا غياث
المستغيثين، ويا كنز الطالبين، ومعدن الراغبين.
فأشار إلى السحابة، فدنت.
قال ميثم: فرأيت الناس كلهم قد أخذتهم السكرة، فرفع رجله وركب السحابة
وقال لعمار: اركب معي وقل: (بسم الله مجريها ومرسيها) (2).
فركب عمار، وغابا عن أعيننا، فلما كان بعد ساعة أقبلت السحابة حتى أظلت
جامع الكوفة، فالتفت فإذا مولاي عليه السلام جالس على دكة القضاء، وعمار بين يديه
والناس حافون به، ثم قام وصعد المنبر وأخذ بالخطبة المعروفة ب‍ " الشقشقية " (3).
فلما فرغ منها اضطرب الناس، وقالوا فيه أقاويل مختلفة، فمنهم من زاده الله
إيمانا ويقينا، ومنهم من ازداد (4) كفرا وطغيانا.
قال عمار: قد طارت بنا السحابة في الجو، فما كان إلا هنيئة حتى أشرفنا على
بلد كبير حواليه أشجار وأنهار، فنزلت بنا السحابة، وإذا نحن في مدينة كبيرة، كثيرة
الناس يتكلمون بكلام غير العربية، فاجتمعوا عليه ولاذوا به.
فوعظهم وأنذرهم بمثل كلامهم، ثم قال:
يا عمار اركب. ففعلت ما أمرني به، فأدركنا جامع الكوفة.
ثم قال لي: يا عمار تعرف البلدة التي كنت فيها؟
قلت: الله أعلم ورسوله ووليه.
قال: كنا في الجزيرة السابعة من الصين، أخطب كما رأيتني، إن الله تبارك

1) " فإذا " ط.
2) هود: 41.
3) وتشتمل هذه الخطبة الشريفة على الشكوى من أمر الخلافة، ثم ترجيح صبره عنها، ثم
مبايعة الناس له.
4) استظهرناها، وفى ط " زاده ".
46

وتعالى أرسل رسوله صلى الله عليه وآله إلى كافة الناس، وعليه أن يدعوهم ويهدي المؤمنين منهم
إلى صراط مستقيم، فاشكر ما أوليتك من نعمة، واكتمه (1) عن غير أهله، فان لله تعالى
ألطافا خفية في خلقه لا يعلمها إلا هو ومن ارتضى من رسول. (2)
ثم قالوا له: قد أعطاك الله تعالى هذه القدرة الباهرة وأنت تستنهض الناس
على قتال معاوية؟! فقال: إن الله تعالى تعبدهم بمجاهدة الكفار والمنافقين والناكثين
والقاسطين والمارقين، والله لو شئت لمددت يدي هذه القصيرة في أرضكم هذه
الطويلة، وضربت بها صدر معاوية بالشام، وأخذت بها من شاربه - أو قال: من لحيته -
فمد يده عليه السلام وردها وفيها شعرات كثيرة، وتعجبوا من ذلك.
ثم اتصل الخبر بعد مدة طويلة بأن معاوية سقط من سريره في اليوم الذي كان مد
يده عليه السلام وغشي عليه ثم أفاق وافتقد من شاربه ولحيته شعرات.
وروى أنه عليه السلام قال - لما تعجب الناس -: ولا تعجبوا من أمر الله سبحانه فان
آصف [بن برخيا] كان وصيا، وكان عنده علم من الكتاب - على ما قصه الله تعالى
في كتابه - [فأتى بعرش بلقيس من سبأ إلى بيت المقدس قبل أن يرتد إلى سليمان طرفه
وأنا أكبر قدرة منه] فان عندي علم الكتاب كله (قال الله تعالى: (ومن عنده علم
الكتاب) ما عنى به إلا عليا عليه السلام وصي رسول الله صلى الله عليه وآله (3) والله لو كسرت (4) لي

1) استظهرناها، وفى ط والعيون " واكتم ".
2) رواه في عيون المعجزات: 35 عن أبي التحف المصري، عن القاضي الطبراني مرفوعا إلى
أبى جعفر ميثم التمار مثله، عنه مدينة المعاجز: 90 ح 229.
3) يظهر أنه من كلام الراوي، والآية في سورة الرعد: 43. والروايات الواردة في هذا
المعنى كثيرة، فقد روى الكليني في الكافي: 1 / 229 ح 6 باسناده عن ابن أذينة، عن
بريدة العجلي، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل (ومن عنده علم الكتاب)
قال: إيانا عنى، وعلي عليه السلام أولنا وخيرنا وأفضلنا بعد النبي صلى الله عليه وآله.
راجع تأويل الآيات 1 / 228.
4) " طرحت " العيون.
47

الوسادة وجلست عليها لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل
بإنجيلهم وبين أهل الزبور بزبورهم، وبين أهل الفرقان بفرقانهم. (1)
وهذا الفصل من كلامه عليه السلام معروف مشهور بين المؤالف والمخالف. (2)
18 - ومنها: حدثنا عبد المنعم بن سلمة، عن صالح بن ورقا الكوفي، عن جبير بن
الحبيب البغدادي، قال: حدثنا عبد المنعم بن الملواح الجرهمي قال: حدثنا بكار بن
بشر القمي، قال: حدثنا الوزير محمد بن سعيد بن ثعلبة، يرفعه إلى جابر بن عبد الله
الأنصاري قال:
كان لي ولد وقد اعتل علة صعبة، فسألت رسول الله صلى الله عليه وآله أن يدعو له، فقال:
سل عليا فهو مني وأنا منه. فتداخلني قليل ريب، فجئته وهو يصلي.
فلما فرغ من صلاته، سلمت عليه، فحدثته بما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال لي: نعم. ثم [قام و] دنا من نخلة كانت هناك فقال: أيتها النخلة! من أنا؟
فسمعت منها أنينا كأنين النساء الحوامل [إذا أرادت] أن تضع ما معها (3).
ثم سمعتها تقول: يا [أيها] (4) الأنزع البطين، أنت أمير المؤمنين، ووصي رسول
رب العالمين. أنت الآية الكبرى، وأنت الحجة العظمى. وسكتت.
فالتفت عليه السلام [إلي] وقال: يا جابر قد زال الان الشك من قلبك، وصفى ذهنك
اكتم (5) ما سمعت ورأيت عن غير أهله. (6)

1) أورده في عيون المعجزات: 37، قال: روت الشيعة من طرق شتى: أن قوما اجتمعوا
على أمير المؤمنين عليه السلام وقالوا... وذكر مثله، عنه مدينة المعاجز: 79 ح 197.
2) راجع تفصيل ذلك في كتابنا " جامع الأخبار والآثار عن الأئمة الأطهار عليهم السلام " ج 1 /
فضائل القرآن ص 489 ب 5.
3) " حملها " ظ.
4) أضفناها للزومها.
5) زاد في ط " الان ".
6) رواه في عيون المعجزات: 28 باسناده عن أبي التحف، عن عبد المنعم بن سلمة يرفعه
إلى جابر الأنصاري مثله، عنه مدينة المعاجز: 100 ح 272.
48

19 - ومنها: حدثنا سهل الطبري، عن نزار بن عبد العزيز، عن أبي عبد الله الكاتب
البغدادي، عن ميمون بن عبد الرحمان الدباس، قال: حدثني الشيخ أبو محمد
البصري، يرفعه إلى عمار بن ياسر قال:
كنت بين يدي مولاي أمير المؤمنين عليه السلام إذ دخل عليه رجل وقال:
يا أمير المؤمنين إليك المفزع والمشتكى!
فقال عليه السلام: ما قصتك؟ فقال (1): ابن علي بن دوالب الصيرفي غصبني زوجني
وفرق بيني وبين حليلتي، وأنا من حزبك وشيعتك.
فقال: إئتني بالفاسق الفاجر. فخرجت إليه وهو في سوق يعرف بسوق بني الحاضر
فقلت: أجب مولانا أمير المؤمنين عليه السلام.
فنهض قائما وهو يقول: إذا نزل التقدير بطل التدبير.
فجاء معي حتى أوقفته بين يدي مولاي عليه السلام ورأيت بيده قضيبا من العوسج
فلما وقف الصيرفي بين يديه قال:
يامن يعلم مكنون الأشياء وما في الضمائر والأوهام، ها أنذا واقف بين يديك
وقوف المستسلم الذليل.
فقال: يا لعين ابن اللعين، والزنيم ابن الزنيم، أما تعلم أني أعلم خائنة الأعين
وما تخفي الصدور، وأني حجة الله في أرضه وبين عباده، تفتك بحريم المؤمنين؟!
أتراك أمنت عقوبتي عاجلا وعقوبة لله آجلا؟!
ثم قال عليه السلام: يا عمار، جرده من ثيابه. ففعلت ما أمرني به.
فقام إليه وقال: لا يأخذ قصاص المؤمن غيري.
فقرعه بالقضيب على كبده وقال: إخسأ لعنك الله.
قال عمار: [فرأيته - والله - قد] مسخه الله سلحفاة.
ثم قال عليه السلام: رزقك الله في كل أربعين يوما شربة من الماء، ومأواك القفار

1) " فقلت: مولاي " ط.
49

والبراري، وتلا: (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة
خاسئين) (1). (2)
20 - ومنها: روي عن المفضل بن عمر أنه قال: سمعت الصادق عليه السلام يقول:
إن أمير المؤمنين عليه السلام بلغه عن عمر بن الخطاب شئ، فأرسل سلمان وقال له:
قل له: بلغني عنك كيت وكيت، وكرهت أن أعتب عليك في وجهك، فينبغي أن
لا تذكر في إلا الحق [فقد أغضيت على القذى] (3) إلى أن يبلغ الكتاب أجله.
فنهض إليه سلمان وأبلغه ذلك وعاتبه [ثم أخذ في ذكر مناقب أمير المؤمنين عليه السلام
ووصف فضله وبراهينه].
فقال عمر: يا سلمان عندي كثير من عجائب علي، ولست أنكر فضله.
فقال سلمان: حدثني بشئ مما رأيته، فقال عمر: نعم يا أبا عبد الله، خلوت ذات
يوم بابن أبي طالب في شئ من أمر الخمس، فقطع حديثي وقام من عندي وقال:
مكانك حتى أعود إليك فقد عرضت لي حاجة. فخرج فما كان بأسرع من أن رجع

1) البقرة: 65.
2) رواه في عيون المعجزات: 39 عن أبي التحف يرفعه برجاله إلى عمار بن ياسر وفى
آخره هكذا "... ومأواك القفار والبراري، هذا جزاء من أعار طرفه وقلبه وفرجه، ثم
ولى وتلا (ولقد علمتم الذين... فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين)
البقرة: 65 - 66.
قال عمار: ثم جعل عليه السلام يقول:
يقول قلبي لطرفي * أأنت كنت الدليلا
فقال طرفي لقلبي * لانت كنت الرسولا
فقلت كفا جميعا * تركتماني قتيلا
عنه اثبات الهداة: 5 / 18 ح 327، ومدينة المعاجز: 104 ح 276.
3) أي صبرت وأمسكت عنك عفوا.
50

وعلى ثيابه وعمامته غبار كثير، فقلت له: ما شأنك؟
قال: أقبل نفر من الملائكة وفيهم رسول الله صلى الله عليه وآله يريدون مدينة بالمشرق يقال
لها " جيحون " (1) فخرجت لاسلم عليهم، فهذه الغبرة ركبتني في سرعة المشي.
فضحكت تعجبا حتى استلقيت على قفاي، فقلت: رجل مات وبلي وأنت تزعم
أنك لقيته الساعة، وسلمت عليه؟! هذا من العجائب!
فغضب ونظر إلي وقال: أتكذبني يا بن الخطاب؟!
فقلت: لا تغضب وعد إلى ما كنا فيه، فان هذا الامر مما لا يكون.
قال: فان أريتكه حتى لا تنكر منه شيئا، استغفرت الله مما قلت؟
قلت: نعم. فقال: قم معي. فخرجت معه إلى طرف المدينة، فقال: اغمض عينيك.
فغمضتهما فمسحهما بيده ثلاث مرات، ثم قال: افتحهما.
ففتحتهما، فإذا أنا - والله - يا أبا عبد الله برسول الله في نفر من الملائكة لم أنكر منهم
شيئا، فبقيت - والله - متحيرا أنظر إليه، فلما أطلت قال لي: هل رأيته؟ قلت: نعم.
قال: غمض عينيك، فغمضتهما، ثم قال: افتحهما. ففتحتهما، فإذا لاعين ولا أثر.
قال سلمان: [فقلت له:] هل رأيت من علي عليه السلام غير ذلك؟
قال: نعم، لا أكف عنك، استقبلني يوما وأخذ بيدي ومضى بي إلى " الجبانة " (2)
فكنا نتحدث في الطريق، وكان بيده قوس [فلما خلصنا إلى (3) الجبانة] رمى بقوسه

1) جيحون:... وهو اسم وادى خراسان على وسط مدينة يقال لها " جيهان " فنسبه الناس
إليها، وقالوا " جيحون " على عادتهم في قلب الألفاظ.
وقال ابن الفقيه: يجئ جيحون من موضع يقال له " ريوساران " وهو جبل يتصل بناحية السند
والهند وكابل... (معجم البلدان: 2 / 196).
2) الجبان في الأصل: الصحراء، وأهل الكوفة يسمون المقابر جبانة... وبالكوفة محال تسمى
بها... (معجم البلدان: 2 / 99).
3) خلص إلى المكان: وصل.
51

من يده، فصار ثعبانا عظيما مثل ثعبان عصا موسى عليه السلام ففغر فاه وأقبل نحوي ليبلعني
فلما رأيت ذلك طارت روحي من الخوف وتنحيت، وضحكت في وجه
علي وقلت: الأمان، أذكر ما كان بيني وبينك من الجميل.
فلما سمع هذا القول مني ضرب بيده إلى الثعبان وأخذه، فإذا هو قوسه التي
كانت في يده، ثم قال عمر: يا أبا عبد الله فكتمت ذلك عن كل واحد وأخبرتك به
إنهم أهل بيت يتوارثون هذه الأعجوبة كابرا عن كابر، ولقد كان عبد الله وأبو طالب
يأتون بأمثال ذلك في الجاهلية، وأنا لا أنكر فضل علي وسابقته ونجدته وكثرة علمه
فارجع إليه واعتذر عني إليه، وأنشر (1) عليه بالجميل. (2)
21 - ومنها: في كتاب " الأنوار ": حدث محمد بن أحمد (3) بن عبد ربه، قال:
حدثني سليمان بن علي الدمشقي، عن أبي هاشم الرماني، عن زاذان، عن سلمان قال:
كان النبي صلى الله عليه وآله ذات يوم جالسا بالأبطح وعنده جماعة من أصحابه وهو مقبل
علينا بالحديث إذ نظرنا إلى زوبعة قد ارتفعت، فأثارت الغبار، وما زالت تدنو والغبار
يعلو إلى أن وقعت بحذاء النبي صلى الله عليه وآله ثم برز منها شخص كان فيها، ثم قال:
يا رسول الله، إني وافد قوم، وقد استجرنا بك فأجرنا، وابعث معي من قبلك
من يشرف على قومنا، فان بعضهم قد بغى علينا، ليحكم بيننا وبينهم بحكم الله وبكتابه
وخذ علي العهود والمواثيق المؤكدة أن أرده إليك سالما في غداة غد، إلا أن تحدث
علي حادثة من عند الله.
فقال له النبي صلى الله عليه وآله: من أنت، ومن قومك؟

1) نشر الخبر: أذاعه. وفى رواية ابن شاذان: واثق عنى.
2) أورده في عيون المعجزات: 40 عن المفضل بن عمر مثله، عنه اثبات الهداة: 5 / 18
ح 328، وعنه مدينة المعجزات: 77 ح 192 وعن البرسي وغيرهما.
وأورده ابن شاذان في الفضائل: 62 عن الصادق عليه السلام مرسلا مثله، عنه البحار:
42 / 42 ح 15.
3) " أحمد بن محمد " العيون.
52

قال: أنا " عطرفة (1) بن شمراخ " [أحد بني نجاح (2)] أنا وجماعة من أهلي كنا
نسترق السمع، فلما منعنا من ذلك وبعثك (3) الله نبيا آمنا بك وصدقناك، وقد
خالفنا بعض القوم، وأقاموا على ما كانوا عليه فوقع بيننا وبينهم الخلاف وهم أكثر منا
عددا وقوة، وقد غلبوا على الماء والكلأ، فابعث معي من يحكم بيننا بالحق.
فقال له النبي صلى الله عليه وآله: فاكشف لنا عن وجهك حتى نراك على هيئتك التي أنت عليها.
قال: فكشف لنا عن صورته، فنظرنا فإذا بشخص عليه شعر كثير، وإذا رأسه طويل
طويل العينين (4) عيناه في طول رأسه، صغير الحدقتين، في فيه أسنان كأنها أسنان
السباع، ثم إن النبي صلى الله عليه وآله أخذ عليه العهد والميثاق على أن يرد عليه في غداة غد من
يبعث به معه.
فلما فرغ من ذلك، التفت إلى أبي بكر وقال له: صر مع عطرفة وانظر إلى ما هم
عليه واحكم بينهم بالحق. فقال: يا رسول الله! أين هم؟ قال: هم تحت الأرض.

1) " غطرفة " العيون. " عرفطة " اليقين. وكذا في ما يأتي.
2) " كأخ " الفضائل واليقين.
3) كذا في رواية ابن أبي الفوارس، وفى ط، والعيون والفضائل هكذا: " فلما منعنا من
ذلك آمنا، ولما بعثك ". قال تعالى شأنه: " وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع
الان يجد له شهابا رصدا " الجن: 9. قال في مجمع البيان: 10 / 369 قال البلخي:
ان الشهب كانت لا محالة فيما مضى من الزمان، غير أنه لم يكن يمنع بها الجن عن
صعود السماء، فلما بعث النبي (ص) منع بها الجن من الصعود.
وروى في قرب الإسناد: 133 باسناده عن الحسن بن ظريف، عن معمر، عن الرضا
عن أبيه عليهما السلام - في حديث طويل - قال: ان الجن كانوا يسترقون السمع
قبل مبعث النبي صلى الله عليه وآله، فمنعت في أوان رسالته بالرجوم وانقضاض النجوم.
لمزيد الاطلاع راجع البحار: 63 / 42 - 130 ب 2.
4) " العين " ط.
53

فقال أبو بكر: كيف أطيق النزول في الأرض؟ وكيف أحكم بينهم ولا أعرف
كلامهم؟
ثم التفت إلى عمر بن الخطاب وقال له مثل قوله لأبي بكر، فأجاب مثل جواب
أبي بكر، ثم أقبل على عثمان، وقال له مثل ما قال لهما، فأجاب مثل إجاباتهما.
ثم استدعى عليا (1) عليه السلام وقال له: يا علي صر مع عطرفة، فتشرف على قومه
وتنظر إلى ما هم عليه، وتحكم بينهم بالحق.
فقام أمير المؤمنين عليه السلام مع عطرفة، وقد تقلد سيفه.
قال سلمان: فتبعته (2) إلى أن صار إلى الوادي، فلما توسطاه (3) نظر إلي أمير
المؤمنين عليه السلام وقال: قد شكر الله تعالى سعيك يا أبا عبد الله فارجع.
فوقفت أنظر إليهما، فانشقت الأرض ودخلا فيها وعادت إلى ما كانت، ورجعت
و [قد] تداخلني من الحسرة ما الله أعلم به، كل ذلك إشفاقا على أمير المؤمنين عليه السلام.
فأصبح النبي صلى الله عليه وآله [وصلى بالناس الغداة، وجاء وجلس على الصفا (4) وحف به
أصحابه، وتأخر أمير المؤمنين عليه السلام وارتفع النهار، وأكثر الناس الكلام إلى أن
زالت الشمس] وقال المنافقون: قد أراحنا الله من أبي تراب، وذهب عنا افتخاره بابن
عمه علينا، وأكثروا الكلام إلى أن صلى النبي صلى الله عليه وآله الصلاة الأولى، وعاد إلى مكانه
وجلس على الصفا، وما زال أصحابه بالحديث إلى أن وجبت صلاة العصر وأكثروا
في الكلام، وأظهروا اليأس من أمير المؤمنين عليه السلام فصلى النبي صلاة العصر
وجلس على الصفا، وأظهر الفكر في أمير المؤمنين عليه السلام وظهرت شماتة المنافقين
بأمير المؤمنين عليه السلام، وكادت الشمس تغرب فتيقن القوم أنه قد هلك، فإذا [قد] انشق

1) " بعلى " ط، والعيون.
2) " فتبعه " ط.
3) الظاهر " توسطناه ".
4) الصفا: مكان مرتفع من جبل أبى قبيس، بينه وبين المسجد الحرام عرض الوادي الذي
هو طريق وسوق، وإذا وقف الواقف عليه كان قبال الحجر الأسود، ومنه يبتدئ السعي
بينه وبين المروة. (مراصد الاطلاع: 2 / 843).
54

الصفا، وطلع أمير المؤمنين عليه السلام منه وسيفه يقطر دما ومعه عطرفة.
فقام النبي صلى الله عليه وآله وقبل بين عينيه وجبينه، وقال له:
ما الذي حبسك عني إلى هذا الوقت؟
فقال عليه السلام: [صرت إلى جن كثيرة - قد بغوا على عطرفة وقومه - من المنافقين] فدعوتهم
إلى ثلاث خصال فأبوا علي، وذلك أني دعوتهم إلى الايمان بالله تعالى، والاقرار
بنبوتك ورسالتك، فأبوا ذلك كله، ودعوتهم إلى أداء الجزية فأبوا، وسألتهم
أن يصالحوا عطرفة وقومه فيكون بعض المرعى لعطرفة وقومه، وكذلك الماء فأبوا
ذلك كله، فوضعت سيفي فيهم وقتلت منهم ثمانين ألفا.
فلما نظروا إلى ماحل بهم، طلبوا الأمان والصلح، ثم آمنوا وصاروا إخوانا
وزال الخلاف، وما زلت معهم إلى الساعة.
فقال عطرفة: يا رسول الله جزاك الله وأمير المؤمنين عنا خيرا. (1)
22 - ومنها: حدث محمد بن هشام (2) القطان، قال: حدثني الحسن بن الحكيم

1) أخرجه في عيون المعجزات: 43 عن كتاب الأنوار مثله.
عنه البحار: 18 / 86 ح 4 و ج 63 / 90 ح 54، ومدينة المعاجز: 21 ح 29.
وأورده ابن شاذان في الفضائل: 60 عن زاذان، عن سلمان.
وفى الروضة: 151 عن أبي سعيد مثله.
ورواه ابن أبي الفوارس في أربعينه ح 26 باسناده عن علي بن الحسين الطوسي، عن
تاج الدين مسعود بن محمد الغزنوي، عن الحسن بن محمد، عن أحمد بن عبد الله الحافظ
عن الطبراني، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن إسماعيل بن موسى الفزاري، عن
تليد بن سليمان، عن أبي الحجاف، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري مثله.
عنه اليقين في امرة أمير المؤمنين عليه السلام: 68 ب 90.
وأخرجه في حلية الأبرار: 1 / 270 عن الأنوار، وفى البحار: 39 / 168 ح 9 عن
الفضائل والروضة واليقين.
2) " همام " العيون.
55

عن عباد بن صهيب، قال: حدثنا الأعمش، قال:
نظرت ذات يوم وأنا في المسجد الحرام إلى رجل كان يصلي فأطال، وجلس
يدعو بدعاء حسن إلى أن قال:
يا رب إن ذبني عظيم وأنت أعظم منه، فلا يغفر الذنب العظيم إلا أنت يا عظيم.
ثم انكب على الأرض يستغفر ويبكي ويشهق في بكائه، وأنا أسمع وأريد أن يرفع
رأسه عن سجوده، فأقائله وأسأله عن ذنبه العظيم.
فلما رفع رأسه أدار إلي وجهه ونظرت في وجهه فإذا وجهه كوجه كلب [ووبره]
وبر (1) كلب، وبدنه بدن إنسان. فقلت له: يا عبد الله ما ذنبك الذي استوجبت أن يغير
[الله به] خلقك؟ فقال: إن ذنبي عظيم، وما أحب أن يسمع به أحد، فما زلت به إلى أن قال:
كنت رجلا ناصبيا أبغض أمير المؤمنين عليه السلام واظهر عداوته (2) ولا أكتمها
فاجتاز بي ذات يوم رجل وأنا أنكر أمير المؤمنين بغير واجب (3)
فقال: مالك! [إن كنت كاذبا] فلا أخرجك الله من الدنيا حتى يشوه خلقك
فيكون شهرة في الدنيا قبل الآخرة.
فبت معافا، فأصبحت فإذا وجهي وجه كلب، فندمت على ما كان مني، فتبت إلى
الله مما كنت عليه، وأسأل الله الإقالة والمغفرة.
قال الأعمش: فبقيت متحيرا متفكرا فيه وفي كلامه، وكنت أحدث الناس بما
رأيته، وكان المصدق أقل من المكذب. (4)
23 - ومنها: حدثني الشيخ أبو محمد الحسن بن محمد بن نصر، قال: [حدثنا]

1) الوبر للإبل والأرانب ونحوها كالصوف للغنم.
2) " ذلك " العيون.
3) ظاهرا يريد أنه كان يعيب ويكفر أمير المؤمنين عليه السلام بغير علة. وفى العيون
هكذا: وأنا أذكر أمير المؤمنين بغير الواجب. أي بغير ما يجب أن يذكر به (ع).
4) رواه في عيون المعجزات: 46 بنفس الاسناد، عنه البحار: 41 / 222 ح 34.
56

الأسعد منصور بن الحسن بن علي بن المرزبان، قال: [حدثنا] الأستاذ أبو القاسم
الحسن بن الحسن الأبنوراني، قال: [حدثنا] علي بن موسى الصائغ، قال: [حدثنا]
الطيب القواصري، عن سعد بن أبي القاسم الحسين بن مأمون، قال: [حدثنا] أبو
نصر محمد بن محمد القاشاني، قال: [حدثنا] أبو يعقوب بن إسحاق بن محمد بن أبان
ابن لاحق النخعي أنه سمع مولانا الحسن الأخير عليه السلام يقول: سمعت أبي يحدث
عن جده علي بن موسى عليه السلام [أنه قال: اعتل صعصعة بن صوحان العبدي (1)
فعاده مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في جماعة من أصحابه، فلما (2) استقر بهم المجلس
فرح صعصعة، فقال أمير المؤمنين عليه السلام:] لا تفتخرن على إخوانك بعيادتي إياك.
ثم نظر إلى فهر (3) في وسط داره، فقال لاحد أصحابه: ناولنيه.
فأخذه منه وأداره في كفه، فإذا به سفر جلة رطبة فدفعها إلى أحد أصحابه وقال:
قطعها قطعا وادفع إلى كل واحد منا قطعة، وادفع إلى صعصعة قطعة، وإلي قطعة.
ففعل ذلك، فأدار مولانا عليه السلام القطعة من السفر جلة في كفه، فإذا بها تفاحة فدفعها
إلى ذلك الرجل وقال له:
اقطعها وادفع إلى كل واحد قطعة، وإلى صعصعة [قطعة] وإلي قطعة.
ففعل ذلك، فأدار مولانا علي عليه السلام قطعة التفاحة في كفه فإذا هي (4) حجر فهر.
فرمى به إلى وسط الدار، فأكل صعصعة قطعتين واستوى جالسا وقال:
شفيتني وزدت في إيماني وإيمان أصحابك، صلوات الله عليك يا أمير المؤمنين. (5)

1) ترجم له السيد الخوئي في رجاله: 9 / 108 رقم 5914.
وأورد رواية عيادة أمير المؤمنين عليه السلام له نقلا عن رجال الكشي: 67 ح 121.
2) " فقال " ط.
3) الفهر: حجر رقيق تسحق به الأدوية.
4) " به " ط.
5) رواه في عيون المعجزات: 47 باسناده عن الحسن بن محمد بن محمد بن نصر يرفعه إلى
محمد بن أبان النخعي (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 71 ح 179.
57

24 - ومنها: روي عن إسحاق السبيعي قال: دخلت مسجد الكوفة فإذا أنا بشيخ
لا أعرفه ودموعه تسيل على خديه، فقلت له: يا شيخ ما يبكيك؟
فقال: إني كنت رجلا يهوديا: وكانت لي ضيعة في ناحية " سورا " (1) فدخلت
الكوفة بطعام على حمير أريد بيعه، فبينا أنا أسوق الحمير إذ افتقدتها من بين يدي، وكأن
الأرض ابتلعتها، فأتيت منزل الحارث الهمداني، وكان لي صديقا، وشكوت إليه ما
أصابني، فأخذ بيدي ومضى بي إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأخبرته الخبر، فقال للحارث:
انصرف إلى منزلك فاني ضامن الحمير والطعام.
وأخذ أمير المؤمنين عليه السلام بيدي فمضى بي حتى انتهى إلى الموضع الذي فقدت
الحمير [فيه] فوجه وجهه إلى القبلة ورفع يده إلى السماء، ثم سجد وسمعته يقول:
والله ما على هذا عاهدتموني، وبايعتموني يا معشر الجن، وأيم الله لئن لم تردوا
على اليهودي حميره وطعامه لأنقضن عهدكم ولأجاهدنكم في الله حق جهاده.
فوالله ما فرغ من كلامه حتى رأيت الحمير والطعام عليها تتجول حولي، فتقدم
إلي يسوقها فسقتها وهو معي حتى انتهى إلى الرحبة، فقال:
يا يهودي عليك بقية من الليل فضع عن حميرك (2) حتى تصبح، فوضعت عنها.
ثم قال لي: ليس عليك بأس، ودخل المسجد، فلما فرغ من صلاته وطلعت
الشمس، خرج إلي وعاونني على حمل الطعام، فبعته واستوفيت ثمنه، وقضيت
حوائجي، فقلت له - عند فراغي من أمري -:
أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، و [أشهد] أنك عالم هذه
الأمة وخليفة الله على الجن والإنس، فجزاك الله عن الاسلام وأهل الذمة خيرا.

1) سورا: موضع من أرض باب، وقيل مدينة تحت الحلة وكورة قريبة من الفرات. وسوراء
- بالمد والهمز - موضع قيل: إلى جنب بغداد، وقيل: بغداد نفسها. (مراصد الاطلاع: 753).
2) أي ألق ما عليها من حمل وطعام.
58

ثم انطلقت إلى ضيعتي، وأقمت بها، ثم اشتقت إلى لقائه الان، فسألت عنه؟
فقالوا: قبض، فجلست حيث تراني أبكي عليه صلوات الله عليه صلاة داعية
إلى يوم الدين. (1)
25 - ومنها: روي عن أبي ذر الغفاري أنه قال:
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في بعض غزواته في زمان الشتاء، فلما أمسينا هبت ريح
باردة، وعلتنا غمامة هطلت غيثا، فلما انتصف الليل جاء عمر بن الخطاب ووقف بين
يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: إن الناس قد أخذهم البرد، وقد ابتلت المقادح والزناد
[فلم توقد] وقد أشرفوا على الهلكة لشدة البرد.
فالتفت النبي صلى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين وقال: قم يا علي واجعل لهم نارا.
فقام عليه السلام وعمد إلى شجر أخضر، فقطع غصنا من أغصانه وجعل لهم منه نارا (2)
وأوقد منها في كل مكان، واصطلوا بها، وشكروا الله تعالى وأثنوا على رسول الله
صلى الله عليه وآله وعلى أمير المؤمنين عليه السلام. (3)

1) روى الخصيبي في الهداية الكبرى: 126 عن أبي الحسن محمد بن يحيى الفارسي
عن جعفر بن حباب، عن محمد بن علي الآدمي، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن
عطية، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي إسحاق القرشي (نحوه).
وأورد المسعودي في اثبات الوصية: 148 عن أبي إسحاق السبيعي مرسلا (مثله) والديلمي
في ارشاد القلوب: 274 بالاسناد إلى أبى حمزة الثمالي، عن السبيعي (نحوه)، عنه
البحار: 39 / 189 ح 26.
وأخرج ابن شهرآشوب في المناقب: 2 / 306 نقلا عن المعجزات والروضة ودلائل
ابن عقدة عن أبي إسحاق السبيعي والحارث الأعور (نحوه)، عنه البحار المذكور ص
182 ضمن ح 23، ومدينة المعاجز: 49 ح 94.
2) قال تعالى في سوره يس: 80: (الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم
منه توقدون).
3) أورده في عيون المعجزات: 47 عن أبي ذر (مثله) عنه مدينة المعاجز: 84 ح 210.
59

26 - ومنها: [ما] روي عن الأصبغ بن نباتة، قال:
دخلت في بعض الأيام على أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة، وإذا بجم غفير
ومعهم عبد أسود، فقالوا: يا أمير المؤمنين هذا العبد سارق.
فقال له الإمام عليه السلام: أسارق أنت يا غلام؟ فقال له: نعم.
فقال له مرة ثانية: أسارق أنت يا غلام؟ فقال له: نعم يا مولاي.
فقال له الإمام عليه السلام: إن قلتها ثالثة قطعت يمينك.
فقال له: أسارق أنت يا غلام؟ قال: نعم يا مولاي.
فأمر الإمام عليه السلام بقطع يمينه، فقطعت، فأخذها بشماله هي تقطر دما، فلقيه ابن الكوا (1)
- وكان يشنأ (2) أمير المؤمنين عليه السلام - فقال له: من قطع يمينك؟
قال: قطع يميني الأنزع البطين، وباب اليقين، وحبل الله المتين، والشافع يوم
الدين، المصلي إحدى وخمسين.
وقال: قطع يميني إمام التقى، ابن عم المصطفى، شقيق النبي المجتبى، ليث
الثرى، غيث الورى، وحتف العدى، ومفتاح الندى، ومصباح الدجى.
قطع يميني إمام الحق، وسيد الخلق، فاروق الدين، وسيد العابدين، وإمام
المتقين، وخير المهتدين، وأهل السابقين، وحجة الله على الخلق أجمعين.
قطع يميني إمام بدري حجازي، مكي مدني، بطحي أبطحي، هاشمي قرشي
أريحي مولوي، طالبي لوذعي، الولي الوصي.
قطع يميني داحي باب خيبر، وقاتل مرحب ومن كفر، وأفضل من حج واعتمر
وهلل وكبر، فصام وأفطر، وحلق ونحر.

1) ذكر ابن عبد ربه في العقد الفريد: 5 / 93: ان عليا عليه السلام لما اختلف عليه أهل
النهروان والقرى وأصحاب البرانس ونزلوا قرية يقال لها: " حروراء " وذلك بعد وقعة
الجمل، رجع إليهم علي بن أبي طالب عليه السلام فقال لهم: يا هؤلاء! من زعيمكم؟
قالوا: ابن الكوا....
2) يشنأ: يبغض مع عداوة وسوء خلق.
60

قطع يميني شجاع جرئ، جواد سخي، بهلول شريف الأصل، ابن عم الرسول
وزوج البتول، وسيف الله المسلول، المردودة له الشمس عند الأفول.
قطع يميني، صاحب القبلتين، الضارب بالسيفين، الطاعن بالرمحين، وارث
المشعرين، لم يشرك بالله طرفة عين، ذو كفين، وأفصح كل ذي شفتين، أبو السيدين
الحسن والحسين.
قطع يميني عين المشارق والمغارب، تاج لؤي بن غالب، أسد الله الغالب علي
ابن أبي طالب، عليه من الصلاة أفضلها، ومن التحيات أكملها.
فلما فرغ الغلام من الثناء مضى لسبيله، ودخل عبد الله بن الكوا على الإمام عليه السلام
فقال له: السلام عليك يا أمير المؤمنين.
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: السلام على من اتبع الهدى، وخشي عواقب الردى
فقال له: يا أبا الحسنين إنك قطعت يمين غلام أسود وسمعته يثني عليك بكل جميل.
فقال: وما سمعته يقول؟
قال: يقول كذا وكذا، وأعاد عليه جميع ما قال الغلام.
فقال الإمام عليه السلام لولديه الحسن والحسين عليهما السلام: أمضيا وائتياني بالعبد.
فمضيا في طلبه فوجداه في كندة، فقالا له: أجب أمير المؤمنين يا غلام.
قال: فلما مثل بين يدي أمير المؤمنين، قال له الامام:
قطعت يمينك وأنت تثني علي بما قد بلغني!
فقال: يا أمير المؤمنين ما قطعتها إلا بحق واجب أوجبه الله ورسوله.
فقال [الإمام عليه السلام]: أعطني الكف فأخذ الامام الكف وغطاه بالرداء، وكبر
وصلى ركعتين وتكلم بكلمات، وسمعته يقول في آخر دعائه: " آمين رب العالمين "
وركبه على الزند، وقال لأصحابه: اكشفوا الرداء عن الكف.
فكشفوا الرداء، وإذا الكف على الزند، بإذن الله.
61

ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام: ألم أقل لك يا بن الكوا؟ إن لنا محبين لو قطعناهم
إربا إربا ما ازدادوا لنا إلا حبا، ولنا مبغضين لو ألعقنا (1) لهم العسل ما ازدادوا لنا
إلا بغضا، وهكذا من يحبنا ينال شفاعتنا يوم القيامة. (2)
27 - ومنها: قد ذكر أن أعثم الكوفي - وهو رجل معاند - قال:
لما كان يوم صفين برز رجل من أهل الشام فقال [له] أمير المؤمنين عليه السلام:
ارجع فلابد خلفك ابن آكلة الأكباد نار جهنم.
قال الشامي: الساعة يبين (3) أي منا يدخل نار جهنم.
قطعنه أمير المؤمنين عليه السلام برمحه ودفعه على الهواء، فصاح اللعين، وقال:
يا أمير المؤمنين! لقد رأيت نار جهنم وأصبحت من النادمين.
فقال عليه السلام: " ألان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين " (4).
28 - ومنها: روى (5) ابن جرير الطبري باسناد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله قال:
لما فعل أولاد يعقوب عليه السلام ما فعلوه، وعادوا إليه فسألهم عنه؟
فقالوا: أكله الذئب.
فلم يصدقهم، وخرجوا من عنده إلى الصحراء، فأصابوا ذئبا وقبضوا عليه
وأحضروه بين يدي يعقوب عليه السلام فنطق الذئب بالسلام عليه.
فقال له يعقوب عليه السلام: أكلت ابني؟ فقال: يا نبي الله! والله ما أكلت لحم إنسي قط

1) لعق العسل ونحوه: لحسه وتناوله بلسانه أو إصبعه.
2) أورد هذا الحديث جماعة من الأفاضل وفى كتب الفريقين بألفاظ مختلفة، ذكرنا
أكثرها عند تحقيق كتاب الخرائج والجرائح: 2 / 561 ح 19، فراجع.
3) يبين: يتضح ويظهر.
4) اقتباس قوله تعالى في سورة يونس: 91. عند غرق فرعون وايمانه وقتئذ.
5) " قال " ظاهرا. وقد صرح المصنف باسمه ولقبه وكيته في بداية الباب الثالث أيضا إلى
أواخر الكتاب في صدر أكثر الاخبار، كما سترى - جريا على عادة القدماء.
62

وإنك لتعلم أن لحوم الأنبياء ولحوم أولادهم تحرم على الوحش، ولست من
بلادك هذه، وإنما قدمتها الساعة.
فقال له: ومن أين أنت؟ وما أقدمك هذه البلاد؟
فقال: أنا من أرض مصر، اجتزت بهذه البلاد قاصدا لزيارة أخ لي بخراسان.
فقال يعقوب عليه السلام: وما قصدك بهذه الزيارة؟
فقال الذئب: كنت مع أبيك نوح عليه السلام في السفينة، فأخبرني عن جبرئيل عليه السلام عن
الله (سبحانه وتعالى) أنه " من زار أخا له في الله تعالى لا لرياء (1) أو سمعة ولا طلب
محمدة كتب له بكل خطوة عشر حسنات، ومحي عنه عشر سيئات، ورفع له عشر
درجات " (2).
فقال يعقوب عليه السلام: وما تصنع أيها الذئب بهذه الزيارة، وأنتم معشر الوحوش
لا تثابون على طاعة ولا تعاقبون على معصية!؟.
فقال الذئب: أجعل ثواب ذلك لعلي بن أبي طالب عليه السلام وصي سيد المرسلين
ولشيعته.
فقال يعقوب عليه السلام لبنيه: اكتبوا الخبر عن الذئب.
فقال الذئب: إنا معشر البهائم لا نكلم إلا نبيا أو وصيا!
فأملى عليهم ليكتبوا [ثم] (3) قال يعقوب عليه السلام: زودوا ذئبنا.
فقال الذئب: والله ما ازددت زادا قط، ولا حاجة بي إلى زودتك.
فقال يعقوب عليه السلام: ولم ذاك؟ فقال الذئب:

1) " للرياء " ط. تصحيف.
2) راجع في ذلك الكافي: 2 / 170 (باب زيارة الاخوان)، والبحار: 74 / 342 باب 21.
3) أضفناها للزومها.
63

لأنني قد صحبت خالق الأجساد و - الأرزاق وهو لا يترك جسدا بغير رزق. (1)
29 - ومنها: منقول هذا الخبر من المجلد الثاني عشر من تاريخ محمد النجار
شيخ المحدثين بالمدرسة المستنصرية، باسناد مرفوع إلى أنس بن مالك، عن النبي
صلى الله عليه وآله أنه قال: لما أراد الله أن يهلك قوم نوح عليه السلام أوحى (2) إليه أن شق ألواح الساج (3)
فلما شقها لم يدر ما يصنع بها، فهبط جبرئيل فأراه هيئة السفينة، ومعه تابوت
بها (4) مائة ألف مسمار وتسعة وعشرون ألف مسمار، فسمر بالمسامير كلها السفينة
إلى أن بقيت خمسة مسامير.
فضرب بيده إلى مسمار فأشرق بيده وأضاء كما يضئ الكوكب الدري في
أفق السماء، فتحير نوح عليه السلام فأنطق الله ذلك المسمار بلسان طلق ذلق. (5)
فقال: أنا على اسم خير الأنبياء " محمد بن عبد الله ".
فهبط جبرئيل عليه السلام فقال له: ما هذا المسمار الذي ما رأيت مثله؟
فقال: هذا باسم سيد الأنبياء " محمد بن عبد الله " صلى الله عليه وآله أسمره (6) على أولها على
جانب السفينة الأيمن.
ثم ضرب بيده إلى مسمار ثان، فأشرق وأنار، فقال نوح عليه السلام: وما هذا المسمار؟

1) أخرج نحوه في المخلاة: 533 عن الثعلبي وتلميذه من المفسرين.
أقول: روى الشريف أبو يعلى محمد بن شريف أبو القاسم حسن الأقساسي باسناده
من طريق الجمهور في كتابه في تفسير قصيدة اللامي حديث كلام الذئب مع أمير
المؤمنين عليه السلام ما لفظ آخره: قال - أي الإمام عليه السلام -: وكيف تكون شريفا
وأنت ذئب؟ قال: شريف لأني من شيعتك، وأخبرني أبي أنى من ولد ذلك الذئب
الذي اصطاده أولاد يعقوب، فقالوا: هذا أكل أخانا بالأمس، وانه متهم.
2) " أوحى الله " ط.
3) الساج: شجر عظيم صلب الخشب.
4) " معها " ط. تصحيف.
5) أي فصيح بليغ ذو حدة.
6) أي شده. ومنه: سمر اللوح أي شده بالمسمار.
64

فقال: هذا مسمار أخيه وابن عمه سيد الأوصياء علي بن أبي طالب عليه السلام
فأسمره على جانب السفينة الأيسر في أولها.
ثم ضرب بيده إلى مسمار ثالث، فزهر وأشرق وأنار:
فقال [جبرئيل]: هذا مسمار فاطمة عليها السلام فأسمره إلى جانب مسمار أبيها.
ثم ضرب بيده إلى مسمار رابع، فزهر وأنار.
فقال: هذا مسمار الحسن عليه السلام فأسمره إلى جانب مسمار أبيه.
ثم ضرب: بيده إلى مسمار خامس، فزهر وأنار وأظهر النداوة، فقال جبرئيل
عليه السلام: هذا مسمار الحسين عليه السلام فأسمره إلى الجانب الأيسر من مسمار أبيه.
فقال نوح عليه السلام: يا جبرئيل ما هذه النداوة؟ فقال: هذا الدم.
فذكر قصة الحسين عليه السلام وما تعمل الأمة به، لعن الله قاتله [وظالمه وخاذله]. (1)
معرفة ما روى من الاخبار عن سيد المرسلين صلى الله عليه وآله
في فضائل أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب
عليه من الصلاة أفضلها، ومن التحيات أكملها لما أسري به إلى السماء
30 - منها: حدثنا أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، قال:
أخبرني أبو علي أحمد بن محمد بن يحيى العطار، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله
الأشعري قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن
تغلب وغيره، عن الصادق جعفر بن محمد بن علي عليهم السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما أسري بي إلى السماء سمعت صوتا وهو يقول:
وا شوقاه إلى علي بن أبي طالب عليه السلام. فقلت لجبرئيل: يا جبرئيل ما هذا؟
قال: هذه سدرة المنتهى تشتاق إلى ابن عمك علي بن أبي طالب.

1) أخرجه في البحار: 11 / 228 ح 49 و ج 44 / 230 ح 12 عن الخرائج والجرائح.
أقول: ولعله اشتباه إذ لم نجد الحديث في كل النسخ التي حصلنا عليها عند تحقيقنا للكتاب.
65

فلما دنوت منها إذا أنا بملائكة عليهم تيجان من ذهب، وأكاليل من جوهر
وهم يقولون: محمد خير الأنبياء، وعلي خير الأوصياء.
فقلت: يا جبرئيل، من هؤلاء؟
قال: هؤلاء الشفاعون لمن تولى علي بن أبي طالب عليه السلام. (1)
31 - ومنها: حدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، قال:
حدثني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، عن أبي أحمد بن عبد الله بن عامر، قال:
حدثني علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد
عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين بن علي، عن أبيه الحسين بن
علي، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي، لما عرج بي إلى السماء، سلم علي ملك الموت
ثم قال لي: يا محمد، ما فعل ابن عمك علي؟ قلت: وكيف سألتني عنه يا عزرائيل؟
قال: إن الله تعالى أمرني أن أقبض أرواح الخلائق كلهم إلا أنت وابن عمك
فالله تعالى يقبض أرواحكما بيده. (2)
32 - ومنها: أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، قال:
أخبرني أبي، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام يوم الأربعاء لليلة (3) بقيت من
المحرم سنة (326) قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري، عن
القاسم بن الربيع الصحاف، عن محمد بن سيار (4) قال: حدثني أبو مالك

1) روى نحوه في قرب الإسناد: 48 باسناده عن ابن طريف، عن ابن علوان، عن جعفر
عن أبيه، عن جده عليهم السلام، عنه البحار: 37 / 37 ح 6.
2) رواه ابن شاذان في مائة منقبة: 32 ضمن المنقبة 13.
وذكرنا تخريجاته عند تحقيقنا للكتاب المذكور، فراجع.
3) " ليلة " ط. وتحتمل التصحيف أو سقوط عدد قبلها.
4) " سمان " ط. تصحيف.
66

الأزدي (1) عن إسماعيل الجعفي، قال:
كنت في المسجد الحرام قاعدا وأبو جعفر محمد بن علي عليهما السلام في ناحية، فرفع
رأسه إلى السماء مرة، وإلى الكعبة مرة، ثم قال (2):
(سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي
باركنا حوله) (3) فكرر ذلك [ثلاث مرات] ثم التفت إلي وقال:
أي شئ يقول أهل العراق في هذه الآية يا عراقي؟
قلت: يقولون أسري به من المسجد الحرام إلى بيت المقدس.
قال: ليس كما يقولون، لكنه أسري به من هذه - يعني الأرض - إلى هذه
- وأومى بيده إلى السماء وما بينهما (4) - ثم قال: إن الله تبارك وتعالى لما أراد زيارة
نبيه صلى الله عليه وآله بعث إليه ثلاثة من عظماء الملائكة: جبرئيل وميكائيل وإسرافيل رفعته (59
معهم حمولة (6) من حمولته تعالى، يقال لها " البراق ". (7)

1) " الأسدي " ط. قال في معجم رجال الحديث: 22 / 30 رقم 14734: أبو مالك
الأزدي روى عن إسماعيل الجعفي، وروى عنه محمد بن سيار... ثم قال: ويحتمل
اتحاده مع أبي مالك الأسدي.
2) " ويقول " ط.
3) الاسراء: 1.
4) أراد عليه السلام أن اسراءه صلى الله عليه وآله لم يكن إلى المسجد الأقصى فحسب، بل
والى السماء أيضا.
5) " رفعت " ط.
6) الحمولة - بفتح الحاء -: ما يحمل عليه من الدواب.
7) قال الطريحي في مجمع البحرين: 5 / 138: وفى حديث المعراج " ذكر البراق "
بضم الباء: وهي دابة ركبها رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة الاسراء، سمى بذلك
لنصوع لونه وشدة بريقه. وقيل: لسرعة حركته تشبيها بالبرق.
وجاء وصفه: أصغر من البغل، وأكبر من الحمار، مضطرب الاذنين، عيناه في حافره
وخطامه مد بصره، وإذا انتهى إلى جبل قصرت يداه وطالت رجلاه، وإذا هبط طالت
يداه وقصرت رجلاه، أهدب العرف الأيمن، له من خلفه جناحان.
67

فأخذ له جبرئيل عليه السلام بالركاب، وأخذ ميكائيل عليه السلام باللجام، وكان إسرافيل
عليه السلام يسوي عليه ثيابه، فتصاعد به في العلو في الهواء، فانفتحت لهم السماء الدنيا
والثانية والثالثة والرابعة، فلقي فيها إبراهيم عليه السلام فقال له:
يا محمد، أبلغ أمتك السلام [وأخبرهم] (1) أن [أهل] (2) الجنة مشتاقون إليهم.
ثم تصاعد بهم في الهواء، ففتحت لهم السماء الخامسة والسادسة، واجتمعوا عند
السابعة (3).
ثم فتح لهم فتصاعد بهم في الهواء حتى انتهى إلى سدرة المنتهى وهو الموضع
الذي لم يكن يجوزه جبرئيل عليه السلام وقد تخلف صاحباه (4) قبل ذلك، وكان يأنس
بجبرئيل مالا يأنس بغيره.

1) استظهرناها لملازمتها السياق.
2) استظهرناها لملازمتها السياق.
3) بعده في " ط " عبارة مضطربة، مشوشة، غير مفهومة ولا تخلو من سقط وتصحيف، رسمها
هكذا: فقلت يا جبرئيل مالنا... لنا. فقال: يا محمد ان ربك يصلى. فقلت: سبحان
ربى العظيم، وما صلاة ربى!
فقال: يا محمد يقول: قدوس سبقت رحمتي غضبى. انتهى.
والظاهر أن المراد هو أنه حتى تفتح لهما السماء السابعة كان لابد للرسول صلى الله عليه
وآله - بواسطة جبرئيل عليه السلام - من صلاة وقول: " قدوس قدوس سبقت رحمتك غضبك "
ومعلوم أن الصلوات الخمس لم تكن معروفة قبل هذا، وأن أول صلاة صلاها رسول
الله صلى الله عليه وآله كانت عندما اسرى به إلى السماء بين يدي الله تعالى قدام عرشه
جل جلاله. (راجع علل الشرائع: 2 / 334 ب 32).
وأما صلاة الله كما في قوله تعالى: (ان الله وملائكته يصلون على النبي) الأحزاب: 56
فقد قال بعض الأفاضل: الصلاة وان كانت بمعنى الرحمة لكن المراد بها هنا الاعتناء
باظهار شرف النبي صلى الله عليه وآله ورفع شأنه. وجاءت الصلاة بمعنى التعظيم، قيل: ومنه
" اللهم صل على محمد وآل محمد " أي عظمه في الدنيا يا علاء ذكره واظهار دعوته
وابقاء شريعته، وفى الآخرة بتشفيعه في أمته وتضعيف أجره ومثوبته.
4) أي ميكائيل وإسرافيل عليهما السلام.
68

فلما تخلف جبرئيل عليه السلام قال: يا جبرئيل! في هذا الموضع تخذلني؟
فقال له: تقدم أمامك، فوالله لقد بلغت مبلغا ما بلغه خلق لله (1) عز وجل قبلك.
ثم قال الله تعالى: يا محمد. قلت: لبيك يا رب.
قال: فيم اختصم الملا الاعلى (2)؟ قلت: سبحانك لاعلم لي إلا ما علمتني.
فوضع يده بين ثدييه، فوجد بردها بين كتفيه (3).
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قال الله تبارك وتعالى: يا محمد، من وصيك؟ فقلت (4):
يا رب إني قد بلوت خلقك فلم أجد أحدا أطوع لي من علي. فقال: ولي يا محمد.
فقلت: يا رب قد بلوت خلقك فلم أر فيهم أنصح لي من علي. فقال: [ولي يا محمد.
فقلت:] (5) لم أر فيهم أشد حبا لي من علي. فقال: ولي يا محمد، بشره أنه راية
الهدى، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، والكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبه

1) " الله " ط. ولعل في العبارة سقط هو: [من خلق] الله.
2) إشارة إلى قوله تعالى في سورة ص: 70.
3) وضع اليد كناية عن غاية اللطف والرحمة وإفاضة علومه تبارك وتعالى ومعارفه القدسية
على صدره الأشرف صلى الله عليه وآله. والبرد كناية عن الارتياح والسرور الذي ملأ صدره
وأنعش قلبه صلى الله عليه وآله، فالعرب تصف سائر ما يستلذ بالبرودة.
وعين هذه العبارة وردت في رواية علي بن إبراهيم في تفسيره، وفى بعض نسخه هكذا:
يده أي يد القدرة.
وفيها - أي رواية علي بن إبراهيم - بعد هذه العبارة ما يؤكد حقيقة ما ذهبنا إليه، وهو
ما لفظه: قال: فلم يسألني عما مضى ولا عما بقي الا علمته. فقال: يا محمد فيم اختصم
الملا الاعلى؟ قال: قلت: يا رب في الدرجات والكفارات والحسنات....
وزاد بعدها في " ط " عبارة خالية من كل معنى، ولا نظنها الا من إضافات بعض جهلة
النساخ التي طالما عبثت أياديهم بأحاديث المعصومين عليهم السلام، ولفظها هو: والناس
يقولون وضع يده بين كنفيه، وكيف هذا وإنما كان مقبلا إلى ربه، ولم يكن مدبرا!
4) " فقال " ط.
5) أضفناها لملازمتها السياق.
69

أحبني، ومن أبغضه أبغضني، مع أني أخصه [ببلاء] (1) ما لم أخص به أحدا.
فقلت: يا رب أخي وصاحبي ووارثي! قال: إنه سبق [في علمي] (2) أنه مبتلى
ومبتلى به مع أني أنحلته أربعة أشياء: العلم والفهم والحكم والحلم. (3)
33 - ومنها: حدثني جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا المفضل، عن
سعيد، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ليلة عرج بي رأيت قبة مثل ياقوتة خضراء معلقة بين
السماء والأرض: لا دعامة من تحتها ولا علاقة من فوقها، لها مصراعان، عل كل
مصراع سبعون حوراء، على كل حوراء سبعون حلة، يرى مخ ساقهن من وراء
الحلل كما يرى الخمر في الزجاجة البيضاء.
فقلت لجبرئيل عليه السلام: يا خليلي! لمن هذه القبة؟ قال: لرجل من قريش.
فقلت في نفسي: أنا الرجل القريشي، فسألت: من هو الرجل؟
فقال: لرجل يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرار غير فرار.
فقلت لجبرئيل: حبيبي! من هذا؟ قال: علي بن أبي طالب. (4)

1) استظهرناها بقرينة ما بعدها. في ط " أخصه فلم ".
2) أضفناها للزومها. ولعل في العبارة سقطا هو: [أمر قد] سبق.
3) رواه علي بن إبراهيم في تفسيره: 572 باسناده عن خالد، عن ابن محبوب، عن محمد
بن سيار (مثله).
بلفظ آخر، عنه اثبات الهداة: 3 / 557 ح 623، البحار: 18 / 372 ح 79.
وفى ج 38 / 104 ح 30 عنه وعن أمالي الصدوق: 286 باسناده من طريق آخر عن
الباقر عليه السلام (نحوه).
4) أخرج ابن طاووس نحو هذا الحديث في كتابه: اليقين في امرة المؤمنين: 177 عن
كفاية الطالب: 189، وص 179 عن خصائص النطنزي، وص 185 عن مناقب ابن
المغازلي. وأخرج نحوه أيضا الحسن بن سليمان في المحتضر: 148 نقلا من كتاب
المعراج بالاسناد إلى سلمان الفارسي.
70

34 - ومنها حدثنا بشر بن طريف، عن سفيان الثوري، قال: حدثني
أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله:
أنه ليلة أسري بي إلى الله تعالى عرجت سماءا سماءا، وجاوزت الكروبيين (1)
والملائكة الصافين وجاوزت موضعا لم ينته إليه جبرئيل عليه السلام، وبلغت طوبى وسدرة
المنتهى فأوحى إلي ربي ما أوحى. فقالت لي حملة العرش: بم بعثت يا محمد؟.
فقلت: بولايتي وولاية أخي علي بن أبي طالب. (2)
35 - ومنها: حدثنا أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، عن
أبيه، عن أبي عمرو الشمال، عن محمد بن أحمد الواسطي، قال: حدثنا أحمد بن
إدريس البرقي عن أبي المليح الرقي، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما عرج بي إلى السماء، ما (3) مررت بصف من الملائكة
إلا سألوني عن علي بن أبي طالب حتى ظننت أن اسمه في السماء أشهر من اسمي.
ثم مررت على ملك الموت وهو ينظر في اللوح، فسلمت عليه، فرد علي
السلام، ثم قال لي: يا محمد! ما فعل علي بن أبي طالب؟
قلت: حبيبي! من أين تعرف علي بن أبي طالب؟
فقال لي: ما خلق الله تعالى خلقا إلا وأنا أتولى قبض روحه ما خلاك وخلا علي
ابن أبي طالب، فان الله عز وجل يتولى قبض أرواحكما. (4)

1) الكروبيين: سادة الملائكة والمقربون منهم.
2) روى الكليني في الكافي: 1 / 437 ح 6 باسناده إلى أبى الحسن الأول قال: ولاية
علي عليه السلام مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، ولن يبعث الله رسولا الا بنبوة محمد
صلى الله عليه وآله ووصيه علي عليه السلام.
راجع في ذلك تأويل الآيات: 2 / 562 ح 28 وما بعده، والبحار: 18 / 282 باب 3
في اثبات المعراج.
3) " فما " ط.
4) تقدم مثله في الحديث " 30 " من طريق آخر، وتخريجته هناك.
71

36 - ومنها: وأخبرني أبو عبد الله محمد بن وهبان بن محمد الهناني (1)
المعروف بالدبيلي البصري، قال: حدثنا أبو أحمد إبراهيم بن محمد، عن محمد
ابن زكريا، عن جعفر بن محمد بن عمارة الهندي، عن أبيه، عن جابر الجعفي، عن
أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال:
بينا أمير المؤمنين عليه السلام جالسا في المسجد قد احتبى بسيفه، وألقى ترسه خلف
ظهره، والناس حوله، إذا أتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إن في القرآن آية قد
أفسدت علي قلبي، وشككتني في ديني!
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: وما تلك الآية؟
قال الرجل: قوله عز وجل (واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا). (2)
فهل في [ذلك] الزمان من سبق محمدا؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام:
اجلس أيها الرجل أشرح لك صدرك فيما شككت فيه، إن شاء الله.
فجلس الرجل بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام فقال:
يا عبد الله، إن الله يقول في كتابه وقوله الحق: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا
من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا) (3)
فكان من آيات الله تعالى التي أراها محمدا أن أسرى به حتى انتهى إلى السماء السادسة
قام فأذن مرتين وأقام الصلاة مرتين، يقول فنادى به " حي على خير العمل ".

1) كذا في ط، ونوابغ الرواة 310. وذكره الشيخ في رجاله: 505 رقم 77 في من
لم يرو عن الأئمة عليهم السلام قائلا: محمد بن وهبان بن محمد النبهاني... وقد يذكر
" الهنائي ". وعلى كل فهو نسبة إلى أحد أجداده إذ هو محمد بن وهبان بن محمد... بن
هناءة بن مالك بن فهم... ومنشأ الاختلاف هو عدم ضبط اسمه ففي رجال النجاشي: 396
" هناة " وفى رجال الخوئي: 17 / 354 " هباء ". (راجع جمهرة أنساب العرب: 379)
2) الزخرف: 45.
3) الاسراء: 1.
72

فلما أقام الصلاة قال: يا محمد، قم فصل بهم واجهر بالقرآن، إلى خلفك زمر
من الملائكة والنبيين لا يعلم عددهم إلا الله.
فتقدم رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى بهم جميعا ركعتين، فجهر بهما بالقراءة ب‍ " بسم الله
الرحمن الرحيم " فلما سلم وانصرف من صلاته، أوحى الله تعالى إليه كلمح البصر:
يا محمد (وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا، أجعلنا من دون الرحمن
آلهة يعبدون) (1).
قال: فالتفت رسول الله صلى الله عليه وآله إلى من خلفه من الأنبياء، فقال: على ما تشهدون؟
قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وأن لكل نبي منا خلفا
وصيا من أهله، ما خلا هذا، فإنه لا عصبة له - يعنون بذلك عيسى بن مريم عليه السلام -
ونشهد أنك سيد النبيين، ونشهد أن عليا وصيك سيد الأوصياء.
وعلى ذلك أخذت مواثيقنا.
ثم أقبل على الرجل فقال: يا عبد الله، هذا تأويل ما سألت عنه من كتاب الله:
(وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا). (2)
37 - ومنها: وأخبرني (3) عبد الله بن الحسين بن عبد الله القطيفي، قال: حدثني
محمد بن صالح، عن عبد الرحمان بن محمد الحسني، عن أحمد بن الحسين، عن

1) الزخرف: 45.
2) أخرج نحوه في اليقين: 87 ب 105 عن كتاب فيما نزل من القرآن في النبي صلى الله
عليه وآله لمحمد بن العباس الماهيار، وص 148 عن كتاب بكر بن محمد الشامي.
وفى تأويل الآيات: 2 / 564 ح 32 عن محمد بن العباس.
وأورده في مقصد الراغب: 57 نحوه.
وأخرجه في البحار: 18 / 394 ح 99 و ج 26 / 285 ح 45 و ج 37 / 316 ح 47
عن اليقين.
3) " وأخبرني عن " ط، تصحيف.
73

محمد بن سيف الرازي قدم علينا ببغداد، قال: حدثنا حرث بن بنان، عن عبد الاعلى
عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن عدي بن ثابت، عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
ليلة أسري بي وصرت إلى السماء الرابعة، نظرت فإذا بملك شبيه بعلي بن أبي
طالب، فقلت (1) له: ألم اخلفك في أمتي!؟
قال: فتبسم جبرئيل عليه السلام ضاحكا وقال لي:
يا محمد، شبهته بابن عمك؟ فقلت: نعم.
فقال: والذي بعثك بالحق نبيا لقد خلق الله عز وجل هذا الملك في صورة علي
ابن أبي طالب عليه السلام من حبه لعلي. (2)
38 - ومنها: حدثنا أبو الحسن محمد بن حيران الكاتب الأنباري، قال: حدثنا
القاضي أبو بكر أحمد بن خلف بن شجرة بن كامل، قال: حدثنا عبد الله بن كثير
التمار، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن سليمان الحسني
قال: حدثنا موسى بن عبد الله بن الحسن، عن أبيه عبد الله بن الحسن، عن أبيه
عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
لما عرج بي إلى السماء، وصرت إلى سدرة المنتهى أوحى الله إلي:
يا محمد، قد بلوت خلقي، فمن وجدت أطوعهم؟
قلت: يا رب عليا. قال: صدقت يا محمد.
ثم قال: هل اخترت لامتك خليفة من بعدك، يعلمهم ما جهلوا من كتابي
ويؤدي عني؟
قلت: اللهم اختر لي، فان اختيارك خير من اختياري.

1) " فقال " تصحيف.
2) روى مثله في كتب الفريقين بألفاظ شتى. راجع البحار: 39 / 97 ح 9 وما بعده.
74

قال: قد اخترت لك عليا. (1)
39 - ومنها: حدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، عن
أبي علي محمد بن همام، قال: حدثني جعفر بن محمد بن مالك، عن القاسم بن
إسماعيل عن حنان بن سدير، عن جعفر بن محمد عليه السلام عن أبيه، عن جده، عن
الحسين بن علي عليهم السلام [قال:] (2) قال لي أبي علي بن أبي طالب عليه السلام:
ألا أبشرك يا أبا عبد الله؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين.
[قال:] (3) قال لي جدك رسول الله صلى الله عليه وآله: لما أسري بي إلى السماء لقيتني (4)
الملائكة، ملائكة سماء سماء بالبشارة من الله عز وجل، ولما (5) صرت إلى السماء
الرابعة لقيني جبرئيل في محفل من الملائكة، فقال لي:
يا محمد، لو اجتمعت أمتك على حب علي بن أبي طالب لما خلق الله النار. (6)
40 - ومنها: قال أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، قال: حدثنا أحمد بن
علي بن مهدي، قال:

1) رواه الطوسي في أماليه: 353 ح 45 (مثله).
عنه البحار: 18 / 371 ح 78، والجواهر السنية: 258، والبرهان: 4 / 199 ح 7.
ورواه الخوارزمي في مناقبه: 215. (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 161، وعن تأويل
الآيات: 2 / 596 ح 10.
أخرجه في البحار: 24 / 181 ح 14 و ج 36 / 159 ح 140، والبرهان: 5 / 199 ح 6
عن تأويل الآيات (وجميعا قطعة منه).
وأخرجه في الجواهر السنية: 310 نقلا من كتاب اليقين لابن طاووس مرسلا، وفى
المحتضر: 147 مرسلا (مثله).
2) أثبتناها للزومها السياق.
3) أثبتناها للزومها السياق.
4) في الأصل " فلقيتني " وما أثبتناه أنسب.
5) في الأصل " حتى لما ".
6) رواه الطوسي في أماليه: 255 ح 9، عنه البحار: 18 / 388 ح 97 و ج 40 / 35 ح 70
والبرهان: 2 / 403 ح 36.
75

حدثني أبي، عن علي بن موسى، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام (1) قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما أسري بي إلى السماء، أخذ جبرئيل عليه السلام بيدي، فأقعدني
على درنوك (2) من درانيك الجنة، ثم ناولني سفر جلة، فأنا اقلبها، فانفلقت فخرجت
منها جارية حوراء، لم ير أحسن منها، فقالت:
السلام عليك يا محمد. قلت: وعليك السلام. من أنت؟
قالت: أنا الراضية المرضية، خلقني الجبار من ثلاثة أصناف: أسفلي من مسك
ووسطي من كافور وأعلاي من عنبر، وعجنني الجبار بماء الحيوان.
ثم قال الجبار: كوني.
فكنت، خلقني لأخيك وابن عمك علي بن أبي طالب عليه السلام. 3)
41 - ومنها: حدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، عن
أبي الحسن محمد بن أحمد بن عبد الله (4) بن أحمد الهاشمي المنصوري بسر من رأى
لفظه قال: حدثنا أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور الهاشمي قال:
حدثنا [علي بن] (5) محمد بن علي، عن أبيه محمد بن علي بن موسى، عن

1) في الأصل زيادة: عن جده رسول الله صلى الله عليه وآله.
2) الدرنوك: نوع من البساط أو الثياب له خمل، جمعه درانيك.
3) رواه الصدوق في أماليه: 154 ح 12، عنه البحار: 18 / 332 ح 35 و ج 40 / 4
ح 8 ومدينة المعاجز: 62.
ورواه أيضا في عيون أخبار الرضا: 2 / 26 ح 7. عنه البحار: 39 / 229 ح 4.
ذكرنا أكثر مصادر هذا الحديث عند تحقيقنا لصحيفة الإمام الرضا: 96 ح 30. فراجع.
4) في الأصل: عبد الله، والصحيح هو: محمد بن أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن عيسى
ابن منصور الهاشمي. راجع تنقيح المقال: 3 / 72.
5) أضفناها تقويما للسند. حيث أن الهاشمي هو من أصحاب الإمام الهادي عليه السلام.
راجع تنقيح المقال: 2 / 358.
76

علي بن موسى، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي عليهم السلام قال:
قال أمير المؤمنين عليه السلام: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله:
رأيت ليلة أسري بي إلى السماء قصورا من ياقوت أحمر وزبرجد أخضر ودر
[و] (1) مرجان، ملاطها المسك الأذفر، وترابها الزعفران، وفيها فاكهة ونخل
ورمان وحور خيرات حسان، وأنهار لبن، وأنهار عسل تجري على الدر والجوهر
وقباب على حافتي تلك الأنهار، وغرف وخيام وخدم وولدان، فرشها الإستبرق
والسندس والحرير، وفيها أطيار.
فقلت: يا حبيبي جبرئيل، لمن هذه القصور وما شأنها؟ قال لي جبرئيل: هذه
القصور وما فيها، خلق الله عز وجل كذلك (2) وأعد فيها ما ترى ومثلها أضعافا مضاعفة
لشيعة أخيك علي بن أبي طالب عليه السلام وخليفتك من بعدك على أمتك.
و [هم] (3) يدعون في آخر الزمان باسم يراد به غيرهم، الرافضة وإنما هو زين
لهم، لأنهم رفضوا الباطل وتمسكوا بالحق، وهو السواد الأعظم.
ولشيعة ابنه الحسن من بعده، ولشيعة أخيه الحسين من بعده، ولشيعة علي بن
الحسين من بعده، ولشيعة محمد بن علي من بعده، ولشيعة جعفر بن محمد من بعده.
ولشيعة موسى بن جعفر من بعده، ولشيعة ابنه علي بن موسى من بعده.
ولشيعة ابنه محمد بن علي من بعده، ولشيعة علي بن محمد من بعده.
ولشيعة ابنه الحسن من بعده ولشيعة محمد المهدي من بعده.
يا محمد، فهؤلاء الأئمة من بعدك، أعلام الهدى، ومصابيح الدجى.
وشيعتهم وشيعة جميع ولدك ومحبيهم شيعة الحق، وموالي الله وموالي

1) أضيفت لتصحيح السياق.
2) في الأصل: كذا، وما أثبتناه أصح.
3) أضفناها تصحيحا للعبارة.
77

رسوله الذين رفضوا الباطل واجتنبوه، وقصدوا الحق واتبعوه [واتبعوا] (1)
أقوالهم في حياتهم ورووها (2) من بعد وفاتهم، متناصرين على محبتهم.
رحمة الله عليهم إنه غفور رحيم. (3)
42 - ومنها خبر الرطب:
روي عن الصحابة الصادقين، أن النبي صلى الله عليه وآله دخل على فاطمة عليها السلام.
فقال النبي صلى الله عليه وآله: أبوك اليوم ضيفك.
فقالت فاطمة عليها السلام: الحسن والحسين عليهما السلام يطالبان (4) بشئ من الزاد، ولم يكن
شئ في المنزل من القوت، فدخل (5) أمير المؤمنين والحسن والحسين فجلسوا عنده.
فنظر النبي صلى الله عليه وآله إلى السماء ساعة، وإذا بجبرئيل عليه السلام قد نزل من السماء فقال:
يا رسول الله! العلي الاعلى يقرئك السلام ويخصك بالتحية، ويقول لك:
قل لعلي بن أبي طالب ولفاطمة والحسن والحسين:
أي شئ تطلبون من فواكه الجنة تحضر بين أيديكم (6)؟.
فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا علي، يا فاطمة، ويا حسن ويا حسين! أي شئ تشتهون
من فواكه الجنة تحضر بين أيديكم؟ فأمسكوا.
فقال الحسين عليه السلام: عن إذنك يا رسول الله، وعن إذنك يا أمير المؤمنين، وعن
إذنك يا سيدة نساء رب العالمين (7) وعن إذنك يا حسن.
فقالوا جميعا: نعم، قل يا حسين مما شئت!

1) أضفناها تقويما للكلام.
2) في الأصل: بعد (واتبعوه): فيقولونهم في خيرتهم ورووهم، وما أثبتناه هو الأنسب للسياق.
3) أخرجه في البحار: 68 / 76 ح 136 عن كتاب المسلسلات (نحوه).
4) في الأصل: يطالبون. تصحيف.
5) في الأصل زيادة: النبي و.
6) في الأصل: أيديهم، وما أثبتناه أنسب.
7) في الأصل: رب العالمين، ورب تصحيف وزيادة.
78

فقال: أريد رطبا: فوافقوا على ذلك.
فقال النبي صلى الله عليه وآله: قومي يا فاطمة اعبري المخدع فأحضري ما فيه، فإذا فيه مائدة
من موائد الجنة، وعليه سندسة خضراء، وفيه رطب جني في غير أوان الرطب.
فقال النبي صلى الله عليه وآله لفاطمة وهي حاملة المائدة: من أين لك هذا؟
قالت: هو من عند الله، وأخذه النبي صلى الله عليه وآله وقدمه بين يديه وسمى.
وأخذ رطبة واحدة [فوضعها] (1) في في الحسين عليه السلام وقال: هنيئا يا حسين.
ثم أخذ رطبة ثانية، فوضعها في في الحسن، وقال: هنيئا يا حسن.
ثم أخذ رطبة ثالثة فوضعها في في فاطمة، وقال: هنيئا يا فاطمة.
ثم أخذ الرابعة فتركها في في أمير المؤمنين عليه السلام ثم قال: [هنيئا] (2) يا أمير المؤمنين.
ثم وثب قائما ثم جلس، وأخذ رطبة ثانية، ثم وضعها في في أمير المؤمنين عليه السلام
وقال: هنيئا لأمير المؤمنين.
ثم وثب قائما، ثم جلس، ثم أخذ رطبة ثالثة فوضعها في في أمير المؤمنين عليه السلام
ثم قال: هنيئا لأمير المؤمنين.
ثم قام وقعد، ثم أكلا جميعا، وارتفعت المائدة إلى السماء.
فقالت فاطمة عليها السلام: لقد رأيت [يا] (3) رسول الله منك اليوم عجبا!
فقال: يا فاطمة [الرطبة] (4) الأولى التي وضعتها في في الحسين (5) سمعت ميكائيل
وإسرافيل، يقولان: هنيئا يا حسين. فقلت موافقا لهما: هنيئا يا حسين.
ثم أخذت الرطبة الثانية، فوضعتها في في الحسن، فسمعت جبرئيل وميكائيل
يقولان: هنيئا يا حسن. فقلت موافقا لهما: هنيئا يا حسن.

1) أضفناها لاستقامة الكلام.
2) أضفناها تلافيا للسقط الذي يكشفه ما بعده.
3) أضفناها لاتمام العبارة.
4) أضفناها لاستقامة الكلام.
5) في الأصل (بعد الحسين) زيادة وهي: وقلت هنيئا يا حسين.
79

فأخذت الرطبة الثالثة، فوضعتها في فيك، فسمعت الحور العين مشرفين من
الجنان، وهن يقلن: هنيئا يا فاطمة. فقلت موافقا لهن: هنيئا لك يا فاطمة.
ثم أخذت الرابعة، فوضعتها في في أمير المؤمنين، فسمعت صوت النداء من
الحق، يقول: هنيئا يا علي. ثم قمت إجلالا لله تعالى، ثم ثانية، ثم ثالثة، وأسمع
صوت الحق هنيئا يا علي.
[فقمت] (1) إجلالا لله تعالى - ثلاث مرات - فسمعت الحق يقول: وعزتي
وجلالي، لو ناولت عليا من الساعة إلى يوم القيامة رطبة رطبة لقلت: هنيئا هنيئا.
الباب الثاني في فضائل سيدة النساء فاطمة الزهراء
ومعجزاتها ومعجزات أولادها المعصومين عليهم السلام
" استعنت بالله وتوكلت على الله "
1 - حدثنا القاضي أبو الفرج، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي الثلج
قال: حدثنا عيسى بن مهران، قال: حدثنا منذر السراج، قال: حدثنا إسماعيل بن
علية، قال: حدثنا أسلم بن ميسرة العجلي (2) (عن سعيد) (3) عن أنس بن مالك
عن معاذ بن جبل، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
إن الله عز وجل خلقني وعليا وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق الدنيا
بسبعة آلاف عام. قلت: وأين كنتم يا رسول الله؟
قال: قدام العرش، نسبح الله عز وجل ونقدسه ونمجده.
قال: قلت: على أي مثال؟

1) أضفناها لاستقامة النص.
2) في الأصل: العجلاني، وهو تصحيف.
3) ليس في العلل.
80

قال: أشباح نور حتى [إذا] (1) أراد الله تعالى أن يخلق صورنا، صيرنا عمود نور.
ثم قذفنا في صلب آدم، ثم أخرجنا إلى أصلاب الاباء وأرحام الأمهات
لا يصيبنا نجس الشرك ولا سفاح الكفر، يسعد بنا قوم ويشقى بنا آخرون.
فلما صيرنا إلى صلب عبد الملك، أخرج ذلك النور فشقه نصفين، فجعل
نصفه في صلب عبد الله ونصفه في صلب أبي طالب.
ثم أخرج النصف الذي لي إلى آمنة، والنصف الآخر إلى فاطمة بنت أسد
فأخرجتني آمنة، وأخرجت فاطمة عليا.
ثم أعاد الله عز وجل العمود إلي فخرجت مني فاطمة.
ثم أعاد عز وجل العمود إلى [علي] (2) فخرج الحسن والحسين، فما كان من
نور علي صار في الحسن، وما كان من نوري صار في ولدي الحسين، فهو ينتقل في
الأئمة من ولده إلى يوم القيامة. (3)
2 - ومنها: روى منصور بن صدقة، عن سعيد، عن ابن عباس، قال:
قال النبي صلى الله عليه وآله: ابنتي فاطمة حوراء آدمية، لم تطمث ولم تحض.
وإنما سميتها (4) فاطمة لان الله عز وجل فطمها [و] (5) محبيها من النار.
وفي رواية أخرى: فطم من أحبها من النار. (6)

1) أضفناها ليتم الكلام.
2) في الأصل: إليه، وما أثبتناه أصح.
3) رواه الصدوق في العلل: 208 ح 11، عنه البحار: 15 / 7 ح 7، و ج 35 / 34 ح
32، و ج 57 / 43 ح 16 وص 175 ح 134 (صدره)، واثبات الهداة: 2 / 450 ح
351 (قطعة).
ورواه الطبري في دلائل الإمامة: 59، عنه مدينة المعاجز: 203 و 237.
4) في الأصل: سماها. وما أثبتناه هو الأظهر.
5) أضفناها تصحيحا للعبارة.
6) راجع في ذلك البحار: 43 / 10 باب 2.
81

3 - ومنها: روى جابر بن عبد الله، عن أبي جعفر عليه السلام، قال:
إنما سميت (1) فاطمة الزهراء، لان (2) الله عز وجل خلقها من نور عظمته
فلما أشرقت أضاءت السماوات والأرض بضوء نورها، وغشت أبصار الملائكة
وخرت الملائكة [لله] (3) ساجد بن، وقالوا: إلهنا وسيدنا، ما هذا النور؟
فأوحى الله إليهم: هذا نور من نوري، أسكنته في سمائي، وخلقته من عظمتي
أخرجه من صلب نبي من أنبيائي أفضله على جميع الأنبياء، واخرج من ذلك النور
أئمة يقومون بأمري، ويهدون إلي خلقي وأجعلهم خلفائي (4) في أرضي. (5)
4 - ومنها: روى أبو عبد الله أحمد بن أبي البردى العامل، رفعه إلى ابن
عباس، قال: جاء رجل من أشراف العرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله.
فقال له: يا رسول الله، بأي شئ فضلتم علينا وأنت ونحن من ماء واحد.
فقال: يا أخا العرب، إن الماء لما أحب الله جل ذكره عند خلقنا، تكلم بكلمة
صار نورا، وتكلم بأخرى صار (6) روحا، فخلقني وخلق عليا وخلق فاطمة وخلق
الحسن وخلق الحسين.
فخلق من نوري العرش، وأنا أجل من العرش.
وخلق من نور علي السماوات فعلي أجل من السماوات.

1) في الأصل: سماها، والأظهر هو ما أثبتناه.
2) في الأصل: ان، تصحيف، وما أثبتناه هو الأظهر.
3) أضفناها ليستقيم السياق.
4) في الأصل: خلفا، وما أثبتناه هو الأنسب.
5) روى مثله الصدوق في العلل: 179 ح 1، وزاد في آخره (بعد انقضاء وحيى).
عنه البحار: 43 / 12 ح 5، والجواهر السنية: 240، وعوالم فاطمة الزهراء عليها
السلام: 11 / 31 ح 2.
6) في الأصل: صارت، وما أثبتناه هو الأنسب.
82

وخلق من نور الحسن القمر فالحسن أجل من القمر.
وخلق من نور الحسين الشمس فالحسين خير من الشمس.
ثم إن الله تعالى ابتلى الأرض بالظلمات فلم تستطع الملائكة ذلك فشكت إلى
الله عز وجل، فقال عز وعلا لجبرئيل عليه السلام:
خذ من نور فاطمة وضعه في قنديل وعلقه في قرط العرش. ففعل جبرئيل عليه السلام
ذلك، فأزهرت السماوات السبع والأرضين السبع فسبحت الملائكة وقد ست.
فقال الله: وعزتي وجلالي وجودي ومجدي وارتفاعي في أعلا مكاني، لأجعلن
ثواب تسبيحكم وتقديمكم لفاطمة وبعلها وبنيها ومحبيها إلى يوم القيامة.
فمن أجل ذلك سميت " الزهراء " عليها السلام. (1)
كيف حملت بها خديجة عليهما السلام
5 - روى عبد العزيز الواقدي، عن زيد بن أسلم، عن عمر بن الخطاب، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما مات ولدي من خديجة، أوحى الله تعالى إلي أن
لا تقربها. وكنت ولها عاشقا، ولما كان شهر رمضان ليلة أربع وعشرين، ليلة جمعة
أتاني جبرئيل ومعه طبق من رطب الجنة، فقال لي:
يا محمد! كل هذا وواقع خديجة الليلة.
ففعلت، فحملت بفاطمة، فما شممت فاطمة إلا وجدت ريح ذلك الرطب منها (2).
وخبر ولادتها ذكرناه في أعلام فاطمة عليها السلام.

1) رواه في ارشاد القلوب: 403 مرفوعا عن سلمان الفارسي (رض) مثله باختلاف يسير
وزيادة، عنه البحار: 43 / 17 ح 16، وعوالم الزهراء عليها السلام: 11 / 2 ح 1
وعوالم الإمام الحسن عليه السلام: 16 / 10 ح 1.
2) راجع البحار: 43 / 3 باب 1 ولادتها عليها السلام.
83

ذكر أسمائها عليها السلام
6 - قال أبو عبد الله عليه السلام (1): لفاطمة عليها السلام تسعة أسماء: فاطمة، والمدونة
والمباركة، والطاهرة، والزكية، والمرضية، والمحدثة، والزهراء، والبتول، (2)
تزويجها عليها السلام بأمير المؤمنين عليه السلام
7 - روى الشافعي محمد بن إدريس (3) عن حميد الطويل، عن أنس بن
مالك، قال: ورد عبد الرحمان بن عوف، وعثمان بن عفان إلى النبي صلى الله عليه وآله، فقال
له عبد الرحمان بن عوف:
[يا رسول الله] (4) تزوجني فاطمة ابنتك، وقد بذلت (5) لها من الصداق مائة ناقة
سوداء، زرق العيون، محملة كلها قباطي مصر، وعشرة آلاف دينار.
فقال عثمان: بذلت لها ذلك وأنا أقدم من عبد الرحمان إسلاما.
فغضب النبي صلى الله عليه وآله من مقالتهما، ثم تناول كفا من الحصى فحصب به عبد الرحمان

1) ورد السند في كتاب المؤلف " دلائل الإمامة " هكذا: أخبرني الشريف أبو محمد الحسن
ابن أحمد العلوي المحمدي النقيب. قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين
ابن موسى القمي، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا علي بن
الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى
قال: حدثني الحسن بن عبد الله، عن يونس بن ظبيان، قال: قال أبو عبد الله (ع).
2) روى الصدوق مثله في أماليه: 474، والعلل: 178 ح 3، والخصال: 414 باسناده
عن يونس بن ظبيان.
ورواه الطبري في دلائل الإمامة باسناده عن الحسن بن أحمد العلوي، عن الصدوق
مثله، وفيها جميعا: " الصديقة " بدل " المدونة " و " الراضية " بدل " البتول ".
3) ورد السند في كتاب المؤلف " دلائل الإمامة " هكذا: أخبرني الشريف أبو محمد
الحسن بن أحمد العلوي المحمدي النقيب، قال: حدثنا الأصم بعسقلان، قال: حدثنا
الربيع بن سليمان، قال: حدثنا محمد بن إدريس الشافعي....
4) أثبتناها لضرورتها.
5) في الأعلى: وتبذل أنت لها، وما أثبتناه هو من بقية المصادر ولابد منه.
84

وقال له: إنك تهول علي بمالك؟!
قال: فتحول الحصى درا، فقومت درة من تلك الدرر فإذا هي تفي بكل ما يملكه
عبد الرحمان. وهبط جبرئيل في تلك الساعة فقال:
يا أحمد! إن الله تعالى يقرئك السلام، ويقول: قم إلى علي بن أبي طالب فإنما
مثله مثل الكعبة يحج إليها، ولا تحج إلى أحد.
إن الله أمرني أن آمر رضوان خازن الجنة أن يزين الأربع جنان، وآمر شجرة
طوبى وسدرة المنتهى [أن تحملا الحلي والحلل، وآمر الحور العين أن يتزين
وأن يقفن تحت شجرة طوبى وسدرة المنتهى] (1) وآمر ملكا من الملائكة يقال له: " راحيل "
وليس في الملائكة أفصح منه لسانا، ولا أعذب منطقا، ولا أحسن وجها، أن يحضر
إلى ساق العرش، فلما حضرت الملائكة والملك أجمعون، أمرني أن أنصب منبرا
من نور، وأمر راحيل أن يرقى ذلك، فخطب خطبة بليغة من خطب النكاح، وزوج
عليا من فاطمة عليهما السلام بخمس الدنيا لها ولولدها إلى يوم القيامة، وكنت أنا وميكائيل
شاهدين، وكان وليها الله تعالى ذكره.
وأمر شجرة طوبى وسدرة المنتهى أن ينثرا ما فيهما من الحلي والحلل والطيب
وأمر الحور أن يلقطن ذلك، وأن يفتخرن به إلى يوم القيامة.
وقد أمرك الله تعالى أن تزوجه بفاطمة عليها السلام في الأرض، وأن تقول لعثمان:
أما سمعت في القرآن:
(بسم الله الرحمن الرحيم * مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان)؟! (2)
وأما سمعت في كتابي:
(وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا) (3)؟!

1) أضفناها من المصادر لأهميتها في السياق.
2) الرحمن: 19 و 20.
3) الفرقان: 54.
85

فلما سمع النبي صلى الله عليه وآله كلام جبرئيل عليه السلام وجه خلف عمار بن ياسر وسلمان
والعباس، فأحضرهم، ثم قال لعلي عليه السلام: إن الله تعالى قد أمرني أن أزوجك.
فقال: يا رسول الله، إني لا أملك إلا سيفي وفرسي ودرعي.
فقال له النبي صلى الله عليه وآله اذهب فبع الدرع. فخرج علي عليه السلام فنادى على درعه
فجاءت بأربعمائة درهم أو دينار (1) فاشتراه دحية الكلبي.
فلما أخذ علي عليه السلام [الثمن] (2) وسلم دحية الدرع عطف دحية إلى علي، فقال:
أسألك يا أبا الحسن أن تقبل هذه الدرع هدية ولا تخالفني في ذلك.
فحمل الدرع والدراهم وجاء بهما إلى النبي صلى الله عليه وآله ونحن جلوس بين يديه.
فقال: يا رسول الله، إني بعت الدرع بأربعمائة درهم أو دينار وقد اشتراه دحية
الكلبي وقد سألني (3) أن أقبل الدرع هدية، فأي شئ تأمر، أقبلها أم لا؟.
فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: ليس هو دحية، ولكنه جبرئيل، وإن الدراهم من
عند الله تعالى، لتكون شرفا وفخرا لابنتي فاطمة، وزوجه النبي صلى الله عليه وآله بها.
ودخل بعد ثلاث.
قال: وخرج علينا علي عليه السلام ونحن في المسجد إذ هبط الأمين جبرئيل عليه السلام وقد
هبط بأترجة من الجنة، فقال له: يا رسول الله، إن الله يأمرك بدفع هذه الأترجة إلى
علي بن أبي طالب، فدفعها النبي صلى الله عليه وآله إلى علي عليه السلام.
فلما حصلت في كفه انقسمت في كفه قسمين:
على قسم منها مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي أمير المؤمنين،
وعلى القسم الاخر مكتوب: هدية من الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب، (4)

1) الترديد من الراوي. وفى بعض المصادر: (و).
2) أضفناها اتماما للعبارة.
3) في الأصل: وقد أقسم على، وما أثبتناه أظهر لموافقته سؤال الكلبي.
4) ورواه في دلائل الإمامة: 12 باسناده عن أنس بن مالك (مثله).
أخرجه في مدينة المعاجز: 144 عن صاحب كتاب مسند فاطمة عليها السلام باسناده عنه.
86

خبر الخطبة
8 - روى (1) محمد بن زكريا الغلابي، عن شعيب بن واقد عن الليث، عن
جعفر بن محمد، عن أبيه الباقر عن جده عليهم السلام، عن جابر.
قال: لما أراد [رسول] الله أن يزوج فاطمة عليا عليهما السلام، قال له:
أخرج يا أبا الحسن إلى المسجد فاني خارج في أثرك، ومزوجك بحضرة الناس
وذاكر (2) من فضلك ما تقر به عينك.
قال [علي عليه السلام] (3): خرجت من عند رسول الله صلى الله عليه وآله فرحا مسرورا.
فقال أبو بكر وعمر: ما وراءك يا أبا الحسن؟
فقلت: يزوجني رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام وأخبرني أن الله قد زوجنيها، وهذا
رسول الله صلى الله عليه وآله خارج في أثري ليذكر [ذلك] (4) بحضرة الناس. ففرحا ودخلا
معي المسجد.
قال علي عليه السلام: فوالله ما توسطناه (5) حتى لحق بنا رسول الله صلى الله عليه وآله، وإن وجهه
ليتهلل فرحا وسرورا.
فقال صلى الله عليه وآله: أين بلال؟ فأجاب: لبيك وسعديك يا رسول الله.
ثم قال: أين المقداد؟ فقال: لبيك يا رسول الله.
فقال: أين سلمان؟ فأجاب: لبيك يا رسول الله.
فقال: أين أبو ذر؟ فقال: لبيك يا رسول الله
فلما مثلوا بين يديه قال: انطلقوا بأجمعكم فقوموا في جنبات المدينة، واجمعوا

1) في سند دلائل الإمامة: حدثني أبو الحسن محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، قال
حدثني أبي، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن أبي العرب الضبي، قال:
حدثنا محمد بن زكريا بن دينار الغلابي....
2) في الأصل: أذكر، وما أثبتناه هو الأنسب.
3) أضفناها لضرورتها.
4) أضفناها لضرورتها.
5) أي المسجد.
87

المهاجرين والأنصار والمسلمين.
فانطلقوا لأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله فجلس على أعلى درجة
من منبره، فلما حشد المسجد بأهله قام رسول الله صلى الله عليه وآله فحمد الله وأثنى عليه، وقال:
" الحمد الله الذي رفع السماء فبناها، وبسط الأرض فدحاها، وأثبتها بالجبال
فأرساها، فأخرج منها ماءها ومرعاها، الذي يعظم عن صفات الواصفين، ويجلل
عن تحبير لغاب الناطقين، وجعل الجنة ثواب المتقين، والنار عقاب الظالمين
وجعلني نقمة للكافرين، ورأفة ورحمة على المؤمنين.
عباد الله، إنكم في دار أمل، حياة فيها (1) وأجل، وصحة وعلل، دار زوال وتقلب
أحوال، جعلت سببا للارتحال، فرحم الله امرءا قصر من أمله، وجد في عمله، وأنفق
الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله، وقدم ليوم فاقته ليوم يحشر فيه الأموات
وتخشع له الأصوات، وتنكر الأولاد والأمهات (وترى الناس سكارى وما هم
بسكارى) (2) يوم (يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين) (3)
يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها
وبينه أمدا بعيدا) (4) (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) (5)
يوم تبطل فيه الأنساب وتقطع الأسباب، ويشتد فيه على المجرمين الحساب
ويدفعون إلى العذاب (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز، وما الحياة الدنيا
إلا متاع الغرور). (5)
يا أيها الناس إنما الأنبياء حجج الله عز وجل في أرضه، والناطقون بكتابه
القائلون بوحيه، العالمون بعلمه، وإن الله أمرني أن أزوج كريمتي فاطمة بأخي

1) في الأصل غير واضحة، فاحتملنا ما أثبتناه، وهو الأظهر،
2) اقتباس من سورة الحج: 2.
3) اقتباس من سورة النور: 25.
4) اقتباس من سورة آل عمران: 30.
5) اقتباس من سورة الزلزلة: 7 و 8
6) اقتباس من سورة آل عمران: 185.
88

وابن عمي، وأولى الناس بي علي بن أبي طالب، وإن الله قد زوجه في السماء
بشهادة الملائكة، وأمرني أن أزوجه [في الأرض] (1) وأشهدكم على ذلك ".
ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال: قم يا علي فاخطب لنفسك.
قال: يا رسول الله! أخطب وأنت حاضر؟
قال: اخطب بها لدي (2) أمرني جبرئيل أن آمرك أن تخطب لنفسك، ولولا
أن الخطيب في الجنان داود لكنت أنت يا علي.
ثم قال النبي صلى الله عليه وآله: يا أيها الناس اسمعوا قول نبيكم: " إن الله عز وجل
بعث أربعة آلاف نبي و [لكل نبي] (3) وصي، فأنا خير الأنبياء، ووصيي خير
الأوصياء "، ثم أمسك رسول الله صلى الله عليه وآله وابتدأ علي عليه السلام، فقال:
" الحمد لله الذي ألهم بفواتح علمه الناطقين، وأنار بثواقب عظمته [قلوب] (4)
المتقين، وأوضح بدلائل أحكامه طرق السالكين (5) وأبهج بابن عمي المصطفى
العالمين، وعلت دعوته دواعي الملحدين، واستظهرت كلمته على بواطل المبطلين
وجعله خاتم النبيين، وسيد المرسلين، فبلغ رسالة ربه، وصدع بأمره، وبلغ
عن الله آياته.
والحمد لله الذي خلق العباد بقدرته، وأعزهم بدينه، وأكرمهم بنبيه، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة تبلغه وترضيه، وصلى الله عليه محمد صلاة تزكيه وتحظيه.
و [بعد: فان] (6) النكاح مما أمر الله به وأذن فيه. مجلسنا هذا مما قضاه الله
تعالى ورضيه، وهذا محمد بن عبد الله [رسول الله] (7) قد زوجني ابنته فاطمة على

1) أضفناها للزومها.
2) كذا في الأصل، وفى بعض المصادر " فهكذا ".
3) أضفناها لاستقامة العبارة.
4) أضفناها اتماما للمعنى.
5) في الأصل: الفاضلين، وما أثبتناه هو الأنسب.
6) أضفناها من بقية المصادر.
7) أضفناها للزومها.
89

صداق أربعمائة درهم - أو دينار (1) - وقد رضيت بذلك، فاسألوه واشهدوا.
فقال المسلمون: زوجته يا رسول الله؟ قال نعم.
قال المسلمون: بارك الله لهما وعليهما وجمع شملهما. (2)
حديث المهر وكم قدره
9 - روى المنهال (3) عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
ضجت الملائكة إلى الله فقالوا:
إلهنا وسيدنا، أعلمنا: ما مهر [فاطمة] (4) لنعلم ونتبين أنها أكرم الخلق عليك؟
فأوحى الله إليهم: ملائكتي وسكان سماواتي، أشهدكم أن مهر فاطمة بنت
محمد نصف الدنيا. (5)
10 - منها أن جابر الجعفي (6) قال: قال سيدي الباقر محمد بن علي عليهما السلام في
قوله تعالى: (وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة

1) الترديد من الراوي.
2) رواه ابن جرير الطبري في دلائل الإمامة: 16 عن جابر (مثله).
3) ذكر السند في دلائل الإمامة هكذا: حدثني أبو الحسن محمد بن هارون بن موسى
بن أحمد بن إبراهيم بن سعد التلعكبري، قال: أخبرني أبي، قال: حدثنا أبو علي
أحمد بن محمد بن جعفر الصولي. قال: حدثنا محمد بن زكريا بن دينار الغلابي
قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، قال: حدثنا الحسن بن عمارة عن المنهال...
4) في الأصل: ما مهرها، وما أثبتناه توضيحا للعبارة.
5) رواه في دلائل الإمامة: 18، وفى مدينة المعاجز: 146 عن أبي ذر (ره) عن رسول الله
صلى الله عليه وآله (مثله).
6) السند في دلائل الإمامة هكذا: حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا
أبو العباس غياث الديلمي، عن الحسن بن محمد بن يحيى الفارسي، عن زيد الهروي
عن الحسن بن مسكان، عن نجبة، عن جابر الجعفي.....
90

عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين) (1)
فقال عليه السلام: إن قوم موسى شكوا إلى ربهم الحر والعطش، فاستسقى موسى
الماء. وشكا إلى ربه مثل ذلك، وقد شكا المؤمنون إلى جدي رسول الله صلى الله عليه وآله
فقالوا: يا رسول الله، تعرفنا من الأئمة بعدك؟ فما مضى من نبي [إلا] (2) وله
وصي وأئمة بعده، وقد علمنا أن عليا وصيك، فمن الأئمة من بعده؟
فأوحى الله إليه: إني قد زوجت [عليا] (3) بفاطمة في سمائي تحت ظل عرشي
وجعلت جبرئيل خطيبها، وميكائيل، وليها، وإسرافيل القابل عن علي، وأمرت
شجرة طوبى فنثرت عليهم اللؤلؤ الرطب والدر والياقوت والزبرجد الأحمر
والأخضر والأصفر ومناشير مخطوطة كالنور، فيها أمان لملائكتي ويدخرونها (4)
إلى يوم القيامة.
وجعلت نحلتها من علي خمس الدنيا وثلثي الجنة، وجعلت نحلتها في الأرض
أربعة أنها: الفرات والنيل ومهران (5) ونهر بلخ.
فزوجها أنت يا محمد بخمسمائة درهم تكون سنة لامتك، فإنك إذا زوجت
عليا من فاطمة جرى منهما أحد عشر إماما من صلب علي، سيد كل أمة إمامهم في
زمانه، ويعلمون كما علم قوم موسى مشربهم.
وكان [بين] (6) تزويج أمير المؤمنين بفاطمة عليهما السلام في السماء إلى تزويجها في

1) البقرة: 60.
2) أضفناها لضرورتها.
3) أضفناها لاتمام العبارة.
4) في الأصل: ويدخروا وما أثبتناه هو الأظهر.
5) في بقية المصادر " دجلة ".
6) أضفناها ليستقيم الكلام.
91

الأرض أربعين يوما. (1)
خبر محمود الملك
11 - روى علي بن جعفر (2) عن موسى بن جعفر عليه عليهما السلام قال:
بينا رسول الله صلى الله عليه وآله جالس إذ دخل عليه ملك له أربعة وعشرون وجها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: حبيبي جبرئيل، لم أرك في مثل هذه الصورة؟ فقال الملك:
لست بجبرئيل أنا محمود، بعثني الله عز وجل أن أزوج النور من النور.
قال: من؟ ممن؟ قال: فاطمة من علي وصيك.
قال: فلما ولى الملك إذا بين كتفيه مكتوب: محمد رسول الله وعلي وصيه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: منذ كم كتب هذا بين كتفيك؟
فقال: من قبل أن يخلق الله تعالى آدم بمائتين وعشرين ألف عام. (3)

1) رواه في دلائل الإمامة: 18، وفى مدينة المعاجز: 146 ح 28، عن جابر الجعفي عن
الباقر عليه السلام (مثله).
أخرج مثله في البحار: 36 / 265 ح 86، وفى اثبات الهداة: 3 / 131 ح 891
ضمن حديث طويل عن المناقب: 1 / 242.
2) السند في دلائل الإمامة هكذا: أخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن موسى القمي، قال: حدثني جعفر بن مسرور، قال:
حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن المعلى بن محمد، عن أحمد بن محمد البزنطي
عن علي بن جعفر....
3) رواه الصدوق في أماليه: 474 ح 19، والخصال: 640 ح 17، ومعاني الأخبار:
103 ح 1 (مثله)، عنها البحار: 43 / 111 ح 23.
ورواه الكليني في الكافي: 1 / 460 ح 8، عنه مدينة المعاجز: 159.
ورواه في دلائل الإمامة: 19. وفى مدينة المعاجز: 146 عن مسند فاطمة " ويقال له
مناقب فاطمة " عليها السلام.
أخرجه في البحار: المذكور عن المناقب: 3 / 126 وفيه: وفى رواية بأربعة
وعشرين ألف عام.
92

خبر النثار
12 - روى (1) أبو الصلت عبد السلام بن صالح، عن علي بن موسى الرضا
عليهما السلام أنه قال:
حدثني أبي، عن أبيه، عن جده [عن أبيه، عن علي] (2) عليهم السلام قال:
لما زوجني النبي صلى الله عليه وآله (3) بفاطمة، قال لي: أبشر يا علي، فان الله قد كفاني
ما أهمني من أمر تزويجك.
قال: قلت: وما ذاك؟ قال: أتاني جبرئيل بسنبلة من سنبل الجنة، وقرنفلة من
قرنفلها، فأخذتهما وشممتهما [وقلت يا جبرئيل ما شأنهما] (4).
فقال: إن الله عز وجل أمر ملائكة الجنة وسكانها أن بزينوا الجنة بأشجارها
وأنهارها وقصورها ودورها وبيوتها ومنازلها وغرفها، وأمر الحور العين أن يقرءا:
حم عسق، ويس، وفي رواية: طه ويس.
ثم نادى مناد: اشهدوا أجمعين [أن] الله يقول: إني قد زوجت فاطمة بنت
محمد من علي بن أبي طالب.
ثم بعث الله تعالى عليهم السحابة، فأمطرت عليهم الدر والياقوت واللؤلؤ
والجوهر.
ونثرت الملائكة السنبل والقرنفل، فهذا مما نثرت الملائكة. (5)

1) السند في دلائل الإمامة هكذا: أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري
قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، قال حدثنا أبو القاسم التستري، قال: حدثنا أبو
الصلت....
2) أضفناها اتماما للسند.
3) في الأصل: لما زوج النبي عليا، وما أثبتناه هو الأصح.
4) أضفناها من بعض المصادر لاتمام العبارة.
5) رواه الصدوق في أماليه: 448 ح 1، وفى العيون: 1 / 222 ح 1 (ضمن حديث طويل).
عنهما البحار: 43 / 101 ح 12، وعوالم فاطمة الزهراء عليها السلام: 11 /
185 ح 28.
وروى مثله في دلائل الإمامة: 19، باسناده عن الهروي، عن الرضا، عن آبائه، عن علي
ابن أبي طالب عليهم السلام.
أخرج مثله في مدينة المعاجز: 147، عن كتاب مسند (مناقب) فاطمة عليها السلام.
93

خبر الوليمة
13 - قد ذكرناه في أعلام فاطمة عليها السلام في هذه المجموعة.
خبر ليلة الزفاف
14 - حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: [حدثنا] أبو العباس أحمد
ابن محمد بن [أحمد بن] سعيد الهمداني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن [أحمد
ابن] الحسن، عن موسى بن إبراهيم المروزي، قال: حدثنا موسى بن جعفر، عن
أبيه، عن جده عليهم السلام، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال:
لما زوج رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة من علي عليهما السلام، أتاه ناس من قريش، فقالوا:
إنك زوجت عليا بمهر قليل!
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أنا زوجت عليا ولكن الله تعالى زوجه ليلة أسري بي
إلى السماء [قصرت] عند سدرة المنتهى، أوحى الله تعالى إلى السدرة (1) أن انثري
ما عليك، فنثرت الدر والمرجان، فابتدر الحور العين فالتقطن، فهن يتهادينه (2)
ويتفاخرن به ويقلن: هذا من نثار فاطمة عليها السلام بنت محمد صلى الله عليه وآله.
فلما كانت ليلة الزفاف اتي النبي صلى الله عليه وآله ببغلته الشهباء، وثنى عليها قطيفة، وقال
لفاطمة: اركبي، وأمر سلمانا أن يقودها والنبي صلى الله عليه وآله يسوقها.
فبينما هم في بعض الطريق إذ سمع النبي صلى الله عليه وآله جلبة، فإذا هو جبرئيل في سبعين
ألفا [من الملائكة] وميكائيل في سبعين ألفا.

1) في الأصل: إلى السماء والسدرة وما أثبتناه موافقا للعبارة.
2) التهادي: أن يهدى بعضهم إلى بعض.
وفى الحديث " تهادوا تحابوا ". " لسان العرب: 15 / 257 ".
94

فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما أهبطكم إلى الأرض؟
قالوا: جئنا نزف فاطمة إلى زوجها علي بن أبي طالب عليه السلام.
فكبر جبرئيل وميكائيل، وكبرت الملائكة وكبر محمد صلى الله عليه وآله.
فوقع التكبير على العرائس من تلك الليلة سنة.
قال علي عليه السلام: ثم دخل إلى منزلي (1) فدخلت إليه فدنوت منه، فوضع كف
[فاطمة] الطيبة (2) في كفي، وقال: ادخلا المنزل ولا تحدثا أمرا حتى آتيكما.
قال علي عليه السلام: فدخلت أنا وهي المنزل، فما كان إلا أن دخل رسول الله صلى الله عليه وآله
وبيده مصباح، فوضعه في ناحية المنزل، ثم قال: يا علي، خذ في ذلك القعب ماء
من تلك الشكوة. قال: ففعلت، ثم أتيته به، فتفل فيه تفلات، ثم ناولني القعب
فقال: اشرب. فشربت، ثم رددته إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فناوله فاطمة عليها السلام. ثم قال
لها: اشربي حبيبتي، فجرعت منه ثلاث جرعات، ثم ردته على أبيها، وأخذ ما بقي
من الماء فنضحه على صدري وصدرها.
ثم قال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (3).
ثم رفع يده فقال: يا رب إنك لم تبعث نبيا إلا وقد جعلت له عترة، اللهم
فاجعل العترة الهادية من علي وفاطمة، ثم خرج.
قال علي عليه السلام: فبت بليلة لم يبت أحد من العرب بمثلها، فلما أن كان في آخر
السحر أحسست برسول (4) الله صلى الله عليه وآله معنا فذهبت لأنهض، فقال لي: مكانك يا علي
أتيتك في فراشك رحمك الله. فأدخل النبي صلى الله عليه وآله رجليه معنا في الدثار، ثم أخذ
مدرعة كانت تحت رأس فاطمة، فاستيقظت (5) فاطمة، فبكى وبكت، وبكيت لبكائهما

1) في الأصل: منزله، تصحيف.
2) في الأصل: كفه اللطيفة، وما أثبتناه أظهر.
3) سوره الأحزاب: 33.
4) في الأصل: بحس رسول.
5) في الأصل: ثم استيقظت، تصحيف.
95

فقال لي: ما يبكيك يا علي.
فقلت: فداك أبي وأمي، بكيت وبكت فاطمة، فبكيت لبكائكما. (1)
قال: نعم أتاني جبرئيل عليه السلام، فبشرني بفرخين كريمين يكونان لك، ثم عزيت
بأحدهما وعرفت أنه يقتل غريبا عطشانا، فبكت فاطمة حتى علا بكاؤها.
ثم قالت: يا أبت لم يقتلوه وأنت جده، وعلي أبوه، وأنا أمه؟!
قال: يا بنية، طلب الملك، أما إنه ليعلن عليهم سيف لا يغمد إلا على يدي المهدي
من ولدك.
يا علي، من أحبك وأحب ذريتك فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحبه الله
ومن أبغضك وأبغض ذريتك لقد أبغضني.
ومن أبغضني فقد أبغضه الله وأدخله النار. (2)
خبر الطيب
15 - روى جابر الجعفي (3) عن جعفر بن محمد عليهما السلام عن أبيه، عن علي بن
الحسين عليهم السلام عن محمد بن عمار بن ياسر، قال: سمعت أبي عمار بن ياسر، يقول:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي عليه السلام يوم زوجه فاطمة عليها السلام (4):
يا علي، ارفع رأسك إلى السماء فانظر ما ترى؟

1) في الأصل: لبكائهما، تصحيف.
2) رواه الطوسي في أماليه: 1 / 263 (إلى قوله: على العرائس من تلك الليلة). عنه
البحار: 43 / 104 ح 15، وعوالم فاطمة الزهراء عليها السلام: 11 / 195 ح 35.
ورواه في دلائل الإمامة: 23 بتمامه.
أخرجه بتمامه أيضا في مدينة المعاجز: 148 عن كتاب مسند (مناقب) فاطمة عليها السلام.
3) السند في دلائل الإمامة هكذا: حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري القاضي
قال " أخبرنا القاضي أبو الحسين علي بن مالك السياري، قال، أخبرنا محمد بن زكريا
الغلابي، قال: حدثني جعفر بن محمد بن عمارة الكندي، قال: حدثني أبي، عن
جابر الجعفي....
4) في الأصل زيادة: من على.
96

قال: رفعت رأسي ورأيت جوار مزينات معهن هدايا. قال: فأولئك خدمك
وخدم فاطمة في الجنة، فانطلق إلى منزلك، ولا تحدث شيئا حتى آتيك.
[قال عمار] (1): فما كان إلا أن مضى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى منزله، وأمرني أن أهدي
لهما طيبا.
قال عمار: فلما كان من الغد جئت إلى منزل فاطمة عليها السلام ومعي الطيب.
فقالت: يا أبا اليقظان، ما هذا الطيب؟ قلت: طيب، أمرني به أبوك أن اهديه لك.
قالت: والله لقد أتاني من السماء طيب مع جوار من الحور العين، وإن فيهن
جارية حسناء كأنها القمر ليلة البدر.
فقلت: من بعث بهذا الطيب؟
فقالت: دفعه لي رضوان خازن الجنة، وأمر هؤلاء الجواري أن ينحدرن معي
ومع كل واحدة منهن ثمرة من ثمار الجنة في اليد اليمنى، وفي اليد اليسرى طاقة (2)
من رياحين الجنة، فنظرت الجواري وإلى حسنهن.
فقلت: لمن أنتن؟ فقلن: نحن لك ولأهل بيتك ولشيعتك من المؤمنين.
فقلت: أفيكن من أزواج ابن عمي أحد؟
قلن: أنت زوجته في الدنيا والآخرة، ونحن خدمك وخدم ذريتك.
[قال]: وحملت بالحسن، فلما رزقته بعد أربعين يوما حملت بالحسين، ثم رزقت
زينب وأم كلثوم، وحملت بمحسن.
فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وجرى ما جرى يوم دخول القوم عليها [دارها]

1) أضفناها لاتمام الكلام.
2) الطاقة: شعبة من ريحان أو شعر وقوة من الخيط أو نحو ذلك. (لسان العرب: 10 / 232).
97

وإخراج ابن عمها أمير المؤمنين عليه السلام ضربوا (1) الباب على بطنها حتى أسقطت
به ولدا تماما، وكان أصل مرضها ذلك ووفاتها عليها السلام. (2)
منزل فاطمة عليها السلام في الجنة:
16 - روى عبد الله بن مسعود (3) عن النبي صلى الله عليه وآله، قال:
كنا في غزاة تبوك ونحن نسير معه، فقال:
يا بن مسعود، إن الله عز وجل أمرني أن أزوج فاطمة من علي. ففعلت.
وقال لي جبرئيل: إن الله عز وجل قد بنى جنة من قصب اللؤلؤ، بين كل قصة
إلى قصبة لؤلؤة من ياقوتة مشذرة بالذهب، وجعل سقوفها زبرجدا أخضرا، فيها
طاقات من اللؤلؤ مكللة بالياقوت، وجعل عليها غرفا، لبنة من ذهب، ولبنة من فضة
ولبنة من در، ولبنة من ياقوت، ولبنة من زبرجد، وقبابا من در قد شعبت بسلاسل
الذهب، وحفت بأنواع الشجر، وبنى في كل قصر قبة، وجعل في كل قبة أريكة
من درة بيضاء، فرشها السندس والإستبرق، وفرش أرضها بالزعفران والمسك
والعنبر، وجعل في كل قبة مائة باب، وفي كل باب جاريتان وشجرتان، وفي كل قبة
فرش وكتاب مكتوب حول القبة آية الكرسي.
فقلت: يا جبرئيل لمن بنى الله عز وجل هذه الجنة؟
فقال: هذه جنة بناها الله تعالى لعلي بن أبي طالب وفاطمة ابنتك عليهما السلام تحفة

1) في الأصل: وضربوا، والأنسب هو ما أثبتناه.
2) روى مثله في دلائل الإمامة: 26.
3) السند في دلائل الإمامة هكذا: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري، قال:
أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن فضالة، قال: حدثنا أحمد بن عبيد بن
ناصح، قال: حدثنا عبد النور المسمعي، قال: حدثنا شعبة بن الحجاج، عن عمر بن
عميرة، عن إبراهيم بن مسروق، عن عبد الله بن مسعود....
98

أتحفها الله بها وأقربها عينيك يا محمد. (1)
17 - ومنها: روى جابر الجعفي (2) عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام
عن جابر بن عبد الله، قيل [لرسول الله صلى الله عليه وآله] (3):
يا رسول الله، إنك تقبل فاطمة وتلزمها وتدنيها منك، وتفعل بها مالا تفعله بأحد
من بناتك؟
فقال: أتاني جبرئيل بتفاحة من تفاح الجنة، فأكلتها فتحولت في صلبي
ثم واقعت خديجة، فحملت بفاطمة، فأنا أشم منها رائحة الجنة، فإذا اشتقت إلى
الجنة شممت رائحتها. (4)

1) رواه في دلائل الإمامة لابن جرير الطبري: 50.
ورواه في المناقب لابن شهرآشوب: 3 / 113، عنه البحار: 43 / 41: وعوالم فاطمة
عليها السلام: 11 / 65 عن أبي صالح في الأربعين.
وأخرجه في فضائل الخمسة من الصحاح السنة: 2 / 131 و ج 3 / 115 وفى إحقاق الحق:
6 / 66 عن مجمع الزوائد للهيثمي: 9 / 204.
ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق: 1 / 238 في ترجمة الإمام علي عليه السلام عن عبد الله
ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وآله.
وأخرجه في إحقاق الحق: 17 / 335 عن المحاسن المجتمعة للعلامة الصفودي: 192
عن ابن مسعود.
2) ذكر السند في دلائل الإمامة هكذا: أخبرني القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد بن
جعفر الباقر جى، قال: حدثني خديجة أم الفضل ابنة محمد بن أحمد بن أبي الثلج
قالت: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز
ابن يحيى الجلودي. قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا جعفر بن عمارة الكندي
قال: حدثني أبي عن جابر الجعفي....
3) أضفناها اتماما للعبارة.
4) رواه في علل الشرائع: 2 / 183 ح 1، عنه البحار: 43 / 5 ح 4. وعوالم فاطمة (ع) 11 / 8 ح 2، والمحتضر: 135.
وأسقطت منه العبارة الأخيرة (فإذا اشتقت...)
ورواه في دلائل الإمامة للطبري: 52 باسناده إلى أبى جعفر عليه السلام عن جابر بن
عبد الله عن النبي صلى الله عليه وآله.
99

الباب الثالث
في معجزات الإمام الحسن بن علي عليهما السلام
1 - منها: قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري:
قال أبو محمد عبد الله بن محمد البلوي ثم الأنصاري، قال: قال عمارة بن
زيد: سمعت إبراهيم بن سعد، يقول: سمعت محمد بن إسحاق يقول:
[كان] الحسن والحسين عليهما السلام يلعبان، فرأيت الحسن وقد صاح بالنخلة، فأجابته
بالتلبية، وسعت إليه كما يسعى الولد إلى والده (1). (2)
2 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد، قال: حدثنا
سلمة بن محمد، قال حدثنا محمد بن علي الجاشي، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد
عن أبي عروبة، عن سعد بن أبي سعيد، عن أبي سعيد الخدري، قال:
رأيت الحسن بن علي عليهما السلام وهو طفل والطير تظلله، ورأيته يدعو الطير فتجيبه. (3)
3 - ومنها: قال أبو جعفر، عن أبي محمد، عن وكيع، عن الأعمش، عن
مسروق - 4) عن جابر، قال:
رأيت الحسن بن علي عليهما السلام وقد علا في الهواء وغاب في السماء، فأقام بها ثلاثا

1) في الأصل: الوالد إلى ولده، تصحيف، وما أثبتناه هو الأظهر.
2) رواه في دلائل الإمامة: 63. عنه مدينة المعاجز: 203 ح 6.
3) روى في مدينة المعاجز: 203 ح ومثله.
4) في مدينة المعاجز: مروان.
100

ثم نزل بعد ثلاث وعليه السكينة والوقار. (1)
4 - ومنها: قال محمد بن جرير (2): أخبرنا ثقيف البكاء، قال:
رأيت الحسن عليه السلام عند منصرفه من معاوية، وقد دخل عليه حجر بن عدي
فقال: السلام عليك يا مذل (3) المؤمنين.
فقال: مه، ما كنت مذلهم بل أنا معز المؤمنين، إنما أردت الابقاء عليهم.
ثم ضرب برجله في فسطاطه، فإذا (3) أنا في ظهر الكوفة وقد حرق إلى دمشق
ومضى حتى رأينا عمرو بن العاص بمصر ومعاوية بدمشق.
فقال: لو شئت لنزعتهما، ولكن هاه هاه، مضى محمد على منهاج، وعلي على
منهاج، وأنا أخالفهما؟! لا يكون ذلك مني. (4)
5 - ومنها: قال أبو جعفر: [حدثنا] محمد بن سفيان (5) عن أبيه، عن الأعمش
عن إبراهيم، عن منصور (6) قال:
رأيت الحسن عليه السلام وقد خرج مع قوم يستسقون، فقال للناس: أيما أحب إليكم
المطر أم البرد أم اللؤلؤ؟ فقالوا: يا ابن رسول الله ما أحببت. فقال: على أن لا يأخذ
أحد منكم لدنياه شيئا، فأتاهم بالثلاث، ورأيناه يأخذ الكواكب في السماء، ثم

1) روى مثله في دلائل الإمامة: 64، عنه مدينة المعاجز: 203 ح 9 زادا في آخره:
(فقال: بروح آبائي نلت ما نلت).
2) السند في دلائل الإمامة: قال أبو جعفر: وحدثنا أبو محمد، قال: أخبرنا عمارة بن زيد
قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا محمد بن جرير، مثله.
3) أدرى: من ثقيف البكاء هذا؟ وكيف ينسب قولا إلى ثبت هو من أكبر صحابة أمير المؤمنين
عليه السلام وقتل في ولائه صبرا؟ أكان هذا رأيا أو نقلا لما يصفه العدو، أو استيضاحا
لما أخبر به؟.
4) في الأصل: فكنا، وما أثبتناه هو الأنسب.
5) رواه في دلائل الإمامة: 64، عنه مدينة المعاجز: 203 ح 10.
6) في دلائل الإمامة: حدثنا أبو محمد سفيان، ولم نعثر له على ترجمة.
7) كذا في الأصل ومدينة المعاجز، وفى دلائل الإمامة وإحقاق الحق: بن منصور، ولم نعثر له
على ترجمة في كتب الرجال.
101

يشتها (1) فتطير كالعصافير إلى مواضعها. (2)
6 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان، قال: حدثنا وكيع، عن
الأعمش، عن أبي موسى، عن قبيصة بن إياس، قال:
كنت مع الحسن عليه السلام وهو صائم، ونحن نسير معه إلى الشام، وليس معه زاد
ولا ماء ولا شئ، إلا ما هو عليه راكبا.
فلما أن غاب الشفق وصلى العشاء فتحت أبواب السماء، وعلقت فيها القناديل
ونزلت الملائكة ومعهم الموائد والفواكه، وطشت وأباريق، وموائد تنصب ونحن
سبعون رجلا.
فأكلنا (3) من كل حار وبارد وحتى امتلأنا وامتلأ، ثم رفعت على هيئتها
لم تنقص. (4)
7 - ومنها: قال أبو جعفر، عن أبي محمد سفيان، عن أبيه، عن الأعمش قال:
قال محمد بن صالح: رأيت الحسن عليه السلام يوم الدار، وهو يقول:
أنا أعلم من يقتل عثمان.
فسماه [قبل] أن يقتله بأربعة أيام، فكان أهل الدار يسمونه الكاهن. (5)

1) في بعض المصادر: يرسلها، يسيبها.
2) روى مثله في دلائل الإمامة: 64، عنه مدينة المعاجز: 204 ح 11.
أخرج مثله في إحقاق الحق: 5 / 156 عن صاحب كتاب مناقب فاطمة وولدها عليهم السلام
باسناده عن إبراهيم بن منصور.
3) في الأصل: فينقل، تصحيف، وما أثبتناه هو الأظهر.
4) روى مثله في دلائل الإمامة: 64 باسناده عن قبيصة بن اياس، عنه مدينة المعاجز: 4. 2 ح 12
أخرج مثله في اثبات الهداة: 5 / 156 ح 25 عن صاحب كتاب مناقب فاطمة وولدها
عليهم السلام.
5) رواه في دلائل الإمامة: 65. عنه، مدينة المعاجز: 204 ح 14.
102

8 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان [عن أبيه] عن الأعمش
عن أبي بريدة، عن محمد بن حجارة، قال:
رأيت الحسن وقد مرت به صريمة (1) من الظباء فصاح بهن فأجابته كلها بالتلبية
حتى ذهبت بين يديه، فقلنا: يا بن رسول الله هذا وحش فأرنا آية من أمر السماء.
فأومى نحو السماء ففتحت الأبواب ونزل نور حتى أحاط بدور المدينة
فتزلزلت الدور حتى كادت أن تخرب، فقلنا: يا بن رسول الله، ردها.
فقال لي (1): [نحن الأولون و] نحن الآخرون، ونحن الآمرون، ونحن النور بنور
الروحانيين، ننور بنور الله ونروح بروحه، فينا مسكنه وإلينا معدنه، الاخر منا كالأول
والأول منا كالاخر. (3)
9 - ومنها: قال أبو جعفر حدثنا أبو محمد سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، عن
مسروق، عن جابر، قال: قلت الحسن عليه السلام: أحب أن أرى معجزة فتحدث عنك
ونحن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله.
فضرب برجله الأرض حتى أراني البحور وما يجري [فيها] من السفن.
ثم أخرج من سمكها (4) فأعطانيه.
فقلت (5) لابني محمد: إحمل إلى المنزل. فحمل فأكلنا منه ثلاثا. (6)

1) الصريم والصريمة: القطعة المنقطعة من معظم الرمل، وصريمة من غضى وسلم أي جماعة
منه. (لسان العرب: 12 / 336).
2) في الأصل: هكذا، ولكن الأولى أن تكون: فقال لنا.
3) روى مثله في دلائل الإمامة: 65، عنه مدينة المعاجز: 204 ح 15.
4) في الأصل: منه سمكة، وما أثبتناه أوفق للسياق.
5) في الأصل: فقال، وما أثبتناه هو الأظهر.
6) روى مثله في دلائل الإمامة: 65، عنه مدينة المعاجز: 204 ح 16.
103

10 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، عن القاسم
ابن إبراهيم الكلابي، عن زيد بن أرقم، قال:
كنت بمكة والحسن بن علي عليهما السلام بها، فسألناه أن يرينا معجزة نتحدث بها عندنا
بالكوفة، فرأيته وقد تكلم ورفع البيت حتى علا به في الهواء، وأهل مكة يومئذ
غافلون منكرون (1) فمن قائل يقول: ساحر، ومن قائل يقول: أعجوبة.
فحار خلق كثير تحت البيت، والبيت في الهواء، ثم رده. (2)
11 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، عن سويد
الأزرق، عن سعد بن منقذ، قال:
رأيت الحسن عليه السلام بمكة وهو يتكلم بكلام وقد رفع البيت - أو قال حوله -
فتعجبنا منه، فكنا نحدث ولا نصدق حتى رأيناه في المسجد الأعظم بالكوفة
فحدثناه: يا بن رسول الله، ألست فعلت كذا وكذا؟!
فقال: لو شئت لحولت مسجدكم [هذا] إلى (...) (3) وهو ملتقى النهرين، الفرات
والشهر الاعلى.
فقلنا: افعل. ففعل ذلك، ثم رده، فكنا نصدق بعد ذلك بالكوفة بمعجزاته. (4)
12 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد [الله] بن محمد، والليث
ابن محمد بن موسى الشيباني قالا: أخبرنا إبراهيم بن كثير، عن محمد بن جبرئيل، قال:
رأيت الحسن عليه السلام وقد استسقى ماءا، فأبطأ عليه المولى، فاستخرج من سارية
المسجد ماءا فشرب، وسقى أصحابه.

1) في دلائل الإمامة: معتمرون مكبرون.
2) رواه في دلائل الإمامة: 66، عنه مدينة المعاجز: 204 ح 17.
3) العبارة هنا ليست واضحة، وفى الأصل: " قم نفسه... "، في مدينة المعاجز: " قم بقمه ".
4) رواه في دلائل الإمامة: 66، عنه مدينة المعاجز: 204 ح 18.
104

ثم قال: لو شئت لسقيتكم لبنا وعسلا، فقلنا فاسقنا.
فسقانا لبنا وعسلا من سارية [المسجد] مقابل الروضة التي فيها قبر فاطمة عليها السلام. (1)
13 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير، [عن محمد
ابن محرز بن يعلى] عن أبي أيوب الواقدي، عن محمد بن هامان، قال:
رأيت الحسن بن علي عليهما السلام ينادي الحيات فتجيبه، ويلفها على يده وعنقه
[ويرسلها، قال] فقال رجل من ولد عمر:
أنا أفعل ذلك فأخذ حية فلفها على يده فلسعته حتى مات. (2)
14 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد البلوي، عن
عمارة بن زيد المدني، [عن إبراهيم بن سعيد ومحمد بن مسعر كليهما] (3) عن
محمد بن إسحاق صاحب المغازي، عن عمه عطاء (4) بن يسار، عن عبد الله بن
عباس، قال: مرت بالحسن عليه السلام بقرة، فقال:
هذه حبلى بعجلة أنثى، لها غرة في جبهتها ورأس ذنبها أبيض، فانطلقنا مع القصاب
حتى ذبحها (5) فوجدنا العجلة كما وصف على صورتها.
فقلنا له: أوليس الله عز وجل يقول: (ويعلم ما في الأرحام) (6) فكيف علمت؟
قال: بالعلم المكنون المخزون المكتوم، الذي لم يطلع عليه مالك مقرب
ولا نبي مرسل إلا محمد صلى الله عليه وآله وذريته عليهم السلام. (7)

1) رواه في دلائل الإمامة: 66، عنه مدينة المعاجز: 204 ح 19 و 20.
2) رواه في دلائل الإمامة: 66، عنه مدينة المعاجز: 204 ح 19 و 20.
3) أضفناها كما في دلائل الإمامة. وفى مدينة المعاجز: إبراهيم بن سعد وإبراهيم بن
مسعر كلاهما.
4) في الأصل: قال عنه عطاس، وما أثبتناه هو الأظهر كما في دلائل الإمامة.
5) في الأصل: ذبح وما أثبتناه هو الأنسب.
6) لقمان: 34.
7) روى مثله في دلائل الإمامة: 67، عنه مدينة المعاجز: 204 ح 22.
105

15 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا سليمان بن إبراهيم الضبي (1).
قال: حدثني زر (2) بن كامل، عن أبي نوفل محمد بن نوفل العبدي، قال:
شهدت الحسن عليه السلام وقد أوتي بظبية، فقال:
هي حبلى بخشفين أحدهما في عنقها (3) غيد.
فذبحها فوجدنا كما قال عليه السلام. (4)
16 - ومنها: روى علي بن أبي حمزة، عن علي بن معمر، عن أبيه، [عن
أسد] (5) عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: جاء الناس إلى الحسن عليه السلام، فقالوا له:
أرنا ما عندك من عجائب أبيك التي كان يريناها.
فقال: تؤمنون بذلك؟ قال كلهم: نعم، نؤمن به والله.
قال: فأحيى لهم ميتا بإذن الله. فقالوا بأجمعهم:
نشهد أنك ابن أمير المؤمنين عليه السلام حقا، وأنه كان يرينا مثل هذا كثيرا، (6)

1) في دلائل الإمامة: النصيبيني، وفى الأصل غير واضحة، ولم نعثر عليه في كتب الرجال
وما أثبتناه من مدينة المعاجز.
2) هكذا في الأصل، وكما في دلائل الإمامة، وفى مدينة المعاجز: زيد، ولم نعثر عليه
في كتب الرجال.
3) في الأصل: عينها، والصحيح ما أثبتناه، لان الغيد ميلان العنق واسترخاءه راجع (لسان
العرب: 3 / 327).
4) رواه في دلائل الإمامة: 67، عنه مدينة المعاجز: 205 ح 23 (مثله)
5) أضفناها كما في دلائل الإمامة.
6) رواه الطبري في دلائل الإمامة: 68، عنه مدينة المعاجز: 205 ح 26.
106

الباب الرابع
في معجزات وأعلام الحسين بن علي عليهما السلام
1 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان، عن وكيع، عن الأعمش قال:
قال لي أبو محمد الواقدي وزرارة بن حلح:
لقينا الحسين بن علي عليهما السلام قبل أن يخرج إلى العراق بثلاث، فأخبرناه بضعف
الناس بالكوفة وأن قلوبهم معه وسيفوفهم عليه، فأومى بيده نحو السماء، ففتحت
أبواب السماء ونزل (2) الملائكة عدد لا يحصيهم إلا الله تعالى، وقال:
لولا تقارب الأشياء وهبوط الاجر لقاتلتهم بهؤلاء، ولكن أعلم علما أن من هناك
مصرعي (3) وهناك مصارع أصحابي لا ينجو منهم إلا ولدي علي عليه السلام. (4)
2 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا محمد بن جنيد، عن أبيه جنيد بن أسلم بن
جنيد، عن راشد بن مزيد، قال:
شهدت الحسين بن علي عليهما السلام وصحبته من مكة حتى أتينا القطقطانة (5)
ثم استأذنته في الرجوع فأذن لي (6). فرأيته وقد استقبله سبع عقور فكلمه، فوقف له.
فقال له: ما حال الناس بالكوفة؟ قال: قلوبهم معك وسيوفهم عليك. قال:
ومن خلفت بها؟ قال: ابن زياد، وقتل ابن عقيل. ثم انصرف، وهو يقول:

1) في الأصل نزلت: تصحيف وما أثبتناه أظهر للمعنى.
2) أضفناها كما في دلائل الإمامة ولضرورتها في السياق.
3) في الأصل: مصعدي. وما أثبتناه أظهر، كما في دلائل الإمامة.
4) روى مثله في دلائل الإمامة: 74، عنه مدينة المعاجز: 238 ح 13.
5) القطقطانة: موضع قرب الكوفة من جهة البرية بالطف، به كان سجن النعمان بن المنذر
(معجم البلدان: 4 / 374).
6) في المصدر: له، تصحيف وما أثبتناه هو الأظهر.
107

(وما ربك بظلام للعبيد) (1) اشهد الله أنك ولي وابن ولي. (2)
3 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد، عن سعيد بن
شرفي بن القطامي (3) عن زفر بن يحيى، عن كثير بن شاذان، قال:
شهدت الحسين عليه السلام وقد اشتهى عليه ابنه علي الأكبر عنبا في غير أوانه.
فضرب يده إلى سارية المسد فأخرج له عنبا وموزا، فأطعمه، فقال:
ما عند الله لأوليائه أكثر. (4)
4 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا يزيد بن مسروق، عن عبد الله بن مكحول
عن الأوزاعي قال: بلغني خروج الحسين عليه السلام إلى العراق، فقصدت مكة فصادفته
بها، فلما رآني رحب بي [وقال] (5):
مرحبا بك يا أوزاعي، جئت حتى تنهاني عن المسير، وأبى الله عز وجل إلا ذلك
إن من هاهنا [إلى] (6) يوم الاثنين منيتي.
فشهدت في عدد الأيام فكان كما قال. (7)

1) اقتباس من سورة فصلت: 46.
2) رواه في دلائل الإمامة: 74. باسناده عن محمد بن جيد، عن أبيه جيد بن سالم بن
جيد، عن راشد بن مزيد، عنه مدينة المعاجز: 238 ح 15 بالاسناد التالي:
قال حدثنا محمد بن جنيد، عن أبيه، عن جنيد بن سالم بن جنيد، عن راشد بن مزيد.
مع زيادة في المتن بكليهما.
3) كذا في دلائل الإمامة، وفى الأصل: سعد بن صوفي القطا.
4) رواه في دلائل الإمامة: 75. بالاسناد، عن أبي محمد عبد الله بن محمد، عن سعيد
ابن شرفي بن القطامي، عن زفر بن يحيى، عن كثير بن شاذان.
أورده مرسلا في مدينة المعاجز: 238 ح 16 عن دلائل الإمامة.
5) أضفناها لضرورتها وكما في دلائل الإمامة.
6) أضفناها، وفى الأصل مشوشة.
7) رواه في دلائل الإمامة: 75، عنه مدينة المعاجز: 238 ح 18.
أورده في اثبات الهداة: 5 / 207 ح 72 عن كتاب مناقب فاطمة وولدها، باسناده عن الأوزاعي.
108

5 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن الأعمش
قال: سمعت أبا صالح السمار (1) عن حذيفة، يقول:
سمعت الحسين بن علي عليهما السلام يقول: والله ليجتمعن على قتلي طغاة بني أمية
ويقدمهم عمر بن سعد، وذلك في حياة النبي صلى الله عليه وآله.
فقلت له: أنبأك بهذا رسول الله صلى الله عليه وآله؟! فقال: لا. فأتيت النبي صلى الله عليه وآله فأخبرته.
فقال: علمي علمه، وعلمه علمي [إنا] (2) لنعلم (3) بالكائن قبل كينونته. (4)
6 - ومنها: روى أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن أبي إسماعيل
عن حمزة بن حمران، عن أبي جعفر عليه السلام، قال:
ذكرنا (5) خروج الحسين عليه السلام وتخلف ابن الحنفية عنه، فقال: يا حمزة (6) إني
سأحدثك من هذا الحديث بما لا تشك فيه (7) [بعد مجلسنا هذا] (8) فقال:
إن الحسين عليه السلام لما فصل متوجها إلى العراق دعا بقرطاس وكتب:
" بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي إلى بني هاشم (9): أما بعد:

1) في دلائل الإمامة ومدينة المعاجز: التمار.
2) أضفناها كما في دلائل الإمامة.
3) استظهرناها، وفى الأصل: علم.
4) رواه في دلائل الإمامة: 75، عنه مدينة المعاجز: 238 ح 17.
أورده في إحقاق الحق: 5 / 207 ح 71 عن كتاب فاطمة وولدها، باسناده عن حذيفة
إلى قوله: وعلمه علمي.
أخرجه في البحار: 44 / 186 ح 14 عن النجم الثاقب باسناده إلى محمد بن جرير الطبري
عن حذيفة.
5) في دلائل الإمامة: ذكرت، وفى أكثر المصادر كما في المتن.
6) في الأصل: يا أبا حمزة، وهو تصحيف.
7) في البحار والبصائر ومدينة المعاجز: ولا تسأل عنه.
8) أضفناها كما في أغلب المصادر.
9) في الأصل: أبى هاشم، وهو تصحيف.
109

فإنه من لحق بي استشهد ومن تخلف عني لم يبلغ الفتح والسلام ". (1)
7 - ومنها: أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن أبي علي
محمد بن همام، قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: أخبرنا أحمد بن
الحسين الهاشمي (2) - قدم علينا من مصر - قال: حدثنا القاسم بن منصور
الهمداني بدمشق، عن عبد الله بن محمد التميمي، عن سعد بن أبي طيران (3)
عن الحارث بن وكيدة، قال:
كنت فيمن حمل رأس الحسين عليه السلام، فسمعته يقرأ سورة الكهف، فجعلت أشك (4)
في نفسي وأنا أسمع نغمة الحسين عليه السلام.
فقال لي: يا بن وكيدة أما (5) علمت أنا معشر الأئمة أحياء عند ربنا نرزق؟!
قال: فقلت في نفسي: أسوق رأسه [وقلت أسرقه] (6) فنادى:

1) رواه في بصائر الدرجات للصفار: 481 ح 5 باسناده عن حمزة بن، حمران، عنه
البحار: 42 / 81 ح 12 و ج 45 / 84 ح 13، واثبات الهداة: 5 / 186 ح 18.
ورواه في دلائل الإمامة: 77، عنه مدينة المعاجز: 239 ح 23 باسناده إلى حمزة بن
حمران، وحلية الأبرار: 1 / 600 بنفس الاسناد.
أورده في المناقب لابن شهرآشوب: 230 عن أبي حمزة بن حمران.
أخرجه في اثبات الهداة: 5 / 186 ح 18 عن مختصر البصائر: 6 وعن كامل الزيارات
لابن قولويه: 75 ح 15، باسناده عن زرارة. وعن كتاب الملهوف لابن طاووس:
27 نقلا من كتاب الرسائل للكليني.
وروى مثله في بصائر الدرجات لسعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح.
2) استظهرناها كما في دلائل الإمامة ومدينة المعاجز، وفى الأصل: الحسين بن الهاشم.
3) كذا في الأصل، وفى دلائل الإمامة: بن أبي خيران، وفى مدينة المعاجز: سعدان
ابن أبي طيران، ولكن لم نعثر على ترجمة لايهم في كتب الرجال.
4) في الأصل: أشتكى، وما أثبتناه هو الأظهر.
5) في الأصل: أنى، وهو تصحيف.
6) أضفناها لاتمام العبارة، وكما في مدينة المعاجز.
110

يا بن وكيدة، ليس لك إلى ذلك سبيل، سفكهم دمي أعظم عند الله من تسييرهم (1) إياي.
فذرهم فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون. (2)
8 - ومنها: قال أبو جعفر: أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه
عن أبي علي محمد بن همام، عن أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم
عن أبيه، [عن الحسن بن علي، عن محمد بن سنان،] (3) عن المفضل بن عمر قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام: لما منع الحسين عليه السلام وأصحابه ماء الفرات، نادى فيهم:
من كان ظمآنا فليجئ.
فأتاه رجل رجل [فجعل] (4) إبهامه في راحة واحدهم، فلم يزل يشرب الرجل
بعد الرجل [حتى] (5) ارتووا.
فقال بعضهم لبعض: والله لقد شربت شرابا ما شربه أحد من العالمين في دار الدنيا.
فلما عزموا على القتال (6) - وكان في اليوم الثالث عند المغرب - أقعد الحسين عليه السلام
رجلا رجلا منهم يسميهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، فيجيبه الرجل بعد الرجل
فيقعدون حوله.
ثم يدعو بالمائدة فيطعمهم ويأكل معهم من طعام الجنة ويسقيهم من شرابها. (7)

1) في الأصل: سيرهم، وما أثبتناه أظهر.
2) روى مثله في دلائل الإمامة: 78 باسناده إلى الحرث بن وكيدة، عنه مدينه المعاجز:
239 ح 24 مختصرا.
3) ما بين المعقوفين أضفناه كما في دلائل الإمامة.
4) أضفناها لاتمام العبارة.
5) أضفناها لضرورتها في الكلام.
6) في الأصل: فلما قاتلوا الحسين، وما أثبتناه كما في دلائل الإمامة.
7) رواه في دلائل الإمامة: 78، عنه مدينة المعاجز: 239 ح 25.
أخرجه مختصرا في اثبات الهداة: 5 / 208 ح 76 عن كتاب مناقب فاطمة وولدها عليهم
السلام، باسناده عن المفضل بن عمر.
111

الباب الخامس
في معجزات وأعلام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام
1 - منها: قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري:
قال [و] (1) قال إبليس - لعنه الله -: يا رب إني قد رأيت العابدين لك من عبادك من
أول الدهور إلى آخر عهد علي بن الحسين عليهما السلام فلم أر فيهم أعبد لك ولا أخشع منه
فائذن لي [يا] (2) إلهي أن أكيده لاعلم صبره. فنهاه الله عز وجل عن ذلك فلم ينته.
فتصور لعلي بن الحسين عليهما السلام وهو قائم في صلاته في صورة أفعى له عشرة
أرؤس محددة الأنياب، منقلبة الأعين [من] (3) الحمرة، وطلع عليه من جوف الأرض
من مكان سجوده.
ثم تطول فلم يرعد لذلك ولانظر بطرفه إليه، فانخفض إلى الأرض في صورة
الأفعى، وقبض على عشرة أصابع علي بن الحسين عليهما السلام وأقبل يكدمها (4) بأنيابه وينفخ
عليها من نار جوفه (5) وهو لا ينكسر طرفه إليه ولا يحرك قدميه عن مكانهما ولا يختلجه
[شك] (6) ولا وهم في صلاته.
فلم يلبث إبليس حتى انتقض عليه شهاب محرق من السماء، فلما أحس
[به] (7) إبليس، صرخ وقام إلى جانب علي بن الحسين عليهما السلام في صورته الأولى

1) من دلائل الإمامة: والظاهر أن قال صلة للحديث السابق في الدلائل.
2) أضفناها كما في بقية المصادر.
3) أضفناها اتماما للعبارة.
4) الكدم: هو العض بأدنى الفم كما يكدم الحمار وقيل: هو العض عامة. (لسان العرب:
12 / 405 - كدم).
5) في الأصل: جوفها. والظاهر ما أثبتناه.
6) أضفناها من بقية المصادر، والظاهر أنها كانت سقطا.
7) أضفناها لضرورتها في السياق.
112

ثم قال: يا علي، أنت زين العابدين كما سميت، وأنا إبليس، والله لقد [شاهدت] (1)
من عبادة النبيين والمرسلين من لدن آدم أبيك وإليك، فما رأيت مثل عبادتك
ولوددت أنك استغفرت (2) لي، فان الله كان يغفر لي.
ثم تركه وولى وهو في صلاته لا يشغله شئ حتى قضى صلاته على تمامها. (3)
2 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا (4) عبد الله بن محمد البلوي، قال: سمعت
عمارة بن زيد (5) قال: حدثني إبراهيم بن سعد، قال:
لما كانت وقعة الحسين (6) أغار (7) على المدينة صاحب يزيد بن معاوية - لعنه
الله - في طلب علي بن الحسين عليهما السلام ليقتله أو يسمه، فوجدوه في منزله.
فلما دخلوا عليه ركب السحاب وجاء حتى وقف فوق رأسه، فقال له:

1) أضفناها من بقبة المصادر.
2) في الأصل: استغفر، وما أثبتناه هو الأظهر.
3) رواه ابن شاذان في فضائله: 188، وروضته: 85. باسناده يرفعه إلى أبى عبد الله الصادق (ع).
ورواه الطبري في دلائل الإمامة: 83، والحضيني في الهداية الكبرى: 88.
عنهما مدينة المعاجز: 293 و 317، باسناده عن علي بن موسى، عن جعفر بن محمد عليهم
السلام (مثله).
أورده في المناقب لابن شهرآشوب: 3 / 277 مرسلا عن كتاب الأنوار، عنه البحار:
46 / 58 ح 11. ورواه في مقصد الراغب: 139.
4) في الأصل: " قال حدثنا " والظاهر أن " قال " تكرار.
5) في بقية المصادر: يزيد. ولم نعثر على ترجمة لهما في كتب الرجال.
6) أي وقعة الحرة سنه 63 ه‍ والتي استباح بها (مسرف - مسلم بن عقبه المرى) المدينة
ثلاثة أيام بأمر من يزيد بن معاوية بعد مقتل الإمام الحسين بن علي عليهما السلام.
7) في الأصل: غير، وما في المتن أظهر.
113

أيما أحب إليك، تكف أو آمر الأرض أن تبلعك؟
فقال: ما أردت إلا إكرامك والاحسان إليك.
ثم نزل عن السحاب، وجلس بين يديه، فقرب إليه أقداحا فيها ماء ولبن وعسل.
فاختار علي بن الحسين عليهما السلام لبنا وعسلا، ثم غاب من بين يديه [من] حيث لا يعلم. (1)
3 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن عمار، عن إسحاق بن إبراهيم
ابن عند ر (2) قال: جاء مال من خراسان إلى مكة، فقال محمد بن الحنفية:
هذا المال لي وأنا أحق به.
فقال له علي بن الحسين عليهما السلام: بيني وبينك الصخرة، وحكم محمد بن الحنفية
الصخرة فلم تنطق. وكلمها علي بن الحسين عليهما السلام فنطقت، وقالت:
المال لك، المال لك، وأنت الوصي ابن الوصي، والإمام ابن الإمام.
فبكى محمد، وقال: يا بن أخي لقد ظلمتك وغضبت حقك. (3)
4 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله، عن محمد بن سعيد
عن سالم [بن] (4) قبيصة. قال: شهدت علي بن الحسين عليهما السلام وهو يقول:

1) رواه في دلائل الإمامة: 84، عنه مدينة المعاجز: 293 ح 3.
2) كذا في الأصل. وفى دلائل الإمامة هكذا: قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد بن
عبادة بن زيد، عن أبي إسحاق إبراهيم بن غندر.
وفى مدينة المعاجز هكذا: أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، قال: حدثنا عبد الله بن
محمد، عن عمارة بن زيد، عن أبي إسحاق إبراهيم بن منذر.
3) رواه في دلائل الإمامة: 84، عنه مدينة المعاجز: 293 ح 5.
4) أضفناها كما في دلائل الإمامة.
114

أنا [من] (1) أول من خلق الله (2) وآخر من يهلكها. (3)
فقلت له: يا بن رسول الله وما آية ذلك؟ قال: آية ذلك أن أرد الشمس من مغربها
إلى مشرقها، ومن مشرقها إلى مغربها. فقيل له: افعل ذلك. ففعل. (4)
5 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا سفيان بن وكيع [عن أبيه وكيع] (5) عن
الأعمش، قال: [قال:] (6) إبراهيم بن الأسود التميمي: (7)
رأيت علي بن الحسين عليهما السلام وقد أوتي بطفل مكفوف، فمسح عينيه، فاستوى بصره.
وجاءوا إليه بأبكم فكلمه فأجابه.
وجاءوا إليه بالزمن (8) فمسحه فقام وسعى ومشى. (9)
6 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا أحمد بن سليمان بن أيوب الهاشمي، قال:
حدثنا محمد بن كثير، قال: أخبرنا سليمان بن كمش (10) قال:

1) أضفناها لاستقامة السياق.
2) في الأصل: الأرض، وما أثبتناه هو الأظهر.
3) في بعض المصادر " يملكها ". ويظهر من قول الإمام عليه السلام: " أنا من أول من
خلق الله و... " أنه هو من ذلك النور الذي خلقه الله تعالى - أي " نور محمد وعلى " -
من نوره قبل أن يخلق الدنيا بسبعة آلاف عام. وأنه من العترة التي تكون آخر من
يبقى على وجه الأرض كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: " نحن الأولون ونحن الآخرون "
ونظرا لطول الحديث، راجع البحار: 15 / 7 ح 7 و ج 35 / 34 ح 32 و ج 57 / 43 ح 16.
وما تقدم في ص 82 ح 4: في خلقة أنوار الخمسة وما خلق من أنوارهم عليهم السلام.
4) رواه في دلائل الإمامة: 85، عنه مدينة المعاجز: 293 ح 6.
5) أضفناها كما في دلائل الإمامة.
6) أضفناها لضرورتها في العبارة.
7) في الأصل زيادة " قال " بعدها. وهي تصحيف.
8) الزمن: المقعد.
9) رواه في دلائل الإمامة: 85،، عنه مدينة المعاجز: 293 ح 7.
10) في دلائل الإمامة ومدينة المعاجز: " عيسى ".
115

لقيت علي بن الحسين عليهما السلام فقلت: يا بن رسول الله، إني معدم.
فأعطاني درهما ورغيفا، فأكلت أنا وعيالي من الدرهم والرغيف أربعين سنة (1)
7 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثني خليفة بن هلال، عن أبي نمير علي بن
يزيد، قال: كنت مع علي بن الحسين عليهما السلام عندما انصرف من الشام إلى المدينة
فكنت أحسن إلى نسائه وأقضي حوائجه.
فلما نزلوا المدينة بعثوا إلي بشئ من حليهن، فقلت: فعلت هذا لله تعالى.
فأخذ علي بن الحسين عليهما السلام حجرا أسود صما فطبعه بخاتمه، ثم قال:
خذه وسل كل حاجة لك منه. فوالذي بعث محمدا بالحق لقد كنت أسأله الضوء
في البيت فيسرج في الظلمات، وأضعه على الاقفال فتنفتح، وآخذه بيدي وأقف بين
يدي السلاطين فلا أرى [سوءا] (2). (3)
8 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن منير، عن محمد بن إسحاق الصاعدي
وأبي (4) محمد ثابت بن ثابت، قالا: حدثنا جمهور بن حكيم، قال:
رأيت علي بن الحسين عليهما السلام وقد ثبت له أجنحة وريش، فطار، ثم نزل، فقال:
لقيت الساعة جعفر بن أبي طالب عليهما السلام في أعلى عليين.
فقلت: رجل تستطيع أن تصعد؟ فقال: (... فكيف لا نقدر أن نصعد...) (5).
والعرش والكرسي لنا.

1) روى مثله في دلائل الإمامة: 85، عنه مدينة المعاجز: 293 ح 8.
2) أضفناها كما في مدينة المعاجز. وفى دلائل الإمامة: " الا ما أحب ".
3) رواه في دلائل الإمامة: 85، عنه مدينة المعاجز: 294 ح 9.
4) في الأصل: " عن ".
5) العبارة هنا مضطربة المعنى، وأما استطاعتهم
فبقدرة الله تعالى التي آتاهم علم الكتاب وفوق ما آتي علما من الكتاب لاصف بن برخيا
في قصة ملكة سبأ.
116

ثم أعطاني طلعا في غير أوانه. (1)
9 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد، عن عبارة بن زيد، عن
ثابت، عن أنس بن مالك، قال: لقيت علي بن الحسين عليهما السلام وهو خارج إلى ينبع.
فقلت: يا بن رسول الله لو ركبت لكان أيسر.
فقال: هاهنا ما هو أيسر، فانظر. فحملته الريح وحفت به الطير من كل جانب
فما رأيت مرفوعا أحسن منه، يرفد إلى الطير لتناغيه والريح تكلمه. (2)
10 - ومنها: قال أبو جعفر: أخبرني [أخي] (3) (رض) عن أبي الحسن أحمد
ابن علي المعروف ب‍ " ابن البغدادي " - مولده ب‍ " سورا " (4) في يوم الجمعة [لخمس
بقين من] جمادى الأولى سنة 295 -، قال:
وجدت في الكتاب الملقب بكتاب " المعضلات " رواية أبي طالب محمد
ابن الحسين بن زيد قال: حدثني أبوه، ابن رباح - رفعه عن رجاله - عن محمد
ابن ثابت قال:
كنت جالسا في مجلس سيدنا أبي الحسن علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام
إذ وقف به عبد الله بن عمر بن الخطاب، فقال:
يا علي بن الحسين، بلغني أنك تدعي أن يونس بن منى عرض عليه ولاية أبيك
علي بن أبي طالب عليه السلام فلم يقبله، فحبس في بطن الحوت.
فقال له علي بن الحسين عليهما السلام: يا عبد الله، وما أنكرت [من] (6) ذلك؟

1) رواه في دلائل الإمامة: 86، عنه مدينة المعاجز: 294 ح 10.
2) روى مثله في دلائل الإمامة: 86، عنه مدينة المعاجز: 294 ح 11.
3) أضفناها كما في الدلائل ومدينة المعاجز.
4) وهي موضع بالعراق من أرض بابل، وهي مدينة السريانيين. (معجم البلدان: 3 / 278).
5) أضفناها كما في بقية المصادر.
6) أضفناها لضرورتها في الكلام.
117

قال: إني لا أقبله. فقال: أتريد أن يصح لك ذلك؟ قال له: نعم.
ثم قال له: اجلس. ثم دعا غلامه، فقال: جئنا بعصابتين.
وقال لي: يا محمد بن ثابت، شد عين عبد الله بإحدى العصابتين، واشدد عينك
بالأخرى، فشددنا أعيننا فتكلم بكلام، ثم قال:
حلوا أعينكم. فحللناها، فوجدنا أنفسنا على بساط ونحن على ساحل البحر.
فتكلم بكلام فاستجابت له حيتان البحر إذ ظهرت بينهن حوتة عظيمة، فقال لها:
ما اسمك؟ فقالت: اسمي نون. فقال لها: لم حبس يونس في بطنك؟
فقالت له: مرض عليه ولاية أبيك علي بن أبي طالب فأنكرها، فحبس في بطني
فلما أفر بها وأذعن أمرت، فقذفته. وكذلك من أنكر ولايتكم أهل البيت يخلد
في نار الجحيم.
فقال له: يا عبد الله، أسمعت وشهدت؟ فقال: نعم.
فقال: شدوا أعينكم. فشددناها فتكلم بكلام، ثم قال: حلوها. فحللناها، فإذا
نحن على البساط في مجلسه.
فودعه عبد الله وانصرف، فقلت له: يا سيدي لقد رأيت في يومي عجبا
وآمنت به، فترى عبد الله بن عمر يؤمن بما آمنت به؟
فقال لي: أتحب أن تعرف ذلك؟ فقلت: نعم. فقال:
قم، فاتبعه وماشيه، واسمع ما يقول لك.
قال: فتبعته في الطريق ومشيت معه فقال لي: إنك لو عرفت سحر [بني] (1)
عبد المطلب لما كان هذا في نفسك، هؤلاء قوم يتوارثون السحر كابرا عن كابر (2).

1) أضفناها تصحيحا للعبارة.
2) في الأصل: " كائن عن كائن " وما أثبتناه هو الأنسب
118

فعند ذلك علمت أن الامام لا يقول إلا حقا. (1)
11 - ومنها: قال أبو جعفر، أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، [عن أبيه] (2)
عن أبي علي محمد بن همام، عن محمد بن مثنى، عن أبيه، عن عثمان بن زيد
[عن جابر] (3) عن أبي جعفر عليه السلام، قال:
دخلت حبابة الوالبية ذات يوم على علي بن الحسين عليهما السلام وهي تبكي، فقال لها:
ما يبكيك؟ قالت: جعلني الله فداك يا بن رسول الله، إن أهل الكوفة يقولون:
لو كان علي بن الحسين عليهما السلام إمام عدل من الله كما تقولين، لدعا الله أن يذهب هذا
الذي في وجهك.
قال: فقال لها: يا حبابة، ادني مني.
[قالت:] (4) فدنوت منه، فمسح يده على وجهي ثلاث مرات.
ثم تكلم بكلام خفي، ثم قال: يا حبابة، قومي وادخلي إلى النساء فسلمي
عليهن، وانظري في المرآة هل ترين في وجهك شيئا؟
قالت: فدخلت على النساء، فسلمت عليهن، ونظرت في المرآة وكأن الله
لم يخلق في وجهي شيئا، فما كان يوجهها برص. (5)

1) روى مثله في دلائل الإمامة: 92، عنه مدينة المعاجز: 299 ح 26.
أخرجه في البحار: 14 / 401 ح 15 و ج 46 / 39 والبرهان: 4 / 37 ح 8 عن المناقب
لابن شهرآشوب: 3 / 281.
أورده مختصرا في اثبات الهداة: 258 ح 67 عن صاحب كتاب مناقب فاطمة وولدها
عليهم السلام، باسناده عن محمد بن ثابت، عن علي بن الحسين عليهما السلام.
2) أضفناها كما في دلائل الإمامة ومدينة المعاجز.
3) أضفناها كما في دلائل الإمامة ومدينة المعاجز.
4) استظهرناها للزومها السياق.
5) روى مثله في دلائل الإمامة: 93، عنه مدينة المعاجز: 300 ح 28.
أورده ابن شهرآشوب في مناقبه: 3 / 276. عن أمالي أبى الفضل الشيباني ومناقب
أبي إسحاق العدل الطبري، عنه البحار: 46 / 33 ح 28، واثبات الهداة: 5 / 258
ح 28 مختصرا.
119

12 - ومنها: خبر الخيط:
روى الشيخ أبو محمد الحسن بن محمد بن نصر يرفع الحديث برجاله إلى
محمد بن جعفر البرسي، عن إبراهيم بن محمد الموصلي، عن جابر الجعفي.
قال جابر: لما أفضت الخلافة إلى بني أمية سفكوا في أيامهم الدم الحرام
ولعنوا أمير المؤمنين عليه السلام على منابرهم [ألف شهر، واغتالوا شيعته في البلدان وقتلوهم
واستأصلوا شأفتهم، ومالاهم على ذلك علماء السوء رغبة في حطام الدنيا، وصارت
محنتهم على الشيعة لعن أمير المؤمنين عليه السلام] (1) ومن لم يلعنه (2) قتلوه.
فلما فشا ذلك في الشيعة وكثر وطال اشتكت الشيعة إلى زين العابدين عليه السلام، وقالوا:
يا بن رسول الله أجلونا عن البلدان، وأفتونا بالقتل الذريع، وقد أعلنوا لعن أمير المؤمنين
عليه السلام في البلدان وفي مسجد الرسول على منبره، ولا ينكر عليهم منكر، ولا يغير عليهم
مغير، فان أنكر واحد منا على لاعنه، قالوا: هذا ترابي (3) ورفع ذلك إلى سلطانهم
وكتب إليه أن هذا ذكر أبا تراب بخير، فيحبسونه ويضربونه ويقتلونه (4).
فلما سمع عليه السلام ذلك نظر إلى السماء، فقال: سبحانك ما أحلمك وأعظم شأنك!
إنك أمهلت عبادك حتى ظنوا أنك أهملتهم (5) [وهذا كله بعينك، إذ لا يغلب
قضاؤك، ولا يزد تدبير محتوم أمرك، فهو كيف شئت، وأنى شئت لما أنت أعلم به
منا] (6) ثم دعا ابنه أبا جعفر محمد عليه السلام فقال:
يا محمد، إذا كان غدا، فاغد إلى المسجد [وخذ الخيط الذي نزل به جبرئيل

1) أضفناها كما في عيون المعجزات ومدينة المعاجز.
2) استظهرناها، وفى الأصل " يلعنوه ".
3) في الأصل " أي ترابي " وما أثبتناه هو الأنسب.
4) استظهرناها، وفى الأصل " يحسنون ويضربون ويقتلون ".
5) في الأصل " أمهلتهم " وما أثبتناه كما هو في عيون المعجزات ومدينة المعاجز.
6) أضفناها كما في عيون المعجزات ومدينة المعاجز.
120

على رسول الله صلى الله عليه وآله] (1) فحركه تحريكا لينا، ولا تحركه شديدا فيهلك
[الناس جميعا] (2).
قال جابر: فبقيت - والله - متعجبا من قوله، لا أدري ما أقول! وكنت في كل يوم
أغدو إلى أبي جعفر عليه السلام إلا ذلك اليوم، وقد طال (3) علي ليلي حرصا لأنظر ما
يكون من أمر الخيط وتحريكه.
فبينا أنا بالباب إذ خرج عليه السلام فسلمت [عليه] (4) فرد السلام، وقال:
ما غدا بك يا جابر في هذا الوقت؟
فقلت له: لقول الإمام عليه السلام لك بالأمس: خذ الخيط الذي أتى به جبرئيل
عليه السلام وصر إلى مسجد جدك صلى الله عليه وآله وحركه تحريكا لينا، ولا تحركه تحريكا شديدا
فيهلك الناس جميعا.
قال الباقر عليه السلام: والله لولا الوقت المعلوم، والأجل المحتوم، والقدر المقدور
لخسفت بهذا الخلق المنكوس في طرفة عين، بل في لحظة. ولكنا عباد مكرمون
" لا يسبقونه بالقول وهم يأمره يعملون " (5).
قال جابر قلت: سيدي ولم تفعل بهم هذا؟
قال: أما حضرت بالأمس والشيعة تشكو إلى أبي ما يلقون من الملاعين، أمرني
أن أرعبهم لعلهم ينتهون.
فقلت: كيف ترعبهم وهم أكثر من أن يحصوا؟

1) أضفناها كما في العيون المعجزات ومدينة المعاجز.
2) في الأصل " هلكوا " وفى عيون المعجزات " فيهلكوا جميعا " وما ذكرناه هو الأنسب
بقرينة ما بعده من التكرار.
3) في الأصل " بقي " وما أثبتناه كما في دلائل الإمامة والعيون.
4) أضفناها كما في مدينة المعاجز وعيون المعجزات.
5) اقتباس من سورة الأنبياء: 27.
121

فقال الباقر عليه السلام: إمض بنا إلى مسجد جدي صلى الله عليه وآله لأريك قدرة من قدرة الله تعالى
التي خصنا بها وما من به علينا من دون الناس.
قال جابر: فمضيت معه إلى المسجد فصلى فيه ركعتين، ثم وضع خده على (1)
التراب وتكلم بكلام، ثم رفع رأسه وأخرج من كمه خيطا دقيقا، فاحت منه رائحة
المسك [فكان في المنظر أدق من سم الخياط] (2).
ثم قال لي: يا جابر خذ إليك طرف الخيط وامض رويدا [وإياك أن تحركه.
قال فأخذت طرف الخيط ومشيت رويدا] (3) فقال عليه السلام: قف يا جابر. فوقفت.
ثم حرك الخيط تحريكا خفيفا ما ظننت أنه حركه [من لبنه] (4).
ثم قال عليه السلام: ناولني طرف الخيط. فناولته.
فقلت: ما فعلت يا سيدي؟
فقال: ويحك، اخرج فانظر إلى (5) حال الناس.
قال جابر: فخرجت من المسجد فإذا الناس في صياح من كل جانب، فإذا
المدينة [قد] (6) زلزلت زلزلة شديدة، وأخذتهم الرجفة وقد خربت أكثر دور المدينة
وهلك منها أكثر من ثلاثين ألفا رجالا ونساءا [دون الولدان وإذا الناس في صياح
وبكاء وعويل وهم يقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون، خربت دار فلان وخرب أهلها] (7)
ورأيت الناس فزعين في (8) مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وهم يقولون: [كانت هدمة عظيمة
وبعضهم يقول: قد كانت زلزلة، وبعضهم يقول:] (9) كيف لا يخسف الله وقد تركنا

1) استظهرناها لتصحيح العبارة، وفى الأصل " في ".
2) أضفناها كما في عيون المعجزات ومدينة المعاجز.
3) أضفناها كما في عيون المعجزات ومدينة المعاجز.
4) أضفناها كما في عيون المعجزات ومدينة المعاجز.
5) في الأصل " إلى ما ".
6) أضفناها كما في عيون المعجزات ومدينة المعاجز.
7) أضفناها كما في عيون المعجزات ومدينة المعاجز.
8) في سائر المصادر " إلى ".
9) أضفناها كما في عيون المعجزات ومدينة المعاجز.
122

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وظهر فينا الفسق والفجور وظلم (1) آل الرسول
والله ليتزلزل [بنا] (2) أشد من هذا وأعظم [أو نصلح من أنفسنا ما أفسدنا] (3).
قال جابر: فبقيت متحيرا أنظر إلى الناس حيارى وهم يبكون، فأبكاني بكاؤهم
وهم لا يدرون (4) من أين اتوا، فانصرفت إلى الباقر عليه السلام وقد حف به الناس في
مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وهم يقولون: يا ابن رسول الله أما ترى ما نزل بنا فادع الله لنا.
فقال لهم: افزعوا إلى الصلاة والدعاء والصدقة.
ثم أخذ عليه السلام بيدي وسار بي، فقال: ما حال الناس؟ فقلت: لا تسأل يا بن رسول
الله، خربت الدور والمساكن وهلك الناس [ورأيتهم بحال] (5) رحمتهم (6).
فقال: لأرحمهم الله، أما إنه قد بقيت عليك بقية، فلولا ذلك لم نرحم أعداءنا
وأعداء أوليائنا ثم قال: سحقا سحقا، بعدا بعدا للقوم الظالمين، والله لولا مخالفة
والدي لزدت في التحريك وأهلكتهم أجمعين، وجعلت أعلاها أسلفها حتى لا يبقى
فيها دار ولا جدار، ولكني أمرني مولاي أن أحرك تحريكا ساكنا.
ثم صعد عليه السلام المنارة وأنا أراه والناس لا يرونه، فمد يده وأدارها حول المنارة
فتزلزلت المدينة زلزلة خفيفة وتهدمت الدور.
ثم تلا عليه السلام: " ذلك جزيناهم ببغيهم " (7) " فلما جاء أمرنا جعلنا عليها سافلها " (8).

1) في الأصل " والظلم إلى " وما أثبتناه كما في العيون ومدينة المعاجز.
2) أضفناها كما في العيون والمدينة.
3) أضفناها كما في العيون والمدينة.
4) في الأصل " لا يرون رسول الله " وما أثبتناه كما في العيون والمدينة.
5) أضفناها كما في عيون المعجزات ومدينة المعاجز.
6) في الأصل " وارحمهم " وما أثبتناه كما في العيون والمدينة.
7) اقتباس من سورة الأنعام: 146.
8) اقتباس من سورة هود: 82.
123

وتلا: " فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون (1) " (2).
قال جابر: فخرجت العواتق من خدورهن في الزلزلة الثانية يبكين ويتضرعن (3)
منكشفات، لا يلتفت إليهن أحد، فلما نظر الباقر عليه السلام إليهن، رق لهن ووضع الخيط
في كمه، فسكنت الزلزلة. [ثم نزل عن المنارة، والناس لا يرونه] (4).
ثم أخذ بيدي [و] (5) خرجنا من المسجد، فمررنا بحداد قد اجتمع الناس بباب
حانوته يقولون: أما سمعتهم الهمهمة في الهدم؟! وقال بعضهم: بل كانت همهمة كثيرة
وقال قوم آخرون: بلى والله كلام كثير إلا أنا لم نقف على الكلام.
قال جابر: فنظر إلي الباقر عليه السلام وتبسم، وقال: يا جابر هذا [لما] (6) طغوا وبغوا.
فقلت: يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله ما هذا الخيط [الذي فيه العجب] (7)؟ قال: " بقية
مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة " (8) [وينصبه جبرئيل عليه السلام ويحك
يا جابر] (9) إنا من الله بمكان ومنزلة رفيعة! فلولا نحن ما خلق الله تعالى سماءا
ولا أرضا، ولا جنة ولا نارا، ولا شمسا ولا قمرا، ولا جنيا ولا إنسيا.
يا جابر، إنا أهل البيت لا يقاس بنا أحد، من قاس بنا أحدا من البشر فقد كفر. يا جابر، بنا الله أنقذكم، وبنا هداكم، ونحن والله دللناكم على ربكم، فقفوا
عند أمرنا ونهينا ولا تردوا (10) على ما أوردناه عليكم، فانا بنعم الله أجل وأعظم من

1) في الأصل " لا يعلمون " وهو خطأ.
2) اقتباس من سورة النحل: 26.
3) في الأصل " متضرعين " وما أثبتناه كما في عيون المعجزات ودلائل الإمامة.
4) أضفناها كما في عيون المعجزات ومدينة المعاجز.
5) أضفناها لاتمام العبارة.
6) أضفناها كما في بعض المصادر.
7) أضفناها كما في بعض المصادر.
8) اقتباس من سورة البقرة: 248.
9) أضفناها كما في عيون المعجزات ومدينة المعاجز، وفى الزام الناصب والبحار: 6
" إلينا، يا جابر " وفى البحار: 46 " ونزل به جبرئيل ".
10) في الأصل " ولا ترد " وما أثبتناه كما في المصادر المذكورة.
124

أن يرد علينا، وجميع ما يرد عليكم منا، فما فهتموه فاحمدوا (1) الله تعالى [عليه] (3)
وما جهلتموه فأوكلوه إلينا، قولوا: أئمتنا أعلم بما قالوا.
يا جابر، ما ظنكم يقوم أماتوا سنتنا، ونقضوا عهدنا، ونكثوا بيعتنا، ووالوا
أعداءنا، وعادوا أولياءنا، وانتهكوا (3) حرمنا، وظلمونا حقنا، وغصبوا إرثنا
وأعانوا الضالمين علينا، وأحيوا (4) سنتهم، وساروا بسيرة الفاسقين والكافرين في
فساد الدين وإطفاء نور الله.
قال جابر: الحمد لله الذي من علي بمعرفتكم، وعرفني فضلكم، وألهمني
طاعتكم، ووفقني لموالاة أوليائكم ومعاداة أعدائكم.
ثم استقبله أمير المدينة المقيم بها من قبل بنى أمية و [هو] (5) يقول: أحضروا
ابن رسول الله علي بن الحسين عليه السلام وتقربوا به إلى الله عز وجل. فسارعوا نحوه،
وقالوا: يا بن رسول الله أما ترى ما نزل بأمة جدك محمد صلى الله عليه وآله؟!
فقال عليه السلام: عليكم بالتوبة والإنابة. (6)
13 - ومنها: روى الزهري، قال: شهدت علي بن الحسين عليهما السلام يوم حمله عبد الملك
ابن مروان من المدينة إلى الشام وأثقله حديدا، ووكل به حفاظا في عدة وجمع
فاستأذنتهم في السلام عليه والتوديع له، فأذنوا لي.
فدخلت عليه وهو في قبة، والأقياد في رجليه والغل في يديه، فبكيت.
وقلت: وددت أني مكانك وأنت سالم.

1) في الأصل " فافهموه فاحمد " وما أثبتناه كما في المصادر المذكورة.
2) أضفناها كما في المصادر المذكورة.
3) في الأصل " انهتكوا " وهو خطأ.
4) استظهرناها. وفى الأصل " وأحسنوا ".
5) أضفناها كما في المصادر المذكورة.
6) رواه في عيون المعجزات: 78، عنه البحار: 46 / 174 ح 80، ومدينة المعاجز:
319 ح 97.
125

فقال عليه السلام: يا زهري أو تظن ما ترى علي وفي عنقي يكربني؟ (1) أما لو شئت
ما كان، فإنه وإن بلغ بك ومن أمثالك ليذكرني (2) عذاب الله.
ثم أخرج يديه من الغل ورجليه من القيد، ثم قال:
يا زهري لاجزت (3) معهم - على ذا - منزلين عن المدينة.
قال: فما لبثنا إلا أربع ليال حتى قدم الموكلون به يطلبونه من المدينة، فما
وجدوه، فكنت ممن سألهم عنه، فقال لي بعضهم: إنا نراه متبوعا، إنه لنازل ونحن
حوله من مدة [لا ننام نرصده] (4) [إذ أصبحنا فما وجدنا بين محمله إلا حديده] (5).
قال الزهري: وقدمت بعد ذلك على عبد الملك بن مروان، فسألني عن علي بن

1) ورواه المجلسي في البحار: 26 / 8 ح 2 باسناده عن والده في كتاب " عتيق " قال:
حدثنا أحمد بن عبيد الله، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن جعفر
قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن محمد الموصلي، قال: أخبرني أبي، عن خالد، عن
جابر بن يزيد الجعفي.
وقال: حدثنا أبو سليمان أحمد، قال: حدثنا محمد بن سعيد، عن أبي سعيد، عن سهل
ابن زياد، قال: حدثنا محمد بن سنان، عن جابر بن يزيد الجعفي، عنه الزام الناصب:
1 / 36. وفى بعض المصادر زيادة في آخرها.
1) في الأصل غير واضحة، وما أثبتناه من بعض المصادر.
وفى كشف الغمة: 2 " مما يكربني ".
2) في الأصل " فإنه قال بلغ بك ومن أمثالك لذكرى " وما أثبتناه من المصادر المذكورة
وفى كشف الغمة: " وأنه ان بلغ بك وبأمثالك غمر - والغمر الشدة - ليذكر ".
3) في الأصل " لا حرب " وما أثبتناه من المصادر المذكورة.
4) أضفناها كما في جميع المصادر المذكورة.
5) العبارة ما بين المعقوفين في الأصل غير مفهومة، فصححناها على ما في جميع المصادر
المذكورة.
126

الحسين عليهما السلام، فأخبرته.
فقال لي: إنه قد جاءني يوم فقده الأعوان، فدخل علي، فقال: ما أنا وأنت!؟ فقلت:
أقم عندي. فقال: لا أحب (1) ثم خرج، فوالله لقد امتلأ ثوبي منه خيفة.
قال الزهري فقلت: يا أمير المؤمنين ليس علي بن الحسين عليهما السلام حيث تظن، إنه
مشغول بنفسه. فقال: حبذا شغل مثله، فنعم ما شغل به (2).
وكان (3) الزهري إذا ذكر علي بن الحسين يبكي، ويقول: زين العابدين
عليه السلام!!. (4)
الباب السادس
في معجزات وأعلام محمد بن علي الباقر عليهما السلام
1 - قال أبو جعفر: روى الحسن بن معاذ الرضوي، عن لوط بن يحيى الأزدي
عن عمارة (5) بن زيد الواقدي قال:

1) في الأصل " لا رحب " وما أثبتناه كما في سائر المصادر.
2) في الأصل " حبذا ونعم وما شغل به " وما أثبتناه كما في أكثر المصادر.
3) في حلية الأولياء، ومدينة المعاجز، وإحقاق الحق: " قال: وكان ".
4) رواه في حلية الأولياء: 3 / 135، قال: حدثت عن أحمد بن محمد بن الحجاج بن
رشدين، قال: ثنا عبد الله بن محمد بن عمرو البلوى، قال: ثنا يحيى بن زيد بن الحسن
قال: حدثني سالم بن فروخ مولى الجعفريين، عن ابن شهاب الزهري، عنه المناقب
لابن شهرآشوب: 3 / 275 بالاسناد عن ابن شهاب الزهري، وإحقاق الحق: 13 /
94 بنفس الاسناد المذكور.
أورده في كشف الغمة: 2 / 76 نقلا من كتاب ابن طلحة، عنه اثبات الهداة: 5 / 242 ح 38.
أخرجه في البحار: 46 / 123 ح 15، وعوالم العلوم: 18 / 173 ب 4 ح 1، ومدينة
المعاجز: 308 ح 44 عن المناقب. وفى إحقاق الحق: 19 / 475 عن التذكرة
الحمدونية: 108.
5) في الأصل " عمار " وهو تصحيف.
127

حج هشام بن عبد الملك بن مروان سنة من السنين، وكان قد حج في تلك السنة
محمد بن علي الباقر عليهما السلام: وابنه جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام، فقال جعفر بن
محمد عليهما السلام: الحمد لله الذي بعث محمدا بالحق نبيا وأكرمنا به، فنحن صفوة الله
على خلقه، وخيرته من عباده، فالسعيد من اتبعنا، والشقي من عادانا وخالفنا، ومن
الناس من يقول إنه يتولانا [وهو يتولى] (1) أولياءنا وأعداءنا، وممن بينهم (2)
ومن جلسائهم وأصحابهم أعداؤنا [فهو] (3) لم يسمع [كلام] (4) ربنا ولم يعمل به.
قال أبو عبد الله عليه السلام: فأخبر [مسلمة بن عبد الملك] (5) أخاه بما سمع فلم يعرض (6)
لنا حتى انصرف إلى دمشق، وانصرفنا إلى المدينة فأنفذ بريدا إلى عامل المدينة
باشخاص أبي (7) وإشخاصي معه، فأشخصنا.
فلما وردنا مدينة دمشق حجبنا ثلاثا (8) ثم اذن لنا في اليوم الرابع، فدخلنا
وإذا [هو] (9) قد قعد على سرير الملك. وجنده وخاصته وتوف على أرجلهم سماطين
متسلحين، وقد نصب البرجاس (10) حذاءه وأشياخ قومه يرمون.
فلما دخلنا وأبي أمامي يقدمني عليه وأنا خلفه على يد أبي [فما زال يستدنينا] (11)
حتى (12) حاذيناه [وجلسنا قليلا] (13).

1) أضفناها كما في دلائل الإمامة، وفى البحار " وهو يوالي " وفى الأصل " ولو ".
2) في دلائل الإمامة والبحار " يليهم من ".
3) أضفناها كما في دلائل الإمامة والبحار.
4) أضفناها كما في دلائل الإمامة والبحار.
5) " أضفناها كما في المصادر وفى بعضها مسلمة " تصحيف.
6) في كتاب الأمان " يتعرض ".
7) في الأصل " عامل البريد واشخاص وأبى " وما أثبتناه كما في المصادر المذكورة.
8) في الدلائل والبحار " ثلاثة أيام ".
9) أضفناها كما في الدلائل والبحار.
10) البرجاس: غرض في الهواء يرمى به، قال الجوهري: وأظنه مولدا.
والبرجاس شبه الامارة تنصب من الحجارة. (لسان العرب: 6 / 26).
11) أضفناها كما في دلائل الإمامة.
12) في الأصل " حين " تصحيف.
13) أضفناها كما في دلائل الإمامة.
128

فنادى أبي (1) [وقال:] (2) يا محمد، إرم مع أشياخ قومك الغرض وإنما
أراد أن يهنك بأبي، وظن أنه يقصر ويخطئ ولا يصيب إذا رمى، فيشتفي منه بذلك.
فقال له أبي: إني قد كبرت عن الرمي، فان رأيت أن تعفيني.
فقال: وحق من أعزنا بدينه وبنبيه محمد صلى الله عليه وآله لا أعفينك.
ثم أومأ إلى شيخ من بني أمية أن اعطيه قوسك.
فتناول منه (3) ذلك - أي قوس الشيخ - ثم تناول منه سهما، فوضعه في كبد
القوس، ثم انتزع ورمى وسط الغرض فنصبه فيه، ثم رمى فيه الثانية فشق فواق سهمه
إلى نصله.
ثم تابع الرمي حتى شق تسعة أسهم بعضها في جوف بعض، وهشام يضطرب
في مجلسه [] (4) فلم يتمالك أن قال:
أجدت يا أبا جعفر وأنت أرجى العرب والعجم! كلا، زعمت أنك قد كبرت
عن الرمي، ثم أدركته ندامة على ما قال.
وكان هشام لم يكن أحدا قبل أبي (5) ولابعده في خلافته، فهم به وأطرق إطراقة
[يتروى فيها] (6) وأبي واقف بحذاه، مواجها له وأنا وراء أبي.
فلما طال وقوفنا بين يديه غضب أبي وهم به (7) وكان أبي إذا غضب نظر إلى

1) في الأصل " فنادى بي " وما أثبتناه من المصادر المذكورة.
2) أضفناها كما في كتاب الأمان، وفى الدلائل " فقال لأبي يا أبا جعفر ".
3) في الأصل " عند " تصحيف.
4) بين المعقوفين في الأصل عبارة غير مفهومة، وليست في المصادر المذكورة.
5) في الأصل " قبلي أبى " وهو تصحيف.
6) أضفناها كما في كتاب الأمان. والروية: هي التفكر والنظر في الامر. وفى الدلائل
" يرتأي فيه رأيا " وفى البحار " يرتوى فيه رأيا ".
7) فهم به الأولى: أي أراد هشام أن ينال من الامام بسوء.
والثانية: أراد الإمام عليه السلام أن يرميه بدعاء ليرفع عنه شر هشام.
129

السماء نظر غضبان يبين الغضب في وجهه.
فلما نظر هشام إلى ذلك من أبي قال له: إلي يا محمد.
فصعد أبي إلى السرير وأنا أتبعه.
فلما دنا من هشام قام إليه فاعتنقه وأقعده عن يمينه، ثم اعتنقني، وأقعدني عن يمين
أبي، وأقبل على أبي بوجهه، فقال له:
يا محمد، لا تزال العرب تسودها قريش ما دام فيهم مثلك، لله درك! من علمك
هذا الرمي؟ وفي كم تعلمته؟.
فقال له أبي: قد علمت أن أهل المدينة يتعاطونه فتعاطيته أيام حداثتي (1).
ثم تركته، فلما أراد أمير المؤمنين مني ذلك عدت فيه.
فقال له: ما رأيت مثل هذا الرمي قط مذ عقلت! وما ظننت أن في الأرض أحدا
يرمي مثل هذا الرمي! أين رمي جعفر من رميك؟
فقال: إنا نحن نتوارث الكمال والتمام والدين [إذ] (2) أنزل (3) الله على نبيه
صلى الله عليه وآله في قوله (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام
دينا) (4) والأرض لا تخلو ممن يكمل هذه الأمور التي يقصر عنها غيرنا.
قال: فلما سمع ذلك من أبي نقلت عينه اليمنى فاحولت، واحمر وجهه، وكان
ذلك علامة غضبه إذا غضب، ثم أطرق هنيئة، ثم رفع رأسه، فقال لأبي:
ألسنا بنو عبد مناف، نسبنا ونسبكم واحد؟! فقال أبي: ونحن كذلك، ولكن الله
جل ثناؤه اختصنا من مكنون سره وخالص علمه (5) بما لم يخص أحدا به غيرنا.
فقال: أليس الله جل ثناؤه بعث محمدا صلى الله عليه وآله من شجرة عبد مناف إلى الناس

1) في الأصل " أيامى لحداثتي " وهو تصحيف.
2) أضفناها كما في بعض المصادر المذكورة.
3) في الأصل " والذين أنزلهم "، وما أثبتناه من بعض المصادر المذكورة.
4) سورة المائدة: 3.
5) في الأصل " عمله " وهو تصحيف.
130

كافة: أبيضها وأسودها وأحمرها؟! من أين ورثتم ما ليس لغيركم ورسول الله مبعوث
إلى الناس كافة؟ ومن أين ورثتم هذا العلم وليس بعد محمد نبي ولا أنتم أنبياء؟
فقال [أبي] (1) من قوله تعالى لنبيه: (لا تحرك به لسانك لتعجل) به (2).
[فالذي أبداه فهو للناس كافة و] (3) الذي لم يحرك به لسانه أمر الله تعالى أن يخصنا
به من دون غيرنا.
فلذلك كان يناجي أخاه عليا من دون أصحابه، وأنزل الله تعالى بذلك قرآنا
في قوله: (وتعيها اذن واعية). (4) فقال [له] (5) رسول الله صلى الله عليه وآله بين أصحابه (6):
سألت الله [أن] (7) يجعلها اذنك يا علي.
فلذلك قال علي عليه السلام بالكوفة: " علمني رسول الله صلى الله عليه وآله ألف باب من العلم يفتح
كل (8) باب ألف باب " خصه به رسول الله صلى الله عليه وآله من مكنون سره وعلمه بما لم يخص
به أحدا من قومه، حتى صار إلينا فتوارثناه (9) من دون أهلها.
فقال هشام: إن عليا كان يدعي علم الغيب، والله تعالى لم يطلع على غيبه أحدا
فمن أين ادعى ذلك؟
فقال أبي: إن الله جل ذكره أنزل على نبيه صلى الله عليه وآله كتابا بين فيه (10) ما كان وما

1) أضفناها كما في دلائل الإمامة.
2) سورة القيامة: 16.
3) ما أضفناه وأثبتناه كما في دلائل الإمامة والبحار. وفى الأصل اضطراب في العبارة
وتصحيف، وهو هكذا بعد الآية: " الذي لم يحرك به لسانه لغيرنا، فقال: أمر الله... ".
4) سورة الحاقة: 12.
5) أضفناها كما في دلائل الإمامة.
6) في الأصل " لأصحابه " تصحيف، وما أثبتناه كما في دلائل الإمامة.
7) أضفناها كما في المصادر المذكورة.
8) كذا في الأصل والبحار. وفى دلائل الإمامة " ينفتح من كل " وفى كتاب الأمان " ففتح كل ".
9) في الأصل " فتوارثنا " تصحيف.
10) في الأصل " أبين به " وما أثبتناه من المصادر المذكورة.
131

يكون إلى يوم القيامة، في قوله " ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة
وبشر للمسلمين) (1). وفى قوله (وكل شئ أحصيناه في إمام مبين) (2).
وفي قوله: (ما فرطنا في الكتاب من شئ) (3).
وفي قوله: (ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) (4).
وأوحى الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وآله أن لا يبقي في غيبه وسره ومكنون علمه شيئا إلا
يناجيه عليا، وأمره (5) أن يؤلف القرآن من بعده، ويتولى غسله وتكفينه
وتحنيطه من دون قومه.
وقال لأصحابه: حرام على أصحابي وأهلي أن ينظروا إلى عورتي (6) غير أخي
علي، فإنه مني وأنا منه [له] (7) مالي وعليه ما علي، وهو قاضي ديني، ومنجز وعدي

1) سورة النحل: 89.
وفى الأصل خلط في ذيل الآية مع سورة آل عمران. والصحيح ما أثبتناه.
2) سورة يس: 12.
3) الانعام: 38، 59.
4) الانعام: 38، 59.
5) في الأصل " فأمن " تصحيف، وما أثبتناه كما في المصادر المذكورة.
6) إشارة إلى قوله صلى الله عليه وآله في حديث وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلى
عليه السلام، الذي أخرجه في البحار عن كتاب الطرف بالاسناد عن موسى بن جعفر
عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي تغسلني ولا يغسلني
غيرك فيعمى بصره.
قال علي عليه السلام: ولم يا رسول الله؟ قال: كذلك، قال: قال جبرئيل عليه السلام
من ربى، أنه لا يرى عورتي غيرك الا عمى بصره - إلى أن قال -: قلت: فمن يناولني
الماء؟ قال: الفضل بن العباس من غير أن ينظر لأي شئ منى، فإنه لا يحل له ولا لغيره
من الرجال والنساء النظر إلى عورتي، وهي حرام عليهم. الحديث. الطرف: 42
عنه البحار: 22 / 492 ح 38.
فعلى هذا يكون هذا العمى - للناظر - اختصاصا وحرمة للرسول صلى الله عليه وآله من الله
تعالى ومعللا بما ذكر، حتى أن فضل بن عباس بعد معرفته بذلك شد عينيه لئلا يقع نظره
عليه مطلقا.
7) أضفناها كما في المصادر المذكورة.
132

ثم قال لأصحابه: علي بن أبي طالب يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على
تنزيله، ولم يكن عند أحد تأويل القرآن بكماله وتمامه إلا عند علي عليه السلام.
ولذلك فيه قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأصحابه: " أقضاكم علي - أي هو قاضيكم - ".
وقال عمر بن الخطاب: لولا علي لهلك عمر، يشهد له عمر ويجحد غيره.
فأطرق هشام طويلا، ثم رفع رأسه، فقال: سل حاجتك.
فقال: خلفت أهلي وعيالي مستوحشين بخروجي. فقال:
قد آمن الله وحشتهم برجوعك إليهم، ولا تقم سوى (1) يومك، فاعتنقه أبي
ودعا له وودعه، وفعلت أنا فعل أبي، وخرجنا من عنده وتوجهنا إلى المدينة. (2)
2 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان، عن أبيه وكيع، عن
الأعمش قال: قال قيس بن الربيع:
كنت ضيفا لمحمد بن علي عليهما السلام وليس في منزله غير لبنة (3) فلما حضر
العشاء قام فصلى وصليت معه.
ثم ضرب بيده إلى اللبنة فأخرج منها قنديلا مشعلا، ومائدة مستو عليها كل حار
وبارد، فقال لي:
كل، فهذا ما أهده الله (4) لأوليائه، فأكل وأكلت ثم رفعت المائدة إلى اللبنة
فخالطني (5) الشك، حتى إذا خرج بحاجة قلسبت اللبنة، فإذا هي لبنة صغيرة.

1) كذا في الأصل، وفى المصادر المذكورة " أكثر من يومك ".
2) روى مثله في دلائل الإمامة: 104، باسناده عن الحسن بن معاذ الرضوي مرفوعا إلى
الصادق عليه السلام، عنه كتاب الامام لابن طاووس: 52، والبحار: 72 / 181 ح 10
بنفس الاسناد مفصلا مع زيادة في آخره.
3) اللبنة: التي بيني بها وهو المضروب من الطين مربعا (لسان العرب: 13 / 357).
4) في الأصل " ما أعدا " تصحيف.
5) في الأصل " فإذا فخالطني " تصحيف.
133

فدخل وعلم ما في قلبي، فأخرج من اللبنة أقداحا وكيزانا (1) وجرة فيها ماء
فشرب وسقاني (2) ثم عاد (3) إلى موضعه وقال:
مثلك معي كمثل اليهود (4) مع المسيح عليه السلام حين لم يثقوا (5) به.
ثم أمر اللبنة أن تنطق فتكلمت (6). (7)
3 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا الحسن بن عرفة العبدي، عن عبد الرزاق، عن
العلاء بن محرز (8) قال:
شهدت محمد بن علي الباقر عليهما السلام وبيده عرجونة - يعني قضيبا دقيقا - يسأله عن
أخبار بلد بلد فيجيبه، ويقول: زاد الماء في مصر كذا، ونقص بالموصل كذا، ووقعت
الزلزلة في أرمينية، [والتقى حادن وحورد في موضع - يعني جبلين -] (9).
ثم رأيته يكسرها (10) ويرمي بها فتجتمع فتصير قضيبا. (11)

1) الكوز: اناء معروف يجمع فيه الماء، واتسع فيه فيقال لما يوضع فيه المال، ويجمع
على كيزان كعود وعيدان، وعلى أكواز كأعواد، وعلى كوزة كعودة (المجمع: 2 / 33).
2) في الأصل " ما يشرب وسقانا " وفى مدينة المعاجز " ماء فسقانا وشرب هو " وما أثبتناه
كما في دلائل الإمامة.
3) كذا في الأصل والدلائل. وفى مدينة المعاجز " أعاده ".
4) في الأصل " اليهودي " تصحيف.
5) في الأصل " حتى لم يثق به " وما أثبتناه كما في دلائل الإمامة، وفى مدينة المعاجز " حين
لم تثق به ".
6) في الأصل " ينطق فكلمت " تصحيف.
7) رواه في دلائل الإمامة: 95 باسناده عن أبي محمد سفيان، عن أبيه، عن الأعمش
عن قيس بن الربيع، عنه مدينة المعاجز: 322 ح 3.
8) كذا في الأصل والدلائل، وفى مدينة المعاجز " العلاء بن محمد " ولم نعثر له على ترجمة
في كتب الرجال.
9) أضفناها كما في الدلائل الإمامة. وفى مدينة المعاجز " والتقى حارث وجويبر... ".
10) في الأصل " كسرها " تصحيف.
11) رواه في دلائل الإمامة: 96. باسناده إلى العلاء بن محرز، عنه مدينة المعاجز: 323 ح 5.
134

4 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا أحمد بن منصور الرقادي (1) عن شاذان بن
عمرو (2) عن مرة بن قبيصة بن عبد الحميد، قال:
قال لي جابر بن يزيد الجعفي: رأيت مولاي الباقر عليه السلام وقد صنع فيلا من طين
فركبه وطار في الهواء، حتى ذهب إلى مكة عليه ورجع، فلم أصدق ذلك منه
حتى لقيت الباقر عليه السلام فقلت له: أخبرني جابر عنك بكذا وكذا.
[فصنع مثله] (3) وركب وحملني معه إلى مكة وردني. (4)
5 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد، عن إبراهيم بن سعد، عن حكيم بن
أسد (5) قال: لقد لقيت أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام وبيده عصا يضرب [بها] (6)
الصخر فينبع منه الماء، فقلت: يا بن رسول الله ما هذا؟ [قال] نبعة من عصا موسى (7)
[قلت من عصا موسى؟!] (8) قال: نعم من عصاه التي يتعجبون منها. (9).
6 - ومنها: قال أبو جعفر: عن جابر بن يزيد (10) - رحمه الله - قال:

1) كذا في الأصل. وفى الدلائل " الرماني " وفى مدينة المعاجز " الزيادي " ولم نعثر له
على ترجمة في كتب الرجال.
2) كذا في الأصل. وفى الدلائل ومدينة المعاجز " عمر " ولم نعثر له على ترجمة في كتب الرجال.
3) أضفناها كما في دلائل الإمامة.
4) رواه في دلائل الإمامة: 96، عنه مدينة المعاجز: 323 ح 6.
5) كذا في الدلائل، وفى الأصل " حليم بن أسد " وفى مدينة المعاجز " حكم بن سعد ".
وذكر النجاشي في رجاله وغيره: حكم بن سعد الأسدي الناشري " عربي قليل الحديث
وهو أخو مشمعل، يروى عن الصادق عليه السلام.
6) أضفناها لضرورتها في الكلام.
7) أضفناها كما في الدلائل ومدينة المعاجز.
8) أضفناها كما في مدينه المعاجز.
9) رواه في دلائل الإمامة: 97، عنه مدينة المعاجز: 323 ح 7.
10) كذا في الأصل، وفى دلائل الإمامة " قال أحمد بن جعفر: حدثني عدة من أصحابنا
عن جابر بن يزيد " عنه في مدينة المعاجز.
135

خرجت مع أبي جعفر عليه السلام وهو يريد الحيرة (1) فلما أشرفنا على كربلاء
قال لي: يا جابر، هذه روضة من رياض الجنة لنا ولشيعتنا، وحفرة من حفر جهنم لأعدائنا
ثم قضى (2) ما أراد، ثم التفت إلي، فقال:
يا جابر فقلت: لبيك يا سيدي.
فقال لي: تأكل شيئا؟ فقلت: نعم يا سيدي.
قال: فأدخل يده بين الحجارة، فأخرج لي تفاحة لم أشم قط رائحة مثلها
ولا تشبه رائحة فاكهة الدنيا.
فعلمت أنها من الجنة، فأكلتها فعصمتني عن (3) الطعام أربعين يوما لم آكل
ولم أحدث. (4)
الباب السابع
في معجزات واعلام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام
1 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله [قال] (5) لي عبد الله بن بشر: سمعت
الأحوص يقول:
كنت مع الصادق عليه السلام إذ سأله قوم عن كأس الملكوت، فرأيته وقد تحدد (6) نورا
ثم علا حتى أنزل هذا الكأس، فأدارها على أصحابه، وهي كأس مثل البيت

1) في الأصل " الجابر " وما أثبتناه كما في الدلائل ومدينة المعاجز.
2) في مدينة المعاجز " ثم إنه أفضى ".
3) في الأصل " من " تصحيف.
4) رواه في دلائل الإمامة: 96، عنه مدينة المعاجز: 323 ح 10.
5) أضفناها كما في الدلائل ومدينة المعاجز.
6) كذا في الأصل، وفي دلائل الإمامة " تحدر ".
136

الأعظم، أخف من الريش، من نور محضور (1). مملو شرابا.
فقال لي (2): لو علمتم بنور الله لعاينتم هذا في الآخرة. (3)
2 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا سفيان، عن وكيع، عن الأعمش، عن قيس بن
خالد قال: رأيت الصادق عليه السلام وقد رفع (4) منارة النبي صلى الله عليه وآله بيده اليسرى، وحيطان
القبر بيده اليمنى، ثم بلغ بهما أعنان السماء، ثم قال:
أنا جعفر [أنا النهر الأزخر] (5) صاحب الآيات [الأقمر] (6) وأنا ابن شبر
وشبير (7). (8)
3 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد، عن عمارة بن زيد، عن إبراهيم بن
سعد قال: رأيت الصادق عليه السلام وقد جئ إليه بسمك مملوح، فمسح يده على سمكة
فمشت بين (9) يديه، ثم ضرب بيده إلى الأرض فإذا دجلة والفرات تحت قدميه

1) في دلائل الإمامة " محصور ".
2) في دلائل الإمامة " ثم قال عليه السلام ".
3) رواه في دلائل الإمامة: 112، عنه مدينة المعاجز: 356 ح 4.
4) في الأصل " وقع " تصحيف، وما أثبتناه كما في دلائل الإمامة ومدينة المعاجز.
5) أضفناها كما في دلائل الإمامة، وفى مدينة المعاجز والأغور " بدل " الأزخر ".
6) أضفناها كما في الدلائل ومدينة المعاجز.
7) في دلائل الإمامة " ابن شبير وشبر " وفى مدينة المعاجز " أنا شبير وشبر ".
8) رواه في دلائل الإمامة: 113، عنه مدينة المعاجز: 357 ح 5.
أخرجه مختصرا في اثبات الهداة: 5 / 453 ح 228 عن كتاب مناقب فاطمة وولدها
عليهم السلام باسناده عن الأعمش، عن قيس بن خالد.
9) في الأصل " من " تصحيف، وما أثبتناه كما في المصادر المذكورة.
137

ثم أرانا (1) السفن في البحر، ثم أرانا (2) مطلع الشمس ومغربها في أسرع من اللمح. (3)
4 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان، عن وكيع، عن عبد الله بن
قيس، عن أبي قناقب الصدوحي، قال: رأيت أبا عبد الله الصادق عليه السلام وقد سئل عن مسألة.
فغضب حتى امتلأ منه مسجد الرسول صلى الله عليه وآله، وبلغ أفق السماء.
فهاجت لغضبه ريح سوداء حتى كادت تقلع المدينة، فلما هدأ هدأت لهدوئه.
فقال عليه السلام: " لو شئت لقلبتها (4) على من عليها، ولكن رحمة الله وسعت كل
شئ ". (5)
5 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله، عن عمارة بن زيد، عن إبراهيم بن سعد
قال: قلت للصادق عليه السلام: أتقدر أن تمسك الشمس بيدك؟
فقال: لو شئت لحجبتها عنك فقلت: إفعل [قال] (6):
فرأيته وقد جرها كما يجر (7) الدابة بعنانها، فاسودت وانكسفت (8) وذلك بعين
أهل المدينة كلهم حتى ردها. (9)

1) في الأصل " أروانا، وأورانا " تصحيف، وما أثبتناه من المصادر المذكورة.
2) في الأصل " أروانا، وأورانا " تصحيف، وما أثبتناه من المصادر المذكورة.
3) رواه في دلائل الإمامة: 113، عنه مدينة المعاجز: 357 ح 6.
أخرج مثله في اثبات الهداة: 5 / 453 ح 228 عن كتاب مناقب فاطمة وولدها عليهم
السلام باسناده عن إبراهيم بن سعد.
4) في الأصل " لقلبها " تصحيف.
5) روى مثله في دلائل الإمامة: 113، عنه مدينة المعاجز: 357 ح 7.
أخرج مثله مختصرا في اثبات الهداة: 5 / 453 ح 229 عن كتاب مناقب فاطمة وولدها
عليهم السلام باسناده عن الصدوحي
6) أضفناها كما في مدينة المعاجز.
7) في اثبات الهداة " تجر ".
8) استظهرناها وفى الأصل " انكشفت ".
9) روى مثله في دلائل الإمامة: 113، عنه مدينة المعاجز: 357 ح 8.
أخرج مثله في اثبات الهداة: 5 / 453 ح 230 عن كتاب مناقب فاطمة وولدها عليهم
السلام باسناده عن الصدوحي.
138

6 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان (1) عن وكيع، عن الأعمش، عن
إبراهيم بن وهب قال:
أوتي أبو عبد الله عليه السلام بشاة " حائل " عجفاء فمسح ضرعها فدرت اللبن واستوت. (2)
7 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا سفيان، عن وكيع، عن الأعمش، عن قبيصة
ابن وائل قال:
كنت مع الصادق عليه السلام حتى غاب ثم رجع ومعه عذق (3) من رطب، وقال:
كانت رجلي اليمنى (4) على كتف جبرئيل واليسرى (9) على كتف ميكائيل حتى
لحقت (6) النبي صلى الله عليه وآله وعليا وفاطمة والحسن والحسين وعلي وأبي، فحيوني
بهذا لي ولشيعتي (7). (8)

1) في الأصل " محمد بن سفيان " وما أثبتناه كما في دلائل الإمامة ومدينة المعاجز.
وقد ذكر ابن حجر العسقلاني في تقريب التهذيب هكذا: " سفيان بن وكيع بن الجراح
أبو محمد الرواسي، كان صدوقا الا أنه ابتلى بوراقه فادخل عليه ما ليس في حديثه ".
تقريب التهذيب: 1 / 312 برقم 323.
2) روى مثله في دلائل الإمامة: 113، عنه مدينة المعاجز: 357 ح 9.
أخرج مثله في اثبات الهداة: 5 / 454 ح 321 عن كتاب مناقب فاطمة وولدها عليهم
السلام باسناده عن الأعمش، عن إبراهيم بن وهب.
3) في الأصل " عتق " تصحيف. والعذق: كل غصن له شعب، والعذق: العرجون بما فيه
من الشماريخ ويجمع على عذاق. (لسان العرب: 10 / 238).
4) في الأصل " الأيمن، والأيسر " تصحيف.
5) في الأصل " الأيمن، والأيسر " تصحيف.
6) في دلائل الإمامة " صرت إلى ".
7) في الأصل " فحبوني ليطعم أوليائي ". وما أثبتناه كما في دلائل الإمامة.
8) رواه في دلائل الإمامة: 113 باسناده إلى قبيصة بن وائل.
أخرجه مختصرا في اثبات الهداة: 5 / 454 ح 232 عن كتاب مناقب فاطمة وولدها
عليهم السلام عن قبيصة.
139

8 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله، عن عمارة بن زيد، عن إبراهيم
بن سعد (1) قال:
كنت عند الصادق عليه السلام وقد أظلتنا هاجرة (2) صعبة، فأظهر لنا ثلجا وعسلا ونهرا
يجري في داره (3) من غير حفر، وذلك بالمدينة [حيث] (4) لا ثلج ولا عسل ولا ماء جار. (5)
9 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا أحمد بن منصور الرشادي (6) قال: حدثنا
عبد الرزاق، عن مهلب بن قيس قال:

1) كذا في الأصل ودلائل الإمامة. وفى مدينة المعاجز واثبات الهداة " عمارة بن سعيد "
وقد ذكر النجاشي في رجاله هكذا " عمارة بن زيد أبو زيد الخيواني الهمداني لا يعرف من
أمره غير هذا، ذكر الحسين بن عبيد الله الغضائري: أنه سمع بعض أصحابنا يقول:
سئل عبد الله بن محمد البلوى: من عمارة بن زيد هذا الذي حدثك؟ قال:
رجل نزل من السماء حدثني ثم عرج!.... راجع رجال النجاشي: 302 برقم 827.
حول إبراهيم بن سعد، فقد عده الشيخ في رجاله أنه من أصحاب الإمام الصادق (ع)
فراجع رجال الطوسي: 144 برقم 28.
وللمامقاني تعليق حول هذين الراويين ثقة وحالة. فراجع تنقيح المقال: 1 / 17 برقم 101.
2) الهاجرة: نصف النهار عند اشتداد الحر، أو من عند الزوال إلى العصر (مجمع البحرين:
1 / 516 هجر).
3) في الأصل " داري " تصحيف.
4) أضفناها كما في المصادر المذكورة.
5) روى مثله في دلائل الإمامة: 114، عنه مدينة المعاجز: 357 ح 11 مع اختلاف في السند.
أخرجه في اثبات الهداة: 5 / 454 عن كتاب مناقب فاطمة وولدها عليهم السلام باسناد
عن عمارة بن سعيد.
6) في الأصل " الرمادي " وما أثبتناه كما في دلائل الإمامة ومدينة المعاجز، ولم نعثر له
على ترجمة في كتب الرجال.
140

قلت للصادق عليه السلام: بأي شئ يعرف العبد إمامه؟
قال: أن يفعل (1) كذا. ووضع يده على حائط، فإذا الحائط ذهبا.
ثم وضع (2) يده على أسطوانة فورقت من ساعتها، فقال: هنا معرفة الامام (3). (4)
10 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله، عن عمارة بن زيد، عن إبراهيم بن
سعد (5) قال: حدثنا الليث بن إبراهيم، قال:
صحبت أبا عبد الله عليه السلام حتى أتى الغري - في ليلة - (من [المدينة، وأتى] الكوفة) (6).

1) في الأصل " فعل فعل " وما أثبتناه كما في دلائل الإمامة.
وفى مدينة المعاجز واثبات الهداة: " ان فعل ".
والمراد أن يفعل مثل هذا نوعيا، أي يعمل بالإرادة ما كان الله يفعله " إذا قضى أمرا
أن يقول له كن فيكون " سنة الله تعالى في معجزات أنبيائه عليهم السلام.
فان موسى عليه السلام عندما القى عصاه فصارت ثعبانا تلقف ما صنعه سحرة فرعون مما
سحروا به أعين الناس واسترهبوهم، ثم أخذها عليه السلام فعادت سيرتها الأولى - بأمر
الله تعالى - فألقى السحرة سجدا، وقالوا آمنا برب هارون وموسى.
وكذلك حال " الامام من الله " إذا أراد شيئا باذنه من ساعته ومن غير سبب فكان.
وهو من آياته تعالى، وبذلك يعرف الامام.
2) أضفناها كما في المصادر المذكورة.
3) في دلائل الإمامة " ثم قال: بهذا بعرف الامام ".
4) رواه في دلائل الإمامة: 114 باسناده إلى مهلب بن قيس، عنه مدينة المعاجز:
357 ح 12.
أخرجه مختصرا في اثبات الهداة: 5 / 454 ح 234 عن كتاب مناقب فاطمة وولدها
عليهم السلام باسناده عن مهلب بن قيس.
5) في الأصل " سعيد " انظر هامش رقم (1) ص 140.
6) أضفناها من دلائل الإمامة.
141

ثم رأيته يمشي على الماء ورجع إلى المدينة ولم ينقص من الليل شئ. (1)
11 - ومنها: روى محمد بن راشد (2) عن أبيه قال:
جاء رجل إلى أبي عبد الله عليه السلام فقال: يا بن رسول الله، [إن] (3) حكيم بن عباس
الكلبي ينشد الناس بالكوفة هجاءكم.
فقال: هل علمت منه بشئ؟ قال: بلى. فأنشده:
صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة * ولم نر مهديا على الجذع يصلب
وقستم بعثمان عليا سفاهة * وعثمان خبر من علي وأطيب
فرفع أبو عبد الله عليه السلام يده إلى السماء، فقال:
اللهم [إن كان كاذبا] (4) فسلط عليه كلبا من كلابك.
قال: فخرج حكيم من الكوفة فأدلج (5) فلقيه الأسد فأكله.
فجاء البشير (6) أبا عبد الله عليه السلام وهو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله [فأخبره] (7).

1) رواه في دلائل الإمامة: 114، عنه مدينة المعاجز: 357 ح 13.
أخرجه مختصرا في اثبات الهداة: 5 / 454 ح 235 عن كتاب مناقب فاطمة وولدها
عليهم السلام باسناده عن الليث بن إبراهيم.
2) في دلائل الإمامة هكذا: حدثنا الماضي أبو الفرج المعافى، قال:
حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن وهب، قال: حدثنا
عمر بن محمد الأزدي، عن تمامة بن أشرس، عن محمد بن راشد، عن أبيه.
3) أضفناها كما في بقية المصادر.
4) أضفناها كما في بقية المصادر.
5) الدلجة: سير السحر. وأدلجوا: ساروا من آخر الليل. (لسان العرب: 2 / 272 دلج).
6) في الأصل " فجاؤوا بالبشير " وما أثبتناه كما في دلائل الإمامة ومدينة المعاجز.
7) أضفناها كما في دلائل الإمامة.
142

فخر لله ساجدا، وقال: الحمد لله الذي صدقنا وعده. (1)
12 - ومنها: قال أبو جعفر: روى الحسين [بن سعيد] (2) قال: أخبرنا أحمد بن
محمد (3) عن محمد بن علي، عن علي بن محمد، عن صندل، عن سورة بن
كليب، قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا سورة، كيف حججت العام؟
قال: قلت: استقرضت حجتي، والله أني لاعلم أن الله سيقضيها عني، وما كان
أعظم حجتي إلا شوقا إليك - بعد المغفرة - وإلى حديثك.
قال: أما حجتك فقد قضاها الله من عندي، ثم رفع مصلى تحته، فأخرج دنانير
وعد (4) عشرين دينارا، وقال: هذه حجتك.
وعد عشرين دينارا، وقال: هذه معونة لك، تكفيك حتى تموت.
[قلت]: (5) جعلت فداك [أخبرني] (6) إن أجلي قد دنا؟
قال: يا سورة أما ترضى أن تكون معنا ومع إخوانك فلان وفلان؟!

1) في الأصل " صدق " وما أثبتناه كما في بعض المصادر، وفى بعضها " أنجزنا وعدنا ".
رواه في دلائل الإمامة: 115، عنه البحار: 65 / 72 ح 3. ومدينة المعاجز: 391 ح
11 بنفس السند المذكور. أورده مرسلا في كشف الغمة: 2 / 202 نقلا عن كتاب صفوة
الصفوة لأبي الفرج ابن الجوزي، عنه اثبات الهداة: 5 / 437 ح 195.
وأورده مرسلا في مناقب ابن شهرآشوب: 3 / 360 باختلاف يسير في اللفظ مع زيادة
أبيات شعر في آخره، عنه مدينة المعاجز باسقاط الشعر منه.
أخرجه في البحار: 46 / 192 ح 58، والعوالم: 18 / 260 ح 10 عن كشف الغمة
ومناقب ابن شهرآشوب.
2) أضفناها كما في الاختصاص.
3) كذا في دلائل الإمامة والاختصاص ومدينة المعاجز.
وفى الأصل هكذا " قال أبو جعفر: حدثنا محمد بن سفيان، عن محمد بن أحمد... ".
4) في الأصل " وهي " وما أثبتناه كما في المصادر المذكورة.
5) أضفناها كما في المصادر المذكورة.
6) أضفناها كما في دلائل الإمامة ومدينة المعاجز " وفى البحار والمناقب " أخبرتني ".
143

قلت: نعم. قال صندل: فما لبث إلا بقية الشهر (1) حتى مات. (2)
13 - ومنها: عن ابن مسكان (3) عن سليمان بن خالد، قال:
كنت عند أبي عبد الله عليه السلام جالسا إذ دخل آذنه فقال: قوم من أهل البصرة يستأذنون
عليك. قال: كم عددهم؟ قال: لا أدري. قال. اذهب، فعدهم وأخبرني.
قال: فلما مضى الغلام، قال أبو عبد الله عليه السلام عدة القوم إثنا عشر رجلا، وإنما
أتوا يسألوني عن حرب طلحة والزبير، ودخل آذنه، فقال: القوم إثنا عشر رجلا
فادن لهم. فدخلوا إليه، فقالوا له: نسألك؟ قال: اسألوا.
قالوا (4): ما تقول في حرب علي وطلحة والزبير وعائشة؟
قال: [و] (5) ما تريدون بذلك؟ قالوا: نريد أن نعلم ذلك.
قال: إذا تكفرون يا أهل (6) البصرة؟ فقالوا: لا نكفر.
قال: كان علي مؤمنا مذ بعث الله نبيه صلى الله عليه وآله إلى أن قبضه الله إليه، لم يؤمر عليه
النبي صلى الله عليه وآله أحدا قط، ولم يكن في سرية إلا كان أميرها.
وإن طلحة والزبير أتياه (7) لما قتل عثمان، فبايعاه طائعين غير كارهين [وهما أول]

1) في البحار والمناقب " الا سبعة أشهر " وفى الاختصاص " تسعة أشهر ".
2) روى مثله في دلائل الإمامة: 118، عنه مدينة المعاجز: 392 ح 14.
ورواه في الاختصاص: 79 باسناده عن محمد بن الحسن بنفس السند المذكور.
أخرجه في البحار: 47 / 126 عن المناقب لابن شهرآشوب: 3 / 350 مرسلا عن
صندل، عن سورة بن كليب.
3) وفى دلائل الإمامة ومدينة المعاجز هكذا السند:
روى الحسين، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، قال: أخبرنا محمد بن علي، عن علي
بن محمد، عن المؤمن، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد.
4) في الأصل " قال ".
5) أضفناها كما في سائر المصادر.
6) في الأصل " بأهل ".
7) وفى الأصل " أتاه ".
144

من غدر به - ونكثا عليه، ونقضا عهده، وهما به الهموم كما هم به من كان
مثلهما، وخرجا بعائشة معهما يستعطفا بها (6) الناس وكان من أمرهما وأمرها ما قد بلغكم.
قالوا: فان طلحة والزبير صنعا ما صنعا فما حال عائشة؟ قال: عائشة عظيم جرمها
وعظيم إثمها، ما أهرقت محجمة من دم إلا وإثم ذلك في (2) عنقها وعنق صاحبيها (3).
ولقد عهد النبي صلى الله عليه وآله إليه، وقال: لابد من أن تقاتل الناكثين - وهم أهل البصرة -
والقاسطين - وهم أهل الشام - والمارقين - وهم أهل النهروان - فقاتلهم علي عليه السلام جميعا.
قال (4) القوم: إن كان هذا [قاله] (5) النبي صلى الله عليه وآله لقد دخل القوم جميعا في أمر عظيم!!.
قال أبو عبد الله عليه السلام: إنكم ستكفرون (6).
قالوا: إنك (7) جئتنا بأمر عظيم لا نحتمله.
قال: وما طويت عنكم أكثر، أما إنكم سترجعون إلى أصحابكم وتخبرونهم (8)
بما أخبرتكم، فتكفرون أعظم من كفرهم.
قال: فلما خرجوا قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا سليمان بن خالد! والله ما يتبع قائمنا
من أهل البصرة إلا رجل واحد، لاخير فيهم، كلهم قدرية وزنادقة، وهي
الكفر بالله. (9)

1) " يستعطفانها " دلائل الإمامة.
2) في الأصل " من " تصحيف.
3) أثبتناها كما في المصادر المذكورة، وفى الأصل " صاحبها ".
4) في الأصل " قالوا " وما أثبتناه كما في ساير المصادر.
5) أضفناها كما في المصادر المذكورة.
6) في الأصل " ستنكرون " وما أثبتناه كما في دلائل الإمامة.
7) في الأصل مكررة مرتين.
8) في الأصل " وتخبرون " وما أثبتناه كما في المصادر المذكورة.
(9) رواه في دلائل الإمامة: 120، عنه مدينة المعاجز: 393 ح 20 بنفس السند الا أن فيه
" عبد المؤمن " بدل " المؤمن ".
أخرج نحوه في البحار: 47 / 127 ح 175 عن مناقب ابن شهرآشوب: 3 / 350 باسناده
عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد.
145

15 - ومنها: قال أبو جعفر: أخبرني أبو الحسين. محمد بن هارون بن موسى، عن
أبيه، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثني محمد
ابن علي، عن إدريس، عن (1) عبد الرحمن، عن داود بن كثير الرقي، قال:
أتيت المدينة فدخلت على أبي عبد الله الصادق عليه السلام، فلما استويت في المجلس
بكيت، فقال أبو عبد الله: ما يبكيك يا داود؟!
فقلت: يا بن رسول الله، إن قوما يقولون لنا: لم (2) يخصكم الله بشئ سوى ما
خص به غيركم، ولم يفضلكم بشئ سوى ما فضل به غيركم.
فقال عليه السلام: كذب الملاعين!
قال: ثم قام فركض (2) الدار برجله ثم قال: كوني بقدرة الله. فإذا [هي] (4) سفينة
من ياقوتة حمراء وسطها درة بيضاء، وعلى أعلى السفينة راية خضراء عليها مكتوب:
" لا إله إلا الله محمد رسول الله على ولي الله، يقتل القائم الأعداء، ويبعث المؤمنون
ينصره الله بالملائكة ".
وإذا في وسط السفينة أربع كراسي من أنواع الجواهر، فجلس أبو عبد الله عليه السلام على
واحد وأجلس موسى على واحد، وأجلس إسماعيل على واحد وأجلسني على واحد. ثم قال: سيري على بركة الله عز وجل.
فسارت في بحر عجاج أشد بيضا من اللبن وأحلى من العسل.
فسرنا بين جبال الدر والياقوت، حتى انتهينا إلى جزيرة، وسطها قباب من

1) في مدينة المعاجز " بن عبد الرحمن " ولم نعثر له على ترجمة في كتب الرجال.
2) في الأصل " لن " وما أثبتناه من ساير المصادر.
3) ركض الأرض والثوب: ضربهما برجله. (لسان العرب: 7 / 159).
4) أضفناها كما في مدينة المعاجز.
146

الدر الأبيض، محفوفة بالملائكة،، ينادون: مرحبا مرحبا يا بن رسول الله.
فقال عليه السلام: هذه قباب الأئمة من آل محمد من ولد محمد صلى الله عليه وآله كلما افتقد (1)
واحد منهم أتى (2) هذه ألقاب، حتى يأتي (3) الوقت الذي ذكره الله تعالى في كتابه
" ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا " (4).
قال: ثم ضرب يده إلى أسفل البحر، فاستخرج منه درا وياقوتا.
فقال: يا داود! إن كنت تريد الدنيا فخذها.
فقلت: لا حاجة لي في الدنيا [يا بن رسول الله] (5).
فألقاه في البحر، ثم استخرج من رمل البحر، فإذا مسك وعنبر، فشمه وأشممناه
ثم رمى به في البحر، ثم نهض، فقال:
قوموا حتى نسلم على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وعلى أبي محمد
الحسن بن علي، وعلى أبي عبد الله الحسين بن علي وعلى أبي محمد علي بن
الحسين وعلي أبي جعفر محمد بن علي عليهم السلام.
فخرجنا حتى انتهينا إلى قبة وسط القباب، فرفع جعفر عليه السلام الستر، فإذا
أمير المؤمنين عليه السلام [جالس] (6) فسلمنا عليه.
ثم أتينا قبة الحسن بن علي عليهما السلام فسلمنا عليه، وخرجنا.
ثم أتينا قبة الحسين بن علي عليهما السلام فسلمنا عليه، وخرجنا.
ثم أتينا قبة علي بن الحسين عليهما السلام فسلمنا عليه، وخرجنا.
ثم أتينا قبة محمد بن علي عليهما السلام فسلمنا عليه، وخرجنا.
ثم قال عليه السلام: انظروا على يمين الجزيرة، فإذا قباب لا ستور عليها، فقلت:

1) في الأصل " افتقدوا " وما أثبتناه من دلائل الإمامة.
2) في الأصل " لاقى " وما أثبتناه من الدلائل ومدينة المعاجز.
3) في الأصل " ما أتى " وما أثبتناه كما في المصادر المذكورة.
4) سورة الإسراء: 6.
5) أضفناها كما في المصادر المذكورة.
6) أضفناها كما في المصادر المذكورة.
147

يا بن رسول الله، ما بال هذه القباب لا ستور عليها؟!
قال: هذه لي، ولمن يكون من بعدي من الأئمة عليهم السلام، ثم قال: انظروا إلى
وسط الجزيرة. فنظرنا فإذا فيها أرفع ما يكون من القباب، ووسطها سرير.
فقال: هذه للقائم من آل محمد من ولد محمد صلى الله عليه وآله ثم قال: ارجعوا فرجعنا.
ثم قال: كوني بقدرة الله تعالى. فإذا نحن في مجلسنا كما كنا. (1)
16 - ومنها: أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن علي بن محمد
ابن همام، قال: حدثني أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم، [قال:
حدثني أبي] (2) عن الحسن بن علي الحراني، عن محمد بن حمران، عن داود بن
ابن كثير الرقي، قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: حدثني عن القوم. قال: الحديث أحب إليك أم المعاينة؟
فقلت: جعلني الله فداك، المعاينة.
فقال لأبي الحسن موسى عليه السلام: انطلق فائتني بالقضيب.
فأتى به، فضرب به الأرض ضربة فانشقت عن بحر أسود.
فضربها فانفتحت عن باب، فإذا بهم وجوههم مسودة وأعينهم مزرقة، كل
واحد منهم مشدود إلى جنب صخرة موكل بكل واحد منهم ملك، وهم ينادون
والملائكة يضربون وجوههم، ويقولون: كذبتم ليس لكم محمد.
فقلت: جعلت فداك من هؤلاء؟
فقال: أبو جهل (3) وزفر ونعثل واللعين.
ثم قال: انطبق عليهم إلى الوقت (4). (5)

1) روى مثله في دلائل الإمامة: 141، عنه مدينة المعاجز: 373 ح 42.
2) أضفناها كما في دلائل الإمامة.
3) في دلائل الإمامة " ابن الجمل ".
4) أي إلى الوقت المعلوم، وهو يوم الحساب.
5) روى مثله في دلائل الإمامة: 142 باسناده إلى داود بن كثير الرقي.
148

17 - ومنها: أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه قال:
حدثنا أبو علي محمد بن همام قال: حدثنا أبو محمد عبد الله جعفر بن محمد
الحميري (1) عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن هذيل، عن
محمد بن سنان، قال: (2)
وجه المنصور إلى سبعين رجلا من أهل كابل، فدعاهم وقال لهم: ويحكم
إنكم تزعمون أنكم ورثتم السحر عن آبائكم أيام موسى عليه السلام وأنكم تفرقون (3)
بين المرء وزوجه، وأن أبا عبد الله جعفر بن محمد ساحر مثلكم، فاعملوا شيئا من
السحر فإنكم إن أبهتموه أعطكم الجائزة العظيمة والمال الجزيل.
فقاموا إلى المجلس الذي فيه المنصور، وصوروا له سبعين صورة من صور
السباع، (لا يأكلون ولا يشربون وإنما كانت صور) (4) وجلس كل واحد منهم
تحت صورته، وجلس المنصور على سريره ووضع إكليله على رأسه.
ثم قال لحاجبه: ابعث إلى أبي عبد الله. فقام فدخل إليه، فلما أن نظر إليه
وإليهم وما قد استعدوا له، رفع يده إلى السماء ثم تكلم بكلام بعضه جهر وبعضه خفي
ثم قال: ويلكم أنا الذي أبطل سحركم، ثم نادى برفيع صوته: يا قسورة خذهم.
فوثب كل سبع منها على صاحبه وافترسه في مكانه.

1) كذا في الأصل. وفى دلائل الإمامة " أبو عبد الله جعفر محمد الحميري ".
وقد ذكره في معجم رجال الحديث تحت عنوان " عبد الله بن جعفر بن الحسن الحميري ".
وأورده عن رجال النجاشي هكذا: قال النجاشي: عبد الله بن جعفر بن الحسن بن مالك
ابن جامع الحميري أبو العباس القمي.
فراجع معجم رجال الحديث: 10 / 145 برقم 6757 وبقية كتب الرجال.
2) في الأصل " قال: قال " تصحيف.
3) في الأصل " كلمة غير مفهومة " وما أثبتناه كما في دلائل الإمامة ومدينة المعاجز.
4) هكذا وردت، والظاهر (لا تأكل ولا تشرب...).
149

ووقع المنصور من سريره وهو يقول:
يا أبا عبد الله أقلني، فوالله لا عدت إلى مثلها أبدا، فقال له: قد أقلتك.
قال: يا سيدي، فرد السباع إلى ما كانت.
فقال: هيهات! إن عادت عصا موسى عليه السلام فستعود السباع. (1)
18 - ومنها: روى محمد بن الحسين [بن أبي الخطاب] (2) عن موسى بن
سعدان، [عن عبد الله بن القاسم] (3) عن حفص الأبيض التمار، قال:
دخلت على أبي عبد الله عليه السلام أيام صلب المعلى بن خنيس رحمه الله - [قال:] (4)
فقال لي: يا حفص، إني أمرت المعلى بأمر فخالفني وابتلي بالحديد. إني نظرت
إليه يوما فرأيته كئيبا حزينا، فقلت له:
مالي أراك كئيبا حزينا؟ فقال لي: ذكرت أهلي وولدي.
فقلت له: ادن مني. فدنا، فمسحت وجهه بيدي، ثم قلت له: أين أنت؟
فقال: يا سيدي، أنا في منزلي، هذه والله زوجني وولدي! فتركته حتى أخذ
وطره منهم، واستترت (5) منه حتى نال حاجته من أهله، حتى كان منه إلى أهله

1) روى مثله في دلائل الإمامة: 144، عنه مدينة المعاجز: 362 ح 23.
ورواه أيضا في الدلائل بطريق آخر خلاصة للخبر على سيافه هكذا قال: أخبرني أبو
الحسين محمد بن هارون، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه
قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن أحمد النيسابوري الحذاء، قال: حدثني
أبو الحسن علي بن عمرو بن محمد الرازي الكاتب، قال: حدثنا محمد بن الحسن
السراج، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن هذيل، عن محمد بن سنان
عن الربيع، قال: وجه المنصور - وجاء بالخبر على السياق - عنه مدينة المعاجز.
وروى ذيل الحديث في الاختصاص: 240 باسقاط السند وصدر الحديث من جميع النسخ.
2) من بصائر الدرجات.
3) أضفناها كما في أكثر المصادر.
4) أضفناها كما في أكثر المصادر.
5) في الأصل " واستقرب " وما أثبتناه كما في أكثر المصادر.
150

ما يكون من الزوج إلى امرأته (1).
ثم قلت له: ادن مني. فدنا، فمسحت وجهه، فقلت له: أين أنت؟
فقال: أنا معك في المدينة، وهذا بيتك!
فقلت له: يا معلى، إن لنا حديثا من حفظه علينا، حفظه الله وحفظ عليه دينه ودنياه.
يا معلى، لا تكونوا اسراء في أيدي الناس بحديثنا، إن شاءوا أمنوا عليكم وإن
شاءوا قتلوكم.
يا معلى، إن [من] (2) كتم الصعب من حديثنا جعل (3) الله نورا بين عينيه، وأعزه
في الناس من غير عشيرة، ومن أذاعه لم يمت حتى [يذوق] (4) عضة الحديد (5)
وألح عليه الفقر والفاقة في الدنيا حتى يخرج منها ولا ينال منها شيئا، وعليه في الآخرة
غضب وله عذاب أليم.
ثم قلت له: يا معلى، وأنت مقتول، فاستعد. (6)

1) استظهرناها، وفى الأصل " المرأة ".
2) أضفناها كما في جميع المصادر.
3) في بعض المصادر " جعله ".
4) أضفناها كما في دلائل الإمامة ومدينة المعاجز، وفى بقية المصادر " يعضه ".
5) في بعض المصادر " يعضه السلاح أو يموت كبلا " وفى بعضها " أو يموت بحبل ".
6) رواه في بصائر الدرجات للصفار: 403، عنه البحار: 2 / 71 ح 34، والعوالم:
3 / 307 ح 18.
ورواه في دلائل الإمامة: 136، عنه مدينة المعاجز: 359 ح 16.
ورواه في الاختصاص: 315، عنه البحار: 25 / 380 ح 34.
وروى نحوه في مختصر بصائر الدرجات: 98 بالاسناد عن أحمد بن محمد بن عيسى
ومحمد بن خالد البرقي، عن الربيع الوراق، عن بعض أصحابه، عن حفص الأبيض
بزيادة في آخره، عنه مدينة المعاجز: 359 ح 16.
وروى مثله في رجال الكشي: 378 ح 709 بالاسناد عن إبراهيم بن محمد بن العباس
الختلى، قال: حدثني أحمد بن إدريس القمي المعلم، قال: حدثني محمد بن أحمد بن
يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن
حفص الأبيض التمار.
عنه البحار: 2 / 72 ح 34 و ج 47 / 88 ح 91، والعوالم: 3 / 307 ح 18.
أخرجه في البحار: 47 / 87، عن الاختصاص: 315، وبصائر الدرجات: 403.
وأخرج نحوه مختصرا في البحار: 47 / 91 ح 98 عن نفس الكتابين بالاسناد عن
أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن حماد بن عثمان، عن المعلى
ابن خنيس.
وفى اثبات الهداة: 5 / 385 ح 95 عن إعلام الورى للطبرسي نقلا من كتاب نوادر
الحكمة لمحمد بن أحمد بن يحيى بالاسناد عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب
مرفوعا إلى حفص بن الأبيض التمار.
151

19 - ومنها: روى الحسن بن علي بن فضال (1) عن النضر بن سويد، عن
يحيى الحلبي، عن عبيد [الله] (2) بن الحسن، عن الحسن بن هارون، قال:
كنت بالمدينة فكنت آتي موضعا أسمع فيه غناء جبران لنا، فدخلت على أبي
عبد الله عليه السلام فقال لي - ابتداءا منه -:
" إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا " (3).
يسأل السمع عما سمع، والبصر عما أبصر، والفؤاد عما عقد عليه. (4)
20 - ومنها: أخبرنا أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن أبي علي
محمد بن همام الكاتب، عن جعفر بن محمد بن مالك [الكوفي] (5) عن [أحمد

1) في دلائل الإمامة هكذا السند: " حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد
ابن جعفر الزيات، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي بن فضال... "
في الأصل " الحسن بن علي فضال " وهو تصحيف.
2) أضفناها كما في دلائل الإمامة.
3) اقتباس من سورة الإسراء: 36.
4) رواه في دلائل الإمامة: 138.
5) أضفناها كما في بصائر الدرجات والبحار واثبات الهداة.
152

ابن مدبر] (1) محمد بن عمار، عن أبيه، عن أبي بصير، قال:
كنت عند أبي عبد الله عليه السلام، فركض الأرض برجله فإذا بحر وفيه سفن من فضة.
قال: فركب وركبت معه، حتى انتهى إلى موضع فيه خيم من فضة، فدخلها، ثم خرج.
فقال لي: رأيت الخيمة التي دخلتها أولا؟ قلت: نعم.
قال: تلك خيمة رسول الله صلى الله عليه وآله والأخرى خيمة أمير المؤمنين عليه السلام.
والثالثة خيمة فاطمة عليها السلام والرابعة خيمة خديجة، والخامسة خيمة الحسن عليه السلام.
والسادسة خيمة الحسين عليه السلام والسابعة خيمة جدي عليه السلام.
والثامنة خيمة أبي عليه السلام وهي التي بكيت فيها، والتاسعة خيمتي.
وليس أحد منا يموت إلا وله خيمة يسكن فيها. (2)
21 - ومنها: روى المفضل بن عمر (3) قال:
وجه [أبو جعفر] (4) المنصور إلى الحسن بن زيد - وهو واليه على الحرمين -
أن أحرق على جعفر بن محمد داره.
[فألقى النار في دار أبي عبد الله عليه السلام] (5) فأخذت النار في الباب وفي الدهليز

1) من دلائل الإمامة. وفى مدينة المعاجز " أحمد بن مدين " وفى سند البصائر أحمد بن
محمد " عن جعفر. وقد استقصينا في أسناد البصائر " أحمد بن محمد، عن جعفر بن محمد
بن مالك " ص 24 ح 17.
2) في بصائر الدرجات: 405 ح 5 " حدثنا أحمد بن محمد، عن جعفر بن محمد بن مالك
الكوفي، عن محمد بن عمار، عن أبي بصير... " (مثله).
عنه البحار: 6 / 245 ح 75، و ج 47 / 91 ح 97، و ج 57 / 328 ح 8، واثبات
الهداة: 5 / 391 ح 108. دلائل الإمامة: 135 (مثله).
أخرجه في مدينة المعاجز: 396 ح 35 عن الهداية للخصيبي بالاسناد عن أبي الحسين
محمد بن هارون مرفوعا إلى أبي بصير.
3) في الكافي هكذا السند: " بعض أصحابنا، عن ابن جمهور، عن أبيه، عن سليمان بن
سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن المفضل بن عمر ".
4) أضفناها كما في بعض المصادر.
5) أضفناها كما في جميع المصادر.
153

فخرج أبو عبد الله عليه السلام يتخطى النار ويمشي [عليها] (1) و [هو] (2) يقول:
أنا ابن أعراق الثرى (3) وأنا ابن إبراهيم خليل الله عليه السلام. (4)
روي أن النمرود - لعنه الله - لما ألقى إبراهيم عليه السلام [في] النار ورأي الناس
أن النار لا تضره، قال:
وما هذا إلا أعراق الثرى، وما عرقه إلا عرق الثرى " (5).
الباب الثامن
في معجزات وأعلام موسى بن جعفر عليهما السلام
1 - حدثنا علي بن إبراهيم المصري، عن صراد بن الارمور، يرفعه إلى
المفضل بن عمر، قال:
كنت بين يدي مولاي موسى بن جعفر عليهما السلام وكان [الوقت] (6) شتاءا شديد
البرد، وعلى مولاي عليه السلام جبة حرير صيني سوداء، وعلى رأسه عمامة خز صفراء
وبين يديه رجل يقال له مهران بن صدقة، كان كاتبه وعليه طاق قميص، وهو يرتعد

1) أضفناها كما في بعض المصادر.
2) أضفناها كما في بعض المصادر.
3) قال المجلسي (ره): رأيت في بعض الكتب أن أعراق الثرى كاية عن إسماعيل (ع)
ولعله إنما كنى عنه بذلك لان أولاده انتشروا في البراري.
4) في الكافي: 1 / 473 ح 2 بالاسناد المتقدم، عنه اثبات الهداة: 5 / 335 ح 6، وحلية
الأبرار: 2 / 167، ومدينة المعاجز: 372 ح 39 مثله، وحسن ثاقب المناقب: 102
مرسلا نحوه.
5) ذكر هذه الرواية لتوضيح عبارة " أعراق الثرى ".
وفى ثاقب المناقب: 101: وعرق الثرى: لقب إبراهيم عليه السلام.
وفى الوافي: 3 / 790 (العرق): الأصل، وأصول الأرض الأنبياء عليهم السلام)، ويقال:
فحل معرق: أي عريق النسب، أصيل.
6) أضفناها لضرورتها.
154

بين يديه من شدة البرد.
فقال له المولى عليه السلام: ما استوفيت واجبك؟ فقال: بلى.
فقال: أفلا أعددت لمثل (1) هذا اليوم ما يدفع عن نفسك البرد؟!
فقال: يا مولاي ما علمت أن يأتي الزمهرير عاجلا.
فقال عليه السلام: أما إنك يا مهران لشاك في مولاك موسى؟!
فقال: إنما أنا شاك فيك لأنه ما ظهر في الأئمة أسود مثلك (2) أو غيرك.
فقال عليه السلام: ويلك، لا تخاف من سطوات رب العالمين ونقمته؟! ويلك سأزيل (3)
الشك عن قلبك إن شاء الله. فاستدعى البواب فقال:
لا تدعه يدخل إلي بعد هذا اليوم إلا أن آذن له بذلك.
فخرج من بين يديه وهو يقول: " وا سوءة (4) منقلباه! ".
وخرج إلى الجبانة فإذا السحب قد انقطعت، والغيوم قد انقشعت وكان يتردد
متفكرا، فإذا هو بقصر قد حفت به (5) النخيل والأشجار والرياحين، وإذا بابه
مفتوح، فدنا من الباب ودخل القصر.
فإذا به ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين، وإذا مولاي عليه السلام على سرير من ذهب
ونور وجهه يبهر نور الشمس، وحواليه خدم ووصائف فلما رآه تحير.
فقال له: يا مهران مولاك أسود أم أبيض؟! فخر مهران ساجدا.
فقال عليه السلام: لولا ما سبق لك عندنا من الخدمة، لأنزلنا بك النقمة.
قال (6): فألهمني (7) الله أن أقرأ:

1) استظهرناها، وفى الأصل " بمثل ".
2) في الأصل " منك " وما أثبتناه هو المناسب للحال ولذيل الحديث: " مولاك أسود أم أبيض؟ ".
3) استظهرناها، وفى الأصل " فأزيل ".
4) في الأصل " واسوا " تصحيف.
5) في الأصل " حف به " وما أثبتناه هو الأظهر وفى الأصل زيادة " فيه ".
6) في الأصل كلمة غير مفهومة.
7) استظهرناها، وفى الأصل " فافهمني "
155

ذلك " فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم " (1).
ثم غاب عني القصر ومن فيه، وعدت إلى موضعي وأنا مذعور (2) وإذا أنا
بمولاي، هو على بغلة، فقال لها: قولي له.
فقالت لي البغلة بلسان فصيح: ما كان (3) مولاك؟ أسود أم أبيض؟
فخررت (4) ساجدا.
فقال: ارفع رأسك فقد عفوت عنك (5) فان قولك (6) من قلة معرفتك.
ثم قال لي: انظر الساعة. فرأيته كالقمر المنير ليلة تمامه.
ثم قال: أنا ذلك الأسود، وأنا ذلك الأبيض، ثم هوى من البغلة (7) وقال:
" عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول " (8).
2 - ومنها: قال أبو جعفر: أخبرني أبو المفضل محمد بن عبد الله، عن علي
ابن محمد بن علي بن الزبير البلخي (9) ببلخ.
قال: حدثنا حسام بن حاتم بن الأصم (10) قال: حدثني [أبي] (11) قال:
قال لي شقيق - يعني [ابن] (12) إبراهيم البخلي -:

1) اقتباس من سورة الجمعة: 4.
2) في الأصل " مدعون " والأظهر ما أثبتناه.
3) في الأصل " ما كانت " تصحيف.
4) في الأصل " فخرت " و " لك " تصحيف.
5) في الأصل " فخرت " و " لك " تصحيف.
6) استظهرناها وفى الأصل " ملك ".
7) ما أضفناه وأثبتناه تصحيحا للعبارة، وفى الأصل وهو البغلة ".
8) اقتباس من سورة الجن: 26 - 27.
9) في بعض المصادر ومحمد بن علي بن الزبير البلخي " ولم نعثر له على ترجمة في كتب التراجم.
10) في بعض المصادر " خشنام " وفى بعضها " هشام " ولم نعثر له على ترجمة في كتب التراجم ولم
نقف على هذا الاسم والموجود في كتب التراجم " حاتم الأصم: هو أبو عبد الرحمن حاتم بن
عنوان بن يوسف البلخي الواعظ. روى عن شقيق البلخي وصحبه. روى عنه عبد الله بن
سهل الرازي وأحمد بن خضرويه البلخي... وآخرون... توفى في سنة سبع وثلاثين ومائتين ".
راجع سير أعلام النبلاء: 11 / 484 والمصادر المذكورة في حاشيته.
11) أضفناها كما في بعض المصادر.
12) أضفناها كما في بعض المصادر.
156

خرجت حاجا إلى بيت الله الحرام سنة 149، فنزلنا القادسية (1).
قال شقيق: فنظرت إلى الناس في القباب والعماريات (2) والخيم والمضارب
وكل إنسان منهم قد تزين (3) على قدره، فقلت: اللهم إنهم قد خرجوا إليك
فلا تردهم خائبين، فبينما أن قائم وزمام راحلتي بيدي وأنا أطلب موضعا أنزل فيه
منفردا عن الناس إذ نظرت إلى فتى فتي (4) السن، حسن الوجه، شديد السمرة
عليه سيماء العبادة وشواهدها، وبين عينيه سجادة، كأنها كوكب دري، وعليه من
فوق ثوبه شملة من الصوف، وفي رجله نعل عربي، وهو منفرد في عزلة من الناس.
فقلت (5) في نفسي: هذا الفتى من هؤلاء الصوفية المتوكلة، يريد أن يكون
كلا (1) على الناس في هذا الطريق، والله لأمضين إليه [ولأوبخنه] (7).
قال: فدنوت منه، فلما رآني مقبلا نحوه (8) قال لي:
يا شقيق، " اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا " (9) ثم
تركني ومضى، فقلت في نفسي: قد تكلم هذا الفتى على سري ونطق بما في نفسي
وسماني باسمي وما فعل هذا إلا هو ولي الله، ألحقه وأساله أن يجعلني في حل

1) قرية قرب الكوفة من جهة البر بينها وبين الكوفة خمسة عشر فرسخا، وبينها وبين
العذيب أربعة أميال، عندها كانت الوقعة العظمى بين المسلمين والفرس - (مراصد
الاطلاع: 3 / 1054).
2) جمع عمارية. وهي كالساباط.
3) في بعض المصادر " تزيا " و " حدث ".
4) في بعض المصادر " تزيا " و " حدث ".
5) في الأصل " فقلنا " و " اكلا " تصحيف.
6) في الأصل " فقلنا " و " اكلا " تصحيف.
7) أضفناها كما في جميع المصادر.
8) في الأصل " إليه نحوه ".
9) اقتباس من سورة الحجرات: 12.
157

فأسرعت وراءه فلم ألحقه وغاب عن عيني فلم أره، وارتحلنا حتى نزلنا " واقصة " (1)
فنزلت ناحية من الحاج، ونظرت فإذا صاحبي قائم يصلي على كثيب رمل، وهو
راكع وساجد وأعضاؤه تضطرب، ودموعه تجري من خشية الله عز وجل.
فقلت: هذا صاحبي لأمضين إليه، ثم لأسألنه أن يجعلني في حل.
فأقبلت نحوه فلما نظر إلي مقبلا قال لي:
يا شقيق، " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى " (2).
ثم غاب عن عيني فلم أره، فقلت: هذا رجل من الابدال وقد تكلم على
سري مرتين ولو لم يكن عند الله فاضلا ما تكلم على سري، ورحل الحاج وأنا
معهم حتى نزلنا " زبالة " (3) فإذا أنا بالفتى قائم على البئر وبيده ركوة يستسقي بها ماءا
فانقطعت الركوة ووقعت في البئر. فقلت: " صاحبي والله "!
فرأيته قد رمق السماء بطرفه وهو يقول:
" أنت ربي إذا ظمئت من الماء، وقوتي إذا أردت الطعام، إلهي وسيدي مالي
سواها [فلا تعدمنيها]. (4)
قال شقيق: فوالله لقد رأيت البئر وقد قاض ماؤها حتى جرى على وجه لأرض
فمد يده فتناول الركوة وملاها ماء، ثم توضأ (5) وصلى ركعات (6).
قال شقيق: ثم مد يده إلى كثيب رمل [فجعل] (7) يقبض بيده من الرمل ويطرحه

1) واقصة: بكسر القاف والصاد المهملة. موضعان، منزل بطريق مكة بعد القرعاء نحو
مكة وقبل العقبة، وواقصة أيضا بأرض اليمامة، وقيل ماء لبنى كعب. (معجم البلدان:
5 / 354).
2) اقتباس من سورة طه: 82.
3) زبالة: بضم أوله: منزل معروف بطريق مكة من الكوفة، وهي قرية عامرة بها أسواق
بين واقصة والثعلبية. (معجم البلدان: 3 / 129).
4) أضفناها كما في المصادر.
5) في الأصل " توضأ وأسبغ الوضوء ".
6) في بعض المصادر " أربع ركعات ".
7) أضفناها كما في أكثر المصادر، وفى الأصل " فقبض ".
158

في الركوة ثم يحركها ويشرب، فقلت في نفسي: أتراه قد تحول (1) الرمل سويقا
فدنوت منه، فقلت له: أطعمني - رحمك الله - من فضل ما أنعم الله عليك. فنظر وقال لي:
يا شقيق، لم تزل نعمة الله علينا أهل البيت سابغة وأياديه لدينا جميلة، فأحسن
ظنك بربك، فإنه لا يضيع من أحسن به ظنا. فأخذت الركوة من يده (2) وشربت
فإذا سويق وسكر، فوالله ما شربت شيئا قط الذ منه ولا أطيب رائحة، فشبعت ورويت
وأقمت أياما لا أشتهي طعاما ولا شرابا، فدفعت إليه الركوة.
ثم غاب عن عيني فلم أره حتى دخلت مكة، وتضيت حجي، فإذا أنا بالفتى
في هدأة (3) من الليل، وقد زهرت النجوم وهو إلى جانب بيت قبة الشراب (4) راكعا
ساجدا لا يريد مع الله سواه، تجعلت أرعاه وأنظر إليه وهو يصلي بخشوع وأنين
وبكاء، ويرتل القرآن ترتيلا، وكلما مرت آية فيها وعد ووعيد رددها على نفسه
ودموعه تجري على خديه، حتى إذا دنا الفجر جلس في مصلاه يسبح رب ويقدسه
ثم قام فصلى الغداة وطاف بالبيت سبعا (5) وصلى في المقام ركعتين.
ثم قام وخرج من باب المسجد، فخرجت فرأيت له حاشية وموال، وإذا عليه
لباس خلاف الذي شاهدت، وإذا الناس من حوله يسألونه عن مسائلهم ويسلمون عليه.
فقلت لبعض الناس، أحسبه من مواليه: من هذا الفتى؟
فقال: هذا أبو إبراهيم - عالم آل محمد صلى الله عليه وآله - قلت: من أبو إبراهيم؟
قال: موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

1) كذا في بعض المصادر، وفى بعضها " حول " وفى الأصل " يحول ".
2) في بعض المصادر " ثم ناولني الركوة ".
3) في الأصل " هند من " وما أثبتناه كما في بعض المصادر، وفى بعضها " نصف الليل ".
4) في بعض المصادر " السراب ".
5) في الأصل " أسبوعا ".
159

فقلت: فوالله ما توجد هذه الشواهد إلا في هذه الذرية. (1)
3 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثني أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الحرمي (2)
قال: حدثني أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري، عن أبي علي محمد بن همام
عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري، عن أبي عقيلة، عن أحمد التبان قال:
كنت نائما على فراشي، فما حسست إلا ورجل قد رفسني برجله، فقال لي:
ليس هذا منام شيعة آل محمد!
فقمت فزعا، فلما رآني فزعا ضمني إلى صدره، فالتفت. فإذا أنا بأبي الحسن
موسى بن جعفر عليهما السلام، فقال:
يا أحمد، توضأ للصلاة. فتوضأت. وأخذني بيدي وأخرجني من باب داري،
فكان (3) باب الدار مغلقا، ما أدري من أين أخرجني! فإذا أنا بناقة معقلة له

1) ذكرنا معظم تخريجات الحديث عند تحقيقنا لكتاب العوالم: 21 / 169 فراجع.
وأضاف في بعض المصادر ما لفظه: " ولقد نظم بعض المتقدمين واقعة شقيق معه في أبيات
طويلة اقتصرت على ذكر بعضها " فقال:
سل شقيق البلخي عنه وماعا * بن منه وما الذي كان أبصر
قال لما حججت عاينت شخصا * شاحب اللون ناحل الجسم أسمر
ساترا وحده وليس له زاد * فما زلت دائما أتفكر
وتوهمت أنه يسأل الناس * ولم أدر أنه الحج الأكبر
ثم عاينته ونحن نزول * دون قيد على الكثيب الأحمر
يضع الرمل في الاناء ويشربه * فناديته وعقلي محير
اسقني شربة فناولني منه * فعاينته سويقا وسكر
فسألت الحجيج من يك هذا؟ * قيل: هذا الإمام موسى بن جعفر
2) في الأصل والمصادر " الحرفي " تصحيف، ترجم له في أعلام القرن الرابع: 113.
3) في الأصل " فان " وما أثبتناه كما في مدينة المعاجز.
160

فحل عقالها، وأردفني خلفه، وسار بي غير بعيد، فأنزلني ونزل (1) موضعا، فصلى
[بي] (7) أربعا وعشرين ركعة، ثم قال:
يا أحمد، أتدري في أي موضع أنت؟ قلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم.
فقال: هذا قبر جدي الحسين بن علي عليهما السلام ثم ركب وأردفني خلفه وسار غير
بعيد، حتى أتى الكوفة [وإن الكلاب والحرس لقيام، مامن كلب ولا حارس يبصر
شيئا] (3) فأدخلني المسجد وإني لأعرفه (4) وانكره، فصلى بي سبع عشرة ركعة
ثم قال:
يا أحمد، أتدري أين أنت؟ قلت: لا. قال: هذا مسجد الكوفة وهذه الطشت (5).
ثم ركب وأردفني وسار غير بعيد، وأنزلني فصلى بي أربعا وعشرين ركعة.
ثم قال:
يا أحمد، أتدري أين أنت؟ قلت: لا. قال: هذا قبر جدي علي بن أبي طالب
عليه السلام ثم ركب وأردفني فسار غير بعيد، فأنزلني فقال لي:
يا أحمد [أتدري] (6) أين أنت؟ قلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم. قال: هذا
قبر الخليل إبراهيم عليه السلام. ثم ركب وأردفني وسار غير بعيد، فأنزلني وأدخلني مكة
ولاني لا أعرف (7) البيت ومكة وبئر زمزم وبيت الشراب. قال لي:
يا أحمد أتدري أين أنت؟ قلت: لا يا سيدي. قال: هذه مكة، وهذا البيت
وهذه زمزم، وهذا بيت الشراب. ثم ركبني وسار غير بعيد، فأدخلني مسجد
النبي صلى الله عليه وآله وقبره، وصلى بي أربعا وعشرين ركعة، فقال لي:

1) استظهرناها، وفى الأصل مشوشة.
2) أضفناها كما في ساير المصادر.
3) أضفناها كما في ساير المصادر.
4) في الأصل " لا أعرفه ".
5) بيت الطشت: وهو كالسرداب المبنى في الصحن متصل بدكة القضاء.
6) أضفناها كما في دلائل الإمامة.
7) في بعض المصادر " وانى لأعرف ".
161

يا أحمد، أتدري أين أنت؟ قلت: لا يا سيدي. قال: هذا مسجد جدي وقبر
رسول الله صلى الله عليه وآله.
ثم سار بي غير بعيد، فأتى بي الشعب [شعب أبي حبير] (1) فقال:
يا أحمد، تريد [أن] (2) أريك [من] (3) دلالات الامام؟ قلت: نعم.
فقال: يا ليل أدبر، فأدبر الليل عنا، ثم قال: " يا نهار أقبل " فأقبل إلينا النهار
بالنور العظيم [وبالشمس حتى رجعت] (4) هي بيضاء نقية. فصلينا الزوال.
ثم قال: " يا نهار أدبر، باليل (5) أقبل " فأقبل علينا الليل حتى صلينا المغرب
[قال: يا أحمد، أرأيت؟] (6) قلت: حسبي هذا يا بن رسول الله!
فركب وأردفني، فسار غير بعيد، حتى أتى بي جبلا محيطا بالدنيا، ما الدنيا
عنده إلا مثل سكرجة (7).
فقال: يا أحمد، أتدري أين أنت؟ قلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم.
قال: هذا جبل محيط بالدنيا، فإذا أنا بقوم عليهم ثياب بيض، فقال:
يا أحمد، هؤلاء قوم موسى، فسلم عليهم فسلمت عليهم، فردوا علينا السلام
قلت: يا بن رسول الله نعست. قال: تريد أن تنام على فراشك؟ قلت: نعم.
فركض برجله ركضة، ثم قال لي: نم. (8)
[فإذا] (9) أنا في منزلي نائم، فتوضأت وصليت الغداة في منزلي. (10)

1) أضفناها كما في ساير المصادر.
2) أضفناها كما في المصادر.
3) أضفناها كما في المصادر.
4) أثبتناها كما في ساير المصادر، وفى الأصل بياض.
5) في الأصل " بالليل " تصحيف.
6) أضفناها كما في بعض المصادر.
7) سكرجة: هي بضم السين والكاف والراء والتشديد: اناء صغير يؤكل فيه الشئ القليل
من الادم وهي فارسية. (لسان العرب: 2 / 299).
8) في الأصل " قم " تصحيف.
9) وفى الأصل " وأنا ".
10) روى في دلائل الإمامة: 173 (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 440 ح 44، والعوالم: 21 / 121.
أخرج في اثبات الهداة: 5 / 570 ح 132 (مثله) باختصار.
162

4 - ومنها: حدثني سفيان (1) عن وكيع، عن إبراهيم بن الأسود، قال:
رأيت موسى بن جعفر عليهما السلام قد صعد [إلى] (2) السماء ونزل ومعه حربة من نور
فقال: أتخوفوني بهذا - يعني الرشيد - لو شئت لطعنته بهذه الحربة.
فأبلغ ذلك الرشيد [فأغمي عليه ثلاثا] (3) فأطلقه. (4)
5 - ومنها: قال أبو جعفر: روى سفيان، عن وكيع، عن الأعمش، قال:
رأيت الكاظم عليه السلام عند الرشيد وقد خضع له، فقال له عيسى بن أبان (5):
يا أمير المؤمنين! لم تخضع له؟
قال: رأيت من ورائه (6) أفعى تضرب بنابها (7) وتقول: أجبه بالطاعة وإلا
بلعتك. ففزعت منها، فأجبته. (8)
6 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد البلوي، عن غالب بن
مرة ومحمد بن غالب قالا:
كنا في حبس الرشيد، فادخل موسى بن جعفر عليهما السلام فأنبع الله [له] (9) عينا وأنبت له

1) في الأصل " أبو سفيان " تصحيف، ترجم له في سير أعلام النبلاء: سفيان بن وكيع
ابن الجراح الحافظ بن الحافظ محدث الكوفة أبو محمد الرؤاسي الكوفي. يروى
عن أبيه وآخرين، ويروى عنه محمد بن جرير وآخرون. راجع سير أعلام النبلاء: 12 /
152 برقم 54 والمصادر المذكورة في حاشيته.
2) أضفناها كما في المصادر.
3) أضفناها كما في المصادر.
4) روى في دلائل الإمامة: 158. (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 428 ح 11، واثبات
الهداة: 5 / 568 ح 124.
5) في اثبات الهداة " زياد ".
6) في الأصل " وراء " وفى بعض المصادر " ورائي " وما أثبتناه من المصادر الأخرى.
7) في بعض المصادر " بأنيابها ".
8) روى في دلائل الإمامة: 157 (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 427 ح 4، واثبات الهداة:
5 / 566 ح 118، والعوالم: 21 / 277.
9) أضفناها كما في المصادر.
163

شجرة، فكان (1) يأكل ويشرب ونهنيه.
وكان إذا دخل بعض أصحاب الرشيد غابت حتى لا ترى. (2)
7 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا سفيان، عن وكيع، قال: قال الأعمش:
وأنت موسى عليه السلام وقد أتى شجرة مقطوعة موضوعة، فمسها بيده فأورقت، ثم
اجتنى منها ثمرا وأطعمني. (3)
8 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا هشام بن منصور: عن رشيق مولى الرشيد
قال: وجه بي الرشيد في قتل موسى بن جعفر فأتيته لأقتله، فهز عصا كانت بيده
فإذا هي أفعى.
وأخذ هارون الحمى ووقعت الأفعى في عنقه، حتى وجه إلي باطلاقه
فأطلقت عنه. (4)
9 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا علقمة بن شريك بن أسلم، عن موسى بن
هامان قال: رأيت موسى بن جعفر عليهما السلام في حبس الرشيد، تنزل عليه مائدة من
السماء، فيطعم أهل السجن كلهم.

1) في الأصل " فكنا " تصحيف.
2) روى في دلائل الإمامة: 157 (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 427 ح 7، واثبات الهداة:
5 / 567 ح 119، والعوالم: 21 / 442 ح 1.
3) روى في دلائل الإمامة: 158 (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 427 ح 6، واثبات
الهداة: 5 / 567 ح 6.
4) روى في دلائل الإمامة: 158 (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 427 ح 9، والعوالم: 21 / 147.
أخرجه في اثبات الهداة: 5 / 567 ح 121 عن كتاب مناقب فاطمة وولدها (ع) (مثله).
164

ثم يصعد بها من غير أن ينقص منها شئ. (1)
10 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد (2) عبد الله بن محمد البلوي قال:
حدثنا عمارة بن زيد، قال: قال إبراهيم بن سعد:
ادخل إلى موسى بن جعفر عليهما السلام سباع لتأكله، فجعلت تلوذ به وتبصبص له
وتدعوا له بالإمامة، وتعوذ به من شر الرشيد.
فابلغ (3) ذلك الرشيد، فأطلق عنه، وقال: أخاف أن تقع الفتن (4). (5)
11 - ومنها: حدث علي بن محمد القرطبي قال: زرعت بطيخا وقثاء، فلما
استوى رعاه الجراد.
فبينا أنا جالس طلع الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام، فسلم، وقال:
أيش حالك؟ فقلت: أصبحت كالصريم.
ثم قال: كم غرمت فيه؟ قلت: مائة وعشرون دينارا، فقال:
يا عرفة، زن مائة وخمسين دينارا، ثلاثون دينارا ربحه، فقال:
يا بن رسول الله ما كنت (6) أطلب ريحه زيادة [عن] (7) ثلاثين دينارا [لا] (8) غيره.

1) روى في دلائل الإمامة: 158 (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 427 ح 8، والعوالم:
21 / 442.
2) في الأصل " محمد بن الله " والصحيح هو ما أثبتناه، وترجم له في معجم رجال الحديث:
10 / 317 برقم 7101 فراجع.
أخرجه في اثبات الهداة 5 / 567 ح 122 عن كتاب مناقب فاطمة وولدها (ع) (مثله).
3) في سائر المصادر " فلما بلغ ".
4) في سائر المصادر هكذا " يفتنني ويفتن الناس ومن معي ".
5) رواه في دلائل الإمامة: 158، عنه مدينة المعاجز: 428 ح 10، والعوالم: 21 / 296 ح 1.
أخرجه في اثبات الهداة: 5 / 567 ح 123 عن كتاب مناقب فاطمة وولدها عليهم السلام
باسناده عن إبراهيم بن سعيد.
6) في الأصل " كان ".
7) أضفناها لتصحيح العبارة.
8) أضفناها لتصحيح العبارة.
165

الباب التاسع
في معجزات وأعلام علي بن موسى عليهما السلام
1 - ومنها: قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: حدثنا عبد الله بن محمد
عن عمارة بن زيد، قال: رأيت علي بن موسى الرضا عليهما السلام وقد اجتمع إليه وإلى
المأمون ولد العباس ليزيلوه (1) عن ولاية العهد، ورأيته يكلم المأمون، ويقول:
[يا أخي] (2) مالي إلى هذا من حاجة، ولست متخذ الظالمين (3) عضدا.
وإذا على كتفه الأيمن أسد، وعلى يساره أفعى ويحملان على من حوله.
فقال المأمون: أتلوموني (4) على محبة هذا.
ثم [رأيته وقد] (5) أخرج من حائط رطبا فأطعمهم. (6)
2 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا سفيان، عن وكيع، قال: رأيت علي بن
موسى عليهما السلام في آخر أيامه، فقلت:
يا بن رسول الله، أريد [أن] (7) أحدث عنك معجزة فأرنيها (8).
فرأيته أخرج لنا ماء من صخرة وسقانا وشرب. (9)
3 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد البلوي، قال: قال: عمارة
ابن زيد: رأيت علي بن موسى عليهما السلام وكلمته في رجل أن يصله بشئ، فأعطاني

1) أثبتناها كما في ساير المصادر، وفى الأصل " ليروا ".
2) أضفناها كما في ساير المصادر.
3) في مدينة المعاجز " المضلين ".
4) أثبتناها كما في بعض المصادر، وفى الأصل " أتلومني ".
5) أضفناها كما في ساير المصادر.
6) روى في دلائل الإمامة: 186 (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 475 ح 10.
7) أضفناها كما في بعض المصادر.
8) في الأصل " فأرنيه " تصحيف.
9) روى في دلائل الإمامة: 186 (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 475 ح 11.
166

مخلاة تبن، فاستحييت أن أراجعه.
فلما وصلت باب الرجل، فتحها (1) فإذا كلها دنانير! فاستغنى الرجل وعقبه، فلما
كان من غد أتيته، فقلت:
يا بن رسول الله، إن هذا التبن تحول (2) ذهبا (3)!
فقال: لهذا دفعناه إليه (4). (5)
4 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا علي بن قنطر (6) الموصلي، عن سعد بن
سلام، قال: أتيت علي بن موسى الرضا عليهما السلام وقد جاش (7) الناس فيه، وقالوا:
لا يصلح للإمامة، فان أباه لم يوص إليه.
فقعد منا عشرة رجال فكلموه.
فسمعت الجدار الذي كنا فيه يقول: هو إمام كل شئ (8).
وأنه دخل المسجد الذي في المدينة - يعني مدينة أبي جعفر [المنصور] -.
فرأيت الحيطان والخشب تكلمه وتسلم عليه. (9)
5 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد، عن عمارة بن زيد، قال:
رأيت الرضا عليه السلام على منبر العراق في مدينة المنصور والمنبر يكلمه.
فقلت له: وهل كان أحد معك يسمع؟

1) في المصادر " فتحتها ".
2) في الأصل كلمة غير مفهومة، وما أثبتناه كما في المصادر.
3) في بعض المصادر " دنانيرا ".
4) في المصادر " إليك ".
5) روى في دلائل الإمامة: 186 (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 475 ح 12.
6) في دلائل الإمامة " قنطرة " ولم نعثر له على ترجمة في كتب الرجال.
7) جاش صدره يجيش إذا غلى غيظا ودردا. (لسان العرب: 6 / 277 جيش).
8) في المصادر " فسمعت الجماد الذي من تحته، يقول: هو امامي وامام كل شئ ".
9) رواه في دلائل الإمامة " 186، عنه مدينة المعاجز: 475 ح 13.
167

فقال عمارة: وساكن السماوات، لقد كان معي من دوني من حشمه يسمعون
ذلك!. (1)
6 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا معلى بن فرج، عن معبد بن جنيد الشامي (2) قال:
دخلت على علي بن موسى الرضا عليهما السلام فقلت له:
قد كثر الخوض فيك وفي عجائبك فلو شئت لتأتيني بشئ أحدثه عنك.
فقال: وما تشاء؟ فقلت: تحيي لي أبي وأمي.
فقال لي: انصرف إلى منزلك فقد أحييتهما.
فانصرفت وهما والله في البيت أحياء، فأقاما عندي عشرة أيام ثم قبضهما الله تبارك
وتعالى. (3) 7 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد، قال: حدثنا إبراهيم
ابن سهل (4) قال: لقيت علي بن موسى عليهما السلام وهو على حماره، فقلت له:
من أركبك هذا، وتزعم أكثر شيعتك أن أباك لم يوصك ولم يقعدك هذا المقعد
وادعيت لنفسك ما لم يكن لك فيه شئ؟!

1) رواه في دلائل الإمامة: 186، عنه مدينة المعاجز: 475 ح 14.
2) في فرج المهموم " معبد بن عبد الله " وفى البحار " مفيد بن جنيد " ولم نعثر على ترجمة لهما
في كتب الرجال.
3) روى في دلائل الإمامة: 186 (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 475 ح 15.
ورواه في فرج المهموم: 331 باسناده إلى أبى جعفر الطبري.
أخرجه في البحار: 49 / 60 ح 78 (مثله) عن كتاب النجوم باسناده إلى محمد بن جرير الطبري.
واثبات الهداة: 6 / 149 ح 179 عن كتاب مناقب فاطمة وولدها عليهم السلام باسناده
عن معبد الشامي.
4) في دلائل الإمامة " سهيل " ولم نعثر له على ترجمة في كتب الرحال.
168

فقال: وما دلالة الامام عندك؟
قلت: أن يتكلم بما وراء البيت (1) وأن يحيي ويميت.
فقال: أنا أفعل. أما الذي معك فخمسة دنانير، وأما أهلك فإنها ماتت منذ
سنة، وقد أحييتها (2) الساعة (وأتركها) (3) معك سنة أخرى، ثم أقبضها إلي ليعلم
أني إمام بلا خلاف.
فوقع علي الرعدة، فقال: أخرج روعك فإنك آمن.
ثم انطلقت إلى منزلي، فإذا بأهلي جالسة، فقلت لها: ما الذي جاء بك؟
فقالت: كنت نائمة إذ أتاني آت ضخم شديد السمرة فوصفت لي صفه الرضا عليه السلام
فقال لي: يا هذه قومي وارجعي إلى زوجك، فإنك ترزقين بعد الموت ولدا.
فرزقت، والله. (4)
8 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد، عن عمارة بن زيد، قال:
صحبت علي بن موسى عليهما السلام إلى مكة ومعي غلام لي، فاعتل في الطريق
فاشتهى العنب - ونحن في مفازة (5) -
فوجه إلي الرضا عليه السلام فقال: إن غلامك يشتهي العنب [فانظر أمامك] (6)
فنظرت وإذا أنا بكرم (7) لم أر أحسن منه، وأشجار رمان، فقطعت عنبا ورهانا

1) في الأصل كلمة غير واضحة. وما أثبتناه كما في جميع المصادر.
2) في الأصل " أحيا " تصحيف.
3) أثبتناها كما في ساير المصادر، وفى الأصل " لتركتها ".
4) روى في دلائل الإمامة: 187 (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 475 ح 16.
أخرجه في اثبات الهداة: 6 / 149 ح 180 عن كتاب مناقب فاطمة وولدها (ع) باختصار.
5) المفازة: الفلاة لا ماء فيها.
6) أضفناها كما في مدينة المعاجز.
7) في الأصل " فانظروا وإذا أتاه كرم " وما أثبتناه كما في ساير المصادر.
169

وأتيت به الغلام، فتزودنا [منه] (1) إلى مكة ورجعا (2) منه إلى بغداد. (3)
9 - ومنها: قال أبو جعفر: أخبرني أبو الحسين، عن أبيه، عن أبي علي محمد
ابن همام، قال: حدثنا محمد بن محمد بن مسعود الربعي السمرقندي، عن عبيد الله
ابن الحسن، عن الحسن بن علي الوشاء، قال:
وجه إلي أبو الحسن علي بن موسى عليهما السلام - ونحن بخراسان - ذات يوم بعد
صلاة العصر. فلما دخلت عليه قال لي:
يا حسن، توفي علي بن أبي حمزة البطائني في هذا اليوم وادخل قبره في هذه
الساعة، فأتياه ملكا القبر، فقالا له: من ربك؟ فقال: الله ربي.
قالا: فمن نبيك؟ قال: محمد صلى الله عليه وآله قالا: فما دينك؟ قال: الاسلام.
قالا: فما كتابك؟ قال: القرآن كتابي، قالا: فمن وليك؟ قال: علي.
قالا: ثم من؟ قال: الحسن. قالا: ثم من؟ قال: الحسين.
قالا: ثم من؟ قال: علي بن الحسين. قالا: ثم من؟ قال: محمد بن علي.
قالا: ثم من؟ قال: جعفر بن محمد. قالا: ثم من؟ قال: موسى بن جعفر.
قالا: ثم من؟ فتلجلج، فأعادا عليه فسكت، قالا له: أفموسى (4) بن جعفر أمرك بهذا؟
ثم ضرباه بأرزبة (5) وألقيا (6) على قبره نارا فهو يلتهب إلى يوم القيامة.

1) أضفناها كما في ساير المصادر.
2) في المصادر " رجعت ".
3) روى في دلائل الإمامة: 187 (مثله) بزيادة في آخره، عنه مدينة المعاجز: 475 ح 17.
أخرجه في اثبات الهداة: 6 / 150 ح 181 عن كتاب مناقب فاطمة وولدها عليهم السلام باختصار.
4) في الأصل " فموسى ".
5) المرزبة والأرزبة: عصية من حديد. (لسان العرب: 1 / 416 رزپ).
6) استظهرناها، وفى الأصل " فألقياه ".
170

قال الحسن: فلما خرجت كتبت اليوم [ومنزلته في الشهر] (1) فما مضت الأيام
حتى وردت (2) علينا كتب الكوفيين بأن علي بن أبي حمزة قد توفي في ذلك
اليوم، وادخل قبره الساعة التي قال أبو الحسن عليه السلام. (3)
10 - ومنها: قال أبو جعفر: وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى
[عن أبيه] (4) عن أبي علي محمد بن همام، قال: حدثنا أحمد (5) عن أبيه، عن الحسن
ابن علي، عن محمد بن صدقة، قال:
دخلت على الرضا عليه السلام فقال: لقيت رسول الله صلى الله عليه وآله وعليا وفاطمة والحسن
والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وأبي - صلى الله عليهم
أجمعين - في ليلتي هذه وهم يحدثون الله عز وجل، فقلت: الله! قال:
فأدناني رسول الله صلى الله عليه وآله وأقعدني بين أمير المؤمنين وبينه، فقال لي:
" كأني (6) بالذرية من أول (7) قد أصاب لأهل السماء ولأهل الأرض، بخ بخ
لمن عرفوه حق معرفته! والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، العارف به خبر من كل
ملك مقرب وكل نبي مرسل، وهم والله يشاركون الرسل (8) في درجاتهم ".

1) أضفناها كما في بعض المصادر.
2) في الأصل " ورد " تصحيف.
3) روى في دلائل الإمامة: 188 (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 478 ح 30.
أخرجه في البحار: 49 / 58 ذ ح 74 عن مناقب ابن شهرآشوب: 3 / 449 مرسلا. وفى
اثبات الهداة: 6 / 150 ح 182 عن كتاب مناقب فاطمة وولدها عليهم السلام باختصار.
4) أضفناه كما في ساير المصادر، وهو الصحيح ظاهرا بقرينة الحديث السابق.
5) في الأصل زيادة " بن ".
6) في الأصل " كأن " وما أثبتناه كما في دلائل الإمامة، وفى مدينة المعاجز " كأنه ".
7) في ساير المصادر " أزل ".
8) أثبتناه كما في ساير المصادر، وفى الأصل " الرسول ".
171

ثم قال لي: يا محمد بن صدقة، بخ بخ لمن عرف محمدا وعليا!
والويل (1) لمن ضل عنهم، وكفى بجهنم سعيرا. (2)
11 - ومنها: باسناده عن الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين
ابن يسار المدائني (3) قال:
سألني الحسين بن قيام (4) الصيرفي أن أستأذن له على الرضا عليه السلام ففعلت، فلما
صار بين يديه قال له:
أنت إمام؟ قال: نعم. قال: إني اشهد الله أنك لست بامام، قال له: وما علمك؟
قال: إني رويت عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: الامام لا يكون عقيما، وقد
بلغت (5) هذا السن وليس لك ولد.
فرفع الرضا عليه السلام رأسه إلى السماء، ثم قال: اللهم إني أشهدك أنه لا تمضي

1) في الأصل غير مقروءة. وما أثبتناه كما في ساير المصادر.
2) روى في دلائل الإمامة: 195 (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 492 ح 102.
أخرجه في اثبات الهداة: 6 / 151 ح 190 عن كتاب مناقب فاطمة وولدها عليهم السلام
باختصار.
3) في الأصل " الحسن ". والظاهر هو الحسين بن يسار المدائني كما عده الشيخ في رجاله
373 برقم 23 وفى معجم رجال الحديث أنه من أصحاب الرضا عليه السلام.
وقد اختلف بعضهم في تسميته، فتارة يذكر الحسين بن بشار المدائني والواسطي وأخرى
الحسن بن بشار المدائني فراجع: معجم الرجال: 4 / 495 و ج 5 / 205 وتنقيح المقال:
1 / 321 ورجال ابن داود: 72 ورجال البرقي: 49 و 56 والكشي: 449 وغيرها.
4) في الأصل " ابن قيام ". والظاهر كما أثبتناه، وقد عد في رجال الشيخ: 348 برقم 27
ومعجم رجال الحديث: 6 / 65 برقم 3589 من أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام
فراجع بقية كتب الرجال.
5) في الأصل " بلغته " تصحيف.
172

الأيام والليالي حتى ارزق ولدا يكون لك حجة على عبادك (1).
فعادنا الوقت وكان بينه وبين ولادة أبي جعفر عليه السلام شهور. (2)
الباب العاشر
في معجزات واعلام محمد بن علي النقي عليهما السلام
1 - قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: حدثني أبو المفضل (3) محمد بن
عبد الله، عن جعفر بن مالك الفزاري، قال: حدثنا السيد محمد بن إسماعيل
الحسني، عن أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام قال:
كان أبو جعفر عليه السلام شديد الأدمة، ولقد قال فيه الشاكون المرتابون - وسنه خمسة
وعشرون شهرا -: إنه ليس هو من ولد الرضا عليه السلام وقالوا - لعنهم الله -: إنه من

1) في دلائل الإمامة ومدينة المعاجز هكذا: " يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ".
2) رواه في دلائل الإمامة: 190، عنه مدينة المعاجز: 477 ذ ح 28.
وروى في الكافي: 1 / 354 ح 11 نحوه، باسناده عن أحمد بن مهران، عن محمد بن علي
عن ابن قياما الواسطي، عنه البحار: 49 / 68 ح 79.
وروى في عيون أخبار الرضا: 2 / 209 ح 13 باسناده قال: حدثنا حمزة بن محمد بن
أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام
بقم، قال: أخبرني علي بن إبراهيم بن هاشم فيما كتب إلى، قال: حدثني محمد بن عيسى
ابن عبيد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران وصفوان بن يحيى، قالا حدثنا الحسين بن
قياما (مثله) بزيادة، عنه البحار: 49 / 34 ح 13، وحلية الأبرار: 2 / 432، وإعلام الورى
: 323.
3) في الأصل " المفضل " والظاهر هو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله أبو المفضل
الشيباني، كما ذكر في معجم رجال الحديث: 16 / 244 برقم 11115 وذكره الشيخ
والنجاشي في رجالهما، فراجع.
173

سعيد (1) الأسود مولاه، وقالوا: من لؤلؤ، وإنهم أخذوه والرضا عليهما السلام عند المأمون
فحملوه إلى الفاقة (2) وهو طفل بمكة في مجمع [من] (3) الناس بالمسجد الحرام
فعرضوه عليهم.
فلما نظروا إليه وزرقوه (4) بأعينهم خروا لوجوههم سجدا، ثم قاموا فقالوا لهم:
ويحكم (5)! إن مثل هذا الكوكب الدري والنور المنير يعرض على أمثالنا؟!
وهذا والله الحسب الزكي، والنسب المهذب الطاهر، والله ما تردد إلا في أصلاب
زاكية وأرحام طاهرة، والله ما هو إلا [من] (6) ذرية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
عليه السلام ورسول الله صلى الله عليه وآله فارجعوا واستقيلوا الله واستغفروه، ولا تشكوا في مثله.
وكان (7) في ذلك الوقت سنه خمسة وعشرين شهرا.
فنطق بلسان أرهف (8) من السيف، وأفصح [من] (9) الفصاحة، يقول:
الحمد لله الذي خلقنا من نوره (10) بيده، واصطفانا من بريته، وجعلنا امناء على
خلقه ووحيه.
معاشر الناس، أنا محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن
محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب عليهم السلام أنا ابن فاطمة الزهراء بنت محمد رسول الله صلى الله عليه وآله.

1) في دلائل الإمامة " سنيف " وفى بقيه المصادر " شنيف ".
2) القافة: جمع " القائف الذي يتتبع الآثار ويعرفها ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه ".
(لسان العرب: 9 / 293 قوف).
3) أضفناها كما في دلائل الإمامة.
4) أثبتناها كما في سائر المصادر. وفى الأصل " زرقوا ".
5) في الأصل " والحكم " تصحيف.
6) أضفناها كما في سائر المصادر.
7) أثبتناها كما في سائر المصادر وفى الأصل " ذلك ".
8) في بعض المصادر " أذهب ".
9) أضفناها كما في سائر المصادر.
10) أثبتناه كما في بعض المصادر وفى الأصل " نور ".
174

ففي مثلي (1) يشكون ويرتابون؟! [و] (2) علي وعلى أجدادي وأبوي
[يفترى، و] (3) اعرض على الفافة (4).
وقال: إني لاعلم بأنسابهم من آبائهم، إني والله لاعلم بواطنهم وظواهرهم (5)
وإني لاعلم بهم أجمعين وما هم إليه صائرون، أقوله حقا واظهره صدقا، علما ورثناه
الله قبل الخلق أجمعين وبعد بناء السماوات والأرضين.
وأيم [الله] (6) لولا تظاهر الباطل علينا وغلبة دولة الكفر وتوثب (7) أهل الشك
والنفاق علينا، لقلت قولا يتعجب منه الأولون والآخرون.
ثم وضع يده على فيه ثم قال: يا محمد أصمت كما صمت آباؤك، " واصبر كما
صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم " (8) الآية. ثم تولى الرجل إلى جانبه
فقبض على يده ومشى يتخطى رقاب الناس والناس يفرجون له.
قال: فرأيت مشيخة ينظرون إليه، ويقولون: " الله أعلم حيث يجعل رسالته " (9).
فسألت عن المشيخة، قيل: هؤلاء قوم من حي بني هاشم من أولاد عبد المطلب.
قال: وبلغ الخبر الرضا عليه السلام وما صنع بابنه محمد عليه السلام فقال:
الحمد لله رب العالمين.

1) في الأصل " مثل " تصحيف.
2) أضفناها كما في سائر المصادر.
3) أضفناها كما في سائر المصادر.
4) في الأصل " العامة " وفى بعض المصادر " وأعرض عن القافة ".
5) في الأصل " أي والله لاعلم أبوهم وطواهرم " وما أثبتناه كما في ساير المصادر.
6) أضفناه وأثبتناه كما في جميع المصادر، وفى الأصل " قايم أولا ".
7) في الأصل كلمة غير واضحة.
8) اقتباس من سورة الأحقاف: 35. وفيها " فاصبر ".
9) اقتباس من سورة الأنعام: 124.
175

ثم التفت إلى بعض من بحضرته من شيعته، فقال: هل علمتم ما قد رميت به
مارية القبطية، وما ادعي عليها في ولدها (1) إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله؟!
قالوا: [يا] (2) سيدنا أنت أعلم، فخبرنا لنعلم.
قال: إن مارية لما أهديت إلى جدي رسول الله صلى الله عليه وآله أهديت مع جوار (3)
قسمهن رسول الله صلى الله عليه وآله على أصحابه، وظن بمارية من دونهم، وكان معها خادم
يقال له: " جريح " يؤد بها بآداب الملوك، وأسلمت على يد رسول الله صلى الله عليه وآله وأسلم
جريح معها، وحسن إيمانهما وإسلامهما (4)، فملكت مارية قلب رسول الله صلى الله عليه وآله.
فحسدها بعض أزواج رسول الله، فأقبلت (5) زوجتان من أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله
إلى أبويهما تشكوان (6) رسول الله صلى الله عليه وآله فعله وميله إلى مارية وإيثاره إياها عليهما
حتى سولت لهما أنفسهما [أن تقولا] (7): إن (8) مارية إنما حملت بإبراهيم من جريح
وكانوا لا يظنون (9) جريحا خادما زمانا، فأقبل أبواهما (10) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو
جالس في مسجده فجلسا بين يديه، وقالا:
يا رسول الله، ما يحل لنا ولا يسعنا أن نكتمك ما ظهرنا عليه من جناية واقعة بك.
قال: وماذا تقولان؟! قالا: يا رسول الله، إن جريحا يأتي من مارية الفاحشة
العظمى، وإن حملها من جريح وليس هو منك يا رسول الله.
فتغير لون وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وتلون! ثم قال: ويحكما، ما تقولان؟!
فقالا: يا رسول الله، إننا خلفنا جريحا ومارية في مشربة، وهو يلاعبها ويروم

1) في الأصل " ولادها " تصحيف.
2) أضفناها كما في المصادر.
3) أثبتناها كما في سائر المصادر وفى الأصل " حرائر ".
4) في الأصل " ايمانها واسلامها ".
5) في الأصل " فأقبلتا " و " سكون ".
6) في الأصل " فأقبلتا " و " سكون ".
7) أضفناها كما في بعض المصادر.
8) في الأصل زيادة " هو ".
9) في الأصل " لا يظنوا " و " أبوهما " تصحيف.
10) في الأصل " لا يظنوا " و " أبوهما " تصحيف.
176

منها ما يروم الرجال من النساء، فابعث إلى جريح فإنك تجده على ذلك الحال
فانفذ فيه حكمك وحكم الله تعالى.
فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا أبا الحسن يا أخي، خذ معك سيفك ذا الفقار حتى تمضي
إلى مشربة مارية، فان صادفتها وجريحا كما يصفان، فأخمدهما (1) ضربا.
فقام أمير المؤمنين عليه السلام واتشح بسيفه (2) وأخذه تحت ثوبه، فلما ولى من بين
يدي رسول الله صلى الله عليه وآله رجع إليه، فقال:
يا رسول الله، أكون فيما أمرتني كالسكة المحماة في النار؟ أو الشاهد، يرى ما
لا يرى الغائب!
فقال النبي صلى الله عليه وآله: فديتك يا علي، بل الشاهد يرى مالا يرى الغائب.
فأقبل علي عليه السلام وسيفه في يده حتى تسور من فوق مشربة مارية وهي جالسة
وجريح معها يؤد بها بآداب الملوك، ويقول لها:
أعظمي رسول الله وكنيه وأكرميه، ونحوا من هذا الكلام، حتى نظر جريح
إلى أمير المؤمنين وسيفه مشهر بيده، ففزع منه جريح وأتى إلى نخلة في دار المشربة.
فصعد إلى رأسها ونزل (3) أمير المؤمنين إلى المشربة، وكشفت الريح عن أثواب
جريح فانكشف ممسوحا، فقال: انزل يا جريح.
فقال: يا أمير المؤمنين، آمن على نفسي؟ قال: آمن على نفسك.
قال: فنزل جريح وأخذه بيده أمير المؤمنين عليه السلام وجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
فأوقفه بين يديه، فقال له: يا رسول الله، إن جريحا خادم ممسوح.
فولى النبي صلى الله عليه وآله وجهه إلى الحائط، وقال:
يا جريح اكشف عن نفسك حتى يتبين كذبهما، ويحهما ما أجرأهما على الله

1) في الأصل " فأحدهما ".
2) في الأصل " وامسح سيفه ".
3) في الأصل " ونزله ".
177

وعلى رسوله، لعنهما الله.
فكشف جريح عن أثوابه، فإذا هو خادم ممسوح كما وصف.
فسقطا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وقالا:
يا رسول الله التوبة، واستغفر لنا فلن نعود.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تاب [الله] (1) عليكما، فما ينفعكما استغفاري ومعكما هذه
الجرأة على الله ورسوله؟!
قالا: يا رسول الله إن استغفرت لنا رجونا أن يغفر لنا ربنا.
فأنزل الله الآية (سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم) (2).
قال الرضا علي بن موسى عليهما السلام: الحمد لله الذي جعل في وفي ابني (3) محمد
أسوة (4) برسول الله وابنه إبراهيم. (5)

1) أضفناها كما في المصادر
2) المنافقون: 6. وفى ساير المصادر ذكرت آية أخرى هكذا " ان تستغفر لهم سبعين مرة لن
يغفر الله لهم " التوبة: 80.
3) في الأصل " في في ابني ".
4) في الأصل " سوء ". تصحيف.
5) رواه في دلائل الإمامة: 201، عنه مدينة المعاجز: 515 ح 2.
ورواه في الهداية الكبرى للحضيني: 117، عنه تفسير البرهان: 3 / 127 ح 5. مقتصرا
على ما ذكره الإمام الرضا عليه السلام في قصة مارية القبطية وجريح الخادم.
أخرجه في البحار: 50 / 8 ضمن ح 9 عن مناقب ابن شهرآشوب: 3 / 493 مرسلا باختصار.
وأخرجه في حلية الأبرار: 2 / 392 عن كتاب مسند فاطمة عليها السلام.
أورده في مقصد الراغب: 171 مرسلا باختصار.
لا تعجب عزيزي القارئ من عقول مريضة فجة عرضت فرع الدوحة النبوية المباركة
وسليل الذرية الطاهرة على القافة، وشككت في نسبه، وطعنت في أصله!
فقديما طعنوا في عيسى عليه السلام وقد جعله الله من أولى العزم من الرسل، حتى كلمهم
في العهد صبيا " وقال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا " مريم: 30، فدحض بذلك
178

2 - ومنها: قال قال أبو جعفر: حدثنا سفيان، عن عمارة بن زيد، عن إبراهيم بن
سعيد، قال:
رأيت محمد بن علي عليهما السلام وله شعر (9) - أو قال -: وفرة مثل حلك (2) الغراب
مسح يده عليها فاصفرت، ثم مسح بظاهر كفه ناحمرت، ثم مسح بباطن كفه عليها
فصارت سوداء كما كانت، فقال لي:

1) أقوالهم، وسحق كلامهم، وكان قوله تبارك وتعالى: " ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه
من تراب ثم قال له كن فيكون " آل عمران: 59، ضربة قاصمة لأفكارهم العقيمة
ليعلموا أن المشيئة الإلهية والإرادة الربانية - أو من يأذن له الرحمن - قادرة على الابداع
والخلق والتكوين بطرفة عين أنى شاءت وكيف شاءت ومتى شاءت.
ولكن يبدو أن خلق الأولين الضالين مجبولة على التمادي في الغى والعمى وعدم الاعتبار
بآيات الله وكراماته في أنبيائه ورسله، فيدعون الأباطيل والافتراعات التي سرعان
ما تزهق بآية بينة وحجة داحضة... وكن أعاد أمثالهم الكرة، ومنها ايذائهم لخاتم
الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وآله، فبعد تشكيكهم في ابنه إبراهيم، توسلوا
بذرائع واهية لتدنيس شرف أحد أولاده المعصومين عليهم السلام من أهل بيت العصمة
والطهارة، نعم " يريدون أن يطفؤا نور الله بأفواههم ويأتي الله الا أن يتم نوره ولو
كره الكافرون " التوبة: 32.
فرد الله كيدهم إلى نحورهم وألقمهم حجرا بانطاقه الإمام محمد بن علي بن موسى عليهم
السلام وهو ابن خمسة وعشرين شهرا فقال قولا ما قاله ولن يقوله سواهم - أهل البيت
الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا -: " الحمد لله الذي خلقنا من نوره بيده
اصطفانا من بريته، وجعلنا امناء على خلقه ووحيه ".
ثم توج والده الإمام الرضا صلوات الله وسلامه عليه ذلك بكلمة خالدة - شاكرا لله
متأسيا برسوله - وقال: " الحمد لله الذي جعل في ابني محمد أسوة برسول الله صلى الله
عليه والله وابنه إبراهيم ". 1) في الأصل " شعره ".
2) في الأصل " حنك ". والحلكة والحلك: شدة السراد كلون الغراب وقد حلك (لسان
العرب: 10 / 415 حلك).
179

يا بن سعيد، هكذا تكون آيات الإمامة.
فقلت: هكذا رأيت أباك عليه السلام [و] (1) ما أشك [أنكم] (2) " ذرية بعضها من
بعض والله سميع عليم " (3) فضرب بيده إلى التراب فجعله (4) دنانيرا.
فقال: في مصرك يزعمون أن الامام يحتاج إلى مال (5) فبلغهم أن كنوز الأرض
بيد الامام. (6)
3 - ومنها: قتل أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد، عن عمارة بن زيد، قال:
قال إبراهيم بن سعيد: كنت جالسا عند محمد بن علي عليهما السلام إذ مر بنا فرس أنثى.
فقال: هذه تلد الليلة فلوا (7) أبيض الناصية، في وجهه غرة، فأذنته، ثم
انصرفت إلى صاحبها فلم فلم أزل أحدثه إلى الليل، حتى أتت بفلو كما وصف.
[فعدت إليه] (8) فقال:
يا ابن سعيد، شككت فيما قلت لك؟ إن امرأتك التي في منزلك حبلى تأتي بابن أعور.
فولد لي - والله - محمد، وكان أعورا. (9)
4 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد، عن عمارة بن زيد، عن إبراهيم
ابن سعيد قال: رأيت محمد بن علي عليهما السلام يضرب (10) بيده إلى ورق الزيتون

1) أضفناها لاتمام العبارة.
2) أضفناها لاتمام العبارة.
3) اقتباس من سورة آل عمران: 34.
4) في الأصل " فيجعله " و " ماله " تصحيف.
5) في الأصل " فيجعله " و " ماله " تصحيف.
6) رواه في دلائل الإمامة: 210 باختلاف يسير، عنه مدينة المعاجز: 524 ح 22.
7) الفلو: الجحش والمهر إذا فطم، والفلو: المهر إذا بلغ السنة (لسان العرب: 15 / 162).
8) أضفناها كما في سائر المصادر.
9) روى في دلائل الإمامة: 210 (مثله) عنه مدينة المعاجز: 523 ح 23.
أخرجه في البحار: 50 / 58 ح 32 عن كتاب النجوم: 232 باسناده إلى الشيخ أبى
جعفر محمد بن جرير الطبري.
10) في الأصل " فضرب " تصحيف.
180

فيصير في كفه ورقا (1).
فأخذت منه كثيرا، وأنفقته في الأسواق فلم يتغير. (2)
5 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا أبو عمر هلال بن العلاء الرقي، عن أبي النصر
أحمد بن سعيد، [قال:] (3) قال لي منخل بن علي:
لقيت محمد بن علي عليهما السلام بسر من رأى، فسألته النفقة إلى بيت المقدس، فأعطاني
مائة دينار، ثم قال لي:
غمض عينك، فغمضتها، ثم قال لي: افتح. فإذا أنا بيت المقدس تحت القبة
فتحيرت في ذلك. (4)
6 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا موسى بن عمران بن كثير، عن عبد الرزاق
قال: حدثنا محمد بن عمر، قال:
رأيت محمد بن علي عليهما السلام يضع يده على المنبر فتورق كل شجرة من نوعها
وإني رأيته [يكلم] (5) الشاة فتجيبه. (6)
7 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا موسى بن عمران، عن أبي محمد عبد الله بن
محمد، عن عمارة بن زيد، قال: رأيت محمد بن علي عليهما السلام: فقلت له:
يا بن رسول الله ما علامة الامام؟ قال: إذا فعل هكذا.
فوضع يده على صخرة فبانت (7) أصابعه فيها.

1) أي نقودا.
2) روى في دلائل الإمامة: 210 (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 523 ح 24.
3) أضفناها كما في سائر المصادر.
4) روى في دلائل الإمامة: 211 (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 523 ح 27.
5) أضفناها كما في سائر المصادر، وفى الأصل " رأيت الشاة فتجيبه ".
6) روى في دلائل الإمامة: 211 (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 523 ح 29.
7) في الأصل " فبان ".
181

ورأيته (1) يمد الحديد بغير نار ويطبع الحجارة بخاتمه. (2)
8 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا قطر بن أبي قطر (3) عن عبد الله بن سعيد قال:
قال لي محمد بن علي بن عمر التنوخي: رأيت محمد بن علي عليهما السلام وهو يكلم نورا
فحرك (4) النور رأسه.
فقلت: لا، و [لكن تأمر الثور أن يكلمك] (5)
فقال: و " علمنا منطق الطير (6) وأوتينا من كل شئ ". (7)
ثم قال للثور: قل: لا إله إلا الله وحده [لا شريك له. ومسح بكفه على رأسه.
فقال الثور: لا إله إلا الله وحده لا شريك له] (8). (9)
9 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد، عن عمارة بن زيد، قال:
رأيت محمد بن علي عليهما السلام وبين [يديه قصعة صيني] (10) فقال لي:
يا عمارة، أريك (11) من هذا عجبا؟ قلت: نعم.
فوضع يده عليها (12) مذابت حتى صارت ماء، ثم جمعه فجعله في قدح، ثم ردها

1) في الأصل " وأيته ".
2) روى في دلائل الإمامة: 211 (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 523 ح 30.
3) في الأصل " قطر بن قطر " وفى مدينة المعاجز هكذا: " عبد الله قطر بن أبي قطر قال: حدثنا
عبد الله بن سعيد، قال: قال لي محمد بن سعيد، قال: قال لي محمد بن علي بن عمر
البوخي " ولم نعثر لايهم على ترجمة في كتب الرجال.
4) في الأصل " فحول ".
5) في الأصل بياض وما أثبتناه كما في دلائل الإمامة.
6) في الأصل " البقر " وما أثبتناه كما في دلائل الإمامة.
7) اقتباس من سورة النمل: 16.
8) أثبتناها كما في دلائل الإمامة، وفى الأصل بياض.
9) رواه في دلائل الإمامة: 211، عنه مدينة المعاجز: 524 ح 32 باختلاف واختصار.
10) في الأصل بياض، وما أثبتناه كما في سائر المصادر.
11) استظهرناها، وفى الأصل " أترى ".
12) في الأصل " عليه ".
182

ومسحها بيده فصارت (1) قصعة كما كانت. فقال: مثل هذا فتكن القدرة. (2)
10 - ومنها: قال أبو جعفر: أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى
التلعكبري، عن أبيه قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد
عن محمد بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثني زكريا بن آدم، قال:
إني لعند (3) الرضا عليه السلام إذ جيئ بأبي جعفر عليه السلام وسنه أقل من أربع سنين
فضرب [بيده] (4) إلى الأرض ورفع رأسه إلى السماء، فأطال الفكر.
فقال له الرضا عليه السلام: بنفسي [أنت] (5) فيم طال فكرك؟
قال: فيما صنعا بأمي فاطمة عليها السلام أما والله لأخرجنهما، ثم لأحرقنهما ثم
لأذرينهما (6) ثم لأنسفنهما في اليم نسفا.
فاستدناه، وقبل بين عينيه، ثم قال: بأبي أنت وأمي أنت لها - يعني الإمامة -. (7)
11 - ومنها: قال أبو جعفر: روى أحمد بن الحسين (8) عن محمد بن
الطيب (9) عن عبد الوهاب بن منصور، عن محمد بن أبي العلاء، قال:

1) في الأصل " يده عليه فصار ".
2) رواه في دلائل الإمامة: 211، عنه البحار: 50 / 59 ضمن ح 34. ومدينة المعاجز:
524 ح 33.
3) في مدينة المعاجز " كنت عند ".
4) أضفناها كما في أكثر المصادر وفى بعضها " بيده الأرض ".
5) أضفناها كما في بعض المصادر.
6) في الأصل " لأذريهما " تصحيف.
7) رواه في دلائل الإمامة: 212، عنه البحار: 50 / 59 ضمن ح 34، ومدينة المعاجز: 524 ح 34.
أورده في اثبات الوصية: 211 (مثله) عن زكريا بن آدم.
8) في الأصل " بن الحسن " والظاهر كما أثبتناه، فراجع معجم رجال الحديث: 2 / 85
وبقية كتب الرجال.
9) في الأصل " بن أبي الطيب " والظاهر هو محمد بن طيب، فراجع معجم رجال الحديث:
16 / 215. وبقية كتب الرجال.
183

سألت قاضي القضاة يحيى بن أكثم بعد منازعة جرت بينه وبين محمد عليه السلام
[عما شاهده] (1) من علوم آل محمد صلوات الله عليهم، فقال لي:
بينا أنا ذات يوم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله واقف عند القبر أدعو، فرأيت محمد
ابن [علي] (2) الرضا عليهما السلام قد أقبل نحو القبر فناظرته في مسائل.
[فقال لي: أنا أخبرك] (2) [قبل أن تسألني، تسألني] (4) عن الامام. فقلت: هو والله أنت؟!
فقال: [أنا] (5) هو فقلت: أريد العلامة. وكان في يده عصا فنطقت وقالت:
إن مولاي إمام هذا الزمان محمد بن علي الرضا عليهما السلام يا يحيى. (6)
الباب الحادي عشر
في معجزات واعلام علي بن محمد النقي عليهما السلام
1 - ومنها: قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: حدثنا سفيان، عن أبيه، قال:
رأيت علي بن محمد عليهما السلام ومعه جراب ليس فيه شئ، فقلت: يا سيدي ما تصنع بهذا؟
فقال: أدخل يدك، فأدخلت (7) يدي وليس فيه شئ.
ثم قال لي: [أعد فأعدت] (8) [يدي] (9) فإذا [هو] (10) مملوء دنانير! (11)

1) أضفناها كما في بعض المصادر.
2) أضفناها كما في بعض المصادر.
3) أضفناها كما في بعض المصادر.
4) في الأصل: " قبل أن يسألني فسألني ".
5) أضفناها كما في سائر المصادر.
6) روى الكليني في الكافي: 1 / 353 ح 9 (مثله) عن محمد بن يحيى وأحمد بن محمد
عن محمد بن الحسن، عن أحمد بن الحسين...، عنه البحار: 50 / 18 ح 46 و ج 100 /
126 ح 4، ومدينة المعاجز: 519 ح 6. واثبات الهداة: 6 / 167 ح 3 بنفس الاسناد.
ورواه في دلائل الإمامة: 213، عنه مدينة المعاجز: 519 ضمن ح 6.
أورده في ثاقب الناقب: 443 مرسلا، ومناقب ابن شهرآشوب: 3 / 499 مرسلا عن محمد
ابن أبي العلاء، عنه البحار: 50 / 68 ح 46.
7) في الأصل " فدخلت " و " عد قعدت ".
8) في الأصل " فدخلت " و " عد قعدت ".
9) أضفناها كما في دلائل الإمامة.
10) أضفناها كما في دلائل الإمامة.
11) رواه في دلائل الإمامة: 217، عنه مدينة المعاجز: 542 ح 9.
184

2 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا [أبو] (1) محمد عبد الله [بن محمد] (2) البلوي
عن عمارة بن زيد، قال: قلت لعلي بن محمد الوفي (3) عليهما السلام:
هل تستطيع أن تخرج من هذه الأسطوانة رمانا؟
قال: نعم. وتمرا وعنبا وموزا. ففعل ذلك، فأكلنا وحملنا! (4)
3 - ومنها: قال أبو جعفر بهذا الاسناد، عن عمارة بن زيد، قال:
قلت لأبي الحسن علي عليهما السلام: أتقدر أن تصعد إلى السماء حتى تأتي (5) بشئ
ليس في الأرض ليعلم (6) ذلك؟!
فارتفع في الهواء وأنا أنظر إليه. حتى غاب، ثم رجع ومعه طير من ذهب
في أذنيه أشرفة (7) من ذهب وفي منقاره درة، وهو يقول:
لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله والأئمة حجج الله.
قال: هذا طير من طيور الجنة، ثم سيبه فرجع. (8)
4 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: أخبرنا محمد بن
يزيد، قال: كنت عند علي بن محمد عليهما السلام إذ دخل عليه قوم يشكون الجوع.

1) أضفناها كما في ساير المصادر وقد ذكرنا ترجمة له سابقا.
2) أضفناها كما في ساير المصادر وقد ذكرنا ترجمة له سابقا.
3) في مدينة المعاجز " لعلي بن محمد بن الرضا ".
4) روى في دلائل الإمامة: 218 (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 542 ح 20.
5) في الأصل " أتانا " وما أثبتناه كما في سائر المصادر.
6) في سائر المصادر " لتعلم ".
7) الأشرفة: الاذان الطويلة. وفى دلائل الإمامة. " أشنقة ": جمع شناق، وكل خيط علقت
به شيئا فهو شناق (لسان العرب: 10 / 188).
8) روى في دلائل الإمامة: 218 (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 542 ح 21.
185

فضرب بيده إلى الأرض وكال (1) لهم برا ودقيقا. (2)
5 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثني [أبو عبد الله القمي، قال: حدثني] (3) ابن
عباس، عن أبي طالب عبيد الله بن أحمد، قال: حدثني مقبل الديلمي، قال:
كنت جالسا على بابنا بسر [من رأى ومولانا أبو الحسن عليه السلام] (4) راكب لدار (5)
المتوكل الخليفة، فجاء فتح القلانسي وكانت له خدمة لأبي الحسن عليه السلام فجلس
إلى جانبي [وقال: إن لي على] (6) مولانا أربعمائة درهم، فلو قد أعطانيها لانتفعت بها.
فقلت له: ما كنت صانعا بها؟ قال: كنت أشتري بمائتي درهم خرقا تكون في يدي
أعمل بها قلانس (7) ومائتي درهم أشتري بها تمرا فأنبذه نبيذا، قال: فلما قال لي
هذا أعرضت عنه بوجهي، فلم كلمه لما ذكر لي ذلك، وأمسك وأمسكت.
وأقبل أبو الحسن عليه السلام على أثر هذا الكلام ولم يسمع ذلك أحد ولا حضره.
فلما بصرت به قمت قائما، فأقبل حتى نزل بدابته في دار الدواب [وهو (8)]
مقطب (9) الوجه، أعرف (10) الغضب في وجهه، فحين نزل عن دابته دعاني فقال:
يا مقبل ادخل، وأخرج أربعمائة درهما وادفعها إلى فتح - هذا الملعون - وقل
له: هذا حقك فخذه واشتر منه خرقا بمائتي درهم واتق الله عز وجل فيما أردت
أن تفعله بمائتي درهم الباقية.
فأخرجت الأربعمائة درهما، فدفعتها إليه، وحدثته (11) القصة [فبكى] (12) وقال:

1) في الأصل " كان " وما أثبتناه كما في دلائل الإمامة.
2) روى في دلائل الإمامة: 218 (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 542 ح 22.
3) في الأصل بياض.
4) في الأصل بياض.
5) في الأصل " في دار " وما أثبتناه كما في دلائل الإمامة.
6) في الأصل بياض.
7) في الأصل " قلانسي ".
8) أضفناها كما في سائر المصادر.
9) قطب يقطب: زوى ما بين عينيه وعبس، وقطب وجهه تقطيبا أي عبس وغضب. (لسان
العرب: 1 / 680).
10) في الأصل " أعرفه " و " حدثتها ".
11) في الأصل " أعرفه " و " حدثتها ".
12) أضفناها كما في سائر المصادر.
186

والله لا أشتري (1) نبيذا ولا مسكرا أبدا، وصاحبك يعلم ما نعمل! (2)
6 - ومنها: قال أبو جعفر: حدثني أبو عبد الله القمي، قال: حدثني ابن عيسى
عن محمد بن إسماعيل بن أحمد الكاتب، بسر من رأى - سنة 338 - قال: حدثني أبي
[قال] (3) كنت بسر من رأى أسير في درب الحصى (4) فرأيت يزداد النصراني
الطبيب تلميذ يختيشوع، وهو منصرف من دار موسى بن بغي، فسا يرني (5) وأفضى
بنا الحديث إلى أن قال: أترى هذا الجدار؟ تدري من صاحبه؟ قلت: ومن صاحبه؟ قال:
هذا الفتى العلوي الحجازي - يعني علي بن محمد [بن علي] (6) الرضا عليهم السلام
وكنا نسير في فناء داره - قلت ليزداد: نعم، فما شأنه؟
قال: إن كان مخلوق يعلم الغيب فهو! قلت: وكيف ذلك؟
قال: أخبرك عنه بأعجوبة لن تسمع بمثلها أبدا، ولا غيرك من الناس، ولكن لي الله
عليك كفيل وراع أنك لاتحدث به عني أحدا، فاني رجل طبيب ولي معيشة أرعاها
عنه هذا السلطان، وبلغني أن الخليفة استقدمه من الحجاز فرقا منه لئلا تنصرف إليه
وجوه الناس فيخرج هذا الامر عنهم - يعني بني العباس -.
قلت: لك علي ذلك، فحدثني به وليس عليك بأس، وإنما أنت رجل نصراني
لا يتهمك أحد فيما تحدث به عن هؤلاء القوم.
قال: نعم. أعلمك أني لقيته منذ أيام وهو على فرس أدهم، وعليه ثياب سوداء
وعمامة سوداء، وهو أسود اللون.
فلما بصرت به وقفت إعظاما له، وقلت في نفسي - لا وحق المسيح ما خرجت من

1) في المصادر " لا شربت ".
2) رواه في دلائل الإمامة: 220، عنه مدينة المعاجز: 543 ح 28.
3) أضفناها كما في سائر المصادر.
4) طريق حصوي كثير الحصى.
5) في الأصل غير مفهومة.
6) أضفناها كما في بعض المصادر.
187

فمي [لاحد] (1) من الناس [ما] (2) قلت في نفسي -: ثياب سوداء وعمامة سوداء
ودابة سوداء ورجل أسود (3) اسواد في سواد في سواد في سواد (4).
فلما بلغ إلي أحد النظر إلي وقال: قلبك أسود مما ترى عيناك من سواد، في
سواد، في سواد.
قال أبي - رحمة الله -: قلت له: أجل! فلا تحدث به أحدا مما صنعت (5) وما قلت
له؟ قال: سقط في يدي (6) فلم أجد جوابا.
قلت له: أفما ابيض قلبك لما شاهدت؟ قال: الله أعلم.
[قال أبي] (7) فلما اعتل يزداد بعث ألي فحضرت عنده، وقال:
إن قلبي قد ابيض بعد اسوداده، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
وأن علي بن محمد حجة الله على خلقه، وناموسه الأعلم.
ثم مات في مرضه ذلك، وحضرت الصلاة عليه - رحمه الله -. (8)
7 - ومنها: قال أبو جعفر: وقال أحمد بن علي: دعانا عيسى بن الحسن القمي

1) في الأصل بياض: 2) استظهرناها اتماما للعبارة وفى دلائل الإمامة " حديث النفس "
3) في الأصل " سوداء ".
4) في الأصل زيادة " وفى سواد ".
5) في البحار " فما صنعت؟ ".
6) في بعض المصادر " أسقطت في يدي " وفى الأصل " أسقطت في يده " وما أثبتناه من الدلائل.
7) أضفناها كما في أكثر المصادر، وفى مدينة المعاجز " قال أبو الحسين ".
8) روى في دلائل الإمامة: 221 (مثله) باسناده عن أبي عبد الله القمي، قال: حدثني ابن
عدس، قال حدثني أبو الحسين محمد بن إسماعيل بن أحمد التهلي الكاتب، عنه مدينة
المعاجز: 543 ح 29 وفيه أبو الحسين القهقلي الكاتب.
ورواه في فرج المهموم: 233 باسناده عن الشيخ أبى جعفر محمد بن جرير الطبري
باسناده قال: حدثني أبو الحسن محمد بن إسماعيل الكاتب، قال: حدثني أبي، عنه
البحار: 50 / 161 ح 50.
188

أنا وأبا علي (1) - وكان أهوجا (2) - فقال لنا:
أدخلني ابن عمي أحمد بن إسحاق إلى أبي الحسن عليه السلام فرأيته وكلمه بكلام
لم أفهمه.
فقال له: جعلني الله فداك، هذا ابن عمي عيسى بن الحسن وبه بياض في
ذراعه كأمثال الجوز.
[قال: فقال لي: تقدم يا عيسى] (3). فتقدمت. قال: فقال لي: أخرج ذراعك.
فأخرجت ذراعي، فمسح عليها، وتكلم بكلام خفي طول فيه [ثم قال في آخره
ثلاث مرات]: (4) بسم الله الرحمن الرحيم، ثم التفت إلى أحمد بن إسحاق
فقال له: يا أحمد، كان علي بن موسى عليهما السلام يقول: " بسم الله الرحمن
الرحيم " [أقرب] (5) إلى الاسم (6) الأعظم من بياض العين إلى سوادها، ثم قال:
يا عيسى. قلت: لبيك. قال: أدخل يدك في كمك، ثم أخرجها.
فأدخلتها (7) ثم أخرجتها وليس في يدي قليل ولا كثير [من ذلك البياض] (8). (9)
8 - ومنها: روى معاوية بن حكيم، عن أبي المفضل الشيباني (10) عن هارون

1) في الأصل " لي ولأبي على ".
2) في دلائل الإمامة " أعرج ".
3) في الأصل بياض وما أثبتناه كما في دلائل الإمامة.
4) في الأصل بياض وما أثبتناه كما في دلائل الإمامة.
5) في الأصل بياض وما أثبتناه كما في دلائل الإمامة.
6) في الأصل " من اسم " و " فدخلتها " تصحيف.
7) في الأصل " من اسم " و " فدخلتها " تصحيف.
8) أضفناها كما في دلائل الإمامة.
9) رواه في دلائل الإمامة: 222، عنه مدينة المعاجز: 544 ح 30.
10) في الأصل والدلائل " أبى المفضل الشامي " وفى الكافي وبصائر الدرجات " أبى الفضل
الشهباني " والظاهر ما أثبتناه، وقد اختلفت كتب التراجم في نسبه ووثوقه.
فراجع معجم رجال الحديث: 16 / 272 برقم 11116، ورجال النجاشي: 396
برقم 1059 ورجال الشيخ الطوسي في من لم يرو عنهم: 511 برقم 110 وغيرها.
189

ابن الفضل قال:
رأيت أبا الحسن عليه السلام - يعني صاحب العسكر (1) في اليوم الذي توفي فيه
أبوه أبو جعفر عليه السلام يقول (2): إنا لله وإنا إليه راجعون، مضى أبو جعفر عليه السلام.
فقلت له (3): كيف تعلم وهو ببغداد وأنت في المدينة؟
فقال: لأنه تداخلني (4) ذلة (5) واستكانة لله عز وجل لم أكن أعرفها. (6)
الباب الثاني عشر
في معجزات واعلام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام
1 - منها: قال أبو جعفر، حدثنا عبد الله بن محمد، قال:
رأيت الحسن بن علي عليهما السلام يكلم الذنب، فقلت له:
أيها الامام الصالح، سل (7) هذا الذئب عن أخ لي خلفته (8) بطبرستان [و] (9)
أشتهي [أن] (10) أراه.

1) في الأصل " العسكري ".
2) في بعض المصادر " فقال ".
3) في أكثر المصادر " فقيل له ".
4) في دلائل الإمامة " تداخلتني ".
5) في الأصل " ذلك ". تصحيف.
6) روى الصفار في بصائر الدرجات: 467 ح 3 (مثله) باسناده عن محمد بن أحمد، عن
بعض أصحابنا، عن معاوية بن حكيم، و ح 5 باسناده عن محمد بن عيسى، عن أبي الفضل
عنه البحار: 27 / 292 ح 3 و 5. والكليني في الكافي: 1 / 381 ح 5 مثله باسناده عن
علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن أبي الفضل الشهباني، عنهما البحار: 50 / 14
ح 15 وص 135 ح 16، أورده في اثبات الوصية: 222 عن الحميري بنفس ما في البصائر.
ورواه في دلائل الإمامة: 219، عنه مدينة المعاجز: 540 ح 12.
أخرجه في اثبات الهداة: 6 / 213 ح 3، ومدينة المعاجز: 540 ح 12 عن الكافي:
1 / 381 ح 5 وفيهما " عن أبي الفضل الميشائي ".
7) في الأصل زيادة " عن ".
8) في الأصل " خليفته ".
9) أضفناها كما في دلائل الإمامة.
10) أضفناها كما في دلائل الإمامة.
190

فقال لي: إذا (1) اشتهيت أن تراه فانظر إلى شجرة دارك بسر من رأى.
[وكان] (2) عليه السلام فسد أخرج في داره عينا ينبع منها عسلا ولبن، وكنا نشرب
منه ونتزود (3). (4)
2 - ومنها: قال أبو جعفر [محمد بن] (5) جرير الطبري:
دخل على الحسن بن علي عليهما السلام قوم من العراق يشكون قلة الأمطار.
فكتب لهم كتاب، فأمطروا. (6)
ثم جاءوا يشكون كثرته فختم في الأرض فأمسك المطر. (7)
3 - ومنها: قال أبو جعفر: قلت للحسن بن علي عليهما السلام: أرني (8) معجزة
خصوصية لك أحدث بها عنك.
[فقال: يا بن جرير، لعلك ترتد! فحلفت له ثلاثا] (9).
فرأيته غاب في الأرض تحت مصلاه، ثم رجع ومعه حوت [عظيم، قال:
جئتك به من] (10) البحر السابع (11) فأخذته معي إلى مدينة السلام، وأطعمت جماعة

1) فاد عليه السلام أنه بامكان السائل رؤية أخيه وإذ كان بعيدا عنه.
ومعلوم أن العلوم العصرية بأجهزتها الحديثة جعلت بالامكان نقل صور الأجسام. وهي
على بعد آلاف الأميال - أمرا عاديا.
ترى فكيف بقدرة خالق الانسان - مبدع هذه العلوم - الذي إذا أراد شيئا يقول له كن
فيكون، أو يأذن لاحد، وبالقطع فليس بمعجز على سليل العترة الطاهرة - كما كان نظير
ذلك للأنبياء -.
2) أضفناها كما في دلائل الإمامة.
3) في دلائل الإمامة: " وكان يشرب منه ويتزود ".
4) رواه في دلائل الإمامة: 224، عنه مدينة المعاجز: 566 صدر ح 38.
5) أضفناها كما في المصادر، وفى الأصل " جرير بن الطبري ".
6) في الأصل " فانظروا " تصحيف.
7) روى في دلائل الإمامة: 224 (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 566 ح 40.
8) في الأصل بياض.
9) أضفناها كما في المصادر.
10) في الأصل بياض.
11) في الأصل " السنيع " وفى دلائل الإمامة " الأبحر السبعة ".
191

من أصحابنا. (1) 4 - ومنها: قال علي بن محمد [الصيمري: دخلت على] (2) أبي أحمد عبيد الله بن
عبد الله (3) وبين يديه رقعة، فقال:
" إني [نازلت الله] (4) عز وجل في هذا الطاغي - يعني الزبير بن جعفر - (5)
وهو آخذه (6) بعد ثلاث. فلما كان [اليوم] (7) الثالث قتل. (8)
5 - ومنها: قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري سألوا [القائم عليه السلام] (9) عن
أمر الله تعالى لنبيه موسى عليه السلام (فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى) (10)

1) روى في دلائل الإمامة: 224، عنه مدينة المعاجز: 566 ح 44.
2) في الأصل بياض.
3) في الأصل " أبى أحمد بن عبيد الله بن عبد الله " وقد
ترجمنا له عند تحقيقنا لكتاب الخرائج والجرائح، فراجع ج 1 / 429 ح 8.
4) في الأصل بياض. نازلت ربى في كذا: أي راجعته، وسألته مرة بعد مرة. (النهاية
لابن الأثير: 5 / 43).
5) هو: المعتز بالله الخليفة أبو عبد الله، محمد، وقيل: الزبير بن المتوكل جعفر، بن
المعتصم محمد، بن الرشيد هارون، بن المهدى العباسي. (سير أعلام النبلاء: 12 /
532 ت 207).
6) في الأصل " آخذ ".
7) أضفناها كما في سائر المصادر.
8) أورد في دلائل الإمامة: 225 (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 566 ح 49.
وأورده الخرائج والجرائح: 1 / 429 ح 8، وفى ثاقب المناقب: 502 مرسلا عن علي
ابن محمد الصيمري وباختصار.
أخرج في البحار: 50 / 297 ح 72 (مثله) عن كشف الغمة: 2 / 417 نقلا من كتاب
الدلائل للحميري، وفيه بدل " قتل " فعل به ما فعل.
9) أضفناها كم في جميع المصادر، وهي من حيث طويل في باب مسائل سعد بن عبد الله
القمي للامام القائم الحجة عليه السلام.
10) سورة طه: 12.
192

فان فقهاء الفريقين يزعمون أنها كانت من إهاب (4) الميتة.
فقال عليه السلام: من قال ذلك فقد افترى على موسى عليه السلام واستجهله [في نبوته.
لأنه ما خلا الامر فيها] (2) من خصلتين:
إما ان كانت صلاة موسى فيهما [جائزة أو غير جائزة] (3) فان كانت صلاة موسى
فيهما جائزة [فجاز لموسى أن] (4) يكون لابسهما في [تلك] (5) البقعة إذ لم تكن
مقدسة، وإن كانت مقدسة مطهرة فليست بأقدس وأطهر من [الصلاة
وإن كانت صلاته غير جائزة فيها] (6) فقد أوجب أن موسى عليه السلام لم يعرف الحلال
والحرام، وعلم ما جاز فيه الصلاة وما لا يجوز [وهذا كفر.
قلت: فأخبرني يا مولاي عن التأويل] (7) فيهما؟
قال: إن موسى عليه السلام نادى ربه بالواد المقدس، فقال:
يا رب إني قد أخلصت (8) لك المحبة [مني، وغسلت قلبي عمن سواك -
وكان شديد] (9) الحب لأهله -
فقال الله تبارك وتعالى: " إخلع نعليك " أي: انزع حب أهلك من قلبك [إن كانت محبتك لي خالصة، و] (10) قلبك من الميل إلى سواي [غير] مشغول (11). (12)

1) الاهاب: الجلد.
2) في الأصل بياض وما أثبتناه كما في سائر المصادر.
3) في الأصل بياض وما أثبتناه كما في سائر المصادر.
4) أضفناها كما في سائر المصادر.
5) أضفناها كما في سائر المصادر.
6) في الأصل بياض.
7) في الأصل بياض.
8) في الأصل غير مفهومة، وما أثبتناه كما في سائر المصادر.
9) في الأصل بياض، وما أثبتناه كما في سائر المصادر.
10) في الأصل بياض، وما أثبتناه كما في سائر المصادر.
11) قال العلامة المجلسي (ره): اعلم أن المفسرين اختلفوا في سبب الامر بخلع النعلين
ومعناه على أقوال:
الأول: أنهما كانتا من جلد حمار ميت. والثاني: أنه كان من جلد بقرة ذكية، ولكنه أمر
بخلعهما ليباشر بقدميه الأرض فتصيبه بركة الوادي المقدس.
والثالث: أن الحفا عن علامة التواضع، ولذلك كانت السلف تطوف حفاة.
والرابع: أن موسى عليه السلام إنما ليس النعل اتقاء من الأنجاس وخوفا من الحشرات
فآمنه الله مما يخاف وأعلمه بطهارة الموضع.
والخامس أن المعنى: فرغ قلبك من حب الأهل والمال.
والسادس أن المراد: فرغ قلبك عن ذكر الدارين. (عن البحار: 13 / 65).
روى الصدوق في كمال الدين: 460 ح 21. والطبري في دلائل الإمامة: 278، باسنادهما
إلى سعد بن عبد الله القمي (مثله) عنهما البحار: 52 / 88، ومدينة المعاجز: 594.
أورده الطبرسي في الاحتجاج: 2 / 272 مرسلا عن سعد بن عبد الله، عنه البحار: 13 /
65 ح 4 و ج 52 / 88.
وأخرجه في البحار: 83 / 236 ح 36، وتفسير البرهان: 3 / 33 ح 3 عن كمال الدين.
وفى حلية الأبرار: 2 / 562 عن كمال الدين وكتاب مسند فاطمة عليها السلام للطبري.
193

6 - ومنها: سئل عليه السلام عن تأويل " كهيعص " (1) قال عليه السلام: الكاف: [اسم كربلاء، والهاء: هلاك العترة، والياء] (2): يزيد وهو ظالم
الحسين عليه السلام والعين: عطش الحسين وأصحابه، والصاد: صبره. (3)
الباب الثالث عشر
الدلائل والبراهين (عن النبي صلى الله عليه وآله) (4)
لوجود صاحب الزمان عليه السلام
1 - منها: عن يعقوب السراج، قال:

1) سورة مريم: 1.
2) أثبتناه كما في سائر المصادر وفى الأصل بياض.
3) نفس التخريجات المتقدمة للحديث السابق.
4) كذا، فالروايات عزيزي القارئ - كما سترى - مروية عن الأئمة عليهم السلام ما خلا
روايتين عن النبي صلى الله عليه وآله، وبالتالي فلا يبعد أنها من إضافات وسهو النساخ
أو أن في الباب سقطا فلم تدرج الأحاديث الخاصة برسول الله صلى الله عليه وآله
أو لعلها ذكرت باعتبار ما تواتر عنهم عليهم السلام: من أن حديثي حديث أبي وحديث أبي
حديث رسول الله صلى الله عليه وآله.
194

قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أتبقى الأرض يوما بلا عالم منكم حي ظاهر يفرغ إليه (1)
الناس في حلالهم وحرامهم؟
قال: إذن لا يعبد الله، يا أبا يوسف. (2)
2 - ومنهما: روى الحسين بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام، قال:
قال: يا أبا حمزة، إن الأرض لم (3) تخل إلا وفيها منا عالم، فإذا زاد الناس
[قال:] (4) قد زادوا، وإن نقصوا، قال: [قد] (5) نقصوا، ولن يخرج الله ذلك العالم
حتى يرى في ولده من يعلم مثل علمه أو ما شاء الله. (6)
3 - ومنها: عن عقبة بن جعفر، قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام:
قد بلغت وليس لك ولد!

1) يفرغ إليه: يقصده. وفى دلائل الإمامة " تفزع " أي تلجا.
2) رواه الطبري في دلائل الإمامة: 229 باسناده عن أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني
عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، عن يحيى بن زكريا، عن الحسن
ابن محبوب، عن يعقوب السراج مثله.
وابن بابويه في الإمامة والتبصرة: 27 ح 5 باسناده عن محمد بن يحيى، عن محمد بن
الحسين بن أبي الخطاب، عن ابن محبوب عن يعقوب السراج مثله.
وقد ذكرنا أكثر تخريجات الحديث عند تحقيقنا للكتاب الأخير، فراجع.
3) في رواية الصدوق " لن " وهو الأظهر.
4) أضفناها من بقية المصادر لاتمام السياق.
5) أضفناها من بقية المصادر لاتمام السياق.
6) رواه الطبري في دلائل الإمامة: 230 باسناده عن محمد بن هارون، عن أبيه، عن محمد
ابن همام بن سهيل الكاتب، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن عيسى، عن
الحسن بن علي، عن الحارث، عن عمر بن أبان، عن الحسين بن أبي حمزة مثله.
والصدوق في كمال الدين: 1 / 228 ح 21 باسناده عن أبيه ومحمد بن الحسن، عن
سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن الحسن
ابن علي الخزاز، عن عمر بن أبان، عن الحسين بن أبي حمزة مثله.
أقول: وروى ابن بابويه في الإمامة والتبصرة: 29 ح 10 نحوه.
وأغلب تخريجات الحديث ذكرناها هناك عند تحقيقنا للكتاب المذكور.
195

فقال: يا عقبة، إن صاحب هذا الامر لا يموت حتى يرى خلفه من ولده. (1)
4 - ومنها: وعن عمرو (2) بن ثابت، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام، قال:
لو بقيت الأرض يوما واحدا بلا إمام منا لساخت الأرض بأهلها، ولعذبهم
[الله] بأشد عذابه.
وذلك أن الله جعلنا حجة في أرضه، وأمانا في الأرض لأهل الأرض (3). (4)
5 - ومنها: عن حذيفة اليمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
المهدي من ولدي وجهه كالكوكب الدري، فاللون لون عربي، والجسم جسم
إسرائيلي، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، يرضى بخلافته أهل السماء والطير في

1) رواه الطبري في دلائل الإمامة: 230 باسناده عن محمد بن هارون، عن أبيه، عن محمد
ابن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي
نصر، عن عقبة بن جعفر مثله.
والصدوق في كمال الدين: 229 ح 25 باسناده عن ابن المتوكل، عن محمد العطار
عن ابن عيسى، عن البزنطي، عن عقبة (مثله)، وفيه: حتى يرى ولده من بعده، عنه
البحار: 23 / 42 ح 80.
2) في الأصل والدلائل: " عمر ". وكلاهما تصحيف لما في المتن
ترجم له في جامع الرواة: 1 / 616.
3) أضاف في روايتي الصدوق والطبري: لم يزالوا في أمان من أن تسيخ بهم الأرض ما دمنا
بين أظهرهم، فإذا أراد الله أن يهلكهم، ولا يمهلهم ولا ينظرهم، ذهب بنا من بينهم ورفعنا
إليه، ثم يفعل الله ما شاء وأحب.
4) رواه الطبري في دلائل الإمامة: 231 باسناده عن محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه
عن محمد بن همام، عن عبد الله بن أحمد، عن عمر بن ثابت مثله.
والصدوق في كمال الدين: 204 ح 14 باسناده عن أبيه وابن الوليد معا، عن الحميري
عن محمد بن أحمد بن أبي سعيد، عن عمرو بن ثابت مثله.
عنه منتخب الأنوار المضيئة: 33 والبحار: 23 / 37 ح 64.
196

الجو، يملك عشرين سنة. (1)
6 - وعن ابن عباس. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
كيف تهلك أمة أنا أولها، والمهدي من أهل بيتي في أوسطها، وعيسى بن مريم
في آخرها. (2)
7 - وعن المفضل بن عمر، قال: قال الصادق عليه السلام:
يا مفضل كيف يقرأ أهل العراق هذه الآية؟ قلت: يا سيدي وما هي؟
قال: قول الله تعالى: (يستعجل بها الذين آمنوا والذين لا يؤمنون مشفقون منها) (3)
فقلت: يا سيدي ليس كذا يقرأونها. يقرأون: " يستعجل بها الذين لا يؤمنون
(بها) (4) والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ".
فقال لي: ويحك! أتدري ما هي؟ فقلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم.

1) رواه الطبري في دلائل الإمامة: 233 باسناده عن إبراهيم بن أحمد الطبري، عن محمد
ابن المظفر الحافظ، عن عبد الرحمن بن إسماعيل، عن علي بن إبراهيم الصوري، عن داود
عن سفيان، عن منصور،، عن ربعي بن خراش، عن حذيفة مثله.
وأخرجه في كشف الغمة: 2 / 467 عن أربعين أبى نعيم، عنه البحار: 51 / 80.
2) رواه الطبري في دلائل الإمامة: 234 باسناده عن إبراهيم بن أحمد الطبري، عن عثمان
ابن أحمد بن عبد الله الدقيقي، عن أحمد بن عبد الله الأنطاكي، عن اليمان بن سعيد المحتسبي
عن خالد بن القشيري، عن محمد بن إبراهيم الهاشمي، عن أبي جعفر عبد الله بن محمد
عن أبيه، عن ابن عباس مثله.
أقول: والحديث بهذا اللفظ وبغيره مشهور وفى كتب الفريقين مذكور، وقد أخرجنا
أكثرها عند تحقيقنا عوالم العلوم: 15 / 182 ح 56، وص 305 ح 9، وص 308 ح 19.
3) كذا في الأصل والزام الناصب، وهو الموافق لكلام الإمام عليه السلام في هذا الحديث.
والآية في المصحف الشريف (الشورى: 18) وكذلك في دلائل الإمامة والمحجة هكذا
" يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنه الحق " فتدبر!
4) ليس في الدلائل.
197

فقال: والله ما هي إلا قيام القائم، وكيف يستعجل به من لا يؤمن به!؟
والله ما يستعجل به إلا المؤمنون، ولكنهم حرفوها حمدا، فاعلم ذلك يا مفضل. (1)
8 - وعنه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إذا قام القائم استنزل المؤمن الطير من الهواء فيذبحه ويشويه ويأكل لحمه
ولا يكسر عظمه، ثم يقول له: إحي بإذن الله. فيحيى ويطير، وكذلك الظباء من الصحاري.
ويكون ضوء البلاد ونورها، ولا يحتاجون إلى شمس ولا قمر، ولا يكون على
وجه الأرض مؤذ، ولا شر ولا سم ولا فساد أصلا، لان الدعوة سماوية ليست
بأرضية، ولا يكون للشيطان فيها وسوسة ولا حسد، ولا شئ من الفساد.
ولا تشوك الأرض والشجر، وتبقى الزروع قائمة كلما اخذ منها شئ نبت من
وقته وعاد كحاله، وإن الرجل ليكسو ابنه الثوب فيطول معه كلما طال، ويتلون عليه
أي لون أحب وشاء.
ولو أن الرجل الكافر دخل جحر ضب، أو توارى خلف مدرة أو حجر أو شجر
لأنطق الله ذلك الشئ الذي يتوارى فيه حتى يقول: يا مؤمن، خلفي كافر فخذه.
فيؤخذ ويقتل.
ولا يكون لإبليس هيكل يسكن فيه - والهيكل البدن - ويصافح المؤمنون
الملائكة، ويوحى إليهم، ويحيون ويجتمعون [مع] (2) الموتى بإذن الله.

1) رواه في دلائل الإمامة: 238 باسناده عن أبي الحسن الأنباري، عن علي بن الحسن
الجصاص، عن محمد بن يحيى التميمي، عن الحسن بن علي الزيدي العلوي، عن محمد
ابن علي الأعلم المصري، عن إبراهيم بن يحيى الجواني، عن المفضل بن عمر مثله.
عنه المحجة فيما نزل في القائم الحجة (ع): 191 ح 77.
وأورده في الزام الناصب: 1 / 88 مرسلا عنه عليه السلام مثله.
2) استظهرناها لملازمتها السياق، أو لعل المعني أن الموتى يحبون ويجتمعون بإذن الله.
198

وقال عليه السلام (1): يأتي على الناس زمان لا يكون المؤمن إلا بالكوفة أو يحن إليها. (2)
يا مفضل أنت وأربعة وأربعون رجلا... (3) القائم ينهي ويأمر.
تم هذا الكتاب
ونحمد الله عز وجل على ما وفقنا إليه في العثور على هذه النسخة الوحيدة
وإخراجها بهذه الصورة، ومنه تعالى نستمد العون والتوفيق.
والحمد لله أولا وآخرا وصلاته على صفوته محمد رسولا وعلى أوصيائه:
علي أميرا وأولا، والمهدي من ولد فاطمة صلوات الله عليهم خاتما.
وأنا الراجي رحمة ربه.
محمد باقر بن السيد المرتضى الموحد الأبطحي

(1) استظهرناها، وفى الأصل بياض، وفى الدلائل: " قالوا ".
وما بعدها إلى قوله عليه السلام " الا بالكوفة " بياض في الأصل، وأثبتناه من الدلائل.
قال المجلسي في البحار: 53 / 1: روى في بعض مؤلفات أصحابنا، عن الحسين بن حمدان
عن محمد بن إسماعيل وعلي بن عبد الله الحسنى، عن أبي شعيب ومحمد بن نصير، عن
عمر بن الفرات، عن محمد بن المفضل، عن المفضل بن عمر، قال: سألت سيدي الصادق عليه السلام.
وأورد حديثا طويلا - إلى أن قال -: قال المفضل: يا مولاي كل المؤمنين يكونون بالكوفة؟
قال: أي والله، لا يبقى مؤمن الا كان بها أو حواليها....
أقول: روى محمد بن علي بن الحسن العلوي الحسيني في فضائل الكوفة وفضائل أهلها:
81 ح 24 باسناده إلى علي عليه السلام ما لفظه: " ليأتين على الناس زمان ما على ظهر الأرض
مؤمن الا وهو بها أو يحن قلبه إليها - يعنى الكوفة -.
2) رواه في دلائل الإمامة: 246 باسناده عن محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، عن الحسن
ابن محمد النهاوندي، عن محمد بن علي بن عبد الكريم، عن أبي طالب عبد الله بن الصلت
عن محمد بن علي بن عبد الله الخياط، عن المفضل مثله، عنه حلية الأبرار: 2 / 635.
3) في الأصل بياض بمقدار ست كلمات.
199