الكتاب: ألقاب الرسول وعترته (المجموعة)
المؤلف: من قدماء المحدثين
الجزء:
الوفاة: ق ٤
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: ١٤٠٦
المطبعة: الصدر
الناشر: مكتب آية الله العظمى المرعشي النجفي - قم
ردمك:
ملاحظات: طبعة حجرية / اسم المجموعة : مجموعه نفيسه / بإهتمام : السيد محمود المرعشي

كتاب
ألقاب الرسول وعترته
تأليف
بعض المحدثين والمؤرخين من قدمائنا وص
(كما على ما في ظهر النسخة المخطوطة)
1

كتاب
ألقاب الرسول وعترته
بسم الله الرحمن الرحيم
* (وأفوض امرى إلى الله) *
اما بعد حمد الله الذي انزل ألقاب أوليائه على التخصيص
من السماء والصلاة على محمد واله المخصوصين من قبل الله
بأشرف الألقاب والأسماء فان بعض الأصدقاء المحققين
والعلماء الربانيين سئلني ان أذكر ألقاب رسول الله و
الأئمة المعصومين عليه وعليهم السلام وان أبين الوجه
في اختصاص كل واحد منهم يلقب مفرد مع كون جميعهم منعوتا
2

به الا ترى انهم جميعا مصطفون ومرتضون وعابدون و
صادقون وأتقياء وأزكياء ثم يلقب أحدهم بشئ من ذلك
دون الاخر فلبيت دعوته وأجبته إلى ذلك مستعينا بالله
سبحانه، فما التوفيق الا منه ولا العصمة الا من لديه و
هو حسبي ونعم المعين اعلم أن ألقاب بنى ادم
وأسمائهم وكناهم التي وسمهم بها آباؤهم وأمهاتهم ومن يجرى
مجراهم من للخلوتين كلها بدل من الإشارة لا تفيد فيمن
تختص به شيئا ولا تكسبهم مدحا ولا ذما ولا تعظيما ولا
تحقيرا في الحقيقة فاما من سماه الله تع ولقبه
باسم يفيد علو منزلة وعظم شأن للمسمى والملقب فان تلك
الأسماء والألقاب فيهم بمنزلة الصفات المفيدة والأوصاف
المشرفة وان كانت أسماء علم أيضا لهم وكذا على عكس ذلك
3

الا ترى ان الملعون الذي يوسوس الناس قد سماه الله تع
بإبليس والشيطان الرجيم والمريد والمارد ونحوها وكلها
مفيدة فيه لأنه آيس من رحمة الله من حيث الحقيقة وبعيد من الخيرات و
مطرود وعاص وإذا تبينت ذلك فاعلم أن كثرة
أسماء رسول الله صلى الله عليه وآله وألقابه التي خصه
الله بها ليست للتعريف والعلمية فقط وإنما هي لتعظيمه و
تبجيله صلى الله عليه وآله وسلم وكذلك الكلام في كثرة
أسماء حجج الله أئمة المؤمنين الاثني عشر من أهل بيته
وألقابهم التي أوحى الله تع بها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم فإنها كلها تنبئ عن مثابتهم عند الله واستحقاقهم التحميد
والتشريف لديه تع وانه يجب على الأمم ان يعززهم ويعظموهم
فهم الرعاة والحجج على هؤلاء وهم الرعايا لهم والمحجوج عليهم
4

وانك ترى في كتاب الله تع وفى الأحاديث النبوية من ذلك ما
هو مجمل ومفصل ونحن بعون الله ننبه على أكثر ما يتضمن مما
نحن بصدده انشاء الله تعالى. * -
باب في ألقاب النبي صلى الله عليه وآله
في ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله، روى أن النبي صلى الله عليه وآله
قال إذا أراد الله الحشر والنشر أحيى جبرئيل أولا
وأمره ان يأتي إلى قبري ويدعوني فيأتيني ويناديني فيقول
يا رسول الله، يا نبي الله، يا أبا القاسم، يا محمد، يا احمد،
يا خاتم النبيين، يا سيد الخلايق أجمعين، ولا يسمع منى جوابا
فيقول الهي أنت عالم لاتعلم فيأمره الله ان يدعوه بأحب
الأشياء إليه فيقول جبرئيل يا شفيع المذنبين فأقول لبيك
وروى عن آمنة أم النبي عليهما السلام لما حملت به رأيت في نومي كان
5

آتيا اتاني فقال لي قد حملت بخير الأنام وفى كل شهر من تلك
السنة سمع نداء من السماء أبشروا فقد آن للميمون المبارك
الخروج إلى الأرض، وإذا أخذني الطلق رأيت نسوة كالنخل
أحد قربى فأضاء منى نور وخرج محمد صلى الله عليه وآله
فرأيته ساجدا حتى رأيت نظرت من ذلك النور إلى قصور بصرى
وسمعت صوتا، سميه محمدا وانا المحمود وهذا محمد شققت
اسمه من اسمى، ورأيت ثلاثة نفر كان الشمس تطلع
من وجوههم معهم إبريق فضة ولهشت من زمرد اخضر
فغسلوه وختموا ما بين كتفيه ولفوه في الحرير وقالوا اله ابشر
يا حبيب الله أنت سيد ولد آدم وعز الدنيا وشرف للآخرة
فطوبى لمن دخل في دعوتك وأحبك وتمسك بعدك بوصيك
والأئمة من ولدك الأوصياء المرضيين، واسمه في التورية
6

احمد عبدي المختار ولافظ ولا غليظ وعن سراقة بن جعشم قدمنا
الشام وانا رابع أربعة فنزلنا على غدير فيه شجرات وقربه
ماء مقام لديراني فقال من أنتم قلنا من مصر قال أي للصرتين
قلنا من خندت، قال سيبعث فيكم وشيكا نبيا اسمه محمد ع
فلما صرنا إلى عند أهلنا ولد لكل رجل منا غلام فسميناه محمدا
وهذا أيضا من اعلامه ومنها ان الله تعالى حفظ اسمه
حتى لم يسم باسمه أحد قبله كما فعل بإبراهيم واسحق ويعقوب
وصالح ويحيى وغيرهم فصل فمن ألقابه للمصطفى
والمنتجب، وقد روى أن من دعى فقال يا مصطفى محمد ص
واله صلى عليهم، فإنه يستجاب دعاؤه، وفى دعوات شهر
رمضان، سبحان من أكرم محمدا سبحان من انتجب محمدا
سبحان من انتجب عليا سبحان من حص الحسن والحسين
7

سبحان من فطم بفاطمة محبيها من النار، ومن ألقابه
البشير، النذير، السراج، المنير، الشاهد، الداعي، المبشر
المنذر، المدثر، المزمل، ومعناها انه عليه السلام مبشر بالجنة
لمن أطاع الله، ونذير ومخوف بالنار ولمن عصى الله وعصاه
يهتدى به كما يهتدى بالسراج المنير الذي يصدر النور من حجته
اما بفعله واما لأنه سبب له وهو الشاهد على أمته فيما
يفعلونه ويتولونه من طاعة ومعصية وما يفعلون من
ايمان وكفر بامارة وعلامة لهما ليشهد لهم وعليهم يوم القيمة
فيجازيهم الله بحسبه، والمزمل لأنه زمل أمرا عظيما أي حمله
والزمل الحمل وازدمله احتمله، وقيل إنه كان تلفف في مربط
سداء شعر، ولحمته وبر، وهو ثناء عليه وتحسين لحالة
التي كان عليها من القناعة بالقليل من حطام الدنيا
8

والمدثر قريب منه وهو لابس الدثار هو ما فوق الشعار والشعار
ثوب على الجسد، ومنه قوله عليه السلام الأنصار شعار والناس دثار
فقال عليه السلام نوديت فرفعت رأسي فإذا جبرئيل في الهواء فأتعبني
أعباء الوحي فقلت دثروني دثروني، واما الوجه في جميع
تلك الألقاب فإنه عليه السلام مختار، مصطفى، منتجب
اصطفاء الله تع حبيبا لنفسه واختاره من ذرية الأنبياء
ليكون خاتمهم وانتجبه فالطف له حتى تفرغ لعبارته
واتباع مرضاته واختصه بالكرامة السنية استحقاقا
من اباء طيبين طاهرين وأمهات طاهرات، وقد قال الله تع
له عليه السلام: لولاك لما خلقت الأفلاك، ولولاك لما خلقت
الكونين، فاصطفى الله قبله آدم ونوحا وآل إبراهيم و
آل عمران على عالمي زمانهم لطفا لاحمهم واصطفى محمدا وآله
9

وانبأ بهم الملائكة قبل وجودهم وأخبرهم بأحوائهم وأوصافهم
وكيفية قيامهم بهما يجب عليهم وأوحى إلى الأنبياء باخبارهم
وآثارهم فكان محمدا واله لطفا للملائكة والأنبياء وأممهم
ولمن يكون إلى قيام الساعة من المكلفين، وإنما اختار الله
محمدا وانتجبه واصطفاء لاستحقاقه المنزلة العظيمة التي
تقتضي ذلك، وقد قرئ أيضا وآل محمد على العالمين في
قراءة أهل البيت عليهم السلام، وفى شواذ العامة،
وقال تعالى: يا أيها النبي انا أرسلناك شاهدا و
مبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله باذنه سراجا منيرا.
وصف الله محمدا بخمسة أوصاف هيهنا وقابل كل منهما
بخطاب مناسب له، قابل الشاهد بقوله وبشر المؤمنين
لأنه كان شاهدا على أمته وهم يكونون شهدا على ساير الأمم
10

وهو الفضل الكبير، وقابل المبشر بالاعراض لأنه إذا عرض
عن الكافرين والمنافقين اقبل جميع اقباله على المؤمنين
وقابل النذير بدع إذا هم لأنه إذا ترك خوفه من اذاهم إياه
لابد من عقاب عاجل أو اجل كانوا منذرين به في المستقبل
وقابل الداعي إلى الله بتيسيره وتوفيقه بقوله وتوكل على الله
لان من توكل على الله يسر عليه كل عسير، وقابل السراج
المنير بالاكتفاء به تع وكيلا لان من اثره الله برهانا على
جميع خلقه كان جديرا بان يكتفى به عن جميع خلقه
فصل واعلم أن الله تعالى خاطب بقوله يا أيها
المزمل في بدأ الوحي ولم يكن قد بلغ شيئا ثم خوطب بعد
ذلك بقوله: يا أيها النبي، يا أيها الرسول، والمعنى
يا أيها المزمل بعبء النبوة والتحمل لأثقالها صل بالليل
11

الا قليلا منه، ثم قال، يا أيها المدثر، أي يا أيها المتدثر
بثياب التواضع ولباس العبيد، قم قيام عزم وتصميم
فانذر، أي فحذر أولا قومك ثم جميع الناس من عقاب الله
وعذابه ان لم يؤمنوا وان آذوك وأسمعوك والمعنى فاضل
إلا مدار من غير تخصيص له بأحد فكأنه امره الله بالمزمل
ان يبدأ بنفسه، وبالمدثر ان يأمر الناس ولما انتشرت دعوته
قال الله تعالى: يا أيها النبي إذا طلقتم النساء، يا أيها
النبي لم تحرم ما أحل الله لك، فأمره بتبليغ احكام الشرع
ولما كان آخر امره وقربت وفاته قال الله له عليه السلام: يا أيها
الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك. وبالاسناد عن أبي
بكر بن مردويه الأصبهاني نا محمد بن علي بن دخيم نا
أحمد بن حازم حسام نا إبراهيم اسحق الصبي نا عمر بن أبي المقدم
12

وهو عمرو بن ثابت عن أبي حمزة الثمالي عن سعيد بن جبير
عن أبي الحمراء خادم رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال
سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول رأيت
ليلة اسرى إلى السماء على ساق العرش الأيمن مكتوبا:
لا إله إلا الله محمد رسول الله صفوتي من خلقي أيدته
بعلى ونصرته به. وباسناده عن انس ان النبي
صلى الله عليه وآله قال انا وعلى حجة الله على عباده
وعن ابن عباس أول من يكسى من حلل الجنة إبراهيم لخلة
ثم محمد لأنه صفوة الله ثم على وقوله عز وجل:
ان الله يأمر بالعدل والاحسان، فالعدل رسول الله،
والاحسان على، والذي جاء بالصدق رسول الله
وصدق به على فصل في ذكر اللوح الذي عليه
13

أسماء النبي وأوصيائه عليهم السلام. عن جابر دخلت على فاطمة
عليهما السلام وقد أمها لوح اخضر ظننت انه من زمرد ورأيت فيه
كتابا شبيه نور الشمس فيه اثنى عشر اسما ثلاثة في ظاهره
وثلاثة في باطنه وثلاثة في آخره وثلاثة في طرفه فقلت
أسماء من هؤلاء، قالت أسماء الأوصياء، أولهم ابن عمى
واحد عشر من ولدى آخرهم القائم فرأيت محمدا محمدا محمدا
في ثلاثة مواضع وعليا عليا عليا عليا في أربعة مواضع
فقالت فاطمة هذا اللوح أهداه الله إلى رسوله فأعطانيه
إلى ليسرني وفيه: بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لمحمد نوره وسفيره وحجابه
ودليله فإياي فاعبد وعلى فتوكل انى لم ابعث نبيا فأكملت
أيامه الا جعلت له وصيا وانى فضلتك على الأنبياء و
14

فضلت وصيك عليا على الأوصياء وأكرمتك بشبليك
وسبطيك بعده الحسن والحسين فجعلت حسنا معدت على
وجعلت حسينا خازن على وأكرمته بالشهادة جعلت
كلمتي التامة معه بعترته أثيب وأعاقب، أولهم على
سيد العابدين وزين أوليائي الماضين، وابنه شبيه
جده المحمود محمد الباقر لعلمي والمعدن لحكمتي سيهلك
المرتابون في جعفر لأكرمن مثواه ولأسرنه في أشياعه
انتجبت بعده موسى لان خيط فرضى لا ينقطع وويل للمفقرين
الجاحدين عند انقضاء عبدي موسى وحبيبي وخيرتي ان
المكذب بالثامن مكذب لكل أوليائي وهو على وليي و
ناصري ومن أضع عليه أعباء النبوة وامتحنه بالاضطلاع
بها، يقتله عفريت متكبر يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح
15

إلى جنب شر خلقي حق القول منى لاقرن عينيه بمحمد ابنه
وخليفته من بعده فهو وارث على ومعدن حكمتي وموضع
سرى وحجتي على خلقي واختم بالسعادة لابنه على وليي و
وناصري والشاهد في خلقي وأميني على وحيى اخرج منه الداعي
إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن ثم أكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين
وفى رواية أخرى ان جابرا قال يا رسول الله ومن الأئمة
من ولد على، قال: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة
ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين، ثم الباقر محمد بن علي
، ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم الكاظم موسى بن جعفر
ثم الرضا علي بن موسى، ثم التقى محمد بن علي، ثم النقي علي بن
محمد، ثم الزكي الحسن بن علي، ثم ابنه القائم بالحق
مهدى أمتي الذي يملأ الأرض عدلا بهم يحفظ الله الأرض ان تميد باهلها
16

باب في ذكر أمير المؤمنين علي عليه السلام
عن الصادق عليه السلام ان فاطمة ابنة أسد قالت لما حملت
بعلى رآني رسول الله صلى الله عليه وآله بعد أربعة أشهر
فقال إن معك حملا يا أماه قلت نعم قال إن ولدتيه ذكرا فهبيه
لي أشدد به أزري وأشركه في أمري فسمعه أبو طالب فقال عزيزي
انا غلامك وفاطمة جاريتك ان ولدت ذكر أو أنثى فهو لك
فلما تمت شهوري طفت بالبيت ثلثا فضربني المطلق فاستقبلني
محمد وقال مالي أرى وجهك متغيرا قلت ضربني المطلق قال
فرغت من الطواف قلت لا قال طوفي فان اتى عليك أمر لا
تطيقينه فادخلي الكعبة فهي ستر الله فلما كنت في السابعة
وعلاني مالا أطيقه دخلت الكعبة فلما توسطها بإزاء
الرخامة الحراء ولدت عليا ساجدا لله فسمعته يقول
17

سبحانك سبحانك ورأيت نورا من على قد ارتفع إلى
السماء وبقيت ثلاثة أيام في بيت الله اكل من ثمار الجنة
وسمعت هاتفا يقول يا فاطمة سميه عليا فهو على وانا على
الاعلى وهو الامام بعد حبيبي محمد رسول الله وهو وليي
اشتققت اسمه من اسمى قالت فلما رآه النبي عليه السلام قال
الحمد لله الذي أتم لي الوعد وانجز لي الموعود، وقال سميه
عليا فوضع النبي لسانه في فيه فلم يزل يمصه ونادى أبو طالب
يا رب يا ذا الغسق الدجى * والقمر المبتلج المضي
بين لنا من حكمك المقضى * ماذا ترى في اسم ذا الصبي
فلما أصبح إذا هو بلوح اخضر فيه مكتوب: * -
خصصتما بالولد الزكي * والطاهر المنتجب الرضى
فاسمه من شامخ على * على اشتق من العلى
18

فعلق أبو طالب اللوح على الكعبة فلم يزل معلقا عليها
إلى أيام هشام بن عبد الملك. وبالاسناد عن عباس بن
عبد المطلب قال كنت قاعدا بإزاء الكعبة وإذا فاطمة بنت
أسد تقول يا رب انى مؤمنة بك وبما جاء من عندك وبكل
نبي من أنبيائك أسئلك بحق هذا البيت ومن بناه وبحق
هذا الامام الكريم والنبأ العظيم الذي في أحشائي فانى موقنة
بأنه أحد آياتك وعلاماتك لما يسرت على ولادتي، قال
العباس فرأيت البيت قد انفتح من ظهره ودخلت فيه فاطمة
ثم عادت الفتحة فالترقب فأردنا ان نفتح الباب لتصل
إليها نساؤنا فعالجنا الباب فلم ينفتح فعلمنا ان ذلك من
أمر الله وبقيت فاطمة ابنة أسد ثلاثة أيام في البيت
وأهل مكة يتعجبون من ذلك فصل وبالاسناد
19

عن محمد بن أبي الثلج نا يوسف موسى العطار عن وكيع بن الجراح الجناح
عن الأعمش عن أبي صالح عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله
قال قال لي ربى تبارك وتعالى: انى انا العلى الاعلى اشتققت
اسم على من اسمى فسميته عليا ثم انزل على بعقب ذلك
ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا، قال
محمد نا عيسى بن مهران الصبي نا أبو الوليد الصبي نا عبد الواحد
بن أبي عمرو الأسدي عن الكلبي عن أبي صالح عن أبي هريرة عن
النبي صلى الله عليه وآله قال: مكتوب على العرش:
لا اله الا انا وحدي محمد عبدي ورسولي نصرته بعلى،
فنزلت بعقبه هذه الآية هو الذي أيدك بنصره و
بالمؤمنين يعنى بعلى قال محمد نا محمد بن الحسن عن
حماد بن عيسى عن أبي المختار عن الجارود عن أبي عبد الله عليه السلام
20

في قوله تعالى يوم يأتي بعض آيات ربك قال أمير المؤمنين علي عليه
السلام ما لله آية أكبر منى. عن عمرو بن الحمق قال كنت
جالسا عند النبي صلى الله عليه وآله فقال أتحب ان أريك
آية الجنة فمر علي بن أبي طالب عليه السلام قال هذا وأهل بيته
آية الجنة ومر معاوية فقال عليه السلام هذا آية النار فلما
وقعت الفتنة فررت من آية النار إلى آية الجنة. *
وروى عن الحسين عليه السلام كان إذا دعا أباه يقول يا أبا الحسن
وكان الحسن يدعو أباه فيقول يا أبا الحسين. وعن أبي بكر بن
مردويه نا إبراهيم بن محمد نا محمود بن محمد بن الصباخ نا
عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعدان رجلا
اتاه فقال أتسب هذا أمير المدينة يدعوك لتسب عليا
عند على المنبر قال قال فأقول ماذا قال تقول أبو تراب فضحك
21

سهل ثم قال والله ما سماه إياه الا رسول الله والله ما
كان من اسم أحب إليه منه قال عبد العزيز فقال ففعل ص أبى
نا العباس كيف كان ذلك فقال دخل على على فاطمة ثم خرج
فاضطجع في المسجد فخرج النبي صلى الله عليه وآله فوجد
رواء على قد سقط عن ظهره وخلص التراب فجعل رسول الله
يمسح التراب عن ظهره ويقول اجلس أبا تراب اجلس أبا تراب
والله مامن اسم أحب إليه منه ما سماه به الا رسول الله
وهو ابن مردويه نا محمد بن أحمد بن إبراهيم نا عبد الله بن
محمد بن عبد العزيز نا عبد الرحمن بن صالح نا أبو مالك يحيى بن
عبد الله بن عطاء المكي عن أبي الطفيل قال جاء رسول الله
صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام نائم على التراب فأيقظه
وجعل يمسح التراب عن ظهره وخلص التراب إلى ظهره،
22

فجعل رسول الله ص يمسح التراب عن ظهره ويقول إنما أنت
أبو تراب قال سهل كنا نمدحه بهذا فأرى أناسا الناس يعيبونه به
وعن ابن مردويه نا أحمد بن إسحاق بن سنجاب نا محمد بن
يونس موسى نا حماد بن عيسى نا جعفر بن محمد عن أبيه عن
جابر سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلى ع
قبل موته بثلث سلام عليك أبا الريحانتين أوصيك ريحانتي
من الدنيا فعن قليل ينهد وكناك والله خليفتي عليك
فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله قال علي عليه السلام:
هذا أحد ركني الذي قال رسول الله ص فلما ماتت فاطمة ع قال
على ع هذا الركن الثاني الذي قال رسول الله صلى الله عليه و
عليهم أجمعين فصل اعلم أن ألقاب رسول الله
وألقاب الأئمة الاثني عشر من أهل بيته عليه وعليهم السلام
23

أكثر من أن تحصى ولكل لقب سبب أو وجه يخصصه به
وان لم نعلمه الا جملة، وهو عليه السلام المرتضى لان الله عز وجل
ارتضى عقيدته وأفعاله وأقواله وأخلاقه وارتضاها له
رسول الله ورضى الله أن يكون وزيرا لرسول الله وخليفة له
بعده ووصيا له ورضيه رسول الله لنفسه وارتضاه إماما
ورضوا به وعنه وهو ولى المؤمنين وموالى المؤمنين لأنه
بعد رسول الله كان أولى بهم منهم بأنفسهم وهو ولى الله
وعن عمار سمعت النبي عليه السلام ان الله زينك بزينة لم يزين
العباد بزينة أحسن منها الزهد في الدنيا فجعلك لا تنال فيها
ولا تنال منك ووهب لك حب المساكين فجعلهم يرضون بك
إماما وترضى بهم اتباعا. عن بكر بن مردويه نا محمد بن علي بن
نعيم نا أحمد بن حازم الغفاري نا نصر بن مراحم نا أبو خالد
24

الواسطي عن زيد بن علي عن آبائه عن النبي عليه السلام قال يا علي
أنت الوزير والخليفة والوصي في الأهل والمال وفى المسلمين
في كل غيبة وباسناده عن زيد بن أرقم قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: الا أدلكم على ما إن سالمتم عليه لم تهلكوا
ان وليكم وامامكم علي بن أبي طالب. وباسناده عن سلمان
قال لي رسول الله هل تدرى من وصيي قال، الله ورسوله اعلم
فقال ص وصيي وموضع سرى على. وعن أم سلمة ان النبي
قال لي اشهدي ان عليا وصيي وانه وليي في الدنيا والآخرة
وانه يقاتل الناكثين والقاسطين والمارين فصل
عن الحافظ أبى بكر بن مردويه نا محمد بن علي بن دخيل نا أحمد بن
خازم نا يحيى بنه الحاى نا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن الهار
عن محمد بن إبراهيم عن نافع بن عجيز عن أبيه عن علي ان النبي ص
25

صلى الله عليه وآله قال له اما أنت فوصيفي وأميني قال
رضيت يا رسول الله. وباسناده عن عبد الله بن أسعد بن
زرارة عن أبيه قال النبي صلى الله عليه وآله أوحى إلى في علي
بثلث انه سيد المسلمين وامام المتقين وقائد الغر
المحجلين. وباسناده عن انس قال، قال رسول الله
صلى الله عليه وآله يا انس أول من يدخل اليوم أمير المؤمنين
وسيد المسلمين وخاتم الوصيين وامام الغر المحجلين فجاء
علي عليه السلام. وباسناده عن الرضا عن آبائه عليهم السلام،
ان النبي صلى الله عليه وآله قال يا علي انك سيد المسلمين
وامام المتقين وقائد الغر المحجلين ويعسوب المؤمنين واليعسوب
في اللغة سيد النحل ويقال لعلى عليه السلام أمير النحل وذلك أن
قوما من الكفار التجأوا إلى سفح جبل فما خرج إليهم سربة الا عجزوا
26

عن الوصول إلى هؤلاء الكفار وكان في ذلك الوادي نحل كثير
فخرج إليهم أمير المؤمنين فتحصنوا بذلك السفح فقال عليه السلام:
أيتها النحل المطيعة لله ولرسوله ولى أخرجي إلى هؤلاء الكفار
واطرديهم من الوادي فخرجت النحل كلها عليهم وتقع على وجوههم
وأعينهم وتضربهم بجماتها فخرجوا واستولى عليهم علي عليه السلام.
وقال النبي صلى الله عليه وآله اتى جبرئيل عليه السلام وقال إن الله
سمى عليا أمير لا يحل ان يدعى غيره بهذا الاسم، ونهى عليه السلام
ان يدعى الحسن والحسين أو غيرهما من الأئمة أمير المؤمنين بل
يقال لكل واحد من أئمة الهدى امام المؤمنين، وعن ابن مردويه
الأصبهاني انا أحمد بن محمد بن دارم انا المنذرين محمد عن أبيه
انا عمى انا أبى انا أبان بن تغلب عن أبي عيلان انا أبو سعيد
وهو رجل ممن شهد صفين قال انا سالم المنتوف مولى على
27

قال كنت مع علي عليه السلام في ارض له وهو يحرثها حتى جاء أبو بكر
وعر فقالا لعلى عليه السلام سلام عليك يا أمير المؤمنين فقيل كيف
تقولان في عهد رسول الله ص فقال عمر هو أمرنا بهذا.
وعن ابن مردويه نا عبد الله بن سعد بن يحيى نا أبو يوسف
الصندلاني نا فياض عن حمزة عن عبد الكريم عن إسماعيل بن
رجاء عن عطية وأبى الودال عن أبي سعيد الخدري خرج علينا
رسول الله صلى الله عليه وآله من الحجرة فانقطع شمعه
فرمى بها إلى علي ع فجلس إلينا وكان على رؤوسنا الطير قال
ليضربنكم رجل من بعدي على تأويل القرآن كما ضربتم على تنزيله
فقال أبو بكر انا فقال لا فقال عمرانا فقال لا ولكنه خاصف النعل
يخرج عليكم من الحجرة قال فخرج علينا على وبيده فعل
رسول الله عليه السلام يصلحها فصل أخبرنا جماعة
28

منهم الشيخ أبو المظفر عبد الواحد بن حمد بن شيدة السكوني
أخبرنا انا أبو يعلى عبد الرزاق بن عمر الطهراني انا الشيخ الحافظ
أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني انا علي بن إبراهيم
بن حماد بن زيد حدثنا إسماعيل بن محمد دينار نا حسن بن
حسين العربي نا معاذ بن مسلم عن عطاء بن السائب عن
سعيد بن جبير عن ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وآله
في قوله تع إنما أنت منذر اومأ بيده إلى صدره ولكل قوم هاد
وأشار بيده إلى علي عليه السلام وقال بك يهتدى المهتدون بعدي
وعن ابن عباس رسول الله المنذر والهادي على وعن
ابن مردويه حدثنا علي بن الحسين بن محمد الكاتب نا أحمد بن
الحسن بن سعيد بن عثمان الخراز نا أبى حدثنا حصين بن
مخارق عن حمزة الزيات عن عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة
29

عن أبيه عن جده قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
إنما أنت منذر ولكل قوم هاد، فقال انا المنذر وعلى الهادي
وعن ابن مردويه نا محمد بن علي بن دخيم نا أحمد بن حازم الغفاري
نا عثمان بن محمد حدثنا مطلب بن زياد عن السدى عن عبد خير
عن علي في قوله إنما أنت منذر ولكل قوم هاد، قال المنذر
رسول الله والهادي رجل من بني هاشم يعنى نفسه وعن ابن
مردويه حدثنا أحمد بن محمد السدى حدثنا عيسى بن محمد المروري
حدثنا عمر بن محمد الحسين حدثنا أبي حدثنا عيسى بن موسى
غنجار عن أبي مريم عن المنهال بن عمرو حدثنا عباد بن عبد الله
الأسدي سمعت عليا عليه السلام يقول على المنبر والله مامن رجل
من قريش الا وقد نزلت فيه آية أو آيتان فقال رجل ممن
تحته ما نزل فيك فغضب ثم قال اما انك لو لم تسئلني عن رؤس
30

القوم ما حدثتك ويحك هل تقرء سورة هود ثم قرء علي عليه السلام
أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه، ثم قال
رسول الله صلى الله عليه وآله على بينة وانا الشاهد منه
وعن ابن مردويه نا سليمان بن أحمد الطبراني حدثنا علي بن إسحاق
الوزير الأصبهاني حدثنا إسماعيل بن موسى السدى،
حدثنا عمر بن سعيد حدثنا فضيل بن مرزوق عن أبي سخيلة
عن أبي ذر وسلمان قالا اخذ النبي بيد على عليها السلام فقال إن
هذا أول من آمن بي وهذا أولى من يصافحني يوم القيامة
وهذا الصديق الأكبر وهذا فاروق هذه الأمة يفرق بين
الحق والباطل وهذا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظالم
وفى رواية يعسوب الظلمة وفى رواية أخرى يعسوب الكفار
وعن ابن مردويه حدثنا أحمد بن محمد بن عثمان الصيدلاني
31

نا المنذر بن محمد بن المنذر نا أحمد بن موسى الأسدي حدثنا
أبو معاذ الخزار عن زياد بن المنذر عن أبي عبد الله عن أبي سخيلة
قال أبو ذر سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول
على أول من آمن بي وهو الصديق الأكبر وهو الفاروق،
يفرق بين الحق والباطل. وباسناده عن ابن أبي ليلى عن
أبيه قال النبي عليه السلام الصديقون ثلاثة حبيب النجار ومؤمن
ال فرعون وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم. وباسناده عن
ابن عباس في قوله تع يا أيها الذين اتقوا الله وكونوا مع الصادقين
قال مع علي بن أبي طالب. وعن ابن مردويه نا عبد الرحمن بن
محمد نا أحمد بن الحسن نا أبى نا حصين نا حمزة بن عطا عن أبي
جعفر في قوله والذي جاء بالصدق وصدق به قال
جاء به النبي وصدق علي بن أبي طالب عليهما السلام. وباسناده عن
32

مجاهد مثله. وباسناده عن ابن عمر ان عليا قال:
يا رسول الله قد آخيت بين أصحابك فمن اخى قال اما ترضى
ان أكون أخاك قال بلى قال انا أخوك في الدنيا والآخرة و
قال أنت أخي ومولى كل مؤمن، وقال علي أخي وصاحب لوائي
يوم القيمة. وباسناده عن البراء بن عازب قال النبي عليه السلام
ان عليا أخي وخليلي. وباسناده عن أم أيمن ان النبي
صلى الله عليه وآله قال لها يا أم أيمن ادعى لي أخي قال من أخوك
يا رسول الله قال ع على قالت وأخوك فزوجته ابنتك قال
نعم أم فوالله قد زوجتها كفوا شريفا في الدنيا والآخرة.
وعن ابن مردويه نا محمد بن أحمد بن إبراهيم حدثنا الحسين بن علي
بن الحسين البلوى نا محمد بن الحسن الكوفي حدثنا صالح
بن أبي الأسود عن إبراهيم بن حيان عن عبد الله بن فضيل الكندي
33

عن أبيه سمعت عليا عليه السلام وهو يقول على المنبر انا أخو رسول الله
لا يقولها بعدي الا كذاب أو يتخبطه جنون فقام ابن عمر اما فقال
اسمعوا ما يقول هذا الكذاب وانا أقول انا أخو رسول الله فتخبطه
جنون وما كان بمجنون وما زال مجنونا حتى مات فاتيت عليا
فقلت اشهد انك على الحق، وباسناده عهن عقبة الهجيري
عن عمه قال سمعت عليا يقول لأقولن اليوم قولا لم يقلمه أحد
قبلي ولا بعدي الا كاذب، انا عبد الله وأخو رسوله ورثت نبي
الرحمة ونكحت سيدة نساء أهل الجنة وانا خير الوصيين
فصل اعلم أن ألقاب علي عليه السلام كثيرة: *
هو ساقى الكوثر هو الذايد عن الحوض وهو قاضى دين رسول
الله، وهو المنجز عدائه، هو خير البرية، وهذا كله من
قول كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه المخالف
34

والمؤالف وقال عليه السلام: علي صفوة الناس بعدي وهو النعمة
لقوله تعالى: ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا، وهو
حبل الله، وهو العروة الوثقى. روى أن أعرابيا دخل على
النبي عليه السلام فقال اشتبه آية من كتاب الله على واعتصموا
بحبل الله وكان علي عليه السلام على يمين رسول الله فوضع يده
على كتفه وقال هذا حبل الله فاعتصموا به فانصرف الاعرابي
وجعل يقول آمنت بالله وبرسوله واعتصمت بحبل الله
فسمعه رجلان يقول ذلك فضحكا منه ثم دخلا على النبي
يضحكان وقالا سمعنا أعرابيا يقول كذا وكذا فقال النبي
ان ذلك الاعرابي من أهل الجنة فخجلا وانصرفا واتيا الاعرابي
وقالا ان لك عندنا بشارة ولنا ذنب بك فقال وما البشارة
قالا إن النبي قال إنك من أهل الجنة فقال الحمد لله وما ذنبكما
35

قال ضحكنا منك لما سمعناك تقول ذلك فاستغفر لنا
قال إن الله يقول ولو أنهم يقول: ولو أنهم إذ ظلموا
أنفسهم إذ جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول
لوجدوا الله توابا رحيما لم تركتما رسول الله وجئتماني اخرجا
ان كنتما تؤمنان بالله ورسوله وتعتصمان بحبل الله
فغفر الله لكما. وعن ابن مردويه انا أبو بكر أحمد بن
كابل بن خلف انا عبد بن كثير العامري انا محمد بن علي
الصيرفي انا إبراهيم بن إسماعيل اليشكري عن شريك عن
أعمش نا عن أبي وابل عن حذيفة قال رسول الله صلى الله عليه وآله
: على خير البشر. من أبى فقد كفر. وقال
النبي ص على صالح المؤمنين بنص القرآن وهو الاذن الواعية
والمؤذن الذي قال تع فاذن مؤذن بينهم وهو اذان من الله
36

ورسوله وهو وولده الذين قال الله تع: وعلى الأعراف
رجال ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار وهم أولئك
الصديقون والشهداء وهو الوالد لقوله انا وعلى أبوا
هذه الأمة وهو الودود لقوله تع سيجعل لهم الرحمن ودا
وهو الصراط المستقيم لقول النبي عليه السلام لله صراطان أحدهما
في الدنيا والاخر في الآخرة فمن لم يعرف صراط الدنيا لم يمر على صراط
الآخرة وهو المناجى لقوله تع يا أيها الذين امنوا إذا ناجيتم
الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة وهو الكافي لقوله
وكفى الله المؤمنين القتال وهو من عنده علم الكتاب لقوله تع
قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب وهو
أحد البحرين لقوله تعالى: مرج البحرين يلتقيان وهو الملقى
في جهنم أعدائه لقوله تع القيا في جهنم فإنه خطاب من الله
37

لرسوله ولعلى وهو الوفي المطعم لقوله تع يوفون و
يطعمون، وهو الولي لقوله تع إنما وليكم الله ورسوله
وهو المنفق لقوله تع الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار
سرا وعلانية وهو من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله
ليلة بات على فراش رسول الله وهو النسب والصهر لقوله تع
وجعله نسبا وصهرا والناس كلهم خطبوا فاطمة عليها السلام
فردهم النبي وان قريشا سمته الموت يوم بدر فنزلت
ولقد كنتم تمنون الموت من قبل ان تلقوه فقد رأيتموه
باب في ذكر فاطمة بنت رسول الله عليهما السلام
هي البتول، الطهر والطاهرة الزهرة الزهراء والزاهرة
المحدثة، العليمة، العالمة، الحكيمة، الحليمة، التقية،
النقية، حبيبة أبيها، السيدة، الزاهدة، حوراء انسية
38

بضعة رسول الله، شجنة نبي الله، المظلومة، المضطهدة
الشهيدة، مؤنسة خديجة الكبرى في بطنها أم الأئمة
والدة حجج الله تع، أمة الله، بنت النبي، زوجة الوصي
سيدة نساء أهل الجنة، سيدة نساء العالمين، الأمة
البارة، المدفونة بالليل، الكاظمة، الرؤوفة. *
فصل في تفسير ألقابها المذكورة اعلم أنها
عليها السلام بتلت نفسها على المحظورات والمكروهات عقلا
وشرعا فتبتلت وانقطعت إلى طاعة الله وعباداته علما
وعملا وتبل الحيض والاستحاضة والنفاس عنها، وكانت
طاهرا طهرا ابدا طاهرة لم تزل كانت من الذين اذهب الله عنهم
الرجس أهل البيت وطهرهم تطهيرا، وبسبب نور يزهر و
يضيئ من ملأتها التي كانت من الشعر والوبر أسلم من اليهود
39

نيف وثمانون نفرا، ومن حديثه ان عليا اخذ شيئا من
الشعير من يهودي ورهنه بذلك مرطا لفاطمة فاخذه
اليهودي ووضعه في بيت من داره فلما امسى بعث زوجته
إلى ذلك البيت لتأخذ منه متاعا لهم فيه فلما فتحت
الباب وان في البيت مصباحا قد أضاءت الدار به كأنه
زهرة السماء أو زهرة الروضة الغناء فأخبرت زوجها بذلك
فلما دخل البيت ورأي النور ينتشر من مرط فاطمة عليها السلام
ذهب فذهب الرجل إلى قرابته والمرأة إلى قرابتها فاستحضراهم
فلما رأوا ذلك أسلموا كلهم، وكان أبوها يشم رأسها
وصدرها ويقول عليه السلام أجد رائحة زهر الجنة منها
وهي زهراء تشبه أباها في الخلق والخلق والحسن والجمال
وكان النبي عليه السلام يسمى الأزهر وهي الزهراء، يقال رجل أزهر
40

أي ابيض مشرق الوجه، والمرأة زهراء. وكانت زهراة
يسلب نورها نور الأزهرين الشمس والقمر وكان رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم حدثها بما كان وما يكون مما
اخبره الله ويقال للرجل الصادق الظن محدث بفتح
الدال مشددة، وكانت لها فراسة صادقة، وهي كانت
عالمة جدا في الأصول والفروع يطلع على علمها الفايض
من نظر في خطبتها وكلامها، وكانت عالمة بالأحكام الشرعية
صاحبة الحكمة متقنة للأمور محكم وتقضى بالعدد
وكانت ذات حلم وأناة ووقار وسكينة، وكانت متقية ذات
تقى وتقوى، (واتقى يتقي، أصله أو تقى على افتعل
فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها وأبدلت منها التاء
واد غمت فلما كثر استعماله توهموا ان التاء من نفس الكلمة)
41

وكانت نقية نظيفة من كل عار وشنار يقال نقى الشئ
ينقى نقاوة بالفتح فهو نقى أي نظيف، وكانت محبوبة
إلى أبيها رسول الله ص يزيد حبه لها على محبتها له عليهما السلام
وكانت سيدة زاهدة أي غير راغبة في حطام الدنيا وزينتها
متزهدة أي متعبدة لربها سرا واعلانا ليلا ونهارا،
وعن أبي سعيد قال النبي صلى الله عليه وآله سادات
نساء أهل الجنة أربع: فاطمة بنت محمد ص، وخديجة
ومريم، وآسية. وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة
وقال: دخلت الجنة ليلة اسرى بي فناولني جبرئيل عليه السلام
تفاحة من ثمر الجنة فأكلتها فوقع ماؤها في صلبي فوقعت
على خديجة فحملت بفاطمة، ففاطمة حوراء في صورة
انسية، فإذا اشتقت إلى الجنة قبلت فاطمة فأشم منها
42

رائحة الجنة، والبضعة القطعة من اللحم بالفتح
وأخواتها بالكسر كالفلذة، وفى الحديث، الرحم شحنة
من الله أي الرحم مشتقة من الرحمن يعنى انها قرابة
مشتبكة كاشتباك العروق، وكونها مظلومة مضطهدة
بعد أبيها لا يخفى، فقد سلبت فدك منها قهرا ومنع حق
ولديها وبعلها وماتت بالغصة. شهيدة إذ ضربوا
باب دارها على بطنها حتى هلك ابنها الجنين الذي سماه
رسول الله صلى الله عليه وآله المحسن، واستيناس أمها
خديجة هو ان نساء قريش هاجرن هجرت خديجة إذ تزوجت
رسول الله ص فمر عليها النبي ص يوما وهي تتكلم فقال ص
يا خديجة ممن تكلمين فقالت مع الجنين الذي في بطني
وتفسير الباقي ما بقي ظاهر فصل وباسناد ابن مردويه
43

عن أبي هريرة ان النبي عليه السلام قال ملكا استأذن الله في
زيارتي 2 وأخبرني فبشرني ان فاطمة سيدة نساء أهل الجنة. وعن
حذيفة كان النبي صلى الله عليه وآله لا ينام حتى يقبل
عرض وجه فاطمة وبين ثدييها ويدعو لها. وعن ابن
عباس ان النبي صلى الله عليه وآله كان إذا رجع من مغازيه
قبل رأس فاطمة. وعن عايشة ان النبي عليه الصلاة
والسلام إذا قدم من سفر قبل ما بين عيني فاطمة وقبل نحرها
وقال منه أشم رايحة الجنة. وقال النبي عليه السلام إنما
سميت فاطمة فاطمة لان الله فطمها وفطم من أحبها من النار
وقال علي بن موسى الرضا عليه السلام وقد سئل عن الشيخين فقال
عليه السلام كانت لنا أمة بارة خرجت من الدنيا وهي عليها غضبى
ونحن لا نرضى حتى ترضى، والأمة لغة في الام. وكانت
44

فاطمة ع وصت ان تدفن ليلا لجفاء القوم ولا تدع عليهم
بل كظمت غيظها، وكانت بنت نبي الرحمة فاحتملت ظلمهم
باب في ذكر الحسن والحسين عليهما السلام
هما سبطا رسول الله، هما ريحانتي نبي الله، هما شنفا
العرش، هما سيدا شباب أهل الجنة، وقال النبي
صلى الله عليه وآله: هذا السيد المجتبى، وهذا شهيد
كربلا سيد الشهداء. وقال عليه السلام الحسين هو السيد
وأخو السيد وابن السيد وأبو السادة، هو الحجة أخو
الحجة ابن الحجة أبو الحجج، هو الامام أخو الإمام ابن
الإمام أبو الأئمة. وروى أن فاطمة عليها السلام أتت النبي
صلى الله عليه وآله فقالت هذا ابناك ورثهما شيئا
فقال عليه السلام: اما الحسن فان له هديي وسؤددي، واما
45

الحسين فان له جودي وشجاعتي ولذلك قيل ذو الهدى
والسودد للحسن وذو الجود والشجاعة للحسين. وقيل
لهما ابنا رسول الله قال الله تعالى: ندع أبنائنا وأبناءكم
فاما قوله تع ما كان محمد أبا أحد من رجالكم، فالمراد
به زيد بن حارثة فهو من رجال المخاطبين من الأمة
وهما القطعتان من جسد الرسول وقرتا عين البتول
وهما الفرقدان على سماء الدين ورسول الله شمسها و
على قمرها وفاطمة زهرتها وهما السيدان الأطهران
الأزهران الأنوران النقيان التقيان الزاكيان الفاضلان
العالمان ملهما الحق وقائد الخلق فصل
قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان ابني ذين ريحانتاي
من الدنيا وقال ع ان الحسن والحسين شنفا العرش
46

وان الجنة قالت يا رب أسكنتني الضعفاء والمساكين
فقال الله الا ترضين إلى زينت أركانك بالحسن والحسين
فماست كما تميس العروس فرحا. وقال عليه السلام اللهم إني
أحبهما فاحبهما وأحب من أحبهما. وقال من أحب الحسن و
الحسين أحببته ومن أحببته أحبه الله ومن أحبه
الله ادخله الله الجنة. وهما المرتد فان والمصطرعان
وتفسير ذلك ما روى ابن مسعود ان النبي صلى الله عليه وآله
كان يصلى فجاء الحسن والحسين فأردفاه فلما رفع رأسه
اخذهما اخذا رقيقا فلما عاد عادا فلما انصرف اجلس هذا
على فخذه وهذا على فخذه وقال من أحبني فليحب هذين
وروى عن عبد الله ميمون عن الصادق عليه السلام اصطرع
الحسن والحسين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وعليهما
47

وعلى أبيهما فقال رسول الله أيها حسن خذ حسينا فقال
فاطمة يا رسول الله أتستنهض الكبير على الصغير فقال
رسول الله هذا جبرئيل عليه السلام يقول للحسين أيها حسين
خذ الحسن. روى عن أم الفضل بنت الحارث انها قالت
للنبي عليه السلام رأيت الليلة حلما منكرا فسئل وما هو قالت إنه
شديد قال ما هو قالت كان قطعة من جسدك
قطعت ووضعت في حجري فقال رسول الله خيرا رأيت،
تلد فاطمة غلاما فيكون في حجرك فولدت فاطمة الحسين
ودخل رسول الله والحسين في حجري فقال لي هذا تأويل
رؤياك، وكانا حجة الله لنبيه في المباهلة في الصغر
وحجة الله على الأمة بعد أبيهما. وهما الكاملان في الصبي
وتفسير ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله لم يبايع صبيا
48

في ظاهر الحال فبيعة رسول الله لهما من برهان كما لهما في الصغر
وحجة اختصاص الله لهما وقد أوجب الله لهما الثواب في حال
الطفولية إذ فعلا ما فعل أبواهما حتى انزل الله هل اتى
كما حكى الله عن عيسى في المهد. وروى العامة والخاصة
ان النبي صلى الله عليه وآله قال ابناي هذان امامان
قاما أو قعدا وأبوهما خير منهما، وهما حجتان بجابلقا و
جابلسا وما بينهما وهما مدينتان بالمشرق والمغرب فيهما
خلق لم يهموا بمعصية الله قط. * -
باب في ذكر الإمام علي بن الحسين عليهما السلام
هو آدم الثاني، هو نوح الثاني، هو إبراهيم الثاني، هو
سيد العباد، وهو العابد السجاد، هو زين العبادين
وسيد المجتهدين، وامام المؤمنين وأبو الأئمة المعصومين
49

وبقية الصالحين، واحد البكائين. وهو المنعوت بذى
الثفنات، والناطق له الحجر بالبينات وهو ذو الاعلام
الباهرات، وصاحب المعجزات والكرامات، سمى جده
على وشبيهه في العبادات ويقال له قايم الليل صايم
النهار الراغب في الآخرة الزاهد في الدنيا، المصفر اللون
من السهر، المنخرم الانف والجبهة من السجود هو حسن
الصحبة وزوار الكعبة، حليف القرآن، حبيب الرحمن
صالح أهل بيت الخير رفيق الملائكة والخضر المغضى من
الحياء المتشوق إلى الدعا يكنى بابا محمد وأبا الحسر وأبا بكر
بقي مع جده أمير المؤمنين سنتين ومع عمه الحسن عشر
سنين ومع أبيه بعده عشر سنين وبقى بعد مضى أبيه
خمسا وثلثين سنة فصل امتلأ بسيط الأرض
50

من أولاده وأكثرهم أبرار عن أبي جعفر الباقر عليه السلام كان علي بن
الحسين عليهما السلام يصلى في اليوم والليلة الف ركعة وكانت الريح
تميله بمنزلة السنبلة وكان إذا توضأ اصفر لونه فيقول له
أهله ما هذا الذي يغشاك فيقول أتدرون لمن أتأهب
للقيام بين يديه وإذا قام إلى الصلاة اخذته الرعدة،
فقيل له فيه فقال أتدري إلى من أقوم ومن أريد ان أناجي
وحج ماشيا فسار من المدينة إلى مكة في عشرين يوما و
ولقد حج على راحلة عشر حجج وعلى ناقته عشرين حجة
ما فزعهما بسوط، وكان يقرأ القرآن فربما مر به المار
يصعق من حسن صوته. وقيل له ما أن لحزنك ان
ينقضى فقال شكى يعقوب إلى ربه من أقل مما رأيت حتى
قال يا أسفي انه فقد ابنا واحدا وانا رأيت أبى واخى
51

وجماعة أهل بيتي يذبحون حولي. والبكاؤون آدم على
فراق الجنة ويعقوب ع ويوسف ع وفاطمة ع وعلي بن الحسين ع
وهو على الثاني، وقيل له ذي الثفنات لان طول السجود
اثر في مساجده وثفناته، وثفنات البعير ما يقع على الأرض
من أعضائه إذا استناخ وغلظ كالركبتين وغيرهما
وروى أن الناس ظنوا بعد الحسين محمد بن الحنفية
فجاء زين العابدين إلى الحجر الأسود وابن الحنفية فقال
محمد إن كان الحق لي في الإمامة أيها الحجر فتكلم به فلم ينطق
ثم قال على ع مثله فانطق الله الحجر فقال إن الإمامة
لعلى ع وفى أولاده فقبل محمد رجله. وكان على ظهره
كهيئة الجبال السود للحمل على ظهره إلى الفقراء بالليل
وكان يقوت سبعين بيتا من أهل المدينة وهم لا يعلمون
52

فلما مات فقدوا اثره. وكان يعجبه ان يحضر طعامه جماعة
من اليتمى اليتامى والاضراء ويلبسهم الثياب وينفق على عيالهم
قيل دخل عبد الملك بن مروان المسجد الحرام وامر ان لا
يدخل من يزاحمه في الطواف في زمان خلافته فدخل زين
العابدين ولم يلتفت إليه ولم يكن عرفه عبد الملك فسئل خدمه
عنه فقالوا هو علي بن الحسين عليهما السلام فقال قولوا له،
ليحضرني فلما قعد إليه قال هلا تدخل علينا ما قتلت
أباك فلم تهجرنا قال من قتل أبى أفسد عليه دنياه فان أردت
ان تفسد على دنياي فافعل قال معاذ الله ادخل علينا
لنساعدك من دنيانا فرفع يديه وقال يا رب أره حرمتي
عندك فوقع في الحال ألوف من الجواهر واللئالي ما لم يوجد
مثله وقال من كان كذلك فأي حاجة له إلى المخلوقات المخلوق
53

ثم قال يا رب استردها فارتفعت إلى السماء فقال له
عبد الملك عظني فقال أتريد واعظا أبلغ من القرآن
قال الله تعالى: ويل للمطففين، هذا لمن طفف
فكيف لمن اخذه كله. * -
باب في ذكر محمد بن علي بن الحسين عليهم الصلاة والسلام
هو محمد الثاني وباقر العلم الأهل التقى وخير من لبى على الا جبل
ذو الزهد والسودد، مظهر علوم الدين، مبين علم
القرآن، حافظ معالم الدين. علم الفضل لأهله
معدن الآثار والسنة، مرجع بقايا الصحابة، ملجاء
وجوه التابعين، مفرغ رؤوساء الفقهاء والمتكلمين
صاحب الجوابات المسكتة، ذو الآيات المخرسة،
معتمد العلماء والمسلمين، شجرة الفتوة والمروة موضع
54

الرسالة والسنن، عيبة اخبار الأنبياء والسير،
ملهم علم الكلام، مملي تفسير القرآن هو من كان يحل
شبه أهل الازاء وارث علم خاتم الأنبياء هو العليم
الحكيم الحليم، بقية أهل بيت الرحمة، المشهور بالكرم
والجود، مقبول القول والإمامة فصل دخله
جابر بن عبد الله الأنصاري بعد ما كف بصره على محمد بن علي
بن الحسين عليهم السلام فقبل يده ثم أهوى إلى رجله
فتنحى عنه وقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله
يقرئك السلام فقال وعلى رسول الله السلام ثم
قال جابر قال لي رسول الله تبقى حتى تلقى رجلا من ولدى
يقال له محمد بن علي بن الحسين يهب الله له النور
والحكمة فاقرئه منى السلام والناس يروون عن
55

جابر أنه قال يوشك ان تبقى حتى تلقى لي ولدا من الحسين ع
يقال له محمد يبقر العلم بقرا فإذا لقيته فاقرأه منى
السلام، وكان في وصية أمير المؤمنين علي عليه السلام إلى
ولده ذكر محمد بن علي والوصاة وان رسول الله صلى
الله عليه وآله سماه وعرفه بباقر العلوم، وكان
جابر بن يزيد إذا روى عنه شيئا قال حدثني وصى الأوصياء
ووارث علم الأنبياء أبو جعفر الباقر، وعن عبد الله
بن عطاء المكي ما رأيت العلماء عند أحد قط
أصغر منهم عند أبي جعفر، ولقد رأيت الحكم بن
عتيبة مع جلالته في القوم بين يديه كأنه صبي
بين يدي معلمه، وروى عن عمر وعبيد انه وفد
على الباقر ليمتحنه قال ما معنى قوله تع أولم ير الذين
56

كفروا ان السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما فقال
أبو جعفر ع كانت السماء رتقا لا تنزل القطر وكانت الأرض
رتقا لا تخرج النبات فقال عمرو خبرني عن قوله:
ومن يحلل عليه غضبى فقد هوى ما غضب الله
فقال غضب الله عليه عقابه يا عمرو من ظن أن
الله يغيره شئ فقد كفر وعن محمد بن المنكدر
رأيت الباقر ع في ساعة حارة يوما يتكئ على غلامين
له فقلت شيخ قريشي في طلب الدنيا لأعظنه فقلت
له لو جاءك الموت وأنت في طلب الدنيا على هذه الحال
قال لو جائني الموت لجائني وانا في طاعة من طاعات الله
اكف بها نفسي عنك وعن الناس وإنما كنت أخاف
الموت لو جائني وانا في شئ من معاصي الله قال أردت
57

ان أعظك فوعظتني. وعن القاسم بن محمد بن أبي بكر
رأيت فتى أحسن من الشمس الطالعة ببقيع الفرقدين
قبرين قبر الحسن وعلي بن الحسين والباقر يبكى بكاء
لم اسمع أشجى منه فقلت يا صبي ما الذي افوك بالخلوة
في المقابر فقال: ان الصبي صبي العقل لا صغر
ازري بذي العقل فينا فيها ولا كبر. فقلت أراك الله
حدثا تأتى بمثل هذا الكلام فقال إن الله إذا أودع
عبدا حكمة لم يزدره الحكماء العلماء لصغر سنه وكان عليه
من الله نوره والمهابة فقلت بابى سمعت كلاما أرصن
من كلامك لاشك انك من أهل بيت حكمة فمن أنت
قال من شقاوة أهل الدنيا قلة معرفتهم بأولاد الأنبياء
انا محمد بن علي بن الحسين وهذا قبر أبى فأي انس آنس
58

من قربه وأي وحشة لا تكون مع فقده. * -
باب في ذكر الإمام جعفر بن محمد عليهما السلام
هو أبو عبد الله الصادق الامام المفترض الطاعة،
صاحب الجعفر والجامعة خليفة أبيه وصى أبى جعفر
القايم بالإمامة، ينبوع العلوم معدن السخاء الحلم والكرم
منبع العلوم الإلهي مشرع الشرايع أفضل أهل الزمان
شيخ الطالبيين مستجاب الدعوة علامة زمانه ذو المعجزات
الباهرة صاحب الآيات، معرس الفخار المعرق فرع
العلاء المثمر المورق فصل اعلم أنه لقب
بالصادق وكلهم كانوا صادقين وقيل في ذلك وجهان
أحدهما انه جرى بينه وبين رجل من بنى العباس كلام
لخاصمه العباسي إلى قبر رسول الله فسمع من القبر جعفر
59

هو الصادق والثاني ما روى عن أبي خالد الكابلي أنه قال
دخلت على زين العابدين عليه السلام فقلت اخبرني بالذين
فرض الله طاعتهم والاقتداء بهم بعد رسول الله قال
يا كنكر أمير المؤمنين ثم الحسن ثم الحسين ثم انتهى الامر
إلينا ثم سكت فقلت يا سيدي روى لنا عن أمير المؤمنين
ان الأرض لا تخلو من حجة الله على عباده فمن الحجة
والامام بعدك فقال ابني محمد واسمه في التورية الباقر
يبقر العلم بقرا ومن بعده ابنه جعفر واسمه عند أهل السماء
الصادق قلت وكيف صار اسمه الصادق وكلكم صادقون
فقال حدثني أبي عن أبيه ان رسول الله صلى الله عليه وآله
قال إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين فسموه الصادق
فان الخامس من ولده الذي اسمه جعفر يدعى الإمامة افتراء
60

على الله فهو عند الله جعفر الكتاب. وامر المنصور باحضار
أبى عبد الله فلما حضر قال له قتلني الله ان لم أقتلك أتلحد
في سلطاني وتبغيني الغوائل فقال أبو عبد الله والله ما
فعلت ولا أردت فإن كان بلغك فمن كاذب فقال إن
فلانا اخبرني عنك بما ذكرت قال احضره فاحضر فقال قد
سمعت عن جعفر كذا وكذا فاستحلفه فابتدأ باليمين فقال
أبو عبد الله دعني احلفه انا فقال له افعل فقال أبو عبد الله
للساعي قل، برئت من حول الله وقوته والجأت إلى حولي
وقوتي، فحلف فما برح حتى ضرب برجله فقال المنصور:
أخرجوه لعنه الله. وبعث داود بن علي بن عبد الله بن
عباس وكان واليا بالمدينة جماعة إلى أبى عبد الله عليه السلام
يحضره إلى داره ليقتله فلما دخلوا عليه وغلظوا في الكلام له
61

فدعا الله ثم قال إن صاحبكم مات فارتفع الأصوات بالصياح
وقيل مات داود بن علي الساعة. وقال ع وجدت
علم الناس في أربع: أولها ان تعرف ربك والثاني ان تعرف
ما صنع بك، والثالث ان تعرف ما أراد منك، والرابع
ان تعرف ما يخرجك عن دينك. ودخلت عليه امرأة
وهو في قوم فناولته تفاحة بعضها احمر وبعضها اصفر،
فزجرها القوم فقال لا تفعلوا وهي فهي تسئلني عن أيام حيضها
ان بعضها كذا وبعضها كذا فقالت ذرية بعضها من بعض
والله سميع عليم ثم أجابها وكانت فعلت بابى حنيفة مثل
ذلك فردها فقالت لأخرجن إلى الصادق فإنه يخبرهما في القلوب
اعلاما من الله ورسوله. * -
باب في ذكر الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام
62

كان يكنى أبا الحسن فلما ولد الرضا ترك كنيته وكان يكنى
أبا إبراهيم وأبا على في الخصوص وربما يقال له أبو الحسن
الأول للرضا أبو الحسن الثاني ولعلى بن محمد النقي أبو الحسن
الثالث، وكان موسى بن جعفر يعرف بالعبد الصالح وينعت
أيضا بالكاظم وبالكهف الحصين وبقوام ال محمد وبنظام
أهل البيت وبنور أهل بيت الوحي وبراهب بني هاشم
وكان يقال له اعبد أهل زمانه أسخى العرب أفقه الثقلين
منقد مفتقد الفقراء مطعم المساكين. وكان الناس يسمونه
زين المجتهدين وحليف كتاب الله لقبه الله في اللوح
بالمنتخب فصل إنما سمى عليه السلام بالكاظم لما كظمه
من الغيظ واحتمل من الأذى وصبر عليه من فعل الظالمين
به وسقوه السم مرارا حتى مضى عليه السلام قتيلا في حبسهم ووثاقهم
63

سئله الشيباني بمكة بحضرة الرشيد أيجوز للمحرم ان يظلل
عليه محله فقال موسى عليه السلام لا يجوز مع الاختيار فقال أيجوز
ان يمشى تحت الظلال مختارا فقال نعم فتضاحك الشيباني
فقال الإمام عليه السلام أتعجب من سنة النبي وتستهزء بها ان
رسول الله صلى الله عليه وآله كشف الظلال في احرامه
ومشى تحت الظلال وهو محرم وان احكام الله لا تقاس
فمن قاس بعضها على بعض فقد ضل عن سواء السبيل.
وقال الرشيد عند قبر النبي صلى الله عليه وآله السلام عليك
يا بن عم فقال موسى عليه السلام: السلام عليك يا أبة فتغير وجه
الرشيد فقال له الرشيد انا وأنت ابنا عمه فقال إن كان
حيا وخطب ابنتك هل تزوجه قال نعم قال وهل يخطب
إلى بنتي قال لا، وكان أوصل الناس لرحمه وأهله،
64

وكان يحمل إلى المساكين والأيتام والأرامل الأزقة والتمور
ويوصل إليهم العين والورق وكانت صرار موسى مثلا في
العطاء فإنه كان يصل بثلاثمائة ونيف وكان أحسن الناس
صوتا بالقرآن وكان يحدر إذا قرأ ويبكي السامعون
لقرائته وكان يسمى مكلم الأسد وسبب ذلك أن
ان علي بن حمزة البطاني قال صحبت موسى عليه السلام إلى ضيعة
له فلما صرنا في بعض الطريق اعترضنا أسد ولم يكترث
به موسى فرأيت الأسد تذلل له عليه السلام وجعل يهمهم فوقف
موسى ع ووضع الأسد يده على كفل بغلته فحول عليه السلام وجهه
إلى القبلة ودعا ثم أومأ إلى الأسد بيده ان امض فهمهم
الأسد وانصرف فقلت لما خرجنا ما شأن هذا الأسد
قال إنه اشتكى إلى عسر ولادة لبوته وسئلني ان ادعو ليفرج
65

الله عنها ففعلت والقى في روعي انها ولدت ذكرا فخبرته
فقال لا سلط الله عليك ولا ذريتك ولا على أحد من
شيعتك سبعا قلت آمين. * -
باب في ذكر الإمام علي بن موسى الرضا عليهما السلام
هو أبو الحسن الرضا سمى على وعلى اعطى فهم الأول
وحلمه ونصره وورده ودينه وأعطى محبه الاخر
وورعه وصبره على ما يكره صاحب الألسن واللغات
ذو الاعلام الباقيات مرضى الصديق والعدو أفضل
آل أبي طالب محيي سنة رسول الله ولى العهد من الله
غريب خراسان بحر الجود والعلم طود الوقار والحلم السيد
المعصوم أمان أهل خراسان الصابر على البأساء والضراء
مفخر طوس من يده كيد عيسى مشهده مثل عصا موسى
66

فصل اعلم أن الله سماه في اللوح المحفوظ
بالرضا وأومأ به انه يرضى به الأعداء والأولياء وقد رضيت
الملائكة شمايله وأخلاقه وأقواله وأفعاله وارتضاه الله
ورضى عنه وأرضاه وكان العالمون يتعجبون منه إذ وجدوه
مطلعا على كل لسان ولغة يتكلم بجميع ذلك وكذلك كان
آباؤه وأبناؤه إلى خاتم الأئمة فقد علمهم الله كما علم آدم الأسماء
كلها، وكان المأمون قد بعث إلى المدينة من حمله إلى مرو
في المفاوز والبراري لافى العمران لئلا يراه الناس فيرغبوا
فيه فما من منزل من منازله الا وله عليه السلام في معجزة معروفة
يرويه العامة والخاصة وله اعلام بالأهواز إذ نزل على
بابها يوما وبنيسابور آيات ولما بلغ قرب القرية الحمراء
زالت الشمس ولم يكن معه ماء فبحث بيده المباركة الأرض
67

قليلا فنبع منها الماء وهو باق إلى اليوم ولما وصل إلى
سناباد نزل إلى جنب جبل وقال اللهم اجعله نافعا
لينتفع به الناس وبارك فيه وفيما ينحت منه ويجعل
من حجره ثم أمر فنحت له قدور من ذلك الجبل وقدور
أهل الدنيا تتخذ منه إلى الان، ثم دخل القبة التي
فيها قبر هارون وخط بيده على الموضع الذي هو قبره
وقال هذه تربتي وفيها أدفن وسيجعل الله هذا المكان
مختلف شيعتي، وألح المأمون عليه بالبيعة له وأبى
عليه حتى أشرف على الهلاك من تأبيه فقال المأمون
أعزل نفسي عن الخلافة وأجعلها لك فقال الرضا ع
ان كانت لك فلا يمكنك ان يخلع لباسا ألبسكه الله
وتجعله لغيرك وان لم تكن الخلافة لك فليس لك ان
68

تجعلها لي فقال المأمون كن ولي عهدي لتكون الخليفة
بعدي فقال أخبرني أبي عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ان اخرج من الدنيا مقتولا بالسم مظلوما
تبكي علي ملائكة السماء والأرض وأدفن في أرض غربة
إلى جنب هارون فقال المأمون ومن الذي يقتلك و
أنا حي قال لو أشاء ان أقول لقلت فقال المأمون
هذا للتخفيف أو ليقول الناس انك زاهد في الدنيا،
فقال الرضا ع ما زهدت في الدنيا للدنيا ثم أوعد حتى
قبل وقال اللهم لا عهد الا عهدك ولا ولاية لي الا
من قبلك وقد أكرهت كما اضطر يوسف ودانيال
وزوجه أخته ثم سقاه السم حتى لحق بالله تعالى
باب في ذكر الإمام محمد بن علي التقي عليهما السلام
69

هو أبو جعفر الثاني ويكنى في الخاص أبا على سماه الله تع
في اللوح بالتقى وكان ينعت بالمرتضى والمنتجب والهادي
وكان الناس يقولون فيه أعجوبة أهل البيت ونادرة
الدهر وبديع الزمان وعيسى الثاني وذو الكرامات و
المؤيد بالمعجزات وسلالة رسول الله مواده والهامه
من الله صاحب الخضرة الفايق على المشايخ في الصغر
من خاتم الإمامة على كتفه المبرز على كافة ذوي أهل
الفضل أفضل أهل الدنيا في الصبي الكامل في السودد
والهدى والحكمة والعلم هادي القضاة سيد الهداة
نور المهتدين سراج المتعبدين مصباح المتهجدين
فصل عن صفوان بن يحيى قلت للرضا عليه السلام
إن كان كون فإلى من فأشار إلى أبى جعفر وهو قائم بين يديه
70

قلت هذا ابن ثلث سنين قال ما يضره من ذلك قد قام
عيسى بالحجة وهو ابن أقل من ثلث ونحن أهل بيت يتوارث
أصاغرنا عن أكابرنا القذة بالقذة. ومناظرة يحيى بن
أكثم في السؤال والجواب معروفة فتحير يحيى وانقطع و
لجلج فقال له المأمون أتخطب يا أبا جعفر ابنتي أم الفضل
قال اخطب فقال الحمد لله اقرارا بنعمته ولا إله إلا الله
اخلاصا لوحدانيته وصلى الله على محمد سيد بريته
والأصفياء من عترته اما بعد فقد كان من فضل الله
على الأنام ان أغناهم بالحلال عن الحرام فقال سبحانه
وانكحوا الأيامى والصالحين الآية ثم إن محمد بن علي
بن موسى الرضا يخطب أم الفضل بنت عبد الله
المأمون وقد بذل لها من الصداق مهر جدته فاطمة ع
71

بنت محمد ص وهو خمسمائة درهم جياد فهل زوجته بها
على هذا الصداق قال المأمون نعم زوجتك أم الفضل
ابنتي يا أبا جعفر على الصداق المذكور فهل قبلت النكاح
ورضيت به قال قد قبلت النكاح ورضيت به.
ولما توجه أبو جعفر من بغداد إلى المدينة ومعه أم
الفضل انتهى إلى دار المسيب في شارع باب الكوفة عند مغيب
الشمس نزل ودخل المسجد وكان في صحنه شجرة معروفة
نبقة لم تحمل بعد فدعا بكون فيه ماء فتوضأ في أصل
النبقة وقام فصلى بالناس صلاة المغرب فقرأ في الأولى
الحمد وإذا جاء نصر الله وفى الثانية الحمد وقل هو الله أحد
فلما سلم جلس هنيئة وقام من غير أن يعقب فصلى النوافل
الأربع وعقب وسجد سجدتي الشكر وخرج فلما انتهى إلى النبقة
72

رآها الناس وقد حملت حملا حسنا فتعجبوا من ذلك واكلوا
فوجدوه نبقا حلوا لا عجم له ومضى إلى المدينة من وقته إلى أن
اشخصه المعتصم إلى بغداد وسمه ودفن عند جده موسى عليهما السلام
باب في ذكر الإمام علي بن محمد النقي عليهما السلام
هو أبو الحسن الثالث سماه الله بالنقي في اللوح الذي
أهداه الله إلى نبيه الذي فيه أسماء الاثني عشر من حججه
المتبحر في العلم والزهد المتكامل في الفضل والفضايل
صاحب المعجزات الباهرات علامة الزمان علم أهل البيت
سلالة الطاهرين الآية الكبرى على تل المخالي هادي
الخلق إلى الحق المصباح في الظلمات سراج بني هاشم
لطف العرب والعجم فصل يقال له العسكري
لان المتوكل أخرجه إلى سر من رأى وأسكنه بها مع الأهل
73

والولد ويقال لسامرة العسكر فنسب إليه هذا هو الأصح
وعن يحيى بن هرثمة بعثني المتوكل لاحضار علي بن محمد إلى
جواره فدخلنا البادية وكان معي كاتب لي متشيع وآخر
خارجي يخدمني وكنت حشوى المذهب فقال الخارجي
ان صاحب هذا الكاتب علي بن أبي طالب قال ليس في
الأرض شبر الا وهو مقبرة فأين من يموت هيهنا ويدفن
وكان هذا في موضع معروف في البادية قال فلما دخلنا
على علي بن محمد وعزم على الخروج رأيته يأمر بأخذ البرانس
الغلاظ واللبود الثقيلة ونحن في حارة القيظ فقلت
في نفسي هؤلاء الرافضة يقتدون بهذا الذي لا تجربة له
ولاعرف أي وقت لهذا فارتحلنا إلى أن قربنا من الموضع
الذي جرى المناظرة بين الخارجي وكاتبي فإذا أبو الحسن أمر
74

خدمه باستخراج اللبود والبرانس وإذا نحن بغمامة سوداء
ورعد وبرق فأعطاني لبدا وبرنسا وكاتبي أيضا ولبس
هو وأصحابه اللبود والبرانس وإذا أمطر علينا برد عظيم
كأكبر ما يكون فهلك من أصحابي نيف وثمانون رجلا
وانقشع السحاب فقال أبو الحسن يا يحيى بن هرثمة هكذا
يجمع الله الناس هيهنا ويميتهم فقبلت رجله واستبصرت
فدفنا الموتى وخرجنا فبينا نسير بعد ذلك يوما إلى قرب
الزوال وأبو الحسن لا يشير بالنزول فقلت يا بن رسول
الله كلت الدواب والحمولات وقد حر اليوم ولا ماء فقال
تستريحون انشاء الله تحت ظل أغصان شجرتين وتشربون
من أبرد ماء وكنت عارفا بتلك الطريق ان لا ماء فيها
ولا شجر فسرنا إلى أن بدا لنا شجرتان كأعظم ما يكون من الأشجار
75

وإذا ماء جار تحتها فتعجبنا ونزلنا فشربنا وسقينا الدوات
والمراحل وارحلنا واسترحنا وكنت انظر إلى الماء والى
الشجرتين ثم انظر إلى ابن رسول الله فيتبسم في وجهي
فأخذت سيفي وخرجت إلى خلف الشجرتين ودفنته في الأرض
وأعلمت عليه بحجارة وضعتها عليه فلما ارتحلنا وخرجنا
غلوة أو غلوتين انصرفت إلى ذلك الموضع فوالله ما
وجدت اثرا للشجرتين وكان لا ماء هناك قط واخذت
السيف وأسرعت حتى لحقت بالخيل فصرت ثابت القدم
في التشيع. وعن أبي هاشم الجعفري خرجت مع أبي الحسن
بتلقي بعض القادمين فأبطأوا فجلس عليه السلام فشكوت إليه
ضيق حالي فاهوى يده إلى رمل فناولني منه أكفا وقال
اتسع بهذا واكتم ما رأيت فلما رجعت فإذا هو يتقد
76

كالنيران فدعوت صايغا وقلت اسبك اسبكه لي فقال ما
رأيت ذهبا أجود منه وهو كهيئة الرمل قال أبو هاشم
ومر بنا تركي وكلمه أبو الحسن عليه السلام بالتركي فنزل عن
فرسه وقبل حافر دابته وقال لي هذا نبي قلت ابن
رسول الله قال دعاني باسم سميت به في صغرى في بلاد
الترك ما علمه أحدا إلى الساعة قال أبو هاشم فكلمني أبو الحسن
عليه السلام بالهندية فلم أحسن ان أرد عليه فتناول حصاة
فمصها ثم رمى بها إلى فوضعتها في فمي فما برحت حتى
تكلمت بثلث وسبعين لسانا أولها الهندية
وعن أبي جعفر محمد بن علوية وأبى العباس أحمد بن النصر
كان بأصبهان رجل يقال له عبد الرحمن وكان شيعيا
قيل ما السبب فيه قال شاهدت ما أوجب ذلك
77

أخرجني أهل أصبهان معهم إلى باب المتوكل متظلمين
فكنا ببابه إذ خرج الامر باحضار علي بن محمد الرضا عليهما السلام
للقتل قلت لا أبرح حتى انظر إليه فاقبل على فرس و
الناس صفان فلما رأيته وقع حبه في قلبي فدعوت
الله في قلبي ان يدفع عنه شر المتوكل وهو ينظر إلى
عرف دابته لا ينظر يمنة ولا يسرة فلما صار إلى اقبل
على وقال استجاب الله دعاءك وطول عمرك وكثر مالك
وولدك فارتعدت وغشى على فدخل على المتوكل وانصرف
في الحال سالما فرزقت من الأولاد عشرة ومن المال
الوفا الوفا وقد بلغت نيفا وسبعين. وعن الفضل بن
أحمد بن إسرائيل دخلت مع المعتز على المتوكل وهو
على سريره متغير يقول والله لأقتلن هذا المرأى وقد
78

وقف أربعة من الحرز وأمرهم إذا دخل أبو الحسن ان يضربوه
بالسيف فما علمت الا بابى الحسن قد دخل وخر الحرز على
وجوههم ورمى المتول بنفسه من السرير يقبل يديه وبين
عينيه ويقول يا سيدي يا بن عم ما جاءك
في هذا الوقت ارجع يا قوم شيعوا سيدكم وقال الحرز
رأينا حوله أكثر من مائة سيف فلم نقدر ان نتأمله
باب في ذكر الامام أبى محمد الحسن بن علي
العسكري عليهما السلام هو أبو محمد
الحسن الأخير سماه الله في اللوح بالزكي أصح ناصح ال محمد
غريزة أوثق أهل بيت الوحي حجة من انتهى عرى الإمامة
إليه جامع الأعمال المقربة إلى الله أفضل أهل العصر
مجمع العصمة والكرم معدن العلم والحلم مشرع شرع الله
79

نجل نبي الله صاحب الاعلام والمعجزات ذو الآيات الباهرات
فصل يقال له ولابنه العسكريان نسبة
إلى سر من رأى فإنها تدعى العسكر وهما يسكنانها وكان
لخلفاء بنى العباس حينئذ تسعون الف تركي فامر كل واحد
منهم ان يملا مخلاة فرسه من الطين الأحمر ويجعلون
من جميع ذلك في وسط برية واسطة هناك تلا ففعلوا
ثم أمروا ان يحملوا الأسلحة وآلات الحرب وذلك في عهد
الحسن التقى واحضره الخليفة مع نفسه وصعدا على
رأس تل المخالي والعسكر كلهم حول التل بزينة لم ير مثلها
فقال الخليفة لأبي الحسن ان تنظر انظر إلى عسكري فيطيب
قلبك فأراد بذلك كسر قلبه فقال أبو الحسن هل
أريك عسكري أيضا فقال نعم فدعا الله فإذا بين السماء
80

والأرض والشرق والغرب ملائكة لهم الأسلحة فخر الخليفة
مغشيا عليه فلما افاق قال له أبو الحسن اشتغلوا بالدنيا
فانا لا نتعرض لكم. وعن أحمد بن الحرث القزويني
قال كان عند المستعين بغلة لم ير مثلها حسنا وكبرا و
كانت تمنع ظهرها واللجام وقد جمع الرواض فلم يكن لهم
حيلة في ركوبها فقال بعض ندمائه الا تبعث إلى الحسن
حتى يجيئ فاما ان يركبها واما ان يقتله فبعث إلى أبى محمد
الحسن ومضى معه أبى فلما دخل الدار كنت مع أبي فنظر
أبو محمد إلى البغلة واقفا في صحن الدار فوضع يده على
كتفها فتعرقت البغلة ثم صار إلى المستعين فرحب به
وقرب فقال الجم هذا البغل فقال أبو محمد لأبي الجمه الجماظ
فقال المستعين الجمه الجماظ أنت فوضع أبو محمد طيلسانه
81

ثم قام فألجمه فألجمها ثم رجع إلى مجلسه ثم قال يا أبا محمد أسرجه
فقال أبو محمد لأبي أسرجه فقال المستعين أسرجه أنت يا
أبا محمد فقام ثانية فأسرجه ورجع فقال ترى ان تركبه قال
نعم فركبه أبو محمد من غير أن يمتنع عليه ثم ركضها في الدار
ثم حمله على الهملجة فمشى أحسن مشى ثم نزل فرجع إليه
فقال المستعين قد حملناك عليه فقال أبو محمد لأبي خذه
فاخذه أبى وقاده. وان أبا محمد سلم إلى نحرير وحبس
عنده فقال لي امرأة انك لا تدري من في منزلك وذكرت
عبادته وصلاحه قالت وانى أخاف عليك منه فقال
لارمينه بين السباع ثم استأذن في ذلك فاذن له
فرمى به إليها ولم يشكوا في اكلها له فنظروا إلى الموضع ليعرفوا
الحال فوجدوه قائما يصلى والسباع حوله كالسنانير
82

وعن أبي هاشم الجعفري كنت محبوسا مع أبي محمد عليه السلام في
حبس المهتدي بن الواثق فقال لي ان هذا الطاغي أراد ان
يتعبث بالله في هذه الليلة وقد بتر الله عمره وسأرزق
ولدا فلما أصبحنا شغب الأتراك على المهتدى فصلبوه وولي
المعتمد مكانه وسلمنا الله. وعن أبي حمزة نصير الخادم
قال سمعت أبا محمد عليه السلام غير مرة يكلم غلمانه وغيرهم بلغاتهم
وفيهم روم وترك وصقالية فتعجبت من ذلك وقلت
هذا ولد هيهنا ولم يظهر لاحد حتى مضى الحسن ولا رآه أحد
فكيف هذا أحدث نفسي بهذا فاقبل على أبو محمد فقال إن
الله ميز حجته من بين ساير خلقه واعطاء معرفة كل شئ
فهو يعرف اللغات والأسباب والحوادث ولولا ذلك
لم يكن بين الحجة والمحجوج فرق. * -
83

باب في ذكر الامام صاحب الزمان عليه السلام
هو سمى رسول الله وكنيته هو بقية الله في ارضه
هو الحجة المنتظر هو الهادي المهتدى الرضى الزكي
التقى النقي المختفى هو القائم المهدى هو الغايب المستود
هو صاحب المرئ والمسمع هو الخلف المترقب هو المظفر
المنصور وله أسماء وألقاب يقال الحمد والحامد والحميد
والمحمود ومحمد يكنى أبا القاسم وأبا جعفر ويقال له كنى
الأحد عشر إماما هو الامام والمأمون هو وقد الأرض
آتيه الله الحكمة وفصل الخطاب كما آتي يحيى صبيا وجعله
إماما في حال الطفولية كما جعل عيسى بن مريم نبيا.
مات أبوه الحسن ع وله ست سنين وسبعة أشهر *
ولد في النصف من شعبان سنه 255 خمس وخمسين ومأتين
84

عن السياري حدثني مارية ونسيم قالتا لما خرج صاحب
الزمان من بطن أمه سقط جاثيا على ركبتيه رافعا
سبابتيه نحو السماء ثم عطس فقال الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله عبدا داخرا لله غير مستنكف و
لا مستكبر ثم قال زعمت الظلمة ان حجة الله داحضة
ولو اذن لنا في الكلام لزال الشك. وروى عن غيلان
ان طريفا أبا نصر الخادم قال دخلت على صاحب الزمان عليه السلام
وهو في المهد فقال لي على بالصندل الأحمر فاتيته به
فقال أتعرفني قلت نعم أنت سيدي وابن سيدي فقال ليس
عن هذا سألتك فقلت فسر لي قال انا خاتم الأوصياء
وبى يرفع الله البلاء عن أهلي وشيعتي. وعن حكيمة
قال لي أبو محمد بيتي عندنا الليلة فان الله سيظهر الخلف
85

فيها قلت وممن قال من مليكة قلت لا أرى بها حملا
قال يا عمه مثلها كمثل أم موسى فلما انتصف الليل صليت
صلاة الليل فقلت في نفسي قرب الفجر ولم يظهر ما قال
أبو محمد فنادى أبو محمد لا تعجلي فارتعدت مليكة فضممتها
إلى صدري وقرأ قل هو الله أحد وانا أنزلناه وآية الكرسي
فأجابني الخلف من بطنها يقرأ كقرائتي قالت واشرق نور
البيت فنظرت فإذا الخلف تحتها ساجدا إلى القبلة فاخذته
فناداني أبو محمد هلمى بابنى يا عمه فاتيته به فوضع لسانه
في فمه ثم أجلسه على فخذه وقال أنطق بإذن الله يا بنى
فقال أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم:
بسم الله الرحمن الرحيم ونريد ان نمن على الذين استضعفوا
في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم
86

في الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا
يحذرون وصلى الله على محمد المصطفى وعلى المرتضى و
فاطمة الزهراء والحسن والحسين وعلي بن الحسين و
محمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر و
علي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي أبى
قالت وغمرتنا طيور خضر فنظر أبو محمد إلى طاير منها فقال
له خذه فاحفظه حتى يأذن الله فيه فان الله بالغ امره
قالت حكيمة قلت لأبي محمد ما هذا الطاير وما هذه الطيور
قال هذا جبرئيل وهذه ملائكة الرحمة ثم قال يا عمه
رديه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم ان وعد الله
حق ولكن أكثر الناس لا يعلمون. فرددته إلى أمه،
قالت وكانت مطيعا مفروغا منه وعلى ذراعه الأيمن مكتوب
87

جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا، قالت حكيمة
دخلت على أبى محمد بعد أربعين يوما من ولادة صاحب الامر عليه السلام
فإذا مولانا الصاحب ع يمشى في الدار فلم أر لغة أفصح من لغته
فتبسم أبو محمد عليه السلام انا معاشر الأئمة ننشأ في يوم كما ينشأ غيرنا
في السنة قالت ثم كنت اسئل أبا محمد عنه بعد ذلك
فقال استودعناه الذي استودعت أم ولدها. *
ثم كتاب ألقاب الرسول وعترته عليهم الصلاة والسلام في 14 صفر المظفر سنه 1119
* (كتبه أقل العباد وأحقرهم عبد الرحيم الأفشاري) *
* (ابن المرحوم أبى الفضل الزنجاني) *
* (غفر الله ذنوبهما) *
* (سنه 1393 قمري) * 1352 شمسي
88