الكتاب: مصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة)
المؤلف: الميرجهاني
الجزء: ١
الوفاة: ١٣٨٨
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ قسم الفقه
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: ١٣٨٨
المطبعة:
الناشر:
ردمك:
ملاحظات: مستدرك نهج البلاغة الموسوم بمصباح البلاغة في مشكوة الصياغة / نسخة مخطوطة

هذا
هو الجزء الأول من
مستدرك نهج البلاغة
الموسوم
بمصباح البلاغة في مشكاة الصياغة
من تأليفات الآثم الفاني حسن المير جهاني الطباطبائي
المحمد آبادي الجرقويي الأصبهاني نزيل عاصمة طهران
إيران صانها الله عن طوارق الحدثان إلى ظهور صاحب الزمان
من هو للامكان مصدر وللكون محور
العدل المؤمل والحجة المنتظر
الامام بالحق محمد بن الحسن العكسري
عجل الله تعالى فرجه
حق الطبع محفوظ
للمؤلف
سنة 1388 ه‍
1

هذا
هو الجزء الأول
من كتاب مصباح البلاغة
في مشكاة الصياغة تأليف الحقير
محمد حسن المير جهاني الطباطبائي
عفى الله عن جرائمه
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الحمد للعلي الأعلى الذي أعلى بكلمته كلمة الاسلام و
الشكر للملي المولى الذي املى على عبده ورسوله ما ملأ به الكون
من النعم الجسام منطق البلغاء ومفصح الفصحاء اللطيف بافضاله
على من يشاء بما يشاء وأفضل صلواته وأكمل تسليماته و
أبلغ تحياته على أفضل سفرائه وأكمل أنبيائه وأعظم رسله
ونجبائه وأصفيائه الذي خصه الله بالنبوة الكبرى والرسالة
العظمى محمد المصطفى ذي الخلق العظيم والكرم العميم صفوة
سلالة الخليل إبراهيم من كان نبيا وآدم بين الماء والطين الذي
2

أرسله الله تعالى رحمة للعالمين وجعله شفيعا للمذنبين وعلى
آله وعترته الهداة المهديين الطاهرين المطهرين المعصومين الأطيبين
المنتجبين الصاعدين ذرى الحقائق والمعارف باقدام الرسالة والولاية
واعلام الفتوة والهداية سيما ابن عمه وخليفته المخلوق من طينته و
وصيه ونسيبه وظهيره وصهره ووارث علمه وباب مدينة حكمته
وحافظ سنته وشريعته جامع متضاد الكمال قاصم شوكة الكفر و
الضلال حلال المشكلات كشاف المعضلات خواص الغمرات المشهور
في سماوات صاحب الدلالات الواضحات مظهر الكرامات الباهرات
مظهر العجائب المعجزات الصديق الأكبر حامل اللواء في المحشر الساقي
لشيعته ومواليه من الكوثر قاسم الجنة والسقر من هو بعد سيد
البشر أفضل البشر امام الموحدين قائد المتقين برهان الواصلين
قبلة العارفين أمير المؤمنين على الذي علاء على أعلى مرقاة الكمال
واللعنة الدائمة على أعدائهم أولي الكفر والجحود والغى والضلال
3

إما بعد فلا يخفى على أولي اللب والنهى والدراية والجحى في أن
أعلى الكلام كلام الملك العلام القرآن الحكيم والكتاب الكريم الذي تحدى
الفصحاء من العرب العرباء ان يأتوا بمثله أو بسورة من سوره فاعترفوا
بالعجز لفصاحته وبلاغته وقصورهم عن الاتيان بمثله أو سورة من
مثله فاقر المنصف الماهر وأصر المتعسف المكابر فلجأ إلى القتال
بالسيوف وتجرع مرارات الحتوف وبعده كلام شمس الظلام وبدر
التمام أفصح العرب والعجم من أوتي جوامع الكلم المنزل في شانه
ما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى صلى الله عليه وآله
وسلم ثم بعد ذلك أحسنه واتقنه وأفصحه وأبلغه وأبينه و
امتنه كلام من هو في أم الكتاب لدى الله لعلي حكيم المحتوى لأتم
الكنايات وأبلغ النهايات وأدل الدلالات ما أطيب وعظه و
خطابه وما أحلى كلامه وكتابه فعلى روام العلوم وطلاب الحكم
ان يجعلوا أعظم اجتهادهم ويصرفوا جل عناياتهم في ارتيادهم
4

إلى المعرفة بوجوه كلماته وخطبه ووصاياه وكتبه ومواعظه
وعبره وزواجره ونذره والوقوف على أمثاله ورسوله وفنونه
وعلومه وبراهينه وحكمه ولقد جاد وأجاد من أنشأ وأفاد
كلام علي كلام على * وما قاله المرتضى مرتضى
ولقد عنى من عنى من السلف والخلف في مرور الدهور ومضى
الاعصار عصابة هم أهل الإصابة لاحراز دقائق كلامه عليه
السلام وابراز حقائقه حتى عمروا دمنه وفرعوا فننه وقضوا
شوارده ونظموا قلائده فألفوا وأفادوا وحققوا واستفادوا و
صنفوا وأجادوا وبلغوا من المقاصد قاصيتها وملكوا من المحاسن
ناصيتها فشكر الله مساعيهم وجراهم الله تعالى من شئابيب رحمته
وأحلهم في رياض القدس من جنانه ومنهم السيد الأيد البارع
الجاهد الناسك المجاهد الورع الزاهد العلامة الماجد دوحة
شجرة المحمدية سلالة السادة الفاطمية زبدة الأطائب الموسوية العلوية
5

ذو الفضائل الشايعة والفواضل الجامعة نقيب النقباء الشريف
الاجل ذو الحسبين محمد بن الحسين الموسوي الملقب بالرضي
رضي الله عنه وارضاه مؤلف كتاب نهج البلاغة وهو الذي قد
جد واجد وكد واكد في جمع درر كلامه عليه السلام وتنظيمه
على نظام لم يسبقه سابق فلما ظفرت بكتابه وأمعنت النظر في محتويات
فصوله وأبوابه ووردت رياضة واتيت حياضه ورأيت أصناف
مختاره سئلت الله عز وجل ان يوفقني لاقتفاء اثره في جمع ما
تيسر لي من جوامع كلمه عليه السلام مما لم يجمعها أعلى الله مقامه
على نهج النهج من الخطب والكلمات دون القصار من كلماته لأنها
قد جمعها بعض المتتبعين من علماء الخاصة والعامة ولقد أشار الرضي
رضي الله عنه في أواخر النهج بأنه كان من عزمه وتفصيله أوراقا
من البياض في آخر كل باب من أبواب كتابه اقتناصا للشارد و
استلحاقا للوارد مرجوا ان يظهر له بعد الغموض ويقع إليه بعد
6

الشذوذ كما أشار في ديباجة الكتاب بقوله ومفصلا فيه أوراقا
لتكون مقدمة لاستدراك ما عساه يشذ عنى عاجلا ويقع إلى اجلا
فأقول الرجاء الواثق من ولى التوفيق ان يوفقني لاحياء عزمه و
اتباع نيته والاقتداء بحسن اختياره وليس على الله بعزيز ان يهديني
إلى جمع شتات ما فات من قلمه الشريف أولم يكتبه أولم يظفر به
وان لم أكن من جائلي هذا المجال وفرسان هذا الميدان وليس لي
من الطاوس الا رجله من الورد الا شوكه ولا من النار الا دخانه
كمن يحدوا وليس له بعير * ومن يرعى وليس له سوام
ومن يسقى وقهوته سراب * ومن يدعو الضيوف ولا طعام
كيف ما كان فاستخرت الله مستمدا من باطن الولاية الكلية للوصول إلى
غاية المأمول وهممت الفحص في كتب الاخبار والآثار ومؤلفات الفحول و
الأخيار لالتقاط درر كلماته من بحار الأحاديث والآثار واخذت في
البحث عنها وأعطيت النظر فيها فوصلت في سلوك شوارعها إلى حدائق
7

ذات وهجة وخضرة ورياض ذات بهجة ونضرة مزينة بأزهار
كل علم واثمار كل حكمة وأبصرت في طي منازلها سبلا مسلوكة
معمورة موصلة إلى كل شرف ومنزلة فبادرت وسارعت إلى ما
علمت أنه وسيلة لنيل السعادة وسينفعني الله بها في يوم لا ينفع فيه
مال ولا بنون والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا أن
هدانا الله ولقد آن آن أشرع في المقصود بعون الرب الودود
وعناية ولى المعبود وانا العبد الذليل الفاني ابن علي بن القاسم
حسن المير جهانى الطباطبائي المحمد آبادي الجرقوئي الأصبهاني وقاه
الله عن التواني فشمرت ذيل العزلة وأخرجت يدي عن جيب الوحدة
وآنست بالحق وذلك أحق إذ الخير كله خصوصا في هذا الزمان العضوض
في العزلة والسلامة في الوحدة والنجاة في ترك العشرة مع الناس فان
اخوان الزمان جواسيس العيوب ولقد جربت هذا مرارا وشربت من
كؤوس ايذائهم أنهارا فإلى الله المشتكى وعليه المعول في الشدة والرخاء
8

ولما كان كلامه عليه السلام نورا لمن استضاء به فسميت مجموعتي هذه
مصباح البلاغة في مشكاة الصياغة
وفي ترصيفه وتأليفه لقد حذيت حذوا لرضى رضي الله عنه لا من حيث
الترسيل والتقطيع بل من حيث الخطب والأوامر والكتب والرسائل
دون الحكم والمواعظ التي جعلها الباب الثالث من الكتاب وابتدءت
بما ابتدء وصنعت كما صنع الا انى قد بينت كل ما نقلت مأخذها
ومسانيدها إن كانت لها سند وكلما منها قطعت في النهج لو ظفرت
بتمامها اكتبها وأشير إلى مدركها وما من الخطب والكلم والكتب والحكم التي
ظفرت بها لاكتب تمام ما ظفرت به ولا اقطعها وهذا بحوله وقوته و
توفيقه وربما يرى في أثناء هذا الكتاب تكرار في الخطبة أو الكلام
أو اللفظ اعتذر كما اعتذر السيد في النهج بقوله والعذر في ذلك ان
روايات كلامه (عليه السلام) تختلف اختلافا شديدا فربما
اتفق الكلام المختار في رواية فنقل على وجهه ثم وجد بعد ذلك
9

في رواية أخرى موضوعا غير وضعه الأول إما بزيادة مختارة
أو بلفظ أحسن عبارة فتقتضى الحال ان يعاد استظهارا للاختيار
وغيرة على عقائل الكلام وربما بعد العهد أيضا بما اختير أولا
فأعيد بعضه سهوا ونسيانا لا قصدا واعتمادا ولا ادعى مع
ذلك انى أحيط باقطار جميع كلامه (عليه السلام) حتى لا يشذ
عنى منه شاذ ولا يند ناد بل لا أبعد ان يكون القاصر عنى
فوق الواقع إلى والحاصل في ربقتي دون الخارج من يدي و
ما على الا بذل الجهد وبلاغ الوسع وعلى الله سبحانه نهج السبيل
ورشاد الدليل إن شاء الله انتهى كلامه
باب خطبه عليه السلام وكلماته مما يجرى مجراها
1 - من خطبه عليه السلام
كتاب منتخب كنز العمال في سنن الأقوال والافعال تاليف الشيخ الامام علاء الدين علي بن حسام
الدين الشهير بالمتقى الهندي وهو المطبوع بهامش كتاب مسند ابن حنبل امام الحنابلة في المطبعة
المميينه بمصر سنة 1313 ه‍ نقلتها عن الجزء السادس من المسند ص 315 روى عن وكيع والعسكري
في المواعظ عن يحيى بن عبد الله بن الحسن عن أبيه قال كان على (عليه السلام) يخطب فقام إليه
10

رجل وقال يا أمير المؤمنين اخبرنى من أهل الجماعة ومن أهل الفرقة ومن أهل السنة ومن أهل البدعة
فقال ويحك إما إذا سئلتني فافهم عنى ولا عليك ان لا تسئل عنها
أحدا بعدي فاما أهل الجماعة فانا ومن اتبعني وان قلوا وذلك الحق
عن أمر الله وامر رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) واما أهل الفرقة
فالمخالفون لي ولمن اتبعني وان كثروا واما أهل السنة فالممتسكون بما
سنه الله لهم ورسوله وان قلوا واما أهل البدعة فالمخالفون لأمر
الله ولكتابه ورسوله العاملون برأيهم وأهوائهم وان كثروا و
قد مضى منهم الفوج الأول وبقيت أفواج وعلى الله قصمها واستئصالها
عن جدبة الأرض فقام إليه عمار فقال يا أمير المؤمنين ان الناس يذكرون الفئ ويزعمون
ان من قاتلنا فهو وماله وأهله فيئ لنا وولده فقام رجل من بكر بن وائل يدعى عباد بن قيس وكان
ذا عارضة ولسان شديد فقال يا أمير المؤمنين والله ما قسمت بالسوية ولا عدلت في الرعية فقال
على ولم ويحك قال لأنك قسمت ما في العسكر وتركت الأموال والنساء والذرية فقال على (عليه السلام)
أيها الناس من كان به جراحة فليداوها بالسمن فقال عباد جئنا لنطلب
غنائمنا فجائنا بالترهات فقال له على (عليه السلام) ان كنت كاذبا فلا أماتك الله حتى تدرك
غلام ثقيف فقال رجل من القوم ومن غلام ثقيف يا أمير المؤمنين فقال رجل لا يدع لله حرمة
الا انتهكها قال فيموت أو يقتل قال بل يقصمه قاصم الجبارين قتلة بموت فاحش
11

يحترق منه دبره لكثرة ما يجرى من بطنه يا أخا بكر أنت امرء ضعيف
الرأي أو ما علمت انا لا نأخذ الصغير بذنب الكبير وان الأموال كانت لهم
قبل الفرقة وتزوجوا على رشدة وولدوا على الفطرة و
انما لكم ما حوى عسكرهم وما كان في دورهم فهو ميراث لذريتهم
فان عدا علينا أحد منهم أخذناه بذنبه وان كف عنا لم
نحمل عليه ذنب غيره يا أخا بكر لقد حكمت فيهم بحكم رسول الله
صلى الله عليه (وآله) وسلم في أهل مكة قسم ما حوى العسكر و
لم يعرض لما سوى ذلك وانما اتبعت اثره حذوا لنعل بالنعل يا
أخا بكر إما علمت أن دار الحرب يحل ما فيها وان دار الهجرة يحرم ما فيها
الا بحق فمهلا مهلا رحمكم الله فان أنتم لم تصدقوني وأكثرتم على
وذلك أنه تكلم في هذا غير واحد فأيكم يأخذ امه عايشة بسهمه
قالوا لا أينا يا أمير المؤمنين بل أصبت وأخطأنا وعلمت وجهلنا ونحن نستغفر الله وتنادى
الناس من كل جانب أصبت يا أمير المؤمنين أصاب الله بك الرشاد والسداد فقام عمار و
قال يا أيها الناس انكم والله ان اتبعتموه لم يضل بكم عن منهاج نبيكم قيس شعرة وكيف
يكون ذلك وقد استودعه رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم المنايا والوصايا وفضل الخطاب
12

على منهاج هارون بن عمران إذ قال له رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم أنت منى بمنزلة هارون
من موسى الا انه لا نبي بعدي فضلا خصه الله به اكراما منه لنبيه صلى الله عليه (وآله) وسلم حيث
أعطاه مالم يعطه أحدا من خلقه ثم قال على (عليه السلام) انظروا رحمكم الله ما تؤمرون
به فامضوا له فان العالم اعلم بما يأتي من الجاهل الخسيس الأخس فانى
حاملكم إن شاء الله تعالى ان أطعتموني على سبيل الجنة وإن كان
ذا مشقة شديدة ومرارة عتيدة وان الدنيا حلوة الحلاوة
لمن اغتربها من الشقوة والندامة عما قليل ثم اني مخبركم ان
جيلا من بني إسرائيل امرهم نبيهم ان لا يشربوا من النهر فلجوا
في ترك امره فشربوا منه الا قليلا منهم فكونوا رحمكم الله من
أولئك الذين أطاعوا نبيهم ولم يعصوا ربهم واما عايشة
فادركها رأى النساء وشئ كان في نفسها على يغلى في جوفها
كالمرجل ولو دعيت لتنال من غيري ما أتت إلى لم تفعل ولها
بعد ذلك حرمتها الأولى والحساب على الله يعفو عمن يشاء و
يعذب من يشاء فرضى بعد ذلك أصحابه وسلموا الامرة بعد اختلاط شديد
13

فقالوا يا أمير المؤمنين حكمت والله فينا بحكم الله غير انا جهلنا ومع جهلنا لم نأت ما يكره أمير
المؤمنين وقال ابن بساف الأنصاري
ان رأيا رأيتموه سفاها * لخطاء يراد والإصدار
ليس زوج النبي يقسم فيئا * ذا كزيغ القلوب والابصار
فاقبلوا اليوم ما يقول على * لا تناجوا في الاثم بالاسرار
ليس ما ضمت البيوت بفيئ * انما الفيئ ما تضم الاوار
من كراع وعسكر وسلاح * ومتاع يبيع أيدي التجار
ليس في الحق قسم ذات نطاق * لا و لا أخذكم لذات خمار
ذاك هو فيئكم خذوه وقولوا * قد رضينا لاخير في الاكثار
انها أمكم وان عظم الخطب * وجاءت بزلة وعثار
فلها حرمة النبي وحقان * علينا من سترها ووقار
فقام عباد بن قيس وقال يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الايمان فقال (عليه السلام) نعم
ان الله ابتدء الأمور فاصطفى لنفسه ما شاء منها واستخلص
ما أحب فكان مما أحب انه ارتضى الاسلام واشتقه من اسمه
فنحله من أحب من خلقه ثم شقه فسهل شرايعه لمن ورده
14

وعزز أركانه على من حاربه هيهات من أن يصطلمه مصطلم
جعله سلما لمن دخله ونورا لمن استضاء به وبرهانا لمن تمسك
به ودينا لمن انتحله وشرفا لمن عرفه وحجة لمن خاصم به وعلما
لمن رواه وحكمة لمن نطق به وحبلا وثيقا لمن تعلق به فالايمان
أصل الحق والحق سبيل الهدى وسيفه جامع الحلية قديم
العدة الدنيا مضماره والغنيمة حليته فهو أبلج منهاج و
أنور سراج وارفع غاية وأفضل داعية بشير لمن سلك قصد
القاصدين واضح البيان عظيم الشأن الا من منهاجه و
الصالحات مناره والفقه مصابيحه والمحسنون فرسانه فعصم
السعداء بالايمان وخذل الأشقياء بالعصيان من بعد اتجاه
الحجة عليهم بالبيان إذ وضح لهم منار الحق وسبيل الهدى
فتارك الحق مشئوم يوم التغابن داحض حجته عند فوز السعداء
بالجنة فالايمان يستدل به على الصالحات وبالصالحات يعمر
15

الفقه وبالفقه يرهب الموت وبالموت يختم الدنيا وبالدنيا
تخرج الآخرة وفى القيمة حسرة أهل النار وفى ذكر أهل النار
موعظة أهل التقوى والتقوى غاية لا يهلك من اتبعها و
لا يندم من عمل بها لان بالتقوى فاز الفائزون وبالمعصية
خسر الخاسرون فليزدجر أهل النهى وليتذكر أهل التقوى
فان الخلق لا مقصر لهم في القيمة دون الوقوف بين يدي الله
مرفلى (كذا في النسخة) في مضمارها نحو القصبة العليا إلى الغاية القصوى
مهطعين بأعناقهم نحو داعيها قد شخصوا من مستقر الأجداث
والمقابر إلى الضرورة ابدا لكل دار أهلها قد انقطعت بالأشقياء
الأسباب وافضوا إلى عدل الجبار فلا كرة لهم إلى دار الدنيا
فتبرأوا من الذين آثروا طاعتهم على طاعة الله وفاز السعداء
بولاية الايمان فالايمان يا ابن قيس على أربع دعائم الصبر
واليقين والعدل والجهاد فالصبر من ذلك على أربع دعائم
16

الشوق والشفق والزهد والترقب فمن اشتاق إلى الجنة سلا
عن الشهوات ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات ومن زهد
في الدنيا هانت عليه المصيبات ومن ارتقب الموت سارع في
الخيرات واليقين من ذلك على أربع دعائم تبصرة الفطنة و
موعظة العبرة وتأويل الحكمة وسنة الأولين فمن أبصر الفطنة
تأول الحكمة ومن تأول الحكمة عرف العبرة ومن عرف العبرة
عرف السنة ومن عرف السنة فكانما كان في الأولين فاهتدى
إلى التي هي أقوم والعدل من ذلك إلى أربع دعائم غائص الفهم
وغمرة العلم وزهرة الحكم وروضة الحلم فمن فهم فسر جميع العلم
ومن علم عرف شرائع الحكم ومن عرف شرايع الحكم لم يضل ومن
حلم لم يفرط امره وعاش في الناس حميدا والجهاد من ذلك على
أربع دعائم الامر بالمعروف والنهى عن المنكر والصدق في المواطن
وشنأن الفاسقين فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن ومن نهى
17

عن المنكر ارغم أنف المنافق ومن صدقه في المواطن قضى الذي
عليه ومن شنأ المنافقين وغضب لله غضب الله له
فقام إليه عمار فقال يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الكفر على ما بنى كما أخبرتنا عن الايمان قال
نعم يا أبا اليقظان بنى الكفر على أربع دعائم على الجفاء والعمى
والغفلة والشك فمن جفا فقد احتقر الحق وجهر بالباطل
ومقت العلماء وأصر على الحنث العظيم ومن عمى نسى الذكر
واتبع الظن وطلب المغفرة بلا توبة ولا استكانة ومن غفل
حاد عن الرشد وغرته الأماني واخذته الحسرة والندامة
وبدا له من الله ما لم يكن يحتسب ومن عتى في أمر الله شك
ومن شك تعالى الله عليه فأذله بسلطانه وصغره بجلاله
كما فرط في امره فاغتر بربه الكريم والله أوسع بما لديه من
العفو والتيسير فمن عمل بطاعة الله اجتلب بذلك ثواب الله
ومن تمادى في معصية الله ذاق وبال نقمة الله فهنيئا
18

لك يا أبا اليقظان عقبى لا عقبى غيرها وجنات لا جنات بعدها
فقام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين حدثنا عن ميت الاحياء قال نعم ان الله
بعث النبيين مبشرين ومنذرين فصدقهم مصدقون و
كذبهم مكذبون فيقاتلون من كذبهم بمن صدقهم فيظهرهم
الله ثم يموت الرسل فتخلف خلوف منهم منكر للمنكر بيده و
لسانه وقلبه فذلك استكمل خصال الخير ومنهم منكر للمنكر
بلسانه وقلبه تارك له بيده فذلك خصلتين من خصال الخير
تمسك بهما وضيع خصلة واحدة وهي أشرفها ومنهم منكر
للمنكر بقلبه تارك له بيده ولسانه فذلك ضيع شرف الخصلتين
من الثلاث وتمسك بواحدة ومنهم تارك له بلسانه ويده و
قلبه فذلك ميت الاحياء فقام إليه رجل وقال يا أمير المؤمنين أخبرنا على أم
قاتلت طلحة والزبير قال قاتلتهم على نقضهم بيعتي وقتلهم شيعتي من
المؤمنين حكيم بن جبل العبدي من عبد القيس والسائحة والأساورة
19

بلاحق استوجبوه منهما ولا كان ذلك لهما دون الامام وانهما
لو فعلا ذلك بابى بكر وعمر لقاتلاهما ولقد علم من هيهنا من أصحاب
النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ان أبا بكر وعمر لم يرضيا ممن
امتنع من بيعة أبى بكر حتى بايع وهو كاره ولم يكونوا بايعوه بعد
الأنصار فما بالى وقد بايعاني طائعين غير مكرهين ولكنهما
طعما منى في ولاية البصرة واليمن فلما لم اولهما وجائهما الذي
غلب من حبهما الدنيا وحرصهما عليها خفت ان يتخذ عباد الله
خولا ومال المسلمين لأنفسهما دولا فلما زويت ذلك عنهما و
ذلك بعد ان جربتهما واحتججت عليهما فقام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين
أخبرنا عن الامر بالمعروف والنهى عن المنكر واجب هو قال سمعت رسول الله صلى الله
عليه (وآله) وسلم يقول انما أهلك الله الأمم السالفة قبلكم
بتركهم الامر بالمعروف والنهى عن المنكر يقول الله عز وجل كانوا
لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون وان الامر بالمعروف
20

والنهى عن المنكر لخلقان من خلق الله فمن نصرهما نصره الله ومن خذلهما
خذ له الله وما اعمال البر والجهاد في سبيله عند الامر بالمعروف والنهى
عن المنكر الا كبقعة في بحر لجي فمروا بالمعروف وانهو عن المنكر فان الامر
بالمعروف والنهى عن المنكر لا يقربان من أجل ولا ينقصان من رزق وأفضل
الجهاد كلمته عدل عند امام جائر وان الامر لينزل من السماء إلى الأرض
كما ينزل قطر المطر إلى كل نفس بما قدر الله لها من زيادة أو نقصان في نفس أو
أهل أو مال فإذا أصاب أحدكم نقصانا في شئ من ذلك ورأى الاخر ذا
يسار لا يكونن له فتنة فان المرء المسلم البرئ من الخيانة لينتظر من الله
إحدى الحسنيين إما من عند الله فهو خير واقع واما من رزق الله من الله
يأتيه عاجل فهو ذو أهل ومال ومعه حسبة في دينه المال والبنون
زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات حرث الدنيا والعمل الصالح حرث
الآخرة وقد يجمعها الله لاقوام فقام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين أخبرنا عن أحاديث
البدع قال نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول
21

ان أحاديث ستظهر من بعدي حتى يقول قائلهم قال رسول الله
صلى الله عليه (وآله) وسلم وسمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله)
وسلم كل ذلك افتراء على والذي بعثني بالحق لتفترقن أمتي على
أهل دينها وجماعتها على ثنتين وسبعين فرقة كلها ضالة مضلة
تدعوا لي النار فإذا كان ذلك فعليكم بكتاب الله فان فيه نبأ
ما كان قبلكم ونبأ ما يأتي بعدكم والحكم فيه بين من خالفه
من الجبابرة قصمه الله ومن ابتغى العلم في غيره أضله الله فهو
حبل الله المتين ونوره المبين وشفاءه النافع عصمة لمن تمسك
به ونجاة لم تبعه لا يعوج فيقام ولا يزيغ فيشعب ولا تنقضى
عجائبه ولا يخلقه كثرة الرد هو الذي سمعته الجن فلم تناه ان ولوا
إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا انا سمعنا قرآنا عجبا يهدى
إلى الرشد من قال به صدق ومن عمل به اجر ومن تمسك به هدى
إلى صراط مستقيم فقام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الفتنة هل سئلت
22

عنهما رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم قال نعم انه لما نزلت هذه الآية
من قول الله آلم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم
لا يفتنون علمت أن الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله صلى الله عليه
(وآله) وسلم حي بين أظهرنا فقلت يا رسول الله ما هذه الفتنة
التي أخبرك الله بها فقال يا علي ان أمتي سيفتنون من بعدي
قلت يا رسول الله أوليس قد قلت لي يوم أحد من استشهد من
المسلمين وحزنت على الشهادة فشق ذلك على فقلت لي ابشر
يا صديق فان الشهادة من وراءك فقال لي فان ذلك لكذلك
فكيف صبرك إذا خضبت هذه من هذه واهوى بيده إلى لحيتي
ورأسي فقلت بابى أنت وأمي يا رسول الله ليس ذلك من مواطن
الصبر ولكن من مواطن البشرى والشكر فقال لي أجل ثم قال لي
يا علي انك باق بعدي ومبتلى بأمتي ومخاصم يوم القيمة بين
يدي الله فاعدد جوابا فقلت بابى أنت وأمي بين لي ما هذه
23

الفتنة التي يبتلون بها وعلى م أجاهدهم بعدك فقال إنك
ستقاتل بعدي الناكثة والقاسطة والمارقة وحلاهم و
سماهم رجلا رجلا ثم قال لي وتجاهد أمتي على كل من خالف
القرآن ممن يعمل في الدين بالرأي ولا رأى في الدين انما هو
أمر من الرب ونهيه فقلت يا رسول الله فارشدني إلى الفلج
عند الخصومة يوم القيمة فقال نعم إذا كان ذلك فاقتصر على
الهدى إذا قومك عطفوا الهدى على الهوى وعطفوا القرآن
على الرأي فتأولوه برأيهم تتبع الحجج من القرآن بمشتبهات الأشياء
الكاذبة عند الطمأنينة إلى الدنيا والتهالك والتكاثر فاعطف أنت
الرأي على القرآن إذا قومك حرفوا الكلم عن مواضعه عند الأهواء
الساهية والامر الصالح والهرج الاثم والقادة الناكثة والفرقة
القاسطة والاخرى المارقة أهل الإفك المردي والهوى المطغى
والشبهة الحالقة ولا تتكلن على فضل العاقبة فان العاقبة للمتقين
24

وإياك يا علي ان يكون خصمك أولي بالعدل والاحسان والتواضع
لله والاقتداء بسنتي والعمل بالقرءان منك فان من فلج الرب على
العبد يوم القيمة ان يخالف فرض الله أو سنة سنها نبي أو
يعدل عن الحق ويعمل بالباطل فعند ذلك يملى لهم فيزدادوا
اثما يقول الله انما نملى لهم ليزدادوا اثما فلا يكونن الشاهدون
بالحق والقوامون بالقسط عندك كغيرهم يا علي ان القوم سيفتنون
ويفتخرون باحسابهم وأموالهم ويزكون أنفسهم ويمنون دينهم
على ربهم ويتمنون رحمته ويأمنون عقابه ويستحلون حرامه
بالمشبهات الكاذبة فيستحلون الخمر بالنبيذ والسحت بالهدية و
الربا بالبيع ويمنعون الزكاة ويطلبون البر ويتخذون فيما بين
ذلك أشياء من الفسق لا توصف صفتها ويلي امرهم السفهاء ويكثر
تتبعهم على الجور والخطأ فيصير الحق عندهم باطلا والباطل حقا
ويتعاونون عليه ويرمونهم بألسنتهم ويعيبون العلماء و
25

يتخذونهم سخريا قلت يا رسول الله فبأية المنازل هم إذا فعلوا
ذلك بمنزلة فتنة وبمنزلة ردة قال بمنزلة فتنة ينقذهم الله
بنا أهل البيت عند ظهورنا السعداء من أولي الألباب الا ان يدعوا
الصلاة ويستحلوا الحرام في حرم الله فمن فعل ذلك منهم فهو
كافر يا علي بنا فتح الله الاسلام وبنا يختمه بنا أهلك الأوثان
ومن يعبدها وبنا يقصم كل جبار وكل منافق حتى انا لنقتل
في الحق مثل من قتل في الباطل يا علي انما مثل هذه الأمة
مثل حديقة أطعم منها فوجا عاما فلعل آخرها فوجا ان يكون
أثبتها أصلا وأحسنها فرعا وأحلاها جنى وأكثرها خيرا وأوسعها
عدلا وأطولها ملكا بأعلى كيف يهلك الله أمة انا أولها ومهدينا
أوسطها والمسيح بن مريم آخرهم يا علي انما مثل هذه الأمة كمثل
الغيث لا يدرى أوله خير أم آخره وبين ذلك نهج أعوج لست منه
وليس منى يا علي وفى تلك الأمة يكون الغلول والخيلاء وأنواع
26

المثلات ثم تعود هذه الأمة إلى ما كان عليه خيارا وائلها
فذلك من بعد حاجة إلى قوة امرأته يعنى غزلها حتى أن أهل البيت
ليذبحون الشاة فيقنعون منها برأسها ويواسون ببقيتها
من الرأفة والرحمة بينهم
أقول جدبة الأرض من الجدب بفتح الجيم وسكون الدال خلاف الخصب وجدبت البلاد واجدبت
أي قحطت وغلت أسعارها الرشدة بكسر الراء وفتحها أي صحيح النسب وفى المجمع نقل عن الأزهري
الفتح أفصح من الكسر المرجل بكسر الميم وسكون الراء القدر من النحاس أو غيره الاصطلام الاستيصال
الأبلج المنهاج أي واضح الطريق يوم التغابن أي يوم يغبن فيه أهل الجنة أهل النار وانه مستعار من
تغابن القوم في التجارة داحضة أي باطلة مقصر كمقعد ومنزل الطعام والعشي مهطعين أي مسرعين
الكرة الرجعة سلا عن الشهوات أي صبر عنها الشنئان بمعنى البغضاء الحنث العظيم بكسر الحاء الذنب و
قيل الشرك وقيل الاثم وقيل هو اليمين الفاجرة حاد عن الرشد أي مال عنه السائحة الذين يسيحون
في الأرض أي الذين يمضون في طاعة الله ورسوله وقيل يهاجرون في الله أو يصومون له والأساورة
قوله وضرب بينهم بسور له باب أي بين المؤمنين والمنافقين بسور حائل بين الجنة والنار الخول الخدم
والعبيد قوله عليه السلام يتخذا عباد الله خولا أي خدما وعبيدا والخول بالتحريك قوله ولا يخلقه
خلق الثوب بالضم إذا بلى فهو خلق بفتحتين وفى القاموس وخلق الثوب كنظر وسمع وكرم خلوقه وخلقا
محركة بلى الفلج الظفر والفوز الهدية كغنية ما اتحف وجمعها الهدايا الغلول السرقة من الغنيمة قبل القسمة
وكل من خان في شئ خفية فقد غل وسمى غلولا لان الأيدي فيها مغلولة أي ممنوعة الخبلاء بالضم والكسر
الكبر وأنواع المثلات أي عقوبات أمثالهم من المكذبين يقال المثلات الأشياء والامتثال فيما يعتبر به
2 - ومن خطبة عليه السلام
منتخب كنز العمال ص 320 هامش المسند قال قال أبو الفتوح يوسف بن المبارك بن كامل الخفاف في مشيخته
أبناءنا الشيخ أبو الفتح عبد الوهاب بن محمد بن الحسين الصابوني قرائة عليه وانا اسمع في جمادى الآخرة من
27

سنة خمس وثلاثين وخمسمأة أنبأنا أبو المعالي ثابت بن بندار بن إبراهيم البقال قرأته عليه أنبأنا
أبو محمد المتأسف بن محمد الخلال قرأت على أبى الحسن أحمد بن محمد بن عمران بن موسى بن عروة بن الجراح في
يوم الخميس لثمان بقين من ذي الحجة سنة ثمان وثمانين وثلثمأة قلت له حدثكم أبو علي الغماري قال
حدثني أبو عوسجة سجلة بن عرفجة من اليمن قال حدثني أبي عرفجة بن عرفطة قال حدثني أبو الهراش
جرى بن كليب قال حدثني هشام بن محمد عن أبيه محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح قال جلس
جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يتذاكرون فتذاكروا أي الحروف ادخل في
الكلام فاجمعوا على أن الألف أكثر دخولا في الكلام من سائرها فقام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
رضي الله عنه فخطب هذه الخطبة على البديهة وأسقط منها الألف وسماها المونقة وقال
حمدت وعظمت من عظمت منته وسبغت نعمته وسبقت رحمته
غضبه وتمت كلمته ونفذت مشيته وبلغت قضيته حمد
عبد مقر بربوبية متخضع لعبوديته متضل لخطيئة معترف
بتوحيده مؤمل من ربه مغفرة تنجيه يوم يشغل عن فضيلته و
بنيه ويستعينه ويسترشده ويستهديه ويؤمن به ويتوكل
عليه وشهدت له تشهد مخلص موقن وبعزته مؤمن وفردته
تفريد مؤمن متقن ووحدت له توحيد عبد مذعن ليس له
شريك في ملكه ولم يكن له ولى في صنعه جل عن مشير ووزير و
عن عون ومعين ونظير علم فستر وبطن فخبر وملك فقهر وعصى
28

فغفر وحكم فعدل ولن يزول ولم يزل ليس كمثله شئ وهو قبل
كل شئ وبعد كل شئ رب متفرد بعزته متمكن بقوته متقدس
بعلوه متكبر بسموه ليس يدركه بصر وليس يحيط به نظر قوي معين
منيع عليم سميع بصير رؤوف رحيم عطوف كريم عجز عن وصفه
من يصفه وضل عن نعته من يعرفه قرب فبعد وبعد فقرب يجيب
دعوة من يدعوه فيرزقه ويحبوه ذو لطف خفى وبطش قوى ورحمة
موسعة وعقوبة موجعة رحمته جنة عريضة مونقة وعقوبته
جحيم ممدودة موبقة وشهدت ببعث محمد عبده ورسوله وصفيه
ونبيه وحبيبه وخليله صلى عليه صلاة تحظيه وتزلفه و
تعليه وتقربه وتدنيه بعثه في خير عصر وحين فترة وكفر
رحمة منه لعبيده ومنة لمزيده ختم به نبوته ووضح به حجته
فوعظ ونصح وبلغ وكدح رؤوف بكل مؤمن رحيم سخى رضي
زكى ولى عليه رحمة وتسليم وبركة وتكريم من رب غفور رحيم
29

قريب مجيب وصيتكم معشر من حضرني بوصية ربكم وذكرتكم
سنة نبيكم فعليكم برهبة تسكن قلوبكم وخشية تذرى دموعكم
وتقاة تنجيكم قبل يوم يذهلكم ويبلدكم يوم يفوز فيه من ثقل
وزن حسنته وخف وزن سيئة ولتكن مسئلتكم وتملقكم مسألة
ذل وخضوع وشكر وخشوع وتوبة ونزوع وندم ورجوع وليغتنم
كل مغتنم منكم صحته قبل سقمه وشيبته قبل هرمه وكبره و
سعته قبل فقره وفرغته قبل شغله وحضره قبل سفره قبل
كبر فيهرم ومرض فيسقم ويمله طبيبه ويعرض عنه حبيبه و
ينقطع عمره ويتغير عقله ثم قيل هو موعوك وجسمه منهوك
ثم حد في نزع شديد وحضره كل حبيب قريب وبعيد فشخص
ببصره وطمح بنظره ورشح جبينه وخطف عرنينه وسكن
حنينه وجذبت نفسه وبكته عرسه وحفر رمسه ويتم
منه ولده وتفرق عنه صديقه وعدوه وقسم جمعه وذهب
30

بصره وسمعه وكفن ومدد ووجه وجرد وغسل وعرى
ونشف وسجى وبسط وهيئ ونشر عليه كفنه وشد منه ذقنه
وقمص وعمم وودع وعليه سلم وحمل فوق سريره وصلى
عليه بتكبيره ونقل من دور مزخرفة وقصور مشيدة وحجر
منجدة فجعل في ضريح ملحود ضيق مرصود بلبن منضود مسقف
بجلمود وهيل عليه عفره وحثى عليه مدره فتحقق حذره
ونسى خبره ورجع عنه وليه وصفيه ونديمه ونسيبه وتبدل
به قرينه وحبيبه فهو حشو قبر ورهين قفر يسعى في جسمه دود
قبره ويسيل صديده على صدره ونحره ويسحق تربته لحمه و
وينشف دمه ويرم عظمه حتى يوم حشيره فينشر في قبره وينفخ
في صوره ويدعى لحشره ونشوره فثم بعثرت قبور وحصلت سريرة
صدور وجيئ بكل نبي وصديق وشهيد وقصد للفصل بعبده
خبير بصير فكم زفرة تغنيه وحسرة تفضيه في موقف مهيل و
31

مشهد جليل بين يدي ملك عظيم بكل صغيرة وكبيرة عليم
حينئذ يلجمه عرقه ويخفره عبرته غير مرحومة وضرعته غير
مسموعة وحجته غير مقبولة تنشر صحيفته وتبين جريرته
حين نظر في سوء عمله وشهدت عينه بنظره ويده ببطشه
ورجله بخطوه وفرجه بلمسه ويهدده منكر ونكير فكشف
له عن حيث يسير فسلسل جيده وغلت يده وسيق يسحب وحده
فورد جنهم بكرب وشدة فظل يعذب في جهنم ويسقى
شربة من حميم يشوى وجهه ويسلخ جلده يظر به ملك بمقمع
من حديد يعوذ جلده بعد نضجه كجلد جديد فيستغيث
فتعرض عنه خزنة جهنم ويستصرخ فلم يجب ندم حيث لم
ينفعه ندمه فيلبث حقبه نعوذ برب قدير من شر كل مصير
ونسئله عفو من رضي عنه ومغفرة من قبل منه فهو ولى
مسئلتي ومنجح طلبتي فمن زحزح عن تعذيب ربه جعل في
32

جنة بقربه وخلد في قصور مشيدة وملك من حور عين و
حفدة وطيف عليه بكؤوس وسكن خطيرة قدس في فردوس
وتقلب في نعيم وسقى من تسنيم وشرب من عين سلسبيل
قد مزج بزنجبيل ختم بمسك وعنبر مستديم للملك (للحبور) مستشعر
للعشور (للسرور) يشرب من خمور في روض مغدق ليس يترف في
شربه هذه منزلة من خشى ربه وحذر نفسه وتلك عقوبة من
عصى منشئه وسولت له نفسه معصيته لهو قول فصل و
حكم عدل خير قصص قص ووعظ نص تنزيل من حكيم حميد نزل
به روح قدس مبين من عند رب كريم على قلب نبي مهتد
رشيد صلت عليه سفرة مكرمون بررة وعذت برب حكيم
عليم قدير رحيم من شر عدو لعين رجيم يتضرع متضرعكم ويبتهل
مبتهلكم ونستغفر رب كل مربوب لي ولكم ثم قرء بسم الله
الرحمن الرحيم تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا
33

في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين - ثم نزل رضي الله عنه
أقول إن هذه الخطبة من مشتهرات خطبه عليه السلام بين الخاصة والعامة وسماها عليه
السلام بالمونقة والمونقة التي يسر بها وتعجب من رآها ويستحسنها والأنق السرور وثئى أنيق
أي حسن معجب وتآنق فلان في الروضة أي وقع فيها معجبا بها قوله متضل من خطيئته أي متبرء من
ذنبه قوله فصيلته أي عشيرته ورهطه الأدنون قوله يحبوه أي يعطيه البطش الاخذ بالسرعة
الموبقة المهلكة كدح أي سعى بجهد وتعب الرهبة الخوف تذرى أي تصب من ذرات العين
دمعها أي صبته الذهول الذهاب عن الامر بدهشة التبلد التجلد والتصبر على الامر النزوع يقال
نزع عن المعاصي نزوعا أي انتهى عنها الموعوك المحموم وعكته الحمى من باب وعد اشتدت عليه
فهو موعوك المنهوك يقال نهكته الحي من باب نفع إذا أضنته وجهدته ونقضت لحمه قوله حد
أي اتقد ووهج عرنين الانف العرس بكسر العين قوله بكته عرسه أي زوجته وفى نسخة نكبته
عرسه أي أصابت زوجته نكبة ونكبات الدهر نوائبه نشف الرجل أي مسح الماء عن جسده بخرقة
وسجى أي غطى بيت منجد أي مزين الجلمود الحجر الصخر هال عليه التراب يهيله هيلا إذا صب
يرم عظمه بكسر الراء يقال يرم رمة إذا بلى بعثرت الشئ إذ استخرجت وكشفت قوله يسحب أي
يجر مقمع شئ من الحديد كالمحجن يضرب به الحقب هنا بمعنى الزمان الطويل قوله زحزح أي نجي وبعد
العشور القريب والصديق المغدق موسع الرزق.
3 - ومن خطبه عليه السلام
كتاب التهذيب لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي رفع الله في الخلد مقامه وهو إحدى الكتب
الأربعة التي عليها المدار في كتاب الصلاة منه في باب صلاة الاستسقاء قال روى أن أمير المؤمنين
عليه السلام خطب بهذه الخطبة في صلاة الاستسقاء فقال (صلوات الله وسلامه عليه
الحمد لله سابغ النعم ومفرج الهمم وبارئ النسم الذي
جعل السماوات لكرسيه عمادا والجبال أوتادا والأرض للعباد
مهادا وملائكته على ارجاءها وحملة عرشه على امطائها
34

وأقام بعزته أركان العرش وأشرق بضوئه شعاع الشمس واطفاء
بشعاعه ظلمة الغطش وفجر الأرض عيوبا والقمر نورا والنجوم بهورا
ثم تجلى فتمكن وخلق فاتقن وأقام فتهيمن فخضعت له نخوة المستكبر و
طلبت إليه خلة المتمكن (المتمسكن) اللهم فبدرجتك الرفيعة ومحلتك
المنيعة وفضلك البالغ وسبيلك الواسع أسئلك ان تصلى على محمد
وآل محمد كما دان لك ودعا إلى عبادتك ووفى بعهودك وانفذ احكامك و
اتبع اعلامك عبدك ونبيك وأمينك على عهدك إلى عبادك القائم باحكامك
ومريد من أطاعك وقاطع عذر من عصاك اللهم فاجعل محمدا اجزل من
جعلت له نصيبا من رحمتك وانضر من أشرق وجهه بسجال عطيتك وأقرب
الأنبياء زلفة يوم القيمة عندك وأوفرهم حظا من رضوانك وأكثرهم
صفوف أمة في جنانك كما لم يسجد للأحجار ولم يعتكف للأشجار ولم
يستحل السباء ولم يشرب الدماء اللهم خرجنا إليك حين فاجئتنا
المضايق الوعرة وألجأتنا المحابس العسرة وعضتنا علائق الشين وتأثلت
35

علينا لواحق المين واعتكرت علينا حدابير السنين وأخلفتنا مخايل
الجود واستظمانا لصوارخ القود (العود) فكنت رجاء المتابس والثقة
للملتمس ندعوك حين قنط الأنام ومنع الغمام وهلك السوام يا حي
يا قيوم عدد الشجر والنجوم والملائكة الصفوف والعنان المكفوف
(المعكوف) ان لا تردنا خائبين ولا تؤاخذنا بأعمالنا ولا تحاصنا
(ولا تخاصمنا) بذنوبنا وانشر علينا رحمتك بالسحاب المتأق و
النبات المونق وامنن علينا بتنويع الثمرة واخى بلادك ببلوغ
الزهرة واشهد ملائكتك الكرام السفرة سقيا منك نافعة دائمة
غزرها (وفى نسخة مروية هنيئة مرية عامة طيبة مباركة مريعة)
واسعا درها سحابا وابلا سريعا عاجلا تحيى بها ما قد مات وتخرج
به ما هو آت اللهم اسقينا غشيا مغيثا ممرعا طبقا مجلجلا متتابعا خفوفه
منبجسته بروقه مرتجسته هموعه وسيبه مستدر وصوبه مستبطر
ولا تجعل ظله علينا سموما وبرده علينا حسوما وضوئه علينا رجوما
36

ومائه أجاجا وبناته رمادا ومدادا اللهم انا نعوذ بك من
الشرك وهواديه والظلم ودواهيه والفقر ودواعيه يا معطى
الخيرات من أماكنها ومرسل البركات من معادنها منك الغيث
المغيث وأنت الغياث المستغاث ونحن الخاطئون من أهل الذنوب
وأنت المستغفر الغفار نستغفرك للجهالات من ذنوبنا ونتوب
إليك من عوام خطايانا اللهم فأرسل علينا ديمة مدرارا و
اسقينا الغيث واكفا مغزارا غيثا واسعا وبركة من الوابل نافعة
يدافع الودق بالودق دفاعا ويتلوا القطر منه القطر غير خلب برقه
ولا مكذب وعده ولا عاصفة جنائبه بل ريا يغض بالري ربابه
وفاض فانساع به سحابه وجرى آثار هيدبه جنابه سقيا منك محيية
مروية محفلة متصلة زاكيا نبتها ناميا زرعها ناضرا عودها ممرعة
آثارها جارية بالخصب والخير على أهلها تنعش بها الضعيف من عبادك
وتحيى بها الميت من بلادك وتنعم بها المبسوط من رزقك وتخرج
37

بها المخزون من رحمتك وتعم بها من نأى من خلقك حتى يخصب
لامراعها المجدبون ويحيى ببركتها المسنتون وتترع بالقيعان غدرانها
وتورع ذرى الأكمام رجوانها ويد هام بذرى الآكام شجرها وتستحق
علينا بعد الياس شكرا منه من مننك مجللة ونعمة من نعمك متصلة
على بريتك المرملة وبلادك المعزبة وبهائمك المعملة ووحشك
المهملة اللهم منك ارتجاءنا واليك مأبنا فلا تحبسه عنا
لتبطنك سرائرنا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا فإنك تنزل الغيث
من بعد ما قنطوا وتنشر رحمتك وأنت الولي الحميد - ثم بكى عليه السلام وقال
سيدي ساخت جبالنا واغبرت ارضنا وهامت دوابنا وقنط ناس
منا وتاهت البهائم وتحيرت في مراتعها وعجت عجيج الثكلى على أولادها
وملت الدوران في مراتعها حين حبست عنها قطر السماء فدق
لذلك عظمها وذهب لحمها وذاب شحمها وانقطع درها اللهم ارحم
انين الانة وحنين الحانة ارحم تحيرها في مراتعها وأنينها في مرابضها يا كريم
38

أقول الارجاء جمع الرجا وهو الناحية الامطاء جمع المطا وهو الظهر الغطش الليل المظلم شديد الظلمة قوله
والنجوم بهورا البهرة الإضائة قوله فتهيمن أي صار رقيبا وحافظا الخلة الحاجة والفقر والخصاصة النضرة النعمة
والعيش والسرور والغنى السجال العطاء السباء بالكسر والمد الخمر الوعرة أي الصعبة وعضتنا
علائق الشين أي ألزمتنا السنة الصعبة علائق الذل والمعايب تأثلت علينا أي عظمت واعتكرت علينا
أي واختلطت وتكثرت وقامت بعضها على بعض الحدابير جمع حدبار بالكسر وهي الناقة الضامرة التي بدء
عظم ظهرها من الهزال فشبة السنين القحط والجدب بها مخائل الجود أي سحائب المطر القود الخيل السوام
الحيوانات الراعية الشجر والنجوم المراد من النجوم هنا النبات كما قال الله تع النجم والشجر يسجدان أراد بالنجم النبات
والعنان المكفوف أي السحاب الممنوع من المطر ولا تحاصنا أي ولا تضيق علينا وفى نسخة المصباح للكفعمي
ولا تخاصمنا السحاب المتأق أي الممتلى ويحتمل ان يكون من باب الافعال أي يملأ الحياض والحبات المونق
المعجب الزهرة والزهرة النبات ونوره واسعا درها أي سيلها در العمرق أي سال الوابل المطر الشديد
ممرعا أي خصيبا واسعا طبقا أي مطرا عاما مجلجلا أي شديد الصوت خفوفة منجسته الخفوف صوت الرعد منجبة
أي منفجرة وهموعه مرتحبه أي جريانه وسيلانه شديدة وسيبه مستدر أي عطائه جار كثير السيلان والقع وصوبه مستبطر
الصوب نزول المطر والمستبطر الشديد الحسوم بالضم الشوم الرجوم هنا بمعنى العذاب هوادى الشرك مقدماته
من أماثلها أي من أفاضلها الديمة المطر الذي بلا رعد وبرق واكفا مغزارا أي سائلا كثيرا الودق بالودق أي يدافع
بعضها بعضا في الكثرة الخلب بضم الخاء وتشديد اللام المفتوحة الذي لا غيث فيه كأنه خادع عاصفة جنابية أي
هبت بها الرياح الجنوبية فإنها تكسر السحاب وتمنع عن المدرار وتلحق روادفه بخلاف الشمالية فإنها تمزقه ريا يعض بالري
ربابه الري بالكسر من روى بالماء يروى ريا وجمعه رواء ككتاب في المذكر والمؤنث والرباب النبت الهيدب السحاب
وقاض فانصاع به سحابه أي تفرق في أمكنة متفرقة متعددة ليعم نفعه محفلة أي مجتمعة تنعش الضعيف أي تقوية
وتقيمه المسنتون أي الذين أصابهم شدة السنة استنت القوم أي اجدبوا القيعان جمع القيعة وهي جمع القاع
وهو المستوى من الأرض الآكام التلال الصغار لتبطنك سرائرنا كناية عن انك تعلم سرائرنا وشدة ما نزل بنا من
القحط والسنين والجدب وحبس المطر.
4 - ومن خطبه عليه السلام
خطبها عليه السلام يوم عيد الأضحى رواها الصدوق رضي الله عنه في كتاب من لا يحضره الفقيه وهو من الكتب
الأربعة التي عليها المدار قال في كتاب الصلاة فإذا فرغ (عليه السلام) من الصلاة (أي صلاة العيد) صعد
39

المنبر ثم بدء فقال الله أكبر الله أكبر زنة عرشه ورضى نفسه وعدد قطر
سماءه وبخاره له الأسماء الحسنى والحمد لله حتى يرضى وهو العزيز
الغفور الله أكبر كبيرا متكبرا والها متغرزا ورحيما متحننا يعفو بعد
القدرة ولا يقنط من رحمته الا الضالون الله أكبر كبيرا ولا إله إلا الله
كثيرا وسبحان الله حنانا قديرا والحمد لله نحمده ونستعينه
ونستغفره ونستهديه ونشهد ان لا اله الا هو وأن محمدا عبده
ورسوله من يطع الله ورسوله فقد اهتدى وفاز فوزا عظيما
ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا بعيدا وخسر خسرانا مبينا
أوصيكم عباد الله بتقوى الله وكثرة ذكر الموت والزهد في الدنيا
التي لم يتمتع بها من كان فيها من قبلكم ولن يبقى لاحد من بعدكم
وسبيلكم فيها سبيل الماضين الا ترون انها قد تصرمت وآذنت
بانقضاء وتنكر معروفها وأدبرت جداء فهي تخبر بالفناء و
ساكنها يحدا بالموت فقد أمر منها ما كان حلوا وكدر منها ما
40

كان صفوا فلم يبق منها الا سملة كسملة الا داوة وجرعة كجزعة
الاناء ولو يتمززها الصديان لم تنفع غلته فازمعوا عباد الله
بالرحيل من هذه الدار المقدور على أهلها الزوال الممنوع أهلها
من الحياة المذللة أنفسهم بالموت فلاحي يطمع في البقاء ولا
نفس الا مذعنة بالمنون فلا يغلبنكم الأمل ولا يطل عليكم الا مد
ولا تغتروا فيها بالآمال وتعبدوا الله أيام الحياة فوالله ما حننتم
حنين الواله العجلان ودعوتم بمثل دعاء الأنام وجأرتم جؤار متبتلي
الرهبان وخرجتم إلى الله من الأموال والأولاد التماس القربة إليه
إليه في ارتفاع درجة عنده أو غفران سيئة أحصتها كتبه و
حفظتها رسله لكان قليلا فيما أرجو لكم من ثوابه وأتخوف عليكم من
اليم عقابه وبالله لو انماثت قلوبكم انمياثا وسالت عيونكم من رغبة
إليه ورهبة منه دما ثم عمرتم في الدنيا ما كانت الدنيا باقية
ما جزت أعمالكم ولو لم تبقوا شيئا من جهدكم لنعمه العظام عليكم
41

وهداه إياكم إلى الايمان ما كنتم لتستحقوا ابدا الدهر ما الدهر
قائم بأعمالكم جنته ولا رحمته ولكن برحمته ترحمون وبهداه
تهتدون وبهما إلى جنته تصيرون جعلنا الله وإياكم من
التائبين العابدين وان هذا يوم حرمته عظيمة وبركته مأمولة
والمغفرة فيه مرجوة فأكثروا ذكر الله تعالى واستغفروه وتوبوا
إليه انه هو التواب الرحيم ومن ضحى منكم بجذع من المعز فإنه
لا يجزئ عنه والجذع من الضأن يجزئ ومن تمام الأضحية
استشراف عينها واذنها وإذا سلمت العيون والاذن تمت الأضحية
وإن كانت عضباء القرن وتجر برجلها إلى المنسك فلا يجزئ وإذا
ضحيتم فكلوا وأطعموا واهدوا واحمدوا الله على ما رزقكم من بهيمة الأنعام
وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأحسنوا العبادة وأقيموا الشهادة
وارغبوا فيما كتب عليكم وفرض من الجهاد والحج والصيام فان ثواب
ذلك عظيم لا ينفد وتركه وبال لا يبيد ومروا بالمعروف وانهو عن
42

المنكر وأخيفوا الظالم وانصروا المظلوم وخذوا على يد المريب و
أحسنوا إلى النساء وما ملكت ايمانكم واصدقوا الحديث وأدوا الأمانة
وكونوا قوامين بالحق ولا تغرنكم الحياة الدنيا ولا تغرنكم بالله
الغرور ان أحسن الحديث ذكر الله وأبلغ موعظة المتقين كتاب
الله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم قل هو
الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد
أقول قد نقل السيد رضي الله عنه بعض هذه الخطبة في فصلين وانى نقلها بتمامها عن الفقيه والصدوق أسبق من
السيد في نقلها ونقل الشيخ أيضا تمامها في مصباح المتهجد عن أبي مخنف عن عبد الرحمن بن جندب عن أبيه عن علي
عليه السلام قوله تصرمت أي تقطعت وفنيت والصرم القطع ومنه الصارم للسيف القاطع وآذنت أي
أعلمت وتنكر معروفها أي صارا منكرا ما كان يعرفه الناس منه ويعدونه حسنا وأدبرت جداء أي مقطوعة
أو سريعة وقيل منقطعة الدر والخير وفى كثير من النسخ بالحاء المهملة أي حفيفة سريعة وفى النهج وهي
تخفرنا لفناء بالخاء والفاء والزاء المعجمة أي دفعه من خلفه وحثه واعجله وخفر بالرمح أي ملعنه قوله يحدا
بالموت وفى النهج تحدوا أي تبعث وتساق أو تبعث وتسيق أو تسوق للموت من الحد وهو سوق الإبل وامر الشئ
صار مرا وكدر مثلثة الدال ضد صفا والمضبوط في نسخ النهج بالكسر السملة بالتحريك القليل من الماء تبقى في
الاناء والإداوة بالكسر المطهرة والجرعة بالضم الاسم من الشرب اليسير وبالفتح المرة الواحدة يتمززها الصديان
أي يمصه قليلا قليلا العطشان قوله لم تنقع غلته أي لم تسكن شدة عطشه الغلة بالضم العطش أو شدته
أو حرارة الجوف قوله فازمعوا أي فاجمعوا واعزموا الزمع الجمع والعزم وفى النهج بعد أهلها الزوال ولا
يغلبنكم فيها الأمل ولا يطولن عليكم الأمد قوله مذعنة بالمنون أذعن أي خضع وذل والمنون الموت
الأمل الرجاء والامد غاية الزمان الواله العجلان وفى النهج الوله العجال الوله بالتحريك ذهاب العقل
والتحير من شدة الحزن يقال رجل واله وامرأة وآلهة المتحير والمتحيرة والواله كل أنثى فارقت ولدها والعجلان
43

المتسرع في الأمور جأر كمنع جأرا وجؤرا تضرع واستغاث رافعا صوته بالدعاء والمتبتل المقطع عن
النساء وعن الدنيا ومنه التبتل في الدعاء أي الانقطاع إلى الله عن غيره من الخلق والاهل والأولاد و
النساء وعن الدنيا والرهبان جمع راهب وهو المتعبد من النصارى انماث الملح في الماء أي ذاب وسال
والجهد بالضم كما في النسخ الوسع والطاقة وبالفتح المشقة الجذع ما كمل من الضأن أو المغربستة أشهر والمنسك
بفتح السين وكسرها المذبح وكل موضع للعبادة منسك والنسيكة الذبيحة والوبال الشدة والثقل
5 - ومن خطبه عليه السلام
منتخب كنز العمال الموضوع في هامش كتاب المسند لأحمد بن حنبل في الجزء السادس ص 322 روى عن ابن زكريا
ووكيع عن علي عليه السلام أنه قال ذمتي رهينة وانابه زعيم صرحت له العبر
ان لا يهيج على التقوى زرع قوم ولا يظمأ على الهدى سنخ أصل الا
وان أبغض خلق الله رجل قمس علما غارا في اغباش الفتنة عميا
بما في الهدنة اشباهه من الناس عالما ولم يغن في العلم
يوما سالما فاستكبر فما قل منه فهو خير مما كثر حتى إذا ما ارتوى
من ماء آجن وأكثر من غير طائل فعد للناس مفتيا لتخليص ما
التبس على غيره ان نزلت به إحدى المبهمات هيأ حشوا من رأيه
فهو من قطع المشتبهات في مثل غزل العنكبوت لا يعلم أخطاء أم
أصاب خباط عشوات ركاب جهالات لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم
44

ولا يعض في العلم بضرس قاطع ذرء الرواية ذرء الريح الهشيم تبكى
منه الدماء وتضرخ منه المواريث ويستحل بقضائه الحرام لأملى
والله باصدار ما ورد عليه ولا أهل لما فرط به أقول
الزعيم الضمين الكفيل لا يهيج على التقوى زرع قوم أي من عمل لله لم يفسد عمله ولم يبطل كما يهيج الزرع و
يهلك هاج النبت هياجا يبس النسخ بالكسر من كل شئ أصله والجمع اسناخ كالحمل واحمال ومنه الحديث التقوى
سنخ الايمان القمس قمس أي ناظر من هو اعلم منه الغار الغافل وغارا هنا أي غافلا على الحالية واغباش
الفتنة أي ظلمتها قوله إذا ما أر توى من ماء آجن الارتواء افتعال الري والاجن المتغير من الماء وهذا عندهم
من المجاز المرشح وقد شبه عليه السلام علمه بالماء الاجن لأنه لا ينتفع به خباط عشوات أي يخبط في الظلام والامر
الملتبس فيتحير العض الامساك بالأسنان وقوله لا يعض في العلم كناية عن عدم التتبع والتعمتي فيه قوله ذرء الرواية
ذرء الريح الهشيم أي رد الرواية كما ينسف الريح هشيم النبت والهشيم أي اليابس منه تصرخ منه المواريث أي تصيح
6 - ومن خطبه عليه السلام
منتخب كنز العمال هامش جزؤ السادس من المسند ص 324 روى عن عبد الله بن صالح العجلي عن أبيه قال خطب
علي بن أبي طالب يوما فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ثم قال (عليه السلام)
يا عباد الله لا تغرنكم الحياة الدنيا فإنها دار بالبلاء محفوفة وبالفناء
معروفة وبالغدر موصوفة وكل ما فيها إلى زوال وهي ما بين أهلها
دول وسجال لم يسلم من شرها نزالها بينا أهلها في رخاء وسرور إذا
هم منها في بلاء وغرور العيش فيها مذموم والرخاء فيها لا يدوم وانما
أهلها فيها اغراض مستهدفة ترميهم بسهامها وتقصمهم بحمامها عباد الله
45

انكم وما أنتم من هذه الدنيا عن سبيل من قد مضى ممن كان
أطول منكم أعمارا وأشد منكم بطشا واعمر ديارا وابعد
آثارا وأصبحت أصواتهم هامدة خامدة من بعد طول تقلبها
وأجسادهم بالية وديارهم خالية وآثارهم عافية الصخور
استبدلوا بالقصور المشيدة والسرور والنمارق الممهدة و
والأحجار المسندة في القبور الملاطئة الملحدة التي قد بين الخراب
فناءها وشيد بالتراب بناءها فحملها مقرب وساكنها مغترب
بين أهل عمارة موحشين وأهل محلة متشاغلين لا يستأنسون
بالعمران ولا يتواصلون تواصل الجيران على ما بينهم من قرب
الجوار ودنوا الدار وكيف يكون بينهم تواصل وقد طحنهم البلى
واكلتهم الجنادل والثرى فأصبحوا بعد الحياة أمواتا وبعد غضارة
العيش رفاتا فجع بهم الأحباب وسكنوا التراب وظعنوا فليس
لهم اياب هيهات هيهات كلا انها كلمة هو قائلها ومن ورائهم
46

برزخ إلى يوم يبعثون فكان قد صرتم إلى ما صاروا عليه من
الوحدة والبلاء في دار الموتى وارتهنتم في ذلك المضجع وضمكم
ذلك المستودع فكيف بكم لو قد تناهت الأمور وبعثرت القبور
وحصل ما في الصدور وأوقفتم للتحصيل بين يدي ملك جليل
فطارت القلوب لاشفاقها من سالف الذنوب وهتكت عنكم
الحجب والأستار فظهرت منكم العيوب والاسرار هنالك تجزى
كل نفس بما كسبت ليجزى الذين أساءوا بما عملوا ويجزى الذين
أحسنوا بالحسنى ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه و
يقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا
أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا جعلنا
الله وإياكم عاملين بكتابه متبعين لأوليائه حتى يحلنا
وإياكم دار المقامة من فضله انه حميد مجيد
أقول قوله سجال أي مرة لنا ومرة علينا الحمام بالكسر والتحفيف الموت البطش الاخذ بالسرعة
والعنف هامدة أي يابسة ميتة خامدة أي مية وخمود الانسان موته ونار خامدة أي ساكنة لهبها
47

أجسادهم بالية أي فانية أفنتها الأرض آثارهم عافية أي ماحية السرر جمع السرير وهو مجلس السرور و
قيل انما رفعت ليرى الناس بجلوسهم عليها جميع ما حولهم النمارق جمع النمرقة بكسر النون وهي الوسائد
الملاطئة الملاصقة من الملاط وهو الطين الذي يجعل بين نسا في البناء يملط به الحائط أي يخلط أو من
لطت الحوض بالطين لوطا أي ملطته الملحدة من باب الافعال أي جعلت في اللحد كالفلس وفى لغة بالضم
كالقفل وهو الشتى في جانب القبر وجمعه اللحود الفناء يقال فناء الكعبة بالمد سعة امامها وقيل ما امتد
من جوانبها دورا وهو حريمها خارج المملوك منها ومثله فناء الدار والجمع أفينة غضارة العيش طيب العيش
قوله رفاتا أي فتاة والفتاة الحطام وما تناثر من كل شئ ظعنوا أي ساروا وارتحلوا بعثرت القبور أي
قلبت وأخرجت وقد نقل الرضي ره هذه باختلاف في فقراتها بالزيادة والنقصان
7 - ومن خطبه عليه السلام
منتخب كنز العمال في هامش الجزء السادس من المسند ص 326 روى عن ابن النجار عن يحيى بن يعمر أنه قال إن
علي بن أبي طالب خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس انما هلك
من كان قبلكم بركوبهم المعاصي ولم ينههم الربانيون والاخبار
انزل الله بهم العقوبات الا فمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر
قبل ان ينزل بكم الذي نزل بهم واعلموا ان الامر بالمعروف و
النهى عن المنكر لا يقطع رزقا ولا يقرب اجلا ان الامر ينزل من
السماء كقطر المطر إلى كل نفس بما قدر الله لها من زيادة أو نقصان
في أهل أو مال أو نفس ورأى لغيره غيره فلا يكونن ذلك له فتنة
فان المرء المسلم مالم يغش دنائة يظهر تخشعا لها إذا ذكرت و
48

ويعزى به لئام الناس كالياسر الفالج الذي ينتظر أول فورة
من قداحه توجب له المغنم وتدفع عنه المغرم فكذلك المرء
المسلم البرئ من الخيانة انما ينتظر إحدى الحسنين إذا ما دعا الله
فما عند الله خير له واما ان يرزقه الله مالا فإذا هو ذو أهل ومال
والحرث حرثان المال والبنون حرث الدنيا والعمل الصالح حرث
الآخرة وقد يجمعها الله لاقوام قال سفيان بن عينيه ومن يحسن يتكلم بهذا الكلام
الا علي بن أبي طالب (عليه السلام) قوله الياسر الغنى الفالج الفائز الفورة أول الوقت الحاضر
الذي لا تأخير فيه القداح السهم إحدى الحسنين أي إحدى العاقبتين اللتين كل واحدة منها حسنى العواقب
8 - ومن خطبه عليه السلام
كتاب نصر بن مزاحم المنقري التميمي الكوفي الملقب بالعطار ص 7 المطبوع في عاصمة طهران في سنة 1300
الهجرية وهو الذي ثبته ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه على النهج عند بحثه عن واقعة صفين وقال بصحة
نقله بقوله ونحن نذكر ما اورده نصر بن مزاحم من كتاب صفين في هذا المعنى فهو في نفسه ثبت صحيح
النقل غير منسوب إلى هوى وادغال وهو من رجال أصحاب الحديث انتهى كلامه فأقول قال النصر قال
أبو عبد الله عن سليمان بن المغيرة عن علي بن الحسين خطبة علي بن أبي طالب في الجمعة بالكوفة والمدينة
الحمد لله احمده وأستعينه واستهديه وأعوذ بالله من الضلالة
من يهدى الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد
ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله انتجبه
49

لامره واختصه بالنبوة أكرم خلقه عليه وأحبهم إليه فبلغ
رسالة ربه ونصح لامته وادى الذي عليه وأوصيكم بتقوى
الله فان تقوى الله خير ما تواصى به عباد الله واقربه لرضوان
الله وخيره في عواقب الأمور عند الله وبتقوى الله امرتم و
للإحسان والطاعة خلقتم فاحذروا من الله ما حذركم من
نفسه فإنه حذر بأسا شديدا واخشوا الله خشية ليست بتعذير
واعملوا في غير رياء ولا سمعة فإنه من عمل لغير الله وكله
الله إلى ما عمل له ومن عمل لله مخلصا تولى الله اجره وأشفقوا
من عذاب الله فإنه لم يخلقكم عبثا ولم يترك شيئا من امركم
سدى قد سمى آثاركم وعلم أعمالكم وكتب آجالكم فلا تغتروا
بالدنيا فإنها غرارة بأهلها مغرور من اغتربها والى فناء ما
هي عليها ان الآخرة هي دار الحيوان لو كانوا يعلمون اسئل الله منازل
الشهداء ومرافقة الأنبياء ومعيشة السعداء فإنما نحن له وبه
50

9 - ومن خطبه عليه السلام
كتاب النصر ص 15 روى عن عمر بن سعد عن أبي يحيى عن محمد بن طلحة عن أبي سنان الأسلمي قال
لما أخبر بخطبة معاوية وعمرو وتحريصهما الناس عليه أمر بالناس فجمعوا قال وكأني انظر
إلى علي متوكيا على قوسه وقد جمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله عنده فهم يلونه
وأحب ان يعلم الناس ان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله متوافرون فحمد الله وأثنى عليه ثم قال
أيها الناس اسمعوا مقالتي وعوا كلامي فان الخيلاء من التجبر
وان النخوة من التكبر وان الشيطان عدو حاضر يعدكم الباطل
الا ان المسلم أخ المسلم لا تنابذوا ولا تخاذلوا فان شرايع الدين
واحدة وسبله قاصدة من اخذ بها لحق ومن تركها مرق ومن
فارقها محق ليس المسلم بالخائن إذا أئتمن ولا بالمخلف إذا وعد ولا
بالكذاب إذا أنطق نحن أهل بيت الرحمة وقولنا الصدق ومن
فعالنا القصد ومنا خاتم النبيين وفينا قادة الاسلام ومنا قراء
الكتاب ندعوكم إلى الله والى رسوله والى جهاد عدوه والشدة
في امره وابتغاء رضوانه وأقام الصلاة وايتاء الزكاة وحج البيت
وصيام شهر رمضان وتوفير الفيئ لأهله الا وان من أعجب العجائب
51

ان معاوية بن أبي سفيان الأموي وعمرو بن العاص السهمي أصبحا يحرضان
الناس على طلب الدين بزعمهما وقد علمتم انى لم أخالف رسول الله
قط ولم اعصه في أمر قط أقيه بنفسي في المواطن التي ينكص فيها
الأبطال وترعد فيها الفرائض نجدة اكرمنى الله بها فله الحمد
ولقد قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وان رأسه لفى حجري
ولقد وليت غسله بيدي وحدى تقلبه الملائكة المقربون معي
وأيم الله ما اختلفت أمة قط بعد نبيها الا ظهر أهل باطلها على
حقها الا ما شاء الله
10 - ومن خطبه عليه السلام
كتاب النصر ص 115 روى عن عمرو بن شمر عن مالك بن أعين عن زيد بن وهب أن عليا قال في هذه
الليلة حتى متى لا تناهض القوم بأجمعنا قال فقام في الناس عشية الثلثا ليلة الأربعاء بعد العصر فقال
الحمد لله الذي لا يبرم ما نقض ولا ينقض ما ابرم ولو شاء ما
اختلف اثنان من هذه الأمة ولا من خلقه ولا تنازعت الأمة
في شئ من امره ولا جحد المفضول ذا الفضل فضله وقد ساقنا
52

وهؤلاء القوم الا قدار حتى الفت بيننا في هذا المكان فنحن من ربنا
بمرئى ومسمع فلو شاء لعجل النقمة وكان منه التغيير حتى يكذب الله
الظالم ويعلم الحق أين مصيره ولكنه جعل الدنيا دار الأعمال و
جعل الآخرة عنده دار القرار ليجزى الذين أساءوا بما عملوا ويجزى
الذين أحسنوا بالحسنى الا انكم لاقوا العدو غدا إن شاء الله فأطيلوا
الليلة القيام وأكثروا تلاوة القرآن واسئلوا الله الصبر والنصر وألقوهم
بالجد والحزم وكونوا صادقين ثم انصرف ووثب الناس على سيوفهم ورماحهم ونبالهم يصلحونها
11 - ومن خطبه عليه السلام
كتاب النصر ص 120 قال قال عمر بن سعد عن عبد الرحيم بن عبد الرحمن عن أبيه ان عليا أمير المؤمنين حرض
الناس وقال إن الله عز وجل قد دلكم على تجارة تنجيكم من العذاب وتشفى
بكم على الخير ايمان بالله ورسوله وجهاد في سبيله وجعل ثوابه مغفرة
الذنوب ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر فأخبركم
بالذي يحب فقال إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم
بنيان مرصوص فسووا صفوفكم كالبنيان المرصوص وقدموا الدارع
53

وأخروا الخاسر وعضوا على الأضراس فإنه أنبأ للسيوف عن الهام
واربط للجأش واسكن للقلوب وأميتوا الأصوات فإنه اطرد
للقتل واولى بالوقار والتووا في أطراف الرماح فإنه أمور للأسنة
وراياتكم فلا تميلوها ولا تزيلوها ولا تجعلوها الا في أيدي شجعانكم
المانعي الذمار والصبر عند نزول الحقائق أهل الحفاظ الذين يحفون
براياتكم ويكشفونها يضربون خلفها وامامها ولا تضيعوها اجزءا
كل امرء منكم رحمكم الله قرنه وواسى أخاه بنفسه ولم يكل قرنه
إلى أخيه فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه فيكتب بذلك لأئمة و
يأتي به دنائة وانى هذا وكيف يكون هذا يقاتل اثنين و
هذا ممسك يده قد خلى قرنه على أخيه هاربا منه وقائما ينظر إليه
من يفعل هذا يمقته الله فلا تعرضوا لمقت الله فإنما مردكم إلى الله
قال الله لقوم قل لا ينفعكم الفرار فررتم من الموت أو القتل وإذا لا
تمتعون الا قليلا وأيم الله لئن فررتم من سيف العاجلة لا تسلمون
54

من سيف الآخرة استعينوا بالصدق والصبر فإنه بعد الصبر ينزل النصر
أقول قوله صفا كأنهم بنيان مرصوص أي لاصق بعضه ببعض وتراص القوم بالصف أي تلاصقوا
حتى لا يكون بينهم فرج والأصل في ذلك رص البناء الدارع الذي عليه درع من الحديد والحاسر من
لا مغفر له ولا درع أو لاجنة له وفحل عدل عن الضراب عضوا على الأضراس أي شد وأعلى الاستمساك
بها قوله فإنه أنبأ للسيوف عن الهام قال في المجمع قيل هو من الانباء وهو الابعاد قوله اربط نفسه عن
الفرار لشجاعته قوله ما نعى الذمار ذمار الرجل مما ورائه ويحق عليه ان يحميه ولزمه حفظه القرن بالكسر
كفو الرجل في الشجاعة (قد نقل الرضي بعض فقراتها في النهج)
12 - ومن خطبه عليه السلام
كتاب النصر ص 119 عن عمر بن سعد عن عبد الرحمن بن جندب عن أبيه قال لما كان غداة الخميس صلى
على فغلس بالغدوة ما رأيت عليا غلس بالغداة أشد من تغليسه يومئذ ثم خرج بالناس إلى أهل الشام
فزحف إليهم وكان هو يبدأهم فيسير إليهم فإذا رأوه وقد زحف استقبلوه بزحوفهم قال وقال نصر
فحدثني ملك بن أعين عن زيد بن وهب أن عليا خرج إليهم فاستقبلوه فقال (عليه السلام)
اللهم رب السقف المحفوظ الكفوف الذي جعلته مغيضا لليل والنهار
وجعلت فيه مجرى الشمس والقمر ومنازل الكواكب والنجوم وجعلت سكانه
سبطا من الملائكة لا يسئمون العبادة ورب هذه الأرض التي جعلتها قرارا
للأنام والهوام والانعام ومالا يحصى مما لا يرى ومما يرى من خلقك
العظيم ورب الفلك التي تجرى في البحر بما ينفع الناس ورب السحاب المسخر
بين السماء والأرض ورب البحر المسجور (المحيط بالعالم) ورب العالمين
55

ورب الجبال الرواسي التي جعلتها للأرض أوتادا وللخلق متاعا ان
أظهرتنا على عدونا فجنبنا البغى وسددنا للحق وان أظهرتهم علينا
فارزقنا الشهادة واعصم بقية أصحابي من الفتنة أقول المكفوف
أي الممنوع من الاسترسال ان يقع على الأرض وهي معلقة بلا عمد مغيضا أي محل اجتماع الماء السبط
هنا بمعنى القبيلة لا يسئمون أي لا يملون المسجور أي المملو الرواسي بمعنى الثوابت الأوتاد جمع الوتد المسمار
13 - ومن كلامه عليه السلام
كتاب النصر ص 118 وفيه عن عمرو بن شمر عن جابر عن تميم قال كان على إذا سار إلى القتال ذكر اسم الله
حين يركب ثم يقول الحمد لله على نعمه علينا وفضله العظيم سبحان الذي سخر
لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا إلى ربنا لمنقلبون ثم يستقبل القبلة ويرفع يديه
إلى الله ويقول اللهم إليك نقلت الاقدام وأتعبت الأبدان وأفضت
القلوب ورفعت الأيدي وشخصت الابصار ربنا افتح بيننا وبين
قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين سيروا على بركة الله ثم يقول الله
أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر يا الله يا أحد يا صمد يا رب محمد
(صلى الله عليه وآله وسلم) بسم الله الرحمن الرحيم لاحول ولا قوة
الا بالله العلي العظيم إياك نعبد وإياك نستعين اللهم كف عنا باس الظالمين
56

فكان هذا شعاره بصفين رضي الله عنه روى نصر عن الأبيض بن الأعز بن سعد بن طريف
عن الأصبغ قال ما كان على قتال قط الأنادي كهيعص وعن قيس بن الربيع عن عبد الواحد
بن حسان العجلي عمن حدثه عن علي انه سمع يقول يوم صفين اللهم إليك رفعت
الابصار وبسطت الأيدي ودعت الألسن وأفضت القلوب و
تحوكم إليك في الأعمال فاحكم بيننا وبينهم بالحق وأنت خير الفاتحين
اللهم انا نشكو إليك غيبة نبينا وقلة عددنا وكثرة عدونا و
تشتت اهواءنا وشدة الزمان وظهور الفتن أعنا عليهم بفتح تعجله
ونصر تعز به سلطان الحق وتظهره
14 - ومن كلامه عليه السلام
كتاب النصر ص 130 عن عمر عن مالك بن أعين عن زيد بن وهب أن عليا لما رأى ميمنته قد عادت
إلى موقفها ومصافها وكشف من بازائها حتى ضاربوهم في مواقفهم ومراكزهم فاقبل حتى انتهى إليهم فقال
انى قد رأيت جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم وتحرزكم الجفاة و
الطغاة واعراب أهل الشام وأنتم لها ميم العرب والسنام الأعظم و
عمار الليل بتلاوة القرآن وأهل دعوة الحق إذا ضل الخاطئون
فلولا اقبالكم بعد ادباركم وكركم بعد انحيازكم وجب عليكم ما
57

وجب على المولى يوم الزحف دبره وكنتم فيما ارى من الهالكين ولقد
هون على بعض وجدى وشفا بعض حاج نفسي انى أرايتكم باخرة
حزتموهم كما حازوكم وأزلتموهم عن مصافهم كما أزالوكم تحوزونهم
بالسيوف ليركب أولهم آخرهم كالإبل المطرودة الهيم فالآن فاصبروا
أنزلت عليكم السكينة وثبتكم الله باليقين وليعلم المنهزم انه
مسخط لربه وموبق نفسه وفى الفرار موجدة الله عليه والذل اللازم
وفساد العيش وان الفار لا يزيد الفرار في عمره ولا يرضى ربه
فموت الرجل محقا قبل اتيان هذه الخصال خير من الرضا بالتلبس بها والاقرار عليها
أقول قوله جولتكم يقال جال جولة إذا دار ومنه قوله وللباطل جولة فقوله جولتكم أي عدم استقراركم
على الحرب وعدم اطمئنانكم إليه وقوله انجيازكم أي عدو لكم عن الحرب ها ميم العرب لعله أراد به شجعان العرب
وساداتهم السنام أولو الدرجات الرفيعة يوم الزحف أي الجهاد حاج نفسي أي سلامة نفسي
15 - ومن كلامه عليه السلام
كتاب النصر ص 207 قال وحدثني رجل عن مالك الجهني عن زيد بن وهب أن عليا مر على جماعة
من أهل الشام بصفين فيهم الوليد بن عقبة وهو يشتمونه ويقصبونه فاخبروه بذلك فوقف في
ناس من أصحابه فقال انهدوا إليهم وعليكم السكينة وسيماء الصالحين و
وقار الاسلام والله لأقرب قوم إلى الجهل بالله عز وجل قوم قائدهم
58

ومؤدبهم معاوية وابن النابغة وأبو أعور السلمي وابن أبي
شارب الحرام والمجلود حدا في الاسلام وهم أولي يقومون فيقصبونني
ويشتمونني وقبل اليوم ما قاتلوني وشتموني وانا إذ ذاك ادعوهم
إلى الاسلام وهم يدعوننى إلى عبادة الأصنام فالحمد لله ولا إله إلا الله
وقديما ما عاداني الفاسقون ان هذا لهو الخطب الجليل
ان فساقا كانوا عندنا غير مرضيين وعلى الاسلام وأهله متخوفين
خدعوا شطر هذه الأمة فاشربوا قلوبهم حب الفتنة فاستمالوا
أهوائهم بالإفك والبهتان وقد نصبوا لنا الحرب وجدوا في اطفاء
نور الله والله متم نوره ولو كره الكافرون اللهم فإنهم قد
رددوا الحق فافضض جمعهم وشتت كلمتهم وابسلهم بخطاياهم
فإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت
قوله انهدوا النهد النهوض والتقدم ومنه نهدت إلى العدو من بابى قتل ونفع فانهدوا
أي انهضوا وتقدموا قوله فيقصبونني أي يعيبونني ويشتمونني الخطب الجليل أي الامر العظيم
فافضض جمعهم أي فرق جمعهم
16 - ومن كلامه عليه السلام
59

كتاب النصر ص 284 عن عمرو عن فضيل بن خديج قال قيل لعلى لما كتبت الصحيفة ان الأشتر
لم يرض بما في هذه الصحيفة ولا يرى الا قتال القوم فقال على (عليه السلام).
بلى ان الأشتر ليرضى إذا رضيت ورضيتم ولا يصلح الرجوع بعد
الرضا ولا التبديل بعد الاقرار الا ان يعصى الله ويتعدى ما
في كتابه واما الذي ذكرتم من تركه امرى وما انا عليه فليس من
أولئك وليس أتخوفه على ذلك وليت فيكم مثله اثنان بل ليت
فيكم مثله واحد يرى في عدوه مثل رأيه إذا لخفت على مؤنتكم
ورجوت ان يستقيم لي بعض أودكم واما القضية فقد استوثقنا
لكم فيها وقد طمعت ان لا تضلوا إن شاء الله رب العالمين
الأود العوج والقوة
17 - ومن كلامه عليه السلام
كتاب النصر ص 289 قال في جواب من قاله ع إذا سئل عن قول ذي الرأي قال يقولون إن
عليا كان له جمع عظيم ففرقه وحصن حصين فهدمه فحتى متى يبنى مثل ما قد هدم
وحتى متى يجمع مثل ما قد فرق فلو انه كان مضى بمن اطاعه إذ عصاه من عصاه فقاتل
حتى يظهره الله أو يهلك إذا كان ذلك هو الجزم فقال (عليه السلام) هدمت أم هم
هدموا أم انا فرقت أم هم تفرقوا واما قولهم لو أنه مضى بمن
اطاعه إذا عصاه من عصاه فقاتل حتى يظفر أو يهلك إذا كان
60

ذلك هو الحزم فوالله ما غنى عن ذلك الرأي وان كنت سخى
النفس بالدنيا طيب النفس بالموت ولقد هممت بالاقدام فنظرت إلى
هذين قد استقدماني فعلمت ان هذين ان هلكا انقطع نسل
محمد من هذه الأمة فكرهت ذلك وأشفقت على هذين ان
يهلكا ولو علمت أن لولا مكاني لم يستقدما يعنى بذلك ابنيه الحسن والحسين
وأيم الله لئن لقيتهم بعد يومى لقيتهم وليس هما معي في عسكر ولا دار
قال ثم مضى حتى جزنا دور بنى عوف فإذا نحن عن ايماننا بقبور سبعة أو ثمانية فقال أمير المؤمنين
ما هذه القبور فقال له قدامة بن عجلان الأزدي يا أمير المؤمنين ان خباب بن الأرت توفى بعد
مخرجك فاوصى ان يدفن في الظهر وكان الناس يدفنون في دورهم وأفنيتهم فدفن الناس إلى جنبه
فقال على (عليه السلام) رحم الله خبابا قد أسلم راغبا وهاجر طايعا و
عاش مجاهدا وابتلى في جسده أحوالا ولن يضيع الله اجر من أحسن
عملا فجاء حتى وقف عليهم ثم قال عليكم السلام يا أهل الديار الموحشة
والمحال المقفرة من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات أنتم
لنا سلف وفرط ونحن لكم تبع وبكم عما قليل لاحقون اللهم اغفر
لنا ولهم وتجاوز عنا وعنهم ثم قال الحمد لله الذي جعل الأرض
61

كفاتا احياء وأمواتا الحمد لله الذي منها خلقنا وفيها يعيدنا و
عليها يحشرنا طوبى لمن ذكر المعاد وعمل للحساب وقنع بالكفاف ورضى عن الله بذلك
أقول الحرم ضبط الرجل امره والحذر من فواته من قولهم حزمت الشئ أي شددته وفى معاني الأخبار
فقال ما الحزم قال إن ان تنتظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك وحزم فلان رأيه أي اتقنه
خباب بالخاء المعجمة والبائين بينها الف ابن الأرت بالهمزة المفتوحة والراء المفتوحة والتاء المشددة مات
قبل الفتنة وترحم علي عليه السلام له دليل على حس حاله المقفرة من الأرض التي لا ماء فيها ولا نبات فيها
أنتم لنا سلف وفرط بالتحريك أي اجر وذخر يتقدمنا جعل الأرض كفاتا أي أوعية ومنها ما ينبت
ومنها ما لا ينبت.
18 - ومن خطبه عليه السلام
رواها الامام العلامة من أعاظم علماء العامة أبو المظفر شمس الدين بن يوسف الملقب بسبط
العلامة الشهير بابى الفرج عبد الرحمن بن الجوزي المتوفى سنة 654 الهجرية في كتابه المسمى بالتذكرة وانا
ناقلها من نسخته المطبوعة في النجف الأشرف ص 138 - قال خطبة في مدح النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم
والأئمة أخبرنا أبو طاهر الخزيمي أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي أخبرنا عبد الله بن عطاء الهروي
أخبرنا عبد الرحمن بن عبيد الثقفي أخبرنا الحسين بن محمد الدينوري أخبرنا عبد الله بن إبراهيم
الجرجاني نبأنا محمد بن علي بن الحسين العلوي أخبرنا أحمد بن عبد الله الهاشمي حدثنا الحسن بن علي
بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام قال خطب أبى أمير
المؤمنين عليه السلام يوما بجامع الكوفة خطبة بليغة في فدح رسول الله صلى الله عليه وآله فقال
بعد حمد الله لما أراد ان ينشئ المخلوقات ويبدع الموجودات أقام
الخلائق في صورة قبل دحو الأرض ورفع السماوات ثم أفاض نورا من
نور عزه فلمع قبسا من ضيائه وسطع ثم اجتمع في تلك الصورة وفيها
هيئة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقال له تعالى أنت المختار
62

وعندك مستودع الأنوار وأنت المصطفى المنتجب الرضا المنتخب المرتضى
من اجلك أضع البطحاء وارفع السماء واجرى الماء واجعل الثواب
والعقاب والجنة والنار وانصب أهل بيتك علما للهداية و
أودع اسرارهم من سرى بحيث لا يشكل عليهم دقيق ولا يغيب عنهم
خفى واجعلهم حجتي على بريتي والمنبهين على قدري والمطلعين
على اسرار خزائني وفى نسخة واسكن قلوبهم أنوار عزتي واطلعهم على معادن
جواهر خزائني ثم اخذ الحق سبحانه عليهم الشهادة بالربوبية و
الاقرار بالوحدانية وان الإمامة فيهم والنور معهم ثم إن الله
اخفى الخليفة في غيبه وغيبها في مكنون علمه ونصب العوالم و
موج الماء واثار الزبد وأهاج الدخان فطفى عرشه على الماء ثم
أنشأ الملائكة من أنوار أبدعها وأنواع اخترعها وفى نسخة ثم خلق
المخلوقات فاكملها ثم خلق الأرض وما فيها ثم قرن بتوحيده نبوة نبيه
محمد وصفيه صلى الله عليه وآله وسلم فشهدت السماوات والأرض
63

والملائكة والعرش والكرسي والشمس والقمر والنجوم وما في الأرض
له بالنبوة فلما خلق آدم آبان الملائكة فضله واراهم ما خصه به
من سابق العلم فجعله محرابا وقبلة لهم فسجدوا له وعرفوا
حقه ثم بين لادم حقيقة ذلك النور ومكنون ذلك السر فلما
حانت أيامه أودعه شيثا ولم يزل ينثقل من الأصلاب الفاخرة
إلى الأرحام الطاهرة إلى أن وصل إلى عبد المطلب ثم إلى عبد الله
وفى نسخة ثم صانه الله عن الخثعمية حتى وصل إلى آمنة ثم إلى
نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فدعا الناس ظاهرا وباطنا
وندبهم سرا وعلانية واستدعى الفهوم إلى القيام بحقوق ذلك
السر اللطيف وندب العقول إلى الإجابة لذلك المعنى المودع في
الذر قبل النسل فمن وافقه قبس من لمحات ذلك النور غشى بصر
قلبه عن ادراكه واهتدى إلى السر وانتهى إلى العهد المودع في
باطن الامر وغامض العلم ومن غمرته الغفلة وشغلته المحنة
64

استحق البعد ثم لم يزل ذلك النور ينتقل فينا ويتشعشع في غرايزنا
فنحن أنوار السماوات والأرض وسفن النجاة وفينا مكنون العلم و
إلينا مصير الأمور وبمهدينا تقطع الحجج فهو خاتم الأئمة ومنقذ الأمة
ومنتهى النور وغامض السر فليهن من استمسك بعروتنا وحشر على محبتنا
19 - ومن خطبه عليه السلام
تذكرة الخواص أيضا ص 139 قال ومن خطبه عليه السلام عقيب قتل عثمان (رضي) أخبرنا غير واحد عن
عبد الوهاب بن المبارك الحافظ الأنماطي أخبرنا أبو الفتح أحمد بن محمد الحداد أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي
من إبراهيم بن فنجويه أخبرنا محمد بن أحمد بن إسحاق أخبرنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث حدثنا الحسن بن
عرفه حدثنا عباد بن عباد بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة عن مجالد عن سعيد بن عمير قال خطب أمير
المؤمنين عليه السلام يوما بعد ما قتل عثمان بعد حمد الله والصلاة على رسوله صلى الله عليه (وآله)
أيها الناس تدرون ما مثلي ومثلكم ومثل عثمان كمثل ثلاثة اثوار
كن في أجمة ثورا بيض وثور اسود وثور احمر ومعهم أسد و
كان الأسد لا يقدر عليهم لاجتماعهم عليه واتفاقهم فقال
الأسد للثور الأسود والأحمر انه لا يدل الناس صح علينا الا الثور الأبيض فإنه
مشهور بالبياض فلو تركتماني آكله فتصفوا الأجمة لنا ونعيش فيها
فقالا له افعل فاكله ثم لبث مدة وقال للثور الأحمر انه لا يدل
65

علينا الناس الا الثور الأسود بسواد لونه فان لوني ولونك لا يختلفان
ويشبهان فان تركتني آكله فتصفو الأجمة لي ولك فقال افعل
فاكله ثم لبث مدة وقال للثور الأحمر انى آكلك فقال دعى
أنادى ثلاثة أصوات فقال ناد فصاح الا انى اكلت يوم اكل
الثور الأبيض قالها ثلاثا ثم قال علي عليه السلام الا انى وهنت يوم
قتل عثمان
20 - ومن كلامه عليه السلام
تذكرة سبط ابن الجوزي ص 165 قال وروى الوالي عن ابن عباس قال جاء رجل إلى أمير
المؤمنين (عليه السلام) فسئله عن القدر فقال اخبرنى عن القدر ما هو قال طريق مظلم
فلا تسلكوه فقال اخبرنى عن القدر فقال سر الله فلا تفشه فقال اخبرنى عن القدر
فقال بحر عميق فلا تلجه ثم قال أيها السائل خلقك الله كما
تشاء أو كما يشاء فقال كما يشاء فقال أيميتك كما يشاء أو كما تشاء
فقال على ما يشاء فقال ألك مشية فوق مشية الله أم لك مشية
مع مشية الله أو لك مشية دون مشية الله فان قلت لك
مشية فوق مشية الله فقد ادعيت الغلبة لله تعالى وان
66

قلت لك مشية مع مشية الله فقد ادعيت الشركة وان قلت
مشية دون مشيته فقد اكتفيت بمشيتك دون مشية الله
ثم قال له قل لاحول ولا قوة الا بالله فقالها ثم قال يا أمير المؤمنين علمني
تفسيرها فقال لا حول عن معصية الله الا بعصمته ولا قوة على طاعة
الله الا بمعونته أعقلت عن الله قال نعم فقال لأصحابه الان أسلم اخوكم
فقوموا إليه فصافحوه
21 - ومن كلامه عليه السلام
في المجلد الأول من كتاب حلية الأولياء للحافظ أبى نعيم الأصبهاني المتوفى سنة 430 الهجرية
من نسخة المطبوعة بمطبعة السعادة بجوار محافظة مصر في سنة 1351 ه‍ ص 72 قال حدثنا أبو بكر
أحمد بن محمد الحارث ثنا الفضل بن الحباب الجمحي ثنا مسدد ثنا عبد الوارث بن سعيد عن محمد بن إسحاق
عن النعمان بن سعد قال كنت بالكوفة في دار الإمارة دار علي بن أبي طالب (عليه السلام)
إذ دخل علينا نوف بن عبد الله فقال يا أمير المؤمنين بالباب أربعون رجلا من اليهود فقال على
على بهم فلما وقفوا بين يديه قالوا له يا علي صف لنا ربك هذا الذي في السماء كيف هو وكيف
كان ومتى كان وعلى أي شئ هو فاستوى على (عليه السلام) جالسا وقال
يا معشر اليهود اسمعوا منى ولا تبالوا ان لا تسئلوا أحدا غيري ان ربي عز
وجل هو الأول لم يبد مما ولا ممازج مع ولا حال وهما
ولا شبح يتقصى ولا محجوب فيحوى ولا كان بعد ان لم يكن فيقال
67

حادث بل جل ان يكيف المكيف للأشياء كيف كان بل لم يزل
ولا يزول لاختلاف الأزمان ولا لتقلب شأن بعد شأن و
كيف يوصف بالأشباح وكيف ينعت بالألسن الفصاح من
لم يكن في الأشياء فيقال بائن ولم يبن عنها فيقال كائن
بل هو بلا كيفية وهو أقرب من حبل الوريد وابعد في الشبه
من كل بعيد لا يخفى عليه من عباده شخوص لحظة وكرور
لفظة ولا ازدلاف رقوة ولا انبساط خطوة في عسق ليل داج
ولا ادلاج لا يتغثى عليه القمر المنير ولا انبساط الشمس ذات
النور بضوئهما في الكرور ولا اقبال ليل مقبل ولا ادبار
نهار مدبر الا وهو محيط بما يريد من تكوينه فهو العالم بكل
مكان وكل حين واوان وكل نهاية ومدة والامد إلى الخلق
مضروب والحد إلى غيره منسوب لم يخلق الأشياء من أصول
أولية ولا بأوائل كانت قبله بدية بل خلق ما خلق فأقام
68

خلقه وصور ما صور فاحسن صورته توحد في علوه فليس
لشئ منه امتناع ولا له بطاعة شئ من خلقه انتفاع اجابته
للداعين سريعة والملائكة في السماوات والأرضين له مطيعة
علمه بالأموات البائدين كعلمه بالاحياء المتقلبين وعلمه
بما في السماوات العلى كعلمه بما في الأرض السفلى وعلمه بكل
شئ لا تحيره الأصوات ولا تشغله اللغات سميع للأصوات المختلفة
بلا جوارح ولا أدوات ولا شفة ولا لهوات سبحانه وتعالى عن
تكييف الصفات من زعم أن آلهنا محدود فقد جهل الخالق
المعبود ومن ذكر ان الأماكن به تحيط لزمته الحيرة والتخليط
بل هو المحيط بكل مكان فان كنت صادقا أيها المتكلف لوصف
الرحمن بخلاف التنزيل والبرهان فصف لي جبرئيل وميكائيل
وإسرافيل هيهات أتعجز عن صفة مخلوق مثلك وتصف الخالق
المعبود وأنت تدرك صفة رب الهيئة والأدوات فكيف من لم
69

تأخذه سنة ولا نوم له ما في الأرضين والسماوات وما
بينهما وهو رب العرش العظيم
أقول الشبح محركة الشخص وجمعه أشباح كالسبب وأسباب قوله فتقصى أي فبلغ الغاية قوله
الازدلاف التقدم قوله رقوة قال في القاموس الرقو والرقوة فويق الدعص من الرمل والدغص
بالكسر قطعة من الرمل مستديرة أو الكثيب منه المجتمع أو الصغير منه والدعصا الأرض السهلة يحمى عليها الشمس
فتكون رمضاءها أشد حرا من غيرها ليل داج أي مظلم الادلاج أي المسير في الليل يقال أدلج ادلاجا
أي سار الليل كله لا يتغشى أي لا يتلبس ولا يتغطى قوله كرور لفظه الكرور والكر قال في القاموس
كر عليه كر أو كرورا وكريرا وتكرارا عطف وعنه رجع الأمد نهاية البلوغ البائدين أي الهالكين
22 - ومن كلامه عليه السلام
الحلية الأولياء أيضا ص 77 قال حدثنا سهل بن عاصم ثنا عبده ثنا إبراهيم بن مجاشع عن عمرو بن
عبد الله عن أبي محمد اليماني عن بكر بن خليفة قال قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) أيها الناس
انكم والله لم حننتم حنين الوله العجال ودعوتم دعاء الحمام وجأرتم
جؤار متبتلي الرهبان ثم جرجتم أي جلتم وقلقتم إلى الله من الأموال والأولاد
التماس القربة إليه في ارتفاع الدرجة عنده أو غفران سيئة
أحصاها كتبته لكان قليلا فيما أرجو لكم من جزيل ثوابه وأتخوف
عليكم من اليم عقابه فبالله بالله بالله لو سالت عيونكم رهبة
منه ورغبة إليه ثم عمر ثم في الدنيا ما الدنيا باقية ولو لم تبقوا
70

شيئا من جهدكم لأنعمه العظام عليكم بهدايته إياكم للاسلام
ما كنتم تستحقون به الدهر ما الدهر قائم بأعمالكم جنته ولكن
برحمته ترحمون والى جنته يصير منكم المقسطون جعلنا الله وإياكم
من التائبين العابدين
23 - ومن كلامه عليه السلام
حلية الأولياء أيضا ص 77 قال حدثنا أبي ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال كتب إلى أحمد بن
إبراهيم بن هشام الدمشقي ثنا أبو صفوان القاسم بن يزيد بن عوانه عن ابن حرث عن ابن عجلان
عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده ان عليا شيع جنازة فلما وضعت في لحدها عج أهلها وبكوا فقال
ما تبكون إما والله لو عاينوا ما عاين ميتهم لأذهلتهم معاينتهم عن
ميتهم وان له فيهم لعودة ثم عودة حتى لا يبقى منهم أحد ثم قام
فقال أوصيكم بتقوى الله عباد الله الذي ضرب لكم الأمثال ووقت
لكم الآجال وجعل لكم اسماعا تعي ما عناها وابصارا لتجلوا عن غشاها
وأفئدة تفهم ما دهاها في تركيب صورها وما اعمرها فان الله لم يخلقكم
عبثا ولم يضرب عنكم الذكر صفحا بل أكرمكم بالنعم السوابغ وأرفدكم
بأوفر الروافد وأحاط بكم الاحصاء وارصد لكم الجزاء في السراء والضراء
71

فاتقوا الله عباد الله وجدوا في الطلب وبادروا بالعمل مقطعات
النهمات وهادم اللذات فان الدنيا لا يدوم نعيمها ولا تؤمن
فجائعها غرور حائل وشبح فائل وسناد مائل يمضى مستطرفا
ويردى مستردفا باتعاب شهواتها وختل تراضعها اتعظوا
عباد الله بالعبر واعتبروا بالآيات والأثر وازدجروا بالنذر
وانتفعوا بالمواعظ فكان قد علقتكم مخالب المنية وضمكم
بيت التراب ودهمتكم مفظعات الأمور بنفخة الصور وبعثرت
القبور وسياقة المحشر وموقف الحساب بإحاطة قدرة الجبار
كل نفس معها سائق يسوقها لمحشرها وشاهد يشهد علينا بعملها
وأذشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيئ بالنبيين و
الشهداء وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون فارتجت لذلك اليوم
البلاد ونادى المناد وكان يوم التلاق وكشف عن ساق وكسفت
الشمس وحشرت الوحوش مكان مواطن الحشر وبدت الاسرار
72

وهلكت الأشرار وارتجت الأفئدة فزلت باهل النار من الله سطوة
مجيحة وعقوبة منيحة وبرزت الجحيم لها كلب ولجب وقضيف رعد
وتغيظ ووعيد تأجج جحيمها وغلا حميمها وتوقد سمومها فلا
ينفس خالدها ولا تنقطع حسراتها ولا يقصم كبولها معهم ملائكة
يبشرونهم بنزل وحميم وتصلية جحيم عن الله محجوبون ولأوليائه
مفارقون والى النار منطلقون عباد الله اتقوا الله تقية من كنع فخنع
وجل ورحل وحذر فابصر فاز دجر فاحتث طلبا ونجا هربا وقدم للمعاد
واستظهر بالزاد وكفى بالله منتقما وبصيرا وكفى بالكتاب خصما وحجيحا و
كفى بالجنة ثوابا وكفى بالنار وبالا وعقابا واستغفر الله لي ولكم
أقول الذهول الذهاب عن الامر بدهشة قال في القاموس ذهله وعنه كمنع ذهلا وذهولا تركه على عهد
أو نسية لشغل. قوله اسماعا تعي أي تحفظ قوله أرفدكم أي أعطاكم وأعانكم أرصد لكم أي إذا جعل لكم عدة و
أعد لكم قوله النهمات أي افراط الشهوات الفائل الضعيف والمخطئ مستطرفا أي مستأنفا الختل الخدعة المنية
الموت دهمتكم أي غشيتكم الفظيع أي الشديد والشياع وافطعه أي وجده فضيعا بعثرت القبور أي أيثرت و
بحثرت وأخرجت ارتحبت أي اضطربت يوم التلاق يعنى يوم يلتقى فيه أهل الأرض والسماء قوله كشف عن
ساق أي عن الأمور التي خفيت وقيل هو كناية عن الاشتداد مجيحة أي مهلكة أي منيخة أي عظيمة شديدة
كلب محركة الشدة والصعوبة لجب صوت يوجب الاضطراب وكلاهما صفتان لنار جهنم الرعد القاصف شديد الصوت
الكبول القيود من كنع فخنع أي من دنى وقرب من الذل فخضع وخشع (ونقلها سبط ابن الجوزي في التذكرة باختلاف)
73

24 - ومن خطبه عليه السلام
كتاب عقد الفريد لشهاب الدين احمد المعروف بابن عبد ربه الأندلسي المالكي المتوفى سنة 327 الهجرية
المطبوع بمصر سنة 1293 ه‍ قال في الجزء الثاني منه ص 162 وخطبة له أي لعلى عليه السلام أيضا حمد الله
وأثنى عليه ثم قال
أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله ولزوم طاعته وتقديم
العمل وترك الأمل فإنه من فرط في عمله لم ينتفع بشئ من
امله أين التعب بالليل والنهار المقتحم للجج البحار ومفاوز
القفار يسير من وراء الجبال وعالج الرمال يصل الغدو
بالرواح والمساء بالصباح في طلب محقرات الأرباح هجمت
عليه منيته فعظمت بنفسه رزيته فصار ما جمع بورا وما
اكتسب غرورا ووافى القيمة محسورا أيها اللاهي الغار بنفسه
كأني بك وقد اتاك رسول ربك لا يقرع لك بابا ولا يهاب
لك حجابا ولا يقبل منك بديلا ولا يأخد منك كفيلا ولا يرحم
لك صغيرا ولا يوقر فيك كبيرا حتى يؤديك إلى قعر مظلمة ارجاءها
موحشة كفعله بالأمم الخالية والقرون الماضية أين من سعى
74

واجتهد وجمع وعدد وبنى وشيد وزخرف ونجد وبالقليل
لم يقنع وبالكثير لم يمتع أين من قاد الجنود ونشر البنود اضحوا
رفاتا تحت الثرى أمواتا وأنتم بكأسهم شاربون ولسبيلهم سالكون
عباد الله فاتقوا الله وراقبوه واعملوا لليوم الذي تسير فيه الجبال و
تشقق السماء بالغمام وتطاير الكتب عن الايمان والشمائل فأي
رجل يومئذ تراك أقائل ها أم اقرأوا كتابيه أم يا ليتني لم أوت
كتابيه نسئل من وعدنا بإقامة الشرايع جنته ان يقينا سخطه
ان أحسن الحديث وأبلغ الموعظة كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل
من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد
أقول قوله التعب بكسر العين هو الذي أعيا وكل المقتحم الداخل في الشئ بشدة وقوة المفاوز جمع
المفازة وهي المنجاة والمهلكة والمظلة كما في القاموس القفار جمع القفر والقفرة الخلاء من الأرض عالج الرمال
ما تراكم من الأرض من الرمل ودخل بعضه في بعض بورا أي باطلا وكاسدا الغار من الغرور وهو الخدعة و
التسويل فالغار هو الخادع والمسول ازجاءها اطرافها البنود الحيل المستعملة ها أم اقرؤا كتابيه أي خذوا
كتابي وانظروا ما فيه لتقفوا على نجاتي وفوزي يقال للرجل المفرد ها أي خذ وللاثنين هماء ما أي خذا
وللجمع ها أم يعنى خذوا
25 - ومن كلامه عليه السلام
العقد الفريد ص 165 قال ومما حفظ عنه (عليه السلام) بالكوفة على المنبر قال نافع بن كليب دخلت
الكوفة للتسليم على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه فانى لجالس تحت منبره وعليه عمامة سوداء وهو يقول
75

انظروا هذه الحكومة فمن دعا إليها فاقتلوه وإن كانت تحت عمامتي هذه فقال له عدى بن
حاتم قلت لنا أمس من أبى عنها فاقتلوه وتقول لنا اليوم من دعا إليها فاقتلوه والله ما ندري
ما نصنع بك وقام إليه رجل أحدب من أهل العراق فقال امرت بها أمس وتنهى عنها اليوم فأنت
كما قال الأول اكلك وانا اعلم ما أنت فقال على (عليه السلام)
إلى يقال هذا أصبحت أذكر أرحاما وأصرة بدلت منها هوى الريح
بالقصب إما والله لو انى حين امرتكم به ونهيتكم عما نهيتكم عنه
حملتكم على المكروه الذي جعل الله عاقبته خيرا إذا كان فيه و
لكانت الوثقى التي لا تقلع ولكن متى والى متى أداويكم كأني و
الله بكم كناقش الشوكة بالشوكة يا ليت لي بعض قومي وليت لي من
بعد خير قومي اللهم ان دجلة والفرات نهران أعجمان أصمان
أبكمان اللهم سلط عليهما بحرك وانزع بصرك ويل للنزعة أشطان
الركى عوا إلى الاسلام فقبلوه وقرأوا القرآن فاحسنوه و
نطقوا بالشعر فاحكموه وهيجوا إلى الجهاد فولوا اللقاح أولادها
وسلوا السيوف اغمادها ضربا ضربا وزحفا زحفا لا يتباشرون
بالحياة ولا يغزون على القتلى ولا يغيرون على العلى أولئك
76

اخوانى الزاهدون * فحق البكاء لهم ان يطيبا
رزئت حبيبا على فاقة * وفارقت بعد حبيب حبيبا
ثم نزل تدمع عيناه فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون على ما ضرت إليه فقال
نعم إنا لله وإنا إليه راجعون أقومهم والله غدوة و
يرجعون إلى عشية مثل ظهر الحية حتى متى والى متى حسبي الله
ونعم الوكيل
الاصرة من الصر بفتح الصاد العطفة والجماعة ناقش الشوكة مخرجها قوله ويل للنزعة أي الذين
يفسدون ويطعنون ويغتابون ويوسوسون أشطان من الشطن أي البعد أي الذين تباعدوا
عن الخير الركى كغنى الضعيف فلعل المراد انهم مع شيطنتهم وتباعدهم عن الخير كانوا ضعفاء وكيد
الشيطان كان ضعيفا وقوله دعوا إلى الاسلام إشارة إلى جملة يا ليت لي بعض قومي والزحف الجهاد
26 - ومن خطبه عليه السلام
عقد الفريد ج 2 ص 165 قال وهذه خطبة الغراء خطبها رضي الله عنه (عليه السلام)
الحمد لله الاحد الصمد الواحد المنفرد الذي لا من شئ كان
ولا من شئ خلق الا وهو خاضع له قدرة بان بها من الأشياء
وبانت الأشياء منه فليست له صفة تنال ولا حد يضرب
فيه الأمثال كل دون صفته تحبير اللغات وضلت هناك
تصاريف الصفات وحارت دون ملكوته مذاهب التفكير
77

وانقطعت دون علمه جوامع التفسير وحالت دون غيبه حجب
تاهت في أدنى دنوها طامحات العقول فتبارك الله الذي لا
يبلغه بعد الهمم ولا يناله غوص الفتن وتعالى الذي ليس له
نعت موجود ولا وقت محدود وسبحان الذي ليس له أول مبتدأ
ولا غاية منتهى ولا آخر يفنى وهو سبحانه كما وصف نفسه و
الواصفون لا يبلغون نعته أحاط بالأشياء كلها علمه وأتقنها
صنعه وذللها امره وأحصاها حفظه فلا يعزب عنه غيوب الهوى
ولا مكنون ظلم الدجى ولا ما في السماوات العلى إلى الأرض السابعة
السفلى فهو لكل شئ منها حافظ ورقيب أحاط بها الاحد الصمد
الذي لم تغير صروف الأزمان ولا يتكاده صنع شئ منها كان قال
لما شاء ان يكون كن فكان ابتدء ما خلق بلا مثال سبق ولا تغب و
لا نصب (في توحيد الصدوق ره وكل صانع شئ فمن شئ صنع والله لا
من شئ صنع ما خلق) وكل عالم من (فمن) بعد جهل تعلم والله لم
78

يجهل ولم يتعلم أحاط بالأشياء كلها علما ولم يزدد بتجربتها خبرا
علمه بها قبل كونها (ان يكونها) كعلمه بها بعد تكوينها لم يكونا
لتسديد (لشدة) سلطان ولا خوف من زوال ولا نقصان ولا
استعانة على ضد مناوئ (ولا لسعاية على ضد مساور) ولا
ند مكاثر (ولا شريك مكائد) ولكن خلائق مربوبون وعباد
آخرون فسبحان الذي لم يؤده (خلق ما ابتدء ولا تدبير
ما برء (اكتفى علم ما خلق وخلق ما علم لا بالتفكير ولا بعلم حادث اضاب
ما خلق) خلق ما علم وعلم ما أراد ولا يتفكر على حادث أصاب ولا
شبهة دخلت عليه فيما أراد (لم يخلق) لكن قضاء متقن وعلم
محكم وامر مبرم توحد فيه بالربوبية وخص نفسه بالوحدانية
فليس العز والكبرياء واستخلص المجد والسناء واستكمل الحمد والثناء
فانفرد بالتوحيد وتوحد بالتمجيد فجل سبحانه وتعالى عن الأبناء
(فتحمد بالتمجيد وعلا عن اتخاذ الأبناء) وتطهر وتقدس عن
79

ملامسه النساء (وعز وجل عن مجاورة الشركاء) فليس له
فيما خلق ند ولا فيما ملك ضد (ولم يشرك في ملكه أحد الواحد
الاحد الصمد المبيد للأبد) هو الله الواحد الاحد الصمد الوارث
للأبد الذي لا يبيد ولا ينفد ملك السماوات العلى والأرضين
السفلى ثم دنى فعلا وعلا فدنى له المثل الاعلى والأسماء
الحسنى والحمد لله رب العالمين ثم إن الله تبارك وتعالى
سبحانه وبحمده خلق الخلق بعلمه ثم اختار منهم صفوته واختار
من كل خيار صفوته امناء وحيه وخزنة له على امره إليهم ينتهى
رسله وعليهم ينزل وحيه جعلهم أصفياء مصطفين أنبياء
مهذبين نجباء استودعهم وأقرهم في خير مستقر تناسختهم
أكارم الأصلاب إلى مطهرات الأمهات كلما مضى منهم سلف انبعث
لامرة منهم خلف حتى انتهت نبوة الله وأفضت كرامته إلى محمد
صلى الله عليه (وآله) وسلم فأخرجه من أفضل المعادن محتدا وأكرم
80

المغارس منبتا وامنعها ذروة وأعزها أرومة واوصلها
مكرمة من الشجرة التي صاغ منها امناء وانتخب منها أنبياء شجرة
طيبة العود معتدلة العمود باسقة الفروع مخضرة الأصول و
الغصون يانعة الثمار كريمة المجتبى في كرم نبتت وفيه بسقت
وأثمرت وغرت فامتتعت حتى أكرمه الله بالروح الأمين والنور
المبين فختم به النبيين وأتم به عدة المرسلين خليفته على عباده
وأمينه في بلاده زينه بالتقوى وآثار الذكرى وهو امام من اتقى
ونصر من اهتدى سراج لمع ضوئه وزند برق لمعه وشهاب سطع
نوره فاستضاءت به العباد واستنارت به البلاد وطوى به
الأحساب فازجى به السحاب وسخر له البراق حتى صافحته الملائكة
وأذعنت له الألسنة وهدم به أصنام الألهة سيرته القصد
وسنته الرشد وكلامه فصل وحكمه عدل فصدع صلى الله
عليه (وآله) وسلم بما امره به حتى أفصح بالتوحيد دعوته وأظهر
81

في خلقه لا إله إلا الله حتى أذعن له بالربوبية وأقر له بالعبودية
والوحدانية اللهم فخص محمدا بالذكر المحمود والحوض المورود
اللهم آت محمدا الوسيلة والرفعة والفضيلة واجعل في
المصطفين محلته وفى الأعلين درجته وشرف بنيانه و
عظم برهانه واسقنا بكأسه وأوردنا حوضه واحشرنا
في زمرته غير خزايا ولا ناكثين ولا شاكين ولا مرتابين ولا
ضالين ولا مفتونين ولا مبدلين ولا حائدين ولا مضلين
اللهم اعط محمدا من كل كرامة أفضلها ومن كل نعيم اكمله و
من كل عطاء اجز له ومن كل قسم أتمه حتى لا يكون أحد من خلقك
أقرب منك مكانا ولا أخطى عندك منزلة ولا أقرب إليك وسيلة
ولا أعظم عليك حقا ولا شفاعة من محمد واجمع بيننا وبينه
في ظل العيش وبرد الروح وقرة الأعين ونضرة السرور وبهجة
النعيم فانا نشهد انه قد بلغ الرسالة وادى الأمانة والنصيحة
82

واجتهد للأمة وجاهد في سبيلك وأوذي في جنبك ولم
يخف لومة لائم في دينك وعبدك حتى اتاه اليقين امام
المتقين وسيد المرسلين وتمام النبيين وخاتم المرسلين
ورسول رب العالمين اللهم رب البيت الحرام ورب البلد الحرام
ورب الركن والمقام ورب المشعر الحرام بلغ محمدا منا السلام
اللهم صلى على ملائكتك المقربين وعلى أنبياء المرسلين
وعلى الحفظة الكرام الكاتبين وصلى الله على أهل السماوات و
الأرضين من المؤمنين.
27 - ومن خطبه عليه السلام
عقد الفريد للمالكي ج 2 ص 167 قال وخطبته الزهراء أي من خطبه عليه السلام خطبة الزهراء
الحمد لله الذي هو أول كل شئ وبديه ومنتهى كل شئ و
وليه وكل شئ خاشع له وكل شئ قائم به وكل شئ ضارع إليه
وكل شئ مستكين له خشعت له الأصوات وكلت دونه الصفات
وضلت دونه الأوهام وحارت دونه الأحلام وانحسرت دونه
83

الابصار لا يقضى في الأمور غيره ولا يتم شئ منها دونه سبحانه
ما أجل شانه وأعظم سلطانه تسبح له السماوات العلى ومن في
الأرض السفلى له التسبيح والعظمة والملك والقدرة والحول و
القوة يقضى بعلم ويعفو بحلم قوة كل ضعيف ومفزع كل ملهوف
وعز كل ذليل وولى كل نعمة وصاحب كل حسنة وكاشف كل
كربة المطلع على كل خفية المحصى كل سريرة يعلم ما تكن الصدور
وما ترخى عليه الستور الرحيم بخلقه الرؤوف بعباده من تكلم
منهم سمع كلامه ومن سكت منهم علم ما في نفسه ومن عاش
منهم فعليه رزقه ومن مات منهم فاليه مصيره أحاط بكل شئ
علمه واحصى كل شئ حفظه اللهم لك الحمد عدد ما تحيى وتميت
وعدد أنفاس خلقك ولفظهم ولحظ أبصارهم وعدد ما تجرى
به الريح وتحمله السحاب ويختلف به الليل والنهار ويسير به الشمس
والقمر والنجوم حمدا لا ينقضى عدده ولا يفنى أمده اللهم أنت
84

قبل كل شئ واليك مصير كل شئ وتكون بعد هلاك كل شئ
وتبقى ويفنى كل شئ وأنت وارث كل شئ أحاط علمك بكل شئ
وليس يعجزك شئ ولا يتوارى عنك شئ ولا يقدر أحد قدرتك
ولا يشكرك أحد حق شكرك ولا تهتدى العقول لصفتك ولا
تبلغ الأوهام حدك حارت الابصار دون النظر إليك فلم ترك عين
فتخبر عنك كيف أنت وكيف كنت لا نعلم اللهم كيف عظمتك غير انا
نعلم أنك حي قيوم لا تأخذك سنة ولا نوم لم ينته إليك نظر و
لم يدركك بصر ولا يقدر قدرتك ملك ولا بشر أدركت الابصار
وكتمت الآجال و أحصيت الأعمال واخذت بالنواصي والاقدام لم
تخلق الخلق لحاجة ولا لوحشة ملئت كل شئ عظمة فلا يرد ما
أردت ولا يعطى ما منعت ولا ينقص سلطانك من عصاك ولا يزيد
في ملكك من أطاعك كل سر عندك علمه وكل غيب عندك
شاهده فلم يستتر عنك شئ ولم يشغلك شئ عن شئ وقدرتك
85

على ما تقضى كقدرتك على ما قضيت وقدرتك على القوى
كقدرتك على الضعيف وقدرتك على الاحياء كقدرتك على
الأموات فإليك المنتهى وأنت الموعد لا منجا الا إليك بيدك
ناصيته كل دابة وبإذنك تسقط كل ورقة لا يعزب عنك
مثقال ذرة أنت الحي القيوم سبحانك ما أعظم ما يرى
من خلقك ما أعظم ما يرى من ملكوتك وما أقلهما فيما
غاب عنا منه وما أسبغ نعمتك في الدنيا وأحقرها في نعيم الآخرة
وما أشد عقوبتك في الدنيا وما أيسرها في عقوبة الآخرة و
ما الذي نرى من خلقك ونعتبر من قدرتك ونصف من سلطانك
فيما يغيب عنا منه مما قصرت ابصارنا عنه وكانت عقولنا
دون وحالت الغيوب بيننا وبينه فمن قرع سنه واعمل فكره
كيف أقمت عرشك وكيف ذرات خلقك وكيف علقت في الهوى
سمواتك وكيف مددت أرضك يرجع طرفه حاسرا وعقله مهورا
86

وسمعه والها وفكره متحيرا فكيف يطلب علم ما قبل ذلك من شانك
إذا أنت وحدك في الغيوب التي لم يكن فيها غيرك ولم يكن لها سواك
لا أحد شهدك حين فطرت الخلق ولا أحد حضرك حين ذرأت
النفوس فكيف لا يعظم شانك عند من عرفك وهو يرى من خلقك
ما ترتاع به عقولهم ويملا قلوبهم من رعد تفزع له القلوب
وبرق يخطف الابصار وملائكة خلقتهم وأسكنتهم سمواتك
وليست فيهم فترة ولا عندهم غفلة ولا بهم معصية هو اعلم
خلقك بك وأخوفهم لك وأقومهم بطاعتك ليس يغشاهم نوم
العيون ولا سهو العقول لم يسكنوا الأصلاب ولم تضمنهم الأرحام
أنشأتهم انشاء وأسكنتهم سمواتك وأكرمتهم بجوارك وائتمنتهم
على وحيك وجنبتهم الآفات ووقيتهم السيئات وطهرتهم
من الذنوب فلولا تقويتك لم يقولوا ولا تثبيتك لم يثبتوا ولولا
رهبتك لم يطيعوا ولولاك لم يكونوا إما انهم على مكانتهم منك
87

ومنزلتهم عندك وطول طاعتهم إياك لو يعاينون ما يخفى عليهم
لا احتقروا أعمالهم ولعلموا انهم لم يعبدوك حق عبادتك فسبحانك
خالقا معبودا ومحمودا ونحمدك بحسن بلاءك عند خلقك أنت خلقت ما دبرته
مطعما ومشربا ثم أرسلت إلينا داعيا رسولا فلا الداعي أجبنا و
لا فيما رغبتنا فيه رغبنا ولا إلى ما شوقتنا إليه اشتقنا اقبلنا كلنا
على جيفة نأكل منها ولا نشبع وقد زاد بعضنا على بعض حرصا لما
يرى بعضنا من بعض فافتضحنا باكلها واصطلحنا على حبها فأعمت
ابصار صالحينا وفقهائنا فهم ينظرون باعين غير صحيحة ويسمعون
باذان غير سميعة فحينما زالت زالوا معها وحيثما مالت اقبلوا إليها
وقد عاينوا المأخوذين على الغرة كيف فجأتهم الأمور ونزل بهم
المحذور وجاءهم من فراق الأحبة ما كانوا يتوقعون وقدموا من
الآخرة ما كانوا يوعدون فارقوا الدنيا وصاروا إلى القبور وعرفوا
ما كانوا فيه من الغرور فاجتمعت عليهم حسرتان حسرة الفوت وحسرة
88

الموت فاغبرت لها وجوههم وتغيرت بها ألوانهم وعرقت بها
جباههم وشخصت أبصارهم وبردت أطرافهم وحيل بينهم و
بين المنطق وان أحدهم لبين أهله ينظر ببصره ويسمع باذنه
ثم زاد الموت في جسده حتى خالط بصره فذهبت من الدنيا معرفته
وهلكت عند ذلك حجته وعاين هول أمر كان مغطى عليه فاحد
لذلك بصره ثم زاد الموت في جسده حتى بلغت نفسه الحلقوم ثم
خرج من جسده فصار جسدا ملقى لا يجيب داعيا ولا يسمع باكيا
فنزعوا ثيابه وخاتمه ثم وضأوه وضوء الصلاة ثم غسلوه و
كفنوه ادراجا في أكفانه وحنطوه ثم حملوه إلى قبره فدلوه في حفرته
وتركوه مخلى بمفظعات من الأمور وتحت مسألة منكر ونكير مع ظلمة
وضيق ووحشة قبر فذاك مثواه حتى يبلى جسده ويصير ترابا
حتى إذا بلغ الامر إلى مقداره والحق آخر الخلق بأوله وجاءه أمر
من خالقه أراد به تجديد خلقه فامر بصوت من سماواته فمارت
89

السماوات مورا وفزع من فيها وبقى ملائكتها على ارجاءها
ثم وصل الامر إلى الأرض والخلق رفات لا يشعرون فارج
أرضهم وارجفها وزلزلها وقلع جبالها ونسفها وسيرها و
ركب بعضها بعضا من هيبته وجلاله واخرج من فيها فجددهم
بعد بلاءهم وجمعهم بعد تفريقهم يريدان يحصيهم ويميزهم
فريقا في ثوابه وفريقا في عقابه فخلدا الامر لأبده دائما خيره
وشره ثم لم ينس الطاعة من المطيعين ولا المعصية من العاصين
فأراد عز وجل ان يجازى هؤلاء وينتقم من هؤلاء فأثاب أهل
الطاعة بجواره وحلول داره وعيش رغد وخلود أبد ومجاورة
الرب وموافقة محمد صلى الله عليه (وآله) وسلم حيث لاظعن
ولا تغير وحيث لا تصيبهم الأحزان ولا تعتر منهم الاخطار و
لا تشخصهم الابصار واما أهل المعصية فخلدهم في النار وأوثق
منهم الاقدام وغلت منهم الأيدي إلى الأعناق في لهب قد اشتد
90

حره ونار مطبقة على أهلها لا يدخل عليهم بها روح همهم شديد
وعذابهم يزيد ولا مدة للدار تنقضى ولا أجل للقوم ينتهى اللهم إني
أسئلك بان لك الفضل والرحمة بيدك فأنت وليهما لا يليهما
أحد غيرك وأسئلك باسمك المخزون المكنون الذي قام به
عرشك وكرسيك وسماواتك وأرضك وبه ابتدأت خلقك
الصلاة على محمد والنجاة من النار برحمتك آمين انك ولى كريم
أقول الأحلام العقول قوله وانحسرت دونه الابصار قال في القاموس والبصر يحسر حسورا كل وانقطع
من طول مدى قوله تكن الصدور الكن وقاء كل شئ وسره قوله أخذت بالنواصي والاقدام النواصي
جمع الناصية أي أنت مالك لها قادر عليها تصرفها على ما تريد بها والاخذ بالنواصي تمثيل قوله
تعالى فيؤخذ بالنواصي والاقدام قيل أي يجمع بين ناصيته وقدمه بسلسلة من وراء ظهره وقيل يسحبون
تارة بالنواصي وتارة بالاقدام لا يعزب عنك أي لا يغيب عنك أسبغ نعمتك أي أكمل قوله وعقله
مبهورا البهر الغلبة والمبهور المغلوب ذرأت خلقك أي جعلت لهم من الذكور والإناث من الناس والانعام
للتوالد والتناسل ومنه قوله ذرأت النفوس قوله المأخوذين على الغرة بالكسر بمعنى الخدعة فمارت السماوات
مورا أي دارت دورا الرفات ما تناثر من كل شئ قوله لا تعتر المعتر هو الذي يعتريك أي يلم بك ولا
يسئل
28 - ومن خطبه عليه السلام
عقد الفريد ص 140 قال فصعد على (عليه السلام) المنبر فتكلم كلاما خفيا لا يسمع فظن الناس انه
يدعو الله ثم رفع صوته وقال إما بعد يا أهل الكوفة أكلما اقبل منسر من
مناسر أهل الشام أغلق كل امرء بابه وانحجز في بيته انحجاز الضب
91

والضبع الذليل في وجاره أف لكم لقد لقيت منكم يوما أناجيكم
ويوما أناديكم فلا اخوان عند النجاء ولا أحرار عند النداء
أقول هذه الخطبة منع عليه السلام في ذم أصحابه قوله كلما اقبل في نسخة كلما ظل المنسر كمسجد
وبالعكس كمنبر القطعة من الجيش من المأة إلى المأتين وجار الضبع حجرها بتقديم الجيم على الحاء وجمعه
اوجرة.
29 - ومن خطبه عليه السلام
عقد الفريد ج ص 140 قال لما أعاد الضحاك بن قيس على القطقطانية فبلغ عليا اقباله
وانه قد قتل ابن عميش فقام علي عليه السلام خطيبا فقال يا أهل الكوفة اخرجوا
إلى جيش لكم قد أصيب منه طرف والى الرجل الصالح ابن عميش
فامنعوا حريمكم وقاتلوا عدوكم فردوا ردا ضعيفا فقال يا أهل العراق
وددت ان لي بكم بكل ثمانية منكم رجلا من أهل الشام وويل
لهم قاتلوا مع تصبرهم على جور ويحكم اخرجوا معي ثم فروا
عنى ان بدا لكم فوالله انى لأرجو شهادة وانها لتدور على رأسي
مع مالي من الروح العظيم في ترك مداراتكم كيما تدارى البكار
الغمرة إذا لثياب المتهتكة كلما حيطت من جانب تهتكت من جانب
أقول القطقطانية بالضم ثم السكون ثم قاف أخرى مضمومة وطاء أخرى وحكى عن الأزهري بالفتح
موضع قرب الكوفة من جهة البر كان سجن النعمان بن المنذر قوله ترك مداراتكم كيما تدارى البكار
92

كذا وجدت في النسخة والظاهران هذه العبارة لا تخلو عن التصحيف والصحيح ما نقلها صاحب المجمع وهي هذه
كم أداريكم كما تدارى البكار العمدة والثياب المتداعية قال الفاضل ابن ميثم البكار العمدة التي
انشدخ باطن أسنمتها أي انكسر لثقل الحمل وتسمى العمدة لذلك ووجه شبه مداراتهم بمداراتها
قوة المداراة وكثرتها والبكار جمع بكرة حضها لأنها أشد تضجرا بالحمل عند ذلك الداء وأشار إلى
وجه شبهها بمدارات الثياب المتتابعة في التمزق بقوله عليه السلام كلما حيصت من جانب تهتكت
من آخر وحيصت حيطت وجمعت أي كلما أصلح حال بعضهم وجمعهم للحرب فسد بعض آخر عليه وتفرق
عنه والبكارة بالفتح وهي الناقة إذا ولدت.
30 - ومن خطبه عليه السلام
ارشاد المفيد وهو محمد بن محمد بن النعمان المتوفى في الثالث عشر من العشر الثاني من المأة الرابعة
من الهجرة أخذت من نسخته المطبوعة في طهران سنة 1377 ه‍ ص 118 قال ولما توجه أمير المؤمنين عليه
السلام إلى البصرة نزل الربذة فلقاه بها اخر الحاج فاجتمعوا ليسمعوا من كلامه وهو في خبائه
قال ابن عباس رضي الله عنه فاتيته وهو (فوجدته) يخصف نعلا فقلت له نحن إلى أن تصلح
امرنا أحوج منا إلى ما تصنع فلم يكلمني حتى فرغ من نعله ثم ضمها إلى صاحبها وقال لي قومهما
فقلت ليس لهما قيمة قال على ذاك قلت كسر درهم قال والله لهما أحب إلى من امركم هذا الا ان
أقيم حقا أو ادفع باطلا قلت إن الحاج قد اجتمعوا ليسمعوا من كلامك فتأذن لي ان أتكلم فإن كان
حسنا كان منك وإن كان غير ذلك كان منى قال لا انا أتكلم ثم وضع يده على صدري و
كان شثن الكفين ثم قام فأخذت بثوبه وقلت نشدتك الله والرحم قال لا تنشدني ثم جرج
فاجتمعوا عليه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال
إما بعد فان الله بعث محمدا صلى الله عليه وآله وليس في العرب
أحد يقرء كتابا ولا يدعى نبوة فساق الناس إلى منجاتهم أم والله
ما زلت في ساقتها ما غيرت وما بدلت ولا خنت حتى تولت بحذافيرها
مالي ولقريش أم والله لا بقرن الباطل حتى يخرج الحق من خاصرته
93

ما تنقم منا قريش الا ان الله اختارنا عليهم فأدخلنا هم في خيرنا وانشد
ذنب لعمري شريك المحض خالصا * واكلك بالزبد المقشرة التمرا
ونحن وهبناك العلاء ولم تكن * عليا وحطنا حولك الجرد والسمرا
أقول قوله بحذافيرها أي بجوانبها أو بأسرها أو بأعاليها قوله لا بقرن الباطل أي اشقنه
31 - ومن خطبه عليه السلام
ارشاد المفيد ص 138 قال وروى مسعدة بن صدقه قال سمعت أبا عبد الله جعفر بن
محمد عليهما السلام يقول خطب الناس أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة فحمد الله و
اثنى عليه ثم قال انا سيد الشيب وفى سنة من أيوب وسيجمع الله
لي أهلي كما جمع ليعقوب شمله وذاك إذ استدار الفلك وقلتم
ضل أو هلك الا فاستشعروا قبلها بالصبر وتوبوا إلى الله بالذنب
فقد نبذتم قدسكم وأطفأتم مصابيحكم وقلدتم هدايتكم من
لا يملك لنفسه ولا لكم سمعا ولا بصرا ضعف والله الطالب و
المطلوب هذا ولو لم تتواكلوا امركم ولم تتخاذلوا عن نصرة الحق
بينكم ولم تهنوا عن توهين الباطل لم يتشجع عليكم من ليس مثلكم
ولم يقو من قوى عليكم وعلى هضيم الطاعة وازوائها عن أهلها
94

فيكم تهتم كما تاهت بنوا إسرائيل على عهد موسى وبحق أقول
ليضعفن عليكم التيه من بعدي باضطهادكم ولدى ضعف ما
تاهت بنو إسرائيل فلو قد استكملتم نهلا وامتلأتم عللا من
سلطان الشجرة الملعونة في القرآن لقد اجتمعتم على ناعق ضلال
ولأجبتم الباطل ركضا ثم لغادرتم داعى الحق وقطعتم الأدنى من
أهل بدر ووصلتم الا بعد من أبناء حرب الا ولو ذاب ما في أيديهم
لقد دنى التمحيص للجزاء وكشف الغطاء وانقضت المدة وأزف الوعد
بدا لكم النجم من قبل المشرق وأشرق لكم قمركم كملاء شهر وكليلة
تم فإذا استبان ذلك فراجعوا التوبة وخالعوا الحوبة واعلموا
انكم ان أطعتم طالع الشرق سلك بكم منهاج رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم فتداويتم من الصمم واستشفيتم من البكم وكفيتم
مؤنة التعسف والطلب ونبذتم الثقيل الفادح عن الأعناق فلا يبعد الله
الا من أبى الرحمة وفارق العصمة وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون
95

أقول قوله لم تتواكلوا أي لم تتكلوا بعضهم إلى بعض يعنى لم يعتمدوا ولم تتخاذلوا أي
لم تخذل بعضكم بعضا ولم تجنبوا عن القتال ولا تخافون القتال وملاقات الأبطال ازوائها
أي ضمها وقبضها اضطهادكم أي قهركم يقال ضهدته فهو مضهود ومضطهد أي مقهور قوله
نهلا النهل بالتحريك الشرب الأول والعلل محركة الشرب الثاني لان الإبل تسقى في أول الورد
فترد إلى العطن ثم تسقى الثانية فترد إلى المرعى التمحيص الاختبار والامتحان أزف الوعد أي قربا لتعسف الاخذ من غير طريق والظلم الفادح من يثقل ويبهض ويقدح.
32 - ومن خطبه عليه السلام
الارشاد ص 111 قال ومن كلامه في أهل البدع ومن قال في الدين برايه وخالف طريق أهل الحق
في مقاله وما رواه ثقات أهل النقل عند الخاصة والعامة في كلام افتتاحه
الحمد لله والصلاة على نبيه صلى الله عليه وآله إما بعد
فذمتي بما أقول رهينة وانابه زعيم انه لا يهيج على التقوى
زرع قوم لا يظمأ عنه سنخ أصل وان الخير كله فيمن عرف قدره وكفى
بالمرء جهلا ان لا يعرف قدره وان أبغض الخلق إلى الله تعالى رجل
وكله الله إلى نفسه جائر عن قصد السبيل مشعوف بكلام بدعة قد
لهج فيها بالصوم والصلاة فهو فتنة لمن افتتن به ضال عن هدى
من كان قبله مضل لمن اقتدى به حمال خطايا غيره رهن بخطيئة
قد قمش جهلا في جهار عشوة غار باغباش الفتنة عمى عن الهدى
96

قد سماه أشباه الناس عالما ولم يغن فيه يوما سالما بكر
فاستكثر مما قل منه خير مما كثر حتى إذا ارتوى ما آجن واستكثر
من غير طائل جلس للناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره
ان خالف من سبقه لم يأمن من نقض حكمه من يأتي بعده كفعله
بمن كان قبله وان نزلت به إحدى المبهمات هيئا لها حشوا من رأيه
ثم قطع عليه فهو من لبس الشبهات في مثل نسج العنكبوت لا يدرى
أصاب أم أخطأ ولا يرى أن من وراء ما بلغ مذهبا ان قاس شيئا
بشئ لا يكذب رأيه وان أظلم عليه أمرا كتم به لما يعلم من نفسه
من الجهل والنقص والضرورة كيلا يقال إنه لا يعلم ثم أقدم بغير علم
فهو خائض عشوات ركاب شبهات خبأت جهالات لا يعتذر مما
لا يعلم فيسلم ولا يعض في العلم بضرس قاطع فيغنم يذرى الروايات
ذروا لريح الهشيم يبكى منه المواريث وتصرخ منه الدماء و
يستحل بقضائه الفرج الحرام ويحرم به الحلال لا يسلم باصدار ما
97

عليه ورد ولا يندم على ما منه فرط أيها الناس عليكم بالطاعة
والمعرفة بمن لا تعذرون بجهالته فان العلم الذي هبط به آدم
عليه السلام وجميع ما فضلت به النبيون إلى نبيكم خاتم النبيين
في عترة نبيكم محمد صلى الله عليه وآله فأين يتاه بكم أين تذهبون
يا من نسخ من أصحاب السفينة هذه مثلها فيكم فاركبوها فكما
نجي في هاتيك من نجي فكذلك ينجو في هذه من دخلها أنار هين
بذلك قسما حقا وما انا من المتكلفين والويل لمن تخلف إما بلغكم
ما قال فيهم نبيكم صلى الله عليه وآله حيث يقول في حجة
الوداع انى تارك فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي
كتاب الله وعترتي أهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض
فانظروا كيف تخلفوني فيهما الا هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج فاجتنبوا
أقول الزعيم الضمين والكفيل لا يهيج على التقوى زرع قوم أي من عمل لله لم يفسد عمله ولم يبطل كما
يهيج الزرع ويهلك هاج البنت هياجا يبس النسخ بالكسر من كل شئ أصله وجمعه اسناخ كالحمل واحمال
ومنه الحديث التقوى سنخ الايمان قوله قمس أي ناظر من هو اعلم منه عشوة الظلمة والامر المشتبه قوله
غار باغباش الفتنة الغار أي غافل بسبب ظلمة الفتنة قوله حتى إذ ارتوى من ماء آجن الارتواء
98

الافتعال والاجن المتغير من الماء وهذا عندهم من المجاز المرشح وقد شبه عليه السلام علمه
بالماء الاجن لا ينتفع به قوله خبأت جهالات قوله تعالى اخبتوا إلى ربهم أي اطمأنوا
وسكنت قلوبهم ونفوسهم إليه قوله ولا يعض في العلم العض الامساك بالأسنان وقوله
عليه السلام كناية عن عدم تتبعة في العلم وعدم تعمقه فيه قوله عليه السلام يذرى الروايات ذروا لريح
الهشيم أي يرد الرواية كما ينسف الريح اليابس من النبت.
33 - ومن خطبه عليه السلام
عقد الفريد ج 3 ص 164 قال وخطب إذا استقر الكوفة الحرب الجمل فاقبلوا إليه مع ابنه
الحسن رضي الله فقام فيهم خطيبا فقال الحمد لله رب العالمين وصلى الله
على سيدنا محمد خاتم النبيين وآخر المرسلين إما بعد فان الله
بعث محمدا عليه الصلاة والسلام إلى الثقلين كأنه والناس
في اختلاف والعرب بشر المنازل مستضيئون للثارات بعضهم
على بعض فرأب الله به الثأي ولم به الصدع ورتق به الفتق
وامن به السبل وحقن به الدماء وقطع به العداوة الواغرة
للقلوب والضغائن المخشنة للصدور ثم قبضه الله عز وجل
مشكورا سعيه مرضيا عمله مغفورا ذنبه كريما عند ربه
نزله فيا لها مصيبة عمت المسلمين وخصت الأقربين وولى
99

أبو بكر فسار بسيرة رضيها المسلمون ثم ولى عمر فسار بسيرة
أبى بكر رضي الله عنهما ثم ولى عثمان فنال منكم ونلتم منه
حتى إذا كان من امره ما كان أتيتموه ثم أتيتموني فقلتم لي بايعنا
فقلت لكم لا افعل وقبضت يدي فبسطتموها ونازعت كفى
فجذبتموها وقلتم لا نرضى الا بك ولا نجتمع الا عليك وتداككتم
على تداكك الإبل الهيم على حياضها يوم ورودها حتى ظننت
انكم قاتلي وان بعضكم قاتل بعض فبايعتموني وبايعني طلحة
والزبير ثم ما لبثا ان استأذناني للعمرة فسارا إلى البصرة
فقتلا بها المسلمين وفعلا الأفاعيل وهما يعلمان والله انى
لست بدون واحد ممن مضى ولو أشاء ان أقول لقلت اللهم
انهما قطعا قرابتي ونكثا بيعتي والبا على عدوى اللهم فلا
تحكم لهما ما أبر ما وأرهما المسائة فيما عملا واملا
أقول فرءب الله أي أصلح الثأي كالسعي والثرى الافساد والجراح والقتل ونحوها قوله ولام
به الصدع أي أصلح به الشق بين الفريقين الضغائن من الضغن وهو الحقد المخشنة أي الشديدة
100

تداككتم على تداكك الإبل أي ازدحمتم على ازدحام الإبل البا على أي أقامنا على الهيم الإبل العطاش.
34 - ومن كلامه عليه السلام
عقد الفريد ج 2 ص 164 قال خطب أمير المؤمنين عليه السلام أول خطبة خطبها بالمدينة
فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه عليه الصلاة والسلام ثم قال: أيها الناس
كتاب الله وسنة نبيكم صلى الله عليه (وآله) وسلم فلا يدعين
مدع الا على نفسه شغل عن الجنة والنار امامه ساع مجتهد
وطالب يرجو ومقصر في النار ملك طار بجناحيه ونبي اخذ
الله بيده لا سادس هلك من ادعى وردى من اقتحم اليمين و
الشمال مضلة والوسطى الجادة منهج عليه أم الكتاب والسنة
وآثار النبوة ان الله داوى هذه الأمة بدوائين السوط و
السيف لا هوادة عند الامام فيهما استتروا ببيوتكم واصلحوا
فيما بينكم فالموت من ورائكم من أبدى صفحته للحق هلك قد
كانت أمور لم تكونوا فيها محمودين إما انى لو أشاء ان أقول لقلت
عفى الله عما سلف سبق الرجلان وقام الثالث كالغراب همته
101

بطنه ويله لو قص خبأحاه وقطع رأسه لكان خيرا له انظروا
فان أنكرتم فأنكروا وان عرفتم فاعرفوا حق وباطل ولكل أهل
ولئن أمر الباطل فهل ولئن قل الحق لربما ولعل ولقلما
أدبر شئ فاقبل رجعت إليكم أموركم انكم لسعداء وانى لأخشى
ان تكونوا في فترة وما علينا الا الاجتهاد وروى فيها جعفر بن محمد
رضوان الله عليه الا ان الأبرار عترتي وأطائب أرومتي أحلم
الناس صغارا واعلم الناس كبارا ألا وإنا أهل البيت من
علم الله علمنا وبحكم الله حكمنا ومن قول صادق سمعنا فان
تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا معنا راية الحق من يتبعنا
لحق ومن تأخر عنها غرق ألا وبنا ترد ترة كل مؤمن وبنا
تخلع ربقة الذل من أعناقكم وبنا فتح وبنا يختم
قوله: ولا هوادة بفتح الهاء أي السكون والمحاباة والصلح والميل واللين والمراد انه لا لاحد
عند الامام هوادة أي لا تسكن عند وجوب حد الله ولا تحابا فيه أحد قوله الا وبنا ترد
ترة كل مؤمن أي بنا يدرك ترة كل مؤمن يطلب بها.
35 - ومن خطبه عليه السلام
102

تاريخ اليعقوبي لأحمد بن يعقوب بن جعفر بن وهب الكاتب المعروف بابن واضح الاخباري
المتوفى بعد سنة 293 الهجرية قال في الجزء الثاني من كتابه المطبوع في بيروت سنة 1357 ه‍
لما قدم علي عليه السلام الكوفة قام خطيبا فقال بعد حمد الله والثناء عليه والتذكير لنعمه
والصلاة على محمد وذكره بما فضله الله به
إما بعد فانا فقأت عين الفتنة ولم يكن ليجتري عليها أحد غيري
ولو لم أكن فيكم ما قوتل الناكثون ولا القاسطون ولا المارقون
ثم قال سلوني قبل ان تفقدوني فانى عن قليل مقتول فما يحبس
أشقاها ان يخضبها بدم أعلاها فوالذي فلق الحبة وبرء النسمة
لا تسئلوني عن شئ فيما بينكم وبين الساعة ولا عن فئة تضل مأة
أو تهدى مأة الا أنبأتكم بنا عقها وقائدها وسائقها إلى يوم القيمة
ان القرآن لا يعلم علمه الا من ذاق طعمه وعلم بالعلم جهله و
أبصر عماه واسمع صممه وأدرك به ما رآه وحى به ان مات فأدرك
به الرضا من الله فاطلبوا ذلك فإنهم في بيت الحياة (الوحي) و
مستقر القرآن ومنزل الملائكة وأهل العلم الذين يخبركم عملهم
عن علمهم وظاهرهم عن باطنهم هم الذين لا يخالفون الحق ولا
103

يختلفون فيه قد مضى فيهم من الله حكم صادق وفى ذلك ذكرى
للذاكرين إما انكم ستلقون بعدي ذلا شاملا وسيفا قاتلا
واثرة قبيحة يتخذها الظالمون عليكم سنة تفرق جموعكم و
تبكى عيونكم وتدخل الفقر بيوتكم وستذكرون ما أقول
لكم عن قليل ولا يبعد الله الا من ظلم أقول قوله عليه
السلام أنا فقأت أي شققت الفقأ بالهمزة الشق ناعقها أي داعيها واثرة أي حال غير مرضية
36 - ومن كلامه عليه السلام
عقد الفريد ج 2 ص 273 قال لما أنكر الناس على عثمان ما أنكروا واجتمعوا إلى علي
(عليه السلام) وسئلوه ان يلقى لهم عثمان فاقبل حتى دخل عليه فقال (عليه السلام)
ان الناس ورائي قد كلموني ان أكلمك والله ما أدرى ما أقول
لك ما اعرف شيئا تنكره ولا أعلمك شيئا تجهله وما ابن
الخطاب أولي بشئ من الخير منك وما نبصرك من عمى وما
نعلمك من جهل وان الطريق لبين واضح تعلم يا عثمان ان
أفضل الناس عند الله امام عدل هدى وهدى فاحيى سنة
معلومة وأمات بدعة مجهولة وان شر الناس عند الله
104

امام ضلالة ضل وأضل فاحيى بدعة مجهولة وأمات سنة
معلومة وانى سمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم
يقول يؤتى الامام الجائر يوم القيمة ليس معه ناصر ولا له عاذر
فيلقى في جهنم فيدور دور الرحى يرتطم بجمرة النار إلى آخر الأبد
وانا أحذرك أن تكون امام هذه الأمة المقتول يفتح به باب
القتل والقتال إلى يوم القيمة يمرج بهم امرهم ويمرجون
قوله يرتطم أي لم يقدر على الخروج بجمرة النار
37 - ومن كلامه عليه السلام
الجزء الخامس من تاريخ الطبري وهو أبى جعفر محمد بن جرير الطبري الطبعة الأولى المطبوع بالمطبعة
الحسينية المصرية ص 185 قال كتب إلى السرى عن شعيب عن سيف عن محمد وطلحة قالا لما قدم على
الربذة أقام بها وسرح منها إلى الكوفة محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر إلى أن قال وبقى على بالربذة
يتهيأ وأرسل إلى المدينة فلحقه ما أراد من دابة وسلاح وامر امرة وقام في الناس فخطبهم
وقال: ان الله عز وجل أعزنا بالاسلام ورفعنا به وجعلنا به اخوانا
بعد ذلة وقلة وتباغض وتباعد فجرى الناس على ذلك ما شاء
الله الاسلام دينهم والحق فيهم والكتاب امامهم حتى أصيب
هذا الرجل بأيدي هؤلاء القوم الذين نزعهم الشيطان لينزغ بين
105

هذه الأمة الا ان هذه الأمة لابد متفرقة كما افترقت الأمم قبلهم
فنعوذ بالله من شر ما هو كائن ثم عاد ثانية فقال إنه لابد مما هو
كائن ان يكون وان هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة
شرها فرقة تنتحلني ولا تعمل بعملي فقد أدركتم ورأيتم فالزموا
دينكم واهدوا بهدى نبيكم صلى الله عليه (وآله) وسلم واتبعوا
سنته واعرضوا ما أشكل عليكم على القرآن فما عرفه القرآن
فالزموه وما أنكره فردوه وارضوا بالله جل وعز ربا وبالاسلام
دينا وبحمد صلى الله عليه (وآله) وسلم نبيا وبالقرآن حكما واماما.
38 - ومن كلامه عليه السلام
الجزء السادس من تاريخ الطبري ص 6 قال قال أبو مخنف وحدثني إسماعيل بن يزيد عن أبي صادق
عن الحضرمي قال سمعت عليا يحرض الناس في ثلاثة مواطن يحرض الناس يوم صفين ويوم الجمل ويوم
النهر يقول: عباد الله اتقوا الله وغضوا الابصار واخفضوا الأصوات وأقلوا
الكلام ووطنوا أنفسكم على المنازلة والمجاولة والمبارزة والمناضلة
والمبالدة والمعانقة والمكادمة والملازمة فاثبتوا واذكروا الله
106

كثيرا لعلكم تفلحون ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ان
الله مع الصابرين اللهم ألهمهم الصبر وانزل عليهم النصر وأعظم لهم الاجر
أقول المنازلة شدائد الحرب وشدائد الدهر من النازلة بين الطرفين والمجادلة المخاصمة والمدافعة
وطلب المغالبة المبارزة في المحاربة اظهارها المناضلة المدافعة والمرامات يقال ناضله إذا راما
ثم اتسع فيه فيقال فلان يناضل عن فلان إذا تكلم بعذره ودفع ونضلته من باب قتل غلبته بالرمي و
المبالدة والتبلد ضد المجالدة والتجلد والمعانقة مفاعلة وهو الضم والالتزام وهو ان يضع كل من
الشخصين يده على عنق صاحبه ويضمه إليه والمكادمة من الكدم أي العض بأدنى الفم كما يكدم الحمار
والملازمة من لزم الشئ لزوما إذا ثبت ودام قوله فتفشلوا أي فتجنبوا ورجل فشل أي ضعيف جان
39 - ومن كلامه عليه السلام
الجزء السادس من تاريخ الطبري ص 31 قال قال أبو مخنف حدثني إسماعيل بن يزيد عن حميد بن مسلم
عن جندب بن عبد الله ان عليا قال للناس يوم صفين لقد فعلتم فعلة ضعضعت
قوة وأسقطت منه وأوهنت وأورثت وهنا وذلة ولما كنتم الأعلين
وخاف عدوكم الاجتياح واستحربكم القتل ووجدوا ألم الجراح رفعوا
المصاحف ودعوكم إلى ما فيها ليفثؤكم عنهم ويقطعوا الحرب فيما
بينكم وبينهم ويتربصون ريب المنون خديعة ومكيدة فأعطيتموهم
ما سئلوا وأبيتم الا ان تدهنوا وتجوزوا وأيم الله ما أظنكم بعدها
توافقون رشدا ولا تصيبون باب حزم
107

قوله ضعضعت أي خضعت وذلت وهدمت أركانه وهنا أي ضعفا الاجتياح الاهلاك والاستيصال
واستحربهم القتل أي اشتد بهم ليفثؤكم أي ليكسر وحدتكم المنون الدهر والمنية لأنها تقطع المدد
وتنقص العدد قوله باب حزم الحزم ضبط الرجل امره والحذر من فواته من قولهم خرمت الشئ خرما أي
شددته واخذت بالحزم أي المتقن المتيقن وفى معاني الأخبار الحزم ان تنتظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك.
40 - ومن كلامه عليه السلام
الجزء السادس من تاريخ الطبري ص 48 قال قال أبو مخنف حدثني أبو سلمة الزهري وكانت أمة
بنت انس بن مالك ان عليا (عليه السلام) قال لأهل النهروان
يا هؤلاء ان أنفسكم قد سولت لكم فراق هذه الحكومة التي أنتم
ابتدأتموها وسألتموها وأنالها كاره وأنبأتكم ان القوم سألوكموها
مكيدة ودهنا فأبيتم على اباء المخالفين وعدلتم عنى عدول
النكداء العاصين حتى صرفت رأيي إلى رأيكم وأنتم والله معاشر
اخفاء الهام سفهاء الأحلام فلم آت لا أبا لكم يحرا إما والله ما
خبلتكم عن أموركم ولا أخفيت شيئا من هذا الامر عنكم ولا أوطأتكم
عشوة ولا دنيت لكم الضراء وإن كان امرنا لأمر المسلمين ظاهرا فاجمع
رأى ملأكم ان اختاروا رجلين فأخذنا عليهما ان يحكما بما في القرآن
ولا يعدوا فتاها وتركا الحق وهما يبصرانه وكان الجور هواهما و
108

قد سبق اشتياقنا عليهما في الحكم بالعدل والصد للحق
بسوء رأيهما وجور حكمهما والثقة في أيدينا لأنفسنا حين
خالفا سبيل الحق واتيا بما لا يعرف فبينوا لنا بماذا تستحلون
قتالنا والخروج من جماعتنا ان اختار الناس رجلين ان تصنعوا
أسيافكم على عواتقكم ثم تستعرضوا الناس تضربون رقابهم
وتسفكون دمائهم ان هذا لهو الخسران المبين والله لو قتلتم
على هذا دجاجة لعظم عند الله قتلها فكيف بالنفس التي قتلها
عند الله حرام فتنادوا لا تخاطبوهم ولا تكلموهم وتهيأوا للقاء
الرب الرواح الرواح إلى الجنة
قوله: النكداء الذي تعاسر والنكد بالضم قلة العطاء وبفتح الهام جمع مفرده الهامه أي رأس كل شئ
وخفيف الهام هم الذين عقولهم خفيفة الأحلام بمعنى العقول ما خبلتكم أي ما أفسدت عقولكم
وقوله ولا أوطأتكم عشوة أي لأركبتكم على غير هدى الضراء الزمانة والشدة والنقص في الأموال
والأنفس.
41 - ومن كلامه عليه السلام
الجزء السادس منه ص 51 قال قال أبو مخنف عمن ذكره عن زيد بن وهب أن عليا قال للناس وهو أول ما
قال لهم بعد النهر.
أيها الناس استعدوا للمسير إلى عدو في جهاده القربة إلى الله
109

ودرك الوسيلة عنده حيارى في الحق جفاة عن الكتاب نكب عن
الدين يعمهون في الطغيان ويعكسون في غمرة الضلال فأعدوا
لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل وتوكلوا على الله
وكفى بالله وكيلا وكفى بالله نصيرا
قال فلاهم نفروا ولا تسيروا فتركهم أياما حتى إذا ايس من أن يفعلوا دعا رؤسائهم
ووجوههم فسألهم عن رأيهم وما الذي نظرهم فمنهم المعتل ومنهم المكره وأقلهم
من نشط فقام فيهم خطيبا - (أقول والخطبة هي الآتي ذكرها)
42 - ومن خطبه عليه السلام
الجزء السادس من التاريخ ص 51 بعد قوله فقام فيهم خطيبا فقال (عليه السلام)
عباد الله مالكم إذا امرتكم ان تنفروا اثاقلتم إلى الأرض
أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة وبالذل والهوان من العز
أو كلما ندبتكم إلى الجهاد دارت أعينكم كأنكم من الموت في سكرة
وكان قلوبكم مألوسة فأنتم لا تعقلون وكان ابصاركم
كمه فأنتم لا تبصرون لله أنتم ما أنتم الا اسود الشرى في الدعة
وثعالب رواغة حين تدعون إلى البأس ما أنتم لي بثقة سجيس
الليالي ما أنتم بركب يصال بكم ولا ذي عز يعتصم إليه لعمر
110

الله لبئس حشاش الحرب أنتم انكم تكادون ولا تكيدون ويتفقص
أطرافكم ولا تتحاشون ولا ينام عنكم وأنتم في غفلة ساهون
ان أخا الحرب اليقظان ذو عقل وبات لذل من وادع وغلب
المتجادلون والمغلوب مقهور ومسلوب ثم قال إما بعد فان
لي عليكم حقا وان لكم على حقا فاما حقكم على النصيحة لكم
ما صحبتكم وتوفير فيئكم عليكم وتعليمكم كيما لا تجهلوا وتأديبكم
كي تعلموا واما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة والنصح لي في الغيب و
المشهد والاجابة حين أدعوكم والطاعة حين امركم فان يرد الله بكم خيرا
انتزعوا عما أكره وتراجعوا إلى ما أحب تنالوا ما تطلبون و
تدركوا ما تأملون
أقول: قوله بكم مألوسة الألس اختلاط العقل ومألوس مفعول وبمعنى الخيانة والغش والكذب و
السرقة واخطاء الرأي والريبة وتغير الخلق والجنون قوله كمه بالتخفيف من ركب عمى كناية عمن لا يسلك
طريق الواضح ويقال للذي هو يولد أعمى اسود جمع الأسد الشرى الخارجون عن طاعة الامام الدعة
السعة والخفض في العيش وبمعنى الراحة قوله ثعالب رواغة راغ الثعلب من باب قال يروغ روغا و
روغانا أي ذهب يمنة ويسرة في سرعة خديعة لا يستقر في جهة سجيس الليالي قال الفيروزآبادي
في القاموس سجس الماء كفرح فهو سجس وسجيس تغير وكدر ولا اتيك سجيس الليالي وسجيس الأوجس أي ابدا
111

قوله لعمر الله أي مدة بقاء الله ولا مدة لبقائه إذ هو أبدى الذات لم يزل ولا يزال قوله وحشاش
الحرب الحشاش ما تحش به النار أي توقد وحشاش الحرب موقد ناره قوله لا تتحاشون أي
لا تكترثون بما تفعلون ولا تخافون وباله وعقوبته لا تكترثون أي لا تعتدون ولا تبالون
43 - ومن خطبه عليه السلام
الجزء السادس من التاريخ ص 61 قال قال هشام عن أبي مخنف قال وحدثني الحارث بن
كعب بن فقيم عن جندب عن عبد الله بن فقيم عم الحارث بن كعب.... يستصرخ من قبل
محمد بن أبي بكر إلى علي ومحمد يومئذ أميرهم فقام على في الناس وقد أمر فنودي للصلاة
جامعة فاجتمع الناس فحمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال
إما بعد فان هذا صريخ محمد بن أبي بكر واخوانكم من أهل مصر
قد صار إليهم ابن النابغة عدو الله وولى من عادى
الله فلا يكونن أهل الضلال إلى باطلهم والركون إلى سبيل
الطاغوت أشد اجتماعا منكم على حقكم هذا فإنهم قد بدأوكم
واخوانكم بالغزو فاعجلوا إليهم بالمواساة والنصر عباد الله
ان مصر أعظم من الشام أكثر خيرا وخير أهلا فلا تغلبوا على مصر
فان بقاء مصر في أيديكم عز لكم وكبت لعدوكم اخرجوا إلى الجرعة
بين الحيرة والكوفة فوافوني بها هناك غدا إن شاء الله قال:
فلما كان من الغد خرج يمشى فزلها بكرة فأقام بها حتى انتصف النهار يومه ذلك فلم يوافه منهم
رجل واحد فرجع فلما كان من العشى بعث إلى اشراف الناس فدخلوا عليه القصر وهو حزين كئيب
112

44 - ومن كلامه عليه السلام في المقام
الجزء السادس من التاريخ ص 61 قال: فقال (صلوات الله وسلامه عليه)
الحمد لله على ما قضى من امرى وقد رمن فعلى وابتلاني بكم
أيتها الفرقة ممن لا يطيع إذا امرت ولا يجيب إذا دعوت لا أبا
لغيركم ما تنتظرون بصبركم والجهاد على حقكم الموت والذل
لكم في هذه الدنيا على غير الحق فوالله لئن جاء الموت وليأتين
ليفرقن بيني وبينكم وانا لصحبتكم قال وبكم غير ضنين لله
أنتم لادين يجمعكم ولا حمية تحميكم إذا أنتم سمعتم بعدوكم
يرد بلادكم ويشن الغارة عليكم أوليس عجبا ان معاوية يدعو
الجفاة الطغام فيتبعونه على غير عطاء ولا معونة ويجيبونه في
السنة المرتين والثلاث إلى أي وجه شاء وانا أدعوكم وأنتم
أولوا لنهى وبقية الناس على المعونة وطائفة منكم على العطاء
فتقومون عنى وتعصونني وتختلفون على
45 - ومن خطبه عليه السلام
113

الجزء السادس من تاريخ الطبري ص 62 خطبها حين اتاه هلاك محمد بن أبي بكر رضي الله عنه
قال وحزن علي عليه السلام على محمد بن أبي بكر حتى رئي ذلك في وجهه وتبين
فيه وقام في الناس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم و
قال: الا ان مصر قد افتتحها الفجرة أولو الجور والظلم الذين صدوا
عن سبيل الله وبغوا الاسلام عوجا الا وان محمد بن أبي بكر قد
استشهد رحمه الله فعند الله نحتسبه إما والله إن كان ما علمت
لمن ينتظر القضاء ويعمل للجزاء ويبغض شكل الفاجر ويحب هدى
المؤمن انى والله ما ألوم نفسي على التقصير وانى لمقاساة الحرب
نجد خبير وانى لأقدم على الامر واعرف وجه الحزم وأقوم فيكم
بالرأي المصيب فاستصرخكم معلنا وأناديكم نداء المستغيث معربا
فلا تسمعون لي قولا ولا تطيعون لي أمرا حتى تصير بي الأمور إلى
عواقب المساءة فأنتم القوم القوم لا يدرك بكم الثار ولا ينقض بكم
الأوتار دعوتكم إلى غياث اخوانكم منذ بضع وخمسين ليلة
فتجر جرتم جرجرة الجمل الأشدق وتثاقلتم إلى الأرض تثاقل من
114

ليس له نية في جهاد العدو ولا اكتساب الاجر ثم خرج إلى منكم
جنيد متذانب كثيرة يساقون إلى الموت وهم ينظرون فاف لكم
أقول قوله نجد خبير أي شجاع صاحب خبرة الحزم الشدة معربا أي أحدا التجرجر صوت يردده
البعير في حنجرته الشدق بالفتح جانب الفم والاشدق جوانب الفم كذا قال في المجمع جنيد مصغر الجند
المتذانب الذي يكون في آخر الجند
46 - ومن كلامه عليه السلام
بشارة المصطفى لشيعة المرتضى تاليف أبى جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري ابن محمد على الطبري من
أكابر علماء الإمامية في المأة السادسة من الهجرة المطبوع في النجف الأشرف سنة 1366 ه‍ ص 29 قال
أخبرنا الشيخ أبو البقاء إبراهيم بن الحسين بن إبراهيم البصري بقرائتي عليه في المحرم سنة ست عشرة و
خمسمائة بمشهد مولينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال حدثنا أبو طالب محمد بن
الحسن بن عتبة قال حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن أحمد قال أخبرنا محمد بن وهبان الدبيلي قال
حدثنا علي بن أحمد بن كثير العسكري قال حدثني أحمد بن المفضل أبو أسامة الأصفهاني قال اخبرنى
راشد بن علي بن وايل القرشي قال حدثني عبد الله بن حفص المدني قال اخبرنى محمد بن إسحاق عن سعيد
بن زيد بن أرطأة قال لقيت كميل بن زياد وسئلته عن فضل أمير المؤمنين عليه السلام علي بن أبي طالب
فقال الا أخبرك بوصية أوصاني يوما هو خير من الدنيا بما فيها فقلت بلى قال قال لي علي عليه السلام
يا كميل بن زياد سم كل يوم بسم الله ولا حول ولا قوة الا بالله وتوكل
على الله واذكرنا وسم بأسماءنا وصلى علينا واستعذ بالله ربنا
وادرأ بذلك عن نفسك وما تحوطه عنايتك تكف شر ذلك اليوم
يا كميل ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أدبه الله عز وجل
وهو أدبني واناء أدب المؤمنين وأورث الأدب المكرمين يا كميل
115

ما من علم الا وانا افتحه وما من سر الا والقائم عليه السلام يختمه
يا كميل ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم يا كميل لا تأخذ الا
عنا تكن منا يا كميل ما من حركة الا وأنت محتاج إلى معونة فيها إلى
معرفة يا كميل إذا اكلت الطعام فسم باسم الله الذي لا يضر مع
اسمه شئ وهو الشفاء من جميع الأسواء يا كميل إذا اكلت الطعام
فواكل به ولا تبخل به فإنك لم ترزق الناس شيئا والله يجزل لك
الثواب بذلك يا كميل أحسن خلقك وابسط إلى جليسك ولا
تنهرن خادمك يا كميل إذا اكلت فطول اكلك يستوف من معك
ويرزق منه غيرك يا كميل إذا استوفيت طعامك فاحمد الله على ما
رزقك وارفع بذلك صوتك ليحمده سواك فيعظم بذلك اجرك يا كميل
لا توقرن معدتك طعاما ودع فيها للماء موضعا وللريح مجالا يا كميل
لا تنفد طعامك فان رسول الله صلى الله عليه وآله لم ينفده يا كميل
لا ترفعن يدك من الطعام الا وأنت تشتهيه فإذا فعلت ذلك فأنت تستمرئه
116

يا كميل صحة الجسم من قلة الطعام وقلة الماء يا كميل البركة في المال
من إيتاء الزكاة ومواساة المؤمنين وصلة الأقربين وهم الأقربون
لنا يا كميل زد قرابتك المؤمن على ما تعطى سواه من المؤمنين و
كن بهم أرأف وعليهم اعطف وتصدق على المساكين يا كميل لا
تردن سائلا ولو بشق تمرة أو من شطر عنب يا كميل الصدقة تنمى
عند الله يا كميل حسن خلق المؤمن التواضع وجماله التعطف و
شرفه الشفقة وعزه ترك القال والقيل يا كميل إياك والمراء
فإنك تغرى بنفسك السفهاء إذا فعلت وتفسد الاخاء يا كميل إذا
جادلت في الله تعالى فلا تخاطب الا من يشبه العقلاء وهذا ضرورة
يا كميل هم على كل حال سفهاء كما قال الله تعالى الا انهم هم
السفهاء ولكن لا يعلمون يا كميل في كل صنف قوم ارفع من قوم
فإياك ومناظرة الخسيس منهم فان أسمعوك فاحتمل وكن من الذين
وصفهم الله تعالى بقوله وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما
117

يا كميل قل الحق على كل حال ووازر المتقين واهجر المنافقين ولا
تصاحب الخائنين يا كميل إياك إياك والتطرق إلى أبواب الظالمين
والاختلاط بهم والاكتساب منهم وإياك ان تطيعهم وان
تشهد في مجالسهم بما يسخط الله يا كميل ان اضطررت إلى حضورها
فداوم ذكر الله تعالى والتوكل عليه واستعذ بالله من شرهم
وأطرق عنهم وأنكر بقلبك فعلهم واجهر بتعظيم الله عز وجل
واسمعهم فإنهم يهابونك وتكفى يا كميل ان أحب ما امتثله
العباد إلى الله تعالى بعد الاقرار به وبأوليائه التجمل و
التعفف والاصطبار يا كميل لا باس بان لا يعلم سرك يا كميل
لا ترين الناس افتقارك واضطرارك واصطبر عليه احتسابا
تعرف بستر يا كميل أخوك أخوك الذي لا يخذلك عند الشدة و
لا يغفل عنك عند الجريرة ولا يخدعك حتى تسئله ولا يتركك
وأمرك حتى يعلمه فإن كان مميلا أصلحه يا كميل المؤمن مرآة
118

المؤمن يتأمله ويسد فاقته ويجمل حالته يا كميل المؤمنون
اخوة ولا شئ آثر عند كل آخ من أخيه يا كميل إذا لم تحب أخاك
فلست أخاه يا كميل انما المؤمنون من قال بقولنا فمن تخلف عنا
قصر عنا ومن قصر عنا لم يلحق بنا ومن لم يكن معنا ففي الدرك
الأسفل من النار يا كميل مصدور ينفث فمن نفث إليك منا
بأمر وأمرك بستره فإياك ان تبديه فليس لك من ابدائه توبة فإذا
لم يكن لك توبة فالمصير إلى لظى يا كميل إذاعة سر آل محمد
عليهم السلام لا يقبل الله تعالى منها ولا يحتمل عليها أحدا يا
كميل وما قالوه لك مطلقا فلا تعلمه الا مؤمنا موفقا يا كميل
لا تعلم الكافرين اخبارنا فيزيدوا عليها فينبذوكم بها يوم
يعاقبون عليها يا كميل لا بد لماضيكم خير من أوبة ولابد لنا فيكم
من غلبة يا كميل سيجمع الله لكم خير البدء والعاقبة يا كميل أنتم
ممتعون بأعدائكم تطربون بطربهم وتشربون بشربهم وتأكلون
119

باكلهم وتدخلون مداخلهم وربما غلبتم على نعمتهم أي والله
على اكراه منهم لذلك ولكن الله عز وجل ناصركم وخاذلهم
فإذا كان والله يومكم وظهر صاحبكم لم يأكلوا والله معكم
ولم يردوا مواردكم ولم يقرعوا أبوابكم ولم ينالوا نعمتكم
أذلة خاسئين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا يا كميل
احمد الله تعالى والمؤمنون على ذلك وعلى كل نعمة يا كميل قل عند كل شدة لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم تكفها
وقل عند كل نعمة الحمد لله تزد منها وإذا أبطأت الأرزاق
عليك فاستغفر الله يوسع عليك فيها يا كميل إذا وسوس الشيطان
في صدرك فقل أعوذ بالله القوى من الشيطان الغوى وأعوذ
بمحمد الرضي من شر ما قدر وقضى وأعوذ باله الناس من الشر الجنة
والناس أجمعين وسلم تكف مؤنة إبليس والشياطين معه ولو أنهم
كلهم أبالسة مثله يا كميل ان لهم خداعا أو شقاشق و
120

زخاريف ووساوس وخيلاء على كل أحد قدر منزلته في الطاعة
والمعصية فبحسب ذلك يستولون عليه بالغلبة يا كميل لاعدو
اعدى منهم ولا ضار أضر منهم أمنيتهم أن تكون معهم
غدا إذا اجتثوا في العذاب الأليم لا يفتر عنهم شرره ولا يقصر عنهم
خالدين فيها ابدا يا كميل سخط الله محيط بمن لم يحترز منهم باسمه
ونبيه وجميع عزائمه وعوذه جل وعز وصلى الله على نبيه و
آله وسلم يا كميل انهم يخدعونك بأنفسهم فإذا لم تحبهم مكروا
بك وبنفسك وبتحسينهم إليك شهواتك واعطاءك أمانيك و
ارادتك ويسولون لك وينسونك وينهونك ويأمرونك ويحسنون
ظنك بالله عز وجل حتى ترجوه فتغتر بذلك وتعصيه وجزاء العاصي
لظى يا كميل احفظ قول الله عز وجل الشيطان سول لهم واملى لهم
والمسول الشيطان والمملى الله تعالى يا كميل أذكر قول الله تعالى
لإبليس لعنه الله واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم
121

في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا
يا كميل ان إبليس لا يعد عن نفسه وانما يعد عن ربه ليحملهم على
معصيته فيورطهم يا كميل انه يأتي لك بلطفك كيده فيأمرك بما
يعلم انك قد ألفته من طاعة لا تدعها فتحسب ان ذلك ملك انما
هو شيطان رجيم فإذا سكنت إليه واطمأننت على العظائم المهلكة
التي لا نجاة معها يا كميل ان له فخاخا ينصبها فاحذر ان يوقعك فيها
يا كميل ان الأرض مملوة من فخاخهم فلن ينجو منها الا عباده وعباده
أولياءنا يا كميل وهو قول الله عز وجل ان عبادي ليس لك عليهم
سلطان وقوله عز وجل انما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم
به مشركون يا كميل انج بولايتنا من أن يشركك في مالك وولدك كما أمر
يا كميل لا تغتر بأقوام يصلون فيطيلون ويصومون فيداومون ويتصدقون
فيحسبون انهم موفقون يا كميل أقسم بالله لسمعت رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم يقول إن الشيطان إذا حمل قوما على الفواحش مثل الزنا و
122

شرب الخمر والربا وما أشبه ذلك من الخنا والمأثم حبب إليهم
العبادة الشديدة والخشوع والركوع والخضوع والسجود ثم
حملهم على ولاية الأئمة الذين يدعون إلى النار ويوم القيمة
لا ينصرون يا كميل انه مستقر ومستودع فاحذروا ان تكونوا
من المستودعين يا كميل انما تستحق أن تكون مستقرا إذا لزمت الجادة
الواضحة التي لا تخرجك إلى عوج ولا تزيلك عن منهج ما حملناك
عليه وهديناك إليه يا كميل لا رخصة في فرض ولا شدة في
نافلة يا كميل ان الله عز وجل لا يسئلك الا عما فرض وانما قدمنا
عمل النوافل بين أيدينا للأهوال العظام والطامة يوم المقام يا
كميل ان الواجب لله أعظم من أن تزيله الفرائض والنوافل وجميع
الأعمال وصالح الأموال ولكن من تطوع خيرا فهو خير له يا كميل
ان ذنوبك أكثر من حسناتك وغفلتك أكثر من ذكرك ونعمت الله
عليك أكثر من كل عملك يا كميل انه لا تخلو من نعمت الله عز وجل
123

عندك فلا تخل من تحميده وتمجيده وتسبيحه وتقديسه وشكره و
ذكره على كل حال يا كميل لا تكونن من الذين قال الله عز وجل
نسوا الله فأنساهم أنفسهم ونسبهم إلى الفسق أولئك هم الفاسقون
يا كميل ليس الشأن ان تصلى وتصوم وتتصدق انما الشأن أن تكون
الصلاة فعلت بقلب نقى وعمل عند الله مرضى وخشوع
سوى ابقاء للحد فيها يا كميل عند الركوع والسجود وما بينهما
تبتلت العروق والمفاصل حتى تستوفى إلى ما تأتى من جميع
صلواتك يا كميل انظر فيم تصلى وعلى ما تصلى ان لم يكن من وجهه
وحله فلا قبول يا كميل ان اللسان يبوح من القلب والقلب يقوم
بالغذاء فانظر فيما تغذى قلبك وجسمك فإن لم يكن ذلك حلالا
لو يقبل الله تسبيحك ولا شكرك يا كميل افهم واعلم انا لا نرخص في
ترك أداء الأمانات لاحد من الخلق فمن روى عنى في ذلك رخصة
فقد أبطل واثم وجزائه النار بما كذب أقسم لقد سمعت رسول الله
124

صلى الله عليه وآله وسلم يقول لي قبل وفاته مرارا بساعة
ثلاثا يا أبا الحسن أد الأمانة إلى البر والفاجر فيما قل وجل في
الخيط والمخيط يا كميل لا غزو الا مع امام عادل ونفل الا مع امام
فاضل يا كميل أرأيت لو أن الله لم يظهر نبيا وكان في الأرض مؤمن
تقى كان في دعائه إلى الله مخطئا حتى ينصبه الله عز وجل ويؤهله
يا كميل الدين لله فلا تغترن بأقوال الأمة المخدوعة التي ضلت
بعد ما اهتدت وأنكرت وجحدت بعد ما قبلت يا كميل الدين
لله فلا يقبل الله تعالى من أحد القيام به الا رسولا أو نبيا أو
وصيا يا كميل هو نبوة ورسالة وامامة وما بعد ذلك الا
متولين ومتغلبين وضالين ومعتدين يا كميل ان النصارى
لم تعطل الله تعالى ولا اليهود ولا جحدت موسى ولا عيسى ولكنهم
زادوا ونقصوا وحرقوا وألحدوا فلعنوا ومقتوا ولم يتوبوا ولم
يقبلوا يا كميل انما يتقبل الله من المتقين يا كميل ان أبانا آدم
125

عليه السلام لم يلد يهوديا ولا نصرانيا ولا كان ابنه الا حنيفا
مسلما فلم يقم بالواجب عليه فأداه ذلك إلى أن يقبل الله له
قربانا بل قبل من أخيه فحسده وقتله وهو من المسجونين في
الفلق الذين عدتهم اثنى عشر ستة من الأولين وستة من
الآخرين والفلق الأسفل من النار ومن بخاره حر جهنم حسبك
فيما حر جهنم من بخاره يا كميل نحن والله الذين اتقوا والذين هم
محسنون يا كميل ان الله عز وجل كريم رحيم عظيم حليم دلنا على
الخلافة وأمرنا بالأخذ بها وحمل الناس عليها فقد أديناها غير
مختلفين وأرسلناها غير منافقين وصدقناها غير مكذبين و
قبلناها غير مرتابين لم يكن لنا والله شياطين نوحي إليها وتوحى
إلينا كما وصف الله تعالى قوما ذكرهم الله عز وجل بأسمائهم
في كتابه فاقرءا كما انزل شياطين الإنس والجن ويوحى بعضهم إلى
بعض زخرف القول غرورا يا كميل الويل لهم فسوف يلقون غيا
126

يا كميل لست والله متعلقا حتى أطاع وممتنا حتى اعصى ولا مهانا
لطغام الاعراب حتى انتحل امرة المؤمنين أو ادعى بها يا كميل نحن
الثقل الأصغر والقرءان الثقل الأكبر وقد أسمعهم رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم وقد جمعهم فنادى فيهم الصلاة جامعة
يوم كذا وكذا فلم يتخلف أحد فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم
قال معاشر الناس انى مؤد عن ربي عز وجل ولا مخبر عن نفسي
فمن صدقني فلله صدق ومن صدق الله اصابه الجنان ومن
كذبني كذب الله عز وجل ومن كذب الله اعقبه النيران ثم ناداني
فصعدت فأقامني دونه ورأسي إلى صدره والحسن والحسين و
عن يمينه وشماله ثم قال معاشر الناس امرنى جبرئيل عليه السلام
عن الله تعالى انه ربى وربكم ان أعلمكم ان القرآن الثقل الأكبر و
ان وصيي هذا وابناي ومن خلفهم من أصلابهم حاملا وصاياهم
هم الثقل الأصغر يشهد الثقل الأكبر للثقل الأصغر ويشهد الثقل
127

الأصغر للثقل الأكبر كل واحد منهما ملازم لصاحبه غير مفارق
له حتى يردا إلى الله فيحكم بينهما وبين العباد يا كميل فإذا كنا
كذلك فعلام تقدمنا من تقدم وتأخر عنا من تأخر يا كميل قد
بلغهم رسول الله رسالة ربه ونصح لهم ولكن لا يحبون الناصحين
يا كميل قال رسول الله صلى الله وآله لي قولا والمهاجرون والأنصار
متوافرون يوما بعد العصر يوم النصف من شهر رمضان قائما
على قدميه فوق منبره على وابناي منه الطيبون منى وانا منهم
وهم الطيبون بعد أمهم وهم سفينة من ركبها نجي ومن تخلف
عنها هوى الناجي في الجنة والهاوي في لظى يا كميل الفضل
بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم يا كميل على م
يحسدوننا والله أنشأنا من قبل ان يعرفونا افتراهم بحسدهم إيانا
عن ربنا يزيلونا يا كميل من لا يسكن الجنة فبشره بعذاب اليم وخزى
مقيم واكبال ومقامع وسلاسل طوال ومقطعات النيران ومقارنة
128

كل شيطان الشراب صديد واللباس حديد والخزنة فظظه
والنار ملتهبة والأبواب موثقة مطبقة ينادون فلا يجابون
ويستغيثون فلا يرحمون ندائهم يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم
ماكثون لقد جئناكم بالحق وأكثرهم للحق كارهون يا كميل
نحن والله الحق الذي قال الله عز وجل ولو اتبع الحق أهوائهم
لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن يا كميل ثم ينادون الله
تقدست أسمائه بعد ان يمكثوا أحقابا اجعلنا على الرجا فيجيبهم
اخسئوا ولا تكلمون يا كميل فعندها ييأسون من الكرة واشتدت
الحسرة وأيقنوا بالهلكة والمكث جزاء بما كسبوا وعذبوا يا كميل قل
الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين يا كميل انا احمد الله على
توفيقه إياي والمؤمنين وعلى كل حال يا كميل انما حظا من حظا
بدنيا زائلة مدبرة فافهم تحظأ باخرة باقية ثابتة يا كميل كل
يصير إلى الآخرة والذي يرغب منها رضي الله تعالى والدرجات العلى
129

من الجنة التي لا يورثها الا من كان تقيا يا كميل ان شئت فقم
أقول قوله فواكل به أي أطعمه لا تنهرن أي لا تزجرن تستمرئ به أي تلذذ به الجريرة الجناية النفث
ريح حفيف بلا ريق ونفخ لطيف وهو ما يلقى في قلب الانسان والمصدور يطلق على الذي يشتكى صدره
الشقاشق جمع شقشقة وهي التي يخرجها الجمل العربي من جوفه ينفخ فيها فتظهر من شدقه ولا تكون
الا للعربي وهنا استعارة الخنا الفحش من القول الطامة الداهية الطغام كسحاب رزال الناس والحمقاء
الفظظة جمع الفظ أي سيئ الخلق اخسئوا أي ابعدوا وهو ابعاد بمكروه والعرب إذا أراد ابعاد الكلب يقول اخسأ
47 - ومن خطبه عليه السلام
بشارة المصطفى ص 14 قال أخبرنا الشيخ أبو محمد الحسن بن الحسين عن عمه الشيخ السعيد أبى جعفر
محمد بن علي ره قال حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني قال حدثنا عبد العزيز بن
يحيى بالبصرة قال حدثني المغيرة بن محمد قال حدثنا رجاء بن أبي سلمة عن عمر بن شمر عن جابر الجعفي
عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال خطب أمير المؤمنين عليه السلام علي بن أبي طالب بالكوفة
عند منصرفه من النهروان وبلغه ان معاوية يسبه ويعيبه ويقتل أصحابه فقام خطيبا فحمد الله
وأثنى عليه وصلى على رسول الله صلى الله عليه وآله وذكر ما أنعم الله على نبيه وعليه ثم قال
لولا آية في كتاب الله ما ذكرت ما انا ذاكره في مقامي هذا يقول
الله عز وجل واما بنعمة ربك فحدث اللهم لك الحمد على نعمك
التي لا تحصى وفضلك الذي لا ينسى أيها الناس انه بلغني ما
بلغني وانى أراني قد اقترب أجلي وكأني بكم وقد جهلتم امرى و
انى تارك فيكم ما تركه رسول الله (صلى الله عليه وآله) كتاب الله
وعترتي وهي عترة الهادي إلى النجاة خاتم الأنبياء وسيد النجباء
130

والنبي المصطفى يا أيها الناس لعلكم لا تسمعون قائلا يقول مثل قولي
بعدي الا مفتر انا أخو رسول الله وابن عمه وسيف نقمته وعماد
نصرته وبأسه وشدته انا رحى جهنم الدائرة وأضراسها الطاحنة
انا مؤتم البنين والبنات وقابض الأرواح وبأس الله الذي لا
يرده عن القوم المجرمين انا مجدل الأبطال وقاتل الفرسان ومبيد
من كفر بالرحمن وصهر خير الأنام انا سيد الأوصياء ووصى خير
الأنبياء انا باب مدينة العلم وخازن علم رسول الله صلى الله عليه
وآله ووارثه وانا زوج البتول سيدة نساء العالمين فاطمة التقية
النقية الزكية البرة المهدية حبيبة حبيب الله وخير بناته وسلالته
وريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله خير الأسباط وولدي خير الأولاد
هل ينكر أحد ما أقول أين مسلموا هل الكتاب انا اسمى في الإنجيل إليا
والتوراة بريا وفى الزبور اريا وعند الهند كابر وعند الروم بطريسا
وعند الفرس جبير (حبتر) وعند الترك تبير وعند الزنج خبير (حيتر)
131

وعند الكهنة بوي وعند الحبشة بتريك وعند أمي حيدرة وعند
ظئري ميمون وعند العرب على وعند الأرمن فريق وعند أبى ظهير
الأواني مخصوص في القرآن بأسماء احذروا ان تغلبوا عليها فتضلوا
في دينكم يقول الله عز وجل ان الله مع الصادقين انا ذلك الصادق
وانا المؤذن في الدنيا والآخرة قال الله تعالى واذان من الله و
رسوله فانا ذلك الاذان وانا المحسن يقول الله عز وجل وان
الله لمع المحسنين وانا ذو القلب يقول الله عز وجل ان في ذلك
لذكرى لمن كان له قلب وانا الذكر يقول الله عز وجل الذين
يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ونحن أصحاب الأعراف
انا وعمى واخى وابن عمى والله فالق الحب والنوى لا يلج النار لنا
محب ولا يدخل الجنة مبغض يقول الله عز وجل وعلى الأعراف
رجال يعرفون كلا بسيماهم وانا الصهر يقول الله عز وجل وهو
الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وانا الاذن الواعية
132

يقول الله عز وجل وتعيها اذن واعية وانا السلم لرسول الله صلى الله
عليه وآله يقول الله عز وجل ورجلا سلما لرجل ومن ولدى مهدى
هذه الأمة وقد جعلت محنتكم ببغضي يعرف المنافقون وبمحبتي امتحن
الله المؤمنين هذا عهد النبي الأمي صلى الله عليه وآله إلى أنه
لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق وانا صاحب لواء رسول الله
صلى الله عليه وآله في الدنيا والآخرة ورسول الله صلى الله عليه و
آله فرطي وانا فرط شيعتي والله لا عطش محبي ولا خاف والله موالى
انا ولى المؤمنين والله وليه يحب محبي ان يحبوا من أحب الله ويحب مبغضي
ان يبغضوا من أحب الله ألا وانه قد بلغني ان معاوية سبني ولعنني اللهم
اشدد وطأتك عليه وانزل اللعنة على المستحق آمين رب العالمين رب
إسماعيل وباعث إبراهيم انك حميد مجيد ثم نزل عن أعواده
عليه السلام فما عاد إليها حتى قتله ابن ملجم لعنه الله تعالى
48 - ومن خطبه عليه السلام
المسترشد للمحدث الكبير أبى جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري المتوفى أوائل الأربعمائة الهجرية مؤلف كتاب دلائل الإمامة
أخذت من نسخة المطبوعة في النجف الأشرف في المطبعة الحيدرية ص 79 عن محمد بن هارون عن ابن بن عثمان قال
133

حدثني سعيد بن قدامة عن زائدة بن قدامة ان أبا بكر دعا عليا عليه السلام إلى البيعة فامتنع وقال عليه السلام
انى لأخو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يقولها غيري الا كذاب
وانا والله أحق بهذا الامر منكم وأنتم أولي بالبيعة لي انكم أخذتم
هذا الامر من العرب بالحجة وتأخذونه منا أهل البيت غصبا وظلما
احتججتم على العرب بأنكم أولي الناس بهذا الامر منهم بقرابة رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم فأعطوكم المقادة وسلموا لكم الامر
فانا احتج إليكم بما احتججتم به على العرب فنحن والله أولي بمحمد صلى الله
عليه وآله وسلم منكم فانصفونا من أنفسكم ان كنتم تؤمنون بالله و
اعرفوا الناس من هذا الامر ما عرفته لكم العرب والا فبوءوا بالظلم وأنتم
تعلمون فقال أبو عبيدة بن الجراح أبو بكر أقوى على هذا الامر وأشد احتمالا فارض به وسلم
له وأنت بهذا الامر خليق وبه حقيق في فضلك وقرابتك وسابقتك فقال لهم
يا معشر قريش الله الله لا تخرجوا سلطان محمد من بيته إلى بيوتكم فإنكم
ان تدفعونا أهل البيت عن مقامه في الناس وحقه تؤزروا فوالله
لنحن أهل البيت أحق بهذا الامر منكم ما كان فينا القارئ لكتاب الله
134

الفقيه في دين الله العالم بسنة رسول الله المضطلع بأمر الرعية
فوالله ان ذلك فينا فلا تزينوا لأنفسكم ما قد سمونا ولا تتبعوا
الهوى تضلوا ولا تزدادوا الا بعدا
أقول قوله فبؤوا أي فانصرفوا تؤزروا أي تحملوا الوزر والاثم والثقل الاضطلاع من الضلاعة
وهي القوة المضطلع بأمر الرعية أي القوى بالامر يعنى الإمامة
49 - ومن كلامه عليه السلام
المسترشد ص 86 قال قال عليه السلام لعبد الله بن عباس في جواب احتجاج الخوارج حيث بعثه إليهم
يا ابن عباس قل لهم ألستم ترضون بحكم الله وحكم رسوله قالوا نعم
قال بدء على ما بدأتم به أول الأمر فقد كنت اكتب لرسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم يوم صالح أبا سفيان وسهيل بن عمير
فكتب بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما صالح عليه محمد رسول الله
وسهيل بن عمير وصخر بن حرب فقال سهيل انا لا نعرف الرحمن الرحيم
ولا نقر انك رسول الله ولكن نحسب ذلك شرفا لك ان تقدم اسمك
قبل اسمى واسم أبيك قبل اسم أبى وانى أسن منك وأبى أسن
من أبيك فأمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمحوت
135

الرحمن الرحيم وكتبت باسمك اللهم ومحوت رسول الله وكتبت
محمد بن عبد الله فقال لي يا علي انك تدعى إلى مثلها فتجيب وأنت
مكره وهكذا كتبت بيني وبين معاوية وعمرو بن العاص فقالا قد
ظلمناك ان اقررنا بأنك أمير المؤمنين وقاتلناك ولكن اكتب علي بن
أبي طالب فمحوت كما محى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وكتبت كما كتب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فان أثبت
ما ثبتوني فقالوا هذه لك خرجت منها قال واما قولكم انى
شككت في نفسي حيث قلت للحكمين انظرا فإن كان معاوية
أحق بها منى فاثبتاه فان ذلك لم يكن شكا منى ولكنه نصف
من القول وقد قال الله تعالى وانا وإياكم لعلى هدى اوفى ضلال
مبين فلم يكن ذلك شكا وقد علم الله ان نبيه كان على الحق قالوا
وهذه لك خرجت منها قال واما قولكم انى جعلت الحكم إلى غيري وقد كنت
عندكم من احكم الناس فهذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
136

جعل الحكم إلى سعد يوم بني قريظة وقد كان احكم الناس وقد قال
الله تعالى لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة فتأسيت برسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم قالوا وهذه لك خرجت منها قال واما قولكم
انى حكمت في دين الله الرجال فقد حكم الله جل ذكره في طائر
فقال ومن قتله منكم متعمدا فجزائه مثل ما قتل من النعم يحكم به
ذوا عدل منكم فدماء المسلمين أعظم من دم طائر قالوا وهذه لك خرجت
منها قال واما قولكم انى قسمت يوم البصرة الكراع والسلاح ومنعتكم
النساء والذرية فانى مننت على أهل البصرة كما من رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم على أهل مكة وقد عدوا علينا اخذناهم بذنوبهم
ولم نأخذ صغيرا بكبير وبعد فأيكم يأخذ عايشة بسهمه قالوا وهذه
لك خرجت منها قال واما قولكم انى كنت وصيا فضيعت الوصاية فأنتم
كفرتم وقدمتم على غيري وأزلتم الامر عنى ولم أك انا كفرت بكم و
ليس على الأوصياء الدعاء إلى أنفسهم فإنما تدعوا الأنبياء إلى
137

أنفسهم والوصي مذلول عليه مستغن عن الدعاء إلى نفسه ذلك
لمن آمن بالله وبرسوله وقد قال الله تعالى ولله على الناس حج
البيت من استطاع إليه سبيلا فلو ترك الناس الحج لم يكن البيت
ليكفر بتركهم إياه ولكن كانوا يكفرون بتركه لان الله تبارك وتعالى
قد نصبه لهم علما وكذلك نصبني علما حيث قال رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم يا علي أنت بمنزلة الكعبة يؤتى إليها ولا تأتي
فقالوا وهذه لك خرجت منها وحججت فاذعنوا وخرج معه أربعة آلاف رجل ممن قعدوا عنه فأي
دليل أوضح من هذا لدليل في قعوده عن طلب حقه بالسيف.
50 - ومن خطبه عليه السلام
المسترشد ص 88 قال لما بويع عليه السلام ونكث من نكث طلبهم على النكث وقاتلهم عليه
وقد خطب الناس وقال في خطبته ان الله ذا الجلال والاكرام لما خلق الخلق
واختار خيرة من خلقه واصطفى صفوة من عباده ارسل رسوله
منهم وانزل عليه كتابه وشرع له دينه وفرض فرائضه و
كانت الجملة قول الله عز وجل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول و
أولي الأمر منكم وهؤلاء أهل البيت خاصة دون غيرهم فانقلبتم
138

على اعقابكم وارتددتم ونقضتم الامر ونكثتم العهد ولم تضروا الله
شيئا وقد امركم الله ان تردوا الامر إلى الله والى رسوله والى
أولي الأمر منكم المستنبطين العلم فأقررتم بمن جحدتم وقد قال لكم
أوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون ان أهل الكتاب
والحكمة والايمان آل إبراهيم بينه الله لكم فحسدوا فأنزل الله
عز وجل أم يحسدون الناس على ما اتاهم الله من فضله فقد
آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما فمنهم
من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا فنحن آل إبراهيم
فقد حسدنا كما حسد آباءنا وأول من حسد آدم عليه السلام الذي
خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه واسجد له ملائكته وعلمه
الأسماء واصطفاه على العالمين فحسده الشيطان فكان من الغاوين
ثم حسد قابيل هابيل فقتله فكان من الخاسرين ونوح حسده قومه
فقالوا ما هذا الا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون ويشرب مما تشربون
139

ولئن أطعتم بشرا مثلكم انكم إذا لخاسرون ولله الخيرة يختار من
يشاء من عباده ويختص برحمته من يشاء يؤتى الملك من يشاء
ويؤتى الحكمة من يشاء ثم حسد نبينا صلى الله عليه وآله و
سلم الا ونحن أهل البيت الذين اذهب الله عنا الرجس فنحن محسودون
كما حسد آباءنا قال الله تعالى ان أولي الناس بإبراهيم للذين
اتبعوه وهذا لنبي وقال وأولو الأرحام بعضهم أولي ببعض في كتاب
الله فنحن أولي الناس بإبراهيم ونحن ورثناه ونحن أولو الأرحام
الذين ورثناه الكعبة والحكمة ونحن أولي بإبراهيم أفترغبون
عن ملة إبراهيم وقد قال الله عز وجل فمن اتبعني فإنه منى يا
قوم أدعوكم إلى الله والى رسوله والى كتابه والى ولى امره و
وصيه ووارثه فاستجيبوا لنا واتبعوا آل إبراهيم واقتدوا بنا فان
ذلك لنا فرضا واجبا والأفئدة من الناس تهوى إلينا وذلك
دعوة إبراهيم عليه السلام حيث قال واجعل أفئدة من الناس
140

تهوى إليهم فهل نقمتم منا الا ان آمنا بالله وما انزل علينا
فلا تفرقوا فتضلوا والله شهيدكم عليكم فقد أنذرتكم
ودعوتكم وأرشدتكم ثم اعلم وما تختارون
51 - ومن خطبه عليه السلام
المسترشد للطبري ص 90 وقال أيضا عليه السلام في خطبته
هلك من قارن حسدا وقال باطلا ووالى على عداوتنا أو
شك في فضلنا انه لا يقاس بنا آل محمد أحد ولا يسوى بنا
من جرت نعمتنا عليهم نحن أطول الناس اغراسا ونحن أفضل
الناس أنفاسا ونحن عماد الدين بنا يلحق التالي والينا يفئ
الغالي ولنا خصائص حق الولاية وفينا الوصية والوراثة
وحجة الله عليكم في حجة الوداع يوم غدير خم وبذي الحليفة
وبعده المقام الثالث بأحجار الزيت تلك فرائض ضيعتموها وحرمات
انتهكتموها ولو سلمتم الامر لأهله سلمتم ولو أبصرتم باب الهدى
رشدتم اللهم إني قد بصرتهم الحكمة ودللتهم على طريق
141

الرحمة وحرصت على توفيقهم بالتنبيه والتذكرة ودللتهم على
طريق الجنة بالتبصر والعدل والتأنيب ليثبت راجع ويقبل ويتعظ
مدكر فلم يطع لي قول اللهم إني أعيد عليهم القول ليكون أثبت
للحجة عليهم يا أيها الناس اعرفوا فضل من فضل الله واختاروا
حيث اختار الله واعلموا ان الله قد فضلنا أهل البيت بمنه حيث
يقول انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا فقد طهرنا الله من الفواحش ما ظهر منها وما بطن
ومن كل دنية وكل رجاسة فنحن على منهاج الحق ومن خالفنا
فعلى الباطل والله لئن خالفتم أهل بيت نبيكم لتخالفن الحق
انهم لا يدخلونكم في ردئ ولا يخرجونكم من باب هدى ولقد
علمتم وعلم المستحفظون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم انى وأهل بيتي مطهرون من الفواحش وقد قال صلى الله
عليه وآله لا تسبقوهم فتضلوا ولا تخالفوهم فتجهلوا ولا تخلفوا
142

عنهم فتهلكوا لا تعلموهم فإنهم اعلم منكم كبارا وأحكمكم صغارا
واتبعوا الحق وأهله حيث كانوا قد والله فزع من الامر لا يزيد
فيمن أحبني رجل منهم ولا ينقص منهم رجل وذلك أن رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لي يا علي ان الله قد اخذ
من شيعتك الميثاق ولا يزيد فيهم رجل ولا ينقص منهم رجل
أنت وشيعتك في الجنة
52 - ومن كلامه عليه السلام
المسترشد ص 91 وقال عليه السلام في مقام آخر
لقد استكبر أقوام في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم واضمروا لعلى الغل المدفون ومن بعده ما قعدوا للثقل
الأكبر بالمرصد حتى ادخلوا فيه الالحاد وقعدوا للثقل الأصغر
بالاضطهاد ولقد أسروا في رسول الله النجوى وصدق فيه بعضهم
بعضا وتعارضوا عليه الحسد من عند أنفسهم والله لقد ارتد بعد
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقوام ارتدوا على الأعقاب
143

وغالتهم السبل واتكلوا على الولايج وهجروا السبب الذي امروا بمودته
وأصابوا بالامر غير أهله ونقلوا البناء من غروس أساسه ونبوه
في غير موضعه فتلك لعمري أكبر الكبائر فتحوا على أنفسهم باب البلاء
واغلقوا باب العافية وتركوا الرخاء واختاروا البلاء فصاروا في
غمرة تغشى ابصار الناظرين وريب بنته لها عقول الطامعين منها
يشعث البنيان واتبعوا ملة من شك وظلم وحسد وركن إلى الدنيا
وهو القائل لاشباهه في الاسلام مضاهيا للسامري في قوله
مقتديا في فعاله جاهلا لحق القرابة مستكبرا عن الحق ملقيا
بيديه إلى التهلكة بعد البيان من الله عز وجل والحجج التي تتلو
بعضها بعضا معتديا على القرابة كما اعتدى في السبت أهله الاوان
لكل دم ثائر وان الثائر يريد دماءنا والحاكم في حق ذي القربى و
اليتامى والمساكين وأبناء السبيل الله الذي لا يفوته مطلوب يؤثر
حذوا لنعل بالنعل ما كلا بما كل ومشربا بمشرب أمر من طعم العلقم
144

وكما هو آت قريب وبحسبكم ما تزودتم وحملتم على ظهوركم من مطايا
الخطايا مع الذين ظلموا ثم اقبل عليه السلام إلى الحسن فقال يا نبي ما زال والله
أبوك مدفوعا عن حقه مستأثرا عليه منذ قبض رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم حتى يوم الناس هذا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب
ينقلبون
أقول الغل الضغن والخيانة والسرقة الاضطهاد من الضهد بمعنى القهر ومضطهد أي مقهور الولائج
جمع الوليجة وهي البطانة والدخلاء والخاصة يشعث البنيان أي يغير ويتفرق مضاهيا أي مشابها
العلقم شجر مر والحنظل.
53 - ومن كلامه عليه السلام
المسترشد ص 92 وقال عليه السلام في مقام آخر وذلك بعد وفاة رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم لما عدلوا بالامر عنه عليه السلام أيها الناس استصبحوا من شغلة
مصباح واضح وامتاحوا من عين صافية قد روقت من الكدر و
امتاروا من طور الياقوت الأحمر فلعمري ما فوض إليكم واعلموا
ان الذي هو اعلم بكم لو وقفتم ببابه وقلدتموه الامر هداكم
فليس المعروف كلما عرفتموه وليس المنكر كلما أنكرتموه فلربما سميتم
المعروف منكرا وسميتم المنكر معروفا واحتجتم إلى رأى البائس
145

الفقير الذي يحدث الرأي بعد الرأي يريد ان يلصق مالا يلتصق
بنقض رأيه ما قد أبرمه آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
ويهدم ما قد شيدوه لكم ولو سلمتم الامر لأهله سلمتم ولو
أبصرتم باب الهدى رشدتم الله الله عباد الله ألقوا هذه
الأزمة إلى صاحب الامر عفوا ولا تقيسوا هذه الأمور بآراءكم
فترتدوا القهقهرى على اعقابكم ولا تتكلوا على أعمالكم خوفا
مما في غب اناتكم ولا تزولوا عن صاحب الامر فتذوقوا غب
فعالكم الا فتمسكوا من امام الهدى بحجزته وخذوا من
يهديكم ولا يضلكم فان العروة الوثقى تفوتكم ان الله مع
الذين اتقوا وهم محسنون
أقول قوله وامتاحوا من متح الماء بمعنى نزعه قوله روقت من الزوق وهو الصافي من الماء
وضده الكدر قوله وامتاروا من الميرة وهي جلب الطعام الطور ما كان على حد الشئ أو بازائه
الغب بالكسر العاقبة الأناة الحلم والوقار والغاية والإدراك الحجزة بالضم والسكون معقد الازار
وقد أستعير الاخذ بالحجزة للتمسك والاعتصام واستعار لفظة الحجزة لهدى الهادي ولزوم قصده
والاقتداء به.
54 - ومن كلامه عليه السلام
146

المسترشد ص 94 قال عليه السلام يا معشر قريش انا أهل البيت أحق بهذا
الامر منكم ما كان فينا من يقرء القرآن ويعرف السنة ويدين
بدين الحق فخشى القوم ان انا وليت عليهم ان لا يكون لهم في
الامر نصيب ما بقوا أو اخذ بأنفاسهم واعترض في حلوقهم
فاجمعوا جماعا واحدا فصرفوا الولاية عنى إلى عثمان وأخرجوني
من الامرة عليهم رجاء ان ينالوها ويتداولوها ثم قالوا هلم
فبايع والا جاهدناك فبايعت مستكرها وصبرت محتسبا فقال
عبد الرحمن يا ابن أبي طالب انك على هذا الامر لحريص قلت حرصي
على أن يرجع إلى حقي في عافية ولا يجوز لي عنه السكوت لاثبات
الحجة عليكم وأنتم حرصتم على دنيا تبيد فانى قد جعلني الله ورسوله
أولي به منكم وأنتم تصرفون وجهي دونه وتحولون بيني وبينه
فبهتوا والله لا يهدى القوم الظالمين اللهم إني استعديك على
قريش فإنهم قطعوا رحمي وأضاعوا سنتي وصغروا عظيم منزلتي
147

وأجمعوا على منازعتي أمرا كنت أولي الناس به منهم فسلبونيه ثم
قالوا الا ان في الحق ان تأخذه وفى الحق ان تمنعه فاصبر كمدا أو مت
متأسفا حنقا وأيم الله ان استطاعوا ان يدفعوا قرابتي كما قطعوا
سنتي فعلوا ولكن لم يجدوا إلى ذلك سبيلا وكان نبي الله
صلى الله عليه وآله وسلم عهد إلى فقال يا ابن أبي طالب لك
ولاية أمتي من بعدي فان ولوك في عافية واجتمعوا عليك بالرضا
فقم بامرهم وان اختلفوا عليك فدعهم وما هم فيه فان الله
سيجعل لك مخرجا فنظرت فإذا ليس معي رافد ولاذاب ولا مساعد
الا أهل بيتي فضننت بهم على الموت والهلاك ولو كان بهم
حمزة أو اخى جعفر ما بايعت كرها فأغضيت على القذى وتجرعت
على الشجى وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم وآلم للقلوب
من حز الشفار ثم تفاقمت الأمور فما زالت تجرى على غير جهتها
فصبرت عليكم حتى نقمتم على عثمان أتيتموه فقتلتموه خذله أهل بدر
148

وقتله أهل مصر والله ما امرت ولا نهيت عنه ولو امرت
به لكنت قاتلا ولو نهيت عنه لصرت ناصرا ثم جئتموني لتبايعوني
فأبيت عليكم وأمسكت يدي فنازعتموني ورافعتموني وبسطتم
يدي فكففتها ومددتموها فقبضتها ثم تداككتم على تداكك
الهيم على حياضها يوم ورودها وازدحمتم على حتى ظننت ان
بعضكم قاتل بعضا وانكم قاتلي حتى انقطع النعل وسقط الرداء
ووطئ الضعيف وبلغ من سرور الناس ببيعتهم إياي ان حمل
الصغير وخرج إليها الكبير وتحامل إليها العليل وحسرت إليها الكفار
فقلتم بايعنا لا نجد غيرك ولا نرضى الا بك فبايعنا لا نتفرق ولا
نختلف فبايعتكم على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه و
آله وسلم ودعوت الناس إلى بيعتي فمن بايعني طائعا قبلت
منه ومن أبى تركته فبايعني فيمن بايعني طلحة والزبير ولو أبيا
ما أكرهتهما كما لم أكره غيرهما وكان طلحة يرجو اليمن والزبير يرجو
149

العراق فلما علما انى غير موليهما استاذنا في العمرة يريدان الغدرة
فاتيا عايشة فاستخفاها مع شئ كان في نفسها على والنساء
نواقص العقول ونواقص الايمان ونواقص الحظوظ فاما نقصان
ايمانهن فقعود هن عن الصلاة في أيام حيضهن واما نقصان
عقولهن فلا شهادة لهن الا في الدين وشهادة امرأتين برجل و
إما نقصان حظوظهن فمواريثهن على الانصاف من مواريث الرجال
وقادهما عبد الله بن عامر إلى البصرة وضمن لهما الأموال و
الرجال فبينا هما يقودانها إذ هي تقودهما فاتخذاها دريئة
يقاتلان بها والى خطيئة أعظم مما آتينا اخرجا أمهما زوجة رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم وكشفا عنها حجابا ستره الله جل
اسمه عليها وصانا حلائلهما ما انصفا الله ورسوله فأصابوا
ثلاث خصال من حقها على من فعلها من الناس في كتاب الله
عز وجل البغى والنكث والمكر قال الله تعالى يا أيها الناس انما
150

بغيكم على أنفسكم وقال تعالى ومن نكث فإنما ينكث على نفسه
وقال ولا يحيق المكر السيئ الا باهله فقد والله بغيا على و
نكثا بيعتي وغدرا بي انى منيت بأربعة ما منى أحد بمثلهن
منيت بأطوع الناس في الناس عايشة بنت أبي بكر وأشجع
الناس الزبير بن العوام وبأخصم الناس طلحة بن عبيد الله و
بأكثر الناس مالا يعلى بن حنبة التميمي أعان على باصراع الدنانير
والله لئن استقام هذا الامر لأجعلن ماله وولده فيئا
للمسلمين فاتيا البصرة وأهلها مجتمعون على طاعتي وبيعتي
وبها شيعتي وخزان بيت مال المسلمين فدعوا الناس إلى
معصيتي والى نقض بيعتي فمن أطاعهم أكفروه ومن عصاهم
قتلوه فسار بهم حكيم بن جبلة العبدي في سبعين رجلا
من عباد أهل البصرة وكانوا يسمون أصحاب الثفنات كان
جبهاتهم ثفنات الإبل وأبى ان يبايعهما يزيد بن الحرث اليشكري
151

وهو شيخ أهل البصرة يومئذ وقال اتقيا الله ان اولكما قادنا إلى
الجنة فلا يقودنا آخركما إلى النار إما يميني فشغلها علي عليه
السلام عني واما شمالي فهذه خذاها فارغة ان شئتما فخنق
حتى مات وقام عبد الله بن حكيم التميمي فقال يا طلحة تعرف
هذا الكتاب قال نعم هذا كتاب إليك قال هل تدرى ما فيه
قال اقراه على فقرأ فإذا فيه عيب عثمان ودعاءه إلى قتله ثم
اخذا عاملي عثمان بن حنيف أمير الأنصار فمثلا به نتفا كل شعرة
في رأسه ووجهه وقتلا شيعتي طائفة صبرا وطائفة غدرا
وطائفة جالدوا بأسيافهم حتى لقوا الله عز وجل صادقين
فوالله لو لم يصيبوا منهم الا رجلا واحدا متعمدين بقتله لحل لي قتالهم
وقتل ذلك الجيش كله إما طلحة فرماه مروان بسهم فقتله واما
الزبير فذكر قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له تقاتل عليا
وأنت ظالم فرجع من الحرب على عقبه واما عايشة فان نبي الله نهاها
152

عن مسيرها فعضت يدها ندامة على ما كان منها وكان طلحة لما
نزل بذى قار قام خطيبا وقال أيها الناس انا أخطأنا في أمر عثمان
خطيئة لا يخرجنا منها الا الطلب بدمه وعلى قاتله عليه القود
وقد نزل ذا قار مع نساجى اليمن وقصابي ومنافقي مصر فلما بلغني
ذلك كتبت إليه أناشده بحق محمد صلى الله عليه وآله وسلم
الست آتيتني في أهل مصر وقد حضروا عثمان فقلت انهض بنا
إلى هذا الرجل فانا لا نستطيع قتله الا بك الا تعلم أنه سير أبا ذر
وفتق بطن عمار واوى الحكم بن أبي العاص طريد رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم واستعمل الفاسق في كتاب الله الوليد بن عقبة
بن أبي معيط وقد ضرب في الخمر وسلط خالد بن الوليد على عرفطة
العذرى وانحى على كتاب الله يحرفه ويحرقه فقلت لا ارى قتله
اليوم وأنت اليوم تطلب بدمه فاتياه معكما عمرو وسعيد فخليا
عنهما يطلبان بدم أبيهما متى كانت أسد ويتم أولياء دم بنى
153

أمية فانقطعا عند ذلك وقام عمران بن الحصين الخزاعي صاحب
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا هذان لا تخرجانا
من طاعة الله على أنفسكما ولا تحملانا على نقض بيعته فإنها لله
رضي إما وسعتكما بيوتكما حتى جئتما أم المؤمنين لطاعتها إياكما
من مسيرها معكما وكفى عنا أنفسكما وارجعا فأبيا عليه ثم نظرت
في أهل الشام فإذا هم بقية الأحزاب وحثالة الاعراب فراش نار
وذبان طمع تجمعوا من كل أوب ومنزل ممن كان ينبغي ان يؤدب
ويدرب ويولى عليه ليسوا من المهاجرين والأنصار ولا
التابعين باحسان فسرت إليهم ودعوتهم إلى الطاعة والجماعة
فأبوا الا شقاقي وعنادي وفراقي وقاموا في وجوه المسلمين
ينضحونهم بالنبل فهناك نهدت إليهم بالمسلمين فقاتلوهم
فلما عضهم السلاح ووجدوا ألم الجراح رفعوا المصاحف يدعون
إلى ما فيها فأنبأتهم انهم ليسوا بأصحاب دين ولا قرءان وانهم
154

رفعوها خديعة ومكرا ومكيدة وغدرا فامضوا إلى حقكم و
قتالكم فأبيتم على وقلتم اقبل منهم فان أجابونا إلى ما في الكتاب
جامعونا على ما نحن عليه من الحق وان أبوا كان أعظم لحجتنا
عليهم فقبلت منهم وكففت عنهم وكان الصلح بينكم و
بينهم على رجلين حكمين يحييان ما أحيا القرآن ويميتان
ما أمات القرآن فاختلف رأيهما وتفرق حكمهما ونبذا حكم
القرآن وخالفا ما في الكتاب واتبعا اهوائهما بغير هدى من
الله فجنبهما الله السداد وركبهما في الضلال وانحازت فرقة
عنا فتركناهم وما تركونا فقلنا ادفعوا إلينا قتلة اخواننا ثم كتاب الله
بيننا وبينكم فقالوا كلنا قتلهم وكلنا استحل دماءهم ودمائكم
فشدت عليهم خيلنا فصرعهم الله مصارع الظالمين
أقول: قد نقل الرضي رضي الله عنه بعض فقرات هذه الخطبة في النهج رأيت نقل مالم ينقل هناك تتميما
للفائدة وتوفير العائدة الحنق محركة الغيظ الرافد المعين قوله فأغضيت على القذا أي أدينت الجفون
مما وقع في العين قوله وتجرعت على الشجى أي بلعت على ما اعترض في حلقى العلقم الحنظل وكل شئ طعمه مر
قوله حز الشفار أي قطع السيوف تفاقمت الأمور أي لم تجر على الاستواء تداككتم على تداكك الهيم أي ازدحمتم
155

على ازدحام الإبل العطاش الدريئة الدفيعة والحلقة ليتعلم الطعن والرمي عليها ولا يحيق المكر السيئ
الا باهله أي لا يحيط وينزل الا باهله قوله منيت أي ابتلأت واختبرت اصراع الدنانير اعطاءها و
طرحها حثالة الاعراب بضم الحاء أي الردى من الاعراب وأراذلهم قوله فراش نار الفراش بفتح الفاء وتخفيف
الراء جمع الفراشة وهي صغار البق وقيل شبهة بالبعوض يتهافت في النار وذبان جمع الذباب ينضحونهم
بالنبل أي يرمونهم نهدت أي نهضت.
55 - ومن خطبه عليه السلام
الجزء الثامن من البحار المشتهر بالفتن والمحن للعلامة المجلسي ره طبع امين الضرب ص 169 نقلها عن كتاب
العدد عن كتاب الارشاد لكيفية الطلب في أئمة العباد لمحمد بن الحسن الصفار مؤلف كتاب
بصائر الدرجات أنه قال قال وقد كفانا أمير المؤمنين صلوات عليه المؤنة في خطبة خطبها
أودعها من البيان والبرهان ما يجلى الغشاوة عن ابصار متأمليه والعمى عن عيون متدبريه
وحلينا هذا الكتاب بها ليزداد المسترشدون في هذا الامر بصيرة وهي منة الله جل ثنائه علينا وعليهم
يجب شكرها خطب صلوات الله عليه فقال:
ما لنا ولقريش وما تنكر منا قريش غير انا أهل بيت شيد
الله فوق بنيانهم بنياننا وأعلا فوق رؤوسهم رؤوسنا
واختارنا الله عليهم فنقموا على الله ان اختارنا عليهم و
سخطوا ما رضي الله وأحبوا ما كره الله فلما اختارنا الله عليهم
شركناهم في حريمنا وعرفناهم الكتاب والنبوة وعلمناهم الفرض
والدين وحفظناهم الصحف والزبر وديناهم الدين والاسلام
فوثبوا علينا وألتونا أسباب أعمالنا واعلامنا وجحدوا حقنا
156

اللهم فانى استعديك على قريش فخذ لي بحقي منها ولا تدع
مظلمتي لديها وطالبهم يا رب بحقي فإنك الحكم العدل فان
قريشا صغرت عظيم امرى (قدري) واستحلت المحارم منى واستخفت
بعرضى وعشيرتي وقهرتني على ميراثي من ابن عمى وأغروا بي
أعدائي ووتروا بيني وبين العرب والعجم وسلبوني ما مهدت
لنفسي من لدن صباي بكدي وجهدي ومنعوني ما خلفه اخى
وجسمي (وحميمي) وشقيقي وقالوا انك لحريص متهم أليس
بنا اهتدوا من متاه الكفر ومن عمى الضلالة وعى الظلماء (الجهالة)
أليس أنقذتهم من الفتنة الصماء والمحنة العمياء ويلهم ألم
أخلصتهم من نيران الطغاة وكرة العتاة وسيوف البغاة و
وطئة الأسد ومقارعة الطماطمة ومماحكة (مجادلة) القماقمة
الذين كانوا عجم العرب وغنم الحروب وقطب الاقدام وجبال
القتال وسهام الخطوب وسل (سيل) السيوف أليس بي
157

كان يقطع الدروع الدلاص وتصطلم الرجال الحراص وبي كان
تفرى جماجم البهم وهام الأبطال إذا فزعت تيم إلى الفرار
وعدى إلى الانتكاص إما وانى لو أسلمت قريشا للمنايا والحتوف
وتركتها فحصدها سيوف الغوانم (العرازم) ووطئتها خيول
الأعاجم وكرات والأعادي وحملات الأعالي وطحنتهم سنابك
الصافنات وحوافر الصاهلات في مواقف الأزل والهزل في
ظلال (طلاب) الأعنة وبريق الأسنة ما بقوا لهضمي ولا
عاشوا لظلي وما قالوا انك لحريص منهم اليوم نتواقف على حدود
الحق والباطل اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق فانى مهدت
مهاد نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ورفعت اعلام
دينك وأعلنت منار رسولك فوثبوا على وغالبوني ونالوني
(وقالوني) وواتروني فقام إليه أبو حازم الأنصاري فقال يا أمير المؤمنين
أبو بكر وعمر ظلماك أحقك أخذوا على الباطل مضيا أم على حق كانا أعلى صواب أقاما
أم ميراثك غصبا أفهمنا لنعلم باطلهم من حقك أو نعلم حقهما من حقك أبراك امرك
158

أم غصباك إمامتك أم غالباك فيها عزا أم سبقاك إليها عجلا فجرت الفتنة ولم تستطع
منها استقلالا فان المهاجرين والأنصار يظنان انهما كانا على حق وعلى الحجة الواضحة
مضيا فقال صلوات الله عليه يا أخا اليمن لا بحق اخذا ولا على إصابة
أقاما ولا على دين مضيا ولا على فتنة خشيا يرحمك الله اليوم
نتواقف على حدود الحق والباطل أتعلمون يا اخوانى ان بنى
يعقوب على حق ومحجة كانوا حين باعوا أخاهم وعقوا أباهم
وخانوا خالقهم وظلموا أنفسهم فقالوا لا فقال أوليس كل فعل
بصاحبه ما فعل لحسده إياه وعدوانه وبغضائه له فقالوا نعم
قال وكذلك فعلا بي ما فعلا حسدا ثم إنه لم يتب على ولد
يعقوب الا بعد استغفار وتوبة واقلاع وإنابة واقرار ولو أن
قريشا تابت إلى واعتذرت من فعلها لاستغفرت الله لها ثم قال
عليه السلام أنطق لكم العجماء ذات البيان وافصح الخرساء ذات
البرهان لانى فتحت الاسلام ونصرت الدين وعززت الرسول
وثبتت أركان الاسلام وبينت اعلامه وأعليت مناره و
159

أعلنت اسراره وأظهرت آثاره وحاله وصفيت الدولة ووطئت
للماشي والراكب ثم قدتها صافية على انى بها مستأثر ثم قال:
بعد كلام ثم سبقتني إليه التيمي والعدوي كسباق الفرس احتيالا
واغتيالا وخدعة وغلبة ثم قال بعد كلام اليوم أنطق الخرساء ذات
البرهان وافصح العجماء ذات البيان فإنه شارطني رسول الله
صلى الله عليه وآله في كل موطن من مواطن الحروب وصافقني
على أن أحارب لله وأحامي لله وانصر رسول الله صلى الله عليه
وآله جهدي وطاقتي وكدحي وكدى وأحامي عن حريم الاسلام
وارفع عن اطناب الدين وأعز الاسلام وأهله على أن ما فتحت
وبينت عليه دعوة الرسول صلى الله عليه وآله وقرأت فيه
المصاحف وعبد فيه الرحمن وفهم به القرآن فلى إمامته و
حله وعقده واصداره وايراده ولفاطمة فدك ومما خلفه
رسول الله صلى الله عليه وآله النصف فسبقاني إلى جميع نهاية
160

الميدان يوم الرهان وما شككت في الحق منذ رايته هلك قوم
أوجفوا عنى انه لم يوجس موسى في نفسه خيفة وارتيابا ولا
شكا فيما آتاه من عند الله ولم أشكك فيما آتاني من حق الله و
لا ارتبت في إمامتي وخلافة ابن عمى ووصية الرسول وانما
أشفق اخى موسى من غلبة الجهال ودول الضلال وغلبة الباطل
على الحق ولما انزل الله عز وجل وآت ذا القربى حقه دعا رسول الله
صلى الله عليه وآله فاطمة فنحلها فدك وأقامني للناس علما واماما
وعقد لي وعهد إلى فأنزل الله عز وجل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول
واولى الامر منكم فقالت حق القتال وصبرت حق الصبر أعلى انه أعز
تيما وعديا على دين أتت به تيم وعدى أم على دين اتى به ابن عمى
وصنوي وجسمي على أن أنصر تيما وعديا أم انصر ابن عمى وحقي وديني
وإمامتي وانما قمت تلك المقامات واحتملت تلك الشدائد وتعرضت
للحتوف على أن تصيبني من الآخرة موفرا وانى صاحب محمد وخليفته و
161

امام أمته بعده وصاحب رايته في الدنيا والآخرة اليوم اكشف
السريرة عن حقي واجلى القذى عن ظلامتي حتى يظهر لأهل اللب
والمعرفة انى مذلل مضطهد مظلوم مغصوب مقهور محقور و
انهم ابتزوا حقي واستأثروا بميراثي اليوم نتواقف على حدود الحق
والباطل من استودع خائنا فقد غش نفسه من استرعى ذئبا فقد
ظلم من ولى غشوما فقد اضطهد هذا موقف صدق ومقام أنطق
فيه بحقي واكشف الستر والغمة عن ظلامتي يا معشر المجاهدين
المهاجرين والأنصار أين كانت سبقة يتم وعدى إلى سقيفة
بنى ساعدة خوف الفتنة الا كانت يوم الأبواء إذ تكاثفت الصفوف
وتكاثرت الحتوف وتقارعت السيوف أم هلا خشيا فتنة الاسلام
يوم ابن عبد ود وقد نفخ بسيفه وشمخ بأنفه وطمح بطرفه ولم لم
يشفقا على الدين وأهله يوم بواط إذا اسود لون الأفق واعوج عظم
العنق وانحل سيل الغرق ولم لم يشفقا يوم رضوي إذ السهام
162

تطير والمنايا تسير والأسد تزؤر وهلا بادرا يوم العشيرة إذ الانسان
تصطك والاذان تستك والدروع تهتك وهلا كانت مبادرتهما يوم
بدر إذ الأرواح في السعداء ترتقى والجياد بالصناديد ترتدي والأرض
من دماء الأبطال ترتوى ولم لم يشفقا على الدين يوم بدر الثانية والرعابيب
ترعب والأوداج تشخب والصدور تخصب أم هلا بادرا يوم ذات الليوث
وقد أبيح النولب واصطلم الشوقب وادلهم الكوكب ولم لا كانت شفقتهما
على الاسلام يوم الكدو والعيون تدمع والمنية تلمع والصفايح تنزع ثم
عد وقايع النبي صلى الله عليه وآله كلها على هذا النسق وقرعهما بأنهما في هذه المواقف كلها كانا مع النظارة
والخوالف والقاعدين فكيف بادر الفتنة بزعمهما يوم السقيفة وقد توطأ الاسلام بسيفه واستقر قراره
وزال خداره ثم قال عليه السلام بعد ذلك كله.
ما هذه الدهماء والدهياء التي وردت علينا من قريش انا صاحب هذه
المشاهد وأبو هذه المواقف وابن هذه الأفعال يا معشر المهاجرين و
الأنصار انى على بصيرة من امرى وعلى ثقة من ديني اليوم أنطقت الخرساء
البيان وفهمت العجماء الفصاحة واتيت العمياء البرهان هذا يوم ينفع
الصادقين صدقهم قد توافقنا على حدود الحق والباطل وأخرجتكم من الشبهة
163

إلى الحق ومن الشك إلى اليقين فتبرأوا رحمكم الله ممن انكث البيعتين
وغلب الهوى به (عليه) فضل وابعدوا رحمكم الله ممن اخفى الغدر
وطلب الحق من غير أهله فتاه والعنوا رحمكم الله من انهزم الهزيمتين
إذ يقول الله إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار ومن
يولهم يومئذ دبره الا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فباءوا بغضب
من الله وقال ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا
وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين واغضبوا رحمكم
الله على من غضب الله عليهم وتبرأوا رحمكم الله ممن يقول فيه
رسول الله صلى الله عليه وآله يرتفع يوم القيمة ريح سوداء تخطف
من دوني قوما من أصحابي من عظماء المهاجرين فأقول أصيحابي فيقال
يا محمد انك لا تدرى ما أحدثوا بعدك وتبرأوا رحمكم الله من النفس
الضال من قبل ان يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال فيقولوا ربنا أرنا
الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت اقدامنا ليكونا من الأسفلين
164

ومن قبل ان يقولوا يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وان كنت لمن
الساخرين أو يقولوا وما أضلنا الا المجرمون أو يقولوا ربنا انا
أطعنا سادتنا وكبراءنا فاضلونا السبيلا ان قريشا طلبت السعادة
فشقيت وطلبت الهداية فضلت ان قريشا قد أضلت أهل دهرها
ومن يأتي من بعدها من القرون ان الله تبارك اسمه وضع إمامتي
في قرآنه فقال والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما والذين يقولون
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة عين واجعلنا للمتقين
إماما وقال الذين ان مكنا هم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا
الزكاة وأمروا بالمعروف ونهو عن المنكر ولله عاقبة الأمور
وهذه خطبة طويلة وقد قال صلوات الله عليه في بعض مقاماته كلاما لو لم يقل غيره لكفى قوله صلوات
الله عليه انا ولى هذا الامر دون قريش لان رسول الله صلى الله عليه وآله بعتق الرقاب من النار و
بعتقها من السيف وهذان لما اجتمعا كانا أفضل من عتق الرقاب من الرق فما كان لقريش على العرب
برسول الله صلى الله عليه وآله كان لبنى هاشم وما كان لبنى هاشم على قريش وما كان لبنى هاشم على
قريش برسول الله كان لي على بني هاشم لقول رسول الله صلى الله عليه وآله يوم غدير خم من كنت مولاه
فعلى مولاه (انتهى) قال المجلسي بيان ديناهم على بناء التفعيل أي جعلنا الاسلام دينهم وقررناهم
عليه قال الفيروزآبادي وان فلانا حمله على ما يكره وأزله ودينه تديينا وكله إلى دينه وفى المناقب
وعلمناهم الفرائض والسنن وحفظناهم الصدق واللين وورثناهم الدين قوله والتونا أي نقصونا و
165

منعونا ما هو من أسباب قوتنا واقتدارنا واعلامنا بالفتح أي ما هو علامة لإمامتنا ودولتنا
أو بالكسر أي ما هو سبب تعليمنا كما قال الله تعالى وما ألتناهم من عملهم وفى المناقب والتوونا من التوى عن
الامراى تثاقل ولى الغريم معروف ويقال استعديت على فلان الأمير فأعدانى أي استعنت به عليه
عليه قوله ووتروا أي ألقوا الجنايات والدخول بيني وبين العرب والعجم فإنهم غصبوا خلافتي واجر والناس
على الباطل فصار ذلك سببا للحروب وسفك الدماء والوتر بالكسر الجناية والموتور الذي قتل له قتيل
فلم يدرك بدمه والمتاه اسم مكان أو مصدر ميمي من أليته وهو الحيرة والضلالة وقال في النهاية فيه
الفتنة الصماء العمياء التي لا سبيل إلى تسكينها تناهيها في زمانها لان الأصم لا يسمع الاستغاثة
ولا يقلع عما يفعله وقيل هي كالحية الصماء التي لا تقبل الرقي قوله ووطئة الأسد قال الجزري الوطي في
الأصل الدوس بالقدم فسمى به الغزو والقتل لان من يطأ على الشئ برجله فقد استقضى في هلاكه واهانه
ومنه الحديث اللهم اشدد وطأك على مضراى خذهم اخذا شديدا والطمطام معظم ماء البحر وقد يستعار
لمعظم النار واستعير هنا لعظماء أهل الشر والفساد وقال الجوهري المحك اللجاج والمماكحه الملاحة والقمقام
البحر والامر الشديد والسيد والعدد الكثير قوله وعجم العرب أي كانوا من العرب بمنزلة الحيوانات العجم
وغنم الحرب أي أهل غنم الحرب الذين لهم غنائمها أو يغتنمونها ويمكن ان يقرء الحرب بالتحريك وهو سلب
المال وفى بعض النسخ الحروب قوله وقطب الاقدام لعله بكسر الهمزة أي كانوا كالقطب للاقدام على الحروب أو
بالفتح أي بهم كانت الاقدام تستقر في الحروب أو كانت اقدامهم بمنزلة القطب للرحا القطب أيضا سيد القوم
وملاك الشئ ومداره ذكره الفيروزآبادي قوله وسل السيوف الحمل على المبالغة أي سلان السيوف ولعل تصحيفه
والدلاص بالكسر اللين البراق يقال درع دلاص وادرع دلاص قوله يفرى جماجم البهم وفى بعض النسخ يبرى بالباء
الفرى الشتى والبرى النحت والبهم كصرد جمع بهمة وهو الفارس الذي لا يدرى من أين يؤتى من شدة بأسه والجمجمة
بالضم القحف والعظم فيه الدماغ والهام جمع هامة وهو رأس كل شئ والابطال الشجعان والنكص الاحجام عن
الامر والرجوع عنه والحتوف بالضم جمع الحتف وهو الموت والغوانم الجيوش الغانمة وفى بعض النسخ العرازم
جمع عرزم وهو الشديد والأسد وفى بعض النسخ الغواة والسنبك بالضم طرف الحافر وصفن الفرس قام على ثلثة
قوائم وطرف حافر الرابعة والأزل الضيق والشدة وقوله والهزل لعل المراد انهم لم يكونوا يبثون في مقام
الهزل فكيف في مقام الجد وفى بعض النسخ الزلزال قوله في ظلال الأعنة وفى بعض النسخ في طلاب الأعنة
أي مطالبتها وفى بعضها في اطلاق الأعنة وهو أصوب قوله نتواقف أي وقفت على حد الحق ووقفتم على حد
الباطل قوله ونالوني أي أصابوني بالمكاره وفى بعض النسخ قالوني من القلا وهو البغض ويقال بزه ثيابه
166

وابتزه إذا سلبه إياها قوله العجماء ذات البيان قيل كنى عليه السلام بها عن العبر الواضحة وما حل
بقوم فسقوا عن أمر ربهم وعما هو واضح من كمال فضله عليه السلام وعن حال الدين ومقتضى أوامر
الله تعالى فان هذه الأمور عجماء لانطق لها ذات البيان حالا ولما بينها عليه السلام فكانه أنطقها
لهم وقيل العجماء صفة المحذوف أي الكلمات العجماء والمراد ما في هذه الخطبة من الأمور التي والرموز
التي لا نطق لها مع أنها ذات بيان عند أولي الألباب قوله على انى بها مستأثر على بناء المفعول والاستيشار
الاستبداد والانفراد بالشئ والكلام مسوق على المجاز أي ثم تصرفوا في الخلافة على وجه كأني فعلت
جميع ذلك ليأخذوها منى مستبدين بها ويحتمل الاستفهام الانكاري ويمكن ان يقرء على بناء اسم الفاعل
والكدح العمل والسعي والغشم الظلم وأكتفه أحاط به وكانفه عاونه وقال الجوهري نفجه بالسيف
تناوله من بعيد قوله ترزأ زرء والزئير صوت الأسد من صدره والفعل كضرب ومنع وسمع و
في بعض النسخ بالياء ولعله على التحفيف بالقلب لرعاية السجع والاستكاك الصمم والصعدا المشقة أو هو
بالمد بمعنى ما يصعد عليه قوله عليه السلام ترتدى لعله عليه السلام شبه وقوعهم بعد القتل على أعناق الجياد
بارتدائها بهم أو هو افتعال من الردى وهو الهلاك وان لم يأت فيما عندنا من كتب اللغة وفى بعض النسخ
تردى فالباء زائدة أو بمعنى مع أو للتعديه إذا قرء على بناء المجرد ويقال ردئ الفرس كرمى إذا رجمت
بحوافرها أو بين العدو والمشي والشئ كسره وفلانا صدمه وردى ردئ هلك قوله والرعابيب ترعب
قال الفيروزآبادي الرعبوب الضعيف الجبان وجارية رعبوبة ورعبوب ورعيب بالكسر شطبة تارة أو
بيضاء حسنة رطبة حلوة أو ناعمة ومن النوق طياشة أو في قب والدعاس ترعب من الدعس وهو الطعن
والمداعسة المطاعنة قوله عليه السلام وقد أبيح التولب الولد الحمار وهو كناية عن كثرة الغنائم أو الأسارى على
الاستعارة وفى قب وقد أمج التولب إما بتشديد الجيم من أمج الفرس إذا بدئ بالجري قبل ان يضطرم
وأمج الرجل إذا ذهب في البلاد وبالتخفيف من أمج كفرح إذا سار شديدا ولعله على الوجهين كناية عن
الفرار والنسخة الأولى اظهروا نسب والاضطلام الاستيصال والشوقب الرجل الطويل والواسع من الجواهر
وخشبتا القتب اللتان تعلق فيها الحبال قوله والصفايح تنزع في بعض النسخ تربع من ربع الإبل إذا سرحت في
المرعى وأكلت حيث شاءت وشربت وكذلك الرجل بالمكان ثم إن غزوة الأبواء وقعت بعد اثنى عشر
شهرا من الهجرة خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من المدينة يريد قريشا وبنى ضمرة قالوا ثم رجع ولم يلق
كيدا وغزوة بواط كانت في السنة الثانية في ربيع الأول وبعدها في جميدى الآخرة كانت غزوة العشيرة
والرضوي جبل بالمدينة ولا يبعد كونه إشارة إلى غزوة أحد وذات الليوث إلى غزوة حنين والكد و
167

وفى بعض النسخ الأكيدر إلى غزوة دومة الجندل وفى القاموس وطأه هيأه ودمثه و
سهله فاتطأ وواطئه على الامر وافقه كتواطأه وتوطأه وايتطأ كافتعل استقام وبلغ نهايته
وتهيأ والدهماء الفتنة المظلمة والدهياء الداهية الشديدة أقول اورد ابن شهرآشوب في
المناقب الخطبة الأولى إلى قوله وأين هذه الأفعال الحميدة مع اختصار في بعض المواضع (انتهى)
56 - ومن كلامه عليه السلام
كتاب الغيبة لمحمد بن إبراهيم بن جعفر أبى عبد الله الكاتب النعماني الشهير بابن زينب المعاصر للكليني
صاحب الكافي والمتوفى في المأة الرابعة من الهجرة من نسخته المطبوعة في طهران سنة 1317 ص 71 عن أحمد بن
محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي قال حدثنا أحمد بن محمد الدينوري قال حدثنا علي بن الحسن الكوفي
عن عميرة بنت أوس قالت حدثني جدي الخضر بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده عمر بن سعيد عن أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال لحذيفة بن اليمان يا حذيفة لا
تحدث الناس بما لا يعلمون (لا يعرفون) فيطغوا ويكفروا
ان من العلم صعبا شديدا محمله لو حملته الجبال عجزت عن
حمله ان علمنا أهل البيت يستنكر ويبطل ويقتل رواته و
يساء إلى من يتلوه بغيا وحسدا لما فضل الله به عترة النبي
(الوصي) وصى رسول الله صلى الله عليه وآله يا ابن اليمان
ان النبي صلى الله عليه وآله تفل في فمي وامر يده على
صدري وقال اللهم اعط خليفتي ووصيي وقاضى ديني و
168

منجز وعدى وأمانتي ووليي وولى حوضي وناصري على عدوك
وعدوى ومفرج الكرب عن وجهي ما أعطيت آدم من العلم وما
أعطيت نوحا من الحلم وما أعطيت إبراهيم من العترة الطيبة والسماحة
وما أعطيت أيوب من الصبر عند البلاء وما أعطيت داود من الشدة
عند منازلة الاقران وما أعطيت سليمان من الفهم لا تخف عن علي
شيئا من الدنيا حتى تجعلها كلها بين عينيه مثل المائدة الصغيرة
بين يديه اللهم اعطه جلادة موسى واجعل في نسله شبيه عيسى
اللهم انك خليفتي عليه وعلى عترته وعلى ذريته الطيبة المطهرة
التي أذهبت عنها الرجس والنجس وصرفت عنها ملامسة الشيطان
اللهم ان بغت قريش عليه وقدمت غيره عليه فاجعله بمنزلة
هارون من موسى إذا غاب عنه موسى ثم قال يا علي كم من ولدك
من ولد فاضل يقتل والناس قيام ينظرون لا يعيرون فقبحت أمة
ترى أولاد نبيها يقتلون ظلما ولا يعيرون ان القاتل والامر والمساعد
169

الذي لا يعير كلهم في الاثم واللعان مشتركون يا ابن اليمان ان قريشا
لا تنشرح صدروها ولا ترضى قلوبها ولا تجرى ألسنتها ببيعة على
وموالاته الا على الكره والعمى والطغيان يا ابن اليمان ستبايع
قريش عليا ثم تنكث عليه وتحاربه وتناضله وترميه بالعظائم
وبعد على بالحسن وستنكث عليه ثم يلي الحسين فيقتل فلعنت
أمة تقتل ابن بنت نبيها ولا تعز من أمة ولعن القائد لها و
المرتب لجيشها فوالذي نفس على بيده لا تزال هذه الأمة بعد
قتل الحسين ابني في ضلال وظلمة وعسفة وجور واختلاف
في الدين وتغيير وتبديل لما انزل الله في كتابه واظهار البدع
وابطال السنن واختلاف وقياس مشتبهات وترك محكمات
حتى تنسلخ من الاسلام وتدخل في العمى والتلدد والتكسع ما
لك يا بنى أمية ومالك يا بنى فلان لك الاتعاس فما في بنى فلان
الا ظالم معتد متمرد على الله بالمعاصي قتال لولدي هتاك لستر
170

حرمتي فلا تزال هذه الأمة جبارين يتكالبون على حرام الدنيا
منغمسين في بحار الهلكات في أودية الدماء حتى إذا غاب
المتغيب من ولدى عن عيون الناس وماج الناس بفقده أو
بقتله أو بموته اطلعت الفتنة ونزلت البلية وأتيحت العصبية
وغلا الناس في دينهم واجتمعوا على أن الحجة ذاهبة والإمامة
باطلة ويحج حجيج الناس في تلك السنة من شيعة على ونواصبهم
للتمكن والتجسس عن خلف الخلف فلا يرى له اثر ولا يعرف له خلف
فعند ذلك سبت شيعة على سبها أعدائها وغلبت عليها الأشرار
والفساق باحتجاجها حتى إذا تعبت الأمة وتدلهت أكثرت في قولها
ان الحجة هالكة والإمامة باطلة فورب على أن حجتها عليها
قائمة ماشية في طرقاتها داخلة في دورها وقصورها جوالة في
شرق الأرض وغربها يسمع الكلام ويسلم على الجماعة يرى ولا يرى
إلى يوم الوقت والوعد ونداء المنادى من السماء ذلك يوم سرور
171

ولد على وشيعة على وشيعته) عليه السلام
أقول السماحة الجود التعيير التقبيح يقال عيرته أي قبحته العسف بالفتح والسكون الاخذ على غير الطريق
والظلم أيضا وكذا التعسف والاعتساف قوله التلدد قال الفيروزآبادي تلدد أي تلفت يمينا وشمالا
وتحير قوله التسكع أي التمادي في الباطل الاتعاس جمع التعس بمعنى الهلاك الاتاحة التعرض فيما لا يعنى
يقال اتاحه الله فأتيح التدله ذهاب العقل والتحير من الهوى يقال دلهه الحب أي حيره ودهشه
57 - ومن خطبه عليه السلام
خطبة الحكمة والوسيلة والخلافة قد نقلها ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني رضوان الله عليه
في أول روضة الكافي رواها عن محمد بن علي بن معمر عن محمد بن علي بن عكاية التميمي عن الحسين بن
النضر العبدي والفهري عن أبي عمرو الأوزاعي عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد قال دخلت على
أبى جعفر عليه السلام فقلت يا ابن رسول الله قد أرمضني اختلاف الشيعة في مذاهبها فقال يا جابر
ألم أقفك على معنى اختلافهم من أين اختلفوا ومن أي جهة تفرقوا
فلا تختلف إذا اختلفوا يا جابر ان الجاحد لصاحب الزمان كالجاحد
لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أيامه يا جابر اسمع و
ع قلت إذا شئت قال: اسمع وع وبلغ حيث انتهت بك راحلتك ان
أمير المؤمنين عليه السلام خطب الناس بالمدينة بعد سبعة
أيام من وفات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذلك حين
فرغ من جمع القرآن وتأليفه فقال الحمد لله الذي منع الأوهام
172

ان تنال إلى وجوده وحجب العقول ان تتخيل ذاته لامتناعها من الشبه
والتشاكل بل هو الذي لا يتفاوت في ذاته ولم يتبعض بتجزية العدد
في كماله فارق الأشياء لا على اختلاف الأماكن ويكون فيها لا على
وجه الممازجة وعلمها لا بأداة لا يكون العلم الا بها وليس بينه وبين
معلومه علم عبره به كان عالما بمعلومه ان قيل كان فعلى تأويل أزلية
الوجود وان قيل لم يزل فعلى تأويل نفى العدم فسبحانه تعالى عن قول
من عبد سواه واتخذ آلها غيره علوا كبيرا نحمده بالحمد الذي ارتضاه
من خلقه وأوجب قبوله على نفسه واشهد ان لا إله إلا الله وحده
لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله شهادتان ترفعان القول
وتضاعفان العمل خف ميزان ترفعان منه وثقل ميزان توضعان
فيه وبهما الفوز بالجنة والنجاة من النار والجوار على الصراط وبالشهادة
تدخلون الجنة وبالصلاة تنالون الرحمة أكثروا من الصلاة على نبيكم
ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و
173

سلموا تسليما أيها الناس انه لا شرف أعلى من الاسلام ولا كرم أعز
من التقوى ولا معقل أحرز من الورع ولا شفيع انجح من التوبة ولا لباس
أجمل من العافية ولا وقاية امنع من السلامة ولا مال اذهب بالفاقة
من الرضا بالقناعة ولا كنزا غنى من القنوع ومن اقتصر على بلغة الكفاف
فقد انتظم الراحة وتبوء خفض الدعة والرغبة مفتاح التعب والاحتكار
مطية النصب والحسد آفة الدين والحرص داع إلى التقحم في الذنوب و
هو داع الحرمان والبغي سايق إلى الحين والشر جامع لمساوى العيوب
رب طمع خائب وأمل كاذب ورجاء يؤدى إلى الحرمان وتجارة تؤل
إلى الخسران الا ومن تورط في الأمور غيرنا ظر في العواقب فقد تعرض
لمفضحات النوائب وبئست القلادة قلادة الذنب للمؤمن أيها الناس
انه لا كنز أنفع من العلم ولا عز ارفع من الحلم ولا حسب أبلغ من الأدب
ولا نصب أوضع من الغضب ولا جمال أزين من العقل ولا سوءة أسوء
من الكذب ولا حافظا احفظ من الصمت ولا غائب أقرب من الموت
174

أيها الناس من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره ومن سل سيف
البغى قتل به ومن حفر لأخيه بئرا وقع فيها ومن هتك حجاب غيره انكشفت
عورات بيته ومن نسى زلله استعظم زلل غيره ومن أعجب برايه ضل
ومن استغنى بعقله زل ومن تكبر على الناس ذل ومن سفه على الناس
شتم ون خالط الأنذال حقر ومن حمل ما يطيق عجز أيها الناس
انه لا مال أعود من العقل ولا فقر أشد من الجهل ولا واعظ أبلغ من
النصح ولا عقل كالتدبير ولا عبادة كالتفكر ولا مظاهرة أوثق من
المشاورة ولا وحشة أشد من العجب ولا ورع كالكف ولا حلم
كالصبر والصمت أيها الناس في الانسان عشر خصال يظهرها لسانه
شاهد يخبر عن الضمير وحاكم يفضل بين الخطاب وناطق يرد به الجواب
وشاهد يدرك به الحاجة وواصف يعرف به الأشياء وآمر يأمر
بالحسن وواعظ ينهى عن القبيح ومعز يسكن به الآخران وحاضر تجلى
به الضغائن ومونق يلهى الاسماع أيها الناس انه لا خير في الصمت عن
175

الحكم كما أنه لا خير في القول بالجهل واعلموا أيها الناس انه من لم يملك
لسانه يندم ومن لا يعلم يجهل ومن لا يتحلم لا يحلم ومن لا يرتدع لا يعقل
ومن يهن لا يوقر ومن يتق ينج ومن يكتسب مالا من غير حقه يصرفه في
غير اجره ومن لا يدع وهو محمود يدع وهو مذموم ومن لم يعط قاعدا
منه قائما ومن يطلب العز من غير حق يذل ومن يغلب بالجور يغلب و
من عاند الحق لزمه الوهن ومن تفقه وقر ومن تكبر حقر ومن لا يحسن
لا يحمد واعلموا أيها الناس ان المنية قبل الدنية والتجلد قبل التبلد
والحساب قبل العقاب والقبر خير من الفقر وغض البصر خير من كثير من
النظر والدهر يوم لك ويوم عليك فإذا كان لك فلا تبطر وإذا كان
عليك فاصبر فبكليهما تمتحن (وفى نسخة وكلاهما سيخسر) واعلموا أيها الناس
أعجب ما في الانسان قلبه وله مواد من الحكمة واضداد من خلافها فان
سنح له الرجاء أذلة الطمع وان هاج به الطمع أهلكه الحرص وان ملكه
اليأس قتله الأسف وان عرض له الغضب اشتد به الغيظ وان أسعد
176

بالرضا نسى التحفظ وان ناله الخوف شغله الحذر وان اتسع له
الامن استلبته العزة (وفى نسخة أخذته العزة) وان جددت له
النعمة أخذته العزة وان أفاد مالا أطغاه الغناء وان غضته
فاقة شغله البلاء (وفى نسخة جهده البكاء) وان اصابته مصيبة
فضحه الجزع وان أجهده الجوع قعد به الضعف وان أفرط في الشبع
كظته البطنة فكل تقصير به مضر وكل افراط له مفسد أيها
الناس انه من قل ذل ومن جاد ساد ومن كثر ماله رأس و
من كثر حلمه نبل ومن أفكر في ذات الله تزندق ومن أكثر من شئ
عرف به ومن كثر مزاحه استخف به ومن كثر ضحكه ذهبت هيبته
فسد حسب من ليس له أدب ان أفضل الفعال صيانة العرض بالمال
ليس من جالس الجاهل بذى معقول من جالس الجاهل فليستعد
لقيل وقال لن ينجو من الموت غنى بماله ولا فقير لإقلاله أيها الناس
لو أن الموت يشترى لا اشتراه من أهل الدنيا الكريم الأبلج واللئيم
177

الملهوج أيها الناس ان للقلوب شواهد تجرى الأنفس عن مدرجة
أهل التفريط وتفطنه الفهم للمواعظ ما يدعوا لنفس إلى الحذر من
الخطر وللقلوب خواطر للهوى والعقول تنهى وتزجر وفى التجارب
علم مستأنف والاعتبار يقود إلى الرشاد وكفاك أدبا لنفسك
ما تكرهه لغيرك وعليك لأخيك المؤمن مثل الذي لك عليه لقد
خاطر من استغنى برايه والتدبر قبل العمل فإنه يؤمنك من الندم
من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطاء ومن أمسك عن الفضول
عدلت رأيه العقول ومن حصر شهوته فقد صان قدره ومن
أمسك لسانه امنه قومه ونال حاجته وفى تقلب الأحوال علم
جواهر الرجال والأيام توضح لك السرائر الكامنة وليس في البرق
الخاطف مستمتع لمن يخوض في الظلمة ومن عرف بالحكمة لحظته العيون
بالوقار والهيبة وأشرف الغنى ترك المنى والصبر جنة من الفاقة
والحرص علامته الفقر والبخل جلباب المسكنة والمودة قرابة
178

مستفادة ووصول معدم خير من جاف مكثر والموعظة
كهف لمن وعاها ومن اطلق طرفه كثر أسفه وقد أوجب الدهر
شكره على من نال سؤله وقل ما ينصفك اللسان في نشر قبيح
أو احسان ومن ضاق خلقه مله أهله ومن نال استطال قل
ما تصدقك الأمنية والتواضع يكسوك المهابة وفى سعة
الأخلاق كنوز الأرزاق كم من عاكف على ذنبه في آخر أيام عمره
ومن كساه الحياء ثوبه خفى على الناس عيبه وانح القصد من
القول فان من تحرى القصد خفت عليه المؤن وفى خلاف النفس
رشدك من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد الا وان مع
كل جرعة شرقا وان في كل اكلة غصصا لا تنال نعمة الا بزوال
أخرى ولكل رمق قوت ولكل حبة آكل وأنت قوت الموت اعلموا
أيها الناس انه من مشى على وجه الأرض فإنه يصير إلى بطنها
والليل والنهار يتسارعان (يتنازعان) في هدم الأعمار يا أيها
179

الناس كفران النعمة لوم وصحبته الجاهل شوم ان من الكرم
لين الكلام ومن العبادة اظهار اللسان وافشاء السلام إياك
والخديعة فإنها من خلق اللئيم ليس كل طالب يصيب ولا كل
غائب يؤب لا ترغب فيمن زهد فيك رب بعيد هو أقرب من
قريب سل عن الرفيق قبل الطريق وعن الجار قبل الدار الا ومن
أسرع في المسير أدركه المقيل استر عورة أخيك لما تعلمها فيك اغتفر
زلة صديقك ليوم يركبك عدوك من غضب على من لا يقدر على
ضره طال حزنه وعذب نفسه من خاف ربه كف ظلمه (من خاف
ربه كفى عذابه) من لم يرع في كلامه أظهر فخره ومن لم يعرف
الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة ان من الفساد إضاعة الزاد ما
أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غدا هيهات هيهات وما تناكرتم
الا لما فيكم من المعاصي والذنوب فما أقرب الراحة من التعب و
البؤس من النعيم وما شر بشر بعده الجنة وما خير بخير بعده
180

النار وكل نعيم دون الجنة محقور وكل بلاء دون النار
عافية وعند تصحيح الضمائر تبدوا لكبائر تصفية العمل أشد
من العمل وتخليص النية من الفساد أشد على العاملين من طول
الجهاد هيهات لولا التقى كنت أدهى العرب أيها الناس ان
الله تعالى وعد نبيه محمدا صلى الله عليه وآله وسلم الوسيلة
ووعده الحق ولن يخلف الله وعده الا وان الوسيلة أعلى درج
الجنة وذروة ذرايب الزلفة ونهاية غايته الأمنية لها
الف مرقاة ما بين المرقاة إلى المرقاة حضر الفرس الجواد مأة (الف)
عام وهو ما بين مرقاة درة إلى مرقاة جوهرة إلى مرقاة زبرجد إلى
مرقاة لؤلؤ إلى مرقاة ياقوتة إلى مرقاة زمردة إلى مرقاة مرجان
إلى مرقاة كافور إلى مرقاة عنبر إلى مرقاة يلنجوج إلى مرقاة ذهب
إلى مرقاة فضة إلى مرقاة غمام إلى مرقاة هواء إلى مرقاة نور
قد أنافت على كل الجنان ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
181

يومئذ قاعد عليها مرتد بريطتين ريطة من رحمة الله وريطة
من نور الله عليه تاج النبوة وإكليل الرسالة قد أشرق بنوره
الموقف وانا يومئذ على الدرجة الرفيعة وهي دون درجته
وعلى ريطتان ريطة من ارجوان النور وريطة من كافر و
الرسل والأنبياء قد وقفوا على المراقي واعلام الأزمنة
وحجج الدهور عن ايماننا قد تجللتهم حلل النور والكرامة لا
يرانا ملك مقرب ولا نبي مرسل الا بهت بأنوارنا وعجب من ضيائنا
وجلالتنا وعن يمين الوسيلة عن يمين الرسول صلى الله عليه و
آله وسلم غمامة بسيطة (بسطة) البصر يأتي منها النداء يا
أهل الموقف طوبى لمن أحب الوصي وآمن بالنبي الأمي العربي
ومن كفر به فالنار موعده وعن يسار الوسيلة عن يسار الرسول صلى
الله عليه وآله وسلم ظلة يأتي منها النداء يا أهل الموقف طوبى
لمن أحب الوصي وآمن بالنبي الأمي والذي له الملك الاعلى لا فاز
182

أحد ولا ناله الروح والجنة الا من لقى خالقه بالاخلاص لهما
والاقتداء بنجومها فايقنوا يا أهل ولاية الله ببياض وجوهكم
وشرف مقعدكم وكرم مابكم وبفوزكم اليوم على سرر متقابلين و
يا أهل الانحراف والصدود عن الله عز ذكره ورسوله وصراطه واعلام
الأزمة أيقنوا بسواد وجوهكم وغضب ربكم جزاء بما كنتم تعملون و
ما من رسول سلف ولا نبي مضى الا وقد كان مخبرا أمته بالمرسل
الوارد من بعده ومبشرا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وموصيا قومه باتباعه ومحله عند قومه ليعرفوه بصفته وليتبعوه
على شريعته وكيلا يضلوا فيه من بعده فيكون من هلك وضل بعد
وقوع الانذار والاغدار عن بينة وتعيين حجة فكانت الأمم في رجاء من
الرسل وورود من الأنبياء ولئن أصيبت بفقد نبي بعد نبي على عظم
مصائبهم وفجائعها بهم فقد كانت على سعة من الأهل ولا مصيبة
عظمت ولا رزية جلت كالمصيبة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
183

لان الله ختم به الانذار والاعذار وقطع به الاحتجاج والعذر بينه و
بين خلقه وجعله بابه الذي بينه وبين عباده ومهيمنه الذي لا
يقبل الا به ولا قربة إليه الا بطاعته وقال في محكم كتابه ومن يطع
الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا فقرن
طاعته بطاعته ومعصيته بمعصيته وكان ذلك دليلا على ما فوض
الله إليه وشاهدا له على من اتبعه وعصاه وبين ذلك في غير موضع
من الكتاب العظيم فقال تعالى في التحريص على اتباعه والترغيب في تصديقه
والقبول لدعوته قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحبكم الله ويغفر لكم
ذنوبكم فاتباعه محبة الله ورضاه غفران الذنوب وكمال الفوز ووجوب
الجنة وفى التولي عنه والاعراض محادة الله وغضبه وسخطه والبعد
منه مسكن النار وذلك قوله ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده
يعنى الجحود به والعصيان له فان الله تعالى امتحن بي عباده وقتل بيدي
اضداده وافنى بسيفي جحاده وجعلني زلفة للمؤمنين وحياض موت على
184

الجبارين وسيفه على المجرمين وشد بي ازر رسوله وأكرمني بنصره
وشرفني بعلمه وحباني باحكامه واختصني بوصيته واصطفاني
بخلافته في أمته وقد حشده المهاجرون والأنصار وانغصت به المحافل
أيها الناس ان عليا منى كهرون من موسى الا انه لا نبي بعده فعقل
المؤمنون عن الله نطق الرسول إذ عرفوني انى لست بأخيه لأبيه وامه
ولا كنت نبيا فاقتضى نبوة ولكن كان ذلك منه استخلافا لي كما استخلف
موسى هارون حيث يقول أخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم حين تكلمت طائفة وقالت نحن موالى
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخرج رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم إلى حجة الوداع ثم صار إلى غدير خم فامر فاصلح له شبه
المنبر ثم علاه واخذ بعضدي حتى رأى بياض إبطيه رافعا صوته
قائلا في محفله من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه وعاد
من عاداه وكانت على ولايتي ولاية الله وعلى عداوتي عداوة الله
185

وانزل الله تعالى في ذلك اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت
لكم الاسلام دينا فكانت ولايتي كمال الدين ورضا الرب تعالى وانزل
الله تعالى اختصاصا لي وتكريما نحلينه واعظاما وتفضيلا من رسول
الله منحنيه وهو قوله تعالى ثم ردوا إلى الله موليهم الحق الاله الحكم
وهو أسرع الحاسبين في مناقب لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع وطال
لها الاستماع ولئن تقتمصها دوني الأشقيان ونازعاني فيما ليس لهما
بحق وركباها ضلالة واعتقداها جهالة فلبئس ما عليه وردا و
لبئس ما لأنفسهما مهدا يتلاعنان في دورهما ويبرء كل واحد
منهما من صاحبه يقول لقرينه إذا التقيا يا ليت بيني وبينك
بعد المشرقين فبئس القرين فيجيبه الأشقى على رثوثة يا ليتني لم
أتخذك خليلا لقد أضللتني عن الذكر بعد إذ جائني وكان
الشيطان للانسان خذولا فانا الذكر الذي عنه ضل والسبيل
الذي عنه مال والايمان الذي به كفر والقرءان الذي إياه هجر
186

والدين الذي به كذب والصراط الذي عنه نكب ولئن رتعا في
الحطام المنصرم والغرور المنقطع وكانا منه على شفا حفرة من النار
لهما على شر ورود في أخيب وفود وألعن مورود يتصارخان باللعنة
ويتناعقان بالحسرة مالهما من راحة ولا عن عذابهما من مندوحة
ان القوم لم يزالوا عباد أصنام وسدنة أوثان يقيمون لها
المناسك وينصبون لها العتاير (العماير) ويتخذون لها القربان
ويجعلون لها البحيرة والوصيلة والسائبة والحام ويستقسمون
بالأزلام عامهين عن الله عز وجل جائزين عن الرشاد ومهطعين
إلى البعاد قد استحوذ عليهم الشيطان وغمرتهم سوداء الجاهلية
ورضعوا جهالة وانفطموا ضلالة فأخرجنا الله إليهم رحمة واطلعنا
عليهم رأفة واسفر بنا عن الحجب نورا لمن اقتبسه وفضلا لمن اتبعه
وتأييدا لمن صدقه فتبوأوا العزة بعد الذلة والكثرة بعد القلة
وهابتهم القلوب والابصار وأذعنت لهم الجبابرة وطوائفها
187

وصاروا أهل نعمة مذكورة وكرامة ميسورة وامن بعد خوف وجمع
بعد كوف وأضائت بنا مفاخرة معد بن عدنان وأولجناهم باب
الهدى وأدخلناهم دار السلام وأشملناهم ثوب الايمان وفلجوا
بنا في العالمين وأبدت لهم أيام الرسول آثار الصالحين من حام
مجاهد ومصل قانت ومعتكف زاهد يظهرون الأمانة ويأتون
المثابة حتى إذا دعى الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله ورفعه
إليه لم يك ذلك بعده الا كلمحة من خفقة أو وميض من برقة إلى أن
رجعوا إلى الأعقاب وانتكصوا على الادبار وطلبوا بالأوتار و
اظهروا الكتائب وردموا الباب وفلوا الدار وغيروا آثار الرسول
صلى الله عليه وآله وسلم ورغبوا عن احكامه وبعدوا من انواره
واستبدلوا بمستخلفه بديلا اتخذوه وكانوا ظالمين وزعموا أن من اختاروا
من آل أبي قحافة أولي بمقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ممن
اختاره الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لمقامه وان مهاجر آل
188

أبى قحافة خير من مهاجري الأنصار الرباني ناموس هاشم بن عبد
مناف الا وان أول شهادة زور وقعت في الاسلام شهادتهم ان
صاحبهم مستخلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما كان
من أمر سعد بن عبادة ما كان رجعوا عن ذلك وقالوا ان رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم مضى ولم يستخلف وكان رسول الله
صلى الله عليه وآله الطيب المبارك أول مشهود الزور في الاسلام (وفى
نسخة أول مشهود عليه بالزور في الاسلام) وعن قليل يجدون
غب ما يعملون وسيجد التالون غب ما سنته (أسسته) الأولون
ولئن كانوا في مندوحة من المهل وشقاء من الاجل وسعة من
المنقلب واستدراج من الغرور وسكون من الحال وادراك من
الأمل فقد امهل الله عز وجل شداد بن عاد وثمود بن عبود
وبلعم بن باعور (بحور) واسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة
وأمدهم بالأموال والأعمار واتتهم الأرض ببركاتها ليذكروا
189

آلاء الله وليعترفوا الإهابة له والإنابة إليه ولينتهوا عن الاستكبار
فلما بلغوا المدة واستتموا الأكلة اخذهم الله عز وجل واضطلمهم
فمنهم من حصب ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من أحرقته
الظلمة ومنهم من أردته الرجعة ومنهم من أردته الخسفة و
ما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون الا وان لكل أجل
كتابا فإذا بلغ الكتاب اجله لو كشف لك عما هوى إليه الظالمون و
آل إليه الأخسرون لهربت إلى الله عز وجل مما هم عليه مقيمون و
إليه صايرون الا وانى فيكم أيها الناس كهرون في آل فرعون
وكباب حطة بني إسرائيل وكسفينة نوح في قوم نوح وانى النبأ
العظيم والصديق الأكبر وعن قليل ستعلمون ما توعدون وهل
الا كلعقة الاكل ومذقة الشارب وخفقة الوسنان ثم تلزمهم
المعرات جزاء في الدنيا ويوم القيمة تردون إلى أشد العذاب و
ما الله بغافل عما يعملون فما جزاء من تنكب محجته وأنكر حجته
190

وخالف هداته وحار عن نوره واقتحم في ظلمه واستبدل
بالماء السراب وبالنعيم العذاب وبالفوز الشقاء وبالسراء
الضراء وبالسعة الضنك الا جزاء افتراقه وسوء خلافه فليوقنوا
بالوعد على حقيقته وليستيقنوا بما يوعدون ثم تأتي الصيحة
بالحق ذلك يوم الخروج انا نحن نحيي ونميت والينا المصير يوم
تشقق الأرض منهم سراعا (إلى آخر السورة)
أقول: قوله أعز من التقوى العز خلاف الذل والعزة أيضا القلة وندره الوجود ويكون بمعنى
الغلبة والعزيز الغالب ولا يخفى مناسبة مع جميع المعاني وان احتاج الأخير إلى تكلف المعقل بالكسر الملجأ
والحصن قوله ولا شفيع انجح النجح والنجاح الظفر بالحوائج قوله ولا لباس أجمل الجمال الحسن والبهاء والزينة
والعافية قوله من الرضا بالقناعة في نهج البلاغة الرضا بالقوت البلغة ما يتبلغ به من العيش والتي تكف
عن الناس قوله وتبوء احفظي الدعة متقاربان كلاهما بمعنى السكون والإضافة للتأكيد والمبالغة أي اتخذها
غاية السكون والراحة والمطية المركوب التقحم الدخول في الامر البغى الظلم والاستطالة ومجاوزة الحد
والحين بالفتح الهلاك والنصب بالفتح التعب وفى بعض النسخ بالسين أي نسب صاحب الغضب السوءة الخلة القبيحة
الأنذال جمع النذل الخسيس أي ذوي الأخلاق الدنية أعود أي أنفع العجب اعجاب المرء بنفسه وفضائله
واعماله الحكم بضم الحاء العقل وفى بعض النسخ الحكم بمعنى الحكمة لا يرتدع أي لا ينزجر عن القبائح لا يدع أي لا
يترك الدنية النقيصة والحالة الخسيسة المنيه الموت التجلد ضد التبلد الذي هو التردد غض البصر في
بعض النسخ عمى البصر وهو لعله أظهر كظه البطنة الكظه بالكسر شئ يعترى الانسان عن الامتلاء من الطعام و
يقال كظني هذا الامر أي جهدني من الكرب رأس بفتح الهمزة أي رئيس للقوم نبل من النبالة بمعنى الفضل والشرف تزندق
أي صار زنديقا وهو يطلق على منكر الصانع وكل ملحد الايلج أي مشرق الوجه والذي قد وضح ما بين حاجبيه
والملهوج من اللهج واللهج بالشئ الولوع به والظاهر أن الملهوج بمعنى الحريص المدرجة المذهب والمسلك جلباب
191

المسكنة كسرداب وكسنمار القميص وثوب واسع للمرأة دون الملحفة أو هو الخمار ووصول معدم أي
يصل الناس بحسن الخلق والمودة مع فقره وجاف بمعنى سيئ الخلق والغليظ النيل إصابة الشئ ونال
بمعنى أصاب المال أو العلم أو العزو نحوها انح القصد أي اقصد الوسط وجانب التعدي والافراط
والتفريط الشرق والغصة اعتراض الشئ في الحلق وعدم أساغته والأول يطلق في الشرب والثاني
في الاكل وذي رمق بمعنى ذي حياة أدركه المقيل أي النوم والاستراحة استر عورة أخيك أي
عيوبه من لم يرع بالمهملة من رعى يرعى أي عدم الرعاية في الكلام يوجب اظهار الفخر ولا يبعدان
يكون بضم الراء من الروع أي الخوف وفى بعض النسخ بالمعجمة يقال كلام مرغ إذا لم يفصح إضاعة الرأي
أي الاسراف فيه أدهى العرب الدهى الفكر وجودة الرأي وذروة ذوائب الزلفة قال الجوهري ذرى
الشئ بالضم أغاليه الواحد ذروة وذروة والمراد هنا الحيل الباطلة والحضر بالضم العدو قد أناقت
أي ارتفعت وأشرفت بريطتين الريطة بفتح الراء كل ثوب رقيق لين والإكليل شبه عصابة تزين
بالجواهر يزين به التاج الأرجوان معرب ارغوان بهت أي تحير بسطة البصر أي قدر مد
البصر أظلة وفى بعض النسخ ظلة بضم الظاء السحاب وما أظلك من شجر وغيرها ومحليه أي يذكر
حليته والحلية الصفة والنعت والاقتداء بنجومهما أي الأئمة عليهم السلام حسم أي قطع وفى بعض النسخ
ختم ومهيمنه أي شاهده وشاهدا أي حجة وبرهانا محادة الله المحادة المخالفة والمنازعة الزلفة
بالضم القرب والمنزلة الأزر القوة وحباني أي أعطاني وانغصت أي تضيقت من غاص باهله
تقمصها أي لبسها يتلاعنان في دورهما الدور جمع الدار والمراد بهما نار البرزخ ونار الخلد الحطام هو
المستكسر من الخشب والحشيش والنبات يتناهقان النهيق صوت الغراب والصوت الذي يزجر به الغنم أي
يتناهقان بصوت البهائم المندوحة السعة سدانة أوثان أي خادم بيت الأصنام العتاير جمع عتيرة
وهي التي كانت تعترها الجاهلية وهي ذبيحة تذبح في بيت الأصنام فيصب دمها على رأسها البحيرة
الناقة إذا نتجت خمسة أبطن فإن كان آخرها ذكرا بحروا اذنها أي شقوها وحرموا ركوبها ولا تطرد
عن ماء ولا مرعى ولو لقاها المعبر لم يركبها والسائبة ما كانوا يسيبونه كان الرجل يقول إذا قدمت من
سفري أو برءت من مرضى فناقتي سائبة فكانت كالجيرة في تحريم الانتفاع بها والوصيلة في الغنم
كانت الشاة إذا ولدت اثنى فهي لهم وإذا ولدت ذكر إذ يحوه لآلهتهم فان ولدت ذكرا وأنثى قالوا
وصلت أخاها فلم يذبحوا الذكر لأجلها والحام هو الفحل إذا أنتجت من صلبه عشرة أبطن قالوا قد حتى
ظهره فلا يرتكب ولا يحمل عليه ولا يمنع من ماء ولا مرعى ولهذه الأربعة معان اخر لا يقتضى المقام ذكرها
192

ويستقسمون بالأزلام قال الطبرسي هي قداح كانت لهم مكتوب على بعضها امرنى ربى وعلى بعضها نهاني
ربى وعلى بعضها غفل فمعنى الاستقسام بالأزلام طلب معرفة ما يقسم له بالأزلام وقيل هو المسير وقسمتهم
الجزور على القداح العشرة فالقد له سهم والتوأم له سهمان والمسبل له ثلاثة أسهم والنافس له أربعة أسهم
والرقيب له ستة أسهم والمعلى له سبعة أسهم والسفيح والمنيح والوعد الا انضباء لها وكانوا يدفعون
القداح إلى رجل يقسمها وكان ثمن الجزور على من لم يخرج هذه الثلاثة التي لا انصباء لها وهو القمار الذي
حرمه الله تعالى وقيل هو الشطرنج والنرد عامهين عن الله العمة في البصيرة كالعمى في البصر مهطعين
إلى البعاد يقال أهطع في عدوه أي أسرع فهو بمعنى مسرعين إلى ما يبعدهم عن الله وعن الحق والرشاد
استحوذ أي غلب أسفر بنا أي ظهر بنا الباء للسبية فتبؤوا العز بعد الذلة أي اسكنوا واستقروا في العز
بعد كوف أي تفرق وتقطع معد بن عدنان أبو العرب أولجناهم أي دخلناهم المثابة الكعبة واستملناهم
أي ألبسناهم وأعطيناهم وفلجوا أي ظفروا وفازوا من حام أي من يحمى الدين بالجهاد اللمحة سرعة الابصار
الخفقة النعسة والاضطراب وانتكصوا أي رجعوا قهقري الأوتار جمع وتر بالكسر وهو الجناية الكتائب جمع
كتيبه بمعنى الجيش ردموا الباب أي سدوه فلوا بالفاء واللام المشددة أي كسروا الغب بالكسر عاقبة الشئ
مندوحة من المهل أي سعة من المهلة وشقى أي قليل وسعة من المنقلب أي الانقلاب والرجوع إلى الله
بالموت وعبود كتوز اسم أبى ثمود وهي قوم صالح النبي عليه السلام الاهابة الهبة والمخافة واستتموا لأكلة
أي الرزق المقدر لهم من حصب على البناء للمفعول عن المجرد أي رمى بالحصبا وهي الحصا والظلة السحاب
أردته الرجعة أي أهلكته الزلزلة الخسفة أي الخسف والسوخ في الأرض اللعقة الاكل بالإصبغ مرة
ونعسة نعسها وسنان أي النائم الذي لم يستقر ولم يستغرق في النوم المعرة الاثم والأذى والعزم والدية
والجناية من تنكب محجته أي عدله عن طريقه الواضح حاد أي مال الاقتحام الدخول في الامر بغير روية.
58 - ومن كلامه عليه السلام
في صفات الامام رواه الشيخ العارف رجب الرسى في المشارق ونقل أيضا عنه المجلسي ره في الجزء
السابع من بحار الأنوار وقال في الجزء الأول من البحار ص 6 وكتاب مشارق الأنوار وكتاب الألفين
للحافظ رجب البرسي ولا اعتمد على ما يتفرد بنقله لاشتمال كتابيه على ما يوهم الخبط والخلط والارتفاع
وانما أخرجنا منهما ما يوافق الاخبار المأخوذة من الأصول المعتبرة انتهى كلامه فيه ومما اخرج من المشارق
ونقله في البحار في الجزء السابع في باب جامع في صفات الامام وشرايطه ص 222 هو هذا قد نقل عن طارق
193

ابن شهاب عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: يا طارق الامام كلمة الله و
حجة الله ووجه الله ونور الله وحجاب الله وآية الله يختاره الله
ويجعل فيه ما يشاء ويوجب بذلك الطاعة والولاية على جميع
خلقه فهو وليه في سماواته وارضه اخذ له بذلك العهد
على جميع عباده فمن تقدم عليه كفر بالله من فوق عرشه فهو
يفعل ما يشاء وإذا شاء الله شاء ويكتب على عضده وتمت كلمة
ربك صدقا وعدلا فهو الصدق والعدل فينصب له عمود من
نور من الأرض إلى السماء يرى فيه اعمال العباد ويلبس الهيبة
وعلم الضمير ويطلع على الغيب ويرى ما بين المشرق والمغرب فلا
يخفى عليه شئ من عالم الملك والملكوت ويعطى منطق الطير
عند ولايته فهذا الذي يختاره الله لوحيه ويرتضيه لغيبه
ويؤيده بكلمته ويلقنه حكمته ويجعل قلبه مكان مشيته
وينادى له بالسلطنة ويذعن له بالامرة ويحكم له بالطاعة
194

وذلك لان الإمامة ميراث الأنبياء ومنزلة الأصفياء وخلافة
اله وخلافة رسل الله فهي عصمة وولاية وسلطنة و
هداية وانه تمام الدين ورجح الموازين الامام دليل للقاصدين
ومنار للمهتدين وسبيل السالكين وشمس مشرقة في قلوب
العارفين ولايته سبب للنجاة وطاعته مفترضة في الحياة
وعدة بعد الممات وعز المؤمنين وشفاعة المذنبين ونجاة
المحبين وفوز التابعين لأنها رأس الاسلام وكمال الايمان
ومعرفة الحدود والاحكام وتبيين الحلال من الحرام فهي مرتبة
لا ينالها الا من اختاره الله وقدمه وولاه وحكمه والولاية هي حفظ الثغور وتدبير الأمور وتعديد الأيام والشهور الامام
الماء العذب على الظلماء والدال على الهدى الامام المطهر عن
الذنوب المطلع على الغيوب الامام هو الشمس الطالعة على
العباد بالأنوار فلا تناله الأيدي والابصار واليه الإشارة
195

بقوله تعالى فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين على وعترته فالعزة
للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وللعترة والنبي والعترة لا يفترقان
في العزة إلى آخر الدهر فهم رأس دائرة الايمان وقطب الوجود
وسماء الجود وشرف الموجود وضوء شمس الشرف ونور قمره
واصل العز والمجد ومبدئه ومعناه ومبناه فالامام هو السراج
الوهاج والسبيل والمنهاج والماء الثجاج والبحر العجاج
والبدر المشرق والغدير المغدق والمنهج الواضح للسالك و
الدليل إذا عمت المهالك والسحاب الهاطل والغيث الهامل
والبدر الكامل والدليل الفاصل والسماء الظليلة والنعمة
الجليلة والبحر الذي لا يترف والشرف الذي لا يوصف والعين
الغزيرة والروضة المطيرة والزهر الاريح والبدر البهيج و
النير اللايح والطيب الفايح والعمل الصالح والمتجر الرابح و
المنهج الواضح والطيب الرفيق والأب الشفيق مفزع العباد في
196

الدواهي والحاكم والامر والناهي مهيمن الله على الخلائق و
أمينه على الحقائق حجة الله على عباده ومحجته في ارضه
وبلاده مطهر من الذنوب مبرء من العيوب مطلع على الغيوب
ظاهره أمر لا يملك وباطنه غيب لا يدرك واحد دهره وخليفة الله
في نهيه وأمره لا يوجد له مثيل ولا يقوم له بديل فمن ذا
ينال معرفتنا أو يعرف درجتنا ويشهد كرامتنا أو يدرك منزلتا
حارت الألباب والعقول وتاهت الافهام فيما أقول تصاغرت
العظماء وتقاصرت العلماء وكلت الشعراء وخرست البلغاء
ولكنت الخطباء وعجزت الفصحاء وتواضعت الأرض والسماء عن
وصف شأن الأولياء وهل يعرف أو يوصف أو يعلم أو يفهم
أو يدرك أو يملك من هو شعاع جلال الكبرياء وشرف الأرض و
السماء جل مقام آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم عن وصف
الواصفين ونعت الناعتين وان يقاس بهم أحد من العالمين
197

كيف وهم الكلمة العليا والتسمية البيضاء والوحدانية الكبرى
التي اعرض منها من أدبر وتولى وحجاب الله الأعظم الاعلى فأين
الاختيار من هذا وأين العقول من هذا ومن ذا عرف أو وصف
من وصف ظنوا ان ذلك في غير آل محمد كذبوا وزلت اقدامهم اتخذوا
العجل ربا والشياطين حزبا يأكل ذلك بغضه لبيت الصفوة و
دار العصمة وحسدا لمعدن الرسالة والحكمة وزين لهم الشيطان
أعمالهم فتبا لهم وسحقا كيف اختاروا إماما جاهلا عابدا للأصنام
جبانا يوم الزحام والامام يجب ان يكون عالما لا يجهل وشجاعا
لا ينكل لا يعلو عليه حسب ولا يدانيه نسب فهو في الذروة من
قريش والشرف من هاشم والبقية من إبراهيم والنهج من النبع
الكريم والنفس من الرسول والرضي من الله والقول عن الله
فهو شرف الاشراف والفرع من عبد مناف عالم بالسياسة قائم
بالرياسة مفترض الطاعة إلى يوم القيمة أودع الله قلبه سره
198

وأطلق به لسانه فهو معصوم موفق ليس بجبان ولا جاهل فتركوه
يا طارق واتبعوا أهوائهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى
من الله والامام يا طارق بشر ملكي وجسد سماوي وامر إلهي
وروح قدسي ومقام على ونور جلى وسر خفى فهو ملكي الذات
إلهي الصفات زائد الحسنات عالم بالمغيبات خصا من رب العالمين
ونصا من الصادقين الأمين وهذا كله لآل محمد لا يشاركهم فيه
مشارك لانهم معدن التنزيل ومعنى التأويل وخاصة لرب العالمين
ومهبط الأمين جبرئيل صفوة الله وسره وكلمته وشجرة النبوة و
معدن الصفوة عين المقالة ومنتهى الدلالة ومحكم الرسالة ونور
الجلالة جنب الله ووديعته وموضع كلمة الله ومفتاح حكمته و
مصابيح رحمة الله وينابيع نعمته السبيل إلى الله والسلسبيل والقسطاس
المستقيم والمنهاج القويم والذكر الحكيم والوجه الكريم والنور القديم
أهل التشريف والتقويم والتقديم والتعظيم والتفضيل خلفاء النبي
199

الكريم وأبناء الرؤوف الرحيم وامناء العلي العظيم ذرية بعضها من
بعض والله سميع عليم السنام الأعظم والطريق الأقوم من عرفهم
واخذ عنهم فهو منهم واليه الإشارة بقوله ومن تبعني فإنه منى
خلقهم الله من نور عظمته وولاهم أمر مملكته فهم سر الله المخزون
وأولياءه المقربون وأمره بين الكاف والنون إلى الله يدعون و
عنه يقولون وبامره يعملون علم الأنبياء في علمهم وسر الأوصياء
في سرهم وعز الأولياء في عزهم كالقطرة في البحر والذرة في القفر
والسماوات والأرض عند الامام كيده من راحته يعرف ظاهرها من
باطنها ويعلم برها من فاجرها ورطبها من يابسها لان الله علم نبيه علم
ما كان وما يكون وورث ذلك السر المصون الأوصياء المنتجبون و
من أنكر ذلك فهو شقى ملعون يلعنه الله ويلعنه اللاعنون وكيف
يفرض الله على عباده طاعة من يحجب عنه ملكوت السماوات والأرض
وان الكلمة من آل محمد تنصرف إلى سبعين وجها وكلما في الذكر الحكيم و
200

الكتاب الكريم والكلام القديم من آية تذكر فيها العين والوجه و
اليد والجنب فالمراد منها الولي لأنه جنب الله ووجه الله يعنى حق الله
وعلم الله وعين الله ويد الله فهم الجنب العلى والوجه الرضي و
المنهل الروي والصراط السوى والوسيلة إلى الله والوصلة إلى عفوه
ورضاه فهم سر والواحد والاحد فلا يقاس بهم من الخلق أحد خاصة
الله وخالصته وسر الديان وكلمته وباب الايمان وكعبته وحجة الله
ومحجته واعلام الهدى ورايته وفضل الله ورحمته وعين اليقين و
حقيقته وصراط الحق وعصمته ومبدء الوجود وغايته وقدرة الرب
ومشيته وأم الكتاب وخاتمته وفضل الخطاب ودلالته وخزنة
الوحي وحفظته وآية الذكر وترجمته ومعدن التنزيل ونهايته
فهم الكواكب العلوية المشرقة من شمس العصمة الفاطمية في سماء
العظمة المحمدية والأغصان النبوية النابتة في الدوحة الأحمدية
والاسرار الإلهية المودعة في الهياكل البشرية والذرية الزكية و
201

العترة الهاشمية الهادية المهدية أولئك هم خير البرية فهم الأئمة
الطاهرون والعترة المعصومون والذرية الأكرمون والخلفاء الراشدون
والكبراء الصديقون والأوصياء المنتجبون والأسباط المرضيون
والهداة المهديون والغر الميامين من آل طه ويس وحجج الله على
الأولين والآخرين واسمهم مكتوب على الاحجار وعلى أوراق الأشجار
وعلى أجنحة الأطيار وعلى أبواب الجنة والنار وعلى العرش والأفلاك
وعلى أجنحة الاملاك وعلى حجب الجلال وسرادقات العز والجمال و
باسمهم تسبح الأطيار وتستغفر لشيعتهم الحيتان في لجج البحار و
ان الله لم يخلق أحدا الا واخذ عليه الاقرار بالوحدانية والولاية
للذرية الزكية والبرائة من أعدائه وان العرش لم يستقر حتى
كتب عليه بالنور لا إله إلا الله محمد رسول الله على ولى الله
قوله رجح الموازين أي بالإمامة ترجح الموازين في القيمة واغدق المطر أي كثر قطره والهطل المطر
المتفرق العظيم القطر وهمكت السماء أي دام مطرها والارح محركة والأريح توهج ريح الطيب وفاح
المسك انتشرت رائحته ولكنت كخرست بكسر الكاف يقال لمن لا يقيم العربية لعجمة لسانه خصا مصدر
خص خصا وخصوصا وأمره بين الكاف والنون أي هم عجيب أمر الله المكنون الذي ظهر بين الكاف والنون
202

59 - ومن خطبه عليه السلام
قال العلامة المجلسي أعلى الله مقامه في الجزء السابع من البحار في باب بدء أرواحهم وأنوارهم و
طينتهم ص 186 وروى علي بن الحسين المسعودي في كتاب اثبات الوصية عن أمير المؤمنين صلوات
الله عليه هذه الخطبة الحمد لله الذي توحد بصنع الأشياء وفطر
أجناس البرايا على غير أصل ولا مثال سبقه في انشاءها ولا
اعانه معين على ابتداعها بل ابتدعها بلطف قدرته فامتثلت
في مشيته خاضعة ذليلة مستحدثة لامره الواحد الدائم بغير حد
ولا أمد ولا زوال ولانفاد وكذلك لم يزل ولا يزال لا تغيره الأزمنة
ولا تحيط به الأمكنة ولا تبلغ صفاته الأزمنة ولا تأخذه نوم و
لا سنة لم تره العيون فتخبره عنه برؤيته ولم تهجم عليه العقول
فتتوهم كنه صفته ولم تدر كيف هو الا بما أخبر عن نفسه
ليس لقضائه مرد ولا لقوله مكذب ابتدع الأشياء بغير تفكر
ولا معين ولا ظهير ولا وزير فطرها بقدرته وصيرها إلى مشيته
وساق أشباحها وبرء أرواحها واستنبط أجناسها خلقا مبروءا
مذروءا في أقطار السماوات والأرضين لم يأت بشئ على غير ما أراد
203

ان يأتي عليه ليرى عباده آيات جلاله وآلائه فسبحانه لا
اله الا هو الواحد القهار وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما
اللهم فمن جهل فضل محمد فانى مقر بأنك ما سطحت أرضا
ولا برأت خلقا حتى أحكمت خلقه وأتقنته من نور سبقت به
السلالة وأنشأت آدم له جرما فأودعته منه قرارا مكينا و
ومستودعا مأمونا وأعذته من الشيطان وحجبته عن الزيادة
والنقصان وحصلت له الشرف الذي يسامى به عبادك فأي
بشر كان مثل آدم فيما سابقت به الاخبار وعرفتنا كتبك في
عطاياك وأسجدت له ملائكتك وعرفته ما حجبت عنهم
من علمك ان إذ تناهت به قدرتك وتمت فيه مشيتك دعاك بما
أكننت فيه فأجبته إجابة القبول فلما أذنت اللهم في انتقال
محمد صلى الله عليه وآله من صلب آدم الفت بينه وبين زوج
خلقتها له سكنا ووصلت لهما به سببا فنقلته من بينهما إلى
204

شيث اختيارا له بعلمك فإنه بشر كان اختصاصه برسالتك
ثم نقلته إلى انوش فكان خلف أبيه في قبول كرامتك و
احتمال رسالاتك ثم قدرت المنقول إليه قينان وألحقته في
الخطوة بالسابقين وفى المنحة بالباقين ثم جعلت مهلائيل
رابع اجرامه قدرة تودعها من خلقك من تضرب لهم بسهم
النبوة وشرف الأبوة حتى إذا قبله يرد عن تقديرك تناهى به
تدبيرك إلى أخنوخ فكان أول من جعلت من الاجرام ناقلا للرسالة
وحاملا أعباء النبوة فتعاليت يا رب لقد لطف حلمك وجل
قدرتك عن التفسير الا بما دعوت إليه من الاقرار بربوبيتك واشهد
ان الأعين لا تدركك والأوهام لا تلحقك والعقول لا تصفك و
المكان لا يسعك وكيف يسع من كان قبل المكان ومن خلق المكان
أم كيف تدركه الأوهام ولم تؤمر (تعثر) الأوهام على امره كيف
تؤمر الأوهام على امره وهو الذي لا نهاية له ولا غاية وكيف تكون
205

له نهاية وغاية وهو الذي ابتدء الغايات والنهايات أم كيف
تدركه العقول ولم يجعل لها سبيلا إلى ادراكه وكيف يكون ادراكه
بسبب وقد لطف بربوبيته عن المجانسة (المحاسة) والمجاسة
وكيف لا يلطف عنهما من لا ينتقل عن حال إلى حال وكيف ينتقل
من حال إلى حال وقد جعل الانتقال نقصا وزوالا فسبحانك ملأت
كل شئ وباينت كل شئ فأنت لا يفقدك شئ وأنت الفعال لما
تشاء تباركت يا من كل مدرك من خلقه وكل محدود من صنعه
أنت الذي لا يستغنى عنك المكان ولا نعرفك الا بانفرادك بالوحدانية
والقدرة وسبحانك ما أبين اصطفاءك لإدريس الا من سلك
من الحاملين ولقد جعلت له دليلا من كتابك إذ سميته صديقا
نبيا ورفعته مكانا عليا وأنعمت عليه نعمة حرمتها على خلقك
الا من نقلت إليه نور الهاشميين وجعلته أول منذر من أنبياءك
ثم أذنت في انتقال محمد صلى الله عليه وآله من القابلين له
206

متوشلخ ولمك (لامك) المفضيين إلى نوح فأي آلاءك يا رب
على ذلك لم توله وأي خواص كرامتك لم تعطه ثم أذنت في
ايداعه ساما دون حام ويافث فضربت لهما بسهم في الذلة
وجعلت لما أخرجت من بينهما لنسل سام خولا ثم تتابع عليه
القابلون من حامل إلى حامل ومودع إلى مستودع من عترته
في فطرات الدهور حتى قبله تارخ أطهر الأجسام وأشرف الاجرام
ونقلته إلى إبراهيم فأسعدت بذلك جده وأعظمت به مجده
وقدسته في الأصفياء وسميته بين رسلك خليلا ثم خصصت
به إسماعيل دون ولد إبراهيم فأنطقت لسانه بالعربية فضلتها
على سائر اللغات فلم تزل تنقله محظورا عن الانتقال في كل مقذوف
من أب إلى أب حتى قبله كنانة عن مدركة فأخذت له مجامع الكرامة
ومواطن السلامة وأجللت له البلدة التي قضيت فيها مخرجه فسبحانك
لا إله إلا أنت أي صلب أسكنته فيه وأي نبي بشر به وبين فلم
207

يتقدم في الأسماء اسمه وأي ساحة من الأرض سلكت
به لم تظهر بها قدسه حتى الكعبة التي جعلت فيها مخرجه
غرست أساسها بياقوتة من جنات عدن وأمرت الملكين
المطهرين جبرئيل وميكائيل فتوسطا بها أرضك وسميتها بيتك
واتخذتها معمدا لنبيك وحرمت وحشها وشجرها وقدست
حجرها ومدرها وجعلتها مسلكا لوحيك ومنسكا لخلقك و
مامن المأكولات وحجابا للاكلات العاديات تحرم على أنفسنا
اذعار من اجرت ثم أذنت للنضر من قبوله وايداعه مالكا ثم
من بعد مالك فهرا ثم خصصت من ولد فهر غالبا ان له حركة
تقديس فلم تودعه من بعده صلبا الا جللته نورا تأنس به
الابصار وتطمئن إليه القلوب فانا يا إلهي وسيدي ومولاي
المقر لك بأنك الفرد الذي لا ينازع ولا يغالب ولا يشارك سبحانك
لا إله إلا أنت ما لعقل مولود وفهم مفقود مدحق من ظهر مريج
208

نبع من عين ميشج بمحيض لحم وعلق ودرائي فضالة الحيض و
علالة الطعم وشاركته الأسقام والتخفت عليه الا لام لا
يقدر على فعل ولا يمتنع من علة ضعيف التركيب والبنية ما
له والاقتحام على قدرتك والهجوم على ارادتك وتفتيش مالا
يعلمه غيرك سبحانك أي عين تقوم نصب بهاء نورك وترقى
إلى نور ضياء قدرتك وأي فهم يفهم ما دون ذلك الا ابصار
كشفت عنها الا غطية وهتكت عنها الحجب العمية فرقت أرواحها
إلى أطراف أجنحة الأرواح فناجوك في أركانك وألحوا (ولجوا)
بين أنوار بهاءك ونظروا من مرتقى التربة إلى مستوى كبرياءك
فسماهم أهل الملكوت زوارا ودعاهم أهل الجبروت عمارا فسبحانك
يا من ليس في البحار قطرات ولا في متون الأرض جنبات ولا في رتاج
الرياح حركات ولا في قلوب العباد خطرات ولا على متون السحاب
نفحات الا وفى قدرتك متحيرات إما السماء فتخبر عن عجائبك و
209

إما الأرض فتدل على مدائحك واما الرياح فتنشر فوائدك
واما السحاب فتهطل مواهبك وكل ذلك يتحدث بتحننك و
يتخبر افهام العارفين بشفقتك وانا المقر بما أنزلت على السن
أصفياءك ان أبانا آدم عند اعتدال نفسه وفراغك من خلقه
رفع وجهه فواجهه من عرشك وسم (رسم) فيه لا إله إلا الله
محمد رسول الله فقال إلهي من المقرون باسمك فقلت
محمد خير من أخرجته من صلبك واصطفيته من بعدك من
ولدك ولولاه ما خلقتك فسبحانك لك العلم النافذوا لقدر
الغالب لم تزل الاباء تحمله والأصلاب تنقله كما أنزلته ساحة
صلب جعلت له فيها صنعا يحث العقول على طاعته ويدعوها
إلى متابعته حتى نقلته إلى هاشم خير آبائه بعد إسماعيل فأي
أب وجد ووالد أسرة ومجتمع عترة ومخرج طهر ومرجع فخر جعلت
يا رب هاشما لقد أقمته لدن بيتك وجعلت له المشاعر والمتاجر
210

(المفاخر) ثم نقلته من هاشم إلى عبد المطلب فأذبحته
سبيل إبراهيم وألهمته رشدا للتأويل وتفصيل الحق و
وهبت له عبد الله وأبا طالب وحمزة وفديته في القربان بعبد الله
كسمتك في إبراهيم بإسماعيل ووسمت بابى طالب في ولده
كسمتك في اسحق بتقديسك عليهم وتقديم الصفوة لهم
فلقد بلغت إلهي ببنى أبى طالب الدرجة التي رفعت إليها فضلهم
في الشرف الذي مددت به أعناقهم والذكر الذي حليت به
أسماءهم وجعلتهم معدن النور وجنته وصفوة الدين وذروته
وفريضة الوحي وسنته ثم أذنت لعبد الله في نبذه عند ميقات
تطهير أرضك من كفار الأمم الذين نسوا عبادتك وجهلوا معرفتك
واتخذوا أندادا وجحدوا ربوبيتك وانكروا وحدانيتك وجعلوا
لك شركاء وأولادا وصبوا إلى عبادة الأوثان وطاعة الشيطان
فدعاك نبينا صلى الله عليه وآله بنصرته فنصرته بي وبجعفر وحمزة
211

فنحن الذين اخترتنا له وسميتنا في دينك لدعوتك أنصارا
لنبيك قائدنا إلى الجنة خيرتك وشاهدنا أنت رب السماوات
والأرضين جعلتنا ثلاثة ما نصب لنا عزيز الا أذللته بنا ولا
ملك الا طححته أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا
سجدا ووصفتنا يا ربنا بذلك وأنزلت فينا قرآنا جليت به عن
وجوهنا الظلم وأرهبت بصولتنا الأمم إذا جاهد فحمد رسولك
عدوا لدينك تلوذ به أسرته وتحف به عترته كأنهم النجوم
الزاهرة إذا توسطهم القمر المنير ليلة تمه فصلواتك على محمد
عبدك ونبيك وصفيك وخيرتك وآله الطاهرين أي منيعة
لم تهدمها دعوته وأي فضيلة لم تنلها عترته جعلتهم خير
أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويجاهدون
في سبيلك ويتواصلون بدينك طهرتهم بتحريم الميتة والدم و
لحم الخنزير وما أهل ونسك به لغير الله تشهد لهم ملائكتك انهم
212

باعوك أنفسهم وابتذلوا من هيبتك أبدانهم شعثة رؤوسهم
تربة وجوههم تكاد الأرض من طهارتهم تقبضهم إليها و
من فظلهم تميد بمن عليها ورفعت شأنهم بتحريم أنجاس
المطاعم والمشارب من أنواع المسكر فأي شرف يا رب جعلته في
محمد وعترته فوالله لأقولن قولا لا يطيق ان يقوله أحد من
خلقك انا علم الهدى وكهف التقى ومحل السخي وبحر الندى
وطود النهى ومعدن العلم ونور في ظلم الدجى وخير من آمن
واتقى وأكمل من تقمص وارتدى وأفضل من شهد النجوى بعد
النبي المصطفى وما أزكى نفسي ولكن بنعمة ربى أحدث انا صاحب
القبلتين وحامل الرايتين فهل يوازى في أحد وانا أبو السبطين
فهل يساوى بي بشر وانا زوج خير النسوان فهل يفوقني أحد وانا
القمر الزاهر بالعلم الذي علمني ربى والفرات الزاخر اشبهت من
القمر نوره وبهائه ومن الفرات بذله وسخاءه أيها الناس بنا
213

أنار الله السبل وأقام الميل وعبد الله في ارضه وتناهت إليه
معرفة خلقه وقدس الله جل وتعالى بابلاغنا الألسن وابتهلت
بدعوتنا الأذهان فتوفى الله محمدا صلى الله عليه وآله
سعيدا شهيدا هاديا مهديا قائما بما استكفاه حافظا بما استرعاه
تمم به الدين وأوضح به اليقين وأقرت العقول بدلالته وأبانت
حجج أنبيائه واندمغ الباطل زاهقا ووضح العدل ناطقا وعطل
مظان الشيطان وأوضح الحق والبرهان اللهم فاجعل فواضل
صلواتك ونوامي بركاتك ورأفتك ورحمتك على محمد نبي الرحمة
وعلى أهل بيته الطاهرين
قوله خلقه الظاهران الضمير راجع إلى النبي صلى الله عليه وآله وقوله سبقت به السلالة لعل المراد ان السلالة
انما سبقت خلقته لأجل ذلك النور وليكون محلا له والمراد بالسلالة آدم عليه السلام لأنه تعالى خلقه من
سلالة من طين ويحتمل التصحيف في العبارة والجرم بالكسر الجسد بما أكننت أي بالذي سترته قوله قدرة
ان لم يكن تصحيفا فهو حال عن ضمير اجرامه ويرد أو يارد أو برد بالباء أو مارد أو أدد أو اياد كما ورد كلها
في الاخبار وكتب الأنساب الخامس من الاباء وقوله أول من جعلت يدل على أن من بينه وبين آدم لم يكونوا
رسلا ولا ينافي كونهم أنبياء قوله ولم تؤمر الأوهام على بناء التفعيل بصيغة المجهول أي لم تجعل الأوهام
أمير أعلى أمر معرفته أو بالتخفيف بتضمين أو يكون على بمعنى الباء أي لم يأمر الله الأوهام بمعرفته وفى بعض
النسخ لم يعثر أي لم يطلع كما في موضع آخر من العثور بمعنى الاطلاع وخلقه خبر كل المفضيين أي قبل ذلك
214

النور متوشلح ومنه انتقل إلى لمك أو لامك ومنه إلى نوح عليه السلام وقوله على ذلك أي بسبب قبول
النور وضمير لم توله ولم تعطه مرجعهما نوح ومحظورا أي ممنوعا من أن ينتقل إلى من يقذف بسوء من أب
متعلق بقوله تنقله ومدركة اسم والد خزيمة وخزيمة والد كنانه معمدا مقصدا وزنا ومعنى ان له حركة
تقديس أي صار النور بعد ذلك أظهر وتأثير الكرامة للآباء لقربهم أكثر مدحق من دحقه كمنعه أي طرده
وابعده كاطرده وأد حقه قوله مريج من مرج الشئ إذا خلط أي مخلوط ويقال خوط مريج أي متداخل في
الاعضان قوله مشيج أي مختلط من كل شئ وجمعه أمشاج قوله بمحيض في المنقول عن المنقول منه بالحاء المهملة
يتعلق بمحيض أي مختلط بالحيض ويحتمل ان يكون مخيضا بالمعجمة من قولهم محض اللبن إذا اخذ زبده والمخض هو
الحركة الشديدة والفضالة بالضم البقية والعلالة بالضم ما يتعلل به والحجب القيمة أي الكثيفة الحاجبة
العماء السحاب الرقيق أجنحة الأرواح هو إما جمع الروح بمعنى الرحمة أو الراحة أو جمع الريح بمعنى الرحمة أو الغلبة
والنصرة ويحتمل ان يكون الأرواح بالدال المهملة وهو جمع دوحة بمعنى الشجرة العظيمة والجنبات جمع جنبة
بالتحريك وهو ناحية الوادي قوله ولا في رتاج الرياح من قولهم رتج البحر أي هاج وكثر مائه فغمر كل شئ ويحتمل
ان يكون تصحيف رجاج البحر من الرج وهو التحريك والاهتزاز والرجة الاضطراب والهطل تتابع المطر
وقائدنا صفة لنبيك ونصب لفلان أي عاداه وطحطح أي كسر وفرق وبدد اهلاكا منيعة أي نبيه رفيعة
حصينة وابتذال الثوب امتهانه والسخاء ممدود ولعل قصره لرعاية السجع والندى الجود والمطر والبلل الطود
الجليل العظيم.
60 - ومن خطبه عليه السلام
نقلها العالم الفقيه والمحدث البنية امين الملة والدين صدوق المحدثين الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن
بابويه القمي في الأمالي وانا ناقلها من نسخته المطبوعة بنفقة الحاج محمد حسن التاجر الأصفهاني الشهير بأمين الضرب في
سنة 1300 ه‍ ص 369 قال ره في المجلس التسعين منه حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق رض قال حدثنا محمد بن الحسن
الصفار قال حدثنا محمد بن محسن عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن آبائه عليهم السلام
قال قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: والله ما دنياكم عندي الا كسفر على
منهل حلوا إذا صاح بهم صائحهم فارتحلوا ولا لذاذتها (لذتها)
في عيني الا كحميم اشربه غساقا أو علقم أتجرعه زعاقا أو سم أفعى
215

(افعاة) أسقاه دهاقا أو قلادة من نار ارهقها خناقا ولقد
رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها وقال لي اقذف بها
قذف الأتن لا يرتضيها ليراقعها (لرقعها) فقلت أعزب عنى فعند
الصباح يحمد القوم السرى وتتجلى عنا (وينجلى عنهم) غيابات الكرى
والله لو شئت لتسربلت بالعبقري المنقوش من ديباجكم وشربت
الماء الزلال برقيق زجاجكم ولا كلت لباب البر بصدور دجاجكم
ولكني أصدق الله جل جلاله (جلت عظمته) حيث قال من كان
يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم وهم فيها لا يبخسون
أولئك الذين ليس لهم في الآخرة الا النار فكيف أستطيع الصبر
على نار لو قذفت بشرارة من شررها إلى الأرض لأحرقت نبتها و
لو اعتصمت نفس بقلة لأنضجتها وهيج النار في قلتها وأيما خير
لعلى ان يكون عند ذي العرش مقربا أو يكون في اللظى خسيئا
مبعدا مسخوطا عليه بجرمه معذبا والله لئن أبيت على حسك
216

السعدان مرقدا وتحتي اطمار على سفاها ممددا أو اجر في اغلالي
مصفدا أحب إلى من أن القى محمدا أخائنا وفى ذي يتمة أظلمه
بفلسة تعمدا ولم أظلم اليتيم وغير اليتيم لنفس تسرع إلى البلا قفولها
ويمتد في اطباق الثرى حلولها وان عاشت رويدا فبذى العرش
نزولها معاشر شيعتي احذروا فقد عضتكم الدنيا بأنيابها تختطف
منكم نفسا بعد نفس كذابها وهذه مطايا الرحيل قد أنخيت لركابها
الا ان الحديث ذو شجون فلا يقولن قائلكم ان كلام على متناقض
لان الكلام عارض ولقد بلغني ان رجلا من قطان المدائن تبع بعد
الحنيفية علوجه وليس من ناله دهقانه منسوجة (وليس سرباله دهقانية
منسوجه) وتضمخ بمسك هذه النوافج صباحه وتبخر ببخور الهند رواحه
وحوله ريحان حديقة يشتم تفاحه وقد مدله مفروشات الروم على
سرره تعسا له بعد ما ناهر (نهر) السبعين من عمره وحوله شيخ
يدب على ارضه من هرمه وذا يتمة تضور من ضره وقومه فما وآساهم
217

بفاضلات من علقمة لئن أمكنني الله به لأخضمنه خضم البر و
لأقيمن عليه حد المرتد ولا ضربنه الثمانين بعد حد ولأسدن
من جهله كل سد تعسا له أفلا شعر أفلا صوف أفلا وبر أفلا رغيف
قفار لليل افطار مقدم أفلا عبرة في ظلمة ليال تنحدر ولو كان
مؤمنا لا تسعت له الحجة إذا ضيع ما لا يملك والله لقد رأيت عقيلا
اخى وقد أملق حتى استماحني من بركم صاعة وعاودني في عشر وسق
من شعير كم يطعمه جياعه يكاد يلوى ثالث أيامه خامصا ما استطاعه
ولقد رأيت أطفاله عرى شعث الألوان من ضرهم كأنما اشمأزت
وجوهم من قرهم فلما عاودني في قوله وكرره أصغيت إليه
سمعي فقره وظنني أوتع ديني فاتبع ما سره أحميت له حديدة لينزجر
إذ لا يستطيع منها ولا يصبر ثم أدنيتها من جسمه فضج من المه ضجيج
ذي دنف يأن من سقمه وكان يسبني سفها من كظمه ولحرقه في
لظى أضنى له من عدمه فقلت له ثكلتك الثواكل يا عقيل أتأن
218

من حديدة أحماها انسانها لمدعبة وتجرني إلى نار سجرها
جبارها من غضبه أتأن من الأذى ولا أئن من لظى والله لو
سقطت المكافاة عن الأمم وتركت في مضاجعها باليات في الرمم
لا استحييت من مقت رقيب يكشف فاضحات من الأوزار وتنسخ
فصبرا على دنيا تمد بلوائها (تمر بلاواتها) كليلة بأحلامها
تنسلخ كم بين نفس في خيامها ناعمة وبين أثيم في جحيم يصطرخ
ولا تعجب من هذا واعجب بلا صنع منا من طارق طرقنا بملفوفات
زملها في وعائها ومعجونة بسطها في انائها فقلت له أصدقة
أم نذر أم زكاة وكل ذلك يحرم علينا أهل بيت النبوة وعوضنا
منه خمس ذي القربى في الكتاب والسنة فقال لي لا ذاك ولا ذاك
ولكنه هدية فقلت له ثكلتك الثواكل أفعن دين الله تخدعني
بمعجونة غرفتموها بقندكم صفراء أتيتموني بها بعصير تمركم أمختبط أم
ذو جنة أم تهجر أليست النفوس عن مثقال حبة من خردل مسؤلة
219

فماذا أقول في معجونة أرتزقها (انزفها) معمولة والله لو أعطيت
الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها واسترق لي قطانها مذعنة باملاكها
على أن اعصى الله في نملة اسلبها شعيرة فألوكها ما قبلت ولا أردت
ولدنياكم أهون عندي من ورقة في فم جرادة تقضمها وأقذر
عندي من عراقة خنزير يقذف بها أجذمها وامر على فؤادي
من حنظلة يلوكها ذو سقم فيشمها فكيف اقبل على ملفوفات عكمتها
(عملتها) في طيها ومعجونة كأنها عجنت بريق حية أو قيئها اللهم إني
نفرت عنها نفار المهرة من كيها أريها السها وتريني القمر (أراه
السها وتراني القمر) امتنع من وبرة من قلوصها ساقطة وابتلع
إبلا في مبركها رابطة أدبيب العقارب من وكرها التقط أم قواتل
الرقش في مبيتي ارتبط فدعوني اكتفى من دنياكم بملحي واقراصي
فبتقوى الله أرجو خلاصي ما لعلى ونعيم يفنى ولذة تنحتها المعاصي
القى وشيعتي ربنا بعيوب ساهرة (مرة) وبطون خماص ليمحص
220

الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ونعوذ بالله من سيئات
الأعمال وصلى الله على محمد وآله
قوله كسفر على منهل السفر بسكون الفاء إلى المسافرون المنهل المورد وهو عين ماء ترده الإبل
في المراعى واسم للمنزل الذي في المفازة على طريق السفر وجمعه المناهل أي المنازل التي في المفازاة بين
الطريق في الاسفار قوله كحميم اشربه غساقا الغساق بالتشديد والتخفيف ما يغسق من صديد أهل النار
أي يسيل ويقال الحميم يحرق بحره والغساق يحرق ببرده العلقم الحنظل وكل شئ مر الزعاق بالضم
الماء المر الذي من مرارته وغلظته لا يطاق شربه الأفعى قيل هي حية رقشا رقيقة العنق عريضة الرأس
لا تزال مستديرة على نفسها لا ينفع منها ترياق ولا رقية والافعى اسم يقبل التنوين إذ ليس بصفة و
جمعه الأفاعي والافعاة دهاقا ان مترعة ممتلية ارهقها أي غشاها من المكروه والذلة والضعف والسفه
المدرعة ثوب من صوف يتدرع به الرقعة بالضم الخرقة التي يرقع بها الثوب ومنه قوله عليه السلام ولقد
رقعت مدرعتي قوله اقذف بها قذف الأتن القذف الرمي والطرح الأتن بضمتين الإناث من الحمير أعزب أي
أبعد نفسك عن الامر السرى الشئ الدنى غيابات الكرى أي خفايا الامر حسك السعدان عشبة شوكها
مدحرج يقال لواحده حسكة مرقدا من الرقاد بالضم وهو النوم الطمر بالكسر الثوب العتيق أو الكساء البالي من
غير الصوف وجمعه اطمار كأقمار على سفاها ممددا قال الفيروزآبادي السفاكل شجر له شوك مصفدا أي
مقيد انا الأغلال والقيود البلى بالكسر والقصر الخلق وافتال الأرض ومنه الحديث عن الصادق عليه السلام
وقد سئل عن الميت يبلى جسده تميد أي تتحرك وتميل عضتكم أي لزمتكم تختطف أي تستلب الشجون الهموم و
الآخران العلج بكسر اللام وسكون الجيم الرجل الضخم والكافر مطلقا والجمع العلوج كحمول السريال القميص وكلما يلبس
تضمخ أي تلطخ بالطيب التعس الهلاك والعشار والسقوط والبعد والشر والانحطاط النهزه بضم النون هو الفرصة و
منه نهز الرجل وانتهز اغتنم الفرصة وفى نسخة أخرى نهر بالراء المهملة أي زجر يضوره ويضيره ضيرا إذا ضره القرم
بالتحريك شدة شهوة اللحم خضمه يخضمه اختضمه أي قطعه وهو من باب سمع وضرب استقت أي اجتمعت
الوسق ستون صاعا وهو ثلاثمأة وعشرون رطلا عند أهل الحجاز وأربعمأة وثلثون رطلا عند أهل العراق شعث الألوان
أي كأنما شحبت ألوانهم ويبيت جلودهم اشمأزت أي انقبضت القر البرد أضنى له من عدمه أي اصابه المرض
الدعابة المزاح ومنه المدعبة سجرها أي ملئها زملها أي لفها عكمتها من عكم المتاع يعكمه شدة ثبوب
المهرة الأنثى من ولد الفرس إلى الوسم القلوص الناقة الشابة الرقيش الحية الرقشاء التي فيها نقط سود وبيض
221

61 - ومن كلامه عليه السلام
تحف العقول الطبوع في المطبعة الحيدرية في طهران سنة 1376 ص 100 للعالم النبيل والمحدث
الجليل الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني من أكابر اعلام الشيعة الزاكية والفرقة الناجية
الاثني عشرية الامامية في المأة الرابعة الهجرية القمرية وفيه بيان بعض الآداب لأصحابه عليه السلام
وهي أربعمأة باب ولقد روى هذا الكلام أيضا صدوق المحدثين محمد بن علي بن الحسين بن بابويه
في كتابه الخصال باختلاف يسير في بعض فقراته ونقلي هنا من كتاب التحف قال عليه السلام
الحجامة تصح البدن وتشد العقل اخذ الشارب من النظافة
وهو من السنة الدهن يلين البشرة ويزيد في الدماغ والعقل
ويسهل موضع الطهور ويذهب بالشعث ويصفى اللون
السواك مرضاة للرب ومطيبة للفم وهو من السنة غسل
الرأس بالخطمي يذهب بالدرن وينقى الاقذار المضمضة
والاستنشاق بالماء عند الطهور طهوركم للفم والأنف السعوط
مصحة للرأس وشفاء للبدن وسائر وجاع الرأس النورة
مشدة للبدن وطهور للجسد وتقليم الأظفار يمنع الداء الأعظم
الشعث هو الانتشار والتفرق حول الأظفار كما يتشعث رأس السواك السنة الطريقة وهكذا
ما بعده والمراد منها سنة إبراهيم الخليل عليه السلام من السنن الخمسة التي في الرأس المضمضة إدارة الماء
في الفم وتحريكه بالأصابع أو بقوة الفم الاستنشاق جعل الماء في الفم وجذبه بالنفس ليزول ما في الانف من القذى
222

ويجلب الرزق ويدر نتف الإبط ينفى الرائحة الكريهة وهو
من السنة (الرائحة المنكرة وهو طهور وسنة) غسل البدين
قبل الطعام وبعده زيادة في الرزق غسل الأعياد طهور لمن
أراد طلب الحوائج بين يدي الله عز وجل واتباع السنة قيام
الليل مصحة للبدن ورضى للرب وتعرض للرحمة وتمسك
باخلاق النبيين اكل التفاح نضوح للمعدة مضغ اللبان
يشتد الأضراس وينفى البلغم ويقطع ريح الفم الجلوس في
المسجد بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس أسرع في طلب الرزق
من الضرب في الأرض اكل السفر جل قوة للقلب الضعيف وهو
يطيب المعدة ويذكى الفؤاد ويشجع الجبان ويحسن الولد اكل
إحدى وعشرين زبيبة حمراء على الريق في كل يوم تدفع الأمراض
يدر أي يزيد جريان الرزق نتف الشعر نتفا من باب ضرب نزعته الإبط كحمل ما تحت الجناح يذكر ويؤنث
نضوح للمعدة من النضح بالحاء المهملة يقال نضح ما فيها أي نثر ودفع وذب المضغ اللوك وهو
إدارة الشئ في الفم اللبان بضم اللام الكندر قوله الجلوس في المسجد لعل المراد مطلق المسجد لا المسجد
المصطلح فيطلق على أي مكان صلى وسجد فيه سفر جل ثمر معروف يقال بالفارسية (به وگلابى)
223

الا مرض الموت يستحب للمسلم ان يأتي أهله في أول ليلة من
شهر رمضان لقول الله تعالى أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى
نساءكم لا تختموا بغير الفضة فان رسول الله صلى الله عليه
وآله قال ما طهر الله يدا فيه خاتم حديد من نقش على خاتمه
اسما من أسماء الله فليحوله عن اليد التي يستنجى بها إذا نظر
أحدكم إلى المرءاة فليقل الحمد لله الذي خلقني فاحسن خلقي و
صورني فاحسن صورتي وزان منى ما شأن من غير وأكرمني
بالاسلام ليتزين أحدكم لأخيه المسلم إذا اتاه كما تزين للغريب
الذي يحب ان يراه في أحسن هيئته صوم ثلاثة أيام من كل شهر
وصوم شعبان يذهب بوسواس الصدر وبلابل القلب الاستنجاء
بالماء البارد يقطع البواسير غسل الثياب يذهب بالهم وطهور
قوله تعالى أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نساءكم قال الشيخ أبو علي ره قرء شاذا أحل بالبناء للفاعل
ونصب الرفث والقراءة الصحيحة أحل على البناء للمفعول ورفع الرفث والرفث قيل الفحش من القول
عند الجماع والأصح انه الجماع وزان منى ما شأن من غيري الزينة ما يتزين به الانسان والزين نقيض
الشين يقال زان الشئ صاحبه زينا والاسم منه الزينة والشين بمعنى العيب وما يحدث في ظاهر الجلد
224

للصلاة لا تنتفوا الشيب فإنه نور ومن شاب شيبته في
الاسلام كانت له نورا يوم القيمة لا ينام المسلم وهو جنب و
لا ينام الا على طهور فإن لم يجد الماء فليتيمم بالصعيد فان روح
المؤمن ترتفع إلى الله عز وجل فيقبلها ويبارك عليها فإن كان اجلها
قد حضر جعلها في صورة حسنة وان لم يحضر اجلها بعث بها مع امنائه
من الملائكة فردها في جسده لا يتفل المسلم في القبلة فان فعل
ناسيا فليستغفر الله لا ينفخ المرء موضع سجوده ولا في طعامه ولا
في شرابه ولا في تعويذه ولا يتغوطن أحدكم على المحجة ولا يبل على
سطح في الهواء ولا في ماء جار فمن فعل ذلك فاصابه شئ فلا يلومن
الا نفسه فان للماء أهلا وللهواء أهلا وإذا بال أحدكم فلا يطمحن
ببوله ولا يستقبل به الريح لا ينامن مستلقيا على ظهره لا يقومن
الشيب الشعر وبياضه وشاب شيبه أي أبيض شعره الصعيد وجه الأرض لا يتفل المسلم تفل يتفل
من باب حسب أي بصق والتفل والتفال بضمهما البصاق والزبد لا يتغوطن من التغوط وهو قضاء
الحاجة والغائط العذرة المحجة جادة الطريق أي وسطه لا يطحن ببوله أي لا يرمينه في الهواء قوله
مستلقيا على ظهره الاستلقاء النوم على القفا
225

الرجل في الصلاة متكاسلا ولا متقاعسا ليقتل العبد الفكر إذا
قام بين يدي الله فإنما له من صلاته ما اقبل عليه لا تدعوا ذكر الله
في كل مكان ولا على كل حال لا تلتفتن أحدكم في صلاته فان العبد
إذا التفت فيها قال الله له إلى عبدي خير لك ممن تلتفت إليه كلوا
ما يسقط من الخوان فإنه شفاء من كل داء بإذن الله لمن أراد ان
يستشفى به البسوا لباس (ثياب) القطن فإنه لباس رسول الله
صلى الله عليه وآله ولم يكن يلبس الصوف ولا الشعر الا من علة
إذا اكل أحدكم الطعام فمص أصابعه التي اكل بها قال الله عز و
جل ذكره بارك الله فيك ان الله ليحب الجمال إذا يرى اثر نعمته على
عبده صلوا ارحامكم ولو بالسلام لقول الله واتقوا الله الذي
تسائلون به والأرحام ولا تقطعوا نهاركم بكيت وكيت وفعلنا
قوله متكاسلا التكاسل التثاقل والتواني عما لا ينبغي ان يتوانى عنه قوله متقاعسا التقاعس الاخراج
عن الامر والتأخر عنه والتصعب له في دخوله فيه قوله من الخوان وهو ما يوضع عليه الطعام ليؤكل
وتسميه العامة السفرة المص الرشف وهو الشرب الرقيق قوله كيت وكيت بفتح الكاف وقد يكسر
آخرهما يكنى بهما عن الحديث والخبر تقول قال فلان كيت وكيت أو كيت كيت بدون الواو ولا تستعملان الا مكررتين
226

كذا وكذا فان معكم حفظة يحفظون عليكم واذكروا الله عز و
جل بكل مكان صلوا على النبي وآله صلى الله عليه وآله وعليهم
فان الله يتقبل دعاءكم عند ذكره ورعايتكم له أقروا الحار حتى
يبرد ويمكن فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال وقد قرب
إليه طعام حار أقروه حتى يبرد ويمكن وما كان الله ليطعمنا
الحار والبركة في البارد والحار غير ذي بركة علموا صبيانكم ما
ينفعهم الله به لا تغلب عليه المرجئة أيها الناس كفوا ألسنتكم
وسلموا تسليما أدوا الأمانات ولو إلى قتله الأنبياء أكثروا ذكر الله
إذا دخلتم الأسواق وعند اشتغال الناس بالتجارات فإنه كفارة للذنوب
وزيادة في الحسنات ولا تكونوا من الغافلين ليس للعبد ان يسافر
إذا حضر شهر رمضان لقول الله فمن شهد منكم الشهر فليصمه ليس في
شرب المسكر والمسح على الخفين تقية إياكم والغلو فينا قولوا انا عباد
قوله أقروا الحار من القر بكسر القاف أي البارد يعنى بردوا الحار قوله ويمكن من أمكن الامر فلانا ولفلان
أي سهل عليه أو تيسر المرجئة فرقة من فرق الاسلام يعتقدون بأنه لا يضر مع الايمان معصية كما لا ينقع مع الكفر طاعة
227

مربوبون وقولوا في فضلنا ما شئتم من أحبنا فليعمل بعملنا و
يستعن بالورع فإنه أفضل ما يستعان به في الدنيا والآخرة
لا تجالسوا لنا عائبا ولا تمدحونا معلنين عند عدونا فتظهروا
حبنا وتذلوا أنفسكم عند سلطانكم الزموا الصدق فإنه منجاة
ارغبوا فيما عند الله واطلبوا مرضاته وطاعته واصبروا عليهما
فما أقبح بالمؤمن ان يدخل الجنة وهو مهتوك الستر لا تعيونا في
طلب الشفاعة لكم يوم القيمة بسبب ما قدمتم ولا تفضحوا أنفسكم
عند عدوكم يوم القيمة ولا تكذبوا أنفسكم في منزلتكم عند الله
بالحقير من الدنيا تمسكوا بما امركم الله به فما بين أحدكم وبين ان
يغتبط ويرى ما يحب الا ان يحضره رسول الله صلى الله عليه وآله
وما عند الله خير وابقى وتأتيه البشارة والله فتقر عينه ويحب
لقاء الله لا تحقروا ضعفاء اخوانكم فإنه من احتقر مؤمنا حقره الله
ولم يجمع بينهما يوم القيمة الا ان يتوب ولا يكلف المرء أخاه الطلب
228

إليه إذا عرف حاجته تزاوروا وتعاطفوا وتباذلوا ولا تكونوا
بمنزلة المنافق الذي يصف مالا يفعل تزوجوا فان رسول الله
صلى الله عليه وآله قال من كان يحب ان يستن بسنتي فليتزوج
فان من سنتي التزويج اطلبوا الولد فانى مكاثر بكم الأمم
توقوا على أولادكم من لبن البغى من النساء والمجنونة فان اللبن
يعدى تنزهوا عن اكل الطير الذي ليس له قانصة ولا صيصيته
ولا حوصلة ولا كابرة اتقوا كل ذي ناب من السباع وكل ذي
مخلب من الطير ولا تأكلوا الطحال فإنه ينبت من الدم الفاسد
ولا تلبسوا السوداء فإنه لباس فرعون اتقوا الغدد من اللحم فإنها تحرك
عرق الجذام لا تقيسوا الدين فإنه لا يقاس وسيأتي قوم يقيسون
الدين هم أعداءه وأول من قاس إبليس لا تتخذوا الملس فإنه
قوله قانصة هي من الطير كالمعدة للانسان صيصية شوكة الديك ولبعض الطيور الحوصلة ما يجتمع فيه
من الحب وغيره من المأكول للطير ويقال بالفارسية (چينه دان) وقال بعض اللغويين القانصة اللحمة الغليظة جدا
التي يجتمع فيها كلما تنقر من الحصا الصغار بعد ما انحدر من الحوصلة ويقال لها بالفارسية (سنگدان)
وهذا القول هو الصواب لموافقته للاخبار قوله ولا كابرة ليست هذه في خصال الصدوق ولم أظفر بلغته في اللغات
229

حذاء فرعون وهو أول من حذا الملسن خالفوا أصحاب المسكر
وكلوا التمر فإنه شفاء فيه من كل داء (فيه شفاء من الأدواء)
اتبعوا قول رسول الله صلى الله عليه وآله فإنه قال من فتح
على نفسه باب مسألة فتح الله عليه باب فقر أكثروا الاستغفار
فإنه يجلب الرزق قدموا ما استطعتم من عمل الخير تجدوه غدا إياكم
والجدال فإنه يورث الشك من كانت له إلى الله حاجة فليطلبها
في ثلاث ساعات من يوم الجمعة ساعة الزوال حين تهب الريح
وتفتح أبواب السماء وتنزل الرحمة وتصوت الطير وساعة في آخر
الليل عند طلوع الفجر فان ملكين يناديان هل من تائب فأتوب
عليه هل من سائل فيعطى هل من مستغفر فيغفر له هل من طالب
حاجة فأجيبوا داعى الله واطلبوا الرزق فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع
الشمس فإنه أسرع لطلب الرزق من الضرب في الأرض وهي الساعة التي
الحذا والحذو النعل والملسن كمعظم على بناء المفعول وهو ما جعل طرفه كطرف اللسان
والملسنه من النعال ما فيها طول ولطافة كهيئة اللسان.
230

يقسم الله جل وعز فيها الأرزاق بين عباده انتظروا الفرج و
لا تيأسوا من روح الله فان أحب الأمور إلى الله انتظار الفرج و
ما داوم عليه المؤمن توكلوا على الله عند ركعتي الفجر بعد فراغكم
منها ففيها تعطى الرغائب لا تخرجوا بالسيوف إلى الحرم ولا يصل
أحدكم وبين يديه سيف فان القبلة آمن ألموا برسول الله صلى الله
عليه وآله إذا حججتم فان تركه جفاء وبذلك امرتم والمو بالقبور
التي يلزمكم حق سكانها وزوروها واطلبوا الرزق عندها فإنهم
يفرحون بزيارتكم ليطلب الرجل الحاجة عند قبر أبيه وامه بعد
ما يدعو لهما لا تستصغروا قليل الاثم لما لم تقدروا على الكبير فان
الصغير يحصى ويرجع إلى الكبير أطيلوا السجود فمن اطاله أطاع و
نجا أكثروا ذكر الموت ويوم خروجكم من القبور ويوم قيامكم بين يدي
الله تهن عليكم المصائب إذا اشتكى أحدكم عينه فليقرء آية
قوله ألموا برسول الله يقال ألم به أي اتاه ونزل به وزاره زيارة غير طويلة يعنى إذا حججتم إلى مكة
لزيارة بيت الله إذا فرغتم من اعمال الحج فاذهبوا إلى المدينة وزوروا قبر النبي صلى الله عليه وآله وتبركها لا تجفوه
231

الكرسي وليضمر في نفسه انها تبرء فإنه يعافى إن شاء الله توقوا
الذنوب فما من بلية ولا نقض رزق الا بذنب حتى الخدش والنكبة
والمصيبة فان الله جل ذكره يقول ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت
أيديكم ويعفو عن كثير أكثروا ذكر الله عز وجل على الطعام ولا
تلفظوا فيه فإنه نعمة من نعم الله ورزق من رزقه يجب عليكم
شكره وحمده أحسنوا صحبة النعم قبل فراقها فإنها تزول و
تشهد على صاحبها بما عمل فيها من رضي من الله باليسير من الرزق
رضي الله منه باليسير من العمل إياكم والتفريط فإنه يورث
الحسرة إذا لقيتم عدوكم في الحرب فأقلوا الكلام أكثروا ذكر الله
جل وعز ولا تولوا الادبار فتسخطوا الله وتستوجبوا غضبه إذا
رأيتم من اخوانكم المجروح في الحرب أو من قد نكل أو طمع عدوكم فيه
قوله توقوا من الوقاية بمعنى الحفظ والصيانة أي تحفظوا وصونوا عن الذنوب الخدش الخمش والتمزيق
وقشر الجلد بعود وغيره النكبة المصيبة ونكب عنه كنصر وفرح نكبا ونكبا ونكوبا أي عدل والنكب الطرح
والنكبة كسجدة الجراحة وما يصيب الانسان من الحوادث كما أن الخدش أيضا تفرق اتصال في الجلد أو الظفر
أو نحو ذلك وان لم يخرج الدم والنكالة ونكل به من باب قتل ونكل بالتشديد أي اصابه بنازلة
232

فقووه بأنفسكم اصطنعوا بالمعروف بما قدرتم عليه فإنه يقي مصارع
السوء من أراد منكم ان يعلم كيف منزلته عند الله فلينظر كيف
منزلة الله منه عند الذنوب أفضل ما يتخذه الرجل في منزله
الشاة فمن كانت في منزله شاة قدست عليه الملائكة كل يوم
مرة ومن كان عنده شاتان قدست عليه الملائكة كل يوم
مرتين وكذلك في الثلاث ويقول الله بورك فيكم إذا ضعف
المسلم فليأكل اللحم باللبن فان الله جعل القوة فيهما إذا أردتم
الحج فتقدموا في شراء بعض حوائجكم بأنفسكم فان الله تبارك وتعالى
قال ولو أراد الخروج لأعدوا له عدة إذا جلس أحدكم في الشمس
فليستدبرها لظهره فإنما تظهر الداء الدفين إذا حججتم فأكثروا النظر
إلى بيت الله فان لله مأة وعشرين رحمة عند بيته الحرام منها
ستون للطائفين وأربعون للمصلين وعشرون للناظرين أقروا
بيت الله الحرام بما حفظتموه من ذنوبكم وما لم تحفظوه فقولوا ما
233

حفظته يا رب علينا ونسيناه فاغفره لنا فإنه من أقر بذنوبه في
ذلك الموضع وعددها وذكرها واستغفر الله جل وعز منها كان
حقا على الله ان يغفرها له تقدموا في الدعاء قبل نزول البلاء
فإنه تفتح أبواب السماء في ستة مواقف عند نزول الغيث وعند
الزحف وعند الاذان وعند قرائة القرآن ومع زوال الشمس و
عند طلوع الفجر من مس جسد ميت بعد ما يبرد لزمه الغسل من
غسل مؤمنا فليغتسل بعد ما يلبسه أكفانه ولا يمسه بعد ذلك
فيجب عليه الغسل ولا تجمروا الأكفان ولا تمسوا موتاكم الطيب الا
الكافور فان الميت بمنزلة المحرم مروا أهاليكم بالقول الحسن عند الميت
فان فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله لما قبض أبوها عليهما
السلام أشعرها بنات هاشم فقالت اتركوا الحداد وعليكم بالدعاء
الرجف هنا بمعنى الجهاد ويطلق على الجيش الكثير أيضا قوله لا تجمروا أي لا يتجزوا بالطيب قوله مروا
يمكن ان يكون عزوا بمعنى التعزية أو مروا من أمر يأمر كما في الخصال للصدوق ره قوله أشعرها بنات هاشم
وفى الخصال (ساعدها جميع بنات بني هاشم فقالت دعوا التعداد) والحداد بالكسر ترك الزينة وثياب
المأتم السود ومنه حدت المرأة على زوجها إذا أحزنت ولبست ثياب السود والحزن وتركت الزينة
234

المسلم مرآة أخيه فإذا رأيتم من اخيكم هفوة فلا تكونوا عليه
البا وارشدوه وانصحوا له وترفقوا به وإياكم والخلاف فإنه
مرؤوف وعليكم بالقصد تراءفوا وتراحموا من سافر بدابته بدء
بعلفها وسقيها لا تضربوا الدواب على حر وجوهها فإنها تسبح ربها
من ضل منكم في سفر أو خاف على نفسه فليناد يا صالح أغثني
فان في اخوانكم الجن من إذا سمع الصوت أجاب وارشد الضال
منكم وحبس عليه دابته ومن خاف منكم الأسد على نفسه
ودابته وغنمه فليخط عليها خطة وليقل اللهم رب دانيال و
الجب وكل أسد مستأسد احفظني وغنمي ومن خاف منكم
الغرق فليقل بسم الله مجريها ومراسها ان ربى لغفور رحيم وما
قدروا الله حق قدره والأرض جميعا في قبضته يوم القيمة و
السماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ومن
خاف العقرب فليقرء سلام على نوح في العالمين انا كذلك نجزى
235

المحسنين انه من عبادنا المؤمنين عقوا عن أولادكم في اليوم
السابع وتصدقوا إذا حلقتم رؤوسهم بوزن شعورهم فضة فإنه
واجب على كل مسلم وكذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وآله
بالحسن والحسين إذا ناولتم سائلا شيئا فاسئلوه ان يدعو لكم
فإنه يستجاب فيكم ولا يجاب في نفسه لانهم يكذبون ويرد الذي
يناوله يده إلى فيه فليقبلها فان الله يأخذها قبل ان تقع في
يد السائل قال الله تبارك وتعالى ويأخذ الصدقات تصدقوا
بالليل فان صدقة الليل تطفى غضب الرب احسبوا كلامكم في
أعمالكم يقل كلامكم الا في الخير انفقوا مما رزقكم الله فان المنفق
في بمنزلة المجاهد في سبيل الله فمن أيقن بالخلف أنفق وسخت
نفسه بذلك من كان على يقين فاصابه ما يشك فليمض على
يقينه فان الشك لا يدفع اليقين ولا ينقضه ولا تشهدوا
قول الزور ولا تجلسوا على مائدة يشرب عليها الخمر فان العبد
236

لا يدرى متى يؤخذ وإذا جلس أحدكم على الطعام فليجلس
جلسة العبد ويأكل على الأرض ولا يضع إحدى رجليه على
الأخرى ولا يتربع فإنها جلسة يبغضها الله ويمقت صاحبها
عشاء الأنبياء بعد العتمة فلا تدعوا العشاء فان تركه يخرب
البدن الحمى رائد الموت وسجن الله في الأرض يحبس بها من
يشاء من عباده وهي تحت الذنوب كما يحات الوبر عن سنام
البعير ليس من داء الا وهو داخل الجوف الا الجراحة والحمى
فإنهما يردان على الجسد ورودا اكسروا حر الحمى بالبنفسج والماء
البارد فان حرها من قيح جهنم لا يتداوى المسلم حتى يغلب مرضه
صحته الدعاء يرد القضاء المبرم فاعدوه واستعملوه الوضوء
بعد الطهر عشر حسنات فتطهروا إياكم والكسل فإنه من كسل لم
يؤد حق الله تنظفوا بالماء من الريح المنتنة وتعهدوا أنفسكم فان
العشاء بالفتح طعام العشى العتمة بالتحريك ظلمة الليل ويطلق أيضا على الثلث الأول من الليل
الرائد المراد هنا الذي يخبر بالموت تحت الذنوب أي تزول وترد وتسقط الذنوب والحت الحك
237

الله يبغض من عباده القاذورة الذي يتأفف به من جلس إليه
لا يبعث أحدكم بلحيته في الصلاة ولا بما يشغله عنها بادروا بعمل
الخير قبل ان تشغلوا عنه بغيره المؤمن نفسه منه في تعب والناس
منه في راحة ليكن جل كلامكم ذكر الله اخذروا الذنوب فان
العبد يذنب الذنب فيحبس عنه الرزق داوا مرضاكم بالصدقة
وحصنوا أموالكم بالزكاة الصلاة قربان كل تقى والحج جهاد
كل ضعيف حسن التبعل جهاد المرأة الفقر موت الأكبر قلة العيال
أحد اليسارين التقدير نصف المعيشة الهم نصف الهرم
ما عال امرء اقتصد ما عطب امرء استشار لا تصلح الصنيعة الا
عند ذي حسب ودين لكل شئ ثمرة وثمرة المعروف تعجيل السراج
من أيقن بالخلف جاد بالعطية من ضرب على فخذيه عند المصيبة
يتأفف أي يقول أف من كرب أو ضجر قوله فان الله يبغض العبد القاذورة قال الطريحي ره في
المجمع وفى الحديث بئس العبد القاذورة وان الله يبغض العبد القاذورة القاذورة من الرجال الذي
لا يبالي بما قال وما صنع والقاذورة الشئ الخلق وكان المراد به هنا الوسخ الذي لم يتنزه عن الاقذار
وقد يطلق القاذورة على الفاحشة وعطب أي هلك الصنيعة الاحسان حبط اجره أي حرم من ثواب أعماله
238

فقد حبط اجره أفضل عمل المؤمن انتظار الفرج من أحزن والديه
فقد عقهما استنزلوا الرزق بالصدقة ادفعوا أنواع البلاء
بالدعاء عليكم به قبل نزول البلاء فوالذي فلق الحبة وبرء
النسمة للبلاء أسرع إلى المؤمن من السيل من أعلى التلعة إلى
أسفلها أو ركض البرازين سلوا العافية من جهد البلاء فان
جهد البلاء ذهاب الدين السعيد من وعظ بغيره واتعظ روضوا
أنفسكم على الأخلاق الحسنة فان عبد المؤمن يبلغ بحسن خلقه
درجة الصائم القائم من شرب الخمر وهو يعلم أنها خمر سقاه الله
من طينة الخبال وإن كان مغفورا له لا نذر في معصية ولا
يمين في قطيعة الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر لتطيب المرأة
قوله فقد عقهما يقال عق الولد أباه يعقه عقوقا من باب قعد إذا اذاه وعصاه وترك الاحسان
إليه وهو البر به واصله من العق وهو الشق والقطع النسمة كل ذي روح من انسان وغيره والتلعة
ما علاء من الأرض والبرازين جمع البرذون بكسر الباء وفتح الزاء المعجمة التركي من الخيل والدابة
وخلافها العراب حكى من المغرب وعن ابن الأنباري يقع على الذكر والأنثى وركضها سرعتها واصلها
برذن أي أثقل الجهد المشقة وبمعنى الطاقة والاستطاعة والأول هنا المراد قوله طينة الخيال فسرت
بصديد أهل النار وما يخرج من فروج الزناة فيجتمع ذلك في جهنم واصله الفساد والهلاك والسم القاتل
239

لزوجها المقتول دون ماله شهيد المغبون لا محمود ولا محاور (مأجور)
لا يمين للولد مع والده ولا للمرأة مع زوجها لا صمت إلى الليل الا في
ذكر الله لا تعرب بعد الهجرة ولا هجرة بعد الفتح تعرضوا لما عند
الله عز وجل فان فيه غنى عما في أيدي الناس ان الله يحب
المحترف الأمين ليس من عمل أحب إلى الله من الصلاة لا تشغلنكم
عن أوقاتها أمور الدنيا فان الله ذم أقواما استهانوا بأوقاتها
فقال الذين عن صلاتهم ساهون يعنى غافلين اعلموا ان
صالحي عدوكم يرائى بعضهم من بعض وذلك أن الله عز وجل
لا يوفقهم ولا يقبل الا ما كان له البر لا يبلى والذنب لا ينسى ان
الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون المؤمن لا يعير أخاه و
لا يخونه ولا يتهمه ولا يخذله ولا يتبرء منه اقبل عذر أخيك
قوله ولا يحاور التحاور التراجع والتخاطب والتجاوب يقال إذا تحاور الرجلان أي رد كل منهما على
صاحبه وفى الخصال لا محمود ولا مأجور قوله لا تعرب بعد الهجرة أي الالتحاق ببلاد الكفر والإقامة بها بعد
المهاجرة عنها إلى بلاد الاسلام ولا يبعدان يقال في زماننا هذان يشتغل الانسان بتحصيل العلم والمعرفة
في الدين ثم يتركه ويصير منه غريبا المحترف المكتسب استهانوا من الهون والاستهانة أي الاستخفاف والاستحقار
240

فإن لم يكن له عذر فالتمس له عذرا مزاولة قلع الجبال أيسر من
مزاولة ملك مؤجل استعينوا بالله واصبروا ان الأرض لله
يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين لا تعجلوا الامر
قبل بلوغه فتندموا ولا يطولن عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم
ارحموا ضعفاءكم واطلبوا الرحمة من الله عز وجل إياكم والغيبة
فان المسلم لا يغتاب أخاه وقد نهى الله عن ذلك فقال أيحب أحدكم
ان يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ولا يجمع المؤمن يديه في الصلاة
وهو قائم يتشبه باهل الكفر لا يشرب أحدكم الماء قائما فإنه
يورث الداء الذي لادواء له الا ان يعافى الله إذا أصاب أحدكم
في الصلاة الدابة فليدفنها أو يتفل عليها أو يضمها في ثوبه
حتى ينصرف والالتفات الفاحش يقطع الصلاة ومن فعل فعليه
الابتداء بالاذان والإقامة والتكبير من قرء قل هو الله أحد
الأمد هو نهاية البلوغ بلغ أمده أي بلغ غايته وعن الراغب الأمد والأبد متقاربان لكن الأمد عبارة
عن مدة الزمان التي ليس لها حد بخلاف الأمد قوله الدابة لعل المراد منها صغارها كالحيات والعقارب والحلم ونحوها
241

إلى أن تطلع الشمس عشر مرات ومثلها انا أنزلناه في ليلة القدر و
مثلها آية الكرسي منع ماله مما يخاف عليه ومن قرء قل هو الله
أحد وانا أنزلناه في ليلة القدر قبل طلوع الشمس لم يصب ذنبا
وان اجتهد فيه إبليس استعيذوا بالله عز وجل من غلبة
الدين مثل أهل البيت كمثل سفينة نوح من تخلف عنها هلك
تشمير الثياب طهور للصلاة قال الله تعالى وثيابك فطهر أي
فشمر لعق العسل شفاء قال الله يخرج من بطونها شراب
مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ابدأوا بالملح في أول طعامكم
واختموا به فلو يعلم الناس ما في الملح دلاختاروه على الترياق
(الدرياق) من ابتدء طعامه به اذهب الله عنه سبعين داءا
لا يعلمه الا الله صوموا ثلاثة أيام من كل شهر فهي تعدل
صوم الدهر ونحن نصوم خميسين وأربعاء بينهما لان الله
خلق جهنم يوم الأربعاء فتعوذوا بالله جل وعز منها إذا أراد
242

أحدكم الحاجة فليبكر فيها يوم الخميس فان رسول الله صلى الله عليه
وآله قال اللهم بارك لامتى في بكرتها يوم الخميس وليقرأ إذا خرج
من بيته ان في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار
إلى قوله انك لا تخلف الميعاد وآية الكرسي وانا أنزلناه في ليلة
القدر وأم الكتاب فان فيها قضاء حوائج الدنيا والآخرة عليكم
بالصفيق من الثياب فإنه من رق ثوبه رق دينه لا يقومن
أحدكم بين يدي ربه جل وعز وعليه ثوب يصفه توبوا إلى
الله وادخلوا في محبته فان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين
والمؤمن منيب وتواب إذا قال المؤمن لأخيه أف انقطع ما بينهما
وإذا قال له أنت كافر كفر أحدهما ولا ينبغي له ان يتهمه فان
اتهمه انماث الايمان بينهما كما ينماث الملح في الماء باب
التوبة مفتوح (مفتوحة) لمن أرادها فتوبوا إلى الله توبة نصوحا
عسى ربكم ان يكفر عنكم سيئاتكم أوفوا بالعهود إذا عاهدتم
243

فما زالت نعمة عن قوم ولا عيش الا بذنوب اجترحوها ان الله ليس
بظلام للعبيد ولو استقبلوا ذلك بالدعاء لم تزل ولو أنهم إذا
نزلت بهم النقم أو زالت عنهم النعم فزعوا إلى الله عز وجل
بصدق من نياتهم ولم يهنوا ولم يسرفوا لأصلح لهم كل فاسد
ورد عليهم كل ضائع إذا ضاق المسلم فلا يشكون ربه ولكن
يشكو إليه فان بيده مقاليد الأمور وتدبيرها في السماوات و
الأرضين وما فيهن وهو رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين
وإذا جلس العبد من نومه فليقل قبل ان يقوم حسبي الرب من
العباد حسبي هو حسبي ونعم الوكيل وإذا قام أحدكم من الليل فلينظر
إلى اكناف السماء وليقرأن في خلق السماوات والأرض واختلاف
الليل والنهار إلى قوله لا تخلف الميعاد الاطلاع في بئر زمزم
يذهب بالداء فاشربوا من مائها مما يلي الركن الذي فيه حجر
الأسود أربعة انهار من الجنة الفرات والنيل وسيحان و
244

جيحان وهما نهران لا يخرج المسلم في الجهاد مع من لا يؤمن على
الحكم ولا ينفذ في الفئة أمر الله جل وعز وان مات في ذلك كان
معينا لعدونا في حبس حقنا والاشاطة بدمائنا وميتة ميتة
جاهلية ذكرنا أهل البيت شفاء من الوغل والأسقام ووسواس
الذنب وحبنا رضي الرب والاخذ بامرنا وطريقتنا ومذهبنا معنا
غدا في حظيرة الفردوس والمنتظر لامرنا كالمتشحط بدمه في سبيل
الله من شهدنا في حربنا وسمع واعيتنا فلم ينصرنا أكبه الله
على منخريه في النار نحن باب الجنة إذا بعثوا وضاقت المذاهب و
نحن باب حطة وهو السلم من دخل نجا ومن تخلف عنه هوى
بنا فتح الله جل وعز وبنا يختم الله وبنا يمحوا لله ما يشاء وبنا يدفع
اجترحوها أي اكتسبوها الأكناف الجوانب والنواحي الاطلاع في بئر زمزم كذا في التحف وكتاب الحج من البحار لعل
المراد منه الطلاع بمعنى الاناء ويحتمل ان يكون التصحيف للاطلاء بالهمزة بدل العين من الطلى ومنه طليت الدهن
الفرات في العراق والنيل بمصر وسيحان وجيحان ببلخ أشاط السلطان واستشاط إذا التهب وغضب وعرضه
للقتل واهدر دمه المتشحط بدمه أي المقتول المضطرب المتمرغ بدمه من قولهم يتشحط بدمه أي يتحنط فيه ويضطرب
ويتمرغ الواعية الصراخ على الميت الوغل الخباثة والاغتيال والافساد قوله باب حطة يقال هي كلمة أمر بها
بنو إسرائيل لو قالوها لحطت اوزارهم ولكنهم قالوا حنطة في شعير فبدلوا الحطة بالحنطة وقولوا حطة أي حط عنا اوزارنا
245

الله الزمان الكلب وبنا ينزل الغيث ولا يغرنكم بالله الغرور لو
قد قام قائمنا لأنزلت السماء قطرها ولا خرجت الأرض نباتها و
ذهبت الشحناء من قلوب العباد واصطلحت السباع والبهائم حتى
تمشى المرأة بين العراق والشام لا تضع قدميها الا على نبات و
على رأسها زنبيلها لا يهيجها سبع ولا تخافه لو تعلمون ما في
مقامكم بين عدوكم وصبركم على ما تسمعون من الأذى لقرت
أعينكم لو قد فقدتموني لرأيتم بعدي أشياء يتمنى أحدكم الموت
مما يرى من الجور والعدوان والأثرة والاستخفاف بحق الله
والخوف على نفسه فإذا كان ذلك فاعتصموا بحبل الله جميعا و
لا تفرقوا وعليكم بالصبر والصلاة والتقية واعلموا ان الله عز و
جل يبغض من عباده التلون لا تزولوا عن الحق وأهله فان من
استبدل بنا هلك وفاتته الدنيا وخرج منها آثما إذا دخل أحدكم
الزمان الكلب الشديد الصعب الشحناء العداوة التي امتلئت منها النفس واصطلحت أي تصالحت والأثرة بالتحريك
اسم من استأثر بالشئ إذا استبد به بمعنى الاختيار وحب النفس المفرط والعمل برايه كما أراد دون غيره
246

منزله فليسلم على أهله فإن لم يكن له أهل فليقل السلام علينا من
ربنا ويقرء قل هو الله أحد حين يدخل منزله فإنه ينفى الفقر علموا
صبيانكم الصلاة وخذوهم بها إذا بلغوا ثماني سنين تنزهوا
عن قرب الكلاب فمن اصابه كلب جاف فلينضح ثوبه بالماء
وإن كان الكلب رطبا فليغسله إذا سمعتم من حديثنا ما لا تعرفونه
فردوه إلينا وقفوا عنده وسلموا إذا تبين لكم الحق ولا تكونوا
مذائيع عجلى فالينا يرجع الغالي وبنا يلحق المقصر من تمسك بنا
لحق ومن تخلف عنا محق ومن اتبع امرنا لحق من سلك غير طريقتنا
سحق لمحبينا أفواج من رحمة الله ولمبغضينا أفواج من سخط الله
طريقنا القصد وأمرنا الرشد لا يجوز السهو في خمس الوتر والركعتين
قوله فليسلم على أهله قال الله تعالى (وتسلموا على أهلها) و (فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله
مباركة طيبة قوله فلينضح ثوبه بالماء أي رشه وبله لينظف به قوله مذائيع عجلى جمع مذياع وهو
الذي لا يكتم السر من الإضاعة بمعنى الافشاء وعجلى مؤنث العجلان بمعنى العجول الغالي من يقول
في أهل البيت مالا يقولون في أنفسهم كمن يدعى فيهم النبوة والإلهية والتالي المرتاد يريد الخبر
ليبلغه ليوجر عليه المخق ذهاب الشئ كله حتى لا يرى منه اثر وبمعنى الهلاكة ومنه ما في الدعاء طهر قلبي
من كل آفة تمحق ديني أي تهلكه وتفنيه ومحقه من باب نقع نقصه واذهب منه البركة لا يجوز السهو أي لا يكون
247

الأوليين من كل صلاة مفروضة اللتي تكون فيهما القراءة والصبح
والمغرب وكل ثنائية مفروضة وإن كانت سفرا ولا يقرء
العاقل القرآن إذا كان على غير طهر حتى يتطهر له أعطوا كل
سورة حقها من الركوع والسجود إذا كنتم في الصلاة لا يصلى
الرجل في قميص متوشحا به فإنه من فعال أهل لوط تجزى
للرجل الصلاة في ثوب واحد يعقد طرفيه على عنقه وفى
القميص الصفيق يزره عليه لا يسجد الرجل على صورة ولا على
بساط هي فيه ويجوز أن تكون الصورة تحت قدميه أو يطرح
عليها ما يواريها ولا يعقد الرجل الدرهم الذي فيه الصورة
في ثوبه وهو يصلى ويجوز ان يكون الدرهم في هميان أو في
ثوب إن كان طاهرا لا يسجد الرجل على كدس حنطة ولا على
قوله متوشحا التوشح بثوبه ان يدخله تحت إبطه فألقاه على منكبه كما يتوشح الرجل بحمائل سيفه وفى الحديث
التوشح في القميص من فعل الجبابرة الصفيق خلاف السخيف ويزره أي يشد ازراره وادخلها في العرى
والازرار جمع الزر وهو ما يجعل في العروة وعروة الثوب ما يدخل فيه الزر عند شده
الكدس الحب المحصود المجموع وبالفارسية يعبر بالخرمن وهو بضم الكاف وسكون الدال
248

شعير ولا على شئ مما يؤكل ولا على الخبز إذا أراد أحدكم الخلاء
فليقل بسم الله اللهم أمط عنى الأذى وأعذني من الشيطان الرجيم
وليقل إذا جلس اللهم كما أطعمتنيه طيبا وسوغتنيه فاكفنيه
فإذا نظر بحدثه بعد فراغه فليقل اللهم ارزقني الحلال وجنبني
الحرام فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال ما من
عبد الا وقد وكل الله به ملكا يلوى عنقه إذا أحدث حتى
ينظر إليه فعند ذلك ينبغي له ان يسئل الله الحلال فان
الملك يقول يا ابن آدم هذا ما حرصت عليه انظر من أين أخذته
والى ماذا صار لا يتوضأ الرجل حتى يسمى قبل ان يمس الماء يقول
بسم الله اللهم اجعلني من التوابين ومن المتطهرين فإذا فزع من
طهوره قال اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا
عبده ورسوله صلى الله عليه فعندها يستحق المغفرة من اتى
ماط وأماط عنه أي أزال وابعده ويريد بالأذى الفضلة قوله سوغتينه من ساغ الطعام أو
الشراب أي هنأ وسهل مدخله في الحلق والسائغ من الشراب سهل المرور في الحلق
249

الصلاة عارفا بحقها غفر الله له ولا يصل الرجل نافلة في وقت
فريضة ولا يتركها الا من عذر وليقض بعد ذلك إذا امكنه
القضاء فان الله عز وجل يقول الذين هم على صلاتهم
دائمون هم الذين يقضون ما فاتهم من الليل بالنهار ومن
النهار بالليل لا تقضوا النافلة في وقت الفريضة ولكن ابدأوا
بالفريضة ثم صلوا ما بدا لكم الصلاة في الحرمين تعدل الف
صلاة درهم ينفقه الرجل في الحج يعدل ألف درهم ليخشع
الرجل في صلاته فإنه من خشع لله في الركعة فلا يعبث بشئ
في صلاة القنوت في كل صلاة ثنائية قبل الركوع في الركعة
الثانية الا الجمعة فان فيها قنوتان أحدهما قبل الركوع في
الركعة الأولى والاخر بعده في الثانية والقراءة في الركعة
الأولى بسورة الجمعة بعد فاتحة الكتاب وإذا جاءك المنافقون
(أي في الركعة الثانية بعد الفاتحة) اجلسوا بعد السجدتين حتى تسكن
250

جوارحكم ثم قوموا فان ذلك من فعلنا إذا افتتح أحدكم
الصلاة فليرجع يديه بحذاء صدره إذا قام أحدكم بين يدي
الله فليتجوز وليقم صلبه ولا ينحنى إذا فرغ أحدكم من الصلاة
فليرفع يديه إلى السماء في الدعاء فلينتصب فقال ابن سبأ يا أمير المؤمنين
أليس الله بكل مكان قال بلى قال فلم ترفع أيدينا إلى السماء فقال ويحك إما
تقرأ وفى السماء رزقكم وما توعدون فمن أين نطلب الرزق
الا من موضعه وهو ما وعد الله في السماء لا تقبل من عبد
صلاة حتى يسئل الله الجنة ويستجير به من النار ويسئله ان
يزوجه من الحور العين إذا قام أحدكم إلى الصلاة فليصل صلاة
مودع لا يقطع الصلاة التبسم وتقطعها القهقهة إذا خالط النوم
القلب فقد وجب الوضوء إذا غلبتك عينك وأنت في الصلاة
فاقطعها ونم فإنك لا تدرى لعلك ان تدعو على نفسك من أحبنا
قوله فليتجوز أي فليقتصر على الجائز المجزى وفى الخصال (فليتحرى بصدره) والصلب عظم
الفقرات تكون في الظهر ويمتد من الكاهل إلى أسفل الصدر وابن سبأ هو عبد الله الذي أظهر الغلو
251

بقلبه وأعاننا بلسانه وقاتل معنا بيده فهو معنا في الجنة في
درجتنا ومن أحبنا بقلبه ولم يعنا بلسانه ولم يقاتل معنا
فهو أسفل من ذلك بدرجة ومن أحبنا بقلبه ولم يعنا
بلسانه ولا بيده فهو معنا في الجنة ومن أبغضنا بقلبه و
أعان علينا بلسانه ويده فهو في أسفل درك من النار ومن
أبغضنا بقلبه وأعان علينا بلسانه ولم يعن علينا بيده فهو
فوق ذلك بدرجة ومن أبغضنا بقلبه ولم يعن علينا بلسانه
ولا يده فهو في النار ان أهل الجنة لينظرون إلى منازل شيعتنا
كما ينظر الانسان إلى الكواكب الذي في السماء إذا قرأتم من
المسبحات شيئا فقولوا سبحان ربي الأعلى وإذا قرأتم ان الله
وملائكته يصلون على النبي فصلوا عليه في الصلاة كثيرا و
في غيرها ليس في البدن أقل شكرا من العين فلا تعطوها سؤلها
فتشغلكم عن ذكر الله جل وعز إذا قرأتم والتين فقولوا في آخرها
252

ونحن على ذلك من الشاهدين إذا قرأتم قولوا آمنا بالله فقولوا
آمنا بالله حتى تبلغوا إلى قوله ونحن له مسلمون إذا قال العبد
في التشهد الأخير من الصلاة المكتوبة اشهد ان لا إله إلا الله
وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وان الساعة آتية
لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور ثم أحدث حدثا فقد تمت
صلواته ما عبد الله جل وعز بشئ هو أشد من المشي إلى الصلاة
اطلبوا الخير في أعناق الإبل واخفافها صادرة وواردة انما
سمى نبيذ السقاية لان رسول الله صلى الله عليه وآله اتى بزبيب
من الطائف فامر ان ينبذ ويطرح في ماء زمزم لأنه مر فأراد ان
تسكن مرارته فلا تشربوا إذا أعتق إذا تعرى الرجل نظر إليه الشيطان
فطمع فيه فاستتروا ليس للرجل ان يكشف ثيابه عن فخذه ويجلس
قوله ثم أحدث حدثا أي اتى بشئ من المبطلات أقول هذا محمول على التقية أو غيرها قوله انما سمى نبيذ
السقاية الظاهر أنه ليس المراد بالنبيذ المسكر الذي حرم الله شربه في الاسلام ولذا عبر عنه بالسقاية وعلل نبيذه
في ماء زمزم بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وانه مر وانما هو ماء مالح قد نبذ فيه تمرات ليطيب طعمه وقد كان
ماء صافيا فوقها كذا جاءت الرواية بتفسيره كما قال الطريحي في المجمع وصرح فيه عن بعض الشراح انه ص توضأ بالنبيذ
253

بين يدي قوم من اكل شيئا من المؤذيات فلا يقربن المسجد ليرفع
الساجد مؤخره في الصلاة إذا أراد أحدكم الغسل فليبدء
بذراعيه فليغسلهما إذا صليت وحدك فاسمع نفسك القراءة
والتكبير والتسبيح إذا انفتلت من صلاتك فعن يمينك تزدووا
من الدنيا التقوى فإنها خير ما تزودتموه منها من كتم وجعا
اصابه ثلاثة أيام من الناس وشكى إلى الله كان حقا على الله
ان يعافيه منه أبعد ما يكون العبد من الله إذا كانت همته
بطنه وفرجه لا يخرج الرجل في سفر يخاف على دينه منه
اعط السمع أربعة في الدعاء الصلاة على النبي وآله واطلب
من ربك الجنة والتعوذ من النار وسؤالك إياه الحور العين إذا
فرغ الرجل من صلاته فليصل على النبي صلى الله عليه وآله و
ليسئل الله الجنة ويستجير به من النار ويسئله ان يزوجه الحور
انفتلت من الصلاة أي انصرفت عنها والانفلات الخروج بالسرعة قوله مؤخره في الصلاة قال الفيروزآبادي
المؤخر من الرجل خلاف قادمته (والمؤخر كالمقدم بفتح الخاء المشددة وكالمؤمن كلاهما بمعنى واحد
254

العين فإنه من لم يصل على النبي رجعت دعوته ومن سئل الله
الجنة سمعت الجنة فقالت يا رب اعط عبدك ما سئل ومن استجار
به من النار قالت النار يا رب اجر عبدك مما استجار منه ومن
سئل الحور العين سمعت الحور العين فقالت اعط عبدك ما سئل
الغناء نوح إبليس على الجنة إذا أراد أحدكم النوم فليضع يده
اليمنى تحت خده الأيمن وليقل بسم الله وضعت جنبي لله على
ملة إبراهيم ودين محمد وولاية من افترض الله طاعته ما شاء
الله كان وما لم يشأ لم يكن من قال ذلك عند منامه حفظ من
اللص المغير والهدم واستغفرت له الملائكة حتى ينتبه ومن قرء
قل هو الله أحد حين يأتي مضجعه وكل الله به خمسين الف ملك
يحرسونه ليلته إذا نام أحدكم فلا يضعن جنبه حتى يقول أعيذ
قوله نوح إبليس النوح الصيحة مع الجزع اللص بضم اللام وكسرها واحد اللصوص وهو السارق المغير من الغارة
ومن الاغارة بمعنى النهب ومنه قولهم تغير على لجوم الأضاحي بمعنى الاغارة والنهب.
نفسي وأهلي وديني ومالي وولدي وخواتيم عملي وما خولني ربى
255

ربى (وفى الخصال وما رزقني ربى وخولني) ورزقني بعزة الله وعظمة
الله وجبروت الله وسلطان الله ورحمة الله ورأفة الله و
غفران الله وقوة الله وقدرة الله ولا إله إلا الله وأركان
الله وصنع الله وجمع الله وبرسول الله صلى الله عليه وآله
وبقدرته على ما يشاء من شر السامة والهامة ومن شر
الجن والإنس ومن شر ما ذرء في الأرض وما يخرج منها و
من شر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها ومن شكر كل دابة
أنت آخذ بناصيتها ان ربى على صراط مستقيم وهو على كل شئ
قدير ولا حول ولا قوة الا بالله فان رسول الله صلى الله عليه
وآله كان يعوذ الحسن والحسين بها وبذلك امرنا رسول الله
صلى الله عليه وآله وعليهم أجمعين نحن الخزان لدين الله
ونحن مصابيح العلم إذا مضى منا علم بدا علم لا يضل من اتبعنا
خوله الشئ ملكه إياه وأعطاه متفضلا السامة بتشديد الميم هو كل ما سم ولا يبلغ ان يقتل بسم كالعقرب
والزنبور والهامة ما يسم ويقتل وقد تطلق على ما يدب وان لم تقتل كالحشرات وقيل ما يطلق على المخوف كالحية
256

ولا يهتدى من أنكرنا ولا ينجو من أعان علينا عدونا ولا يعان
من أسلمنا ولا يخلو عنا بطمع في حطام الدنيا الزائلة عنه فإنه
من آثر الدنيا علينا عظمت حسرته غدا وذلك قول الله ان تقول
نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وان كنت لمن الساخرين
اغسلوا صبيانكم من الغمر فان الشيطان يشم الغمر فيفزع الصبى
في رقاده ويتأذى به الكاتبان لكم من النساء أول نظرة فلا
تتبعوها واحذروا الفتنة مد من الخمر يلقى الله عز وجل حين
يلقاه كعابد وثن فقال له حجر بن عدي يا أمير المؤمنين من المدمن الخمر قال الذي
إذا وجدها شربها من شرب مسكر لم تقبل صلاته أربعين ليلة
من قال لمسلم قولا يريد به انتقاص مروته حبسه الله في طينة
خبال حتى يأتي مما قال بمخرج لا ينم الرجل مع الرجل في ثوب
قوله من آثر الدنيا علينا أي قدم نفسه علينا وغضب حقنا فرطت أي قصرت الغمر بالتحريك
الدسم والزهومة من اللحم والوضر من السمن وفى الحديث لا يتبين أحدكم ويده غمرة الكاتبان
أي المكان الموكلان على الانسان اللذان يكتبان أعماله من الخير والشر حجر بن عدي بتقديم الحاء على الجيم
من خواص أصحابه عليه السلام انتقاص مروته يقال انتقص الرجل عابه والخبال الفساد وطينة الخبال صديد أهل النار
257

واحد ولا المرأة مع المرأة في ثوب واحد ومن فعل ذلك وجب
عليه الأدب وهو التعزير كلوا لدباء فإنه يزيد في الدماغ
وكان يعجب النبي صلى الله عليه وآله كلوا الا ترج قبل
الطعام وبعده فان آل محمد صلى الله عليه وآله يأكلونه
الكمثرى يجلو القلب ويسكن اوجاعه بإذن الله إذا قام
الرجل في الصلاة اقبل إبليس ينظر إليه حسدا لما يرى من
رحمة الله التي تغشاه شر الأمور محدثاتها خير الأمور ما
كان لله جل وعز رضي من عبد الدنيا وآثرها على الآخرة
استوخم العاقبة لو يعلم المصلى ما يغشاه من رحمة الله ما
انفتل ولا سره ان يرفع رأسه من السجدة إياكم والتسويف في
في العمل بادروا به إذا أمكنكم ما كان من رزق فسيأتيكم
الدبا القرع وهو نوع من اليقطين والأترج الترنج المحدثات مالم يكن معروفا في الكتاب
والسنة والاجماع ومنه قوله عليه السلام شرا لأمور محدثاتها قوله آثرها أي اختارها
وفضلها عليها قوله واستوخم العاقبة أي وجدها وخيما أي ثقيلا ما يغشاه أي
يشمله ومنه غشيتهم الرحمة أي شملتهم انفتل أي انصرف التسويف في الامر تأخيره والقول باني سوف افعل
258

على ضعفكم وما كان عليكم فلن تقدروا على دفعه بحيلة مروا
بالمعروف وانهوا عن المنكر إذا وضع الرجل في الركاب يقال
سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا إلى ربنا
لمنقلبون وإذا خرج أحدكم في سفر فليقل اللهم أنت الصاحب
في السفر والحامل على الظهر والخليفة في الأهل والمال والولد
وإذا نزلتم فقولوا اللهم أنزلنا منزلا مباركا وأنت خير المنزلين
إذا دخلتم الأسواق لحاجة فقولوا اشهد ان لا إله إلا الله
وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه و
آله اللهم إني أعوذ بك من صفقة خاسرة ويمين فاجرة
وأعوذ بك من بواء الاثم المنتظر وقت الصلاة بعد العصر زائر
لله وحق على الله عز وجل ان يكرم زائره ويعطيه ما سأل
الصفقة ضرب اليد على اليد في البيع وكانت العرب إذا وجب البيع ضرب أحدهما يده على يد صاحبه
ثم استعملت الصفقة على البيع والمراد هنا بيعة خاسرة ويمين فاجرة أي حلف كاذبه والبواء هو
الرجوع بواء الاثم أي الرجوع بالذنب أو جزاء الاثم ويجيئ بمعنى السواء والكفو والنكاح أيضا
والمراد هنا الأول والثاني.
259

الحاج والمعتمر وفد الله وحق على الله ان يكرم وفده ويحبوه
بالمغفرة من سقى صبيا مسكرا وهو لا يعقل حبسه الله في
طينة خبال حتى يأتي مما فعل بمخرج الصدقة جنة عظيمة
وحجاب للمؤمن من النار ووقاية للكافرين من تلف المال و
يعجل له الخف ويدفع السقم عن بدنه وماله في الآخرة من
نصيب باللسان يكب أهل النار في النار وباللسان يستوجب
أهل القبور النور فاحفظوا ألسنتكم واشغلوها بذكر الله من
عمل الصور سئل عنها يوم القيمة إذا أخذت من أحدكم قذاه
فليقل أماط الله عنك ما تكره إذا خرج أحدكم من الحمام فقال
له اخوه طاب حميمك فليقل أنعم الله بالك وإذا قال له حياك
الله بالسلام فليقل وأنت فحياك الله بالسلام وأحلك دار المقام
الوافد الوارد القادم ويحبوه أي ويعطيه من حباه بكذا أي أعطاه أباه بلا جزاء القذى والقذاة
ما يقع في العين أو في الشراب من تراب وتبن ونحوهما وأماط أي نحاه وابعده البال الامر و
الحال والنفس والقلب وانعم الله بالك المراد حالك أو نفسك أو قلبك حياك الله أي أبقاك الله
مع السلامة في الدنيا والآخرة والسلام تحية من الله لعباده المؤمنين.
260

السؤال بعد المدح فامدحوا الله ثم سلوه الحوائج واثنوا عليه
قبل طلبها يا صاحب الدعاء لا تسئل ما لا يكون ولا يحل إذا
هنا تم الرجل من مولود ذكر فقولوا بارك الله لك في هبته وبلغ
أشده ورزقت بره إذا قدم أحدكم من مكة فقبل عينيه وفمه الذي
قبل الحجر الأسود الذي قبله رسول الله صلى الله عليه وآله و
قبل موضع سجوده وجبهته وإذا هنأتموه فقولوا قبل الله نسكك و
شكر سعيك واخلف عليك نفقتك ولا جعله آخر عهدك ببيته الحرام
احذروا السفلة فان السفلة لا يخاف الله جل وعز ان الله اطلع
فاختارنا واختار لنا شيعتنا ينصروننا ويفرحون بفرحنا ويحزنون
بحزننا ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا أولئك منا والينا ما من
شيعتنا أحد يقارف أمرا نهيناه عنه فيموت حتى يبتلى ببلية تمحص
بها ذنوبه إما في مال أو ولد واما في نفسه حتى يلقى الله محبنا و
قوله يقارف أمرا أي يقارب أمرا ويدنوه قوله تمحص بها ذنوبه أي تطهرها وينقيها بها قال
الله تعالى وليمحص الله الذين آمنوا أي يخلصهم من ذنوبهم وينقيهم ومحص الله العبد من الذنب أي طهره
261

ماله ذنب وانه ليبقى عليه شئ من ذنوبه فيشدد عليه
عند الموت فيمحص ذنوبه الميت من شيعتنا صديق شهيد صدق
بامرنا وأحب فينا وابغض فينا يريد بذلك وجه الله مؤمنا بالله
ورسوله من أذاع سرنا أذاقه الله باس الحديد اختنوا أولادكم
يوم السابع ولا يمنعكم حر ولا برد فإنه طهر للجسد وان الأرض
لتضج إلى الله من بول الأتلف أصناف السكر أربعة سكر
الشباب وسكر المال وسكر النوم وسكر الملك أحب للمؤمنين
ان يطلى في كل خمس عشر يوما مرة بالنورة أقلوا اكل الحيتان
فإنها تذيب البدن وتكثر البلغم وتغلظ النفس الحسو باللبن
شفاء من كل داء الا الموت كلوا الرمان بشحمه فإنه دباغ للمعدة
وحياة القلب ويذهب بوسواس الشيطان كلوا الهندباء فإنه ما
قوله أذاقه الله باس الحديد يعنى بالسيف في الدنيا لان من أذاع سر أهل البيت سيما في زمان خلفاء
الجور قتل به الأقلف الذي يختن سكر الشباب في الخصال سكر الشراب الحسو من اللبن بالضم والفتح الجرعة
أي شربه شيئا بعد شئ الهندبا نبات يقال بالفارسية (كاسنى) وهي بكسر الهاء وفتح الدال وقيل بالكسر
ممدودة ومعصورة بقلة معروفة نافعة للمعدة والكبد والطحال اكلا وللسعة العقرب ضمادا بأصولها
262

من صباح الا وعليه قطرة من قطرات الجنة اشربوا ماء السماء فإنه
طهور للبدن ويدفع الأسقام قال الله عز وجل وينزل عليكم من
السماء ماء ليطهركم ويذهب عنكم رجز الشيطان الحبة السوداء
ما من داء الا وفيها منه شفاء الا السام لحوم البقر داء وألبانها
شفاء وكذلك اسمانها ما تأكل الحامل شيئا ولا تبدأ به أفضل
من الرطب قال الله وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا
جنيا حنكوا أولادكم بالتمر فهكذا فعل رسول الله صلى الله عليه
وآله بالحسين والحسن إذا أراد أحدكم ان يأتي أهله فلا يعاجلنها
وليمكث يكن منها مثل الذي يكون منه إذا رأى أحدكم امرأة تعجبه
فليلق أهله فان عندها مثل الذي رأى ولا يجعل للشيطان على
قلبه سبيلا وليصرف بصره عنها فإن لم تكن له زوجة فليصل ركعتين
قوله الا السام أي الموت اسمانها جمع السمن بمعنى الدهن قوله حنكوا أولادكم الحنك بالتحريك أعلى
باطن الفم والأسفل من طرق مقدم اللحيين وقد يطلق على ما تحت الذقن وتحنك المولود بالتمر هو ان يمضغ
حتى يصير مايعا فيوضع فيه ليصل شئ منه إلى جوفه يقال حنك أي مضغ فدلك بحنكه قوله تعالى وهزي
إليك بجذع النخلة أي حركي يقال هزه وهز به إذا حركه واهتز العرش أي تزلزل وجذع النخلة أي ساقها
263

ويحمد الله كثيرا إذا أراد أحدكم غشيان زوجته فليقل الكلام
فان الكلام عند ذلك يورث الخرس لا ينظرن أحدكم إلى
باطن فرج المرأة فإنه يورث البرص وإذا أتى أحدكم زوجته فليقل
اللهم إني استحللت فرجها بأمرك وقبلتها بأمانتك فان
قضيت منها ولدا فاجعله ذكرا سويا ولا تجعل للشيطان فيه
شركا ونصيبا الحقنة من الأربعة التي قال رسول الله صلى الله
عليه وآله فيها ما قال وأفضل ما تداويتم به الحقنة وهي تعظم
البطن وتنقى داء الجوف وتقوى الجسد استعطوا بالبنفسج فان
رسول الله صلى الله عليه وآله قال لو يعلم الناس ما في البنفسج
لحسوة حسوا إذا أراد أحدكم اتيان أهله فليتوق الأهلة و
انصاف الشهور فان الشيطان يطلب الولد في هذين الوقتين توفوا
الحجامة يوم الأربعاء ويوم الجمعة فان الأربعاء نحس مستمر وفيه
خلقت جهنم وفى يوم الجمعة لا يحتجم أحد الا مات.
264

الغشيان بالكسر الاتيان بالجامعة والخرس بالتحريك آفة تصيب اللسان فتمنعه من الكلام استعطوا البنفسج
أي ادخلوه في الانف الاستعاط ادخال الدواء في الانف من النعوط الحسو وحسوة الجرعة من الشراب وفى الحديث
فاكل رسول الله وعلى صلى الله عليهما وآلهما وحسوا المرق أي شربا منه شيئا بعد شئ والحسوة قدر ما يحتسى
62 - ومن خطبه عليه السلام
في وصفه الدنيا للمتقين نقلها في تحف العقول ص 186 قال قال جابر بن عبد الله الأنصاري كنا
مع أمير المؤمنين عليه السلام بالبصرة فلما فرغ من قتال من قاتله أشرف علينا من آخر الليل فقال
ما أنتم فيه فقلنا في ذم الدنيا فقال علي عليه السلام تذم الدنيا يا جابر ثم حمد الله وأثنى عليه وقال عليه السلام
يا جابر إما بعد فما بال أقوام يذمون الدنيا انتحلوا الزهد
فيها الدنيا منزل صدق لمن صدقها ومسكن عافية لمن فهم
عنها ودار غنى لمن تزود منها مسجد أنبياء الله ومهبط وحيه
ومصلى ملائكته ومسكن أحبائه ومتجر أوليائه واكتسبوا فيها
الرحمة وربحوا منها الجنة فمن ذا يذم الدنيا يا جابر قد أذنت
ببينها ونادت بانقطاعها ونعت نفسها بالزوال ومثلت ببلائها
البلاء وشوقت بسرورها إلى السرور وراحت بفجيعة وابتكرت بنعمة
أقول روى الشيخ هذه الخطبة في الأمالي في المجلس السابع مع اختلاف كثير وابن طلحة في مطالب السئول و
المفيد في الارشاد قوله أشرف علينا أي دنا منا فقال ما أنتم أي في أي حال أنتم وما كلامكم قوله عليه السلام
آذنت بمد الهمزة أي أعلمت بينها أي ببعذها ونعاه أي أخبر يفقده وراحت أي وافت وقت العشى
وابتكرت أي أصبحت الفجيعة بمعنى الرزية وفجعة في المال فجعا من باب نفع فهو مفجوع وتفجعت له توجعت
265

وعافية ترهيبا وترغيبا يذمها قوم عند الندامة خدمتهم
جميعا فصدقتهم وذكرتهم فذكروا ووعظتهم فاتعظوا و
خوفتهم فخافوا وشوقتهم فاشتاقوا فأيها الذام للدنيا المغتر
بغرورها متى استذمت إليك بل متى غرتك بنفسها بمصارع آباءك
من البلى أم بمضاجع أمهاتك من الثرى كم مرضت بيديك وعللت
بكفيك تستوصف لهم الدواء وتطلب لهم الأطباء لم تدرك فيه
طلبتك ولم تسعف فيه بحاجاتك بل مثلت الدنيا به نفسك و
بحاله حالك غداة لا ينفعك أحباءك ولا يغنى عنك نداءك حين
يشتد من الموت أعالين المرض واليم لوعات المضض حين لا ينفع
الأليل ولا يدفع العويل يحفز بها الحيزوم ويغص بها الحلقوم
المصرع مكان الصرع أي السقوط والبلى بكسر الباء الفناء بالتحليل الثرى التراب الندا مرضت المريض
أي خدمته في مرضه وعللت أي خدمته في علته الطلبة بالكسر ما يطلب أي المطلوب وتسعف نجاحتك
أي تقضاها لك أعالين المرض كذا في جميع النسخ التي نقلوا فيها هذه الخطبة من الأمالي والارشاد و
مطالب السئول وغيرها ولعله جمع اعلان والمراد منها امارات مرض الموت ولو عات جمع لوعة وهي الحرقة
من هم أو شوق والمضض الألم والوجع ولوعة المضض حرقته والأليل الأنين والثكل والعويل رفع الصوت
بالبكاء والصياح والحفز الدفع والطعن والازعاج الحيزوم وسط الصدر والظهر والبطن ويغص بها أي يضيق بها
266

لا يسمعه النداء ولا يروعه الدعاء فيا طول الحزن عند انقطاع
الاجل ثم يراح به على شرجع نقله اكف أربع فيضجع في قبره في
لبث وضيق جدث فذهبت الجدة وانقطعت المدة ورفضته
العطفة وقطعته اللطفة لا تقاربه الأخلاء ولا يلم به الزوار
ولا اتسقت به الدار انقطع دونه الأثر واستعجم دونه الخبر و
بكرت ورثته فأقسمت تركته ولحقه الحوب وأحاطت به الذنوب
فان يكن قدم خيرا طاب مكسبه وان يكن قدم شراتب منقلبه
وكيف ينفع نفسا قرارها والموت قصارها والقبر مزارها فكفى بهذا
واعظا كفى يا جابر امض معي فمضيت معه حتى آتينا القبور فقال يا أهل
التربة إما المنازل فقد سكنت واما المواريث فقد قسمت و
إما الأزواج فقد نكحت هذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندكم ثم أمسك
عنى مليا ثم رفع رأسه فقال والذي أقل السماء فعلت وسطح
الأرض فدحت لو اذن للقوم في الكلام لقالوا انا وجدنا خير الزاد
267

التقوى ثم قال يا جابر إذا شئت فارجع قوله راح أي ذهب في الرواح أي
العشى وعمل فيه ويستعمل لمطلق الذهاب والمضى أيضا والشرجع بالجيم كعسكر الطويل والنعش والجنازة
والسرير والخشبة الطويلة المربعة الجده: الوجد القدرة والغنى لم بفلان اتاه فنزل به استعجم سكت عجزا
ولم يقدر عليه بكرت أسرعت وتقدمت والحوب الاثم تب خسر قصارها بالفتح والضم غاية جهدها
وآخر امرها أقل واستقل السماء رفعها.
63 - ومن خطبه عليه السلام
نقلها ابن أبي الحديد في شرح النهج ص 55 قال وروى الكلبي قال لما أراد علي عليه السلام المسير إلى
البصرة قام فخطب الناس فقال بعد ان حمد الله وصلى على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم
ان الله لما قبض نبيه صلى الله عليه وآله وسلم استأثرت علينا
قريش بالامر ودفعتنا عن حق نحن أحق به من الناس كافة فرأيت أن
الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين وسفك دمائهم
والناس حديثو عهد بالاسلام والدين يمخض مخض الوطب يفسده
أدنى وهن ويعكسه أقل خلق فولى الامر قوم لم يألوا في امرهم
اجتهادا ثم انتقلوا إلى دار الجزاء والله ولى تمحيص سيئاتهم والعفو
عن هفواتهم فما بال طلحة والزبير وليسا من هذا الامر بسبيل لم
يصبرا على حولا ولا أشهرا حتى وثبا ومرقا ونازعاني أمرا لم يجعل الله
لهما إليه سبيلا بعد ان بايعا طائعين غير مكرهين يرتضعان إما
268

قد فطمت ويحييان بدعة قد أميتت ادم عثمان زعما والله
ما التبعة الا عندهم وفيهم وان لأعظم حجتهم لعلى أنفسهم
وانا راض بحجة الله عليهم وعلمه فيهم فان فاء وانا أبا
فحظهما احزرا وأنفسهما غنما وأعظم بهما غنيمة وان أبيا
أعطيتهما حد السيف وكفى به ناصرا لحق وشافيا لباطل ثم نزل
قوله استأثر يقال استأثر فلان بالشئ أي استبد به قوله يمخض مخض الوطب أي يستخرج كما يستخرج الربذ من
اللبن الوطب سقاء اللبن لم يألوا أي لم يقصروا التمحيص الابتلاء والاختبار الهفوات بمعنى الزلات.
64 - ومن كلامه عليه السلام
في الجزء التاسع من البحار ص 537 عن الكافي عن علي عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن بريد
بن معاوية قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول بعث أمير المؤمنين عليه السلام مصدقا من
الكوفة إلى باديتها فقال: يا عبد الله انطلق وعليك بتقوى الله وحده
لا شريك له ولا تؤثرن دنياك على آخرتك وكن حافظا لما ائتمنتك
عليه مراعيا لحق الله فيه حتى تأتي نادى بنى فلان فإذا قدمت
فأنزل بماء هم من غير أن تخالط أبياتهم ثم امض إليهم بسكينة و
وقار حتى تقوم بينهم فتسلم عليهم ثم قل لهم يا عباد الله أرسلني
269

إليكم ولى الله لاخذ منكم حق الله في أموالكم فهل لله في
أموالكم حق فتؤدوه إلى وليه فان قال لك قائل لا فلا ترجعه
وان أنعم لك منهم منعم فانطلق معه من غير أن تخيفه أو
تعده الا خيرا فإذا آتيت ماله فلا تدخله الا باذنه فان أكثره له
فقل يا عبد الله أتأذن لي في دخول مالك فان اذن لك فلا تدخله
دخول متسلط عليه فيه ولا عنف به فاصدع المال صدعين
ثم خيره أي الصدعين شاء فأيهما اختار فلا تعرض له ثم اصدع
الباقي صدعين ثم خيره فأيهما اختار فلا تعرض له ولا تزال كذلك
حتى يبقى ما فيه وفاء لحق الله تبارك وتعالى في ماله فإذا بقى ذلك
فاقبض حق الله منه وان استقالك فاقله ثم اخلطهما واصنع مثل
الذي صنعت أولا حتى تأخذ حق الله في ماله فإذا قبضته فلا توكل
به الا ناصحا شفيقا أمينا حفيظا غير معنف بشئ منها ثم احدر كلما اجتمع
عندك من كل ناد إلينا نصيره حيث أمر الله عز وجل فإذا انحدر فيها
270

رسولك فاوغر إليه ان لا يحول بين ناقة وبين فصيلها ولا يفرق
بينهما ولا يمصرن لبنها فيضر ذلك بفصيلها ولا يجهد بها ركوبا
وليعدل بينهن في ذلك وليورد هن كل ماء يمر به ولا يعدل
بهن عن نبت الأرض إلى جواد الطريق في الساعة التي فيها تريح
وتغبق أي تشرب وليرفق بهن جهده حتى يأتينا بإذن الله سحاحا سمانا
غير متعبات ولا مجهدات فنقسمهن بإذن الله على كتاب الله وسنة
نبيه صلى الله عليه وآله على أولياء الله فان ذلك أعظم لأجرك
وأقرب لرشدك ينظر الله إليها واليك والى جهدك ونصيحتك لمن
بعثك وبعثت في حاجته فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال
ما ينظر الله إلى ولى له يجهد نفسه بالطاعة والنصيحة له ولامامه
الا كان معنا في الرفيق الاعلى قال ثم بكى أبو عبد الله عليه السلام ثم قال يا بريد لا
والله ما بقيت لله حرمة الا انتهك ولا عمل بكتاب الله ولا سنة نبيه في هذا العالم ولا أقيم في هذا
الخلق حد منذ قبض الله أمير المؤمنين عليه السلام ولا عمل بشئ من الحق إلى يوم الناس هذا ثم قال
إما والله لا تذهب الأيام والليالي حتى يحيى الله الموتى ويميت الاحياء ويرد الله الحق إلى أهله ويقيم
دينه الذي ارتضاه لنفسه ونبيه صلى الله عليه وآله فابشروا ثم أبشروا فوالله ما الحق الا في أيديكم
271

قوله أو عزاليه أي تقدم وقال في النهاية في حديث على ولا يمصرن لبنها فيضر ذلك بولدها المصر الحلب
بثلاثة أصابع يريد لا يكثر من اخذ لبنها وتغبق بالغين المعجمة يقال إنه من الغبوق وهو الشرب
بالعشى ولعل هذا تصحيف العنوق بالعين المهملة وبعدها النون وهو الضرب من سير الإبل وسحت
الشاة تسح بالكسر أي سمنت وغنم سحاح أي سمان ولد نقل الرضي رضي الله عنه في النهج بتغيير.
65 - ومن خطبه عليه السلام
نقلها عبد الحميد أبي الحديد في الجزء السادس من شرح النهج المطبوع في طهران ص 293 قال قال
المدائني وقيل لعلى عليه السلام لقد جزعت على محمد بن أبي بكر يا أمير المؤمنين فقال وما يمنعني
انه كان لي ربيبا وكان لي أخا وكنت له والدا أعده ولدا وروى إبراهيم من رجاله عن عبد الرحمن
بن جندب عن أبيه قال خطب علي عليه السلام بعد فتح مصر وقتل محمد بن أبي بكر فقال عليه السلام
إما بعد فان الله بعث محمدا نذيرا للعالمين وأمينا على التنزيل
شهيدا على هذه الأمة وأنتم معاشر العرب يومئذ على شردين
وفى شر دار منيخون على حجارة حش وحيات صم وشوك مبثوث
في البلاد تشربون الماء الخبيث وتأكلون الطعام الخبيث تسفكون
دماءكم وتقتلون أولادكم وتقطعون ارحامكم وتأكلون أموالكم
بينكم بالباطل سبلكم خائفة والأصنام فيكم منصوبة ولا يؤمن
أكثركم بالله الا وهم مشركون فمن الله عز وجل عليكم بمحمد (صلى الله
قوله عليه السلام منيخون أي مقيمون من أناخ أي أقام في المكان قوله حجارة حش أي كالنار الموقدة
من شدة الحرارة وحيات صم أي الذكر من الحيات كذا قال في القاموس وقال أنثى القنافذ أيضا
272

عليه وآله وسلم) فبعثه إليكم رسولا من أنفسكم بلسانكم فعلمكم
الكتاب والحكمة والفرائض والسنة وأمركم بصلة ارحامكم و
حقن دمائكم وصلاح ذات البين وان تؤدوا الأمانات إلى أهلها
وان توفوا بالعهد ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وان تعاطفوا
وتباروا وتباذلوا وتراحموا ونهاكم عن التناهب والتظالم و
التحاسد والتباغي والتقاذف وعن شرب الحرام ونجس المكيال
ونقص الميزان وتقدم إليكم فيما تلا عليكم ان لا تزنوا ولا تربوا
ولا تأكلوا أموال اليتامى ظلما وتؤدوا الأمانات إلى أهلها ولا
تعثوا في الأرض مفسدين ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين
وكل خير يدنى إلى الجنة ويباعد من النار وأمركم به وكل شر
يدنى إلى النار ويباعد إلى الجنة نهاكم عنه فلما استكمل مدته
توفاه الله إليه سعيدا حميدا فيالها مصيبة خصت الأقربين و
عمت المسلمين ما أصيبوا قبلها بمثلها ولن يعاينوا بعدها أختها
273

فلما مضى لسبيله عليه السلام تنازع المسلمون الامر بعده فوالله
ما كان يلقى في روعي ولا يخطر على بالى ان العرب تعدل هذا الامر
بعد محمد عن أهل بيته ولا انهم منحوه عنى فما راعني الا انثيال
الناس على أبى بكر واجفالهم ليبايعوه فأمسكت يدي ورأيت
انى أحق بمقام محمد صلى الله عليه وآله في الناس ممن تولى
الامر من بعده فلبثت بذاك ما شاء الله حتى رأيت راجعة من
الناس رجعت عن الاسلام تدعوا إلى محق دين الله وملة محمد
صلى الله عليه وآله فخشيت ان لم انصر الاسلام وأهله ان
ارى فيه ثلما وهدما يكون المصائب بهما على أعظم من فوت
ولاية أموركم التي انما هي متاع أيام قلائل ثم تزول وما كان منهما
كما يزول السراب وكما يتقشع السحاب فمشيت عند ذلك إلى أبى بكر
الروع نفتح الراء وضمها القلب ومحل الفزع البال الحال والقلب والخاطر منحوه أي اعطوه الانثيال هو
الاعتلاف محقه محقا من باب نفع نقصه واذهب منه البركة وقيل المحق ذهاب الشئ وبمعنى المحو أيضا
الثلم والثلمة كبرمة الخلل الواقع في الحائط وغيره والجمع البثلم گبرم ومنه الحديث إذا مات العالم ثلم في الاسلام
ثلمة لا يسدها شئ يتقشع السحاب أي يتصدع وينقلع وينكشف وقشعت الريح السحاب أي كشفته
274

فبايعته ونهضت في تلك الاحداث حتى زاغ الباطل وزهق و
كان كلمة الله هي العليا ولو كره الكافرون فتولى أبو بكر تلك
الأمور فسدد وقارب واقتصد وصحبته مناصحا وأطعته فيما
أطاع الله فيه جاهدا وما طمعت ان لو حدث به حدث وانا
حي ان يرد إلى الامر الذي بايعته فيه طمع مستيقين ولا يئست
منه ياس من لا يرجوه ولولا خاصة ما كان بينه وبين عمر
لظنت انه لا يدفعها غنى فلما احتضر بعث إلى عمر فولاه فسمعنا
وأطعنا وناصحنا وتولى عمر الامر وكان مرضى السيرة ميمون النقيبة
حتى إذا احتضر قلت في نفسي لن يعدلها عنى ليس يدافعها عنى
فجعلني سادس ستة وما كانوا لولاية أحد منهم أشد كراهية
لولايتي عليهم كانوا يستمعون عند وفاة الرسول صلى الله عليه
وآله أحاج أبا بكر وأقول يا معشر قريش انا أهل البيت أحق بهذا
الامر منكم ما كان فينا من يقرء القرآن ويعرف السنة ويدين
275

بدين الحق فخشى القوم ان انا وليت عليهم ان لا يكون لهم من
الامر نصيبا ما بقوا فاجمعوا اجماعا واحدا فصرفوا الولاية إلى
عثمان وأخرجوني منها رجاء ان ينالوها ويتداولوها إذ
يئسوا ان ينالوها من قبلي ثم قالوا هلم فبايع والا جاهدناك
فبايعت مستكرها وصبرت محتسبا فقال قائلهم يا ابن أبي
طالب انك على هذا الامر لحريص فقلت أنتم احرص منى وابعد
أينا احرص انا الذي طلبت تراثي وحقي الذي جعلني الله و
رسوله أولي به أم أنتم تضربون وجهي دونه وتحولون بيني
وبينه فبهتوا والله لا يهدى القوم الظالمين اللهم إني
أستعينك على قريش فإنهم قطعوا رحمي وأضاعوا انائي
وصغروا منزلتي وأجمعوا على منازعتي حقا كنت أولي به منهم
فسلبونيه ثم قالوا الا ان في الحق ان تأخذه وفى الحق ان تمنعه
فاصبر كمدا أو مت أسفا حنقا فنظرت فإذا ليس معي رافد ولا ذاب
276

ولا ناصر ولا مساعد الا أهل بيتي فضننت بهم على المنية
فأغضيت على القذى وتجرعت ريقي على الشجى وصبرت من كظم الغيظ
على أمر من العلقم وآلم للقلب من حز الشفار حتى إذا أنقمتم على
عثمان أتيتموه فقتلتموه ثم جئتموني لتبايعوني فأبيت عليكم و
أمسكت يدي فنازعتموني ودفعتموني وبسطتم يدي فكففتها و
مددتموها فقبضتها وازدحمتم على حتى ظننت ان بعضكم قاتل
بعضكم أو انكم قاتلي فقلتم بايعنا لا نجد غيرك ولا نرضى الا بك
أبا يعنا لا نفترق ولا نختلف فبايعتكم ودعوت الناس إلى بيعتي
فمن بايع طوعا قبلته ومن أبى لم أكرهه وتركته فبايعني فيمن
أبا يعنى طلحة والزبير ولو أبيا ما أكرهتهما كما لم أكره غيرهما
فما لبثنا الا يسيرا حتى بلغني انهما خرجا من مكة متوجهين إلى
قوله آنائي أي وقتي يقال إذا جاء أناه أي وقته الكمد بالتحريك الحزن والحنق محركة الغيظ الرافد المعين
فأغضيت على القذى أي أدنيت الجفون مما وقع في العين قوله وتجرعت على الشجى أي بلعت على
ما اعترض في حلقى العلقم الحنظل وكل شئ طعمه مر قوله خر الشفار أي قطع السيوف قوله
وفى نسخة ثم تفاقمت الأمور فما زالت تجرى على غير جهتها تفاقمت الأمور أي لم يجر على الاستواء
277

البصرة في جيش ما منهم رجل الا قد أعطاني الطاعة وسمح لي بالبيعة
فقد ما على عاملي وخزان بيت مالي وعلى أهل مصري الذين كلهم
على بيعتي وفى طاعتي فشتتوا كلمتهم وافسدوا جماعتهم ثم وثبوا
على شيعتي من المسلمين فقتلوا طائفة منهم غدرا وطائفة صبرا
ومنهم طائفة غضبوا لله فشهروا سيوفهم وضربوا بها حتى لقوا
الله عز وجل صادقين والله لو لم يصيبوا منهم الا رجلا واحدا
متعمدين لقتله لحل به قتل ذلك الجيش باسره قدع انهم ما قتلوا
من المسلمين أكثر من العدة التي دخلوا بها عليهم وقد أدال الله
منهم فبعدا للقوم الظالمين ثم انى نظرت في أمر أهل الشام فإذا
اعراب احزاب وأهل طمع جفاة طغاة يجتمعون من كل أوب من كان
ينبغي ان يؤدب وان يولى عليه ويؤخذ على يديه لبسوا من
المهاجرين ولا الأنصار التابعين باحسان فسرت إليهم فدعوتهم
قوله سمح لي يسح بفتحتين سموحا وسماحا وسماحة أي جاد وسهل وتسامحوا أي تساهلوا قوله وطائفة
صبرا في الخبر نهى عن قتل شئ من الدواب صبرا وهو ان يمسك ذوي الأرواح حيا ثم يرمى بشئ حتى يموت الأوب الرجوع
278

إلى الطاعة والجماعة فأبوا الا شقاقا وفراقا ونهضوا في وجوه
المسلمين ينظمونهم بالنبل ويشجرونهم بالرماح فهناك نهدت
إليهم المسلمين فقاتلتهم فلما عضهم السلاح ووجدوا ألم
الجراح رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها فانباتكم انهم
ليسوا باهل دين ولا قرءان وانهم رفعوها مكيدة وخديعة
ووهنا وضعفا فامضوا على حقكم وقتالكم فأبيتم على وقلتم
اقبل منهم فان أجابوا إلى الكتاب جامعونا على ما نحن عليه
من الحق وان أبوا كان أعظم لحجتنا عليهم فقبلت منهم وكففت عنهم
فكان الصلح بينكم وبينهم على رجلين يحييان ما أحيى القرآن و
يميتان ما أمات القرآن فاختلف رأيهما وتفرق حكمهما ونبذا
ما في القرآن وخالفا ما في الكتاب فجنبهما الله السداد ودلهما
في الضلالة فانحرفت فرقة منا فتركناهم ما تركونا حتى إذا عثوا في
قوله يشجرونهم أي يتنازعونهم نهدت أي نهضت وبرزت عضهم أي لزمهم دلهما أي قربهما
وقيل بمعنى جراهما عثوا من عثا يعثو أي فسدوا وجاء من باب قال وتعب بكسر العين ومنه ولا تعثوا في الأرض
279

الأرض تقتلون وتفسدون آتيناهم فقلنا ادفعوا إلينا قتلة اخواننا
ثم كتاب الله بينا وبينكم قالوا كلنا قتلهم وكلنا استحل دمائهم
وشدت علينا خيلهم ورجالهم وصرعهم الله مصارع الظالمين فلما
كان ذلك من شأنهم امرتكم ان تمضوا من فوركم ذلك إلى عدوكم
فقلتم كلت سيوفنا ونفدت نبالنا ونصلت اسنة رماحنا وعاد
أكثرها قصيدا فارجع بنا إلى مصرنا لنستعد بأحسن عدتنا فإذا رجعت
رذت في مقاتلتنا عدة من هلك منا وفارقنا فان ذلك أقوى
لنا على عدونا فأقبلت بكم حتى إذا أظللتم على الكوفة امرتكم ان
تنزلوا بالنخيلة وان تلزموا معسكر كم وان تضموا نواصيكم وان
توطنوا على الجهاد أنفسكم ولا تكثروا زيارة أبناءكم ونساءكم فان
أهل الحرب مصابروها وأهل التشمير فيها الذين لا يتفادون من سهر
ليلهم ولا ظمأ نهارهم ولا خمص بطونهم ولا نصب أبدانهم فنزلت
نصل السهم أي خرج نصله والنصل حديدة الرمح والسهم والسكين التشمير التسريع في الامر لا يتفادون
أي لا يثبتون من سهر أي من اليقظة في الليل الخمص الجوع النصب التعب والاعياء والعي
280

طائفة منكم معي مقدرة ودخلت طائفة منكم المصر عاصية فلا من
بقى منكم صبر وثبت ولا من دخل المصر عاد ورجع فنظرت إلى معسكري
وليس فيه خمسون رجلا فلما رأيت ما أتيتم دخلت إليكم فلما أقدر
على أن تخرجوا إلى يومنا هذا فما تنتظرون إما ترون أطرافكم قد انتقصت
والى مصركم قد فتحت والى شيعتي بها قد قتلت والى مسالحكم
تغزى والى بلادكم تعزى وأنتم ذووا عدد كثير وشوكة وبأس شديد
فما بالكوفة يا لله أنتم من أين تؤمنون ومالكم تؤفكون ولو انكم
عزمتم وأجمعتم لم تراموا الا ان القوم تراجعوا وتناشبوا وتناصحوا
وأنتم قد ونيتم وتغاششتم وافترقتم ما ان أنتم عندي بسعداء على
هذا فانتبهوه وأجمعوا على حقكم وتجردوا لحرب عدوكم قد بدت الرغوة
عن الصريح وبين الصبح لذي عينين انما تقاتلون الطلقاء وأبناء
المقدرة والمقدرة والمقدرة القوة والغنى المسالح الجماعة والقوم ذوي السلام والمسلحة موضع السلاح
وجمعها مسالح قوله ونيتم من ونى ينى أي فتر وكل وضعف وترك واهمل وقصر ولم يهتم بالامر قوله
لناشبوا من التناشب أي تعلقوا بعضهم ببعض وتضاموا يقال تناشبوا حول الرسول أي تضاموا و
تعلقوا تغاششتم أي أظهرتم خلاف ما أضمرتم واتخذتم اهواءكم غاشة أي غير خالص الرغوة من اللبن ما عليه من الزبد
281

الطلقاء واولى الجفاء ومن أسلم كرها وكان لرسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم أنف الاسلام كله حزبا أعداء الله والسنة والقرءان
وأهل البدع والاحداث ومن كان بوايقه تتقى وكان على
الاسلام مخوفا اكلة الرشا وعبدة الدنيا لقد انهى إلى أن ابن
النابغة لم يبايع معاوية حتى أعطاه وشرط له ان اتاه يوليه
أعظم مما في يده أي يوليه مصر من سلطانه الا صفرت يد هذا البايع دينه
بالدنيا وخزيت أمانة هذا المشترى نصره فاسق غادر بأموال
المسلمين وان فيهم من قد شرب فيكم الخمر وجلد الجلد يعرف
بالفساد في الدين وفى الفعل السيئ وان فيهم من يسلم حتى
وضخ له رضيخة فهؤلاء قادة القوم ومن تركت ذكر مساوية من
قادتهم مثل من ذكرت منهم بل هو شر ويود هؤلاء الذين ذكرت
قوله أنف الاسلام أنف كل شئ أوله البوائق جمع البائقة بمعنى الشر والغائلة والداهية الانهاء الاعلام والابلاغ
ابن النابغة هو عمرو بن العاص لاشتهار امه بالظهور والبغي دعيت بالنابغة من نبغ ينبغ نبغا ونبوغا يقال
للشئ إذا خرج وظهر والشر إذا فشا وظهر قوله وضخ له وضيخة يقال وضخ له من ماله وضخة أي أعطاه
منه قليلا من كثير وراضخه أي أعطاه كارها قليلا من كثير قادة القوم رؤسائهم وقادة الجيش أميره
282

لو ولوا عليكم فاظهروا فيكم الكفر والفساد والفجور والتسلط بجبرية
واتبعوا الهوى وحكموا بغير الحق ولأنتم على ما كان فيكم من تواكل و
تخاذل خير منهم واهدى سبيلا فيكم الفقهاء والعلماء والنجباء و
الحكماء وحملة الكتاب والمتهجدون بالاسحار وعمار المساجد بتلاوة
القرآن أفلا تسخطون وتهتمون ان ينازعكم امرى فوالله لئن أطعتموه لا
تغوون وان عصيتموه لا ترشدون خذوا للحرب أهبتها واعدوا عدتها
فقد شبت نارها وعلا سناءها وتجرد لكم فيها الفاسقون كي تعذبوا
عباد الله وتطفأوا نور الله الا انه ليس أولياء الشيطان من أهل الطمع والمكر والجفاء بولي في الجد في غيهم وضلالهم من أهل البر والزهادة
والاخبات في حقهم وطاعة ربهم والله لو لقيتهم فردا وهم ملاء الأرض
ما باليت ولا استوحشت وانى من ضلالتهم التي هم فيها والهدى الذي نحن
عليه على ثقة وبينة ويقين وبصيرة وانى إلى لقاء ربى لمشتاق ولحسن ثوابه
قوله أهبتها قال الفيروزآبادي الأهبة بالضم العدة قوله شبت نارها أي اتقدت السناء الضياء الاخبات
الاطمينان قال الطريحي قوله تعالى واخبتوا إلى ربهم إلى اطمأنوا وسكنت قلوبهم ونفوسهم إليه والاخبات الخشوع
283

لمنتظر ولكن أسفا يعتريني وحزنا ان يلي أمر هذه الأمة سفهائها و
فجارها فيتخذوا مال الله دولا وعباده خولا والفاسقين حزبا
وأيم الله لولا ذلك لما أكثرت تأنيبكم وتحريضكم ولتركتكم إذا ونيتم
وأبيتم حتى ألقاهم بنفسي متى حم لي لقاءهم فوالله انى لعلى الحق
وانى للشهادة لمحب فانفزوا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم و
أنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون فلا تثاقلوا إلى
الأرض فتنفروا بالخسف وتبوأوا بالذل ويكن نصيبكم الاخر ان
أخا الحرب اليقظان ومن ضعف اردى ومن ترك الجهاد كان كالمغبون
المهين اللهم اجمعنا واياهم على الهدى وزهدنا واياهم في
الدنيا واجعل الآخرة خير لهم ولنا من الأولى قوله أسفا الأسف
التلهف والحزن والتحسر على ما فات ونزول النوازل من المصيبات قوله يعتريني من الاعتراء قال الله تعالى
اعتراك بعض آلهتنا بسوء إلى قصدك بجنون من عراه يعرو إذا اصابه قوله خولا الخول بالتحريك العبيد
ومنه الخبر إذا بلغ بنو العباس ثلاثين اتخذوا عباد الله خولا أي خدما وعبيدا يعنى انهم يستخدمونهم و
يستعبدونهم قوله حم لي أي قضى وقدر لي.
66 - ومن خطبه عليه السلام
حين أخرجوه من داره وجروه إلى المسجد نقلتها عن كتاب صوارم الحاسمة في تاريخ الزهراء فاطمة
284

(سلام الله عليها) للعالم المحدث الآغا فتح الله الكمالي الاسترآبادي والكتاب في المكتبة الشوشترية
في النجف الأشرف من موقوفات الشيخ على محمد النجف آبادي وهو كتاب مخطوط بقطع الصغير الثلثي قد
نقلها فيه عن كتاب كشف اللئالي لابن العرندس قال قال لما أوقف عليه السلام تكلم فقال
أيتها الغدرة الفجرة والنطفة القذرة المذرة والبهيمة السائمة
نهضتم على اقدامكم وشمرتم للضلال عن ساعدكم تبغون بذلك
النفاق وتحبون مراقبة الجهل والشقاق أفظننتم ان سيوفكم
ماضية ونفوسكم واعية ألا ساء ما قدمتم أنفسكم أيتها الأوقة
المتشتتة بعد اجتماعها والملحدة بعد انتقاعها وأنتم غير مراقبين
ولا من الله بخائفين أجل والله ذلك أمر أبرزته ضمائركم وأضربت
عن محضه خبث سرائركم فاستبقوا أنتم الجذل بالباطل فتندموا
ونستبقى نحن الحق فيهدينا ربنا سواء السبيل وينجز لنا ما وعدنا على الصبر
قوله عليه السلام النطفة قال الفيروزآبادي نطف كفرح وعنى نطفا ونطافة ونطوفة اتهم بريبة وتلطخ
بعيب وفسد القذرة الذين اجتنب الناس عنهم لفساد أخلاقهم وفحشائهم وفجورهم المذرة الخبيثة من التمذر وهو
خبث النفس وفى الحديث الانسان أوله نطفة مذرة واخره جيفة قذره وهو ما بين ذلك يحمل غدره البهيمة السائمة
أراد عليه السلام منها عدم الفهم وتمييزهم كأنهم البهائم لانهم لم يميزوا الحق عن الباطل ماضية أي قاطعة واعيه
أي حافظة وجامعة والأوقة الجماعة الانتقاع رفع الصوت والملحدة من الحد يلحد إذا عدل ومال ومارى و
جادل اضرب القوم أي وقع عليهم الصعيق والسموم قوله الجذل الانتصاب والثبات يقال جدل أي انتصب وثبت
285

الجميل وما ربك بظلام للعبيد فدحضا دحضا وشوهة شوهة (بوهة)
لنفوسكم التي رغبت بدنيا طال ما حذركم رسول الله صلى الله عليه
وآله عنها فعلقتم بأطراف قطيعتها ورجعتم متسالمين دون جديعتها
زهدت نفوسكم الامارة في الآخرة الباقية ورغبت نفوسنا فيما زهدتم
فيه والموعد قريب والرب نعم الحاكم فاستعدوا للمسألة جوابا و
لظلمكم لنا أهل البيت احتسابا أو تضرب الزهراء نهرا ويؤخذ منا حقنا
قهرا وجبرا فلا نصير ولا مجير ولا مسعد ولا منجد فليت ابن أبي طالب
مات قبل يومه فلا يرى الكفرة الفجرة قد ازدحموا على ظلم الطاهرة
البرة فتبا تبا وسحقا سحقا ذلك أمر إلى الله مرجعه والى رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) مدفعه فقد عز على ابن أبي طالب ان
يسود متن فاطمة ضربا وقد عرف مقامه وشوهدت أيامه فلا يثور إلى
عقيلته ولا يصر دونه حليلته فالصبر أيمن وأجمل والرضا بما رضي
الله به أفضل لكيلا يزول الحق عن وقره ويظهر الباطل من وكره حتى
286

القى ربى فاشكوا إليه ما ارتكبتم من غصبكم حقي وتماطلكم صدري
وهو خير الحاكمين وارحم الراحمين وسيجزى الله الشاكرين والحمد
لله رب العالمين ثم سكت عليه السلام
قوله عليه السلام فدحضا دحضا الدحض بمعنى الزوال والبطلان يقال داحضة أي زائلة باطلة ودحضت
الحجة دحضا من باب نفع أي بطلت ودحض الرجل أي زلق قوله شوهة شوهة يقال شاهت الوجوه
تشوه شوها أي قبحت وشوهه الله أي قبحه والشوه قبح الخلقة وإن كان ثاني اللفظين بوهة كما
بدل فهو بمعنى اللعن الجديعة إشارة لمن يحمل نفسه على مشقة عظيمة للظفر ببغيته والجدع قطع الأنف
والاذن والشفة واليد قوله نهرا أي زجرا قوله لا مسعد ولا منجد المسعد بمعنى المعين يقال
أسعده الله أي اعانه والمنجد المقاتل والمعين قوله فتبا تبا من التباب بمعنى الهلاك والخسران وتبا
منصوب باضمار فعل واجب الحذف أي ألزمه الله خسرانا وهلاكا وسحقا سحقا أي بعدا نعدا بمعنى ابعده
الله فلا يثور أي فلا يهيج عن وقره أي عن ثيابه وسكونه الوكر عش الطاير وهنا كناية عن المكان أي
لا يزول الحق عن مكانه ويظهر الباطل عن مكانه التماطل التسويف والتعلل لما في الصدر من أداء الحق و
تأخيره من وقت إلى وقت.
67 - ومن كلامه عليه السلام
عن الوافي كتاب الروضة في باب مواعظ أمير المؤمنين عليه السلام ص 62 عن الكافي العاصمي عن عبد
الواجد بن الصواف عن محمد بن إسماعيل الهمداني عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال كان أمير المؤمنين
عليه السلام يوصى أصحابه ويقول أوصيكم بتقوى الله فإنها غبطة الطالب الراجي
وثقة الهارب اللاجي واستشعروا التقوى شعارا باطنا واذكروا
الله ذكرا خالصا تحيوا به أفضل الحياة وتسلكوا به طريق النجاة انظروا
في الدنيا نظر الزاهد المفارق لها فإنها تزيل الثاوي الساكن وتفجع
287

المترف الا من لا يرجى منها ما تولى فادبر ولا يدرى ما هو آت منها
فينتظر وصل البلاء منها بالرخاء والبقاء منها إلى فناء فسروها
مشوب بالحزن والبقاء فيها إلى الضعف والوهن وهي كروضة اغتم
مرعاها وأعجبت من يراها عذب شربها طيب تربتها يمج عروقها
الثرى وينطف فروعها الندى حتى إذا بلغ العشب ابانه واستوى
نباته هاجت ريح تحت الورق وتفرق ما التسق فأصبحت كما قال الله
تعالى هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شئ مقتدر انظروا
في الدنيا في كثرة ما يعجبكم وقلة ما ينفعكم
الثاوي المقيم والمترف المنعم اعتم بالعين المهملة والتاء المثناة من الاعتمام أي اكتهل وتم
طوله والمج الرمي عن الفم والنطف المص قال صاحب الوافي كان الأول كناية عن احكام العروق
واعراقها في الأرض والثاني عن نضرة الفروع وخضرتها وطرواتها.
68 - ومن كلامه عليه السلام
ارشاد المفيد ص 109 في صفة العالم وأدب المتعلم روى عن الحرث الأعور قال سمعت أمير المؤمنين
عليه السلام يقول من حق العالم ان لا يكثر عليه السؤال ولا يعنت
في الجواب ولا يلح عليه إذا كسل ولا يؤخذ بثوبه إذا نهض و
288

لا يشار إليه بيد في حاجة ولا يفشى له سر ولا يغتاب عنده أحد
ويعظم كما حفظ أمر الله ولا يجلس المتعلم الا امامه ولا يغرض من
طول صحبته وإذا جاء طالب علم وغيره فوجده في جماعة عمهم
بالسلام وخصه بالتحية وليحفظ شاهدا وغائبا وليعرف له حقه
فان العالم أعظم اجر من الصائم القائم المجاهد في سبيل الله فإذا
مات العالم ثلم في الاسلام ثلمة لا يسدها الا خلف منه وطالب
العلم يستغفر له الملائكة ويدعو له من في السماء والأرض
69 - ومن كلامه عليه السلام
الارشاد ص 119 قال ولما نزل (عليه السلام) بذي قار اخذ البيعة على من حضره ثم تكلم فأكثر
من الحمد لله والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال قد جرت
أمور صبرنا عليها وفى أعيننا القذى تسليما لأمر الله تعالى فيما
امتحننا به ورجاء الثواب على ذلك وكان الصبر عليها أمثل من أن
يتفرق المسلمون وتسفك دماءهم نحن أهل بيت النبوة وعترة
الرسول وأحق الخلق بسلطان الرسالة ومعدن الكرامة التي ابتدء
289

الله بها هذه الأمة وهذا طلحة والزبير ليسا من أهل بيت النبوة و
لا من ذرية الرسول حين رأيا ان الله قد رد علينا حقنا بعد
اعصر فلم يصبرا حولا واحد ولا شهرا كاملا حتى وثبا على دأب الماضين
قبلهما ليذهبا بحقي ويفرقا جماعة المسلمين عنى ثم دعى عليهما
70 - ومن كلامه عليه السلام
الارشاد ص 119 قال وقد روى عبد الحميد بن عمران العجلي عن سلمة بن كهيل قال لما التقى
أهل الكوفة أمير المؤمنين عليه السلام بذي قار رحبوا به ثم قالوا الحمد لله الذي خصنا
بجوارك وأكرمنا بنصرتك فقام أمير المؤمنين عليه السلام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وقال
يا أهل الكوفة انكم من أكرم المسلمين واقصدهم تقويما واعدلهم
سنة وأفضلهم سهما في الاسلام وأجودهم في العرب مركبا و
نصابا أنتم أشد العرب ودا للنبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته
وانما جئتكم ثقة بعد الله بكم للذي بذلتم من أنفسكم عند نقض طلحة
والزبير وخلفهما طاعتي واقبالهما بعايشة للفتنة واخراجهما إياها
من بيتها حتى أقدماها البصرة فاستغووا طغامها وغوغاها مع أنه قد
بلغني ان أهل الفضل منهم وخيارهم في الدين قد اعتزلوا وكرهوا
290

ما صنع طلحة والزبير ثم سكت عليه السلام فقال أهل الكوفة نحن انصارك وأعوانك
على عدوك ولو دعوتنا إلى اضعافهم من الناس احتسبنا في ذلك الخير ورجونا فدعا
لهم أمير المؤمنين عليه السلام واثنى عليهم ثم قال لقد علمتم معاشر المسلمين
ان طلحة والزبير بايعاني طائعين غير مكرهين وراغبين ثم استأذناني
في العمرة فاذنت لهما فسارا إلى البصرة فقتلا المسلمين وفعلا المنكر
اللهم انهما قطعاني وظلماني ونكثا بيعتي والبا الناس على فاحلل
ما عقدا ولا تحكم ما ابرما وأرهما المسائة فيما عملا قوله طغامها
الطغام كسحاب أو غاد الناس ورزا لهم واحدها طغامة كسحابة بمعنى الأحمق والرزل والدنى
قوله غوغاها قال في القاموس الغوغاء الجراد بعد ان ينبت حناحه أو إذا انسلخ من الألوان وصار
إلى الحمرة وشئ شبه البعوض ولا يعض لضعفه وبه سمى الغوغاء من الناس وفى المنجد الغوغاء
الكثير المختلط من الناس والسفلة من الناس والمتسرعين إلى الشر.
71 - ومن خطبه عليه السلام
الارشاد ص 120 قال وقد نفر من ذي قار متوجها إلى البصرة بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة
على رسول الله صلى الله عليه وآله إما بعد فان الله تعالى فرض الجهاد
وعظمه وجعله نصرة له والله ما صلحت دنيا قط ولادين الا به
وان الشيطان قد جمع خربه واستجلب خيله وشبه في ذلك وخدع
وقد بانت الأمور وتمحصت والله ما أنكروا على منكرا ولا جعلوا
291

بيني وبينهم نصفا وانهم ليطلبون حقا تركوه ودما سفكوه و
لئن كنت شركتهم فيه ان لهم لنصيبهم منه وان كانوا ولوه
دوني فما تبعته الا قبلهم وان أعظم حجتهم لعلى أنفسهم و
انى لعلى بصيرتي ما ليست على وانها للفئة الباغية فيه اللحم
واللحمة قد طالت هلبتها وأمكنت درتها يرضعون ما فطمت
ويحيون بيعة تركت ليعود الضلال إلى نصابه ما اعتذر مما
فعلت ولا أتبرأ مما صنعت فيا خيبة للداعي ومن دعى لو
قيل له إلى من دعوتك والى من أجبت ومن امامك وما سنته
إذا لزاح الباطل عن مقامه ولصمت لسانه فيما نطق وأيم الله
لأفرطن لهم حوضا انا ماتحه (مادحه) لا يصدرون عنه
ولا يلقون بعده ريا ابدا وانى لراض بحجة الله عليهم وعذره فيهم
إذا انا داعيهم فمعذر إليهم فان تابوا واقبلوا فالتوبة مبذولة
والحق مقبول وليس على الله كفران وان أبو أعطيتهم حد
292

السيف وكفى به شافيا من باطل وناصرا للمؤمن
قوله عليه السلام تبعته التبعة ما يترتب على الفعل من الخير والشر الا ان استعماله في الشر أكثر وتجمع
على تبعات وتباعات قوله فيه اللحم واللحمة أي القتل والقتال ولحم بمعنى قتل وله معان آخر غير
مربوطة في المقام قوله هلبتها أي داهيتها وأمكنت درتها أي كثرتها وسيلانها يرضعون ما
فطمت استعارة وكناية عن اشتداد القتل والقتال بعد الصلح وانقطاع الحرب بينهم قوله لزاح الباطل
لزاح الباطل أي لزال أيم الله بفتح الهمزة وكسرها اسم موضع للقسم لا جمع يمين خلافا للكوفيين مثل
لعمر الله.
72 - ومن خطبه عليه السلام
الارشاد ص 124 قال ومن كلامه عليه السلام لما عمل على المسير إلى الشام لقتال معاوية
بن أبي سفيان بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله
اتقوا الله عباد الله وأطيعوه وأطيعوا امامكم فان الرعية الصالحة
تنجو بالإمام العادل الاوان الرعية الفاجرة تهلك بالامام الفاجر
وقد أصبح معاوية غاصبا لما في يديه من حقي ناكثا لبيعتي طاعنا
في دين الله عز وجل وقد علمتم أيها المسلمون ما فعل الناس
بالأمس وجئتموني راغبين إلى في امركم حتى استخرجتموني من منزلي
لتبايعوني فالتويت عليكم لأبلو ما عندكم فراددتموني القول مرارا
وراددتكم وتكأكأتم على تكأكؤ الإبل الهيم على حياضها حرصا
قوله عليه السلام قال في المجمع الالتواء والتلوي الاضطراب عند الجزع والضرر وقال في المنجد
التوى الامر عسر وتثاقل تكأكأتم على أي عكفتم على وتجمعتم وكأكأ بمعنى ضعف وجبن ونكص
293

على بيعتي حتى خفت ان يقتل بعضكم بعضا فلما رأيت ذلك منكم
رويت في امرى وأمركم وقلت إن أنا لم أجبهم إلى القيام بامرهم
لم يصيبوا أحدا منهم يقوم فيهم مقامي ويعدل فيهم عدلي
وقلت والله لأولينهم وهم يعرفون حقي وفضلي أحب إلى من أن
يلوني وهم لا يعرفون حقي وفضلي فبسطت لكم يدي فبايعتموني
يا معشر المسلمين وفيكم المهاجرون والأنصار والتابعون باحسان
فأخذت عليكم عهد بيعتي وواجب صفقتي من عهد الله وميثاقه
وأشد ما اخذ على النبيين من عهد وميثاق لتفنن لي ولتسمعن
لأمري ولتطيعوني وتناصحوني وتقاتلون معي كل باغ وعاد أو مارق
ان مرق فأنعمتم بذلك لي جميعا فأخذت عليكم عهد الله وميثاقه
وذمة الله وذمة رسوله فأجبتموني إلى ذلك وأشهدت الله
عليكم وأشهدت بعضكم على بعض وقمت فيكم بكتاب الله وسنة
نبيه صلى الله عليه وآله فالعجب من معاوية بن أبي سفيان ينازعني
294

الخلافة ويجحدني الإمامة ويزعم أنه أحق بها منى جرئة منه على
الله وعلى رسوله بغير حق له فيها ولا حجة لم يبايعه عليها المهاجرون
ولا سلم له الأنصار والمسلمون يا معشر المهاجرين والأنصار و
جماعة من سمع كلامي أو ما أوجبتم لي على أنفسكم الطاعة إما
بايعتموني على الرغبة إما أخذت عليكم العهد بالقبول لقولي ما
كانت بيعتي لكم يومئذ أو كد من بيعة أبى بكر وعمر فما بال من خالفني
لم ينقض عليهما حتى مضيا ونقض على ولم يف لي إما يجب لي عليكم
نصحي ويلزمكم امرى إما تعلمون ان بيعتي تلزم الشاهد منكم والغائب
فما بال معاوية وأصحابه طاعنين في بيعتي ولم لم يفوا بها
وانا في قرابتي وسابقتي وصهري أولي بالامر ممن تقدمني إما
سمعتم قول رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الغدير في ولايتي
وموالاتي فاتقوا الله أيها المسلمون وتحاثوا على جهاد معاوية
الناكث القاسط وأصحابه القاسطين اسمعوا ما اتلو عليكم من
295

كتاب الله المنزل على نبيه المرسل لتعظوا فإنه والله عظة لكم
فانتفعوا بمواعظ الله وازدجروا عن معاصي الله فقد وعظكم
الله بغيركم فقال لنبيه صلى الله عليه وآله ألم تر إلى الملاء
من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا
نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم ان كتب عليكم القتال الا
تقاتلوا قالوا وما لنا الا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من
ديارنا وأبناءنا فلما كتب عليهم القتال تولوا الا قليلا منهم
والله عليم بالظالمين وقال لهم نبيهم ان الله قد بعث لكم
طالوت ملكا قالوا انا يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه
ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة
في العلم والجسم والله يؤتى ملكه من يشاء والله واسع عليم أيها
الناس ان لكم في هذه الآيات عبرة لتعلموا ان الله جعل الخلافة
والامرة من بعد الأنبياء في اعقابهم وانه فضل طالوت وقدمه
296

وقدمه على الجماعة باصطفائه إياه وزيادته بسطة في العلم و
الجسم فهل تجدون الله اصطفى بنى أمية على بني هاشم وزاد معاوية
على بسطة في العلم والجسم فاتقوا الله عباد الله وجاهدوا في سبيله
قبل ان ينالكم سخطه بعصيانكم له قال الله عز وجل لعن الذين كفروا
من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا
يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون
انما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا
بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون يا أيها
الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم تؤمنون بالله
ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم
ان كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها
الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم اتقوا الله
عباد الله وتحاثوا على الجهاد مع امامكم فلو كان لي منكم عصابة بعدد
297

أهل بدر إذا امرتهم أطاعوني وإذا استنهضتهم نهضوا معي لا استغنيت
بهم عن كثير منكم وأسرعت النهوض إلى حرب معاوية فإنه الجهاد المفروض.
73 - ومن كلامه عليه السلام
الارشاد ص 126 قال وقد بلغه عن معاوية وأهل الشام ما يؤذيه من الكلام فقال
الحمد لله قديما وحديثا ما عاداني الفاسقون فعاداهم الله
ألم تعجبوا ان هذا لهو الخطب الجليل ان فساقا غير مرضيين وعن
الاسلام وأهله منحرفين خدعوا بعض هذه الأمة واشربوا في
قلوبهم حب الفتنة واستمالوا أموالهم بالإفك والبهتان قد
نصبوا لنا الحرب وهبوا في اطفاء نور الله والله متم نوره ولو كره
الكافرون اللهم ان رددوا الحق فافضض حرمتهم وشتت كلمتهم
وابسلهم بخطاياهم فإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت
قوله عليه السلام هبوا أي هاجوا وأسرعوا وثاروا قوله فافضض حرمتهم من القض بمعنى الكسر والتفريق.
74 - ومن خطبه عليه السلام
الارشاد ص 124 قال ومن كلامه عليه السلام حين قدم الكوفة من البصرة بعد حمد الله والثناء عليه
إما بعد فالحمد لله الذي نصر وليه وخذل عدوه وأعز الصادق
298

المحق وأذل الكاذب المبطل عليكم يا أهل هذا المصر بتقوى الله
وطاعة من أطاع الله من أهلي بيت نبيكم الذين هم أولي بطاعتكم
من المنتحلين المدعين القائلين إلينا يتفضلون بفضلنا ويجاحدونا
امرنا وينازعونا حقنا ويدفعونا عنه وقد ذاقوا وبال ما اجترحوا
فسوف يلقون غيا قد قعد عن نصرتي منكم رجال وانا عليهم عاتب
زار فاهجروهم واسمعوهم ما يكرهون حتى يعتبونا ونرى منهم ما نحب
75 - ومن كلامه عليه السلام
الارشاد ص 127 قال وقد مر براية لأهل الشام لا يزول أصحابها عن مواقفهم صبرا على قتال
أمير المؤمنين عليه السلام فقال لأصحابه ان هؤلاء لن يزولوا عن مواقفهم
دون طعن دراك يخرج منه النسم وضرب يفلق منه الهام ويطيح
العظام وتسقط منه المعاصم والاكف وحتى تصدع جباهم
بعمد الحديد وتنتثر حواجبهم على الصدور والأذقان أين أهل
النصر أين طلاب الاجر فشار إليهم حينئذ عصابة من المسلمين فكشفوهم
قوله عليه السلام زار أي عاتب وعائب الدراك المتلاحق والمتصل والمتواصل النسم الروج يفلق أي يشق الهام
الرؤس يطيح العظام أي يفرقها كناية عن الاهلاك المعاصم جمع المعصم وهو موضع السوار من الساعد الأكف
299

اليد أو الراحة مع الأصابع تصدع أي تشق والجباه جمه جبهة العمد جمع العمود وهو قضيب الحديد
فشار إليهم أي ركب وركض إليهم.
76 - ومن كلامه عليه السلام
الارشاد ص 128 والكامل لابن أثير طبع مصر ص 129 ج 3 قالا ومن كلامه عليه السلام بعد
كتب الصحيفة بالموادعة والتحكيم وقد اختلف أهل العراق على ذلك فقال عليه السلام:
والله ما رضيت ولا أجبت ترضوا فإذا أبيتم الا ان ترضوا
فقد رضيت وإذا رضيت فلا يصلح الرجوع بعد الرضا ولا التبديل
بعد الاقرار الا ان تعصى الله بنقض العهد وبتعدي كتابه
بحل العقد فقاتلوا حينئذ من ترك أمر الله واما الذي ذكرتم
عن الأشتر من تركه امرى بخط يده في الكتاب وخلافه ما انا
عليه فليس من أولئك ولا أخافه على ذلك وليت فيكم مثله
اثنين بل ليت فيكم مثله واحدا يرى في عدوكم ما يرى إذا لخفت
على مؤنتكم ورجوت ان يستقيم لي بعض أودكم وقد نهيتكم
عما آتيتم فعصيتموني فكنت انا وأنتم كما قال أخو هوازن
وهل انا الا من غزية إذ غوت * غويت وان ترشد غزية ارشد
300

الأود العوج أود ياود اودا من باب حسب يحسب وأودكم أي اعوجاكم ويستقيم لي
بعض أودكم أي يصلح بكم لي شأني ويكشف بكم غمى ونظائره غزيه اسم رجل هوازن اسم قبيلة
77 - ومن كلامه عليه السلام
الارشاد ص 129 قال ومن كلامه عليه السلام للخوارج حين رجع إلى الكوفة وهو بظاهرها
قبل دخوله إياها بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة على محمد رسوله صلى الله عليه وآله
اللهم هذا مقام من فلج فيه كان أولي بالفلج يوم القيمة ومن
نطف فيه أو عنت فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا نشدتكم بالله
أتعلمون انهم حين رفعوا المصاحف فقلتم نجيبهم إلى كتاب الله
قلت لكم انى اعلم بالقوم منكم انهم ليسوا بأصحاب دين ولا قرءان انى
صحبتهم وعرفتهم أطفالا ورجالا فكانوا شر أطفال وشر رجال
امضوا إلى حقكم وصدقكم انما رفع القوم لكم هذه المصاحف خديعة
ووهنا ومكيدة فرددتم على رأيي وقلتم لابل تقبل منهم فقلت لكم
اذكروا قولي لكم ومعصيتكم إياي فلما أبيتم الا الكتاب اشترطت
على الحكمين ان يحييا ما أحياه القرآن وان يميتا ما أماته القرآن
الفلج الظفر والفوز وعنت أي اثم النطف التطلخ والتلطخ بالعيب
301

فان حكما بحكم القرآن فليس لنا ان نحالف حكم من حكم بما في الكتاب
وان أبيا فنحن من حكمهما براء فقال له بعض الخوارج فخبرنا أتراه عدلا تحيكم
الرجال في الدماء فقال عليه السلام انا لم نحكم الرجال انما حكمنا القرآن و
هذا القرآن انما هو خط مسطور بين الدفتين لا ينطق وانما يتكلم
به الرجال قالا له فخبرنا عن الاجل الذي جعلته فيما بينك وبينهم قال ليتعلم
الجاهل ويثبت العالم ولعل الله ان يصلح في هذه الهدنة هذه
الأمة ادخلوا مصركم رحمكم الله ورحلوا من عند آخرهم
78 - ومن كلامه عليه السلام
الارشاد ص 130 قال ومن كلامه عليه السلام حين نقض معاوية العهد وبعث بالضحاك بن قيس
للغارة على أهل العراق فلقى عمرو بن عميس بن مسعود فقتله الضحاك وقتل ناسا من أصحابه وذلك
بعد ان حمد الله وأثنى عليه قال:
يا أهل الكوفة اخرجوا إلى العبد الصالح والى جيش لكم قد أصيب منه
طرف اخرجوا فقاتلوا عدوكم وامنعوا حريمكم إذ كنتم فاعلين قال فردوا
إليه ردا ضعيفا ورأى منهم عجزا وفشلا فقال والله لوددت ان لي بكل ثمانية منكم
رجلا منهم ويحكم اخرجوا معي ثم فروا عنى ان بدا لكم فوالله ما أكره لقاء
302

ربى على نيتي وبصيرتي وفى ذلك روح لي عظيم وفرج من مناجاتكم
ومقاساتكم ومداراتكم مثل ما تدارى البكار العمدة أو الثياب
المتهترة كلما خيطت من جانب تهتكت من جانب على صاحبها
البكارة الفتى من الإبل والعمدة التي قد انشدخت أسنمتها من داخل وظاهرها صحيح لكثرة ركوبها
والمتهترة المتمزقة من العرض واهتر الرجل فهو مهتر أي صار خرفا والمستهر بالشراب أي المولع به
79 - ومن كلامه عليه السلام
الارشاد ص 130 ومن كلامه عليه السلام أيضا في استنفار القوم واستبطائهم على الجهاد
وقد بلغه مسير بسر بن أرطأة إلى اليمن إما بعد أيها الناس فان أول رفثكم
وبدء نقضكم ذهاب أولي النهى وأهل الرأي منكم الذين كانوا
يلقون فيصدقون ويقولون فيعدلون ويدعون فيجيبون وانى
والله قد دعوتكم عودا وبدءا وسرا وجهرا وفى الليل والنهار و
الغدو والآصال ما يزيدكم دعائي الا فرارا وادبارا إما ينفعكم
العظة والدعاء إلى الهدى والحكمة وانى لعالم بما يصلحكم ويقيم
لي أودكم ولكني والله لا أصلحكم بفساد نفسي ولكن أمهلوني قليلا
فكأنكم والله بامرئ قد جاءكم بحرمكم ويعذبكم فيعذبه الله كما
303

يعذبكم ان من ذل المسلمين وهلاك الدين ان ابن أبي سفيان
يدعوا لأرزال الأشرار فيجاب وادعوكم وأنتم الأفضلون الأخيار
فتراوغون وتدافعون ما هذا فعل المتقين.
الرفث الفحش العظة كلام الواعظ الأود ألكدوا لتعب والاعوجاج بنى التصغير للتخفيف
80 - ومن كلامه عليه السلام
الارشاد ص 131 قال ومن كلامه في هذا المعنى أيضا بعد حمد الله والثناء عليه ما أظن
هؤلاء القوم يعنى أهل الشام الا ظاهرين عليكم فقالوا بماذا يا أمير المؤمنين فقال
ارى أمورهم قد علت ونيرانكم قد خبت (خمدت) واراهم
جادين (ذا جد) وأراكم وآنين ذا فتور وضعف واراهم
مجتمعين وأراكم متفرقين واراهم لصاحبهم مطيعين وأراكم
لي عاصين أم والله لئن ظهروا عليكم لتجدنهم أرباب سوء
من بعدي لكم كأني انظر إليهم وقد شاركوكم في بلادكم و
حملوا إلى بلادهم فيئكم وكأني انظر إليكم تكشون كشيش الضباب
لا تأخذون حقا ولا تمنعون لله حرمة وكأني انظر إليهم يقتلون
صالحيكم ويخيفون قراءكم ويحرمونكم ويحجبونكم ويدنون الناس
304

الناس دونكم فلو قد رأيتم الحرمان والأثرة ووقع السيوف ونزول
الخوف لقد ندمتم وحسرتم على تفريطكم في جهادكم وتذاكرتم ما
أنتم فيه اليوم من الخفض والعافية حين لا تنفعكم التذكار
خبت النار أي خمدت وسكنت وطفئت جادين أي مجتهدين ذا جد يعنى ذا حظ ظهروا أي غلبوا
تكشون كشيش الضباب أي تصوتون صوت الضباب أي تصيحون صيحة ضعيفة والضباب جمع ضب دابة
برية الأثره بالتحريك الاستبداد بالرأي.
81 - ومن كلامه عليه السلام
الارشاد ص 131 قال ومن كلامه عليه السلام لما نقض معاوية بن أبي سفيان شرط الموادعة و
اقبل يشن الغارات على أهل العراق فقال بعد ان حمد الله وأثنى عليه
ما لمعاوية قاتله الله لقد أرادني على أمر عظيم أراد ان افعل كما
يفعل فأكون قد هتكت ذمتي ونقضت عهدي فيتخذها على حجة
فيكون على شينا إلى يوم القيمة كلما ذكرت فان قيل له أنت بدأت
قال ما علمت ولا امرت فمن قائل يقول صدق ومن قائل يقول كذب
أم والله ان الله لذو أناة وحلم عظيم لقد حلم عن كثير من فراغته الأولين
وعاقب فراعنة فان يمهله الله فلن يفوته وهو له بالمرصاد على مجاز
طريقه فليصنع ما بدا له فانا غير غادرين بذمتنا ولا ناقضين لعهدنا
305

ولا مروعين لمسلم ولا معاهد حتى ينقضى شرط الموادعة بيننا إن شاء الله
يشن الغارات أي يفرقها من كل وجه الشين خلاف الزين الأناة الرفق والانظار مروعين منفزعين
82 - ومن كلامه عليه السلام
الارشاد ص 132 قال ومن كلامه عليه السلام أيضا في معنى ما تقدم يا أهل الكوفة
خذوا أهبتكم بجهاد عدوكم معاوية وأشياعه فقالوا يا أمير المؤمنين امهلنا يذهب عنا
القر فقال: إما والله الذي فلق الحبة وبرء النسمة ليظرن هؤلاء
القوم عليكم ليس بأنهم أولي بالحق منكم ولكن لطاعتهم
معاوية ومعصيتكم لي والله لقد أصبحت الأمم كلها تخاف
ظلم رعاتها وأصبحت انا وأخاف ظلم رعيتي لقد استعملت منكم
رجالا فخانوا وغدروا ولقد جمع بعضهم ما ائتمنته عليه من
فئ المسلمين فحمله إلى معاوية وآخر حمله إلى منزله تهاونا
بالقرآن وجرأة على الرحمن حتى انى لو ائتمنت أحدكم على علاقة
سوط لخان ولقد أعييتموني ثم رفع يده إلى السماء وقال: اللهم إني
سئمت الحياة بين ظهراني هؤلاء القوم وتبرمت الأمل فاتح لي صاحبي
حتى أستريح منهم ويستريحوا منى ولن يفلحوا بعدي
306

83 - ومن كلامه عليه السلام
الارشاد ص 132 قال ومن كلامه عليه السلام في مقام آخر
أيها الناس انى استنفرتكم لجهاد هؤلاء القوم فلم تنفروا و
أسمعتكم فلم تجيبوا ونصحت لكم فلم تقبلوا شهود كالغيب اتلو عليكم
الحكمة فتعرضون عنها واعظكم بالموعظة البالغة فتنفرون منها
كأنكم حمر مستنفرة فرت من قسورة وأحثكم على جهاد أهل الجور
فما اتى آخر قولي حتى أراكم متفرقين أيادي سبأ ترجعون إلى
مجالسكم تتربعون حلقا وتضربون الأمثال وتناشدون الاشعار
وتجسسون الاخبار حتى إذا تفرقتم تسئلون عن الاشعار جهلة من
غير علم وغفلة من غير ورع وتثبطا من غير خوف نسيتم الحرب والاستعداد
لها فأصبحت قلوبكم فارغة من ذكرها شغلتموها بالأعاليل والأباطيل
فالعجب كل العجب ومالي لا أعجب من اجتماع قوم على باطلهم وتخاذلكم
من حقكم يا أهل الكوفة أنتم كأم مجالد حملت فأمصلت فمات قميها
فطال تأيمها وورثها ابعدها والذي فلق الحبة وبرء النسمة ان
307

من ورائكم الأعور الأدبر جهنم الدنيا لا تبقى ولا تذر ومن
بعده النهاس الفراس الجموع المنوع ثم ليتوارثنكم من بنى أمية
عدة ما الاخر بأرأف منكم من الأول ما خلا رجلا واحدا بلاء
قضاء الله على هذه الأمة لا محالة كائن يقتلون خياركم و
يستعبدون ارذالكم ويستخرجون كنوزكم وذخائركم من جوف
جهالكم نقمة بما ضيعتم من أموركم وصلاح أنفسكم ودينكم
يا أهل الكوفة أخبركم بما يكون قبل ان يكون لتكونوا منه على
حذر ولتنذروا به من اتعظ واعتبر كأني بكم تقولون ان عليا
يكذب كما قالت قريش لنبيها صلى الله عليه وآله وسيدها نبي
الرحمة محمد بن عبد الله حبيب الله فيا ويلكم افعلى من اكذب أعلى
الله فانا أول من عبده ووحده أم على رسول الله صلى الله عليه
وآله فانا أول من آمن به وصدقه ونصره كلا والله ولكنها لهجة
خدعة كنتم عنها أغنياء والذي فلق الحبة وبرء النسمة لتعلمن نباها
308

بعد حين وذلك إذا صيركم إليها جهلكم ولا ينفعكم عندها علمكم
فقبحا لكم يا أشباه الرجال ولا رجال حلوم الأطفال وعقول ربات
الحجال أم والله أيها الشاهدة أبدانهم الغائبة عنهم عقولهم
المختلفة أهوائهم ما أعز الله نصر من دعاكم ولا استراح قلب
من قاساكم ولا قرت عين ما آواكم كلامكم يوهي الصم الصلاب
وفعلكم يطمع فيكم العدو المرتاب يا ويحكم أي دار بعد داركم
تمنعون ومع أي امام بعدي تقاتلون المغرور والله من غررتموه
من فاز بكم فاز بالسهم الاخيب أصبحت لا اطمع في نصركم ولا أصدق
قولكم فرق الله بيني وبينكم واعقبنى بكم من هو خير لي منكم و
وأعقبكم بي من هو شر لكم مى امامكم يطيع الله وأنتم تعصونه
وامام أهل الشام يعصى الله وهم يطيعونه والله لوددت ان معاوية
صادفني بكم صرف الدينار بالدرهم فاخذ منى عشرة منكم وأعطاني
منهم واحدا والله لوددت انى لم أعرفكم ولم تعرفوني فإنها معرفة
309

جرت ندما لقد وريتم صدري غيظا وأفسدتم على امرى بالخذلان
والعصيان حتى لقد قال قريش ان عليا رجل شجاع لكن لا علم له
بالحرب لله هم هل كان فيهم أحد أطول لها مراسا منى وأشد
له مقاساة لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين فها انا ذا لقد
ذرفت على الستين ولكن لا أمر لمن لا يطاع أم والله لوددت
ان ربى أخرجني من بين أظهر كم إلى رضوانه وان المنية لترصدني
فما يمنع أشقاها ان يخضبها ونزل يده على رأسه ولحيته عهدا عهده
إلى النبي الأمي وقد خاب من افترى ونجا من اتقى وصدق بالحسنى
يا أهل الكوفة دعوتكم على جهاد هؤلاء القوم ليلا ونهارا
وسرا واعلانا وقلت لكم اغزوهم قبل ان يغزوكم فإنه ما غزا قوم
في عقر دارهم الا ذلوا فتواكلتم وتخاذلتم وثقل عليكم قولي و
استصعب عليكم امرى واتخذتموه وراءكم ظهريا حتى شنت عليكم
الغارات وظهرت فيكم الفواحش والمنكرات تمسيكم وتصبحكم كما فعل
310

باهل المثلات من قبلكم حيث أخبر الله عن الجبابرة العتاة الطغاة و
المستضعفين من الغواة في قوله عز وجل يذبحون أبناءكم و
يستحيون نساءكم وفى ذلكم بلاء من ربكم عظيم إما والذي فلق
الحبة وبرء النسمة لقد حل بكم الذي توعدون عاتبتكم يا أهل الكوفة
بمواعظ القرآن فلم انتفع بكم وأدبتكم بالدرة فلم تستقيموا
لي وعاقبتكم بالسوط الذي يقام به الحدود فلم ترعوا ولقد علمت أن
الذي يصلحكم هو السيف وما كنت متحريا صلاحكم بفساد نفسي
ولكن سيسلط عليكم بعدي سلطان صعب لا يوقر كبيركم ولا يرحم
صغير كم ولا يكرم عالمكم ولا يقسم الفيئ بالسوية بينكم وليضربنكم
وليذلنكم ويجهزنكم في المغازي وليقطعن سبيلكم وليحجبنكم على بابه
حتى يأكل قويكم ضعيفكم ثم لا يبعد الله الا من ظلم منكم ولقل ما أدبر
شئ ثم اقبل وانى لأظنكم في فترة وما على الا النصح لكم يا أهل الكوفة
قد منيت منكم بثلاث واثنين صم ذووا اسماع بكم ذووا السن وعمى
311

ذووا ابصار لا اخوان صدق عند اللقاء ولا اخوان ثقة عند البلاء
اللهم إني قد مللتهم وملوني وسئمتهم وسئموني اللهم لا ترض
عنهم أميرا ولا ترضهم عن أمير ومث قلوبهم كما يماث الملح في الماء
أم والله لو أجد بدا من كلامكم ومراسلتكم ما فعلت ولقد عاتبتكم
في رشدكم حتى لقد سئمت الحياة كل ذلك تراجعون بالهزء من
القول فرارا من الحق والحادا إلى الباطل الذي لا يعز الله باهله
الدين وانى لا علم انكم لا تزيدونني غير تخسير كلما امرتكم بجهاد
عدوكم اثا قلتم إلى الأرض وسألتموني التأخير دفاع ذي الدين
المطول إذا قلت لكم انفروا في الشتاء قلتم هذا أوان قر وصرد و
ان قلت لكم انفروا في السيف قلتم هذا حمارة القيظ انظرنا ينصرم الحر
عنا كل ذلك فرارا عن الجنة إذا كنتم عن الحر والبرد تعجزون فأنتم
والله من حرارة السيف أعجز واعجز فانا لله وانا إليه راجعون يا
أهل الكوفة قد أتانا الصريح يخبرني ان أخا غامد قد نزل الأنبار
312

على أهلها ليلا في أربعة آلاف فأغار عليهم كما يغار على الروم و
الخرز فقتل بها عاملي حسان وقتل معه رجالا صالحين ذوي فضل
وعبادة ونجدة بوء الله لهم جنات النعيم وانه أباحها ولقد بلغني
ان العصبة من أهل الشام كانوا يدخلون على المرأة المسلمة و
الأخرى المعاهدة فيهتكون سترها ويأخذون القناع من رأسها
والخرص من اذنها والأوضاح من يديها ورجليها وعضديها و
الخلخال والميزر عن سوقها فما تمتنع الا بالاسترجاع والنداء يا للمسلمين
فلا يغيثها مغيث ولا ينصرها ناصر فلو ان مؤمنا مات من دون هذا
أسفا ما كان عندي ملوما بل كان عندي بارا محسنا واعجبا كل
العجب من تظافر هؤلاء القوم على باطلهم وفشلكم عن حقكم قد
صرتم غرضا يرمى ولا ترمون وتغزون ولا تغزون ويعصى الله وترضون
تربت أيديكم يا أشباه الإبل غاب عنها رعاتها كلما اجتمعت من
جانب تفرقت من جانب
313

النفر الخروج إلى العزو وجماعة بتفز إلى مثلها ومنه الانفار والاستفار كله بمعنى قوله تعالى حمر
مستنفره أي نافرة ومستنفره بفتح الفاء أي مذعورة تثبطا أي تثاقلا وتقاعدا قوله أم مجالد كنية
امرأة حملت فأملصت أي ألقت ما في بطنها فطال تأيمها أي خلوها من الأزواج النهاس الأسد
الفراس القتال قوله ما خلا رجلا واحدا أراد منه عمر بن عبد العزيز الأموي الحجال جمع حجلة وهي بيت
العروس قاساكم أي كأيدكم يوهي من وهي يهى أي يسترخى الصم الصلاب الحجر الصلب لقد وريتم
الحجاز ومنه قوله عليه السلام ما غزا قوم في عقرها رهم إلا وذلوا تواكل القوم إذا اتكل بعضهم على بعض قوله
اتخذتموه وراءكم ظهرنا أي جعلتموه وراء ظهوركم وهو منسوب إلى الظهر وكسر الظاء من تغييرات النسب
حتى شنت الغارات أي فرقتها عليهم الدرة بالكسر التي يضرب بها سأمتموني أي ما لمتموني مث قلوبهم
أي ذاب قلوبهم كما يذوب الملح في الماء الحاد إلى الباطل أي مائل إليه القر البرد الصرد معرب السرد
حمارة القيظ شدة الحرارة ينصرم الحر أي ينقضى وينقطع أخا غامد هو الذي ذكره هو سفيان
بن عوف بن المقفل الغامدي وغامد قبيلة من اليمن الأنبار بلدة بالعراق والخزز بضم الخاء وسكون
الزاء وفتحها ثم الراء المهملة طائفة من الأمم من ولد يافث بن نوح العصبة الجماعة الخرص حلقة الذهب
أو الفضة أو حلقة القرط الاوضاخ الحلى من الفضة والذهب والخلخال السوق جمع الساق تربت
أي لا أصبت خيرا.
84 - ومن خطبه عليه السلام
الارشاد ص 135 في تظلمه من أعدائه ودافعيه عن حقه ما رواه العباس بن عبد الله العبدي
عن عمرو بن شمر عن رجاله قال قالوا سمعنا أمير المؤمنين عليه السلام يقول:
ما رأيت منذ بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله رخاء والحمد
لله والله لقد خفت صغيرا وجاهدت كبيرا أقاتل المشركين وأعادي
المنافقين حتى قبض الله نبيه صلى الله عليه وآله فكانت الطامة
الكبرى فلم أزل حذرا وجلا أخاف ان يكون مالا يسعني معه المقام
314

فلم أر بحمد الله الا خيرا والله ما زلت اضرب بسيفي صبيا حتى صرت
شيخا وانه ليصبرني على ما انا فيه ان ذلك كله في الله ورسوله و
انا أرجو ان يكون الروح عاجلا قريبا فقد رأيت أسبابه
قالوا فما بقى بعد هذه المقالة الا يسيرا حتى أصيب عليه السلام
85 - ومن كلامه عليه السلام
الارشاد ص 140 روى نقلة الآثار ان رجلا من بنى أسد وقف على أمير المؤمنين عليه السلام
فقال له يا أمير المؤمنين العجب فيكم يا بني هاشم كيف عدل بهذا الامر عنكم وأنتم الأعلون نسبا
وسببا ونوطأ بالرسول صلى الله عليه وآله وفهما للكتاب فقال أمير المؤمنين عليه السلام
يا ابن دودان انك لقلق الوضين ضيق المحزم ترسل غير ذي مسد
لك ذمامة الصهر وحق المسألة وقد استعملت فاعلم كانت اثرة
سخت بها نفوس قوم وشحت عليها نفوس آخرين فدع عنك نهبا
صيح في حجراته وهلم الخطب في أمر ابن أبي سفيان فلقد أضحكني
الدهر بعد ابكائه ولا غرو ويئس القوم والله من خفضتي وهينتي
وحاولوا الأذهان في ذات الله وهيهات ذلك منى وقد جدحوا بيني
وبينهم شربا وبيئا فان تنحسر عنا محن البلوى احملهم من الحق على
315

محضه وان تكن الأخرى فلا تذهب نفسك عليهم حسرات فلا تأس
على القوم الفاسقين
النوط من ناط ينوط نوطا علقه وكل شئ علق في شئ فهو نوط دودان أبو قبيلة من أسد وهو
دودان بن أسد بن خزيمة انه لقلق وضين يقال للرجل المضطرب في امره والوضين هو ما يشد به
الهودج كالحزام والقلق أيضا يقال للرجل الشاك الأثرة البقية من العلم والمكرمة المتوارثة والفعل
الحميد سخت بها أي علت بها شحت عليها الشح اللوم وأن تكون النفس حريصته على المنع الحجرات هنا
بمعنى النواحي هلم هنا خطاب لمن يصلح ان يجيبه الخطب الامر لأغر وأي لا عجب خفض الشئ طرحه
وراء ظهره وخفضتي أي أهانني وهينتي قال في معجم متن اللغة في مادة ه‍ ى ن الهون السكينة و
الوقار وجاء على هينته أي على الرفق والسكون وحاولوا الأذهان أي راموها أجدحوا أي خلطوا
وبيئا أي ذو وباء تنحسر أي تنكشف محصنه أي خالصه.
86 - ومن خطبه عليه السلام
الجزء الثالث من تاريخ الكامل للعلامة أبى الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم
بن عبد الواحد الشيباني المعروف بابن الأثير الجزري الملقب بعز الدين المطبوع بمصر وفى
هامشه كتاب مروج الذهب للمسعودي ص 29 قال تكلم علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال
الحمد لله الذي بعث محمدا منا نبيا وبعثه إلينا رسولا فنحن بيت
النبوة ومعدن الحكمة وأمان أهل الأرض ونجاة لمن طلب لنا
حق ان نعطه نأخذه وان نمنعه نركب اعجاز الإبل ولو طال
السرى لو عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم
عهدا لانفذناه عهده ولو قال لنا قولا لجادلنا عليه حتى تموت
316

لن يسرع أحد قبلي إلى دعوة حق وصلة رحم ولا حول ولا قوة
الا بالله اسمعوا كلامي وعوا منطقي عسى ان تروا هذا الامر
من بعد هذا المجمع تنتضى فيه السيوف وتخان فيه العهود حتى
تكونوا جماعة ويكون بعضكم أئمة لأهل الضلالة وشيعة لأهل
الجهالة ثم أنشأ يقول
فان تك جاسم هلكت فانى * بما فعلت بنو عبد بن ضخم
مطيع في الهوا جر كل على * بصير بالنوى من كل نجم
قوله تنتضى أي تسل السرى مصدر سير الليل وطال السرى مثل يضرب لاحتمال المشقة رجاء الراحة بنو جاسم
حي قديم.
87 - ومن خطبه عليه السلام
الارشاد ص 132 قال أنه قال: الحمد لله وسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله
إما بعد فان رسول الله صلى الله عليه وآله رضيني لنفسه أخا واختصني له
وزيرا أيها الناس انا أنف الهدى وعيناه فلا تستوحشوا من طريق الهدى
لقلة من يغشاه من زعم أن قاتلي مؤمن فقد قتلني الا وان لكل دم
ثائرا يوما ما وان الثائر في زماننا والحاكم في حق نفسه وحق ذوي القربى
317

واليتامى والمساكين وابن السبيل الذي لا يعجزه ما طلب ولا يفوته
ما هرب وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون وأقسم بالله
الذي فلق الحبة وبرء النسمة لتنتحرن عليها يا بنى أمية و
لتعرفنها في أيدي غيركم ودار عدوكم عما قليل وستعملن نباه بعد حين
88 - ومن كلامه عليه السلام
المجلد الثالث من الكامل لابن الأثير ص 58 قال اجتمع الناس فكلموا علي بن أبي طالب فدخل
على عثمان فقال عليه السلام له الناس ورائي وقد كلموني فيك والله ما أدرى
ما أقول لك ولا اعرف شيئا تجهله ولا أدلك على أمر لا تعرفه انك
لتعلم ما اعلم ما سبقناك إلى شئ فنخبرك عنه ولا خلونا بشئ فنبلغكه
وما خصصنا بأمر دونك ولقد رأيت وصحبت رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم وسمعت منه ونلت صهره وما ابن أبي قحافة بأولى
بالعمل منك ولا ابن الخطاب بأولى بشئ من الخير منك وأنت أقرب
إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رحما ولقد نلت من صهر
رسول الله صلى الله عليه وآله ما لم ينالاه وما سبقاك إلى شئ فالله
318

الله في نفسك فإنك والله لا تبصر من عمى ولا تعلم من جهالة
وان الطريق لواضح بين وان اعلام الدين لقائمة اعلم يا عثمان
أفضل عباد الله امام عادل هدى وهدى فأقام سنة معلومة
وأمات بدعة متروكة فوالله ان كلا لبين وان السنن لقائمة
لها اعلام وان البدع لقائمة لها اعلام وان شر الناس عند
الله امام جائر ضل وأضل وأحذرك أن تكون امام هذه الأمة
تقتل فيفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيمة ويلبس أمورها
عليها ويتركها شيعا لا يبصرون الحق لعلو الباطل يموجون
فيها موجا ويمرجون فيها مرجا
89 - ومن كلامه عليه السلام
المجلد الثالث من الكامل ص 64 قال اقبل على (عليه السلام) على عبد الرحمن بن الأسود بن عبد
يغوث فقال أحضرت خطبة عثمان قال نعم قال أفحضرت مقالة مروان للناس قال نعم فقال على
أي عباد الله يا للمسلمين انى ان قعدت في بيتي قال لي تركتني و
قرابتي وحقي وانى ان تكلمت فجاء ما يريد يلعب به مروان فصار
319

سيفه له يسوقه حيث يشاء بعد كبر السن وصحبة رسول الله
صلى الله عليه (وآله) وسلم وقام مغضبا حتى دخل على عثمان فقال له
إما رضيت من مروان ولا رضي منك الا بتحرفك عن دينك وعن
عقلك مثل جمل الظعينة يقاد حيث يشاء ربه والله ما مروان بذى
رأى في دينه ولا نفسه وأيم الله انى لأراه يوردك ولا يصدرك
وما انا عائد بعد مقامي هذا لمعا تبتك أذهبت شرفك وغلبت على رأيك
الظيغة الهودج.
90 - ومن خطبه عليه السلام
حين بعث معاوية إليه عليه السلام وطالب منه قتلة عثمان ورد مرسليه بغير جواب
نقلها ابن الأثير في الكامل ص 115 قال ثم حمد الله وأثنى عليه وقال: إما بعد
فان الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم بالحق
فانقذ به من الضلالة والهلكة وجمع به من الفرقة ثم
قبضه الله إليه فاستخلف الناس أبا بكر واستخلف أبو بكر عمر
فاحسنا السيرة وعدلا وقد وجدنا عليهما ان توليا الأمور و
نحن آل رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فغفرنا ذلك
320

لهما وولى الناس عثمان فعمل بأشياء عابها الناس فساروا
إليه فقتلوه ثم اتانى الناس فقالوا لي بايع فان الأمة لا ترضى
الا بك وانا نخاف ان لم تفعل ان يتفرق الناس فبايعتهم فلم
يرعني الا شقاق رجلين قد بايعاني وخلاف معاوية الذي
لم يجعل له سابقة في الدين ولا سلف صدق في الاسلام طليق
بن طليق حزب من الأحزاب لم يزل حربا لله ورسوله هو وأبوه
حتى دخلا في الاسلام كارهين ولا عجب الا من اختلافكم معه
وانقيادكم له وتتركون آل بيت نبيكم الذين لا ينبغي لكم شقاقهم
ولا خلافهم الا انى أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه وإماتة
الباطل واحياء الحق ومعالم الدين أقول قولي هذا استغفر الله لي ولكم وللمؤمنين
فقالا أي حبيب بن مسلم الفهري وشرحبيل بن السمط المبعوثين من جانب معاوية إلى علي عليه
السلام الا تشهدان عثمان قتل مظلوما فقال لهما لا أقول إنه قتل مظلوما و
لا ظالما قالا فمن لم يزعم أنه قتل مظلوما فنحن منه برآء وانصرفا فقال عليه السلام انك لا
تسمع الموتى إلى قوله وهم مسلمون.
91 - ومن خطبه عليه السلام
321

كتاب نصر بن مزاحم المنقري التميمي الكوفي المطبوع بطهران سنه 1301 ه‍ ص 3 قال إنه عليه
السلام خطبها حين نزوله إلى الكوفة حين قالوا أين تنزل يا أمير المؤمنين أتنزل القصر فقال
لا ولكني انزل الرحبة فنزلها واقبل حتى دخل المسجد الأعظم فصلى فيه ركعتين ثم صعد
المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وقال:
إما بعد يا أهل الكوفة فان لكم في الاسلام فضلا مالم تبدلوا
وتغيروا دعوتكم إلى الحق فأجبتم وبدأتم بالمنكر فغيرتم الا
ان فضلكم فيما بينكم وبين الله فإنما في الاحكام والقسم فأنتم
أسوة من أجابكم ودخل فيما دخلتم فيه الا ان أخوف ما أخاف
عليكم اتباع الهوى وطول الأمل فاما اتباع الهوى فيصد
عن الحق واما طول الأمل فينسى الآخرة الا ان الدنيا قد ترحلت
مدبرة والآخرة قد أقبلت مقبلة ولكل واحد منهما بنون
فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا اليوم عمل
ولا حساب وغدا حساب ولا عمل الحمد لله الذي نصر وليه و
خذل عدوه وأعز الصادق المحق وأذل الناكث المبطل عليكم
بتقوى الله وطاعة من أطاع الله من أهل بيت نبيكم الذين هم
322

أولي بطاعتكم فيما أطاعوا الله فيه من المنتحلين المدعين المقابلين
إلينا يتفضلون بفضلنا ويجاحدونا امرنا وينازعونا حقنا و
يدافعونا عنه فقد ذاقوا وبال ما اجترحوا فسوف يلقون غيا
الا انه قد قعد عن نصرتي منكم رجال فانا عليهم عاتب زار فاهجروهم
واسمعوهم ما يكرهون حتى يعتبوا ليعرف بذلك حزب الله عند الفرقة
92 - ومن خطبه عليه السلام
كتاب نصر بن مزاحم أيضا ج 3 ص 7 قال خروج علي رضي الله عنه من النخيلة عمر بن شمر
وعمر بن سعد ومحمد بن عبد الله قال عمر حدثني رجل من الأنصار عن الحرث بن كعب
الوالبي عن عبد الرحمن بن عبيد أبى الكنود قال لما أراد على الشخوص من النخيلة قام في
الناس لخمس مضين من شوال يوم الأربعاء فقال: الحمد لله غير معقود النعم
ولا مكافا الافضال واشهد ان لا إله إلا الله ونحن على ذلكم من
الشاهدين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله
إما بعد ذلكم فانى قد بعثت مقدماتي وامرتهم بلزوم هذا
الملطاط حتى يأتيهم امرى فقد أردت ان اقطع هذه النطفة إلى
شر ذمة منكم موطنون بأكناف دجلة فأنهضك معكم إلى أعداء الله
323

إن شاء الله وقد امرت على المصر عقبة بن عمرو الأنصاري و
لم آلوكم ولا نفسي فاياكم والتخلف والتربص فانى قد خلفت مالك
بن حبيب اليربوعي وأمرته ان لا يترك متخلفا الا الحقه بكم عاجلا إن شاء الله
الملطاط حرف من أعلى الجبل النطفة الماء الصافي قل أو كثر أو البحر الشرذمة بالكسر القليل من الناس
الأكناف جمع الكنف بمعنى الجانب الأول الرجوع ومنه قوله آلوكم التربص التمكث.
93 - ومن كلامه عليه السلام
كتاب النصر ص 78 عن عمر عن رجل وهو أبو مخنف عن نمير بن وعلة عن أبي الوداك ان
عليا بعث إلى المدائن معقل بن قيس في ثلاثة آلاف وقاله له خذ على الموصل ثم
نصيبين ثم القنى بالرقة فانى موافيها وسكن الناس وآمنهم
ولا تقاتل الا من قاتلك وسر البردين وغور بالناس وأقم
الليل ورفه في السير ولا تسر أول الليل فان الله جعله سكنا أرح
فيه بدنك وجندك وظهرك فإذا كان السحر أو حين ينبطح الفجر فسر
نصيبين مدينة فيما بين النهرين الرقة اسم بلد في بغداد البردين الغداة والعشي
94 - ومن كلامه عليه السلام
تحف العقول ص 199 قال: أيها الناس اعلموا ان كمال الدين طلب العلم
والعمل به وان طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال ان المال
324

مقسوم بينكم مضمون لكم قد قسمه عادل بينكم وضمنه سيفي لكم
به والعلم مخزون عليكم عند أهله قد امرتم بطلبه منهم فاطلبوه
واعلموا ان كثرة المال مفسدة للدين مقساة للقلوب وان كثرة
العلم والعمل به مصلحة للدين وسبب إلى الجنة والنفقات تنقص
المال والعلم يزكو على انفاقه فانفاقه بثه إلى حفظته ورواته و
اعلموا ان صحبة العلم واتباعه دين يدان الله به وطاعته مكسبة
للحسنات ممحاة للسيئات وذخيرة للمؤمنين ورفعة في حياتهم
وجميل الأحدوثة عنهم بعد موتهم ان العلم ذو فضائل كثيرة
فراسة التواضع وعينه البراءة من الحسد واذنه الفهم ولسانه
الصدق وحفظه الفحص وقلبه حسن النية وعقله معرفة الأسباب
بالأمور ويده الرحمة وهمته السلامة ورجله زيارة العلماء
وحكمته الورع ومستقره النجاة وقائده العافية ومركبه الوفاء و
سلاحه لين الكلام وسيفه الرضا وقوسه المداراة وجيشه محاورة
325

العلماء وماله الأدب وذخيرته اجتناب الذنوب وزاده المعروف
ومأواه الموادعة ودليله الهدى ورفيقه صحبة الأخيار
مفساد القلوب أي سبب فسادها والمقساة سبب القساوة يزكو أي ينمو الأحدوثة ما
يتحدث به الناس والمراد الثناء والكلام الجميل الموادعة المصالحة والمسالمة
اعلم أن هذا الكلام موجود في كتب الأعاظم كالخصال والكافي والأمالي وكشف الغمة والمناقب
لابن الجوزي وكنز الفوائد والنهج وارشاد المفيد والنهج ونحوها وفى كتب العامة أيضا كحلية الأولياء
ومطالب السؤل وأمثالها وكلهم قد نقوا ذلك في كتبهم باختلاف في بعض العبارات والكلمات
95 - ومن كلامه عليه السلام
تحف العقول ص 223 قال عليه السلام اعلموا عباد الله ان التقوى حصن
حصين والفجور حصن ذليل لا يمنع أهله ولا يحرز من لجاء إليه
الا وبالتقوى تقطع حمة الخطايا وبالصبر على طاعة الله ينال
ثواب الله وباليقين تدرك الغاية القصوى عباد الله ان الله
لم يحظر على أوليائه ما فيه نجاتهم إذ دلهم عليه ولم يقنطهم
من رحمته لعصيانهم إياه ان تابوا إليه
الحمة السم وحمة البرد شدته لم يخطر بتقديم الحاء على الظاء المعجمة أي لم يمنع قوله و
فيه نجاتهم في بعض النسخ ما فيه تجارتهم لم يقنطهم أي لم يؤيسهم
96 - ومن كلامه عليه السلام
326

كتاب سليم بن قيس الهلالي طبع النجف ص 106 قال عنه عليه السلام وكنت ادخل على رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم كل يوم دخلة وكل ليلة دخلة
فيخليني فيها أدور معه حيث دار وقد علم أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم انه لم يكن يصنع ذلك لاحد غيري و
ربما كان ذلك في منزلي فإذا دخلت عليه في بعض منازله خلى
بي وأقام نساءه فلم يبق غيري وغيره وإذا اتانى للخلوة في بيتي لم
تقم من عندنا فاطمة ولا أحد من ابني إذا أسئله أجابني وإذا
سكت أو نفدت مسائلي ابتدأني فما نزلت عليه آية من القرآن الا
اقرأنيها واملاها على فكتبتها بخطى ودعا الله ان يفهمني إياها و
يحفظني فما نسيت آية من كتاب الله منذ حفظتها وعلمني تأويلها
فحفظته واملاه على فكتبته وما ترك شيئا علمه الله من حلال و
حرام أو أمر ونهى أو طاعة ومعصية كان أو يكون إلى يوم القيمة الا
وقد علمنيه وحفظته ولم انس منه حرفا واحد ثم وضع يده على صدري
327

ودعا الله ان يملا قلبي علما وفهما وحكما ونورا وان يعلمني فلا اجهل
وان يحفظني فلا انسى فقلت له ذات يوم يا نبي الله انك منذ يوم
دعوت الله لي بما دعوت لم انس شيئا مما علمتني فلم تمليه على وتأمرني
بكتابته أتتخوف على النسيان فقال يا اخى لست أتخوف عليك النسيان
ولا الجهل وقد اخبرنى الله انه قد استجاب لي فيك وفى شركائك
الذين يكونون من بعدك قلت يا نبي الله ومن شركائي قال الذين
قرنهم الله بنفسه وبي معه الذين قال في حقهم يا أيها الذين
آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولى الامر منكم فان خفتم التنازع
في شئ فارجعوه إلى الله والى الرسول والى أولي الأمر منكم قلت يا
نبي الله ومن أولو الامر قال هم الأوصياء إلى أن يردوا على حوضي كلهم هاد
مهتد لا يضر كيد من كادهم ولا خذلان من خذلهم هم مع
القرآن والقرءان معهم لا يفارقونه ولا يفارقهم بهم ينصر
الله أمتي وبهم يمطرون ويدفع عنهم بمستجاب دعوتهم
328

فقلت يا رسول الله سمهم لي فقال ابني هذا ووضع يده على رأس
الحسن ثم ابني هذا ووضع يده على رأس الحسين ثم ابن ابني هذا
ووضع يده على رأس الحسين ثم ابن علي اسمى اسمه محمد باقر
علمي وخازن وحى الله وسيولد على في حياتك يا اخى فاقراه منى
السلام ثم اقبل على الحسين فقال سيولد لك محمد بن علي في
حياتك فاقراه منى السلام ثم تكملة الاثني عشر إماما من ولدك
يا اخى فقلت يا نبي الله سمهم لي فسماهم لي رجلا رجلا منهم
يا بنى هلال إلى مهدى هذه الأمة الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا
كما ملئت ظلما وجورا والله انى لأعرف جميع من يبايعه بين الركن
والمقام واعرف أسماء الجميع وقبائلهم
97 - ومن كلامه عليه السلام
حين تفاخرت جماعة من قريش في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خلافة عثمان و
وكان من القوم جمع منهم يتحدثون ويتذاكرون الفقه والعلم فذكروا قريشا وفضلها وهجرتها
وسوابقها وما قال رسول الله صلى الله عليه وآله فيها وكان علي عليه السلام ساكتا ولم
يتكلم بشئ من ذلك ولا أحد من أهل بيته قال سليم بن قيس في كتابه ص 114 واقبل القوم عليه
329

فقالوا يا أبا الحسن ما يمنعك ان تتكلم قال ما من الحيين أحد الا وقد ذكر
فضلا وقال حقا ثم قال يا معاشر قريش يا معاشر الأنصار بمن
أعطاكم الله هذا الفضل أبأنفسكم وعشائركم وأهل بيوتاتكم
أم بغيركم قالوا بل أعطانا الله ومن علينا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا
بأنفسنا وعشائرنا وأهل بيوتنا قال صدقتم يا معاشر الأنصار أتقرون
ان الذي نلتم به خير الدنيا والآخرة منا خاصة أهل البيت دونكم
جميعا وان ابن عمى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول انى
واخى علي بن أبي طالب لطينة أبى آدم قال أهل بدر واحد وأهل السابعة
والقدمة نعم سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وآله (وفى رواية أخرى كنا نورا يسعى
بين يدي الله قبل ان يخلق الله آدم بأربعة عشر الف سنة فلما
خلق آدم وضع ذلك النور في صلبه واهبطه إلى الأرض ثم حمله
في السفينة في صلب نوح ثم قذف به في النار في صلب إبراهيم ثم
لم يزل الله ينقلنا من الأصلاب الكريمة من الاباء والأمهات لم
330

يلتق واحد منهم على سفاح قط فقال أهل السابقة والقدمة وأهل بدر
واحد نعم قد سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال فأنشدكم الله
أتقرون ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اخى بين
كل رجلين من أصحابه واخى بيني وبين نفسه وقال أنت اخى
وانا أخوك في الدنيا والآخرة فقالوا اللهم نعم قال أتقرون ان
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اشترى موضع مسجده و
منازله فابتنى (فابتناه) ثم بنى عشرة منازل تسعة له وجعل لي
عاشرها في وسطها وسد كل باب شارع إلى المسجد غير بابى فتكلم
في ذلك من تكلم فقال ما انا سددت أبوابكم وفتحت بابه ولكن
الله امرنى بسد أبوابكم وفتح بابه ولقد نهى الناس جميعا ان
يناموا في المسجد غيري وكنت أجنب في المسجد ومنزلي ومنزل رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد يولد لرسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم ولى فيه أولاد قالوا اللهم نعم قال أفتقرون ان
331

عمر حرص على كوة قدر عينيه يدعها من منزله إلى المسجد فابى
عليه ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم ان الله أمر موسى ان
يبنى مسجدا طاهرا لا يسكنه غيره وغير هارون وابنيه وان الله
امرنى ان ابني مسجدا طاهرا لا يسكنه غيري وغير اخى وابنيه
قالوا اللهم نعم قال أفتقرون ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
قال في غزوة تبوك أنت منى بمنزلة هارون من موسى وأنت ولى
كل مؤمن من بعدي قالوا اللهم نعم قال أفتقرون ان رسول الله
صلى الله عليه وآله حين دعا أهل نجران إلى المباهلة انه لم يأت
الا بي وبصاحبتي وابنى قالوا اللهم نعم قال أتعلمون انه دفع إلى
لواء خيبر ثم قال لأدفعن الراية غدا إلى رجل يحبه الله ورسوله
ويحب الله ورسوله ليس بحبان ولا فرار يفتحها الله على يده قالوا اللهم
نعم قال أفتقرون ان رسول الله صلى الله عليه وآله بعثني ببرائة و
قال لا يبلغ عنى الا رجل منى قالوا اللهم نعم قال أفتقرون ان رسول الله
332

صلى الله عليه وآله وسلم لم تنزل به شديدة قط الا قدمني لها
ثقة بي وانه لم يدع باسمي قط الا أن يقول يا اخى وادخلوا إلى اخى
قالوا اللهم نعم قال أفتقرون ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
قضى بيني وبين جعفر وزيد في ابنة حمزة فقال يا علي إما أنت منى
وانا منك وأنت ولى كل مؤمن بعدي قالوا اللهم نعم قال أفتقرون
انه كانت لي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كل يوم
وليلة دخلة وخلوة إذا سألته أعطاني وإذا سكت ابتداني قالوا
اللهم نعم قال أفتقرون ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فضلني على جعفر وحمزة فقال لفاطمة انى زوجتك خير أهلي وخير
أمتي اقدمهم سلما وأعظمهم حلما وأكثرهم علما قالوا اللهم نعم قال
أفتقرون ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال انا سيد ولد
آدم واخى على سيد العرب وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة قالوا
اللهم نعم قال أفتقرون ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امرنى
333

بغسله واخبرنى ان جبرائيل يعينني عليه قالوا اللهم نعم قال أفتقرون ان
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال في آخر خطبة خطبكم أيها
الناس انى قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله
وأهل بيتي قالوا اللهم نعم قال فلم يدع شيئا مما انزل الله فيه خاصة
وفى أهل بيته من القرآن ولا على لسان رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم الا ناشدهم الله به منه ما يقولون جميعا نعم
ومنه ما يسكت بعضهم ويقول بعضهم اللهم نعم ويقول الذين سكتوا أنتم عندنا
ثقة حدثنا عيركم ممن نثق به انهم سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ثم قال حين فرغ اللهم اشهد عليهم قالوا اللهم اشهد انا لم نقل إلا حقا
وما قد سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد حدثنا من نثق به انهم سمعوه
من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال أتقرون بان رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم قال من زعم أنه يحبني ويبغض عليا فقد كذب
وليس يحبني ووضع يده على صدري فقال له قائل وكيف ذاك يا
334

رسول الله قال لأنه منى وانا منه ومن أحبه فقد أحبني ومن
أحبني فقد أحب الله ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد
أبغض الله فقال نحو من عشرين رجلا من أفاضل الحيين اللهم نعم وسكت بقيتهم
فقال علي عليه السلام للسكوت مالكم سكوت قالوا هؤلاء الذين شهدوا عندنا ثقات
في صدقهم وفضلهم وسابقتهم فقال علي عليه السلام اللهم اشهد عليهم فقال
طلحة بن عبيد الله وكان داهية قريش فكيف نصنع بما ادعى أبو بكر وعمر وأصحابه الذين صدقوا
وشهدوا على مقالته يوم اتوه بك وفى عنقك حبل وصدقوك بما احتججت ثم ادعى انه سمع
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول إن الله اخبرنى ان لا يجمع لنا أهل البيت النبوة
والخلافة فصدقه بذلك عمر وأبو عبيده وسالم ومعاذ بن جبل ثم اقبل طلحة فقال كل الذي
ذكرت وادعيت حق وما احتججت به من السابقة والفضل نقربه ونعرفه واما الخلافة فقد
شهد أولئك الخمسة بما سمعت فقال عند ذلك علي عليه السلام وغضب من مقالة طلحة
فاخرج شيئا كان يكتمه وفسر شيئا قد كان قاله يوم مات عمر لم يدر ما عنى به واقبل على طلحة
والناس يسمعون فقال يا طلحة إما والله ما صحيفة القى الله يوم
القيمة أحب إلى من صحيفة هؤلاء الخمسة الذين تعاهدوا وتعاقدوا
على الوفاء بها في الكعبة في حجة الوداع ان قتل الله محمدا أو مات
ان يتوازروا ويتظاهروا على فلا أصل إلى الخلافة وقال عليه السلام
والدليل يا طلحة على باطل ما شهدوا عليه قول بنى الله صلى الله
عليه وآله وسلم يوم غدير خم من كنت أولي به من نفسه فعلى
335

أولي به من نفسه فكيف أكون أولي بهم من أنفسهم وهم امراء
على وحكام وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنت منى
بمنزلة هارون من موسى غير النبوة ولو كان مع النبوة غيرها لاستثناه
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقوله انى تركت فيكم أمرين
لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وعترتي لا تتقدموهم ولا
تتخلفوا عنهم ولا تعلموهم فإنهم اعلم منكم أفينبغي ان يكون الخليفة
على الأمة الا اعلمهم بكتاب الله وسنة نبيه وقد قال الله
أفمن يهدى إلى الحق أحق ان يتبع امن لا يهدى الا ان يهدى و
قال وزاده بسطة في العلم والجسم وقال أو إثارة من علم وقال
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما ولت أمة قط امرها رجلا
وفيهم اعلم منه الا لم يزل امرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى
ما تركوا يعنى الولاية فهي غير الامارة على الأمة والدليل على كذبهم و
باطلهم وفجورهم انهم سلموا على بإمرة المؤمنين بأمر رسول الله
336

صلى الله عليه وآله وسلم وهي الحجة عليهم وعليك خاصة و
على هذا الذي معك يعنى الزبير وعلى الأمة رأسا وعلى سعد
وابن عوف وخليفتكم هذا القائم يعنى عثمان وانا معشر الشورى
احياء كلنا فلم جعلني عمر في الشورى إن كان قد صدق هو وأصحابه
على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اجعلنا في الشورى
في الخلافة أم في غيرها فان زعمتم انه جعلها شورى في غير
الامارة فليس لعثمان امارة ولابد من أن نتشاور في غيرها و
لأنه امرنا ان نتشاور في غيرها وإن كانت الشورى فيها فلم
أدخلني فيهم فهلا أخرجني وقد قال إن رسول الله صلى الله
عليه وآله اخرج أهل بيته من الخلافة فأخبر انه ليس لهم فيها
نصيب ولم قال عمر حين دعانا رجلا رجلا لابنه عبد الله وها
هو ذا أنشدك بالله ما قال لك حين خرجنا فقال عبد الله إما اذانا شدتني
فإنه قال إن بايعوا أصلع بني هاشم حملهم على المحجة البيضاء وأقامهم على كتاب ربهم وسنة نبيهم
337

ثم قال عليه السلام يا بن عمر فما قلت أنت عند ذلك قال قلت له ما يمنعك ان تستخلفه قال
عليه السلام فما رد عليك قال رد على شيئا اكتمه قال علي عليه السلام ان رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم اخبرنى بكل ما قال لك وقلت له قال ومتى أخبرك قال عليه السلام اخبرنى في حياته
ثم اخبرنى به ليلة مات أبوك في منامي ومن رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قلنا؟؟
فقد رآه في اليقظة قال فما أخبرك قال عليه السلام أنشدك الله يا ابن عمر لئن حدثتك به لتصدقن
قال أو اسكت قال عليه السلام فإنه قال لك حين قلت له فما يمنعك ان تستخلفه قال الصحيفة
التي كتبناها بيننا والعهد في الكعبة في حجة الوداع فسكت ابن عمر وقال أسئلك بحق رسول
الله لما أمسكت عنى (قال ابان عن سليم) فرأيت ابن عمر في ذلك المجلس وقد خنقته العبرة
وعيناه تسيلان ثم اقبل علي عليه السلام على طلحة والزبير وابن عوف وسعد وقال:
والله إن كان أولئك الخمسة كذبوا على رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم فما يحل لكم ولايتهم وإن كان صدقوا ما حل
لكم أيها الخمسة ان تدخلوني معكم في الشورى لان ادخالكم إياي
فيه خلاف على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورغبة
عنه ثم اقبل على الناس فقال أخبروني عن منزلتي فيكم وما تعرفوني
به أصدوق انا عندكم أم كذاب فقالوا بل صديق صدوق لا والله ما علمناك
كذبت في جاهلية ولا اسلام قال عليه السلام فوالذي أكرمنا أهل البيت بالنبوة
فجعل منا محمدا وأكرمنا بعده ان جعل فينا أئمة المؤمنين لا يبلغ عنه
338

غيرنا ولا تصلح الإمامة والخلافة الا فينا ولم يجعل الله لاحد
من الناس فيها نصيبا ولا حقا إما رسول الله صلى الله عليه و
آله وسلم فخاتم النبيين ليس بعده رسول ولا نبي ختم الأنبياء برسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى يوم القيمة وختم بالقرءان الكتب
إلى يوم القيمة وجعلنا من بعد محمد خلفاء في ارضه وشهداء
على خلقه فرض طاعتنا في كتابه وقرننا بنفسه ونبيه في الطاعة
في غير آية من القرآن والله جعل محمدا نبيا وجعلنا خلفاء من بعده
في خلقه وشهداء على خلقه وفرض طاعتنا في كتابه المنزل ثم
أمر الله جل وعز نبيه ان يبلغ ذلك أمته فبلغهم كما امره فأيهما
أحق بمجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبمكانه قد سمعتم
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين بعثني ببرائة فقال
لا يصلح ان يبلغ عنى الا انا أو رجل منى فلم يصلح لصاحبكم ان يبلغ
عنه صحيفة قدر أربع أصابع ولم يصلح ان يكون المبلغ لها غيري
339

فأيهما أحق بمجلسه ومكانه الذي يسمى خاصة من رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم قال طلحة قد سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم ففسر لنا كيف لا يصلح لأحد ان يبلغ عن رسول الله وقد قال لنا ولسائر الناس
يبلغ الشاهد الغائب وقال بعرفة حين حج حجة الوداع رحم الله من سمع مقالتي فوعاها ثم
ابلغها غيره فرب حامل فقه ولا فقه له ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ثلاثة لا يغل
عليهن قلب امرئ مسلم اخلاص العمل لله والسمع والطاعة والمناصحة لولاة الامر ولزوم جماعتهم
فان دعوتهم محيطة من ورائهم وقام في غير موطن فقال ليبلغ الشاهد الغائب فقال عليه السلام
ان الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم غدير خم
ويوم عرفة في حجة الوداع ويوم قبض في آخر خطبة خطبها حين
قال انى قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما ان تمسكتم بهما كتاب الله
وأهل بيتي فان اللطيف الخبير عهد إلى أنهما لن يفترقا حتى يردا
على الحوض كهاتين الإصبعين فان إحداهما قدام الأخرى فتمسكوا
بهما لا تضلوا ولا تزلوا ولا تقدموهم ولا تختلفوا عنهم ولا تعلموهم
فإنهم اعلم منكم وانما أمر العامة ان يبلغوا من لقوا من العامة
بايجاب طاعة الأئمة من آل محمد وايجاب حقهم ولم يقل ذلك في
شئ من الأشياء غير ذلك وانما أمر العامة ان يبلغوا العامة بحجة
340

من لا يبلغ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جميع ما بعثه
الله به غيرهم الا ترى يا طلحة ان رسول الله صلى الله عليه و
آله وسلم قال لي وأنتم تسمعون يا اخى انه لا يقضى عنى ديني و
لا يبرئ ذمتي غيرك أنت تبرئ ذمتي وتقاتل على سنتي فلما
ولى أبو بكر ما قضى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دينه
وعداته فبايعتموه جميعا فقضيت دينه وعداته وأخبرهم انه لا
يقضى عنه دينه وعداته غيري ولم يكن ما أعطاهم أبو بكر قضاء
لدينه وعداته وانما كان قضى دينه وعداته هو الذي أبرء دينه
وقضى أمانته وانما يبلغ عن رسول الله صلى الله عليه وآله و
سلم جميع ما جاء عن الله عز وجل الأئمة الذين فرض الله طاعتهم
في كتابه وامر بولايتهم الذين من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم
عصى الله قال طلحة فرجت عنى ما كنت أدرى ما عنى رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم بذلك حتى فسرته لي فجزاك الله يا أبا الحسن عن جميع الأمة يا أبا الحسن شئ أريد
ان أسئلك عنه رأيتك خرجت بثوب مختوم فقلت أيها الناس انى لم أزل مشغولا
341

برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بغسله وتكفينه ودفنه ثم شغلت بكتاب الله حتى جمعته لم يسقط
منه حرف فلم أر ذلك الذي كتبت وألفت ورأيت عمر بعث إليك حين استخلف ان ابعث به إلى فأبيت
ان تفعل فدعا عمر الناس فإذا شهد رجلان على آية قرءان كتبها وما لم يشهد عليه غير رجل واحد
رماه ولم يكتبه وقد قال عمر وانا اسمع قد قتل يوم اليمامة رجال كانوا يقرءون قرآنا لا يقرئه
غيره فقد ذهب وقد جاءت شاة إلى صحيفة وكتاب عمر يكتبون فأكلتها وذهب ما فيها والكاتب
يومئذ عثمان فما تقولون وسمعت عمر يقول وأصحابه الذين ألفوا وكبتوا على عهد عمر وعلى عهد عثمان
ان الأحزاب تعدل سورة البقرة والنور ستون ومائة آية والحجرات ستون آية (والحجر تسعون
ومائة آية) فما هذا وما يمنعك يرحمك الله ان تخرج ما الفت للناس وقد شهدت عثمان
حين اخذ ما الف عمر فجمع له الكتاب وحمل الناس على قرائة واحدة ومزق مصحف أبي بن كعب
وابن مسعود واحرقهما بالنار فما هذا فقال أمير المؤمنين عليه السلام
يا طلحة ان كل آية أنزلها الله على محمد صلى الله عليه وآله وسلم
عندي باملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكل حلال و
حرام أو حد أو حكم أو شئ تحتاج إليه الأمة إلى يوم القيمة عندي
مكتوب باملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخط يدي
حتى أرش الخدش قال طلحة كل شئ من صغير أو كبير أو خاص أو عام أو كان أو يكون إلى يوم
القيمة فهو مكتوب عندك قال نعم وسوس ذلك ان رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم أسر إلى في مرضه مفتاح الف باب من العلم يفتح
كل باب الف باب ولو أن الأمة منذ قبض رسول الله صلى الله
342

عليه وآله اتبعوني وأطاعوني لأكلوا من فوقهم ومن تحت
أرجلهم يا طلحة الست قد شهدت رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم حين دعا بالكتف ليكتب فيها مالا تضل الأمة
وتختلف فقال صاحبك ما قال إن نبي الله يهجر فغضب رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم قال بلى قال فإنكم لما خرجتم اخبرنى
بالذي أراد ان يكتب فيها ويشد عليها العامة فأخبره جبرائيل
ان الله عز وجل قد علم من الأمة الاختلاف والفرقة ثم دعا
بصحيفة فاملى على ما أراد ان يكتب في الكتف واشهد على ذلك
ثلاثة رهط سلمان وأبا ذر والمقداد وسمى من يكون من أئمة
الهدى الذين أمر الله بطاعتهم إلى يوم القيمة فسماني أولهم
ثم ابني الحسن ثم الحسين ثم تسعة من ولد ابني هذا يعنى الحسين
كذلك كان يا أبا ذر وأنت يا مقداد قالا نشهد بذلك على رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم فقال طلحة والله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول
لأبي ذر ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ولا أبر وانا
343

اشهد انهما لم يشهدا الا بحق ولانت أصدق عندي منهما ثم اقبل عليه السلام إلى طلحة
فقال اتق الله وأنت يا زبير وأنت يا سعد وأنت يا ابن عوف اتقوا
الله وآثروا رضاه واختاروا ما عنده ولا تخافوا في الله لومة
لائم قال طلحة ما أراك يا أبا الحسن أجبتني عما سئلتك عنه من القرآن الا تظهره للناس قال
يا طلحة عمدا كففت عن جوابك قال فأخبرني عما كتب عمر وعثمان أقرآن كله أم
فيه ما ليس بقرآن قال يا طلحة بل قرءان كله قال إن أخذتم بما فيه نجوتم من النار
ودخلتم الجنة فان فيه حجتنا وبيان حقنا وفرض طاعتنا فقال
طلحة حسبي إما إذ هو قرآن فحسبي ثم قال طلحة فأخبرني عما في يدك من القرآن وتأويله وعلم الحلال
والحرام إلى من تدفعه ومن صاحبه بعدك قال إلى الذي امرنى رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم ان ادفعه إليه قال من هو قال وصيي واولى الناس بالناس
بعدي ابني هذا الحسن ثم يدفعه ابني الحسن عند موته إلى ابني هذا
الحسين ثم يصير إلى واحد بعد واحد من ولد الحسين حتى يرد آخرهم
على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حوضه هم مع القرآن والقرءان
344

معهم لا يفارقونه ولا يفارقهم إما ان معاوية وابنه
سيليان بعد عثمان ثم يليها سبعة من ولد الحكم بن أبي العاص واحدا
بعد واحد تكملة اثنى عشر امام ضلالة وهم الذين رأى رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم على منبره يردون أمته على ادبارهم
القهقرى عشرة منهم من بنى أمية ورجلان أسسا ذلك لهم وعليهما
مثل أوزار هذه الأمة فقالوا يرحمك الله يا أبا الحسن وجزاك الله أفضل الجزاء عنا
98 - ومن كلامه عليه السلام
كتاب المحتضر ص 85 (بالضاد المعجمة) للشيخ الجليل حسن بن سليمان الحلى ره تلميذ شيخنا الشهيد الأول من علماء أوائل
القرن التاسع الهجري روى عن الشيخ الجليل محمد بن الحسن الطوسي في الأمالي مرفوعا إلى يعقوب بن شعيب عن
صالح بن ميثم التمار قال وجدت في كتاب ميثم يقول فيه أمسينا ليلة عند أمير المؤمنين عليه السلام
فقال لنا ليس من عبد امتحن الله قلبه للايمان الا أصبح يجد مودتنا
على قلبه وما أصبح عبد ممن سخط الله عليه الا يجد بغضنا على قلبه
فأصبحنا نفرح بحب المحب لنا ونعرف بغض المبغض لنا وأصبح محبنا
مغتبطا بحبنا برحمة الله ينتظرها كل يوم وأصبح مبغضنا يؤسس
بنيانه على شفا جرف هار فكان ذلك الشفا قد انها ربه في نار
345

جهنم وكان أبواب الرحمة قد انفتحت لأهل الرحمة فهنيئا
لأصحاب الرحمة برحمتهم وتعسا لأهل النار بمثواهم ان عبدا
لن يقصر في حبنا لخير جعله الله في قلبه ولم يحبنا من يحب مبغضنا
فان ذلك لا يجتمع في قلب واحد وما جعل الله لرجل من قلبين
في جوفه يحب بهذا قوما ويحب بالآخر عدوهم والذي يحبنا
فهو يخلص حبنا كما يخلص الذهب لا غش فيه نحن النجباء وفرطنا فرط
الأنبياء وانا وصى الأنبياء وانا حزب الله ورسوله والفئة
الباغية حزب الشيطان فمن أحب ان يعلم حاله في حبنا فليمتحن
قلبه فان وجد فيه شيئا من بغضنا فليعلم ان الله عدوه وجبريل
وميكال والله عدو للكافرين
إلى هنا تم الجزء الأول
بعون الله تعالى
ويتلوه الجزء الثاني
بفضله إن شاء الله
بحول الله وقوته وحسن توفيقه وهدايته ومنه وعنايته قد فرغت من تسويد هذا الجزء الأول من كتابي
مصباح البلاغة في مشكاة الصياغة حاو لشطر من خطب باب مدينة علم رسول الله صلى الله عليه وآله وكلماته
وحكمه التي كانت متشتة في طي كتب الفريقين من الموالفين والمخالفين فصار بحمد الله تعالى مصباحا لمن
استصبح به واستضاء بنوره وكان فراغي من تسويده وتأليفه طليعة فجر يوم الخميس الثاني عشر من شهر ربيع الثاني
من شهور سنة سبع وثمانين وثلاثمأة بعد الألف من الهجرة المقدسة النبوية على مهاجرها آلاف الصلوات والتحيات
وانا المفتقر إلى غفران ربه والمعتصم بحبل ولاية أوليائه الاثني عشر حسن بن علي المير جهانى الطباطبائي الجرقوئي
346