الكتاب: الإعلام
المؤلف: الشيخ المفيد
الجزء:
الوفاة: ٤١٣
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق: الشيخ محمد الحسون
الطبعة: الثانية
سنة الطبع: ١٤١٤ - ١٩٩٣ م
المطبعة:
الناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: طبعت بموافقة اللجنة الخاصة المشرفة على المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد

الإعلام
بما اتفقت عليه الإمامية من الأحكام
تأليف
الإمام الشيخ المفيد
محمد بن محمد النعمان ابن المعلم
أبي عبد الله العكبري البغدادي
(336 - 413 ه‍)
تحقيق
الشيخ محمد الحسون
1

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين أبي
القاسم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين
الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
وبعد،
يعتبر الشيخ المفيد رحمه الله من أعاظم علماء الإمامية، حيث انتهت إليه
رئاستهم في وقته. وفضله أشهر من أن يوصف، ويكفيه فخرا أن الحجة عجل
الله تعالى فرجه الشريف يعبر عنه ب‍ (الأخ الولي، والمخلص في ودنا الصفي،
والناصر لنا الوفي، حرسك الله بعينه التي لا تنام).
ويصفه عجل الله تعالى فرجه الشريف أيضا ب‍ (الناصر للحق، الداعي
إليه بكلمة الصدق).
وكان رحمه الله حسن الخاطرة في دقيق الفطنة، حاضر الجواب، له قريب
من مائتي مصنف بين كتاب ورسالة في شتى العلوم.
وهذه الرسالة التي بين يديك عزيزي القارئ هي إحدى تلك المصنفات
3

الجليلة، التي خطها يراعه البارع. وبمناسبة الذكرى الألفية لرحيله تعقد جماعة
المدرسين في مدينة قم المقدسة مؤتمرا علميا يسلط الضوء على هذه الشخصية
العظيمة، ومساهمة منا في هذا المؤتمر، واستجابة لدعوة الإخوة المسؤولين عنه،
قمنا بتحقيق هذه الرسالة، معترفين بقلة الزاد وقصر الباع في هذا المجال، سائلين
المولى القدير أن يتقبل منا هذا الجهد المتواضع، ويجعله ذخرا لنا في يوم لا ينفع
فيه مال ولا بنون.
الرسالة:
موضوع الرسالة واضح من عنوانها (الإعلام فيما اتفقت الإمامية عليه من
الأحكام، مما اتفقت العامة على خلافهم فيه)، إذا فهو يجمع الفتاوى - لا على
سبيل الحصر - التي اتفقت الإمامية عليه وخالفتهم العامة فيه، وذلك ظاهر من
قوله في أول هذه الرسالة:
(فإني ممتثل ما رسمه من جمع ما اتفقت عليه الإمامية من الأحكام
الشرعية على الآثار المجتمع عليها بينهم عن الأئمة المهدية من آل محمد صلوات
الله عليهم، مما اتفقت العامة على خلافهم من جملة ما طابقهم عليه جماعتهم،
أو فريق منهم حسب اختلافهم في ذلك، لاختلافهم في الآراء والمذاهب).
وقد جعلها رحمه الله كالتكملة لرسالته الأصولية: (أوائل المقالات في
المذاهب المختارات) التي أورد فيها المقالات الخاصة بالإمامية في المباحث
الأصولية الكلامية، حيث قال في مقدمة رسالة (الإعلام):
(ويجتمع بهما للناظر فيهما على خواص الأصول والفروع، ويحصل له
منهما ما لم يسبق أحد إلى ترتيبه على النظام في المعقول).
ولم يقصد بالعامة في هذه الرسالة جماعة منهم دون أخرى، بل أراد كل
4

من عرف بمخالفته للإمامية، وقد أوضح ذلك في المقدمة حيث قال:
(ولم أرد بالعامة فيما سلف، ولا أعني فيما يستقبل الحنبليين دون
الشافعيين، ولا العراقيين دون المالكيين، و - لا متأخرا دون متقدم، ولا تابعيا دون
من نسب إلى الصحبة. بل أريد بذلك كل من كانت له فتيا في أحكام الشريعة،
وأخذ عنه قوم من أهل الملة، ممن ليس له حظ في الإمامية من آل محمد صلى
الله عليه وآله وسلم، أو كان معروفا بالأخذ عن آل محمد عليهم السلام خاصة).
وقد ألفها بالتماس تلميذه علم الهدى السيد المرتضى علي بن الحسين،
حيث قال في أولها:
(أما بعد أدام الله للسيد الشريف التأييد، ووصل له التوفيق والتسديد،
فإني ممتثل ما رسمه من...). (1)
النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق:
اعتمدنا في تحقيق هذه الرسالة على ثلاث نسخ خطية هي:
أولا: النسخة الخطية المحفوظة في مكتبة جامعة طهران ضمن المجموعة
المرقمة 1476، المذكورة في فهرسها 8: 128، تأريخ استنساخها سنة 113 ه‍،
وهي بخط النسخ، وتقع في 19 صفحة، كل صفحة تحتوي على 19 سطر، وقد
رمزنا لها بالحرف (ج).
ثانيا: النسخة الخطية المحفوظة في مكتبة آستانة قم ضمن المجموعة المرقمة
86، والمذكورة في الفهرس: 227، كتبها مهدي بن علي رضا القمي بخط
النستعليق بتأريخ 1320 ه‍، وتقع في 20 صفحة، كل صفحة تحتوي على 21

(1) الذريعة 2: 237 رقم 994.
5

سطرا، وقد رمزنا لها بالحرف (أ).
ثالثا: النسخة الخطية المحفوظة في مكتبة المدرسة الفيضية ضمن المجموعة
المرقمة 1879، والمذكورة في فهرسها 2: 143، كتبها أبو تراب بن عبد الله، بخط
النستعليق بتأريخ 1340 ه‍، وتقع في 28 صفحة، كل صفحة تحتوي على 17
سطرا، وقد رمزنا لها بالحرف (ف).
منهج التحقيق:
اتبعنا في تحقيق هذه الرسالة طريقة التلفيق بين النسخ الخطية التي مر
وصفها، حيث أثبتنا الصحيح أو الأصح في المتن، وأشرنا إلى ذلك في الهامش،
علما بأن الاختلاف الوارد بين النسخ الخطية قليل جدا.
واستخرجنا الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث الشريفة، وأشرنا إلى
مصادر العامة التي تتواجد فيها فتاواهم ومخالفتهم للإمامية، وكذلك طابقنا
ما ذكره المصنف رحمه الله من إجماع الإمامية في المسائل الفقهية مع ثلاثة كتب
أساسية في هذا المجال وهي: الانتصار، والخلاف، التذكرة.
وشرحنا كذلك معاني الكلمات اللغوية التي تحتاج إلى توضيح.
و أخيرا نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لما فيه صلاح آخرتنا ودنيانا،
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على حبيبه ونبيه محمد وآله الطيبين
الطاهرين.
محمد الحسون
15 ذي الحجة 1412 ه‍
6

الصفحة الأولى من نسخة
7

الصفحة الأخيرة من نسخة (أ)
8

الصفحة الأولى من نسخة (ج)
9

الصفحة الأخيرة من نسخة (ج)
10

الصفحة الأولى من نسخة (ف)
11

الصفحة الأخيرة من نسخة (ف)
12

الإعلام
بما اتفقت عليه الإمامية من الأحكام
تأليف
الإمام الشيخ المفيد
محمد بن محمد النعمان ابن المعلم
أبي عبد الله العكبري البغدادي
(336 - 413 ه‍)
13

بسم الله الرحمن الرحيم
نحمد الله على ما أولى وأبلى، ونسأله التوفيق لما قرب منه وأزلف (1)
لديه وأحظى، وصلى الله على سيدنا محمد المصطفى وعلى أهل بيته
الأصفياء وسلم كثيرا.
أما بعد،
أدام الله للسيد الشريف (2) التأييد، ووصل له التوفيق والتسديد، فإني

(1) أزلفه: أي قربه، والزلفى والزلفة: القربة والمنزلة. الصحاح 4: 1370 (زلف).
(2) هو علم الهدى، سيد الشيعة وإمامهم، فقيه أهل البيت، السيد المرتضى علي بن الحسين
ابن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم ابن الإمام موسى الكاظم عليه السلام. ولد في
رجب سنة 355 ه‍، وتوفي في الخامس والعشرين من ربيع الأول سنة 436 ه‍. حاز من
العلوم ما لم يدانيه فيه أحد في زمانه، سمع من الحديث فأكثر، وكان رحمه الله متكلما،
شاعرا، أديبا، عظيم المنزلة في العلم والدين والدنيا.
تتلمذ على يد عظماء عصر. كالشيخ المفيد، وأحمد بن علي بن سعيد الكوفي،
والحسين بن علي بن بابويه، وهارون بن موسى التلعكبري، وعلي بن محمد الكاتب، وغيرهم. وتتلمذ على يده عدد كبير من العلماء منهم شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي،
وأبو يعلى سلار بن عبد العزير الديلمي، وأبو الصلاح الحلبي، ومحمد بن الحسن بن حمزة
الجعفري، وعبد العزيز بن نحرير بن البراج. وقد ألف كتبا كثيرة أحصاها البعض في مائة
وعشرين مؤلفا.
أنظر: تنقيح المقال 2: 284، الخلاصة: 95، رجال ابن داود: 136، رجال النجاشي 2: 102،
روضات الجنات 1: 295، رياض العلماء 4: 20، الفهرست: 98، لسان الميزان 4: 223، لؤلؤة
البحرين: 3 / 3.
15

ممتثل ما رسمه من جمع ما اتفقت عليه الإمامية من الأحكام الشرعية، على
الآثار المجتمع عليها بينهم عن الأئمة المهدية من آل محمد صلوات الله
عليهم، مما اتفقت العامة على خلافهم فيه، من جملة ما طابقهم عليه
جماعتهم، أو فريق منهم على حسب اختلافهم في ذلك، لاختلافهم في
الآراء والمذاهب، لتنضاف إلى كتاب (أوائل المقالات في المذاهب
المختارات)، (1) ويجتمع بهما للناظر فيهما علم خواص الأصول والفروع،
ويحصل له منهما ما لم يسبق أحد إلى ترتيبه على النظام في المعقول.
[بياض في الأصل] (2)

(1) أوائل المقالات في المذاهب المختارات، أورد فيه المقالات الخاصة بالإمامية في المباحث
الأصولية الكلامية، أول أبوابه القول في الفرق بين الشيعة - فيما نسبت به إلى التشيع -
والمعتزلة. وبعده كتب هذه الرسالة (الإعلام فيما...) ليحصل لناظر في هذين الكتابين
علم مختصات الإمامية في الأصول والفروع، أي أنه جعل هذه الرسالة (الإعلام...)
كالتكملة لرسالته (أوائل المقالات).
أنظر: الذريعة 2: 472 رقم 1844 و 237 رقم 944.
(2) هكذا ورد في الطبعة السابقة، وفي جميع النسخ. الخطية التي اعتمدنا عليها ورد بياض
بمقدار سطر أو سطرين.
16

وأنهما ليسا من الأشياء الناقضة للطهارة (1).
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وزعموا أن المذي (2) والوذي (3)
ينقضان على كل حال الطهارة، ويجب منهما الوضوء كما يجب من البول
وأشباهه مما يرفع الطهارة. (4)
القول في الحيض والاستحاضة والنفاس
أما الحيض والاستحاضة، فلم أر للعامة إجماعا على خلاف ما اتفقت
الإمامية عليه من أحكامهما، بل وجدت أقوالهم في ذلك على الاختلاف.
وأما النفاس، فإن الإمامية متفقة في ذلك على أن مدة زمانه لا تتجاوز

(1) نقل إجماع الإمامية على عدم ناقضية المذي والوذي للطهارة في السيد المرتضى في الانتصار:
30، والشيخ الطوسي في الخلاف 1: 118، والعلامة في التذكرة 1: 11.
(2) المذي، بسكون الذال، مخفف الياء: البلل الذي يخرج من الذكر عند ملاعبة النساء.
النهاية 4: 312 (مذى)
(3) الوذي، بالذال المعجمة الساكنة، والياء المخففة، وعن الأموي بتشديد الياء: ما يخرج
عقيب إنزال المني. وذكر الوذي مفقود في كثير من كتب اللغة: مجمع البحرين 1: 433
(وذا)
(4) أنظر: الأم 1: 39، المبسوط للسرخسي 1: 67، المدونة الكبرى 1: 12، المحلى 1: 232،
نيل الأوطار 1: 274.
17

إحدى وعشرين يوما وإن كانت رواياتهم في حد غايته بظاهر الاختلاف (1)
والعامة مجتمعة على خلاف ما ذكرنا، ومتفقة على أن زمان النفاس
يزيد على إحدى وعشرين يوما وإن كان لهم في حده أيضا اختلاف. (2)
القول في ما يحل للحائض والنفساء والجنب
من قراءة القرآن
واتفقت الإمامية على أن ممن ذكرناه له أن يقرأ من القرآن كله ما شاء
بينه وبين سبع أيات سوا أربع سور، فإنه لا يجوز له أن يقرأ منها شيئا إلا
وهو على خلاف حاله في الحدث وانتقاله إلى الطهارات، وهي: سجدة
لقمان، وحم السجدة، والنجم، واقرأ بأسم ربك الذي خلق. وهذه السور
عندهم بلا اختلاف يجب في قراءتها السجود على العزم دون

(1) قال السيد المرتضى في الانتصار: 35: مما انفردت به الإمامية القول بأن أكثر النفاس مع
الاستظهار التام ثمانية يوما.
وقال الشيخ الطوسي في الخلاف 1: 243: أكثر النفاس عشرة أيام، وما زاد عليه حكمه
حكم الاستحاضة، وفي أصحابنا من قال: ثمانية عشر يوما.
وقال العلامة في التذكرة 1: 35: أكثره إحدى وعشرين يوما.
(2) قال الشافعي، ومالك، وأبو ثور، وداود، وعطاء، والشعبي: أكثره ستون يوما.
وقال أبو حنيفة، وأحمد، والثوري، وإسحاق، وأبو عبيد: أكثره أربعون يوما.
وقال الحسن البصري: إنه خمسون يوما.
وقال الليث بن سعد: إنه سبعون يوما.
أنظر: مختصر المزني: 11، المجموع 2: 522 - 524، المحلى 2: 203، مغني المحتاج 1: 119 - 120،
المغني لابن قدامة 1: 345، تحفة الأحوذي 1: 431.
18

الاستحباب. (1)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك وإن كان بينهم في حكم قراءة
القرآن لمن ذكرناه وعزائم السجدات اختلاف. (2)
باب ما اتفقت الإمامية عليه مما أجمعت العامة على خلافه
في تغسيل الأموات، وتحنيطهم، وتكفينهم، وأركانهم الأكفان
جميع ما اتفقت الإمامية عليه مما أجمعت العامة على خلافه في هذا
الباب ستة أشياء منها:
قول الإمامية في توجيه الميت عند غسله إلى القبلة ملقى على ظهره،
وتبديعهم من خالف ذلك. (3)

(1) قال الشيخ الطوسي في الخلاف 1: 100: يجوز للجنب والحائض أن يقرءا القرآن، وفي
أصحابنا من قيد ذلك بسبع آيات من جميع القرآن إلا سور العزائم.
(2) قال الشافعي، وأحمد بن حنبل بعدم الجواز قليلا أو كثيرا، إلا بعد الغسل أو التيمم.
وقال أبو حنيفة: يقرؤون دون الآية.
وقال داود: يقرأ الجنب كيف شاء.
وقال مالك: يجوز للحائض أن تقرأ على الإطلاق، والجنب يقرأ الآية والآيتين على
سبيل التعوذ.
أنظر: سنن الترمذي 1: 275، مغني المحتاج 1: 72، نيل الأوطار 1: 284، المحلى 1: 77 - 78،
الهداية 1: 31.
(3) نقل إجماع الإمامية على ذلك الشيخ الطوسي في الخلاف 1: 691، والعلامة في التذكرة
1: 37.
وقال الشافعي: إن كان الموضع واسعا أضجع على جنبه الأيمن وجعل وجهه إلى القبلة
كما يجعل عند الصلاة وعند الدفن، وإن كان الموضع ضيقا أضجع على ظهره وجعل
وجهه إلى القبلة.
وقال أبو حنيفة: يضجع على شقه. الأيمن ووجهه إلى القبلة كما يفعل في المدفن.
أنظر: المجموع 5: 116، مغني المحتاج 1: 330، الهداية 2: 67، اللباب 1: 125.
19

ومنها: قولهم إن الحنوط هو الكافور خاصة دون سائر الطيب، وأنه
لا يجوز التحنيط بغيره. (1)
ومنها: قولهم إن أقل مقداره. عند الوجود له والامكان مثقال. (2)
ومنها: قولهم في الجريدتين وإن السنة وضعهما مع الميت في
الأكفان. (3)
ومنها: قولهم في حطه وإمهاله قبل إنزاله إلى القبر قرب شفيره ليأخذ

(1) قال الشيخ الطوسي في الخلاف 1: 704: يكره أن يكون مع الكافور شئ من المسك
والعنبر، وبه قال مجاهد وعطاء والشافعي، وقال أصحاب الشافعي: ذلك مستحب ورووا
ذلك عن علي عليه السلام وابن عمر.
وقال العلامة في لتذكرة 1: 44: لا يقوم غير الكافور مقامه عندنا، وسوغ الجمهور المسك.
أنظر: المجموع 5: 198 - 202، المدونة الكبرى 1: 187، المغني لابن قدامة، 2: 342، سنن
البيهقي 3: 405 - 406.
(2) نقل إجماع الإمامية على ذلك الشيخ الطوسي في الخلاف 1: 704، و العلامة في التذكرة
1: 44، وفيهما: ولم أجد لأحد من الفقهاء تحديدا في ذلك.
(3) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 36، والشيخ الطوسي في
الخلاف 1: 704، والعلامة في التذكرة 1: 44. ففي الخلاف: وخالف جميع الفقهاء في
ذلك، وفي التذكرة ولم يستحبه غيرهم (أي غير الشيعة).
20

أهبته للسؤال. (1)
ومنها: تلقينهم الميت في قبره قبل وضع اللبن (2) عليه، سنة يأثرونها
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعترته عليهم السلام. (3)
والعامة مجتمعة (4) على خلافهم فيما اتفقوا عليه من هذه الأشياء، و
مختلفون فيما سواها من هذا الباب، فلبعضهم فيه خلاف، ولبعضهم فيه وفاق.
باب ما اتفقت الإمامية عليه
مما اجتمعت العامة على خلافه من الأذان
واتفقت الإمامية على أن من ألفاظ الأذان والإقامة للصلاة: حي على
خير العمل، وأن من تركها. متعمدا في الإقامة والأذان من غير اضطرار فقد
خالف السنة، وكان كتارك غيرها من حروف الأذان. (5) ومعهم في ذلك
روايات متظافرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن الأئمة من
عترته عليهم السلام. (6)

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك العلامة في التذكرة 1: 52، ولم يذكر فيه خلافا للعامة.
(2) اللبن: ما يعمل من الطين ويبنى به، الواحدة لبنة بفتح اللام وكسر الباء، ويجوز كسر
اللام وسكون الباء. مجمع البحرين 6: 306 (لبن).
(3) نقل إجماع الإمامية على ذلك العلامة في التذكرة 1: 53، ولم يذكر فيه خلافا للعامة.
(4) في (أ): مجمعة.
(5) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 39، والشيخ الطوسي في
الخلاف 1: 278، والعلامة في التذكرة 1: 104
(6) أنظر: وسائل الشيعة 4: 642 باب 19 من أبواب الأذان والإقامة.
21

وأجمعت العامة فيما بعد أعصار الصحابة على خلاف ذلك، وأنكروا
أن يكون السنة فيما ذكرناه (1)
باب القول فيما اتفقت الإمامية عليه
مما أجمعت العامة على خلافه في الصلوات
واتفقت الإمامية على أن السنة في افتتاح فرائض الصلوات بسبع
تكبيرات (2)
وأجمعت العامة على رفع السنة في ذلك، ولم يوافق أحد من
متفقهيهم (3) للإمامية فيما ذكرناه. (4)
واتفقت الإمامية على إرسال اليدين في الصلاة، وأنه لا يجوز وضع
إحداهما على الأخرى كتكفير أهل الكتاب، وأن من فعل ذلك في الصلاة
فقد أبدع وخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وآله، والأئمة الهادين من
أهل بيته عليهم السلام. (5)

(1) أنظر: مختصر المزني: 12، الهداية 1: 41، المبسوط للسرخسي 1: 336، المجموع 3: 93 - 94، نيل
الأوطار 2: 16.
(2) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 40 وفيه: وليس باقي الفقهاء
من يعرف ذلك، والشيخ الطوسي في الخلاف 1: 315 وفيه: ولم يوافقنا على ذلك أحد
من الفقهاء، والعلامة في التذكرة 1: 113.
(3) في هامش نسخة (ج): متفقيهم.
(4) في نسخة (ج): ذكرنا.
(5) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 41 حيث قال: ومما ظن انفراد
الإمامية به المنع من وضع اليمين على الشمال في الصلاة؟ لأن غير الإمامية يشاركها في
كراهة ذلك، وحكى الطحاوي في (اختلاف الفقهاء) عن مالك أن وضع اليدين إحداهما
على الأخرى إنما يفعل في صلاة النوافل من طول القيام، وتركه أحب إلي وحكى
الطحاوي أيضا عن الليث بن سعد إنه قال: سبل اليدين في الصلاة أحب إلي، إلا أن يطيل
القيام فيعيا فلا بأس بوضع اليمين على اليسرى.
وكذا نقله الشيخ الطوسي في الخلاف: 1: 321، والعلامة في التذكرة 1: 133.
22

وأنكروا ما تعلقت به العامة (1) في هذا الباب من حديث أبي هريرة (2).
لتهمته في الحديث، وتكذيب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
له، وتكذيب عمر وعائشة له أيضا فيما كان يرويه من مناكير الأخبار،
ولعدم الثقة بروايته عن أبي هريرة أيضا، وكون الحديث به مضطرب
الإسناد. (3)
واتفقت الإمامية على أنه لا يجوز التلفظ بآمين في الصلاة، وأن
ما يستعمله العامة من ذلك في آخر أم الكتاب بدعة في الإسلام ووفاق

(1) ذهب الشافعي، وأبو حنيفة، وسفيان، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وداود إلى أنه
مسنون، إلا أن الشافعي قال: فوق السرة وقال أبو حنيفة: تحت السرة وهو مذهب
أبو هريرة.
وعن مالك روايتان: إحداهما مثل قول الشافعي، والثانية الإرسال.
أنظر: المجموع 3: 311 - 313، مختصر المزني: 14، نيل الأوطار 2: 201 - 204، المغني لابن
قدامة 1: 472 - 473، الهداية 1: 47، اللباب 1: 71.
(2) مسند أحمد 2: 240، المجموع 3: 313.
(3) قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 20: 31: وذكر الجاحظ في كتابه المعروف
بكتاب التوحيد: إن أبا هريرة ليس بثقة في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله. قال:
ولم يكن علي عليه السلام يوثقه في الرواية، بل يتهمه ويقدح فيه، وكذلك عمر
وعائشة.
23

لكفار أهل الكتاب (1)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وزعموا أنه سنة في الصلاة، مع
اختلافهم في الجهر به والاخفات. (2)
واتفقت الإمامية على أنه لا يجوز القراءة في فرائض الصلاة ببعض
سورة وأن قرأ قبلها فاتحة الكتاب، ولا يجوز الجمع بين قراءة سورتين فيما
بعد فاتحة الكتاب، وأن من فعل ذلك فقد أبدع وخالف سنة النبي صلى
الله عليه وآله وسلم (3)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وأجازوا القراءة في الفرائض بما

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 42، والشيخ الطوسي في
الخلاف 1: 332، والعلامة في التذكرة 1: 118.
(2) قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وداود: يجهر الإمام بها؟ لأنها تابعة للفاتحة.
وقال أبو حنيفة والثوري: لا يجهر بها: لأنه دعاء مشروع في الصلاة فاستحب إخفاؤه.
وعن مالك روايتان: إحداهما مثل قول أبي حنيفة، والثانية: لا يقولها الإمام.
أما المأموم: فللشافعي قولان: الجديد الإخفاء، وبه قال الثوري وأبو حنيفة. والقديم
الجهر، وبه قال أحمد وأبو ثور وإسحاق وعطاء.
أنظر: المجموع 3: 368 - 373، المغني لابن قدامة 1: 489 - 490، مغني المحتاج 1: 161، المحلى 3: 264.
(3) نقل الاجماع على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 44، والشيخ الطوسي في الخلاف
1: 335 - 336، والعلامة الحلي في التذكرة 1: 116.
24

ذكرناه. (1)
واتفقت الإمامية على أنه لا يجوز السجود إلا على الأرض الطاهرة أو
ما أنبتت الأرض، سوا الثمار، وأنه لا يجوز السجود على ثوب منسوج وإن
كان أصله من النبات إلا عند الحاجة إليه والاضطرار. (2)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك وزعموا أن السجود جائز على كل
ما جاز فيه الصلاة، ولجأوا في تجويز ذلك إلى القياس، ونحوه من النظر
والرأي. (3)
واتفقت الإمامية على أن السنة في نوافل الليل والنهار يزيد في
العدد (4) على ما اجتمعت عليه في الحد والمقدار. (5)

(1) جوز الشافعي القران بين السورتين بعد الحمد.
وجوز الشافعي وأكثر أصحابه قراءة بعض السورة بعد الحمد بقدر آيات السورة. في
وقال النووي: قال القاضي أبو الطيب عن عثمان بن أبي العاص وطائفة: إنه تجب مع
الفاتحة سورة أقلها ثلاث أيات، وحكاه صاحب (البيان) عن عمر بن الخطاب.
أنظر: الأم 1: 102، المجموع 3: 388، 389.
(2) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 38، والشيخ الطوسي في
الخلاف 1: 357، والعلامة في التذكرة 1: 120. وفي الخلاف: وخالف جميع الفقهاء في
ذلك، فأجازوا السجود على القطن والكتان والشعر والصوف.
(3) أنظر: الأم 1: 114، المجموع 3: 423 - 425، المغني لابن قدامة 1: 593 - 594.
(4) في العدد: لم ترد في نسخة (أ).
(5) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 50، والشيخ الطوسي في
الخلاف 1: 525، والعلامة في التذكرة 1: 70.
واختلف أبناء العامة في عدد النوافل: فمنهم من قال: إحدى عشرة ومنهم من قال:
ثلاث عشرة ومنهم من قال: سبع عشرة ومنهم من قال غير ذلك.
أنظر: المجموع 4: 7، الوجيز 1: 53 - 54، المغني لابن قدامة 1: 798، الهداية 1: 66.
25

واتفقت الإمامية على أن الاجماع في نوافل ليالي شهر رمضان بدعة
حدثت بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأن السنة بذلك التطوع بها
على الانفراد (1)
وأجمعت العامة على أن هذا الاجماع ليس ببدع في الدين وإن
اختلفوا في كونه سنة ومستحبا، واعتمدوا في ذلك على صنيع عمر بن
الخطاب. (2)
واتفقت الإمامية على تبديع العامة فيما يختارونه من صلاة

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 54 حيث قال: والموافق لقول
الشيعة في ذلك من العامة أكثر من المخالف، والشيخ الطوسي في الخلاف 1: 528، والعلامة
في التذكرة 1: 73.
(2) قال الشافعي: صلاة المنفرد في قيام شهر رمضان أحب إلي، وكذلك قال مالك.
وقال ابن داود بصلاتها جماعة، وشنع على الشافعي في هذه المسألة وقال: خالف
فيها السنة والبدعة.
وروى عن عمر أنه أمر أن تصلى التراويح جماعة، وأمر بإخراج القناديل ثم قال: هي
بدعة ونعمت البدعة هي.
وروت عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى في المسجد فصلى بصلاته
ناس، ثم صلى في القابلة فكثر الناس، ثم اجتمعوا في الليلة الثالثة فلم يخرج إليهم رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما أصبح قال: (رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج
إليكم إلا أني خشيت أن في يفرض عليكم).
وقال صلى الله عليه وآله: (كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار).
أنظر: المجموع 4: 5، صحيح البخاري 3: 58، صحيح مسلم 1: 524، موطأ مالك 1: 114،
سنن ابن ماجة 1: 15، سنن أبي داود 4: 201، سنن الدارمي 1: 44.
26

الضحى (1)، ورووا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من ذريته
عليهم أجمعين السلام في ذلك أخبارا تؤيد ما ذكرناه (2)
وأجمعت العامة على تبديع الإمامية في تبديعهم بما وصفناه. (3)
القول في سجدتي الشكر والتعفير بعد هما
في أعقاب الصلوات
اتفقت الإمامية على أن سجدتي الشكر والتعفير بعدهما في أعقاب
الصلوات فضل جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعمل
به الأئمة من عترته عليهم السلام (4)

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 50، الشيخ الطوسي في
الخلاف 1: 520، والعلامة في التذكرة 1: 72.
(2) قال الإمام الباقر عليه السلام: (ما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الضحى قط).
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: أنه مر برجل يصلي الضحى في مسجد الكوفة، فغمز
جنبه بالدرة وقال: (نحرت صلاة الأوابين نحرك الله)، فقال: فأتركها؟ قال: فقال: (أرأيت
الذي ينهى عبدا إذا صلى) (العلق: 10).
أنظر: وسائل الشيعة 3: 74 باب 31 من أبواب أعلاد الفرائض ونوافلها.
(3) أنظر: المجموع 4: 35، الأم 1: 149، مختصر المزني: 19 - 20.
(4) أنظر وسائل الشيعة 4: 1070 وما بعدها من أبواب سجدتي الشكر
27

وأجمعت العامة على إنكار السنة فيه وإن كان فيهم من يروي سجدة
الشكر وحدها دون التعفير الذي ذكرناه (1)، وفيهم من لا يعزم على تبديع
المعفر لشكه في صوابه، وتوقفه في الحكم عليه بضد الصواب.
القول في عدد من تجب بحضورهم المصر
صلاة الجمعة والعيدين. على الاجتماع
واتفقت الإمامية على أن أقل من يجب بحضوره المصر الاجتماع
لصلاة الجمعة خمسة نفر من الرجال الأحرار المسلمين، الذين ليسوا
مسافرين ولا مرضى ولا عاجزين، وأقل من يجب بحضوره المصر صلاة
العيدين سبعة نفر ممن ذكرناه. (2)
وأجمعت العامة على خلاف هذا التحديد وإن كانوا في العدد والحد
مختلفين. (3)

(1) منهم الشافعي، والليث بن سعيد، وأحمد.
وقد حكاه ابن المنذر عن علي عليه السلام، وأبي بكر، وكعب بن مالك، وإسحاق،
وأبي ثور، وهو مذهب داود. وقال ابن المنذر: وبه أقول.
وقال أبو حنيفة: يكره.
وعن مالك روايتان، أشهرهما الكراهة.
وحكى ابن المنذر عن النخعي القول بالكراهة.
أنظر: الأم 1: 134، المجموع 4: 68، المغني لابن قدامة 1: 690، نيل الأوطار 3: 129.
(2) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 53، والشيخ الطوسي في
الخلاف 1: 598، والعلامة في التذكرة 1: 146.
(3) قال الحسن بن حي: تنعقد باثنين.
وقال الليث وأبو يوسف: تنعقد بثلاثة. لأنه أقل الجمع.
وقال الثوري وأبو حنيفة: تنعقد بأربعة.
وقال ربيعة: تنعقد باثني عشر نفسا، ولا تنعقد بأقل منهم.
وقال الشافعي وأحمد وإسحاق: لا تنعقد بأقل من أربعين.
أنظر: الأم 1: 190، المجموع 4: 502 - 504، بداية المجتهد 1: 157، المبسوط للسرخسي
2: 24 - 25، الهداية 1: 83.
28

القول في من لا يصلح للإمامة في الجمعة والعيدين
من الأحرار البالغين من المسلمين وإن كانوا على ظاهر
العفاف والستر الجميل
واتفقت الإمامية على أنه لا يصلح للإمامة في الجمعة والعيدين
أبرص، ولا مجذوم، ولا مفلوج، ولا محدود وإن صلح للإمامة في غير ما
عددنا من الصلاة (1)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وزعموا أن يقدم جميع ما ذكرناه
في هذين الموطنين إذا كانوا يحسنون للإمامة من غير محظور، وتعلقوا في
ذلك بالرأي، ولم يلجأوا فيه إلى أثر مذكور. (2)
القول في صلاة الكسوف
واتفقت الإمامية على أن صلاة الكسوف ركعتان، في كل ركعة منها

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 50، الشيخ الطوسي في
الخلاف 1: 561.
(2) أنظر: بداية المجتهد 1: 147، المجموع 4: 250.
29

خمسة ركوعات. (1)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك وإن اختلفوا في عدد الركوع في
كل ركعة من هذه الصلاة. (2)
واتفقت الإمامية على أن من ترك صلاة الكسوف متعمدا قضاها من
بعد، وعليه من جهة السنة غسل إن كان احترق القرص كله، يستعمله قبل
القضاء، ليكون كفارة لترك الصلاة فيما مضى. (3)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وأنكروا السنة في الغسل لذلك
كما وصفناه. (4)
القول في الصلاة على الأموات
واتفقت الإمامية على أن التكبير (5) في الصلاة على موتى المؤمنين
خمس تكبيرات، من نقص منها شيئا خالف بذلك السنة، وأبدع في شرع

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 58، والشيخ الطوسي في
الخلاف 1: 679، والعلامة في التذكرة 1: 163.
(2) قال أبو حنيفة والنخعي والثوري: إنها ركعتان على هيئة الصلاة المعروفة.
وقال مالك وأحمد وإسحاق والليث والشافعي: إنها أربع ركعات في أربع سجدات.
أنظر: المجموع 5: 45 - 46، المبسوط للسرخسي 2: 74، بداية المجتهد 1: 211، الهداية 1: 88.
(3) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 58، والشيخ الطوسي في
الخلاف 1: 678، والعلامة في التذكرة 1: 164.
(4) أنظر: الأم 1: 244، المغني لابن قدامة 2: 280.
(5) التكبير: لم ترد في نسخة (أ).
30

الإسلام. (1)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وزعموا على أن من كبر أربعا فلم
يخط السنة، ولا أتى بدعة (2) وإن كان كثير منهم يجيز تكبير الخمس على
الموتى، ويقر بأن من فعله كان موافقا لسنة من سنن رسول الله صلى الله
وآله وسلم (3)
واتفقت الإمامية على أن الخروج من الصلاة على الموتى بغير تسليم،
إلا أن يحتاج الإمام إليه لإيذان المؤتمين به، أو التقية، أو الاضطرار. (4)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وزعموا أن التسليم في هذه
الصلاة سنة وإن كانوا مختلفين في عدد السلام والجهر به والاخفات. (5)
واتفقت الإمامية على أن من السنة وقوف الإمام في صلاة الجنائز

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 59، والشيخ الطوسي في
الخلاف 1: 724، 729، والعلامة في التذكرة 1: 50.
(2) الأم 1: 270 - 271 و 283، مختصر المزني: 38، المجموع 5: 231، بداية المجتهد 1: 234،
اللباب 1: 133.
(3) منهم ابن أبي ليلى، وحذيفة بن اليمان، وزيد بن أرقم.
أنظر: المجموع 5: 231، بداية المجتهد 1: 234.
(4) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 59، والشيخ الطوسي في
الخلاف 1: 724.
(5) قال أبو حنيفة وأصحابه: يسلم الإمام عن يمينه وعن يساره.
وقال مالك: يسلم الإمام واحدة ويسمع من يليه، ويسلم من وراءه تسليمة واحدة في
أنفسهم.
وقال الثوري: يسلم الإمام عن يمينه تسليمة خفيفة.
وقال ابن حي: يسلم الإمام عن يمينه وعن شماله تسليما خفيفا ولا يجهر به.
وقال الشافعي مثل قول ابن حي.
أنظر: الأم 1: 270، مختصر المزني: 38، الهداية 1: 92، المبسوط للسرخسي 2: 64، بداية
المجتهد 1: 236، المجموع 5: 239، كفاية الأخبار 1: 103، اللباب 1: 133.
31

مكانه حتى ترفع الجنازة على أيدي الرجال (1).
وأجمعت العامة على نفي ما أثبتوه من السنة في هذا المكان. (2)
باب الزكاة
ما اتفقت الإمامية عليه مما أجمعت العامة على خلافه
في جميع أبواب الزكاة
مجموع ما اتفقت الإمامية عليه في هذه الأبواب، مما للعامة خلاف لهم
عليه أو وفاق خمسة أشياء:
منها: قول الإمامية إن التبر والفضة قبل سبكهما وضربهما دراهم
ودنانير لا زكاة فيهما على الإيجاب. (3)
ومنهما: قولهم إن السبائك من الذهب والفضة والنقار (4) منهما

(1) نفل إجماع الإمامية على ذلك العلامة في التذكرة 1: 49.
(2) أنظر: المجموع 5: 239، بداية المجتهد 1: 240.
(3) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 80، وقال: وباقي الفقهاء
يخالفون في ذلك، ويوجبون الزكاة في جميع الأحوال، إلا الشافعي فإنه لا يوجب الزكاة في
الحلي والحلل المباح على أظهر قوليه والحلل المباح على أظهر قوليه.
(4) النقرة في السبيكة. الصحاح 2: 835 (نقر).
32

جميعا ما لم يحتل بذلك فيهما لإسقاط الزكاة لا زكاة فيهما كقولهم في
المسألة الأولى سواء. (1)
ومنها قولهم إن أقل ما يخرج إلى الفقير من مفروض الزكاة درهم على
التمام. (2)
[بياض بمقدار ثلث صفحة] (3)
والأحكام، فبين العامة فيه اختلاف، وقد ذهب بعض الإمامية من
هذه الأبواب إلى ما رغب عنه جمهورهم، وكان من العامة مع هذه الجمهور
على الرغبة عنه الاطباق.
وكذلك وجدت القول في أبواب الإعتكاف، وأحكام المسافرين في
الصوم والافطار والتقصير في الصلاة والتمام وحدود المسافات والطاعة
في السفر والإباحة والعصيان، فلم أتعرض لتفصيل هذه الجمل، إذ الغرض
في هذا الكتاب سواه على ما رسمناه.

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 83، والشيخ الطوسي في
الخلاف 2: 77، والعلامة في التذكرة 1: 215.
(2) قال السيد المرتضى في الانتصار: 82: ومما انفردت به الإمامية القول بأنه لا يعطى الفقير
الواحد من الزكاة المفروضة أقل من خمسة دراهم، وروي أن الأقل درهم واحد، وباقي
الفقهاء يخالفون في ذلك ويجيرون إعطاء القليل والكثير من غير تحديد، وحجتنا على ما
ذهبنا إليه إجماع الطائفة.
(3) هكذا في الطبعة السابقة والنسخة الخطية (ف)، وفي النسخة (أ): بياض بمقدار أربع
صفحات.
33

باب أحكام الحج
لم يجمع العامة في هذا الباب على خلاف ما اتفقت الإمامية عليه إلا
في مسألة واحدة، وهي قول الإمامية: إن من فاتته عرفات وأدرك المشعر
الحرام يوم النحر أم قبل الشمس فقد أدرك الحج. (1)
والعامة بأسرها على خلاف ذلك. (2)
فأما ما سواه من أحكام الحج، فليس للإمامية على الإطباق فيه قول إلا
وكافة العامة توافقهم عليه أو بعضهم حسب ما قدمناه.
ولم أرد بالعامة فيما سلف، ولا أعني فيما يستقبل الحنبليين دون
الشافعيين، ولا العراقيين دون المالكيين، ولا متأخرا دون متقدم، ولا تابعيا
دون من نسب إلى الصحبة. بل أريد بذلك كل من كانت له فتيا في أحكام
الشريعة، وأخذ عنه قوم من أهل الملة، ممن ليس له حظ في الإمامة من آل
محمد صلى الله عليه وآله وسلم أو كان معروفا بالأخذ عن آل محمد عليهم
السلام خاصة، فإذا لم يوجد الوفاق من جماعة من سميت أو واحد منهم،
فقد لحق المقال الخلل والعياذ بالله، وإن وجد من واحد منهم كائنا من كان
وقد سلم من الخطأ والحمد لله.
باب أحكام البيوع
وليس في أحكام البيوع اتفاق على شئ في خلافه إجماع من العامة

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 90، والشيخ الطوسي في
الخلاف 2: 342، والعلامة في التذكرة 1: 373.
(2) أنظر: المجموع 8: 102 - 103، بداية المجتهد 1: 347، كفاية الأخيار 1: 142 - 143.
34

فأذكره على التفصيل، وكل مسألة في هذا الباب اتفق أهل الإمامة عليها
على قول فيها أو اختلفوا، ففيها إجماع من العامة أو اختلاف.
باب أحكام الشفعة
وجميع ما ذهب إليه الإمامية في الشفعة وأحكامها، فالعامة معهم
فيه على الإجماع منهم أو الاختلاف، إلا مسألة واحدة، وهي قول الإمامية:
إنه إذا كان بين أكثر من اثنين بطلت الشفعة فيه، سواء كان محدودا بالقيمة
أم مشاعا.
ولم أجد من العامة أحدا يوافقهم على ذلك، ويجوز أن يكون مذهبا
لبعض التابعين إلا أنني لا أعرفه. (1)

(1) اختلف علماء الإسلام في بطلان الشفعة وعدمه إذا كان بين أكثر من اثنين على ثلاثة
أقوال:
الأول: البطلان، ذهب إليه أكثر علماء الإمامية، ففي كتاب - الخلاف: عندنا أن الشريك
إذا كان أكثر من واحد بطلت الشفعة، فلا يتصور الخلاف في أن الشفعة على قدر الرؤوس
أو على قدر الأنصباء. وفي كتاب التذكرة: فلو تعدد الشركاء وزادوا على اثنين فلا شفعة
عند أكثر علمائنا خلافا للعامة.
الثاني: عدم البطلان وأنها على قدر الرؤوس، ذهب إليه من الإمامية ابن الجنيد - على
ما حكاه عنه العلامة في المختلف - والصدوق في الفقيه.
ومن العامة: النخعي، والشعبي، والثوري، وأبو حنيفة وأصحابه، وهو أحد قولي
الشافعي، واختيار المزني.
الثالث: علم البطلان وأنها على قدر الأنصباء، ذهب إليه أبو حامد الأسفرايني،
وسعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعطاء، ومالك، وأحمد، وإسحاق، وهو القول
الآخر الشافعي.
أنظر: الخلاف 3: 435، المختلف: 403، التذكرة 1: 589، من لا يحضره. الفقيه 3: 46 ذيل
الحديث 162، المجموع 14: 326 - 345، مغني المحتاج 2: 305، موطأ مالك 2: 715، المدونة
الكبرى 5: 401، الوجيز 1: 219.
35

[من هنا سقطت بعض الأوراق عن النسخة المنقول عنها] (1)
من مهدي، ويزيد بن هارون، ومن تبعهم من أهل الآثار.
والثالثة: قولهم بإباحة نكاح المتعة، (2) وهو مذهب عبد الله بن مسعود،
وعبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله، وسلمة بن الأكوع، ويعلى بن
أمية، وصفوان بن أمية، ومعاوية بن أبي سفيان.
وقال به من التابعين: عطاء، وطاووس، وسعيد بن جبير، وجابر بن
يزيد، وعمر بن دينار. (3)

(1) هكذا في الطبعة السابقة والنسخ الخطية المعتمدة في التحقيق.
(2) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 109، والشيخ الطوسي في
الخلاف 2: 225.
(3) نقل ذلك كل من تعرض لنكاح المتعة من العامة كالشافعي في الأم 5: 79، والنووي في
المجموع 16: 249، والسرخسي في المبسوط 5: 152.
وقال ابن قدامة في المغني 7: 57: وحكي عن ابن عباس أنها جائزة في وعليه أكثر
أصحابه، وعطاء، وطاووس، وبه قال ابن جريح. وحكي ذلك عن سعيد الخدري،
وجابر. وذهب إليه الشيعة. لأنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أذن فيها.
وروى أن عمر قال: متعتان كانتا على عهد رسول الله عليه وآله وسلم أفأنهي عنهما
وأعاقب عليهما؟ متعة النساء و متعة الحج. ولأنه عقد منفعة، فيكون مؤقتا كالإجارة.
36

وقد ذكر ذلك على ما حكيناه أيضا أبو علي الحسن بن علي بن زيد
في كتابه المعروف ب‍ (كتاب الأقضية)، وكان إماما من أئمة العامة، فقيها
ثقة عندهم صدوقا.
وحكى أبو جعفر محمد بن حبيب في كتابه المعروف ب‍ (كتاب
المحبر) إنه كان يقول بالمتعة من الصحابة جماعة ممن سميناه، وزاد فيهم أنس
بن مالك، وزيد بن ثابت، وعمران بن حصين، قال: والصحيح علي بن أبي
طالب.
وحكى الساجي في كتابه (الاختلاف) عن أحمد بن حنبل أنه سئل
عن نكاح المتعة فقال: لا يعجبني، وهذا يدل علي أنه لم يكن عازما على
تحريمها البتة، وإنما كان يكرهها، لضرب من الرأي.
والرابعة: قولهم في جواز نكاح المرأة على عمتها وخالتها إذا أذنت
العمة والخالة في ذلك ورضيتا به، وهذا مذهب النظام، وقد حكي عن
جعفر القصي، والمحكمة كلهم على جوازه. هؤلاء من العامة وليسوا من
الخاصة على ما قدمناه. (1)
باب ما اتفقت الإمامية عليه مما أجمعت العامة على خلافه
في أحكام الطلاق
واتفقت الإمامية على أن الطلاق لا يقع على كل حال إلا بشهادة

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 116، والشيخ الطوسي في
الخلاف 2: 215، والعلامة في التذكرة 2: 638.
وقول العامة مذكور في الأم 5: 5، والمجموع 16: 223، والمغني لابن قدامة 7: 478.
37

مسلمين عدلين، فمن لم يشهده عدلان فالمتلفظ بطلاقها على ثبوت
النكاح. (1)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وأن الطلاق قد يقع وإن لم
يحضره الشاهدان.
واتفقت الإمامية على أن الطلاق لا يقع بغير لفظه وإن عبر به وعبر
عنه سائر الألفاظ العربية مما سواه. (2)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وزعموا أنه قد يقع بغير لفظه إذا
أريد بذلك لفظ الطلاق. (3)
واتفقت الإمامية على أن الطلاق لا يقع بالشروط على كل حال. (4)

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 127، والشيخ الطوسي في
الخلاف 3: 28.
(2) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى من الانتصار: 130، والشيخ الطوسي في
الخلاف 3: 30.
(3) قال أبو حنيفة: لفظ الطلاق الصريح ما تضمن الطلاق خاصة، والباقي كنايات يقع الطلاق
بها مع النية.
وقال الشافعي: صريح الطلاق ثلاثة ألفاظ: الطلاق، والفراق، والسراح. وباقي
الألفاظ كنايات لا يقع بها الطلاق إلا مع مقارنة النية لها، ويقع من ذلك ما ينويه.
وقال مالك: صريح الطلاق كثير: الطلاق، والفراق، والسراح، وخلية، وبرية و...
أنظر: المجموع 17: 96 - 100، مغني المحتاج 3: 280، الوجيز 2: 53 - 54، المغني لابن
قدامة 8: 264 - 272.
(4) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 127، والشيخ الطوسي في
الخلاف 3: 35.
38

وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وزعموا أنه واقع بالشروط على
اختلافها والوقت والزمان. (1)
واتفقت الإمامية على أن الطلاق لا يقع باليمين، مثل أن يقول بطلاق
زوجتي أن أفعل كذا لم يقع، ولا يكون يمينا على كل حال.
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وأن اليمين في الطلاق يمين في
التحقيق. وقد يقع بالحلف فيها الطلاق.
واتفقت الإمامية على أن الطلاق الثلاث لا يقع إلا بعد رجعتين من
المطلق يكون بين الثلاث وكذا لا يقع تطليقه ثانية إلا بعد رجعة بينهما وبين
الأولى، ومن لم يراجع بعد التطليق فلا طلاق له بعد الطلاق (2).
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وزعموا أن الطلاق الثلاث واقع
بغير رجعة بين التطليقات. (3)
باب الخلع والمباراة والنشوز والشقاق
والإيلاء والظهار والتخيير والتحليل واللعان
ليس للإمامية اتفاق على خلاف إجماع العامة في هذه الأبواب وما

(1) أنظر: المغني لابن قدامة 3: 320.
(2) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 134، والشيخ الطوسي في
الخلاف 3: 29.
(3) أنظر: المجموع 17: 130، الوجيز 2: 59، مغني المحتاج 3: 298، المغني لابن قدامة 8: 400،
المبسوط للسرخسي 6: 4.
39

فيها من الأحكام إلا في ثلاث مسائل:
إحداها: ما اجتمع عليه فقهاء الإمامية في الظهار، وأنه لا يقع إلا
بشروط الطلاق من الاستبراء للحاضرة المدخول بها إذا كانت ممن تحيض،
والشاهدين، والنية، ولفظ الظهار، وعدم وقوعه بالشروط والإيمان. (1)
والثانية: اتفاقهم على إبطال التخيير، وأنه لا يقع به فراق.
والثالثة: قولهم في التمليك وأنه باطل ظاهر الفساد وإن كانت
رواياتهم في هذه المواضع على الاختلاف، فإن إجماعهم على العمل فيها بما
وصفناه.
والعامة مجمعة على خلافهم في هذه المسائل كما ذكرناه. (2)
باب أحكام العدد والنفقات
جميع ما اتفقت الإمامية عليه في هذه الأبواب مما أجمعت العامة على
خلافهم فيه ثلاث مسائل:
إحداها: قولهم في عدة الحامل من الوفاة أبعد الأجلين. (3)
والثانية: وجوب الرجعة لمن طلق ثلاثا في وقت واحد، كما يجب لمن

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 141 - 142، والشيخ الطوسي
في الخلاف 3: 46.
(2) أنظر: الأم: 6: 277 المجموع 17: 340، الوجيز 2: 80، مغني المحتاج 3: 353، المغني لابن
قدامة 8: 555.
(3) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 149، والشيخ الطوسي في
الخلاف 3: 75.
40

طلق واحدة أو اثنين. (1)
والعامة بأجمعها على خلاف ما شرحناه في هذه المسائل
الثلاث. (2) (3)
باب أقل الحمل وأكثره
أقل الحمل لما يخرج حيا مستهلا، فهو عند الإمامية وجمهور العامة
واحد، وهو ستة أشهر. (4)
وأما أكثره فهو عندهم سنة واحدة. (5)
والعامة بأجمعهم على خلافه في حد الأكثر: فمنهم من يقول: أكثره
سنتان، ومنهم من يقول: ثلاث، ومنهم من يقول: أربع، ومنهم من يقول:
سبع سنين. وروى أصحاب الحديث منهم: إن هرم بن حيان ولدته أمه لثمان
سنين وتد ثغر. (6)

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 134.
(2) ذكر مسألتين وليس ثلاث مسائل.
(3) أنظر: الأم 6: 223 و 5: 249، الوجيز 2: 99، مغني المحتاج 3: 388.
(4) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 154، والشيخ الطوسي في
الخلاف 3: 80.
(5) قال الشيخ الطوسي في الخلاف 3: 80، وأكثره عندنا تسعة أشهر، وقد روي في بعض
الأخبار سنة.
(6) قال أبو حنيفة والثوري والبستي: أكثره سنتان، وقيل إن أبا حنيفة حملت به أمه ثلاث
سنين.
وقال: الشافعي، ومالك في أحد أقواله: أكثره أربع سنين. وحكي عن مالك أنه قال:
جارتنا امرأة محمد بن عجلان امرأة صدق وزوجها رجل صدق حملت ثلاثة أبطن في
اثني عشرة سنة، تحمل كل بطن أربع سنين.
وقال مالك في أحد أقواله: أكثره خمس سنين.
وقال الزهري، والليث، وربيعة، ومالك في أحد أقواله: أكثره سبع سنين.
أنظر: الأم 5: 212، الوجيز 2: 95 - 96، المغني لابن قدامة 3: 390.
41

القول في أحكام أمهات الأولاد
وهذا باب لم ينفرد الإمامية فيه بشئ أجمعت العامة على خلافه،
بل قد ذهب إلى مقال الإمامية فيه جماعة من متقدمي العامة ومتأخريهم،
فلا حاجة لنا إلى تفصيل ما فيه، إذ الغرض غيره على ما قدمناه.
باب العتق والتدبير والمكاتبة
ليس للإمامية اتفاق في هذه الثلاثة الأبواب على خلاف إجماع العامة
فيها إلا على مسألة واحدة، وهي أن العتق لا يقع بالشروط ولا بالإيمان، وأنه
لا يكون إلا لوجه الله عز وجل. (1)
والعامة مجمعة على وقوعه بشرط ويمين، وعلى جميع الصفات. (2)

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 169، والشيخ الطوسي في
الخلاف 3: 266.
(2) أنظر: مغني المحتاج 4: 492.
42

باب القضاء والشهادات والدعاوى والبينات
في هذا الباب مسائل كثيرة، ولم أجد للإمامية فيها وفاقا على خلاف
إجماع العامة إلا مسألتين: إحداهما في القضاء، والأخرى في الشهادات.
فأما التي في القضاء فهي قولهم: إنه إذا ابتدر الخصمان بالدعوى
فوجب للحاكم أن يبدأ بالذي على يمين خصمه، ويجري الآخر مجرى
الصامت أو المسبوق بالدعوى، ثم ينظر في دعوى الآخر. (1)
ولم أر لأحد من العامة وفاقا للإمامية في هذا. (2)
وأما التي في الشهادات فهي قولهم: إن شهادة الابن لأبيه جائزة إذا
كان عدلا، وشهادته عليه غير جائزة على جميع الأحوال. (3)

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 243، والشيخ الطوسي في
الخلاف 3: 233.
(2) قال أبو حامد الغزالي في الوجيز 2: 242، ومحمد الشربيني في مغني المحتاج 4: 401: إذا
ازدحم الخصوم قدم الأسبق، فإن جهل أو جاءوا معا أقرع.
(3) نقل إجماع الإمامية على ذلك الشيخ الطوسي في الخلاف 3: 248، والسيد المرتضى في
الانتصار: 244 حيث قال: ومما انفردت به الإمامية في هذه الأعصار - وإن روى لهما وفاق
قديم - القول بجواز شهادات ذوي الأرحام والقرابات بعضهم ببعض إذا كانوا عدولا من
غير استثناء لأحد إلا ما يذهب إليه بعض أصحابنا معتمدا على خبر يرويه من أنه لا يجوز
شهادة الولد على الوالد وإن جازت شهادته له، ويجوز شهادة الوالد لولده وعليه. وقد
رويت موافقة الإمامية في ذلك عن عمر بن الخطاب، وشريح، والزهري، وعمر بن
عبد العزيز، والحسن البصري، والشعبي، وأبو ثور.
43

ولم أر لأحد من العامة متابعة لهم في هذه التفرقة بين أحكام الشهادة
فيما ذكرناه. (1)
باب النذر والإيمان والكفارات
اتفقت الإمامية على أن من نذر لوجه الله تعالى شيئا من القربات فلم
يفعله باختيار، أن عليه كفارة، فإن كان صياما في يوم بعينه فأفطر من غير
سهو ولا اضطرا، كان عليه ما يجب على المفطر يوما من شهر رمضان على
الاختيار، وإن كان من غير الصيام فأخلفه، فعليه ما يجب من الكفارة
للأيمان. (2)
والعامة مجمعة على خلاف ما وصفناه. (3)
واتفقوا على أنه لا يمين إلا بالله عز وجل وتعليقها باسم من أسمائه.
والعامة مجمعة على أنه قد يكون اليمين بغير أسماء الله تعالى. (4)
واتفقوا على أن من حلف بالله تعالى في فعل شئ أو تركه، وكان
خلاف ما حلف عليه أولى في الدين، ففعل الأولى، لم يكن عليه كفارة،
فلذلك إن كان أصلح له في الدنيا وأدر عليه وأنفع، لم يكن عليه كفارة

(1) أنظر: الأم 7: 46، الوجيز 2: 250، مغني المحتاج 4: 434.
(2) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 162، والشيخ الطوسي في
الخلاف 3: 226.
(3) أنظر: الوجيز 2: 234.
(4) أنظر: الأم 7: 61، الوجيز 2: 224، مغني المحتاج 4: 320.
44

كالأولى سواء (1).
والعامة مجمعة على خلاف ذلك، وإيجاب الكفارة فيما أسقطته
الإمامية مما عددناه. (2)
واتفقت الإمامية على أن من عاهد الله تعالى عند المقام أن لا يقرب
محظورا ثم قربه، فإن عليه ما على قال الخطأ من الكفارة وهو عتق رقبة، أو
الاطعام، أو الصيام.
ولم أجد أحدا من العامة يوافقهم في هذا الحكم، ولا قرأت لهم
جوابا فيه على البيان.
باب الصيد والذبائح
وهذا من الأبواب التي ليس للإمامية فيه اتفاق على خلاف إجماع
العامة، وقولهم في جميعه لا يخرج عن أقاويل أهل الخلاف.
باب الأطعمة والأشربة
اتفقت الإمامية على أن الطحال من الشاة وغيرها حرام. (3)
وأجمعت العامة على أنه حلال.

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 156، والشيخ الطوسي في
الخلاف 3: 205.
(2) أنظر: الأم 7: 61، الوجيز 2: 225.
(3) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 197، والشيخ الطوسي في
الخلاف 3: 192.
45

واتفقوا على أن الجري من السموك والزمار والمار ما هي، وكل ما ليس
فلس له حرام. (1)
وأجمعت العامة على أن ذلك كله حلال.
واتفقوا على أن ما لا قانصة له من الطير حرام.
وأجمعت العامة على أن ذلك ليس بعبرة في الحرام.
واتفقوا على أن ما صف من الطير ولم يدف، أو كان صفيفه أكثر من
دفيفه، فهو حرام.
وأجمعت العامة على بطلان هذه العبرة.
واتفقوا على أن الفقاع خمر محرم، ولم يحصل بينهم في ذلك
اختلاف. (2)
وأجمعت العامة على أن ذلك حلال، وأنه يجري مجرى سائر
المحللات. (3)
باب الحدود والآداب
اتفقت الإمامية على أن السارق يجب قطعه من أصول الأصابع، وتبقى
له الراحة والإبهام. (4)

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 186، والشيخ الطوسي في
الخلاف 3: 192.
(2) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 197.
(3) أنظر: الأم 6: 185.
(4) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 262، والشيخ الطوسي في
الخلاف 3: 164.
46

وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وزعم جمهورهم أن يقطع من
الرسغ (1) خاصة، وقال الخوارج: يقطع من المرفق، وقال بعضهم: من أصل
الكتف. (2)
واتفقت الإمامية على أنه إن عاد إلى السرقة ثانيا قطع من أصل
الساق، وبقي له العقب ليعتمد عليه في القيام للصلاة. (3)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وأن يقطع القدم بأسره، وواجب
قطعه على اختلافهم في ذلك. (4)
واتفقت الإمامية على أن الحر البكر. إذا زنا فجلد، ثم عاد ثانية فجلد،
ثم عاد ثالثة فجلد، فإن عاد إلى الرابعة قتله السلطان، والعبد يقتل في
الثامنة على ما رتبناه. (5)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك في الموضعين معا، ولم يجيزوا
شيئا مما ذكرناه. (6)

(1) الرسغ: المفصل ما بين الساعد والكف، والساق والقدم. مجمع البحرين 5: 9 (رسغ).
(2) أنظر: الوجيز 2: 178، الأم 6: 150، مغني المحتاج 4: 178.
(3) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 262.
(4) أنظر: الوجيز 2: 178، مغني المحتاج 4: 178.
(5) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 256، والشيخ الطوسي في
الخلاف 3: 158.
(6) أنظر: مغني المحتاج،: 149.
47

واتفقت الإمامية على أن شارب الخمر يقتل في الثالثة. (1)
وأجمعت العامة على خلافهم في ذلك، وإنكار وجوب قتله بما
وصفناه. (2)
باب القتل وضروبه والقسامة والقصاص والديات
اتفقت الإمامية على أن من ضرب امرأة فألقت نطفة كان عليه ديتها
عشرين دينارا، فإن ألقت علقة فأربعون دينارا، فإن ألقت مضغة فستون دينارا،
فإن ألقت عظما مكسيا لحما فثمانون دينارا، فإن ألقت ميتا لم يلجه الروح
فمائة دينار. (3)
وأجمعت العامة على خلاف ما ذكرناه من هذا الترتيب الذي
وصفناه.
واتفقت الإمامية على أن من أفزع رجلا فعزل عن عرسه فعليه عشر
دية الجنين، والعامة على خلاف ذلك.
واتفقوا في قتل الاثنين بواحد وما زاد على الاثنين، أن أولياء الدم
مخيرون بين ثلاث: إما أن يقتلوا القاتلين ويؤدوا فضل ما بين دياتهم ودية

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 257 وقال: وخالف باقي
الفقهاء في ذلك.
(2) أنظر: الأم 6: 144.
(3) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 264 وقال: وباقي الفقهاء
يخالفون في ذلك.
48

المقتول، أو يتخيروا واحدا منهم فيقتلوه ويؤدي الباقون بحسب رؤوسهم إلى
أولياء المفاد منهم خاصة، أو يقبلوا الدية فتكون سهاما متساوية على عدد
القاتلين. (1)
والعامة مجمعة على خلاف ذلك. (2)
واتفقوا في ثلاثة قتل أحدهم، وأمسك الآخر، وكان الثالث عينا لهم
حتى فرغوا، أن يقتل القاتل، ويحبس الممسك أبدا حتى يموت، وتسمل
عي الناظر لهم، والعامة على خلاف ذلك. (3)
واتفقوا على أن من قطع رأس ميت فعليه مائة دينار، ويغرمها لبيت
المال، وأجمعت العامة على خلاف ذلك. (4)

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 270 وقال: وخالف باقي
الفقهاء في ذلك.
(2) ذهب معاذ بن جبلة، وابن الزبير، وداود إلى أن الجماعة لا تقتل بواحد، وأن الاثنين
لا يقتلان بواحد.
وذهب أبو حنيفة وأصحابه والشافعي إلى أن الجماعة إذا اشتركت في القتل قتلت
بالواحد، إلا أنهم لم يذهبوا إلى ما ذهبت إليه الإمامية من تحمل دية من زاد على الواحد
ودفعها إلى أولياء المقتولين.
أنظر: مغني المحتاج 4: 20.
(3) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 270 وقال: وقد روي عن
ربيعة الرأي: أنه يقتل القاتل ويحبس الممسك حتى يموت، وهذه موافقة للإمامية، وخالف
باقي الفقهاء في ذلك.
(4) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 272، وقال: وخالف باقي
الفقهاء في ذلك.
49

واتفقوا على أن الرجل إذا قتل المرأة، كان أولياء دمها مخيرين بين قتله
ورد نصف الدية على ورثته، وبين الدية وهي خمسمائة دينار. (1)
واتفقوا على أن من كان معتادا بقتل أهل الذمة، فللسلطان أن يقتله بمن
قتل منهم إذا اختار ذلك ولي الدم، ويلزم أولياء الذمي فضل ما بين دية
المسلم والذمي. (2)
واتفقوا في من وجد مقتولا فجاء رجلان فقال أحدهما: أنا قتلته
عمدا، وقال الآخر: بل أنا قتلته خطأ، أن أولياء المقتول مخيرون بين الأخذ
للمقر بالعمد أو الخطأ وليس لهم أن يقتلوهما معا، ولا أن يلزموهما الدية
جميعا، (3) ولا أجد أحدا من العامة على مطابقتهم في ذلك.
واتفقوا على أنه لو وجد مقتول، فجاء رجل فاعترف بقتله عمدا، ثم
جاء آخر فتحقق لقتله ودفع الأول عن اعترافه، فصدقه من دفعه ولم يقم
بينة على أحدهما، أنه يدرأ عنهما القتل والدية، ودية المقتول من
بيت المال. (4)

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 270، وقال: وخالف باقي
الفقهاء في ذلك.
(2) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 272، وقال: وخالف باقي
الفقهاء في ذلك.
(3) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 272، وقال: وخالف باقي
الفقهاء في ذلك.
(4) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 272.
50

ولم أجد للعامة في هذه المسألة قولا على التفصيل فأحكيه، غير أنني
أعلم أن أصولهم على خلافه.
وللإمامية بعد هذا مسائل من دية الأعضاء والجوارح والأسنان
والعظام، وفي القصاص والقسامة والأيمان، لا يوافقهم أحد من العامة
عليها، أضربت عن ذكرها على التفصيل، مخافة أن ينشر الكلام ويطول
بذلك الكتاب.
واتفق فقهاء الإمامية على العمل في ديات أهل الكتاب والمجوس
بثمانمائة درهم لكل ذكر حر منهم، وأربعمائة لكل حر أنثى منهم وإن
كانت رواياتهم في ذلك على الاختلاف.
والعامة بأجمعها تخالفهم في هذا. الباب، وليس بينهم وبين أحد
منهم وفاق في شئ منه، إلا في المجوس خاصة، وأن للعامة في ذلك
اختلافا أو وفاقا للإمامية وخلافا.
واتفقت الإمامية على أن دية ولد الزنا ثمانمائة درهم كدية المجوس،
ومن ذكرناه على خلافهم في ذلك، وإنكار قولهم هذا الذي حكيناه. (1)
باب الفرائض والمواريث
قول الإمامية في هذا الباب بعيد من أقاويل العامة فيه، وبينهم في
الاتفاق والاختلاف في أحكامه كثير، وأنا مثبت في أصوله ما يعرف به
الناظر فرق ما بين الفريقين في جملته، ومفصل بعد ذلك أبوابا منه على

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 273.
51

سبيل الاختصار، ليصح به الوجه فيه لذوي الاعتبار إن شاء الله تعالى.
باب ميراث الوالدين
اتفقت الإمامية على أنه لا يرث مع الوالدين أو أحدهما من خلق الله
أحد، إلا الولد والزوج والزوجة. (1)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وزعموا أن للأخوة والأخوات مع
الأم نصيبا في الميراث على حسب ما يقتضيه نصيبهم، وعلى اختلافهم في
الآراء. (2)
واتفقت الإمامية في من يموت ويخلف والديه وابنته، أن للابنة
النصف، وللأبوين السدسان، وما يبقى رد على الأبوين والابنة بحسب
سهامهم. (3)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وزعموا أن للبنت النصف، وللأم
السدس، وللأب ما يبقى وهو الثلث. (4)
واتفقت الإمامية في من يموت ويترك ابنتيه وأحد أبويه وابن ابن،
أن للابنتين الثلثين، والباقي من الأبوين السدس، وما يبقى فهو رد على
الابنتين والأب خاصة، وليس لابن الابن شئ. (5)

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 297.
(2) أنظر: مغني المحتاج 3: 15.
(3) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 297.
(4) أنظر: المغني لابن قدامة 7: 17.
(5) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 298.
52

وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وزعموا أن السدس الباقي في
هذه الفريضة لابن الابن.
واتفقت الإمامية على أنه لا تحجب الأم عن الثلث إلى السدس الأخوة
من أم خاصة، وإنما يحجبها الأخوة من الأب والأم، أو من الأب. (1)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وزعموا أن الأخوة من الأم
خاصة يحجبون الأم، كما يحجبها الأخوة من الأب والأم والأخوة من
الأب. (2)
باب ميراث الولد
واتفقت الإمامية على أنه لا يرث مع الولد الذكر والأنثى أحد من
خلق الله تعالى إلا الوالدان والزوج والزوجة. (3)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وجعلوا للأخوة وللأخوات
والعم والعمات وأولادهم سهاما مع الأولاد. (4)
واتفقت الإمامية على أن الولد الذكر الأكبر يفضل في الميراث على
من هو دونه في السن من الذكور بسيف أبيه وخاتمه ومصحفه إن خلف
ذلك، أو شيئا منه مع تركته ما سواه، وإن لم يخلف شيئا من ذلك لم يفضل

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 298، والشيخ الطوسي في
الخلاف 2: 151.
(2) أنظر: المغني لابن قدامة 7: 16.
(3) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 299.
(4) أنظر: مغني المحتاج 3: 13، والمغني لابن قدامة 7: 4.
53

على باقي الذكور من الأولاد. (1)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك وإن كان.
واتفقت الإمامية على أن ولد الصلب يحجب من هو أسفل منه، سواء
كان ولد الصلب ذكرا أو أنثى. (2)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وجعلوا لولد الولد نصيبا مع
الولد: (3)
فمن ذلك ما اجتمعوا عليه في من توفي وخلف ابنه وابن ابن، لابنه
النصف، ولابن الابن النصف الباقي.
وكذلك لو ترك ابنتين وابن ابن، أن للابنتين الثلثين، وما بقي وهو
الثلث لابن الابن.
وكذا لو ترك ابنته وابنة ابنه، أن لابنته النصف، ولبنت ابنه السدس
تكملة الثلثين. وهذا مما لم يختلفوا فيه. (4)
وإجماع الإمامية عن أئمة الهدى عليهم السلام بخلافه على ما
قدمناه (5)
وأما المسألة الأولى فهي قول مالك والشافعي والثوري وأبي حنيفة

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 299، والشيخ الطوسي في
الخلاف 2: 173.
(2) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 300.
(3) أنظر: مغني المحتاج 3: 18.
(4) أنظر: مغني المحتاج 3: 18، المغني لابن قدامة 7: 8.
(5) أنظر: مغني المحتاج 3: 18، المغني لابن قدامة 7: 8.
54

وأبي يوسف ومحمد، في بنات صلب وبنات ابن وابن ابن أسفل منهن،
وحده كان أو معه أخوات له، أن لبنات الصلب الثلثين، وما بقي فلابن
الابن يرد على من فوقه من عماته.
وكذلك إن كان معه أخواته كان ما بقي بينه وبين أخواته وعماته
للذكر مثل حظ الأنثيين. (1)
وهذا أيضا خلاف لما ذكرناه من اتفاق الرواية عن آل محمد عليهم
السلام.
ميراث الأزواج
واتفقت الإمامية في المرأة إذا توفيت وخلفت زوجا، لم تخلف وارثا
غيره من عصبته، ولا ذي رحم، أن المال كله للزوج النصف منه بالتسمية
والنصف الآخر مردود عليه بالسنة. (2)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وزعموا أن أمير المؤمنين عليه
السلام كان لا يرد على زوج ولا زوجة. (3)

(1) أنظر: مغني المحتاج 3: 19.
(2) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 300 وقال: وخالف باقي
الفقهاء في ذلك وذهبوا كلهم إلى أن النصف له والنصف الآخر لبيت المال، والشيخ
الطوسي في الخلاف 2: 173.
(3) قال السرخسي في المبسوط 29: 192: قال علي بن أبي طالب - عليه السلام: إذا فضل
المال عن حقوق أصحاب الفرائض وليس هناك عصبة من جهة النسب ولا من جهة
السبب، فإنه يرد ما بقي عليهم على قدر انصبائهم إلا الزوج والزوجة، وبه أخذ علماؤنا،
وقال عثمان بن عفان: يرد على الزوج والزوجة أيضا كما يرد على غيرهم من أصحاب
الفرائض، وهو قول جابر بن يزيد، ولم يرد على الزوج والزوجة عبد الله بن مسعود،
وكذلك قال به زيد بن ثابت، وهو رواية عن ابن عباس، وبه أخذ الشافعي.
وقال ابن قدامة في المغني 7: 47: روى ذلك عن عمر وعلي - علي عليه السلام - وابن
مسعود وابن عباس، وحكي ذلك عن الحسن وابن سيرين وشريح وعطاء ومجاهد و
الثوري وأبي حنيفة وأصحابه، وقال ابن سراقة: وعليه العمل اليوم في الأمصار.
55

واتفقت الإمامية على أن الزوجة لا ترث من الرباع شيئا، ولكن تعطى
بقيمة حقها من البناء والطوب والآلات. (1)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وزعموا أنها وارثة من جميع
التركة على العموم.
باب ميراث الإخوة والأخوات
واتفقت الإمامية على أنه لا ميراث للأخوة والأخوات من الأب إذا
حضر أخوة من أب وأم، وأن واحدهم يجري واحد من ذكرناه مجرى
جماعتهم. (2)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، ورأوا توريث الأخوة والأخوات
من الأب مع الأخوة والأخوات من الأب والأم في مواضع وأحوال:

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 301، والشيخ الطوسي في
الخلاف 2: 173.
(2) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 301.
56

فمن ذلك إجماعهم في من توفي وخلف أختا لأب وأم وأختا لأب،
أن للأخت للأب والأم النصف، وأن للأخت من الأب - واحدة كانت أو
اثنين فصاعدا - السدس تكملة الثلثين. (1) وهذا خلاف الإنفاق عن آل
محمد (صلى الله عليه وآله) (2)
ومن ذلك إجماعهم سوا ابن مسعود في أختين لأب وأم وأخوة
وأخوات لأب، أن للأختين الثلثين وما بقي بين الأخوة والأخوات للأب،
وقال ابن مسعود: للأختين من الأب والأم الثلثان، وما بقي فللإخوة من
الأب دون أخواتهم. (3)
وهذا أيضا خلاف المتفق عليه عن أئمة الهدى من آل محمد عليهم
السلام. (4) والعامة لقصورها عن العلم تروي ما حكيناه عنهم من القولين في
المسألتين جميعا عن أمير المؤمنين عليه السلام والأئمة من ذريته، مجمعة
عنه بخلافه على ما ذكرناه. (5)

(1) أنظر: مغني المحتاج 3: 11 - 17.
(2) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 277، والشيخ الطوسي في
الخلاف 2: 157.
(3) أنظر: المبسوط للسرخسي 29: 151، مغني المحتاج 3: 17، المغني لابن قدامة 7: 20.
(4) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 279.
(5) أنظر: المبسوط للسرخسي 29: 151، مغني المحتاج 3: 17، المغني لابن قدامة 7: 49.
57

باب ميراث العصبة (1) ذوي الأرحام
واتفقت الإمامية على توريث النساء والرجال بالنسب، وبطلان مقال
من ورث الرجال دون النساء.
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، فمنه قول العامة في ابن أخ لأب
وأم وابنة أخ أن الميراث لابن الأخ دون أخته. (2) والاتفاق عن آل محمد
صلى الله عليه. وآله وسلم بخلاف ذلك، وأن المال بينهما للذكر مثل حظ
الأنثيين.
ومنه أيضا قول العامة في عمات وأعمام أن المال للأعمام دون
العمات (3)، والرواية متفقة عن آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن المال
بين الجميع للذكر مثل حظ الأنثيين.
وكذلك أيضا قول العامة في بني العم وبناته وبني العمة وبناتها
وأن الميراث للرجال من هؤلاء دون النساء، (4) والرواية متفقة عن أئمة الهدى
من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم بخلاف ذلك والقول فيه على ما

(1) عصبة الرجل: بنوه وقرابته لأبيه، وإنما سموا عصبة. لأنهم عصبوا به، أي أحاطوا به،
فالأب طرف، والابن طرف، والعم جانب، والأخ جانب. الصحاح 1: 182 (عصب).
والعصبة: ورثة الرجل عن كلالة من غير ولد ولا والد، فأما في الفرائض فكل من لم يكن له
فريضة مسماة فهو عصبة يأخذ ما بقي من الفرائض، ومنه اشتقت العصبية. العين 1: 309.
(2) أنظر: المبسوط للسرخسي 29: 161.
(3) أنظر: المبسوط للسرخسي 29: 162.
(4) أنظر: المبسوط للسرخسي 29: 162.
58

شرحناه ومذهب العامة في هذا الباب خلاف مذهب أهل الإسلام، وبه
جاءت الشريعة، ونزل القرآن، قال الله تعالى: (للرجال نصيب مما ترك
الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل
منه أو كثر نصيبا مفروضا). (1)
فعم النساء والرجال في فرض الميراث بالاستحقاق، ولم يخص
الرجال دون النساء.
واتفقت الإمامية على ابن عم وابن بنت، أن المال لابن البنت
خاصة؟ لأنه ولد، وليس لابن العم معه شئ.
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وزعموا أن المال كله لابن العم
وإن سفل، وليس لابن البنت فيه نصيب.
باب ميراث الأجداد والجدات
لم أجد فيما اتفقت الإمامية عليه في هذا الباب إجماعا من العامة
على خلافه إلا في مسألة واحدة، وهو قول الإمامية: إن ابن الأخ مع الجد
يقوم مقام الأخ، (2) وأن العامة بأجمعها رووا ذلك عن أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب عليه السلام وخرجوه من مذهبه، وأجمعوا مع ذلك على خلافه
فيه. (3)

(1) النساء: 7.
(2) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 302.
(3) أنظر: المبسوط للسرخسي 29: 168، مغني المحتاج 3: 21، المغني لابن قدامة 7: 69.
59

باب ميراث ابن الملاعنة
واتفقت الإمامية على أن ميراث ابن الملاعنة لأمه أو من يقرب إليه
من جهة أمه خاصة، وأنه لا ميراث لملاعن أبيه ولا لأحد ممن يتقرب به،
ولو رجع الأب إلى الاعتراف به وأكذب نفسه في نفيه عنه، لما كان بينه
وبينه موارثة، وكان الابن يرثه خاصة ولا يرثه الأب على كل حال. (1)
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، وزعموا أنه إن رجع الأب إلى
ادعائه وأنكر نفيه وأكذب نفسه، رد إليه وتوارثا جميعا. (2)
باب ميراث المطلقة من المرض
واتفقت الإمامية على أن المطلقة من المرض ترث المطلق لها إذا مات
في مرضه ذلك، ما بين طلاقها وبين سنة واحدة ما لم تتزوج. (3)
ولم أر أحدا من العامة يوافقهم على هذا التحديد. (4)

(1) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 302.
(2) قال السرخسي في المبسوط 29: 198: كان علي - عليه السلام - وزيد بن ثابت يقولان:
ولد الملاعنة بمنزلة من لا قرابة له من قبيل أبيه وله قرابة من قبل أمه، وهو قول الزهري
وسليمان بن يسار، وبه أخذ علماؤنا والشافعي، وكان ابن مسعود وابن عمر يقولان:
عصبة ولد الملاعنة عصبة ولد أمه، وبه أخذ طاء ومجاهد والشعبي والنخعي.
أنظر: مغني المحتاج 3: 22، المغني لابن قدامة 7: 122.
(3) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 305.
(4) أنظر: المبسوط للسرخسي 30: 60، المغني لابن قدامة 7: 223.
60

باب ميراث الحميل واللقيط
لم أجد في الإمامية في هذا الباب اتفاقا على خلاف ما أجمعت
العامة عليه منه، بل وجدت جمهور العامة على وفاقهم عليه.
باب ميراث قاتل العمد والخطأ والمرتد،
ومن أسلم على ميراث قبل أن يقسم، والإقرار بوارث
وهذا الباب أيضا ليس فيه للإمامية اتفاق على خلاف إجماع العامة
فيه، وليس للإمامية اختلاف فيه، بل قولهم ورواياتهم متفقة على الأحكام
في جميعه من العامة من يخالفهم كخلاف بعضهم بعضا.
باب ميراث الولاء، والرجل يسلم على يد الرجل،
وميراث المعتق في واجب، والسائبة، والحجب لمن لا يرث
وهذا الباب في الإنفاق والاختلاف بي العامة والخاصة كالذي
قبله، وليس فيه اتفاق من الإمامية على خلاف إجماع العامة فيه.
باب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم،
وجميع ما لا يعرف بقدم موته على صاحبه
وهذا الباب أيضا مما لا وفاق فيه للخاصة على خلاف إجماع العامة،
ومذهب الإمامية فيه توريث بعضهم من بعض. (1)

(1) نقل إجماع الإمامية واتفاقهم على ذلك الشيخ الطوسي في الخلاف 2: 149.
61

وقد روت العامة ذلك عن أمير المؤمنين عليه السلام وعمر بن
الخطاب. (1)
باب ميراث الخنثى، ومن لا فرج له
ومن يشكل أمره بواحد أو اثنين
واتفقت الإمامية في توريث الخنثى على اعتبار. بالمبال، فإن كان
خروج البول مما يكون للرجل خاصة ورث ميراث الذكور، وإن كان خروجه
مما يكون للنساء حسب ورث ميراث الإناث، وإن بال منهما جميعا نظر إلى
الأغلب منهما بالكثرة فورث عليه، فإن تساوى ما يخرج من الموضعين اعتبر
باتفاق الأضلاع واختلافها، فإن اتفقت ورث ميراث الإناث، وإن اختلفت
ورث ميراث الرجال. (2)

(1) قال السرخسي في المبسوط 30: 27: اتفق أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وزيد بن
ثابت في الغرقى والحرقى إذا لم يعلم أيهم مات أولا، أنه لا يرث بعضهم من بعض، وإنما
يجعل ميراث كل واحد منهم لورثته الأحياء. وبه قضى زيد في قتلى اليمامة حين بعثه
أبو بكر لقسمة ميراثهم، وبه قضى زيد في الذين هلكوا في طاعون عمواس حين بعثه عمر
لقسمة ميراثهم، وبه قضى زيد في قتلى الحرة وهكذا نقل عن علي - عليه السلام - أنه
قضي به في قتلى الجمل وصفين، وكل قول عمر بن عبد العزيز، وبه أخذ جمهور والفقهاء.
وقد روى عن علي - عليه السلام - وعبد الله بن مسعود في رواية أخرى: أن بعضهم يرث من
بعض، إلا فيما ورث كل واحد منهم من صاحبه، ولم يأخذ بهذه الرواية أحد من الفقهاء.
(2) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 306، والشيخ الطوسي في
الخلاف 2: 170.
62

ولم أجد أحدا من العامة يعتبر في الخنثى ما ذكرناه على الترتيب
الذي وصفناه، بل أئمة متفقيهم على خلافه في الأحكام. (1)
واتفقت الإمامية في من ليس له ما للرجال وما للنساء، أن يورث
بالقرعة.
ولم أجد للعامة في هذه المسألة قول. (2)
واتفقت الإمامية في الشخصين إذا كانا على حقو واحد، أنهما
يعتبران بالمنام واليقظة، فإن ناما معا واستيقظا معا فهما واحد وميراثهما
ميراث واحد، وإن نام أحدهما واستيقظ الآخر فإنهما اثنان ولهما ميراث اثنين.
ولم أقرأ لأحد من العامة في هذا مسطورا ولا عرفت لهم فيه قولا.
باب ميراث العبيد، والمكاتبين
اتفقت الإمامية بأسرها على أنه لا ميراث للملوك من حر، واختلفوا
في الحر يموت ويترك مالا وأبا مملوكا، أو أبا أو ولدا مملوكا، أو ذا رحم،

(1) قال السرخسي في المبسوط 30: 92: قال أبو حنيفة، ومحمد، وأبو يوسف في أحد قوليه:
يجعل بمنزلة الأنثى، إلا أن يكون أسوأ حاله إن جعل ذكرا، فحينئذ يجعل ذكرا، وفي
الحاصل يكون له شر الحالين وأقل النصيبين.
والقول الثاني لأبي يوسف: له نصف ميراث الذكر ونصف ميراث الأنثى.
(2) قال السرخسي في المبسوط 30: 92: إذا انعدمت آلة التمييز أصلا، بأن لا يكون للمولود آلة
الرجال ولا آلة النساء، وهذا أبلغ جهات الاشتباه، وقد سئل الشعبي عن ميراثه فقال:
قال عمر: له نصف حظ الأنثى ونصف حظ الذكر، وقال محمد: وهنا عندنا والخنثى
المشكل في أمر سواء.
63

فقالت الإمامية كافه: أنه يشترى من تركة وارثة ويعتق ويورث باقي
التركة.
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، إلا ما حكي عن عبد الله بن
مسعود: في الرجل يموت ويترك أبا مملوكا، يشترى من تركته فيعتق ويدفع
له الباقي، ولم يحفظ عنه فيما ذكرناه الحكم الذي شرحناه. (1)
واتفقت الإمامية في المكاتب يموت ذو رحم له من الأحرار ويترك
مالا، أنه يرث منه بحساب ما عتق منه، وإن مات هو وله وارث من الأحرار
ورث منه قرابته بحساب ذلك.
والعامة مجمعه على خلاف ذلك. (2)
باب ميراث أهل الملل وتوارث المجوس
واتفقت الإمامية على أن المسلم يرث الكافر، وأن الكافر لا يرث
المسلم. (3)
ووافقهم على ذلك إماما العامة: معاوية بن أبي سفيان، ومعاذ بن

(1) قال ابن قدامة في المغني 7: 131: العبد لا يرث ولا مال له فيورث عنه، ولا نعلم خلافا
في أن العبد لا يرث إلا ما روي عن ابن مسعود في رجل مات وترك أبا مملوكا: يشترى من
ماله، ثم يعتق فيرث. وقال الحسن: وحكي عن طاووس: أن العبد يرث ويكون ما ورثه
لسيده ككسبه وكما لو وصى له: لأنه تصح الوصية له فيرث كالحمل.
(2) أنظر: المغني لابن قدامة 7: 131.
(3) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 302، والشيخ الطوسي في
الخلاف 2: 147.
64

جبل، واعتمدوا فيه على ظاهر القرآن، وشرع النبي صلى الله عليه وآله
وسلم.
وروى جماعة من أصحاب الفرائض ونقلة الأخبار من العامة أنه كان
أيضا مذهب أبي الدرداء، وعبد الله بن عمر، وقد ذهب إليه من التابعين -
على ما حكاه رجال العامة وثقاتها عندهم - محمد بن علي بن الحسين،
ومحمد بن الحنفية عليهم السلام، وسعيد بن المسيب، ومسروق، وعبد الله
ابن معقل، ويحيى بن نعمان، وإسحاق بن راهويه، غير أن متفقهة العامة
اليوم مجمعون على خلاف من سميناه في هذا الحكم، ومتفقون على إنكار
القول بميراث المسلمين من الكفار. (1)
واتفقت الإمامية على أنه لو مات كافر وخلف والدين وولدا كفارا

(1) قال السرخسي في المبسوط 30: 30: لا خلاف في أن الكافر لا يرث المسلم بحال، وكذا
لا يرث المسلم الكافر في قول أكثر الصحابة، وهو مذهب الفقهاء، وروي عن معاذ ومعاوية
قالا: يرث المسلم الكافر لقوله عليه السلام: (الإسلام يعلو ولا يعلى عليه)، وفي الإرث
نوع ولاية للوارث على المورث.
وقال ابن قدامة في المغني 7: 166: أجمع أهل العلم على أن الكافر لا يرث المسلم،
وقال جمهور الصحابة والفقهاء: لا يرث المسلم الكافر، وهو يروي عن أبي بكر، وعمر،
وعثمان، وعلي - عليه السلام -، وأسامة بن زيد، وجابر بن عبد الله. وبه قال عمر بن
عثمان، وعروة والزهري، وعطاء، وطاووس، والحسن، وعمر بن عبد العزيز، وعمرو بن
دينار، والثوري، و أبو حنيفة وأصحابه، ومالك، والشافعي، وعامة الفقهاء، وعليه
العمل. وروى عن عمر ومعاذ انهم ورثوا المسلم من الكافر ولم يورثوا الكافر من المسلم،
وحكى ذلك عن محمد بن الحنفية وعلي بن الحسين - عليهم السلام - وسعيد بن
المسيب، ومسروق، وعبد الله بن معقل، والشعبي، والنخعي، ويحيى بن يعمر،
وإسحاق، وليس بموثوق به عنهم.
وقال الشافعي في الأم 4: 86 - 87: ولو جاز أن يرثوه ولا يرثهم في مثل معنى ما حكم
به معاوية بن أبي سفيان، وتابعه عليه غيره فقال: نرث المشركين ولا يرثونا، كما تحل لنا
نساؤهم ولا تحل لهم نساؤنا... ومن تابعه عليهم منهم سعيد بن المسيب ومحمد بن علي
ابن الحسين - عليهم السلام - وغيرهما، وقد روى عن معاذ بن جبل شبيهه.
65

وأخا وابن عم من المسلمين، أن جميع تركته لقرابته من المسلمين، دون
أبويه وولده الكفار.
وأجمعت العامة على خلاف ذلك، فزعموا أن كافرا لو مات وخلف
أبوين مسلمين وولدا مسلما وابن عم كافر، أن ميراثه لابن العم الكافر،
ولا يرث منه أبواه المسلمان ولا ولده المسلمون شيئا. (1)
وهذا عظيم في الدين، فإن ميراث المجوس عند جمهور الإمامية يكون
من جهة النسب الصحيح دون النكاح الفاسد، وهذا مذهب مالك
والشافعي، وقد ذهب بعض الإمامية إلى أنه يكون من الجهتين جميعا، وهو
مذهب جماعة من أهل العراق، والعامة يروونه عن أمير المؤمنين عليه
السلام، وعن عبد الله بن مسعود، والقول الأول هو المعتمد عند الإمامية،
وبه يأخذ فقهاؤها وأهل النظر منها.

(1) أنظر: المبسوط للسرخسي 30: 31، المغني لابن قدامة 7: 168.
66

باب القول في المسائل المفردة
واتفقت الإمامية على أنه لا عول (1) في الفرائض، وهو مذهب ابن
عباس وجماعة متأخرة من العامة من أهل النظر والآثار. (2) وقد تعلق قوم
من أصحاب العول بما يحكى عن أمير المؤمنين عليه السلام من قوله: (صار
ثمنها تسعا!)، (3) وذلك إنما خرج منه على طريق التعجب والإنكار.
فأما قول الإمامية في أن الأم ترث الثلث في أصل المال مع الزوج
والزوجة معا، فهو مذهب ابن عباس، وقد ذهب إليه جماعة من أهل النظر
والآثار. (4)
وقولهم إن ابن العم للأب والأم أحق بالتركة من العم للأب، فهو قول
جماعة من الصحابة والتابعين بإحسان، وإليه ذهب مالك بن أنس، وغيره
من فقهاء مدينة الرسول عليه وآله السلام، وحكى الطبري عن مالك أنه
قال: وجدت عليه الاجماع. (5)

(1) العول: عول الفريضة، وقد عالت: أي ارتفعت، وهو أن تزيد سهاما فيدخل النقصان على
أهل الفرائض. قال أبو عبيد: أظنه مأخوذا من الميل وذلك أن الفريضة إذا عالت فهي تميل
على أهل الفريضة جميعا فتنقصهم. الصحاح 5: 1778 (عول).
(2) نقل إجماع الإمامية على ذلك السيد المرتضى في الانتصار: 283، وقال: وهو مذهب ابن
عباس، وبه قال عطاء ابن أبي رياح. ونقله أيضا الشيخ الطوسي في الخلاف 2: 161.
(3) الانتصار: 287، المبسوط للسرخسي 29: 61.
(4) أنظر: المبسوط للسرخسي 30: 21.
(5) نقل إجماع الإمامية على ذلك الشيخ الطوسي في الخلاف 2: 146
67

وقولهم في العم إذا كان كما ذكرناه فهو أحق من العم للأب خاصة،
فهو مشهور عن أمير المؤمنين عليه السلام، وقوله: (إن القسمة في الميراث بين
الخال والخالة بالسوية)، فهو ظاهر في العامة وليس لهم فيه إجماع. (1)
وقولهم في ميراث من لا نسب له ولا قريب أنه مردود على قبيلته،
فهو مروي عن العامة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قصة
الخزاعي، وهو أيضا مذهب عمر بن الخطاب. (2)
فهذا وأشباهه مما يظن كثير من العامة أنه يختص بالإمامية دون
غيرهم، وقد بينا على الاختلاف فيه بين العامة، وذكرنا من يذهب إليه من
رؤسائهم وأئمتهم على ما شرحناه، والله الموفق للصواب.
وهذه الجمل أدام الله علو السيد الشريف تتضمن ما شرطناه في أول
الكتاب من الإبانة عما اتفقت الإمامية عليه، مما أجمعت العامة على خلافه،
ويزيد على ذلك ما شرحناه من وفاقهم في المسائل المبينات، ويقض بصحة
ما ذكرناه من الإيجاز والاختصار.
والله الحمود وإياه نسأل التوفيق، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلى
الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليما، والحمد لله رب العالمين.

(1) أنظر: المبسوط للسرخسي 30: 20.
(2) نقل إجماع الإمامية على ذلك الشيخ الطوسي في الخلاف 2: 147 وقال: ميراث من
لا وارث له لا ينقل إلى بيت المال وهو للإمام خاصة، وعند جميع الفقهاء ينقل إلى بيت
المال ويكون للمسلمين، وعند الشافعي يرثه المسلمون بالتعصيب، وهو عند أبي حنيفة
في إحدى الروايتين عنه، وفي الرواية الأخرى بالموالاة دون التعصيب.
68