الكتاب: علل الشرائع
المؤلف: الشيخ الصدوق
الجزء: ١
الوفاة: ٣٨١
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ قسم الفقه
تحقيق: تقديم : السيد محمد صادق بحر العلوم
الطبعة:
سنة الطبع: ١٣٨٥ - ١٩٦٦ م
المطبعة:
الناشر: منشورات المكتبة الحيدرية ومطبعتها - النجف الأشرف
ردمك:
ملاحظات:

علل الشرايع
للشيخ الصدوق
تأليف
الشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي
ابن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ره
المتوفى سنة 381 ه‍
الجزء الأول
منشورات المكتبة الحيدرية ومطبعتها في النجف
1385 ه‍ - 1966 م
تعريف الكتاب 1

بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة المقدم 2

(حياة المؤلف " رحمه الله ")
ولادته وأقوال العلماء فيه:
الشيخ الأجل ورئيس المحدثين أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن
موسى بن بابويه الصدوق القمي " رحمه الله "، ولد بقم حدود سنة 306 ه‍ بدعاء
الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن الحجة المنتظر صاحب الزمان عليه السلام ولم
ير في القميين من يضاهيه في سمو مكانته ورفيع مقامه العلمي.
وبنو بابويه من بيوتات القميين الذين ذاع صيتهم بالعلم والفضيلة (ومن
قرأ تاريخ الحواضر العلمية في القرنين الثالث والرابع الهجري يجد لحاضرة " قم "
من بلاد إيران المشهورة الذكر الجميل حيث زهت أرجاؤها بأفذاذ مصلحين،
وزخرت بعباقرة مرشدين أدوا رسالاتهم على وجهها وخدموا مبدأهم بأمانة
واخلاص فاستحقوا بذلك كل تعظيم وتبجيل، فخلدهم التاريخ باكبار، وحفظ
آثارهم بكل فخر جميل.
وقد ذكر الإمام الحجة المجلسي الأول محمد تقي رحمه الله في شرحه:
(لمن لا يحضره الفقيه) بالفارسية ما تعريبه (ان في زمان علي بن الحسين بن
موسى بن بابويه المتوفى سنة 329 ه‍ (وهو والد الصدوق لمترجم له) كان في
قم من المحدثين مائتا الف رجل (1)
وكان أبو الحسن علي بن الحسين - والد الصدوق - وجه الشيعة وفقيههم
ومرموقا لدى عامة أهل قم واليه يرجعون في الأحكام الشرعية مع كثرة
من في قم من الاعلام، توفى سنة 329 ه‍ وهي السنة التي تناثرت فيها
النجوم ودفن بقم، له كتب كثيرة، منها كتاب (الرسالة) إلى ابنه أبي جعفر

(1) انظر اللوامع مع شرح من لا يحضره الفقيه - فارسي ص 149.
كلمة المقدم 3

(المترجم له) محمد بن علي الصدوق رحمه الله، وهو الذي ينقل عنه كثيرا
في كتابه (من لا يحضره الفقيه) كما صرح بذلك في المقدمة فارجع إليها.
وقد ترجم علي بن الحسين (هذا) في جميع المعاجم الرجالية، وقد كتب
اليه الامام الحادي عشر أبو محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام كتابا
جليلا يوصيه به، جاء فيه ما هذا نصه: (1)
بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والجنة
للموحدين، والنار للملحدين، ولا عدوان الا على الظالمين، ولا إله إلا الله
أحسن الخالقين، والصلاة على خير خلقه محمد وعترته الطاهرين.
اما بعد: أوصيك يا شيخي ومعتمدي، وفقيهي أبا الحسن علي بن الحسين
القمي - وفقك الله لمرضاته، وجعل من صلبك أولادا صالحين برحمته - بتقوى
الله وإقام الصلاة، وايتاء الزكاة، فإنه لا تقبل الصلاة من مانعي الزكاة، وأوصيك
بمغفرة الذنب، وكظم الغيظ، وصلة الرحم، ومواساة الاخوان، والسعي في
حوائجهم في العسر واليسر، والحلم عند الجهل، والتفقه في الدين، والتثبت في
الأمور، والتعاهد للقرآن، وحسن الخلق، والامر بالمعروف، والنهي عن
المنكر، قال الله تعالى: (لا خير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقة أو
معروف أو اصلاح بين الناس) واجتناب الفواحش كلها، وعليك بصلاة الليل
فان النبي (ص) أوصى عليا عليه السلام فقال يا علي عليك بصلاة الليل ثلاث مرات
ومن استخف بصلاة الليل فليس منا، فاعمل بوصيتي وامر شيعتي حتى يعملوا
عليه، وعليك بالصبر وانتظار الفرج، فان النبي (ص) قال: أفضل اعمال أمتي
انتظار الفرج ولا يزال شيعتنا في حزن حتى يظهر ولدي الذي بشر به النبي (ص)
انه يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا، فاصبر يا شيخي وامر جميع

(1) ذكر هذا الكتاب أرباب التراجم منهم الطبرسي في الاحتجاج والخونساري
صاحب روضات الجنات ص 377 طبع إيران سنة 1306 ه‍ والعلامة المحدث
النوري في مستدرك وسائل ج 3 ص 527 - ص 528 نقلا عن جماعة من الاعلام.
كلمة المقدم 4

شيعتي بالصبر (فان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين)،
والسلام عليك وعلى جميع شيعتنا ورحمة الله وبركاته وحسبنا الله نعم الوكيل
نعم المولى ونعم النصير).
قال بعض الفضلاء الباحثين (1) ممن ترجم الصدوق رحمه الله - بعد أن
ذكر هذا الكتاب من الإمام عليه السلام لأبيه أبي الحسن علي: (ونحن إذ
نقرأ هذا الكتاب لا نحتاج بعده للتدليل على عظمة الشيخ وعلو مقامه كما انا
في غنى عن سرد جمل الثناء والاطراء من العلماء والباحثين، ففي نعته له بالشيخ
والمعتمد والفقيه، والدعاء له بالتوفيق لمرضاة الله تعالى، وجعل أولاد صالحين
من صلبه، في كل ذلك غنى عن مدح المادحين، ونعت لواصفين ولا يستلفت
النظر من ذلك شئ سوى دعائه (ع) للشيخ بان يجعل من صلبه أولادا صالحين
فالذي يظهر بلوغ الشيخ سنا يحتاج في مثلها - عادة - إلى أولاد يحسنون
اليه ببرهم في حياته ويكونون نعم الخلف له بعد وفاته، إذ يحيون ذكره
ويستغفرون له، ولعل ذلك كان من هم شيخنا (قدس سره) بل كل ما كان
لدين من أماني وأحلام، ولا أحسب انا بحاجة إلى الاستدلال على ذلك بعد ان
نقرأ ما يرويه ولده المترجم له، والشيخ الطوسي والنجاشي وغيرهم من مكاتبات
كتبها الشيخ - الصدوق الأول - إلى سفير الناحية المقدسة ببغداد الشيخ أبي القاسم
الحسين بن روح ابن أبي بحر النوبختي (2) يسأله فيها دعاء الحضرة المقدسة
له بالولد، والى القارئ نص ذلك:

(1) ذكر ذلك فيما صدر به كتاب من لا يحضره الفقيه طبع النجف الأشرف فراجعه
(2) هو ثالث السفراء الأربعة المحمودين كانوا (باب المولى يؤدون عنه
ويؤدون اليه) وهم:
أ - أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري (رحمه الله) وكان وكيلا للأئمة الثلاثة
أبي الحسن الهادي وأبي محمد العسكري وأبي القاسم المهدي عليهم السلام، قبره
بالجانب الغربي من بغداد مما يلي سوق الميدان، معروف يزار ويتبرك به الشيعة -
ب - أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري (رحمه الله) ابن النائب
السابق وخليفته في مقامه بأمر الصاحب عليه السلام، وهو المعروف بالخلاني
توفي سنة 305 آخر جمادى الأولى وكانت أيام سفارته وسفارة أبيه من قبل
خمسا وأربعين سنة ابتدأت سنة 260 إلى سنة 305 ه‍ وقبره في الجانب الشرقي
من بغداد عند والدته في شارع باب الكوفة في الموضع الذي كانت دوره ومنازله.
ج - أبو القاسم الحسين بن روح ابن أبي بحر النوبختي (رحمه الله) تشرف
بالنيابة من سنة 305 إلى أن توفى سنة 326 ه‍ في 18 شعبان، وقبره ببغداد في
الجانب الشرقي في سوق العطارين يزار ويتبرك به، وهو معروف.
د - أبو الحسين علي بن محمد السمري (رحمه الله) وهو آخر السفراء،
تشرف بالنيابة في 18 شعبان سنة 326 إلى أن توفى سنة 329 ه‍، وهي آخر الغيبة
الصغرى وأول الغيبة الكبرى التي نتوقع ختامها بظهوره عجل الله فرجه ليملأ
الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، وقبر السمري في الجانب الغربي من
بغداد مما يلي سوق الهرج والسراجين، وهو معروف ومشهور يزار ويتبرك به.
كلمة المقدم 5

روى الشيخ الطوسي (رحمه الله) في كتاب الغيبة (1) عند ذكر
التوقيعات (2) الخارجة عنه (ع) قال: (عن أبي العباس أحمد بن علي بن نوح
عن أبي عبد الله الحسين بن محمد بن سورة القمي - حين قدم علينا حاجا - قال:
حدثني علي بن الحسن بن يوسف الصائغ القمي، ومحمد بن أحمد بن محمد الصيرفي
المعروف بابن الدلال وغيرهما من مشايخ أهل (قم) ان علي بن الحسين بن بابويه
كانت تحته بنت عمه محمد بن موسى بن بابويه فلم يرزق منها ولدا فكتب إلى الشيخ
أبي القاسم الحسين بن روح (رض) ان يسال الحضرة ان يدعو الله ان يرزقه

(1) انظر ص 201 من الكتاب المذكور المطبوع بمطبعة تبريز سنة 1323 ه‍
(2) التوقيعات: جمع توقيع، وهو ما يوقع في الكتاب، كما عن الصحاح
والعباب، أو الحاق شئ بعد الفراغ منه ممن رفع اليه كالسلطان ونحوه.
كلمة المقدم 6

أولادا فقهاء فجاء الجواب (انك لا ترزق من هذه وستملك جارية ديلمية وترزق
منها ولدين فقيهين، قال أبو عبد الله بن سورة حفظه الله ولأبي الحسن بن بابويه
ثلاثة أولاد محمد والحسين فقيهان ماهران في الحفظ ويحفظان ما لا يحفظ غيرهما
من أهل (قم)، ولهما أخ اسمه الحسن وهو الأوسط مشتغل بالعبادة والزهد
ولا يختلط بالناس ولا فقه له، قال ابن سورة كلما روى أبو جعفر وأبو عبد الله
ابنا علي بن الحسين شيئا يتعجب الناس من حفظهما ويقولون لهما: هذا الشأن
خصوصية لكما بدعوة الإمام عليه السلام وهذا الامر مستفيض في أهل قم).
وذكر النجاشي في كتاب رجاله: (ص 184) ان علي بن الحسين رحمه الله
أبا المترجم له - قدم العراق واجتمع مع أبي القاسم الحسين بن روح رحمه الله
وسأله مسائل ثم كاتبه بعد ذلك على يد علي بن جعفر بن الأسود يسأله ان
يوصل له رقعة إلى الصاحب عليه السلام ويسأله فيها الولد، فكتب عليه السلام
اليه: (قد دعونا الله لك بذلك وسترزق ولدين ذكرين خيرين).
وروى (المترجم له) رحمه الله في كتابه (اكمال الدين واتمام النعمة) (1)

(1) اكمال الدين واتمام النعمة، ويقال له (كمال الدين وتمام النعمة) طبع
بعضه في هيدلبرج سنة 1901 م ومعه مقدمة باللغة الألمانية للموسيو مولر، كما
ذكر ذلك يوسف اليان سركيس في (معجم المطبوعات) ص 44 وذكر أيضا في
دائرة المعارف الاسلامية (ج 1 - ص 94) وطبع أيضا سنة 1301 ه‍ في إيران
وسنة 1374 ه‍ في بيروت ولكنه لم يكمل، ويتضمن الكتاب المذكور اثبات غيبة
الإمام الثاني عشر صاحب الامر عليه السلام، صنفه في الري بعد عودته من
نيشابور وخراسان سنة 354 ه‍ بأمر من الامام صاحب الامر (ع) حيث امره في
المنام بذلك وقد حكى ذلك في مقدمة الكتاب كما ذكر انه قد صنف في الغيبة أشياء
وقد ترجم الكتاب المذكور - بالفارسية السيد علي بن محمد بن أسد الله الامامي
الحسيني الإصفهاني المعاصر لصاحب رياض العلماء الميرزا عبد الله أفندي، وترجمة
أيضا بالفارسية بعض الفضلاء المعاصرين للعلامة المحدث النوري من سادات -
شمس آباد بإصفهان، حكى ذلك شيخنا الامام الطهراني في (الذريعة) ج 4 ص 80.
كلمة المقدم 7

ص 276 - قال: (حدثنا أبو جعفر محمد بن علي الأسود قال: سألني علي بن
الحسين بن موسى بن بابويه رحمه الله - بعد موت محمد بن عثمان العمري رضي الله
عنه - ان اسال أبا القاسم الروحي ان يسال مولانا صاحب الزمان عليه السلام ان
يدعو الله تعالى ان يرزقه ولدا ذكرا قال فسألته فأنهى ذلك فأخبرني بعد ذلك
بثلاثة أيام انه قد دعا لعلي بن الحسين وانه سيولد له ولد مبارك ينفع الله به
وبعده أولاده، قال فولد لعلي تلك السنة ابنه محمد وبعده أولاده) وقال أيضا
رحمه الله في الكتاب المذكور (وكان أبو جعفر محمد بن علي الأسود رحمه الله
كثيرا ما يقول لي - إذا رآني اختلف إلى مجلس شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد
ابن الوليد رضي الله عنه وارغب في كتب العلم وحفظه - (ليس بعجب أن تكون
لك هذه الرغبة في العلم وأنت ولدت بدعاء الإمام عليه السلام) وذكر ذلك أيضا
الشيخ الطوسي رحمه الله في كتاب الغيبة (ص 209) في حق المترجم له وأخيه
أبي عبد الله الحسين بن بابويه يرويه عن جماعة عنهما عن أبي جعفر محمد بن علي الأسود
وكان المترجم له رحمه الله يقول انا ولدت بدعوة صاحب الامر (ع) ويفتخر
بذلك كما ذكر النجاشي رحمه الله في كتاب رجاله ص 185 طبع بمبئ (1).
قال بعض الباحثين من اعلام النجف الأشرف فيما كتبه في ترجمته ما نصه
(وهنا غموض في تاريخ شيخنا فلا نعرف كيف ملك الجارية؟ ومتى كان ذلك؟
الا ان أكبر الظن انه بعدما قرأ توقيع الإمام (ع) طلب ديلمية ليجد ضالته
عندها، وملك الجارية ورزق منها أول مولود مبارك ذكر، وكان ذلك المولود
هو شيخنا محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه - الصدوق - الذي لم ير في
القميين مثله، وقرت به عين والده وتوسم فيه الخير كله لأنه المولود بدعاء
الإمام (ع) والمبشر بولادته والمرجى فيه الخير والبركة والفقه وكثرة النفع
للناس، وكانت ولادته بقم بعد سنة 305 التي هي أولى سني سفارة الحسين بن

(1) وانظر أيضا خاتمة مستدرك الوسائل ج 3 - ص 524.
كلمة المقدم 8

روح - ما سنبين ذلك - فان الذي يظهر من تاريخ ابن الأثير في حوادث سنة
305 ه‍ حيث ذكر وفاة العمري رحمه الله فقال: (وفيها - في جمادي الأولى -
مات أبو جعفر محمد بن عثمان العسكري المعروف بالسمان ويعرف أيضا بالعمري
رئيس الامامية، وكان يدعى انه الباب إلى الإمام المنتظر وأوصى إلى أبي القاسم
الحسين بن روح) ومثله ما ذكره العلامة الحلي رحمه الله في خلاصة الأقوال
(ص 73) من طبع إيران، وزاد الشيخ الطوسي رحمه الله في كتاب الغيبة (ص
238 انه توفى في آخر جمادى الأولى - فإنه يظهر مما تقدم ان ولادة شيخنا
الصدوق رحمه الله كانت في سنة 306 ه‍ فما بعدها، إذ ان وفاة العمري رحمه الله
وسفارة أبي القاسم الحسين بن روح في جمادى الأولى من تلك السنة، وفي
أوائل سفارة الحسين بن روح قدم علي بن الحسين - والد شيخنا الصدوق -
إلى العراق واجتمع بابي القاسم وسأله مسائل ثم رجع إلى (قم) وكاتبه بعد ذلك
على يد علي بن جعفر بن الأسود، كما عن رجال النجاشي، أو أبي جعفر محمد بن
علي الأسود كما عن شيخنا الصدوق في كتابه (اكمال الدين واتمام النعمة) يسأله
فيها ان يوصل رقعته إلى صاحب الزمان (ع) ليدعو له ان يرزقه الله ولدا - كما
سمعت آنفا - فمجيئه إلى العراق ومكثه فيه ورجوعه إلى (قم) يستغرق من الزمن
أكثر من أربعين يوما، ومكاتبته مع أبي القاسم الحسين بن روح ووصول
الجواب اليه تستغرق من الزمن مثل ذلك ان لم نقل بتعدد المكاتبة، وان ثبت
ذلك - كما هو الظاهر - فلها من الزمن اضعاف ما ذكرناه، كما انا لم نعرف زمن
تملكه الديلمية ومقدار الحمل بالصدوق، ولو فرضنا لكل من ذلك زمنا
على الحدس والتخمين فتكون ولادة الصدوق رحمه الله سنة 306 ه‍ فما بعدها قال
الإمام الحجة السيد محمد المهدي بحر العلوم رحمه الله في فوائده الرجالية المخطوط
(ويظهر مما تقدم انه ولد بعد العمري في أوائل سفارة الحسين بن روح،
وكانت وفاة العمري سنة 305 ه‍ فيكون قد أدرك من الطبقة السابعة فوق
الأربعين سنة ومن الثامنة احدى وثلاثين سنة، ويكون عمر نيفا وسبعين
كلمة المقدم 9

سنة ومقامه مع والده ومع شيخه أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني - في الغيبة
الصغرى - نيفا وعشرين سنة فان وفاتهما سنة 329 ه‍ وفي سنة وفاة أبي الحسن
علي بن محمد السمري آخر السفراء الأربعة.
وذكر أيضا النجاشي في كتاب رجاله (ص 276) بقوله (محمد بن علي بن
الحسين بن موسى بن بابويه القمي أبو جعفر نزيل الري شيخنا وفقيهنا ووجه
الطائفة بخراسان وكان ورد بغداد سنة 355 وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث
السن وله كتب كثيرة) ثم عد مائة ونيفا وتسعين كتابا ورسالة سماها له ثم قال
(أخبرنا بجميع كتبه وقرأ بعضها على والدي علي بن أحمد بن العباس النجاشي وقال
لي أجازني في جميع كتبه لما سمعنا منه ببغداد ومات رضي الله عنه بالري سنة 381 ه‍
وذكره أيضا الشيخ الطوسي رحمه الله في كتاب رجاله (المطبوع في النجف
الأشرف) وعده من رجال من لم يرو عنهم (ع) ووصفه بقوله جليل القدر
حفظه بصير بالفقه والاخبار والرجال له مصنفات كثيرة ذكرناها في الفهرست.
وقال في الفهرست المطبوع: كان جليلا حافظا للأحاديث بصيرا بالرجال ناقدا
للاخبار، لم ير في القميين مثله في حفظه وكثرة علمه، له نحو من ثلاثمائة مصنف
وفهرست كتبه معروف، ثم عد رحمه الله نحوا من أربعين كتابا ثم قال وغير
ذلك من الكتب والرسائل الصغار ولم يحضرني أسماؤها أخبرني بجميع كتبه
ورواياته جماعة من أصحابنا منهم الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (يريد
الشيخ المفيد) وأبو عبد الله بن الحسين عبيد الله وأبو الحسين جعفر بن الحسن
ابن حسكة القمي وأبو زكريا محمد بن سليمان الحمداني كلهم رضي الله عنهم - عنه.
وذكره أيضا العلامة الحلي رحمه الله في القسم الأول من خلاصة الأقوال المطبوع
مثل ما ذكره النجاشي والشيخ الطوسي رحمهما الله إلى أن قال له نحو من ثلاثمائة
مصنف ذكرنا أكثرها في كتابنا الكبير، مات رضي الله عنه بالري سنة 381 ه‍
وقال الإمام الحجة السيد بحر العلوم رحمه الله في فوائده الرجالية ما نصه (شيخ
من مشايخ الشيعة وركن من أركان الشريعة رئيس المحدثين والصدوق فيما يرويه عن
كلمة المقدم 10

الأئمة عليهم السلام، ولد بدعاء صاحب الامر (ع) ونال بذلك عظيم الفضل والفخر
وصفه الإمام عليه السلام في التوقيع الخارج من ناحيته المقدسة بأنه فقيه مبارك
ينفع الله به فعمت بركته الأنام وانتفع به الخاص والعام وبقيت آثاره ومصنفاته مدى
الأيام وعم الانتفاع بفقهه وحديثه فقهاء الأصحاب ومن لا يحضره الفقيه من العوام.
وقال أيضا رحمه الله: بعدما نقل أحاديث ولادة الصدوق رحمه الله -
(ان هذه الأحاديث تدل على عظمة منزلة الصدوق رحمه الله وكونه أحد دلائل
الإمام (ع) فان تولده مقارنا لدعوة الإمام (ع)، وتبينه بالنعت والصفة من
معجزاته صلوات الله عليه، ووصفه بالفقاهة والنفع والبركة دليل على عدالته
ووثاقته، لان الانتفاع الحاصل منه رواية وفتوى الا بالعدالة التي هي
شرط فيها، وهذا توثيق له من الإمام الحجة صلوات الله عليه، وكفى به حجة
على ذلك، وقد نص على توثيقه جماعة من علمائنا الاعلام (منهم) الثقة الفاضل
محمد بن إدريس الحلي رحمه الله في السرائر والمسائل، والسيد الثقة الجليل علي بن
طاووس رحمه الله في فلاح السائل ونجاح الامل، وفي كتاب النجوم وكتاب
الاقبال، وكتاب غياث سلطان الورى لسكان الثرى (ومنهم) العلامة الحلي
رحمه الله في المختلف والمنتهى (ومنهم) الشهيد في نكت الارشاد وكتاب الذكرى.
ثم عد السيد بحر العلوم رحمه الله جملة من العلماء الآخرين الذين صرحوا
بتوثيقه (إلى أن قال) وكيف كان فوثاقة الصدوق رحمه الله امر جلي بل معلوم
ضروري كوثاقة أبي ذر سلمان الفارسي، ولو لم يكن الا اشتهاره بين علماء
الأصحاب بلقبيه المعروفين لكفى في هذا الباب.
وقال العلامة الثقة الحجة الشيخ عبد الله المامقاني رحمه الله في تنقيح المقال
(ج 3 - ص 154 - 155) بعد ان أورد في ترجمته مثل ما أورده النجاشي
والشيخ الطوسي والعلامة الحلي وغيرهم من الاعلام رحمهم الله التأمل في وثاقة
الرجل وعدالته وجلالته كالتأمل في نور الشمس الضاحية غير قابل لان يسطر
في الكتب، كيف لا واخبار الحجة المنتظر عجل الله فرجه بان الله سبحانه ينفع
كلمة المقدم 11

به توثيق وتعديل له ضرورة ان الانتفاع الحاصل منه بالرواية والفتوى لا يتم الا
بالعدالة، وقد استدل العلامة الطباطبائي رحمه الله (1) على عدالة الرجل مضافا
إلى ما ذكر باجماع الأصحاب على نقل أقواله واعتبار مذاهبه في الاجماع والنزاع وقبول
قوله في التوثيق والتعديل والتعويل على كتبه خصوصا كتاب من لا يحضره الفقيه.
ثم قال العلامة المامقاني رحمه الله ما نصه: (قد سمعت من النجاشي في
رجاله) أمرين (أحدهما) انه ارخ ورود الصدوق رحمه الله بغداد بسنة 355
ولا يخفى عليك ان له إلى بغداد ورودين، هذا الذي ذكره هو تاريخ الورود
الثاني منهما، واما الورود الأول منهما فهو الذي انتقل من نيسابور إلى العراق
سنة 352 ه‍ على ما يظهر من كتبه، ففي الباب السادس من عيون أخبار الرضا
(حدثنا أبو الحسن علي بن ثابت الروابيني بمدينة السلام - يعني بغداد - سنة
352 ه‍، واما انتقاله في تلك السنة من نيسابور فلانه قال في عدة أبواب:
حدثنا عبد الواحد بن عبدوس بنيسابور في شعبان سنة 352 ه‍، ويشهد بكون
ما أرخه النجاشي هو تاريخ وروده إلى بغداد ثانيا وضوح ان وروده بغداد
أولا قبل وروده الكوفة، وقد قال في الباب الحادي عشر من عيون أخبار
الرضا: انه سمع من محمد بن بكران النقاش بالكوفة سنة 354 ه‍ والذي يفيده
الجمع بين هذه التواريخ انه انتقل في أواخر سنة 352 ه‍ من نيسابور إلى بغداد ثم
انتقل منها إلى الكوفة وكان بها سنة 354 ه‍ ثم رجع إلى بغداد سنة 355 ه‍
(ثانيهما) انه سمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن، والسيد صدر
الدين رحمه الله توفى سنة 329 ه‍ ولا أقل من أن يكون عمر (الصدوق) خمس
عشر سنة فصاعدا، وهذا يقتضي ان يكون عمره وقت قدومه بغداد نيفا
وأربعين سنة ولمثله لا يقال حدث السن (اه) وأنت خبير بان حداثة السن في
كلام النجاشي متعلق بسماع المشايخ منه دون وروده بغداد فلا اعتراض عليه).

(1) العلامة الطباطبائي هو الإمام الحجة السيد محمد مهدي بحر العلوم
المتوفى سنة 1212 ه‍، ذكر ذلك في فوائده الرجالية (المخطوط) كما تقدم لك ذلك.
كلمة المقدم 12

نشأته رحمه الله ومشائخه وأسفاره:
قال بعض الباحثين من أفاضل النجف الأشرف حفظه الله ما نصه: (نشأ المترجم
له بين أحضان الفضيلة يغذيه أبوه لبان المعارف ويغدق عليه من فيض علومه وآدابه
ويشع على نفسه من نور صفائه وتقواه وورعه وزهده ما زاد في تكامله ونشوئه العلمي
نشأ برعاية أبيه الذي كان يجمع بين فضيلتي العلم والعمل، حاوي الحسنيين
فضل الدين والدنيا، فقد كان أبوه شيخ القميين في عصره وفقيههم المشار اليه
بالبنان، اشتهر بعلمه وتمسكه بدينه، وعرف بورعه وتقواه، رجعت
اليه الشيعة في كثير من الأقطار، واخذوا عنه احكامهم، ولم يمنعه سمو مقامه
في العلم من اتخاذ وسيلة لمعاشه، وركائز تضمن له الرفعة عما في أيدي الناس شان
الأحرار في الدنيا، فكانت له تجارة يديرها غلمانه ويشرف عليهم بنفسه
ويعتاش مما يرزقه الله من فضله، ولم يشأ ان يثرى على حساب الغير أو يكون
اتكاليا في رزقه (1) فنشأ شيخنا المترجم له وأدرك من أيام أبيه أكثر من
عشرين سنة اقتبس خلالها من أخلاقه وآدابه ومعارفه وعلومه ما سما به على أقرانه
وكانت نشأته الأولى في بلدة (قم) من بلاد إيران، وهي البلد الخصب
بالمواهب والايمان المتقد الوطيد، وللتربة اثرها في شؤون الطفل وللبيئة الصالحة
شان كبير في حسن النشأة والتوجيه، و (قم) وهي احدى المراكز العلمية
يومئذ، كانت تعج بالعلماء وحملة الحديث، فهي كفيلة لمثله بالرقي والنبوغ وكان
أهل (قم) يتوسمون في وليد أبي الحسن الخير ويتوقعون نبوغه لمكان دعوة
الامام الصالحة، ونعته عليه السلام له بالفقه والبركة وانتفاع الناس به، ولم تمض
برهة حتى أصبح - المترجم له الفتى الكامل - اية في الحفظ والذكاء يحضر مجالس

(1) انظر كتاب الغيبة للشيخ الطوسي رحمه الله (ص 262) ومستدرك
الوسائل (ج 3 - ص 527) فان فيهما ما يدل على ذلك
كلمة المقدم 13

الشيوخ ويسمع منهم ويروي عنهم حتى أشير اليه بالبنان، (وقد ذكر هذا
الفاضل ما ظفر به من شيوخ (الصدوق) فبلغوا (211) شيخا، نقل بعضهم
من (مستدرك الوسائل) للمحدث النوري رحمه الله.
اخذ عن كثير من مشايخ أهل (قم) مثل محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد
وسمع من حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي (ع) ولم
تكن همة شيخنا - المترجم له - مقصورة على الاخذ عن مشايخ بلده فحسب بل
تعالت همته حتى حملته وعثاء السفر، فسافر في رجب سنة 339 ه‍ لطلب
الحديث وتتابعت أسفاره فطاف فيها كثيرا من البلدان، يبادل العلماء السماع
والاخذ في أمهات الحواضر العلمية، وما أكثرها في عصره، فقد كان
من عصور العلم الزاهية في التقدم وشيوع العلم وإذاعة الأدب، وما أكثر
ابطال العلم فيه، والتاريخ حافظ لآثارهم الباقية، ومآثرهم الصالحة.
ولعل السر في نشاط الحركة العلمية ورواج سوقها يومئذ هو فضل ولاة
الأمور وتشجيع أولى التدبير في الحكومات الاسلامية فان الناس على دين ملوكهم.
وكانت السلطة في إيران للديالمة آل زيار وآل بويه (1) وفي أمرائهم.

(1) يظهر من فهارس الشيوخ ومعاجم التراجم فضل آل بويه بين اعلام
الطائفة ومشائخ الأصحاب حيث كانوا من سدنة العلم وحملة الحديث وأعيان فقهاء الإمامية
، وقد خدموا كثيرا وساهموا في حفظ اثار أهل البيت عليهم السلام
بمؤلفاتهم ومروياتهم، وقد كتب المحقق الشيخ سليمان البحراني رحمه الله رسالة
في تعداد أولاد بابويه كما نقل ذلك الشيخ أبو علي الحائري في (منتهى المقال) ومن
أولئك والد الصدوق رحمه الله الشيخ علي بن الحسين بن موسى بن بابويه ويلقب
هو أيضا بالصدوق ويقال لهما الصدوقان (وكان الشيخ على أول من ابتكر طرح
الأسانيد وجمع بين النظائر واتى بالخبر مع قرينه في رسالته إلى ابنه وجميع من
تأخر عنه يحمد طريقه فيها ويعول عليها في مسائل لا يجد النص عليها لثقته وأمانته
وموضعه من الدين والعلم) كما ذكر ذلك العلامة المجلسي رحمه الله في البحار ج 25
ويقول الميرزا عبد الله أفندي في كتابه المخطوط (رياض العلماء) عند ترجمته
للحسين بن علي بن بابويه ما نصه (وهو واخوه وابن هذا الشيخ وسبطه وأحفاده
نازلا إلى زمن الشيخ منتجب الدين كلهم كانوا من أكابر العلماء ولم أعثر فيما بعد
الشيخ منتجب الدين كيف كانت أحوالهم، وقد كان الشيخ منتجب الدين من أعاظم
أسباطه، واما سلسلة (الصدوق) فالظاهر أنه لم يكن منهم عالم سوى ولد الصدوق
فلاحظ، وكان الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه أبو عبد الله
المذكور فقيها صالحا ومن اجلاء الطائفة وكبرائهم.
وصل البصرة في ربيع الأول سنة 378 ه‍ وحدث بها، توفى في النصف في
شهر رمضان سنة 417 ه‍، راجع تراجم بقية اعلام آل بويه في المعاجم الرجالية.
كلمة المقدم 14

ووزرائهم من العلماء والشعراء والكتاب جمع كثير، وفاق عصر آل بويه من
سبقهم بحسن خدمتهم لأهل العلم وتأييدهم لهم وكثرة من كان منهم في بلاطهم
من وزراء وكتاب وحكام وقضاة، كالصاحب بن عباد واضرابه، وكان بها في
أيامهم عدة حواضر علمية وفي كل منها من ذوي الفضل خلق كثير كبلاد الري
وقم وخراسان ونيشابور وأصفهان وغيرها، إلى غير ذلك من البلدان التي كانت
آهلة بالعلماء ويؤمها الطالبون، ويرعاها الامراء والقادة حيث كانوا يعززون
مجالسهم بحضور ذوي الفضل ويحظون بمنادمة الأدباء، وكانوا يجرون لهم
الرواتب ويبالغون في اكرامهم وتبجيلهم، وكان من طليعة أولئك الامراء
ركن الدولة البويهي فقد حظى بصحبة كثير من العلماء واستفاد من ملازمتهم في
دينه ودنياه، واستدعى إلى بلاده كثيرا منهم، وفي طليعتهم شيخنا (المترجم له)
الصدوق رحمه الله فقد استدعاه وشاركه أهالي بلده - الري - في تلك الرغبة
وطلبوا من الشيخ رحمه الله سكنى الري فلبي طلبهم مؤديا ما أوجبه الله عليه
فيما اخذ على العلماء ان لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم، فسافر إلى
الري واقام هناك فالتف حوله جماهير أهلها يأخذون عنه احكامهم، واستدار
حوله ذوو الفضل فأفاض عليهم من علومه ومعارفه ما تركهم عكوفا على بابه لم
كلمة المقدم 15

يفت شيخنا الصدوق (المترجم له) ان يأخذ عن شيوخ البلد في الحديث فسمع بالري
في رجب سنة 347 ه‍ من أبي الحسن محمد بن أحمد بن أسد الأسدي المعروف بابن
جرادة البردعي ويعقوب بن يوسف بن يعقوب وأحمد بن محمد بن الصقر الصائغ
العدل وأبي علي أحمد بن محمد بن الحسن القطان المعروف بابي علي ابن عبد ربه
الرازي وكان الصائغ والقطان من شيوخ أهل الري كما وصفهما شيخنا الصدوق بذلك
وللشيخ الصدوق (المترجم له) رحمه الله أسفار أخرى طاف فيها كثيرا من
البلدان وسمع بها من جماعة من الشيوخ وأولى الفضل والبلدان التي وصلها كما يلي
1 - خراسان: قال الصدوق رحمه الله في خاتمة كتابه (عيون أخبار
الرضا) (1) ما هذا نصه: لما استأذنت الأمير السعيد ركن الدولة في زيارة
مشهد الرضا (ع) فاذن لي في ذلك في رجب سنة 352 ه‍، فلما انقلبت عنه ردني
فقال لي: هذا مشهد مبارك قد زرته وسالت الله تعالى حوائج كانت في نفسي
فقضاها لي فلا تقصر في الدعاء لي هناك والزيارة عني فان الدعاء فيه مستجاب
فضمنت ذلك له ووفيت به، فلما عدت من المشهد - على ساكنه التحية والسلام -
ودخلت اليه فقال لي: هل دعوت لنا وزرت عنا؟ فقلت نعم فقال لي: قد
أحسنت قد صح لي ان الدعاء في ذلك المشهد مستجاب).
وهذه أولى زياراته لمشهد الإمام الرضا عليه السلام وكانت الزيارة الثانية في
شهر ذي الحجة الحرام سنة 367 ه‍ وأملى بها من مجالسه - عرض المجالس - عدة
مجالس كان منها المجلس ال‍ (26) املاه يوم الغدير في المشهد المقدس، ثم عاد إلى
الري ودخلها في آخر ذلك الشهر، وأملى المجلس ال‍ (27) في غرة محرم سنة

(1) هذا الكتاب طبع سنة 1031 ه‍ وسنة 1275 ه‍ وسنة 1318 بإيران
وطبع أخيرا طبعة جديدة في بلدة قم 1377 ه‍ في جزئين علق عليها الفاضل
السيد مهدي الحسيني اللاجوردي (المعاصر)، وعكف على هذا الكتاب العلماء
بالشرح والترجمة إلى الفارسية، فللسيد حسين المجتهد الكركي المتوفى بأردبيل
سنة 1001 ه‍ حاشيته عليه كما ذكره شيخنا الامام الطهراني في الذريعة وممن ترجمه -
المولى صالح الروغني، واسم ترجمته (بركات المشهد المقدس) الفه سنة 1075 ه‍ وترجمة
أخرى للميرزا ذبيح الله بن هداية الإصفهاني، وثالثة لعلي بن طيفور البسطامي وهو
من علماء القرن الحادي عشر، ورابعة للسيد علي بن محمد الامامي مترجم الإشارات
والكتب الثمانية، ومنها العيون، وخامسة لبعض الأصحاب، وسادسة لبعض
أفاضل المشهد الرضوي فرغ منه سنة 1245 ه‍‌، ذكر جميع ذلك شيخنا الامام
الطهراني في (الذريعة) وهذا الكتاب الفه المترجم له (الصدوق) رحمه الله باسم
الوزير الصاحب بن عباد وأهداه لخزانته، كما ذكر ذلك في مقدمته، فراجعه.
كلمة المقدم 16

368 ه‍ وتشرف ثالثا بزيارة المشهد المقدس سنة 368 ه‍ في شعبان وذلك عند
خروجه إلى ديار ما وراء النهر، وأملى بخراسان في سفره الثالث أربعة مجالس
من مجالسه وهي آخر ما هو موجود ومطبوع (1) وكان املاؤه لأولها - هو
المجلس ال‍ (94) في ليلة (17) شعبان، ولآخرها (19) شعبان سنة 368 ه‍.
2 - استراباد وجرجان: سمع بهما من أبي الحسن محمد بن القاسم المفسر

(1) الأمالي المعروف بالمجالس أو عرض المجالس يقع في سبعة وتسعين مجلسا
طبع طهران سنة 1300 ه‍ وطبع أخيرا بإيران طبعة جديدة، انظر الذريعة
ج 2 ص 315 والأمالي هو الكتاب الذي ادرج فيه الأحاديث المسموعة من
الاملاء الشيخ الصدوق رحمه الله عن ظهر قلبه وعن كتابه والغالب عليها ترتيبها على
مجالس السماع، ولذا يطلق عليها المجالس أو عرض المجالس أيضا وهي نظير الأصل
في قوة الاعتبار وقلة تطرق احتمال السهو والغلط والنسيان ولا سيما إذا كان املاء
الشيخ عن كتابه المصحح أو عن ظهر القلب مع الوثوق والاطمئنان بكونه حافظا
ضابطا متقنا، والفرق ان مراتب الاعتبار في افراد الأصول تتفاوت حسب
أوصاف مؤلفيها، وفي الأمالي تتفاوت بفضائل ممليها (انظر الذريعة ج 2 ص
305 ص 306.
كلمة المقدم 17

الأسترآبادي الخطيب - تفسير الإمام العسكري عليه السلام (1) ومن أبي محمد
القاسم بن محمد الأسترآبادي، وأبي محمد عبدوس بن علي بن العباس الجرجاني
ومحمد بن علي الأسترآبادي.
3 - نيشابور: وهي بلدة واقعة بين الري وسرخس في طريق خراسان
وردها في شعبان سنة 352 ه‍ اي في سنة زيارته الأولى لمشهد الرضا (ع) بعد
منصرفه من ذلك المشهد، واقام بها مدة اجتمع عليه أهلها يسألونه
ويأخذون عنه (2).
4 - مرو الرود: وهي مدينة قرب مرو الشاهجان بينهما خمسة أيام وهما
من مدن خراسان، وردها في سفره إلى خراسان.
5 - سرخس: وهي مدينة قديمة بنواحي خراسان، وهي بين نيسابور

(1) تفسير الإمام العسكري عليه السلام: هو الذي أملاه أبو محمد الحسن
ابن علي العسكري (ع) المولود سنة 232 ه‍ والقائم بأمر الإمامة في سنة 254 ه‍
والمتوفى سنة 260 ه‍ ونسخة متداولة فطبع أولا في طهران سنة 1268 ه‍ وكرر
طبعة ثانيا سنة 1313 ه‍ وثالثا في هامش تفسير القمي سنة 1315 ه‍ وقد فصل القول
باعتباره شيخنا المحدث النوري رحمه الله في خاتمة مستدرك الوسائل (ج 3 ص
661) فذكر من المعتمدين عليه الشيخ الصدوق رحمه الله في (من لا يحضره الفقيه)
وغيره من كتبه والطبرسي في الاحتجاج وابن شهرآشوب في (المناقب) والمحقق الكركي
في اجازته لصفي الدين، والشهيد الثاني في (المنية) والمولى محمد تقي المجلسي في شرح
المشيخة وولده العلامة المجلسي في (البحار) وغيرهم وذكر بعض الأسانيد المذكورة
في صدر نسخ هذا التفسير المنتهى جميعها إلى أبي جعفر ابن بابويه رحمه الله ومنها
ما هو في أول المطبوع (اكمال الدين واتمام النعمة) ص 3 من المطبوع بإيران
فقد ذكر فيها انه شاهد عند دخوله تلك البلدة حيرة وبلبلة في امر غيبة الإمام الثاني
عشر عليه السلام فبذل جهودا في ارشادهم إلى الحق وردهم إلى الصواب الخ.
كلمة المقدم 18

ومرو في وسط الطريق، وردها في طريقه إلى خراسان.
6 - سمرقند: البلد المعروف المشهور، قيل: بناه ذو القرنين وقيل:
شمر الحميري، وهو من أهم بلدان ما وراء النهر، وردها سنة 368 ه‍
7 - بلخ: من بلدان إيران القديمة بينها وبين سمرقند اثنى عشر فرسخا
دخلها سنة 368 ه‍.
8 - ايلاق: كورة من كور ما وراء النهر تتاخم كورة الشاش، وهما من
اعمال سمرقند، وردها سنة 368 ه‍ وأقام بها، وفي مدة اقامته بها اجتمع
بالشريف أبي عبد الله محمد بن الحسن الموسوي المعروف بنعمة، وبها وقف
الشريف المذكور على أكثر مصنفات الشيخ الصدوق رحمه الله فنسخها كما سمع
منه أكثرها ورواها عنه كلها، وكانت مائتي كتاب وخمسة وأربعين كتابا
ودارت بينهما أحاديث انتهى بهما الكلام إلى ما ذكره الشريف المذكور عن
كتاب (من لا يحضره الطبيب) تأليف محمد بن زكريا الرازي (1) المتوفى سنة
364 ه‍ (قبل تاريخ اجتماعهما بأربع سنين) وذكر له انه شاف في معناه، وطلب
من الشيخ (الصدوق) ان يكتب له كتابا في الفقه والحلال والحرام والشرائع

(1) هو أبو بكر الرازي الطبيب (جالينوس العرب) أصله من الري، ولد
سنة 282 ه‍ قدم بغداد وبها تعلم الطب وحذق فيه وباشر بالبيمارستان العضدي
ببغداد، توفى بها سنة 364 ه‍ وقيل سنة 311 ه‍ وقيل سنة 310 ه‍ خلف من
التاليف أكثر من مائتي مؤلف لا يزال الكثير منها مجهول العين والأثر، والمعروف
الموجود منها بضعة وعشرون مؤلفا، ترجم بعضها إلى اللغات الأجنبية كالعبرانية
واللاتينية، لن تجديدات في الطب واكتشافات لم يسبق إليها كاكتشافه الأمراض
السارية ومرض الحصبة والجدري، وطبعت بعض مؤلفاته وأكثرها مخطوط
وعمى في اخر عمره (انظر ترجمته في فهرست ابن النديم وقد سمى من كتبه
147) كتابا، وانظر أيضا ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان، وفي نكت
الهميان للصفدي، وتاريخ الحكماء للقفطي، وغيرها من المعاجم.
كلمة المقدم 19

والاحكام، موفيا على جميع ما صنفه الشيخ (الصدوق) في معناه، كما اقترح
ان يسميه بكتاب (من لا يحضره الفقيه) فاجابه الشيخ وصنفه له ليكون اليه
مرجعه وعليه معتمده، وبه اخذه، وقد ذكر (الصدوق) رحمه الله تفصيل ذلك
في مقدمة كتابه وسنأتي على ذكر نص عبارته عند بيان سبب تأليفه للكتاب.
9 - فرغانة: وهي من مدن بلخ بينها وبين بلخ ثلاثون مرحلة غربا
وردها في سفره ذلك.
10 - همدان: وردها سنة 354 ه‍ عندما توجه حاجا إلى بيت الله الحرام.
11 - بغداد: دخلها سنة 352 ه‍ وحدث بها، وسمع منه الشيوخ كما أنه
سمع هو من الشيوخ ودخلها مرة ثانية بعد منصرفه من الحج سنة 355 ه‍‌
وممن سمع منهم ببغداد من الشيوخ أبو محمد الحسن بن يحيى الحسيني العلوي
وأبو الحسن علي بن ثابت الدواليبي، وكان سماعه منه في دخوله الأول سنة
352 ه‍ وسمع من محمد بن عمر الحافظ، وإبراهيم بن هارون الهيبستي.
12 - الكوفة: وردها في طريقه إلى الحج سنة 354 ه‍، وسمع في
مسجدها الجامع من جماعة كمحمد بن بكران النقاش، وأحمد بن إبراهيم بن
هارون الفامي، والحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، وأبي الحسن علي بن عيسى
المجاور في مسجد الكوفة، وسمع من نفر آخرين في أماكن أخرى فقد سمع
من محمد بن علي الكوفي في مشهد الامام أمير المؤمنين عليه السلام في الكوفة
وأبي الحسن علي بن الحسين بن شقير بن يعقوب بن الحرث بن إبراهيم الهمداني
في منزله بالكوفة وسمع من أبي ذر يحيى بن زيد بن العباس بن الوليد البزاز والحسن
ابن محمد السكوني المزكى سمع منهما بالكوفة ولا نعلم موضع سماعهما من البلد.
13 - مكة والمدينة: تشرف بحج بين الله الحرام سنة 354 ه‍ وزار
قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبور أهل بيته عليهم السلام.
14 - فيد: وهو اسم مكان بين مكة والكوفة في نصف الطريق تقريبا
سمع بها بعد منصرفه من مكة من أبي علي أحمد بن أبي جعفر البيهقي.
كلمة المقدم 20

ومن لاحظ مؤلفات الشيخ (الصدوق) رحمه الله خاصة مشيخة كتابه
ثاني الأصول (من لا يحضره الفقيه) وباقي رواياته يجده قد اخذ الرواية عن
كثير من اعلام الخاصة والعامة، وتحمل عنهم الحديث في مختلف الفنون، كما
يجد ان جلهم من أفذاذ العلماء الذين كانت تشد إليهم الرحال للتحمل والرواية
في مختلف الحواضر العلمية في القرن الرابع كبغداد، والكوفة، والري، وقم
ونيشابور، وطوس، وبخارى، تلك البلدان التي سافر إليها الشيخ (الصدوق)
وحدث بها كما حدث بها، وقد أحصى شيخنا الإمام الحجة الثبت العلامة الشيخ
محمد حسين النوري رحمه الله في خاتمة (مستدرك الوسائل) كثيرا منهم فراجع
الفائدة الخامسة من (ج 3 ص 547.. الخ)، فقد ذكر فيها (ان العلماء قد
أطالوا البحث والفحص عن أحوال المذكورين في المشيخة ومدحهم وقدحهم
وصحة الطريق من جهتهم، وأول من دخل في هذا الباب العلامة الحلي رحمه الله
في كتابه (خلاصة الأقوال) وتبعه ابن داود في كتاب رجاله، ثم أرباب
المجاميع الرجالية وشراح (من لا يحضره الفقيه) كالمولى مراد التفريشي والعلامة
المحدث المجلسي الأول محمد تقي والد المجلسي الثاني محمد باقر صاحب بحار الأنوار
وغير هؤلاء، ثم ذكر خلاصة ما ذكروه وما رآه هو حولها، واتبعه بفوائد
نافعة تتعلق بكتاب (من لا يحضره الفقيه) فراجع ذلك.
آثاره العلمية (رحمه الله):
واما اثار الشيخ الصدوق رحمه الله العلمية فلا حاجة لنا إلى الاطناب
في بيانها بعد ان قرأت انه صنف أكثر من ثلاثمائة مصنف في شتى فنون العلم
وأنواعه، وبعد ان كانت بجانبه في الري مكتبة الوزير الصاحب بن عباد الغنية
بالنفائس والآثار والتي كان فهرسها عشر مجلدات، كما ذكر ذلك ياقوت الحموي
في معجم البلدان ج 6 ص 259 سوى غيرها من خزائن الكتب التي عثر
كلمة المقدم 21

عليها في أسفاره، وبعد ان عرفنا في شيخنا قوة الذكاء وشدة الحفظ واتقاد
الذهن، فهو الذي يحفظ ما لا يحفظ غيره، وهو الذي لا مثيل له في أهل قم
وهو الذي كانت مدرسته العلمية سيارة قائمة بشخصه الكريم، فهو أينما حل
واي بلد نزل املى بها وحدث، ونسخت أكثر مصنفاته في عصره فقد نسخ
منها (الشريف نعمة) المتقدم الذكر مئتي كتاب وخمسة وأربعين كتابا (1)
ويا للأسف لم يصل بأيدينا من تلك الثروة الضخمة الا النزر اليسير، وفيما
بقي من اثاره دليل صادق على عظمته، وقد طبع بعضها وبقي الكثير منها
مخطوطا حتى الان (2)
ثم ذكر هذا الفاضل حفظه الله 199 مؤلفا من مؤلفات الصدوق
معتمدا على ما ذكره أرباب المعاجم كالنجاشي في كتاب رجاله والشيخ الطوسي
في الفهرست، والعلامة الحلي في خلاصة الأقوال، وابن شهرآشوب في معالم
العلماء، والمحدث النوري في مستدرك الوسائل، وشيخنا الامام الطهراني في
الذريعة، وغيرهم، فراجعها.
تلاميذه - رحمه الله:
لو أردنا ان نستقصي على التحقيق والاستقراء جميع من روى عن
شيخنا المترجم له واخذ عنه العلم، لطال بنا البحث ولاحتجنا إلى زمن كثير

(1) كما صرح بذلك (الصدوق) رحمه الله نفسه في مقدمة كتابه
(من لا يحضره الفقيه) بقوله:... مع نسخة اي الشريق نعمة لأكثر
ما صحبني من مصنفاتي وسماعه لها وروايتها عني ووقوفه على جملتها، وهي مائتا
كتاب وخمسة وأربعون كتابا.
(2) وقد ذكر أكثر هذه الآثار شيخنا الامام الطهراني أدام الله وجوده
مفرقة على اجزاء كتاب الذريعة فراجعها.
كلمة المقدم 22

خصوصا بعد ان نقف على ما ذكره أرباب المعاجم من أن شيوخ الأصحاب
سمعوا منه واخذوا عنه وهو في حداثة سنه، وبعد ان قرأنا كثيرة رحلاته إلى
أمهات الحواضر العلمية وقرأنا عن بعضها انه كان يبادل السماع والاخذ فيها.
وبعد ان نقف على مدة عمره الشريف وانه عمر نيفا وسبعين سنة قضاها
في سوح الجهاد العلمي بين تآليف الكتب ومجالس الشيوخ وجمع أصول
الحديث ونشر الاحكام وإذاعتها خدمة لمبدئه واعلانا بمذهبه.
بعد ان نقرأ جميع ذلك لا يسعنا الإحاطة - تماما - بجميع من اخذوا
عنه مع أن كثيرا من مترجميه لم يذكروا الا بعض أعيان تلامذته من الذين
طار صيتهم وسطع نجمهم وذاعت أسماؤهم على الألسنة.
ثم ذكر هذا الفاضل أسماء ما تيسر له العثور عليه من تلامذته والاخذين
عنه وكلهم من الاعلام الاثبات الذين أصفقت معاجم التراجم على ذكرهم بكل
جميل، فبلغوا 20 تلميذا.
إلى هنا انتهى ما نقلناه مما كتبه بعض المحققين من أفاضل النجف الأشرف
حفظه الله في ترجمة شيخنا الصدوق التي طبعت في مقدمة الجزء الأول من
كتاب لا يحضره الفقيه المطبوع في النجف الأشرف سنة 1377 ه‍ مع
بعض التلخيص والإضافات منا، وقد ذكر مصادر الترجمة في آخرها وأكثر
هذه المصادر هي موجودة عندنا بحمد الله وقد طابقنا ما كتبه هذا المحقق
الفاضل معها، فراجعها ان شئت.
ومن مؤلفات شيخنا الصدوق رحمه الله هذا الكتاب الذي نقدمه
للقراء الأفاضل (علل الشرائع والاحكام والأسباب) كما كتب في صدر الكتاب
يتضمن (385) بابا، أول الأبواب (العلة التي من اجلها سميت السماء سماء
والدنيا دنيا، والآخرة آخرة، والعلة التي من اجلها سمى آدم آدم، وحواء
حواء، والدرهم درهما، والدينار دينارا، والعلة التي من اجلها قيل للفرس
(أجد) وللبغلة (عد)، والعلة التي من اجلها قيل للحمار (حر)، واما آخر
كلمة المقدم 23

وجدته اهلا له وصنفت له هذا الكتاب بحذف الأسانيد لئلا يكثر طرقه وان
كثرت فوائده، ولم اقصد فيه قصد المصنفين في ايراد جميع ما رووه بل قصدت
إلى ايراد ما أفتى به، واحكم بصحته، واعتقد فيه انه حجة فيما بيني وبين ربي
تقدس ذكره، وتعالت قدرته، وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة
عليها المعول، واليها المرجع، مثل كتاب حريز بن عبد الله السجستاني (1)
وكتاب عبيد الله بن علي الحلبي، وكتب علي بن مهزيار الأهوازي، وكتب
الحسين بن سعيد، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى وكتاب نوادر الحكمة تصنيف
محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري وكتاب الرحمن لسعد بن عبد الله
وجامع شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد رضي الله عنه ونوادر محمد بن أبي عمير
وكتب المحاسن لأحمد بن أبي عبد الله البرقي، ورسالة أبي رضي الله عنه إلي
وغيرها من الأصول والمصنفات التي طرقي إليها معروفة في فهرست الكتب التي
رويتها عن مشايخي وأسلافي رضي الله عنهم وبالغت في ذلك جهدي.. الخ.
قال الإمام الحجة السيد بحر العلوم رحمه الله في فوائده الرجالية المخطوط
(.. كتاب من لا يحضره الفقيه أحد الكتب الأربعة التي هي في الاشتهار
والاعتبار كالشمس في رائعة النهار، وأحاديثه معدودة في الصحاح من غير
خلاف ولا توقف من أحد، حتى أن الفاضل المحقق الشيخ حسن ابن الشهيد
الثاني رحمه الله - مع ما علم من طريقته في تصحيح الحديث - يعد حديثه من
الصحيح عنده وعند الكل، وحكى عنه تلميذه الشيخ الجليل الشيخ عبد اللطيف
ابن أبي جامع في كتاب رجاله انه سمع منه مشافهة يقول: ان كل رجل يذكره
في الصحيح عنده فهو شاهد أصل بعدالته لا ناقل.
ثم قال أيضا السيد بحر العلوم قدس الله سره: ومن الأصحاب من يذهب

(1) انظر التعريف بهذا الكتاب والكتب التي تليه وتراجم مؤلفيها
في كتاب (الذريعة) لشيخنا الامام الطهراني الغروي أدام الله وجوده وفي
بقية المعاجم الرجالية.
كلمة المقدم 24

إلى ترجيح أحاديث (من لا يحضره الفقيه) على غيره من الكتب الأربعة نظرا
إلى زيادة حفظ الصدوق رحمه الله، وحسن ضبطه، وتثبته في الرواية، وتأخر
كتابه عن الكافي، وضمانه فيه لصحة ما يورده، وانه لم يقصد فيه قصد المصنفين
في ايراد جميع ما رووه، وانما يورد فيه ما يفتي به ويحكم بصحته، ويعتقد انه
حجة بينه وبين ربه، وبهذا الاعتبار قيل إن مراسيل (1) الصدوق رحمه الله في
(من لا يحضره الفقيه) كمراسيل ابن أبي عمير في الحجية والاعتبار وان هذه
المزية من خواص هذا الكتاب لا توجد في غيره من كتب الأصحاب والخوض
في هذه الفروع تسليم للأصل من الجميع، على أن الشهيد الثاني رحمه الله - في
شرح دراية الحديث - قال: ان مشايخنا السالفين من عهد الشيخ محمد بن يعقوب
الكليني رحمه الله وما بعده إلى زماننا هذا لا يحتاج أحد منهم إلى التنصيص على
تزكيته ولا التنبيه على عدالته لما اشتهر في كل عصر من ثقتهم وضبطهم وورعهم
زيادة على العدالة، ولعل هذا هو السر في عدم تنصيص أكثر المتأخرين من
علماء الرجال على توثيق كثير من الأعاظم ممن لا يتوقف في جلالته وثقته
وعدالته كالصدوق والسيد المرتضى وابن البراج وغيرهم من المشاهير رضوان

(1) مرادهم من المرسل أعم مما لم يذكر فيه اسم الراوي بان قال (روى)
أو قال: قال عليه السلام وما ذكر الراوي وصاحب الكتاب ولكن نسي ان
يذكر طريقه اليه في المشيخة، وهم على ما صرح به التقي المجلسي الأول رحمه الله في
شرحه الفارسي المسمى باللوامع أزيد من مائة وعشرين رجلا، قال واخبارهم
تزيد على ثلاثمائة والكل محسوب من المراسيل عند الأصحاب، وقال الفاضل
المولى مراد التفريشي رحمه الله في شرحه لكتاب (من لا يحضره الفقيه)
المسمى شرحه (التعليقة السجادية): والاعتماد على مراسيله - اي مراسيل
من لا يحضره الفقيه - ينبغي ان لا يقصر عن الاعتماد على مسانيده حيث
حكم بصحة الكل... الخ انظر خاتمة مستدرك الوسائل (ج 3 ص
717 و 718).
كلمة المقدم 27

الله عليهم، اكتفاء بما هو المعلوم من حالهم، والطريق في التزكية غير منحصر
في النص عليها فان الشياع منهج معروف ومسلك مألوف وعليه تعويل علماء
الفن في توثيق من لم يعاصروه غالبا، ومع الظفر بالسبب فلا حاجة إلى النقل.
ويقول العلامة الخبير المحقق الشيخ بهاء الدين العاملي رحمه الله في شرح
(من لا يحضره الفقيه) عند قول المصنف (1) وقال الصادق جعفر بن محمد
عليهما السلام: كل ماء طاهر (2) الا ما علمت أنه قذر - ما لفظه: هذا
الحديث كتاليه من مراسيل المؤلف رحمه الله وهي كثيرة في هذا الكتاب
تزيد على ثلث الأحاديث الموردة فيه، وينبغي ان لا يقصر الاعتماد عليها عن
الاعتماد على مسانيده من حيث تشريكه بين النوعين في كونه مما يفتي به ويحكم
بصحته ويعتقد انه حجة بينه وبين ربه سبحانه، بل ذهب جماعة من الأصوليين
إلى ترجيح مرسل العدل على مسانيده محتجين بان قول العدل (قال رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم كذا) يشعر باذعانه بمضمون الخبر، بخلاف ما لو قال
(حدثني فلان عن فلان أنه قال صلى الله عليه وآله وسلم: كذا)، وقد جعل
أصحابنا قدس الله أرواحهم مراسيل ابن أبي عمير (3) كمسانيده في الاعتماد

(1) انظر: خاتمة مستدرك الوسائل ج 3 ص 718.
(2) هذا هو الحديث الأول من أحاديث (من لا يحضره الفقيه)
والمراد انه طاهر بطبيعته وخلقته.
(3) محمد بن أبي عمير: البغدادي الأصل والمقام، أبو أحمد، ذكره
الشيخ الطوسي في الفهرست فقال:... وكان من أوثق الناس عند
الخاصة والعامة وأنسكهم نسكا، وأورعهم وأعبدهم، وحكى عن الجاحظ أنه قال
: كان أوحد أهل زمانه في الأشياء كلها، أدرك من الأئمة ثلاثة الكاظم
والرضا والجواد عليهم السلام، وذكره الكشي في رجاله فقال: انه ضرب
مائة وعشرين خشبة أيام هارون الرشيد، وتولى ضربه السندي بن شاهك..
وحبس فلم يفرج عنه حتى أدى مائة وواحدا وعشرين ألف درهم وروى
عنه أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري كتب مائة رجل من أصحاب الإمام
الصادق عليه السلام، له كتب كثيرة منها كتاب (النوادر) وهو كتاب حسن
كبير، مات سنة 217.
كلمة المقدم 28

عليها لما علموا من عادته انه لا يرسل الا عن ثقة فجعل مراسيل المؤلف رحمه الله
كمراسيل ابن أبي عمير.
ويقول المحقق السيد الداماد رحمه الله في كتابه (الرواشح السماوية) (1)
في رد من استدل على حجية المرسل مطلقا بأنه لو لم يكن الوسط الساقط عدلا
عند المرسل لما ساغ له اسناد الحديث إلى المعصوم عليه السلام الخ - انما يتم
ذلك إذا كان الارسال بالاسقاط رأسا والاسناد جزما كما لو قال المرسل (قال
النبي (ص) أو (قال الامام ع ذلك) وذلك مثل قول الصدوق رضي الله
عنه في (من لا يحضره الفقيه) قال عليه السلام: الماء يطهر ولا يطهر (2) إذ
مفاده الجزم أو الظن بصدور الحديث عن المعصوم ع فيجب أن تكون الوسائط
عدولا في ظنه والا كان الحكم الجازم بالاسناد هادما لجلالته وعدالته.. الخ.
ويقول المحقق الشيخ سليمان البحراني رحمه الله في (البلغة) في جملة كلام

(1) انظر خاتمة مستدرك الوسائل ج 3 ص 718.
(2) هذا هو الحديث الثاني من أحاديث (من لا يحضره الفقيه) وكلمة
(يطهر) الأولى بكسر الهاء المشددة بصيغة المعلوم، وكلمة (يطهر) الثانية
بفتح الهاء المشددة بصيغة المجهول، والمعنى ان الماء بطبيعته وخلقته يطهر ما
تنجس بالأعيان النجسة، لأنه طاهر بنفسه - كما قلنا في الحديث الأول - ولا
يحتاج إلى أن يطهره شئ، فلا ينافي انه يحتاج إلى أن يطهر هو أيضا فيما إذا
تنجس بنجاسة عرضية وتغير لونه أو طعمه أو رائحته، كما أن الماء لا يطهر
غيره الا إذا حصلت فيه الشروط الشرعية لتطهيره مما ذكره الفقهاء، انظر
شرح الصدوق للحديثين المذكورين والشروح الأخرى.
كلمة المقدم 29

له (1) في اعتبار روايات (من لا يحضره الفقيه) -: بل رأيت جمعا من
الأصحاب يصفون مراسيله بالصحة ويقولون انها لا تقصر عن مراسيل ابن أبي
عمير، منهم العلامة الحلي رحمه الله في (المختلف) والشهيد رحمه الله في شرح
الارشاد، والسيد المحقق الداماد قدس الله أرواحهم.
ويقول العلامة المحدث النوري (2) قدس الله سره: ما لفظه قد سلك
كل من مشايخنا الثلاثة - أصحاب الكتب الأربعة رضوان الله تعالى عليهم - في
أسانيد كتابه مسلكا لم يسلكه الاخر، فالشيخ ثقة الاسلام (الكليني) جرى
في (الكافي) على طريقة السلف الصالحين من ذكر جميع السند غالبا وترك
أوائل الاسناد ندرة اعتمادا على ذكره في الأخبار المتقدمة عليه في هذا، وقد
يتفق له الترك بدون ذلك أيضا، فإن كان للمبتدأ بذكره في السند طريق معهود
متكرر في الكتاب، كأحمد بن محمد بن عيسى، وأحمد بن محمد بن خالد، وسهل
ابن زياد، فالظاهر البناء عليه، والا كان الحديث مرسلا، ويسمى مثله في
الاصطلاح معلقا، واما رئيس المحدثين (الصدوق) فإنه بنى في (من لا يحضره
الفقيه) من أول الأمر على اختصار الأسانيد وحذف أوائل السند ثم وضع في
اخره مشيخة يعرف بها طريقه إلى من روى عنه فهي المرجع في اتصال سنده
في اخبار هذا الكتاب، وربما أخل منها بذكر الطريق إلى بعض فيكون السند
باعتباره معلقا، ثم إنهم أطالوا البحث والفحص عن أحوال المذكورين في المشيخة
ومدحهم وقدحهم وصحة الطريق من جهتهم، ولقرائن أخرى، وأول من دخل
في هذا الباب العلامة الحلي رحمه الله في الخلاصة، وتبعه ابن داود ثم أرباب
المجاميع الرجالية، وشراح (من لا يحضره الفقيه) كالعالم الفاضل المولى مراد
التفريشي، والعالم الجليل المجلسي الأول، وغيرهم. ثم ذكر العلامة
النوري رحمه الله خلاصة ما ذكروه مع الإشارة إلى ما عنده فيه، ثم

(1) انظر خاتمة مستدرك الوسائل ج 3 ص 718.
(2) انظر خاتمة مستدرك الوسائل ج 3 ص 547.
كلمة المقدم 30

أتبعه بتنبيهات نافعة تتعلق بالكتاب، انظر (خاتمة مستدرك الوسائل
ج 3 ص 547.
وقد أحصى المولى مراد التفريشي رحمه الله في أول شرحه (لمن لا يحضره
الفقيه) المسمى بالتعليقة السجادية أحاديث الكتاب فكانت خمسة آلاف
وتسعمائة وثلاثة وستين حديثا، منها الفان وخمسون حديثا مرسلا ونسب ذلك
إلى بعض مشايخه، وهذا هو المنقول عن الشيخ البهائي رحمه الله في شرحه
للكتاب، كما ذكره العلامة المحدث النوري رحمه الله في خاتمة مستدرك الوسائل
ج 3 - ص 717.
اما المحدث الشيخ يوسف البحراني رحمه الله فقد قال في (لؤلؤة البحرين)
ما نصه: قال بعض مشايخنا: اما (الفقيه) فيشتمل مجموعة على اربع مجلدات
يشتمل على ستمائة وستة (1) وستين بابا (الأول) منها يشتمل على سبعة وثمانين
باب (الثاني) على مائتين وثمانية وعشرين بابا (والثالث) على ثمانية وسبعين
بابا (والرابع) على مائة وثلاثة وسبعين بابا.
وجميع ما في المجلد (الأول) حصر بألف وستمائة وثمانية عشر حديثا
وجميع ما في (الثاني) حصر بألف وستمائة وسبعة وثلاثين حديثا وجميع ما في
(الثالث) حصر بألف وثلاثمائة وخمسة أحاديث وجميع ما في (الرابع) حصر
بتسعمائة وثلاثة أحاديث، وجميع مسانيد الأول سبعمائة وسبعة وسبعون حديثا
ومراسيله واحد وأربعون وثمانمائة حديث، ومسانيد الثاني الف وأربعة وستون

(1) هكذا جاء في لؤلؤة البحرين المطبوعة 666 بابا، ونقله أيضا هكذا
عن اللؤلؤة شيخنا المحدث النوري في خاتمة مستدرك الوسائل ج 3 ص 717
ولكن لو جمعت أبواب المجلدات الأربع على ما ذكر لبلغت 566 لا 666
كما أن في حساب الأحاديث غلطا فلا يوافق مجموع الحساب الذي ضبطه بخمسة
آلاف وتسعمائة وثلاثة وستين حديثا، ولعل في نسخة اللؤلؤة سهوا من الناسخ
أو الطابع فلاحظ ذلك.
كلمة المقدم 31

حديثا، مراسيله ثلاثة وسبعون وخمسمائة حديث، ومسانيد الثالث الف
ومائتان وخمسة وتسعون حديثا، ومراسيله خمسمائة وعشرة أحاديث،
ومسانيد الرابع سبعة وسبعون وسبعمائة حديث، ومراسيله مائة وستة
وعشرون حديثا، فجميع الأحاديث المسندة ثلاثة آلاف وتسعمائة وثلاثة عشر
حديثا، والمراسيل الفان وخمسون حديثا فالمجموع خمسة آلاف وتسعمائة
وثلاثة وستون حديثا.
ومن تتبع كتاب (من لا يحضره الفقيه) يجد ان لمؤلفه الصدوق رحمه الله
فتاوى لم يتابعه عليها أكثر اعلام الطائفة الجعفرين وان تابعه بعضهم
وكانت هذه الفتاوى منه رحمه الله مخالفة للاجماع أو متروكة عند المتقدمين
والمتأخرين، وقد افرد هذه الفتاوى الشيخ مفلح بن الحسن الصيمري المتوفى
سنة 933 ه‍ بتأليف سماه (التنبيه على غرائب من لا يحضره الفقيه) ذكره
صاحب روضات الجنات، ص 666 وشيخنا الامام الطهراني في الذريعة
ج 4 ص 438 فراجعهما.
وقد أورد ذلك بعض أفاضل المحققين في النجف الأشرف ممن ترجم
(الصدوق) رحمه الله في مقدمة كتاب (من لا يحضره الفقيه) المطبوع بالنجف
الأشرف سنة 1377 ه‍ فقال ما لفظه: ان شيخنا - المترجم - قد انفرد بآراء
وفتاوى لم يسبقه في بعضها أحد كما لم يتابعه في جلها أحد من الفقهاء وانه رحمه الله
كان يعتمد على طائفة من الاخبار لم يعتمدها غيره فأفتى بمضمونها معتقدا صحتها
والعمل عليها، ولذا خالف في بعض تلك الآراء اجماع الطائفة، وربما حاول في
بعضها قسر الأذهان على قبول رأيه وفرض حكمه على سلامة من دينه الا انه
بشر يخطئ ويصيب، والعصمة لأهلها.
ثم ذكر هذا الفاضل المحقق بعض ما عثر عليه استطرادا في الجزء الأول
من الكتاب من فتاواه الغريبة وآرائه الخاصة (1) كما يلي:

(1) ذكر هذا الفاضل الفتاوى الغريبة لواقعة في الجزء الأول فقط
وبعد لم يصدر طبع بقية الأجزاء الثلاثة الأخرى وأخيرا طبعت كلها ولم
يذكر لنا هذا الفاضل الفتاوى الغريبة فيها ولعلها لا توجد فلاحظ ذلك.
كلمة المقدم 32

1 - جواز الاغتسال والوضوء بماء الورد، كما في ص 6 من المطبوع
الجديد، وفي شرح المجلسي الأول رحمه الله للكتاب لم يوجد لفظ (منه) في
عبارة الصدوق في المقام.
2 - طهارة من لم يستبن بالطرف من الدم، كما في ص 10.
3 - مس الانسان باطن دبره أو باطن إحليله ينقض الوضوء كما في ص 39.
4 - المرأة الحائض تقضي الركعة (اي الثالثة بعد ان تطهر وتغتسل) من
المغرب إذا حاضت بعد ما صلت ركعتين منها كما في ص 52.
5 - لا تجوز صلاة من صلى بعمامة لا حنك لها، كما في ص 172.
6 - أول المغرب استتار القرص، كما في ص 141.
7 - وجوب القنوت في الصلوات الخمس اليومية وبتركه تبطل الصلاة،
كما في ص 207.
8 - عدم جزئية الصلاة على النبي (ص) في التشهد، كما في ص 209
فإنه ذكر التشهد خاليا عنها.
9 - جواز السهو على النبي (ص)، وسماه اسهاء من الله تعالى، كما في
ص 234 تبع في رأيه ذلك شيخه محمد بن الحسن بن الوليد، وتبعه على رأيه
ذلك الشيخ الطبرسي في مجمع البيان، كما نقل عنه التنكابني في قصص العلماء
والسيد الجزائري في الأنوار النعمانية، وفخر الدين الطريحي في مجمع البحرين
بمادة (بدا) والمحقق الفيض الكاشاني في الوافي - على ما يظهر من كلامه (1)

(1) الكلام في سهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم مفصل في المصنفات
الكلامية ومذهب الشيعة فيه نفيه عنه (ص) واجماعهم على ذلك الا من شذ
كالصدوق وشيخه محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، وقد كتب في ردهما تفنيد
ما استند اليه من اخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا كثير من علمائنا الاعلام
وفي مقدمتهم الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان قدس سره، والسيد المرتضى
رحمه الله، وقد كتب أحدهما رسالة مفردة في الرد على الصدوق في هذه المسالة
وقد أدرجها بتمامها العلامة المجلسي رحمه الله في البحار ج 6 ص 297 كما أنه
قد فصل الكلام في المسالة وأطنب في بيان شذوذ تلك الأخبار التي استند
إليها القائلون بالسهو، فراجع البحار ج 6 ص 288 إلى ص 299 وانظر
أيضا ما ذكره العلامة المحدث السيد عبد الله شبر في كتابيه حق اليقين ج 1
ص 93 ومصابيح الأنوار ج 2 ص 133 ولم يقتصر رد الصدوق في
هذه المسالة على الكتب الكلامية فحسب بل تجد رده في كثير من الكتب الفقهية
أيضا، وراجع التذكرة والمنتهى للعلامة الحلي رحمه الله.
كلمة المقدم 33

وقد ختم الصدوق كتابه هذا بثلاثة أحاديث شريفة رأينا ذكرها فيما يلي:
1 - روى سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال قال أمير المؤمنين
عليه السلام في بعض خطبه: أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه عني فان
الفراق قريب انا امام البرية، ووصي خير الخليقة، وزوج سيدة نساء
الأمة، وأبو العترة الطاهرة، والأئمة الهادية، انا أخو رسول الله (ص)
ووصيه ووليه ووزيره وصاحبه وصفيه وحبيبه وخليله، انا أمير المؤمنين
وقائد الغر المحجلين وسيد الوصيين، حربي حرب الله وسلمي سلم الله وطاعتي
طاعة الله وولايتي ولاية الله وشيعتي أولياء الله وأنصاري أنصار الله، والله
الذي خلقني ولم أك شيئا لقد علم المستحفظون من أصحاب محمد (ص) ان الناكثين
والقاسطين والمارقين ملعونون على لسان النبي الأمي، (وقد خاب من افترى).
2 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام قال رسول الله (ص) اللهم ارحم خلفائي
قيل يا رسول الله ومن خلفاؤك؟ قال: الذين يأتون من بعدي يروون حديثي وسنتي
3 - وروى المعلى بن محمد البصري عن جعفر بن سلمة عن عبد الله بن الحكم
كلمة المقدم 34

عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال النبي (ص): ان عليا
وصيي وخليفتي، وزوجته فاطمة سيدة نساء العالمين ابنتي، والحسن والحسين
سيدا شباب أهل الجنة ولداي، من ولاهم فقد والاني، ومن عاداهم فقد عاداني
ومن ناوأهم فقد ناوأني ومن جفاهم فقد جفاني ومن برهم فقد برني، ومن وصلهم
فقد وصلني، وصل الله من وصلهم، وقطع الله من قطعهم، ونصر من أعانهم
وخذل من خذلهم، اللهم من كان له من أنبيائك ورسلك ثقل (1) وأهل بيت فعلي
وفاطمة والحسن والحسين أهل بيتي وثقلي (فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)
طبع كتاب من لا يحضره الفقيه مرة بلكهنو - الهند - سنة 1300 ه‍
وأخرى بتبريز - إيران - سنة 1334 ه‍ وثالثة بطهران سنة 1374 ه‍ ورابعة
بالنجف الأشرف طبعة أنيقة في أربعة اجزاء ابتدئ بطبعه من سنة 1377 ه‍
وانتهى سنة 1378 ه‍، وعلق عليه بعض أفاضل النجف الأشرف وقدم له
مقدمة ثمينة في ترجمة حياة المؤلف أدرجت في أوله نقلنا عنها كثيرا وألحق
باخر الجزء الرابع شرحه لمشيخة الصدوق رحمه الله من ص 2 إلى ص 137
واعتمد حفظه الله على المصادر الآتية:
فهرست الشيخ الطوسي، ورجال النجاشي، ورجال الكشي، وخلاصة
الأقوال للعلامة الحلي، ورجال ابن داود (مخطوط) ومنهج المقال للإسترآبادي
ومنتهى المقال للحائري، ونقد الرجال للتفريشي، وشعب المقال للنراقي، وجامع
الرواة للأردبيلي، واتقان المقال للشيخ محمد طه نجف النجفي، وتنقيح المقال
للمامقاني، والوجيزة للمجلسي وشرح أسانيد الاستبصار، وتأسيس الشيعة للسيد
حسن الصدر الكاظمي، وأعيان الشيعة للسيد محسن الأمين العاملي، وتعليقة الوحيد
البهبهاني على المنهج، وضوابط الأسماء واللواحق للشيخ فخر الدين الطريحي
النجفي، وتقريب التهذيب لابن حجر العسقلاني، ولسان الميزان له وتهذيب

(1) الثقل بفتح الثاء المثلثة والقاف المفتوحة متاع المسافر وحشمه
كلمة المقدم 35

التهذيب له، والفهرست لابن النديم، وهدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي
ومعالم العلماء لابن شهرآشوب، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي، ومرآة الزمان
لليافعي، وغير ذلك.
وعندنا نسخة مخطوطة ثمينة كتبها عبد الغني ابن مير محمد تقي ابن مير حسن
الحسيني الكسكري في بلدة رشت يوم الأربعاء ثامن شهر شعبان سنة 1077 ه‍
اعلام بيته رحمه الله
ذكر الفاضل المذكور (1) حفظه الله - تحت هذا العنوان ما لفظه: يظهر من
فهارس الشيوخ ومعاجم التراجم فضل بني بابويه بين اعلام الطائفة ومشائخ الأصحاب
حيث كانوا من سدنة العلم وحملة الحديث وأعيان فقهاء الإمامية، وقد خدموا
كثيرا وساهموا في حفظ آثار أهل البيت عليهم السلام بمؤلفاتهم ومروياتهم
قال الميرزا عبد الله أفندي في كتابه (رياض العلماء) وهو - اي الحسين بن علي بن
بابويه واخوه وابن هذا الشيخ وسبطه وأحفاده نازلا إلى زمن الشيخ منتجب
الدين - اي صاحب الفهرست المطبوع - كلهم كانوا من أكابر العلماء ولم أعثر
فيما بعد الشيخ منتجب الدين كيف كانت أحوالهم، وقد كان الشيخ منتجب الدين
من أعاظم أسباطه، واما سلسلة (الصدوق) فالظاهر أنه لم يكن منهم عالم سوى
ولد الصدوق فلاحظ، وقد كتب الشيخ المحقق سليمان البحراني رحمه الله رسالة
في تعداد أولاد بابويه كما نقل ذلك عنه الحائري في (منتهى المقال) ولم نقف
على تلك الرسالة الا انا عثرنا على أسماء عدة منهم كانوا بحق مفخرة الطائفة،
ونجوما لامعة في سماء العلم، ثم ذكر هذا الفاضل أسماء تسعة عشر، منهم

(1) وذكر ذلك أيضا العلامة الشيخ عبد الرحيم الرباني الشيرازي
المعاصر فيما كتبه في رسالته في حياة الصدوق التي قدم بها كتاب (معاني الأخبار
) للمترجم له والمطبوع جديدا بطهران سنة 1379 ه‍ فراجعه.
كلمة المقدم 36

1 - والده:
أبو علي الحسن بن الحسين بن موسى بن بابويه، ويلقب هو أيضا بالصدوق
الأول ويقال لهما الصدوقان وكان الشيخ علي حفيد الشهيد الثاني رحمه الله يعتقد
انه إذا اطلق الصدوقان أريد بهما الاخوان محمد والحسين إلى أن رأى جده
الشهيد الثاني رحمه الله في المنام وقال له يا بني الصدوقان محمد وأبوه وقد ترجم
له النجاشي في فهرسه ص 184 فقال: علي بن الحسين بن موسى بن بابويه
القمي أبو الحسن شيخ القميين في عصره ومتقدمهم وفقيههم وثقتهم، كان قدم
العراق واجتمع مع أبي القاسم بن روح رحمه الله وسأله مسائل.. إلى اخر
ما أوردناه ص 7 وقال ابن النديم في الفهرست ص 277: ابن بابويه
واسمه علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي من فقهاء الشيعة وثقاتهم.
وترجمه الشيخ الطوسي رحمه الله في كتابي رحاله وفهرسه، والعلامة
الحلي رحمه الله في خلاصة الأقوال وذكره سائر أرباب التراجم في كتبهم
وأورده العلماء في إجازاتهم وأثنوا عليه ثناء جميلا، وقد سبق ذكر شئ من
أحواله وما كان له بين الطائفة من مقام كريم، وناهيك ما ورد في حقه عن الإمام الحسن
العسكري (ع) في توقيعه الشريف بقوله: يا شيخي ومعتمدي وفقيهي الخ.
وكان أول من ابتكر طرح الأسانيد وجمع بين النظائر واتى بالخبر مع
قرينه في رسالته إلى ابنه، وجميع من تأخر عنه يحمد طريقه فيها ويعول عليها
في مسائل لا يجد النص عليها لثقته وأمانته وموضعه من الدين والعلم.
وقد تتلمذ على عدة من المشايخ وأساتذة الفقه والحديث، وروى عنهم
ذكر منهم في مقدمة معاني الأخبار أسماء سبعة وثلاثين شيخا فراجعها
وقد تتلمذ عليه وروى عنه جماعة من المشايخ ذكر منهم صاحب المقدمة
المذكور أسماء عشرة رجال فراجعها.
كلمة المقدم 37

اما مؤلفاته فنقرأ في فهرس ابن النديم ص 277 ما نصه: قرأت
بخط ابنه محمد بن علي على ظهر جزء: قد أجزت لفلان ابن فلان كتب أبي
علي بن الحسين وهي مائتا كتاب وكتبي وهي ثمانية عشر كتابا وهو كما ترى
يدل على أنه له مائتي كتاب، ولكن ابن النديم لم يبين لنا أسماءها، وقد ذكر
النجاشي والشيخ الطوسي في فهرسيهما قريبا من عشرين كتابا، ومن المأسوف
عليه ان جل كتب ضاعت ولم يصل الينا شئ منها.
ولد رحمه الله حدود سنة 260 ه‍، وتوفى سنة 329 ه‍ وهي السنة التي
تناثرت فيها النجوم بعد رجوعه إلى بلدته قم ودفن بها. وقبره معروف
فيها عليه قبة عالية يزوره الصالحون ويتبركون به.
2 - أخوه الحسين:
ترجمة النجاشي في فهرسه فقال: الحسين بن علي بن الحسين بن موسى
ابن بابويه القمي، أبو عبد الله، ثقة، روى عن أبيه إجازة، لن كتب منها
كتاب التوحيد ونفي التشبيه، وكتاب عمله للصاحب أبي القاسم ابن عباد
أخبرنا عنه الحسين بن عبيد الله.
وذكره أيضا الشيخ الطوسي رحمه الله في كتاب الغيبة ص 201
وأورد له ابن حجر في لسان الميزان ج 2 ص 306 ترجمة نقلا عن
فهرست النجاشي تختلف عبارته مع عبارة فهرس النجاشي فراجعه.
يروى عن جملة من المشايخ منهم والده أبو الحسن ابن بابويه، واخوه
أبو جعفر ابن بابويه، وأبو جعفر محمد بن علي الأسود، وعلي بن أحمد بن
عمران الصفار، والحسين بن أحمد بن إدريس.
ويروى عنه الشيخ أبو علي الحسين بن محمد بن الحسن الشيباني صاحب تاريخ
قم، والسيد المرتضى علم الهدى علي بن الحسين بن موسى، والحسن بن أحمد بن
كلمة المقدم 38

الهيثم العجلي، وأحمد بن محمد بن نوح أبو العباس السيرافي قال قدم علينا البصرة
في شهر ربيع الأول سنة 300 ه‍ ويروى عنه الشيخ الطوسي رحمه الله بتوسط
جماعة كما ذكره في كتاب الغيبة ص 209 وص 262 و ص 267.
3 - أخوه الحسن:
تقدم عن ابن سورة ص 7 انه كان مشتغلا بالعبادة والزهد لا يختلط
بالناس ولا فقه له.
اما سائر أقاربه رحمهم الله فقد ذكرا صاحبا المقدمة المذكوران
سبعة عشر اسما مما وصلت اليه تتبعاتهما، وعدا من أقاربه الشيخ منتجب الدين
أبا الحسن علي بن عبيد الله بن الحسن (حسكا) بن الحسين بن الحسن بن الحسين
ابن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، وكان فاضلا محدثا حافظا من
مشاهير الثقات والمحدثين، وهو صاحب (الفهرست) المطبوع بإيران في الجزء
الأخير من (بحار الأنوار) وكان الشيخ منتجب الدين كثير الرواية واسع الطريق
عن ابائه وأقاربه واسلافه، ويروى عن جماعة منهم ابن عمه الشيخ بابويه بن
سعد، وأطراه المجلسي الثاني رحمه الله في مقدمة كتابه (البحار) بقوله:
والشيخ منتجب الدين من مشاهير المحدثين وفهرسته في غاية الشهرة، وهو
من أولاد الحسين بن علي بن بابويه، والصدوق عمه الاعلى.
له مؤلفات منها كتاب الأربعين عن الأربعين في فضائل أمير المؤمنين
عليه السلام (مخطوط) وفهرسه المطبوع كما ذكرنا، وهو تكملة وتتميم لفهرس
الشيخ الطوسي رحمه الله، وقد فرقه الشيخ الحر العاملي رحمه الله في أمل الآمل
المطبوع، مع ضم تراجم أخر اليه استفادها من سائر الإجازات كما صرح بذلك
هو في مقدمته، وللشيخ منتجب الدين أيضا رسالة في المواسعة سماها (العصرة)
لم تطبع، يروى عن عدة مشايخ ذكر منهم صاحب (المقدمة) سبعة عشر اسما منهم
كلمة المقدم 39

والده عبيد الله بن الحسن، وقد ترجم له المتأخرون من أرباب التراجم المتقدمين
والمتأخرين وأثنوا عليه ثناء جميلا، وكانت ولادته سنة 504 ه‍، ووفاته
بعد سنة 585 ه‍
وفاته رحمه الله:
توفي الشيخ الصدوق رحمه الله في بلدة الري سنة 381 ه‍ مخلفا له
جميل الذكر، وحسن الأحدوثة، خالدا بحسناته الباقيات الصالحات. وقبره بالري
بالقرب من قبر السيد عبد العظيم الحسني رضي الله عنه في بقعة شرفت به وأضحت
مزارا يلجأ إليها الناس ويتبركون بها، وتلك البقعة المقدسة هي بستان طغرلية
سميت بذلك لوقوعها قرب برج على تربة طغرل بيك السلجوقي وقد جدد عمارة
المرقد الشريف السلطان فتح علي شاه القاجاري رحمه الله حدود سنة 1238،
وذلك على اثر ما شاع من حصول كرامة من صاحب المرقد بعد وفاته رحمه الله
انظر الكرامة في روضات الجنات للخوانساري ص 559 - طبع إيران
سنة 1306 وذكرها أيضا سيدنا السيد حسن الصدر الكاظمي رحمه الله في نهاية
الدراية، والتنكابني في قصص العلماء، ومحمد هاشم الخراساني في منتخب
التواريخ، والشيخ عباس القمي رحمه الله في الفوائد الرضوية وغير هؤلاء.
وقبره الشريف - اليوم - أحد المراقد المقصودة بالتعظيم، يقصده
الزائرون من الأقطار الشيعية للتبرك، ويدفنون موتاهم عنده، وفي صحنه
قبور كثير من العلماء وأهل الفضل والايمان.
إلى هنا نقف في ترجمة حياة المؤلف، وقد اقتطفناها من كتابنا المطبوع
(دليل القضاء الشرعي أصوله وفروعه) ج 3 ص 145 إلى ص 176 مع
بعض الإضافات.
النجف الأشرف
محمد صادق بحر العلوم.
كلمة المقدم 40

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين، وسلم تسليما.
قال الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه الفقيه القمي
رضي الله عنه وأرضاه جعل الجنة منقلبة ومثواه.
(باب 1 - العلة التي من أجلها سميت السماء سماء والدنيا دنيا)
(والآخرة آخرة. والعلة التي من أجلها سمى آدم آدم)
(وحواء حواء، والدرهم درهما، والدينار دينارا عد والعلة التي)
(من أجلها قيل للحمار: حر)
1 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن يعقوب
عن علي بن محمد باسناده رفعه قال: أتى علي بن أبي طالب " ع " يهودي فقال
يا أمير المؤمنين إني أسألك عن أشياء إن أنت أخبرتني بها أسلمت، قال علي " ع "
سلني يا يهودي عما بدا لك فإنك لا تصيب أحدا أعلم منها أهل البيت، فقال له اليهودي
أخبرني عن قرار هذه الأرض على ما هو، وعن شبه الولد أعمامه وأخواله، وعن
أي النطفتين يكون الشعر والدم واللحم والعظم والعصب ولم سميت السماء سماء،
ولم سميت الدنيا دنيا، ولم سميت الآخرة آخرة، ولم سمي آدم آدم، ولم سميت
حواء حواء، ولم سمى الدرهم درهما، ولم سمى الدينار دينارا، ولم قيل للفرس
1

أجد، ولم قيل للبغل عد، ولم قيل للحمار حر؟ فقال عليه السلام أما قرار هذه
الأرض لا يكون إلا على عاتق ملك، وقدما ذلك الملك على صخرة، والصخرة على
قرن ثور، والثور قوائمه على ظهر الحوت في اليم الأسفل، واليم على الظلمة، والظلمة
على العقيم، والعقيم على الثرى، وما يعلم تحت الثرى إلا الله عز وجل، وأما شبه
الولد أعمامه وأخواله فإذا سبق نطفة الرجل نطفة المرأة إلى الرحم خرج شبه الولد
إلى أعمامه، ومن نطفة الرجل يكون العظم والعصب وإذا سبق المرأة نطفة
الرجل إلى الرحم خرج شبه الولد إلى أخواله، ومن نطفتها يكون الشعر والجلد
واللحم إلى الرحم خرج شبه الولد إلى أخواله، ومن نطفتها يكون الشعر والجلد
واللحم لأنها صفراء رقيقة. وسميت السماء سماء: لأنها وسم الماء يعني معدن الماء.
وإنما سميت الدنيا دنيا: لأنها أدنى من كل شئ. وسميت الآخرة آخرة لان فيها
الجزاء والثواب. وسمى آدم آدم لأنه خلق من أديم الأرض، وذلك أن الله تعالى
بعث جبرئيل عليه السلام وأمره ان يأتيه من أديم الأرض بأربع طينات طينة بيضاء
وطينه حمراء وطينة غبراء وطينة سوداء وذلك من سهلها وحزنها ثم أمره ان
يأتيه بأربع مياه: ماء عذب، وماء ملح، وماء مر، وماء منتن. ثم أمره ان
يفرغ الماء في الطين وأدمه الله بيده فلم يفضل شئ من الطين يحتاج إلى الماء، ولا
من الماء شئ يحتاج إلى الطين، فجعل الماء العذب في حلقه، وجعل الماء المالح في
عينية، وجعل الماء المر في اذنيه، وجعل الماء المنتن في أنفه. وإنما سميت حواء حواء
لأنها خلقت من الحيوان، وإنما قيل للفرس أجد لان أول من ركب الخيل قابيل يوم
قتل أخاه هابيل، وأنشأ يقول:
أجد اليوم وما ترك الناس دما
فقيل للفرس أجد لذلك، وإنما قيل للبغل عد، لان أول من ركب البغل آدم
عليه السلام وذلك كان له ابن يقال معد، وكان عشوقا للدواب، وكان يسوق
بآدم " ع " فإذا تقاعس البغل نادى يا معد سقها فألفت البغلة أسم معد، فترك الناس
" ميم " معد وقالوا عد وإنما قيل للحمار حر لان أول من ركب الحمار حواء،
2

وذلك أنه كان لها حمارة وكانت تركبها لزيارة قبر ولدها هابيل فكانت تقول في مسيرها
وا حراه فإذا قالت الكلمات سارت الحمارة وإذا سكتت تقاعست فترك الناس
ذلك وقالوا حر، وإنما سمى الدرهم درهما، لأنه دراهم من جمعه ولم ينفقه في طاعة
الله أورثه النار، وإنما سمى الدينار دينارا، لأنه دار النار من جمعه ولم ينفقه في
طاعة الله فأورثه النار. فقال اليهودي: صدقت يا أمير المؤمنين، إنا لنجد جميع ما
وصفت في التوراة فأسلم على يده ولازمه حتى قتل يوم صفين.
(باب 2 - العلة التي من أجلها عبدت النيران)
1 - أبى رحمه الله قال -: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي
الخطاب وأحمد بن محمد بن عيسى جميعا قال: حدثنا محمد بن سنان عن إسماعيل بن
جابر وكرام بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن
قابيل لما رأى النار قد قبلت قربان هابيل قال له إبليس: ان هابيل كان يعبد تلك
النار، فقال قابيل لا أعبد النار التي عبدها هابيل ولكن أعبد نارا أخرى وأقرب
قربانا لها فتقبل قرباني، فبنى بيوت النار فقرب، فلم يكن له علم بربه عز وجل، ولم
يرث منه ولده إلا عبادة النيران.
(باب 3 - العلة التي من أجلها عبدت الأصنام)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن محمد
ابن عيسى قال: حدثني محمد بن خالد البرقي قال: حدثني حماد بن عيسى عن حريز
ابن عبد الله السجستاني عن جعفر بن محمد عليهما السلام، في قوله الله عز وجل
(وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سوعا ولا يغوث ويعوق ونسرا) قال:
كانوا يعبدون الله عز وجل فماتوا، فضج قومهم وشق ذلك عليهم فجاءهم إبليس
لعنه الله فقال لهم: اتخذ لكم أصناما على صورهم فتنظرون إليهم وتأنسون بهم
وتعبدون الله فأعد لهم أصناما على مثالهم فكانوا يعبدون الله عز وجل وينظرون
إلى تلك الأصنام، فلما جاء هم الشتاء والأمطار أدخلوا الأصنام البيوت فلم يزالوا
3

يعبدون الله عز وجل حتى هلك ذلك القرن ونشأ أولادهم فقالوا: إن آباءنا كانوا
يعبدون هؤلاء فعبدوهم من دون الله عز وجل فذلك قول الله تبارك وتعالى (ولا
تذرن ودا ولا سواعا) الآية.
(باب 4 - العلة التي من أجلها سمى العود خلافا)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله بن، عن أحمد بن محمد
ابن عيسى عن الحسن بن محبوب عن النعمان عن بريد بن معاوية العجلي قال: قال
أبو جعفر عليه السلام: إنما سمى العود خلافا، لان إبليس عمل صورة سواع من
العود على خلاف صورة ود فسمى العود خلافا، وهذا في حديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
(باب 5 - العلة التي من أجلها تنافرت الحيوان من)
(الوحوش والطير والسباع وغيرها)
1 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن
يحيى العطار عن الحسين بن الحسن بن أبان عن محمد بن أرومة عن عبد الله بن محمد
عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كانت والوحوش والطير والسباع
وكل شئ خلق الله عز وجل مختلطا بعضه ببعض فلما قتل ابن آدم أخاه نفرت وفزعت
فذهب كل شئ إلى شكله.
(باب 6 - العلة التي من أجلها صار في الناس من هو خير من الملائكة)
(وصار فيهم من هو شر من البهائم)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى
عن علي ابن الحكم عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد
الصادق عليهما السلام فقلت الملائكة أفضل أم بنو آدم؟ فقال: قال أمير المؤمنين
علي ابن أبي طالب " ع ": ان الله عز وجل ركب في الملائكة عقلا بلا شهوة، وركب
في البهائم شهوة بلا عقل. وركب في بني آدم كليهما، فمن غلب عقله شهوته
4

فهو خير من الملائكة، ومن غلبت شهوته عقله فهو شر من البهائم.
(باب 7 - العلة التي من أجلها صارت الأنبياء والرسل)
(والحجج صلوات الله عليهم أفضل من الملائكة)
1 - حدثنا الحسن بن محمد سعيد الهاشمي قال: حدثنا فرات بن إبراهيم
ابن فرات الكوفي قال: حدثنا محمد بن أحمد بن علي الهمداني قال: حدثني
أبو الفضل العباس بن عبد الله البخاري قال: حدثنا محمد بن القاسم بن إبراهيم بن
محمد بن عبد الله بن القاسم بن محمد بن أبي بكر قال: حدثنا عبد السلام بن صالح
الهروي عن علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد
عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي
ابن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما خلق الله خلقا أفضل مني
ولا أكرم عليه منى، قال: علي عليه السلام فقلت يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرئيل
فقال يا علي، ان الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين وفضلني
على جميع النبيين والمرسلين، والفضل بعدي لك يا علي وللأئمة من بعدك، وان
الملائكة لخدامنا وخدام محبينا. يا علي، الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون
بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا، يا علي لولا نحن ما خلق الله آدم
ولا حواء ولا الجنة ولا النار، ولا السماء ولا الأرض، فكيف لا تكون أفضل
من الملائكة، وقد سبقناهم إلى معرفة ربنا وتسبيحه وتهليله وتقديسه، لان أول
ما خلق الله عز وجل خلق أرواحنا فانطقنا بتوحيده وتحميده، ثم خلق الملائكة فلما
شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمرنا فسبحنا لتعلم الملائكة إنا خلق
مخلوقون، وانه منزه عن صفاتنا، فسبحت الملائكة بتسبيحنا ونزهته عن صفاتنا،
فلما شاهدوا عظم شأننا هللنا، لتعلم الملائكة ان لا إله إلا الله وإنا عبيد ولسنا
بآلهة يجب ان نعبد معه أو دونه، فقالوا: لا إله إلا الله، فلما شاهدوا كبر محلنا
كبرنا لتعلم الملائكة ان الله أكبر من أن ينال عظم المحل إلا به، فلما شاهدوا ما جعله
5

الله لنا من العز والقوة قلنا لا حول ولا قوة إلا بالله لتعلم الملائكة ان لا حول لنا
ولا قوة إلا بالله، فلما شاهدوا ما أنعم الله به علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة
قلنا الحمد لله لتعلم الملائكة ما يحق لله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمته، فقالت
الملائكة: الحمد لله فبنا اهتدوا إلى معرفة توحيد الله وتسبيحه وتهليله وتحميده
وتمجيده، ثم إن الله تبارك وتعالى خلق آدم فأودعنا صلبة وأمر الملائكة بالسجود
له تعظيما لنا واكراما. وكان سجودهم لله عز وجل عبودية ولآدم إكراما وطاعة
لكوننا في صلبه، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلهم
أجمعون، وانه لما عرج بي إلى السماء أذن جبرئيل مثنى مثنى، وأقام مثنى مثنى،
ثم قال لي تقدم يا محمد، فقلت له يا جبرئيل أتقدم عليك؟ فقال: نعم، لان الله
تبارك وتعالى فضل أنبياءه على ملائكته أجمعين، وفضلك خاصة. فتقدمت فصليت
بهم ولا فخر، فلما انتهيت إلى حجب النور قال لي جبرئيل تقدم يا محمد وتخلف
عنى، فقلت يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تفارقني؟ فقال يا محمد: ان انتهاء حدى
الذي وضعني الله عز وجل فيه إلى هذا المكان فان تجاوزته احترقت أجنحتي بتعدي
حدود ربى جل جلاله فزج بي في النور زجة حتى انتهيت إلى حيث ما شاء الله من
علو ملكة فنوديت يا محمد، فقلت: لبيك ربي وسعد يك تباركت وتعاليت،
فنوديت يا محمد أنت عبدي وأنا ربك فإياي فاعبد وعلي فتوكل، فإنك نوري في
عبادي ورسولي إلى خلقي وحجتي على بريتي، لك ولمن أتبعك خلقت جنتي، ولمن
خالفك خلفت ناري، ولأوصيائك أوجبت كرامتي، ولشيعتهم أوجبت ثوابي،
فقلت يا رب: ومن أوصيائي، فنوديت يا محمد: أوصياؤك المكتوبون على ساق
عرشي، فنظرت وأنا بين يدي ربى جل جلاله إلى ساق العرش فرأيت اثنى عشر
نورا، في كل نور سطر أخضر عليه اسم وصي من أوصيائي، أولهم: علي بن
أبي طالب، وآخرهم مهدي أمتي، فقلت يا رب هؤلاء أوصيائي من بعدي؟ فنوديت
يا محمد هؤلاء أوليائي وأوصيائي وحججي بعدك على بريتي وهم أوصياؤك
6

وخلفاؤك وخير خلقي بعدك، وعزتي وجلالي، لأظهرن بهم ديني ولأعلين بهم كلمتي
ولأطهرن الأرض بآخرهم من أعدائي، ولأمكننه مشارق الأرض ومغاربها،
ولأسخرن له الرياح، ولأذللن له السحاب الصعاب، ولأرقينه في الأسباب، ولأنصرنه
بجندي ولأمدنه بملائكتي حتى تعلو دعوتي ويجتمع الخلق على توحيدي، ثم لأديمن
ملكه، ولأداولن الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة.
2 - حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله البرقي قال: حدثني أبي، عن جده احمد
ابن أبي عبد الله، عن أبيه عن محمد بن أبي عمير، عن عمرو بن جميع عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: كان جبرئيل إذا أتى النبي صلى الله عليه وآله قعد بين يده قعدة العبد، وكان
لا يدخل حتى يستأذنه.
3 - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي
ابن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ومحمد بن أبي
عمير جميعا عن أبان عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما كان يوم أحد
انهزم أصحاب رسول الله حتى لم يبق معه إلا علي بن أبي طالب " عليه السلام " وأبو دجانة
سماك بن خرشة، فقال له النبي صلى الله عليه وآله يا أبا دجانة، أما ترى قومك، قال بلي قال:
إلحق بقومك، قال: ما على هذا بايعت الله ورسوله قال: أنت في حل قال: والله
لا تتحدث قريش بأني خذلتك وفررت حتى أذوق ما تذوق فجزاه النبي خيرا وكان
علي عليه السلام كلما حملت طائفة على رسول الله استقبلهم وردهم حتى أكثر فيهم
القتل والجراحات حتى انكسر سيفه فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال
يا رسول الله ان الرجل يقاتل بسلاحه وقد انكسر سيفي فأعطاه عليه السلام سيفه
ذا الفقار، فما زال يدفع به عن رسول الله صلى الله عليه وآله حتى أثر وانكسر فنزل عليه جبرئيل
وقال: يا محمد، ان هذه لهي المواساة من علي لك، فقال النبي صلى الله عليه وآله انه مني وأنا
منه، فقال جبرئيل وأنا منكما. وسمعوا دويا من السماء لا سيف إلا ذو الفقار ولا
فتى إلا على.
7

قال: مصنف هذا الكتاب رحمه الله، قول جبرئيل: وانا منكما، تمنى منه
لان يكون منهما فلو كان أفضل منهما لم يقل ذلك ولم يتمن ان ينحط عن درجته
إلى أن يكون ممن دونه، وإنما قال: وأنا منكما ليصير ممن هو أفضل منه فيزداد محلا
إلى محله، وفضلا إلى فضله.
4 - حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار النيسابوري رحمه الله
قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة قال: حدثنا الفضل بن شاذان. عن ابن أبي عمير
عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أسرى برسول الله صلى الله عليه وآله
وحضرت الصلاة إذن جبرئيل وأقام الصلاة، فقال يا محمد تقدم، فقال له رسول الله
صلى الله عليه وآله تقدم يا جبرئيل، فقال له: إنا لا نتقدم على الآدميين منذ
أمرنا بالسجود لآدم.
5 - حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبد الوهاب القرشي قال: أخبرنا أحمد
ابن الفضل قال حدثنا منصور بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا
الحسن بن مهزيار قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم العوفي قال: حدثنا أحمد بن الحكم
البراجمي قال: حدثنا شريك بن عبد الله، عن أبي وقاص العامري عن محمد بن عمار
ابن ياسر، عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول إن حافظي علي بن أبي طالب
ليفتخران على جميع الحفظة لكينونتهما مع علي وذلك أنهما لم يصعد إلى ا لله تعالى
بشئ منه يسخط الله تبارك وتعالى.
(باب 8 - في أنه لم يجعل شئ إلا بشئ)
1 قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الفقيه
مصنف هذا الكتاب رحمة الله عليه. حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد ابن الوليد
رضي الله عنهما قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي
عمير، عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله " ع " انه سأله شئ من الحلال
والحرام، فقال إنه لم يجعل شئ إلا لشئ.
8

(باب 9 - علة خلق الخلق واختلاف أحوالهم)
1 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس عن الحسين بن
عبيد الله عن الحسن بن علي بن أبي عثمان عن عبد الكريم بن عبد الله عن سلمة
ابن عطا عن أبي عبد الله " ع " قال: خرج الحسين بن علي عليهما السلام على
أصحابه فقال: أيها الناس ان الله جل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه فإذا عرفوه
عبدوه فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه، فقال له رجل: يا بن
رسول الله بأبي أنت وأمي فما معرفة الله؟ قال معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي
يجب عليهم طاعته.
قال: مصنف هذا الكتاب - يعني ذلك - ان يعلم أهل كل زمان ان الله
هو الذي لا يخليهم في كل زمان عن إمام معصوم، فمن عبد ربا لم يقم لهم الحجة
فإنما عبد غير الله عز وجل.
2 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا
عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري قال: حدثنا
جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه قال: سألت الصادق جعفر بن محمد " ع " فقلت له
لم خلق الله الخلق؟ فقال: ان الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقه عبثا ولم يتركهم سدى
بل خلقهم لاظهار قدرته وليكلفهم طاعته فيستوجبوا بذلك رضوانه، وما خلقهم
ليجلب منهم منفعة ولا ليدفع بهم مضرة بل خلقهم لينفعهم ويوصلهم إلى نعيم الأبد.
3 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى
العطار عن سهل بن زياد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمد بن زيد قال:
جئت إلى الرضا " ع " أسأله عن التوحيد، فأملى على الحمد لله فاطر الأشياء إنشاءا
ومبتدعها ابتداءا بقدرته وحكمته، لامن شئ فيبطل الاختراع، ولا لعله فلا يصح
الابتداع، خلق ما شاء كيف شاء متوحدا بذلك لاظهار حكمته وحقيقة ربوبية،
لا تضبطه العقول ولا تبلغه الأوهام ولا تدركه الابصار ولا يحيط به مقدار
9

عجزت دونه العبارة، وكلت دونه الابصار، وضل فيه تصاريف الصفات احتجب
بغير حجاب محجوب، وأستتر بغير ستر مستور، عرف بغير رؤية ووصف بغير
صورة، ونعت بغير جسم، لا إله إلا الكبير المتعال.
4 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد ابن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا
محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، وحدثنا أبي
رضي الله عنه قال: حدثني سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن
الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن حبيب السجستاني قال: سمعت أبا جعفر
عليه السلام يقول: إن الله عز وجل لما أخرج ذرية آدم " ع " من ظهره ليأخذ عليهم
الميثاق له بالربوبية، وبالنبوة لكل نبي، كان أول من أخذ عليهم الميثاق نبوة محمد
ابن عبد الله صلى الله عليه وآله ثم قال الله جل جلالة لآدم: أنظر ماذا ترى قال: فنظر آدم
إلى ذريته وهم (ذر) قد ملؤا السماء، فقال آدم يا رب ما أكثر ذريتي ولأمر ما
خلقتهم؟ فما تريد منهم بأخذك الميثاق عليهم؟ قال الله عز وجل: يعبدونني ولا
يشركون بي شيئا، ويؤمنون برسلي ويتبعونهم. قال آدم: يا رب، فمالي أرى
بعض الذر أعظم من بعض وبعضهم له نور كثير وبعضهم له نور قليل وبعضهم ليس
له نور؟ قال الله عز وجل: كذلك خلقتهم لأبلوهم في كل حالاتهم. قال آدم: يا رب
أفتأذن لي في الكلام فأتكلم؟ قال الله عز وجل: تكلم فان روحك من روحي
وطبيعتك من خلاف كينونتي، قال آدم: يا رب، لو كنت خلقتهم على مثال واحد
وقدر واحد وطبيعة واحدة وجبلة واحدة وألوان واحدة وأعمار واحدة وأرزاق
سواء، لم يبغ بعضهم على بعض ولم يكن بينهم تحاسد ولا تباغض ولا اختلاف في
شئ من الأشياء؟ قال الله جل جلالة: يا آدم، بروحي نطقت وبضعت طبعك
تكلفت ما لا علم لك به وأنا الله الخالق العليم بعلمي خالفت بين خلقهم وبمشيتي يمضى
فيهم أمري والى تدبيري وتقديري هم صايرون لا تبديل لخلقي، وإنما خلقت الجن والإنس
ليعبدوني، وخلقت الجنة لمن عبدني وأطاعني منهم، واتبع رسلي ولا
10

أبالي، وخلقت النار لمن كفر بي وعصاني ولم يتبع رسلي ولا أبالي، وخلقتك
وخلقت ذريتك من غير فاقة لي إليك واليهم، وإنما خلقتك وخلقتهم لأبلوك وأبلوهم
أيكم أحسن عملا في دار الدنيا في حياتكم وقبل مماتكم، وكذلك خلقت الدنيا
والآخرة والحياة والموت والطاعة والمعصية والجنة والنار، وكذلك أردت في
تقديري وتدبيري وبعلمي النافذ فيهم خالفت بين صورهم وأجسامهم وألوانهم وأعمارهم
وأرزاقهم وطاعتهم ومعصيتهم، فجلعت منهم السعيد والشقي، والبصير والأعمى،
والقصير والطويل، والجميل والذميم، والعالم والجاهل، والغنى والفقير، والمطيع
والعاصي، والصحيح والسقيم، ومن به الزمانة ومن لا عاهلة به، فينظر الصحيح
إلى الذي به العاهة فيحمدني على عافيته، وينظر الذي به العاهة إلى الصحيح فيدعوني
ويسألني ان أعافيه ويصبر على بلائي فأثيبه جزيل عطائي، وينظر الغني إلى الفقير
فيحمدني ويشكرني، وينظر الفقير إلى الغني فيدعوني ويسألني، وينظر المؤمن إلى
الكافر فيحمدني على ما هديته فلذلك خلفتهم لأبلوهم في السراء والضراء، وفيما
عافيتهم وفيما ابتليتهم وفيما أعطيتهم وفيما أمنعهم، وانا الله الملك القادر، ولى أن
أمضى جميع ما قدرت على ما دبرت ولي ان أغير من ذلك ما شئت إلى ما شئت فأقدم
من ذلك ما أخرت وأؤخر ما قدمت، وأنا الله الفعال لما أريد لا أسأل عما أفعل
وانا أسأل خلقي عما هم فاعلون.
5 - حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن هارون
ابن مسلم عن مسعدة بن زياد قال: قال رجل لجعفر بن محمد يا أبا عبد الله، إنا خلقنا
للعجب؟ قال: وما ذاك لله أنت، قال خلقنا للفناء؟ فقال: مه يا بن أخ، خلقنا
للبقاء وكيف تفنى جنة لا تبيد ونار لا تخمد ولكن قل: إنما نتحرك من دار إلى دار
6 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد
ابن إدريس عن محمد أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري عن يعقوب بن يزيد عن
الحسن بن علي الوشاء، عمن ذكره، عن بعضهم قال: ما من يوم الا وملك ينادي
11

من المشرق لو يعلم الخلق لماذا خلقوا قال: فيجيبه ملك آخر من المغرب: لعملوا
لما خلقوا.
7 - أخبرني أبو الحسن طاهر بن محمد بن يونس بن حياة الفقيه فيما أجازه لي
ببلخ قال: حدثنا محمد بن عثمان الهروي قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن مهاجر قال
حدثنا هشام بن خالد قال: حدثنا الحسن بن يحيى قال: حدثنا صدقة بن عبد الله،
عن هشام، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبرئيل عليه السلام قال
قال الله تبارك وتعالى: من أهان وليا فقد بارزني بالمحاربة، وما ترددت في شئ
أنا فاعله مثل ترددي في قبض نفس المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له
منه وما يتقرب إلى عبدي بمثل أداء ما اقترضت عليه ولا يزال عبدي يبتهل إلي
حتى أحبه ومن أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا وموئلا إن دعاني أجبته وأن
سألني أعطيته، وان من عبادي المؤمنين لمن يريد الباب من العبادة فاكفه عنه لئلا
يدخله عجب فيفسده، وان عبادي المؤمنين لمن لم يصلح إيمانه إلا بالفقر ولو
أغنيته لأفسده ذلك، وان من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه بالغني ولو
أفقرته لأفسده ذلك، وان من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا بالسقم ولو
صححت جسمه لأفسده ذلك، وان من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا
بالصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك، أني أدبر عبادي بعلمي بقلوبهم فإني
عليم خبير.
8 - حدثنا محمد بن أحمد الشيباني رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن هارون
الصوفي قال: حدثنا عبد الله موسى الحبال الطبري قال: حدثنا محمد بن الحسين
الخشاب قال: حدثنا محمد بن محسن عن يونس بن ظبيان قال: قال الصادق جعفر
ابن محمد عليه السلام: ان الناس يعبدون الله عز وجل على ثلاثة أوجه: فطبقة
يعبدونه رغبة في ثوابه فتلك عبادة الحرصاء وهو الطمع، وآخرون يعبدونه خوفا
من النار فتلك عبادة العبيد وهي رهبة، ولكني أعبده حبا له عز وجل فتلك
12

عبادة الكرام وهو الامن لقوله عز وجل: (وهم من فزع يومئذ آمنون قل ان
كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) فمن أحب الله عز وجل
أحبه الله، ومن أحبه الله عز وجل كان من الآمنين.
9 - حدثنا الحسين بن يحيى بن ضريس البجلي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا
أبو جعفر محمد بن عمارة السكري السرياني قال: حدثنا إبراهيم ين عاصم بقزوين
قال: حدثنا عبد الله بن هارون الكرخي قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن
عبد الله بن يزيد بن سلام بن عبد الله بن عبد الله مولى رسول الله صلى الله عليه وآله قال: حدثني عبد الله
ابن يزيد قال: حدثني أبي يزيد بن سلام عن أبيه سلام بن عبد الله أخي عبد الله
ابن سلام عن عبد الله بن سلام مولى رسول الله صلى الله عليه وآله قال: في
صحف موسى بن عمران " ع " يا عبادي: إني لم أخلق لأستكثر بهم من قلة، ولا
لأنس بهم من وحشة، ولا لأستعين بهم على شئ عجزت عنه، ولا لجر منفعة،
ولا لدفع مضرة، ولو أن جميع خلقي من أهل السماوات والأرض اجتمعوا على طاعتي
وعبادتي لا يفترون عن ذلك ليلا ولا نهارا ما زاد ذلك في ملكي شيئا سبحاني
وتعاليت عن ذلك.
10 - حدثنا محمد بن أحمد الشيباني رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي
عبد الله الكوفي قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن
يزيد النوفلي عن علي بن سالم عن أبيه عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله " ع "
عن قول الله عز وجل: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) قال: خلقهم
ليأمرهم بالعبادة، قال: وسألته عن قوله الله عز وجل (ولا يزالون مختلفين إلا من
رحم ربك) ولذلك خلقهم؟ قال: ليفعلوا ما يستوجبون به رحمته فيرحمهم
11 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثني
محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن عبد الله بن أحمد النهيكي
عن علي بن الحسن الطاطري قال: حدثنا درست بن أبي منصور عن جميل بن دراج
13

قال: لأبي عبد الله " ع " جعلت فداك ما معنى قول الله عز وجل: (وما خلقت
الجن والإنس إلا ليعبدون) فقال: خلقهم للعبادة.
12 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن
الحسين السعد آبادي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن الحسن بن علي بن فضال
عن ثعلبة بن ميمون عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله " ع " قال: سألته عن
قول الله عز وجل: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) قال: خلقهم للعبادة
قلت: خاصة أم عامة؟ قال: لا، بل عامة.
13 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال:
حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي عن علي بن الحسن بن علي بن فضال عن
أبيه عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: لم خلق الله سبحانه وتعالى
الخلق على أنواع شتى ولم يخلقهم نوعا واحدا؟ فقال لئلا يقع في الأوهام انه عاجز
ولا يقع صورة في وهم ملحد إلا وقد خلق الله عز وجل عليها خلقا لئلا يقول
قائل: هل يقدر الله عز وجل على أن يخلق صورة كذا وكذا، لأنه لا يقول من
ذلك شيئا إلا وهو موجود في خلقه تبارك وتعالى فيعلم بالنظر إلى أنواع خلقه انه
على كل شئ قدير.
(باب 10 - العلة التي من أجلها سمى آدم آدم)
1 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد
ابن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن محمد الحلبي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنما سمي آدم آدم لأنه خلق من
أديم الأرض.
قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله اسم الأرض الرابعة أديم، وخلق
آدم منها، فلذلك قيل خلق من أديم الأرض.
14

(باب 11 العلة التي من أجلها سمى الانسان إنسانا)
1 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي
عبد الله الكوفي عن معاوية بن حكيم عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي
عبد الله " ع " قال: سمي الانسان إنسانا لأنه ينسى، وقال الله عز وجل:
(ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي).
(باب 12 العلة التي من أجلها خلق الله عز وجل آدم من غير أب وأم)
وخلق عيسى من غير أب، وخلق ساير الخلق من الآباء والأمهات)
1 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي
عبد الله الكوفي عن موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي عن
علي بن سالم عن أبيه عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله " ع " لأي علة خلق الله
عز وجل آدم من غير أب وأم، وخلق عيسى " ع " من غير أب وخلق ساير الناس
من الآباء والأمهات؟ فقال: ليعلم الناس تمام قدرته وكمالها، ويعلموا أنه قادر على أن
يخلق خلقا من أنثى من غير ذكر، كما هو قادر على أن يخلقه من غير ذكر ولا أنثى
وانه عز وجل فعل ذلك ليعلم انه على كل شئ قدير.
(باب 13 - العلة التي من أجلها جعل الله عز وجل الأرواح)
(في الأبدان، بعد أن كانت مجردة عنها في أرفع محل)
1 - حدثنا علي بن أحمد عن محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن إسماعيل البرمكي
قال: حدثنا جعفر بن سليمان بن أيوب الخزاز قال: حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي
قال قلت لأبي عبد الله " ع " لأي علة جعل الله عز وجل الأرواح في الأبدان بعد
كونها في ملكوته الاعلى في أرفع محمل؟ فقال عليه السلام ان الله تبارك وتعالى
علم أن الأرواح في شرفها وعلوها متى ما تركت على حالها نزع أكثرها إلى دعوى
الربوبية دونه عز وجل فجعلها بقدرته في الأبدان التي قدر لها في ابتداء التقدير
نظرا لها ورحمة بها وأحوج بعضها إلى بعض وعلق بعضها على بعض ورفع بعضها
15

على بعض في الدنيا ورفع بعضها فوق بعض درجات في الآخرة وكفى بعضها ببعض
وبعث إليهم رسله واتخذ عليهم حججه مبشرين ومنذرين يأمرون بتعاطي العبودية
والتواضع لمعبودهم بالأنواع التي تعبدهم بها، ونصب لهم عقوبات في العاجل وعقوبات
في الآجل ومثوبات في العاجل ومثوبات في الآجل ليرغبهم بذلك في الخير ويزيدهم في
الشر وليده لم بطلب المعاش والمكاسب فيعملوا بذلك انهم بها مربوبون وعباد
مخلوقون ويقبلوا على عبادته فيستحقوا بذلك نعيم الأبد وجنة الخلد ويأمنوا من
الفزع إلى ما ليس لهم بحق.
ثم قال " ع ": يا بن الفضل، ان الله تبارك وتعالى أحسن نظرا لعباده منهم
لأنفسهم ألا ترى انك لا ترى فيهم إلا محبا للعلو على غيره حتى يكون منهم لمن قد
نزع إلى دعوى الربوبية، ومنهم من قد نزع إلى دعوى النبوة بغير حقها، ومنهم
من قد نزع إلى دعوى الإمامة بغير حقها وذلك مع ما يرون في أنفسهم من النقص
والعجز والضعف والمهانة والحاجة والفقر والآلام والمناوبة عليهم والموت الغالب لهم
والقاهر لجمعهم، يا بن الفضل: ان الله تبارك وتعالى لا يفعل بعباده إلا الأصلح لهم
ولا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون.
(باب 14 - العلة التي من أجلها سميت حواء حواءا)
1 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله
الكوفي عن موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي عن علي بن أبي
حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله " ع " قال: سميت حواء حواء لأنها خلقت
من حي، قال الله عز وجل (خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها).
(باب 15 - العلة التي من أجلها سميت المرأة مرأة)
1 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد رضي الله عنه قال: حدثني محمد بن أبي عبد الله
الكوفي عن موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي عن علي بن أبي
حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سميت المرأة مرأة
16

لأنها خلقت من المرء - يعنى خلقت حواء من آدم.
(باب 16 - العلة التي من أجلها سميت النساء نساءا)
1 - أبى رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن
خالد عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو،
عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله " ع " في حديث طويل قال: سمي
النساء نساءا لأنه لم يكن لآدم " ع " أنس غير حواء.
(باب 17 - علة كيفية بدء النسل)
1 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا
أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى العطار جميعا قالا: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن
عمران الأشعري (1) قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن أحمد بن
إبراهيم بن عمار قال: حدثنا ابن نويه رواه، عن زرارة قال: سئل أبو عبد الله
عليه السلام كيف بدؤ النسل من ذرية آدم عليه السلام فإن عندنا أناس يقولون إن
الله تبارك وتعالى أوحى إلى آدم عليه السلام ان يزوج بناته من بنيه وان هذا
الخلق كله أصله من الاخوة والأخوات؟ قال أبو عبد الله: سبحان الله وتعالى عن
ذلك علوا كبيرا، يقول من يقول هذا إن الله عز وجل جعل أصل صفوة خلقه
وأحبائه وأنبيائه ورسله وحججه والمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات من
حرام، ولم يكن له من القدرة ما يخلقهم من الحلال وقد أخذ ميثاقهم على الحلال
والطهر والطاهر الطيب والله لقد نبأت ان بعض البهائم تنكرت له أخته فلما نزا عليها
ونزل كشف له عنها وعلم أنها أخته أخرج عزموا له ثم قبض عليه بأسنانه ثم قلعه ثم
خر ميتا. قال زرارة: ثم سئل " ع " عن خلق حواء وقيل له ان أناسا عندنا يقولون إن
الله عز وجل خلق حواء من ضلع آدم الأيسر الأقصى؟ قال سبحان الله وتعالى

(1) - وفي نسخة: أحمد بن محمد بن يحيى بن عثمان الأشعري.
17

عن ذلك علوا كبيرا، أيقول من يقول هذا إن الله تبارك وتعالى لم يكن له من
القدرة ما يخلق لآدم زوجته من غير ضلعه، وجعل لمتكلم من أهل التشنيع سبيلا
إلى الكلام، يقول إن آدم كان ينكح بعضه بعضا إذا كانت من ضلعه ما لهؤلاء
حكم الله بيننا وبينهم، ثم قال إن الله تبارك وتعالى لما خلق آدم من الطين وأمر
الملائكة فسجدوا له ألقى عليه السبات ثم أبتدع له خلقا، ثم جعلها في موضع النقرة
التي بين وركيه، وذلك لكي تكون المرأة تبعا للرجل، فأقبلت تتحرك فانتبه لتحركها
فلما انتبه نوديت ان تنحى عنه فلما نظر إلى إليها نظر إلى خلق حسن تشبه صورته
غير أنها أنثى فكلمها فكلمته بلغته، فقال لها من أنت؟ فقالت خلق خلقني الله كما
ترى، فقال آدم عند ذلك يا رب من هذا الخلق الحسن الذي قد آنسني قربة والنظر
إليه؟ فقال الله هذه أمتي حواء أفتحب أن تكون معك فتؤنسك وتحدثك وتأتمر
لأمرك؟ قال: نعم يا رب ولك بذلك الحمد والشكر ما بقيت، فقال الله تبارك وتعالى
فاخطبها إلى فإنها أمتي وقد تصلح أيضا للشهوة، وألقى الله عليه الشهوة وقد علمه
قبل ذلك المعرفة، فقال يا رب فإني أخطبها إليك فما رضاك لذلك؟ فقال رضائي ان
تعلمها معالم ديني، فقال ذلك لك يا رب أن شئت ذلك، قال: قد شئت ذلك وقد
زوجتكها فضمها إليك، فقال: أقبلي، فقالت بل أنت فاقبل إلي، فأمر الله عز وجل
آدم ان يقوم إليها فقام، ولولا ذلك لكان النساء هن يذهبن إلى الرجال حتى خطبن
على أنفسهن، فهذه قصة حواء صلوات الله عليها.
2 - أبى رحمه الله قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن الحسن ابن أبان، عن محمد بن أورمة، عن النوفلي، عن علي بن داود اليعقوبي عن
الحسن بن مقاتل، عمن سمع زرارة يقول سئل أبو عبد الله عليه السلام عن بدء
النسل من آدم كيف كان وعن بدء النسل عن ذرية آدم فان أناسا عندنا يقولون إن
الله عز وجل أوحى إلى آدم يزوج بناته ببنيه وان هذا الخلق كله أصله من
الاخوة والأخوات؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا
18

يقول من قال هذا بان الله عز وجل خلق صفوة خلقه وأحبائه وأنبيائه ورسله
والمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات من حرام ولم يكن له من القدرة ما يخلقهم
من حلال وقد أخذ ميثاقهم على الحلال الطهر الطاهر الطيب، فوالله لقد تبينت ان
بعض البهائم تنكرت له أخته فلما نزا عليها ونزل كشف له عنها فلما علم أنها أخته
أخرج عزموا له ثم قبض عليه بأسنانه حتى قطعه فخر ميتا، وآخر تنكرت له أمه
ففعل هذا بعينه فكيف الانسان في انسيته وفضله وعلمه، غيران جيلا من هذا
الخلق الذي ترون رغبوا عن علم أهل بيوتات أنبيائهم وأخذوا من حيث لم يؤمروا
بأخذه فصاروا إلى ما قد ترون من الضلال والجهل بالعلم، كيف كانت الأشياء
الماضية من بدء ان خلق الله ما خلق وما هو كاين أبدا، ثم قال ويح هؤلاء أين هم
عما لم يختلف فيه فقهاء أهل الحجاز ولا فقهاء أهل العراق ان الله عز وجل أمر القلم
فجرى على اللوح المحفوظ بما هو كاين إلى يوم القيامة قبل خلق آدم بألفي عام وان
كتب الله كلها فيما جرى فيه القلم في كلها تحريم الأخوات على الاخوة مع ما حرم
وهذا نحن قد نرى منها هذه الكتب الأربعة المشهورة في هذا العالم: التوراة
والإنجيل والزبور والفرقان، أنزلها الله عن اللوح المحفوظ عن رسله صلوات الله
عليهم أجمعين، منها التوراة على موسى (عليه السلام) والزبور على داود (عليه السلام)
والإنجيل على عيسى (عليه السلام) والقرآن على محمد صلى الله عليه وآله وسلم
وعلى النبيين عليهم السلام، وليس فيها تحليل شئ من ذلك، حقا أقول ما أراد
من يقول هذا وشبهه إلا تقوية حجج المجوس فما لهم قاتلهم الله، ثم أنشأ يحدثنا
كيف كان بدء النسل من آدم وكيف كان بد النسل من ذرية، فقال: ان آدم عليه السلام ولد له سبعون بطنا في كل بطن غلام وجارية إلى أن قتل هابيل، فلما قتل
قابيل هابيل جزع آدم على هابيل جزعا قطعه عن اتيان النساء فبقي لا يستطيع ان
يغشى حواء خمسمائة عام ثم تخلى ما به من الجزع عليه فغشي حواء فوهب الله له
شيئا وحده ليس معه ثان، واسم شيث هبة الله وهو أول من أوصى إليه من
19

الآدميين في الأرض، ثم ولد له من بعد شيث يافث ليس معه ثان فلما أدركا وأراد
الله عز وجل ان يبلغ بالنسل ما ترون وأن يكون ما قد جرى به القلم من تحريم
ما حرم الله عز وجل من الأخوات على الاخوة انزل بعد العصر في يوم الخميس
حوراء من الجنة اسمها (نزلة) فأمر الله عز وجل آدم ان يزوجها من شيث فزوجها
منه، ثم أنزل بعد العصر حوراء من الجنة اسمها (منزلة) فأمر الله تعالى
آدم ان يزوجها من يافث فزوجها منه فولد لشيث غلام وولدت ليافث جارية فأمر الله
عز وجل آدم حين أدركا ان يزوج بنت يافث من ابن شيث ففعل فولد الصفوة من
النبيين والمرسلين من نسلهما ومعاذ الله أن يكون ذلك على ما قالوا من الاخوة
والأخوات.
(باب 18 - ما ذكره محمد بن الشيباني المعروف بالرهنى رحمه الله)
(في كتابه: من قول مفضلوا الأنبياء والرسل والأئمة والحجج)
(صلوات الله عليهم أجمعين على الملائكة)
1 - قال مفضلوا الأنبياء والرسل والحجج والأئمة على الملائكة إنا نظرنا إلى
جميع ما خلق الله عز وجل من شئ علا علوا طبعا واختيارا أو على به قسرا
واضطرارا أو ما سفل شئ طبعا واختيارا أو سفل به قهرا واضطرارا فإذا هي
ثلاثة أشياء بالاجماع: حيوان ونام وجماد وأفلاك سايرة، وبالطبع الذي طبعها
عليه صانعها دايرة وفيما دونها عن إرادة خالقها مؤثرة، وانهم نظروا في الأنواع
الثلاثة وفي الأشياء التي هي أجناس منقسمة إلى جنس الأجناس الذي هو شئ إذ
يعطي كل شئ اسمه، قالوا ونظرنا - أي الثلاثة وهو نوع لما فوقه وجنس لما
تحته أنفع وأرفع وأيها أدون وأوضع - فوجدنا أرفع الثلاثة الحيوان وذلك بحق
الحياة التي بان بها النامي والجماد، وإنما رفعة الحيوان عندنا في حكمة الصانع
وترتيبها ان الله تقدست أسماؤه، جعل النامي له غذاء وجعل له عندكل داء دواء
وفيما قدر له صحة وشفاء فسبحانه ما أحسن ما دبره في ترتيب حكمته إذا الحيوان
20

الرفيع فما دونه يغذو ومنه لوقاية الحر والبرد يكسو وعليه أيام حياته ينشو وجعل
الجماد له مركزا ومكديا فامتهنه له امتهانا، وجعل له مسرحا وأكنانا ومجامع وبلدانا
ومصانع وأوطانا، وجعل له حزنا محتاجا إليه وسهلا محتاجا إليه وعلوا ينتفع بعلوه
وسفلا ينتفع به وبمكاسبه برا وبحرا فالحيوان مستمتع فيستمتع بما جعل له فيه من
وجوه المنفعة والزيادة والذبول عند الذبول ويتخذ المركز عند التجسم والتأليف من
الجسم المؤلف تبارك الله رب العالمين، قالوا: ثم نظرنا فإذا الله عز وجل قد جعل
المتخذ بالروح والنمو والجسم، أعلى وأرفع مما يتخذ بالنمو والجسم، والتأليف
والتصريف، ثم جعل الحي الذي هو حي بالحياة التي هي غيره نوعين: ناطقا وأعجم
ثم أبان الناطق من الأعجم بالنطق والبيان اللذين جعله ماله فجعله أعلى منه لفضيلة
النطق والبيان، ثم جعل الناطق نوعين: حجة ومحجوجا، فجعل الحجة أعلى من
المحجوج لأبانه الله عز وجل الحجة واختصاصه إياه بعلم علوي يخصه له دون
المحجوجين فجعله معلما من جهته باختصاصه إياه وعلما بأمره إياه ان يعلم بان الله
عز وجل معلم الحجة دون ان يكله إلى أحد من خلقه فهو متعال به، وبعضهم يتعالى
على بعض بعلم يصل إلى المحجوجين من جهة الحجة، قالوا ثم رأينا أصل الشئ الذي
هو آدم " ع " فوجدناه قد جعله على كل روحاني خلقه قبله وجسماني ذرأه وبراه
منه فعلمه علما خصه به لم يعلمهم قبل ولا بعد، وفهمه فهما لم يفهمهم قبل ولا بعد
ثم جعل ذلك العلم الذي علمه ميراثا فيه لإقامة الحجج من نسله على نسله، ثم جعل
آدم عليه السلام لرفعه قدره وعلو أمره للملائكة الروحانيين قبله وأقامه لهم حجة
فابتلاهم بالسجود إليه فجعل لا محالة من سجد له أعلا وأفضل ممن أسجدهم، لان
من جعل بلوى وحجة أفضل ممن حجهم به ولان إسجاده جل وعز إياهم للخضوع
ألزمهم الاتضاع منهم له والمأمورين بالاتضاع بالخضوع والخشوع والاستكانة دون
من أمرهم بالخضوع له، ألا ترى إلى من أبى الائتمار لذلك الخضوع ولتلك
الاستكانة فأبى واستكبر ولم يخضع لمن أمره له بالخضوع كيف لعن وطرد عن
21

الولاية، وأدخل في العداوات فلا يرجى له من كبوته الإقالة (إلى) آخر الأبد فرأينا
السبب الذي أوجب الله عز وجل لآدم عليه السلام عليهم فضلا فإذا هو العلم الذي
خصه الله عز وجل دونهم فعلمه الأسماء وبين له الأشياء فعلا بعلمه على من لا يعلم،
ثم أمره جل وعز أن يسألهم سؤال تنبيه لا سؤال تكليف عما علمه بتعليم الله
عز وجل إياه مما لم يكن علمهم ليريهم جل وعز علو منزلة العلم ورفعة قدره كيف
خص العلم محلا وموضعا اختاره له وأبان ذلك المحل عنهم بالرفعة والفضل، ثم علمنا أن
سؤال آدم عليه السلام إياهم عما سألهم عنه مما ليس في وسعهم وطاقتهم، الجواب
عنه سؤال تنبيه لا سؤال تكليف لأنه جل وعز لا يكلف ما ليس في وسع المكلف
القيام به فلما لم يطيقوا الجواب عما سألوا علمنا أن السؤال كان كالتقرير منه ولهم
يقر ربه انصياعهم بالجهالة عما علمه إياه وعلو خطره باختصاصه إياه بعلم لم يخصهم
به فالتزموا الجواب بان قالوا: لا علم لنا إلا ما علمتنا، ثم جعل الله عز وجل آدم
عليه السلام معلم الملائكة بقوله: أنبئهم، لان الانباء من النبأ تعليم والامر بالأنبياء
من الامر تكليف يقتضى طاعة وعصيانا، والاصغاء من ا لملائكة عليهم السلام للتعليم
والتوقيف والتفهيم والتعريف تكليف يقتضى طاعة وعصيانا، فمن ذهب منكم إلى
فضل المتعلم على المعلم والموقف على الموقف والمعرف على المعرف كان في تفضيله
عكس لحكمة الله عز وجل وقلب لترتيبها التي رتبها الله عز وجل فإنه على قياس
مذهبه أن تكون الأرض التي هي المركز أعلى من النامي الذي هو عليها الذي فضله
الله عز وجل بالنمو، والنامي أفضل وأعلى من الحيوان الذي فضلة الله جل جلاله
بالحياة والنمو والروح. والحيوان الأعجم الخارج عن التكليف، والامر والزجر
أعلا وأفضل من الحيوان الناطق المكلف للامر والزجر والحيوان الذي هو
محجوج أعلا من الحجة التي هي حجة الله عز وجل فيها، والمعلم أعلا من المعلم وقد
جعل الله عز وجل آدم حجة على كل من خلق من روحاني وجسماني إلا من جعل له
أولية الحجة.
22

فقد روي لنا عن حبيب بن مظاهر الأسدي بيض الله وجهه أنه قال للحسين
ابن علي بن أبي طالب عليهما السلام: أي شئ كنتم قبل ان يخلق الله عز وجل آدم
عليه السلام؟ قال: كنا أشباح نور ندور حول عرش الرحمان فنعلم الملائكة التسبيح والتهليل
والتحميد، ولهذا تأويل دقيق ليس هذا مكان شرحه وقد بيناه في غيره.
قال مفضلوا الملائكة: ان مدار الخلق روحانيا كان أو جسمانيا على الدنو من
الله عز وجل والرفعة والعلو والزلفة والسمو، وقد وصف الله جلت عظمته الملائكة
من ذلك بما لم يصف به غيرهم، ثم وصفهم بالطاعة التي عليها موضع الامر والزجر
والثواب والعقاب فقال جل وعز: (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون)
ثم جعل محلهم الملكوت الاعلى فبراهينهم على توحيده أكثر وأدلتهم عليه أوفر،
وإذا كان ذلك كذلك كان حظهم من الزلفة أجل، ومن المعرفة بالصانع أفضل،
قالوا: ثم رأينا الذنوب والعيوب الموردة النار ودار البوار كلها من الجنس الذي
فضلتموه على من قال الله عز وجل في نعتهم لما نعتهم ووصفهم بالطاعة لما وصفهم:
(لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) قالوا كيف يجوز فضل جنس
فيهم كل عيب ولهم كل ذنب على من لا عيب فيهم ولا ذنب منهم صغاير
ولا كباير.
والجواب: ان مفضلي الأنبياء والحجج صلوات الله عليهم قالوا: إنا لا نفضل
هاهنا الجنس على الجنس ولكنا فضلنا النوع على النوع من الجنس. كما أن
الملائكة كلهم ليسوا كإبليس، وهاروت وماروت لم يكن البشر كلهم كفرعون
الفراعنة وكشياطين الانس المرتكبين المحارم والمقدمين على المآثم. وأما قولكم في
والزلفة والقربة: فإنكم ان أردتم زلفة المسافات وقربة المداناة فالله عز وجل أجل ومما
توهمتموه أنزه وفي الأنبياء والحجج من هو أقرب إلى قربة بالصالحات والقربات
الحسنات وبالنيات الطاهرات من كل خلق خلقهم، والقرب والبعد من الله عز وجل
بالمسافة والمدى تشبيه له بخلقه وهو من ذلك نزيه، وأما قولهم في الذنوب والعيوب
23

فإن الله جلت أسماؤه جعل الامر والزجر أسبابا وعللا، والذنوب والمعاصي وجوها
فأنبأ جل جلاله وجعل الذي هو قاعدة الذنوب من جميع المذنبين من الأولين
والآخرين إبليس وهو من حزب الملائكة وممن كان في صفوفهم وهو رأس الأبالسة
وهو الداعي إلى عصيان الصانع والموسوس المزين لكل من تبعه وقبل منه وركن
إليه الطغيان، وقد أمهل الملعون لبلوى أهل البلوى في دار الابتلاء فكم من ذرية
نبية وفي طاعة الله عز وجل وجيه وعن معصيته بعيدة قد أقمأ إبليس وأقصاه وزجره
ونفاه، فلم يلو له على أمر إذا أمر ولا انتهى عن زجر إذا زجر له لمات في قلوب
الخلق مكافى من المعاصي لمات الرحمان فلمات الرحمان دافعة للماته ووسوسته وخطراته
ولو كانت المحنة بالملعون واقعة بالملائكة والابتلاء به قائما كما قام في البشر ودايما كما
دام لكثرت من الملائكة المعاصي وقلت فيهم الطاعات إذا تمت فيهم الآلات، فقد
رأينا المبتلا من صنوف الملائكة بالامر والزجر مع آلات الشهوات كيف انخدع
بحيث دنا من طاعته وكيف بعد ما لم يبعد منه الأنبياء والحجج الذين أختارهم الله
على علم على العالمين، إذ ليست هفوات البشر كهفوة إبليس في الاستكبار، وفعل
هاروت وماروت في ارتكاب المزجور.
قال مفضلوا الملائكة عليهم السلام: ان الله جل جلاله وضع الخضوع
والخشوع والتضرع والخنوع حلية، فجعل مداها وغايتها آدم عليه السلام فقارب
الملائكة في هذه الحلية، وأخذ منها بنصيب الفضل والسبق، فجعل للطاعة فأطاعوا
الله فيه، ولو كان هناك بنو آدم لما أطاعوه فيما أمر وزجر كما لم يطعه قابيل فصار
امام كل قاتل.
الجواب: مفضلوا الأنبياء والحجج عليهم الصلوات والسلام قالوا: إن
الابتلاء الذي ابتلا به الله عز وجل الملائكة من الخشوع والخضوع لآدم " ع "
عن غير شيطان مغو عدو مطغى فأضل بغوايته بين الطائعين والعاصين والمقيمين
على الاستقامة عن الميل وعن غير آلات المعاصي التي هي الشهوات المركبات في
24

عبادة المبتلين، وقد ابتلى من الملائكة من ابتلى، فلم يعتصم بعصمة الله الوثقى بل
استرسل للخشوع الذي كان أضعف منها
وقد روينا عن أبي عبد الله " ع "، أنه قال: إن في الملائكة من باقة بقل خير
منه والأنبياء والحجج يعلمون ذلك لهم وفيهم ما جهلناه، وقد أقر مفضلوا الملائكة
بالتفاضل بينهم، كما أقر بالتفاضل بين ذوي الفضل من البشر، ومن قال أن الملائكة
جنس من خلق الله عز وجل فقل فيهم العصاة، كهاروت وماروت، وكإبليس اللعين
إذ الابتلاء فيهم قليل، فليس ذلك بموجب أن يكون فاضلهم أفضل من فاضل البشر
الذين جعل الله عز وجل الملائكة خدمهم إذا صاروا إلى دار المقامة التي ليس فيها
حزن ولاهم لا نصب ولا سقم ولا فقر.
قال مفضلوا الملائكة عليهم السلام: ان الحسن البصري يقول إن هاروت
وماروت علجان من أهل بابل، وأنكر ان يكونا ملكين من الملائكة فلم تعترضوا
علينا بالحجة بهما وبإبليس فتحتجون علينا بجني فيه.
قال مفضلوا الأنبياء والحجج عليهم السلام: ليس شذوذ قول الحسن عن
جميع المفسرين من الأمة بموجب أن يكون ما يقول كما يقول، وأنتم تعلمون ان
الشئ لا يستثنى إلا من جنسه، وتعلمون ان الجن سموا جنا لاجتنانهم عن
الرؤية إلا إذا أرادوا الترائي بما جعل الله عز وجل فيهم من القدرة على ذلك وان
إبليس من صفوف الملائكة وغير جايز في كلام العرب أن يقول قائل جاءت الإبل
كلها إلا حمارا، ووردت البقر كلها إلا فرسا، فإبليس من جنس ما استثنى. وقول
الحسن: في هاروت وماروت، بأنهما علجان من أهل بابل شذوذ شذ به عن جميع
أهل التفسير، وقول الله عز وجل يكذبه إذ قال: (وما أنزل على الملكين) بفتح
اللام - ببابل هاروت وماروت فليس في قولكم عن قول الحسن فرج لكم فدعوا
ما لا فايدة فيه من علة، ولا عايدة من حجة.
قال مفضلوا الملائكة عليهم السلام: قد علمتم ما للملائكة في كتاب الله تعالى
25

من المدح والثناء مما بانوا به عن خلق الله جل وعلا إذ لو لم يكن فيه إلا قوله: (بل
هم عباد مكرمون، لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعلمون) لكفى.
قال مفضلوا الأنبياء والحجج عليهم السلام: إنا لو استقصينا آي القرآن في
تفضيل الأنبياء والحجج صلوات الله عليهم أجمعين لاحتجنا لذلك إلى التطويل
والاكثار وترك الايجاز والاختصار، وفيما جئنا به من الحجج النظرية التي تزيح
العلل من الجميع مقنع إذ ذكرنا ترتيب الله عز وجل خلقه، فجعل الأرض دون
النامي، والنامي أعلا وأفضل من الأرض، وجعل النامي دون الحيوان، والحيوان
أعلى وأرفع من النامي، وجعل الحيوان الأعجم دون الحيوان الناطق، وجعل
الحيوان الناطق أفضل من الحيوان الأعجم. وجعل الحيوان الجاهل الناطق دون
الحيوان العالم الناطق، وجعل الحيوان العالم الناطق المحجوج دون الحيوان العالم
الحجة. ويجب على هذا الترتيب ان المعرب المبين أفضل من الأعجم غير الفصيح
ويكون المأمور المزجور مع تمام الشهوات وما فيهم من طباع حب اللذات، ومنع
النفس من الطلبات والبغيات، ومع البلوى بعد، ويمهل ويمتحن بمعصيته إياه وهو
يزينها له محسنا بوسوسته في قلبه وعينه أفضل من المأمور المزجور مع فقد آلة
الشهوات، وعدم معاداة هذا المتوصل له بتزيين المعاصي والوسوسة إليه، ثم هذا
الجنس نوعان: حجة ومحجوج، والحجة أفضل من المحجوج ولم يحجج آدم الذي
هو أصل البشر، بواحد من الملائكة. تفضيلا من الله عز وجل إياه عليهم وحجج
جماهير الملائكة بآدم عليه السلام فجعله العالم بما لم يعلموا، وخصه بالتعليم ليبين لهم
ان المخصوص بما خصه به مما لم يخصهم أفضل من غير المخصوص، بما لم يخصه به.
وإلحاد في طلبه، فانتهى الفضل إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأنه ورث آدم
وجميع الأنبياء عليهم السلام، ولأنه اصطفاه الذي ذكره الله عز وجل فقال: (ان
الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) فمحمد الصفوة
26

والخالص نجيب النجباء من آل إبراهيم، فصار خير آل إبراهيم، بقوله ذرية
بعضها من بعض، واصطفى الله جل جلاله آدم ممن اصطفاه عليهم، من روحاني
وجسماني، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله وحسبنا الله ونعيم الوكيل
قال مصنف هذا الكتاب: إنما أردت أن تكون هذه الحكاية في هذا
الكتاب، وليس قولي في إبليس انه كان من الملائكة، بل كان من الجن إلا أنه
كان يعبد الله بين الملائكة، وهاروت وماروت ملكان، وليس قولي فيهما قول أهل
الحشو، بل كانا عندي معصومين ومعنى هذه الآية: (واتبعوا ما تتلوا الشياطين
على ملك سليمان) إنما هو، واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان، وعلى ما
انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت، وقد أخرجت في ذلك خبرا مسندا في
كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام.
(باب 19 - العلة التي من أجلها سمي إدريس إدريسا عليه السلام)
1 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن شاذان بن أحمد بن عثمان البرواذي قال:
حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن الحرث بن سفيان الحافظ السمرقندي قال: حدثنا
صالح بن سعيد الترمذي، عن عبد المنعم بن إدريس عن أبيه عن وهب بن منبه: ان إدريس عليه السلام كان رجلا طويلا، ضخم البطن، عريض الصدر، قليل شعر
الجسد، كثير شعر الرأس وكانت إحدى اذنيه أعظم من الأخرى، وكان رقيق
الصدر، رقيق المنطق، قريب الخطى إذا مشى، وإنما سمي إدريس لكثرة ما كان
يدرس من حكم الله عز وجل وسنن الاسلام وهو بين أظهر قومه، ثم إنه فكر في
عظمة الله جل جلاله، فقال إن لهذه السماوات، ولهذه الأرضين، ولهذا الخلق
العظيم، والشمس والقمر، والنجوم والسحاب والمطر، وهذه الأشياء التي تكون
لربا يدبرها ويصلحها بقدرته، فكيف لي بهذا الرب فأعبده حق عبادته؟ فخلا
بطائفة من قومه، فجعل يعظهم ويذكرهم ويخوفهم ويدعوهم إلى عبادة خالق هذه
الأشياء. فلا يزال يجيبه واحد بعد واحد، حتى صاروا سبعة، ثم سبعين إلى أن
27

صاروا سبعمائة، ثم بلغوا ألفا، فلما بلغوا ألفا، قال لهم تعالوا نختر من خيارنا
مائة رجل، فاختاروا من خيارهم مائة رجل، واختاروا من المائة سبعين رجلا،
ثم اختاروا من السبعين عشرة (من خيارهم) ثم اختاروا من العشرة سبعة، ثم
قال لهم تعالوا فليدع هؤلاء السبعة، فليؤمن بقيتنا، فلعل هذا الرب جل جلاله
يدلنا على عبادته، فوضعوا أيديهم على الأرض ودعوا طويلا، فلم يتبين لهم شئ
ثم رفعوا أيديهم إلى السماء، فأوحى الله عز وجل إلى إدريس عليه السلام ونبأه،
ودله على عبادته، ومن آمن معه فلم يزالوا يعبدون الله عز وجل لا يشركون به
شيئا، حتى رفع الله عز وجل إدريس إلى السماء وانقرض من تابعه على دينه إلا
قليلا، ثم أنهم اختلفوا بعد ذلك وأحدثوا الاحداث، وأبدعوا البدع حتى كان
زمان نوح عليه السلام.
(باب 20 - العلة التي من أجلها سمى نوح عليه السلام نوحا)
1 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد
ابن عيسى عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن أحمد ابن الحسن الميثمي
عمن ذكره، عن أبي عبد الله " ع " أنه قال: كان أسم نوح " ع " عبد الغفار، وإنما
سمى نوحا لأنه كان ينوح على نفسه.
2 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا
محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمان بن أبي نجران
عن سعيد بن جناح، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله " ع " قال: كان أسم
نوح عبد الملك، وإنما سمى نوحا لأنه بكى خمسمائة سنة.
3 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين
ابن الحسن ابن أبان، عن محمد بن أورمة، عمن ذكره، عن سعيد بن جناح، عن
رجل، عن أبي عبد الله " ع " قال: كان أسم نوح عبد الأعلى، وإنما سمي نوحا
لأنه بكى خمسمائة عام
28

قال مصنف هذا الكتاب: الاخبار في اسم نوح " ع " كلها متفقة، غير
مختلفة تثبت له التسمية بالعبودية، وهو عبد الغفار، والملك، والأعلى.
(باب 21 العلة التي من أجلها سمى نوح عبدا شكورا)
1 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن
محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن أبان بن عثمان، عن
محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن نوحا إنما سمي عبدا شكورا لأنه
كان يقول إذا أمسى وأصبح: اللهم إني أشهدك أنه ما أمسى وأصبح بي من نعمة
أو عافية في دين، أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك، لك الحمد ولك الشكر بها علي
حتى ترضى، وبعد الرضا إلهنا.
(باب 22 - العلة التي من أجلها سمى الطوفان طوفانا، وعلة القوس)
1 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن شاذان بن أحمد بن عثمان البرواذي قال:
حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن الحرث بن سفيان الحافظ السمرقندي قال: حدثنا
صالح بن سعيد الترمذي، عن عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن
منبه، قال: إن أهل الكتابين يقولون: ان إبليس عمر زمان الغرق كله في الجو
الاعلى، يطير بين السماء والأرض بالذي أعطاه الله تبارك وتعالى من القوة، والحيلة
وعمرت جنوده في ذلك الزمان، فطفوا فوق الماء. وتحولت الجن أرواحا، تهب
فوق الماء، وبذلك توصف خلقتها إنها تهوى هوى الريح، وإنما سمي الطوفان
طوفانا، لأن الماء طفا فوق كل شئ، فلما هبط نوح عليه السلام من السفينة
أوحى الله عز وجل إليه يا نوح إنني خلقت خلقي لعبادتي، وأمر تهم بطاعتي، فقد
عصوني، وعبدوا غيري، واستوجبوا بذلك غضبي فغرقتهم، وإني قد جعلت
قوسي أمانا لعبادي وبلادي، وموثقا منى بيني وبين خلقي، يأمنون به إلى يوم
القيامة من الغرق، ومن أوفى بعهده مني، ففرح نوح عليه السلام بذلك، وتباشر
29

وكانت القوس فيها سهم ووتر، فنزع الله عز وجل السهم والوتر من القوس وجعلها
أمانا لعباده وبلاده من الغرق (23 - العلة التي من أجلها أغرق الله عز وجل الدنيا كلها في زمن نوح " ع ")
1 - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي
ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي، عن الرضا عليه السلام
قال: قلت له لأي علة أغرق الله عز وجل الدنيا كلها في زمن نوح " ع " وفيهم الأطفال
ومن لا ذنب له؟ فقال ما كان فيهم الأطفال لان الله عز وجل أعقم أصلاب قوم نوح
وأرحام نسائهم أربعين عاما، فانقطع نسلهم فغرقوا ولا طفل فيهم، ما كان الله تعالى
ليهلك بعذابه من لا ذنب له، وأما الباقون من قوم نوح " ع " فأغرقوا لتكذيبهم
لنبي الله نوح " ع " وسايرهم أغرقوا برضاهم تكذيب المكذبين، ومن غاب عن
أمر فرضى به كان شاهده وأتاه.
(24 - العلة التي من أجلها سميت قرية نوح قرية الثمانين)
1 - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي
ابن إبراهيم ابن هاشم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: قال الرضا
عليه السلام: لما هبط نوح " ع " إلى الأرض كان هو وولده ومن تبعه ثمانين نفسا
فبنى حيث نزل قرية فسماها قرية الثمانين، لأنهم كانوا ثمانين.
(25 - العلة التي من أجلها قال الله عز وجل لنوح في شأن ابنه)
(أنه ليس من أهلك)
1 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن
محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشا عن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول
قال أبى عليه السلام، قال أبو عبد الله عليه السلام، ان الله عز وجل قال لنوح:
(أنه ليس من أهلك) لأنه كان مخالفا له وجعل من اتبعه من أهله، قال: وسألني
كيف تقرؤن هذه الآية في ابن نوح؟ فقلت تقرؤها الناس على وجهين، انه عمل غير
30

صالح، وانه عمل غير صالح، فقال كذبوا هو ابنه، ولكن الله عز وجل نفاه عنه
حين خالفه في دينه.
(باب 26 - العلة التي من أجلها سمى النجف نجف)
1 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي
عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسن بن يزيد النوفلي عن علي بن أبي حمزة، عن أبي نعيم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن النجف
كان جبلا وهو الذي قال ابن نوح: (سآوي إلى جبل يعصني من الماء) ولم يكن
على وجه الأرض جبل أعظم منه، فأوحى الله عز وجل إليه يا جبل أيعتصم بك مني
فتقطع قطعا قطعا إلى بلاد الشام، وصار رملا دقيقا، وصار بعد ذلك بحرا عظيما
وكان يسمى ذلك البحر بحر (ني) ثم (جف) بعد ذلك فقيل ني جف فسمي بنجف
ثم صار الناس بعد ذلك يسمونه نجف لأنه كان أخف على ألسنتهم.
(باب 27 - العلة التي من أجلها قال نوح: إنك ان تذرهم)
(يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا)
1 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا
محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل، عن
حنان بن سدير، عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام، أرأيت نوحا " ع "
حين دعا على قومه فقال: (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا، إنك ان
تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا) قال عليه السلام: علم أنه لا ينجب
من بينهم أحد، قال قلت وكيف علم ذلك؟ قال أوحى الله إليه انه لا يؤمن من
قومك إلا من قد آمن، فعند هذا دعا عليهم بهذا الدعاء.
(باب 28 - العلة التي من أجلها صار في الناس السودان والترك)
(والسقالبة ويأجوج ومأجوج)
1 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي
31

عبد الله الكوفي قال: حدثنا سهل بن زياد الآدمي قال: حدثنا عبد العظيم بن
عبد الله الحسني قال: سمعت علي بن محمد العسكري عليه السلام يقول: عاش نوح
عليه السلام الفين وخمسمائة سنة، وكان يوما في السفينة نائما، فهبت ريح فكشفت
عن عورته فضحك حام ويافث، فزجرهما سام عليه السلام ونهاهما عن الضحك، وكان
كلما غطى سام شيئا تكشفه الريح كشفه حام ويافث فانتبه نوح عليه السلام فرآهم
وهم يضحكون فقال ما هذا؟ فأخبره سام بما كان، فرفع نوح عليه السلام يده إلى
السماء يدعو ويقول: اللهم غير، ماء صلب حام، حتى لا يولد له إلا السودان، اللهم
غير ماء صلب يافث فغير الله ماء صلبهما، فجميع السودان حيث كانوا من حام،
وجميع الترك والسقالبة ويأجوج ومأجوج والصين من يافث حيث كانوا، وجميع
البيض سواهم من سام، وقال نوح " ع " لحام ويافث: جعل الله ذريتكما خولا لذرية
سام إلى يوم القيامة، لأنه بربي وعققتماني، فلا زالت سمة عقوقكما لي في ذريتكما
ظاهرة وسمة البر بي في ذرية سام ظاهرة ما بقيت الدنيا.
(باب 29 - العلة التي من أجلها أحب الله عز وجل لأنبيائه)
(عليهم السلام الحرث والرعي)
1 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن
الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن محمد بن عطية قال: سمعت
أبا عبد الله " ع " يقول: إن الله عز وجل أحب لأنبيائه عليهم السلام من الأعمال
الحرث والرعي، لئلا يكرهوا شيئا من قطر السماء.
2 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن
محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن مروان بن مسلم، عن عقبة، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: ما بعث الله نبيا قط حتى يسترعيه الغنم، يعلمه بذلك
رعية الناس.
32

(باب 30 - العلة التي من أجلها سميت الريح التي أهلك الله بها عادا)
(الريح العقيم، والعلة التي من أجلها كثر الرمل في بلاد عاد)
(والعلة التي من أجلها لا ترى في ذلك الرمل جبل، والعلة التي)
(من أجلها سميت عاد إرم ذات العماد)
1 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن شاذان بن أحمد بن عثمان البراوذي قال:
حدثنا أبو علي محمد بن الحارث بن سفيان الحافظ السمرقندي قال: حدثنا
صالح بن سعيد الترمذي، عن عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن منبه
ان الريح العقيم تحت هذه الأرض التي نحن عليها، قد زمت بسبعين الف زمام من
حديد، قد وكل بكل زمام، سبعون الف ملك، فلما سلطها الله عز وجل على عاد،
استأذنت خزنة الريح ربها عز وجل ان يخرج منها في مثل منخري الثور، ولو أذن
الله عز وجل لها ما تركت شيئا على ظهر الأرض إلا أحرقته فأوحى الله عز وجل إلى
خزنة الريح، ان اخرجوا منها مثل ثقب الخاتم فأهلكوا بها، وبها ينسف الله
عز وجل الجبال نسفا، والتلال والآكام والمدائن والقصور يوم القيامة، وذلك قوله
عز وجل: (يسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربى نسفا فيذرها قاعا صفصفا، لا ترى
فيها عوجا ولا أمتا) والقاع الذي لا نبات فيه، والصفصف الذي لا عوج فيه،
والأمت المرتفع، وإنما سميت العقيم لأنها تلقحت بالعذاب وتعقمت عن الرحمة
كتعقم الرجل إذا كان عقيما لا يولد له، وطحنت تلك القصور والمدائن والمصانع،
حتى عاد ذلك كله رملا رقيقا تسفيه الريح، فذلك قوله عز وجل: (ما تذر من شئ
أتت عليه إلا جعلته كالرميم).
وإنما كثر الرمل في تلك البلاد، لان الريح طحنت تلك البلاد وعصفت عليهم
سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نحل خاوية،
والحسوم الدايمة، ويقال المتتابعة الدائمة. وكانت ترفع الرجال والنساء فتهب بهم
صعدا، ثم ترمى بهم من الجو، فيقعون على رؤسهم منكسين، تقلع الرجال والنساء
33

من تحت أرجلهم، ثم ترفعهم، فذلك قوله عز وجل: (تنزع الناس كأنهم أعجاز
نخل منقعر) والنزع: القلع، وكانت الريح تقصف الجبل كما تقصف المساكن
فتطحنها)، ثم تعود رملا رقيقا، فمن هناك لا يرى في الرمل جبل، وإنما سميت عاد
أرم ذات العماد، من أجل أنهم كانوا يسلخون العمد من الجبال فيجعلون طول
العمد مثل طول الجبل الذي يسلخونه من أسفله إلى أعلاه، ثم ينقلون تلك العمد
فينصبونها، ثم يبنون القصور عليها فسميت ذات العماد لذلك.
(باب 31 - العلة التي من أجلها سمى إبراهيم " ع " إبراهيم)
1 - سميت بعض المشايخ من أهل العلم يقول: إنه سمى إبراهيم إبراهيم لأنه
هم فبر، وقد قيل: إنه هم بالآخرة وبرى من الدنيا.
(باب 32 - العلة التي من أجلها اتخذ الله عز وجل إبراهيم خليلا)
1 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن الحسين
السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عمن
ذكره قال: قلت لأبي عبد الله " ع " لم اتخذ الله عز وجل إبراهيم خليلا؟ قال:
لكثرة سجوده على الأرض.
2 - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي
ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي
الحسن الرضا " ع " قال: سمعت أبي عبد الله " ع " يحدث عن أبيه عليه السلام أنه قال
: اتخذ الله عز وجل إبراهيم خليلا لأنه لم يرد أحدا ولم يسأل أحدا غير الله
عز وجل.
3 - حدثنا أحمد بن محمد الشيباني رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أحمد
الأسدي الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني
قال سمعت علي بن محمد العسكري " ع " يقول: إنما اتخذ الله عز وجل إبراهيم
خليلا، لكثرة صلاته على محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم.
34

4 - حدثنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن علي البصري قال: حدثنا أبو أحمد
محمد بن إبراهيم بن خارج الأصم البستي بها في مسجد طيبة قال: حدثنا أبو الحسن
محمد بن عبد الله بن الجنيد قال: حدثنا أبو بكر عمرو بن سعيد قال: حدثنا علي
ابن زاهر قال: حدثنا حريز، عن الأعمش، عن عطية العوفي، عن جابر بن عبد الله
الأنصاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول،: ما أتخذ الله إبراهيم خليلا، إلا
لإطعامه الطعام، وصلاته بالليل والناس نيام.
5 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب
ابن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان عثمان عن محمد بن مروان عمن رواه
عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما اتخذ الله إبراهيم خليلا، أتاه ببشارة الحلة
ملك الموت في صورة شاب ابيض عليه ثوبان أبيضان يقطر رأسه ماء ودهنا فدخل
إبراهيم عليه السلام الدار فاستقبله خارجا من الدار، وكان إبراهيم رجلا غيورا
وكان إذ اخرج في حاجة أغلق بابه وأخذ مفتاحه، فخرج ذات يوم في حاجة
وأغلق بابه، ثم رجع ففتح بابه فإذا هو برجل قايم كأحسن ما يكون من الرجال
فأخذته الغيرة وقال له: يا عبد الله ما أدخلك داري؟ فقال، ربها أدخلنيها فقال
إبراهيم ربها أحق بها منى، فمن أنت؟ قال: أنا ملك الموت! قال ففزع إبراهيم
وقال جئتني لتسلبني روحي؟ فقال: لا، ولكن اتخذ الله عز وجل عبدا خليلا
فجئت ببشارته، فقال إبراهيم فمن هذا العبد لعلى أخدمه حتى أموت؟ قال: أنت
هو، قال: فدخل على سارة فقال: ان ا لله اتخذني خليلا.
6 - حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا
الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن أورمة، عن عبد الله بن محمد، عن داود
ابن أبي يزيد، عن عبد الله بن هلال، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما جاء المرسلون إلى إبراهيم عليه السلام جاءهم بالعجل، فقال كلوا فقالوا لا نأكل حتى تخبرنا
ما ثمنه، فقال إذا أكلتم فقولوا بسم الله، وإذا فرغتم فقولوا الحمد لله قال فالتفت
35

جبرئيل إلى أصحابه وكانوا أربعة وجبرئيل ورئيسهم، فقال حق لله ان يتخذ هذا
خليلا. قال أبو عبد الله " ع " لما ألقي إبراهيم " ع " في النار تلقاه جبرئيل " ع "
في الهواء، وهو يهوي، فقال: يا إبراهيم ألك حاجة؟ فقال: اما إليك فلا.
7 - وبهذا الاسناد، عن محمد بن أورمة، عن الحسن بن علي، عن بعض
أصحابنا، عن أبي عبد الله " ع " قال: لما القي إبراهيم " ع " في النار أوحى الله عز
وجل إليها وعزتي وجلالي لئن آذيتيه لأعذبنك، وقال: لما قال الله عز وجل:
يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم) ما انتفع أحد بها ثلاثة أيام وما سخنت ماءهم
8 - وسمعت محمد بن عبد الله بن محمد طيفور يقول، في قول إبراهيم
عليه السلام: (رب أرني كيف تحيى الموتى) الآية، ان الله عز وجل أمر إبراهيم
ان يزور عبدا من عباده الصالحين، فزاره فلما كلمه قال له ان لله تبارك وتعالى في
الدنيا عبدا يقال له إبراهيم اتخذه خليلا، قال إبراهيم: وما علامة ذلك العبد؟ قال
يحيى له الموتى، فوقع لإبراهيم انه هو فسأله ان يحيى له الموتى قال: أو لم تؤمن،
قال بلى ولكن ليطمئن قلبي؟ يعنى على الخلة، ويقال: انه أراد أن تكون له في
ذلك معجزة كما كانت للرسل، وان إبراهيم سأل ربه عز وجل ان يحيى له الميت فأمره
الله عز وجل ان يميت لأجله الحي سواء بسواء وهو لما أمره بذبح ابنه إسماعيل،
وان الله عز وجل أمر إبراهيم " ع " بذبح أربعة من الطير، طاووسا ونسرا وديكا
وبطا، فالطاووس يريد به زينة الدنيا، والنسر يريد به الامل الطويل، والبط يريد
به الحرص، والديك يريد به الشهوة، يقول الله عز وجل: ان أحببت ان يحيى قلبك
ويطمئن معي فأخرج عن هذا الأشياء الأربعة فإذا كانت هذه الأشياء في قلب
(عبدي) فإنه لا يطمئن معي، وسألته كيف قال أو لم تؤمن؟ مع علمه بسره وحاله
فقال إنه لما قال: رب أرني كيف تحيى الموتى، كان ظاهر هذه اللفظة يوهم انه لم يكن
بيقين فقرره الله عز وجل بسؤاله عنه، إسقاطا للتهمة عنه وتنزيها له من الشك.
9 - حدثنا علي بن أحمد رحمة الله قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفي، عن
36

أبى بكر عبد الله بن موسى قال حدثنا محمد بن الحسين الخشاب قال حدثنا محمد بن
محصن، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله " ع " قال: قال أمير المؤمنين " ع " لما أراد الله عز وجل قبض روح إبراهيم " ع " هبط إليه ملك الموت فقال:
السلام عليك يا إبراهيم: فقال وعليك السلام يا ملك الموت، أداع أم ناع؟ قال
بل ناع يا إبراهيم فأجب، فقال إبراهيم هل رأيت خليلا يميت خليله؟ قال فرجع
ملك الموت، حتى وقف بين يدي الله جل جلاله فقال: إلهي قد سمعت ما قال خليلك
إبراهيم، فقال الله عز وجل: يا ملك الموت اذهب إليه فقل له هل رأيت حبيبا يكره
لقاء حبيبه: ان الحبيب يحب لقاء حبيبه.
(باب 33 - العلة التي من أجلها قال الله عز وجل: وإبراهيم الذي وفي)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن
محمد بن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام: في قول
الله عز وجل: (وإبراهيم الذي وفي) قال: إنه يقول إذا أصبح وأمسى، أصبحت
وربى محمود، أصبحت لا أشرك بالله شيئا، ولا ادعوا مع الله إلها آخر ولا اتخذ
من دونه وليا، فسمى بذلك عبدا شكورا.
(باب 34 - العلة التي من أجلها دفن إسماعيل أمه في الحجر)
1 - حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن
مهزيار عن الحسن بن سعيد، عن علي بن النعمان، عن سيف بن عميرة، عن أبي
بكر الحضرمي عن أبي عبد الله " ع " قال: إن إسماعيل دفن أمه في الحجر، وجعله
عاليا، وجعل عليها حائطا لئلا يوطأ قبرها.
(باب 35 - العلة التي من أجلها سمى الأفراس جياد)
1 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد
أبى عبد الله، عن البزنطي، عن أبان بن عثمان، عمن ذكره، عن مجاهد، عن
ابن عباس قال: كانت الخليل العراب وحوشا بأرض العرب، فلما رفع إبراهيم
37

وإسماعيل القواعد من البيت، قال أني قد أعطيتك كنزا لم أعطه أحدا كان قبلك
قال: فخرج إبراهيم وإسماعيل حتى صعدوا جياد، فقالا ألا هلا ألا هلم فلم يبقى
في أرض العرب فرس إلا أتاه وتذلل له وأعطت بنواصيها، وإنما سميت جيادا
لهذا، فما زالت الخيل بعد تدعوا الله ان يحببها إلى أربابها، فلم تزل الخيل حتى
اتخذها سليمان، فلما ألهته، أمر بها ان تمسح أعناقها، وسوقها حتى بقي
أربعون فرسا.
(باب 36 - العلة التي من أجلها تمنى إبراهيم الموت بعد كراهته له)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن محمد
ابن عيسى، عن أحمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي
جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام قال إن إبراهيم لما قضى مناسكه رجع إلى
الشام فهلك، وكان سبب هلاكه ان ملك الموت أتاه ليقبضه، فكره إبراهيم الموت
فرجع ملك الموت إلى ربه عز وجل فقال إن إبراهيم كره الموت، فقال دع إبراهيم
فإنه يحب ان يعبدني. قال حتى رأى إبراهيم شيخا كبيرا يأكل ويخرج منه
ما يأكله فكره الحياة وأحب الموت، فبلغنا ان إبراهيم أتى داره، فإذا فيها أحسن
صورة ما رآها قط، قال من أنت؟ قال أنا ملك الموت، قال سبحان الله من الذي
يكره قربك وزيارتك وأنت بهذه الصورة، فقال يا خليل الرحمان ان الله تبارك وتعالى
إذا أراد بعبد خيرا بعثني إليه في هذه الصورة، وإذا أراد بعبد شرا بعثني إليه في
غير هذه الصورة، فقبض صلى الله عليه بالشام. وتوفي إسماعيل بعده وهو ابن
ثلاثين ومائة سنة فدفن في الحجر مع أمه.
2 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري
عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن القاسم وغيره
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن سارة قالت لا إبراهيم، يا إبراهيم قد كبرت
فلو دعوت الله عز وجل ان يرزقك ولد تقر أعيننا به فإن الله قد أتخذك خليلا
38

وهو مجيب لدعوتك ان شاء قال فسأل إبراهيم ربه ان يرزقه غلاما عليما، فأوحى الله
عز وجل إليه: أنى واهب لك غلاما عليما. ثم أبلوك بالطاعة لي، قال أبو عبد الله
عليه السلام فمكث إبراهيم بعد البشارة ثلاث سنين ثم جاءته البشارة من الله
عز وجل وان سارة قد قالت لإبراهيم: انك قد كبرت وقرب أجلك، فلو دعوت
الله عز وجل ان ينسئ في أجلك وان يمد لك في العمر فتعيش معنا وتقر أعيننا قال:
فسأل إبراهيم ربه ذلك قال: فأوحى الله عز وجل إليه سل من زيادة العمر ما أحببت
تعطه، قال: فأخبر إبراهيم سارة بذلك، فقالت له: سل الله ان لا يميتك حتى تكون
أنت الذي تسأله الموت، قال فسأل إبراهيم ربه ذلك، فأوحى الله عز وجل إليه ذلك
لك، قال: فأخبر إبراهيم سارة بما أوحى الله عز وجل إليه في ذلك. فقالت سارة
لإبراهيم اشكر الله واعمل طعاما وادع عليه الفقراء وأهل الحاجة، قال: ففعل ذلك
إبراهيم ودعا إليه الناس، فكان فيمن أتى رجل كبير ضعيف مكفوف معه فائد له
فأجلسه على مائدته، قال: فمد الأعمى يده فتناول لقمة وأقبل بها نحو فيه، فجعلت
تذهب يمينا وشمالا من ضعفه ثم أهوى بيده إلى جبهته فتناول قائده يده فجاء بها
إلى فمه ثم تناول المكفوف لقمة فضرب بها عينه، قال: وإبراهيم عليه السلام
ينظر إلى المكفوف والى ما يصنع قال: فتعجب إبراهيم من ذلك وسأل قائده عن
ذلك، فقال له القائد هذا الذي ترى من الضعف، فقال: إبراهيم في نفسه أليس
إذا كبرت أصير مثل هذا؟ ثم إن إبراهيم سأل الله عز وجل حيث رأى من الشيخ
ما رأى، فقال: اللهم توفني في الاجل الذي كتبت لي فلا حاجة لي في الزيادة في العمر
بعد الذي رأيت. (باب 37 - العلة التي من أجلها سمى ذو القرنين ذا القرنين)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثني محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن الحسن
ابن أبان عن محمد بن أرومة قال: حدثني القاسم بن عروة، عن بريد العجلي عن
الأصبغ بن نباتة قال: قام ابن الكواء إلى علي عليه السلام وهو على المنبر فقال:
39

يا أمير المؤمنين أخبرني عن ذي القرنين، أنبيا كان أم ملكا؟ وأخبرني عن قرنه
أمن ذهب كان أم من فضة؟ فقال له: لم يكن نبيا ولا ملكا، ولم يكن قرناه من
ذهب ولا فضة ولكنه كان عبدا أحب الله فأحبه الله ونصح لله فنصحه الله، وإنما
سمى ذا القرنين لأنه دعا قومه إلى الله عز وجل فضربوه على قرنه فغاب عنهم حينا
ثم عاد إليهم فضرب على قرنه الآخر، وفيكم مثله.
(باب 38 - العلة التي من أجلها سمى أصحاب الرس أصحاب الرس)
(والعلة التي من أجلها سمت العجم شهورها بأبان ماه)
(وآذر ماه وغيرها إلى آخرها)
1 - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي
ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه قال: حدثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي
قال حدثنا علي بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه
جعفر ابن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين
ابن علي عليهم السلام قال: أتى علي بن أبي طالب قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من
أشراف بني تميم، يقال له عمرو، فقال يا أمير المؤمنين أخبرني عن أصحاب الرس
في أي عصر كانوا؟ وأين كانت منازلهم؟ ومن كان ملكهم؟ وهل بعث الله عز
وجل إليهم رسولا أم لا? وبماذا أهلكوا فإني لا أجد في كتاب الله عز وجل ذكرهم
ولا أجد خبرهم؟ فقال له علي عليه السلام لقد سألت من حديث ما سألني عنه أحد
قبلك ولا يحدثك به أحد بعدي، وما في كتاب الله عز وجل آية: إلا وانا اعرف
تفسيرها، وفي أي مكان نزلت من سهل أو جبل، وفي أي وقت نزلت من ليل
أو نهار، وان هاهنا لعلما جما - وأشار إلى صدره - ولكن طلابه يسيرة وعن
قليل يندمون لو (قد) يفقدوني، وكان من قصتهم يا أخا تميم، انهم كانوا قوما
يعبدون شجرة صنوبر يقال لها: شاه درخت. وكان يافث بن نوح غرسها على
شفير عين يقال لها روشاب. كانت أنبعت لنوح عليه السلام بعد الطوفان، وإنما
40

سموا أصحاب الرس، لأنهم رسوا نبيهم في الأرض، وذلك بعد سليمان بن داود
عليه السلام، وكانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطئ نهر يقال له (الرس) من
بلاد المشرق وبهم سمي ذلك النهر، ولم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر ولا أعذب
منه ولا أقوى، ولا قرى أكثر ولا أعمر، منها تسمى إحديهن: أبان: والثانية
آذر، والثالثة دي، والرابعة بهمن، والخامسة اسفنديار، والسادسة پروردين،
والسابعة أردي بهشت والثامنة ارداد، والتاسعة مرداد، والعاشرة تير،
والحادية عشر مهر، والثانية عشر شهريور. وكانت أعظم مداينهم اسفنديار،
وهي التي ينزلها ملكهم، وكان يسمى تركوذ بن غابور بن يارش بن سازن بن
نمرود بن كنعان - فرعون إبراهيم عليه السلام وبها العين والصنوبر، وقد غرسوا
في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة فنبتت الحبة وصارت شجرة عظيمة
وأجروا إليها نهرا من العين التي عند الصنوبرة فنبتت الصنوبرة وصارت شجرة
عظيمة وحرموا ماء العين والأنهار فلا يشربون منها ولا أنعامهم، ومن فعل ذلك
قتلوه، ويقولون هو حياة آلهتنا، فلا ينبغي لاحد أن ينقص من حياتها،
ويشربون هم وأنعامهم من نهر الرس الذي عليه قراهم، وقد جعلوا في كل شهر من
السنة في كل قرية عيدا يجتمع إليه أهلها، فيضربون على الشجرة التي بها: كلة
من حرير فيها أنواع الصور، ثم يأتون بشاة وبقر فيذبحونها قربانا للشجرة،
ويشعلون فيها النيران بالحطب، فإذا سطع دخان تلك الذبايح وقتارها في الهواء
وحال بينهم وبين النظر إلى السماء خروا للشجرة سجدا من دون الله عز وجل،
يبكون ويتضرعون إليها ان ترضى عنهم فكان الشيطان يجئ ويحرك أغصانها
ويصيح من ساقها صياح الصبي، إني قد رضيت عنكم عبادي، فطيبوا نفسا وقروا
عينا، فيرفعون رؤسهم عند ذلك ويشربون الخمر ويضربون بالمعازف ويأخذون
الدستبنذ، فيكونون على ذلك يومهم وليلتهم ثم ينصرفون. وإنما سمت العجم
شهورها بأبان ماه، وآذر ماه وغيرها، اشتقاقا من أسماء تلك القرى لقول أهلها
41

بعضهم لبعض هذا عيد قرية كذا حتى إذا كان عيد قريتهم العظمى اجتمع إليها
صغيرهم وكبيرهم، فضربوا عند الصنوبرة والعين سرادقا من ديباج عليه أنواع
الصور، وجعلوا له اثنى عشر بابا كل باب لأهل قرية منهم، فيسجدون للصنوبرة
خارجا من السرادق ويقربون لها الذبايح أصناف ما قربوا للشجرة التي في قراهم
فيجئ إبليس عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا، ويتكلم من جوفها كلاما
جهوريا ويعدهم ويمينهم بأكثر مما وعدتهم ومنتهم الشياطين في تلك الشجرات الاخر
للبقاء فيرفعون رؤسهم من السجود وبهم من الفرح النشاط ما لا يفيقون ولا
يتكلمون من الشرب والعزف فيكونون على ذلك اثنى عشر يوما، ولياليها بعدد
أعيادهم ساير السنة، ثم ينصرفون. فلما طال كفرهم بالله عز وجل وعبادتهم غيره
بعث الله عز وجل إليهم نبيا من بني إسرائيل من ولد يهودا بن يعقوب، فلبث
فيهم زمانا طويلا يدعوهم إلى عبادة الله عز وجل ومعرفة ربوبيته فلا يتبعونه فلما
رأى شدة تماديهم في الغي به والضلال وتركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد والنجاح
وحضر عيد قريتهم العظمى، قال: يا رب: ان عبادك أبو إلا تكذيبي والكفر
بك وغدوا يعبدون شجرة لا تنفع ولا تضر فأيبس شجرهم أجمع وأرهم قدرتك
وسلطانك فأصبح القوم وقد يبس شجرهم كلها فهالهم ذلك وقطع بهم وصاروا
فريقين: فرقة قالت سحر آلهتكم هذا الرجل الذي يزعم أنه رسول رب السماء
والأرض إليكم ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه وفرقة قالت: لابل غضبت
آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها ويقع فيها ويدعوكم إلى عبادة غيرها فحجبت
حسنها وبهائها لكي تغضبوا لها فتنتصروا منه، فاجتمع رأيهم على قتله، فاتخذوا
أنابيب طوالا من رصاص واسعة الأفواه، ثم أرسلوها في قرار العين إلى أعلا
الماء واحدة فوق الأخرى مثل البرانج، ونزحوا ما فيها من الماء، ثم حفروا في
قرارها من الأرض بئرا عميقة المدخل، وأرسلوا فيها نبيهم وألقموا فاها
صخرة عظيمة، ثم اخرجوا الأنابيب من الماء وقالوا نرجو الآن ان ترضى عنا
42

آلهتنا إذا رأت إنا قد قتلنا من كان يقع فيها ويصد عن عبادتها ودفناه تحت
كبيرها ليشتفي منه فيعود لنا نورها ونضرتها كما كان، فبقوا عامة يومهم يسمعون
أنين نبيهم عليه السلام وهو يقول: سيدي قد ترى ضيق مكاني وشدة كربتي
فارحم ضعف ركني وقلة حيلتي، وعجل بقبض روحي ولا تؤخر إجابة دعائي،
حتى مات عليه السلام فقال الله تبارك وتعالى لجبرئيل: يا جبرئيل أيظن عبادي
هؤلاء الذين غرهم حلمي، وأمنوا مكري، وعبدوا غيري، وقتلوا رسلي، ان
يقوموا لغضبي أو يخرجوا من سلطاني، كيف وانا المنتقم ممن عصاني، ولم يخش
عقابي، وإني حلفت بعزتي لأجعلنهم عبرة ونكالا للعالمين. فلم يدعهم وفي عيدهم
ذلك إلا بريح عاصف شديد الحمرة فتحيروا فيها وذرعوا منها وتضام بعضهم إلى بعض
ثم صارت الأرض من تحتهم حجر كبريت يتوقد وأظلتهم سحابة سوداء مظلمة،
فانكبت عليهم كالقبة جمرة تتلهب فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص في النار، فنعوذ
بالله من غضبه ونزول نقمته.
(باب 39 - العلة التي من أجلها سمى يعقوب يعقوب، والعلة التي)
(من أجلها سمى إسرائيل عليه السلام)
1 - حدثنا أحمد بن الحسين القطان قال: حدثنا الحسن بن علي السكري قال
حدثنا محمد بن زكريا الجوهري، قال حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه عن أبي
عبد الله " ع " قال: كان يعقوب وعيص توأمين، فولد عيص ثم ولد يعقوب
فسمي يعقوب لأنه خرج بعقب أخيه عيص، ويعقوب هو إسرائيل ومعنى إسرائيل
عبد الله، لان إسرا هو عبد، وايل هو الله عز وجل.
2 - وروى في خبر آخر ان إسرا هو القوة، وايل هو الله عز وجل، فمعنى
إسرائيل: قوة الله عز وجل.
3 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أبو صالح خلف بن محمد
ابن إسماعيل الخيام البخاري ببخارا فيما قرأت عليه فأقر به، قال حدثنا أبو عبد الله
43

محمد بن علي بن حمزة الأنصاري قال: حدثنا عبد الرحمان بن إبراهيم الدمشقي
دحيم قال حدثنا بشر بن بكر النفيسي عن أبي بكر بن أبي مريم، عن سعيد
ابن عمرو الأنصاري، عن أبيه، عن كعب الأحبار في حديث طويل يقول فيه:
إنما سمي إسرائيل إسرائيل الله، لان يعقوب كان يخدم بيت المقدس، وكان
أول من يدخل وآخر من يخرج، وكان يسرج القناديل، وكان إذا كان بالغداة
رآها مطفأة، قال فبات ليلة في مسجد بيت المقدس فإذا بجني يطفئها فأخذه فأسره
إلى سارية في المسجد فلما أصبحوا رأوه أسيرا، وكان اسم الجني (ايل) فسمي
إسرائيل لذلك والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة وقد أخرجته بتمامه بطوله
في كتاب النبوة.
(باب 40 - العلة التي من أجلها يبتلى النبيون والمؤمنون)
1 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي،
عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن الحسن بن محبوب، عن سماعة بن مهران، عن أبي
عبد الله " ع " قال: إن في كتاب علي عليه السلام ان أشد الناس بلاء النبيون
ثم الوصيون ثم الأمثل فالأمثل، وإنما يبتلي المؤمن على قدر أعماله الحسنة فمن صح
دينه وصح عمله اشتد بلائه وذلك أن الله عز وجل لم يجعل الدنيا ثوابا لمؤمن ولا
عقوبة لكافر، ومن سخف دينه وضعف عمله قل بلائه، والبلاء أسرع إلى المؤمن
المتقى من المطر إلى قرار الأرض.
2 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا عبد الله
ابن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبي عبد الله الجاموراني عن
الحسن بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي عبد الله " ع " قال: لو أن مؤمنا كان في
قلة جبل لبعث الله عز وجل إليه من يؤذيه ليأجره على ذلك.
3 - حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد العلوي رضي الله عنه قال: أخبرنا أحمد بن
محمد الكوفي قال: حدثنا عبيد الله بن حمدون قال: حدثنا الحسين بن نصير قال
44

حدثنا خالد، عن حصين،: عن يحيى بن عبد الله بن الحسن، عن أبيه، عن علي بن
الحسين، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما زلت أنا ومن كان
قبلي من النبيين والمؤمنين مبتلين بمن يؤذينا، ولو كان المؤمن على رأس جبل لقيض
الله عز وجل له من يؤذيه ليأجره على ذلك.
(وقال) أمير المؤمنين " ع ": ما زلت مظلوما منذ ولدتني أمي حتى أن كان
عقيل ليصيبه رمد فيقول لا تذروني حتى تذروا عليا، فيذروني وما بي من رمد.
(باب 41 - العلة التي من أجلها امتحن الله عز وجل يعقوب)
(وابتلاه بالرؤيا التي رآها يوسف حتى جرى من أمره ما جرى) 1 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا عبد الله
ابن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك
ابن عطية، عن الثمالي قال: صليت مع علي بن الحسين عليه السلام الفجر بالمدينة يوم
الجمعة فلما فرغ من صلاته وسبحته نهض إلى منزله وأنا معه، فدعا مولاة له تسمى
سكينة فقال لها: لا يعبر على بابي سائل إلا أطعمتوه، فإن اليوم يوم الجمعة، قلت
له: ليس كل من يسأل مستحقا؟ فقال: يا ثابت، أخاف أن يكون بعض من
يسئلنا محقا فلا نطعمه ونرده فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب وآله، أطعموهم
أطعموهم، ان يعقوب كان يذبح كل يوم كبشا، فيتصدق منه ويأكل هو وعياله
منه وان سائلا مؤمنا صواما محقا له عند الله منزلة وكان مجتازا غريبا اعتر
على باب يعقوب عشية جمعة عند أوان إفطاره يهتف على بابه، اطعموا السائل المجتاز
الغريب الجائع من فضل طعامكم، يهتف بذلك على بابه مرارا وهم يسمعونه وقد
جهلوا حقه ولم يصدقوا قوله فلما يئس أن يطعموه، وغشيه الليل استرجع واستعبر
وشكا جوعه إلى الله عز وجل، وبات طاويا وأصبح صايما جايعا صابرا حامدا لله
وبات يعقوب وآل يعقوب شباعا بطانا، وأصبحوا وعندهم فضلة من طعامهم قال
فأوحى الله عز وجل إلى يعقوب: في صبيحة تلك الليلة: لقد أذللت يا يعقوب
45

عبدي ذلة استجررت بها غضبي، واستوجبت بها أدبي، ونزول عقوبتي، وبلواي
عليك وعلى ولدك، يا يعقوب: ان أحب أنبيائي إلى، وأكرمهم علي من رحم
مساكين عبادي وقربهم إليه وأطعمهم، وكان لهم مأوى وملجأ، يا يعقوب: أما
رحمت ذميال عبدي المجتهد في عبادتي القانع باليسير من ظاهر الدنيا عشاء أمس لما
اعتر ببابك عند أوان إفطاره وهتف بكم اطعموا السائل الغريب المجتاز القانع، فلم
تطعموه شيئا، فاسترجع واستعبر وشكا ما به إلي، وبات طاويا حامدا لي، وأصبح
لي صايما، وأنت يا يعقوب وولدك شباع، وأصبحت وعندكم فضلة من طعامكم،
أو ما علمت يا يعقوب: ان العقوبة والبلوى إلى أوليائي أسرع منها إلى أعدائي،
وذلك حسن النظر منى لأوليائي واستدراج مني لأعدائي اما وعزتي لأنزل عليك
بلواي، ولأجعلنك وولدك عرضا لمصابي، ولأذينك بعقوبتي فاستعدوا لبلواي،
وارضوا بقضائي، واصبروا للمصايب، فقلت لعلي بن الحسين عليه السلام: جعلت
فداك متى رأى يوسف الرؤيا؟ فقال في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب وآل يعقوب
شباعا، وبات فيها ذميال طاويا جايعا.
فلما رأى يوسف الرؤيا، وأصبح يقصها على أبيه يعقوب، فاغتم يعقوب لما
سمع من يوسف مع ما أوحى الله عز وجل إليه ان استعد للبلاء، فقال يعقوب
ليوسف: لا تقصص رؤياك هذه على إخوتك، فإني أخاف ان يكيدوا ليك كيدا
فلم يكتم يوسف رؤياه وقصها على أخوته.
قال علي بن الحسين عليه السلام وكانت أول بلوى نزلت بيعقوب وآل
يعقوب الحسد ليوسف لما سمعوا منه الرؤيا، قال فاشتدت رقة يعقوب على يوسف
وخاف أن يكون ما أوحى الله عز وجل إليه من الاستعداد للبلاء هو في يوسف خاصة
فاشتدت رقته عليه من بين ولده فلما رأى أخوة يوسف ما يصنع يعقوب بيوسف
وتكرمته إياه وإيثاره إياه عليهم، اشتد ذلك عليهم وبدأ البلاء فيهم فتأمروا فيما
بينهم، وقالوا: (ان يوسف وأخاه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة ان أبانا لفي
46

ضلال مبين، اقتلوا يوسف أو أطرحوه أرضا يخلوا لكم وجه أبيكم وتكونوا
من بعده قوما صالحين) أي تتوبون - فعند ذلك قالوا: يا أبانا مالك لا تأمنا على
يوسف وإنا له لنا صالحون، أرسله معنا غدا يرتع الآية. فقال يعقوب: إني
ليحزنني ان تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب، فانتزعه حذرا عليه من أن تكون
البلوى من الله عز وجل على يعقوب في يوسف خاصة لموقعة من قلبه وحبه له، قال
فغلبت قدرة الله وقضائه، ونافذ أمره في يعقوب ويوسف وأخوته، فلم يقدر
يعقوب على دفع البلاء عن نفسه ولاعن يوسف وولده، فدفعه إليهم وهو لذلك
كاره متوقع للبلوى من الله في يوسف، فلما خرجوا من منزلهم لحقهم مسرعا،
فانتزعه من أيديهم فضمه إليه واعتنقه وبكى ودفعه إليهم فانطلقوا به مسرعين مخافة
ان يأخذه منهم ولا يدفعه إليهم، فلما أمعنوا به أتوا به غيضة أشجار، فقالوا
نذبحه ونلقيه تحت هذه الشجرة، فيأكله الذئب الليلة، فقال كبيرهم: (لا تقتلوا
يوسف ولكن القوة في غيابت الجب يلتقطه بعض السيارة ان كنتم فاعلين)
فانطلقوا به إلى الجب فألقوه فيه وهم يظنون أنه يغرق فيه فلما صار في قعر الجب
ناداهم: يا ولد رومين أقرؤا يعقوب مني السلام، فلما سمعوا كلامه قال بعضهم
لبعض: لا تزالوا من هاهنا حتى تعلموا أنه قد مات، فلم يزالوا بحضرته حتى
أمسوا ورجعوا إلى أبيهم عشاء يبكون، قالوا: يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا
يوسف عند متاعنا فأكله الذئب، فلما سمع مقالتهم استرجع واستعبر وذكر ما
أوحى الله عز وجل إليه من الاستعداد للبلاء، فصبر وأذعن للبلاء، وقال لهم:
بل سولت لكم أنفسكم أمرا وما كان الله ليطعم لحم يوسف للذئب من قبل ان
رأى تأويل رؤياه الصادقة.
قال أبو حمزة: ثم انقطع حديث علي بن الحسين عليه السلام عند هذا، فلما
كان من الغد غدوت عليه، فقلت له: جعلت فداك انك حدثتني أمس بحديث
يعقوب وولده، ثم قطعته ما كان من قصة أخوة يوسف وقصة يوسف بعد ذلك
47

فقال إنهم لما أصبحوا قالوا انطلقوا بنا حتى ننظر ما حال يوسف أمات أم هو حي؟
فلما انتهوا إلى الجب وجدوا بحضرة الجب سيارة، وقد أرسلوا واردهم فأدلى دلوه
فلما جذب دلوه، إذا هو بغلام متعلق بدلوه، فقال لأصحابه يا بشرى هذا غلام
فلما أخرجوه أقبل إليهم أخوة يوسف فقالوا هذا عبدنا سقط منا أمس في هذا
الجب، وجئنا اليوم لنخرجه فانتزعوه من أيديهم وتنحوا به ناحية فقالوا: اما ان
تقر لنا انك عبد لنا فنبيعك على بعض هذه السيارة، أو نقتلك؟ فقال لهم يوسف
لا تقتلوني واصنعوا ما شئتم، فاقبلوا به إلى السيارة، فقالوا: أمنكم من يشتري منا
هذا العبد؟ فاشتراه رجل منهم بعشرين درهما، وكان أخوته فيه من الزاهدين،
وسار به الذي اشتراه من البدو حتى أدخله مصر فباعه الذي اشتراه من البدو من
ملك مصر، وذلك قول الله عز وجل: (وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي
مثواه عسى ان ينفعنا أو نتخذه ولدا).
قال أبو حمزة: فقلت لعلي بن الحسين عليه السلام: ابن كم كان يوسف يوم
ألقوه في الجب؟ فقال كان ابن تسع سنين، فقلت كم كان بين منزل يعقوب
يومئذ وبين مصر؟ فقال: مسيرة اثنى عشر يوما، قال وكان يوسف من أجمل أهل
زمانه فلما راهق يوسف راودته امرأة الملك عن نفسه فقال لها: معاذ الله إنا من
أهل بيت لا يزنون، فغلقت الأبواب عليها وعليه، وقالت لا تخف وألقت نفسها
عليه فأفلت منها هاربا إلى الباب ففتحه فلحقته فجذبت قميصه من خلفه، فأخرجته
منه فأفلت يوسف منها في ثيابه، وألفيا سيدها لدى الباب، قالت: ما جزاء من
أراد بأهلك سوء إلا أن يسجن أو عذاب اليم، قال فهم الملك بيوسف ليعذبه
فقال له يوسف: وإله يعقوب: ما أردت بأهلك سوء بل هي راودتني عن نفسي
فسل هذا الصبي أينا راود صاحبه عن نفسه، قال: وكان عندها من أهلها صبي
زاير لها، فأنطق الله الصبي لفصل القضاء، فقال: أيها الملك انظر إلى قميص يوسف
فإن كان مقدودا من قدامة فهو الذي راودها، وإن كان مقدودا من خلفه فهي
48

التي راودته، فلما سمع الملك كلام الصبي وما اقتص أفزعه ذلك فزعا شديدا، فجئ بالقميص فنظر إليه فلما رأوه مقدودا من خلفه، قال لها: انه من كيدكن، وقال
ليوسف أعرض عن هذا ولا يسمعه منك أحد وأكتمه، قال: فلم يكتمه يوسف
وأذاعه في المدينة حتى قلن نسوة منهن امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه فبلغها
ذلك فأرسلت إليهن وهيئت لهن طعاما ومجلسا، ثم أتتهن بأترج، وآتت كل واحدة
منهن سكينا، ثم قالت ليوسف: أخرج عليهن، فلما رأينه أكبرنه وقطعن
أيديهن وقلن ما قلن، فقالت لهن: هذا الذي لمتنني فيه يعني في حبه، وخرجن
النسوة من عندها، فأرسلت كل واحدة منهن إلى يوسف سرا من صاحبتها تسأله
الزيارة فأبى عليهن، وقال: إلا تصرف عنى كيدهن أصب إليهن واكن من
الجاهلين، فصرف الله عنه كيدهن، فلما شاع أمر يوسف وأمر امرأة العزيز
والنسوة في مصر، بدا للملك بعد ما سمع قول الصبي ليسجنن يوسف، فسجنه في
السجن ودخل السجن مع يوسف فتيان، وكان مع قصتهما وقصة يوسف ما قصة
الله في الكتاب.
قال أبو حمزة ثم انقطع حديث علي بن الحسين صلوات الله عليه.
وسمعت محمد بن عبد الله بن محمد بن طيفور يقول في قول يوسف " ع ":
رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه، ان يوسف رجع إلى اختيار نفسه فاختار
السجن فوكل إلى اختياره، والتجئ نبي الله محمد صلى الله عليه وآله إلى الخيار فتبرأ من
الاختيار، ودعا دعاء الافتقار، فقال على روية الاضطرار: يا مقلب القلوب
والابصار، ثبت قبلي على طاعتك، فعوفي من العلة وعصم، فاستجاب الله له، وأحسن
إجابته، وهوان الله عصمه ظاهرا وباطنا.
وسمعته يقول في قول يعقوب: هل آمنكم عليه إلا كما آمنتكم على أخيه من
قبل، ان هذا مثل قول النبي صلى الله عليه وآله: لا يلسع المؤمن من جحر مرتين، فهذا معناه
وذلك أنه سلم يوسف إليهم فغشوه حين اعتمد على حفظهم له وانقطع في رعايته إليهم
49

فألقوه في غيابة الجب وباعوه، فلما انقطع إلى الله عز وجل في الابن الثاني وسلمه
واعتمد في حفظه عليه، وقال: فالله خير حافظا، أقعده على سرير المملكة ورد
يوسف إليه، وخرج القوم من المحنة واستقامت أسبابهم.
وسمعته يقول في قول يعقوب: يا أسفا على يوسف انه عرض في التأسف
بيوسف وقد رأى في مفارقته فراقا آخر وفي قطيعته قطيعة أخرى، فتلهف عليها
وتأسف من أجلها كقول الصادق عليه السلام في معنى قوله عز وجل: (ولنذيقنهم
من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر) ان هذا فراق الأحبة في دار الدنيا ليستدلوا
به على فراق المولى، فكذلك يعقوب تأسف على يوسف من خوف فراق غيره،
فذكر يوسف لذلك.
(باب 42 - العلة التي من أجلها قال أخوة يوسف ليوسف " ع ")
(إن يسرق! فقد سرق أخ له من قبل)
1 - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال: حدثنا
جعفر بن محمد مسعود، عن أبيه قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله العلوي قال: حدثني علي بن محمد العلوي العمري قال: حدثني إسماعيل بن همام قال: قال الرضا
عليه السلام في قول الله عز وجل: (قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل،
فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم) قال كانت لإسحاق " ع " منطقة يتوارثها
الأنبياء الأكابر وكانت عند عمة يوسف، وكان يوسف عندها وكانت تحبه، فبعث
إليها أبوه ابعثيه إلي وارده إليك، فبعثت إليه دعه عندي الليلة أشمه، ثم أرسله
إليك غدوة، قال: فلما أصبحت أخذت المنطقة فربطتها في حقوه وألبسته قميصا
وبعثت به إليه وقالت سرقت المنطقة فوجدت عليه، وكان إذا سرق واحد في ذلك
الزمان دفع إلى صاحب السرقة فكان عبده.
2 - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال: حدثنا
جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، عن عبد الله بن محمد بن خالد قال: حدثني
50

الحسن بن علي الوشاء قال: سمعت علي بن موسى الرضا " ع " يقول: كانت
الحكومة في بني إسرائيل إذا سرق أحد شيئا استرق به، وكان يوسف " ع " عند
عمته وهو صغير، وكانت تحبه وكان لإسحاق " ع " منطقة ألبسها أباه يعقوب " ع "
وكانت عند ابنته، وان يعقوب طلب يوسف بأخذه من عمته فاغتمت لذلك وقالت
له دعه حتى أرسله إليك فأرسلته وأخذت المنطقة فشدتها في وسطه، تحت الثياب فلما
أتى يوسف أباه جاءت وقالت سرقت المنطقة، ففتشته فوجدتها في وسطه، فلذلك،
قال أخوة يوسف، حيث جعل الصاع في وعاء أخيه ان يسرق فقد سرق أخ له من
قبل، فقال لهم يوسف: ما جزاء من وجدنا في رحله، قالوا: هو جزاؤه كما جرت
السنة التي تجري فيهم، فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه، ثم استخرجها من وعاء أخيه
ولذلك قال أخوة يوسف (ان يسرق فقد سرق أخ له من قبل) يعنون المنطقة
فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم.
(باب 43 - العلة التي من أجلها أذن مؤذن العير التي فيها أخوة)
(يوسف: أيتها العير أنكم لسارقون)
1 - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال: حدثنا جعفر
بن محمد بن مسعود، عن أبيه قال: حدثنا إبراهيم بن علي قال: حدثنا إبراهيم ابن
إسحاق، عن يونس بن عبد الرحمان، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال:
سمعت أبا جعفر " ع " يقول: لا خير فيمن لا تقية له، ولقد قال: يوسف أيتها العير
أنكم لسارقون وما سرقوا.
2 - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال: حدثنا
جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه قال: حدثنا محمد بن أبي نصر قال: حدثني
أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة
عن أبي بصير، قال أبو عبد الله عليه السلام: التقية دين الله عز وجل، قلت
من دين الله؟ قال: فقال أي والله من دين الله. لقد قال يوسف: أيتها العير
51

إنكم لسارقون، والله ما كانوا سرقوا شيئا.
3 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن
أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله " ع " في قول
يوسف: أيتها العير إنكم لسارقون، قال: ما سرقوا وما كذب.
4 - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال: حدثنا
جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، عن محمد بن أحمد، عن إبراهيم بن إسحاق
النهاوندي، عن صالح بن سعيد، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله " ع "
قال سألته عن قول الله عز وجل في يوسف (أيتها العير إنكم لسارقون)
قال: إنهم سرقوا يوسف من أبيه، ألا ترى أنه قال لهم حين قالوا: ماذا تفقدون؟
قالوا نفقد صواع الملك، ولم يقولوا سرقتم صواع الملك، إنما عنى إنكم سرقتم
يوسف من أبيه.
(باب 44 - العلة التي من أجلها قال يعقوب لبنيه: يا نبي اذهبوا)
(فتحسسوا من يوسف وأخيه)
1 - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال: حدثنا
جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه قال: حدثنا محمد بن أبي نصر، عن أحمد بن
محمد، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن محمد بن إسماعيل، عن
حنان بن سدير، عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: إخبرني عن يعقوب
حين قال لولده: اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه، أكان علم أنه حي وقد
فارقه منذ عشرين سنة، وذهبت عيناه من الحزن؟ قال نعم علم أنه حي، قلت
وكيف علم؟ قال إنه دعا في السحر ان يهبط عليه ملك الموت، فهبط عليه تريال فهو
ملك الموت فقال له تريال ما حاجتك يا يعقوب؟ قال إخبرني عن الأرواح تقبضها
مجتمعة أو متفرقة، فقال بل متفرقة روحا روحا، قال: فمر بك روح يوسف، قال
لا قال: فعند ذلك علم أنه حي، فقال لولده: اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه.
52

(باب 45 - العلة التي من أجلها وجد يعقوب ريح يوسف)
(من مسيرة عشرة أيام)
1 - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال: حدثنا
جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، عن محمد بن أبي نصر قال: حدثنا أحمد بن
محمد بن عيسى، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد
عن إبراهيم بن أبي البلاد عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان
القميص الذي أنزل به على إبراهيم من الجنة في قصبة من فضة، وكان إذا لبس
كان واسعا كبيرا فلما فصلوا ويعقوب بالرملة، ويوسف بمصر، قال يعقوب إني
لأجد ريح يوسف عنى ريح الجنة حين فصلوا بالقميص لأنه كان من الجنة.
2 - وبهذا الاسناد، عن علي بن مهزيار، عن محمد بن إسماعيل السراج عن
بشر بن جعفر، عن مفضل الجعفي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول
أتدري ما كان قميص يوسف؟ قال: قلت لا، قال: إن إبراهيم لما أوقدت له النار
أتاه جبرئيل عليه السلام بثوب من ثياب الجنة وألبسه إياه، فلم يضره معه ريح
ولا برد ولا حر، فلما حضر إبراهيم الموت جعله في تميمة وعلقه على إسحاق، وعلقه
إسحاق على يعقوب، فلما ولد ليعقوب يوسف علقه عليه فكان في عضده حتى كان
من أمره ما كان، فلما أخرج يوسف القميص من التميمة وجد يعقوب ريحه وهو
قوله تعالى: (إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون) فهو ذلك القميص الذي انزل
به من الجنة، قلت:، جعلت فداك فإلى من صار هذا القميص؟ قال: إلى إهله وكل
نبي ورث علما أو غيره فقد إنتهى إلى محمد وآله.
3 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه
عن محمد بن أبي عمير، عن حفص أخي مرازم، عن أبي عبد الله " ع ": في قول
الله عز وجل (ولما فصلت العير) قال أبوهم (إني لأجد ريح يوسف لولا أن
تفندون) قال وجد يعقوب ريح قميص إبراهيم حين فصلت العير من مصر وهو بفلسطين.
53

باب 46 - العلة التي من أجلها قال يوسف لاخوته: لا تثريب عليكم)
(اليوم للوقت. ويعقوب قال لهم: سوف استغفر لكم ربى)
1 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا
أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني مولى بني هاشم قال: أخبرنا المنذر بن محمد قال:
حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الخزاز، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: قلت جعفر
ابن محمد عليه السلام أخبرني عن يعقوب " ع " لما قال له بنوه: يا أبانا استغفر لنا
ذنوبنا إنا كنا خاطئين، قال سوف استغفر لكم ربى، فأخر الاستغفار لهم ويوسف
عليه السلام لما قالوا له: تالله لقد آثرك الله علينا وان كنا لخاطئين. قال: لا تثريب
عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، قال: لان قلب الشاب أرق من
قلب الشيخ، وكانت جناية ولد يعقوب على يوسف، وجنايتهم على يعقوب إنما
كانت بجنايتهم على يوسف، فبادر يوسف إلى العفو عن حقه، وأخر يعقوب العفو
لان عفوه إنما كان عن حق غيره، فاخرهم إلى السحر ليلة الجمعة.
واما العلة التي كانت من أجلها عرف يوسف إخوته ولم يعرفوه لما دخلوا
عليه، فإني سمعت محمد بن عبد الله بن محمد بن طيفور يقول، في قول الله عز وجل
(وجاء أخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون) ان ذلك لتركهم حرمة
يوسف، وقد يمتحن الله المرء بتركه الحرمة، ألا ترى يعقوب عليه السلام حين
ترك حرمة يوسف، غيبوه من عينه فامتحن من حيث ترك الحرمة بغيبته عن عينه
لاعن قلبه عشرين سنة، وترك إخوة يوسف حرمته في قلوبهم حيث عادوه
وأرادوا القطيعة للحسد الذي في قلوبهم فامتحنوا في قلوبهم، كأنهم يرونه ولا
يعرفونه، ولم يكن لأخيه من أمه حسد مثل ما كان لاخوته، فلما دخل قال:
إني أنا أخوك على يقين فعرفه، فسلم من المحن فيه حين لم يترك حرمته
وهكذا العباد.
54

(باب 47 - العلة التي من أجلها لم يخرج من صلب يوسف نبي)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى العطار عن
محمد بن أحمد بن يحيى، عن يعقوب بن يزيد، عن غير واحد، رفعوه إلى أبي
عبد الله " ع " قال: لما تلقى يوسف يعقوب ترجل له يعقوب ولم يترجل له يوسف فلم
ينفصلا من العناق حتى أتاه جبرئيل فقال له: يا يوسف، ترجل لك الصديق، ولم
تترجل له، ابسط يدك، فبسطها فخرج نور من راحته، فقال له يوسف: ما هذا؟
قال: هذا آية لا يخرج من عقبك نبي عقوبة.
2 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن محمد بن يحيى العطار، عن الحسين
ابن الحسن بن أبان، عن محمد بن أورمة، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن
سالم، عن أبي عبد الله " ع " قال: لما أقبل يعقوب إلى مصر خرج يوسف " ع "
ليستقبله، فلما رآه يوسف هم بان يترجل ليعقوب، ثم نظر إلى ما هو فيه من
الملك، فلم يفعل، فلما سلم على يعقوب نزل عليه جبرئيل فقال له: يا يوسف ان الله
تبارك وتعالى يقول لك: ما منعك ان تنزل إلى عبدي الصالح إلا ما أنت فيه ابسط
يدك فبسطها فخرج من بين أصابعه نور، فقال له ما هذا يا جبرئيل، فقال هذا آية
لا يخرج من صلبك نبي أبدا عقوبة لك بما صنعت بيعقوب إذ لم تنزل إليه.
(باب 48 - العلة التي من أجلها تزوج يوسف زليخا)
1 - أبى رحمه الله قال، حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم
عن عبد الله بن المغيرة، عمن ذكره، عن أبي عبد الله " ع " قال: استأذنت زليخا
على يوسف، فقيل لها: إنا نكره ان نقدم بك عليه لما كان منك إليه، قالت: إني
لا أخاف من يخاف الله، فلما دخلت قال لها: يا زليخا مالي أراك قد تغير لونك؟
قالت: الحمد لله الذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيد، وجعل العبيد بطاعتهم ملوكا
قال لها: ما الذي دعاك يا زليخا إلى ما كان منك؟ قالت! حسن وجهك يا يوسف
فقال كيف لو رأيت نبيا يقال له محمد يكون في آخر الزمان أحسن منى وجها
55

وأحسن منى خلقا واسمح منى كفا. قالت: صدقت، قال وكيف علمت إني صدقت
قالت: لأنك حين ذكرته وقع حبه في قلبي. فأوحى الله عز وجل إلى يوسف إنها
قد صدقت إني قد أحببتها لحبها محمدا، فأمره الله تبارك وتعالى ان يتزوجها.
(باب 49 - العلة التي من أجلها سمى موسى موسى " ع ")
1 - حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه
قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا بمدينة السلام قال: حدثنا أبو عبد الله محمد
ابن خيلان قال: حدثني أبي: عن أبيه عن جده، عن عتاب بن أسيد قال:
حدثني مع سمع مقاتل بن سليمان يقول: إن الله تبارك وتعالى بارك على موسى بن
عمران " ع " وهو في بطن أمه بثلاثمائة وستين بركة، فالتقطه فرعون من بين الماء
والشجر وهو في التابوت، فمن ثم سمي موسى، وبلغة القبط الماء: مو، والشجر:
سى فسموه موسى لذلك.
(باب 50 - العلة التي من أجلها اصطفى الله عز وجل موسى)
(لكلامه دون خلقه)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد،
عن محمد بن أبي عمير عن علي بن يقطين، عن رجل، عن أبي جعفر " ع " قال: أوحى
الله عز وجل إلى موسى " ع ": أتدري لما اصطفيتك لكلامي دون خلقي؟ فقال
موسى: لا يا رب، فقال: يا موسى إني قلبت عبادي ظهرا لبطن فلم أجد فيهم أحدا
أذل لي منك نفسا. يا موسى انك إذا صليت وضعت خديك على التراب.
2 - حدثنا محمد بن الحسن رحمه الله قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن
محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن عمار قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن موسى عليه السلام: احتبس عنه الوحي
أربعين أو ثلاثين صباحا، قال فصعد على جبل بالشام يقال له: أريحا، فقال:
يا رب ان كنت حبست عني وحيك وكلامك لذنوب بني إسرائيل، فغفرانك القديم
56

قال فأوحى الله عز وجل إليه يا موسى بن عمران أتدري لم اصطفيتك لوحيي وكلامي
دون خلقي؟ فقال لاعلم لي يا رب، فقال: يا موسى إني أطلعت إلى خلقي إطلاعة
فلم أجد في خلقي أشد تواضعا لي منك، فمن ثم خصصتك بوحيي وكلامي من بين
خلقي. قال وكان موسى عليه السلام: إذا صلى لم ينفتل حتى يلصق خده الأيمن
بالأرض والأيسر.
(باب 51 العلة التي من أجلها جعل الله عز وجل موسى)
(خادما لشعيب عليهما السلام)
1 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا
أبو حفص عمر بن يوسف بن سليمان بن الريان قال: حدثنا القاسم بن إبراهيم الرقي
قال حدثنا محمد بن أحمد بن مهدي الرقي قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن
الزهري، عن أنس قال، قال رسول الله صلى الله وآله وسلم: بكى شعيب " ع "
من حب الله عز وجل حتى عمى، فرد الله عز وجل عليه بصره، ثم بكى حتى عمى
فرد الله عليه بصره، ثم بكى حتى عمى فرد الله عليه بصره، فلما كانت الرابعة
أوحى الله إليه: يا شعيب، إلى متى يكون هذا أبدا منك، إن يكن هذا خوفا من
النار فقد أجرتك، وان يكن شوقا إلى الجنة فقد أبحتك، قال إلهي وسيدي أنت
تعلم إني ما بكيت خوفا من نارك ولا شوقا إلى جنتك، ولكن عقد حبك على قلبي
فلست أصبر أو أراك، فأوحى الله جل جلاله إليه: اما إذا كان هذا هكذا فمن أجل
هذا سأخدمك كليمي موسى بن عمران.
قال مصنف هذا الكتاب: والله أعلم - يعني بذلك: لا أزال أبكى أو أراك
قد قبلتني حبيبا.
(باب 52 - العلة التي من أجلها لم يقتل فرعون موسى " ع ")
(لما قال ذروني أقتل موسى)
1 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا
57

محمد بن الحسن الصفار قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن
أسباط، عن إسماعيل بن منصور أبى زياد، عن رجل، عن أبي عبد الله " ع " في
قول فرعون! ذروني اقتل موسى من كان يمنعه؟ قال: منعته رشدته ولا يقتل
الأنبياء وأولاد الأنبياء إلا أولاد الزنا.
(باب 53 - العلة التي من أجلها أغرق الله عز وجل فرعون)
1 - حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أحمد الأسواري قال: حدثنا مكي
ابن أحمد بن سعدويه البرذعي قال: أخبرنا نوح بن الحسن أبو محمد قال: حدثنا
أحمد بن محمد قال: حدثنا محمد بن إبراهيم قال: حدثنا أيوب بن سويد الرملي، عن
عمرو بن الحارث، عن زيد بن أبي حبيب، عن عبد الله بن عمر قال: غار النيل
على عهد فرعون، فاتاه أهل مملكته فقالوا أيها الملك، أجر لنا النيل قال: إني
لم أرض عنكم، ثم ذهبوا فأتوه فقالوا: أيها الملك تموت البهايم وهلكت ولان لم
تجر لنا النيل لنتخذن إلها غيرك؟ قال اخرجوا إلى الصعيد فخرجوا فتنحى عنهم
حيث لا يرونه ولا يسمعون كلامه فالصق خده بالأرض وأشار بالسبابة وقال: اللهم
إني خرجت إليك خروج العبد الذليل إلى سيده وإني أعلم انك تعلم أنه لا يقدر
على اجرائه أحد غيرك فأجره، قال فجرى النيل جريا لم يجر مثله فأتاهم فقال لهم:
إني قد أجريت لكم النيل، فخروا له سجدا وعرض له جبرئيل فقال: أيها الملك
أعنى على عبد لي قال: فما قصته؟ قال إن عبدا لي ملكته على عبيدي، وخولته
مفاتيحي، فعاداني وأحب من عاداني، وعادى من أحببت، قال بئس العبد عبدك
لو كان لي عليه سبيل لأغرقته في بحر القلزم، قال: أيها الملك اكتب لي بذلك كتابا
فدعا بكتاب ودواة، فكتب ما جزاء العبد الذي يخالف سيده، فأحب من عادى
وعادى من أحب إلا يغرق في بحر القلزم، قال: أيها الملك اختمه لي، قال:
فختمه، ثم دفعه إليه فلما كان يوم البحر أتاه جبرئيل بالكتاب: فقال له خذ
هذا ما استحققت به على نفسك أو هذا ما حكمت به على نفسك.
58

2 - حدثنا عبد الواحد محمد بن عبدوس النيسابوري العطار رضي الله عنه
قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان النيسابوري قال: حدثنا
إبراهيم بن محمد الهمداني قال: قلت لأبي الحسن علي بن موسى الرضا " ع ": لأي
علة أغرق الله عز وجل فرعون وقد آمن به وأقر بتوحيده؟ قال: إنه آمن عند
رؤية البأس وهو غير مقبول:، وذلك حكم الله تعالى ذكره في السلف والخلف قال
الله تعالى: (فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم
يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا) وقال الله عز وجل: (يوم يأتي بعض آيات ربك
لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا) وهكذا
فرعون لما أدركه الغرق قال: آمنت انه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وانا
من المسلمين، فقيل له الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين، فاليوم ننجيك
ببدنك لتكون لمن خلفك آية، وقد كان فرعون من قرنة إلى قدمه في الحديد وقد
لبسه على بدنه، فلما أغرق ألقاه الله على نجوه من الأرض ببدنه ليكون لمن بعده
علامة فيرونه مع تثقله بالحديد على مرتفع من الأرض، وسبيل التثقيل ان يرسب
ولا يرتفع فكان ذلك آية وعلامة، ولعلة أخرى أغرق الله عز وجل فرعون وهي
انه استغاث بموسى لما أدركه الغرق ولم يستغث بالله فأوحى الله عز وجل إليه يا موسى
ما أغثت فرعون لأنك لم تخلقه ولو استغاث بي لأغثته.
(باب 54 - العلة التي من أجلها سمى الخضر حضرا، وعلل)
(ما أتاه مما يسخطه موسى " ع " من خرق السفينة)
(وقتل الغلام، وإقامة الجدار)
1 - حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا الحسن بن علي السكري قال
حدثنا محمد بن زكريا الجوهري البصري قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة عن
أبيه، عن جعفر بن محمد عليه السلام. أنه قال إن الخضر كان نبيا مرسلا بعثه الله
تبارك وتعالى إلى قومه: فدعاهم إلى توحيده والاقرار بأنبيائه ورسله وكتبه
59

وكانت آيته انه كان لا يجلس على خشبة يابسة، ولا أرض بيضاء إلا أزهرت
خضرا وإنما سمي خضرا لذلك، وكان اسمه باليا بن ملكان بن عابر بن أرفخشد
ابن سام بن نوح عليه السلام وان موسى لما كلمة الله تكليما، وانزل عليه التوراة
وكتب له في الألواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ، وجعل آيته في
يده وعصاه، وفي الطوفان والجرد والقمل والضفادع والدم وفلق البحر، وغرق الله
عز وجل فرعون وجنوده وعملت البشرية فيه حتى قال في نفسه: ما أرى ان الله
عز وجل خلق خلقا أعلم مني، فأوحى الله عز وجل إلى جبرئيل: يا جبرئيل أدرك
عبدي موسى قبل ان يهلك، وقل له ان عند ملتقى البحرين رجلا عابدا فاتبعه وتعلم
منه، فهبط جبرئيل على موسى بما أمره به ربه عز وجل فعلم موسى ان ذلك لما
حدثت به نفسه، فمضى هو وفتاه يوشع بن نون عليه السلام حتى انتهيا إلى ملتقى
البحرين فوجدا هناك الخضر عليه السلا م يعبد الله عز وجل، كما قال عز وجل في
كتابه: (فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما)
قال موسى: هل اتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا؟ قال له الخضر: انك
لن تستطيع معي صبرا لأني وكلت بعلم لا تطيقه ووكلت أنت بعلم لا أطيقه، قال
موسى له: بل أستطيع معك صبرا، فقال له الخضر: ان القياس لا مجال له في علم
الله وأمره، وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا؟ قال موسى ستجدني إن شاء الله
صابرا ولا أعصي لك أمرا، فلما استثنى المشية قبله، قال فإن اتبعتني فلا تسألني
عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا، فقال موسى " ع " لك ذلك علي فانطلقا حتى
إذا ركبا في السفينة خرقها الخضر " ع " فقال له موسى " ع ": أخرقتها لتغرق
أهلها: لقد جئت شيئا أمرا قال: ألم أقل لك انك لن تسطيع معي صبرا، قال
موسى: لا تؤاخذني بما نسيت - أي بما تركت من أمرك، ولا ترهقني من أمري
عسرا فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله الخضر عليه السلام فغضب موسى وأخذ
بتلابيبه وقال له: أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا، قال له الخضر
60

ان العقول لا تحكم على أمر الله تعالى ذكره بل أمر الله يحكم عليها، فسلم لما ترى
مني واصبر عليه، فقد كنت علمت أنك لن تستطيع معي صبرا، قال موسى:
ان سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا، فانطلقا حتى إذا
أتيا أهل قرية - وهي الناصرة، وإليها تنسب النصارى - واستطعما أهلها فأبوا أن
يضيفوهما، فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض، فوضع الحضر عليه السلام يده عليه
فأقامه، فقال له موسى: لو شئت لاتخذت عليه أجرا. قال له الخضر: هذا فراق
بيني وبينك، سأنبئك بتأويل ما لم يستطع عليه صبرا، فقال أما السفينة فكانت
لمساكين يعملون في البحر فأردت ان أعيبها، وكان ورائهم ملك يأخذ كل سفينة
صالحة غصبا، فأردت بما فعلت ان تبقى لهم ولا يغصبهم الملك عليها، فنسب
الأنانية في هذا الفعل إلى نفسه لعله ذكر التعييب، لأنه أراد أن يعيبها عند الملك
إذا شاهدها فلا يغصب المساكين عليها، وأراد الله عز وجل صلاحهم بما أمره به
من ذلك، ثم قال: وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين، وطلع كافرا، وعلم الله تعالى
ذكره ان بقي كفرا أبواه وافتتنا به وضلا بإضلاله إياهما، فأمرني الله تعالى ذكره
بقتله وأراد بذلك نقلهم إلى محل كرامته في العاقبة، فاشترك بالأنانية بقوله: فخشينا
أن يرهقهما طغيانا وكفرا، فأردنا ان يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما
وإنما اشترك في الأنانية لأنه خشي والله لا يخشى لأنه لا يفوته شئ ولا يمتنع
عليه أحد أراده، وإنما خشي الخضر، من أن يحال بينه وبين ما أمر فيه فلا يدرك
ثواب الامضاء فيه، ووقع في نفسه ان الله تعالى ذكره جعله سببا لرحمة أبوى الغلام
فعمل فيه وسط الامر من البشرية مثل ما كان عمل في موسي عليه السلام لأنه صار
في الوقت مخبرا، وكليم الله موسى عليه السلام مخبرا ولم يكن ذلك باستحقاق للخضر
عليه السلام للرتبة على موسى عليه السلام وهو أفضل من الخضر بل كان لاستحقاق
موسى لتبيين، ثم قال: وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة، وكان تحته
كنز لهما، وكان أبوهما صالحا، ولم يكن ذلك كنز بذهب ولا فضة، ولكن
61

كان لوحا من ذهب فيه مكتوب: عجب لمن أيقن بالموت كيف يفرح؟! عجب لمن
أيقن بالقدر كيف يحزن؟! عجب لمن أيقن ان البعث حق كيف يظلم؟! عجب لمن
يرى الدنيا وتصرف أهلها حالا بعد حال كيف يطمئن إليها؟! وكان أبوهما صالحا
كان بينهما وبين هذا الأب الصالح سبعون أبا فحفظهما الله بصلاحه، ثم قال: فأراد
ربك ان يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما، فتبرأ من الأنانية في آخر القصص
ونسب الإرادة كلها إلى الله تعالى ذكره في ذلك لأنه لم يكن بقي شئ مما فعله فيخبر
به بعد ويصير موسى عليه السلام به مخبرا و مصغيا إلى كلامه تابعا له فتجرد من
الأنانية والإرادة تجرد العبد المخلص، ثم صار متنصلا مما أتاه من نسبه الأنانية
في أول القصة، ومن ادعاء الاشتراك في ثاني القصة، فقال: رحمة من ربك وما
فعلته عن أمري، ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبرا، ثم قال جعفر بن محمد " ع "
ان أمر الله تعالى ذكره لا يحمل على المقاييس ومن حمل أمر الله على المقاييس هلك
وأهلك ان أول معصية ظهرت الأنانية عن إبليس اللعين حين أمر الله تعالى ذكره
ملائكته بالسجود لآدم، فسجدوا وأبى إبليس اللعين ان يسجد، فقال عز وجل
ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك، قال: أنا خير منه، خلقتني من نار وخلقته من
طين، فكان أول كفرة قوله: أنا خير منه، ثم قياسه بقوله: خلقتني من نار
وخلقته من طين، فطرده الله عز وجل عن جواره، ولعنه وسماه رجيما وأقسم
بعزته لا يقيس أحد في دينه إلا قرنه مع عدوه إبليس في أسفل درك من النار.
قال مصنف هذا الكتاب: ان موسى عليه السلام مع كمال عقله وفضله ومحله
من الله تعالى ذكره، لم يستدرك باستنباطه واستدلاله معنى أفعال الخضر " ع "
حتى اشتبه عليه وجه الامر فيه وسخط جميع ما كان يشاهده حتى أخبر بتأويله
فرضى، ولو لم يخبر بتأويله لما أدركه ولو فنى في الكفر عمره فإذا لم يجز لأنبياء
الله ورسله صلوات الله عليهم، القياس والاستنباط والاستخراج، كان من دونهم
من الأمم أولى بان لا يجوز لهم ذلك.
62

2 - وسمعت أبا جعفر محمد بن عبد الله بن طيفور الدامغاني الواعظ بفرغانة
يقول في خرق الخضر عليه السلام السفينة، وقتل الغلام، وإقامة الجدار إن تلك
إشارات من الله تعالى لموسى عليه السلام وتعريض بها إلى ما يريد ه من تذكيره لمنن
سابقة لله عز وجل عليه نبهه عليها وعلى مقدارها من الفضل ذكره بخرق السفينة،
انه حفظه في الماء حين ألقته أمه في التابوت، وألقت التابوت في اليم وهو طفل
ضعيف لا قوة له، فأراد بذلك، ان الذي حفظك في التابوت الملقى في اليم هو الذي
يحفظهم في السفينة، وأما قتل الغلام: فإنه كان قد قتل رجلا في الله عز وجل،
وكانت تلك زلة عظيمة عند من لم يعلم أن موسى نبي، ذكره بذلك منته عليه حين
دفع عنه كيد من أراد قتله به، واما إقامة الجدار، من غير أجر فان الله عز وجل
ذكره بذلك فضلة فيما أتاه من ابنتي شعيب حين سقى لهما وهو جايع ولم يبتغ على
ذلك اجرا مع حاجته إلى الطعام فنبهه عز وجل على ذلك ليكون شاكرا مسرورا
وأما قول الخضر لموسى عليه السلام: هذا فراق بيني وبينك، فإن ذلك كان من
جهة موسى حيث قال إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني. فموسى عليه السلام
هو الذي حكم بالمفارقة لما قال له فلا تصاحبني، وان موسى عليه السلام: أختار
سبعين رجلا من قومه لميقات ربه، فلم يصبروا بعد سماع كلام الله عز وجل حتى
تجاوزوا الحد، بقولهم: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة
بظلمهم فماتوا، ولو أختارهم الله عز وجل لعصمهم ولما أختار من يعلم منه تجاوز
الحد فإذا لم يصلح موسى " ع " للاختيار مع فضلة ومحله، فكيف تصلح الأمة
لاختيار الامام بآرائها وكيف يصلحون لاستنباط الاحكام واستخراجها بعقولهم
الناقصة وآرائهم المتفاوتة وهمهم المتباينة وإراداتهم المختلفة، تعالى الله عن الرضا
باختيارهم علوا كبيرا.
وأفعال أمير المؤمنين صلوات الله عليه مثلها مثل أفاعيل الخضر " ع "، وهي
حكمة وصواب، وان جهل الناس وجه الحكمة والصواب فيها.
63

3 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا
محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن
الحسين بن علوان، عن الأعمش، عن عباية الأسدي قال: كان عبد الله بن العباس
جالسا على شفير زمزم يحدث الناس، فلما فرغ من حديثه، أتاه رجل فسلم عليه
ثم قال: يا عبد الله إني رجل من أهل الشام، فقال: أعوان كل ظالم إلا من
عصم الله منكم، سل عما بدا لك، فقال: يا عبد الله بن عباس إني جئتك أسألك عمن
قتله علي بن أبي طالب من أهل لا إله إلا الله لم يكفروا بصلاة، ولا بحج ولا بصوم
شهر رمضان، ولا بزكاة، فقال له عبد الله: ثكلتك أمك، سل عما يعنيك ودع
مالا يعنيك، فقال: ما جئتك أضرب إليك من حمص للحج ولا للعمرة ولكني
أتيتك لتشرح لي أمر علي بن أبي طالب وفعاله، فقال له: ويلك ان علم العالم
صعب لا تحتمله ولا تقربه القلوب الصدئة، أخبرك ان علي بن أبي طالب كان مثله
في هذه الأمة كمثل موسى والعالم عليهما السلام. وذلك أن الله تبارك وتعالى قال
في كتابه: يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما أتيتك
وكن من الشاكرين وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل
شئ) فكان موسى يرى أن جميع الأشياء قد أثبتت له، كما ترون أنتم ان
علماؤكم قد أثبتوا جميع الأشياء، فلما انتهى موسى عليه السلام إلى ساحل البحر
فلقي العالم، فاستنطق بموسى ليصل علمه. ولم يحسده كما حسدتم أنتم علي بن أبي
طالب وأنكر تم فضلة، فقال له موسى عليه السلام: هل اتبعك على أن تعلمني مما
علمت رشدا، فعلم العالم ان موسى لا يطيق بصحبته، ولا يصبر على علمه، فقال
له: انك لن تستطع معي صبرا، وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا؟ فقال له
موسى: ستجدني انشاء الله صابرا لا أعصي لك أمرا. فعلم العالم ان موسى
لا يصبر على علمه، فقال: فإن اتبعتني فلا تسألني عن شئ حتى أحدث لك منه
ذكرا، قال فركبا في السفينة فخرقها العالم وكان خرقها لله عز وجل رضى. وسخط
64

ذلك موسى ولقى الغلام فقتله، فكان قتله الله عز وجل رضى، وسخط ذلك موسى
وأقام الجدار فكان إقامته لله عز وجل رضى، وسخط موسى. كذلك كان علي بن أبي
طالب على السلام لم يقتل إلا من كان قتله لله رضى، ولأهل الجهالة من الناس
سخطا اجلس حتى أخبرك ان رسول الله صلى الله عليه وآله تزوج زينب بنت جحش، فأولم
وكانت وليمته الحيس، وكان يدعو عشرة عشرة، فكانوا إذا أصابوا إطعام
رسول الله صلى الله عليه وآله استأنسوا إلى حديثه واستغنموا النظر إلى وجهه، وكان رسول الله
صلى الله عليه وآله يشتهى أن يخففوا عنه، فيخلو له المنزل لأنه حديث عهد بعرس، وكان
يكره أذى المؤمنين له، فأنزل الله عز وجل فيه (قرانا أدبا للمؤمنين) وذلك قوله
عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام
غير ناظرين اناه، ولكن إذا دعيتم فأدخلوا، فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين
لحديث ان ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم، والله لا يستحيى من الحق) فلما
نزلت هذه الآية كان الناس إذا أصابوا طعام نبيهم صلى الله عليه وآله لم يلبثوا أن يخرجوا.
قال: فلبث رسول صلى الله عليه وآله سبعة أيام، وليا لهن عند زينب بنت جحش، ثم تحول
إلى بيت أم سلمة ابنة أبى أمية، وكان ليلتها وصبيحة يومها من رسول الله صلى الله عليه وآله
قال: فلما تعالى النهار إنتهى علي عليه السلام إلى الباب فدقه دقا خفيفا له، عرف
رسول الله صلى الله عليه وآله دقه وأنكرته أم سلمة، فقال يا أم سلمة: قومي فافتحي له الباب
فقالت: يا رسول الله من هذا الذي يبلغ من خطره، ان أقوم له فافتح له الباب
وقد نزل فينا بالأمس ما قد نزل من قول الله عز وجل: (وإذا سئلتموهن متاعا
فاسألوهن من وراء حجاب) فمن هذا الذي بلغ من خطره ان استقبله بمحاسني
ومعاصمي، قال: فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله كهيئة المغضب: من يطع الرسول فقد
أطاع الله. قومي فافتحي له الباب: فإن بالباب رجلا ليس بالخرق ولا بالنزق ولا
بالعجول في أمره، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله وليس بفاتح الباب حتى
يتوارى عنه الوطئ، فقامت أم سلمة: وهي لا تدري من الباب غير أنها قد
65

حفظت النعت والمدح فمشت نحو الباب وهي تقول: بخ بخ لرجل يحب الله ورسوله
ويحبه الله ورسوله. ففتحت له الباب، قال فامسك بعضادتي الباب ولم يزل قايما
حتى خفى عنه الوطئ، ودخلت أم سلمة خدرها، ففتح الباب ودخل فسلم على
رسول الله صلى الله عليه وآله فقال رسول الله: يا أم سلمة تعرفينه؟ قالت
نعم وهنيئا له، هذا علي بن أبي طالب، فقال: صدقت يا أم سلمة هذا علي بن أبي
طالب، لحمه من لحمي، ودمه من دمي، وهو منى بمنزلة هارون من موسى إلا
أنه لا نبي بعدي، يا أم سلمة: إسمعي واشهدي، هذا علي بن أبي طالب
أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وهو عيبة علمي، وبابي الذي أوتى منه، وهو الوصي
بعدي على الأموات من أهل بيتي، والخليفة على الاحياء من أمتي، وأخي في الدنيا
والآخرة، وهو معي في السنام الاعلى، اشهدي يا أم سلمة واحفظي: انه يقاتل
الناكثين والقاسطين والمارقين. فقال الشامي: فرجت عنى يا عبد الله، أشهد أن علي
ابن أبي طالب مولاي ومولى كل مسلم.
(باب 55 - العلة التي من أجلها قال الله تعالى لموسى حين كلمة: فاخلع)
(نعليك، وعلة قول موسى: وأحلل عقدة من لساني)
1 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا
محمد بن الحسن الصفار قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير عن
أبان بن عثمان، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال الله
عز وجل لموسى " ع ": فاخلع نعليك، لأنها كانت من جلد حمار ميت.
2 - حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن نصر البخاري المقري قال: حدثنا
أبو عبد الله الكوفي الفقيه بفرغانة، باسناد متصل إلى الصادق جعفر بن محمد " ع "
أنه قال: في قول الله عز وجل لموسى " ع ": (فاخلع نعليك) قال: يعني ارفع خوفيك
يعنى خوفه من ضياع أهله، وقد خلفها تمخض، وخوفه من فرعون.
66

3 - وسمعت أبا جعفر محمد بن عبد الله بن طيقور الدامغاني الواعظ يقول:
في قول موسى " ع ": واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي قال يقول: إني أستحيي
ان أكلم بلساني الذي كلمتك به غيرك، فيمنعني حيائي منك عن محاورة غيرك،
فصارت هذه الحال عقدة علي لساني، فاحللها بفضلك، واجعل لي وزيرا من أهلي
هارون أخي معناه: انه سأل الله عز وجل ان يأذن له في أن يعبر عنه هارون،
فلا يحتاج ان يكلم فرعون بلسان كلم الله عز وجل به.
(باب 56 - العلة التي من أجلها قال الله عز وجل لموسى وهارون)
(إذهبا إلى فرعون انه طغى، فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى)
1 - حدثنا الحاكم أبو محمد جعفر بن نعيم بن شاذان النيسابوري رضي الله عنه
، عن عمه أبى عبد الله محمد بن شاذان قال: حدثنا الفضل بن شاذان، عن محمد
ابن أبي عمير قال: قلت لموسى بن جعفر عليه السلام: إخبرني عن قول الله عز وجل
لموسى وهارون: إذهبا إلى فرعون انه طغى، فقولا له قولا لينا، لعله يتذكر
أو يخشى؟ فقال أما قوله: فقولا له قولا لينا - أي كنياه وقولا له يا أبا مصعب
وكان أسم فرعون: أبا مصعب الوليد بن مصعب، وأما قوله: لعله يتذكر أو يخشى
فإنما قال ليكون أحرص لموسى على الذهاب، وقد علم الله عز وجل ان فرعون
لا يتذكر ولا يخشى إلا عند رؤية البأس، ألا تسمع الله عز وجل يقول: (حتى
إذا أدركه الغرق قال آمنت انه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وانا من المسلمين)
فلم يقبل الله إيمانه، وقال (الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين).
(باب 57 - العلة التي من أجلها سمى الجبل الذي كان عليه موسى)
(لما كلمة الله عز وجل: طور سيناء)
1 - حدثنا محمد بن علي بشار القزويني رضي الله عنه قال: حدثنا المظفر
ابن احمد أبو الفرج القزويني قال: حدثنا محمد بن جعفر الأسدي الكوفي قال:
حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم
67

عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن العباس قال: إنما سمي الجبل الذي كان عليه
موسى " ع " طور سيناء لأنه جبل كان عليه شجرة الزيتون، وكل جبل يكون عليه
ما ينتفع به من النبات والأشجار من الجبال سمي طور سيناء، وطور سنين وما لم
يكن عليه ما ينتفع به من النبات والأشجار من الجبال سمي طور، ولا يقال
طور سيناء، ولا طور سينين.
(باب 58 - العلة التي من أجلها قال هارون لموسى عليهما السلام)
(يا بن أم، لا تأخذ بلحيتي، ولا برأسي، ولم يقل يا بن أبي)
1 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد، ومحمد بن أحمد الشيباني، والحسين بن
إبراهيم بن أحمد بن هشام رضي الله عنه قالوا: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي
الأسدي قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن زيد النوفلي،
عن علي بن سالم، عن أبيه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أخبرني عن
هارون، لم قال لموسى عليه السلام يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي، ولم يقل
يا بن أبي؟ فقال: ان العداوات بين الاخوة أكثرها تكون إذا كانوا بني علات،
ومتى كانوا بني أم قلت العداوات بينهم، إلا أن ينزغ الشيطان بينهم فيطيعوه،
فقال هارون لأخيه موسى: يا أخي الذي ولدته أمي ولم تلدني غير أمه لا تأخذ
بلحيتي ولا برأسي، ولم يقل يا بن أبي لان الأب إذا كانت أمهاتهم شتى لم تستبدع
العداوة بينهم إلا من عصمه الله منهم، وإنما تستبدع العداوة بين بني أم واحدة
قال قلت له: فلم أخذ برأسه يجره إليه وبلحيته، ولم يكن له في اتخاذهم العجل
وعبادتهم له ذنب؟ فقال: إنما فعل ذلك به لأنه لم يفارقهم لما فعلوا ذلك ولم يلحق
بموسى، وكان إذا فارقهم ينزل بهم العذاب، ألا ترى أنه قال له موسى: يا هارون
ما منعك إذا رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت أمري؟ قال هارون: لو فعلت ذلك
لتفرقوا وإني خشيت ان تقول لي فرقت بين بني إسرائيل، ولم ترقب قولي. قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: أخذ موسى برأس أخيه ولحيته أخذه
68

برأس نفسه ولحية نفسه على العادة المتعاطاة للناس إذا اغتم أحدهم أو أصابته مصيبة
عظيمة وضع يده على رأسه، وإذا دهته داهية عظيمة قبض على لحيته، فكأنه
أراد بما فعل انه يعلم هارون انه وجب عليه الاغتمام والجزع بما أتاه قومه ووجب
أن يكون في مصيبة بما تعاطوه، لان الأمة من النبي والحجة بمنزلة الأغنام من
راعيها ومن أحق بالاغتمام بتفريق الأغنام وهلاكها من راعيها، وقد وكل بحفظها
واستعبد بإصلاحها وقد وعد الثواب على ما يأتيه من إرشادها وحسن رعيتها،
وأوعد العقاب على ضد ذلك من تضييعها، وهكذا فعل الحسين بن علي عليهما السلام
لما ذكر القوم المحاربين له بحرماته فلم يرعوها قبض على لحيته وتكلم بما تكلم به،
وفي العادة أيضا ان يخاطب الأقرب ويعاتب على ما يأتيه العبد ليكون ذلك أزجر
للبعيد عن اتيان ما يوجب العتاب. وقد قال الله عز وجل لخير خلقه وأقربهم منه
صلى الله عليه وآله: لئن أشركت، ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين، وقد علم عز وجل
ان نبيه صلى الله عليه وآله لا يشرك به أبدا وإنما خاطبه بذلك وأراد به أمته. وهكذا موسى،
عاتب أخاه هارون وأراد بذلك أمته اقتداء بالله تعالى ذكره واستعمالا لعادات
الصالحين قبله وفي وقته
(باب 59 - العلة التي من أجلها حرم الصيد على اليهود يوم السبت)
1 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن
محمد بن عيسى، عن عبد الله بن محمد الحجال، عن علي بن عقبة، عن رجل عن أبي
عبد الله " ع " قال: إن اليهود أمروا بالامساك يوم الجمعة، فتركوا يوم الجمعة
وأمسكوا يوم السبت، فحرم عليهم الصيد يوم السبت.
(باب 60 - العلة التي من أجلها سمى فرعون ذا الأوتاد)
1 - حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب الرازي رضي الله عنه
قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان الأحمر
69

قال سألت أبا عبد الله " ع " عن قول الله عز وجل: وفرعون ذي الأوتاد لأي
شئ سمي ذا الأوتاد؟ قال: لأنه كان إذا عذب رجلا بسطه على الأرض على وجهه
ومد يديه ورجليه فأوتدها بأربعة أوتاد في الأرض، وربما بسطه على خشب منبسط
فوتد رجليه ويديه بأربعة أوتاد، ثم تركه على حاله حتى يموت، فسماه الله
عز وجل: (فرعون ذا الأوتاد) لذلك.
(باب 61 - العلة التي من أجلها تمنى موسى " ع " الموت)
(والعلة التي من أجلها لا يعرف قبره)
1 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن
أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله " ع " قال: إن
ملك الموت أتى موسى بن عمران " ع " فسلم عليه، فقال: من أنت؟ فقال: أنا ملك
الموت، فقال ما حاجتك؟ فقال له: جئت أقبض روحك، فقال له موسى: من أين
تقبض روحي؟ قال من فمك فقال له موسى: كيف وقد كلمت ربي عز وجل، فقال
من يديك، فقال له موسى: كيف وقد حملت بهما التوراة، فقال: من رجليك،
فقال: وكيف وقد وطئت بهما طور سيناء؟ قال: وعد أشياء غير هذا، قال: فقال
له ملك الموت فإني أمرت ان أتركك حتى تكون أنت الذي تريد ذلك، فمكث
موسى " ع " ما شاء الله ثم مر برجل وهو يحفر قبرا فقال له موسى: ألا أعينك على
حفر هذا القبر فقال له الرجل: بلى، قال فأعانه حتى حفر القبر ولحد اللحد فأراد
الرجل ان يضطجع في اللحد لينظر كيف هو؟ فقال له موسى: أنا أضطجع فيه،
فاضطجع موسى فرأى مكانه من الجنة، أو قال: منزله من الجنة، فقال: يا رب
اقبضني إليك فقبض ملك الموت روحه ودفنه في القبر وسوى عليه التراب. قال:
وكان الذي يحفر القبر ملك الموت في صورة آدمي، فلذلك لا يعرف قبر موسى عليه السلام.
70

(باب 62 - العلة التي من أجلها قال سليمان " ع ": رب اغفر لي)
(وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي)
1 حدثنا أحمد بن يحيى المكتب قال: حدثنا أحمد بن محمد الوراق أبو
الطيب قال: حدثنا علي بن هارون الحميري قال: حدثنا علي بن محمد بن سليمان
النوفلي قال: حدثني أبي، عن علي بن يقطين قال: قلت لأبي الحسن موسى بن
جعفر " ع " أيجوز أن يكون نبي الله عز وجل بخيلا؟ فقال لا، فقلت له: فقول
سليمان " ع " رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي، ما وجهه وما
معناه؟ فقال: الملك ملكان: ملك مأخوذ بالغلبة والجور وإجبار الناس، وملك
مأخوذ من قبل الله تعالى ذكره كملك آل إبراهيم، وملك طالوت، وملك ذي القرنين،
فقال سليمان " ع " هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي أن يقول: إنه مأخوذ
بالغلبة والجور وإجبار الناس، فسخر الله عز وجل له الريح تجري بأمره رخاء حيث
أصاب وجعل غدوها شهرا ورواحها شهرا، وسخر الله عز وجل له الشياطين كل بناء
وغواص، وعلم منطق الطير، ومكن في الأرض، فعلم الناس في وقته وبعده ان
ملكه لا يشبه ملك الملوك المختارين من قبل الناس والمالكين بالغلبة والجور، قال
فقلت له فقول رسول الله صلى الله عليه وآله رحم الله أخي سليمان بن داود ما كان أبخله، فقال
لقوله عليه السلام ما أبخله وجهان: أحدهما ما كان أبخله بعرضة وسوء القول فيه
والوجه الآخر يقول: ما كان أبخله إن كان أراد ما يذهب إليه الجهال. ثم قال
عليه السلام قد والله أوتينا ما أوتى سليمان وما لم يؤت سليمان وما لم يؤت أحد من
الأنبياء من العالمين، قال الله عز وجل في قصة سليمان: (هذا عطاؤنا فأمنن أو أمسك
بغير حساب). وقال عز وجل في قصة محمد صلى الله عليه وآله: (ما أتاكم الرسول فخذوه وما
نهاكم عنه فانتهوا).
71

(باب 63 - العلة التي من أجلها زيد في حروف اسم سليمان حرف من)
(حروف اسم أبيه داود " ع " والعلة التي من أجلها سمي داود داود " ع ")
(والعلة التي من أجلها سخرت الريح لسليمان " ع ")
(والعلة التي من أجلها تبسم من قول النملة ضاحكا)
1 - حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب القرشي قال: حدثنا منصور بن
عبد الله الأصفهاني الصوفي قال: حدثني علي بن مهرويه القزويني قال: حدثنا سليمان
الغازي قال: سمعت علي بن موسى الرضا " ع " يقول: عن أبيه موسى، عن أبيه
جعفر بن محمد عليهما السلام في قوله عز وجل: فتبسم ضاحكا من قولها. قال لما
قالت النملة: يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده حملت الريح
صوت النملة إلى سليمان وهو مار في الهواء والريح قد حملته فوقف وقال: علي بالنملة
فلما أتى بها قال سليمان: يا أيتها النملة أما علمت أنى نبي وإني لا أظلم أحدا قالت
النملة: بلى. قال سليمان: فلم حذرتهم ظلمي وقلت: يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم
قالت: خشيت ان ينظروا إلى زينتك فيفتتنوا بها فيعبدون غير الله تعالى ذكره،
ثم قالت النملة: أنت أكبر أم أبوك؟ قال سليمان: بل أبي داود، قالت النملة:
فلم زيد في حروف اسمك حرف على حروف اسم أبيك داود " ع " قال سليمان:
ما لي بهذا علم قالت النملة: لان أباك داود داوى جرحه (بود) فسمي داود وأنت
يا سليمان أرجو أن تلحق بأبيك، ثم قالت النملة: هل تدري لم سخرت لك الريح
من بين ساير المملكة؟ قال سليمان: ما لي بهذا علم. قالت النملة: يعنى عز وجل
بذلك - لو سخرت لك جميع المملكة كما سخرت لك هذه الريح لكان زوالها من
يدك كزوال الريح، فحينئذ فتبسم ضاحكا من قولها.
(باب 64 - العلة التي من أجلها صار عند الأرضة حيث كانت ماء وطين)
1 - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال: حدثنا
جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه قال: حدثنا محمد بن نصير، عن أحمد بن محمد
72

عن العباس بن معروف عن علي بن مهزيار، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي
وفضالة، عن أبان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر " ع " قال: إن الجن شكروا
الأرضة ما صنعت بعصا سليمان فما تكاد تراها في مكان إلا وعندها ماء وطين.
2 - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي
ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي
الحسن علي بن موسى الرضا " ع " عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد
عليه السلام قال إن سليمان بن داود " ع " قال ذات يوم لأصحابه ان الله تبارك
وتعالى: قد وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي، سخر لي الريح والانس
الجن والطير والوحوش، وعلمني منطق الطير، وآتاني من كل شئ، ومع جميع
ما أوتيت من الملك ما تم سروري يوم إلى الليل، وقد أحببت أن أدخل قصري في
غد فاصعد أعلاه وأنظر إلى ممالكي فلا تأذنوا لاحد علي لئلا يرد علي ما ينغص علي
يومى فقالوا: نعم، فلما كان من الغد أخذ عصاه بيده وصعد إلى أعلا موضع من
قصره ووقف متكيا على عصاه ينظر إلى ممالكه مسرورا بما أوتي، فرحا بما أعطي
إذ نظر إلى شاب حسن الوجه واللباس قد خرج عليه من بعض زوايا قصره فلما
أبصره سليمان قال له: من أدخلك إلى هذا القصر وقد أردت أن أخلو فيه اليوم:
وبإذن من دخلت؟ قال الشاب: أدخلني هذا القصر ربه، وباذنه دخلت فقال:
ربه أحق به مني فمن أنت؟ قال أنا ملك الموت قال: وفيما جئت؟ قال: جئت
لأقبض روحك، قال: امض لما أمرت به فهذا يوم سروري، وأبى الله عز وجل
أن يكون لي سرور دون لقائه. فقبض ملك الموت روحه وهو متكئ على عصاه،
فبقي سليمان متكيا على عصاه وهو ميت ما شاء الله والناس ينظرون إليه وهم يقدرون
انه حي فافتتنوا فيه واختلفوا، فمنهم من قال: إن سليمان قد بقي متكيا على عصاه هذه
الأيام الكثيرة ولم يتعب ولم ينم ولم يشرب ولم يأكل، انه لربنا الذي يجب
علينا ان نعبده، وقال قوم: ان سليمان ساحر وانه يرينا انه واقف متكئ على عصاه
73

يسحر أعيننا وليس كذلك، وقال المؤمنون: ان سليمان هو عبد الله ونبيه يدبر
الله أمره بما شاء، فلما اختلفوا. بعث الله عز وجل الأرضة فدبت في عصاة سليمان
فلما أكلت جوفها انكسرت العصاة وخر سليمان من قصره على وجهه، فشكرت
الجن للأرضة صنيعها، فلأجل ذلك لا توجد الأرضة في مكان إلا وعندها ماء
وطين، ذلك قول الله عز وجل: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة
الأرض تأكل منسأته) يعني عصاه - فلما خر تبينت الجن ان لو كانوا يعلمون
الغيب ما لبثوا في العذاب المهين، ثم قال الصادق " ع ": والله ما نزلت هذه الآية
هكذا وإنما نزلت: فلما خر تبينت الانس ان الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا
في العذاب المهين.
3 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن
أبيه إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن أبان، عن أبي نصير، عن أبي جعفر
عليه السلام قال: أمر سليمان بن داود الجن فصنعوا له قبة من قوارير، فبينما هو متكئ
على عصاه في القبة ينظر إلى الجن كيف يعلمون وهم ينظرون إليه إذ حانت منه التفاتة
فإذا رجل معه في القبة قال من أنت؟ قال أنا الذي لا أقبل الرشا ولا أهاب الملوك
أنا ملك الموت، فقبضه وهو قائم متكئ على عصاه في القبة والجن ينظرون إليه قال:
فمكثوا سنة يدأبون له حتى بعث الله عز وجل الأرضة فأكلت منسأته - وهي العصا
فلما خر تبينت الجن ان لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين.
قال أبو جعفر " ع " ان الجن يشكرون الأرضة ما صنعت بعصاة سليمان " ع "
فما تكاد تراها في مكان إلا وعندها ماء وطين.
4 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين
ابن الحسين بن أبان، عن محمد بن أورمة، عن الحسن بن علي، عن علي بن عقبة،
عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله " ع " قال: لقد شكرت الشياطين الأرضة حين
أكلت عصاة سليمان " ع " حتى سقط، وقالوا: عليك الخراب وعلينا الماء والطين
74

فلا تكاد تراها في موضع إلا رأيت ماء وطينا.
(باب 65 - العلة التي من أجلها ابتلى أيوب النبي عليه السلام)
1 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه، عن عمه محمد بن أبي القاسم
عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن أبي
بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنما كانت بلية أيوب التي ابتلى بها في
الدنيا لنعمة أنعم الله بها عليه فادى شكرها، وكان إبليس في ذلك الزمان لا يحجب
دون العرش فلما صعد عمل أيوب بأداء شكر النعمة حسده إبليس فقال: يا رب ان
أيوب لم يؤد شكر هذه النعمة إلا بما أعطيته من الدنيا فلو حلت بينه وبين دنياه
ما أدى إليك شكر نعمة فسلطني على دنياه حتى تعلم أنه لا يؤدي شكر نعمة فقال قد
سلطتك على دنياه فلم يدع له دنيا ولا ولدا إلا أهلكه كل ذلك وهو يحمد الله تعالى
ثم رجع إليه فقال يا رب ان أيوب يعلم انك سترد إليه دنياه التي أخذتها منه فسلطني
على بدنه حتى تعلم أنه لا يؤدي شكر نعمة، قال عز وجل: قد سلطتك على بدنه
ما عدا عينيه وقلبه ولسانه وسمعه. فقال أبو بصير: قال أبو عبد الله " ع " فانقض
مبادرا خشية ان تدركه رحمة الله عز وجل فتحول بينه وبينه فنفخ في منخريه من
نار السموم فصار جسده نقطا نقطا.
2 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن
محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء، عن درست الواسطي قال: قال أبو
عبد الله " ع " ان أيوب ابتلي من غير ذنب.
3 - وبهذا الاسناد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن فضل الأشعري، عن
الحسين بن المختار عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال ابتلى أيوب عليه السلام
سبع سنين بلا ذنب.
4 - وبهذا الاسناد عن الحسين بن علي الوشاء، عن فضل الأشعري، عن
الحسن بن الربيع بن علي الربعي عمن ذكره عن أبي عبد الله " ع " قال: إن الله
75

تبارك وتعالى ابتلى أيوب " ع " بلا ذنب فصبر حتى عير وان الأنبياء لا يصبرون
على التعيير.
5 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي
عبد الله البرقي عن أبيه عن عبد الله بن يحيى البصري عن عبد الله بن مسكان عن أبي
بصير قال سألت أبا الحسن الماضي " ع " عن بلية أيوب التي ابتلى بها في الدنيا
لأية علة كانت؟ قال: لنعمة أنعم الله عليه بها في الدنيا فادى شكرها وكان في ذلك
الزمان لا يحجب إبليس دون العرش فلما صعد أداء شكر نعمة أيوب حسده إبليس
فقال: يا رب ان أيوب لم يؤد إليك شكر هذه النعمة إلا بما أعطيته من الدنيا ولو
حرمته دنياه ما أدى إليك شكر نعمة ابدا قال: فقيل انى قد سلطتك على ماله
وولده قال: فانحدر إبليس فلم يبق له مالا ولا ولدا أعطيه فلما رأى إبليس انه
لا يصل إلى شئ من أمره قال: يا رب ان أيوب يعلم انك سترد عليه دنياه التي
اخذتها منه فسلطني عل بدنه قال: فقيل له انى قد سلطتك على بدنه ما خلا قلبه
ولسانه وعينيه وسمعه قال فانحدر إبليس مستعجلا مخافة ان تدركه رحمة الرب
عز وجل فتحول بينه وبين أيوب فلما اشتد به البلاء وكان في آخر بليته جاءه
أصحابه فقالوا له: يا أيوب ما نعلم أحدا ابتلى بمثل هذه البلية إلا لسريرة سوء
فعلك أسررت سوء في الذي تبدي لنا قال: فعند ذلك ناجي أيوب ربه عز وجل،
فقال رب ابتليتني بهذه البلية وأنت تعلم أنه لم يعرض لي أمران قط إلا لزمت
أخشنهما على بدني ولم آكل اكلة قط إلا وعلى خوانى يتيم فلو ان لي منك مقعد
الخصم لأدليت بحجتي قال فعرضت له سحابة فنطق فيها ناطق فقال: يا أيوب
أدل بحجتك قال: فشد عليه مئزره وجثا على ركبتيه فقال ابتليتني بهذه البلية
وأنت تعلم أنه لم يعرض لي أمران قط إلا لزمت أخشنهما على بدني، ولم آكل
أكلة من طعام إلا وعلى خواني يتيم قال: فقيل له يا أيوب من حبب إليك الطاعة
قال فأخذ كفا من تراب فوضعه في فيه ثم قال أنت يا رب.
76

(باب 66 - العلة التي من أجلها صرف الله عز وجل العذاب)
(عن قوم يونس وقد أظلهم ولم يصرف العذاب عن أمة قد أظلهم غيرهم)
1 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد رضي الله عنه، قال حدثنا محمد بن أبي
عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي
عن علي بن سالم عن أبيه، عن أبي بصير، قال قلت لأبي عبد الله " ع ": لأي
علة صرف الله عز وجل العذاب عن قوم يونس وقد أظلهم ولم يفعل كذلك بغيرهم
من الأمم فقال: لأنه كان في علم الله عز وجل انه سيصرفه عنهم لتوبتهم وأنما ترك
أخبار يونس بذلك لأنه عز وجل أراد أن يفرغه لعبادته في بطن الحوت، فيستوجب
بذلك ثوابه وكرامته.
2 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال حدثنا
محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي
ابن فضال، عن أبي المغراء حميد بن المثنى العجلي، عن سماعة انه سمعه " ع ": وهو
يقول مارد الله العذاب عن قوم أظلهم إلا قوم يونس، فقلت: أكان قد
أظلهم فقال: نعم حتى نالوه بأكفهم قلت: فكيف كان ذلك؟ قال: كان في العلم
المثبت عند الله عز وجل الذي لم يطلع عليه أحد انه سيصرفه عنهم.
(باب 67 - العلة التي من أجلها سمى إسماعيل بن حزقيل " ع " صادق الوعد)
1 - حدثنا أبي رضي الله عنه، قال حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب
ابن يزيد، عن علي بن أحمد بن أشيم، عن سليمان الجعفري، عن أبي الحسن الرضا
عليه السلام: قال أتدري لم سمى إسماعيل صادق؟ قال قلت: لا أدري قال:
وعد رجل فجلس له حولا ينتظره.
2 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله قال. قال حدثنا
محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير و محمد بن
سنان، عمن ذكره عن أبي عبد الله " ع " قال: إن إسماعيل الذي قال الله عز وجل
77

في كتابه: واذكر في الكتاب إسماعيل انه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا
لم يكن إسماعيل بن إبراهيم، بل كان نبيا من الأنبياء بعثه الله عز وجل إلى قومه
فأخذوه فسلخوا فروة رأسه ووجهه فاتاه ملك، فقال: ان الله عز وجل جلاله بعثني
إليك فمرني بما شئت، فقال: لي أسوة بما يصنع بالحسين " ع ".
3 - حدثنا أبي رضي الله عنه، قال حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب
ابن يزيد، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن سماعة، عن أبي بصير
عن أبي عبد الله " ع ": ان إسماعيل كان رسولا نبيا، سلط عليه قومه، فقشروا
جلدة وجهه وفروة رأسه فاتاه رسول من رب العالمين، فقال له ربك يقرئك السلام
ويقول: قد رأيت ما صنع بك وقد أمرني بطاعتك فمرني بما شئت فقال يكون لي
بالحسين بن علي " ع " أسوة.
4 - حدثنا أبي رضي الله عنه، قال حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد
ابن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان
عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان، قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وعد رجلا إلى صخرة فقال أنى لك هيهنا حتى تأتى
قال فاشتدت الشمس عليه فقال أصحابه: يا رسول الله لو أنك تحولت إلى الظل قال
قد وعدته إلى هيهنا وان لم يجئ كان منه المحشر.
(باب 68 - العلة التي من أجلها صار الناس أكثر من بني آدم)
1 حدثنا أبي رضي الله عنه، وقال حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد
ابن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، عن موسى بن جعفر البغدادي عن علي
ابن معبد عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان عن درست عن أبي خالد قال: سئل
أبو عبد الله عليه السلام: الناس أكثر أم بنو آدم؟ فقال: الناس قيل: وكيف
ذلك؟ قال لأنك إذا قلت الناس دخل آدم فيهم وإذا قلت بنو آدم فقد تركت آدم
لم تدخله مع بنيه فلذلك صار الناس أكثر من بني آدم وادخالك إياه معهم
78

ولما قلت بنو آدم نقص آدم من الناس.
(باب 69 - العلة التي من أجلها توقد النصارى النار ليلة)
(الميلاد وتلعب بالجوز)
1 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن شاذان بن أحمد بن عثمان البرواذي قال
حدثنا أبو علي محمد بن الحارث بن سفيان الحافظ السمرقندي قال حدثنا
صالح بن سعيد الترمذي قال حدثنا عبد المنعم بن إدريس عن أبيه عن وهب بن
منبه اليماني قال لما ألجأ المخاض من مريم عليها السلام إلى جذع النخلة اشتد عليها
البرد فعمد يوسف النجار إلى حطب فجعله حولها كالحظيرة تم أشعل فيه النار
فأصابتها سخونة الوقود من كل ناحية حتى دفئت وكسر لها سبع جوزات
وجدهن في خرجه فأطعمها فمن أجل ذلك توقد النصارى النار ليلة الميلاد
وتلعب بالجوز.
(باب 70 - العلة التي من أجلها لم يتكلم النبي صلى الله عليه وآله بالحكمة)
(حين خرج من بطن أمه كما تكلم عيسى " ع ")
1 أخبرنا أبو عبد الله محمد بن شاذان بن أحمد بن عثمان البرواذي قال
حدثنا أبو علي محمد بن الحارث بن سفيان الحافظ السمرقندي قال حدثنا
صالح بن سعيد الترمذي قال حدثنا عبد المنعم بن إدريس عن أبيه عن وهب بن
منبه اليماني قال إن يهوديا سأل النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد أكنت في أم الكتاب
نبيا قبل ان تخلق؟ قال: نعم قال: وهؤلاء أصحابك المؤمنون مثبتون معك قبل
ان يخلقوا؟ قال: نعم قال: فما شأنك لم تتكلم بالحكمة حين خرجت من بطن أمك
كما تكلم عيسى بن مريم على زعمك وقد كنت قبل ذلك نبيا فقال النبي صلى الله عليه وآله: انه
ليس أمري كأمر عيسى بن مريم، ان عيسى بن مريم خلقه الله عز وجل من أم
ليس له أب كما خلق آدم عليه السلام من غير أب ولا أم ولو أن عيسى حين خرج
من بطن أمه لم ينطق بالحكمة لم يكن لامه عذر عند الناس وقد أتت به من غير
79

أب وكانوا يأخذونها كما يؤخذ به مثلها من المحصنات. فجعل الله عز وجل منطقه
عذرا لامه.
(باب 71 العلة التي من أجلها قتل الكفار زكريا " ع ")
1 أخبرنا أبو عبد الله محمد بن شاذان بن أحمد بن عثمان البرواذي قال
حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن الحارث بن سفيان الحافظ السمرقندي. قال حدثنا
صالح بن سعيد الترمذي قال حدثنا عبد المنعم بن إدريس عن أبيه عن وهب بن
منبه اليماني قال: انطلق إبليس يستقري مجالس بني إسرائيل أجمع ما يكونون
ويقول في مريم ويقذفها بزكريا " ع " حتى التحم الشر وشاعت الفاحشة على زكريا
فلما رأى زكريا " ع " ذلك هرب واتبعه سفهاؤهم وشرارهم وسلك في واد كثير
النبت حتى إذا توسطه انفرج له جذع شجرة فدخل فيه " ع " وانطبقت عليه الشجرة
واقبل إبليس يطلبه معهم حتى انتهى إلى الشجرة التي دخل فيها زكريا فقاس لهم
إبليس الشجرة من أسفلها إلى أعلاها حتى إذا وضع يده على موضع القلب من
زكريا أمرهم فنشروا بمنشارهم وقطعوا الشجرة وقطعوه في وسطها ثم تفرقوا عنه
وتركوه وغاب عنهم إبليس حين فرغ مما أراد فكان آخر العهد منهم به ولم يصب
زكريا " ع " من ألم المنشار شئ ثم بعث الله عز وجل الملائكة: فغسلوا زكريا وصلوا
عليه ثلاثة أيام من قبل أن يدفن وكذلك الأنبياء عليهم السلام لا يتغيرون ولا
يأكلهم التراب ويصلى عليهم ثلاثة أيام ثم يدفنون.
(باب 72 - العلة التي من أجلها سمى الحواريون الحواريين والعلة)
(التي من أجلها سميت النصارى نصارى)
1 حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه
قال حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي، قال حدثنا علي بن الحسن بن علي بن
فضال، عن أبيه، قال قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: لم سمى الحواريون
الحواريين، قال أما عند الناس فإنهم سموا حواريين لأنهم كانوا قصارين يخلصون
80

الثياب من الوسخ بالغسل، وهو اسم مشتق من الخبز الحوار وأما عندنا: فسمى
الحواريون: الحوار، لأنهم كانوا مخلصين في أنفسهم، ومخلصين لغيرهم من أوساخ
الذنوب بالوعظ والتذكر قال: فقلت له، لم سمي النصارى نصارى؟ قال: لأنهم
كانوا من قرية اسمها ناصرة من بلاد الشام، نزلتها مريم ونزلها عيسى عليهما السلام
بعد رجوعهما من مصر.
(باب 73 - العلة التي من أجلها لا يجوز ضرب الأطفال على بكائهم)
1 - حدثنا أبو أحمد القاسم بن محمد بن أحمد السراج الهمداني قال: حدثنا
أبو القاسم جعفر بن محمد بن إبراهيم السرنديبي قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله
ابن هارون الرشيد بحلب قال: حدثنا محمد بن آدم بن أبي أياس قال: حدثنا ابن أبي
ذيب، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا تضربوا أطفالكم
على بكائهم، فان بكائهم أربعة أشهر شهادة: أن لا إله إلا الله وأربعة أشهر الصلاة
على النبي صلى الله عليه وآله وأربعة أشهر الدعاء لوالديه.
(باب 74 - علة جفاف الدموع، وقسوة القلوب، ونسيان الذنوب)
1 حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد
الهمداني قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، عن مروان بن مسلم
عن ثابت بن أبي صفية، عن سعد الخفاف، عن الأصبغ بن نباته، قال: قال
أمير المؤمنين " ع ": ما جفت الدموع إلا لقسوة القلوب، وما قست القلوب إلا
لكثرة الذنوب.
2 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن المقري
الخراساني، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه عليهم السلام
قال: أوحى الله عز وجل إلى موسى " ع ": يا موسى، لا تفرح بكثرة المال، ولا
تدع ذكري على كل حال، فإن كثرة المال تنسي الذنوب، وان ترك ذكري
يقسي القلوب.
81

(75 علة المشوهين في خلقهم)
1 أبى رحمه الله قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن
محمد، عن أبيه، عن الحسن بن عطية، عن ابن أبي عذافر الصيرفي قال: قال
أبو عبد الله " ع ": ترى هؤلاء المشوهين في خلقهم؟ قال: قلت نعم، قال: هم
الذين يأتي آباؤهم نساءهم في الطمث.
(باب 76 - العلة التي من أجلها صارت العاهات في أهل الحاجة أكثر)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله،، عن يعقوب بن يزيد، عن
محمد بن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله " ع " قال: إنما جعلت
العاهات في أهل الحاجة لئلا تستر، ولو جعلت في الأغنياء لسترت.
(باب 77 - العلة في خروج المؤمن من الكافر وخروج الكافر من المؤمن)
(والعلة في إصابة المؤمن السيئة، وفى إصابة الكفار الحسنة)
1 أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى
عن الحسن بن علي بن فضال، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله " ع " قال: إن
الله عز وجل: خلق ماء عذبا فخلق منه أهل طاعته، وجعل ماء مرا فخلق منه
أهل معصيته، ثم أمرهما فاختلطا، فلولا ذلك ما ولد المؤمن، إلا مؤمنا، ولا
الكافر إلا كافرا.
2 - حدثنا محمد بن الحسين رحمه الله قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار
عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله
ابن الجارود، عمن ذكره، عن علي بن الحسين عليه السلام قال: إن الله عز وجل:
خلق النبيين من طينة عليين وأبدانهم، وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة، وخلق
أبدانهم من دون ذلك، وخلق الكافرين من طينة سجين وقلوبهم وأبدانهم،
فخلط بين الطينتين فمن هذا الذي يلد المؤمن الكافر، ويلد الكافر المؤمن،
ومن هاهنا يصيب المؤمن السيئة، ويصيب الكافر الحسنة، فقلوب المؤمنين
82

تحن إلى ما خلقوا منه وقلوب الكافرين تحن إلى ما خلقوا منه.
3 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه قال: حدثني محمد بن يحيى العطار قال:
حدثني الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن أورمة، عن عمرو بن عثمان عن
المنقري، عن عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن حبة العرني، عن علي " ع " قال: إن
الله عز وجل: خلق آدم من أديم الأرض، فمنه السباخ، ومنه الملح، ومنه الطيب،
فكذلك في ذريته: الصالح، والطالح.
4 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثني محمد بن يحيى، عن
الحسين بن الحسن، عن محمد بن أورمة، عن محمد بن سنان، عن معاوية بن شريح
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل: أجرى ماء فقال له كن بحرا
عذبا أخلق منك جنتي وأهل طاعتي، وان الله عز وجل: أجرى ماء، فقال له: كن
بحرا مالحا أخلق منك ناري وأهل معصيتي، ثم خلطهما جميعا، فمن ثم يخرج
المؤمن من الكافر ويخرج الكافر من المؤمن، ولو لم يخلطهما لم يخرج من هذا
إلا مثله، ولا من هذا إلا مثله.
5 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن محمد
ابن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله
عليه السلام في حديث طويل يقول في آخره: مهما رأيت من نزق أصحابك وخرقهم فهو
مما أصابهم من لطخ أصحاب الشمال، وما رأيت من حسن شيم من خالفهم ووقارهم
فهو من لطخ أصحاب اليمين.
6 - حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد
ابن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي
عبد الله " ع " قال: سألته عن أول ما خلق الله عز وجل؟ قال: إن أول ما خلق الله
عز وجل ما خلق منه كل شئ، قلت: جعلت فداك وما هو؟ قال: الماء، ان الله
تبارك وتعالى: خلق الماء بحرين، أحدهما، عذب، والآخر ملح، فلما خلقهما نظر
83

إلى العذب، فقال يا بحر، فقال: لبيك وسعديك، قال: فيك بركتي ورحمتي
ومنك أخلق أهل طاعتي وجنتي، ثم نظر إلى الآخر فقال، يا بحر، فلم يجب فأعاد
عليه ثلاث مرات يا بحر! فلم يجب، فقال: عليك لعنتي ومنك أخلق أهل معصيتي
ومن أسكنته ناري، ثم أمرهما فامتزجا، قال: فمن ثم يخرج المؤمن من الكافر
والكافر من المؤمن.
7 - حدثنا محمد بن الحسن رحمه الله قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار
عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن أبان بن
عثمان وأبى الربيع يرفعانه، قال إن الله عز وجل: خلق ماء فجعله عذبا فجعل منه
أهل طاعته وخلق ماء مرا فجعل منه أهل معصيته، ثم أمرهما فاختلطا، ولولا ذلك
ما ولد المؤمن إلا مؤمنا ولا الكافر إلا كافرا.
(باب 78 - علة الذنب وقبول التوبة)
1 أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثني عبد الله بن
محمد، عن أبيه، عن أحمد بن النضر الخراز، عن عمر بن مصعب، عن فرات بن
الأخنف، عن أبي جعفر الباقر " ع " قال: لولا أن آدم أذنب ما أذنب مؤمن
ابدا، ولولا أن الله عز وجل تاب على آدم ما تاب على مذنب ابدا.
(باب 79 - العلة التي من أجلها صار بين الناس الايتلاف والاختلاف)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي
الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن الحسين بن أبي العلاء، عن حبيب قال:
حدثني الثقة، عن أبي عبد الله " ع " قال: إن الله تبارك وتعالى: أخذ ميثاق العباد
وهم أظلة قبل الميلاد، فما تعارف من الأرواح أيتلف، وما تناكر منها اختلف.
2 - وبهذا الاسناد، عن حبيب، عمن رواه، عن أبي عبد الله " ع " قال:
ما تقول في الأرواح انها جنود مجندة، فما تعارف منها إئتلف وما تناكر منها
اختلف، قال: فقلت إنا نقول ذلك، فإنه كذلك: ان الله عز وجل أخذ من
84

العباد ميثاقهم وهم أظله قبل الميلاد وهو قوله عز وجل: (وإذ أخذ ربك من
بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم) إلى آخر الآية. قال: فمن
أقر له يؤمئذ جاءت الألفة هاهنا، ومن أنكره يومئذ جاء خلافه ها هنا.
3 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح، عن
محمد بن أبي عمير، عن عبد الأعلى مولى آل سام قال: سمعت أبا عبد الله " ع "
يقول: لو يعلم الناس كيف كان أصل الخلق لم يختلف اثنان.
4 - حدثنا علي بن أحمد رحمه الله قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي
عن أبي الخير صالح بن أبي حماد، عن أحمد بن هلال، عن محمد بن أبي عمير عن
عبد المؤمن الأنصاري، قال: قلت لأبي عبد الله " ع " ان قوما يروون ان
رسول الله صلى الله عليه وآله قال: اختلاف أمتي رحمة، فقال: صدقوا، فقلت إن كان
اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب، قال ليس حيث تذهب وذهبوا، وإنما أراد قول
الله عز وجل: (فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا
قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)، فأمرهم أن ينفروا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
ويختلفوا إليه فيتعلموا، ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلموهم. إنما أراد اختلافهم من
البلدان لا اختلافا في دين الله إنما الدين واحد إنما الدين واحد.
(باب 80 - العلة التي من أجلها تكون في المؤمنين حدة ولا تكون في مخالفيهم)
1 أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد عن
محمد بن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كنا عنده
فذكرنا رجلا من أصحابنا فقلنا فيه حدة، فقال: من علامة المؤمن أن يكون فيه
حدة، قال فقلنا له: ان عامة أصحابنا فيهم حدة، فقال: ان الله تبارك وتعالى في
وقت ما ذر أهم أمر أصحاب اليمين وأنتم هم ان يدخلوا النار، فدخلوها فأصابهم
وهج، فالحدة من ذلك الوهج وأمر أصحاب الشمال وهم مخالفوهم ان يدخلوا النار
فلم يفعلوا، فمن ثم لهم سمت ولهم وقار.
85

(باب 81 علة المرارة في الاذنين، والعذوبة في الشفتين، والملوحة)
(في العينين، والبرودة في الانف)
1 أبى رحمه الله: قال حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن أحمد بن
إبراهيم بن هاشم، عن أحمد بن عبد الله العقيلي القرشي، عن عيسى بن عبد الله
القرشي رفع الحديث قال: دخل أبو حنيفة على أبى عبد الله عليه السلام فقال له:
يا أبا حنيفة بلغني انك تقيس، قال: نعم أنا أقيس، قال: لا تقس فإن أول من
قاس إبليس حين قال: خلقتني من نار وخلقته من طين، فقاس ما بين النار و الطين،
ولو قاس نورية آدم بنورية النار عرف الفضل ما بين النورين وصفاء أحدهما على
الآخر، ولكن قس لي رأسك إخبرني عن اذنيك مالهما مرتان؟ قال:
لا أدري، قال: فأنت لا تحسن ان تقيس رأسك، فكيف تقيس الحلال والحرام
قال: يا بن رسول الله إخبرني ما هو؟ قال إن الله عز وجل: جعل الاذنين مرتين
لئلا يدخلهما شئ إلا مات، ولولا ذلك لقتل ابن آدم الهوام وجعل الشفتين
عذبتين ليجد ابن آدم طعم الحلو والمر، وجعل العينين مالحتين لأنهما شحمتان،
ولولا ملوحتهما لذابتا، وجعل الانف باردا سائلا لئلا يدع في الرأس داء إلا أخرجه
ولولا ذلك لثقل الدماغ وتدود.
2 - حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا عبد الرحمان بن أبي حاتم
قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا محمد بن عبد الله
القرشي، عن ابن شبرمة قال: دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد
عليهما السلام فقال لأبي حنيفة: اتق الله ولا تقس الدين برأيك، فإن أول من
قاس إبليس، أمره الله عز وجل بالسجود لآدم فقال: أنا خير منه خلقتني من نار
وخلقته من طين، ثم قال: أتحسن ان تقيس رأسك من بدنك؟ قال: لا، قال
جعفر عليه السلام: فأخبرني لأي شئ جعل الله الملوحة في العينين والمرارة في
86

الاذنين والماء المنتن في المنخرين والعذوبة في الشفتين، قال: لا أدري، قال جعفر
عليه السلام لان الله تبارك وتعالى خلق العينين فجعلهما شحمتين وجعل الملوحة
فيهما منا منه على ابن آدم، ولولا ذلك لذابتا وجعل الاذنين مرتين ولولا ذلك
لهجمت الدواب وأكلت دماغه، وجعل الماء في المنخرين ليصعد منه النفس وينزل،
ويجد منه الريح الطيبة من الخبيثة، وجعل العذوبة في الشفتين ليجد ابن آدم لذة
مطعمه ومشربه، ثم قال جعفر عليه السلام لأبي حنيفة: أخبرني عن كلمة أولها
شرك وآخرها إيمان؟ قال لا أدري، قال هي كلمة: لا إله إلا الله، لو قال لا إله:
كان شرك، ولو قال: إلا الله كان إيمان، ثم قال جعفر " ع ": ويحك أيهما أعظم
قتل النفس أو الزنا؟ قال قتل النفس، قال فإن الله عز وجل قد قبل في قتل النفس
شاهدين ولم يقبل في الزنا إلا أربعة، ثم قال " ع ": أيهما أعظم الصلاة أم الصوم
قال الصلاة، قال فما بال الحايض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة فكيف يقوم لك
القياس، فاتق الله ولا تقس.
3 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله
البرقي، عن محمد بن علي عن عيسى بن عبد الله القرشي - رفعه قال: دخل أبو
حنيفة على أبى عبد الله عليه السلام فقال له يا أبا حنيفة بلغني انك تقيس، قال: نعم
أنا أقيس، فقال ويلك لا تقس، ان أول من قاس إبليس، قال خلقتني من نار
وخلقته من طين، قاس ما بين النار والطين ولو قاس نورية آدم بنور النار عرف
فضل ما بين النورين وصفاء أحدهما على الآخر، ولكن قس لي رأسك من جسدك
إخبرني عن أذنيك مالهما مرتان، وعن عينيك مالهما مالحتان، وعن شفيتك مالهما
عذبتان، وعن أنفك ماله بارد. فقال: لا أدري، فقال له أنت لا تحسن ان تقيس
رأسك فيكيف تقيس الحلال والحرام؟ فقال يا بن رسول الله أخبرني كيف ذلك؟
فقال إن الله تبارك وتعالى جعل الاذنين مرتين لئلا يدخلهما شئ إلا مات ولولا
ذلك لقتلت الدواب ابن آدم، وجعل العينين مالحتين لأنهما شحمتان ولولا
87

ملوحتهما لذابتا، وجعل الشفتين عذبتين ليجد ابن آدم طعم الحلو والمر، وجعل
الانف باردا سايلا لئلا يدع في الرأس داء إلا أخرجه ولولا ذلك لثقل
الدماغ وتدود.
قال أحمد بن أبي عبد الله، وروى بعضهم: أنه قال في الاذنين لامتناعهما
من العلاج، وقال في موضع ذكر الشفتين الريق فأعذب الريق ليميز به بين
الطعام والشراب، وقال في ذكر الانف لولا برد ما في الانف وامساكه الدماغ
لسال الدماغ من حرارته.
4 وقال أحمد بن أبي عبد الله، وروى معاذ بن عبد الله، عن بشير بن
يحيى العامري، عن ابن أبي ليلى قال: دخلت أنا والنعمان على جعفر بن محمد
فرحب بنا وقال: يا بن أبي ليلى من هذا الرجل؟ قلت جعلت فداك هذا رجل من
أهل الكوفة له رأى ونظر ونقاد، قال فلعله الذي يقيس الأشياء برأيه، ثم قال له
يا نعمان هل تحسن تقيس رأسك؟ قال لا، قال فما أراك تحسن تقيس شيئا ولا
تهتدي إلا من عند غيرك فهل عرفت مما الملوحة في العينين، والمرارة في الاذنين،
والبرودة في المنخرين، والعذوبة في الفم؟ قال لا، قال فهل عرفت كلمة أولها كفر
وآخرها إيمان؟ قال لا، قال ابن أبي ليلى، فقلت جعلت فداك لا تدعنا في عمى
مما وصفت لنا، قال نعم حدثني أبي عن آبائه، ان رسول الله صلى صلى الله عليه وآله قال: إن الله
تبارك وتعالى خلق عيني ابن آدم على شحمتين، فجعل فيها الملوحة ولولا ذلك لذابتا
ولم يقع فيهما شئ من القذى إلا أذابهما، والملوحة تلفظ ما يقع في العينين من
القذى وجعل المرارة في الاذنين حجابا للدماغ فليس من دابة تقع في الاذنين إلا
التمست الخروج، ولولا ذلك لوصلت إلى الدماغ، وجعل البرودة في المنخرين
حجابا للدماغ، ولولا ذلك لسال الدماغ، وجعل الله العذوبة في الفم منا من الله
على ابن آدم ليجد لذة الطعام والشراب، وأما كلمة أولها كفر وآخرها إيمان
فقول: لا إله إلا الله، أولها كفروا آخرها إيمان. ثم قال: يا نعمان إياك والقياس
88

فإن أبى حدثني، عن آبائه، ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من قاس شيئا من الدين
برأيه قرنه الله مع إبليس في النار، فإنه أول من قاس حين قال: خلقتني من نار
وخلقته من طين، فدعوا الرأي والقياس، وما قال قوم ليس له في دين الله برهان
فان دين الله لم يوضع بالآراء والمقاييس.
5 - حدثنا أبي ومحمد بن الحسن رحمهما الله، قال: حدثنا سعد بن عبد الله
قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال: حدثنا أبو زهير بن شبيب بن أنس
عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كنت عند أبي عبد الله
عليه السلام إذ دخل عليه غلام من كندة فاستفتاه في مسألة، فأفتاه فيها، فعرفت
الغلام والمسألة فقدمت الكوفة، فدخلت على أبي حنيفة فإذا ذاك الغلام بعينه
يستفتيه في تلك المسألة بعينها، فأفتاه فيها بخلاف ما أفتاه أبو عبد الله " ع " فقمت
إليه فقلت ويلك يا أبا حنيفة انى كنت العام حاجا فأتيت أبا عبد الله " ع " مسلما
عليه فوجدت هذا الغلام يستفتيه في هذه المسألة بعينها فأفتاه بخلاف ما أفتيته،
فقال وما يعلم جعفر بن محمد أنا أعلم منه، أنا لقيت الرجال وسمعت من أفواههم،
وجعفر ابن محمد صحفي أخذ العلم من الكتب! فقلت في نفسي والله لأحجن ولو
حبوا. قال فكنت في طلب حجة، فجاءتني حجة فحججت، فأتيت أبا عبد الله
عليه السلام فحكيت له الكلام فضحك ثم قال: أما في قوله انى رجل صحفي فقد صدق
قرأت صحف آبائي إبراهيم وموسى، فقلت ومن له بمثل تلك الصحف، قال فما لبثت
ان طرق الباب طارق وكان عنده جماعة من أصحابه فقال الغلام انظر من ذا فرجع
الغلام فقال أبو حنيفة، قال ادخله فدخل فسلم على أبى عبد الله " ع " فرد عليه ثم
قال أصلحك الله أتأذن في القعود؟ فاقبل على أصحابه يحدثهم ولم يلتفت إليه
ثم قال الثانية والثالثة فلم يلتفت إليه فجلس أبو حنيفة من غير إذنه، فلما علم أنه
قد جلس التفت إليه فقال: أين أبو حنيفة؟ فقيل هو ذا أصلحك الله، فقال أنت
فقيه أهل العراق؟ قال نعم، قال: بما تفتيهم؟ قال: بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله
89

قال: يا أبا حنيفة تعرف كتاب الله حق معرفته وتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال
نعم، قال: يا أبا حنيفة لقد ادعيت علما، ويلك ما جعل الله ذلك إلا عند أهل
الكتاب الذين انزل عليهم، ويلك ولا هو إلا عند الخاص من ذرية نبينا صلى الله عليه وآله
ما ورثك الله من كتابه حرفا فإن كنت كما تقول ولست كما تقول فأخبرني عن
قول الله عز وجل: (سيروا فيها ليالي وأياما آمنين) أين ذلك من الأرض؟ قال
حسبه ما بين مكة والمدينة، فالتفت أبو عبد الله عليه السلام إلى أصحابه فقال:
تعلمون ان الناس يقطع عليهم بين المدينة ومكة فتؤخذ أموالهم ولا يؤمنون على
أنفسهم ويقتلون؟ قالوا نعم، قال فسكت أبو حنيفة، فقال يا أبا حنيفة إخبرني عن
قول الله عز وجل: (ومن دخله كان آمنا) أين ذلك من الأرض؟ قال: الكعبة
قال أفتعلم ان الحجاج بن يوسف حين وضع المنجنيق على ابن الزبير في الكعبة
فقتله كان آمنا فيها؟ قال: فسكت، ثم قال له يا أبا حنيفة، إذا ورد عليك شئ
ليس في كتاب الله ولم تأت به الآثار والسنة كيف تصنع؟ فقال أصلحك الله: أقيس
وأعمل فيه برأيي، قال يا أبا حنيفة: ان أول من قاس إبليس الملعون قاس على
ربنا تبارك وتعالى فقال: (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) فسكت
أبو حنيفة، فقال يا أبا حنيفة أيما أنجس البول أو الجنابة؟ فقال البول، فقال:
فما بال الناس يغتسلون من الجناية ولا يغتسلون من البول؟ فسكت، فقال يا أبا حنيفة
أيما أفضل الصلاة أم الصوم؟ قال الصلاة، قال: فما بال الحايض تقضى صومها
ولا تقضى صلاتها؟ فسكت، فقال يا أبا حنيفة: أخبرني عن رجل كانت له أم ولد
وله منها ابنة وكانت له حرة لا تلد فزارت الصبية بنت أم الولد أباها، فقام الرجل
بعد فراغه من صلاة الفجر، فواقع أهله التي لا تلد وخرج إلى الحمام فأرادت
الحرة أن تكيد أم الولد وابنتها عند الرجل فقامت إليها بحرارة ذلك الماء فوقعت
عليها وهي نائمة، فعالجتها كما يعالج الرجل المرأة، فعقلت، أي شئ عندك فيها؟
قال: لا والله ما عندي فيها شئ، فقال يا أبا حنيفة: أخبرني عن رجل كانت له
90

جارية فزوجها من مملوك له وغاب المملوك، فولد له من أهله مولود وولد للمملوك
مولود من أم ولد له فسقط البيت على الجاريتين ومات المولى، من الوارث؟ فقال
جعلت فداك: لا والله ما عندي فيها شئ، فقال أبو حنيفة: أصلحك الله ان
عندنا قوما بالكوفة يزعمون انك تأمرهم بالبراءة من فلان وفلان وفلان فقال:
ويلك يا أبا حنيفة لم يكن هذا، معاذ الله فقال أصلحك الله: انهم يعظمون
الامر فيهما، قال: فما تأمرني؟ قال: تكتب إليهم، قال: بماذا؟ قال:
تسألهم الكف عنهما، قال: لا يطيعوني، قال: بلى أصلحك الله إذا كنت
أنت الكاتب وانا الرسول أطاعوني، قال يا أبا حنيفة أبيت إلا جهلا كم بيني
وبين الكوفة من الفراسخ؟ قال أصلحك الله مالا يحصى فقال كم بيني وبينك؟
قال لا شئ قال أنت دخلت علي في منزلي فاستأذنت في الجلوس ثلاث مرات فلم
آذن لك، فجلست بغير إذني خلافا علي كيف يطيعوني أولئك وهم هناك وأنا
هاهنا؟ قال فقبل رأسه وخرج وهو يقول: أعلم الناس ولم نره عند عالم، فقال
أبو بكر الحضرمي جعلت فداك الجواب في المسألتين فقال يا أبا بكر
سيروا فيها ليالي وأياما آمنين، فقال: مع قايمنا أهل البيت، وأما قوله ومن
دخله كان آمنا. فمن بايعه ودخل معه ومسح على يده ودخل في عقد أصحابه
كان آمنا.
6 حدثنا الحسين بن أحمد، عن أبيه، عن محمد بن أحمد، قال: حدثنا
أبو عبد الله الرازي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن سفيان الحريري،
عن معاذ بن بشر، عن يحيى العامري، عن ابن أبي ليلى قال: دخلت على أبي
عبد الله السلام ومعي النعمان، فقال أبو عبد الله عليه السلام: من الذي
معك؟ فقلت جعلت فداك هذا رجل من أهل الكوفة له نظر ونقاد ورأي يقال له
النعمان، قال فلعل هذا الذي يقيس الأشياء برأيه، فقلت نعم، قال يا نعمان
هل تحسن ان تقيس رأسك؟ فقال: لا، فقال: ما أراك تحسن شيئا ولا فرضك
91

إلا من عند غيرك، فهل عرفت كلمة أولها كفر وآخرها إيمان؟ قال: لا، قال فهل
عرفت ما الملوحة في العينين والمرارة في الاذنين والبرودة في المنخرين والعذوبة في
الشفتين؟ قال: لا، قال ابن أبي ليلى: فقلت جعلت فداك فسر لنا جميع ما وصفت
قال: حدثني أبي، عن آبائه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الله تبارك وتعالى خلق
عيني ابن آدم من شحمتين فجعل فيهما الملوحة، ولولا ذلك لذابتا، فالملوحة تلفظ
ما يقع في العين من القذى وجعل المرارة في الاذنين حجابا من الدماغ، فليس من
دابة تقع فيه إلا التمست الخروج، ولولا ذلك لوصلت إلى الدماغ وجعلت العذوبة
في الشفتين منا من الله عز وجل على ابن آدم فيجد بذلك عذوبة الريق وطعم
الطعام والشراب وجعل البرودة في المنخرين لئلا تدع في الرأس شيئا إلا أخرجته،
قلت فما الكلمة التي أولها كفر وآخرها إيمان؟ قال: قول الرجل، لا إله إلا الله
فأولها كفر وآخرها إيمان، ثم قال: يا نعمان، إياك والقياس، فقد حدثني أبي،
عن آبائه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: من قاس شيئا بشئ قرنه الله عز وجل
مع إبليس في النار، فإنه أول من قاس على ربه، فدع الرأي والقياس فإن الدين
لم يوضع بالقياس ولا بالرأي.
(باب 82 العلة التي من أجلها صار الناس يعقلون ولا يعلمون)
1 - حدثنا أبي رضى عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن
يعقوب بن يزيد، عن أحمد بن أبي محمد بن أبي نصر، عن ثعلبة بن ميمون عن
معمر بن يحيى، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما بال الناس يعقلون ولا يعلمون
قال: إن الله تبارك وتعالى حين خلق آدم جعل أجله بين عينيه وأمله خلف ظهره،
فلما أصاب الخطيئة حصل أمله بين عينيه وأجله خلف ظهره فمن ثم يعقلون
ولا يعلمون.
(باب 83 العلة التي من أجلها أوسع الله عز وجل في أرزاق الحمقى)
1 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن أحمد
92

ابن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الربيع بن محمد المسلي، عن عبد الله
ابن سليمان قال: سمعت أبا عبد الله " ع " يقول: إن الله عز وجل أوسع في أرزاق
الحمقى لتعتبر العقلاء ويعلمون ان الدنيا لا تنال بالعقل ولا بالحيلة.
(باب 84 - العلة التي من أجلها يغتم الانسان ويحزن من غير سبب)
(ويفرح ويسر من غير سبب)
1 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال
حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى قال: حدثنا الحسن بن علي، عن ابن عباس عن
أسباط، عن أبي عبد الرحمان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: انى ربما
حزنت فلا أعرف في أهل ولا مال ولا ولد وربما فرحت فلا أعرف في أهل ولا مال
ولا ولد، فقال: انه ليس من أحد إلا ومعه ملك وشيطان، فإذا كان فرحه
كان من دنو الملك منه، فإذا كان حزنه كان من دنو الشيطان منه وذلك قول الله
تبارك وتعالى: (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه
وفضلا والله واسع عليم).
2 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال:
حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال: حدثنا أحمد بن مدين من ولد مالك بن الحارث
الأشتر، عن محمد بن عمار، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: دخلت على أبي
عبد الله عليه السلام ومعي رجل من أصحابنا، فقلت له جعلت فداك يا بن رسول الله
انى لاغتم وأحزن من غير أن أعرف لذلك سببا؟ فقال أبو عبد الله " ع ": ان
ذلك الحزن والفرح يصل إليكم منا لأنا إذا دخل علينا حزن أو سرور كان ذلك
داخلا عليكم لأنا وإياكم من نور الله عز وجل فجعلنا وطينتنا وطينتكم واحدة ولو
تركت طينتكم كما أخذت لكنا وأنتم سواء، ولكن مزجت طينتكم بطينة
أعدائكم، فلولا ذلك ما أذنبتم ذنبا أبدا، قال: قلت جعلت فداك أفتعود طينتنا
ونورنا كما بدا؟ فقال: أي والله يا عبد الله، أخبرني عن هذا الشعاع الزاهر من
93

القرص إذا طلع أهو متصل به أو باين منه؟ فقلت له جعلت فداك: بل هو باين منه
فقال: أفليس إذا غابت الشمس وسقط القرص عاد إليه فاتصل به كما بدا منه؟
فقلت له: نعم، فقال كذلك والله شيعتنا من نور الله خلقوا واليه يعودون، والله
انكم لملحقون بنا يوم القيامة وإنا لنشفع فنشفع، ووالله انكم لتشفعون فتشفعون،
وما من رجل منكم إلا وسترفع له نار عن شماله وجنة عن يمينه، فيدخل أحباؤه
الجنة وأعداؤه النار.
(باب 85 - علة النسيان والذكر، وعلة شبه الرجل بأعمامه وأخواله)
1 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن
محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال:
سألت أبا عبد الله " ع " فقلت له: ان الرجل ربما أشبه أخواله وربما أشبه أباه
وربما أشبه عمومته، فقال: ان نطفة الرجل بيضاء غليظة ونطفة المرأة صفراء رقيقة، فان غلبت نطفة الرجل نطفة المرأة شبه الرجل أباه وعمومته، وان غلبت
نطفة المرأة نطفة الرجل أشبه الرجل أخواله.
2 - أخبرني علي بن حاتم رضي الله عنه، فيما كتب إلي قال: أخبرني القاسم
ابن محمد، عن حمدان بن الحسين، عن الحسين بن الوليد، عن ابن بكير، عن
عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله " ع " قال: قلت له، المولود يشبه أباه وعمه
قال: إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة، فالولد يشبه أباه وعمه، وإذا سبق ماء المرأة
ماء الرجل يشبه الرجل أمه وخاله.
3 - حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه
قال: حدثنا محمد بن يوسف الخلال قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن الخليل المخرمي
قال: حدثنا عبد الله بن بكر السهمي قال: حدثنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك
قال: سمع عبد الله بن سلام بقدوم رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في أرض يحترث فاتى
النبي فقال: انى سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ووصي نبي؟ ما أول أشراط
94

الساعة، وما أول طعام أهل الجنة، وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه؟ قال صلى الله عليه وآله
أخبرني بهن جبرئيل " ع " آنفا، فقال: هل أخبرك جبرئيل؟ قال: نعم، قال ذلك
عدو اليهود من الملائكة، قال ثم قرأ هذه الآية: (قل من كان عدوا لجبريل فإنه
نزله على قلبك بإذن الله) أما أول إشراط الساعة: فنار تحشر الناس من المشرق إلى
المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت، وإذا سبق ماء الرجل
ماء المرأة نزع الولد إليه. قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد انك رسول الله ان
اليهود قوم بهت وانهم ان علموا بإسلامي قبل ان تسألهم قبل ان تسألهم عني بهتوني، فجاءت اليهود
إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: أي رجل عبد الله بن سلام؟ قالوا خيرنا وابن خيرنا
وسيدنا وابن سيدنا، قال أرأيتم ان أسلم عبد الله، قالوا أعاذه الله من ذلك فخرج
عبد الله وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا شرنا
وابن شرنا وانفضوا، قال: فقال هذا الذي كنت أخاف منه يا رسول الله.
4 - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال: حدثنا
جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه قال: حدثنا علي بن الحسن قال: حدثنا محمد
ابن عبد الله بن زرارة، عن علي بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين
عليه السلام قال: تعتلج النطفتان في الرحم فأيتهما كانت أكثر جاءت تشبهها، فإن
كانت نطفة المرأة أكثر جاءت تشبه أخواله، وإن كانت نطفة الرجل أكثر جاءت
تشبه أعمامه وقال: تحول النطفة في الرحم أربعين يوما فمن أراد أن يدعو الله
عز وجل ففي تلك الأربعين قبل ان تخلق ثم يبعث الله ملك الأرحام فيأخذها فيصعد
بها إلى عز وجل فيقف منه حيث يشاء الله فيقول: يا إلهي أذكر أم أنثى؟ فيوحي
الله عز وجل ما يشاء ويكتب الملك ثم يقول: يا الهي أشقي أم سعيد؟ فيوحي الله
عز وجل من ذلك ما يشاء ويكتب فيقول: إلهي كم رزقه وما أجله؟ ثم يكتبه
ويكتب كل شئ يصيبه في الدنيا بين عينيه ثم يرجع به فيرده في الرحم فذلك
قول الله عز وجل (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب
95

من قبل ان نبرأها).
5 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد رضي الله عنه قال: حدثنا حمزة بن القاسم
العلوي قال: حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد البزاز قال: حدثنا إبراهيم بن موسى
الفراء قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله
ابن مرة، عن ثوبان: ان يهوديا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال له يا محمد، أسألك
فتخبرني! فركزه ثوبان برجله وقال له: قل يا رسول الله، فقال لا أدعوه إلا بما
سماه أهله: فقال أرأيت قوله عز وجل: (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات)
أين الناس يومئذ؟ قال: في الظلمة دون المحشر، قال فما أول ما يأكل أهل الجنة
إذا دخلوها؟ قال كبد الحوت، قال فما شرابهم على أثر ذلك؟ قال: السلسبيل
قال صدقت، أفلا أسألك عن شئ لا يعلمه إلا نبي؟ قال: وما هو؟ قال شبه الولد
أباه وأمه، قال ماء الرجل أبيض غليظ وماء المرأة أصفر رقيق، فإذا علا ماء
الرجل ماء المرأة كان الولد ذكرا بإذن الله عز وجل، ومن قبل ذلك يكون الشبه
وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل خرج الولد أنثى بإذن الله عز وجل ومن قبل ذلك
يكون الشبه، وقال صلى الله عليه وآله: والذي نفسي بيده ما كان عندي فيه شئ مما سألتني
عنه حتى أنبأنيه الله عز وجل في مجلسي هذا.
6 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن
محمد عن ابن خالد البرقي، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، عن أبي جعفر
الثاني " ع " قال: أقبل أمير المؤمنين " ع " ومعه الحسن بن علي " ع " وهو متكئ
على يد سلمان، فدخل المسجد الحرام فجلس إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس
فسلم على أمير المؤمنين فرد عليه السلام فجلس ثم قال: يا أمير المؤمنين أسألك عن
ثلاث مسائل إن أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما أقضى عليهم
انهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم، وان تكن الأخرى علمت إنك وهم
شرع سواء، فقال له أمير المؤمنين " ع " سلني عما بذلك، قال: أخبرني عن الرجل
96

إذا نام أين تذهب روحه وعن الرجل كيف يذكر وينسى وعن الرجل كيف يشبه
ولده الأعمام والأخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين " ع " إلى الحسن بن علي عليه السلام
فقال يا أبا محمد أجبه فقال الحسن عليه السلام أما ما سألت عنه من أمر الرجل إذا
نام أين تذهب روحه فان روحه معلقة بالريح والريح معلقة بالهواء إلى وقت ما يتحرك
صاحبها لليقظة فإذا أذن الله عز وجل برد تلك الروح على صاحبها جذبت الروح
الريح وجذبت الريح الهواء فأسكنت الروح في بدن صاحبها وإذا لم يأذن الله برد
تلك الروح على صاحبها جذب الهواء الريح وجذبت الريح الروح فلم ترد على
صاحبها إلى وقت ما يبعث. وأما ما سألت عنه من أمر الذكر والنسيان فإن قلب
الرجل في حق وعلى الحق طبق فإن هو صلى على النبي صلاة تامة انكشف ذلك
الطبق عن ذلك الحق فذكر الرجل ما كان نسي. وأما ما ذكرت من أمر الرجل يشبه
ولده أعمامه وأخواله فإن الرجل إذا أتى أهله بقلب ساكن وعروق هادئة وبدن
غير مضطرب استكنت تلك النطفة في تلك الرحم فخرج الولد يشبه أباه وأمه
وان هو أتاها بقلب غير ساكن وعروق غير هادئة وبدن مضطرب اضطربت تلك
النطفة في جوف تلك الرحم فوقعت على عرق من العروق فإن وقعت على عرق
من عروق الأعمام أشبه الولد أعمامه وان وقعت على عرق من عروق الأخوال
أشبه الولد أخواله فقال الرجل أشهد أن لا إله إلا الله ولم أزل أشهد بذلك
وأشهد ان محمدا رسول الله ولم أزل أشهد بذلك وأشهد إنك وصي رسول الله
والقايم بحجته بعده وأشار إلى أمير المؤمنين عليه السلام ولم أزل أشهد بذلك
وأشهد إنك وصيه والقايم بحجته وأشار إلى الحسن وأشهد أن الحسين وصي أبيه
والقايم بحجته بعدك وأشهد على علي بن الحسين انه القايم بأمر الحسين بعده
وأشهد على محمد بن علي انه القايم بأمر علي بن الحسين وأشهد على جعفر بن محمد
انه القايم بأمر محمد بن علي وأشهد على موسى بن جعفر انه القايم بأمر جعفر بن
محمد وأشهد على علي بن موسى انه القايم بأمر موسى بن جعفر وأشهد على محمد
97

ابن علي انه القايم بأمر علي بن موسى وأشهد على علي بن محمد انه القائم بأمر محمد
ابن علي وأشهد على الحسن بن علي انه القائم بأمر علي بن محمد وأشهد على رجل
من ولد الحسين لا يكنى ولا يسمى حتى يظهر أمره فيملأها عدلا كما ملئت جورا
والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. ثم قام فمضى فقال أمير المؤمنين
للحسن " ع " يا أبا محمد اتبعه فانظر أين يقصد فخرج الحسن بن علي " ع " فقال
ما كان إلا أن وضع رجله خارج المسجد فما دريت أين أخذ من أرض الله عز وجل
فرجعت إلى أمير المؤمنين " ع " فأعلمته فقال يا أبا محمد أتعرفه؟ قلت الله ورسوله
وأمير المؤمنين أعلم فقال هو الخضر عليه السلام.
(باب 86 - العلة التي من أجلها صار العقل واحدا في كثير من الناس)
1 - حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى بن علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن
علي بن أبي طالب قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أسباط قال حدثنا
أحمد بن محمد بن زياد القطان قال حدثنا أبو الطيب أحمد بن محمد بن عبد الله قال
حدثنا عيسى بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب،
عن آبائه، عن عمر بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام ان النبي
صلى الله عليه وآله سأل مما خلق الله جل جلاله العقل قال: خلقه ملك له رؤس بعدد الخلائق
من خلق ومن يخلق إلى يوم القيامة ولكل رأس وجه ولكل آدمي رأس من
رؤس العقل واسم ذلك الانسان على وجه ذلك الرأس مكتوب وعلى كل وجه
ستر ملقى لا يكشف ذلك الستر من ذلك الوجه حتى يولد هذا المولود ويبلغ حد
الرجال أو حد النساء فإذا بلغ كشف ذلك الستر فيقع في قلب هذا الانسان نور
فيفهم الفريضة والسنة والجيد والردي ألا ومثل العقل في القلب كمثل السراج في
وسط البيت.
(باب 87 - علل ما خلق في الانسان من الأعضاء والجوارح)
1 - حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه
98

قال حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي العدوي قال حدثنا عباد بن صهيب بن عباد
ابن صهيب عن أبيه، عن جده عن الربيع صاحب المنصور قال حضر أبو عبد الله
عليه السلام مجلس المنصور يوما وعنده رجل من الهند يقرء كتب الطب فجعل
أبو عبد الله عليه السلام ينصت لقراءته فلما فرغ الهندي قال له يا أبا عبد الله أتريد
مما معي شيئا قال لا فإن معي ما هو خير مما معك قال وما هو؟ قال أداوي الحار
بالبارد والبارد بالحار والرطب باليابس واليابس بالرطب وأرد الامر كله إلى الله
عز وجل واستعمل ما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله واعلم أن المعدة بيت الداء وان الحمية
هي الدواء وأعود البدن ما اعتاد فقال الهندي. وهل الطب إلا هذا؟ فقال الصادق
عليه السلام أفتراني من كتب الطب أخذت قال نعم قال لا والله ما أخذت إلا عن
الله سبحانه فأخبرني أنا أعلم بالطب أم أنت؟ قال الهندي لابل أنا قال الصادق
عليه فأسألك شيئا قال سل قال أخبرني يا هندي لم كان في الرأس شؤون؟
قال لا أعلم، قال فلم جعل الشعر عليه من فوق؟ قال لا أعلم، قال فلم خلت الجبهة
من الشعر؟ قال لا أعلم، قال فلم كان لها تخطيط وأسارير؟ قال لا أعلم، قال فلم
كان الحاجبان من فوق العينين؟ قال لا أعلم، قال فلم جعل العينان كاللوزتين؟ قال
لا أعلم قال فلم جعل الانف فيما بينهما؟ قال لا أعلم، قال فلم كانت ثقب الانف في
أسفله؟ قال لا أعلم، قال فلم جعلت الشفة والشارب من فوق الفم؟ قال لا أعلم،
قال فلم احتد السن وعرض الضرس وطال الناب؟ قال لا أعلم، قال فلم جعلت
اللحية للرجال؟ قال لا أعلم، قال فلم خلت الكفان من الشعر؟ قال لا أعلم، قال
فلم خلا الظفر والشعر من الحياة؟ قال لا أعلم. قال فلم كان القلب كحب الصنوبرة
قال لا أعلم، قال فلم كان الرئة قطعتين وجعل حركتها في موضعها؟ قال لا أعلم
قال فلم كانت الكبد حدباء؟ قال لا أعلم، قال فلم كانت الكلية كحب اللوبياء
قال لا أعلم قال فلم جعل طي الركبة إلى الخلف؟ قال لا أعلم، قال فلم تخصرت
القدم؟ قال لا أعلم فقال الصادق " ع ": لكني أعلم قال فأجب، فقال الصادق " ع "
99

كان في الرأس شؤون لان المجوف إذا كان بلا فصل أسرع إليه الصداع فإذا دخل
ذا فصول كان الصداع منه أبعد وجعل الشعر من فوقه ليوصل بوصوله الادهان
إلى الدماغ ويخرج بأطرافه البخار منه ويرد عنه الحر والبرد الواردين عليه وخلت
الجبهة من الشعر لأنها مصب النور إلى العينين وجعل فيها التخطيط والأسارير
ليجلس العرق الوارد من الرأس عن العين قدر ما يمتطيه الانسان عن نفسه كالأنهار
في الأرض التي تحبس المياه وجعل الحاجبان من فوق العينين ليوردا عليهما من
النور قدر الكفاية، الا ترى يا هندي ان من غلبه النور جعل يده على عينيه ليرد
عليهما قدر كفايتهما منه وجعل الانف فيما بينهما ليقسم النور قسمين إلى كل عين
سواء وكانت العين كاللوزة ليجرى فيها الميل بالدواء ويخرج منها الداء ولو كانت
مربعة أو مدورة ما جرى فيها الميل وما وصل إليها دواء ولا خرج منها داء وجعل
ثقب الانف في أسفله لينزل منه الأدواء المنحدرة من الدماغ وتصعد فيه الروائح
إلى المشام ولو كان في أعلاه لما أنزل داء ولا وجد رائحة وجعل الشارب والشفة
فوق الفم ليحبس ما ينزل من الدماغ عن الفم لئلا يتنغص على الانسان طعامه
وشرابه فيميطه عن نفسه وجعلت اللحية للرجال ليستغني بها عن الكشف في
المنظر ويعلم بها الذكر من الأنثى وجعل السن حادا لان به يقع العض وجعل الضرس
عريضا لان به يقع الطحن والمضغ وكان الناب طويلا ليشتد الأضراس والأسنان
كالأسطوانة في البناء وخلا الكفان من الشعر لان بهما يقع اللمس فلو كان بهما
شعر ما درى الانسان ما يقابله ويلمسه وخلا الشعر والظفر من الحياة لان طولهما
وسخ يقبح وقصهما حسن فلو كان فيهما حياة لألم الانسان لقصهما وكان القلب
كحب الصنوبر لأنه منكس فجعل رأسه رقيقا ليدخل في الرية فيتروح عنه ببردها
لئلا يشيط الدماغ بحره وجعلت الرئة قطعتين ليدخل في مضاغطها فتروح عنه
بحركتها وكانت الكبد حدباء لتثقل المعدة وتقع جميعها عليها فتعصرها فيخرج
ما فيها من البخار وجعلت الكلية كحب اللوبياء لان عليها مصب المنى نقطة بعد
100

نقطة فلو كانت مربعة أو مدورة لاحتسبت النقطة الأولى الثانية فلا يلتذ بخروجها
الحي إذا المنى ينزل من فقار الظهر إلى الكلية فهي كالدودة تنقبض وتنبسط ترميه
أولا فأولا إلى المثانة كالبندقة من القوس وجعل طي الركبة إلى خلف، لان
الانسان يمشي إلى ما بين يديه فتعتدل الحركات، ولولا ذلك لسقط في المشي
وجعلت القدم متخصرة، لان الشئ إذا وقع على الأرض جميعه ثقل ثقل حجر
الرحا، وإذا كان على طرفه دفعه الصبي، وإذا وقع على وجهه صعب نقله على الرجل
فقال الهندي من أين لك هذا العلم؟ فقال " ع ": أخذته عن آبائي عليهم السلام،
عن رسول الله صلى الله عليه وآله عن جبرئيل عليه السلام عن رب العالمين جل جلاله الذي خلق
الأجساد والأرواح. فقال الهندي صدقت وأنا أشهد أن لا إله ألا الله وأن محمدا
رسول الله وعبده، وانك أعلم أهل زمانك.
(باب 88 - العلة التي من أجلها صار أبغض الأشياء إلى الله عز وجل الأحمق)
1 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن
الحسين السعدي آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن أبي
عمير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله " ع " قال: ما خلق الله عز وجل شيئا أبغض إليه
من الأحمق، لأنه سلبه أحب الأشياء إليه وهو العقل.
2 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن
محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم قال: سمعت الرضا " ع " يقول
صديق كل امرئ عقله، وعدوه جهله.
(باب 89 - العلة التي من أجلها لا ينبت الشعر في بطن الراحة)
(وينبت في ظاهرها)
1 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي
عبد الله الكوفي عن محمد بن إسماعيل البرمكي، عن علي بن العباس، عن عمر بن
عبد العزيز قال: حدثنا هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبد الله " ع " فقلت: ما العلة
101

في بطن الراحة لا ينبت فيها الشعر وينبت في ظاهرها؟ فقال: لعلتين، أما أحديهما
فلان الناس يعملون الأرض التي تداس ويكثر عليه المشي لا تنبت فيها شيئا والعلة
الأخرى، لأنها جعلت من الأبواب التي تلاقى الأشياء فتركت لا ينبت عليها الشعر
لتجد مس اللين، والخشن، ولا يحجبها الشعر عن وجود الأشياء ولا يكون بقاء
الخلق إلا على ذلك
(باب 90 العلة التي من أجلها صارت التحية بين الناس: السلام)
(عليكم ورحمة الله وبركاته)
1 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن شاذان بن أحمد بن عثمان البرواذي قال:
حدثنا أبو علي بن محمد بن الحارث بن سفيان الحافظ السمرقندي قال: حدثنا
صالح بن سعيد الترمذي قال: حدثنا عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب
اليماني قال: لما أسجد الله عز وجل الملائكة لآدم " ع " وأبى إبليس أن يسجد،
قال له ربه عز وجل: اخرج منها فإنك رجيم وان عليك لعنتي إلى يوم الدين، ثم
قال عز وجل لآدم: يا آدم، انطلق إلى هؤلاء الملا من الملائكة فقل السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته، فسلم عليهم فقالوا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، فلما
رجع إلى ربه عز وجل، قال له ربه تبارك وتعالى: هذه تحيتك، وتحية ذريتك
من بعدك فيما بينهم إلى يوم القيامة.
(باب 91 - علة سرعة الفهم وإبطائه)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن
علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله
عليه السلام الرجل آتيه أكلمه ببعض كلامي فيعرف كله، ومنهم من آتيه فأكلمه بالكلام
فيستوفي كلامي كله ثم يرده علي كما كلمته، ومنهم من آتيه فأكلمه فيقول: أعد علي
فقال يا إسحاق: أو ما تدري لم هذا؟ قلت لا، قال الذي تكلمه ببعض كلامك فيعرف
كله فذاك من عجنت نطفته بعقله، واما الذي تكلمه فيستوفي كلامك ثم يجيبك
102

على كلامك فذاك الذي ركب عقله في بطن أمه، وأما الذي تكلمه بالكلام فيقول
أعد علي، فذاك الذي ركب عقله فيه بعد ما كبر فهو يقول أعد علي.
2 - حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد
ابن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله " ع " قال:
دعامة الانسان العقل، ومن العقل الفطنة والفهم والحفظ والعلم، فإذا كان تأييد عقله
من النور كان عالما حافظا ذكيا فطنا فهما، وبالعقل يكمل، وهو دليله ومبصره
ومفتاح أمره.
(باب 92 - علة حسن الخلق وسوء الخلق)
1 - أخبرني علي بن حاتم قال: حدثنا أبو عبد الله بن ثابت قال: حدثنا
عبد الله بن أحمد، عن القاسم بن عروة، عن بريد بن معاوية العجلي، عن أبي جعفر
عليه السلام قال: إن الله عز وجل أنزل حوراء من الجنة إلى آدم فزوجها أحد ابنيه،
وتزوج الآخر إلى الجن فولدتا جميعا فما كان من الناس من جمال وحسن خلق فهو
من الحوراء، وما كان فيهم من سوء الخلق فمن بنت الجان، وأنكر أن يكون زوج
بنيه من بناته.
(باب 93 - العلة التي من أجلها لا يجوز أن يقول الرجل لولده:)
(هذا لا يشبهني ولا يشبه آبائي)
1 أبى رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن الحسين بن أبي
الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن رجل، عن أبي عبد الله " ع " قال: إن الله تبارك
وتعالى إذا أراد أن يخلق خلقا جمع كل صورة بينه وبين أبيه إلى آدم ثم خلقه على
صورة أحدهم فلا يقولن أحد هذا لا يشبهني، ولا يشبه شيئا من آبائي.
(94 - العلة التي من أجلها تجد الآباء بالأبناء ما لا تجد الأبناء بالآباء)
1 - حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه الله قال: حدثنا الحسين بن محمد
ابن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال
103

قلت للصادق عليه السلام: ما بالنا نجد بأولادنا مالا يجدون بنا؟ قال: لأنهم منكم
ولستم منهم.
(باب 95 - علة الشيب وابتدائه)
1 أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أيوب بن نوح
عن محمد بن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله " ع " قال: كان
الناس لا يشيبون فأبصر إبراهيم " ع " شيبا في لحيته، فقال يا رب: ما هذا؟ فقال:
هذا وقار، فقال: رب زدني وقارا.
2 - حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس
ابن معروف، عن علي بن مهزيار، عن الحسين بن عمار، عن نعيم، عن أبي جعفر " ع "
قال: أصبح إبراهيم " ع " فرأى في لحيته شيبا شعرة بيضاء، فقال: الحمد لله رب
العالمين، الذي بلغني هذا المبلغ، ولم أعص الله طرفة عين.
3 - أخبرني علي بن حاتم قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا يزيد بن
هارون، عن عثمان، عن جعفر بن الريان، عن الحسن بن الحسين، عن خالد بن
إسماعيل بن أيوب المخزومي، عن جعفر بن محمد " ع ": انه سمع أبا الطفيل يحدث
ان عليا " ع " يقول: كان الرجل يموت وقد بلغ الهرم ولم يشب، فكان الرجل يأتي
النادي فيه الرجل وبنوه فلا يعرف الأب من الابن، فيقول: أيكم أبوكم، فلما كان
زمان إبراهيم فقال: اللهم اجعل لي شيبا أعرف به قال: فشاب وابيض رأسه ولحيته
(باب 96 - علة الطبايع والشهوات والمحبات)
1 - حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد
ابن محمد بن عيسى، الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر،
عن أبي جعفر " ع " قال: قال أمير المؤمنين " ع "، ان الله تبارك وتعالى لما أحب
ان يخلق خلقا بيده، وذلك بعد ما مضى من الجن والنسناس في الأرض سبعة آلاف
سنة قال: ولما كان من شأن الله ان يخلق آدم " ع " للذي أراد من التدبير والتقدير
104

لما هو مكونه في السماوات والأرض وعلمه لما أراد من ذلك كله كشط من أطباق
السماوات، ثم قال للملائكة انظروا إلى أهل الأرض من خلقي من الجن والنسناس
فلما رأوا ما يعملون فيها من المعاصي وسفك الدماء والفساد في الأرض بغير الحق
عظم ذلك عليهم وغضبوا لله وأسفوا على الأرض ولم يملكوا غضبهم ان قالوا: يا رب
أنت العزيز القادر الجبار القاهر العظيم الشأن وهذا خلقك الضعيف الذليل في
أرضك يتقلبون في قبضتك ويعيشون برزقك ويستمتعون بعافيتك وهم يعصونك
بمثل هذه الذنوب العظام، لا تأسف ولا تغضب ولا تنتقم لنفسك لما تسمع منهم
وترى، وقد عظم ذلك علينا وأكبرناه فيك. فلما سمع الله عز وجل ذلك من
الملائكة قال: إني جاعل في الأرض خليفة لي عليهم، فيكون حجة لي عليهم في
أرضي على خلقي، فقالت الملائكة: سبحانك، أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك
الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، وقالوا: فاجعله منا فإنا لا نفسد في الأرض
ولا نسفك الدماء، قال جل جلاله يا ملائكتي إني أعلم مالا تعلمون إني أريد أن
أخلق خلقا بيدي أجعل ذريته أنبياء مرسلين وعبادا صالحين وأئمة مهتدين
أجعلهم خلفائي على خلقي في أرضي ينهونهم عن المعاصي وينذرونهم عذابي
ويهدونهم إلى طاعتي ويسلكون بهم طريق سبيلي، وأجعلهم حجة لي عذرا أو نذرا
وأبين النسناس من أرضي فأطهرها منهم وأنقل مردة الجن العصاة عن بريتي وخلقي
وخيرتي واسكنهم في الهواء وفي أقطار الأرض لا يجاورون نسل خلقي وأجعل
بين الجن وبين خلقي حجابا ولا يرى نسل خلقي الجن ولا يؤانسونهم ولا يخالطونهم
ولا يجالسونهم فمن عصاني من نسل خلقي الذين اصطفيتهم لنفسي أسكنتهم
مساكن العصاة وأوردتهم مواردهم ولا أبالي، فقالت الملائكة: يا ربنا إفعل
ما شئت لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، فقال الله جل جلاله
للملائكة: إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من
روحي فقعوا له ساجدين، وكان ذلك من أمر الله عز وجل تقدم إلى الملائكة في
105

آدم عليه السلام من قبل ان يخلقه احتجاجا منه عليهم، قال: فاغترف تبارك وتعالى
غرفة من الماء العذب الفرات فصلصلها فجمدت، ثم قال لها: منك أخلق النبيين
والمرسلين وعبادي الصالحين والأئمة المهتدين الدعاة إلى الجنة واتباعهم إلى يوم
القيامة ولا أبالي ولا أسأل عما أفعل وهم يسألون - يعني بذلك خلقه - انه اغترف
غرفة من الماء المالح الأجاج فصلصلها فجمدت ثم قال لها منك أخلق الجبارين
والفراعنة والعتاة واخوان الشياطين والدعاة إلى النار إلى يوم القيامة واتباعهم ولا
أبالي ولا أسأل عما أفعل وهم يسألون، قال وشرط في ذلك البداء ولم يشرط في
أصحاب اليمين البداء، ثم خلط المائين فصلصلها ثم ألقاهما قدام عرشه وهما سلالة
من طين ثم أمر الملائكة الأربعة: الشمال، والدبور، والصبا، والجنوب، أن
جولوا على هذه الثلاثة السلالة وأبرؤها وانسموها ثم جزؤها وفصلوها وأجروا
إليها الطبايع الأربعة: الريح، والمرة، والدم، والبلغم. قال فجالت الملائكة عليها
وهي الشمال والصبا والجنوب والدبور فأجروا فيها الطبايع الأربعة. قال والريح في
الطبايع الأربعة في البدن من ناحية الشمال. قال والبلغم في الطبايع الأربعة في البدن
من ناحية الصبا. قال والمرة في الطبايع الأربعة في البدن من ناحية الدبور. قال
والدم في الطبايع الأربعة في البدن من ناحية الجنوب. قال فاستقلت النسمة وكمل
البدن، قال فلزمه من ناحية الريح حب الحياة وطول الامل والحرص ولزمه من
ناحية البلغم حب الطعام والشراب واللين والرفق، ولزمه من ناحية المرة الغضب
والسفه والشيطنة والتجبر والتمرد والعجلة، ولزمه من ناحية الدم حب النساء واللذات
وركوب المحارم والشهوات قال عمرو أخبرني جابر ان أبا جعفر " ع " قال: وجدناه
في كتاب من كتب علي عليه السلام.
2 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن أبي
عبد الله، عن غير واحد، عن أبي طاهر بن حمزة، عن أبي الحسن الرضا " ع " قال
الطبايع أربع، فمنهن البلغم وهو خصم جدل، ومنهن الدم وهو عبد وربما قتل
106

العبد سيده، ومنهن الريح، وهي ملك يداري، ومنهن المرة، وهيهات هيهات هي
الأرض إذا ارتجت ارتج ما عليها.
3 - حدثنا محمد بن الحسن رحمه الله قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن
أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن أبي جميلة عمن
ذكره، عن أبي جعفر " ع " قال: إن الغلظة في الكبد، والحياة في الرية والعقل
مسكنه القلب
4 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري
عن محمد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب، عن بعض أصحابنا رفع الحديث قال
لما خلق الله عز وجل طينة آدم أمر الرياح الأربعة فجرت عليها فأخذت من كل
ريح طبيعتها.
5 - حدثنا علي بن أحمد رحمه الله قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي
عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن إسماعيل بن أبي زياد
السكوني قال: قال أبو عبد الله " ع " إنما صار الانسان يأكل ويشرب بالنار
ويبصر ويعمل بالنور ويسمع ويشم بالريح ويجد طعم الطعام والشراب بالماء
ويتحرك بالروح، ولولا أن النار في معدته ما هضمت، أو قال: حطمت الطعام
والشراب في جوفه ولولا الريح ما التهبت نار المعدة ولا خرج الثقل من بطنه
ولولا الروح ما تحرك ولا جاء ولا ذهب، ولولا برد الماء لأحرقته نار المعدة
ولولا النور ما بصر ولا عقل، فالطين صورته، والعظم في جسده بمنزلة الشجرة في
الأرض والدم في جسده بمنزلة الماء في الأرض، ولا قوام للأرض إلا بالماء، ولا
قوام لجسد الانسان إلا بالدم والمخ دسم الدم وزبده، فهكذا الانسان خلق من
شأن الدنيا وشأن الآخرة فإذا جمع الله بينهما صارت حياته في الأرض لأنه نزل
من شأن السماء إلى الدنيا فإذا فرق الله بينهما صارت تلك الفرقة الموت ترد شأن
الأخرى إلى السماء، فالحياة في الأرض والموت في السماء، وذلك أنه يفرق بين
107

الأرواح والجسد، فردت الروح والنور إلى القدرة الأولى وترك الجسد لأنه من
شأن الدنيا وإنما فسد الجسد في الدنيا لان الريح تنشف الماء فييبس فيبقى الطين
فيصير رفاتا ويبلى ويرجع كل إلى جوهره الأول وتحركت الروح بالنفس والنفس
حركتها من الريح فما كان من نفس المؤمن فهو نور مؤيد بالعقل وما كان من نفس
الكافر فهو نار مؤيد بالنكراء له فهذه صورة نار وهذه صورة نور والموت رحمة
من الله لعباده المؤمنين ونقمة على الكافرين، ولله عقوبتان أحديهما أمر الروح
والأخرى تسليط بعض الناس على بعض، فما كان من قبل الروح فهو السقم والفقر
وما كان من تسليط فهو النقمة، وذلك قوله تعالى: (وكذلك نولي بعض الظالمين
بعضا بما كانوا يكسبون من الذنوب) فما كان من ذنب الروح من ذلك سقم وفقر
وما كان تسليط فهو النقمة وكان ذلك للمؤمن عقوبة له في الدنيا، وعذاب له
فيها، واما الكافر فنقمته عليه في الدنيا وسوء العذاب في الآخرة ولا يكون ذلك
إلا بذنب، والذنب من الشهوة، وهي من المؤمن خطأ ونسيان، وأن يكون
مستكرها وما لا يطيق، وما كان في الكافر فعمد وجحود واعتداء وحسد وذلك
قول الله عز وجل: (كفارا حسدا من عند أنفسهم).
6 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا عبد الله بن جعفر
الحميري قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن بعض
أصحابنا يرفعه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام عرفان المرء نفسه ان يعرفها
بأربع طبايع وأربع دعايم وأربعة أركان، وطبايعه: الدم والمرة والريح والبلغم،
ودعائمه الأربع العقل ومن العقل: الفطنة والفهم والحفظ والعلم، وأركانه النور
والنار والروح والماء فأبصر وسمع وعقل بالنور واكل وشرب بالنار وجامع وتحرك
بالروح ووجد طعم الذوق والطعم بالماء فهذا تأسيس صورته فإذا كان عالما حافظا
ذكيا فطنا فهما عرف فيما هو ومن أين تأتيه الأشياء ولأي شئ هو هاهنا إلى ما
هو صاير بإخلاص الوحدانية والاقرار بالطاعة وقد جرى فيه النفس وهي حارة
108

وتجري فيه وهي باردة فإذا حلت به الحرارة أشر وبطر وارتاح وقتل وسرق وبهج
واستبشر وفجر وزنا واهتز وبذخ، وإذا كانت باردة اهتم وحزن واستكان وذبل
ونسي وأيس، فهي العوارض التي يكون منها الأسقام فإنه سبيلها ولا يكون أول
ذلك إلا لخطيئة عملها فيوافق ذلك مأكل أو مشرب في أحد ساعات لا تكون
تلك الساعة موافقة لذلك المأكل والمشرب بحال الخطيئة فيستوجب الألم من ألوان
الأسقام. وقال جوارح الانسان وعروقه وأعضائه جنود لله مجندة عليه فإذا أراد
الله به سقما سلطها عليه فأسقمه من حيث يريد به ذلك السقم.
7 - حدثنا محمد بن موسى البرقي قال: حدثنا علي بن محمد ماجيلويه، عن أحمد
ابن أبي عبد الله، عن أبيه، عن محمد بن سنان باسناده يرفعه إلى أمير المؤمنين " ع "
أنه قال: أعجب ما في الانسان قلبه وله موارد من الحكمة وأضداد من خلافها فان
سنح له الرجاء أذله الطمع وان هاج به الطمع أهلكه الحرص وان ملكه الياس قتله
الأسف وان عرض له الغضب اشتد به الغيظ وان سعد بالرضا نسي التحفظ وان
ناله الخوف شغله الحذر وان اتسع له الامن استلبته الغفلة وان حدثت له النعمة
أخذته العزة وان أصابته مصيبة فضحه الجزع وان استفاد مالا أطغاه الغنى وان
عضته فاقة شغله البلاء وان جهده الجوع قعد به الضعف وان أفرط في الشبع كظته
البطنة فكل تقصير به مضر وكل افراط به مفسد.
8 - وبهذا الاسناد عن محمد بن سنان عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: سمعته يقول لرجل: إعلم يا فلان ان منزلة القلب من الجسد بمنزلة
الامام من الناس الواجب الطاعة عليهم، الا ترى ان جميع جوارح الجسد شرط
للقلب وتراجمة له مؤدية عنه الأذنان والعينان والأنف والفم واليدان والرجلان
والفرج فان القلب إذا هم بالنظر فتح الرجل عينيه، وإذا هم بالاستماع حرك اذنيه
وفتح مسامعه فسمع، وإذا هم القلب بالشم استنشق بأنفه فادى تلك الرايحة إلى القلب
وإذا هم بالنطق تكلم باللسان، وإذا هم بالبطش عملت اليدان، وإذا هم بالحركة سعت
109

الرجلان، وإذا هم بالشهوة تحرك الذكر، فهذه كلها مؤدية عن القلب بالتحريك
وكذلك ينبغي للامام أن يطاع للامر منه.
9 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن شاذان بن أحمد بن عثمان البراوذي قال:
حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن الحارث بن سفيان السمرقندي قال: حدثنا صالح ابن سعيد الترمذي، عن عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن منبه:
انه وجد في التوراة صفة خلق آدم عليه السلام حين خلقه الله عز وجل وابتدعه،
قال الله تبارك وتعالى: انى خلقت آدم وركبت جسده من أربعة أشياء ثم
جعلتها وراثة في ولده تنمى في أجسادهم وينمون عليها إلى يوم القيامة، وركبت
جسده حين خلقته من رطب ويابس وسخن وبارد وذلك انى خلقته من تراب وماء
ثم جعلت فيه نفسا وروحا، فيبوسة كل جسد من قبل التراب ورطوبته من قبل
الماء وحرارته من قبل النفس وبرودته من قبل الروح، ثم خلقت في الجسد بعد هذه
الخلق الأول أربعة أنواع: وهن ملاك الجسد وقوامه بإذني لا يقوم الجسد إلا
بهن ولا تقوم منهن واحدة إلا بالأخرى، منها المرة السوداء والمرة الصفراء والدم
والبلغم ثم أسكن بعض هذا الخلق في بعض، فجعل مسكن اليبوسة في المرة
السوداء ومسكن الرطوبة في المرة الصفراء ومسكن الحرارة في الدم ومسكن البرودة
في البلغم، فأيما جسد اعتدلت به هذه الأنواع الأربع التي جعلتها ملاكه وقوامه
وكانت كل واحدة منهن أربعا لا تزيد ولا تنقص كملت صحته واعتدل بنيانه فإن
زاد منهن واحدة عليهن فقهرتهن ومالت بهن دخل على البدن السقم من ناحيتها
بقدر ما زادت، وإذا كانت ناقصة ثقل عنهن حتى تضعف عن طاقتهن وتعجز عن
مقارنتهن، وجعل عقله في دماغه، وسره في طينته، وغضبه في كبده، وصرامته في
قلبه، ورغبته في ريته، وضحكه في طحاله، وفرحه في حزنه، وكربه في وجهه،
وجعل فيه ثلاثمائة وستين مفصلا.
قال وهب: فالطبيب العالم بالداء والدواء يعلم من حيث يأتي السقم من
110

قبل زيادة تكون في إحدى هذه الفطرة الأربع أو نقصان منها، ويعلم الدواء الذي
به يعالجهن فيزيد في الناقصة منهن أو ينقص من الزائد حتى يستقيم الجسد على
فطرته ويعتدل الشئ بأقرانه، ثم تصير هذه الأخلاق التي ركب عليها الجسد
فطرا عليها تبني أخلاق بني آدم وبها توصف، فمن التراب العزم، ومن الماء اللين
ومن الحرارة الحدة، ومن البرودة الأناة فإن مالت به اليبوسة كان عزمه القسوة
وإن مالت به الرطوبة كانت لينة مهانة، وإن مالت به الحرارة كانت حدته طيشا
وسفها وإن مالت به البرودة كانت أناته ريبا وبلدا، فإن اعتدلت أخلاقه وكن
سواء، واستقامت فطرته كان جازما في أمره لينا في عزمه حادا في لينه متأنيا في
حدته لا يغلبه خلق من أخلاقه ولا يميل به، من أيها شاء استكثر ومن أيها شاء
استقل ومن أيها شاء عدل ويعلم كل خلق منها إذا علا عليه بأي شئ يمزجه
ويقومه فأخلاقه كلها معتدلة كما يجب أن يكون، فمن التراب قسوته وبخله وحصره
وفظاظته وبرمه وشحه ويأسه وقنوطه وعزمه واطراره، ومن الماء كرمه ومعروفه
وتوسعه وسهولته وتوسله وقربه وقبوله ورجاه واستبشاره، فإذا خاف ذو العقل
ان يغلب عليه أخلاق التراب ويميل به الزم كل خلق منها خلقا من أخلاق الماء
يمزجه بلينه، يلزم القسوة اللين، والحصر التوسع، والبخل العطاء، والفظاظة الكرم
والبرم التوسل، والشح السماح، والياس الرجا، والقنوط الاستبشار، والعزم القبول
والاطرار القرب، ثم من النفس حدته وخفته وشهوته ولهوه ولعبه وضحكه وسفهه
وخداعه وعنفه وخوفه، ومن الروح حلمه ووقاره وعفافه وحياؤه وبهاؤه وفهمه
وكرمه وصدقه ورفقه وكبره، وإذا خاف ذو العقل ان تغلب عليه أخلاق النفس
وتميل به الزم كل خلق منها خلقا من أخلاق الروح يقومه به يلزم الحدة الحلم،
والخفة الوقار، والشهوة العفاف، واللعب الحياء، والضحك الفهم، والسفه الكرم
والخداع الصدق، والعنف الرفق، والخوف الصبر ثم بالنفس سمع ابن آدم وأبصر
واكل وشرب وقام وقعد وضحك وبكى وفرح وحزن، وبالروح عرف الحق من
111

الباطل، والرشد من الغي، والصواب من الخطأ، وبه علم وتعلم، وحكم وعقل
واستحى وتكرم، وتفقه وتفهم، وتحذر وتقدم. ثم يقرن إلى أخلاقه عشر خصال
أخرى: الايمان والحلم والعقل والعلم والعمل واللين والورع والصدق والصبر والرفق
ففي هذه الأخلاق العشر جميع الدين كله، ولكل خلق منها عدو، فعدو الايمان
الكفر، وعدو الحلم الحمق، وعدو العقل الغي، وعدو العلم الجهل، وعدو العمل
الكسل، وعدو اللين العجلة، وعدو الورع الفجور، وعدو الصدق الكذب
وعدو الصبر الجزع، وعدو الرفق العنف. فإذا وهن الايمان تسلط عليه الكفر
وتعبده وحال بينه وبين كل شئ يرجو منفعته، وإذا صلب الايمان وهن له الكفر
وتعبده واستكان واعترف الايمان وإذا ضعف الحلم علا الحمق وحاطه وذبذبه وألبسه
الهوان بعد الكرامة فإذا استقام الحلم فضح الحمق وتبين عورته وأبدى سوءته
وكشف ستره وأكثر مذمته فإذا استقام اللين تكرم من الخفة والعجلة واطردت
الحدة وظهر الوقار والعفاف وعرفت السكينة وإذا ضعف الورع تسلط عليه
الفجور وظهر الاثم وتبين العدوان وكثر الظلم ونزل الحمق وعمل بالباطل وإذا
ضعف الصدق كثر الكذب وفشت الفرية وجاء الإفك بكل وجه والبهتان وإذا
حصل الصدق اختسأ الكذب وذل وصمت الإفك وأميتت الفرية وأهين البهتان
ودنا البر واقترب الخير وطردت الشره وإذا وهن الصبر وهن الدين وكثر الحزن
وزهق الجزع وأميتت الحسنة وذهب الاجر وإذا صلب الصبر خلص الدين وذهب
الحزن وأخر الجزع وأحييت الحسنة وعظم الاجر وتبين الحزم وذهب الوهن وإذا
ترك الرفق ظهر الغش وجاءت الفظاظة واشتدت الغلظة وكثر الغشم وترك العدل
وفشا المنكر وترك المعروف وظهر السفه ورفض الحلم وذهب العقل وترك العلم وفتر
العمل ومات الدين وضعف الصبر وغلب الورع ووهن الصدق وبطل تعبد أهل
الايمان فمن أخلاق العقل عشرة أخلاق صالحة والحلم والعلم والرشد والعفاف
والصيانة والحياء والرزانة والمداومة على الخير، وكراهة الشر، وطاعة الناصح،
112

فهذه عشرة أخلاق صالحه، ثم يتشعب من كل خلق منها عشرة خصال، فالحلم
يتشعب منه: حسن العواقب، والمحمدة في الناس وتشرف المنزلة، والسلب عن
السفه، وركوب الجميل، وصحبة الأبرار، والارتداع عن الضعة، والارتفاع عن
الخساسة، وشهوة اللين، والقرب من معالي الدرجات. ويتشعب من العلم: الشرف
وإن كان دنيا، والعز، وإن كان مهينا، والغنى وإن كان فقيرا، والقوة وإن كان
ضعيفا، والنبل وإن كان حقيرا، والقرب وإن كان قصيا، والجود وإن كان بخيلا
والحياء وإن كان صلفا، والمهابة وإن كان وضيعا، والسلامة وإن كان سقيما ويتشعب
من الرشد: السداد، والهدى، والبر، والتقوى، والعبادة، والقصد، والاقتصاد
والقناعة، والكرم، والصدق. ويتشعب من العفاف: الكفاية، والاستكانة،
والمصادقة، والمراقبة، والصبر، والنصر، واليقين، والرضا، والراحة، والتسليم. ويتشعب
من الصيانة الكف، والورع، وحسن الثناء، والتزكية، والمروة، والكرم، والغبطة
والسرور، والمنالة، والتفكر. ويتشعب من الحياء: اللين، والرأفة، والرحمة، والمداومة
والبشاشة، والمطاوعة وذل النفس التقي، والورع، وحسن الخلق. ويتشعب من
المداومة على الخير: الصلاح والاقتدار، والعز، والاخبات، والإنابة، والسؤدد
والامن، والرضا في الناس، وحسن العاقبة. ويتشعب من كراهة الشر: حسن الأمانة
وترك الخيانة واجتناب وتحصين الفرج، وصدق اللسان، والتواضع، والتضرع
لمن هو فوقه، والانصاف لمن هو دونه، وحسن الجوار، ومجانبة اخوان السوء.
ويتشعب من الرزانة: التوقر والسكون، والتأني، والعلم، والتمكين، والحظوة،
والمحبة، والفلح، والزكاية، والإنابة. ويتشعب من طاعة الناصح: زيادة العقل،
وكمال اللب، ومحمدة الناس، والامتعاض من اللوم، والبعد من البطش، واستصلاح
الحال، ومراقبة ما هو نازل، والاستعداد للغد والاستقامة على المنهاج، والمداومة
على الرشاد. فهذه مائة خصلة من أخلاق العاقل.
10 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله قال: حدثنا محمد
113

ابن الحسن الصفار قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله البرقي، عن علي بن حديد، عن
سماعة بن مهران قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وعنده نفر من مواليه فجرى ذكر العقل والجهل، فقال أبو عبد الله " ع ": اعرفوا العقل وجنده تهتدوا
واعرفوا الجهل وجنده تهتدوا. قال سماعة: قلت جعلت فداك لا نعرف إلا ما
عرفتنا؟ فقال أبو عبد الله " ع ": ان الله تبارك وتعالى خلق العقل وهو أول خلق
خلقه من الروحانيين عن يمين العرش من نوره، فقال له: أدبر فأدبر، ثم قال له:
اقبل فاقبل فقال الله تبارك وتعالى له: خلقتك خلقا عظيما وكرمتك على جميع خلقي
قال ثم خلق الجهل من البحر الأجاج الظلماني فقال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: اقبل
فلم يقبل فقال الله عز وجل: استكبرت فلعنت، ثم جعل للعقل خمسة و سبعين جندا
فلما رأى الجهل ما اكرام به العقل وما أعطاه أضمر له العداوة، فقال الجهل يا رب
هذا خلق مثلي خلقته فكرمته وقويته وانا ضده فلا قوة لي به فاعطني من الجند مثل
ما أعطيته، فقال نعم فإن عصيتني بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي قال رضيت
فأعطاه خمسة وسبعين جندا. فكان مما أعطاه الله عز وجل للعقل من الخمسة والسبعين
الجند. الخير وهو وزير العقل وجعل ضده الشر وهو وزير الجهل، والايمان وضده
الكفر، والتصديق وضده، الجحود، والرجاء وضده القنوط، والعقل وضده الجور
والرضا وضده السخط، والشكر وضده الكفران، والطمع وضده الياس، والتوكل
وضده الحرص، والعلم وضده الجهل، والفهم وضده الحمق، والعفة وضدها التهتك
والزهد وضده الرغبة، والرفق وضده الخرق، والرهبة وضدها الجرأة، والتواضع
وضده التكبر، والتوءدة وضدها التسرع، والحلم وضده السفه، والصمت وضده
الهذر، والاستسلام وضده الاستكبار، والتسليم وضده التجبر، والعفو وضده الحقد
والرحمة وضدها القسوة، واليقين وضده الشك، والصبر وضده الجزع، والصفح
وضده الانتقام، والغنى وضده الفقر، والتذكر وضده السهو، والحفظ وضده
النسيان، والتعطف وضده القطيعة، والقنوع وضده الحرص، والمواساة وضدها
114

المنع، والمودة وضدها العداوة، والوفاء وضده الغدر، والطاعة وضدها المعصية
والخضوع وضده التطاول، والسلامة وضدها البلاء، والحب وضده البغض، والصدق
وضده الكذب، والحق وضده الباطل، والأمانة وضدها الخيانة، والاخلاص وضده
الشرك، والشهامة، وضدها البلادة، والفطنة وضدها الغباوة، والمعرفة وضدها الانكار
والمداراة وضدها المكاشفة، وسلامة الغيب وضدها المماكرة، والكتمان وضده
الإفشاء، والصلاة وضدها الإضاعة، والصوم وضده الافطار، والجهاد وضده
النكول والحج وضده نبذ الميثاق، وصون الحديث وضده النميمة، وبر الوالدين
وضده العقوق، والحقيقة وضدها، الرياء، والمعروف وضده المنكر، والستر وضده
التبرج، والتقية وضدها الإذاعة، والانصاف وضده الحمية، والنظافة وضدها القذارة
والحياء وضده الخلع، والقصد وضده العدوان، والراحة وضدها التعب، والسهولة
وضدها الصعوبة، والبركة وضدها المحق، والعافية وضدها البلاء، والقوام وضده
المكاثرة والحكمة وضدها النقاوة، والوقار وضده الخفة، والسعادة وضدها الشقاوة
والتوبة وضدها الاصرار، والاستغفار وضده الاغترار، والمحافظة وضدها التهاون
والدعاء وضده الاستنكاف، والنشاط وضده الكسل، والفرح وضده الحزن،
والإلفة وضدها الفرقة، والسخاء وضدها البخل.
ولا تجتمع هذه الخصال كلها من أجناد العقل إلا في نبي أو وصي أو مؤمن
امتحن الله قلبه للايمان، وأما ساير ذلك من موالينا فإن أحدهم لا يخلو من أن يكون
فيه بعض هذه الجنود حتى يستكمل ويتقى من جنود الجهل، فعند ذلك يكون في
الدرجة العليا مع الأنبياء والأوصياء عليهم السلام وإنما يدرك الحق بمعرفة العقل
وجنوده ومجانبة الجهل وجنوده، وعصمنا الله وإياكم لطاعته ومرضاته.
11 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا
محمد بن الحسن الصفار قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن أبي إسحاق إبراهيم بن
الهيثم الخفاف، عن رجل من أصحابنا، عن عبد الملك بن هشام، عن علي الأشعري
115

رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما عبد الله بمثل العقل، وما تم عقل امرء حتى يكون
فيه عشر خصال: الخير منه مأمول والشر منه مأمون، يستقل كثير الخير من عنده
ويستكثر قليل الخير من غيره، ولا يتبرم بطلاب الحوايج إليه ولا يسأم من طلب
العلم طول عمره، الفقر أحب إليه من الغنى والذل أحب إليه من العز، نصيبه من
الدنيا القوت والمعاشرة، واما المعاشرة لا برى أحدا إلا قال: هو خير مني وأتقى إنما
الناس رجلان: فرجل هو خير منه وأتقى، وآخر هو شر منه وأدنى، فإذا التقى الذي
هو خير منه وأتقى تواضع له ليحلق به، وإذا التقى الذي هو شر منه وأدنى قال: عسى
أن يكون خير هذا باطنا وشره ظاهرا وعسى ان يختم له بخير، فإذا فعل ذلك فقد
علا مجده وساد أهل زمانه.
12 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا علي الحسين السعد آبادي
عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن أبي نهشل، عن محمد بن إسماعيل
عن أبيه، عن أبي حمزة، قال: سمعت أبا جعفر " ع " يقول: إن الله عز وجل خلقنا
من أعلى عليين، وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه، وخلق أبدانهم من دون ذلك
فقلوبهم تهوى إلينا لأنها خلقت مما خلقنا منه ثم تلا هذه الآية: (كلا ان كتاب
الأبرار لفي عليين، وما أدريك ما عليون، كتاب مرقوم، يشهده المقربون).
13 - حدثنا أحمد بن هارون قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحميري، عن أبيه
عن يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن أبي نعيم الهذلي، عن رجل، عن علي
ابن الحسين " ع " قال: إن الله تبارك وتعالى خلق النبيين من طينة عليين قلوبهم
وأبدانهم، وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة، وخلق أبدان المؤمنين من دون
ذلك، وخلق الكفار من طينة سجين قلوبهم وأبدانهم، فخلط بين الطينتين، فمن
هذا يلد المؤمن الكافر ويلد الكافر المؤمن، ومن هاهنا يصيب المؤمن السيئة، ومن
هاهنا يصيب الكافر الحسنة، فقلوب المؤمنين تحن إلى ما خلقوا منه، وقلوب الكافرين
تحن إلى ما خلقوا منه.
116

14 - حدثنا علي بن أحمد قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن محمد
ابن إسماعيل رفع إلى محمد بن سنان، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله " ع " قال إن
الله تبارك وتعالى خلقنا من نور مبتدع من نور رسخ ذلك النور في طينة من
أعلا عليين وخلق قلوب شيعتنا مما خلق منه أبداننا وخلق أبدانهم من طينة دون
ذلك فقلوبهم تهوى إلينا لأنها خلقت مما خلقنا منه، ثم قرأ (كلا ان كتاب الأبرار
لفي عليين وما أدريك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون) وان الله تبارك
وتعالى خلق قلوب أعدائنا من طينة من سجين، وخلق أبدانهم من طينة من دون
ذلك، وخلق قلوب شيعتهم مما خلق منه أبدانهم فقلوبهم تهوى إليهم، ثم قرأ: (ان
كتاب الفجار لفي سجين وما أدريك ما سجين كتاب مرقوم ويل يؤمئذ للمكذبين)
15 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن
محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي رفعه قال: قال أبو عبد الله " ع " ان الله
عز وجل خلقنا من عليين وخلق أرواحنا من فوق ذلك، وخلق أرواح شعيتنا من
عليين، وخلق أجسادهم من دون ذلك، فمن أجل ذلك كانت القرابة بيننا وبينهم
ومن ثم تحن قلوبهم إلينا.
16 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا
محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن ابن العرزمي، عن أبيه
عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر " ع " قال: إذا أردت ان تعلم أن فيك خيرا فانظر
إلى قلبك، فإن كان يحب أهل طاعة الله عز وجل ويبغض أهل معصيته ففيك خير
والله يحبك، وإن كان يبغض أهل طاعة الله ويحب أهل معصيته فليس فيك خير
والله يبغضك والمرء مع من أحب.
(باب 97 - علة المعرفة والجحود)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن
الحسن بن علي بن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر " ع "
117

عن قول الله عز وجل: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم
على أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا: بلى) قال ثبتت المعرفة ونسوا الموقت وسيذكرونه
يوما،، ولولا ذلك لم يدر أحد من خالقه ولا من رازقه.
2 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري
عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمان بن كثير، عن داود الرقي
عن أبي عبد الله " ع " قال: لما أراد الله عز وجل ان يخلق الخلق خلقهم ونشرهم
بين يديه ثم قال لهم من ربكم؟ فأول من نطق رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين
والأئمة صلوات عليهم أجمعين فقالوا: أنت ربنا، فحملهم العلم والدين، ثم قال
للملائكة هؤلاء حملة ديني وعلمي وأمنائي في خلقي وهم المسؤولون، ثم قيل لبني آدم
أقروا لله بالربوبية ولهؤلاء النفر بالطاعة والولاية فقالوا نعم ربنا أقررنا، فقال الله
جل جلاله للملائكة اشهدوا، فقالت الملائكة شهدنا على أن لا يقولوا غدا إنا كنا
عن هذا غافلين أو يقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا
بما فعل المبطلون، يا داود، الأنبياء مؤكدة عليهم في الميثاق.
3 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن محمد
ابن إسماعيل بن بزيغ، عن صالح بن عقبة، عن عبد الله بن محمد الجعفي وعقبة جميعا
عن أبي جعفر " ع " قال: إن الله عز وجل خلق الخلق فخلق من أحب مما أحب
وكان ما أحب ان خلقه من طينة الجنة، وخلق من أبغض مما أبغض وكان ما أبغض
أن خلقه من طينة النار، ثم بعثهم في الظلال، فقلت وأي شئ الظلال؟ فقال ألم
تر إلى ظلك في الشمس شئ وليس بشئ، ثم بعث منهم النبيين فدعوهم إلى الاقرار
بالله وهو قوله عز وجل: (ولئن سئلتهم من خلقهم ليقولن الله) ثم دعوهم إلى الاقرار
بالنبيين فأنكر بعض وأقر بعض ثم دعوهم إلى ولايتنا فأقر بها والله من أحب
وأنكرها من أبغض وهو قوله عز وجل: (ما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل)
ثم قال أبو جعفر " ع ": كان التكذيب ثم.
118

(باب 98 - علة احتجاب الله جل جلاله عن خلقه)
1 - حدثنا الحسين بن أحمد، عن أبيه قال: حدثنا محمد بن بندار، عن محمد
ابن علي، عن محمد بن عبد الله الخراساني خادم الرضا قال: قال بعض الزنادقة لأبي
الحسن " ع ": لم احتجب الله؟ فقال أبو الحسن عليه السلام: ان الحجاب عن
الخلق لكثرة ذنوبهم فأما هو فلا تخفى عليه خافية في آناء الليل والنهار، قال فلم،
لا تدركه حاسة البصر؟ قال للفرق بينه وبين خلقه الذين تدركهم حاسة الابصار ثم
هو أجل من أن تدركه الابصار أو يحيط به وهم أو يضبطه عقل، قال: فحده لي؟
قال إنه لا يحد، قال لم؟ قال: لأنه كل محدود منتهاه إلى حد، فإذا احتمل التحديد
احتمل الزيادة، وإذا احتمل الزيادة احتمل النقصان، فهو غير محدود ولا متزايد
ولا متجزئ ولا متوهم.
2 - أخبرني علي بن حاتم قال: حدثنا القاسم بن محمد قال: حدثنا حمدان بن
الحسين، عن الحسين بن الوليد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي حمزة الثمالي قال:
قلت لعلي بن الحسين عليهما السلام لأي علة حجب الله عز وجل الخلق عن نفسه؟
قال: لان الله تبارك وتعالى بناهم بنية علي الجهل فلو انهم كانوا ينظرون الله عز وجل
لما كانوا بالذي يهابونه ولا يعظمونه، نظير ذلك أحدكم إذا نظر إلى بيت الله الحرام
أول مرة عظمه فإذا آتت عليه أيام وهو يراه لا يكاد أن ينظر إليه إذا مر به ولا
يعظمه ذلك التعظيم.
(باب 99 - علة إثبات الأنبياء والرسل صلى الله عليهم وعلة اختلاف دلايلهم)
1 - حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد
ابن محمد بن عيسى، عن الحسين بن علي، عن عمرو بن أبي المقدام، عن إسحاق بن
غالب، عن أبي عبد الله " ع " في كلام له يقول فيه: الحمد لله المتحجب بالنور دون
خلقه، في الأفق الطامح والعز الشامخ والملك الباذخ، فوق كل شئ علا ومن كل
شئ دنا فتجلى لخلقه من غير أن يكون يرى، وهو يرى وهو بالمنظر الاعلى، فأحب
119

الاختصاص بالتوحيد إذا احتجب بنوره، وسما في علوه واستتر عن خلقه ليكون
له الحجة البالغة وابتعث فيهم النبيين مبشرين ومنذرين ليهلك من هلك عن بينة
ويحيى من حيى عن بينة وليعقل العباد، عن ربهم ما جهلوا وعرفوه بربوبيته بعدما
أنكروا، ويوحدوه بالإلهية بعد ما عندوا.
2 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا
محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن
النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان قال: سئل أبو عبد الله " ع " عن قول الله
عز وجل: (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم
ربك) ولذلك خلقهم فقال: كانوا أمة واحدة فبعث الله النبيين ليتخذ عليهم الحجة
3 - حدثنا حمزة بن محمد العلوي قال: أخبرني علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن
العباس بن عمرو الفقيمي، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله " ع " أنه قال
للزنديق الذي سأله من أين أثبت الرسل والأنبياء فقال: أنا لما أثبتنا ان لنا خالقا
صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق وكان ذلك الصانع حكيما متعاليا لم يجز أن
يشاهده خلقه ويلامسوه ويباشرهم ويباشروه ويحاجهم ويحاجوه ثبت ان له سفراء
في خلقه يعبرون عنه إلى خلقه وعباده ويدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به
بقائهم وفي تركه فنائهم فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه
والمعبرون عنه عز وجل وهم الأنبياء وصفوته من خلقه حكماء مؤدبون بالحكمة
مبعوثون بها غير مشاركين للناس في شئ من أحوالهم، مؤيدين من عند الحكيم
العليم بالحكمة، ثم ثبت ذلك في كل دهر وزمان ما أتت به الرسل والأنبياء من
الدلايل والبراهين لكيلا تخلو أرض الله من حجة يكون معه علم على صدق مقالته
وجواز عدالته.
4 - حدثنا علي بن أحمد رحمه الله قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي
عن موسى بن عمران، عن عمه الحسين بن يزيد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير
120

عن أبي عبد الله " ع " أنه سأله رجل فقال: لأي شئ بعث الله الأنبياء والرسل
إلى الناس فقال لئلا يكون للناس على الله حجة من بعد الرسل ولئلا يقولوا ما جائنا
من بشير ولا نذير وليكون حجة الله عليهم ألا تسمع الله عز وجل يقول: (حكاية
عن خزنة جهنم واحتجاجهم على أهل النار بالأنبياء والرسل (ألم يأتكم نذير قالوا بلى
قد جائنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شئ ان أنتم إلا في ضلال كبير).
5 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله
عن أبيه، عن غير واحد، عن الحسين بن نعيم الصحاف قال: قلت لأبي عبد الله
عليه السلام أيكون الرجل مؤمنا قد ثبت له الايمان ينقله الله بعد الايمان إلى
الكفر؟ قال إن الله هو العدل وإنما بعث الرسل ليدعوا الناس إلى الايمان بالله
ولا يدعوا أحد إلى الكفر، قلت فيكون الرجل كافرا قد ثبت له الكفر عند الله
فينقله الله بعد ذلك من الكفر إلى الايمان؟ قال: إن الله عز وجل خلق الناس على
الفطرة التي فطرهم الله عليها لا يعرفون أيمانا بشريعة ولا كفرا بجحود ثم ابتعت
الله الرسل إليهم يدعونهم إلى الايمان بالله حجة الله عليهم فمنهم من هداه الله ومنهم
من لم يهده.
6 - حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه الله قال حدثنا الحسين بن محمد بن
علي قال حدثنا أبو عبد الله السياري عن أبي يعقوب البغدادي قال: قال ابن السكيت
لأبي الحسن الرضا " ع " لماذا بعث الله عز وجل موسى بن عمران بالعصا ويده البيضاء
وآلة السحر وبعث عيسى بالطب وبعث محمدا صلى الله عليه وآله بالكلام والخطب فقال: أبو
الحسن " ع " ان الله تبارك وتعالى لما بعث موسى عليه السلام كان الأغلب على أهل
عصره السحر فأتاهم من عند الله عز وجل بما لم يكن في وسع القوم مثله وبما أبطل
به سحرهم وأثبت به الحجة عليهم وان الله تبارك وتعالى بعث عيسى عليه السلام في
وقت ظهرت فيه الزمانات وأحتاج الناس إلى الطب فأتاهم من عند الله عز وجل بما
لم يكن عندهم مثله وبما أحيى لهم الموتى وابرء لهم الأكمه والأبرص بإذن الله
121

عز وجل وأثبت به الحجة عليهم وان الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وآله في وقت
كان الأغلب على أهل عصره الخطب والكلام وأظنه قال والشعر فأتاهم من كتاب
الله عز وجل ومواعظه واحكامه ما أبطل به قولهم وأثبت به الحجة عليهم فقال ابن
السكيت تالله ما رأيت مثلك اليوم قط فما الحجة على الخلق اليوم فقال " ع " العقل
يعرف به الصادق على الله فيصدقه، والكاذب على الله فيكذبه فقال ابن السكيت
هذا هو والله الجواب.
(باب 100 - علة المعجزة)
1 - حدثنا علي بن أحمد قال حدثنا محمد بن أبي عبد الله عن موسى بن عمران
عن عمه، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله " ع " لأي
علة اعطى الله عز وجل أنبيائه ورسله وأعطاكم المعجزة؟ فقال: ليكون دليلا على
صدق من أتى به والمعجزة علامة لله لا يعطيها إلا أنبيائه ورسله وحججه ليعرف به
صدق الصادق من كذب الكاذب.
(باب 101 العلة التي من أجلها سمى أولوا العزم أولى العزم)
1 - أبى رحمه الله عن سعد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي
ابن الحكم عن المفضل بن صالح بن جابر بن يزيد عن أبي جعفر " ع " في قول الله
عز وجل ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما قال عهد إليه في محمد
والأئمة من بعده فترك ولم يكن له عزم فيهم انهم هكذا وإنما سمى أولوا العزم
لأنهم عهد إليهم في محمد والأوصياء من بعده والمهدي وسيرته فاجمع عزمهم ان ذلك
كذلك والاقرار به.
2 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنهم قال حدثنا
أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال حدثنا علي بن الحسن بن فضال عن أبيه عن أبي
الحسن الرضا " ع " قال: إنما سمى أولوا العزم أولى العزم لأنهم كانوا أصحاب
العزايم والشرايع وذلك أن كل نبي كان بعد نوح " ع " كان على شريعته ومنهاجه
122

وتابعا لكتابه إلى زمان إبراهيم الخليل " ع " وكل نبي كان في أيام إبراهيم وبعده
كان على شريعة إبراهيم ومنهاجه وتابعا لكتابه إلى زمن موسى " ع " وكل نبي
كان في زمن موسى " ع " وبعده كان على شريعة موسى ومنهاجه وتابعا لكتابه
أي أيام عيسى " " وكل نبي كان في أيام عيسى " ع " وبعده كان على منهاج عيسى
وشريعته وتابعا لكتابه إلى زمن نبينا محمد صلى الله عليه وآله فهؤلاء الخمسة هم أولوا العزم وهم
أفضل الأنبياء والرسل " ع " وشريعة محمد صلى الله عليه وآله لا تنسخ إلى يوم القيامة ولا نبي
بعده إلى يوم القيامة فمن ادعى بعد نبينا أو أتى بعد القرآن بكتاب فدمه مباح
لكل من سمع ذلك منه.
(باب 102 - العلة التي من أجلها أمر الله تعالى بطاعة الرسل)
(والأئمة صلوات الله عليهم)
1 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن
الحسين السعد آبادي عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن حماد بن عيسى عن ابن
أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس قال سمعت أمير المؤمنين " ع " يقول
إنما الطاعة لله عز وجل ولرسوله ولولاة الامر وإنما أمر بطاعة أولي الأمر لأنهم
معصومون مطهرون ولا يأمرون بمعصيته.
(باب 103 - العلة التي من أجلها يحتاج إلى النبي والامام عليهما السلام)
1 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال حدثنا
عبد العزيز بن يحيى قال حدثنا المغيرة بن محمد قال حدثنا رجاء بن سلمة عن عمرو
ابن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر
عليهما السلام لأي شئ يحتاج إلى النبي صلى الله عليه وآله والامام؟ فقال لبقاء العالم على صلاحه
وذلك أن الله عز وجل يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبي أو أمام قال
الله عز وجل وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وقال النبي صلى الله عليه وآله النجوم أمان لأهل
السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يكرهون
123

وإذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يكرهون يعني باهل بيته الأئمة الذين قرن
الله عز وجل طاعتهم بطاعته فقال (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول
وأولي الأمر منكم) وهم المعصومون المطهرون الذين لا يذنبون ولا يعصون وهم
المؤيدون الموفقون المسددون بهم يرزق الله عباده وبهم تعمر بلاده وبهم ينزل القطر
من السماء وبهم يخرج بركات الأرض وبهم يمهل أهل المعاصي ولا يعجل عليهم
بالعقوبة والعذاب لا يفارقهم روح القدس ولا يفارقونه ولا يفارقون القرآن ولا
يفارقهم صلوات الله عليهم أجمعين.
(104 - العلة التي من أجلها صار النبي صلى الله عليه وآله)
(أفضل الأنبياء عليهم السلام)
1 - حدثنا الحسن بن علي بن أحمد الصايغ رضي الله عنه قال: حدثنا احمد
ابن محمد بن سعيد الكوفي قال: حدثنا جعفر بن عبيد الله عن الحسن بن محبوب
عن صالح بن سهل عن أبي عبد الله " ع " قال إن بعض قريش قال لرسول الله صلى الله عليه وآله
بأي شئ سبقت الأنبياء وفضلت عليهم وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم قال إني كنت
أول من أقر بربي جل جلاله وأول من أجاب حيث أخذ الله ميثاق النبيين وأشهدهم
على أنفسهم الست بربكم قالوا بلى فكنت أول نبي قال بلى فسبقتهم إلى الاقرار
بالله عز وجل.
(باب 105 - العلة التي من أجلها سمى النبي صلى الله عليه وآله الأمي)
1 - أبى رحمه الله قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى
عن ابن عبد الله محمد بن خالد البرقي عن جعفر بن محمد الصوفي قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام فقلت يا بن رسول الله لم سمي النبي الأمي؟ فقال:
ما يقول الناس قلت يزعمون أنه إنما سمى الأمي لأنه لم يحسن ان يكتب فقال " ع "
كذبوا عليهم لعنة الله انى ذلك والله يقول في محكم كتابه (وهو الذي بعث في الأميين
رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة) فكيف كان
124

يعلمهم مالا يحسن والله لقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقرء ويكتب باثنتين وسبعين
أو قال بثلاثة وسبعين لسانا وإنما سمي الأمي لأنه كان من أهل مكة ومكة من
أمهات القرى وذلك قول الله عز وجل لينذر أم القرى ومن حولها.
2 - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله قال
حدثنا الحسن بن موسى الخشاب، عن علي بن حسان وعلي بن أسباط وغيره رفعه
عن أبي جعفر " ع " قلت إن الناس يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يكتب ولا
يقرأ فقال كذبوا لعنهم الله أنى يكون ذلك وقد يكون وقد قال الله عز وجل (وهو الذي بعث
في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان
كانوا من قبل لفي ضلال مبين) فكيف يعلمهم الكتاب والحكمة وليس يحسن ان
يقرأ ويكتب، قال قلت فلم سمي النبي الأمي قال لأنه نسب إلى مكة وذلك قول الله
عز وجل لتنذر أم القرى ومن حولها قام القرى مكة فقيل أمي لذلك.
3 - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه الله قال: حدثنا سعد بن
عبد الله قال: حدثنا عبد الله بن عامر عن عبد الرحمان بن أبي نجران عن يحيى بن
عمران الحلبي عن أبيه عن ابن عبد الله " ع " قال: سئل عن قول الله عز وجل
(وأوحي إلى هذا القرآن لا نذركم به ومن بلغ قال بكل لسان)
4 - حدثنا محمد بن الحسن رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله بن محمد
ابن الحسين بن أبي الخطاب عن شريف بن سابق التفليسي، عن الفضل بن أبي قرة
عن أبي عبد الله " ع " في قول يوسف إجعلني على خزائن الأرض انى حفيظ عليم،
قال حفيظ بما تحت يدي عليم بكل لسان.
5 - أبى رحمه الله قال حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثني معاوية بن حكيم
عن أحمد بن أبي نصر عن بعض أصحابه عن ابن عبد الله " ع " قال: كان
مما من الله عز وجل على رسول الله صلى الله عليه وآله انه كان يقرأ ولا يكتب، فلما توجه
أبو سفيان إلى أحد كتب العباس إلى النبي صلى الله عليه وآله فجاءه الكتاب وهو في بعض حيطان
125

المدينة فقرأه ولم يخبر أصحابه وأمرهم ان يدخلوا المدينة فلما دخلوا المدينة أخبرهم.
6 - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال
حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد ومحمد بن خالد البرقي عن محمد
ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله " ع " قال: كان النبي (ص) يقرأ
الكتاب ولا يكتب.
7 - أبى رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا أحمد بن محمد
ابن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن الحسن بن زياد
الصيقل قال: سمعت أبا عبد الله يقول كان مما خلق من الله عز وجل به على نبيه صلى الله عليه وآله
انه كان أميا لا يكتب ويقرأ الكتاب.
8 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا
أبو العباس أحمد بن إسحاق الماذراني بالبصرة قال: حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن
محمد قال حدثنا غانم بن الحسن السعدي قال: حدثنا مسلم بن خالد المكي عن جعفر
ابن محمد عن أبيه عليهما السلام قال: ما أنزل الله تعالى كتابا ولا وحيا إلا بالعربية
فكان يقع في مسامع الأنبياء عليهما السلام بألسنة قومهم وكان يقع في مسامع
نبينا بالعربية فإذا كلم به قومه كلمهم بالعربية فيقع في مسامعهم بلسانهم وكان أحدنا
لا يخاطب رسول الله بأي لسان خاطبه إلا وقع في مسامعه بالعربية كل ذلك يترجم
جبرئيل " ع " عنه تشريفا من الله عز وجل له.
(باب 106 - العلة التي من أجلها سمى النبي صلى الله عليه وآله محمد وأحمد)
(وأبا القاسم وبشيرا ونذيرا وداعيا وماحيا وعاقبا وحاشرا)
(واحيد وموقفا ومعقبا)
1 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثنا عمي محمد بن أبي
القاسم عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي الحسن علي بن الحسين البرقي، عن
126

عبد الله بن جبلة، عن معاوية بن عمار، عن الحسن بن عبد الله بن آبائه عن جده
الحسن بن علي بن أبي طالب " ع " قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
فسأله أعلمهم فيما سأله فقال لأي شئ سميت محمد وأحمد وأبا القاسم وبشيرا ونذيرا
وداعيا؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله أما محمد فإني محمود في الأرض وأما احمد فإني محمود في
السماء وأما أبو القاسم فإن الله عز وجل يقسم يوم القيامة قسمة النار فمن كفر بي
من الأولين والآخرين ففي النار ويقسم قسمة الجنة فمن آمن بي وأقر بنبوتي ففي
الجنة وأما الداعي فإني ادعوا الناس إلى دين ربي عز وجل وأما النذير فإني أنذر
بالنار من عصاني وأما البشير فإني ابشر بالجنة من أطاعني.
2 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا
أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي قال حدثنا علي بن الحسن بن فضال عن أبيه قال
سألت أبا الحسن " ع " فقلت له لم كنى النبي صلى الله عليه وآله بأبي القاسم؟ فقال لأنه كان له ابن
يقال له قاسم فكنى به قال فقلت له يا بن رسول الله فهل تراني أهلا للزيادة؟ فقال
نعم، أنا علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أنا وعلي أبوا هذه الأمة قلت بلى،
قال اما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله أب لجميع أمته وعلي " ع " فيهم بمنزلته؟ فقلت
بلى قال اما علمت أن عليا قاسم الجنة والنار قلت بلى قال فقيل له أبو القاسم لأنه
أبو قسيم الجنة والنار فقلت له وما معنى ذلك؟ فقال إن شفقة النبي صلى الله عليه وآله على أمته
شفقة الآباء على الأولاد وأفضل أمته علي " ع " ومن بعده شفقة علي " ع " عليهم
كشفقته صلى الله عليه وآله لأنه وصيه وخليفته والامام بعده فلذلك قال صلى الله عليه وآله أنا وعلى أبوا
هذه الأمة، وصعد النبي صلى الله عليه وآله المنبر فقال من ترك دينا أو ضياعا فعلي والي، ومن
ترك مالا فلورثته فصار بذلك أولى بهم من آبائهم وأمهاتهم وصار أولى بهم منهم
بأنفسهم وكذلك أمير المؤمنين " ع " بعده جرى ذلك له مثل ما جرى لرسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم.
3 - حدثنا أبو الحسين محمد بن علي بن الشاه قال: حدثنا أبو بكر محمد بن
127

جعفر بن أحمد البغدادي بآمد قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن السخت قال
حدثنا محمد بن الأسود الوراق عن أيوب بن سليمان عن حفص بن البختري عن
محمد بن حميد عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله
أنا أشبه الناس بآدم وإبراهيم أشبه الناس بي خلقه وخلقه وسماني الله من فوق
عرشه عشرة أسماء وبين الله وصفي وبشرني على لسان كل رسول بعثه الله إلى
قومه وسماني ونشر في التوراة اسمى وبث ذكري في أهل التوراة والإنجيل وعلمني
كتابه ورفعني في سمائه وشق لي اسما من أسمائه فسماني محمدا وهو محمود وأخرجني
في خير قرن من أمتي وجعل اسمي في التوراة أحيد فبالتوحيد حرم أجساد أمتي
على النار وسماني في الإنجيل احمد فأنا محمود في أهل السماء وجعل أمتي الحامدين
وجعل اسمي في الزبور ماحي محى الله عز وجل بي من الأرض وعبادة الأوثان
وجعل اسمي في القرآن محمدا فأنا محمود في جميع القيامة في فصل القضاء لا يشفع
أحد غيري وسماني في القيامة حاشرا يحشر الناس على قدمي وسماني الموقف أوقف
الناس بين يدي الله عز وجل وسماني العاقب أنا عقب النبيين ليس بعدي رسول
وجعلني رسول الرحمة ورسول الملاحم والمقتفى قفيت النبيين جماعة
وانا المقيم الكامل الجامع ومن علي ربي وقال لي يا محمد صلى الله عليك فقد
أرسلت كل رسول إلى أمته بلسانها وأرسلتك إلى كل احمر واسود من خلقي
ونصرتك بالرعب الذي لم انصر به أحدا وأحللت لك الغنيمة ولم تحل لاحد قبلك
وأعطيتك لك ولامتك كنزا من كنوز عرشي فاتحة الكتاب وخاتمة سورة البقرة وجعلت لك ولأمتك الأرض كلها مسجدا و ترابها طهورا وأعطيت لك ولامتك
التكبير وقرنت ذكرك بذكري حتى لا يذكرني أحد من أمتك إلا ذكرك مع ذكري
فطوبى لك يا محمد ولامتك.
128

(باب 107 - العلة التي من أجلها قال الله عز وجل لنبيه صلى الله)
(عليه وآله فان كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين)
(يقرؤن الكتاب من قبلك)
1 - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال: حدثنا
جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه قال: حدثنا علي بن عبد الله عن بكر بن صالح
عن أبي الخير، عن محمد بن حسان، عن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل الدارمي
عن محمد بن سعيد الأذخري، وكان ممن يصحب موسى بن محمد بن علي الرضا ان
موسى أخبره ان يحيى بن أكثم كتب إليه يسأله عن مسائل فيها وأخبرني عن
قول الله عز وجل (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤن الكتاب
من قبلك) من المخاطب بالآية فإن كان المخاطب به النبي أليس قد شك فيما انزل الله
عز وجل إليه فإن كان المخاطب به غيره فعلى غيره إذا انزل الكتاب قال موسى
فسألت أخي علي بن محمد " ع " عن ذلك قال اما قوله فإن كنت في شك مما أنزلنا
إليك فاسأل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك فإن المخاطب بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله
ولم يكن في شك مما انزل الله عز وجل ولكن قالت الجهلة كيف لا يبعث إلينا نبيا
من الملائكة انه لم يفرق بينه وبين غيره في الاستغناء عن المأكل والمشرب والمشي
في الأسواق فأوحى الله عز وجل إلى نبيه صلى الله عليه وآله فاسأل الذين يقرؤن الكتاب من
قبلك بمحضر من الجهلة هل يبعث الله رسولا قبلك إلا وهو يأكل الطعام ويمشي
في الأسواق ولك بهم أسوة وإنما قال وان كنت في شك ولم يقل ولكن ليتبعهم
كما قال له صلى الله عليه وآله فقل: تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم
ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين، ولو قال تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم
لم يكونوا يجيبون للمباهلة وقد عرف ان نبيه صلى الله عليه وآله مؤدي عنه
رسالته وما هو من الكاذبين وكذلك عرف النبي صلى الله عليه وآله انه صادق فيما يقول ولكن
أحب ان ينصف من نفسه.
129

2 - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا الحسين بن الحسن
ابن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمير رفعه
إلى أحدهما في قول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله (فان كنت في شك مما أنزلنا إليك
فاسأل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا
أشك ولا أسأل.
(باب 108 - علة تسليم النبي صلى الله عليه وآله على الصبيان)
1 - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه
قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه أبى النصر محمد بن مسعود العياشي
قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال قال: حدثنا محمد بن الوليد عن العباس
ابن هلال عن علي بن موسى الرضا " ع " عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر
ابن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن
أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله خمس لا أدعهن حتى
الممات الاكل على الحضيض مع العبيد وركوبي الحمار مؤكفا وحلبي العنز بيدي
ولبس الصوف والتسليم على الصبيان ليكون ذلك سنة من بعدي.
(باب 109 - العلة التي من أجلها سمى النبي صلى الله عليه وآله يتيما)
1 - حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا
القطان قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثنا تميم بن بهلول عن أبيه
عن أبي الحسن العبدي، عن سليمان بن مهران، عن عباية بن ربعي عن ابن عباس
قال: سأل عن قول الله (ألم يجدك يتيما فآوى) قال: إنما سمى يتيما لأنه لم يكن له نظير
على وجه الأرض من الأولين والآخرين فقال الله عز وجل ممتنا عليه نعمة ألم
يجدك يتيما أي وحيدا لا نظير لك فآوى إليك الناس وعرفهم فضلك حتى عرفوك
ووجدك ضالا يقول منسوبا عند قومك إلى الضلالة فهداهم بمعرفتك ووجدك عائلا
يقول فقيرا عند قومك يقولون لا مال لك فأغناك الله بمال خديجة ثم زادك من
130

فضله فجعل دعائك مستجابا حتى لو دعوت على حجر أن يجعله الله لك ذهبا لنقل عينه
إلى مرادك وأتاك بالطعام حيث لا طعام وأتاك بالماء حيث لإماء وأغاثك بالملائكة
حيث لا مغيث فأظفرك بهم على أعدائك.
(باب 110 - العلة التي من أجلها أيتم الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله)
1 - حدثنا حمزة بن محمد العلوي رضي الله عنه قال: حدثنا أبو العباس احمد
ابن محمد الكوفي، عن علي بن الحسن بن فضال عن أخيه عن أحمد بن محمد
ابن عبد الله بن مروان عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله " ع "
قال إن الله عز وجل أيتم نبيه صلى الله عليه وآله لئلا يكون لاحد عليه طاعة.
(باب 111 - العلة التي من أجلها لم يبق لرسول الله صلى الله عليه وآله ولد)
1 - أخبرنا علي بن حاتم القزويني فيما كتب إلى قال: أخبرنا القاسم بن محمد
قال حدثنا حمدان بن الحسين عن الحسين بن الوليد عن عبد الله بن حماد عن عبد الله
ابن سنان عن أبي عبد الله " ع " قال: قلت له لأي علة لم يبق لرسول الله صلى الله عليه وآله ولد
قال لان الله عز وجل خلق محمدا صلى الله عليه وآله نبينا وعليا عليه السلام وصيا فلو كان
لرسول الله ولد من بعده لكان أولى برسول الله صلى الله عليه وآله من أمير المؤمنين فكانت
لا تثبت وصية أمير المؤمنين عليه السلام.
(باب 112 - علة المعراج)
1 - حدثنا محمد بن أحمد بن السناني وعلي بن أحمد بن محمد الدقاق والحسين
ابن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب وعلي بن عبد الله الوراق رضي الله عنهم
قالوا حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي الأسدي، عن موسى بن عمران النخعي
عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي عن علي بن سالم عن أبيه عن ثابت بن دينار قال
سألت زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب " ع " عن الله جل جلاله
هل يوصف بمكان فقال تعالى عن ذلك قلت فلما أسرى بنبيه محمد صلى الله عليه وآله إلى السماء
قال ليريه ملكوت السماوات وما فيها من عجائب صنعه وبدايع خلقه قلت فقول
131

الله عز وجل ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى قال ذاك رسول الله صلى الله عليه وآله
دنا من حجب النور فرأى ملكوت السماوات ثم تدلى صلى الله عليه وآله فنظر من تحته إلى
ملكوت الأرض حتى ظن أنه في القرب من الأرض كقاب قوسين أو أدنى.
2 - حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب وعلي بن عبد الله
الوراق وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنهم قالوا حدثنا علي بن
إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن يحيى بن أبي عمران وصالح بن السندي عن يونس
ابن عبد الرحمان قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام لأي علة
عرج الله بنبيه صلى الله عليه وآله إلى السماء ومنها إلى سدرة المنتهى ومنها إلى إلى حجب النور
وخاطبه وناجاه هناك والله لا يوصف بمكان فقال إن الله لا يوصف بمكان ولا يجرى
عليه زمان ولكنه عز وجل أراد ان يشرف به ملائكته وسكان سماواته ويكرمهم
بمشاهدته ويريه من عجايب عظمته ما يخبر به بعد هبوطه وليس ذلك على ما يقوله
المشبهون سبحان الله وتعالى عما يصفون.
(باب 112 - العلة التي من أجلها لم يسأل النبي صلى الله عليه وآله ربه)
(عز وجل التخفيف عن أمته من خمسين صلاة حتى سأله)
(موسى والعلة التي من أجلها لم يسأل التخفيف)
(عنهم من خمس صلوات)
1 - حدثنا محمد بن محمد بن عصام رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن يعقوب
قال: حدثنا علي بن محمد بن سليمان عن إسماعيل بن إبراهيم عن جعفر بن محمد
التميمي عن الحسين بن علوان عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عليه السلام قال:
سألت أبى سيد العابدين " ع " فقلت له يا أبة أخبرني عن جدنا رسول الله صلى الله عليه وآله لما
عرج به إلى السماء وأمره ربه عز وجل بخمسين صلاة كيف لم يسأله التخفيف عن
أمته حتى قال له موسى بن عمران ارجع إلى ربك فاسأل التخفيف فإن أمتك
لا تطيق ذلك فقال يا بني ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان لا يقترح على ربه عز وجل
132

ولا يراجعه في شئ يأمره به فلما سأله موسى عليه السلام ذلك فكان شفيعا لامته
إليه لم يجز له رد شفاعة أخيه موسى فرجع إلى ربه فسأله التخفيف إلى أن ردها إلى
خمس صلوات قال: قلت له يا أبة فلم لا يرجع إلى ربه عز وجل ويسأله التخفيف عن
خمس صلوات وقد سأله موسى " ع " ان يرجع إلى ربه ويسأله التخفيف؟ فقال له:
يا بني أراد صلى الله عليه وآله ان يحصل لامته التخفيف مع أجر خمسين صلاة يقول الله عز وجل
من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ألا ترى انه صلى الله عليه وآله لما هبط إلى الأرض نزل عليه
جبرئيل عليه السلام فقال يا محمد ان ربك يقرئك السلام ويقول إنها خمس بخمسين
ما يبدل القول لدى وما أنا بظلام للعبيد قال: فقلت له يا أبة أليس الله تعالى ذكره
لا يوصف بمكان قال تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا قلت فما معنى قول موسى " ع "
لرسول الله أرجع إلى ربك؟ فقال معناه: معنى قول إبراهيم عليه السلام انى ذاهب
إلى ربى سيهدين ومعنى قول موسى وعجلت إليك رب لترضى ومعنى قوله عز وجل
ففروا إلى الله يعني حجوا إلى بيت الله يا بني ان الكعبة بيت الله فمن حج بيت الله
فقد قصد إلى الله والمساجد بيوت الله فمن سعى إليها فقد سعى إلى الله وقصد إليه
والمصلى ما دام في صلاته فهو واقف بين يدي الله جل جلاله وأهل موقف عرفات هم
وقوف بين يدي الله عز وجل وان لله تعالى بقاعا في سماواته فمن عرج به إلى بقعة
منها فقد عرج به إليه ألا تسمع الله عز وجل يقول تعرج الملائكة والروح إليه
ويقول في قصة عيسى " ع " بل رفعه الله إليه ويقول عز وجل واليه يصعد الكلم
الطيب والعمل الصالح يرفعه.
(باب 114 - علة محبة النبي صلى الله عليه وآله لعقيل بن أبي طالب حبين)
1 - حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله
ابن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب " ع " قال: حدثني جدي يحيى
ابن الحسن قال حدثني إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي المقدسي قال: حدثنا علي
ابن الحسن، عن إبراهيم بن رستم عن أبي حمزة السكري عن جابر بن يزيد الجعفي
133

عن عبد الرحمان بن ساباط قال: كان النبي صلى الله عليه وآله يقول لعقيل إني لأحبك يا عقيل
حبين لك وحبا لحب أبى طالب لك.
(باب 115 - العلة التي من أجلها كان رسول الله صلى الله عليه وآله يحب)
(الذراع أكثر من حبه لسائر أعضاء الشاة)
1 - حدثنا محمد بن الحسن رحمه الله قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار عن
محمد بن أحمد، عن علي بن الريان عبيد الله بن عبد الله الواسطي عن واصل بن
سليمان أو عن درست يرفعه إلى أبى عبد الله " ع " قال: قلت له لم كان رسول الله صلى الله عليه وآله
يحب الذراع أكثر من حبه لسائر أعضاء الشاة قال: فقال لان آدم قرب قربانا عن
الأنبياء من ذريته فسمى لكل نبي عضوا وسمى لرسول الله صلى الله عليه وآله الذارع فمن ثم
كان يحب الذراع ويشتهيها ويحبها ويفضلها.
2 - وفي حديث آخر ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يحب الذراع لقربها من
المرعى وبعدها من المبال.
(باب 116 - العلة التي من أجلها سمى الأكرمون على الله تعالى)
(محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم)
1 - حدثنا أبو نصر أحمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد النيسابوري المرواني
بنيسابور وما لقيت أنصب منه قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران
السراج قال: حدثنا الحسن بن عرفة العبدي قال حدثنا وكيع بن الجراح عن محمد
ابن إسرائيل عن أبي صالح عن أبي ذر رحمه الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو
يقول خلقت أنا وعلي بن أبي طالب من نور واحد نسبح الله يمنة العرش قبل ان
يخلق آدم بألفي عام فلما ان خلق الله آدم جعل ذلك النور في صلبه ولقد سكن
الجنة ونحن في صلبه ولقد هم بالخطيئة ونحن في صلبه ولقد ركب نوح في السفينة
ونحن في صلبه ولقد قذف إبراهيم في النار ونحن في صلبه فلم يزل ينقلنا الله عز وجل
من أصلاب طاهرة إلى أرحام طاهرة حتى انتهى بنا إلى عبد المطلب فقسمنا بنصفين
134

فجعلني في صلب عبد الله وجعل عليا في صلب أبى طالب وجعل في النبوة والبركة
وجعل في علي الفصاحة والفروسية وشق لنا اسمين من أسمائه فذو العرش محمود وانا
محمد والله الاعلى وهذا علي.
2 - حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي قال: حدثنا فرات بن
إبراهيم الكوفي قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسين بن محمد قال حدثنا إبراهيم
ابن الفضل بن جعفر بن علي بن إبراهيم بن سليمان بن عبد الله بن العباس قال:
حدثنا الحسن بن علي الزعفراني البصري قال: حدثنا سهل بن يسار قال: حدثنا
أبو جعفر محمد بن علي الطايفي قال حدثنا محمد بن عبد الله مولى بني هاشم عن محمد
ابن إسحاق عن الواقدي عن الهذيل عن مكحول عن طاوس عن ابن عباس قال: قال
رسول الله لعلي بن أبي طالب " ع " لما خلق الله تعالى ذكره آدم ونفخ فيه من
روحه واسجد له ملائكته وأسكنه جنته وزوجه حواء أمته فوقع طرفه نحو العرش
فإذا هو بخمس سطور مكتوبات قال آدم يا رب ما هؤلاء؟ قال تعالى هؤلاء الذين إذا
شفعوا بهم إلى خلقي شفعتهم فقال آدم يا رب بقدر هم عندك ما اسمهم؟ فقال أما
الأول فأنا المحمود وهو محمد، والثاني فأنا العالي وهذا علي والثالث فأنا الفاطر وهذه
فاطمة والرابع فأنا المحسن وهذا الحسن والخامس فأنا ذو الاحسان وهذا الحسين كل
يحمد الله تعالى.
3 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد الدقاق رحمه الله قال: حدثنا محمد بن جعفر
الأسدي قال: حدثني موسى بن عمران النخعي عن الحسين بن يزيد عن محمد بن
سنان عن المفضل بن عمر عن ثابت بن دينار عن سعيد بن جبير قال: قال يزيد
ابن قعنب كنت جالسا مع العباس بن عبد المطلب وفريق من عبد العزى بإزاء
البيت الحرام إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين عليه السلام وكانت حاملة
به تسعة أشهر وقد أخذها الطلق فقالت رب انى مؤمنة بك وبما جاء من عندك من
رسل وكتب وانى مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل عليه السلام وانه بني البيت
135

العتيق فبحق الذي بني هذا البيت وبحق المولود الذي في بطني لما يسرت علي
ولادتي قال يزيد بن قعنب فرأينا البيت وقد انفتح عن ظهره ودخلت فاطمة
وغابت عن أبصارنا والتزق الحائط فرمنا ان ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح فعلمنا
ان ذلك أمر من الله تعالى ثم خرجت بعد الرابع وبيدها أمير المؤمنين عليه السلام
ثم قالت انى فضلت على من تقدمني من النساء لان آسية بنت مزاحم عبدت الله
سرا في موضع لا يحب ان يعبد الله فيه إلا اضطرارا وان مريم بنت عمران
هزت النخلة اليابسة بيدها حتى اكلت منها رطبا جنيا وانى دخلت بيت الله الحرام
وأكلت من ثمار الجنة وأرزاقها فلما أردت ان اخرج هتف بي هاتف يا فاطمة
سميه عليا فهو علي والله العلي الاعلى يقول انى شققت اسمه من اسمي وأدبته بأدبي
ووقفته على غامض علمي وهو الذي يكسر الأصنام في بيتي وهو الذي يؤذن فوق
ظهر بيتي ويقدسني ويمجدني فطوبى لمن أحبه وأطاعه وويل لمن عصاه وأبغضه
وصلي الله على محمد وآله الطاهرين.
4 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال حدثنا
عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال: حدثني المغيرة بن محمد بن قال حدثنا رجاء بن سلمة
عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي في حديث طويل يذكر أسماء أمير المؤمنين " ع "
في التوراة والإنجيل والزبور وعند الهند وعند الروم وعند الفرس وعند الترك
وعند الزنج وعند الكهنة وعند الحبشة وعند أبيه وعند أمه وعند ظئره وعند
العرب ثم يفسر كل اسم بمعناه ويقول في آخره اختلف الناس من أهل المعرفة لم
سمى علي عليا فقالت طائفة لم يسم أحد من ولد آدم قبله بهذا الاسم في العرب
ولا في العجم إلا أن يكون الرجل من العرب يقول ابني هذا على يريد من العلو
لا انه اسمه وإنما سمى به الناس بعده وفي وقته وقالت طائفة سمى عليا لعلوه على
كل من بارزه، وقالت طائفة سمى عليا لان داره في الجنان تعلو حتى
تحاذي منازل الأنبياء، وقالت طائفة سمى عليا لأنه علا على ظهر رسول الله صلى الله عليه وآله
136

بقدميه طاعة لله تعالى ولم يعل أحد على ظهر نبي غيره عند حط الأصنام من وسط
الكعبة، وقالت طائفة إنما سمي عليا لأنه زوج في أعلا السماوات، ولم يزوج
أحد من خلق الله في ذلك الموضع غيره، وقالت طائفة إنما سمي عليا لأنه أعلي
الناس علما بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
5 - حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي بن
الحسين السكري قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن زكريا بن دينار الغلابي قال:
حدثنا علي بن حكيم قال: حدثنا الربيع بن عبد الله، عن عبد الله بن الحسن، عن
محمد بن علي عن أبيه عليهما السلام، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال الغلابي
وحدثني شعيب بن واقد قال: حدثني إسحاق بن جعفر بن محمد، عن الحسين بن
عيسى بن زيد بن علي، عن أبيه عليه السلام عن جابر بن عبد الله، قال الغلابي:
وحدثنا العباس بن بكار قال: حدثنا حرب بن ميمون عن أبي حمزة الثمالي عن زيد
ابن علي عن أبيه عليهما السلام قال: لما ولدت فاطمة صلى الله عليها الحسن " ع "
قالت لعلى سمه فقال ما كنت لأسبق باسمه رسول الله فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله فأخرج
إليه في خرقة صفراء فقال: ألم أنهكم ان تلفوه في خرقة صفراء ثم رمى بها وأخذ خرقة
بيضاء فلفه فيها ثم قال لعلي عليه السلام هل سميته؟ فقال ما كنت لأسبقك باسمه
فقال صلى الله عليه وآله وما كنت لأسبق باسمه ربي عز وجل، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى
جبرئيل انه ولد لمحمد ابن فاهبط فاقرأه السلام وهنه وقل له ان عليا منك بمنزلة
هارون من موسى فسمه باسم ابن هارون، فهبط جبرئيل فهناه من الله تعالى ثم قال إن
الله جل جلاله يأمرك ان تسميه باسم ابن هارون قال: وما كان اسمه؟ قال شبر
قال لساني عربي، قال سمه الحسن فسماه الحسن، فلما ولد الحسين " ع " أوحي الله
تعالى إلى جبرئيل " ع " أنه قد ولد لمحمد ابن فاهبط إليه فهنه وقل له ان عليا منك
بمنزلة هارون من موسى فسمه باسم ابن هارون فهبط جبرئيل " ع " فهناه من الله
تعالى ثم قال: إن الله عز وجل يأمرك ان تسميه باسم ابن هارون، فقال وما كان
137

اسمه؟ قال: شبيرا، قال: لساني عربي، قال: سمه الحسين.
6 - وبهذا الاسناد عن الغلابي قال: حدثنا العباس بن بكار قال: حدثنا حرب
ابن ميمون عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه، عن جده عبد الله بن
عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وآله يا فاطمة اسم الحسن والحسين في أبنى هارون شبر وشبير
لكرامتهما على الله عز وجل.
7 - وبهذا الاسناد عن العباس بن بكار قال حدثنا عباد بن كثير وأبو بكر
الهذلي، عن ابن الزبير، عن جابر قال: لما حملت فاطمة بالحسن فولدت وقد كان
النبي صلى الله عليه وآله أمرهم ان يلفوه في خرقة بيضاء فلفوه في صفراء وقالت فاطمة عليها السلام
يا علي سمه فقال: ما كنت لأسبق باسمه رسول الله صلى الله عليه وآله فجاء النبي صلى الله عليه وآله فأخذه
وقبله وادخل لسانه في فيه فجعل الحسن " ع " يمصه ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله ألم
أتقدم إليكم إلا تلفوه في خرقة صفراء فدعا بخرقة بيضاء فلفه ورمى الصفراء
واذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى ثم قال لعلي " ع " ما سميته قال: ما كنت
لأسبقك باسمه فأوحى الله تعالى ذكره إلى جبرئيل " ع " انه قد ولد لمحمد ابن فاهبط
إليه فاقرأه السلام وهنه مني ومنك وقل له ان عليا منك بمنزلة هارون من موسى
فسمه باسم ابن هارون فهبط جبرئيل فهناه من الله تعالى ثم قال: إن الله جل جلاله
يأمرك ان تسميه باسم ابن هارون قال: ما كان اسمه؟ قال: شبر، قال: لساني
عربي قال: سمه الحسن فسماه الحسن فلما ولد الحسين جاء إليهم النبي ففعل به كما فعل
بالحسن " ع " وهبط جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله فقال إن الله تعالى يقرئك السلام ويقول
لك ان عليا منك بمنزلة هارون من موسى فسمه باسم ابن هارون قال: وما كان
أسمه؟ قال شبيرا قال لساني عربي قال فسمه الحسين فسماه الحسين.
8 - وبهذا الاسناد عن الغلابي قال: حدثنا الحكم بن أسلم قال حدثنا وكيع
عن الأعمش عن سالم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله انى سميت ابني هذين باسم ابني
هارون شبرا وشبيرا.
138

9 - حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي رحمه الله قال حدثني جدي قال
حدثني أحمد بن صالح التميمي قال حدثنا عبد الله بن عيسى عن جعفر بن محمد عن
أبيه عليهما السلام قال أهدى جبرئيل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله اسم الحسن بن علي " ع "
وخرقة حرير من ثياب الجنة واشتق اسم الحسين من اسم الحسن عليهما السلام.
10 - حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي رحمه الله قال: حدثني جدي
قال حدثنا داود بن القاسم قال أخبرنا عيسى قال: أخبرنا يوسف بن يعقوب قال
حدثنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال: لما ولدت فاطمة عليهما السلام
الحسن جاءت به إلى النبي فسماه حسنا فلما ولدت الحسين جاءت به إليه فقالت
يا رسول الله هذا أحسن من هذا فسماه حسينا.
(باب 117 - العلة التي من أجلها وجبت محبة الله تبارك وتعالى)
(ومحبة رسوله وأهل بيته صلوات الله عليهم على العباد)
1 - حدثنا أبو سعيد محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق المذكر النيسابوري
قال حدثنا أحمد بن العباس بن حمزة قال: حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي الكوفي قال
حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا هشام بن يوسف عن عبد الله بن سليمان النوفلي عن
محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله
أحبوا الله لما يغدوكم به من نعمه وأحبوني لحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي.
2 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رحمه الله قال: حدثنا أبو أحمد
القاسم بن بندار المعروف بأبي صالح الحذاء قال: حدثنا أبو حاتم محمد بن
إدريس الحنظلي قال حدثنا محمد بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك
الأنصاري قال: حدثنا حميد الطويل عن أنس مالك قال: جاء رجل من أهل
البادية، وكان يعجبنا ان يأتي الرجل من أهل البادية يسأل النبي صلى الله عليه وآله فقال
يا رسول الله متى قيام الساعة فحضرت الصلاة فلما قضى صلاته قال: أين السائل عن
الساعة قال أنا يا رسول الله قال فما أعددت لها؟ والله ما أعددت لها من كثير
139

عمل لا صلاة ولا صوم إلا اني أحب الله ورسوله فقال له النبي صلى الله عليه وآله، المرء مع
من أحب قال أنس فما رأيت المسلمين فرحوا بعد الاسلام بشئ أشد من
فرحهم بهذا.
3 - حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب القرشي قال: حدثنا أبو نصر
منصور بن عبد الله بن إبراهيم الأصبهاني قال: حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا
عثمان بن خرذاذ قال: حدثنا محمد بن عمران قال: حدثنا سعيد بن عمرو عن
عبد الرحمان بن أبي ليلى عن أبيه أبى ليلى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يؤمن
عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه وتكون عترتي إليه أعز من عترته ويكون أهلي
أحبه إليه من أهله وتكون ذاتي أحب إليه من ذاته.
(باب 118 - علة عشق الباطل)
1 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثنا عمي محمد بن أبي
القاسم عن محمد بن علي الكوفي عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر قال: سألت
أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق " ع " عن العشق فقال قلوب خلت من ذكر الله
فأذاقها الله حب غيره.
(باب 119 - علة وجوب الحب في الله والبغض فيه والموالاة)
1 - حدثنا محمد بن القاسم الأسترآبادي قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد
وعلي بن محمد بن يسار عن أبويهما عن الحسن بن علي بن محمد بن موسى بن جعفر
ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لبعض أصحابه ذات يوم يا عبد الله أحب في الله وابغض
في الله ووال في الله وعاد في الله فإنه لا تنال ولاية الله إلا بذلك ولا يجد رجل
طعم الايمان وان كثرت صلاته وصيامه حتى يكون كذلك وقد صارت مواخاة
الناس يومكم هذا أكثرها في الدنيا، عليها يتواددون وعليها يتباغضون وذلك
لا يغني عنهم من الله شيئا فقال له: وكيف لي ان اعلم انى قد واليت وعاديت في
140

الله عز وجل ومن ولى الله تعالى حتى أواليه، ومن عدوه حتى أعاديه فأشار له
رسول الله صلى الله عليه وآله إلى علي " ع " فقال أترى هذا فقال بلى فقال ولى هذا ولى الله
فواله وعدو هذا عدو الله فعاده ثم قال: وال ولى هذا ولو أنه قاتل أبيك وولدك
وعاد عدو هذا ولو أنه أبوك وولدك.
(باب 120 - في أن علة محبة أهل البيت " ع " طيب الولادة)
(وان علة بعضهم خبث الولادة)
1 - حدثنا أبي ومحمد بن الحسن رحمهما الله قالا: حدثنا سعد بن عبد الله
عن أحمد بن محمد بن خالد قال: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمان الكوفي وأبو يوسف
يعقوب بن يزيد الأنباري عن أبي محمد عبد الله بن محمد الغفاري عن الحسين بن
زيد عن الصادق أبى عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله من أحبنا أهل البيت فليحمد الله على أول النعم قيل وما أول
النعم؟ قال: طيب الولادة ولا يحبنا إلا مؤمن طابت ولادته.
2 - حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال:
حدثنا أبي عن أحمد بن أبي عبد الله عن محمد بن عيسى عن أبي محمد الأنصاري عن
غير واحد عن ابن جعفر " ع " قال: من أصبح يجد برد حبنا على قلبه فليحمد الله
على بادي النعم قيل ومابادي النعم قال طيب المولد.
3 - حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانة رحمه الله قال: حدثنا علي بن
إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم عن محمد بن أبي عمير عن أبي زياد الهندي عن
عبيد الله بن صالح عن زيد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن
علي عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله يا علي من أحبني وأحبك وأحب الأئمة من ولدك فليحمد
الله على طيب مولده فإنه لا يحبنا الا مؤمن طابت ولادته ولا يبغضنا إلا من
خبثت ولادته.
141

4 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله قال: حدثنا محمد بن يحيى
العطار قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري عن محمد بن السندي
عن علي بن الحكم، عن فضيل بن عثمان، عن أبي الزبير المكي قال: رأيت جابرا
متوكيا على عصاه وهو يدور في سكك الأنصار ومجالسهم وهو يقول: على خير
البشر فمن أبى فقد كفر يا معشر الأنصار أدبوا أولادكم على حب علي فمن أبى
فانظروا في شأن أمه.
5 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثنا عمي محمد بن أبي
القاسم عن محمد بن علي الكوفي القرشي، عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر
عن أبي عبد الله " ع " أنه قال: من وجد برد حبنا على قلبه فليكثر الدعاء لامه فإنها
لم تخن أباه.
6 - حدثنا محمد بن الحسن رحمه الله قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال
حدثني أحمد بن الحسين بن سعيد عن علي بن الحكم عن المفضل بن صالح عن جابر
الجعفي، عن إبراهيم القرشي قال: كنا عند أم سلمة رضي الله عنها فقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي " ع " لا يبغضكم إلا ثلاثة ولد زنا ومنافق ومن حملت
به أمه وهي حائض.
7 - حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي قال: حدثنا فرات بن إبراهيم
ابن فرات الكوفي قال: حدثنا محمد بن علي بن معمر قال: حدثنا أبو عبد الله احمد
ابن علي بن محمد الرملي قال: حدثنا أحمد بن موسى قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق
المروزي قال: حدثنا عمرو بن منصور قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، عن يحيى بن أبي
كثير عن أبيه عن أبي هارون العبدي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال:
كنا بمنى مع رسول الله إذ بصرنا برجل ساجد وراكع ومتضرع فقلنا يا رسول الله
ما أحسن صلاته فقال " ع " هو الذي اخرج أباكم من الجنة فمضى إليه علي " ع "
غير مكترث فهزه هزة ادخل أضلاعه اليمنى في اليسرى، واليسرى في اليمنى، ثم
142

قال: لأقتلنك إن شاء الله فقال: لن تقدر على ذلك إلى أجل معلوم من عند ربي
مالك تريد قتلي فوالله ما أبغضك أحد إلا سبقت نطفتي إلى رحم أمه قبل نطفة
أبيه ولقد شاركت مبغضيك في الأموال والأولاد وهو قول الله عز وجل في محكم
كتابه (وشاركهم في الأموال والأولاد) قال النبي صلى الله عليه وآله صدق يا علي لا يبغضك
من قريش إلا سفاحي، ولا من الأنصار إلا يهودي، ولا من العرب إلا دعي،
ولا من سائر الناس إلا شقي، ولا من السناء إلا سلقلقية - وهي التي تحيض من
دبرها - ثم أطرق مليا ثم رفع رأسه فقال: معاشر الأنصار اعرضوا أولادكم على
محبة علي فإن أجابوا فهم منكم وان أبوا فليسوا منكم قال جابر بن عبد الله فكنا
نعرض حب على " ع " على أولادنا فمن أحب عليا علمنا أنه من أولادنا ومن أبغض
عليا انتفينا منه.
8 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا
أبو سعيد الحسن بن علي العدوي قال: حدثني أبو عمر وحفص المقدسي قال: حدثنا
عيسى بن إبراهيم عن أحمد بن حسان عن أبي صالح عن ابن عباس أنه قال: معاشر
الناس أعلموا ان الله تبارك وتعالى خلق خلقا ليس هم من ذرية آدم ويلعنون مبغضي
أمير المؤمنين " ع " فقيل له ومن هذا الخلق قال: القنابر تقول في السحر اللهم العن
مبغضي علي اللهم أبغض من أبغضه وأحب من أحبه.
9 - حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن علي بن عبد الله بن
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال: حدثنا أبو الحسن
علي بن أحمد بن موسى قال: حدثنا أحمد بن علي قال: حدثني أبو علي الحسن بن
إبراهيم بن علي العباسي قال حدثني أبو سعيد عمير بن مرداس الدوانقي قال حدثني
جعفر بن بشير المكي قال: حدثنا وكيع عن المسعودي رفعه إلى سلمان الفارسي
رحمة الله عليه قال: مر إبليس لعنه الله بنفر يتناولون أمير المؤمنين " ع " فوقف
امامهم فقال القوم من الذي وقف امامنا؟ فقال أنا أبو مرة فقالوا أبا مرة اما تسمع
143

كلامنا فقال سوأة لكم تسبون مولاكم علي بن أبي طالب فقالوا له من أين علمت أنه
مولانا؟ قال من قول نبيكم صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من
والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. فقالوا له: فأنت من
مواليه وشيعته؟ فقال: ما أنا من مواليه ولا من شيعته ولكني أحبه، وما يبغضه
أحد إلا شاركته في المال والولد، فقالوا له: يا أبا مرة، فتقول في علي شيئا؟ فقال
لهم: اسمعوا مني معاشر الناكثين والقاسطين والمارقين، عبدت الله عز وجل في الجان
اثنى عشر الف سنة، فلما أهلك الجان شكوت إلى الله عز وجل الوحدة فعرج بي
إلى السماء الدنيا فعبدت الله في السماء الدنيا اثنى عشر الف سنة أخرى في جملة
الملائكة فبينا نحن كذلك نسبح الله تعالى ونقدسه إذ مر بنا نور شعشعاني فخرت
الملائكة لذلك النور سجدا، فقالوا: سبوح قدوس هذا نور ملك مقرب أو نبي
مرسل، فإذا بالنداء من قبل الله تعالى: ما هذا نور ملك مقرب ولا نبي مرسل، هذا
نور طينة علي بن أبي طالب.
10 - حدثنا محمد بن علي بن مهرويه قال: حدثنا أبو الحسن علي بن حسان
ابن معيدان الأصفهاني قال: حدثنا أبو حاتم قال: حدثنا أحمد بن عبدة قال:
حدثنا أبو الربيع الأعرج قال: حدثنا عبد الله بن عمران، عن علي بن زيد بن
جدعان، عن سعيد بن المسيب عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله من
أحب عليا في حياتي وبعد موتى كتب الله له الامن والايمان ما طلعت الشمس أو غربت
ومن أبغضه في حياتي وبعد موتى مات ميتة جاهلية وحوسب بما عمل.
11 - حدثنا علي بن محمد بن الحسن القزويني المعروف بابن مقبرة قال:
أخبرنا محمد بن عبد الله بن عامر قال: حدثنا عصام بن يوسف قال حدثنا محمد
ابن أيوب الكلابي قال حدثنا عمرو بن سليمان عن عبد الله بن عمران عن علي بن
زيد عن سعيد بن المسيب عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله من أحب عليا
في حياته وبعد موته كتب الله عز وجل له الامن والايمان ما طلعت شمس وغربت.
144

12 - حدثني محمد بن المظفر بن نفيس المصري رحمه الله قال: حدثني أبو
إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد بن أخي سياب العطار الكوفي رضي الله عنه بالكوفة
قال: حدثنا أحمد بن الهذيل أبو العباس الهمداني قال: حدثنا أبو نصر الفتح بن
قرة السمرقندي قال: حدثنا محمد بن خلف المروزي قال: حدثنا يوسف بن إبراهيم
قال: حدثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال أبو أيوب الأنصاري
اعرضوا حب علي على أولادكم، فمن أحبه فهو منكم، ومن لم يحبه فاسألوا أمه من
أين جاءت به، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي بن أبي طالب: لا يحبك إلا
مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق أو ولد زنية أو حملته أمه وهي طامث.
(باب 121 - العلة التي من أجلها ترك الناس عليا عليه السلام)
(وعدلوا عنه إلى غيره مع معرفتهم بفضله)
1 - حدثنا أحمد بن يحيى المكتب قال: حدثنا أبو الطيب أحمد بن محمد الوراق
قال: حدثنا محمد بن الحسن بن دريد الأزدي العماني قال: حدثنا العباس بن الفرج
الرياشي قال: حدثني أبو زيد النحوي الأنصاري قال سألت الخليل بن أحمد العروضي
فقلت له لم هجر الناس عليا " ع " وقرباه من رسول الله صلى الله عليه وآله قرباه وموضعه من
المسلمين موضعه وعناه في الاسلام عناه؟ فقال: بهر والله نوره أنوراهم وغلبهم على
صفو كل منهل والناس إلى اشكالهم أميل اما سمعت قول الأول يقول:
وكل شكل لشكله الف * أما ترى الفيل يألف الفيلا
قال وأنشدنا الرياشي في معناه عن العباس بن الأحنف:
وقائل: كيف تهاجرتما * فقلت قولا فيه انصاف
لم يك من شكلي فهاجرته * والناس أشكال وآلاف
2 - حدثنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد بن الحسن بن إسماعيل
ابن حكيم العسكري قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم رعل العبشمي قال حدثنا ثبيت
ابن محمد قال: حدثني أبو الأحوص عمن حدثه، عن آبائه، عن أبي محمد الحسن بن
145

علي " ع " قال: بينما أمير المؤمنين " ع " في أصعب موقف بصفين إذ أقبل عليه رجل
من بني دودان، فقال له لم دفعكم قومكم عن هذا الامر وكنتم أفضل الناس علما
بالكتاب والسنة؟ فقال: يا أخا بني دودان ولك حق المسألة وذمام الصهر فإنك
قلق الوضين، ترسل في غير سدد، كانت إمرة شحت عليها نفوس قوم، وسخت
عنها نفوس آخرين، ولنعم الحكم الله، والزعيم محمد صلى الله عليه وآله.
(ودع عنك نهيا صيح في حجراته) وهلم الخطب في ابن أبي سفيان.
- فقد أضحكني الدهر بعد ابكائه -.
ولاغر وإلا جارتي وسؤالها * ألا هل لنا أهل سألت كذلك
بئس القوم من خفضني، وحاولوا الادهان في دين الله، فإن ترفع عنا محن
البلوى أحملهم من الحق على محضه، وان تكن الأخرى فلا تأس على القوم الفاسقين
إليك عني يا أخا بني دودان.
3 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا
أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه
عن أبي الحسن " ع " قال: سألته عن أمير المؤمنين " ع " كيف مال الناس عنه إلى
غيره وقد عرفوا فضله وسابقته ومكانه من رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: إنما مالوا عنه
إلى غيره لأنه كان قد قتل آبائهم وأجدادهم وأعمامهم وأخوالهم وأقربائهم المحاربين
لله ولرسوله عددا كثيرا، فكان حقدهم عليه لذلك في قلوبهم فلم يحبوا أن يتولى
عليهم، ولم يكن في قلوبهم على غيره مثل ذلك، لأنه لم يكن له في الجهاد بين يدي
رسول الله صلى الله عليه وآله مثل ما كان له فلذلك عدلوا عنه ومالوا إلى غيره
(باب 122 - العلة التي من أجلها ترك أمير المؤمنين)
(مجاهدة أهل الخلاف)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن الهيثم بن أبي مسروق
النهدي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر
146

عليه السلام يقول: إنما سار علي " ع " بالكف عن عدوه من أجل شيعتنا، لأنه كان يعلم
سيظهر عليهم بعده، فأحب ان يقتدي به من جاء بعده فيسير فيهم بسيرته ويقتدي
بالكف عنهم بعده.
2 - حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه الله قال: حدثنا الحسين بن محمد
ابن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر عن محمد بن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: قلت له ما بال أمير المؤمنين " ع " لم يقاتل فلانا وفلانا وفلانا؟ قال لآية
في كتاب الله عز وجل: (لو تزيلوا لعذابنا الذين كفروا منهم عذابا أليما) قال قلت
وما يعني بتزايلهم؟ قال ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين وكذلك القائم " ع "
لن يظهر ابدا حتى تخرج ودائع الله تعالى فإذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء
الله فقتلهم.
3 - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رحمه الله قال: حدثنا جعفر بن
محمد بن مسعود، عن أبيه، عن علي بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن
محبوب عن إبراهيم الكرخي قال: قلت لأبي عبد الله " ع " أو قال له رجل أصلحك
الله ألم يكن علي " ع " قويا في دين الله عز وجل؟ قال بلى، قال فكيف ظهر عليه القوم
وكيف لم يدفعهم وما منعه من ذلك؟ قال آية في كتاب الله عز وجل منعته قال:
قلت وأي آية؟ قال قوله تعالى: (لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما)
انه كان لله عز وجل ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين ومنافقين فلم يكن علي " ع "
ليقتل الآباء حتى تخرج الودائع فلما خرج الودائع ظهر علي على من ظهر فقاتله وكذلك
قائما أهل البيت لن يظهر ابدا حتى تظهر ودائع الله عز وجل فإذا ظهرت ظهر على من
ظهر فقتله.
4 - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رحمه الله قال: حدثنا جعفر
ابن محمد بن مسعود، عن أبيه قال: حدثنا جبرئيل بن أحمد قال: حدثني محمد بن
عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمان، عن منصور بن حازم، عن أبي
147

عبد الله " ع " قال، في قول الله عز وجل: (لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم
عذابا أليما) لو أخرج الله ما في أصلاب المؤمنين من الكافرين وما في أصلاب الكافرين
من المؤمنين لعذب الذين كفروا.
5 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا
أبو سعيد الحسن بن علي العدوي قال: حدثنا الهيثم بن عبد الله الرماني قال: سألت
علي بن موسى الرضا عليه السلام فقلت له يا بن رسول الله أخبرني عن علي بن أبي
طالب لم لم يجاهد أعدائه خمسا وعشرين سنة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ثم جاهد في
أيام ولايته؟ فقال لأنه اقتدى برسول الله صلى الله عليه وآله في تركه جهاد المشركين بمكة ثلاثة
عشرة سنة بعد النبوة، وبالمدينة تسعة عشر شهرا، وذلك لقله أعوانه عليهم وكذلك
علي عليه السلام ترك مجاهدة أعدائه لقله أعوانه عليهم، فلما لم تبطل نبوة رسول الله
صلى الله عليه وآله مع تركه الجهاد ثلاثة عشر سنة وتسعة عشر شهرا كذلك لم تبطل إمامة علي
عليه السلام مع تركه الجهاد خمسا وعشرين سنة إذ كانت العلة المانعة لهما من
الجهاد واحدة.
6 - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي
ابن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا انه سأل أبو عبد الله
عليه السلام ما بال أمير المؤمنين " ع " لم يقاتلهم؟ قال الذي سبق في علم الله أن يكون وما
كان له ان يقاتلهم وليس معه إلا ثلاثة رهط من المؤمنين.
7 - حدثنا حمزة بن محمد العلوي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:
حدثني الفضل بن خباب الجمحي قال: حدثنا محمد بن إبراهيم الحمصي قال: حدثني
محمد بن أحمد بن موسى الطائي، عن أبيه، عن ابن مسعود قال: احتجوا في مسجد
الكوفة فقالوا ما بال أمير المؤمنين " ع " لم ينازع الثلاثة كما نازع طلحة والزبير
وعايشة ومعاوية، فبلغ ذلك عليا " ع " فأمر أن ينادي بالصلاة جامعة فلما اجتمعوا
صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: معاشر الناس، انه بلغني عنكم كذا وكذا
148

قالوا صدق أمير المؤمنين قد قلنا ذلك، قال فان لي بسنة الأنبياء أسوة فيما فعلت
قال الله عز وجل في كتابه: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) قالوا ومن
هم يا أمير المؤمنين؟ قال أولهم إبراهيم " ع " إذ قال لقومه: (واعتزلكم وما تدعون
من دون الله) فإن قلتم ان إبراهيم اعتزل قومه لغير مكروه أصابه منهم فقد كفرتم
وان قلتم اعتزلهم لمكروه رآه منهم فالوصي اعذر. ولي بابن خالته لوط أسوة إذ
قال لقومه: لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد، فان قلتم ان لوطا كانت له
بهم قوة فقد كفرتم، وان قلتم لم يكن له قوة فالوصي اعذر، ولي بيوسف " ع " أسوة
إذ قال: (رب السجن أحب إلى مما يدعونني إليه) فان قلتم ان يوسف دعا ربه وسأله
السجن لسخط ربه فقد كفرتم، وان قلتم انه أراد بذلك لئلا يسخط ربه عليه
فاختار السجن فالوصي أعذر، ولي بموسى " ع " أسوة إذ قال: (ففررت منكم لما
خفتكم) فإن قلتم ان موسى فر من قومه بلا خوف كان له منهم فقد كفرتم، وان
قلتم ان موسى خاف منهم فالوصي اعذر، ولي بأخي هارون " ع " أسوة إذ قال
لأخيه: (يا بن أم ان القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني) فإن قلتم لم يستضعفوه
ولم يشرفوا على قتله فقد كفرتم وان قلتم استضعفوه وأشرفوا على قتله فلذلك سكت
عنهم فالوصي اعذر. ولي بمحمد صلى الله عليه وآله أسوة حين فر من قومه ولحق بالغار من
خوفهم وأنامني على فراشه، فإن قلتم فر من قومه لغير خوف منهم فقد كفرتم
وان قلتم خافهم وأنامني على فراشه ولحق هو بالغار من خوفهم فالوصي اعذر.
8 - أخبرني علي بن حاتم قال: حدثنا أحمد بن محمد بن موسى النوفلي قال
حدثنا محمد بن حماد الشاشي عن الحسين بن راشد، عن علي بن إسماعيل الميثمي
قال: حدثني ربعي عن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله " ع " ما منع أمير المؤمنين
عليه السلام ان يدعو الناس إلى نفسه، قال خوفا ان يرتدوا. قال علي بن حاتم واحسب
في الحديث ولا يشهدوا أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
9 - وعنه قال: حدثنا أبو العباس محمد بن جعفر الرازي قال: حدثنا محمد
149

ابن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل بن بزيغ عن يونس بن عبد الرحمان
عن بكار بن أبي بكر الحضرمي قال: سمعت أبا عبد الله " ع " يقول، لسيرة علي
ابن أبي طالب في أهل البصرة كانت خيرا لشيعته مما طلعت عليه الشمس انه علم أن
للقوم دولة فلو سباهم سبيت شيعته، قال: قلت فأخبرني عن القائم " ع " يسير بسيرته
قال: لا، ان عليا " ع " سار فيهم بالمن لما علم من دولتهم ان القائم يسير فيهم
بخلاف تلك السيرة لأنه لا دولة لهم.
10 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن محمد
ابن عيسى، عن العباس بن معروف، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن بريد بن
معاوية، عن أبي جعفر " ع " قال: إن عليا " ع " لم يمنعه من أن يدعو الناس إلى
نفسه إلا انهم ان يكونوا ضلالا لا يرجعون عن الاسلام أحب إليه من أن يدعوهم
فيأبوا عليه فيصيرون كفارا كلهم. قال حريز وحدثني زرارة عن أبي جعفر " ع "
قال: لولا أن عليا عليه السلام سار في أهل حربه بالكف عن السبي والغنيمة
للقيت شيعته من الناس بلاء عظيما، ثم قال: والله لسيرته كانت خيرا لكم مما طلعت
عليه الشمس.
11 - حدثنا أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن محمد بن أبي الصهبان، عن محمد
ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا قال: قلت لأبي عبد الله " ع " لم كف علي " ع "
عن القوم؟ قال: مخافة ان يرجعوا كفارا.
12 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد
ابن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان
ابن تغلب عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ذكرت الخلافة عند أمير المؤمنين علي
ابن أبي طالب " ع " فقال: أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة أخو تيم وانه ليعلم
ان محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير فسدلت
دونها ثوبا وطويت عنها كشحها، وطفقت ارتأى بين ان أصول بيد جذاء
150

أو أصبر على طخية عمياء، يشيب فيها الصغير، ويهرم فيها الكبير، ويكدح فيها
مؤمن حتى يلقى ربه، فرأيت أن الصبر على هاتا احجى، فصبرت وفي العين
قذى، وفي الحلق شجى، أرى تراثي نهبا، حتى إذا مضى لسبيله فادلى بها
لأخي عدي بعده، فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر
بعد وفاته فصيرها في حوزة خشناء يخشن مسها ويغلظ كلمها، ويكثر العثار فيها
والاعتذار منها فصاحبها كراكب الصعبة ان عنف بها حرن وان أسلس بها غسق،
فمنى الناس بتلون واعتراض وبلوا، وهو مع هن وهن، فصبرت على طول المدة وشدة
المحنة حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم انى منهم، فيا لله وللشورى متى
اعترض الريب في مع الأول منهم، حتى صرت أقرن إلى هذه النظاير، فمال رجل
لضغنه وأصغى آخر لصهره، وقام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه، وقام
معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضم الإبل نبت الربيع، حتى أجهز عليه، عمله،
وكبت به مطيته، فما راعني إلا والناس إلي كعرف الضبع قد انثالوا علي من كل
جانب حتى لقد وطئ الحسنان، وشق عطفاي، حتى إذا نهضت بالامر نكثت طائفة
وفسقت أخرى، ومرق آخرون كأنهم لم يسمعوا الله تبارك وتعالى يقول: (تلك
الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين)
بلى والله لقد سمعوها ووعوها لكنهم احلولت الدنيا في أعينهم، وراقهم زبرجها
أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر
وما أخذ الله على العلماء ألا يقروا على كظة ظالم، ولا سغب مظلوم، لألقيت
حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها ولألفيتم دنياكم هذه عندي أزهد
من عفطة عنز. قال: وناوله رجل من أهل السواد كتابا فقطع كلامه وتناول
الكتاب، فقلت يا أمير المؤمنين لو أطردت مقالتك إلى حيث بلغت، فقال: هيهات
هيهات يا بن عباس، تلك شقشقة هدرت ثم قرت. قال ابن عباس: فما أسفت
على كلام قط كأسفي على كلام أمير المؤمنين عليه السلام إذ لم يبلغ به حيث أراد.
151

قال مصنف هذا الكتاب: سألت الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري
عن تفسير هذا الخبر ففسره لي، قال تفسير الخبر قوله عليه السلام: لقد تقصمها -
أي لبسها مثل القميص - يقال تقمص الرجل وتدرع وتردى وتمندل، وقوله
محل القطب من الرحى، - أي تدور علي كما تدور الرحى على قطبها -. وقوله
ينحدر عنه السيل ولا يرتقى إليه الطير - يريد أنها ممتنعة على غيري ولا يتمكن
منها ولا يصلح لها -. وقوله: فسدلت دونها ثوبا - أي لأعرضت عنها ولم اكشف
وجوبها لي -، والشكح الجنب والخاصرة بمعنى. وقوله طويت عنها كشحها -
أي أعرضت عنها - والكاشح الذي يوليك كشحه - أي جنبه. وقوله: طفقت
أي أقبلت وأخذت أرتأي اي أفكر - واستعمل الرأي وانظر في أن أصول
بيد جذاء وهي المقطوعة، وأراد قلة الناصر. وقوله: أو اصبر على طخية فللطخية
موضعان، فأحدهما الظلمة، والآخر الغم والحزن. يقال أجد على قلبي طنخيا اي
حزنا وغما وهو هاهنا يجمع الظلمة والغم والحزن. وقوله: يكدح مؤمن اي
يدأب ويكسب لنفسه ولا يعطي حقه -. وقوله: أحجى - اي أولى - يقال هذا
أحجى من هذا واخلق وأحرى وأوجب كله قريب المعنى. - وقوله: في حوزة اي
في ناحية يقال حزت الشئ أحوزه إذا جمعته، والحوزة ناحية الدار وغيرها
وقوله: كراكب الصعبة - يعني الناقة التي لم ترض ان عنف بها - والعنف ضد الرفق
وقوله: حرن اي وقف ولم يمشي وإنما يستعمل الحران في الدواب، فاما في الإبل
فيقال خلت الناقة وبها خلا وهو مثل حران الدواب، إلا أن العرب إنما تستعيره
في الإبل. وقوله: أسلس بها غسق اي ادخله في الظلمة. وقوله: مع هن وهن -
يعني الأدنياء من الناس - تقول العرب فلان هني وهو تصغير هن، اي دون من
الناس ويريدون بذلك تصغير أموره. وقوله: فمال رجل لضغنه ويروي لضلعه وهما
قريب وهو ان يميل بهواه ونفسه إلى رجل بعينه. وقوله: وأصغى آخر لصهره
فالصغو: الميل، يقال صغوك مع فلان أي ميلك معه. وقوله: نافجا حضينه فيقال
152

في الطعام والشراب ما أشبههما قد انتفج بطنه - بالجيم - ويقال في كل داء يعتري
الانسان قد انتفخ بطنه - بالخاء - والحضنان جانبا الصدر، وقوله: بين نثيله ومعتلفه
فالنثيل قضيب الجمل، وإنما استعاره للرجل هاهنا، والمعتلف، الموضع الذي يعتلف
فيه - أي يأكل، ومعنى الكلام - اي بين مطعمه ومنكحه. وقوله: يهضمون اي
يكسرون وينقضون، ومنه قوله: هضمني الطعام اي نقض. وقوله: اجهز - أي أتى
عليه وقتله، يقال أجهزت على الجريح إذا كانت به جراحة فقتلته. وقوله: كعرف
الضبع شبههم به لكثرته، والعرف الشعر الذي يكون على عنق الفرس فاستعاره
للضبع. وقوله: قد انثالوا - اي انصبوا علي وكثروا، ويقال انثلت ما في كنانتي
من السهام إذا صببته. وقوله وشق عطا في يعني رداءه والعرب تسمي الرداء العطاف
وقوله: وراقهم زبرجها اي أعجبهم حسنها، واصل الزبرج النقش وهو هاهنا زهرة
الدنيا وحسنها. وقوله: ألا يقروا على كظة ظالم، فالكظة الامتلاء - يعني انهم
لا يصبرون على امتلاء الظالم من المال الحرام ولا يقاروه على ظلمه. وقوله ولا سغب
مظلوم، فالسغب الجوع ومعناه منعه من الحق الواجب له، وقوله لألقيت حبلها
على غاربها، هذا مثل تقول العرب ألقيت حبل البعير على غاربه ليرعى كيف شاء.
ومعنى قوله: ولسقيت آخرها بكأس أولها - اي لتركتهم في ضلالتهم وعماهم. وقوله
أزهد عندي فالزهيد القليل. وقوله: من حبقة عنز فالحبقة ما يخرج من دبر العنز
من الريح. والعفطة ما تخرج من أنفها، وقوله تلك شقشقة هدرت، فالشقشقة
ما يخرجه البعير من جانب فيه إذا هاج وسكر.
13 - وحدثنا بهذا الحديث محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رحمه الله
قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن عمار بن
خالد قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال: حدثني عيسى بن راشد عن علي
ابن حذيفة عن عكرمة عن ابن عباس مثله سواء.
14 - حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن
153

يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى عن ربعي عن فضيل بن يسار قال: قلت لأبي
جعفر أو لأبي عبد الله عليهما السلام حين قبض رسول الله صلى الله عليه وآله لمن كان الامر
بعده؟ فقال لنا أهل البيت قلت: فكيف صار في غيركم؟ قال إنك قد سألت فافهم
الجواب ان الله تبارك وتعالى لما علم أنه يفسد في الأرض وتنكح الفروج الحرام
ويحكم بغير ما انزل الله تبارك وتعالى أراد ان يلي ذلك غيرنا.
(باب 123 - العلة التي من أجلها قاتل أمير المؤمنين " ع ")
(أهل البصرة وترك أموالهم)
1 - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار
عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الربيع بن محمد، عن عبد الله
ابن سليمان قال: قلت لأبي عبد الله ان الناس يروون ان عليا " ع " قتل أهل البصرة
وترك أموالهم، فقال: ان دار الشرك يحل ما فيها، ودار الاسلام لا يحل ما فيها
فقال: ان عليا " ع " إنما من عليهم كما من رسول الله صلى الله عليه وآله على أهل مكة وإنما ترك
علي " ع " أموالهم لأنه كان يعلم أنه سيكون له شيعة وان دولة الباطل ستظهر عليهم
فأراد ان يقتدى به في شيعته وقد رأيتم آثار ذلك هو ذا يسار في الناس بسيرة علي
عليه السلام ولو قتل علي " ع " أهل البصرة جميعا وأخذ أموالهم لكان ذلك له حلالا لكنه
من عليهم ليمن على شيعته من بعده.
2 - وقد روي أن الناس اجتمعوا إلى أمير المؤمنين يوم البصرة فقالوا:
يا أمير المؤمنين أقسم بيننا غنايمهم؟ قال: أيكم يأخذ أم المؤمنين في سهمه؟.
(باب 124 - العلة التي من أجلها ترك أمير المؤمنين فدك لما ولى الناس)
1 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد الدقاق قال: حدثني محمد بن أبي
عبد الله الكوفي عن موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن
علي بن سالم عن أبيه، عن أبي بصير عن أبي عبد الله " ع " قال: قلت له لم لم يأخذ
أمير المؤمنين " ع " فدك لما ولى الناس ولأي علة تركها؟ فقال: لان الظالم والمظلوم
154

كانا قدما على الله عز وجل، وأثاب الله المظلوم، وعاقب الظالم. فكره ان يسترجع
شيئا قد عاقب الله عليه غاصبه وأثاب عليه المغصوب.
2 - حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم رحمه الله قال حدثنا أبي، عن
أبيه إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن إبراهيم الكرخي قال: سألت
أبا عبد الله " ع " فقلت له لأي علة ترك علي بن أبي طالب " ع " فدك لما ولى الناس
فقال: للاقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله لما فتح مكة وقد باع عقيل بن أبي طالب داره
فقيل له يا رسول الله ألا ترجع إلى دارك؟ فقال صلى الله عليه وآله وهل ترك عقيل لنا دارا إنا
أهل بيت لا نسترجع شيئا يؤخذ منا ظلما. فلذلك لم يسترجع فدك لما ولى.
3 - حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني قال
حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن " ع قال: سألته عن
أمير المؤمنين لم لم يسترجع فدكا لما ولى الناس؟ فقال: لأنا أهل بيت لا نأخذ حقوقنا
ممن ظلمنا الا هو ونحن أولياء المؤمنين إنما نحكم لهم ونأخذ حقوقهم ممن ظلمهم
ولا نأخذ لأنفسنا.
(باب 125 - العلة التي من أجلها كنى رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين)
(علي بن أبي طالب: أبا تراب)
1 - حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي
السكري قال: حدثنا الحسين بن حسان العبدي قال: حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن
يحيى بن عبد الله عن أبيه عن أبي هريرة قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله الفجر ثم
قام بوجه كئيب وقمنا معه حتى صار إلى منزل فاطمة صلوات الله عليها فأبصر عليا
نائما بين يدي الباب على الدقعاء فجلس النبي صلى الله عليه وآله فجعل يمسح التراب عن ظهره
ويقول: قم فداك أبي وأمي يا أبا تراب، ثم أخذ بيده ودخلا منزل فاطمة فمكثنا
هنية ثم سمعنا ضحكا عاليا، ثم خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله بوجه مشرق فقلنا
يا رسول الله دخلت بوجه كئيب وخرجت بخلافه؟ فقال: كيف لا أفرح
155

وقد أصلحت بين اثنين أحب أهل الأرض إلي وإلى أهل السماء.
2 - حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسين
السكري قال حدثنا عثمان بن عمران قال: حدثنا عبيد الله بن موسى عن عبد العزيز
عن حبيب بن أبي ثابت قال: كان بين علي وفاطمة عليهما السلام كلام فدخل
رسول الله صلى الله عليه وآله والقى له مثال فأضطجع عليه فجاءت فاطمة عليها السلام فاضطجعت
من جانب وجاء علي عليه السلام فأضطجع من جانب فأخذ رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم يده فوضعها على سرته وأخذ يد فاطمة فوضعها على سرته فلم يزل حتى
أصلح بينهما ثم خرج فقيل له يا رسول الله دخلت وأنت على حال وخرجت ونحن
نرى البشرى في وجهك؟ قال: ما يمنعني وقد أصلحت بين اثنين أحب من على
وجه الأرض إلي.
قال محمد بن علي بن الحسين، مصنف هذا الكتاب: ليس هذا الخبر عندي
بمعتمد ولا هو لي بمعتقد في هذه العلة لان عليا عليه السلام وفاطمة عليها السلام
ما كان ليقع بينهما كلام يحتاج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الاصلاح بينهما لأنه " ع "
سيد الوصيين وهي سيدة نساء العالمين مقتديان بنبي الله صلى الله عليه وآله في حسن الخلق،
لكني اعتمد في ذلك على ما حدثني به أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أبو العباس
أحمد بن يحيى بن زكريا قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثنا تميم بن
بهلول، عن أبيه قال: حدثنا أبو الحسن العبدي، عن سليمان بن مهران عن عباية
ابن ربعي قال: قلت لعبد الله بن عباس، لم كنى رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام
أبا تراب؟ قال لأنه صاحب الأرض وحجة الله على أهلها بعده وبه بقاؤها واليه
سكونها ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إنه إذا كان يوم القيامة ورأي الكافر
ما أعد الله تبارك وتعالى لشيعة علي من الثواب والزلفى والكرامة قال يا ليتني
كنت ترابا - يعني من شيعة علي - وذلك قول الله عز وجل: (ويقول الكافر
يا ليتني كنت ترابا).
156

4 - حدثني الحسين بن يحيى بن ضريس، عن معاوية بن صالح بن ضريس
البجلي قال: حدثنا أبو عوانة قال: حدثنا محمد بن يزيد وهشام الزراعي قال:
حدثني عبد الله بن ميمون الطهوي قال: حدثنا ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر قال
بينا أنا مع النبي صلى الله عليه وآله في نخيل المدينة وهو يطلب عليا عليه السلام إذا إنتهى إلى
حايط فاطلع فيه فنظر إلى علي " ع " وهو يعمل في الأرض وقد اغبار، فقال ما ألوم
الناس إن يكنوك أبا تراب، فلقد رأيت عليا تمعر وجهه وتغير لونه واشتد ذلك
عليه فقال النبي صلى الله عليه وآله ألا أرضيك يا علي قال: نعم يا رسول الله فأخذ بيده فقال:
أنت أخي ووزيري وخليفتي في أهلي تقضى ديني وتبرئ ذمتي، من أحبك في حياة
مني فقد قضى له بالجنة، ومن أحبك في حياة منك بعدى ختم الله له بالأمن،
والايمان، ومن أحبك بعدك ولم يرك ختم الله له بالأمن والايمان وآمنه يوم الفزع
الأكبر، ومن مات وهو يبغضك يا علي مات ميتة جاهلية يحاسبه الله عز وجل بما عمل
في الاسلام.
(باب 126 - العلة التي من أجلها كان أمير المؤمنين عليه السلام)
(يتختم بأربعة خواتيم)
1 - حدثنا أبو سعيد محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق المذكر المعروف بأبي
سعيد المعلم النيسابوري بنيسابور قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد
قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن مسلم بن زرارة الرازي قال: حدثنا محمد بن يوسف
الفريابي قال: حدثنا سفيان الثوري، عن إسماعيل السندي، عن عبد خير قال:
كان لعلي بن أبي طالب أربعة خواتيم يتختم بها ياقوت لنبله، وفيروزج لنصره
والحديد الصيني لقوته، وعقيق لحرزه. وكان نقش الياقوت: لا إله إلا الله الملك
الحق المبين، ونقش الفيروزج: الله الملك الحق المبين، ونقش الحديد الصيني: العزة
لله جميعا، ونقش العقيق ثلاثة أسطر: ما شاء الله لا قوة إلا بالله استغفر الله.
157

(باب 127 - علة تختم أمير المؤمنين صلوات الله عليه في يمينه)
1 - حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار النيسابوري رضي الله عنه
قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال: حدثنا الفضل بن شاذان
عن محمد بن أبي عمير قال: قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام أخبرني عن تختم
أمير المؤمنين " ع " بيمينه لأي شئ كان؟ فقال: إنما كان يتختم بيمينه لأنه إمام
أصحاب اليمين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وقد مدح الله تعالى أصحاب اليمين وذم أصحاب
الشمال، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يتختم بيمينه وهو علامة لشيعتنا يعرفون به
وبالمحافظة على أوقات الصلاة وإيتاء الزكاة، ومواساة الاخوان، والامر بالمعروف
والنهى عن المنكر.
2 - حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب القرشي قال: حدثنا محمد بن
إبراهيم القايني قال: حدثنا أبو قريش قال: حدثنا عبد الجبار ومحمد بن منصور
الخزاز قالا: حدثنا عبد الله بن ميمون القداح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه " ع "
عن جابر بن عبد الله: ان النبي صلى الله عليه وآله كان يتختم بيمينه.
3 - حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب القرشي قال: حدثنا منصور بن
عبد الله بن إبراهيم الأصفهاني قال: حدثنا علي بن عبد الله الإسكندراني قال:
حدثنا عباس بن العباس القانعي قال: حدثنا سعيد الكندي عن عبد الله بن حازم
الخزاعي، عن إبراهيم بن موسى الجهني، عن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله لعلي " ع " يا علي تختم باليمين تكن من المقربين قال: يا رسول الله وما المقربون؟
قال جبرئيل وميكائيل قال: بما أتختم يا رسول الله؟ قال بالعقيق الأحمر فإنه أقر لله
عز وجل بالوحدانية ولي بالنبوة ولك يا علي بالوصية ولولدك بالإمامة ولمحبيك بالجنة،
ولشيعة ولدك بالفردوس
158

(باب 128 - علة الصلع في رأس أمير المؤمنين " ع "، والعلة التي)
(من أجلها سمى الأنزع البطين)
1 - حدثنا أبي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا: حدثنا أحمد بن إدريس
ومحمد بن يحيى العطار جميعا عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري باسناد
متصل لم احفظه، ان أمير المؤمنين " ع " قال: إذ أراد الله بعبد خيرا رماه بالصلع
فتحات الشعر عن رأسه وها أنا ذا.
2 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا
الحسن بن علي العدوي، عن عباد بن صهيب، عن أبيه، عن جده، عن جعفر بن
محمد " ع " قال: سأل رجل أمير المؤمنين " ع " فقال: أسألك عن ثلاث هن فيك
أسألك عن قصر خلقك، وكبر بطنك، وعن صلع رأسك؟ فقال أمير المؤمنين " ع "
ان الله تبارك وتعالى لم يخلقني طويلا ولم يخلقني قصيرا ولكن خلقني معتدلا أضرب
القصير فأقده وأضرب الطويل فأقطه، وأما كبر بطني فان رسول الله صلى الله عليه وآله علمني
بابا من العلم ففتح ذلك الباب الف باب فازدحم في بطني فنفخت عن ضلوعي.
3 - حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا
القطان قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب عن تميم بن بهلول عن عباية بن ربعي
قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال له: أخبرني عن الأنزع البطين علي بن أبي طالب
فقد اختلف الناس فيه؟ فقال له ابن عباس: أيها الرجل والله لقد سألت عن رجل
ما وطئ الحصى بعد رسول الله صلى الله عليه وآله أفضل منه وانه لأخو رسول الله وابن عمه
ووصيه وخليفته على أمته وانه الأنزع من الشرك، بطين من العلم، ولقد سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من أراد النجاة غدا فليأخذ بحجزة هذا الأنزع يعني
عليا عليه السلام.
159

(باب 129 - العلة التي من أجلها سمى علي بن أبي طالب أمير المؤمنين)
(والعلة التي من أجلها سمى سيفه: ذا الفقار، والعلة التي من أجلها)
(سمى القائم قائما، والمهدى مهديا)
1 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد الدقاق ومحمد بن محمد بن عصام رضي الله عنهما
قالا: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثنا القاسم بن العلا قال حدثنا
إسماعيل الفزاري قال: حدثنا محمد بن جمهور العمى، عن ابن أبي نجران عمن ذكره
عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر " ع "
يا بن رسول الله لم سمي علي عليه السلام أمير المؤمنين وهو اسم ما سمي به أحد قبله
ولا يحل لاحد بعده؟ قال: لأنه ميرة العلم يمتار منه ولا يمتار من أحد غيره، قال
فقلت يا بن رسول الله فلم سمي سيفه ذا الفقار؟ فقال " ع ": لأنه ما ضرب به أحد
من خلق الله إلا افقره من هذه الدنيا من أهله وولده وأفقره في الآخرة من الجنة
قال: فقلت يا بن رسول الله فلستم كلكم قايمين بالحق؟ قال: بلى قلت فلم سمي
القايم قائما؟ قال: لما قتل جدي الحسين عليه السلام ضجت عليه الملائكة إلى الله
تعالى بالبكاء والنحيب وقالوا: إلهنا وسيدنا أتغفل عمن قتل صفوتك وابن صفوتك
وخيرتك من خلقك، فأوحى الله عز وجل إليهم قروا ملائكتي فوعزتي وجلالي
لانتقمن منهم ولو بعد حين، ثم كشف الله عز وجل عن الأئمة من ولد الحسين " ع "
للملائكة فسرت الملائكة بذلك فإذا أحدهم قايم يصلى فقال الله عز وجل بذلك
القائم انتقم منهم.
2 - حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني قال: حدثنا محمد بن يعقوب عن
علان الكليني رفعه إلى أبى عبد الله " ع " أنه قال: إنما سمي سيف أمير المؤمنين
ذا الفقار لأنه كان في وسطه خط في طوله، فشبه بفقار الظهر فسمى ذا الفقار بذلك
وكان سيفا نزل به جبرئيل " ع " من السماء، وكانت حلقته فضة، وهو الذي نادى
به مناد من السماء: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي.
160

3 - حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن الحسن بن علي
الكوفي، عن عبد الله بن المغيرة عن سفيان بن عبد المؤمن الأنصاري، عن عمرو
ابن شمر، عن جابر قال: أقبل رجل إلى أبى جعفر " ع " وانا حاضر، فقال رحمك
الله اقبض هذه الخمسمائة درهم فضعها في موضعها فإنها زكاة مالي، فقال له أبو جعفر
عليه السلام: بل خذها أنت فضعها في جيرانك والأيتام والمساكين، وفي اخوانك
من المسلمين، إنما يكون هذا إذا قام قائمنا فإنه يقسم بالسوية ويعدل في خلق
الرحمان، البر منهم والفاجر، فمن اطاعه فقد أطاع الله، ومن عصاه فقد عصى الله
فإنما سمي المهدى لأنه يهدى لأمر خفي، يستخرج التوراة وسائر كتب الله من
غار بأنطاكية فيحكم بين أهل التوراة بالتوراة، وبين أهل الإنجيل بالإنجيل، وبين
أهل الزبور بالزبور، وبين أهل الفرقان بالفرقان، وتجمع إليه أموال الدنيا كلها
ما في بطن الأرض وظهرها، فيقول للناس تعالوا إلى ما قطعتم فيه الأرحام وسفكتم
فيه الدماء وركبتم فيه محارم الله، فيعطي شيئا لم يعط أحدا كان قبله.
قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وهو رجل مني اسمه كاسمي يحفظني الله فيه
ويعمل بسنتي يملأ الأرض قسطا وعدلا ونورا بعد ما تمتلي ظلما وجورا وسوءا.
4 - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رحمه الله قال: حدثنا جعفر
ابن محمد بن مسعود قال: حدثنا جبرئيل بن أحمد قال: حدثني الحسن بن خرذاد
عن محمد بن موسى بن الفرات، عن يعقوب بن سويد، عن جعفر " ع " قال: قلت
له جعلت فداك لم سمي أمير المؤمنين " ع " أمير المؤمنين؟ قال: لأنه يميرهم العلم أما
سمعت كتاب الله عز وجل (ونمير أهلنا).
(باب 130 - العلة التي من أجلها صار علي بن أبي طالب)
(قسيم الله بين الجنة والنار)
1 - حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا أبو
العباس القطان قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي قال: حدثنا عبد الله بن داهر
161

قال: حدثنا أبي، عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله
جعفر بن محمد الصادق " ع " لم صار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قسيم الجنة
والنار؟ قال: لان حبه إيمان وبغضه كفر، وإنما خلقت الجنة لأهل الايمان، وخلقت
النار لأهل الكفر، فهو عليه السلام قسيم الجنة والنار، لهذه العلة فالجنة لا يدخلها
إلا أهل محبته، والنار لا يدخلها إلا أهل بغضه. قال المفضل: فقلت يا بن رسول الله
فالأنبياء والأوصياء عليهم السلام كانوا يحبونه وأعدائهم كانوا يبغضونه؟ قال نعم
قلت فكيف ذلك؟ قال: أما علمت أن النبي صلى الله عليه وآله قال يوم خيبر: لأعطين الراية غدا
رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ما يرجع حتى يفتح الله على يديه، فدفع
الراية إلى علي عليه السلام ففتح الله تعالى على يديه. قلت بلى، قال: أما علمت أن
رسول الله صلى الله عليه وآله لما أتى بالطائر المشوي قال صلى الله عليه وآله اللهم إئتني بأحب
خلقك إليك وإلي يأكل معي من هذا الطائر - وعنى به عليا " ع " - قلت بلى، قال
فهل يجوز أن لا يحب أنبياء الله ورسله وأوصيائهم عليهم السلام رجلا يحبه الله
ورسوله ويحب الله ورسوله. فقلت له لا، قال: فهل يجوز أن يكون المؤمنون من
أممهم لا يحبون حبيب الله وحبيب رسوله، وأنبيائه عليهم السلام؟ قلت لا، قال:
فقد ثبت ان أعدائهم والمخالفين لهم كانوا لهم ولجميع أهل محبتهم مبغضين، قلت نعم،
قال: فلا يدخل الجنة إلا من أحبه من الأولين والآخرين ولا يدخل النار إلا من
أبغضه من الأولين والآخرين فهو إذن قسيم الجنة والنار. قال المفضل بن عمر:
فقلت له يا بن رسول الله فرجت عني فرج الله عنك فزدني مما علمك الله، قال: سل
يا مفضل فقلت له يا بن رسول الله فعلي بن أبي طالب عليه السلام يدخل محبه الجنة
ومبغضه النار؟ أو رضوان ومالك؟ فقال يا مفضل أما علمت أن الله تبارك وتعالى
بعث رسول صلى الله عليه وآله وهو روح إلى الأنبياء عليهم السلام، وهم أرواح قبل خلق
الخلق بألفي عام، قال: أما علمت أنه دعاهم إلى توحيد الله وطاعته واتباع
162

أمره ووعدهم الجنة على ذلك وأوعد من خالف ما أجابوا إليه وأنكره النار قلت بلى
قال: أفليس النبي صلى الله عليه وآله ضامنا لما وعد وأوعد عن ربه عز وجل، قلت بلى قال:
أوليس علي بن أبي طالب خليفته وإمام أمته؟ قلت بلى، قال: أوليس رضوان
وملك من جملة الملائكة والمستغفرين لشيعته الناجين بمحبته؟ قلت بلى، قال: فعلي
ابن أبي طالب إذن قسيم الجنة والنار عن رسول الله صلى الله عليه وآله ورضوان ومالك صادران
عن أمره بأمر الله تبارك وتعالى، يا مفضل خذ هذا فإنه من مخزون العلم ومكنونه
لا تخرجه إلا إلى أهله.
2 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا الحسن بن
عرفة (بسر من رأى) قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا محمد بن إسرائيل قال:
حدثنا أبو صالح عن أبي ذر رحمة الله عليه قال: كنت أنا وجعفر بن أبي طالب
مهاجرين إلى بلاد الحبشة فأهديت لجعفر جارية قيمتها أربعة آلاف درهم فلما قدمنا
المدينة أهداها لعلي " ع " تخدمه فجعلها علي " ع " في منزل فاطمة فدخلت فاطمة
عليها السلام يوما فنظرت إلى رأس علي عليه السلام في حجر الجارية فقالت يا أبا الحسن
فعلتها فقال لا والله يا بنت محمد ما فعلت شيئا فما الذي تريدين؟ قالت تأذن لي في
المصير إلى منزل أبى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لها قد أذنت لك فتجلببت بجلبابها
وتبرقعت ببرقعها وأرادت النبي صلى الله عليه وآله فهبط جبرئيل " ع " فقال يا محمد ان الله يقرءك
السلام ويقول لك ان هذه فاطمة قد أقبلت إليك تشكو عليا فلا تقبل منها في علي
شيئا فدخلت فاطمة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله جئت تشكين عليا قالت إي ورب
الكعبة، فقال لها ارجعي إليه فقولي له رغم أنفي لرضاك، فرجعت إلى علي " ع "
فقالت له يا أبا الحسن رغم أنفي لرضاك تقولها ثلاثا، فقال لها علي " ع " شكوتيني
إلى خليلي وحبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وا سوأتاه من رسول الله صلى الله عليه وآله اشهد الله
يا فاطمة ان الجارية حرة لوجه الله وان الأربعمائة درهم التي فضلت من عطائي
صدقة علي فقراء أهل المدينة، ثم تلبس وانتعل وأراد النبي صلى الله عليه وآله فهبط جبرئيل
163

فقال يا محمد ان الله يقرءك السلام ويقول لك قل لعلي قد أعطيتك الجنة بعتقك
الجارية في رضا فاطمة والنار بالأربعمائة درهم التي تصدقت بها فادخل الجنة من
شئت برحمتي واخرج من النار من شئت بعفوي، فعندها قال علي " ع " أنا قسيم
الله بين الجنة والنار.
3 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى
وعبد الله بن عامر بن سعيد، عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين " ع " أنا قسيم الله بين الجنة والنار، وانا الفاروق
الأكبر وانا صاحب العصا والميسم.
4 - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار
قال حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان عن عبد الله بن
القاسم الحضرمي، عن سماعة بن مهران قال: قال أبو عبد الله " ع " إذا كان يوم
القيامة وضع منبر يراه جميع الخلايق يقف عليه رجل يقوم ملك عن يمينه وملك عن
يساره فينادي الذي عن يمينه يقول: يا معشر الخلايق هذا علي بن أبي طالب صاحب
الجنة يدخل الجنة من شاء، وينادي الذي عن يساره يا معشر الخلايق هذا علي بن أبي
طالب صاحب النار يدخلها من شاء.
5 - أبى رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا إبراهيم
ابن محمد الثقفي قال: حدثنا محمد بن داود الدينوري قال: حدثنا منذر الشعراني
قال حدثنا سعد بن زيد قال حدثنا أبو قبيل، عن أبي الجارود رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله
قال: إن حلقة باب الجنة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب فإذا دقت الحلقة على
الصفيحة طنت وقالت: يا علي:
6 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن محمد
ابن عيسى عن العباس بن معروف، عن عبد الله بن المغيرة الخزاز، عن أبي حفص
العبدي عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال: كان النبي صلى الله عليه وآله يقول
164

إذا سألتم الله لي فاسألوه الوسيلة، فسألنا النبي صلى الله عليه وآله عن الوسيلة فقال: هي درجتي
في الجنة، وهي الف مرقاة بين المرقاة إلى المرقاة حضر الفرس، فرس الجواد شهرا،
وهي ما بين مرقاة جوهر إلى مرقاة زبرجد إلى مرقاة ياقوت إلى مرقاة ذهب إلى
مرقاة فضة فيؤتى بها يوم القيامة حتى تنصب مع درجة النبيين فهي في درج النبيين
كالقمر بين الكواكب فلا يبقى يومئذ نبي ولا صديق ولا شهيد إلا قال: طوبى
لمن كانت هذه الدرجة درجته، فينادى مناد يسمع النداء جميع النبيين والصديقين
والشهداء والمؤمنين هذه درجة محمد. قال رسول الله صلى الله عليه وآله فأقبل
أنا يومئذ متزرا بريطة من نور على تاج الملك، وإكليل الكرامة والملائكة الكرام
وعلي بن أبي طالب أمامي ولوائي بيده وهو لواء الحمد مكتوب عليه: (لا إله إلا
الله المفلحون هم الفائزون بالله) فإذا مررنا بالنبيين قالوا ملكين مقربين، وإذا
مررنا بالملائكة قالوا هذان ملكان ولم نعرفهما ولم نرهما، وإذا مررنا بالمؤمنين قالوا
هذان نبيان مرسلان حتى أعلو الدرجة وعلي يتبعني حتى إذا صرف في أعلا درجة
منها وعلي أسفل مني بدرجة وبيده لوائي فلا يبقى يومئذ نبي ولا وصى ولا مؤمن
إلا رفعوا رؤوسهم إلى يقولون طوبى لهذين العبدين ما أكرمهما على الله تعالى فيأتي
النداء من عند الله تعالى يسمع النبيون وجميع الخلق: هذا حبيبي محمد وهذا وليي
علي طوبى لمن أحبه وويل لمن أبغضه وكذب عليه، قال النبي صلى الله عليه وآله
لعلي عليه السلام يا علي فلا يبقى يومئذ في مشهد القيامة أحد يحبك إلا استروح
إلى هذا الكلام وابيض وجهه وفرح قلبه ولا يبقى أحد ممن عاداك أو نصب لك
حربا أو جحد لك حقا إلا أسود وجهه واضطربت قدماه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله
فبينا أنا كذلك إذا ملكان قد أقبلا إلي اما أحدهما فرضوان خازن الجنة، وأما
الآخر فمالك خازن النار فيدنو رضوان فيسلم علي فيقول السلام عليك يا رسول الله
فارد عليه السلام، وأقول أيها الملك الطيب الريح الحسن الوجه الكريم على ربه
من أنت؟ فيقول أنا رضوان خازن الجنة امرني ربى آتيك بمفاتيح الجنة
165

فادفعها إليك فخذها يا احمد فأقول قد قبلت ذلك من ربى فله الحمد على ما أنعم به
علي فادفعها إلى أخي علي بن أبي طالب فيدفعها إلى علي ويرجع رضوان ثم يدنو
مالك فيقول السلام عليك يا احمد فأقول السلام عليك أيها الملك ما أنكر رؤيتك
وأقبح وجهك من أنت؟ فيقول: أنا مالك خازن النار امرني ربى ان آتيك
بمقاليد النار، فأقول قد قبلت ذلك من ربي فله الحمد على ما فضلني به، ادفعها إلى أخي علي ابن أبي طالب فيدفعها إليه، ثم يرجع مالك فيقبل علي ومعه مفاتيح الجنة
ومقاليد النار حتى يقف على عجزة جهنم فيأخذ زمامها بيده وقد علا زفيرها
واشتد حرها وتطاير شررها فتنادي جهنم جزني يا علي فقد أطفأ نورك لهبي
فيقول لها علي: قري يا جهنم خذي هذا واتركي هذا، خذي هذا عدوي واتركي
هذا وليي، فلجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي من غلام أحدكم لصاحبه فان شاء
يذهبها يمنة، وان شاء يذهبها يسرة، ولجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي فيما يأمرها
به من جميع الخلايق.
وقد أخرجت هذه الأخبار التي رويتها في هذا المعنى في كتاب (المعرفة)
(باب 131 - العلة التي من أجلها أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله)
(إلى علي " ع " دون غيره)
1 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى
العطار قال: حدثنا سهل بن زياد الآدمي قال: حدثنا محمد بن الوليد الصيرفي، عن
أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عن جده عليهما السلام قال:
لما حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله الوفاة دعا العباس بن عبد المطلب وأمير المؤمنين علي
ابن أبي طالب عليه السلام فقال للعباس: يا عم محمد، تأخذ تراث محمد وتقضي دينه
وتنجز عداته؟ فرد عليه وقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله أنا شيخ كبير كثير العيال قليل
المال من يطيقك وأنت تباري الريح، قال فأطرق صلى الله عليه وآله هنيئة قال يا عباس أتأخذ
تراث رسول الله وتنجز عداته وتؤدي دينه؟ فقال بأبي أنت وأمي أنا شيخ
166

كبير كثير العيال قليل المال من يطيقك وأنت تباري الريح، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله
اما انى سأعطيها من يأخذ بحقها، ثم قال: يا علي يا أخا محمد أتنجز عداة محمد
وتقضي دينه وتأخذ تراثه؟ قال: نعم بأبي أنت وأمي، قال فنظرت إليه حتى نزع
خاتمه من إصبعه فقال تختم بهذا في حياتي، قال: فنظرت إلى الخاتم حين وضعه
علي " ع " في إصبعه اليمنى فصاح رسول الله صلى الله عليه وآله يا بلال علي بالمغفر والدرع
والراية وسيفي ذي الفقار وعمامتي السحاب والبرد والأبرقة والقضيب (يقال له:
الممشوق) فوالله ما رأيتها قبل ساعتي تيك - يعني الأبرقة - كادت تخطف الابصار
فإذا هي من أبرق الجنة، فقال يا علي: ان جبرئيل أتاني بها فقال يا محمد اجعلها في
حلقة الدرع واستوفر بها مكان المنطقة، ثم دعا بزوجي نعال عربيين أحدهما:
مخصوفة والأخرى غير مخصوفة، والقميص الذي اسرى به فيه، والقميص الذي
خرج فيه يوم (أحد) والقلانس الثلاث: قلنسوة السفر وقلنسوة العيدين وقلنسوة
كان يلبسها ويقعد مع أصحابه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا بلال علي بالبغلتين: الشهباء
والدلدل، والناقتين: العضباء والصهباء، والفرسين: الجناح الذي كان يوقف بباب
مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله لحوايج الناس، يبعث رسول الله صلى الله عليه وآله الرجل في حاجة
فيركبه، وحيزوم وهو الذي يقول أقدم حيزوم والحمار اليعفور، ثم قال: يا علي
أقبضها في حياتي لا ينازعك فيها أحد بعدي. ثم قال أبو عبد الله " ع " ان أول شئ
مات من الدواب حماره اليعفور توفي ساعة قبض رسول الله صلى الله عليه وآله قطع خطامه،
ثم مر يركض حتى وافى بئر بنى حطمه بقبا فرمى بنفسه فيها فكانت قبره
ثم قال أبو عبد الله " ع ": ان يعفور كلم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: بأبي أنت
وأمي ان أبي حدثني عن أبيه عن جده: انه كان مع نوح في السفينة فنظر
إليه يوما نوح " ع " ومسح يده على وجهه، ثم قال: يخرج من صلب هذا
الحمار حمار يركبه سيد النبيين وخاتمهم والحمد لله الذي جعلني ذلك الحمار.
2 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد
167

ابن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن إبراهيم بن إسحاق الأزدي، عن أبيه قال:
أتيت الأعمش سليمان بن مهران أسأله عن وصية رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: إيت محمد
ابن عبد الله فاسأله، قال: فاتيته فحدثني عن زيد بن علي " ع " فقال: لما حضرت
رسول الله صلى الله عليه وآله الوفاة ورأسه في حجر علي " ع " والبيت غاص بمن فيه من
المهاجرين والأنصار والعباس قاعد قدامه، قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا عباس أتقبل
وصيتي وتقضى ديني وتنجز موعدي؟ فقال: انى امرؤ كبير السن كثير العيال لا مال
لي فأعادها عليه ثلاثا كل ذلك يردها عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: سأعطيها رجلا
يأخذها بحقها لا يقول مثل ما تقول، ثم قال يا علي: أتقبل وصيتي وتقضى ديني
وتنجز موعدي؟ قال: فخنقته العبرة ولم يستطع ان يجيبه ولقد رأى رأس
رسول الله صلى الله عليه وآله يذهب ويجئ في حجره، ثم أعاد عليه، فقال له علي " ع " نعم
بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فقال يا بلال: إيت بدرع رسول الله فأتى بها
ثم قال يا بلال: إيت براية رسول الله فأتى بها، ثم قال يا بلال: إيت ببغلة
رسول الله بسرجها ولجامها فأتى بها، ثم قال يا علي قم فاقبض هذا بشهادة من في
البيت من المهاجرين والأنصار كي لا ينازعك فيه أحد من بعدي، قال: فقام
علي " ع " وحمل ذلك حتى استودع جميع ذلك في منزله ثم رجع.
3 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله، عن عمه محمد بن أبي القاسم
عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي إسماعيل إبراهيم بن إسحاق الأزدي
عن أبيه، عن أبي خالد عمرو بن خالد الواسطي، عن زيد بن علي " ع " قال: لما
حضرت رسول صلى الله عليه وآله الوفاة قال للعباس أتقبل وصيتي وتقضى ديني وتنجز موعدي؟
قال إني امرؤ كبير السن ذو عيال لا مال لي، فأعاده ثلاثا فردها، فقال رسول الله
لأعطينها رجلا يأخذها بحقها لا يقول ما تقول، ثم قال يا علي: تقبل وصيتي
وتقضى ديني وتنجز موعدي؟ قال فخنقته العبرة ثم أعاد عليه، فقال علي " ع " نعم
يا رسول الله، فقال يا بلال: إيت بدرع رسول الله، فأتى بها، ثم قال: يا بلال
168

بسيف رسول الله فاتى به، ثم قال يا بلال: إيت براية رسول الله فاتى بها، قال حتى
تفقد عصابة كان يعصب بها بطنه في الحرب فاتى بها، ثم قال يا بلال: إيت ببغلة
رسول الله بسرجها ولجامها فاتى بها، ثم قال لعلي قم فاقبض هذا بشهادة من هنا
من المهاجرين والأنصار حتى لا ينازعك فيه أحد من بعدي، قال فقام علي " ع "
وحمل ذلك حتى استودعه منزله ثم رجع.
(باب 132 - علة تربية النبي صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين " ع ")
1 - حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن عبيد الله بن
الحسين بن علي بن أبي طالب قال: حدثني جدي يحيى بن الحسن قال حدثني عبد الله
ابن عبيد الله الطلحي قال: حدثنا أبي، عن أبي هاني مولى بني مخزوم، عن محمد
ابن إسحاق قال: حدثني ابن أبي نجيح، عن مجاهد بن جبر أبى الحجاج قال: كان
من نعم الله على علي بن أبي طالب " ع " ما صنع الله له وأراد به من الخير إن قريشا
أصابتهم أزمة شديدة وكان أبو طالب في عيال كثير فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لعمه
العباس وكان من أيسر بني هاشم يا أبا الفضل ان أخاك أبا طالب كثير العيال وقد
أصاب الناس ما ترى في هذه الأزمة فانطلق بنا إليه فنخفف عنه عياله آخذ من بنيه
رجلا وتأخذ رجلا فنكفلهما عنه، فقال العباس قم، فانطلقا حتى أتيا أبا طالب
فقالا: إنا نريد ان نخفف عنك عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه من هذه
الأزمة فقال لهما أبو طالب إذا تركتما لي عقيلا فاصنعا ما شئتما فاخذ رسول الله صلى الله عليه وآله
عليا واخذ العباس جعفرا فلم يزل علي عليه السلام مع رسول الله صلى الله عليه وآله حتى بعثه
الله عز وجل نبيا فآمن به واتبعه وصدقه. ولم يزل جعفر مع العباس، حتى أسلم
واستغنى عنه.
(باب 133 العلة التي من أجلها ورث علي بن أبي طالب " ع ")
(رسول الله صلى الله عليه وآله دون غيره)
1 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رحمه الله قال: حدثني
169

عبد العزيز بن يحيى الجلودي بالبصرة قال حدثنا محمد بن زكريا قال حدثنا عبد الواحد
ابن غياث قال: حدثنا أبو عباية، عن عمرو بن المغيرة، عن أبي صادق، عن ربيعة
ابن ناجد، ان رجلا قال لعلي عليه السلام يا أمير المؤمنين بما ورثت ابن عمك دون
عمك؟ فقال: يا معشر الناس، فافتحوا آذانكم واستمعوا. فقال عليه السلام جمعنا
رسول الله صلى الله عليه وآله بني عبد المطلب في بيت رجل منا أو قال: أكبرنا. فدعا بمد
ونصف من طعام وقدح له يقال له الغمر فأكلنا وشربنا وبقى الطعام كما هو
والشراب كما هو وفينا من يأكل الجذعة ويشرب الفرق فقال رسول الله صلى الله عليه وآله
ان قد ترون هذه فأيكم يبايعني على أنه أخي ووارثي ووصيي؟ فقمت إليه وكنت
أصغر القوم وقلت أنا، قال اجلس، ثم قال ذلك ثلاث مرات، كل ذلك أقوم إليه
فيقول: اجلس، حتى كان في الثالثة: فضرب بيده على يدي فبذلك ورثت ابن
عمي دون عمي.
2 - وعنه قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا المغيرة بن محمد قال: حدثنا
إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمان الأزدي قال: حدثنا قيس بن الربيع وشريك بن
عبد الله بن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن
علي بن أبي طالب " ع " قال: لما نزلت (وانذر عشيرتك الأقربين ورهطك المخلصين)
دعا رسول الله صلى الله عليه وآله بنى عبد المطلب وهم إذ ذاك أربعون رجلا
يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا فقال أيكم يكون أخي ووصيي ووارثي ووزيري
وخليفتي فيكم بعدي؟ فعرض عليهم ذلك رجلا رجلا كلهم يأبى ذلك حتى أتى علي
فقلت انا يا رسول الله، فقال يا بني عبد المطلب هذا أخي ووارثي ووصيي ووزيري
وخليفتي فيكم بعدي، فقام القوم يضحك بعضهم إلى بعض ويقولون لأبي طالب:
قد امرك أن تسمع وتطيع لهذا الغلام.
(باب 134 - العلة التي من أجلها دخل أمير المؤمنين " ع " في الشورى)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه باسناده
170

رفعه إلى أبى عبد الله " ع " قال: لما كتب عمر كتاب الشورى بدأ بعثمان في أول
الصحيفة وأخر عليا أمير المؤمنين " ع "! فجعله في آخر القوم، فقال العباس:
يا أمير المؤمنين يا أبا الحسن أشرت عليك في يوم قبض رسول الله ان تمد يدك
فنبايعك فإن هذا الامر لمن سبق إليه فعصيتني حتى بويع أبو بكر وانا أشير عليك
اليوم ان عمر قد كتب أسمك في الشورى وجعلك آخر القوم وهم يخرجونك منها
فأطعني ولا تدخل في الشورى فلم يجبه بشئ فلما بويع عثمان قال له العباس: ألم أقل
لك، قال له يا عم انه قد خفى عليك أمر، أما سمعت قوله على المنبر ما كان الله ليجمع
لأهل هذا البيت الخلافة والنبوة فأردت ان يكذب نفسه بلسانه فيعلم الناس ان قوله
بالأمس كان كذبا باطلا وإنا نصلح للخلافة، فسكت العباس.
(باب 135 - العلة التي من أجلها خرج بعض الأئمة عليهم السلام)
(بالسيف، وبعضهم لزم منزله وسكت، وبعضهم أظهر أمره)
(وبعضهم أخفى أمره، وبعضهم نشر العلوم وبعضهم لم ينشرها)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبي القاسم
الهاشمي، عن عبيد بن قيس الأنصاري قال: حدثنا الحسن بن سماعة عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: نزل جبرئيل " ع " على رسول صلى الله عليه وآله بصحيفة من السماء لم ينزل الله
تعالى كتابا قبله ولا بعده وفيه خواتيم من الذهب فقال له: يا محمد هذه وصيتك
إلى النجيب من أهلك، فقال له يا جبرئيل من النجيب من أهلي؟ قال علي بن أبي
طالب مره إذا توفيت ان يفك خاتمها ويعمل بما فيه فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله فك
علي " ع " خاتما ثم عمل بما فيه وما تعداه، ثم دفعها إلى الحسن بن علي عليه السلام
ففك خاتما وعمل بما فيه وما تعداه، ثم دفعها إلى الحسين بن علي " ع " ففك خاتما
فوجد فيه: اخرج بقوم إلى الشهادة لهم معك واشر نفسك لله فعمل بما فيه وما تعداه
ثم دفعها إلى رجل بعده ففك خاتما فوجد فيه أطرق واصمت والزم منزلك وأعبد
ربك حتى يأتيك اليقين، ثم دفعها إلى رجل بعده ففك خاتما فوجد فيه: ان حدث
171

الناس وافتهم وانشر علم آبائك، فعمل بما فيه وما تعداه. ثم دفعها إلى رجل بعده
ففك خاتما فوجد فيه: ان حدث الناس وافتهم وصدق آبائك ولا تخافن إلا الله
فإنك في حرز من الله وضمان. وهو يدفعها إلى رجل بعده ويدفعها من بعده إلى
من بعده إلى يوم القيامة.
(باب 136 - العلة التي من أجلها دفع النبي صلى الله عليه وآله إلى علي " ع ")
(سهمين وقد استخلفه على أهله بالمدينة)
1 - حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا عبد الرحمان بن محمد الحسنى
قال حدثني فرات بن إبراهيم الكوفي قال: حدثنا علي بن محمد بن الحسن اللؤلؤي
قال: حدثنا علي بن نوح قال حدثنا أبي، عن محمد بن مروان، عن أبي داود، عن
معاذ بن سالم، عن بشر بن إبراهيم الأنصاري، عن خليفة بن سليمان الجهمي، عن أبي
سلمة بن عبد الرحمان، عن أبي هريرة قال: فلما رجع النبي إلى المدينة وكان علي
قد تخلف على أهله قسم المغانم فدفع إلى علي بن أبي طالب " ع " سهمين وهو بالمدينة
متخلف وقال: معاشر الناس، ناشدتكم بالله وبرسوله ألم تروا إلى الفارس الذي حمل
على المشركين من يمين العسكر فهزمهم ثم رجع إلي فقال: يا محمد ان لي معك سهما
وقد جعلته لعلي بن أبي طالب وهو جبرئيل " ع " معاشر الناس ناشدتكم بالله وبرسوله
هل رأيتم الفارس الذي حمل على المشركين من يسار العسكر ثم رجع فكلمني فقال
لي يا محمد ان لي معك سهما وقد جعلته لعلي بن أبي طالب فهو ميكائيل والله
ما دفعت إلى علي عليه السلام إلا سهم جبرئيل وميكائيل عليهما السلام فكبر
الناس بأجمعهم.
2 - وحدثني بهذا الحديث الحسن بن محمد الهاشمي الكوفي، عن فرات بن
إبراهيم، باسناد مثله سواء.
(باب 37 - العلة التي من أجلها صار علي بن أبي طالب أول من يدخل الجنة)
1 - حدثنا الحسين بن علي الصوفي رحمه الله قال: حدثنا أبو العباس عبد الله
172

ابن جعفر الحميري قال: حدثنا محمد بن عبد الله القرشي قال: حدثنا علي بن أحمد
التميمي قال: حدثنا محمد بن مروان قال: حدثنا عبد الله بن يحيى قال حدثنا محمد
ابن الحسين بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده عن الحسين بن علي عن أبيه علي
ابن أبي طالب عليهم السلام قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله أنت أول من يدخل
الجنة، فقلت يا رسول الله ادخلها قبلك؟ قال: نعم صاحب لوائي في الآخرة
كما إنك صاحب لوائي في الدنيا وحامل اللواء هو المتقدم، ثم قال صلى الله عليه وآله: يا علي
كأني بك وقد دخلت الجنة وبيدك لوائي وهو لواء الحمد تحته آدم فمن دونه.
(باب 138 - العلة التي من أجلها لم يخضب أمير المؤمنين)
1 - حدثنا محمد بن أحمد السناني رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن أبي عبد الله
الكوفي قال: حدثنا محمد بن أبي بشر قال حدثنا الحسين بن الهيثم عن سليمان بن داود
عن علي بن غراب قال حدثنا ثابت بن أبي صفية، عن سعد بن ظريف عن الأصبغ
ابن نباتة قال: قلت لأمير المؤمنين " ع " ما منعك من الخضاب وقد اختضب
رسول الله صلى الله عليه وآله قال: انتظر أشقاها ان يخضب لحيتي من دم رأسي بعد عهد
معهود أخبرني به حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله.
(باب 139 - العلة التي من أجلها لم يطق أمير المؤمنين " ع " حمل)
(رسول الله صلى الله عليه وآله لما أراد حط الأصنام من سطح الكعبة)
1 - حدثنا أبو علي أحمد بن يحيى المكتب قال حدثنا أحمد بن محمد الوراق
قال حدثنا بشر بن سعيد بن قلبويه المعدل بالرافقه قال حدثنا عبد الجبار بن كثير
التميمي اليماني قال سمعت محمد بن حرب الهلالي أمير المدينة يقول: سألت جعفر بن
محمد " ع " فقلت له يا بن رسول الله في نفسي مسألة أريد ان أسألك عنها فقال: ان
شئت أخبرتك بمسألتك قبل أن تسألني وان شئت فسل، قال: قلت له يا بن
رسول الله وبأي شئ تعرف ما في نفسي قبل سؤالي؟ فقال بالتوسم والتفرس
أما سمعت قول الله عز وجل (ان في ذلك لآيات للمتوسمين) وقول رسول الله صلى الله عليه وآله
173

اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله، قال: فقلت له يا بن رسول الله فأخبرني
بمسألتي قال: أردت ان تسألني عن رسول الله صلى الله عليه وآله لم لم يطق حمله علي " ع " عند
حط الأصنام من سطح الكعبة مع قوته وشدته وما ظهر منه في قلع باب القموص
بخيبر والرمي به إلى ورائه أربعين ذراعا وكان لا يطيق حمله أربعون رجلا وقد
كان رسول الله صلى الله عليه وآله يركب الناقة والفرس والحمار، وركب البراق ليلة المعراج
وكل ذلك دون علي في القوة والشدة، قال: فقلت له عن هذا والله أردت ان أسألك
يا بن رسول الله فأخبرني فقال: ان عليا عليه السلام برسول الله تشرف وبه ارتفع
وبه وصل إلى أن اطفأ نار الشرك وأبطل كل معبود من دون الله عز وجل ولو علاه
النبي صلى الله عليه وآله لحط الأصنام لكان عليه السلام بعلي مرتفعا وتشريفا وواصلا إلى حط
الأصنام ولو كان ذلك كذلك لكان أفضل منه ألا ترى ان عليا عليه السلام قال:
لما علوت ظهر رسول الله صلى الله عليه وآله شرفت وارتفعت حتى لو شئت ان أنال السماء لنلتها
أما علمت أن المصباح هو الذي يهتدى به في الظلمة وانبعاث فرعه من أصله، وقد
قال علي عليه السلام أنا من احمد كالضوء من الضوء، أما علمت أن محمدا وعليا
صلوات الله عليهما كانا نورا بين يدي الله عز وجل قبل خلق الخلق بألفي عام وان
الملائكة لما رأت ذلك النور رأت له أصلا قد تشعب منه شعاع لامع فقالت: إلهنا
وسيدنا ما هذا النور؟ فأوحى الله تبارك وتعالى إليهم هذا نور من نوري أصله
نبوة وفرعه إمامة، أما النبوة فلمحمد عبدي ورسولي واما الإمامة فلعلي حجتي
ووليي ولولاهما ما خلقت خلقي، اما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله رفع يد علي " ع "
بغدير خم حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما فجعله مولى المسلمين وإمامهم وقد احتمل
الحسن والحسين عليهما السلام يوم حظيرة بني النجار فلما قال له بعض أصحابه
ناولني أحدهما يا رسول الله قال: نعم الراكبان وأبوهما خير منهما، وانه صلى الله عليه وآله
كان يصلي بأصحابه فأطال سجدة من سجداته فلما سلم قيل له يا رسول الله لقد
أطلت هذه السجدة فقال صلى الله عليه وآله ان ابني ارتحلني فكرهت ان أعاجله حتى ينزل،
174

وإنما أراد بذلك صلى الله عليه وآله رفعهم وتشريفهم فالنبي صلى الله عليه وآله إمام ونبي وعلي " ع " إمام ليس
بنبي ولا رسول فهو غير مطيق لحمل أثقال النبوة. قال محمد بن حرب الهلالي:
فقلت له زدني يا بن رسول الله فقال إنك لأهل للزيادة ان رسول الله صلى الله عليه وآله حمل عليا
عليه السلام على ظهره يريد بذلك أنه أبو ولده وإمام الأئمة من صلبه كما حول ردائه
في صلاة الاستسقاء وأراد ان يعلم أصحابه بذلك انه قد تحول الجدب خصبا، قال:
قلت له زدني يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: احتمل رسول الله صلى الله عليه وآله عليا " ع "
يريد بذلك ان يعلم قومه انه هو الذي يخفف عن ظهر رسول الله صلى الله عليه وآله ما عليه من
الدين والعدات والأداء عنه من بعده، قال: فقلت له يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله زدني
فقال: احتمله ليعلم بذلك انه قد احتمله وما حمل إلا لأنه معصوم لا يحمل وزرا
فتكون أفعاله عند الناس حكمة وصوابا وقد قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي يا علي ان الله
تبارك وتعالى حملني ذنوب شيعتك ثم غفرها لي وذلك قوله تعالى (ليغفر لك ما تقدم
من ذنبك وما تأخر) ولما أنزل الله عز وجل إذا اهتديتم وعلي نفسي وأخي أطيعوا
عليا فإنه مطهر معصوم لا يضل ولا يشقى ثم تلا هذه الآية: (قل أطيعوا الله
وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وان تطيعوه تهتدوا
وما على الرسول إلا البلاغ المبين).
قال محمد بن حرب الهلالي: ثم قال جعفر بن محمد " ع " أيها الأمير لو أخبرتك
بما في حمل النبي صلى الله عليه وآله عليا عند حط الأصنام من سطح الكعبة من المعاني التي أرادها
به لقلت ان جعفر بن محمد لمجنون فحسبك من ذلك ما قد سمعت فقمت إليه وقبلت
رأسه وقلت الله أعلم حيث يجعل رسالته.
(باب 140 - العلة التي من أجلها قال رسول الله صلى الله عليه وآله)
(من بشرني بخروج آذار فله الجنة)
1 - حدثنا محمد بن أحمد السناني وأحمد بن الحسن القطان والحسين بن
175

إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب وعلي بن عبد الله الوراق وعلي بن أحمد بن محمد
الدقاق رضي الله عنهم قالوا: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال
حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن أبيه، عن أبي الحسن
العبدي، عن سليمان بن مهران، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان النبي،
صلى الله عليه وآله ذات يوم في مسجد (قبا) وعنده نفر من أصحابه فقال أول من يدخل عليكم
الساعة رجل من أهل الجنة فلما سمعوا ذلك قام نفر منهم فخرجوا وكل واحد منهم
يحب ان يعود ليكون هو أول داخل فيستوجب الجنة فعلم النبي صلى الله عليه وآله ذلك منهم
فقال لمن بقي عنده من أصحابه سيدخل عليكم جماعة يستبقون فمن بشرني بخروج
آذار فله الجنة، فعاد القوم ودخلوا ومعهم أبو ذر رحمه الله فقال لهم في أي شهر
نحن من الشهور الرومية فقال أبو ذر قد خرج آذار يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وآله قد
علمت ذلك يا أبا ذر ولكن أحببت ان يعلم قومي إنك رجل من أهل الجنة وكيف
لا تكون كذلك وأنت المطرود من حرمي بعدي لمحبتك لأهل بيتي فتعيش وحدك
وتموت وحدك ويسعد بك قوم يتولون تجهيزك ودفنك أولئك رفقائي في الجنة
الخلد التي وعد المتقون.
(باب 141 - العلة التي من أجلها قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أظلت)
(الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر)
1 حدثنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن علي البصري قال: حدثنا عبد السلام
ابن محمد بن هارون الهاشمي قال: حدثنا محمد بن محمد عقبة الشيباني قال حدثنا
أبو القاسم الخضر بن أبان، عن أبي هدبة، عن أنس بن مالك قال: اتى أبو ذر يوما
إلى مسجد رسول صلى الله عليه وآله فقال: ما رأيت كما رأيت البارحة قالوا: وما رأيت
البارحة؟ قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله ببابه فخرج ليلا فاخذ بيد علي بن أبي طالب
وقد خرجا إلى البقيع فمازلت أقفوا أثرهما إلى أن أتيا مقابر مكة فعدل إلى قبر
أبيه فصلى عنده ركعتين فإذا بالقبر قد انشق وإذا بعبد الله جالس وهو يقول:
176

أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فقال له من وليك يا أبة فقال:
وما الولي بابني قال: هو هذا علي قال: وان عليا وليي قال فارجع إلى روضتك ثم عدل
إلى قبر أمه فصنع كما صنع عند قبر أبيه فإذا بالقبر قد انشق فإذا هي تقول: أشهد
أن لا إله إلا الله وانك نبي الله ورسوله فقال لها من وليك يا أماه، فقالت ومن
الولي يا بنى؟ فقال هو هذا علي بن أبي طالب فقالت: وان عليا وليي فقال أرجعي
إلى حفرتك وروضتك. فكذبوه ولببوه وقالوا يا رسول الله كذب عليك اليوم
فقال وما كان من ذلك. قال إن جندب حكى عنك كيت وكيت فقال النبي صلى الله عليه وآله:
ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء علي ذي لهجة أصدق من أبي ذر.
قال عبد السلام بن محمد: فعرضت هذا الخبر على الهجني محمد بن عبد الأعلى
فقال: أما علمت أن النبي صلى الله عليه وآله قال: أتاني جبرئيل فقال: ان الله عز وجل حرم
النار على ظهر أنزلك، وبطن حملك، وثدي أرضعك، وحجر كفلك.
2 - حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسين
السكري قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري الغلابي البصري قال: حدثنا عثمان
ابن عمران قال: حدثنا عباد بن صهيب قال: قلت للصادق جعفر بن محمد " ع "
أخبرني عن أبي ذر أهو أفضل أم أنتم أهل البيت؟ فقال: يا بن صهيب كم شهور
السنة فقلت اثنى عشر شهرا فقال: وكم الحرم منها؟ قلت أربعة أشهر، قال فشهر
رمضان منها؟ قلت لا، قال فشهر رمضان أفضل أم أشهر الحرم؟ فقلت بل شهر
رمضان قال فكذلك نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد وان أبا ذر كان في قوم
من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فتذاكروا فضايل هذه الأمة فقال أبو ذر أفضل هذه
الأمة علي بن أبي طالب وهو قسيم الجنة والنار وهو صديق هذه الأمة وفاروقها
وحجة الله عليها فما بقي من القوم أحد إلا اعرض عنه بوجهه وأنكر عليه قوله
وكذبه فذهب أبو امامة الباهلي من بينهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره بقول
أبي ذر واعراضهم عنه وتكذيبهم له، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أظلت الخضراء ولا
177

أقلت الغبراء - يعنى منكم يا أبا أمامة من ذي لهجة أصدق من أبي ذر.
(باب 142 - العلة التي من أجلها سميت فاطمة " ع " فاطمة)
1 - حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي
ابن الحسين السكري قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن زكريا الغلابي قال: حدثنا
مخدج بن عمير الحنفي قال: حدثني بشر بن إبراهيم الأنصاري، عن الأوزاعي عن
يحيى بن أبي كثير، عن أبيه عن أبي هريرة قال: إنما سميت فاطمة فاطمة لان
الله تعالى فطم من أحبها من النار.
2 أبى رحمه الله قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى قال:
حدثنا محمد بن زياد مولى بني هاشم قال: حدثنا شيخ لنا ثقة يقال له نجية بن إسحاق
الفزاري قال: حدثنا عبد الله بن الحسن بن الحسن قال: قال لي أبو الحسن لم سميت
فاطمة فاطمة، قلت: فرقا بينه وبين الأسماء قال إن ذلك لمن الأسماء ولكن الاسم
الذي سميت به ان الله تبارك وتعالى علم ما كان قبل كونه فعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله
يتزوج في الاحياء وانهم يطمعون في وراثة هذا الامر فيهم من قبله فلما ولدت
فاطمة سماها الله تبارك وتعالى فاطمة لما اخرج منها وجعل في ولدها فقطعهم عما
طمعوا، فبهذا سميت فاطمة، لأنها فطمت طمعهم. ومعنى فطمت: قطعت.
3 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله قال: حدثنا علي بن الحسين
السعد آبادي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني
قال: حدثني الحسن بن عبد الله بن يونس بن ظبيان قال: قال أبو عبد الله " ع "
لفاطمة عليها السلام تسعة أسماء عند الله عز وجل فاطمة والصديقة والمباركة
والطاهرة والزكية والراضية والمرضية والمحدثة والزهراء، ثم قال: أتدري
أي شئ تفسير فاطمة عليها السلام؟ قلت إخبرني يا سيدي قال: فطمت من الشر
قال: ثم قال، لولا أن أمير المؤمنين " ع " تزوجها ما كان لها كفوا إلى يوم
القيامة على وجه الأرض، آدم فمن دونه.
178

4 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار
عن محمد بن الحسين، عن محمد بن صالح بن عقبة، عن يزيد بن عبد الملك عن أبي
جعفر " ع " قال: لما ولدت فاطمة عليها السلام أوحى الله عز وجل إلى ملك
فانطق به لسان محمد فسماها فاطمة ثم قال أنى فطمتك بالعلم وفطمتك عن الطمث
ثم قال أبو جعفر " ع ": والله لقد فطمها الله تبارك وتعالى بالعلم وعن الطمث بالميثاق.
5 - حدثنا محمد بن الحسن رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن علوية الأصبهاني
عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن جندل بن والق قال: حدثنا محمد بن عمر البصري
عن جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا فاطمة
أتدرين لم سميت فاطمة؟ فقال علي " ع " يا رسول الله لم سميت؟ قال: لأنها فطمت
هي وشيعتها من النار.
6 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله
عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن مسكان عن محمد بن
مسلم الثقفي قال: سمعت أبا جعفر " ع " يقول لفاطمة عليها السلام، وقفة على باب
جهنم، فإذا كان يوم القيامة كتب بين عيني كرجل مؤمن أو كافر فيؤمر بمحب
قد كثرت ذنوبه إلى النار فتقرأ فاطمة بين عينيه محبا فيقول: إلهي وسيدي سميتني
فاطمة وفطمت بي من تولاني وتولى ذريتي من النار ووعدك الحق وأنت لا تخلف
الميعاد، فيقول الله عز وجل، صدقت يا فاطمة إني سميتك فاطمة وفطمت بك من
أحبك وتولاك وأحب ذريتك وتولاهم من النار ووعدي الحق وأنا لا اخلف
الميعاد، وإنما أمرت بعبدي هذا إلى النار لتشفعي فيه فأشفعك وليتبين لملائكتي
وانبيائي ورسلي وأهل الموقف موقفك مني ومكانتك عندي فمن قرأت بين عينيه
مؤمنا فخذي بيده وادخليه الجنة.
(باب 143 - العلة التي من أجلها سميت فاطمة الزهراء " ع " زهراء)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا محمد بن معقل القرمسينى، عن محمد بن زيد
179

الجزري، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله بن حماد، عن عمرو بن
شمر، عن جابر، عن أبي عبد الله " ع " قال: قلت له لم سميت فاطمة الزهراء زهراء؟
فقال لان الله عز وجل خلقها من نور عظمته فلما أشرقت أضاءت السماوات
والأرض بنورها وغشيت أبصار الملائكة وخرت الملائكة ساجدين وقالوا:
إلهنا وسيدنا ما لهذا النور فأوحى الله إليهم هذا نور من نوري أسكنته في سمائي
خلقته من عظمتي أخرجه من صلب نبي من أنبيائي أفضله على جميع الأنبياء وأخرج
من ذلك النور أئمة يقومون بامري يهدون إلى حقي واجعلهم خلفائي في أرضى
بعد انقضاء وحيى.
2 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثني جعفر بن سهل
الصيقل، عن محمد بن إسماعيل الدارمي عمن حدثه، عن محمد بن جعفر الهرمراني عن
أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد الله " ع " يا بن رسول الله لم سميت الزهراء
عليها السلام زهراء؟ فقال: لأنها تزهر لأمير المؤمنين " ع " في النهار ثلاث مرات
بالنور، كان يزهر، نور وجهها صلاة الغداة والناس في فرشهم فيدخل بياض ذلك
النور إلى حجراتهم بالمدينة فتبيض حيطانهم فيعجبون من ذلك فيأتون النبي صلى الله عليه وآله
فيسألونه عما رأوا فيرسلهم إلى منزل فاطمة عليها السلام فيأتون منزلها فيرونها
قاعدة في محرابها تصلي والنور يسطع من محرابها من وجهها فيعلمون ان الذي
رأوه كان من نور فاطمة، فإذا نصف النهار وترتبت للصلاة زهر وجهها " ع "
بالصفرة فتدخل الصفرة حجرات الناس فتصفر ثيابهم وألوانهم فيأتون
النبي صلى الله عليه وآله فيسألونه، عما رأوا فيرسلهم إلى منزل فاطمة عليها السلام فيرونها
قايمة في محرابها وقد زهر نور وجهها عليها السلام بالصفرة فيعلمون ان الذي
رأوا كان من نور وجهها فإذا كان آخر النهار وغربت الشمس احمر وجه فاطمة
عليها السلام فاشرق وجهها بالحمرة فرحا وشكرا لله عز وجل فكان يدخل حمرة
وجهها حجرات القوم وتحمر حيطانهم فيعجبون من ذلك ويأتون النبي صلى الله عليه وآله
180

ويسألونه عن ذلك فيرسلهما إلى منزل فاطمة فيرونها جالسة تسبح الله وتمجده ونور
وجهها يزهر بالحمرة فيعلمون ان الذي رأوا كان من نور وجه فاطمة عليها السلام
فلم يزل ذلك النور في وجهها حتى ولد الحسين " ع " فهو يتقلب في وجوهنا إلى
يوم القيامة في الأئمة منا أهل البيت إمام بعد إمام.
3 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال: حدثنا عبد العزيز
ابن يحيى الجلودي قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري، عن جعفر بن محمد بن
عمارة عن أبيه قال: سألت أبا عبد الله " ع " عن فاطمة لم سميت الزهراء؟ فقال
لأنها كانت إذا قامت في محرابها زهر نورها لأهل السماء كما تزهر نور الكواكب
لأهل الأرض.
(باب 144 - العلة التي من أجلها سميت فاطمة عليها السلام البتول)
(وكذلك مريم عليها السلام)
1 - حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى بن علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن
علي بن أبي طالب قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أسباط قال: حدثنا
أحمد بن محمد بن زياد القطان قال: حدثني أبو الطيب أحمد بن محمد بن عبد الله قال:
حدثني عيسى بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب " ع "
عن آبائه عن عمر بن علي بن أبيه علي بن أبي طالب " ع " ان النبي صلى الله عليه وآله سئل
ما البتول فانا سمعناك يا رسول الله تقول ان مريم بتول وفاطمة بتول؟ فقال صلى الله عليه وآله:
البتول التي لم تر حمرة قط أي لم تحض فان الحيض مكروه في بنات الأنبياء.
(باب 145 العلة التي من أجلها كانت فاطمة عليها السلام تدعو)
(لغيرها، ولا تدعو لنفسها)
1 حدثنا علي بن محمد بن الحسن القزويني المعروف بابن مقبرة قال: حدثنا
محمد بن عبد الله الحضرمي قال: حدثنا جندل بن والق قال: حدثنا محمد بن عمر
المازني عن عبادة الكليي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن فاطمة
181

الصغرى، عن الحسين بن علي، عن أخيه الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام
قال: رأيت أمي فاطمة عليها السلام قامت في محرابها ليلة جمعتها فلم تزل راكعة
ساجدة حتى اتضح عمود الصبح وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسميهم
وتكثر الدعاء لهم ولا تدعو لنفسها بشئ، فقلت لها يا أماه لم لا تدعون لنفسك
كما تدعون لغيرك؟ فقالت يا بني: الجار ثم الدار.
2 - حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمان الحاكم المروزي المقرى قال:
حدثنا محمد بن جعفر المقرى أبو عمرو قال: حدثنا محمد بن الحسن الموصلي ببغداد
قال: حدثنا محمد بن عاصم قال: حدثنا أبو زيد الكحال، عن أبيه، عن موسى
ابن جعفر، عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: كانت فاطمة عليها السلام إذا دعت
تدعو للمؤمنين والمؤمنات ولا تدعو لنفسها فقيل لها يا بنت رسول الله صلى الله عليه وآله انك
تدعون للناس ولا تدعون لنسفك؟ فقالت الجار ثم الدار.
(باب 146 - العلة التي من أجلها سميت فاطمة " ع " محدثة)
1 - حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا الحسن بن علي السكري،
عن محمد بن زكريا الجوهري قال: حدثنا شعيب بن واقد قال: حدثني إسحاق بن
جعفر بن محمد بن عيسى بن زيد بن علي قال: سمعت أبا عبد الله " ع " يقول إنما
سميت فاطمة عليها السلام محدثه لان الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما
تنادي مريم بنت عمران فتقول: يا فاطمة الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء
العالمين يا فاطمة إقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين، فتحدثهم ويحدثونها
فقالت لهم ذات ليلة: أليست المفضلة على نساء العالمين مريم بنت عمران؟ فقالوا: إن
مريم كانت سيدة نساء عالمها، وان الله عز وجل جعلك سيدة نساء عالمك وعالمها
وسيدة نساء الأولين والآخرين.
2 - أبى رحمه الله قال: حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي
الأصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن إسماعيل بن بشار قال: حدثنا علي بن
182

جعفر الحضرمي بمصر منذ ثلاثين سنة قال: حدثنا سليمان قال: محمد بن أبي بكر
لما قرأ وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث، وهل يحدث
الملائكة إلا الأنبياء قال مريم لم تكن نبية وكانت محدثة، وأم موسى بن عمران
كانت محدثة ولم تكن نبية، وسارة امرأة إبراهيم قد عاينت الملائكة فبشروها
بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب ولم تكن نبية، وفاطمة بنت رسول صلى الله عليه وآله
كانت محدثة ولم تكن نبية.
قال مصنف هذا الكتاب: قد أخبر الله عز وجل في كتابه: بأنه ما أرسل
من النساء أحدا إلى الناس، في قوله تبارك وتعالى (وما أرسلنا قبلك إلا رجالا
نوحي إليهم) ولم يقل نساء المحدثون ليسوا برسل ولا أنبياء. وقد روي أن سلمان
الفارسي كان محدثا فسئل الصادق " ع " عن ذلك وقيل له من كان يحدثه فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين وإنما صار محدثا دون غيره ممن كان يحدثانه
لأنهما كانا يحدثانه بما لا يحتمله غيره من مخزون علم الله ومكنونه.
(باب 147 - العلة التي من أجلها كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكثر)
تقبيل فاطمة عليها السلام
1 - حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا الحسن بن علي السكري
قال: أخبرنا محمد بن زكريا قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة الكندي قال:
حدثني أبي، عن جابر عن أبي جعفر محمد بن علي " ع " عن جابر بن عبد الله قال:
قيل يا رسول الله انك تلثم فاطمة وتلتزمها وتدنيها منك وتفعل بها مالا تفعله بأحد
من بناتك؟ فقال: ان جبرئيل " ع " أتاني بتفاحة من تفاح الجنة فأكلتها فتحولت
ماء في صلبي، ثم واقعت خديجة فحملت بفاطمة فانا أشم منها رائحة الجنة.
2 - وبهذا الاسناد عن محمد بن زكريا قال: حدثنا عمر بن عمران قال:
حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي قال: أخبرني جبلة المكي، عن طاووس اليماني
183

عن ابن عباس قال: دخلت عايشة على رسول الله وهو يقبل فاطمة فقالت له: أتحبها
يا رسول الله؟ قال أما والله لو علمت حبي لها لازددت لها حبا، انه لما عرج بي إلى
السماء الرابعة اذن جبرئيل وأقام ميكائيل ثم قيل لي اذن يا محمد، فقلت: أتقدم
وأنت بحضرتي يا جبرئيل؟ قال نعم ان الله عز وجل فضل أنبيائه المرسلين على
ملائكته المقربين وفضلك أنت خاصة، فدنوت فصليت باهل السماء الرابعة ثم
التفت عن يميني فإذا أنا بإبراهيم " ع " في روضة من رياض الجنة وقد اكتنفها
جماعة من الملائكة ثم أنى صرت إلى السماء الخامسة ومنها إلى السادسة فنوديت
يا محمد نعم الأب أبوك إبراهيم ونعم الأخ أخوك علي فلما صرت إلى الحجب
أخذ جبرئيل " ع " بيدي فأدخلني الجنة فإذا أنا بشجرة من نور أصلها ملكان
يطويان الحلل والحلى، فقلت حبيبي جبرئيل لمن هذه الشجرة؟ فقال هذه لأخيك
علي بن أبي طالب وهذان الملكان يطويان له الحلى والحلل إلى يوم القيامة، ثم
تقدمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزبد وأطيب رائحة من المسك وأحلى من
العسل فأخذت رطبة فأكلتها فتحولت الرطبة نطفة في صلبي فلما ان هبطت إلى
الأرض واقعت خديجة بفاطمة ففاطمة حوراء انسية فإذا اشتقت إلى الجنة
شممت رائحة فاطمة (عليها السلام).
(باب 148 - العلة التي من أجلها غسل فاطمة أمير المؤمنين لما توفيت)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثني أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن محمد
ابن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الرحمان بن سالم، عن المفضل
ابن عمر قال: قلت لأبي عبد الله " ع " جعلت فداك من غسل فاطمة عليها السلام
قال ذاك أمير المؤمنين " ع " قال فكأني استعظمت ذلك من قوله فقال كأنك ضقت
مما أخبرتك به قلت قد كان ذلك جعلت فداك قال: لا تضيقن فإنها صديقة
لا يغسلها إلا صديق أما علمت أن مريم لم يغسلها إلا عيسى عليه السلام.
184

(باب 149 العلة التي من أجلها دفنت فاطمة " ع " بالليل ولم تدفن بالنهار)
1 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله
الكوفي قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد عن الحسن
ابن علي بن أبي حمزة، عن أبيه قال: سألت أبا عبد الله " ع " لأي علة دفنت فاطمة
عليها السلام بالليل ولم تدفن بالنهار؟ قال: لأنها أوصت ان لا يصلي عليها
رجال (الرجلان).
2 - حدثنا علي بن أحمد قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن يحيى عن عمرو
ابن أبي المقدام وزياد بن عبد الله قالا: أتى رجل أبا عبد الله " ع " فقال له: يرحمك
الله هل تشيع الجنازة بنار ويمشي معها بمجمرة أو قنديل أو غير ذلك مما يضاء
به؟ قال فتغير لون أبى عبد الله " ع " من ذلك واستوى جالسا ثم قال: إنه جاء
شقي من الأشقياء إلى فاطمة بنت رسول الله (ص) فقال لها: أما علمت أن عليا
قد خطب بنت أبي جهل فقالت: حقاما تقول؟ فقال: حقا ما أقول ثلاث مرات
فدخلها من الغيرة مالا تملك نفسها وذلك أن الله تبارك وتعالى كتب على النساء
غيرة وكتب على الرجال جهادا وجعل للمحتسبة الصابرة منهن من الاجر ما جعل
للمرابط المهاجر في سبيل الله، قال: فاشتد غم فاطمة من ذلك وبقيت متفكرة هي
حتى أمست وجاء الليل حملت الحسن على عاتقها الأيمن والحسين على عاتقها
الأيسر وأخذت بيد أم كلثوم اليسرى بيدها اليمنى ثم تحولت إلى حجرة أبيها
فجاء علي فدخل حجرته فلم ير فاطمة فاشتد لذلك غمه وعظم عليه ولم يعلم القصة
ما هي فاستحى ان يدعوها من منزل أبيها فخرج إلى المسجد يصلي فيه ما شاء الله
ثم جمع شيئا من كثيب المسجد واتكى عليه، فلما رأى النبي صلى الله عليه وآله ما بفاطمة من
الحزن أفاض عليها من الماء ثم لبس ثوبه ودخل المسجد فلم يزل يصلي بين راكع
وساجد وكلما صلى ركعتين دعا الله ان يذهب ما بفاطمة من الحزن والغم وذلك أنه
خرج من عندها وهي تتقلب وتتنفس الصعداء فلما رآها النبي صلى الله عليه وآله انها لا
185

يهنيها النوم وليس لها قرار قال لها قومي يا بنية فقامت فحمل النبي صلى الله عليه وآله الحسن
وحملت فاطمة الحسين وأخذت بيد أم كلثوم فانتهى إلى علي " ع " وهو نايم
فوضع النبي صلى الله عليه وآله رجله على رجل علي فغمزه وقال قم يا أبا تراب فكم ساكن
أزعجته ادع لي أبا بكر من داره وعمر من مجلسه وطلحة فخرج علي فاستخرجهما
من منزلهما واجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وآله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا علي أما علمت أن
فاطمة بضعة منى وانا منها فمن آذاها فقد آذاني من آذاني فقد آذى الله ومن
آذاها بعد موتى كان كمن آذاها في حياتي ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد
موتى، قال: فقال علي بلى يا رسول الله، قال فما دعاك إلى ما صنعت؟ فقال علي والذي
بعثك بالحق نبيا ما كان منى مما بلغها شئ ولا حدثت بها نفسي، فقال النبي صدقت
وصدقت ففرحت فاطمة عليها السلام بذلك وتبسمت حتى رئي ثغرها، فقال
أحدهما لصاحبه انه لعجب لحينه ما دعاه إلى ما دعانا هذه الساعة قال: ثم أخذ
النبي صلى الله عليه وآله بيد علي فشبك أصابعه بأصابعه فحمل النبي صلى الله عليه وآله الحسن وحمل الحسين
علي وحملت فاطمة أم كلثوم وادخلهم النبي بيتهم ووضع عليهم قطيفة واستودعهم
الله ثم خرج وصلى بقية الليل فلما مرضت فاطمة مرضها الذي ماتت فيه أتياها
عايدين واستاذنا عليها فأبت ان تأذن لهما فلما رأى ذلك أبو بكر أعطى الله عهدا
أن لا يظله سقف بيت حتى يدخل على فاطمة ويتراضاها فبات ليلة في البقيع
ما يظله شئ ثم إن عمر أتى عليا " ع " فقال له ان أبا بكر شيخ رقيق القلب وقد
كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله في الغار فله صحبة وقد أتيناها غير هذه المرة مرارا
نريد الاذن عليها وهي تأبى ان تأذن لنا حتى ندخل عليها فنتراضى فإن رأيت أن
تستأذن لنا عليها فافعل، قال: نعم فدخل علي على فاطمة عليها السلام فقال يا بنت
رسول الله صلى الله عليه وآله قد كان من هذين الرجلين ما قد رأيت وقد تردد مرارا كثيرة
ورددتهما ولم تأذني لهما وقد سألاني أن استأذن لهما عليك؟ فقالت والله لا آذن
لهما ولا أكلمهما كلمة من رأسي حتى ألقى أبى فاشكوهما إليه بما صنعاه وارتكباه مني
186

فقال علي " ع " فإني ضمنت لهما ذلك قالت إن كنت قد ضمنت لهما شيئا فالبيت بيتك
والنساء تتبع الرجال لا أخالف عليك بشئ فاذن لمن أحببت، فخرج علي " ع "
فاذن لهما فلما وقع بصرهما على فاطمة عليها السلام سلما عليها فلم ترد عليهما وحولت
وجهها عنهما فتحولا واستقبلا وجهها حتى فعلت مرارا وقالت يا علي جاف
الثوب وقالت لنسوة حولها حولن وجهي فلما حولن وجهها حولا إليها، فقال
أبو بكر: يا بنت رسول الله إنما أتيناك ابتغاء مرضاتك واجتناب سخطك نسألك
أن تغفري لنا وتصفحي عما كان منا إليك، قالت لا أكلمكما من رأسي كلمة واحدة
ابدا حتى القى أبى وأشكوكما إليه وأشكو صنيعكما وفعالكما وما ارتكبتما مني قالا:
إنا جئنا معتذرين مبتغين مرضاتك فاغفري واصفحي عنا ولا تواخذينا بما كان
منا، فالتفتت إلى علي " ع " وقالت: إني لا اكلمهما من رأسي كلمة حتى أسألهما عن
شئ سمعاه من رسول الله فان صدقاني رأيت رأيي قالا: اللهم ذلك لها وإنا لا نقول
إلا حقا ولا نشهد إلا صدقا، فقالت: أنشدكما الله أتذكر ان ان رسول الله صلى الله عليه وآله
استخرجكا في جوف الليل لشئ كان حدث من أمر علي؟ فقالا: اللهم نعم فقالت
أنشدكما بالله هل سمعتما النبي صلى الله عليه وآله يقول: فاطمة بضعة منى وانا منها من آذاها فقد
آذاني ومن آذاني فقد اذى الله ومن اذاها بعد موتي فكان كمن آذاها في حياتي
ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي؟ قالا: اللهم نعم قالت الحمد لله ثم
قالت اللهم إني أشهدك فاشهدوا يا من حضرني انهما قد أذياني في حياتي وعند موتى
والله لا أكلمكما من رأسي كلمة حتى القى ربى فأشكوكما بما صنعتما بي وارتكبتما منى
فدعا أبو بكر بالويل والثبور وقال: ليت أمي لم تلدني فقال عمر: عجبا للناس كيف
ولوك أمورهم وأنت شيخ قد خرفت تجزع لغضب امرأة وتفرح برضاها وما
لمن أغضب امرأة وقاما وخرجا. قال: فلما نعى إلى فاطمة نفسها أرسلت إلى أم
أيمن وكانت أوثق نسائها عندها وفي نفسها فقالت لها يا أم أيمن ان نفسي نعيت
إلى فادعي لي عليا فدعته لها فلما دخل عليها قالت له: يا بن العم أريد أن أوصيك
187

بأشياء فاحفظها على فقال لها قولي ما أجبت، قالت له تزوج فلانة تكون لولدي
مربية من بعدي مثلي واعمل نعشا رأيت الملائكة قد صورته لي فقال لها علي
أريني كيف صورته؟ فأرته ذلك كما وصفت له وكما أمرت به ثم قالت: فإذا أنا
قضيت نحبي فأخرجني من ساعتك أي ساعة كانت من ليل أو نهار ولا يحضرن
من أعداء الله وأعداء رسوله للصلاة علي أحد، قال علي " ع " أفعل، فلما قضت نحبها
صلى الله عليها وهم في ذلك في جوف الليل أخذ علي في جهازها من ساعته كما أوصته
فلما فرغ من جهازها اخرج علي الجنازة واشعل النار في جريد النخل ومشى مع
الجنازة بالنار حتى صلى عليها ودفنها ليلا فلما أصبح أبو بكر وعمر عاودا عايدين
لفاطمة فلقيا رجلا من قريش فقالا له من أين أقبلت قال عزيت عليا بفاطمة
قالا وقد ماتت؟ قال نعم ودفنت في جوف الليل فجزعا جزعا شديدا ثم أقبلا إلى
علي " ع " فلقياه وقالا له والله ما تركت شيئا من غوايلنا ومساءتنا وما هذا إلا من
شئ في صدرك علينا هل هذا إلا كما غسلت رسول الله صلى الله عليه وآله دوننا ولم تدخلنا
معك وكما علمت ابنك ان يصيح بابى بكران انزل عن منبر أبى فقال لهما علي " ع "
أتصدقاني ان حلفت لكما قالا نعم، فحلف فأدخلهما على المسجد فقال إن
رسول الله صلى الله عليه وآله لقد أوصاني وتقدم ألي انه لا يطلع على عورته أحد إلا ابن
عمه فكنت اغسله والملائكة تقلبه والفضل بن العباس يناولني الماء وهو مربوط
العينين بالخرقة ولقد أردت انزع القميص فصاح بي صايح من البيت سمعت الصوت
ولم أر الصورة لا تنزع قميص رسول الله ولقد سمعت الصوت يكرره على فأدخلت
يدي من بين القميص فغسلته ثم قدم إلى الكفن فكفنته ثم نزعت القميص بعد
ما كفنته. وأما الحسن ابني فقد تعلمان ويعلم أهل المدينة انه يتخطى الصفوف
حتى يأتي النبي صلى الله عليه وآله وهو ساجد فيركب ظهره فيقوم النبي صلى الله عليه وآله ويده على ظهر
الحسن والأخرى على ركبته حتى يتم الصلاة قالا نعم قد علمنا ذلك، ثم قال
تعلمان ويعلم أهل المدينة ان الحسن كان يسعى إلى النبي ويركب على رقبته ويدلي
188

الحسن رجليه على صدر النبي صلى الله عليه وآله حتى يرى بريق خلخاليه من أقصى المسجد
والنبي صلى الله عليه وآله يخطب ولا يزال على رقبته حتى يفرغ النبي صلى الله عليه وآله من خطبته
والحسن على رقبته فلما رأى الصبي على منبر أبيه غيره شق عليه ذلك والله
ما أمرته بذلك ولا فعله عن أمري، وأما فاطمة فهي المرأة التي استأذنت لكما
عليها فقد رأيتما ما كان من كلامها لكما والله لقد أوصتني ان لا تحضرا جنازتها
ولا الصلاة عليها وما كنت الذي أخالف أمرها ووصيتها إلي فيكما، وقال عمر
دع عنك هذه الهمهمة أنا امضى إلى المقابر فانبشها حتى اصلى عليها: فقال له علي " ع "
والله لو ذهبت تروم من ذلك شيئا وعلمت انك لا تصل إلى ذلك حتى يندر عنك
الذي فيه عيناك فانى كنت لا أعاملك إلا بالسيف قبل ان تصل إلى شئ من
ذلك، فوقع بين علي وعمر كلام حتى تلاحيا واستبا، واجتمع المهاجرون والأنصار
فقالوا والله ما نرضى بهذا ان يقال في ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وأخيه ووصيه
وكادت ان تقع فتنة فتفرقا.
(150 - (العلة التي من أجلها رد النبي صلى الله عليه وآله من كان دفع)
(إليه سورة (براءة) وبعث عليا (عليه السلام) مكانه)
1 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زهير
قال: حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا مالك بن إسماعيل قال: حدثنا منصور بن أبي
الأسود قال: حدثنا كثير أبو إسماعيل، عن جميع بن عمير قال: صليت في المسجد
الجامع فرأيت ابن عمر جالسا فجلست إليه فقلت حدثني عن علي فقال: بعث
رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر ببراءة فلما أتى ذا الحليفة اتبعه عليا " ع " فأخذها منه
قال أبو بكر: يا علي مالي انزل في شئ قال؟ لا ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لا يؤدي
عني إلا أنا أو رجل من أهل بيتي، قال فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله
انزل في شئ؟ قال: لا، ولكن لا يؤدي عنى إلا انا أو رجل من أهل بيتي
قال كثير: قلت لجميع، أتشهد على ابن عمر بهذا؟ قال: نعم - ثلاثا.
189

2 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه قال: حدثنا عمي محمد بن أبي القاسم عن
أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه عن خلف بن حماد الأسدي، عن أبي الحسن العبدي
عن سليمان بن مهران، عن الحكيم بن مقسم، عن ابن عباس، ان رسول الله صلى الله عليه وآله
بعث أبا بكر ببراءة ثم أتبعه عليا فأخذها منه فقال أبو بكر يا رسول الله خيف
في شئ؟ قال لا إلا أنه لا يؤدي عني إلا انا أو علي وكان الذي بعث فيه علي " ع "
لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ولا يحج بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت
عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فهو إلى مدته.
3 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن
جرير الطبري قال: حدثنا سليمان بن عبد الجبار قال: حدثنا علي بن قادم قال أخبرنا
إسرائيل، عن عبد الله بن شريك، عن الحرث بن مالك قال: خرجت إلى مكة فلقيت
سعد بن مالك فقلت له هل سمعت لعلي " ع " منقبة؟ قال: قد شهدت له أربعة لان
تكون لي إحداهن أحب إلي من الدنيا أعمر فيها عمر نوح إحداها: ان رسول الله صلى الله عليه وآله
بعث أبا بكر ببراءة إلى مشركي قريش فسار بها يوما وليلة ثم قال لعلي " ع " اتبع
أبا بكر فبلغها ورد أبا بكر فقال يا رسول الله انزل في شئ؟ قال لا إلا أنه لا يبلغ
عنى إلا أنا أو رجل مني.
4 - حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق الدينوري قال: أخبرنا أبو القاسم
عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال: حدثنا أحمد بن منصور قال حدثنا أبو سلمة
قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب عن أنس بن مالك: ان النبي صلى الله عليه وآله
بعث ببراءة إلى أهل مكة مع أبي بكر فبعث عليا " ع " وقال لا يبلغها إلا رجل من أهل بيتي.
وقد رويت في هذا المعنى أخبارا كثيرة أوردت منها في هذا الباب ما
يستغني به عما لم أورده.
(باب 151 - العلة التي من أجلها أمر خالد بن الوليد بقتل أمير المؤمنين " ع ")
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير
190

عمن ذكره عن أبي عبد الله " ع " قال: لما منع أبو بكر فاطمة عليها السلام فدكا
وأخرج وكيلها جاء أمير المؤمنين " ع " إلى المسجد وأبو بكر جالس وحوله المهاجرون
والأنصار فقال يا أبا بكر لم منعت فاطمة عليها السلام ما جعله رسول الله صلى الله عليه وآله
لها ووكيلها فيه منذ سنين؟ فقال أبو بكر: هذا فئ للمسلمين فإن أتت بشهود عدول
وإلا فلا حق لها فيه قال يا أبا بكر تحكم فينا بخلاف ما تحكم في المسلمين؟ قال، لا قال
أخبرني لو كان في يد المسلمين شئ فادعيت انا فيه ممن كنت تسأل البينة؟ قال إياك
كنت أسأل قال فإذا كان في يدي شئ فادعى فيه المسلمون تسألني فيه البينة؟ قال
فسكت أبو بكر، فقال عمر هذا فئ للمسلمين ولسنا من خصومتك في شئ،
فقال أمير المؤمنين " ع " لأبي بكر يا أبا بكر تقر بالقرآن؟ قال بلى، قال فأخبرني
عن قول الله عز وجل: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا) أفينا أو في غيرنا نزلت؟ قال فيكم، قال فأخبرني لو أن شاهدين من المسلمين
شهدا على فاطمة عليها السلام بفاحشة ما كنت صانعا؟ قال كنت أقيم عليها الحد
كما أقيم على نساء المسلمين، قال كنت اذن عند الله من الكافرين قال ولم؟ قال لأنك
كنت ترد شهادة الله وتقبل شهادة غيره لان الله عز وجل قد شهد لها بالطهارة
فإذا رددت شهادة الله وقبلت شهادة غيره كنت عند الله من الكافرين، قال فبكى
الناس وتفرقوا ودمدموا، فلما رجع أبو بكر إلى منزله بعث إلى عمر فقال ويحك
يا بن الخطاب اما رأيت عليا وما فعل بنا والله لئن قعد مقعدا آخر ليفسدن هذا
الامر علينا ولا نتهنأ بشئ ما دام حيا قال عمر: ماله إلا خالد بن الوليد فبعثوا
إليه فقال له أبو بكر نريد أن نحملك على أمر عظيم قال احملني على ما شئت ولو على
قتل علي، قال فهو قتل علي، قال فصر بجنبه فإذا أنا سلمت فاضرب عنقه فبعثت
أسماء بنت عميس وهي أم محمد بن أبي بكر خادمتها فقالت اذهبي إلى فاطمة فاقرئيها
السلام فإذا دخلت من الباب فقولي (ان الملا يأتمرون بك ليقتلوك فأخرج إني
لك من الناصحين) فإن فهمتها وإلا فأعيديها مرة أخرى فجاءت فدخلت وقالت
191

ان مولاتي تقول: يا بنت رسول الله كيف أنتم، ثم قرأت هذه الآية (ان الملا
يأتمرون بك ليقتلوك) الآية فلما أرادت ان تخرج قرأتها فقال لها أمير المؤمنين
اقرأي مولاتك منى السلام وقولي لها ان الله عز وجل يحول بينهم وبين ما يريدون
إن شاء الله، فوقف خالد بن الوليد بجنبه فلما أراد ان يسلم لم يسلم وقال يا خالد لا تفعل
ما أمرتك السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال أمير المؤمنين " ع " ما هذا
الامر الذي أمرك به ثم نهاك قبل ان يسلم: قال أمرني بضرب عنقك وإنما امرني
بعد التسليم، فقال أو كنت فاعلا؟ فقال إي والله لو لم ينهنى لفعلت، قال: فقام
أمير المؤمنين " ع " فاخذ بمجامع ثوب خالد ثم ضرب به الحائط وقال لعمر:
يا بن صهاك والله لولا عهد من رسول الله وكتاب من الله سبق لعلمت أينا أضعف
جندا وأقل عددا.
(باب 152 - علة إثبات الأئمة صلوات الله عليهم)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد عن
صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد الله " ع " انى ناظرت
قوما فقلت ألستم تعلمون ان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الحجة من الله على الخلق فحين
ذهب رسول الله من كان الحجة من بعده فقالوا القرآن فنظرت في القرآن فإذا
هو يخاصم فيه المرجئ، والحروري والزنديق الذي لا يؤمن حتى يغلب الرجل
خصمه فعرفت ان القرآن لا يكون حجة إلا بقيم فما قال فيه من شئ كان حقا
قلت لهم فمن قيم القرآن؟ قالوا قد كان عبد الله بن مسعود وفلان يعلم وفلان، قلت
كله؟ قالوا لا فلم أجد أحدا يقال له انه يعرف ذلك كله إلا علي بن أبي طالب " ع "
وإذا كان الشئ بين القوم، قال هذا لا أدري وقال هذا لا أدرى وقال هذا لا
أدرى وقال هذا أنا أدرى، فاشهد ان علي بن أبي طالب كان قيم القرآن وكانت
طاعته مفروضة وكان حجة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله على الناس كلهم وانه ما قال
في القرآن فهو حق، فقال رحمك الله، فقبلت رأسه، وقلت: ان علي بن أبي طالب
192

لم يذهب حتى ترك حجة من بعده كما ترك رسول الله صلى الله عليه وآله حجة من بعده، وان
الحجة من بعد علي " ع " الحسن بن علي " ع " واشهد على الحسن بن علي " ع "
انه كان الحجة وان طاعته مفترضة فقال رحمك الله فقبلت رأسه وقلت: اشهد
على الحسن بن علي انه لم يذهب حتى ترك حجة من بعده كما ترك رسول الله صلى الله عليه وآله
وأبوه صلى الله عليهما وان الحجة من بعد الحسن الحسين بن علي عليهما السلام
وكانت طاعته مفترضة فقال رحمك الله فقبلت رأسه وقلت واشهد على الحسين
ابن علي " ع " انه لم يذهب حتى ترك حجة من بعده وكان الحجة من بعده علي
ابن الحسين " ع " وكانت طاعته مفترضة، فقال رحمك الله فقبلت رأسه وقلت أشهد على علي بن الحسين انه لم يذهب حتى ترك حجة من بعده وان الحجة من
بعده محمد بن علي أبو جعفر وكانت طاعته مفترضة فقال رحمك الله قلت أصلحك
الله أعطني رأسك فقبلت رأسه فضحك فقلت أصلحك الله قد علمت أن أباك لم
يذهب حتى ترك حجة من بعده كما ترك أبوه فاشهد بالله إنك أنت الحجة من
بعده وان طاعتك مفترضة، فقال: كف رحمك الله، قلت: أعطني رأسك اقبله
فضحك، قال: سلني عما شئت فلا أنكرك بعد اليوم ابدا.
2 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا إبراهيم بن
هاشم قال: حدثنا إسماعيل بن مرار قال: حدثني يونس بن عبد الرحمان، عن
يونس بن يعقوب قال: كان عند أبي عبد الله " ع " جماعة من أصحابه فيهم:
حمران بن أعين، ومؤمن الطاق، وهشام بن سالم، والطيار، وجماعة من أصحابه
فيهم: هشام بن الحكم وهو شاب، فقال أبو عبد الله يا هشام قال: لبيك يا بن
رسول الله، قال: ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد وكيف سألته؟ قال
هشام: جعلت فداك يا بن رسول الله انى أجلك واستحييك ولا يعمل لساني بين
يديك فقال أبو عبد الله " ع " إذا أمرتكم بشئ فافعلوه.
قال هشام: بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة
193

وعظم ذلك علي فخرجت إليه ودخلت البصرة يوم الجمعة فأتيت مسجد البصرة
فإذا أنا بحلقة كبيرة وإذا انا بعمرو بن عبيد وعليه شملة سوداء متزر بها من
صوف وشملة مرتد بها والناس يسألونه فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ثم قعدت
في آخر القوم على ركبتي ثم قلت: أيها العالم أنا رجل غريب تأذن لي فأسألك عن
مسأله؟ فقال نعم، قلت له: أولك عين يا بنى أي شئ هذا من السؤال وشئ تراه
كيف تسأل عنه فقلت هكذا مسألتي فقال يا بنى سل وإن كانت مسألتك حمقاء
قلت أجبني فيها قال: فقال لي سل قال: قلت ألك عين قال نعم قال قلت فما ترى بها
قال أرى بها الألوان والاشخاص قال: قلت فلك أنف قال نعم قلت فما تصنع به
قال أشم به الرائحة قال: قلت ألك فم قال نعم قال: قلت فما تصنع به قال أعرف
به المطاعم على اختلافها قال: قلت ألك لسان قال نعم قلت فما تصنع به قال أتكلم
به قال: قلت ألك اذن قال نعم قال: قلت فما تصنع بها قال اسمع بها الأصوات قال
قلت ألك يدان قال نعم قال: قلت فما تصنع بهما قال أبطش بهما واعرف بهما اللين
من الخشن قال: قلت ألك رجلان قال نعم قال: قلت فما تصنع بهما قال انتقل بهما
من مكان إلى مكان قال: قلت ألك قلب قال نعم قال: قلت فما تصنع به قال أميز
به كلما ورد على هذه الجوارح قال: قلت أفليس في هذه الجوارح غنى عن القلب قال
لا، قلت: وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة قال يا بنى إن الجوارح إذا شكت في شئ
شمته أو رأته أو ذاقته أو سمعته ردته إلى القلب فيستيقن اليقين ويبطل الشك
قال: قلت فإنما أقام الله القلب لشك الجوارح قال نعم قال: قلت فلا بد من القلب
وإلا لم تستيقن الجوارح قال نعم قال قلت له يا أبا مروان ان الله لم يترك جوارحك
حتى جعل لها إماما يصحح لها الصحيح وتتيقن به ما شككت فيه ويترك هذا الخلق
كلهم في حيرتهم وشكهم واختلافهم لا يقيم لهم إماما يردون إليه شكهم وحيرتهم
ويقيم لك إماما لجوارحك ترد إليه حيرتك وشكك قال فسكت، ولم يقل لي شيئا
قال ثم التفت إلي فقال: أنت هشام فقلت لا فقال لي بالله ألست هو فقلت لا فقال
194

أمن جلسائه قلت لا، قال فمن أين أنت؟ قلت من أهل الكوفة قال: فإذا أنت هو
قال ثم ضمني إليه واقعدني في مجلسه وزال عن مجلسه وما نطق حتى قمت: فضحك
أبو عبد الله " ع " ثم قال يا هشام من علمك هذا؟ قال: فقلت يا بن رسول الله
جرى على لساني، قال يا هشام هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى.
(باب 153 - العلة التي من أجلها لا تخلو الأرض من حجة)
(الله عز وجل على خلقه)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى
عن محمد بن سنان، عن نعمان الرازي قال: كنت جالسا انا وبشير الدهان عند أبي
عبد الله " ع " فقال: لما انقضت نبوة آدم وانقطع اكله أوحى الله عز وجل إليه
ان يا آدم قد انقضت نبوتك وانقطع اكلك فانظر إلى ما عندك من العلم والايمان
وميراث النبوة وأثرة العلم والاسم الأعظم فاجعله في العقب من ذريتك عند هبة
الله فانى لم ادع الأرض بغير عالم يعرف به طاعتي وديني ويكون نجاة لمن أطاعه،
2 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى بن عبيد
عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم عن أبي إسحاق الهمداني قال: حدثني
الثقة من أصحابنا انه سمع أمير المؤمنين " ع " يقول: اللهم لا تخل الأرض من
حجة لك على خلقك ظاهر أو خاف مغمور لئلا تبطل حججك وبيناتك.
3 - أبى رحمه الله قال: حدثنا محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن بن أبي
الخطاب عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب السراج قال: قلت لأبي عبد الله " ع "
تبقى الأرض بلا عالم حي ظاهر يفزع إليه الناس في حلالهم وحرامهم؟ فقال لي إذا
لا يعبد الله يا أبا يوسف.
4 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى بن عبيد
عن محمد بن سنان وصفوان بن يحيى وعبد الله بن المغيرة وعلي بن النعمان كلهم
عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله " ع " قال: إن الله لا يدع
195

الأرض إلا وفيها عالم يعلم الزيادة والنقصان فإذا زاد المؤمنون شيئا ردهم وإذا
نقصوا أكمله لهم فقال: خذوه كاملا ولولا ذلك لالتبس على المؤمنين أمرهم، ولم
يفرق بين الحق والباطل.
5 - حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن
عيسى، عن محمد بن الفضل، عن أبي حمزة قال قلت لأبي عبد الله " ع " تبقى
الأرض بغير إمام؟ قال لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت.
6 - حدثنا الحسين بن أحمد رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن
عبد الله بن محمد، عن ابن الخشاب، عن جعفر بن محمد، عن كرام قال: قال
أبو عبد الله " ع " لو كان الناس رجلين لكان أحدهما الامام، وقال: ان آخر
من يموت الامام لئلا يحتج أحدهم على الله عز وجل تركه بغير حجة لله عليه.
7 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن الحسن بن موسى
الخشاب عن عبد الرحمان بن أبي نجران، عن عبد الكريم وغيره عن أبي عبد الله " ع "
ان جبرئيل نزل على محمد صلى الله عليه وآله يخبر عن ربه عز وجل فقال له يا محمد لم اترك الأرض
إلا وفيها عالم يعرف طاعتي وهداي، ويكون نجاة فيما بين قبض النبي إلى خروج
النبي الآخر ولم أكن اترك إبليس يضل الناس وليس في الأرض حجة وداع إلي
وهاد إلى سبيلي وعارف بأمري وانى قد قضيت لكل قوم هاديا أهدى به السعداء
ويكون حجة على الأشقياء.
8 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن
سعد بن أبي خلف، عن الحسن بن زياد عن أبي عبد الله " ع ": قال: الأرض
لا تكون إلا وفيها عالم يصلحهم ولا يصلح الناس إلا ذلك.
9 - حدثنا محمد بن الحسين رحمه الله قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار،
محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحسن بن زياد، عن أبي
عبد الله " ع " قال: لا يصلح الناس إلا بامام ولا تصلح الأرض إلا بذلك.
196

10 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى عن
محمد بن سنان عن أبي عمارة بن الطيار قال: سمعت أبا عبد الله " ع " يقول: لو لم
يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة.
11 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى رفعه
إلى أبى حمزة، عن أبي جعفر " ع " قال: والله ما ترك الله الأرض منذ قبض الله آدم
إلا وفيها إمام يهتدى به إلى الله وهو حجة الله على عباده، ولا تبقى الأرض بغير
حجة لله على عباده.
12 - أبى رحمه الله قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن السندي بن
محمد، عن العلا بن رزين، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر " ع " قال: لا تبقى
الأرض بغير إمام ظاهر أو باطن.
13 - أبى رحمه الله قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن إبراهيم بن
هاشم، عن محمد بن حفص عن ميثم بن أسلم عن ذريح المحاربي عن أبي عبد الله " ع "
قال: سمعته يقول، والله ما ترك الله الأرض منذ قبض آدم إلا وفيها إمام يهتدى
به إلى الله عز وجل وهو حجة الله عز وجل على العباد، من تركه هلك ومن لزمه
نجا، حقا على الله عز وجل.
14 - أبى رحمه الله قال: حدثنا محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد بن عيسى
عن محمد بن إبراهيم عن زيد الشحام عن داود بن العلا عن أبي حمزة الثمالي قال:
قال ما خلت الدنيا منذ خلق الله السماوات والأرض من امام عدل إلى أن تقوم
الساعة حجة لله فيها على خلقه.
15 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا محمد
ابن الحسين بن أبي الخطاب والهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن أبي داود سليمان
ابن سفيان المسترق عن أحمد بن عمر الخلال عن أبي الحسن قال: قلت تبقى الأرض
بغير إمام فانا نروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: لا تبقي إلا أن
197

يسخط الله على العباد، فقال لا، لا تبقى لو بقيت إذا لساخت.
16 - حدثنا محمد بن الحسن رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد
ابن الحسين بن أبي الخطاب ومحمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن الفضيل الصيرفي
عن أبي حمزة الثمالي قال: قلت لأبي عبد الله " ع " تبقى الأرض بغير إمام؟ قال
لو بقيت بغير إمام لساخت.
17 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن
عيسى وعلي بن إسماعيل بن عيسى عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار عن
محمد بن القاسم عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا " ع " قال: قلت له تكون
الأرض ولا إمام فيها؟ فقال: لا، إذا لساخت بأهلها.
18 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن أبي
الخطاب عن النضر بن سويد عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي قال:
قلت لأبي عبد الله " ع " تبقى الأرض بغير إمام؟ فقال: لا، لو بقيت الأرض
بغير إمام لساخت
19 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن عباد بن سليمان عن
سعد بن سعد الأشعري عن أحمد بن عمر عن أبي الحسن الرضا " ع " قال: قلت
له هل تبقى الأرض بغير إمام؟ قال لا، قلت: فانا نروي عن أبي عبد الله " ع "
أنه قال: لا تبقى الأرض بغير إمام إلا أن يسخط الله على العباد، فقال لا تبقى
اذن لساخت.
20 - حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور قال: حدثنا الحسين بن عامر، عن
المعلى بن محمد النصري عن الحسن بن علي الوشا قال: قلت لأبي الحسن الرضا " ع "
هل تبقى الأرض بغير إمام؟ فقال لا فقلت إنا نروي انها لا تبقى إلا أن يسخط
الله على العباد، فقال لا تبقى اذن لساخت.
21 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن الحسن بن علي
198

الدينوري ومحمد بن أحمد بن أبي قتادة، عن أحمد بن هلال، عن سعيد بن سليمان
ابن جعفر الجعفري قال: سألت الرضا " ع " فقلت تخلو الأرض من حجة فقال:
لو خلت الأرض طرفة من حجة لساخت بأهلها.
22 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن
عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ومحمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن سنان
وعلي بن النعمان عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله " ع "
قال: إن الله عز وجل لم يدع الأرض إلا وفيها عالم يعلم الزيادة والنقصان في الأرض
فإذا زاد المؤمنون شيئا ردهم وإذا نقصوا اكمله لهم فقال خذوه كاملا ولولا ذلك
لالتبس على المؤمنين أمورهم ولم يفرقوا بين الحق والباطل.
23 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد
عن محمد بن أبي عمير عن منصور بن يونس عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله " ع "
قال: سمعته يقول إن الأرض لا تخلو إلا وفيها عالم كلما زاد المؤمنون شيئا ردهم
وان نقصوا شيئا تممه لهم.
24 - حدثنا أحمد بن محمد رحمه الله، عن أبيه عن أحمد بن محمد بن عيسى
ومحمد بن عبد الجبار عن عبد الله بن محمد الحجال عن ثعلبة بن ميمون عن إسحاق
ابن عمار عن أبي عبد الله " ع " قال إن الأرض لا تخلو من أن يكون فيها من يعلم
الزيادة والنقصان فإذا جاء المسلمون بزيادة طرحها وإذا جاؤوا بالنقصان اكمله لهم
فلولا ذلك اختلط على المسلمين أمورهم.
25 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد ومحمد
ابن عبد الجبار عن محمد بن خالد البرقي عن فضالة بن أيوب عن شعيب عن أبي
حمزة قال: قال أبو عبد الله " ع " لن تبقى الأرض إلا وفيها من يعرف الحق
فإذا زاد الناس فيه قال قد زادوا وإذا نقصوا منه قال قد نقصوا وإذا جاؤوا به
صدقهم ولو لم يكن كذلك لم يعرف الحق من الباطل.
199

26 - حدثنا محمد بن الحسن رحمه الله قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن
أبان عن الحسين بن معبد عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي عن شعيب
الحذاء عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر " ع " قال: إن الأرض لا تبقى إلا
ومنافيها من يعرف الحق فإذا زاد الناس قال: قد زادوا، وإذا نقصوا منه قال:
قد نقصوا، ولولا أن ذلك كذلك لم يعرف الحق من الباطل.
27 - أبى رحمه الله قال: حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن يحيى بن أبي
عمران الهمداني عن يونس عن إسحاق بن عمار عن محمد بن مسلم عن أبي مسلم عن أبي جعفر " ع "
قال: إن الله لم يدع الأرض إلا وفيها عالم يعلم الزيادة والنقصان من دين الله تعالى
فإذا زاد المؤمنون شيئا ردهم وإذا نقصوا اكمله ولولا ذلك لالتبس على
المسلمين أمرهم.
28 - حدثنا محمد بن الحسن رحمه الله قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن
أبان عن الحسين بن سعيد عن علي بن أسباط عن سليم مولى طربال عن إسحاق
ابن عمار قال: سمعت أبا عبد الله " ع " يقول: إن الأرض لن تخلو إلا وفيها
عالم كلما زاد المؤمنون شيئا ردهم وإذا انقصوا أكمله لهم فقال خذوه كاملا ولولا
ذلك لألتبس على المؤمنين أمورهم ولم يفرقوا بين الحق والباطل.
29 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد
ومحمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن أبي عمير، عن منصور بن يونس عن إسحاق
ابن عمار عن أبي عبد الله " ع " قال سمعته يقول إن الأرض لا تخلو إلا وفيها
عالم كلما زاد المؤمنون شيئا ردهم وان نقصوا شيئا تممه لهم.
30 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن
عيسى ومحمد بن عبد الجبار، عن عبد الله بن محمد الحجال عن ثعلبة بن ميمون
عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله " ع " الأرض لا تخلو من أن يكون فيها
من يعلم الزيادة والنقصان فإذا جاء المسلمون بزيادة طرحها وإذا جاؤوا بالنقصان
200

اكمله لهم ولولا ذلك لأختلط على المسلمين أمورهم.
31 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى
ومحمد بن عبد الجبار، عن محمد بن خالد البرقي، عن فضالة بن أيوب، عن شعيب
الحذاء، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو عبد الله " ع " لن تبقى الأرض إلا وفيها
رجل منا يعرف الحق، فإذا زاد الناس فيه قال قد زادوا، وإذا نقصوا قال قد
نقصوا، وإذا جاؤوا به صدقهم، ولو لم يكن كذلك لم يعرف الحق من الباطل.
32 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن عيسى
ابن عبيد عن علي بن إسماعيل الميثمي، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبد الأعلى مولى
آل سام عن أبي جعفر " ع " قال: سمعته يقول، ما ترك الله الأرض بغير عالم ينقص
ما زاد الناس، ويزيد ما نقصوا، ولولا ذلك لأختلط على الناس أمورهم.
(باب 154 - العلة التي من أجلها سد رسول الله صلى الله عليه وآله الأبواب كلها)
(إلى المسجد، وترك باب علي عليه السلام)
1 - حدثنا محمد بن أحمد الشيباني رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي
عبد الله الكوفي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد
عن سليمان بن حفص المروزي، عن عمرو بن ثابت، عن سعد بن طريف، عن
سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما سد رسول الله صلى الله عليه وآله الأبواب الشارعة
إلى المسجد إلا باب علي " ع " ضج أصحابه من ذلك فقالوا يا رسول الله لم سددت
أبوابنا وتركت باب هذا الغلام؟ فقال إن الله تبارك وتعالى أمرني بسد أبوابكم
وترك باب علي، فإنما انا متبع لما يوحى إلي من ربى.
2 - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رحمه الله قال: حدثنا جعفر
ابن محمد بن مسعود عن أبيه قال حدثنا نصر بن أحمد البغدادي قال: حدثنا عيسى
ابن مهران قال: حدثنا محول قال: أخبرنا عبد الرحمان بن الأسود، عن محمد بن
عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه وعمه، عن أبيهما، عن أبي رافع قال: إن
201

رسول صلى الله عليه وآله خطب الناس فقال: يا أيها الناس، ان الله عز وجل أمر موسى
وهارون ان يبنيا لقومها بمصر بيوتا وأمرهما ان لا يبيت في مسجد هما جنب ولا
يقرب فيه النساء إلا هارون وذريته، وان عليا " ع " مني بمنزلة هارون من موسى
فلا يحل لاحد ان يقرب النساء في مسجدي ولا يبيت فيه جنب إلا علي وذريته
فمن ساءه ذلك فهاهنا، وضرب بيده نحو الشام.
3 - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رحمه الله قال: حدثنا
جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه قال: حدثنا نصر بن أحمد البغدادي قال: حدثنا محمد بن عبيد بن عتبة قال: حدثنا إسماعيل بن أبان عن سالم بن أبي عمرة
عن معروف بن خربوذ، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: إن
النبي صلى الله عليه وآله قام خطيبا فقال: ان رجالا لا يجدون في أنفسهم ان أسكن عليا في
المسجد وأخرجهم، والله ما أخرجتهم وأسكنته بل الله أخرجهم وأسكنه، ان
الله عز وجل أوحى إلى موسى وأخيه ان تبوؤا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا
بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة، ثم أمر موسى ان لا يسكن مسجده ولا ينكح فيه
ولا يدخله جنب إلا هارون وذريته، وان عليا مني بمنزلة هارون من موسى وهو
أخي دون أهلي ولا يحل لاحد أن ينكح فيه النساء، إلا علي وذريته فمن ساءه
فهاهنا وأشار بيده نحو الشام.
(باب 155 - العلة التي من أجلها يجب أن يكون الامام معروف)
(القبيلة، معروف الجنس، معروف النسب، معروف البيت)
(والعلة التي من أجلها يجب أن يكون الامام أعلم الخلق وأسخى الخلق)
(وأشجع الخلق وأعف الخلق معصوما من الذنوب)
1 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي
عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه
قال: سأل ضرار هشام بن الحكم عن الدليل على الامام بعد النبي صلى الله عليه وآله فقال هشام:
202

الدلالة عليه ثمان دلالات، أربعة منها في نعت نسبه، وأربعة في نعت نفسه أما
الأربعة التي في نعت نسبه فان يكون معروف القبيلة معروف الجنس معروف
النسب معروف البيت وذلك أنه إذا لم يكن معروف القبيلة معروف الجنس
معروف النسب معروف البيت جاز أن يكون في أطراف الأرض وفي كل جنس
من الناس فلما لم يجز أن يكون إلا هكذا ولم نجد جنسا في العالم أشهر من جنس
محمد صلى الله عليه وآله وهو جنس العرب الذي منه صاحب الملة والدعوة الذي ينادى باسمه
في كل يوم وليلة خمس مرات على الصوامع والمساجد في جميع الأماكن أشهد
أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ووصل دعوته إلى كل بر و فاجر من عالم
وجاهل معروف غير منكر في كل يوم وليلة فلم يجز أن يكون الدليل في أشهر
الأجناس، ولما لم يجز أن يكون إلا في هذا الجنس لشهرته فلم يجز إلا أن يكون
في هذه القبيلة التي منها صاحب الملة دون سائر القبائل من العرب، ولما لم يجز إلا
أن يكون في هذا البيت الذي هو بيت النبي لقرب نسبه من النبي صلى الله عليه وآله إشارة إليه
دون غيره من أهل بيته، ثم إن يكون إشارة إليه اشتركت أهل هذا البيت
وادعيت فيه فإذا وقعت الدعوة فيه وقع الاختلاف والفساد بينهم ولا يجوز
إلا أن يكون من النبي صلى الله عليه وآله إشارة إلى رجل من أهل بيته دون غيره لئلا يختلف
فيه أهل البيت انه أفضلهم وأعلمهم واصلحهم لذلك الامر، وأما الأربعة التي
في نعت نفسه فان يكون أعلم الخلق وأسخى الخلق وأشجع الخلق واعف الخلق
واعصمهم من الذنوب صغيرها وكبيرها لم تصبه فترة ولا جاهلية ولا بد من أن
يكون في كل زمان قايم بهذه الصفة إلى أن تقوم الساعة فقال عبد الله بن يزيد
الأباضي وكان حاضرا من أين زعمت يا هشام انه لابد أن يكون اعلم الخلق؟ قال إن
لم يكن عالما لم يؤمن ان ينقلب شرايعه واحكامه فيقطع من يجب عليه الحد ويحد
من يجب عليه القطع وتصديق ذلك فوق الله عز وجل: (أفمن يهدي إلى الحق أحق
203

ان يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) قال فمن أين زعمت أنه
لابد من أن يكون معصوما من جميع الذنوب؟ قال إن لم يكن معصوما لم يؤمن ان
يدخل فيما دخل فيه غيره من الذنوب فيحتاج إلى من يقيم عليه الحد كما يقيمه
على غيره، وإذا دخل في الذنوب لم يؤمن ان يكتم على جاره وحبيبه وقريبه
وصديقه وتصديق ذلك قول الله عز وجل: (إني جاعلك للناس - إماما قال:
ومن ذريتي - قال: لا ينال عهدي الظالمين) قال له فمن أين زعمت أنه لا بد أن يكون
أشجع الخلق؟ قال لأنه قيمهم الذي يرجعون إليه في الحرب فان هرب فقد باء
بغضب من الله ولا يجوز ان يبوء الامام بغضب من الله وذلك قوله عز وجل:
(إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا
لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير) قال
فمن أين زعمت أنه لابد أن يكون أسخى الخلق؟ قال: لأنه ان لم يكن سخيا لم
يصلح للإمامة لحاجة الناس إلى نواله وفضله والقسمة بينهم بالسوية وليجعل
الحق في موضعه لأنه إذا كان سخيا لم يتق نفسه إلى أخذ شئ من حقوق الناس
والمسلمين ولا يفضل نصيبه في القسمة على أحد من رعيته وقد قلنا إنه معصوم
فإذا لم يكن أشجع وأعلم الخلق وأسخى الخلق واعف الخلق لم يجز أن
يكون إماما.
2 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه قال: حدثني علي بن إبراهيم عن أبيه عن
ابن أبي عمير قال: ما سمعت ولا استفدت من هشام بن الحكم في طول صحبتي له
شيئا أحسن من هذا الكلام في صفة عصمة الامام فانى سألته يوما عن الامام
أهو معصوم؟ فقال نعم، قلت له فما صفة العصمة فيه وبأي شئ تعرف؟ فقال إن
جميع الذنوب لها أربعة أوجه ولا خامس لها: الحرص والحسد والغضب والشهوة
فهذه منفية عنه لا يجوز أن يكون حريصا على هذه الدنيا وهي تحت خاتمه لأنه
خازن المسلمين فعلى ماذا يحرص ولا يجوز أن يكون حسودا لان الإنسان إنما
204

يحسد من فوقه وليس فوقه أحد فكيف يحسد من هو دونه ولا يجوز ان يغضب
لشئ من أمور الدنيا إلا أن يكون غضبه لله عز وجل فان الله فرض عليه إقامة
الحدود وان لا تأخذه في الله لومة لايم، ولا رأفة في دينه حتى يقيم حدود الله
ولا يجوز له يتبع الشهوات ويؤثر الدنيا على الآخرة لان الله عز وجل قد
حبب إليه الآخرة كما حبب إلينا الدنيا، فهو ينظر إلى الآخرة كما ننظر إلى الدنيا
فهل رأيت أحدا ترك وجها حسنا لوجه قبيح وطعاما طيبا لطعام مر وثوبا لينا
لثوب خشن ونعمة دائمة باقية لدنيا زائلة فانية؟
(باب 156 - العلة التي من أجلها صارت الإمامة في ولد الحسين)
(دون الحسن صلوات الله عليهما)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن علي بن إسماعيل
عن سعدان عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله " ع " قال: لما علقت فاطمة " ع "
بالحسين صلوات الله عليه قال لها رسول الله يا فاطمة ان الله قد وهب لك غلاما
اسمه الحسين تقتله أمتي قالت فلا حاجة لي فيه قال إن الله عز وجل قد وعدني
فيه ان يجعل الأئمة من ولده، قالت: قد رضيت يا رسول الله.
2 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن الحسن بن موسى الخشاب
عن علي بن حسان الواسطي، عن عمه عبد الرحمان بن كثير قال: قلت لأبي
عبد الله " ع " ماعنى الله عز وجل بقوله (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل
البيت ويطهركم تطهيرا) قال: نزلت في النبي وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة
عليهم السلام فلما قبض الله عز وجل نبيه كان أمير المؤمنين ثم الحسن ثم الحسين
عليهم السلام ثم وقع تأويل هذه الآية (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض
في كتاب الله) وكان علي بن الحسين عليهما السلام إماما ثم جرت في الأئمة من
ولده الأوصياء عليهم السلام فطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله عز وجل.
3 - حدثنا أحمد بن الحسن رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن يحيى قال: حدثنا
205

بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثنا تميم بن بهلول قال: حدثنا علي بن حسان
الواسطي عن عبد الرحمان بن كثير الهاشمي قال: قلت لأبي عبد الله " ع " جعلت
فداك من أين جاء لولد الحسين الفضل على ولد الحسن وهما يجريان في شرع واحد
فقال لا أريكم تأخذون به، ان جبرئيل " ع " نزل على محمد صلى الله عليه وآله وما ولد الحسين
بعد فقال له يولد لك غلام تقتله أمتك من بعدك فقال يا جبرئيل لا حاجة لي فيه
فخاطبه ثلاثا ثم دعا عليا فقال له ان جبرئيل " ع " يخبرني عن الله عز وجل انه
يولد لك غلام تقتله أمتك من بعدك فقال لا حاجة لي فيه يا رسول الله فخاطب
عليا " ع " ثلاثا ثم قال إنه يكون فيه وفي ولده الإمامة والوراثة والخزانة، فأرسل
إلى فاطمة عليها السلام ان الله يبشرك بغلام تقتله أمتي من بعدي فقالت فاطمة
ليس لي حاجة فيه يا أبة فخاطبها ثلاثا ثم أرسل إليها لابد أن يكون فيه الإمامة
والوراثة والخزانة فقالت له رضيت عن الله عز وجل فعلقت وحملت بالحسين
فحملت ستة أشهر ثم وضعته ولم يعش مولود قط لستة أشهر غير الحسين بن
علي وعيسى بن مريم عليهما السلام فكفلته أم سلمة وكان رسول الله يأتيه
في كل يوم فيضع لسانه في فم الحسين " ع " فيمصه حتى يروى فأنبت الله تعالى
لحمه من لحم رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يرضع من فاطمة عليها السلام ولا من غيرها
لبنا قط فلما انزل الله تبارك وتعالى فيه (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ
أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني ان اشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى
والدي وان اعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي) فلو قال أصلح لي ذريتي كانوا
كلهم أئمة لكن خص هكذا.
4 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد وعبد الله أبنى محمد
ابن عيسى عن أبيهما عن عبد الله بن المغيرة عن عبد الله بن مسكان عن عبد الرحيم
القصير عن أبي جعفر " ع " قال: سألته عن قول الله عز وجل (النبي أولى بالمؤمنين
من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولوا الأرحام بعضهم أولى بعض في كتاب الله)
206

فيمن نزلت؟ قال نزلت في الامرة ان هذه الآية جرت في الحسين بن علي وفي
ولد الحسين من بعده فنحن أولى بالامر وبرسول الله صلى الله عليه وآله من المؤمنين
والمهاجرين فقلت لولد جعفر فيها نصيب؟ قال: لا، قال فعددت عليه بطون بني
عبد المطلب كل ذلك يقول لا، ونسيت ولد الحسن فدخلت عليه بعد ذلك فقلت
هل لولد الحسن فيها نصيب فقال لا يا أبا عبد الرحمان ما لمحمدي فيها نصيب غيرنا.
5 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى بن عبيد
عن حماد بن عيسى عن عبد العلي بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله " ع " يقول، ان
الله عز وجل خص عليا " ع " بوصية رسول الله صلى الله عليه وآله وما يصيبه له، فأقر الحسن
والحسين له بذلك ثم وصيته للحسن وتسليم الحسين للحسن ذلك حتى افضى الامر
إلى الحسين لا ينازعه فيه أحد له من السابقة مثل ماله واستحقها علي بن الحسين
لقول الله عز وجل (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) فلا تكون
بعد علي بن الحسين إلا في الأعقاب واعقاب الأعقاب.
6 - أبى رحمه الله قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن إبراهيم بن
مهزيار عن علي بن مهزيار عن الحسين بن سعيد عن محمد بن سنان عن أبي سالم
عن سودة بن كليب عن أبي بصير، عن أبي جعفر " ع " في قول الله عز وجل:
(وجعلها كلمة باقية في عقبه) قال: في عقب الحسين " ع " فلما يزل هذا الامر منذ
افضى إلى الحسين ينتقل من ولد إلى ولد لا يرجع إلى أخ ولا عم ولم يتم، يعلم أحد
منهم إلا وله ولد وان عبد الله خرج من الدنيا ولا ولد له ولم يمكث بين ظهراني
أصحابه إلا شهرا.
7 - حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن
الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عبد الصمد بن بشير عن فضيل بن سكرة
قال: دخلت على أبى عبد الله " ع " فقال يا فضيل أتدري في أي شئ كنت أنظر
قبل؟ فقلت لا، قال كنت أنظر في كتاب فاطمة عليها السلام فليس ملك يملك إلا
207

وهو مكتوب باسمه واسم أبيه فما وجدت لولد الحسن فيه شيئا.
8 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى
عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي الطفيل
عن أبي جعفر " ع " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين اكتب ما أملي
عليك قال يا نبي الله أو تخاف علي النسيان فقال لست أخاف عليك
النسيان وقد دعوت الله لك ان يحفظك ولا ينسيك ولكن اكتب لشركائك قال:
فقلت ومن شركائي يا نبي الله؟ قال الأئمة من ولدك بهم تسقى أمتي الغيث وبهم
يستجاب دعائهم وبهم يصرف الله عنهم البلاء وبهم تنزل الرحمة من السماء وهذا
أولهم وأومى إلى الحسن ثم أومى بيده إلى الحسين ثم قال: الأئمة من ولده.
9 - أبى رحمه ا لله قال: حدثنا محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن علي
ابن محمد عن القاسم بن محمد عن سلمان بن داود المنقر عن محمد بن يحيى عن الحسين
الواسطي عن يونس بن عبد الرحمان عن أبي فاختة عن أبي عبد الله " ع " قال:
لا تكون الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين وهي جارية في الأعقاب في عقب
الحسين عليه السلام.
10 - حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله البرقي عن أبيه عن جده عن أحمد
ابن أبي عبد الله عن محمد بن عيسى عن محمد بن أبي يعقوب البلخي قال: سألت
أبا الحسن الرضا " ع " قلت له لأي علة صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد
الحسن عليهما السلام؟ قال: لان الله عز وجل جعلها في ولد الحسين ولم يجعلها
في ولد الحسن والله لا يسأل عما يفعل.
11 - حدثنا إبراهيم بن هارون الهاشمي قال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي
الثلج قال حدثنا عيسى بن مهران قال: حدثنا منذر الشراك قال حدثنا إسماعيل
ابن عليه قال أخبرني أسلم بن ميسرة العجلي عن أنس بن مالك عن معاذ بن جبل:
ان رسول الله قال: إن الله عز وجل خلقني وعليا وفاطمة والحسن والحسين قبل ان يخلق الدنيا
208

بسبعة آلاف عام قلت فأين كنتم يا رسول؟ قال: قدام العرش نسبح الله تعالى
ونحمده ونقدسه ونمجده قلت: على أي مثال؟ قال أشباح نور حتى إذا أراد الله
عز وجل ان يخلق صورنا صيرنا عمود نور ثم قذفنا في صلب آدم ثم أخرجنا إلى
أصلاب الآباء وأرحام الأمهات ولا يصيبنا نجس الشرك ولا سفاح الكفر يسعد
بنا قوم ويشق بنا آخرون، فلما صيرنا إلى صلب عبد المطلب أخرج ذلك النور
فشقه نصفين فجعل نصفه في عبد الله ونصفه في أبى طالب ثم أخرج النصف الذي لي
إلى آمنة والنصف إلى فاطمة بنت أسد فأخرجتني آمنة وأخرجت فاطمة عليا ثم
أعاد عز وجل العمود إلي فخرجت منى فاطمة ثم أعاد عز وجل العمود إلى علي
فخرج منه الحسن والحسين - يعنى من النصفين جميعا فما كان من نور علي فصار في
ولد الحسن، وما كان من نوري صار في ولد الحسين فهو ينتقل في الأئمة من ولده
إلى يوم القيامة.
12 - حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي
السكري قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن زكريا بن دينار الغلابي البصري قال: حدثنا
علي بن حاتم قال حدثنا الربيع بن عبد الله قال: وقع بيني وبين عبد الله بن الحسن
كلام في الإمامة فقال عبد الله بن الحسن إن الإمامة في ولد الحسن والحسين " ع "
فقلت بل هي في ولد الحسين إلى يوم القيامة دون ولد الحسن فقال لي: وكيف
صارت في ولد الحسين دون الحسن وهما سيدا شباب أهل الجنة وهما في الفضل
سواء الا ان للحسن على الحسين فضلا بالكبر وكان الواجب أن تكون الإمامة
اذن في الأفضل؟ فقلت له: ان موسى وهارون كانا نبيين مرسلين وكان موسى
أفضل من هارون عليهما السلام فجعل الله عز وجل النبوة والخلافة في ولد
هارون دون ولد موسى وكذلك جعل الله الإمامة في ولد الحسين دون
ولد الحسن ليجري في هذه الأمة سنن من قبلها من الأمم حذو النعل بالنعل
فما أجبت في أمر موسى وهارون عليهما السلام بشئ فهو جوابي في أمر الحسن
209

والحسين عليهما السلام فانقطع، ودخلت على الصادق " ع " فلما بصر بي قال لي
أحسنت يا ربيع فيما كلمت به عبد الله بن الحسن ثبتك الله.
(باب 157 - العلة التي من أجلها لا يسع الأمة إلا معرفة الامام)
(بعد النبي صلى الله عليه وآله ويسعهم أن لا يعرفوا الأئمة الذين كانوا قبله)
1 - أخبرني علي بن حاتم رضي الله عنه فيما كتب إلي قال: أخبرني القاسم
ابن محمد قال حدثنا حمدان بن الحسين قال حدثنا الحسين بن الوليد عن ابن بكير عن
حنان بن سدير قال: قلت لأبي عبد الله لأي علة لم يسعنا إلا أن نعرف كل إمام بعد
النبي صلى الله عليه وآله ويسعنا ان لا نعرف كل إمام قبل النبي صلى الله عليه وآله؟ قال لاختلاف الشرايع
(باب 158 - العلة التي من أجلها سار أمير المؤمنين " ع " بالمن)
(والكف ويسير القائم بالبسط والسبي)
1 - أبى رحمه الله قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا أحمد بن محمد بن
عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن الحسن بن هارون
قال كنت عند أبي عبد الله " ع " جالسا فسأله المعلى بن خنيس أيسير القائم بخلاف
سيرة أمير المؤمنين فقال نعم وذلك أن عليا " ع " سار فيهم بالمن والكف لأنه
علم أن شيعته سيظهر عليهم عدوهم من بعده وان القائم " ع " إذا قام سار فيهم
بالبسط والسبي وذلك أنه يعلم أن شيعته لن يظهر عليهم من بعده ابدا.
(باب 159 - العلة التي من أجلها صالح الحسن بن علي صلوات الله عليه)
(معاوية بن أبي سفيان وداهنه ولم يجاهده)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله
عن ابن فضال عن ثعلبة عن عمر بن أبي نصر عن سدير قال: قال أبو جعفر " ع "
ومعنا ابني، يا سدير أذكر لنا أمرك الذي أنت عليه فإن كان فيه اغراق كففناك
عنه وإن كان مقصرا أرشدناك قال فذهبت ان أتكلم فقال أبو جعفر " ع " أمسك
حتى أكفيك ان العلم الذي وضع رسول الله صلى الله عليه وآله عند علي " ع " من عرفه كان
210

مؤمنا ومن جحده كان كافرا، ثم كان من بعده الحسن " ع " قلت: كيف يكون
بذلك المنزلة وقد كان منه ما كان دفعها إلى معاوية؟ فقال: اسكت فإنه أعلم بما
صنع لولا ما صنع لكان أمر عظيم.
2 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد رحمه الله قال: حدثنا محمد بن موسى بن
داود الدقاق قال حدثنا الحسن بن أحمد بن الليث قال: حدثنا محمد بن حميد قال
حدثنا يحيى بن أبي بكير قال: حدثنا أبو العلا الخفاف، عن أبي سعيد عقيصا قال
قلت للحسن بن علي بن أبي طالب يا بن رسول الله لم داهنت معاوية وصالحته
وقد علمت أن الحق لك دونه وان معاوية ضال باغ؟ فقال: يا أبا سعيد ألست حجة
الله تعالى ذكره على خلقه وإماما عليهم أبى " ع "؟ قلت بلى قال: ألست الذي قال
رسول الله صلى الله عليه وآله لي ولأخي الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا؟ قلت بلى قال فانا
إذن إمام لو قمت وأنا إمام إذ لو قعدت، يا أبا سعيد علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة
رسول الله صلى الله عليه وآله لبني ضمرة وبني أشجع ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية
أولئك كفار بالتنزيل ومعاوية وأصحابه كفار بالتأويل، يا أبا سعيد إذا كنت
إماما من قبل الله تعالى ذكره لم يجب ان يسفه رأيي فيما أتيته من مهادنة أو محاربة
وإن كان وجه الحكمة فيما أتيته ملتبسا ألا ترى الخضر " ع " لما خرق السفينة وقتل
الغلام وأقام الجدار سخط موسى " ع " فعله لاشتباه وجه الحكمة عليه حتى أخبره
فرضى هكذا أنا، سخطتم علي بجهلكم بوجه الحكمة فيه ولولا ما أتيت لما ترك
من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلا قتل.
قال محمد بن علي مصنف هذا الكتاب: قد ذكر محمد بن بحر الشيباني رضي الله عنه
في كتابه المعروف بكتاب (الفروق بين الأباطيل والحقوق) في معنى
موادعة الحسن بن علي بن أبي طالب " ع " لمعاوية فذكر سؤال سائل عن تفسير
حديث يوسف بن مازن الراشي في هذا المعنى، والجواب عنه وهو الذي رواه
أبو بكر محمد بن الحسن بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري قال: حدثنا أبو طالب زيد
211

ابن أحزم قال: حدثنا أبو داود قال حدثنا القاسم بن الفضل قال حدثنا يوسف
ابن مازن الراشي قال: بايع الحسن بن علي صلوات الله عليه معاوية على أن
لا يسميه أمير المؤمنين ولا يقيم عنده شهادة وعلى ان لا يتعقب على شيعة علي
شيئا وعلى ان يفرق في أولاد من قتل مع أبيه يوم الجمل وأولاد من قتل مع
أبيه بصفين الف ألف درهم وان يجعل ذلك من خراج دار أبجرد، قال ما الطف
حيلة الحسن صلوات الله عليه هذه في اسقاطه إياه عن إمرة المؤمنين، قال يوسف
فسمعت القاسم بن محيمة يقول: ما وفى معاوية للحسن بن علي صلوات الله عليه
بشئ عاهده عليه، وانى قرأت كتاب الحسن " ع " إلى معاوية يعد عليه ذنوبه إليه
والى شيعة علي " ع " فبدأ بذكر عبد الله بن يحيى الحضرمي ومن قتلهم معه.
فنقول رحمك الله، ان ما قال يوسف بن مازن من أمر الحسن " ع " ومعاوية
عند أهل التمييز والتحصيل تسمى المهادنة والمعاهدة ألا ترى كيف يقول ما وفى
معاوية للحسن بن علي " ع " بشئ عاهده عليه وهادنه ولم يقل بشئ بايعه عليه
والمبايعة على ما يدعيه المدعون على الشرايط التي ذكرناها ثم لم يف بها لم يلزم
الحسن " ع " وأشد ماها هنا من الحجة على الخصوم معاهدته إياه أن لا يسميه
أمير المؤمنين، والحسن " ع " عند نفسه لا محالة مؤمن فعاهده ان لا يكون عليه
أميرا إذ الأمير هو الذي يأمر فيؤتمر له فاحتال الحسن صلوات الله عليه لاسقاط
الايتمار لمعاوية إذا أمره أمرا على نفسه، والأمير هو الذي أمره مأمور من
فوقه فدل على أن عز وجل لم يؤمره عليه ولا رسوله صلى الله عليه وآله امره عليه فقد قال
النبي صلى الله عليه وآله لا يلين مفاء على مفيئ، يريدان من حكمه هو حكم هوازن الذين صاروا
فيئا للمهاجرين والأنصار فهؤلاء طلقاء المهاجرين والأنصار بحكم إسعافهم
النبي صلى الله عليه وآله فيئهم لموضع رضاعه وحكم قريش وأهل مكة حكم هوازن لمن أمره
رسول الله صلى الله عليه وآله عليهم فهو التأمير من الله جل جلاله ورسوله صلى الله عليه وآله أو من
الناس كما قالوا في غير معاوية ان الأمة اجتمعت فأمرت فلانا وفلانا وفلانا على
212

أنفسهم فهو أيضا تأمير غير أنه من الناس لامن الله ولا رسوله وهو إن لم
يكن تأميرا من الله ومن رسوله ولا تأميرا من المؤمنين فيكون أميرهم بتأميرهم
فهو تأمير منه بنفسه والحسن صلوات الله عليه مؤمن من المؤمنين فلم يؤمر
معاوية على نفسه بشرط عليه ان لا يسميه أمير المؤمنين فلم يلزمه ذلك الإيتمار
له في شئ أمره به وفرغ صلوات الله عليه إذ خلص نفسه من الايجاب عليها
الايتمار له عن أن يتخذ على المؤمنين الذين هم على الحقيقة مؤمنون وهم الذين كتب
في قلوبهم الايمان ولأن هذه الطبقة لم يعتقدوا إمارته ووجوب طاعته على أنفسهم
ولان الحسن " ع " أمير البررة وقاتل الفجرة كما قال النبي (ص) لعلي " ع "
أمير المؤمنين علي أمير البررة وقاتل الفجرة فأوجب (صلى الله عليه وآله) انه ليس لبر من الأبرار
ان يتأمر عليه وان التأمير على أمير الأبرار ليس ببر، هكذا يقتضى مراد
رسول الله صلى الله عليه وآله ولو لم يشترط الحسن بن علي " ع " على معاوية هذه الشروط
وسماه أمير المؤمنين وقد قال النبي صلى الله عليه وآله: قريش أئمة الناس أبرارها لابرارها
وفجارها لفجارها وكل من اعتقد من قريش ان معاوية إمامه بحقيقة الإمامة من
الله عز وجل اعتقد الايتمار له وجوبا عليه فقد اعتقد وجوب اتخاذ مال الله
دولا وعباده خولا ودينه دخلا وترك أمر الله إياه إن كان مؤمنا فقد أمر الله
عز وجل المؤمنين بالتعاون على البر والتقوى فقال (وتعاونوا على البر والتقوى
ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) فإن كان اتخاذ مال الله دولا وعباده خولا ودين
الله دخلا من البر والتقوى جاز على تأويلك من اتخذه إماما وأمره على نفسه كما
ترون التأمير على العباد، ومن إعتقد ان قهر مال الله على ما يقهر عليه وقهر دين
الله على ما يسام وأهل دين الله على ما يسامون هو بقهر من اتخذهم خولا، وان
لله من قبله مديلا في تخليص المال من الدول، والدين من الدغل، والعباد من الخول
علم وسلم، وامن واتقى، ان البر مقهور في يد الفاجر، والأبرار مقهورون في أيدي
الفجار بتعاونهم مع الفاجر على الاثم والعدوان، المزجور عنه، المأمور بضده
213

وخلافه ومنافيه. وقد سئل سفيان الثوري عن العدوان ما هو؟ فقال: هو أن ينقل
صدقة (بانقيا) إلى الحيرة فتفرق في أهل السهام بالحيرة وببانقيا أهل السهام وانا
أقسم بالله قسما بارا ان حراسة سفيان ومعاوية بن مرة ومالك بن معول
وخيثمة بن عبد الرحمان خشبة زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب " ع "
بكناس الكوفة بأمر هشام بن عبد الملك من العدوان الذي زجر الله عز وجل
عنه وان حراسة من سميتهم بخشبة زيد رضوان الله عليه الداعية بنقل صدقة
بانقيا إلى الحيرة فان عذر عاذر من سميتهم بالعجز عن نصر البر الذي هو الامام
من قبل الله عز وجل الذي فرض طاعته على العباد، على الفاجر الذي تأمر بإعانة
الفجرة إياه، قلنا: لعمري ان العاجز معذور فيما عجز عنه ولكن ليس الجاهل
بمعذور في ترك الطلب في ما فرض الله عز وجل عليه وايجابه على نفسه فرض
طاعته وطاعة رسوله وطاعة أولي الامر وبأنه لا يجوز أن يكون سريرة ولاة
الامر بخلاف علانيتهم كما لم يجز أن يكون سريرة النبي الذي هو أصل ولاة الامر
وهم فرعه بخلاف علانيته، وان الله تعالى العالم بالسرائر والضمائر والمطلع على
ما في صدور العباد لم يكل علم ما لم يعلمه العباد إلى العباد جل وعز عن تكليف العباد
ما ليس في وسعهم وطوقهم إذ ذاك ظلم من المكلف وعبث منه وانه لا يجوز ان
يجعل جل وتقدس اختيار من يستوى سريرته بعلانيته ومن لا يجوز ارتكاب
الكبائر الموبقة والغصب والظلم منه إلى من لا يعلم السرائر والضمائر فلا يسع
أحدا جهل هذه الأشياء وان وسع العاجز بعجزه ترك ما يعجز عنه فإنه لا يسعه
الجهل بالامام البر الذي هو إمام الأبرار والعاجز بعجزه معذور والجاهل غير
معذور، فلا يجوز أن لا يكون للأبرار إمام وإن كان مقهورا في قهر الفاجر
والفجار، فمتى لم يكن للبر إمام بر قاهر أو مقهور فمات ميتة جاهلية إذا مات وليس
يعرف إمامه.
فان قلت: فما تأويل عهد الحسن " ع " وشرطه على معاوية بان لا يقيم عنده
214

شهادة لايجاب الله عز وجل عليه إقامة شهادة بما علمه قبل شرطه على معاوية
قيل إن لإقامة الشهادة شرايط وهي: حدودها التي لا يجوز تعديها
لان من تعدى حدود الله عز وجل فقد ظلم نفسه، وأؤكد شرايطها إقامتها عند
قاض فصل وحكم عدل ثم الثقة من الشاهد أن يقيمها عند من تجد شهادته حقا
ويميت بها إثرة ويزيل بها ظلما فإذا لم يكن من يشهد عنده سقط عنه فرض إقامة
الشهادة ولم يكن معاوية عند الحسن " ع " أميرا أقامه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله
أو حاكما من ولاة الحكم، فلو كان حاكما من قبل الله وقبل رسوله ثم على الحسن " ع "
ان الحكم هو الأمير والأمير هو الحكم وقد شرط عليه الحسن " ع " ان لا يؤمر
حين شرط ألا يسميه أمير المؤمنين فكيف يقيم الشهادة عند من أزال عنه الامرة
بشرط أن لا يسميه أمير المؤمنين وإذا أزال ذلك بالشرط أزال عنه الحكم لان
الأمير هو الحاكم وهو المقيم للحاكم، ومن ليس له تأمير ولا تحاكم يحكم فحكمه هذر
ولا تقام الشهادة عند من حكمه هذر.
فان قلت: فما تأويل عهد الحسن " ع " على معاوية وشرطه عليه ألا يتعقب
على شيعة علي " ع " شيئا؟ قيل إن الحسن " ع " علم أن القوم جوزوا لأنفسهم
التأويل وسوغوا في تأويلهم إراقة ما أرادوا إراقته من الدماء وإن كان الله تعالى
حقنه وحقن ما أرادوا حقنه وإن كان الله تعالى أراقه في حكمه فأراد الحسن " ع "
ان يبين ان تأويل معاوية على شيعة علي " ع " بتعقبه عليهم ما يتعقبه زايل مضمحل
فاسد، كما أن أزال إمرته عنه وعن المؤمنين بشرط ان لا يسميه أمير المؤمنين
وان إمرته زالت عنه وعنهم وأفسد حكمه عليه وعليهم ثم سوغ الحسن " ع "
بشرطه عليه ان لا يقيم عنده شهادة للمؤمنين القدوة منهم به في أن لا يقيموا
عنده شهادة فيكون حينئذ داره دائرة، وقدرته قائمة لغير الحسن ولغير المؤمنين
ويكون داره كدار بخت نصر وهو بمنزلة دانيال فيها، وكدار العزيز
وهو كيوسف فيها.
215

فان قال: دانيال ويوسف عليهما السلام كانا يحكمان لبخت نصر، والعزيز
قلنا: لو أراد بخت نصر دانيال والعزيز يوسف، ان يريقا بشهادة عمار بن الوليد
وعقبة بن أبي معيط، وشهادة أبى بردة بن أبي موسى، وشهادة عبد الرحمان بن
الأشعث بن قيس دم حجر بن عدي ابن الأدبر وأصحابه رحمة الله عليهم، وان
يحكما له بان زيادا اخوه وان دم حجر وأصحابه مراقة بشهادة من ذكرت، لما
جاز أن يحكما لبخت نصر والعزيز والحكم بالعدل يرمى الحاكم به في قدرة عدل
أو جاير ومؤمن أو كافر لا سيما إذا كان الحاكم مضطرا إلى أن يدين قدر الجائر
الكافر، والمبطل والمحق بحكمه.
فان قال: ولم خص الحسن " ع " عد الذنوب إليه والى شيعة علي " ع " وقدم
امامها قتله عبد الله بن يحيى الحضرمي وأصحابه وقد قتل حجر وأصحابه وغيرهم؟
قلنا: لو قدم الحسن " ع " في عده على معاوية ذنوب حجر وأصحابه على عبد الله
ابن يحيى الحضرمي وأصحابه لكان سؤالك قائما فتقول لم قدم حجرا على عبد الله
ابن يحيى وأصحابه أهل الأخيار والزهد في الدنيا والاعراض عنها فأخبر معاوية بما
كان عليه ابن يحيى وأصحابه من الحزق على أمير المؤمنين " ع " وشدة حبهم إياه
وافاضتهم في ذكره وفضله فجاءهم فضرب أعناقهم صبرا، ومن انزل راهبا من
صومعته فقتله بلا جناية منه إلى قاتله أعجب ممن يخرج قسا من ديره فيقتله لان
صاحب الدير أقرب إلى بسط اليد لتناول ما معه على التشريط من صاحب الصومعة
الذي هو بين السماء والأرض فتقديم الحسن " ع " العباد على العباد والزهاد
على الزهاد ومصابيح البلاد على مصابيح البلاد لا يتعجب منه بل يتعجب لو قدم
في الذكر مقصرا على مخبت ومقتصدا على مجتهد.
فان قال: ما تأويل اختيار مال دارا بجرد على سائر الأموال لما اشترط ان
يجعله لأولاد من قتل مع أبيه صلوات الله عليهم يوم الجمل وبصفين قيل لدار
أبجرد خطب في شأن الحسن بخلاف جميع فارس، وقلنا: ان المال مالان الفيئ
216

الذي ادعوا انه موقوف على المصالح الداعية إلى قوام الملة وعمارتها من تجييش
الجيوش للدفع عن البيضة ولارزاق الأسارى ومال الصدقة الذي خص به أهل
السهام وقد جرى في فتوح الأرضين بفارس والأهواز وغيرهما من البلدان مما فتح منها
صلحا وما فتح منها عنوة وما أسلم أهلها عليها هنات هنات وأسباب وأسباب بايجاب
الشرايط الدالة لها، وقد كتب ابن عبد العزيز إلى عبد الحميد بن زيد بن الخطاب
وهو عامله على العراق أيدك الله هاش في السواد ما يركبون فيه البراذين ويتختمون
بالذهب ويلبسون الطيالسة وخذ فضل ذلك فضعه في بيت المال، وكتب ابن الزبير
إلى عامله جنبوا بيت مال المسلمين ما يؤخذ على المناظر والقناطر فإنه سحت فقصر
المال عما كان فكتب إليهم ما للمال قد قصر فكتبوا إليه ان أمير المؤمنين نهانا عما
يؤخذ على المناظر والقناطر فلذلك قصر المال فكتب إليهم عودوا إلى ما كنتم
عليه هذا بعد قوله إنه سحت ولا بد أن يكون أولاد من قتل من أصحاب علي
صلوات الله عليه بالجمل وبصفين من أهل الفيئ ومال المصلحة ومن أهل الصدقة
والسهام وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله في الصدقة أمرت ان أخذها من أغنيائكم
واردها في فقرائكم - بالكاف والميم ضمير من وجبت عليهم في أموالهم الصدقة
ومن وجبت لهم الصدقة - فخاف الحسن " ع " ان كثيرا منهم لا يرى لنفسه أخذ
الصدقة من كثير منهم ولا اكل صدقة كثير منهم إذا كانت غسالة ذنوبهم ولم
يكن للحسن " ع " في مال الصدقة سهم. روى ابن حكيم بن معاوية بن حيدة
القشيري عن أبيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: في كل أربعين من الإبل
ابنة لبون ولا تفرق إبل عن حسابها من أتانا بها مؤتجرا فله اجرها ومن منعناها
أخذناها منه وشطر إبله عزمة من عزمات ربنا ليس لمحمد وآل محمد فيها شئ
وفي كل غنيمة خمس أهل الخمس بكتاب الله عز وجل وان منعوا فخص الحسن " ع "
ما لعله كان عنده أعف وأنظف من مال أردشير خره لأنها حوصرت سبع سنين
حتى اتخذ المحاصرون لها في مدة حصارهم إياها مصانع وعمارات ثم ميزوها من
217

جملة ما فتحوها بنوع من الحكم وبين الأصطخر الأول والأصطخر الثاني هنات
علمها الرباني الذي هو الحسن " ع " فاختار لهم أنظف ما عرف. فقد روي عن
النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في تفسير قوله تعالى: (وقفوهم إنهم مسؤولون) انه لا يجاوز
قدما عبد حتى يسئل عن أربع: عن شبابه فيما أبلاه، وعن عمره فيما أفناه، وعن
ماله من أين جمعه وفيما أنفقه، وعن حبنا أهل البيت، وكان الحسن والحسين
عليهما السلام ابنا علي " ع " يأخذان من معاوية الأموال فلا ينفقان من ذلك على
أنفسهما وعلى عيالهما ما تحمله الدابة بفيئها. قال شيبة بن نعامة: كان علي بن الحسين " ع "
ينحل فلما مات نظروا فإذا هو يعول في المدينة أربعمائة بيت من حيث لم يقف الناس عليه.
فان قال: فان هذا محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري قال: حدثنا أبو بشر
الواسطي قال: حدثنا خالد بن داود، عن عامر قال: بايع الحسن بن علي " ع " معاوية
على أن يسالم من سالم ويحارب من حارب، ولم يبايعه على أنه أمير المؤمنين. قلنا
هذا حديث ينقض آخره أوله وانه لم يؤمره وإذا لم يؤمره لم يلزمه الايتمار له
إذا أمره، وقد رويناه من غير وجه ما ينقض قوله يسالم من سالم ويحارب من
حارب فلم نعلم فرقة من الأمة أشد على معاوية من الخوارج، وخرج على معاوية
بالكوفة جويرية بن ذراع أو ابن وداع أو غيره من الخوارج، فقال معاوية للحسن
اخرج إليهم وقاتلهم فقال: يأبى الله لي بذلك قال: فلم أليس هم أعداؤك وأعدائي
قال نعم يا معاوية ولكن ليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فوجده فاسكت
معاوية، ولو كان ما رواه انه بايع على أن يسالم من سالم ويحارب من حارب لكان
معاوية لا يسكت على ما حجه به الحسن " ع " ولأنه يقول له قد بايعتني على أن
تحارب على من حاربت كاينا من كان وتسالم من سالمت كاينا من كان وإذا قال
عامر في حديثه ولم يبايعه على أنه أمير المؤمنين قد ناقض لان الأمير هو الآمر
والزاجر والمأمور هو المؤتمر والمنزجر فأبى تصرف الامر فقد أزال الحسن " ع " في
موادعته معاوية الايتمار له فقد خرج من تحت أمره حين شرط ان لا يسميه
218

أمير المؤمنين ولو انتبه معاوية بحيلة الحسن " ع " بما احتال عليه لقال له يا أبا محمد
أنت مؤمن وانا أمير فإذا لم أكن أميرك لم أكن للمؤمنين أميرا وهذا حيلة
منك تزيل أمرى عنك وتدفع حكمي لك وعليك، فلو كان قوله: يحارب من
حارب مطلقا ولم يكن شرطه ان قاتلك من هو شر منك قاتلته وان قاتلك من هو
خير منك في الشر وأنت أقرب منه إليه لم أقاتله ولان شرط الله على الحسن " ع "
وعلى جميع عباده التعاون على البر والتقوى وترك التعاون على الاثم والعدوان
وإن قتال من طلب الحق فأخطأه مع من طلب الباطل فوجده تعاون على الاثم
والعدوان، والمبايع غير المبايع والمؤازر غير المؤازر.
فان قال: هذا حديث أنس بن سيرين يرويه محمد بن إسحاق بن خزيمة قال
حدثنا بشار قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن ابن عون عن أنس بن سيرين قال:
حدثنا الحسن بن علي " ع " يوم كلم فقال: ما بين جابرسا وجابلقا رجل جده نبي
غيري وغير أخي وانى رأيت أن أصلح بين أمة محمد وكنت أحقهم بذلك فانا بايعنا
معاوية ولعله فتنة لكم ومتاع إلى حين، قلنا ألا ترى إلى قول أنس كيف يقول
يوم كلم الحسن ولم يقل يوم بايع إذ لم يكن عنده بيعة حقيقة وإنما كانت مهادنة
كما يكون بين أولياء الله وأعدائه لا مبايعة تكون بين أوليائه وأوليائه فرأى
الحسن " ع " رفع السيف مع العجز بينه وبين معاوية كما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله رفع
السيف بينه وبين أبي سفيان وسهل بن عمرو ولو لم يكن رسول الله مضطرا إلى تلك
المصلحة والموادعة لما فعل.
فان قال: قد ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله بينه وبين سهل وأبى سفيان مدة ولم يجعل
الحسن بينه وبين معاوية مدة قلنا بل ضرب الحسن " ع " أيضا بينه وبين معاوية مدة
وان جهلناها ولم نعلمها وهي ارتفاع الفتنة وانتهاء مدتها وهو متاع إلى حين.
فان قال: فان الحسن قال لجبير بن نفير حين قال له: ان الناس يقولون انك
تريد الخلافة فقال: قد كان جماجم العرب في يدي يحاربون من حاربت ويسالمون
219

من سالمت تركتها ابتغاء وجه الله وحقن دماء أمة محمد، ثم اثيرها ياتياس أهل
الحجاز، قلنا: إن جبيرا كان دسيسا إلى الحسن " ع " دسه معاوية إليه يختبره هل
في نفسه الإثارة وكان جبير يعلم أن الموادعة التي وادع معاوية غير مانعة من
الإثارة التي اتهمه بها ولو لم يجز للحسن " ع " مع المهادنة التي هادن ان يطلب
الخلافة لكان جبير يعلم ذلك فلا يسأله لأنه يعلم أن الحسن " ع " لا يطلب ما ليس
له طلبه فلما اتهمه بطلب ماله طلبه دس إليه دسيسة هذا ليستبرئ برأيه وعلم أنه
الصادق وابن الصادق وانه إذا أعطاه بلسانه انه لا يثيرها بعد تسكينه إياها
فإنه وفى بوعده صادق في عهده فلما مقته قول جبير قال له: ياتياس أهل الحجاز
والتياس بياع عسب الفحل الذي هو حرام.
وأما قوله: بيدي جماجم العرب، فقد صدق " ع " ولكن كان من تلك
الجماجم الأشعث بن قيس في عشرين ألفا ويزيدونهم، قال الأشعث: يوم رفع
المصاحف وقع تلك المكيدة ان لم تجب إلى ما دعيت إليه لم يرم معك غدا
يمانيان بسهم ولم يطعن يمانيان برمح ولا يضرب يمانيان بسيف وأومى بقوله إلى
أصحابه أبناء الطمع وكان في تلك الجماجم شبث بن ربعي تابع كل ناعق ومثير كل
فتنة وعمرو بن حريث الذي ظهر على علي صلوات الله عليه وبايع ضبة احتوشها
مع الأشعث والمنذر بن الجارود الطاغي الباغي وصدق الحسن صلوات الله عليه
انه كان بيده هذه الجماجم يحاربون من حارب ولكن محاربة للطمع ويسالمون
من سالم لذلك وكان من حارب لله تعالى وابتغى القربة إليه والحظوة منه قليلا ليس
فيهم عدد يتكافى أهل الحرب لله والنزاع لأولياء الله واستمداد كل مدد وكل
عدد وكل شدة على حجج الله تعالى.
(باب 160 - السبب الداعي للحسن صلوات الله عليه)
(إلى موادعة معاوية، وما هو؟ وكيف هو؟)
دس معاوية إلى عمرو بن حريث، والأشعث بن قيس، والى حجر بن الحجر
220

وشبث بن ربعي، دسيسا أفرد كل واحد منهم بعين من عيونه انك ان قتلت الحسن
ابن علي فلك مائتا ألف درهم، وجند من أجناد الشام، وبنت من بناتي. فبلغ
الحسن " ع " ذلك فاستلام ولبس درعا وكفرها، وكان يحترز ولا يتقدم للصلاة
بهم إلا كذلك، فرماه أحدهم في الصلاة بسهم فلم يثبت فيه لما عليه من اللامة فلما
صار في مظلم ساباط ضربه أحدهم بخنجر مسموم فعمل فيه الخنجر فأمر (عليه السلام) ان
يعدل به إلى بطن جريحي وعليها عم المختار بن أبي عبيد مسعود بن قيلة، فقال
المختار لعمه تعالى حتى نأخذ الحسن ونسلمه إلى معاوية فيجعل لنا العراق، فبدر
بذلك الشيعة من قول المختار لعمه فهموا بقتل المختار فتلطف عمه لمسألة الشيعة
بالعفو عن المختار ففعلوا، فقال الحسن " ع " ويلكم والله ان معاوية لا يفي لاحد
منكم بما ضمنه في قتلى وانى أظن انى وان وضعت يدي في يده فأسالمه لم يتركني أدين
لدين جدي (صلى الله عليه وآله) وانى أقدر ان أ عبد الله وحدي ولكني كأني أنظر إلى أبنائكم
واقفين على أبواب أبنائهم يستسقونهم ويستطعمونهم بما جعله الله لهم فلا يسقون
ولا يطعمون فبعدا وسحقا لما كسبته أيديكم (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب يقلبون)
فجعلوا يعتذرون بما لا عذر لهم فيه، فكتب الحسن " ع " من فوره ذلك إلى معاوية.
أما بعد: فان خطبي انتهى إلى اليأس من حق أحييه وباطل اميته وخطبك
خطب من انتهى إلى مراده، وإنني اعتزل هذا الامر وأخليه لك وإن كان تخليتي
إياه شرا لك في معادك ولي شروط أشرطها لا تبهظنك ان وفيت لي بها بعهد ولا تخف
ان غدرت وكتب الشرط في كتاب آخر فيه يمينه بالوفاء وترك الغدر وستندم يا معاوية
كما ندم غيرك ممن نهض في الباطل أو قعد عن الحق حين لم ينفع الندم والسلام.
فان قال قائل: من هو النادم الناهض والنادم والقاعد؟ قلنا هذا الزبير ذكره
أمير المؤمنين صلوات الله عليه ما أيقن بخطأ ما أتاه وباطل ما قضاه وبتأويل
ما عزاه فرجع عنه القهقرى، ولو وفى بما كان في بيعته لمحا نكثه، ولكنه أبان
ظاهرا الندم والسريرة إلى عالمها. وهذا عبد الله بن عمر بن الخطاب روى أصحاب
221

الأثر في فضائله أنه قال: مهما آسى عليه من شئ فانى لا آسي على شئ أسفي على
انى لم أقاتل الفئة الباغية مع علي فهذا ندم القاعد وهذه عائشة، روى الرواة انها
لما انبها مؤنب فيما أتته قالت: قضى القضاء وجفت الأقلام والله لو كان لي من
رسول الله عشرون ذكرا كلهم مثل عبد الرحمان بن الحارث بن هشام فثكلتهم
بموت وقتل كان أيسر علي من خروجي على علي ومسعاي التي سعيت فإلى الله
أشكو لا إلى غيره. وهذا سعد بن أبي وقاص، لما انهى إليه ان عليا صلوات الله عليه
قتل ذا الثدية اخذه ما قدم وما آخر وقلق ونزق وقال: والله لو علمت أن ذلك
كذلك لمشيت إليه ولو حبوا. ولما قدم معاوية دخل إليه سعد وقال له يا أبا إسحاق
ما الذي منعك ان تعينني على الطلب بدم الامام المظلوم؟ فقال: كنت أقاتل معك
عليا وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى فقال
أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: نعم وإلا صمتا قال أنت الآن أقل عذرا
في القعود عن النصرة فوالله لو سمعت هذا من رسول الله ما قاتلته، وقد أحال
فقد سمع رسول الله يقول لعلي أكثر من ذلك فقاتله وهو بعد مفارقته للدنيا
يلعنه ويشتمه ويرى ان ملكه وثبات قدرته بذلك إلا أنه أراد ان يقطع عذر
سعد في القعود عن نصره والله المستعان.
فان قال قائل: لحمقه وخرقه فان عليا ندم مما كان منه من النهوض في تلك
الأمور وإراقة الدماء كما ندموا هم في النهوض والقعود قيل كذبت وأحلت
لأنه في غير مقام، قال إني قلبت أمرى وأمرهم ظهرا لبطن فما وجدت إلا قتالهم
أو الكفر بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله وقد روى عنه أمرت بقتال الناكثين والقاسطين
والمارقين وروى هذا الحديث من ثمانية عشر وجها عن النبي صلى الله عليه وآله انك تقاتل الناكثين
والقاسطين والمارقين أظهر ندما بحضرة من سمعوا منه، هذا وهو يرويه عن
النبي صلى الله عليه وآله لكان مكذبا فيه نفسه وكان فيهم المهاجرون كعمار. وروى عمار
والأنصار كأبى الهيثم وأبى أيوب ودونهما فإن لم يتحرج ولم يتورع عن الكذب
222

على من كذب عليه تبوء مقعده من النار استحيى من هؤلاء الأعيان من المهاجرين
والأنصار وعمار الذي يقول النبي صلى الله عليه وآله عمار مع الحق والحق مع عمار يدور
معه حيث دار يحلف جهد إيمانه والله لو بلغوا بنا قصبات هجر لعلمت إنا على
الحق وانهم على الباطل، ويحلف انه قاتل تحت راية الذي احضرها صفين وهي التي
احضرها يوم أحد والأحزاب والله لقد قاتلت هذه الراية آخر، أربع مرات والله
ما هي عندي بأهدى من الأولى وكان يقول: إنهم أظهروا الاسلام وأسروا
الكفر حتى وجدوا عليه أعوانا، ولو ندم علي " ع " بعد قوله: أمرت ان أقاتل
الناكثين والقاسطين والمارقين لكان من مع علي يقول له كذبت على رسول الله
واقراره بذلك على نفسه وكانت الأمة الزبير وعائشة وحزبهما وعلي وأبو أيوب
وخزيمة بن ثابت وعمار وأصحابه وسعد بن عمر وأصحابه فإذا اجتمعوا جميعا على
الندم فلا بد من أن يكون اجتمعوا على ندم من شئ فعلوه وودوا أنهم لم يفعلوه
وان الفعل الذي فعلوه باطل فقد اجتمعوا على الباطل وهم الأمة التي لا تجتمع على
الباطل أو اجتمعوا على الندم من ترك شئ لم يفعلوه وودوا انهم فعلوه فقد
اجتمعوا على الباطل بتركهم جميعا الحق ولا بد من أن يكون النبي صلى الله عليه وآله حين قال
لعلي " ع " انك تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين كان ذلك من النبي صلى الله عليه وآله خبرا
ولا يجوز أن لا يكون ما أخبر إلا بأن يكذب المخبر أو يكون أمره بقتالهم فتركه
للإيتمار بما أمر به عنده كما قال علي عليه السلام انه كفر.
فان قال قائل: ان الحسن " ع " أخبر بأنه حقن دماء أنت تدعي ان عليا
كان مأمور باراقتها والحقن لما أمر الله ورسوله بإراقته من الحاقن عصيان، قلنا إن
الأمة التي ذكر الحسن " ع " أمتان وفرقتان وطائفتان، هالكة وناجية وباغية
ومبغى عليها، فإذا لم يكن حقن دماء المبغى عليها إلا بحقن دماء الباغية لأنهما إذا
اقتتلا وليس للمبغي عليها قوام بإزالة الباغية حقن دم المبغى عليها أو إراقة دم
الباغية مع العجز عن ذلك إراقة لدم المبغى عليها لا غير، فهذا هذا.
223

فان قال: فما الباغي عندك أمؤمن أو كافر أولا مؤمن ولا كافر قلنا إن
الباغي هو الباغي باجماع أهل الصلاة وسماهم أهل الارجاء مؤمنين مع تسميتهم
إياهم بالباغين، وسماهم أهل الوعيد كفرا غير مشركين كالأباضية والزيدية وفساقا
خالدين في النار كواصل وعمرو، منافقين خالدين في الدرك الأسفل من النار
كالحسن وأصحابه فكلهم قد أزال الباغي عما كان فيه قبل البغى فأخرجه قوم إلى
الكفر والشرك كجميع الخوارج غير الأباضية والى الكفر غير الشرك كالأباضية
والزيدية، والى الفسق والنفاق وأقل ما حكم عليهم أهل الارجاء إسقاطهم من
السنن والعدالة والقبول.
فان قال: فإن الله عز وجل سمى الباغي مؤمنا فقال تعالى (وان طائفتان
من المؤمنين اقتتلوا) فجعلهم مؤمنين، قلنا لابد من أن المأمور بالاصلاح بين
الطائفتين المقتتلين كان قبل اقتتالهما عالما بالباغية منها أو لم يكن عالما بالباغية منها
فإن كان عالما بالباغية منهما كان مأمورا بقتالها مع المبغى عليها حتى تفئ إلى أمر
الله وهو الرجوع إلى ما خرج منه بالبغى وإن كان المأمور بالاصلاح جاهلا بالباغية
والمبغى عليها فإنه كان جاهلا بالمؤمن غير الباغي من المؤمن الباغي وكان المؤمن
غير الباغي عرف بعد النبيين والفرق بينه وبين الباغي مجمعا من أهل الصلاة على
إيمانه لا اختلاف بينهم في اسمه والمؤمن الباغي بزعمك مختلف فيه فلا يسمى
مؤمنا حتى يجمع على أنه مؤمن كما أجمع على أنه باغ فلا يسمع الباغي مؤمنا
إلا باجماع أهل الصلاة على تسميته مؤمنا كما اجمعوا عليه وعلى تسميته باغيا.
فان قال: فان الله تعالى سمى الباغي للمؤمنين أخا ولا يكون أخ المؤمنين
إلا مؤمنا قبل أحلت وباعدت فان الله تعالى سمى هودا وهو نبي أخا عاد وهم كفار
فقال (وإلى عاد أخاهم هودا) وقد يقال للشامي يا أخا الشام ولليماني يا أخا اليمن
ويقال للمسايف اللازم له المقاتل به فلان أخ السيف فليس في يد المتأول أخ
المؤمن لا يكون إلا مؤمنا مع شهادة القرآن بخلافه وشهادة اللغة بأنه يكون
224

المؤمن أخا الجماد الذي هو الشام واليمن والسيف والرمح، وبالله استعين على أمورنا
في أدياننا ودنيانا وآخرتنا وإياه نسأل التوفيق لما قرب من وأزلف لديه
بمنه وكرمه.
(باب 161 - العلة التي من أجلها لم يدفن الحسن بن علي بن)
(أبى طالب " ع " مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)
1 - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا الحسين بن الحسن
ابن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن
سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله " ع " قال: إن الحسين بن علي " ع " أراد ان
يدفن الحسن بن علي عليهما السلام مع رسول الله صلى الله عليه وآله وجمع جمعا فقال رجل
سمع الحسن بن علي " ع " يقول: قول للحسن ألا يهرق في دما لولا ذلك ما انتهى
الحسين " ع " حتى يدفنه مع رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وقال أبو عبد الله " ع " أول امرأة ركبت البغل بعد رسول الله صلى الله عليه وآله
عائشة جاءت إلى المسجد فمنعت ان يدفن الحسن بن علي مع رسول الله (صلى الله عليه وآله).
(باب 162 - العلة التي من أجلها صار يوم عاشوراء أعظم الأيام مصيبة)
1 - حدثنا محمد بن علي بن بشار القزويني رضي الله عنه قال: حدثنا
أبو الفرج المظفر بن أحمد القزويني قال: حدثنا محمد بن جعفر الكوفي الأسدي
قال: حدثنا سهل بن زياد الآدمي قال: حدثنا سليمان بن عبد الله الخزاز الكوفي
قال: حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد
الصادق " ع " يا بن رسول الله كيف صار يوم عاشوراء يوم مصيبة وغم وجزع
وبكاء دون اليوم الذي قبض منه رسول الله صلى الله عليه وآله واليوم الذي ماتت فيه فاطمة
عليها السلام واليوم الذي قتل فيه أمير المؤمنين " ع " واليوم الذي قتل فيه
الحسن " ع " بالسم؟ فقال: ان يوم الحسن " ع " أعظم مصيبة من جميع سائر
225

الأيام، وذلك أن أصحاب الكساء الذي كانوا أكرم الخلق على الله تعالى كانوا
خمسة فلما مضى عنهم النبي صلى الله عليه وآله بقي أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام
فكان فيهم للناس عزاء وسلوة فلما مضت فاطمة عليها السلام كان في أمير المؤمنين
والحسن والحسين للناس عزاء وسلوة فلما مضى منهم أمير المؤمنين " ع " كان للناس
في الحسن والحسين عزاء وسلوة فلما مضى الحسن " ع " كان للناس في الحسين " ع "
عزاء وسلوة، فلما قتل الحسين " ع " لم يكن بقي من أهل الكساء أحد للناس فيه
بعده عزاء وسلوة فكان ذهابه كذهاب جميعهم كما كان بقاؤه كبقاء جميعهم فلذلك
صار يومه أعظم مصيبة.
قال عبد الله بن الفضل الهاشمي: فقلت له يا بن رسول الله فلم لم يكن للناس
في علي بن الحسين عزاء وسلوة مثل ما كان لهم في آبائه عليهم السلام؟ فقال بلى ان
علي بن الحسين كان سيد العابدين وإماما وحجة على الخلق بعد آبائه الماضين ولكنه
لم يلق رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يسمع منه وكان علمه وراثة عن أبيه عن جده عن
النبي صلى الله عليه وآله وكان أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام قد
شاهدهم الناس مع رسول الله صلى الله عليه وآله في أحوال في آن يتوالى فكانوا متى نظروا
إلى أحد منهم تذكروا حاله مع رسول الله صلى الله عليه وآله وقول رسول الله له وفيه، فلما
مضوا فقد الناس مشاهدة الأكرمين على الله عز وجل ولم يكن في أحد منهم فقد
جميعهم إلا في فقد الحسين " ع " لأنه مضى آخرهم فلذلك صار يومه أعظم
الأيام مصيبة.
قال عبد الله بن الفضل الهاشمي: فقلت له يا بن رسول الله فكيف سمت
العامة يوم عاشوراء، يوم بركة فبكى " ع " ثم قال: لما قتل الحسين " ع " تقرب
الناس بالشام إلى يزيد فوضعوا له الاخبار وأخذوا عليه الجوائز من الأموال
فكان مما وضعوا له أمر هذا اليوم وانه يوم بركة ليعدل الناس فيه من الجزع
والبكاء والمصيبة والحزن إلى الفرح والسرور والتبرك والاستعداد فيه حكم الله
226

مما بيننا وبينهم قال: ثم قال " ع " يا بن عم وان ذلك لأقل ضررا على الاسلام وأهله
وضعه قوم انتحلوا مودتنا وزعموا أنهم يدينون بموالاتنا ويقولون بإمامتنا
زعموا ان الحسين " ع " لم يقتل وانه شبه للناس أمره كعيسى بن مريم فلا لائمة
اذن على بنى أمية ولا عتب على زعمهم، يا بن عم من زعم أن الحسين " ع " لم يقتل
فقد كذب رسول الله صلى الله عليه وآله وعليا وكذب من بعده الأئمة عليهم السلام في
أخبارهم بقتله، ومن كذبهم فهو كافر بالله العظيم ودمه مباح لكل من
سمع ذلك منه.
قال عبد الله بن الفضل: فقلت له يا بن رسول الله فما تقول في قوم من شيعتك
يقولون به؟ فقال " ع " ما هؤلاء من شيعتي وانى برئ منهم (كذا وكذا وكذا
وكذا إبطال القرآن والجنة والنار) قال: فقلت فقول الله تعالى (ولقد علمتم الذين
اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين) قال: إن أولئك مسخوا
ثلاثة أيام ثم ماتوا ولم يتناسلوا، وان القردة اليوم مثل أولئك، وكذلك الخنازير
وساير المسوخ، ما وجد منها اليوم من شئ فهو مثله لا يحل ان يؤكل لحمه. ثم
قال " ع ": لعن الله الغلاة والمفوضة فإنهم صغروا عصيان الله وكفروا به وأشركوا
وضلوا و أضلوا قرار من إقامة الفرايض وأداء الحقوق.
2 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق قال: أخبرنا أحمد بن محمد الهمداني
عن علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا " ع "
قال: من ترك السعي في حوايجه يوم عاشوراء قضى الله له حوايج الدنيا والآخرة
ومن كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه يجعل الله عز وجل يوم القيامة
يوم فرحه وسروره وقرت بنا في الجنان عينه، ومن سمى يوم عاشوراء يوم بركة
وادخر لمنزله شيئا لم يبارك له فيما ادخر وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيد الله
ابن زياد وعمر بن سعد (لعنهم الله) إلى أسفل درك من النار.
3 - حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه الله قال: حدثنا أبي، عن محمد
227

ابن الحسين بن أبي الخطاب، عن نصر بن مزاحم، عن عمرو بن سعيد عن أرطأة بن
حبيب عن فضيل الرسان عن جبلة المكية قالت: سمعت ميثم التمار (قدس الله روحه)
يقول: والله لتقتل هذه الأمة ابن نبيها في المحرم لعشر يمضين منه وليتخذن أعداء
الله ذلك اليوم يوم بركة وان ذلك لكائن قد سبق في علم الله تعالى ذكره أعلم ذلك
بعد عهده إلي مولاي أمير المؤمنين " ع " ولقد أخبرني انه يبكي عليه كل شئ
حتى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحر والطير في السماء، ويبكى عليه الشمس
والقمر والنجوم والسماء والأرض ومؤمنوا الإنس والجن وجميع ملائكة السماوات
والأرضين ورضوان ومالك وحملة العرش، وتمطر السماء دما ورمادا. ثم قال:
وجبت لعنة الله على قتلة الحسين " ع " كما وجبت على المشركين الذين يجعلون مع
الله إلها آخر وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس. قالت جبلة: فقلت له
يا ميثم فكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الذي قتل فيه الحسين " ع " يوم بركة؟ فبكى
ميثم رضي الله عنه ثم قال: يزعمون لحديث يضعونه انه اليوم الذي تاب الله فيه
على آدم وإنما تاب الله على آدم في ذي الحجة ويزعمون انه اليوم الذي قبل الله فيه
توبة داود وإنما قبل الله عز وجل توبته في ذي الحجة، ويزعمون انه اليوم الذي
إخرج الله فيه يونس من بطن الحوت وإنما أخرج الله عز وجل يونس من
بطن الحوت في ذي الحجة، ويزعمون انه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح
على الجودى وإنما استوت على الجودي يوم الثامن عشر من ذي الحجة، ويزعمون
انه اليوم الذي فلق الله تعالى فيه البحر لبني إسرائيل وإنما كان ذلك في ربيع الأول
ثم قال ميثم: يا جبلة، اعلمي ان الحسين بن علي " ع " سيد الشهداء يوم القيامة
ولأصحابه على سائر الشهداء درجة، يا جبلة إذا نظرت السماء حمراء كأنها دم عبيط
فاعلمي ان سيد الشهداء الحسين قد قتل. قالت جبلة فخرجت ذات يوم فرأيت
الشمس على الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة فصحت حينئذ وبكيت وقلت:
قد والله قتل سيدنا الحسين عليه السلام.
228

(باب 163 - علة إقدام أصحاب الحسين " ع " على القتل)
1 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال: حدثنا عبد العزيز
ابن يحيى الجلودي قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري قال حدثنا جعفر بن محمد
ابن عمارة عن أبيه عن أبي عبد الله " ع " قال: قلت له أخبرني عن أصحاب الحسين " ع "
واقدامهم على الموت فقال إنهم كشف لهم الغطاء حتى رأوا منازلهم من الجنة فكان
الرجل منهم يقدم على القتل ليبادر إلى حوراء يعانقها والى مكانه من الجنة.
(باب 164 - العلة التي من أجلها يقتل القائم " ع " ذراري قتلة)
(الحسين عليه السلام بفعال آبائها)
1 - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي
ابن إبراهيم، عن أبيه عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: قلت لأبي الحسن علي
ابن موسى الرضا " ع " يا بن رسول الله ما تقول في حديث روي عن الصادق " ع "
أنه قال: إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين " ع " بفعال آبائها فقال " ع "
هو كذلك فقلت فقول الله عز وجل (ولا تزر وازرة وزر أخرى) ما معناه؟ فقال
صدق الله في جميع أقواله لكن ذراري قتلة الحسين يرضون أفعال آبائهم ويفتخرون
بها ومن رضى شيئا كان كمن أتاه ولو أن رجلا قتل في المشرق فرضي بقتله رجل
في المغرب لكان الراضي عند الله شريك القاتل وإنما يقتلهم القايم إذا خرج لرضاهم
بفعل آبائهم، قال: قلت له بأي شئ يبدء القايم فيهم إذا قام؟ قال يبدأ ببني شيبة
ويقطع أيديهم لأنهم سراق بيت الله عز وجل.
(باب 165 - العلة التي من أجلها سمى علي بن الحسين زين العابدين)
1 - حدثنا عبد الله بن النضر بن سمعان التميمي الخرقاني رضي الله عنه قال:
حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد المكي قال: حدثنا أبو الحسن عبد الله بن محمد بن
عمر الأطروش الحراني قال: حدثنا صالح بن زياد أبو سعيد الشوني قال: حدثنا
أبو عثمان عبد الله بن ميمون السكري قال: حدثنا عبد الله بن معن الأودي قال:
229

حدثنا عمران بن سليم قال: كان الزهري إذا حدث عن علي بن الحسين عليهما السلام
قال حدثني زين العابدين علي بن الحسين، فقال له سفيان بن عيينة: ولم تقول له
زين العابدين؟ قال: لانى سمعت سعيد بن المسيب يحدث عن ابن عباس، ان
رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين زين العابدين فكأني
انظر إلى ولدي علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب يخطو بين الصفوف.
2 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى
العطار قال: حدثنا محمد بن يحيى بن عمران الأشعري قال: حدثني العباس
ابن معروف عن محمد بن سهل الحراني، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله " ع "
قال: ينادي مناد يوم القيامة أين زين العابدين فكأني انظر إلى علي بن الحسين " ع "
يخطو بين الصفوف.
3 - حدثنا محمد بن القاسم الأسترآبادي قال: حدثنا علي بن محمد بن سيار
قال: حدثنا أبو يحيى محمد بن يزيد المنقري عن سفيان بن عيينة قال: قيل للزهري
من أزهد الناس في الدنيا؟ قال: علي بن الحسين عليهما السلام حيث كان وقد قيل
له فيما بينه وبين محمد بن الحنفية من المنازعة في صدقات علي بن أبي طالب " ع "
لو ركبت إلى الوليد بن عبد الملك ركبه لكشف عنك من غرر شره وميله عليك
بمحمد فان بينه وبينه خلة، قال وكان هو بمكة والوليد بها فقال: ويحك أفي حرم الله
اسأل غير الله عز وجل، انى آنف ان اسأل الدنيا خالقها فكيف أسألها مخلوقا مثلي
وقال الزهري لاجرم ان الله تعالى القى هيبته في قلب الوليد حتى حكم له
على محمد بن الحنفية.
4 - حدثنا محمد بن القاسم الأسترآبادي قال: حدثنا علي بن محمد بن سيار
عن أبي يحيى محمد بن يزيد المنقري عن سفيان بن عيينة قال: قلت للزهري لقيت
علي بن الحسين " ع "؟ قال: نعم لقيته وما لقيت أحد أفضل منه والله ما علمت له
صديقا في السر ولا عدوا في العلانية فقيل له وكيف ذلك؟ قال: لانى لم أر أحدا
230

وإن كان يحبه إلا وهو لشدة معرفته بفضله يحسده ولا رأيت أحدا وإن كان
يبغضه إلا وهو لشدة مداراته له يداريه.
5 - وبهذا الاسناد عن سفيان بن عيينة قال: رأى الزهري علي بن الحسين
ليلة باردة مطيرة وعلى ظهره دقيق وحطب وهو يمشي فقال له يا بن رسول الله
ما هذا؟ قال: أريد سفرا أعد له زادا أحمله إلى موضع حريز فقال الزهري: فهدا
غلامي يحمله عنك فأبى، قال انا أحمله عنك فأني أرفعك عن حمله فقال علي بن الحسين
لكني لا أرفع نفسي عما ينجيني في سفري ويحسن ورودي على ما أرد عليه
أسألك بحق الله لما مضيت لحاجتك وتركتني، فانصرفت عنه فلما كان بعد أيام
قلت له: يا بن رسول الله لست أرى لذلك السفر الذي ذكرته أثرا، قال بلى يا زهري
ليس ما ظننته ولكنه الموت وله كنت استعد، إنما الاستعداد للموت تجنب الحرام
وبذل الندى والخير.
6 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله قال: حدثنا محمد
ابن الحسن الصفار قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط
عن إسماعيل بن المنصور، عن بعض أصحابنا قال: لما وضع علي بن الحسين " ع "
على السرير ليغسل نظر إلى ظهره وعليه مثل ركب الإبل مما كان يحمل على ظهره
إلى منازل الفقراء والمساكين.
7 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رض) قال: حدثنا محمد بن
الحسن الصفار، عن علي بن إسماعيل، عن محمد بن عمر عن أبيه، عن علي بن المغيرة
عن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد الله " ع " إني رأيت علي بن الحسين " ع "
إذا قام في الصلاة غشى لونه لون آخر: فقال لي والله ان علي بن الحسين كان
يعرف الذي يقوم بين يديه.
8 - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن
أبان عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى قال: حدثني بعض أصحابنا، عن
231

أبى حمزة الثمالي قال: رأيت علي بن الحسين عليهما السلام يصلى فسقط رداؤه عن
أحد منكبيه قال: فلم يسوه حتى فرغ من صلاته قال: فسألته عن ذلك فقال ويحك
أتدري بين يدي من كنت ان العبد لا يقبل من صلاته إلا ما أقبل عليه منها بقلبه
وكان علي بن الحسين عليهما السلام ليخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجراب فيه الصرر
من الدنانير والدراهم حتى يأتي بابا بابا فيقرعه ثم يناول من يخرج إليه فلما مات
علي بن الحسين عليهما السلام فقدوا ذلك فعلموا أن علي بن الحسين عليهما السلام
الذي كان يفعل ذلك.
9 - حدثنا علي بن أحمد بن رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله
الكوفي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي قال: حدثنا الحسين بن الهيثم قال:
حدثنا عباد بن يعقوب قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه قال:
سألت مولاة لعلي بن الحسين " ع " بعد موته فقلت صفي لي أمور علي بن الحسين " ع "
فقال: أطنب أو أختصر؟ فقلت بل اختصري قالت: ما أتيته بطعام نهارا قط
ولا فرشت له فراشا بليل قط.
10 - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال: حدثنا
جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه قال: حدثنا محمد بن حاتم قال: حدثنا أبو معمر
إسماعيل بن إبراهيم بن معمر قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم قال: سمعت
أبا حازم يقول: ما رأيت هاشميا أفضل من علي بن الحسين وكان " ع " يصلي في اليوم
والليلة الف ركعة حتى خرج بجبهته وآثار سجوده مثل (كركرة البعير).
(باب 166 - العلة التي من أجلها سمى علي بن الحسين " ع " السجاد)
1 - حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن
يعقوب الكليني رضي الله عنه قال حدثنا الحسين بن الحسن الحسني وعلي بن محمد
ابن عبد الله جميعا عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد الرحمان بن عبد الله
الخزاعي عن نصر بن مزاحم المنقري، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي
232

قال: قال أبو جعفر محمد بن الباقر " ع " ان أبى علي بن الحسين " ع " ما ذكر
نعمة الله عليه إلا سجد، ولا قرأ آية من كتاب الله عز وجل وفيها سجود إلا سجد
ولا دفع الله تعالى عنه سوء يخشاه أو كيد كايد إلا سجد، ولا فرغ من صلاة
مفروضة إلا سجد، ولا وفق لاصلاح بين اثنين إلا سجد، وكان أثر السجود
فجميع مواضع سجوده فسمى السجاد لذلك.
(باب 167 - العلة التي من أجلها سمى علي بن الحسين " ع " ذا الثفنات)
1 - حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن
يعقوب الكليني قال: حدثنا علي بن محمد عن أبي علي محمد بن إسماعيل بن موسى بن
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه، عن آبائه
عن محمد بن علي الباقر " ع " قال كان لأبي " ع " في موضع سجوده آثار ناتية
وكان يقطعها في السنة مرتين في كل مرة خمس ثفنات، فسمي ذا الثفنات لذلك.
(باب 168 - العلة التي من أجلها سمى أبو جعفر محمد بن علي " ع " الباقر)
1 - حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه
قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى البصري بالبصرة قال حدثني المغيرة بن محمد قال
حدثنا رجاء بن سلمة عن عمرو بن شمر قال: سألت جابر بن يزيد الجعفي فقلت
له لم سمي الباقر باقرا؟ قال: لأنه بقر العلم بقرا - أي شقه شقا واظهره إظهارا ولقد
حدثني جابر بن عبد الله الأنصاري انه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يا جابر إنك
ستبقى حتى تلقى ولدي محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف
في التوراة بباقر فإذا لقيته فاقرأه منى السلام، فلقيه جابر بن عبد الله الأنصاري
في بعض سكك المدينة فقال له يا غلام من أنت؟ قال: انا محمد بن علي بن الحسين
ابن علي بن أبي طالب، قال له جابر يا بني إقبل فاقبل ثم قال له إدبر فأدبر، فقال:
شمائل رسول الله ورب الكعبة، ثم قال يا بنى رسول الله يقرؤك السلام فقال
على رسول الله صلى الله عليه وآله السلام ما دامت السماوات والأرض وعليك يا جابر بما
233

بلغت السلام فقال له جابر يا باقر أنت الباقر حقا أنت الذي تبقر العلم بقرا ثم كان جابر يأتيه فيجلس بين يديه فيعلمه وربما غلط جابر فيما يحدث به عن
رسول الله صلى الله عليه وآله فيرد عليه ويذكره فيقبل ذلك منه ويرجع إلى قوله وكان يقول
يا باقر يا باقر يا باقر أشهد بالله إنك قد أوتيت الحكم صبيا.
(169 - العلة التي من أجلها سمى أبو عبد الله جعفر بن محمد)
(عليهما السلام: الصادق) 1 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن هارون
الصوفي قال: حدثنا أبو بكر عبيد الله بن موسى الحبال الطبري قال: حدثنا محمد
ابن الحسين الخشاب قال: حدثنا محمد بن الحصين قال: حدثنا المفضل بن عمر عن
ابن حمزة ثابت بن دينار الثمالي عن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عليهما السلام
قال: قال رسول صلى الله عليه وآله إذ ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي
ابن أبي طالب فسموه الصادق، فإنه سيكون في ولده سمي له يدعي الإمامة بغير
حقها ويسمى كذابا.
2 - حدثنا محمد بن أحمد السناني رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي
عبد الله الكوفي قال: حدثنا محمد بن أبي بشير قال حدثنا الحسين بن الهيثم
قال: حدثنا سليمان بن داود المنقري قال: كان حفص بن غياث إذا حدثنا عن جعفر
ابن محمد قال: حدثني خير الجعافر جعفر بن محمد عليه السلام.
3 - حدثنا الحسن بن محمد العلوي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي
عبد الله الكوفي عن محمد بن أبي بشير قال: حدثنا الحسين بن الهيثم، عن سليمان
ابن داود المنقري قال كان علي بن غراب إذا حدثنا عن جعفر بن محمد يقول
حدثني الصادق عن الله جعفر بن محمد " ع ".
4 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن
الحسين السعد آبادي عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه قال: حدثنا أبو أحمد
234

محمد بن زباد الأزدي قال سمعت مالك بن أنس فقيه المدينة يقول كنت ادخل
إلى الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام فيقدم لي مخدة ويعرف لي قدرا ويقول
يا مالك إني أحبك فكنت أسر بذلك واحمد الله تعالى عليه قال وكان " ع " لا يخلو
من أحد ثلاث خصال أما صايما واما قايما واما ذاكرا وكان من عظماء العباد
وأكابر الزهاد الذين يخشون الله عز وجل وكان كثير الحديث طيب المجالسة
كثير الفوائد فإذا قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله أخضر مرة واصفر أخرى حتى
ينكره من يعرفه ولقد حججت معه سنة فلما استوت به راحلته عند الاحرام
كان كلماهم بالتلبية انقطع الصوت في حلقه وكاد ان يخر من راحلته فقلت قل
يا بن رسول الله ولا بذلك من أن تقول فقال يا بن أبي عامر كيف أجسر ان
أقول لبيك اللهم لبيك وأخشى أن يقول تعالى لي لا لبيك ولا سعديك.
(170 - العلة التي من أجلها سمى موسى " ع " الكاظم)
1 - حدثنا علي بن عبد الله الوراق رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن
عبد الله قال حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه عن ربيع بن عبد الرحمان
قال كان والله موسى بن جعفر " ع " من المتوسمين يعلم من يقف عليه بعد موته
ويجحد الإمامة بعد إمامته وكان يكظم غيظه عليهم ولا يبدي لهم ما يعرفه منهم
فسمى الكاظم لذلك.
(باب 171 - العلة التي من أجلها قيل بالوقف على موسى بن جعفر " ع ")
1 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا
محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن محمد بن جمهور عن أحمد
ابن الفضل، عن يونس بن عبد الرحمان قال مات أبو الحسن " ع " وليس من قوامه
أحد إلا وعنده المال الكثير فكان ذلك سبب وقفهم وجحودهم لموته وكان عند
زياد القندي سبعون ألف دينار وعند علي بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار قال:
فلما رأيت ذلك وتبين الحق وعرفت من أمر أبى الحسن الرضا " ع " ما علمت
235

تكلمت ودعوة الناس إليه قال: فبعثا إلي وقالا لي ما يدعوك إلى هذا إن كنت
تريد المال فنحن نغنيك وضمنا لي عشرة آلاف دينار وقالا لي كف فأبيت وقلت
لهم إنا روينا عن الصادقين عليهم السلام انهم قالوا إذا ظهرت البدع فعلى العالم
ان يظهر علمه فإن لم يفعل سلب منه نور الايمان وما كنت لأدع الجهاد في أمر الله
على كل حال فناصباني وأضمرا لي العداوة.
2 - وبهذا الاسناد عن محمد بن جمهور عن أحمد بن حماد قال: أحد القوم
عثمان بن عيسى وكان يكون بمصر وكان عنده مال كثير وستة جواري قال: فبعث
إليه أبو الحسن الرضا عليه السلام فيهن وفي المال، قال: فكتب إليه ان أباك لم
يمت قال فكتب إليه أن أبى قد مات وقد اقتسمنا ميراثه وقد صحت الاخبار بموته
واحتج عليه فيه قال فكتب إليه ان لم يكن أبوك مات فليس لك من ذلك شئ
وإن كان قد مات على ما تحكي فلم يأمرني بدفع شئ إليك وقد أعتقت
الجواري وتزوجتهن.
قال: محمد بن علي بن الحسين مصنف هذا الكتاب: لم يكن موسى بن جعفر
عليهما السلام ممن يجمع المال ولكنه حصل في وقت الرشيد وكثر أعداؤه ولم
يقدر على تفريق ما كان يجتمع إلا على القليل ممن يثق بهم في كتمان السر فاجتمعت
هذه الأموال لأجل ذلك وأراد ان لا يتحقق على نفسه قول من كان يسعى به
إلى الرشيد ويقول إنه يحمل إليه الأموال ويعتقد له الإمامة ويحمل على الخروج
عليه ولولا ذلك لفرق ما اجتمع منه هذه الأموال على أنها لم تكن أموال الفقراء
وإنما كانت أموالا تصله به مواليه لتكون له إكراما منهم له وبرا منهم به
صلى الله عليه.
(باب 172 العلة التي من أجلها سمى علي بن موسى الرضا " ع ")
1 - حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم رضي الله عنه قال: حدثني أبي، عن
جدي إبراهيم بن هاشم عن أحمد بن أبي نصر البزنطي قال: قلت لأبي جعفر محمد
236

ابن علي الثاني عليهما السلام ان قوما من مخالفيكم يزعمون أن أباك صلوات الله
عليه إنما سماه المأمون الرضا لما رضيه لولاية عهده، فقال، كذبوا والله وفجروا بل
الله تعالى سماه الرضا لأنه كان " ع " رضى الله تعالى ذكره في سمائه ورضى لرسوله
والأئمة بعده عليهم السلام في أرضه قال: فقلت له ألم يكن كل واحد من آبائك
الماضين عليهم السلام رضى الله تعالى ولرسوله والأئمة بعده؟ فقال بلى، فقلت له فلم
سمى أباك " ع " من بينهم الرضا؟ قال لأنه رضى به المخالفون من أعدائه، كما
رضى الله الموافقون من أوليائه ولم يكن ذلك لاحد من آبائه عليهم السلام، فلذلك
سمي من بينهم الرضا عليه السلام.
(باب 173 - العلة التي من أجلها قبل الرضا " ع " من المأمون ولاية عهده)
1 - حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانة قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن
أبيه إبراهيم بن هاشم، عن أبي الصلت الهروي قال: إن المأمون قال للرضا علي بن
موسى " ع " يا بن رسول الله قد عرفت فضلك وعلمك وزهدك وورعك وعبادتك وأراك أحق بالخلافة منى، فقال الرضا " ع " بالعبودية لله عز وجل أفتخر، وبالزهد
في الدنيا أرجو النجاة من شر الدنيا، وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم
وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله تعالى، فقال له المأمون: انى قد رأيت أن أعزك نفسي عن الخلافة واجعلها لك وأبايعك! فقال له الرضا إن كانت هذه
الخلافة لك وجعلها الله لك فلا يجوز لك أن تخلع لباسا ألبسكه الله وتجعله لغيرك
وإن كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز لك تجعل لي ما ليس لك فقال له المأمون
يا بن رسول الله لابد لك من قبول هذا الامر فقال لست أفعل ذلك طايعا ابدا
فما زال يجهد به أياما حتى يئس من قبوله له فإن لم تقبل الخلافة ولم تحب
مبايعتي لك فكن ولى عهدي لتكون لك الخلافة بعدى فقال الرضا " ع " والله لقد
حدثني أبي عن آبائه عن أمير المؤمنين عن رسول الله صلى الله عليه وآله انى اخرج من
الدنيا قبلك مقتولا بالسم مظلوما تبكى على ملائكة السماء وملائكة الأرض وادفن
237

في أرض غربة إلى جنب هارون الرشيد فبكى المأمون ثم قال له يا بن رسول الله
ومن الذي يقتلك أو يقدر على الإساءة إليك وانا حي قال الرضا " ع " اما انى لو
أشاء ان أقول من الذي يقتلني لقلت فقال المأمون يا بن رسول الله إنما تريد بقولك
هذا التخفيف عن نفسك ودفع هذا الامر عنك ليقول الناس انك زاهد في
الدنيا فقال الرضا " ع " والله ما كذبت منذ خلقني ربى تعالى وما زهدت في الدنيا
للدنيا وانى لا علم ما تريد قال المأمون وما أريد قال الأمان على الصدق قال لك
الأمان قال تريد بذلك أن يقول الناس ان علي بن موسى الرضا لم يزهد في الدنيا
بل زهدت الدنيا فيه الا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعا في الخلافة فغضب
المأمون ثم قال إنك تتلقاني ابدا بما أكرهه وقد آمنت سطوتي فبالله أقسم لئن
قبلت ولاية العهد وإلا أجبرتك على ذلك فان فعلت وإلا ضربت عنقك فقال
الرضا " ع " قد نهاني الله عز وجل ان القى بيدي إلى التهلكة فإن كان الامر على
هذا فافعل ما بدا لك وانا أقبل ذلك على أن لا أولى أحدا ولا أعزل أحدا ولا
انقض رسما ولا سنة وأكون في الامر بعيدا مشيرا فرضى منه بذلك وجعله
ولى عهده على كراهة منه " ع " لذلك.
2 - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر رضي الله عنه قال حدثنا جعفر بن محمد
ابن مسعود، عن أبيه قال حدثنا محمد بن نصير، عن الحسن بن موسى قال روى
أصحابنا عن الرضا " ع " أنه قال له رجل أصلحك الله كيف صرت إلى ما صرت إليه
من المأمون فكان أنكر ذلك عليه فقال له أبو الحسن " ع " يا هذا إنما أفضل النبي أو
الوصي؟ فقال لا بل النبي قال فأيما أفضل مسلم أو مشرك؟ قال لا بل مسلم قال
فان العزيز عزيز مصر كان مشركا وكان يوسف " ع " نبيا وان المأمون مسلم وانا
وصى ويوسف سأل العزيز ان يوليه حين قال اجعلني على خزائن الأرض انى
حفيظ عليم والمأمون أجبرني ما أنا فيه وقال " ع " في قوله تعالى (اجعلني
على خزائن الأرض انى حفيظ عليم) قال حافظ لما في يدي عالم بكل لسان.
238

3 - حدثنا أحمد بن زياد الهمداني رحمه الله قال حدثنا علي بن إبراهيم بن
هاشم عن أبيه عن الريان بن الصلت قال دخلت على علي موسى بن الرضا " ع "
فقلت له يا بن رسول الله ان الناس يقولون انك قبلت ولاية العهد مع اظهارك
الزهد في الدنيا فقال " ع " قد علم الله كراهتي لذلك فلما خيرت بين قبول ذلك
وبين القتل اخترت القبول على القتل ويحهم أما علموا ان يوسف " ع " كان نبيا
رسولا فلما دفعته الضرورة إلى تولى خزائن العزيز قال له اجعلني على خزائن
الأرض انى حفيظ عليم ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على اكراه وإجبار
بعد الاشراف على الهلاك على انى ما دخلت في هذا الامر إلا دخول خارج منه
فإلى الله المشتكى وهو المستعان.
(باب 174 - علة قتل المأمون للرضا " ع " بالسم)
1 - حدثنا أبو الطيب الحسين بن أحمد بن محمد اللؤلؤي قال: حدثنا علي
ابن محمد بن ماجيلويه قال حدثنا أحمد بن محمد بن خالد البرقي قال أخبرنا الريان
ابن شبيب خال المعتصم أخو ماردة ان المأمون لما أراد أن يأخذ البيعة لنفسه
بإمرة المؤمنين ولأبي الحسن علي بن موسى الرضا " ع " بولاية العهد وللفضل بن
سهل بالوزارة أمر بثلاث كراسي تنصب لهم فلما قعدوا عليها اذن للناس فدخلوا
يبايعون فكانوا يصفقون بايمانهم على ايمان الثلاثة من أعلى الابهام إلى أعلى
الخنصر ويخرجون حتى بايع آخر الناس فتى من الأنصار فصفق بيمينه من
الخنصر إلى أعلى الابهام فتبسم أبو الحسن " ع " ثم قال: كل من بايعنا بايع
بفسخ البيعة غير هذا الفتى فإنه بايعنا بعقدها فقال المأمون وما فسخ البيعة من
عقدها قال أبو الحسن عليه السلام عقد البيعة هو من أعلى الخنصر إلى أعلى
الابهام وفسخها من أعلى الابهام إلى أعلى الخنصر قال فماج الناس في
ذلك وأمر المأمون بإعادة الناس إلى البيعة على ما وصفه أبو الحسن " ع " وقال:
الناس كيف يستحق الإمامة من لا يعرف عقد البيعة ان من علم لاولى بها
239

ممن لا يعلم، قال: فحمله ذلك على ما فعله من سمه.
2 - حدثنا الحسين بن إبراهيم بن هشام المؤدب وعلي بن عبد الله
الوراق وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنهم قالوا: حدثنا علي بن
إبراهيم بن هاشم، عن أبيه عن محمد بن سنان قال: كنت عند مولاي الرضا " ع "
بخراسان وكان المأمون يقعده على يمينه إذا قعد للناس يوم الاثنين ويوم الخميس
فرفع إلى المأمون ان رجلا من الصوفية سرق فامر باحضاره فلما نظر إليه وجده
متقشفا بين عينيه اثر السجود فقال سواة لهذه الآثار الجميلة وهذا الفعل القبيح تنسب
إلى السرقة مع ما أرى من جميع آثارك وظاهرك قال: فقال ذلك اضطرارا لا اختيارا
حين منعتني حقي من الخمس والفئ قال المأمون: وأي حق لك في الخمس والفي؟ قال
إن الله تعالى قسم الخمس ستة أقسام فقال: (واعلموا إنما غنمتم من شئ فان لله خمسة
وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ان كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا
على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان) وقسم الفئ على ستة أسهم فقال الله تعالى:
(ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين
وابن السبيل كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم) فمنعتني حقي وانا ابن السبيل منقطع
بي ومسكين لا ارجع إلى شئ ومن حملة القرآن فقال المأمون: أعطل حدا من
حدود الله وحكما من أحكامه في السارق من أجل أساطير هذه؟ فقال الصوفي
إبدأ بنفسك فطهرها ثم طهر غيرك وأقم حد الله عليها، فالتفت المأمون إلى أبى
الحسن " ع " فقال: ما يقول؟ فقال إنه يقول سرقت فسرق، فغضب المأمون غضبا
شديدا ثم قال للصوفي والله لأقطعنك فقال الصوفي أتقطعني وأنت عبد لي فقال:
المأمون ويلك ومن أين صرت عبدا؟ لك قال لان أمك اشتريت من مال المسلمين
فأنت عبد لمن في المشرق والمغرب حتى يعتقوك وأنا لم أعتقك ثم بلعت الخمس بعد
ذلك فلا أعطيت آل الرسول حقا ولا أعطيتني ونظرائي حقا، وأخرى ان
الخبيث لا يطهر خبيثا إنما يطهره طاهر، ومن في جنبه الحد فلا
240

يقيم الحدود على غيره حتى يبدأ بنفسه أما سمعت الله تعالى يقول: (أتأمرون
الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون) فالتفت المأمون إلى
أبى الحسن " ع " فقال ما ترى في أمره؟ فقال " ع ": قل فلله الحجة البالغة وهي
التي تبلغ الجاهل فيعلمها بجهله كما يعلمها العالم بعلمه والدنيا والآخرة قايمتان بالحجة
وقد احتج الرجل بالقرآن فأمر المأمون عند ذلك باطلاق الصوفي واحتجب عن
الناس واشتغل بابى الحسن " ع " حتى سمه فقتله وقتل الفضل بن سهل وجماعة من الشيعة.
(باب 175 - العلة التي من أجلها سمى محمد بن علي بن موسى عليهم السلام)
(التقى، وعلي بن محمد بن علي بن موسى عليهم السلام النقي (1))
(باب 176 - العلة التي من أجلها سمى علي بن محمد والحسن)
(ابن علي عليهما السلام: العسكريين)
سمعت مشايخنا رضي الله عنهم يقولون إن المحلة التي يسكنها الإمامان علي
ابن محمد والحسن بن علي عليهما السلام بسر من رأى كانت تسمى عسكر فلذلك
قيل لكل واحد منهما العسكري.
(باب 177 - العلة التي من أجلها لم يجعل الله تعالى الأنبياء)
(والأئمة عليهم السلام في جمع أحوالهم غالبين)
1 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال كنت عند

(1) - هاهنا كثير من النساخ والذي يظهر من كلام المصنف
(ره) في كتاب المعاني في باب معاني أسماء محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة
عليهم السلام ان نسخته لم تكن كذلك حيث قال (ره) وسمي محمد بن علي الثاني عليه السلام التقى
لأنه اتقى الله عز وجل فوقاه الله شر المأمون لما دخل عليه بالليل سكران فضربه بسيفه
حتى ظن أنه كان قد قتله فوقاه الله شره إلى قوله وقد أخرجت هذه الفصول مرتبه مسنده
في كتاب (علل الشرايع) و (الاحكام) و (الأسباب) انتهى. واما علة تسمية علي بن
محمد بن علي بن موسى بالنقي فقد قيل إن أبا الحسن عليا سمي نقيا لنقائه وحسن باطنه.
241

الشيخ أبى القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه مع جماعة فيهم علي بن عيسى
القصرى فقام إليه رجل فقال له: أريد أسألك عن شئ فقال له: سل عما بدا لك
فقال الرجل أخبرني عن الحسين بن علي عليهما السلام أهو ولى الله؟ قال: نعم
قال أخبرني عن قاتله لعنه الله أهو عدو الله؟ قال: نعم، قال الرجل: فهل يجوز أن
يسلط الله عدوه على وليه فقال له أبو القاسم قدس الله روحه أفهم عنى ما أقول
لك اعلم أن الله تعالى لا يخاطب الناس بشهادة العيان ولا يشافههم بالكلام ولكنه
عز وجل بعث إليهم رسولا من أجناسهم وأصنافهم بشرا مثلهم فلو بعث إليهم
رسلا من غير صنفهم وصورهم لنفروا عنهم ولم يقبلوا منهم فلما جاؤوهم وكانوا
من جنسهم يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق قالوا لهم أنتم مثلنا فلا نقبل منكم
حتى تأتون بشئ نعجز أن نأتي بمثله فنعلم انكم مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه
فجعل الله تعالى لهم المعجزات التي يعجز الخلق عنها فمنهم من جاء بالطوفان بعد
الانذار والاعذار فغرق جميع من طغى وتمرد ومنهم من القى في النار فكانت عليه
بردا وسلاما ومنهم من أخرج من الحجر الصلد ناقة وأجرى في ضرعها لبنا
ومنهم من فلق له البحر وفجر له من الحجر العيون وجعل له العصا اليابسة ثعبانا
فتلقف ما يأفكون ومنهم من أبرء الأكمه والأبرص وأحيى الموتى بإذن الله تعالى
وأنبأهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم ومنهم من انشق له القمر وكلمته
البهائم مثل البعير والذئب وغير ذلك فلما أتوا بمثل ذلك وعجز الخلق من أممهم عن أن
يأتوا بمثله كان من تقدير الله تعالى ولطفه بعباده وحكمته ان جعل أنبيائه مع
هذه المعجزات في حال غالبين، وفي أخرى مغلوبين، وفي حال قاهرين، وفي حال
مقهورين، ولو جعلهم عز وجل في جميع أحوالهم غالبين وقاهرين ولم يبتلهم ولم
يمتحنهم لأتخذهم الناس آلهة من دون الله تعالى ولما عرف فضل صبرهم على البلاء
والمحن والاختيار ولكنه عز وجل جعل أحوالهم في ذلك كأحوال غيرهم ليكونوا
في حال المحنة والبلوى صابرين وفي حال العافية والظهور على الأعداء شاكرين
242

ويكونوا في جميع أحوالهم متواضعين غير شامخين ولا متجبرين، وليعلم العباد
أن لهم عليهم السلام إلها هو خالقهم ومدبرهم فيعبدوه ويطيعوا رسله وتكون
حجة الله تعالى ثابتة على من تجاوز الحد فيهم وادعى لهم الربوبية أو عاند وخالف وعصى
وجحد بما أتت به الأنبياء والرسل وليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيى عن بينة.
قال محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه: فعدت إلى الشيخ أبى القاسم
الحسين بن روح قدس الله روحه من الغد وانا قول في نفسي أتراه ذكر ما ذكر
لنا يوم أمس من عند نفسه فابتدأني فقال لي يا محمد بن إبراهيم لان أخر من
السماء فتخطفني الطير أو تهوى بي الريح في مكان سحيق أحب إلي من أن أقول
في دين الله تعالى ذكره برأيي ومن عند نفسي بل ذلك عن الأصل ومسموع عن
الحجة صلوات الله وسلامه عليه.
(باب 178 - علة عداوة بنى أمية لبني هاشم) (1)
* * *
(باب 179 - علة الغيبة)
1 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه، عن أبيه، عن أبيه أحمد بن أبي
عبد الله البرقي عن محمد بن أبي عمير عن أبان وغيره عن أبي عبد الله " ع " قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله لابد للغلام من غيبة فقيل له ولم يا رسول الله قال: يخاف القتل.

(1) هاهنا بياض تركه النساخ لكن السيد الجزائري روى في الأنوار النعمانية نقلا من الكليني (ره) انه كان بين الحسين عليه السلام وبين يزيد عداوة أصلية
وعداوة فرعية أما العداوة الأصلية فلانه ولد لعبد مناف ولدان هاشم وأمية ملتزقا
ظهر كل واحد منهما بظهر الآخر ففرق بينهما بالسيف فلم يرتفع السيف من بينهما
وبين أولادهما حتى وقع بين حرب بين أمية وعبد المطلب بن هاشم وبين أبي سفيان
ابن حرب وأبي طالب وبين معاوية بن أبي سفيان وعلي بن أبي طالب عليه السلام
وبين يزيد بن معاوية والحسين بن علي عليهما السلام.
243

2 - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن أبيه عن محمد بن أحمد بن يحيى
عن أحمد بن الحسين بن عمر بن محمد بن عبد الله عن مروان الأنباري قال: خرج
من أبى جعفر " ع " ان الله إذا كره لنا جوار قوم نزعنا من بين أظهرهم.
3 - أبى رحمه الله قال: حدثنا عبد الله بن جعفر، عن أحمد بن هلال، عن عبد الرحمان بن أبي نجران عن فضالة بن أيوب عن سدير قال: سمعت أبا عبد الله " ع "
يقول: إن في القائم سنة من يوسف قلت كأنك تذكر خبره أو غيبته قال لي وما
تنكر من هذه الأمة أشباه الخنازير ان اخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد أنبياء
تاجروا بيوسف وباعوه وخاطبوه وهم اخوته وهو أخوهم فلم يعرفوه حتى قال
لهم يوسف: انا يوسف فما تنكر هذه الأمة الملعونة أن يكون الله عز وجل في
وقت من الأوقات يريد أن يستر حجته لقد كان يوسف أحب إليه من ملك مصر وكان
بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما فلو أراد الله عز وجل ان يعرف مكانه
لقدر على ذلك والله لقد سار يعقوب وولده عند البشارة تسعة أيام من بدوهم إلى
مصر فما تنكر هذه الأمة أن يكون الله ان يفعل بحجته ما فعل بيوسف وأن يكون
يسير في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه حتى يأذن الله عز وجل ان يعرفهم
نفسه كما أذن ليوسف حين قال: هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون قالوا: إنك لانت يوسف، قال: أنا يوسف وهذا أخي.
وقد أخرجت الاخبار التي رويتها في هذا المعنى في كتاب (الغيبة). 4 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن الحسن بن عيسى بن
محمد بن علي بن جعفر، عن جده محمد بن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن
جعفر " ع " قال: إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم لا يزيلكم أحد
عنها، يا بنى انه لابد لصاحب هذا الامر من غيبته حتى يرجع عن هذا الامر من
كان يقول به إنما هي محنة من الله عز وجل امتحن بها خلقه ولو علم آباءكم وأجدادكم
دينا أصح من هذا لاتبعوه، فقلت يا سيدي من الخامس من ولد السابع؟ قال يا بني
244

عقولكم تصغر عن هذا، وأحلامكم تضيق عن حمله، ولكن ان تعيشوا
فسوف تدركوه.
5 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن أحمد
العلوي، عن أبي هاشم الجعفري قال: سمعت أبا الحسن العسكري " ع " يقول:
الخلف بن بعدي الحسن ابني فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف قلت: ولم؟ جعلني
الله فداك فقال لأنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه، قلت فكيف نذكره
فقال: قولوا الحجة من آل محمد صلوات الله وسلامه عليه.
6 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن محمد
الهمداني قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه عن أبي الحسن علي
ابن موسى الرضا " ع " أنه قال كأني بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدي يطلبون
المرعى فلا يجدونه، قلت له: ولم ذلك يا بن رسول الله؟ قال: لان إمامهم يغيب
عنهم فقلت ولم؟ قال: لئلا يكون في عنقه لاحد حجة إذا قام بالسيف.
7 - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال: حدثنا
جعفر بن مسعود وحيدر بن محمد السمرقندي جميعا قالا: حدثنا محمد بن مسعود
قال: حدثنا جبرئيل بن أحمد عن موسى بن جعفر البغدادي قال: حدثني الحسن بن
محمد الصيرفي، عن حنان بن سدير، عن أبيه عن أخيه عبد الله " ع " قال: قال: إن
للقايم منا غيبة يطول أمدها فقلت له ولم ذاك يا بن رسول الله؟ قال: إن الله عز وجل
أبى إلا أن يجرى فيه سنن الأنبياء عليهم السلام في غيباتهم وانه لا بد له يا سدير من
استيفاء مدد غيباتهم قال الله عز وجل (لتركبن طبقا عن طبق) أي سننا على سنن
من كان قبلكم.
8 - حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار رحمه الله
قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال: حدثنا حمدان بن سليمان النيسابوري
قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن جعفر المدايني، عن عبد الله بن الفضل
245

الهاشمي قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد " ع " يقول: إن لصاحب هذا الامر
غيبة لابد منها يرتاب فيها كل مبطل فقلت له ولم جعلت فداك؟ قال لأمر لم يؤذن لنا
في كشفه لكم قلت فما وجه الحكمة في غيبته؟ قال وجه الحكمة في غيبته، وجه
الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره ان وجه الحكمة في ذلك
لا ينكشف إلا بعد ظهوره، كما لا ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر " ع " من
خرق السفينة، وقتل الغلام، وإقامة الجدار لموسى " ع " إلا وقت افتراقهما
يا بن الفضل: ان هذا الامر أمر من أمر الله وسر من سر الله وغيب من غيب الله
ومتى علمنا أنه عز وجل حكيم صدقنا بان أفعاله كلها حكمة وإن كان وجهها غير
منكشف لنا.
9 - حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار رحمه الله
قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان عن محمد بن الحسين عن
ابن محبوب عن علي بن رياب عن زرارة قال سمعت أبا جعفر " ع " يقول إن للقايم
غيبة قبل ظهوره قلت ولم؟ قال يخاف وأومى بيده إلى بطنه قال زرارة يعنى القتل.
وقد أخرجت ما رويته من الاخبار في هذا المعنى في كتاب (كمال الدين
وتمام النعمة) في إثبات الغيبة وكشف الحيرة.
(باب 180 - علة دفاع الله عز وجل عن أهل المعاصي)
1 - حدثنا أحمد بن هارون الفامي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن عبد الله
ابن جعفر الحميري قال: حدثني أبي عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة، عن
الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه عن آبائه عليهم السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن
الله عز وجل إذا رأى أهل قرية قد أسرفوا في المعاصي وفيها ثلاث نفر من
المؤمنين ناداهم جل جلاله وتقدست أسماؤه يا أهل معصيتي لولا فيكم من المؤمنين
المتحابين بجلالي العامرين بصلاتهم ارضى ومساجدي والمستغفرين بالاسحار
خوفا منى لانزلت بكم عذابي ثم لا أبالي.
246

(باب 181 - علة كون الشتاء والصيف)
1 - أخبرني أبو الهيثم عبد الله محمد قال: أخبرنا محمد بن علي بن يزيد
الصايغ قال: حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن
المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا اشتد الحر فابردوا بالصلاة
فان الحر من فيح جهنم واشتكت النار إلى ربها فان لها في النفسين نفسا في الشتاء
ونفسا في الصيف، فشدة ما تجدون من الحر من فيحها، وما تجدون من البرد
من زمهريرها.
قال مصنف هذا الكتاب، معنى قوله: فابردوا بالصلاة أي عجلوا بها وهو
مأخوذ من البريد، وتصديق ذلك ما روى أنه ما من صلاة يحضر وقتها إلا نادى
ملك قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على ظهوركم فاطفئوها بصلاتكم.
(باب 182 - علل الشرايع وأصول الاسلام)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا إبراهيم بن
مهزيار، عن أخيه علي عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر باسناده يرفعه إلى
علي بن أبي طالب " ع " انه كان يقول: إن أفضل ما توسل به المتوسلون الايمان
بالله ورسوله والجهاد في سبيل الله وكلمة الاخلاص فإنها الفطرة وتمام الصلاة
فإنها الملة وايتاء الزكاة فإنها من فرايض الله وصوم رمضان فإنه جنة من
عذابه وحج البيت فإنه منفاة للفقر ومدحضة للذنب وصلة الرحم فإنه مثراة
للمال ومنساة للأجل وصدقة السر فإنها تطفى الخطيئة وتطفئ غضب الرب وصنايع
المعروف فإنها تدفع ميتة السوء وتقى مصارع الهوان ألا فتصدقوا فان الله مع
من تصدق وجانبوا الكذب فان الكذب مجانب الايمان ألا ان الصادق على شفا
منجاة وكرامة ألا وان الكاذبين على شفا مخزاة وهلكة ألا وقولوا خيرا تعرفوا
به واعلموا به تكونوا من أهله وأدوا الأمانة إلى من إئتمنكم عليها وصلوا أرحام
من قطعكم وعودوا بالفضل على من سألكم.
247

2 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن
الحسين السعد آبادي عن أحمد بن عبد الله البرقي عن إسماعيل بن مهران، عن
أحمد بن محمد بن جابر عن زينب بنت على قالت: قالت فاطمة عليها السلام في
خطبتها: (لله فيكم عهد قدمه إليكم، وبقية استخلفها عليكم كتاب الله بينة بصائره
وآي منكشفة سرايره، وبرهان متجلية ظواهره، مديم للبرية استماعه، وقايد إلى
الرضوان اتباعه، ومؤد إلى النجاة أشياعه فيه تبيان حجج الله المنيرة ومحارمه
المحرمة، وفضائله المدونة، وجمله الكافية، ورخصه الموهوبة وشرايعه المكتوبة
وبيناته الجلية، ففرض الايمان تطهيرا من الشرك، والصلاة تنزيها عن الكبر
والزكاة زيادة في الرزق والصيام تثبيتا للاخلاص، والحج تسنية للدين، والعدل
تسكينا للقلوب والطاعة نظاما للملة، والإمامة لما من الفرقة، والجهاد عزا للاسلام
والصبر معونة على الاستيجاب، والامر بالمعروف مصلحة للعامة، وبر الوالدين
وقاية عن السخط وصلة الأرحام منماة للعدد والقصاص حقنا للدماء والوفاء للنذر
تعرضا للمغفرة، وتوفيه المكائيل والموازين تغييرا للبخسة، واجتناب قذف
المحصنات حجبا عن اللعنة، ومجانبة السرقة إيجابا للعفة واكل أموال اليتامى إجارة
من الظلم، والعدل في الاحكام ايناسا للرعية. وحرم الله عز وجل الشرك إخلاصا
للربوبية فاتقوا الله حق تقاته فيما أمركم به وانتهوا عما نهاكم عنه).
3 - أخبرني علي بن حاتم قال: حدثنا محمد بن أسلم قال: حدثني عبد الجليل
الباقلاني قال: حدثني الحسن بن موسى الخشاب قال حدثني عبد الله بن محمد العلوي
عن رجال من أهل بيته عن زينب بنت علي، عن فاطمة عليها السلام بمثله.
4 - وأخبرني علي بن حاتم أيضا قال حدثني محمد بن أبي عمير قال: حدثني
محمد بن عمارة قال: حدثني محمد بن إبراهيم المصري قال: حدثني هارون بن يحيى
الناشب قال: حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي عن عبيد الله بن موسى العمري عن
حفص الأحمر، عن زيد بن علي عن عمته زينب بنت علي، عن فاطمة عليها السلام
248

بمثله، وزاد بعضهم على بعض في اللفظ.
5 - وأخبرني علي بن حاتم قال: حدثنا أحمد بن علي العبدي قال: حدثنا
الحسن بن إبراهيم الهاشمي، قال إسحاق بن إبراهيم الديري قال حدثنا عبد الرزاق
ابن همام عن معمر عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله جاءني
جبرئيل فقال لي يا أحمد الاسلام عشرة أسهم وقد خاب من لا سهم له فيها أولها
شهادة ان لا إله إلا الله وهي الكعبة. والثانية الصلاة وهي الطهر. والثالثة الزكاة
وهي الفطرة. والرابعة الصوم وهي الجنة. والخامسة الحج وهي الشريعة.
والسادسة الجهاد وهو العز. والسابعة الامر بالمعروف وهو الوفاء. والثامنة
النهى عن المنكر وهي الحجة. والتاسعة الجماعة وهي الألفة. والعاشرة الطاعة
وهي العصمة. قال حبيبي جبرئيل ان مثل الدين كمثل شجرة ثابتة، الايمان أصلها
والصلاة عروقها، والزكاة ماؤها والصوم سعفها وحسن الخلق ورقها، والكف عن
المحارم ثمرها فلا تكمل شجرة إلا بالثمر كذلك الايمان لا يكمل إلا بالكف عن المحارم.
6 - حدثنا علي بن أحمد رحمه الله: قال حدثنا محمد بن يعقوب عن علي بن
محمد عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري ان العالم كتب إليه يعنى الحسن بن علي " ع "
ان الله تعالى بمنه ورحمته لما فرض عليكم الفرائض لم يفرض ذلك عليكم لحاجة
منه إليه بل رحمة منه إليكم لا إله إلا هو ليميز الخبيث من الطيب وليبتلي ما في
صدوركم وليمحص ما في قلوبكم ولتتسابقوا إلى رحمته، ولتتفاضل منازلكم في جنته
ففوض عليكم الحج والعمرة وإيقام الصلاة وإيتاء الزكاة والصوم والولاية وجعل
لكم بابا لتفتحوا به أبواب الفرايض، ومفتاحا إلى سبيله، ولولا محمد صلى الله عليه وآله
والأوصياء من ولده كنتم حيارى كالبهائم لا تعرفون فرضا من الفرايض وهل
تدخل قرية إلا من بابها، فلما من الله عليكم بإقامة الأولياء بعد نبيكم صلى الله عليه وآله قال
الله عز وجل (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم
الإسلام دينا) وفرض عليكم لأوليائه حقوقا فأمركم بأدائها إليهم ليحل لكم
249

ما وراء ظهوركم من أزواجكم وأموالكم ومأكلكم ومشربكم ويعرفكم بذلك
البركة والنماء والثروة وليعلم من يطيعه منكم بالغيب وقال الله تبارك وتعالى (قل
لا أسئلكم عليه اجرا إلا المودة في القربى) فاعلموا ان من يبخل فإنما يبخل على
نفسه ان الله هو الغني وأنتم الفقراء إليه لا إله إلا هو فاعملوا من بعد ما شئتم
فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم
بما كنتم تعملون والعاقبة للمتقين والحمد لله رب العالمين.
7 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله عن عمه محمد بن أبي القاسم عن
يحيى بن علي الكوفي عن محمد بن سنان عن صباح المدايني عن المفضل بن عمر
أن أبا عبد الله " ع " كتب إليه كتابا فيه ان الله تعالى لم يثبت نبيا قط يدعو إلى معرفة
الله ليس معها طاعة في أمر ولانهى وإنما يقبل الله من العباد العمل بالفرايض
التي فرضها الله على حدودها مع معرفة من دعا إليه ومن أطاع حرم الحرام
ظاهره وباطنه وصلى وصام وحج واعتمر وعظم حرمات الله كلها ولم يدع منها
شيئا وعمل بالبر كله ومكارم الأخلاق كلها و تجنب سيئها، ومن زعم أنه يحل
الحلال ويحرم الحرام بغير معرفة النبي صلى الله عليه وآله لم يحل الله حلالا ولم يحرم له حراما وان
من صلى وزكى وحج واعتمر وفعل كله بغير معرفة من افترض الله عليه طاعته
فلم يفعل شيئا من ذلك لم يصل ولم يصم ولم يزك ولم يحج ولم يعتمر ولم يغتسل من
الجنابة ولم يتطهر ولم يحرم لله وليس له صلاة وان ركع وان سجد ولا له زكاة
ولا حج وإنما ذلك كله يكون بمعرفة رجل من الله تعالى على خلقته بطاعته وأمر
بالأخذ عنه فمن عرفه واخذ عنه أطاع الله ومن زعم أن ذلك إنما هي المعرفة
وانه إذا عرف اكتفى بغير طاعة فقد كذب واشرك وإنما قيل اعرف واعمل ما شئت
من الخير فإنه لا يقبل منك ذلك بغير معرفة فإذا عرفت فاعمل لنفسك ما شئت من
الطاعة قل أو كثر فإنه مقبول منك.
8 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن
250

أبى عبد الله عن أبي الحسن علي بن الحسين البرقي عن عبد الله بن جبلة عن معاوية
ابن عمار عن الحسن بن عبد الله عن آبائه عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب
صلى الله عليه وآله قال جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله اعلمهم فقال له
أخبرني عن تفسير سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فقال النبي صلى الله عليه وآله
علم الله عز وجل ان بني آدم يكذبون على الله عز وجل فقال سبحان الله براءة
مما يقولون، وأما قوله الحمد لله فإنه علم أن العباد لا يؤدون شكر نعمته فحمد نفسه
قبل ان يحمده العباد وهو أول كلام لولا ذلك لما أنعم الله تعالى على أحد بنعمته
وقوله لا إله إلا الله - يعني وحدانيته - لا يقبل الأعمال إلا بها وهي كلمة التقوى
يثقل الله بها الموازين يوم القيامة وأما قوله الله أكبر فهي كلمة أعلى الكلمات
وأحبها إلى الله عز وجل يعنى انه ليس شئ أكبر منه ولا تصح الصلاة إلا بها
لكرامته على الله عز وجل وهو الاسم الأعز الأكرم، قال اليهودي صدقت
يا محمد فما جزاء قائلها قال: إذا قال العبد سبحان الله سبح معه ما دون العرش فيعطى
قايلها عشر أمثالها وإذا قال الحمد لله أنعم الله عليه بنعم الدنيا موصولا بنعم الآخرة
وهي الكلمة التي يقولها أهل الجنة إذا دخلوها وينقطع الكلام الذي يقولونه في الدنيا ما خلا الحمد لله وذلك قوله تعالى (دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم
فيها سلام وآخر دعواهم ان الحمد لله رب العالمين) وأما قوله لا إلا إلا الله فثمنها
الجنة وذلك قول الله تعالى هل جزاء الاحسان إلا الاحسان قال هل جزاء من
قال لا إله إلا الله إلا الجنة، فقال اليهودي صدقت يا محمد.
9 - حدثني عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار قال حدثني
أبو الحسن علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال قال أبو محمد الفضل بن شاذان
النيسابوري ان سأل سائل فقال أخبرني هل يجوز ان يكلف الحكيم عبده فعلا
من الأفاعيل لغير علة ولا معنى؟ قيل له لا يجوز ذلك لأنه حكيم غير
عابث ولا جاهل.
251

فان قال قائل: فأخبرني لم كلف الخلق؟ قيل لعلل فان قال فأخبرني عن تلك
العلل معروفة موجودة هي أم غير معروفة ولا موجودة؟ قيل بل هي معروفة
موجودة عند أهلها فان قال قائل أتعرفونها أنتم أم لا تعرفونها؟ قيل لهم منها ما
نعرفه ومنها مالا نعرفه فان قال قائل فما أول الفرايض قيل الاقرار بالله وبرسوله
وحجته وبما جاء من عند الله فأن قال قائل لم أمر الخلق بالاقرار بالله وبرسوله
وحجته وبما جاء من عند الله قيل لعلل كثيرة منها ان من لم يقر بالله لم يتجنب
معاصيه ولم ينته عن ارتكاب الكبائر ولم يراقب أحدا فيما يشتهى ويستلذ من
الفساد والظلم وإذا فعل الناس هذه الأشياء وارتكب كل انسان ما يشتهى ويهواه
من غير مراقبة لاحد كان في ذلك فساد الخلق أجمعين ووثوب بعضهم على بعض
فغصبوا الفروج والأموال وأباحوا الدماء والسبي وقتل بعضهم بعضا من غير
حق ولا جرم فيكون في ذلك خراب الدنيا وهلاك الخلق وفساد الحرث والنسل
ومنها ان الله عز وجل حكيم ولا يكون الحكيم ولا يوصف بالحكمة الا الذي
يحظر الفساد ويأمر بالصلاح ويزجر عن الظلم وينهى عن الفواحش ولا يكون
حظر الفساد والامر بالصلاح والنهى عن الفواحش الا بعد الاقرار بالله ومعرفة
الامر والناهي فلو ترك الناس بغير اقرار بالله ولا معرفة لم يثبت أمر بصلاح
ولا نهى عن فساد إذ لا آمر ولا ناهى ومنها انا قد وجدنا الخلق قد يفسدون
بأمور باطنة مستورة عن الخلق فلولا الاقرار بالله وخشيته بالغيب لم يكن أحد
إذا خلا بشهوته وإرادته يراقب أحدا في ترك معصية وانتهاك حرمة وارتكاب
كبير إذا كان فعله ذلك مستورا عن الخلق بغير مراقب لاحد فكان يكون في
ذلك هلاك الخلق أجمعين فلم يكن قوام الخلق وصلاحهم إلا بالاقرار منهم بعليم
خبير يعلم السر وأخفى آمر بالصلاح ناه عن الفساد ولا يخفى عليه خافية ليكون
في ذلك انزجار لهم يخلون به من أنواع الفساد
فان قال قائل: فلم وجب عليكم معرفة الرسل والاقرار بهم والاذعان لهم
252

بالطاعة؟ قيل له لأنه لما لم يكتف في خلقهم وقواهم ما يثبتون به لمباشرة الصانع تعالى
حتى يكلمهم ويشافههم لضعفهم وعجزهم وكان الصانع متعاليا عن أن يرى ويباشر
وكان ضعفهم وعجزهم عن ادراكه ظاهرا لم يكن يدلهم من رسول بينه وبينهم
معصوم يؤدى إليهم أمره ونهيه وأدبه ويفقهم على ما يكون به اجتلاب منافعهم
ودفع مضارهم إذ لم يكن في خلقهم ما يعرفون به ما يحتاجون إليه من منافعهم
ومضارهم فلو لم يجب عليهم معرفته وطاعته لم يكن لهم في مجئ الرسول منفعة
ولا سد حاجة ولكان يكون اتيانه عبثا لغير منفعة ولاصلاح وليس هذا من
صفة الحكيم الذي اتقن كل شئ.
فان قال قائل: ولم جعل أولي الأمر وأمر بطاعتهم؟ قيل لعلل كثيرة.
منها: ان الخلق لما وقفوا على حد محدود وأمروا ان لا يتعدوا تلك الحدود
لما فيه من فسادهم لم يكن يثبت ذلك ولا يقوم إلا بأن يجعل عليهم فيها أمينا
يأخذهم بالوقت عندما أبيح لهم ويمنعهم من التعدي على ما حظر عليهم لأنه لو لم
يكن ذلك لكان أحد لا يترك لذته ومنفعته لفساد غيره فجعل عليهم قيم يمنعهم
من الفساد ويقيم فيهم الحدود والاحكام ومنها انا لا نجد فرقة من الفرق ولا ملة
من الملل بقوا وعاشوا إلا بقيم ورئيس لما لا بدلهم منه في أمر الدين والدنيا
فلم يجز في حكمه الحكيم ان يترك الخلق مما يعلم أنه لابد لهم من ولا قوام لهم إلا
به فيقاتلون به عدوهم ويقسمون به فيئهم ويقيمون به جماعتهم ويمنع
ظالمهم من مظلومهم.
ومنها: انه لو لم يجعل لهم إماما قيما أمينا حافظا مستودعا لدرست الملة
وذهب الدين وغيرت السنن والاحكام ولزاد فيه المبتدعون ونقص منه الملحدون
وشبهوا ذلك على المسلمين إذ قد وجدنا الخلق منقوصين محتاجين غير كاملين مع
اختلافهم واختلاف أهوائهم وتشتت حالاتهم فلو لم يجعل فيها قيما حافظا لما
جاء به الرسول الأول لفسدوا على نحو ما بيناه وغيرت الشرايع والسنن والاحكام
253

والايمان وكان في ذلك فساد الخلق أجمعين، فان قيل فلم لا يجوز أن يكون في
الأرض إمامان في وقت واحد أو أكثر من ذلك قيل لعلل منا ان الواحد لا يختلف
فعله وتدبيره، والاثنين لا يتفق فعلهما وتدبيرهما وذلك إنا لم نجد اثنين إلا
مختلفي الهمم والإرادة فإذا كانا اثنين ثم اختلفت هممهما وارادتهما وكانا كلاهما
مفترضي الطاعة لم يكن أحدهما أولى بالطاعة من صاحبه فكان يكون في ذلك
اختلاف الخلق والتشاجر والفساد ثم لا يكون أحد مطيعا لأحدهما إلا وهو
عاص للآخر فتعم المعصية أهل الأرض ثم لا يكون لهم مع ذلك السبيل إلى الطاعة
والايمان ويكونون إنما أتوا في ذلك من قبل الصانع والذي وضع لهم باب الاختلاف
وسبب التشاجر إذ أمرهم باتباع المختلفين.
ومنها: انه لو كان أمامين لكان لكل من الخصمين ان يدعو إلى غير الذي
يدعو إليه الآخر في الحكومة ثم لا يكون أحدهما أولى بان يتبع صاحبه من الآخر
فتبطل الحقوق والاحكام والحدود.
ومنها: انه لا يكون واحد من الحجتين أولى بالنظر والحكم والامر والنهى من
الآخر فإذا كان هذا كذلك وجب عليهم ان يبتدؤا الكلام وليس لأحدهما ان
يسبق صاحبه بشئ إذا كانا في الإمامة شرعا واحدا فان جاز لأحدهما السكوت جاز
للاخر مثل ذلك، وإذا جاز لهما السكوت بطلت الحقوق والاحكام وعطلت الحدود
وصار الناس كأنهم لا إمام لهم فان قيل لا يجوز أن يكون الامام من غير جنس
الرسول قيل لعلل.
منها: انه كان الامام مفترض الطاعة لم يكن بد من دلالة تدل عليه
ويتميز بها من غيره، وهي القرابة المشهورة والوصية الظاهرة، ليعرف من غيره
ويهتدى إليه بعينه.
ومنها: انه لو جاز في غير جنس الرسول لكان قد فضل من ليس برسول على
الرسول إذ جعل أولاد الرسول أتباعا لأولاد أعدائه كأبى جهل وابن أبي معيط لأنه
254

قد يجوز بزعمه انه ينتقل ذلك في أولادهم إذا كانوا مؤمنين فيصير أولاد الرسول
تابعين وأولاد أعداء الله وأعداء رسوله متبوعين فكان الرسول أولى بهذه الفضيلة
من غيره وأحق.
ومنها: ان الخلق إذا أقروا للرسول بالرسالة وأذعنوا له بالطاعة لم يتكبر أحد
منهم عن أن يتبع ولده ويطيع ذريته ولم يتعاظم ذلك في أنفس الناس وإذا كان في
غير جنس الرسول كان كل واحد منهم في نفسه أولى به من غيره ودخلهم من ذلك
الكبر ولم تسخ أنفسهم بالطاعة لمن هو عندهم دونهم فكان يكون في ذلك داعية لهم
إلى الفساد والنفاق والاختلاف.
فان قال قائل: فلم يوجب عليهم الاقرار والمعرفة بان الله واحد
أحد قيل لعلل.
منها انه لو لم يجب ذلك عليهم لجاز لهم ان يتوهموا مدبرين أو أكثر من
ذلك، وإذا جاز ذلك لم يهتدوا إلى الصانع لهم من غيره لان كل انسان منهم لا
يدرى لعله إنما يعبد غير الذي خلقه ويطيع غير الذي أمره فلا يكونوا على حقيقة
من صانعهم وخالفهم ولا يثبت عندهم أمر آمر ولانهى ناه إذ لا يعرف الآمر بعينه
ولا الناهي من غيره.
ومنها انه لو جاز أن يكون اثنين لم يكن أحد الشريكين أولى بان يعبد
ويطاع من الآخر وفي إجازة ان يطاع الشريك إجازة ان لا يطاع وفي ان
لا يطاع الله الكفر بالله وبجميع كتبه ورسله واثبات كل باطل وترك كل حق
وتحليل كل حرام وتحريم كل حلال والدخول في كل معصية والخروج من كل
طاعة وإباحة كل فساد وابطال كل حق.
ومنها: انه لو جاز أن يكون أكثر من واحد لجاز لإبليس ان يدعى انه ذلك
الآخر حتى يضاد الله في جميع حكمه ويصرف العباد إلى نفسه فيكون في ذلك
أعظم الكفر وأشد النفاق.
255

فان قال قائل: فلم وجب عليهم الاقرار بالله بأنه ليس كمثله شئ قيل لعلل:
منها: لان يكونوا قاصدين نحوه بالعبادة والطاعة دون غيره غير مشبه عليهم
ربهم وصانعهم ورازقهم.
ومنها: انهم لو لم يعلموا انه ليس كمثله شئ لم يدروا لعل ربهم وصانعهم
هذه الأصنام التي نصبها لهم آباؤهم والشمس والقمر والنيران إذا كان جائزا أن
يكون مشبها وكان يكون في ذلك الفساد وترك طاعاته كلها وارتكاب معاصيه كلها
على قدر ما يتناهى إليهم من أخبار هذه الأرباب وأمرها ونهيها.
ومنها انه لو لم يجب عليهم ان يعرفوا انه ليس كمثله شئ لجاز عندهم ان
يجرى عليه ما يجرى على المخلوقين من العجز والجهل والتغير والزوال والفناء
والكذب والاعتداء ومن جازت عليه هذه الأشياء لم يؤمن فناؤه ولم يوثق بعدله
ولم يحقق قوله وأمره ونهيه ووعده ووعيده وثوابه وعقابه وفي ذلك فساد الخلق
وإبطال الربوبية.
فان قال قائل: لم أمر الله العباد ونهاهم؟ قيل لأنه لا يكون بقاؤهم
وصلاحهم إلا بالامر والنهى والمنع عن الفساد والتغاصب.
فان قال قائل: لم تعبدهم قيل لئلا يكونوا ناسين لذكره ولا تاركين لأدبه
ولا لاهين عن أمره ونهيه إذا كان فيه صلاحهم وفسادهم وقوامهم فلو تركوا بغير
تعبد لطال عليهم الأمد وقست قلوبهم.
وان قيل: فلم أمروا بالصلاة؟ قيل لان في الصلاة الاقرار بالربوبية وهو
صلاح عام لان فيه خلع الأنداد والقيام بين يدي الجبار بالذل والاستكانة
والخضوع والاعتراف والطلب في الإقالة من سالف الذنوب ووضع الجبهة على
الأرض كل يوم ليكن ذاكر الله غير ناس له يكون خاشعا وجلا متذللا طالبا
راغبا مع الطلب للدين والدنيا بالزيادة مع ما فيه من الانزجار عن الفساد جدا
256

وصار ذلك عليه في كل يوم وليلة لئلا ينسى العبد مدبره وخالقه فيبطر ويطغى
وليكون في ذكر خالقه والقيام بين يدي ربه زاجرا له عن المعاصي، وحاجزا
ومانعا عن أنواع الفساد.
فان قال قائل: فلم أمر بالوضوء وبدء به؟ قيل لأنه يكون العبد طاهرا إذا
قام بين يدي الجبار عند مناجاته إياه مطيعا له فيما أمره نفيا من الأدناس والنجاسة
مع ما فيه من ذهاب الكسل وطرد النعاس وتزكية الفؤاد للقيام بين يدي الجبار.
فان قال قائل: فلم وجب ذلك على الوجه واليدين ومسح الرأس والرجلين؟
قيل لان العبد إذا قام بين يدي الجبار قايما ينكشف من جوارحه ويظهر ما وجب
فيه الوضوء، وذلك أنه بوجهه يستقبل ويسجد ويخضع، وبيده يسأل ويرغب
ويرهب ويتبتل، وبرأسه يستقبل في ركوعه وسجوده، وبرجليه يقوم ويقعد.
فان قيل: فلم وجب الغسل على الوجه واليدين والمسح على الرأس والرجلين
ولم يجعل غسلا كله ولا مسحا كله؟ قيل لعلل شتى.
منها: ان العبادة إنما هي الركوع والسجود، وإنما يكون الركوع والسجود
بالوجه واليدين لا بالرأس والرجلين.
ومنها: ان الخلق لا يطيقون في كل وقت غسل الرأس والرجلين ويشتد
ذلك عليهم في البرد والسفر والمرض والليل والنهار، وغسل الوجه واليدين أخف
من غسل الرأس والرجلين، وإنما وضعت الفرايض على قدر أقل الناس
طاقة من أهل الصحة ثم عم فيها القوي والضعيف، ومنها ان الرأس والرجلين
ليس هما في كل وقت باديين وظاهرين كالوجه واليدين لموضع العمامة
والخفين وغير ذلك.
فان قال قائل: فلم وجب الوضوء مما خرج من الطرفين خاصة ومن النوم
دون ساير الأشياء؟ قيل: لان الطرفين هما طريق النجاسة وليس للانسان طريق
تصيبه النجاسة من نفسه إلا منهما فأمروا بالطهارة عندما تصيبهم تلك النجاسة
257

من أنفسهم وأما النوم: فان النائم إذا غلب عليه النوم يفتح كل شئ منه واسترخى
فكان أغلب الأشياء كله فيما يخرج منه، فوجب عليه الوضوء بهذه العلة.
فان قال قائل: فلم لم يؤمروا بالغسل من هذه النجاسة كما أمروا بالغسل من
الجنابة، قيل لان هذا شئ دايم غير ممكن للخلق الاغتسال منه كلما يصيب ذلك
(ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها) والجنابة ليست هي أمرا دايما إنما هي شهوة
يصيبها إذا أراد ويمكنه تعجيلها وتأخيرها للأيام الثلاثة والأقل والأكثر وليس
ذلك هكذا.
فان قال قائل: فلم أمروا بالغسل من الجنابة ولم يؤمروا بالغسل من الخلاء وهو
أنجس من الجنابة وأقذر؟ قيل من أجل ان الجنابة من نفس الإنسان وهو شئ
يخرج من جميع جسده والخلاء ليس هو من نفس الإنسان إنما هو غذاء يدخل
من باب ويخرج من باب.
فان قال قائل: فلم صار الاستنجاء بالماء فرضا؟ قيل لأنه لا يجوز للعبد أن
يقوم بين يدي الجبار وشئ من ثيابه وجسده نجس.
(قال مصنف هذا الكتاب) غلط الفضل وذلك لان الاستنجاء به ليس
بفرض وإنما هو سنة رجعنا إلى كلام الفضل.
فان قال قائل: فأخبرني عن الاذان لم أمروا؟ قيل لعلل كثيرة.
منها: أن يكون تذكيرا للساهي وتنبيها للغافل وتعريفا لمن جهل الوقت
واشتغل عنه وداعيا إلى عبادة الخالق مرغبا فيها مقرا له بالتوحيد مجاهرا بالايمان
معلنا بالاسلام مؤذنا لمن يتساهى وإنما يقولون مؤذن لأنه المؤذن بالصلاة.
فان قيل: فلم بدء التكبير قبل التسبيح والتهليل والتحميد؟ قيل لأنه أراد
أن يبدأ بذكره واسمه لان أسم الله في التكبير في أول الحرف وفي التسبيح والتحميد
والتهليل أسم الله في آخر الحرف فبدأ بالحرف الذي أسم الله في أوله لا في آخره.
فان قيل: فلم جعل مثنى مثنى؟ قيل لان يكون مكررا في آذان المستمعين
258

مؤكدا عليهم ان سهى أحد عن الأول لم يسه عن الثاني، ولان الصلاة ركعتان
ركعتان فكذلك جعل الآذان مثنى مثنى.
فان قال قائل: فلم جعل التكبير في أول الآذان أربعا؟ قيل لان أول الآذان
إنما بيده غفلة وليس قبله كلام ينبه المستمع له فجعل الأولين تنبيها للمستمعين لما
بعده في الآذان.
فان قال قائل: فلم جعل بعد التكبيرين الشهادتين؟ قيل لان اكمال الايمان هو
التوحيد والاقرار لله بالوحدانية والثاني الاقرار للرسول بالرسالة لان طاعتهما
ومعرفتهما مقرونتان ولان أصل الايمان إنما هو الشهادة فجعلت الشهادتين شهادتين
كما جعل ساير الحقوق شهادتين فإذ أقر لله بالوحدانية وأقر للرسول بالرسالة فقد
أقر بجملة الايمان لان أصل الايمان إنما هو الاقرار بالله ورسوله.
فان قال قائل: فلم جعل بعد الشهادتين الدعاء إلى الصلاة؟ قيل لان الاذان إنما
وضع لموضع الصلاة وإنما هو نداء إلى الصلاة فجعل النداء إلى الصلاة في وسط
الاذان فقدم قبلها أربعا التكبيرتين والشهادتين وأخر بعدها أربعا يدعو إلى الفلاح
حثا على البر والصلاة ثم دعا إلى خير العمل مرغبا فيها وفي عملها وفي أدائها، ثم
نادى بالتكبير والتهليل ليتم بعدها أربعا كما أتم قبلها أربعا وليختم كلامه بذكر الله
وتحميده كما فتحة بذكره وتحميده.
فان قال قائل: فلم جعل آخرها التهليل اسم الله في آخر الحرف منه فأحب الله ان يختم
الكلام باسمه كما فتحه باسمه.
فان قيل: فلم يجعل بدل التهليل التسبيح والتحميد واسم الله في آخر الحرف
من هذين الحرفين؟ قيل لان التهليل إقرار له بالتوحيد وخلع الأنداد من دون الله
وهو أول الايمان وأعظم من التسبيح والتحميد.
فان قال: قائل: فلم بدأ في الاستفتاح والركوع والسجود والقيام والقعود
259

بالتكبير؟ قيل للعلة التي ذكرناها في الاذان.
فان قال: فلم جعل الدعاء في الركعة الأولى قبل القراءة ولم جعل في الركعة
الثانية القنوت بعد القراءة؟ قيل لأنه أحب ان يفتح قيامه لربه وعباداته بالتحميد
والتقديس والرغبة والرهبة ويختمه بمثل ذلك وليكون في القيام عند القنوت بعض
الطول فأحرى ان يدرك المدرك الركوع فلا يفوته الركعتان في الجماعة.
فان قال: فلم أمروا بالقراءة في الصلاة؟ قيل لان لا يكون القرآن مهجورا
مضيعا بل يكون محفوظا مدروسا فلا يضمحل ولا يجهل.
فان قال: فلم بدء بالحمد في كل قراءة دون ساير السور؟ قيل لأنه ليس شئ
من القرآن والكلام جمع فيه من جوامع الخير والحكمة ما جمع في سورة (الحمد)
وذلك قوله عز وجل (الحمد لله) إنما هو أداء لما أوجب على خلقه من الشكر لما
وفق عبده للخير (رب العالمين) تمجيدا له وتحميدا وإقرارا بأنه هو الخالق المالك
لا غير (الرحمن الرحيم) استعطاف وذكر لربه ونعمائه على جميع خلقه (مالك يوم الدين)
اقرار له بالبعث والحساب والمجازاة وايجاب له ملك الآخرة كما أوجب له ملك
الدنيا (إياك نعبد) رغبة وتقربا إلى الله واخلاصا بالعمل له دون غيره (وإياك
نستعين) استزاده من توفيقه وعبادته واستدامة لما أنعم عليه ونصره (اهدنا
الصراط المستقيم) استرشاد لأدبه ومعتصما بحبله واستزاده في المعرفة بربه وبعظمته
وكبريائه (صراط الذين أنعمت عليهم) توكيدا في السؤال والرغبة وذكر لما قد
تقدم من نعمه على أوليائه ورغبة في مثل تلك النعم (غير المغضوب عليهم) استعاذة
من أن يكون من المعاندين الكافرين المستخفين به وبامره ونهيه (ولا الضالين)
اعتصاما من أن يكون من الذين ضلوا عن سبيله من غير معرفة وهم يحسبون انهم
يحسنون صنعا فقد اجتمع فيه من جوامع الخير والحكمة في أمر الآخرة والدنيا
مالا يجمعه شئ من الأشياء.
فان قال: فلم جعل التسبيح والركوع والسجود؟ قيل لعلل.
260

منها: أن يكون العبد مع خضوعه وخشوعه وتعبده وتورعه واستكانته
وتذلله وتواضعه وتقربه إلى ربه مقدسا له ممجدا مسجا معظما شاكرا لخالقه
ورازقه وليستعمل التسبيح والتحميد كما استعمل التكبير والتهليل وليشغل قلبه
وذهنه بذكر الله ولم يذهب به الكفر والأماني غير الله.
فان قال: فلم جعل أصل الصلاة ركعتين ركعتين ولم زيد على بعضها ركعة
وعلى بعضها ركعتان ولم يزد على بعضها شئ؟ قيل لان أصل الصلاة إنما هي ركعة
واحدة لان أصل العدد واحد فإذا نقصت من واحد فليست هي صلاة فعلم الله
عز وجل ان العباد لا يؤدون تلك الراكعة الواحدة التي لا صلاة أقل منها بكمالها
وتمامها والاقبال عليها فقرن إليها ركعة أخرى ليتم بالثانية ما نقص من الأولى
ففرض الله أصل الصلاة ركعتين، ثم علم رسول الله (ص) ان العباد لا يؤدون
هاتين الركعتين بتمام ما أمروا به وبكمالها فضم إلى الظهر والعصر والعشاء الآخرة
ركعتين ركعتين ليكون فيها تمام الركعتين الأوليين ثم علم أن صلاة المغرب يكون
شغل الناس في وقتها أكثر للانصراف إلى الافطار والاكل والوضوء والتهيئة
للمبيت فزاد فيها ركعة واحدة لتكون أخف عليهم ولان تصير ركعات الصلاة في
اليوم والليلة فردا ثم ترك الغداة على حالها لان الاشتغال في وقتها أكثر والمبادرة
إلى الحوايج فيها أعم ولان القلوب فيها أخلى من الكفر لقلة معاملات الناس بالليل
وقلة الاخذ والاعطاء فالانسان فيها أقبل على صلاته منه في غيرها من الصلوات لان
الفكر أقل لعدم العمل من الليل.
فان قال: فلم جعل في الاستفتاح سبع تكبيرات؟ قيل لان الفرض منها واحد
وسايرها سنة وإنما جعل ذلك لان التكبير في الصلاة الأولى التي هي الأصل
كله سبع تكبيرات تكبيرة استفتاح وتكبيرة الركوع وتكبيرتي السجود وتكبيرة
أيضا في الركوع وتكبيرتين للسجود فإذا كبر الانسان في أول صلاته سبع
تكبيرات فقد علم اجزاء التكبير كله فإنه سهى في شئ منها أو تركها لم يدخل عليه
261

نفس في صلاته، كما قال أبو جعفر وأبو عبد الله " ع ": من كبر أول صلاته سبع
تكبيرات أجزئه وتجزى تكبيرة واحدة ثم إن لم يكبر في شئ من صلاته اجزائه
عند ذلك، وإنما عنى بذلك إذا تركها ساهيا أو ناسيا.
(قال مصنف هذا الكتاب) غلط الفضل ان تكبيرة الافتتاح فريضة وإنما
هي سنة واجبة، رجعنا إلى كلام الفضل.
فان قال: فلم جعل ركعة وسجدتين؟ قيل لان الركوع من فعل القيام
والسجود من فعل القعود وصلاة القاعد على النصف من صلاة القايم فضوعف
السجود ليستوي بالركوع فلا يكون بينهما تفاوت لان الصلاة إنما هي ركوع وسجود.
فان قال قائل: فلم جعل التشهد بعد الركعتين؟ لأنه كما قدم قبل الركوع
والسجود من الآذن والدعاء والقراءة فكذلك أيضا اخر بعدها التشهد
والتحميد والدعاء.
فان قال: فلم جعل التسليم تحليل الصلاة ولم يجعل بدلها تكبيرا أو تسبيحا
أو ضربا آخر؟ قيل لأنه لما كان في الدخول في الصلاة تحريم الكلام للمخلوقين
والتوجه إلى الخالق كان تحليلها كلام المخلوقين والانتقال عنها وإنما بدء المخلوقين
في الكلام أولا بالتسليم.
فان قال: فلم جعل القراءة في الركعتين الأوليين والتسبيح في الآخريين؟
قيل للفرق بين ما فرضه الله تعالى من عنده وما فرضه من عند رسوله.
فان قال: فلم جعلت الجماعة؟ قيل لان لا يكون الاخلاص والتوحيد والاسلام
والعبادة لله لا ظاهرا مكشوفا مشهودا لان في اظهاره حجة على أهل الشرق
والغرب لله عز وجل وحده وليكون المنافق والمستخف مؤديا لما أقربه بظاهر
الاسلام والمراقبة، ولان تكون شهادات الناس بالاسلام من بعضهم لبعض جائزة
ممكنة مع ما فيه من المساعدة على البر والتقوى والزجر عن كثير من
معاصي الله عز وجل.
262

فان قال: فلم جعل الجهر في بعض الصلوات ولا يجهر في بعض؟ قيل لان
الصلوات التي يجهر فيها إنما هي صلوات تصلى في أوقات مظلمة فوجب ان يجهر
فيها لان يمر المار فيعلم ان هاهنا جماعة فان أراد أن يصلى صلى لأنه ان لم ير جماعة
تصلى سمع وعلم ذلك من جهة السماع والصلاتان اللتان لا يجهر فيهما فإنما هما صلاة
تكون بالنهار وفي أوقات مضيئة فهي تعلم من جهة الرؤية فلا يحتاج فيها إلى السماع.
فان قال: فلم جعلت الصلوات في هذه الأوقات ولم تقدم ولم تؤخر؟ قيل لان
الأوقات المشهورة المعلومة التي تعم أهل الأرض فيعرفها الجاهل والعالم أربعة غروب
الشمس مشهور معروف فوجب عندها المغرب وسقوط الشفق مشهور فوجب
عنده عشاء الآخرة وطلوع الفجر مشهور فوجب عنده الغداة وزوال الشمس
وايفاء الفيئ مشهور معلوم فوجب عنده الظهر ولم يكن للعصر وقت معلوم مشهور
مثل هذه الأوقات الأربعة فجعل وقتها الفراغ من الصلاة التي قبلها إلى أن يصير الظل
من كل شئ أربعة اضعافه.
وعلة أخرى: ان الله عز وجل أحب ان يبدء الناس في كل عمل أولا بطاعة
وعبادة فأمرهم أول النهار ان يبدءوا بعبادته ثم ينتشروا فيما أحبوا من مؤنة دنياهم
فأوجب صلاة الفجر عليهم فإذا كان نصف النهار وتركوا ما كانوا فيه من الشغل
وهو وقت يضع الناس فيه ثيابهم ويستريحون ويشتغلون بطعامهم وقيلولتهم
فأمرهم ان يبدءوا بذكره وعبادته فأوجب عليهم الظهر ثم يتفرغوا لما أحبوا من
ذلك فإذا قضوا ظهرهم وأرادوا الانتشار في العمل لآخر النهار بدءوا أيضا بعبادته
ثم صاروا إلى ما أحبوا من ذلك فأوجب عليهم العصر ثم ينتشرون فيما شاؤوا
من مؤنة دنياهم فإذا جاء الليل ووضعوا زينتهم وعادوا إلى أوطانهم بدؤا أولا لعبادة
ربهم ثم يتفرغون لما أحبوا من ذلك فأوجب عليهم المغرب فإذا جاء وقت النوم
وفرغوا مما كانوا به مشتغلين أحب ان يبدؤا أولا بعبادته وطاعته ثم يصيرون
إلى ما شاؤوا ان يصيروا إليه من ذلك فيكونوا قد بدؤا في كل عمل بطاعته وعبادته
263

فأوجب عليهم العتمة فإذا فعلوا ذلك لم ينسوه ولم يغفلوا عنه ولم تقس قلوبهم ولم
تقل رغبتهم.
فان قال: فلم إذا لم يكن للعصر وقت مشهر مثل تلك الأوقات أوجبها بين
الظهر والمغرب ولم يوجبها بين العتمة والغداة أو بين الغداة والظهر؟ قيل لأنه ليس
وقت على الناس أخف ولا أيسر ولا أحرى ان يعم فيه الضعيف والقوى بهذه
الصلاة من هذا الوقت وذلك أن الناس عامتهم يشتغلون في أول النهار بالتجارات
والمعاملات والذهاب في الحوايج وإقامة الأسواق فأراد أن لا يشغلهم عن طلب
معاشهم ومصلحة دنياهم وليس يقدر الخلق كلهم على قيام الليل ولا يشتغلون به
ولا ينتبهون لوقته لو كان واجبا ولا يمكنهم ذلك فخفف الله عنهم ولم يجعلها
في أشد الأوقات عليهم ولكن جعلها في أخف الأوقات عليهم كما قال الله تعالى:
(يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر).
فان قال: فلم يرفع اليدين في التكبير قيل لان رفع اليدين ضرب من الابتهال
والتبتل والتضرع فأحب الله عز وجل أن يكون في وقت ذكره متبتلا متضرعا مبتهلا
ولان في وقت رفع اليدين أحضار النية وإقبال على ما قال وقصد لان الفرض
من الذكر إنما هو الاستفتاح وكل سنة فإنها تؤدى على جهة الفرض فلما إن كان في
الاستفتاح الذي هو الفرض رفع اليدين أحب ان يؤدوا السنة على جهة ما يؤدى الفرض.
فان قال: فلم جعل صلاة السنة أربعة وثلاثين ركعا؟ قيل لان الفريضة سبع
عشرة ركعة فجعلت السنة مثلي الفريضة كمالا للفريضة.
فان قال: فلم جعل صلاة السنة في أوقات مختلفة ولم تجعل في وقت واحد؟
قيل لان أفضل الأوقات ثلاثة عند زوال الشمس وبعد الغروب وبالاسحار فأوجب
ان يصلى له في هذه الأوقات الثلاثة لأنه إذا فرقت السنة في أوقات شتى كان أداؤها
أيسر وأخف من أن تجمع كلها في وقت.
فان قال: فلم صارت صلاة الجمعة إذا كانت مع الامام ركعتين وإذا كانت
264

بغير أمام ركعتين وركعتين قيل: لعلل شتى
منها: ان الناس يتخطون إلى الجمعة من بعد، فأحب الله ان يخفف
عنهم لموضع التعب الذي صاروا إليه.
ومنها: ان الامام يحبسهم للخطبة وهم منتظرون للصلاة، ومن انتظر الصلاة
فهو في الصلاة في حكم التمام.
ومنها: ان الصلاة مع الامام أتم وأكمل، لعلمه وفقهه وفضله وعدله.
ومنها: ان الجمعة عيد وصلاة العيد ركعتين ولم تقصر لمكان الخطبتين.
فان قال: فلم جعلت الخطبة؟ قيل لان الجمعة مشهد عام فأراد أن يكون للامام
سبب إلى موعظتهم وترغيبهم في الطاعة وترهيبهم من المعصية وفعلهم وتوفيقهم
على ما أرادوا من مصلحة دينهم ودنياهم ويخبرهم بما ورد عليهم من الآفات ومن
الأحوال التي لهم فيها المضرة والمنفعة، ولا يكون الصائر في الصلاة منفصلا وليس
بفاعل غيره ممن يؤم الناس في غير يوم الجمعة.
فان قال: فلم جعلت خطبتان؟ قيل: لان تكون واحدة للثناء والتمجيد
والتقديس لله عز وجل، والأخرى للحوايج والاعذار والانذار والدعاء ولما يريد
أن يعلمهم من أمره ونهيه ما فيه الصلاح والفساد.
فان قيل: فلم جعلت الخطبة في يوم الجمعة في أول الصلاة وجعلت في العيدين
بعد الصلاة؟ قيل: لان الجمعة أمر دايم وتكون في الشهر مرارا وفي السنة كثيرا
وإذا كثر ذلك على الناس ملوا وتركوا ولم يقيموا عليه وتفرقوا عنه فجعلت قبل
الصلاة ليحتبسوا على الصلاة ولا يتفرقوا ولا يذهبوا وأما العيدين فإنما هو في السنة
مرتين وهو أعظم من الجمعة والزحام فيه أكثر والناس فيه أرغب فان تفرق بعض
الناس بقي عامتهم وليس هو بكثير فيملوا ويسخفوا به.
قال مصنف هذا الكتاب: جاء هذا الخبر هكذا والخطبتان في الجمعة
والعيدين من بعد الصلاة لأنهما بمنزلة الركعتين الأخروين وان أول من قدم
265

الخطبتين عثمان لأنه أحدث ما أحدث لم يكن الناس ليقفوا على خطبته ويقولون
ما نصنع بمواعظه، وقد أحدث ما أحدث فقدم الخطبتين لتقف الناس
انتظار الصلاة.
فان قال فلم وجبت الجمعة على من يكون على فرسخين لا أكثر من ذلك؟
قيل لان ما يقصر فيه الصلاة بريد ان ذاهبا أو بريد ذاهبا وجايئا، والبريد أربعة
فراسخ، فوجبت الجمعة على من هو على نصف البريد الذي يجب فيه التقصير وذلك أنه
يجئ فرسخين ويذهب فرسخين فذلك أربعة فراسخ وهو نصف طريق المسافر.
فان قال: فلم زيد في صلاة السنة يوم الجمعة أربعة ركعات قيل تعظيما لذلك
اليوم وتفرقه بينه وبين سائر الأيام.
فان قيل فلم قصرت الصلاة في السفر؟ قيل لان الصلاة المفروضة أولا إنما
هي عشر ركعات والسبع إنما زيدت فيها بعد، فخفف الله عز وجل تلك الزيادة
لموضع سفره وتعبه ونصبه واشتغاله بأمر نفسه وظعنه وإقامته، لئلا يشتغل عما
لابد له من معيشته رحمة من الله وتعطفا عليه، إلا صلاة المغرب فإنها لم تقصر
لأنها صلاة مقصورة في الأصل.
فان قال: فلم وجب التقصير في فراسخ لا أقل من ذلك ولا أكثر؟ قيل
: لان ثمانية فراسخ مسيرة يوم للعامة والقوافل والأثقال، فوجب التقصير في
مسيرة يوم.
فان قال: فلم وجب التقصير في مسيرة يوم؟ قيل: لأنه لو لم يجب في مسيرة
يوم لما وجب في مسيرة الف سنة، وذلك أن كل يوم يكون بعد هذا اليوم فإنما هو
نظير هذا اليوم، فلو لم يجب في هذا اليوم لما وجب في نظيره إذا كان نظيره مثله
ولا فرق بينهما.
فان قال: قد يختلف المسير، وذلك أن سير البقر إنما هو أربعة فراسخ وسير
الفرس عشرين فرسخا، فلم جعلت أنت مسيرة يوم ثمانية فراسخ؟ قيل لان ثمانية
266

فراسخ هو سير الجمال والقوافل وهو الغالب على المسير وهو أعظم السير الذي
يسيره الجمالون والمكارون.
فان قال: فلم ترك في السفر تطوع النهار ولم يترك تطوع الليل؟ قيل: كل
صلاة لا تقصر فيها فلا تقصر في تطوعها، وذلك أن المغرب لا يقصر فيها فلا يقصر
فيما بعدها من التطوع، وكذلك الغداة لا يقصر فيها ولا فيما قبلها من التطوع.
فان قال: فما بال العتمة مقصورة وليس تترك ركعتاها؟ قيل: إن تلك
الركعتين ليستا هي من الخمسين وإنما هي الزيادة في الخمسين تطوعا ليتم بها بدل ركعة
من الفريضة ركعتين من التطوع.
فان قيل: فلم وجب على المسافر والمريض ان يصليا صلاة الليل في أول الليل؟
قيل: لاشتغاله وضعفه ليحرز صلاته، فيستريح المريض في وقت راحته، ويشتغل
المسافر باشتغاله وارتحاله وسفره.
فان قيل: فلم أمروا بالصلاة على الميت؟ قيل ليشفعوا له ويدعوا له بالمغفرة
لأنه لم يكن في وقت من الأوقات أحوج إلى الشفاعة فيه والطلبة والدعاء والاستغفار
من تلك الساعة.
فان قال: فلم جعلت خمس تكبيرات دون ان تصير أربعا أو ستا؟ قيل إنما
الخمس أخذت من الخمس الصلوات في اليوم والليلة، وذلك أنه ليس في الصلاة تكبيرة
مفروضة إلا تكبيرة الافتتاح، فجمعت التكبيرات المفروضات في اليوم والليلة،
فجعلت صلاة على الميت.
فان قال: فلم لم يكن فيها ركوع ولا سجود؟ قيل لأنه لم يكن يريد بهذه
الصلاة التذلل والخضوع، إنما أريد بها الشفاعة لهذا العبد الذي قد تخلى عما
خلف واحتاج إلى ما قدم.
فان قيل: فلم أمر بغسل الميت؟ قيل: لأنه إذا مات كان الغالب عليه النجاسة
والآفة والأذى، فأحب أن يكون طاهرا إذا باشر أهل الطهارة الملائكة الذين
267

يلونه، ويماسونه فيما بينهم نظيفا موجها به إلى الله عز وجل.
وقد روى عن بعض الأئمة عليهم السلام أنه قال: ليس من ميت يموت
إلا خرجت منه الجنابة، فلذلك وجب الغسل.
فان قيل: فلم أمر أن يكفن الميت؟ قيل لان يلقى ربه طاهر الجسد، ولئلا
تبدو عورته لمن يحمله أو يدفنه، ولئلا يظهر الناس على بعض حاله وقبح منظره
ولئلا يقسو القلب من كثرة النظر إلى مثل ذلك العاهة والفساد، ولان يكون أطيب
لا نفس الاحياء، ولئلا يبغضه حميم فيلقى ذكره ومودته، ولا يحفظه فيما خلف
وأوصاه وأمره به وأحب.
فان قيل: فلم أمر بدفنه؟ قيل: لئلا يظهر الناس على فساد جسده وقبح
منظره وتغير ريحه، ولا يتأذى به الاحياء بريحه وبما يدخل عليه من الآفة والدانس
والفساد وليكون مستورا عن الأولياء والأعداء فلا يشمت عدو ولا يحزن صديق.
فان قيل: فلم أمر من يغسله بالغسل؟ قيل لعلة الطهارة مما أصابه من نضح
الميت لان الميت إذا خرج منه الروح بقي منه أكثر آفته، ولئلا يلهج الناس به
وبمماسته، إذ قد غلبت علة النجاسة والآفة.
فان قيل: فلم لا يجب الغسل على من مس شيئا من الأموات من غير الانسان
كالطير والبهائم والسباع وغير ذلك؟ قيل لأن هذه الأشياء كلها ملبسة ريشا وصوفا
وشعر أو وبرا، وهذا كله زكى ولا يموت، وإنما يماس منه الشئ الذي هو زكى من
الحي والميت الذي قد ألبسه وعلاه.
فان قيل: فلم جوزتم الصلاة على الميت بغير وضوء؟ قيل لأنه ليس فيها
ركوع ولا سجود، وإنما هي دعاء ومسألة وقد يجوز ان تدعو الله عز وجل وتسأله
على أي حال كنت وإنما يجب الوضوء في الصلاة التي فيها ركوع وسجود.
فان قيل: فلم جوزتم الصلاة عليه قبل المغرب وبعد الفجر؟ قيل لأن هذه
الصلاة إنما تجب في وقت الحضور والعلة وليست هي موقتة كسائر الصلوات، وإنما
268

هي صلاة تجب في وقت حدوث الحدث ليس للانسان فيه اختيار، وإنما هو حق
يؤدى وجايز ان تؤدى الحقوق في أي وقت كان، إذا لم يكن الحق موقتا.
فان قيل: فلم جعلت للكسوف صلاة؟ قيل: لأنه آية من آيات الله لا يدرى لرحمة
ظهرت أم لعذاب؟ فأحب النبي صلى الله عليه وآله ان يفزع أمته لخالقها وراحمها عند ذلك ليصرف
عنهم شرها ويقيهم مكروهها كما صرف عن قوم يونس حين تضرعوا إلى الله عز وجل.
فان قيل: فلم جعلت عشر ركعات؟ قيل: إن الصلاة التي نزل فرضها من
السماء أولا في اليوم والليلة فإنما هي عشر ركعات، فجمعت تلك الركعات هاهنا
وإنما جعل فيها السجود لأنه لا يكون صلاة فيها ركوع إلا و فيها سجود، ولان
يختموا صلاتهم أيضا بالسجود والخضوع والخشوع وإنما جعلت أربع سجدات
لان كل صلاة نقص سجودها من أربع سجدات لا تكون صلاة، لان أقل الغرض
من السجود في الصلاة لا يكون إلا على أربع سجدات.
فان قيل: فلم يجعل بدل الركوع سجودا؟ قيل لان الصلاة قايما أفضل
من قاعدا ولا القايم يرى الكسوف والانجلاء والساجد لا يرى.
فان قيل: فلم غيرت عن أصل الصلاة التي قد افترضها الله عز وجل؟ قيل:
لأنها صلاة لعلة تغير أمر من الأمور وهو الكسوف فلما تغيرت العلة تغير المعلول.
فان قيل: فلم جعل يوم الفطر العيد؟ قيل: لان يكون للمسلمين مجمعا
يجتمعون فيه ويبرزون لله تعالى فيحمدونه على ما من عليهم فيكون يوم عيد ويوم
اجتماع ويوم فطر ويوم زكاة ويوم رغبة ويوم تضرع ولأنه أول يوم من السنة
يحل فيه الأكل والشرب لان أول شهور السنة عند أهل الحق شهر رمضان فأحب
الله تعالى أن يكون لهم في ذلك اليوم مجمع يحمدونه فيه ويقدسونه.
فان قيل: فلم جعل التكبير فيها أكثر منه في غيرها من الصلاة؟ قيل: لان
التكبير إنما هو تعظيم لله وتحميد على ما هدى وعافى كما قال الله عز وجل (ولتكبروا
الله على ما هديكم ولعلكم تشكرون).
269

فان قيل: فلم جعل اثنتا عشرة تكبيرة فيها؟ قيل لأنه يكون في الركعتين
اثنتا عشرة تكبيرة، فلذلك جعل فيها اثنتا عشرة تكبيرة.
فان قيل: فلم جعل في الأولى سبع، وخمس في الثانية ولم يسو بينهما؟ قيل: لان
السنة في صلاة الفريضة ان يستفتح بسبع تكبيرات فلذلك بدأ هاهنا بسبع تكبيرات
وجعل في الثانية خمس تكبيرات، لان التحريم من التكبير في اليوم والليلة خمس
تكبيرات، وليكون التكبير في الركعتين جميعا وترا وترا.
فان قيل: فلم أمروا بالصوم؟ قيل: لكي يعرفوا ألم الجوع والعطش ويستدلوا
على فقر الآخرة، وليكون الصايم خاشعا ذليلا مستكينا مأجورا محتسبا عارفا
صابرا على ما أصابه من الجوع والعطش، فيستوجب الثواب مع ما فيه من الامساك
عن الشهوات، وليكون ذلك واعظالهم في العاجل ورايضا لهم على أداء ما كلفهم
ودليلا لهم في الاجر، وليعرفوا شدة مبلغ ذلك على أهل الفقر والمسكنة في
الدنيا، فيؤدوا إليهم ما فرض الله لهم في أموالهم.
فان قيل: فلم جعل الصوم في شهر رمضان خاصة دون سائر الشهور؟ قيل:
لان شهر رمضان هو الشهر الذي انزل الله فيه القرآن، وفيه فرق الله بين أهل
الحق والباطل كما قال الله تعالى (شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس
وبينات من الهدى والفرقان) وفيه نبئ محمد وفيه ليلة القدر التي هي خير من الف
شهر، وفيها يفرق كل أمر حكيم وهو رأس السنة، ويقدر فيها ما يكون في السنة
من خير أو شر أو مضرة أو منفعة أو رزق أو أجل، ولذلك سميت ليلة القدر.
فان قيل: فلم أمروا بصوم شهر رمضان لا أقل من ذلك ولا أكثر؟ قيل
لأنه قوة العباد الذي يعم فيه القوى والضعيف، وإنما أوجب الله الفرايض على
أغلب الأشياء وأعم القوى ثم رخص لأهل الضعف، وإنما أوجب الله ورغب
أهل القوة في الفضل، ولو كانوا يصلحون على أقل من ذلك لنقصهم، ولو احتاجوا
إلى أكثر من ذلك لزادهم.
270

فان قيل: فلم إذا حاضت المرأة لا تصوم ولا تصلى؟ قيل: لأنها في حد نجاسة
فأحب أن لا تتعبد إلا طاهرة، ولأنه لاصوم لمن لا صلاة له.
فان قيل: فلم صارت تقضى الصيام ولا تقضى الصلاة؟ قيل: لعلل شتى فمنها
ان الصيام لا يمنعها من خدمة نفسها وخدمة زوجها واصلاح بيتها والقيام بأمورها
والاشتغال بمرمة معيشتها، والصلاة تمنعها من ذلك كله، لان الصلاة تكون في
اليوم والليلة مرارا فلا تقوى على ذلك والصوم ليس كذلك.
ومنها: ان الصلاة فيها عناء وتعب واشتغال الأركان وليس في الصوم شئ
من ذلك إنما هو ترك الطعام والشراب، وليس منه اشتغال الأركان.
ومنها: انه ليس من وقت يجئ إلا ويجب عليها فيه صلاة جديدة في يومها
وليلتها، وليس الصوم كذلك، لأنه ليس كلما حدث عليها يوم وجب عليها الصوم
وكلما حدث وقت الصلاة وجبت عليها الصلاة.
فان قيل: فلم إذا مرض الرجل أو سافر في شهر رمضان فلم يخرج من سفره
أولم يفق من مرضه حتى يدخل عليه شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء للأول
وسقط القضاء، وإذا أفاق بينهما أو أقام ولم يقضه وجب عليه القضاء والفداء؟
قيل: لان ذلك الصوم إنما وجب عليه في تلك السنة في هذا الشهر فاما الذي لم يفق
فإنه لما مر عليه السنة كلها وقد غلب الله عليه، فلم يجعل له السبيل إلى أدائها سقط
عنه، وكذلك كل ما غلب الله عليه مثل المغمى عليه الذي يغمى عليه في يوم وليلة
فلا يجب عليه قضاء الصلوات كما قال الصادق " ع " كلما غلب الله على العبد فهو
أعذر له لأنه دخل الشهر وهو مريض فلم يجب عليه الصوم في شهره ولا سنته
للمرض الذي كان فيه ووجب عليه الفداء لآنه بمنزلة من وجب عليه الصوم فلم
يستطيع أداؤه فوجب عليه الفداء، كما قال الله عز وجل (فصيام شهرين متتابعين
فلم لم يستطع فاطعام ستين مسكينا) وكما قال: (ففدية من صيام أو صدقة) فأقام
الصدقة مقام الصيام إذا عسر عليه.
271

فان قيل: فان يستطيع إذ ذاك فهو الأن يستطيع؟ لأنه لما دخل عليه
شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء للماضي، لأنه كان بمنزلة من وجب عليه صوم
في كفارة فلم يستطعه فوجب عليه الفداء وإذا وجب عليه الفداء سقط الصوم
والصوم ساقط والفداء لازم، فان أفاق فيما بينهما ولم يصمه وجب عليه الفداء
لتضييعه والصوم لاستطاعته.
فان قيل: فلم جعل صوم السنة؟ قيل ليكمل به صوم الفرض.
فان قيل: فلم جعل في كل شهر ثلاثة أيام في كل عشرة يوما قيل: لان الله
تعالى يقول من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها فمن صام في كل عشرة يوما واحدا
فكأنما صام الدهر كله كما قال سلمان الفارسي رحمة الله عليه: صوم ثلاثة أيام
في الشهر صوم الدهر كله فمن وجد شيئا غير الدهر فليصمه.
فان قيل: فلم جعل أول خميس في العشر الأول وآخر خميس في العشر الاخر
وأربعاء في العشر الأوسط؟ قيل: اما الخميس فإنه قال الصادق " ع " يعرض كل خميس
اعمال العباد على الله عز وجل فأحب ان يعرض عمل العبد على الله وهو صائم.
فان قيل: فلم جعل آخر خميس؟ قيل: لأنه إذا عرض عمل العبد ثلاثة أيام
والعبد صايم كان أشرف وأفضل من أن يعرض عمل يومين وهو صايم، وإنما جعل
الأربعاء في العشر الأوسط لان الصادق " ع " أخبرنا بان الله تعالى خلق النار
في ذلك اليوم وفيه أهلك الله القرون الأولى وهو يوم نحس مستمر، فأحب ان
يدفع العبد عن نفسه نحس ذلك اليوم بصومه.
فان قيل: فلم وجب في الكفارة على من لم يجد تحرير رقبة الصيام دون الحج
والصلاة وغيرهما من الأنواع؟ قيل لان الصلاة والحج وساير الفرايض مانعة
للانسان من التقلب في أمر دنياه ومصلحة معيشته مع تلك العلل التي ذكرناها في
الحايض التي تقضى الصوم ولا تقضى الصلاة.
272

فان قيل: فلم وجب عليه صوم شهرين متتابعين دون أن يجب عليه شهر
واحد أو ثلاثة أشهر؟ قيل لان الفرض الذي فرضه الله تعالى على الخلق هو شهر
واحد فضوعف هذا الشهر في الكفارة توكيدا وتغليظا عليه.
فان قيل: فلم جعلت متتابعين؟ قيل لئلا يهون عليه الأداء فيستخف به لأنه
إذا قضى متفرقا هان عليه القضاء واستخف بالايمان.
فان قيل: فلم أمر بالحج؟ قيل لعلة الوفادة إلى الله عز وجل وطلب الزيادة
والخروج من كل ما اقترف العبد تائبا مما مضى مستأنفا لما يستقبل مع ما فيه من
إخراج الأموال وتعب الأبدان والاشتغال عن الأهل وحظر النفس عن
اللذات شاخصا في الحر والبرد، ثابتا عليه ذلك دايما، مع الخضوع والاستكانة
والتذلل مع ما في ذلك لجميع الخلق من المنافع كل ذلك لطلب الرغبة إلى الله والرهبة
منه وترك قساوة القلب وخساسة الأنفس ونسيان الذكر و انقطاع الرجاء والأمل
وتجديد الحقوق وحظر عن الفساد مع ما في ذلك من المنافع لجميع من
في شرق الأرض وغربها ومن في البر والبحر ممن يحج وممن لم يحج من بين تاجر
وجالب، وبايع، ومشتري، وكاسب، ومسكين، ومكار وفقير وقضاء حوايج أهل
الأطراف في المواضع الممكن لهم الاجتماع فيه، مع ما فيه من التفقه ونقل أخبار
الأئمة عليهم السلام إلى كل صقع وناحية كما قال الله عز وجل: (فلولا نفر من كل
فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم
يحذرون وليشهدوا منافع لهم).
فان قيل: فلم أمروا بحجة واحدة لا أكثر من ذلك؟ قيل لان الله تبارك
وتعالى وضع الفرايض على أدنى القوم قوة كما قال الله عز وجل فما استيسر من
الهدى يعنى شاة ليسع القوى والضعيف وكذلك سائر الفرايض إنما وضعت على
أدنى القوم قوة فكان من تلك الفرايض الحج المفروض واحدا ثم رغب بعد
أهل القوة بقدر طاقتهم.
273

فان قيل: فلم أمروا بالتمتع في الحج قيل ذلك تخفيف من ربكم ورحمة لان
يسلم الناس في إحرامهم ولا يطول ذلك عليهم فيدخل عليهم الفساد وأن يكون
الحج والعمرة واجبين جميعا فلا تعطل العمرة وتبطل ولا يكون الحج مفردا
من العمرة ويكون بينهما فصل وتمييز وان لا يكون الطواف بالبيت محظورا لان
المحرم إذا طاف بالبيت قد أحل إلا لعلة، فلولا التمتع لم يكن للحاج ان يطوف
لأنه إن طاف أحل وفسد احرامه ويخرج منه قبل أداء الحج، ولان يجب على
الناس الهدي والكفارة فيذبحون وينحرون ويتقربون إلى الله جل جلاله فلا
تبطل هراقة الدماء والصدقة على المسلمين.
فان قيل: فلم جعل وقتها عشر ذي الحجة ولم يقدم ولم يؤخر؟ قيل قد يجوز
أن يكون لما أوجب الله عز وجل ان يعبد بهذه العبادة وضع البيت والمواضع في
أيام التشريق فكان أول ما حجت لله الملائكة وطافت به في هذا الوقت فجعله
سنة ووقتا إلى يوم القيامة فاما النبيون: آدم، ونوح وإبراهيم، وموسى وعيسى
ومحمد صلوات الله عليهم وغيرهم من الأنبياء عليهم السلام إنما حجوا في هذا
الوقت فجعلت سنة في أولادهم إلى يوم الدين.
فان قيل: فلم أمروا بالاحرام؟ قيل لان يخشعوا قبل دخولهم حرم الله وأمنه
ولئلا يلهوا ويشتغلوا بشئ من أمور الدنيا وزينتها ولذاتها ويكونوا صابرين
فيما هم فيه قاصدين نحوه مقبلين عليه بكليتهم مع ما فيه من التعظيم لله عز وجل
ولبيته والتذلل لأنفسهم عند قصدهم إلى الله تعالى ووفادتهم إليه راجين ثوابه
راهبين من عقابه ماضين نحوه مقبلين إليه بالذل والاستكانة والخضوع. وصلى الله
على محمد وآله أجمعين.
حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار قال: حدثنا علي
ابن محمد بن قتيبة النيسابوري قال: قلت للفضل بن شاذان لما سمعت منه هذه العلل
أخبرني عن هذه العلل التي ذكرتها عن الاستنباط والاستخراج وهي من نتائج
274

العقل أوهى مما سمعته ورويته؟ فقال لي ما كنت أعلم مراد الله بما فرض ولا مراد
رسول الله صلى الله عليه وآله بما شرع وسن ولا أعلل ذلك من ذات نفسي بل سمعنا من مولاي
أبى الحسن علي بن موسى الرضا " ع " مرة بعد مرة والشئ بعد الشئ فجمعتها
فقلت فأحدث بها عنك عن الرضا " ع "؟ فقال نعم.
(باب 183 - علة الغائط ونتنه)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن هاشم عن
النوفلي عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال سألته عن
الغائط فقال تصغيرا لابن آدم لكيلا يتكبر وهو يحمل غائطه معه.
2 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي
عبد الله الكوفي عن سهل بن زياد الآدمي عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال
كتبت إلى أبى جعفر محمد بن علي بن موسى " ع " أسأله عن علة الغائط ونتنه قال إن
الله عز وجل خلق آدم " ع " وكان جسده طيبا وبقى أربعين سنة ملقى تمر به
الملائكة فتقول لأمر ما خلقت وكان إبليس يدخل من فيه ويخرج من دبره
فلذلك صارما في آدم منتنا خبيثا غير طيب. (باب 184 - علة نظر الانسان إلى سفله وقت التغوط) 1 - حدثنا محمد بن الحسن رحمه قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد
ابن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر عن داود الجمال عن العيص
ابن أبي مهينة قال: شهدت أبا عبد الله " ع " وسأله عمرو بن عبيد فقال ما بال
الرجل إذا أراد ان يقضى حاجة إنما ينظر إلى سفله وما يخرج منه ثم فقال إنه
ليس أحد يريد ذلك إلا وكل الله عز وجل به ملكا يأخذ بعنقه ليريه ما يخرج منه أحلال أو حرام.
2 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أيوب بن نوح عن محمد بن أبي
عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله " ع " عن أبيه عن جده عليهم السلام
275

قال أمير المؤمنين " ع " عجبت لابن آدم أوله نطفة وآخره جيفة وهو قايم
بينهما وعاء للغائط، ثم يتكبر
3 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن
علي الكوفي عن محمد بن عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله " ع " قال وقع
بين سلمان وبين رجل كلام فقال له من أنت وما أنت؟ فقال سلمان: اما أولاى
وأوليك فنطفة قذرة وأما اخراى واخراك فجيفة منتنة فإذا كان يوم القيامة
ونصبت الموازين فمن خف ميزانه فهو الليثم ومن ثقل ميزانه فهو الكريم.
4 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن صالح
ابن السندي عن جعفر بن بشير عن صالح الحذاء عن أبي أسامة قال كنت عند أبي
عبد الله " ع " فسأله رجل من المغيرية عن شئ من السنن فقال ما من شئ
من عرفها وأنكرها من أنكرها، قال: فما السنة في دخول الخلاء؟ قال تذكر الله
وتتعوذ من الشيطان وإذا فرغت قلت الحمد لله على ما أخرج منى من الأذى في
يسر وعافية، قال الرجل: فالانسان يكون على تلك الحال ولا يصبر حتى ينظر
إلى ما يخرج منه، فقال إنه ليس في الأرض آدمي إلا ومعه ملكان موكلان به فإذا
كان على تلك الحال ثنيا رقبته ثم قالا يا بن آدم انظر إلى ما كنت تكدح له في
الدنيا إلى ما هو صاير.
(باب 185 - العلة التي من أجلها نهى عن التغوط تحت الأشجار المثمرة)
(والعلة التي من أجلها يكون للأشجار عليها الثمار أنسا)
(والعلة التي من أجلها سميت: سدرة المنتهى)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا أحمد بن محمد بن
عيسى عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عيينة عن حبيب السجستاني قال: سألت
أبا جعفر " ع " عن قوله عز وجل: (ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى
276

فأوحى إلى عبده ما أوحى) فقال لي يا حبيب لا تقرأ هكذا اقرأ: (ثم دنا
فتدانا فكان قاب قوسين في القرب أو أدنى فأوحى الله إلى عبده - يعنى رسول الله
ما أوحى) يا حبيب ان رسول الله صلى الله عليه وآله لما فتح مكة أتعب نفسه في عبادة الله
تعالى والشكر لنعمه في الطواف بالبيت، وكان علي صلى الله عليه معه قال: فلما
غشيهم الليل انطلقا إلى الصفا والمروة يريدان السعي، قال: فلما هبطا من الصفا
إلى المروة وصارا في الوادي دون العلم الذي رأيت غشيهما من السماء نور فأضاءت
جبال مكة وخشعت أبصارهما قال ففزعا لذلك فزعا شديدا قال فمضى رسول الله صلى الله عليه وآله
حتى ارتفع عن الوادي وتبعه علي " ع " فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله رأسه إلى السماء
فإذا هو برمانتين على رأسه، قال فتناولهما رسول الله صلى الله عليه وآله فأوحى الله عز وجل
إلى محمد يا محمد انها من قطف الجنة فلا تأكل منهما إلا أنت ووصيك علي بن أبي
طالب قال فأكل رسول الله صلى الله عليه وآله إحديهما واكل علي " ع " الأخرى ثم أوحى
الله عز وجل إلى محمد صلى الله عليه وآله ما أوحى، قال أبو جعفر " ع ": يا حبيب ولقد رآه
نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى - يعنى عندها وافى به جبرئيل
حين صعد إلى السماء، قال فلما انتهى إلى محل السدرة وقف جبرئيل دونها وقال
يا محمد ان هذا موقفي الذي وضعني الله عز وجل فيه ولن أقدر على أن أتقدمه
ولكن امض أنت أمامك إلى السدرة فقف عندها، قال فتقدم رسول الله صلى الله عليه وآله
إلى السدرة وتخلف جبرئيل " ع "، قال أبو جعفر " ع " إنما سميت سدرة المنتهى لان
اعمال أهل الأرض تصعد بها الملائكة الحفظة إلى محل السدرة والحفظة الكرام
البررة دون السدرة يكتبون ما ترفع إليهم الملائكة من اعمال العباد في الأرض
قال فينتهون بها إلى محل السدرة، قال فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله فرأى أغصانها تحت
العرش وحوله قال فتجلى بمحمد صلى الله عليه نور الجبار عز وجل فلما غشى
محمدا النور شخص ببصره وارتعدت فرائصه قال فشد الله تعالى لمحمد قلبه وقوى له بصره حتى رأى من آيات ربه ما رأى وذلك قول الله عز وجل ولقدر رآه نزلة
277

أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى، قال يعنى الموافاة فرأى محمد صلى الله عليه وآله
ما رأى ببصره من آيات ربه الكبرى - يعنى أكبر الآيات.
قال أبو جعفر " ع ": وان غلظ السدرة بمسيرة مائة عام من أيام الدنيا وان
الورقة منها تغطي أهل الدنيا وان لله تعالى ملائكة وكلهم بنبات الأرض من
الشجر والنخل فليس من شجرة ولا نخلة إلا ومعها ملك من الله تعالى يحفظها وما
كان فيها ولولا أن معها من يمنعها لاكلها السباع وهوام الأرض إذا كان فيها
ثمرها، قال: وإنما نهى رسول صلى الله عليه وآله ان يضرب أحد من المسلمين خلاه تحت
شجرة أو نخلة قد أثمرت لمكان الملائكة الموكلين بها، قال: ولذلك يكون للشجرة
والنخل أنسا إذا كان فيه حمله لان الملائكة تحضره.
(باب 186 - علة التوقي عن البول)
1 - حدثنا محمد بن الحسن رحمه الله قال: حدثنا محمد بن يحيى العطاري عن محمد
ابن احمد، عن علي بن إسماعيل، عن صفوان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي
عبد الله " ع " قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله أشد الناس توقيا عن البول كان إذا أراد
البول يعمد إلى مكان مرتفع أو مكان من الأمكنة يكون فيه التراب الكثير
كراهة ان ينضح عليه البول.
(باب 187 - العلة التي من أجلها يكره طول الجلوس على الخلاء) 1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن الفضل بن عامر، عن
موسى بن القاسم البلخي، عمن ذكره، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر " ع " يقول طول الجلوس على الخلاء يورث البواسير.
(باب 188 - العلة التي من أجلها يكره صب الماء على المتوضى)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال حدثنا محمد بن أحمد قال
حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق عن عبد الله بن حماد عن إبراهيم بن عبد الحميد
278

عن شهاب بن عبد ربه عن أبي عبد الله قال: كان أمير المؤمنين إذا توضأ لم يدع
أحدا يصب عليه الماء، قال: لا أحب أشرك في صلاتي أحدا.
(باب 189 - العلة التي من أجلها جعل الوضوء) 1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن بعقوب بن يزيد عن حماد
ابن عيسى عن حريز بن عبد الله عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر " ع "
قال: إنما الوضوء حد من حدود الله ليعلم الله من يطيعه ومن يعصيه، وان المؤمن
لا ينجسه شئ وإنما يكفيه مثل الدهن.
2 - أبى رحمه الله قال: حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني
عن أبي عبد الله " ع " قال: من تعدى في الوضوء كان كناقصه.
(باب 190 - العلة التي من أجلها صار المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد عن
حماد، عن حريز، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر " ع " إلا تخبرني من أين علمت
وقلت إن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين؟ فضحك ثم قال: يا زرارة قاله
رسول الله " ص " ونزل به الكتاب من الله لان الله عز وجل يقول: فاغسلوا
وجوهكم فعرفنا ان الوجه كله ينبغي له ان يغسل ثم قال وأيديكم إلى المرافق ثم
فصل بين الكلامين فقال وامسحوا برؤوسكم فعرفنا حين قال برؤوسكم ان المسح
ببعض الرأس لمكان الباء ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه
فقال وأرجلكم إلى الكعبين فعرفنا حين وصلها بالرأس ان المسح على بعضها
ثم فسر ذلك رسول صلى الله عليه وآله للناس فضيعوه ثم قال: فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا
طيبا فامسحوا بوجوهكم فلما وضع عمن لم يجد الماء أثبت مكان الغسل مسحا لأنه
قال بوجوهكم، ثم وصل بها وأيديكم ثم قال منه - أي من ذلك التيمم - لأنه علم أن
ذلك أجمع لم يجر على الوجه لأنه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف ولا يعلق
ببعضها ثم قال ما يريد الله ليجعل عليكم في الدين من حرج، والحرج الضيق.
279

(باب 191 - العلة التي من أجلها توضأ الجوارح الأربع دون غيرها)
1 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله قال: حدثنا علي بن الحسين
السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه عن فضالة عن الحسن بن أبي
العلاء عن أبي عبد الله " ع " قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسألوه
عن مسائل فكان فيما سألوه أخبرنا يا محمد لأي علة توضأ هذه الجوارح الأربع
وهي أنظف المواضع في الجسد، فقال النبي صلى الله عليه وآله لما ان وسوس الشيطان إلى آدم
دنا من الشجرة ونظر إليها ذهب ماء وجهه ثم قام ومشى إليها وهي أول قدم
مشت إلى الخطيئة ثم تناول بيده منها مما عليها فاكل فطار الحلى والحلل عن جسده
فوضع آدم يده على رأسه وبكى فلما تاب الله عليه فرض عليه وعلى ذريته
غسل هذه الجوارح الأربع وأمره بغسل الوجه لما نظر إلى الشجرة وأمره بغسل
اليدين إلى الموفقين لما تناول منها وأمره بمسح الرأس لما وضع يده على أم رأسه
وأمره بمسح القدمين لما مشى بهما إلى الخطيئة.
2 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم عن محمد بن
علي الكوفي، عن محمد بن سنان ان أبا الحسن الرضا " ع " كتب إليه في جواب
كتابه ان علة الوضوء التي من أجلها صار غسل الوجه والذراعين ومسح الرأس
والرجلين فلقيامه بين يدي الله تعالى واستقباله إياه بجوارحه الظاهرة وملاقاته
بها الكرام الكاتبين فغسل الوجه للسجود والخضوع وغسل اليدين ليقلبهما
ويرغب بهما ويرهب ويتبتل ومسح الرأس والقدمين لأنهما ظاهران مكشوفان
مستقبل بهما في كل حالاته وليس فيها من الخضوع والتبتل ما في الوجه والذراعين.
(باب 192 - العلة التي من أجلها يستحب فتح العيون عند الوضوء) 1 - حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن العباس
ابن معروف عن أبي همام عن محمد بن سعيد بن غزوان عن السكوني عن ابن
جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله افتحوا عيونكم عند الوضوء
280

لعلها لا ترى نار جهنم.
باب 193 - العلة التي من أجلها يستحب صفق الوجه بالماء في الوضوء)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن معاوية بن حكيم عن ابن
المغيرة عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا توضأ الرجل فليلصق وجهه بالماء
فإنه إن كان ناعسا فزع واستيقظ وإن كان البرد فلم يجد البرد. (باب 194 - العلة التي من أجلها يكره استعمال الماء الذي تسخنه الشمس) 1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن عيسى
عن درست عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله
على عائشة وقد وضعت قمقمتها في الشمس فقال: يا حميراء ما هذا؟ قالت اغسل رأسي وجسدي قال لا تعود فإنه يورث البرص.
2 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن النوفلي عن السكوني عن جعفر
ابن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله الماء الذي تسخنه الشمس لا تتوضؤا به ولا تغسلوا به ولا تعجنوا به فإنه يورث البرص.
(باب 195 - العلة التي من أجلها وجب الغسل من الجنابة)
(ولم يجب من البول والغائط)
1 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه، عن محمد بن علي الكوفي عن محمد
ابن سنان: ان الرضا " ع " كتب إليه فيما كتبه من جواب مسائله علة غسل الجنابة
للنظافة وتطهير الانسان نفسه مما أصابه من اذاه وتطهير سائر جسده لان الجنابة
خارجة من كل جسده فلذلك وجب عليه تطهير جسده كله وعلة التخفيف في
البول والغائط لأنه أكثر وأدوم من الجنابة فرضى فيه بالوضوء لكثرته ومشقته
ومجيئه بغير إرادة منه ولا شهوة والجنابة لا تكون إلا بالاستلذاذ منهم
والاكراه لأنفسهم
281

2 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبي
الحسن علي بن الحسن البرقي، عن عبد الله بن جبلة، عن معاوية بن عمار عن
الحسن بن عبد الله، عن آبائه عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام
قال: جاء نفر من اليهودي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله أعلمهم عن مسائل فكان فيما
سأله أن قال: لأي شئ أمر الله بالاغتسال من الجنابة ولم يأمر من الغائط والبول؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ان آدم لما اكل من الشجرة دب ذلك في عروقه وشعره
وبشره فإذا جامع الرجل أهله خرج الماء من كل عرق وشعرة في جسده فأوجب
الله عز وجل على ذريته الاغتسال من الجنابة إلى يوم القيامة والبول يخرج من
فضلة الشراب الذي يشربه الانسان والغائط يخرج من فضلة الطعام الذي يأكله
الانسان فأوجب عليهم في ذلك الوضوء، قال اليهودي: صدقت يا محمد. (باب 196 - العلة التي من أجلها إذا استيقظ الرجل من نومه لم يجز)
(له أن يدخل يده في الاناء قبل أن يغسلها)
1 - حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن
الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن أبي بصير عن عبد الكريم
ابن عتبة قال: سألته عن الرجل يستيقظ من نومه ولم يبل يدخل يده في الاناء
قبل ان يغسلها؟ قال: لا، لأنه لا يدري أين باتت يده فيغسلها.
(باب 197 - العلة التي من أجلها يجب الوضوء مما يخرج ولا يجب مما يدخل)
1 - حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما قالا:
حدثنا محمد بن يحيى العطار عن الحسين بن الحسن بن أبان عن محمد بن أورمة عن
أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي وعبد الرحمن بن أبي نجران عن مثنى الحناط
عن منصور بن حازم عن سعيد بن أحمد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله
توضؤا بما يخرج ولا تتوضؤا مما يدخل فإنه يدخل طيبا ويخرج خبيثا.
282

(باب 198 - علة الوضوء قبل الطعام وبعده)
1 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال حدثنا
محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه، عن القاسم بن
محمد وغيره عن صفوان بن مهران الجمال عن أبي نميرة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام
الوضوء قبل الطعام وبعده يذهبان الفقر قال: قلت يذهبان الفقر؟ قال يذهبان الفقر.
(باب 199 - العلة التي من أجلها يغسل بالاشنال من الغمر)
(خارج الفم دون داخله)
1 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن موسى بن جعفر ابن أبي
جعفر الكميداني، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد العزيز، عن الرضا " ع "
قال: إنما يغسل بالأشنان خارج الفم فاما داخل الفم فلا يقبل الغمر.
(باب 200 - علة النهى عن البول في الماء النقيع)
1 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن
محمد بن عيسى عن محمد بن أبي عمير، عن حماد عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: لا تشرب وأنت قائم ولا تطف بقبر ولا تبل في ماء نقيع فإنه من فعل
ذلك فأصابه شئ فلا يلومن إلا نفسه ومن فعل شيئا من ذلك لم يكن يفارقه
إلا ما شاء الله.
(باب 201 - العلة التي من أجلها لا يجوز الكلام على الخلاء)
1 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن أبي
عبد الله الكوفي عن موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي
عن علي بن سالم عن أبيه عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لا تتكلم على
الخلاء، فان من تكلم على الخلاء لم تقض له حاجة.
2 - حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه، عن أبيه، عن محمد
ابن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، عن إبراهيم بن هاشم وغيره، عن صفوان
283

ابن يحيى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال: نهى رسول الله ان يجيب
الرجل أحدا وهو على الغائط ويكلمه حتى يفرغ.
(باب 202 - العلة التي من أجلها يجوز أن يقول المتغوط وهو)
(على الخلاء كما يقول المؤذن، ويذكر الله عز وجل)
1 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي
عبد الله الكوفي عن موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي عن
علي بن سالم عن أبيه عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله " ع " ان سمعت الاذان
وأنت على الخلاء فقل مثل ما يقول المؤذن ولا تدع ذكر الله عز وجل في تلك
الحال لان ذكر الله حسن على كل حال. ثم قال عليه السلام لما ناجى الله تعالى موسى بن
عمران " ع " قال موسى: يا رب أبعيد أنت منى فأناديك أم قريب فأناجيك؟ فأوحى
الله عز وجل إليه يا موسى أنا جليس من ذكرني، فقال موسى يا رب اني أكون في
حال أجلك ان أذكرك فيها، فقال: يا موسى اذكرني على كل حال.
2 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال حدثنا
محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن محمد بن مسلم قال: قال لي يا بن مسلم لا تدعن ذكر الله عز وجل على
كل حال فلو سمعت المنادي ينادي بالآذان وأنت على الخلاء فاذكر الله
عز وجل وقل كما يقول.
3 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا
محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد عن محمد
ابن أبي عمير عن عمير بن أذينة عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر " ع " ما أقول إذا
سمعت الاذان؟ قال: أذكر الله مع كل مع ذاكر.
4 - حدثنا محمد بن أحمد السناني رضي الله عنه قال: حدثنا حمزة بن القاسم
العلوي قال: حدثنا جعفر بن مالك الكوفي قال: حدثنا جعفر بن سليمان
284

المروزي عن سليمان بن مقبل المدايني قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام
لأي علة يستحب للانسان إذا سمع الآذان أن يقول كما يقول المؤذن وإن كان
على البول والغائط؟ قال إن ذلك يزيد في الرزق.
(باب 203 - علة وجوب غسل يوم الجمعة)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا إبراهيم بن
هاشم عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد الصيرفي قال: سألت أبا الحسن
الأول عليه السلام كيف صار غسل الجمعة واجبا؟ قال: فقال إن الله تبارك وتعالى أتم
صلاة الفريضة بصلاة النافلة وأتم صيام الفريضة بصيام النافلة وأتم وضوء الفريضة
بغسل يوم الجمعة فيما كان من ذلك من سهوا و تقصيرا و نسيان.
2 - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار
عن محمد بن أحمد، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن
صباح المزني عن الحارث عن الأصبغ بن نباتة قال: كان علي " ع " إذا أراد ان
يوبخ الرجل يقول له أنت أعجز من تارك الغسل يوم الجمعة، فإنه لا يزال في طهر
إلى الجمعة الأخرى.
3 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عيسى عن
عثمان بن عيسى عن محمد بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كانت الأنصار تعمل
في نواضحها وأموالها فإذا كان يوم الجمعة جاؤوا فتأذى بأرواح آباطهم وأجسادهم
فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله بالغسل يوم الجمعة فجرت بذلك السنة.
4 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه عن عمه عن محمد بن علي الكوفي عن محمد
ابن سنان ان الرضا عليه السلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله علة غسل العيدين
والجمعة وغير ذلك من الأغسال لما فيه من تعظيم العبد ربه واستقباله الكريم
الجليل وطلبه المغفرة لذنوبه وليكون لهم يوم عيد معروف يجتمعون فيه على
ذكر الله فجعل فيه الغسل تعظيما لذلك اليوم وتفضيلا له على سائر الأيام وزيادة
285

في النوافل والعبادة، وليكون ذلك طهارة له من الجمعة إلى الجمعة.
(باب 204 - العلة التي من أجلها رخص للنساء في السفر في ترك غسل الجمعة)
1 - أبى رحمه الله قال حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد بن
يحيى رفعه قال: غسل الجمعة واجب على الرجال والنساء في السفر والحضر إلا أنه
رخص للنساء في السفر لقلة الماء.
(باب 205 - العلة التي من أجلها كان الناس يستنجون بثلاثة)
(أحجار، والعلة التي من أجلها صاروا يستنجدون بالماء)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا محمد بن عبد الله الحسين
عن عبد الرحمان بن هاشم البجلي عن أبي خديجة عن أبي عبد الله " ع " قال: كان
الناس يستنجون بثلاثة أحجار لأنهم كانوا يأكلون البسر فكانوا يبعرون بعرا
فأكل رجل من الأنصار الدبا فلان بطنه واستنجى بالماء بعث إليه النبي صلى الله عليه وآله قال:
فجاء الرجل وهو خائف يظن أن يكون قد نزل فيه أمر يسوؤه في استنجائه بالماء
فقال له هل عملت في يومك هذا شيئا؟ فقال: نعم يا رسول الله انى والله ما حملني
على الاستنجاء بالماء إلا انى أكلت طعاما، فلان بطني فلم تغن عنى الحجارة شيئا
فاستنجيت بالماء فقال رسول الله صلى الله عليه وآله هنيئا لك فان الله تعالى قد أنزل فيك آية
فأبشر ان الله يحب التوابين المتطهرين فكنت أول من صنع هذا أول التوابين
وأول المتطهرين.
2 - أبى رحمه الله قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن هارون بن
مسلم عن مسعدة بن زياد، عن أبي عبد الله عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لبعض
نسائه: مري نساء المؤمنين ان يستنجين بالماء ويبالغن فإنه مطهرة للحواشي
ومذهبة للبواسير.
(باب 206 - العلة في المضمضة والاستنشاق وانهما ليسا من أو ضوء)
1 - حدثنا محمد بن الحسن رحمه الله قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار
286

عن إبراهيم بن هاشم عن إسماعيل بن مرار، عن يونس بن عبد الرحمان، عمن
أخبره عن أبي بصير عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهم السلام انهما قالا: المضمضة
والاستنشاق ليسا من الوضوء لأنهما من الجوف.
(باب 207 - العلة التي من أجلها لا يجب غسل الثوب الذي)
(يقع في الماء الذي يستنجى به)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا محمد بن الحسين
عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن يونس بن عبد الرحمان، عن رجل من أهل
المشرق عن العنزا عن الأحول قال: دخلت على أبى عبد الله عليه السلام فقال: سل عما
شئت فارتجت علي المسائل فقال لي سل ما بدا لك فقلت جعلت فداك الرجل يستنجى
فيقع ثوبه في الماء الذي يستنجى به فقال لا باس به فسكت فقال أو تدري لم صار
لا بأس به؟ قلت لا والله جعلت فداك فقال: لأن الماء أكثر من القذر.
(باب 208 - العلة التي من أجلها لم تجب المضمضة والاستنشاق في غسل الجنابة)
1 - أبى رحمه الله قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى
عن أبي يحيى الواسطي، عمن حدثه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام الجنب
يتمضمض فقال: لا إنما يجنب الظاهر ولا يجنب الباطن والفم من الباطن.
2 - وروى في حديث آخر ان الصادق عليه السلام قال في غسل الجنابة ان شئت
ان تتمضمض وتستنشق فافعل وليس بواجب لان الغسل على ما ظهر لاعلى ما بطن
(باب 208 - العلة التي من أجلها إذا اغتسل الرجل من الجنابة)
(قبل ان يبول ثم خرج منه شئ أعاد الغسل والمرأة)
(إذا خرج منها شئ بعد الغسل لم تعد الغسل)
1 - حدثنا محمد بن الحسن رحمه الله قال حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان
عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن ابن مسكان عن سليمان بن خالد عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل أجنب فاغتسل قبل ان يبول فخرج منه
287

شئ، قال: يعيد الغسل، قلت: فامرأة يخرج منها شئ بعد الغسل قال: لا تعيد
قلت: فما الفرق بينهما؟ قال: لان ما يخرج من المرأة إنما هو من ماء الرجل.
(210 - العلة التي من أجلها يجوز للحايض والجنب ان يجوزا)
(في المسجد، ولا يضعا فيه شيئا)
1 - أبى رحمه الله قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا يعقوب بن
يزيد عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام
قالا: قلنا له الحائض والجنب يدخلان المسجد أم لا؟ قال الحائض والجنب
لا يدخلان المسجد إلا مجتازين ان الله تبارك وتعالى يقول: (ولا جنبا إلا عابري
سبيل حتى تغتسلوا) ويأخذان من المسجد ولا يضعان فيه شيئا قال زرارة: قلت له
فما بالهما يأخذان منه ولا يضعان فيه؟ قال: لأنهما لا يقدران على أخذ ما فيه إلا
منه ويقدران على وضع ما بيدهما في غيره قلت فهل يقرآن من القرآن شيئا قال:
نعم ما شاءا إلا السجدة ويذكران الله على كل حال.
(باب 211 - العلة في الفرق بين ما يخرج من الصحيح وبين)
(ما يخرج من المريض من الماء الرقيق)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن المغيرة
عن حريز عن ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يرى في
المنام انه يجامع ويجد الشهوة فيستيقظ وينظر فلا يرى شيئا ثم يمكث بعد فيخرج
قال: إن كان مريضا فليغتسل وان لم يكن مريضا فلا شئ عليه قال: قلت فما الفرق
بينهما قال: لان الرجل إذا كان صحيحا جاء الماء بدفقة قوية، وإن كان مريضا
لم يجئ إلا بضعف.
2 - أبى رحمه الله قال: حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه، عن حماد عن
حريز عن زرارة عن ابن جعفر عليه السلام قال: إذا كانت مريضا فأصابتك شهوة
فإنه ربما كان هو الدافق لكنه يجئ مجيئا ضعيفا ليست له قوة لمكان مرضك
288

ساعة بعد ساعة قليلا قليلا فاغتسل منه. (باب 212 - النوادر)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن الحسن بن علي الكوفي
عن عبد الله بن جبلة عن رجل، عن أبي عبد الله " ع " قال: إن الرجل ليعبد الله
أربعين سنة وما يطيعه في الوضوء.
2 - حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن
الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين عن محمد بن مروان قال: قال
أبو عبد الله " ع " يأتي على الرجل ستون أو سبعون سنة ما يقبل الله منه صلاة
قال: قلت فكيف ذاك؟ لأنه يغسل ما أمر الله بمسحه.
(باب 213 - العلة التي من أجلها يجب أن يسمى الله تعالى عند الوضوء)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال حدثنا محمد بن أحمد
عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن داود العجلي مولى أبى المغيرة، عن أبي
بصير، عن أبي عبد الله " ع " قال: قال يا أبا محمد من توضأ فذكر اسم الله طهر
جميع جسده وكان الوضوء إلى الوضوء كفاره لما بينهما من الذنوب ومن لم يسم لم
يطهر من جسده إلا ما أصابه الماء.
(باب 214 - العلة التي من أجلها إذا نسي المتوضئ الذراع)
(والرأس كان عليه أن يعيد الوضوء)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثني الحسين بن محمد بن عامر عن معلى بن محمد
عن الحسن بن علي الوشاء، عن حماد بن عثمان، عن حكم بن حكيم قال: سألت
أبا عبد الله " ع " عن رجل نسي من الوضوء الذراع والرأس؟ قال: يعيد الوضوء ان الوضوء يتبع بعضه بعضا.
2 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد، عن
الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن سماعة، عن أبي بصير، عن
289

أبى عبد الله " ع " قال: إذا توضأت بعض وضوءك فعرضت لك حاجة حتى يبس
وضوءك فأعد وضوءك فان الوضوء لا يبعض.
(باب 215 - علة الطمث)
1 أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن
عيسى عن علي بن الحكم بن أبي جميلة عن أبي جعفر " ع " قال: إن بنات الأنبياء
صلوات الله عليهم لا يطمثن إنما الطمث عقوبة وأول من طمثت سارة.
2 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا علي بن الحسين السعد
آبادي قال حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال حدثنا الحسن بن محبوب عن أبي
أيوب الخزاز عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر محمد بن علي " ع "
قال: الحيض من النساء نجاسة رماهن الله بها، قال: وقد كن النساء في زمن نوح
إنما تحيض المرأة في كل سنة حيضة حتى خرجن نسوة من حجابهن وهن سبعمائة
امرأة فانطلقن فلبس المعصفرات من الثياب وتحلين وتعطرن ثم خرجن فتفرقن
في البلاد فجلسن مع الرجال وشهدن الأعياد معهم وجلسن في صفوفهم فرماهن
الله بالحيض عند ذلك في كل شهر أولئك النسوة بأعيانهن فسالت دمائهن
فخرجن من بين الرجال وكن يحضن في كل شهر حيضة، قال: فاشغلهن الله تبارك
وتعالى بالحيض وكثر شهوتهن، قال: وكان غيرهن من النساء اللواتي لم يفعلن مثل
فعلهن كن يحضن في كل سنة حيضة قال فتزوج بنو اللاتي يحضن في كل شهر حيضة
بنات اللاتي يحضن في كل سنة حيضة، قال: فامتزج القوم فحضن بنات هؤلاء
وهؤلاء في كل شهر حيضة، قال: وكثر أولاد اللاتي يحضن في كل شهر حيضة
لاستقامة الحيض، وقل أولاد اللاتي لا يحضن في السنة إلا حيضة لفساد الدم
قال: فكثر نسل هؤلاء وقل نسل أولئك.
(باب 216 - العلة التي من أجلها يبدأ صاحب البيت بالوضوء قبل الطعام)
1 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله قال: حدثنا علي بن الحسين
290

السعد آبادي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن محمد بن علي الكوفي عن عثمان
ابن عيسى عن محمد بن عجلان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الوضوء قبل الطعام يبدأ
صاحب البيت لئلا يحتشم أحد فإذا فرغ من الطعام يبدأ من عن يمين الباب
حرا كان أو عبدا.
2 - وفي حديث آخر فليغسل أولا رب البيت يده ثم يبدأ بمن عن يمينه
وإذا رفع الطعام بدأ بمن على يسار صاحب المنزل ويكون آخر من يغسل يده
صاحب المنزل لأنه أولى بالغمر ويتمندل عند ذلك.
(باب 217 - العلة التي من أجلها أعطيت النفساء ثمانية عشر يوما)
(ولم تعط أقل منها ولا أكثر)
1 - أخبرني علي بن حاتم قال: أخبرني القاسم بن محمد قال: حدثنا حمدان
ابن الحسين عن الحسين بن الوليد عن حنان بن سدير قال: قلت لأي علة أعطيت
النفساء ثمانية عشر يوما ولم تعط أقل منها ولا أكثر؟ قال: لان الحيض أقله ثلاثة
أيام وأوسطه خمسة أيام، وأكثره عشرة أيام، فأعطيت أقل الحيض
وأوسطه وأكثره.
(218 - العلة التي من أجلها لا يجوز للحايض أن تختضب)
1 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه قال: حدثنا محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد
ابن يحيى، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب، عن أبي
بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الحائض هل تختضب؟
قال: لا، لأنه يخاف عليها من الشيطان.
(باب 219 - العلة التي من أجلها لا ترى الحامل الحيض)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي الكوفي
عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم، عن الهيثم بن واقد، عن مقرن، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: سأل سلمان رحمة الله عليه عليا صلوات الله عليه عن رزق
291

الولد في بطن أمه، فقال: ان الله تبارك وتعالى حبس عليه الحيضة فجعلها رزقه
في بطن أمه.
(باب 220 - آداب الحمام)
1 - حدثنا محمد بن الحسن رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن
أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن الحسن بن علي عن عبد الله بن بكير عن
عبد الله بن أبي يعفور قال: لا حاني زرارة بن أعين في نتف الإبط وحلقه فقلت
نتفه أفضل من حلقه وطليه أفضل منهما جميعا فأتينا باب أبى عبد الله " ع " فطلبنا
الاذن عليه فقيل لنا هو في الحمام فذهبنا إلى الحمام فخرج صلى الله عليه علينا وقد
اطلى إبطه فقلت لزرارة يكفيك؟ قال: لا لعله إنما فعله لعلة به فقال فيما أتيتما فقلت
لاحانى زرارة بن أعين في نتف الإبط وحلقه، فقلت نتفه أفضل من حلقه
وطليه أفضل منهما، فقال أما انك أصبت السنة وأخطأها زرارة اما ان نتفه
أفضل من حلقه وطليه أفضل منهما، ثم قال لنا اطليا فقلنا فعلنا منذ ثلاث فقال
أعيدا فان الأطلاء طهور ففعلنا فقال لي تعلم يا بن أبي يعفور فقلت جعلت فداك
علمني فقال إياك والاضطجاع في الحمام فإنه يذيب شحم الكليتين وإياك والاستلقاء
على القفاء في الحمام فإنه يورث داء الدبيلة، وإياك والتمشط في الحمام فإنه يورث
وباء الشعر، وإياك والسواك في الحمام فإنه يورث وباء الأسنان، وإياك ان تغسل
رأسك بالطين فإنه يسمج الوجه، وإياك ان تدلك رأسك ووجهك بميزر فإنه
يذهب بماء الوجه، وإياك ان تدلك تحت قدمك بالخزف فإنه يورث البرص، وإياك
ان تغتسل من غسالة الحمام ففيها يجتمع غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي
والناصب لنا أهل البيت وهو شرهم فان الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقا أنجس من
الكلب وان الناصب لنا أهل البيت أنجس منه.
(قال مصنف هذا الكتاب) رويت في خبر آخر أن هذا الطين هو طين مصر
وان هذا الخزف هو خزف الشام.
292

(باب 221 - العلة التي من أجلها لم يأمر رسول الله صلى الله عليه وآله)
(بالسواك مع كل صلاة)
1 - أبى رحمه قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه عن عبد الله بن
ميمون عن أبي جعفر " ع " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لولا أن أشق على أمتي
لامرتهم بالسواك مع كل صلاة.
(باب 222 - العلة التي من أجلها سن السواك وقت القيام باليل)
1 - أبى رحمه الله قال حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عمن ذكره عن
عبد الله بن حماد بن أبي بكر بن أبي سماك قال قال أبو عبد الله " ع " إذا قمت
باليل فاستك فان الملك يأتيك فيضع فاه على فيك فليس من حرف تتلوه وتنطق
به إلا صعد به إلى السماء فليكن فوك طيب الريح.
(باب 223 - العلة التي من أجلها كن نساء النبي صلى الله عليه وآله إذا اغتسلن)
(من الجنابة أبقين صفرة الطيب على أجسادهن)
1 - أبى رحمه الله قال حدثنا سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن هاشم عن
النوفلي على السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال كن
نساء النبي صلى الله عليه وآله إذا اغتسلن من الجنابة أبقين صفرة الطيب على أجسادهن وذلك أن
النبي صلى الله عليه وآله أمرهن أن يصببن الماء صبا على أجسادهن.
(باب 224 - العلة التي من أجلها تقضى الحايض الصوم ولا تقضى الصلاة)
1 - أبى رحمه الله قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا أحمد بن إدريس
عن محمد بن أحمد عن محمد بن عبد الجبار عن علي بن مهزيار قال: كتبت إليه امرأة
طهرت من حيضها أو من دم نفاسها في أول يوم من شهر رمضان ثم استحاضت
فصلت وصامت شهر رمضان كله من غير أن تعمل كما تعمله المستحاضة من الغسل
لكل صلاتين هل يجوز صومها وصلاتها أم لا؟ فكتب تقضي صومها ولا تقضى صلاتها لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر المؤمنات من نسائه بذلك.
293

2 - حدثنا علي بن أحمد قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله قال: حدثنا موسى
ابن عمران عن عمه عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله " ع "
ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قال: لأن الصوم إنما هو في السنة
شهر، والصلاة في كل يوم وليلة، فأوجب الله عليها قضاء الصوم ولم يوجب عليها
قضاء الصلاة لذلك.
(باب 225 - العلة التي من أجلها يغسل الثوب من لبن الجارية وبولها)
(ولا يغسل من لبن الغلام وبوله)
1 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا
محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن
إسماعيل بن مسلم السكوني، عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام ان عليا " ع "
قال: لبن الجارية وبولها يغسل منه الثوب قبل ان تطعم لان لبنها يخرج من مثانة
أمها ولبن الغلام لا يغسل منه الثوب ولا بوله قبل ان يطعم، لان لبن الغلام
يخرج من المنكبين والعضدين.
(باب 226 - العلة التي من أجلها لا يجب غسل باطن الانف من الرعاف)
* * * (1)
(باب 227 - العلة التي من أجلها كانت الأزد أعذب الناس أفواها)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد، عن
محمد بن حسان الرازي، عن محمد بن يزيد الرازي، عن أبي البختري عن أبي
عبد الله " ع " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لما دخل الناس في الدين أفواجا أتتهم
الأزد أرقها قلوبا وأعذبها أفواها، قيل يا رسول الله هذه أرقها قلوبا عرفناه فلم

(1) هاهنا بياض تركه النساخ لكن في الوسائل باسناده عن عمار الساباطي
قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل يسيل من أنفه الدم هل عليه ان يغسل
باطنه - يعني جوف الانف - فقال: إنما عليه ان يغسل ما ظهر منه، فافهم.
294

صارت أعذبها أفواها؟ قال: لأنها كانت تستاك في الجاهلية قال: وقال جعفر " ع "
لكل شئ طهور وطهور الفم السواك
(باب 228 - العلة التي من أجلها ترك الصادق " ع " السواك بسنتين)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسن، عن
عبد الله بن جبلة عن إسحاق بن عمار قال: حدثني مسلم مولا لأبي عبد الله قال: ترك أبو عبد الله " ع " السواك قبل ان يقبض بسنتين وذلك أن أسنانه ضعفت.
(باب 229 - العلة التي من أجلها صار جميع جسد الحائض طاهرا)
(إلا موضع الحيض)
(1)
(باب 230 - العلة التي من أجلها يستحب أن يكون الانسان)
(في جميع الأحوال على وضوء)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن عيسى
اليقطيني، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد عن أبي بصير عن أبي
عبد الله " ع " قال حدثني أبي عن جدي عن آبائه أمير المؤمنين " ع " قال:
لا ينام المسلم وهو جنب ولا ينام إلا على طهور فإن لم يجد الماء فليتيمم بالصعيد فان
روح المؤمن تروح إلى الله تعالى فيلقيها ويبارك عليها فإن كان أجلها قد حضر
جعلها في مكنون رحمته وان لم يكن أجلها قد حضر بعث بها مع أمنائه من
الملائكة فيردوها في جسده.
(231 - العلة التي من أجلها صار المذي والودي لا ينقضان الوضوء)
1 أبى رحمه الله قال: حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز
عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن سال من ذكرك شئ من مذي أو ودي

(1) هاهنا بياض تركه النساخ لكن في الوسائل باسناده عن سورة بن كليب قال:
سألت أبا عبد الله عن المرأة الحائض أتغسل ثيابها التي لبستها في طمثها؟ قال تغسل ما
أصاب ثيابها من الدم وتدع ما سوى ذلك قلت له وقد عرقت فيها قال إن العرق ليس من الحيض.
295

وأنت في الصلاة فلا تقطع الصلاة ولا تنقض له الوضوء وان بلغ عقبك، إنما
ذلك بمنزلة النخامة وكل شئ خرج منك بعد الوضوء فإنه من الحبائل أو من
البواسير فليس بشئ فلا تغسله من ثوبك إلا أن تقذره.
2 - وبهذا الاسناد عن حريز قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن المذي يسيل
حتى يبلغ الفخذ قال: لا يقطع صلاته ولا يغسله من فخذه لأنه لم يخرج من مخرج
المنى إنما بمنزلة النخامة.
3 - حدثنا محمد بن الحسن رحمه الله قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن
إبراهيم بن هاشم عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن يزيد بن معاوية قال
سألت أحدهما عليهما السلام عن المذي فقال: لا ينقضن الوضوء ولا يغسل منه ثوب
ولا جسد إنما هو بمنزلة البصاق والمخاط.
4 - أبى رحمه الله قال: حدثنا محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال
عن ابن بكير عن عمر بن حنظلة قال: سألت أبا عبد الله عن المذي قال: ما هو
والنخامة إلا سواء.
(باب 232 - العلة التي من أجلها يحمل أهل الكتاب موتاهم إلى الشام)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن الحسن
ابن علي بن فضال عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال: احتبس القمر عن بني إسرائيل
فأوحى الله إلى موسى ان اخرج عظام يوسف من مصر ووعده طلوع القمر إذا
أخرج عظامه، فسئل موسى عمن يعلم موضع قبر يوسف فقيل له هاهنا عجوز تعلم
علمه فبعث إليها فاتى بعجوز مقعدة عمياء فقال لها أتعرفين موضع قبر يوسف!
قالت نعم، قال فاخبريني به قالت: لا، حتى تعطيني أربع خصال: تطلق لي رجلي
وتعيد إلي بصري وتعيد إلي شبابي وتجعلني معك في الجنة قال: فكبر ذلك على
موسى قال فأوحى الله عز وجل إليه يا موسى إعطها ما سألت فإنك إنما تعطى على
فعل فدلته عليه فاستخرجه من شاطئ النيل في صندوق مرمر، فلما أخرجه
296

طلع القمر فحمله إلى الشام، فلذلك تحمل أهل الكتاب موتاهم إلى الشام.
(باب 233 - العلة التي من أجلها صار حمى ليلة كفارة سنة)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد، عن
سليمان بن داود عن سفيان بن عيينة عن الزهري قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: حمى ليلة كفارة سنة، وذلك لان ألمها يبقى في الجسد سنة.
(باب 234 - علة توجيه الميت إلى القبلة)
1 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى
العطار، عن محمد بن أحمد، عن أبي جعفر أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي الجوزاء
المنبه بن عبد الله عن الحسين بن علوان عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن
آبائه، عن علي عليه السلام قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله على رجل من ولد عبد المطلب
فإذا هو في السوق وقد وجه إلى غير القبلة فقال: وجهوه إلى القبلة فإنكم إذا فعلتم
ذلك أقبلت عليه الملائكة واقبل الله عليه بوجهه فلم يزل كذلك حتى يقبض.
(باب 235 - علة سهولة النزع وصعوبته على المؤمن والكافر) -
1 - أبى رحمه الله قال حدثنا محمد بن أبي القاسم ماجيلويه عن محمد
ابن علي الكوفي عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام
يا مفضل إياك والذنوب وحذرها شيعتنا فوالله ما هي إلى أحد أسرع منها إليكم
ان أحدكم لتصيبه المعرة من السلطان وما ذاك الا بذنوبه وانه ليصيبه السقم وما
ذاك إلا بذنوبه وانه ليحبس عنه الرزق وما هو إلا بذنوبه وانه ليشدد عليه عند
الموت وما هو إلا بذنوبه حتى يقول من حضره لقد غم بالموت فلما رأى ما قد
دخلني قال أتدري لم ذاك يا مفضل؟ قال: قلت لا أدري جعلت فداك قال ذاك والله
انكم لا تؤاخذون بها في الآخرة وعجلت لكم في الدنيا.
297

حدثنا محمد القاسم المعروف بابى الحسن الجرجاني رضي الله عنه
قال: حدثنا أحمد بن الحسن الحسيني، عن الحسن بن علي الناصر عن أبيه عن محمد
ابن علي عن أبيه الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال: قيل للصادق عليه السلام
صف لنا الموت؟ قال: للمؤمن كأطيب ريح يشمه فينعس لطيبه وينقطع التعب والألم
كله عنه، وللكافر كلسع الأفاعي ولذع العقارب أو أشد، قيل فان قوما يقولون إنه
أصعب من نشر بالمناشير وقرض بالمقاريض ورضخ بالأحجار وتدوير
قطب الأرحية في الأحداق، قال: كذلك هو على بعض الكافرين والفاجرين
بالله عز وجل ألا ترون منهم من يعاني الشدائد فذلكم الذي هو أشد من هذا
ألا ان من عذاب الآخرة فإنه أشد من عذاب الدنيا، قيل فما بالنا نرى كافرا
يسهل عليه النزاع فينطفي وهو يحدث ويضحك ويتكلم، وفي المؤمنين أيضا من
يكون كذلك وفي المؤمنين والكافرين من يقاسي عند سكرات الموت هذه الشدائد
فقال: ما كان من راحة للمؤمن هناك فهو عاجل ثوابه وما كان من شديدة فتمحيصه
من ذنوبه ليرد الآخرة نقيا نظيفا مستحقا لثواب الأبد لا مانع له دونه وما كان
من سهولة هناك على الكافر فليوف أجر حسناته في الدنيا ليرد الآخرة وليس
له إلا ما يوجب عليه العذاب وما كان من شدة على الكافر هناك فهو ابتداء
عذاب الله له بعد حسناته ذلكم بان الله عدل لا يجور.
3 - وبهذا الاسناد قال: قيل للصادق عليه السلام أخبرنا عن الطاعون فقال عذاب
لقوم ورحمة لآخرين، قالوا: وكيف تكون الرحمة عذابا؟ قال أما تعرفون ان
نيران جهنم عذاب على الكافر وخزنة جهنم معهم فيها فهي رحمة عليهم.
(باب 236 - العلة التي من أجلها لا يجوز للحايض والجنب)
(الحضور عند تلقين الميت)
1 - حدثنا أبي رضي الله عنه باسناد متصل يرفعه إلى الصادق عليه السلام أنه قال
: لا تحضر الحايض والجنب عند التلقين، ان الملائكة تتأذى بهما.
298

(227 - علة الريح بعد الروح، وعلة السلوة بعد المصيبة)
(وعلة الدابة التي تقع في الطعام)
1 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه
عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تعالى
تطول على عباده بثلاث: القى عليهم الريح بعد الروح ولولا ذلك ما دفن حميم حميما
والقى عليهم السلوة بعد المصيبة ولولا ذلك لانقطع النسل، والقى عليه هذه الحبة
الدابة ولولا ذلك لكنزتها ملوكهم كما يكنزون الذهب والفضة.
2 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد
ابن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن أبي أيوب الخزاز عن أبي حمزة الثمالي قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام ان الله عز وجل تطول على عبادة بالحبة فسلط عليها
القملة ولولا ذلك لخزنتها الملوك كما يخزنون الذهب والفضة.
(باب 238 - العلة التي من أجلها يغسل الميت، والعلة التي)
(من أجلها يغتسل الذي يغسله وعلة الصلاة عليه)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا محمد بن أحمد بن
يحيى بن عمران الأشعري قال: حدثنا حمدان بن سليمان، وحدثنا عبد الواحد بن
محمد بن عبدوس النيسابوري العطار رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن محمد بن
قتيبة النيسابوري عن حمدان بن سليمان النيسابوري عن الحسن بن علي بن فضال
عن هارون بن حمزة عن بعض أصحابنا عن علي بن الحسن عليهما السلام قال: إن
المخلوق لا يموت حتى تخرج منه النطفة التي خلقه الله تعالى منها من فيه
أو من غيره.
2 - أخبرني علي بن حاتم قال: أخبرنا القاسم بن محمد قال: حدثنا إبراهيم
ابن مخلد قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن بشير عن محمد بن سنان عن أبي عبد الله
القزويني قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام عن غسل الميت لأي
299

علة يغسل ولأي علة يغتسل الغاسل؟ قال: يغسل الميت لأنه جنب ولتلاقيه الملائكة
وهو طاهر وكذلك الغاسل لتلاقيه المؤمنين.
3 - أخبرنا أبى رحمه الله قال حدثنا محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن
إسماعيل عن علي بن العباس قال: حدثنا القاسم بن ربيع الصحاف عن محمد بن
سنان ان أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام كتب إليه في جواب مسائله علة
غسل الميت انه يغسل لان يطهر وينظف من ادناس أمراضه وما أصابه من
صنوف علله لأنه يلقى الملائكة ويباشر أهل الآخرة فيستحب إذا ورد على
الله عز وجل وأهل الطهارة ويماسونه ويماسهم أن يكون طاهرا نظيفا موجها
به إلى الله عز وجل ليطلب وجهه وليشفع له، وعلة أخرى انه يقال يخرج منه
القذى الذي خلق منه فيكون غسله له، وعلة أخرى اغتسال من غسله أو لامسه
لظاهر ما أصابه من نضح الميت، لان الميت إذا خرج الروح منه بقي أكثر آفته
فلذلك يتطهر له ويطهر.
4 - وعنه قال: حدثنا محمد بن عمر بن أبي عمير قال: حدثنا محمد بن عمار
البصري عن عباد بن صهيب عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام انه سئل
ما بال الميت يغسل؟ قال: للنطفة التي خلق منها يرمى بها.
5 - حدثني الحسين بن أحمد رحمه الله، عن أبيه قال: حدثنا أحمد بن محمد
ابن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن عبد الرحمن بن حماد قال: سألت أبا
إبراهيم عليه السلام عن الميت لم يغسل غسل الجنابة؟ قال: إن الله تبارك وتعالى أعلا
وأخلص من أن يبعث أشياء بيده، ان لله تبارك وتعالى ملكين خلاقين فإذا أراد
ان يخلق خلقا أمر أولئك الخلاقين فأخذوا من التربة التي قال الله عز وجل في
كتابه (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) فعجنوها بالنطفة
المسكنة في الرحم فإذا عجنت النطفة بالتربة قالا: يا رب ما نخلق؟ قال فيوحي الله
تبارك وتعالى إليهما ما يريد من ذلك ذكرا أو أنثى مؤمنا أو كافرا أسود أو أبيض
300

شقيقا أو سعيدا، فإذا مات سالت منه تلك النطفة بعينها لا غيرها، فمن ثم صار
الميت يغسل غسل الجنابة.
(باب 239 - العلة التي من أجلها إذا دفن الميت يجعل وجهه إلى القبلة)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله
عن أبيه عن حماد بن عيسى عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان
البراء بن معرور الأنصاري بالمدينة، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة، والمسلمون
يصلون إلى بيت المقدس فأوصى إذا دفن ان يجعل وجهه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فجرت
فيه السنة ونزل به الكتاب.
(باب 240 - العلة التي من أجلها ينبغي لأولياء الميت ان يؤذنوا الاخوان)
1 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا عبد الله بن جعفر عن
أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد، وابن سنان جميعا، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: ينبغي لأولياء الميت ان يؤذنوا اخوان الميت بموته
فيشهدون جنازته ويصلون عليه فيكسب لهم الاجر ويكسب لميته الاستغفار
ويكسب هو الاجر فيهم وفيما اكتسبه لميته من الاستغفار.
(باب 241 - العلة التي من أجلها يستحب تجويد الأكفان)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا محمد بن أحمد
عن أحمد بن محمد، عن بعض أصحابنا يرفعه إلى أبى عبد الله " ع " قال: أجيدوا
أكفان موتاكم فإنها زينتهم.
2 - وعنه، عن أحمد بن إدريس قال: حدثني أحمد بن محمد بن علي بن الحكم
عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أوصاني أبي بكفنه فقال لي
يا جعفر اشتر لي بردا وجوده، فان الموتى يتباهون بأكفانهم.
301

(باب - 242
العلة التي من أجلها صار الكافور للميت)
(وزن ثلاثة عشر درهما وثلث)
1 - أبى رحمه الله ومحمد بن الحسن قالا: حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد
ابن احمد قال: حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن هاشم عن ابن سنان رفعه قال: السنة
في الحنوط ثلاثة عشر درهما وثلث، قال محمد بن أحمد ورووا أن جبرئيل " ع "
نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله بحنوط وكان وزنه أربعين درهما فقسمه رسول الله صلى الله عليه وآله
ثلاثة أجزاء جزءا له وجزءا لعلي وجزءا لفاطمة صلوات الله عليهم.
(باب 243 - العلة التي من أجلها يجعل للميت الجريدة)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن
حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له أرأيت الميت
إذا مات لم تجعل معه الجريدة؟ قال تجافي عنه العذاب والحساب ما دام العود رطبا
إنما الحساب والعذاب كله في يوم واحد وفي ساعة واحدة قدر ما يدخل القبر
ويرجع الناس عنه، فإنما جعل السعفتان لذلك، ولا عذاب ولا حساب بعد
جفوفهما إن شاء الله.
(باب 244 - العلة التي من أجلها يكبر على الميت خمس تكبيرات)
1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا أحمد بن محمد
عن علي بن الحكم عن عثمان بن عبد الملك عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: يا أبا بكر أتدري كم الصلاة على الميت؟ قلت: لا، قال: خمس تكبيرات ثم
قال أفتدري من أين أخذت؟ قلت: لا، قال: أخذت الخمس من الخمس صلوات
من كل صلاة تكبيرة.
2 - حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن الفضل
ابن عامر عن موسى بن القاسم عن سليمان بن جعفر عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام
302

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان الله فرض الصلاة خمسا وجعل للميت من كل
صلاة تكبيرة.
3 - أخبرني علي بن حاتم قال حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا العباس بن محمد
عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن المهاجر، عن أمه أم سلمة، قالت: خرجت
إلى مكة فصحبتي امرأة من المرجئة فلما أتينا الربذة أحرم الناس وأحرمت معهم
فاخرت احرامي إلى العقيق فقالت يا معشر الشيعة تخالفون في كل شئ يحرم
الناس من الربذة وتحرمون من العقيق وكذلك تخالفون في الصلاة على الميت
يكبر الناس أربعا وتكبرون خمسا وهي تشهد على أن التكبير على الميت أربع
قال: فدخلت على أبى عبد الله عليه السلام فقلت له أصلحك الله صحبتني امرأة من
المرجئة فقالت كذا وكذا فأخبرته بمقالتها فقال أبو عبد الله عليه السلام كان
رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى على الميت كبر فتشهد ثم كبر فصلى على النبي ودعا
ثم كبر واستغفر للمؤمنين والمؤمنات ثم كبر فدعا للميت ثم كبر وينصرف فلما
نهاه الله تعالى عن الصلاة على المنافقين كبر وتشهد ثم كبر فصلى على النبي ثم كبر
فدعا للمؤمنين والمؤمنات ثم كبر الرابعة وانصرف ولم يدع للميت.
(باب 245 - العلة التي من أجلها يكبر المخالفون على الميت أربعا)
1 - حدثنا علي بن أحمد قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله، عن موسى بن
عمران عن عمه الحسين بن يزيد عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال قلت لأبي
عبد الله " ع " لأي علة يكبر على الميت خمس تكبيرات ويكبر مخالفونا بأربع
تكبيرات قال لان الدعائم التي بنى عليها الاسلام خمس الصلاة والزكاة والصوم
والحج والولاية لنا أهل البيت فجعل الله عز وجل للميت من كل دعامة تكبيرة
وانكم أقررتم بالخمس كلها وأقر مخالفوكم بأربع وأنكروا واحدة فمن ذاك يكبرون
على موتاهم أربع تكبيرات وتكبرون خمسا.
2 - أبى رحمه الله قال حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير
303

عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله " ع " قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكبر على قوم
خمسا وعلى قوم أربعا فإذا يكبر على رجل أربعا أتهم الرجل.
3 - محمد بن علي ماجيلويه عن محمد بن يحيى العطار عن جعفر بن محمد بن
مالك قال: حدثنا أحمد بن هيثم عن علي بن خطاب الخلال عن إبراهيم بن محمد
ابن حمران قال: خرجنا إلى مكة فدخلنا على أبى عبد الله " ع " فذكر الصلاة على
الجنايز فقال كان يعرف المؤمن والمنافق بتكبير رسول الله صلى الله عليه وآله على المؤمن
خمسا وعلى المنافق أربعا.
4 - حدثنا محمد بن الحسن رحمه الله قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن
محمد بن عيسى عمن ذكره قال: قال الرضا " ع " ما العلة في التكبيرة على الميت خمس
تكبيرات؟ قلت رووا انها قد اشتقت من خمس صلوات فقال هذا ظاهر الحديث
فاما باطنه فان الله عز وجل فرض على العباد خمس فرائض الصلاة والزكاة
والصيام والحج والولاية فجعل للميت من كل فريضة تكبيرة واحدة فمن قبل
الولاية كبر خمسا ومن لم يقبل الولاية كبر أربعا فمن أجل ذلك تكبرون خمسا
ومن خالفكم يكبر أربعا.
(باب 246 - العلة التي من أجلها يكره المشي امام جنازة المخالف)
1 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال حدثنا عمى محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن أبي عبد الله عن وهب عن علي بن أبي حمزة قال سألت
أبا عبد الله " ع " كيف اصنع إذا خرجت مع الجنازة أمشي أمامها أو خالفها أو
عن يمينها أو عن شمالها؟ قال إن كان مخالفا فلا تمش امامه فان ملائكة العذاب
يستقبلونه بألوان العذاب.
(باب 247 - العلة التي من أجلها نهى عن حثو التراب)
(في قبور ذوي الأرحام)
1 - أخبرني علي بن حاتم قال حدثنا أبو الفضل العباس بن محمد بن القاسم
304

العلوي قال، حدثنا الحسن بن سهل عن محمد بن سهل عن محمد بن حاتم عن يعقوب
ابن يزيد قال: حدثني علي بن أسباط عن عبيد بن زرارة قال: مات لبعض أصحاب
أبي عبد الله (ع) ولد فحضر أبو عبد الله جنازته فلما الحد تقدم أبوه ليطرح
عليه التراب فأخذ أبو عبد الله (ع) بكتفه وقال: لا تطرح عليه من التراب، ومن
كان منه ذا رحم فلا يطرح عليه التراب فقلنا: يا بن رسول الله أتنهى عن هذا وحده؟
فقال: أنهاكم ان تطرحوا التراب على ذوي الأرحام فان ذلك يورث القسوة
في القلب، ومن قسا قبله بعد من ربه عز وجل.
(باب 248 - العلة التي من أجلها يربع القبر)
1 - أخبرنا علي بن حاتم قال: أخبرنا القاسم بن محمد قال حدثنا حمدان بن
الحسين، عن الحسين بن الوليد، عمن ذكره عن أبي عبد الله (ع) قال: قلت لأي
علة يربع القبر؟ قال: لعلة البيت لأنه ترك مربعا.
(باب 249 - العلة التي من أجلها يكره دخول القبر بالحذاء)
1 - أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى عن ابن
أبي عمير عن علي بن يقطين قال: سمعت أبا الحسن الأول (ع) لا تنزل في
القبر وعليك العمامة ولا القلنسوة ولا الحذاء ولا الطيلسان وحل ازرارك فذلك
سنة من رسول الله صلى الله عليه وآله، قلت: فالخف؟ قال: لا أرى به بأسا، قلت لم يكره
الحذاء؟ قال: مخافة أن يعثر برجليه فيهدم.
(قال مصنف هذا الكتاب) لا يجوز دخول القبر بخف ولا حذاء ولا
أعرف الرخصة في الخف إلا في هذا الخبر، وإنما أوردته لمكان العلة.
(باب 250 - العلة التي من أجلها إذا اجتمع الميت والجنب)
(يغتسل الجنب ويترك الميت)
1 - حدثنا الحسين بن أحمد رحمه الله، عن أبيه، عن أحمد بن محمد، عن
الحسن بن النضر قال: سألت أبا الحسن الرضا (ع) عن القوم يكونون في السفر
305

فيموت منهم ميت ومعهم جنب ومعهم ماء قليل قدر ما يكفي أحدهما أيهم يبدأ
به؟ قال يغتسل الجنب ويترك الميت لان هذا فريضة وهذا سنة.
(باب 251 - العلة التي من أجلها لا يفاجأ بالميت القبر)
1 - أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين عن
محمد بن سنان عن محمد بن عجلان عن أبي عبد الله (ع) قال: إذا جئت بأخيك إلى
القبر فلا تفدحه به، ضعه أسفل من القبر بذراعين أو ثلاثة حتى يأخذ لذلك أهبته
ثم ضعه في لحده وان استطعت ان تلصق خده بالأرض وتحسر عن خده فافعل
وليكن أولى الناس به مما يلي رأسه وليتعوذ بالله من الشيطان وليقرأ
(فاتحة الكتاب) (والمعوذتين) (وقل هو الله أحد) (وآية الكرسي) ثم ليقل
ما يعلم حتى ينتهى إلى صاحبه.
2 - وروي في حديث آخر: إذا أتيت بالميت القبر فلا تفدح به القبر فان
للقبر أهوالا عظيمة وتعوذ من هول المطلع، ولكن ضعه قرب شفير القبر واصبر
عليه هنيئة ثم قدمه قليلا واصبر عليه ليأخذ أهبته ثم قدمه إلى شفير القبر.
(باب 252 - العلة التي من أجلها صار خير الصفوف في الصلاة المقدم)
(وخير الصفوف في الجنايز المؤخر)
1 - أبي رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عيسى
عن محمد بن إبراهيم النوفلي قال: أخبرني إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر بن محمد
عن أبيه عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (ع) عن النبي صلى الله عليه وآله قال: خير الصفوف
في الصلاة المقدم، وخير الصفوف في الجنايز المؤخر، قيل يا رسول الله ولم؟
قال: صار سترة للنساء.
(باب 253 - العلة التي من أجلها تدمع عين الميت عند موته)
1 - أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن مهزيار عن
أخيه علي بن مهزيار عن فضالة بن أيوب عن معاوية بن وهب عن يحيى بن سابور
306

قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: الميت تدمع عينه عند الموت، فقال ذلك عند
معاينة رسول الله صلى الله عليه وآله يرى ما يسره، قال، ثم قال: ترى الرجل يرى ما يسره
فتدمع عينه ويضحك.
(باب 254 - العلة التي من أجلها ينبغي لصاحب المصيبة ان يلبس الرداء)
1 - حدثنا محمد بن الحسن رحمه الله قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن
العباس بن معروف عن سعدان بن مسلم، عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله
أو عن أبي بصير عن أبي عبد الله قال: ينبغي لصاحب المصيبة أن لا يلبس الرداء
وأن يكون في قميص حتى يعرف وينبغي لجيرانه أن يطمعوا عنه ثلاثة أيام.
2 - وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: ملعون من وضع
رداءه في مصيبة غيره.
(باب 255 - العلة التي من أجلها يرش الماء على القبر)
1 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا علي بن الحسين
السعد آبادي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير عن
بعض أصحابه قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن رش الماء على القبر قال: يتجافى
عنه العذاب ما دام الندا في التراب.
2 - حدثنا الحسين بن أحمد، عن أبيه، عن أحمد بن محمد عن بكر بن صالح
عن الحسين بن علي الرافقي عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام ان قبر النبي صلى الله عليه وآله
رفع شبرا من الأرض، وان النبي صلى الله عليه وآله أمر برش القبور.
(باب 256 - العلة التي من أجلها لا يجوز أن يترك الميت وحده)
1 - قال أبي رحمه الله: في رسالته إلي، لا يترك الميت وحده فان الشيطان
يعبث به في جوفه.
307

(باب 257 - العلة التي من أجلها يستحب أن يتخلف عند قبر الميت)
(أولى الناس به بعد انصراف الناس عنه ويلقنه ويرفع صوته)
1 - أبي رحمه الله قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه عن بعض أصحابنا
عن أبي عبد الله (ع) قال: ينبغي أن يتخلف عند قبر الميت أولى الناس به بعد
انصراف الناس عنه ويقبض على التراب بكفيه ويلقنه ويرفع صوته فإذا فعل
ذلك كفى الميت المسألة في قبره.
(باب 258 - العلة التي من أجلها لا يجمر الأكفان ولا يمس الموتى بالطيب)
1 - أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى بن عبيد
عن القاسم بن يحيى عن جده الحسين بن راشد عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع)
قال: حدثني أبي عن جده عن آبائه عليهم السلام ان أمير المؤمنين (ع) قال: لا تجمروا
الأكفان ولا تمسحوا أمواتكم بالطيب إلا الكافور فان الميت بمنزلة المحرم.
(باب 259 - العلة التي من أجلها يولد الانسان في أرض ويموت في أخرى)
1 - أخبرني علي بن حاتم قال: أخبرني القاسم بن محمد قال: حدثني حمدان
قال حدثني إبراهيم بن مخلد عن أحمد بن إبراهيم، عن محمد بن بشير، عن محمد بن
سنان عن أبي عبد الله القزويني قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي (ع) فقلت
لأي علة يولد الانسان هاهنا ويموت في موضع آخر؟ قال: لان الله تبارك وتعالى
لما خلق خلقه خلقهم من أديم الأرض فمرجع كل إنسان إلى تربته.
(باب 260 - العلة التي من أجلها لا يكتم موت المؤمن)
1 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله قال: حدثنا علي بن الحسين
السعد آبادي عن أحمد بن أبي عبد الله عن ابن محبوب عن عبد الرحمان بن
سيابة قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: لا تكتموا موت ميت من المؤمنين مات
في غيبته لتعتد زوجته ويقسم ميراثه.
308

(باب 261 - العلة التي من أجلها يجد الانسان للروح إذا)
(خرجت منه مسا. ولا يجد ذلك إذا ركبت فيه)
1 - أخبرني علي بن حاتم قال: أخبرنا القاسم بن محمد قال: حدثنا حمدان
ابن الحسين، عن الحسين بن الوليد، عن عمران بن الحجاج، عن عبد الرحمن عن
أبي عبد الله (ع) قال: قلت لأي علة إذا خرج الروح من الجسد وجد له مسا
وحيث ركبت لم يعلم به؟ قال: لأنه؟ نما؟ عليه البدن.
(باب 216 - العلة التي من أجلها يكون عذاب القبر)
1 - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار
عن السندي بن محمد عن صفوان بن يحيى عن صفوان بن مهران بن الحسن عن
أبي عبد الله (ع) قال: اقعد رجل من الأحبار في قبره فقيل له إنا جالدوك مائة
جلدة من عذاب الله فقال لا أطيقها فلم يفعلوا حتى انتهوا إلى جلده واحدة فقالوا
ليس منها بد قال فيما تجلدونيها قالوا نجلدك لأنك صليت يوما بغير وضوء ومررت
على ضعيف فلم تنصره، قال: فجلدوه جلدة من عذاب الله تعالى فامتلى قبره نارا.
2 - أخبرني علي بن حاتم قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني قال أخبرني
المنذر بن محمد قراءة قال: حدثني الحسين بن محمد قال: حدثنا علي بن القاسم
عن أبي خالد عن زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي (ع) قال: عذاب القبر
يكون من النميمة، والبول، وعزب الرجل عن أهله.
3 - أبي رحمه الله قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه عن
الحسين بن يزيد النوفلي عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن الصادق جعفر بن
محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ضغطة القبر للمؤمن
كفارة ة لما كان منه من تضييع النعم.
4 - حدثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن سفيان بن يعقوب بن الحارث
ابن إبراهيم الهمداني في منزله بالكوفة قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن أحمد
309

ابن يوسف الأزدي قال: حدثنا علي بن نوح الحناط قال: حدثنا عمرو بن اليسع
عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد (ع) قال: أتى
رسول الله صلى الله عليه وآله فقيل إن سعد بن معاذ قد مات فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وقام
أصحابه فحمل فأمر فغسل على عضادة الباب فلما أن حنط وكفن وحمل على سريره
تبعه رسول الله ثم كان يأخذ يمنه السرير مرة ويسرة السرير مرة حتى انتهى به
إلى القبر فنزل به رسول الله صلى الله عليه وآله حتى لحده وسوى عليه اللبن وجعل يقول:
ناولني حجرا ناولني ترابا رطبا يسد به ما بين اللبن فلما ان فرغ وحثا التراب
عليه وسوى قبره قال رسول الله صلى الله عليه وآله إني لاعلم انه سيبلى ويصل إليه البلى
ولكن الله تعالى يحب عبدا إذا عمل عملا فأحكمه، فلما ان سوى التربة عليه قالت
أم سعد من جانب هنيئا لك الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا أم سعد مه لا تجزمي
على ربك فان سعدا قد أصابته ضمة قال ورجع رسول الله صلى الله عليه وآله ورجع الناس
فقالوا يا رسول الاله لقد رأيناك صنعت على سعد ما لم تصنعه على أحد انك تبعت
جنازته بلا رداء ولا حذاء فقال صلى الله عليه وآله: ان الملائكة كانت بلا حذاء ولا رداء
فتأسيت بهما قالوا وكنت تأخذ يمنة السرير مرة ويسرة السرير مرة قال: كانت
يدي في يد جبرئيل آخذ حيث ما أخذ فقالوا أمرت بغسله وصليت على جنازته
ولحدته ثم قلت إن سعدا قد أصابته ضمة قال: فقال صلى الله عليه وآله نعم انه كان في خلقه
مع أهله سوء.
تم الجزء الأول ويتلوه الجزء الثاني إن شاء الله
وصلى الله على سيدنا وشفيعنا محمد وآله الطاهرين
310