الكتاب: نهج البلاغة
المؤلف: خطب الإمام علي (ع)
الجزء: ٤
الوفاة: ٤٠
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ قسم الفقه
تحقيق: شرح : الشيخ محمد عبده
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٢ - ١٣٧٠ ش
المطبعة: النهضة - قم
الناشر: دار الذخائر - قم - ايران
ردمك:
ملاحظات: نهج البلاغة وهو ما جمعه السيد الشريف الرضي من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) / طبعة جديدة مصححة ومنقحة

نهج البلاغة
وهو مجموع ما اختاره الشريف الرضي من كلام سيدنا
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
شرح الأستاذ الإمام
الشيخ محمد عبدة
مفتي الديار المصرية سابقا
1

الجزء الرابع
الناشر:
دار المعرفة
للطباعة والنشر
بيروت لبنان
2

(باب المختار من حكم أمير المؤمنين عليه السلام)
(ومواعظه ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله)
(والكلام القصير الخارج في سائر أغراضه)
1 - قال عليه السلام: كن في الفتنة كابن اللبون (1): لا ظهر
فيركب، ولا ضرع فيحلب
2 - وقال عليه السلام: أزرى بنفسه من استشعر الطمع (2)، ورضي بالذل من
كشف عن ضره، وهانت عليه نفسه من أمر عليها لسانه
3 - وقال عليه السلام: البخل عار. والجبن منقصة. والفقر يخرس الفطن
عن حجته. والمقل غريب في بلدته (3). 4 - والعجز آفة، والصبر
شجاعة. والزهد ثروة. والورع جنة
وقال عليه السلام: نعم القرين الرضى. 5 - والعلم وراثة كريمة. والآداب
حلل مجددة. والفكر مرآة صافية
3

6 - وقال عليه السلام: صدر العاقل صندوق سره (1). والبشاشة حبالة المودة.
والاحتمال قبر العيوب (أو) والمسالمة خباء العيوب. ومن رضي عن
نفسه كثر الساخط عليه
7 - وقال عليه السلام: الصدقة دواء منجح. وأعمال العباد في عاجلهم
نصب أعينهم في آجلهم
8 - وقال عليه السلام: اعجبوا لهذا الإنسان ينظر بشحم، ويتكلم بلحم (2)
ويسمع بعظم، ويتنفس من خرم
9 - وقال عليه السلام: إذا أقبلت الدنيا على أحد أعارته محاسن غيره. وإذا
أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه
10 - وقال عليه السلام: خالطوا الناس مخالطة إن متم معها بكوا عليكم،
وإن عشتم حنوا إليكم
11 - وقال عليه السلام: إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكرا للقدرة عليه
12 - وقال عليه السلام: أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان،
وأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم
4

13 - وقال عليه السلام: إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تنفروا أقصاها
بقلة الشكر (1)
14 - وقال عليه السلام: من ضيعه الأقرب أتيح له الأبعد (2)
15 - وقال عليه السلام: ماكل مفتون يعاتب (3)
6 1 - وقال عليه السلام: تذل الأمور للمقادير حتى يكون الحتف في التدبير (4)
7 1 - وسئل عليه السلام عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم " غيروا
الشيب (5) ولا تشبهوا باليهود " فقال عليه السلام: إنما قال صلى الله
عليه وآله ذلك والدين قل، فأما الآن وقد اتسع نطاقه وضرب بجرانه
فامرؤ وما اختار
18 - (وقال عليه السلام: في الذين اعتزلوا القتال معه): خذلوا الحق ولم
ينصروا الباطل
5

19 - وقال عليه السلام: من جرى في عنان أمله عثر بأجله (1)
20 - وقال عليه السلام: أقيلوا ذوي المروءات عثراتهم (2) فما يعثر منهم عاثر
إلا ويد الله بيده يرفعه.
21 - وقال عليه السلام: قرنت الهيبة بالخيبة (3)، والحياء بالحرمان. والفرصة
تمر مر السحاب فانتهزوا فرص الخير
22 - وقال عليه السلام: لنا حق فإن أعطيناه وإلا ركبنا أعجاز الإبل وإن طال
السرى (وهذا من لطيف الكلام وفصيحه. ومعناه أنا إن لم نعط
حقنا كنا أذلاء (4) وذلك أن الرديف يركب عجز البعير كالعبد
والأسير ومن يجري مجراهما)
23 - وقال عليه السلام: من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه
6

24 - وقال عليه السلام: من كفارات الذنوب العظام إغاثة الملهوف والتنفيس
عن المكروب
25 - وقال عليه السلام: يا ابن آدم إذا رأيت ربك سبحانه يتابع عليك نعمه
وأنت تعصيه فاحذره
26 - وقال عليه السلام: ما أضمر أحد شيئا إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات
وجهه
27 - وقال عليه السلام: امش بدائك ما مشى بك (1)
28 - وقال عليه السلام: أفضل الزهد إخفاء الزهد
29 - وقال عليه السلام: إذا كنت في إدبار والموت في إقبال فما (2) أسرع الملتقى
30 - وقال عليه السلام: الحذر الحذر، فوالله لقد ستر حتى كأنه قد غفر (3)
31 - (وسئل عن الإيمان فقال) الإيمان على أربع دعائم: على الصبر
واليقين والعدل والجهاد. والصبر منها على أربع شعب: على الشوق
والشفق (4) والزهد والترقب. فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات،
7

ومن أشفق من النار اجتنب المحرمات، ومن زهد في الدنيا استهان
بالمصيبات، ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات. واليقين منها
على أربع شعب: على تبصرة الفطنة، وتأول الحكمة (1)، وموعظة
العبرة، وسنة الأولين. فمن تبصر في الفطنة تبينت له الحكمة،
ومن تبينت له الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة فكأنما
كان في الأولين. والعدل منها على أربع شعب: على غائص الفهم،
وغور العلم، وزهرة الحكم (2)، ورساخة الحلم. فمن فهم علم غور
العلم، ومن علم غور العلم صدر عن شرائع الحكم (3)، ومن
حلم لم يفرط في أمره وعاش في الناس حميدا. والجهاد منها على أربع
شعب: على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصدق في
المواطن (4)، وشنآن الفاسقين، فمن أمر بالمعروف شد ظهور
المؤمنين، ومن نهى عن المنكر أرغم أنوف المنافقين، ومن صدق
8

في المواطن قضى ما عليه، ومن شنئ الفاسقين وغضب لله غضب
الله له وأرضاه يوم القيامة
وقال عليه السلام: الكفر على أربع دعائم: على التعمق والتنازع
والزيغ (1) والشقاق، فمن تعمق لم ينب إلى الحق (2) ومن كثر نزاعه
بالجهل دام عماه عن الحق، ومن زاغ ساءت عنده الحسنة وحسنت
عنده السيئة وسكر سكر الضلالة، ومن شاق وعرت عليه طرقه
وأعضل عليه أمره (3)، وضاق عليه مخرجه. والشك على أربع شعب:
على التماري والهول والتردد والاستسلام (4)، فمن جعل المراء ديدنا لم
يصبح ليله. ومن هاله ما بين يديه نكص على عقيبه، ومن تردد
في الريب وطئته سنابك الشياطين (5)، ومن استسلم لهلكة الدنيا
9

والآخرة هلك فيهما (وبعد هذا كلام تركنا ذكره خوف الإطالة
والخروج عن الغرض المقصود في هذا الكتاب)
32 - وقال عليه السلام: فاعل الخير خير منه، وفاعل الشر شر منه
33 - وقال عليه السلام: كن سمحا ولا تكن مبذرا. وكن مقدرا ولا تكن
مقترا (1)
34 - وقال عليه السلام: أشرف الغنى ترك المنى (2)
35 - وقال عليه السلام: من أسرع إلى الناس بما يكرهون قالوا فيه بما لا يعلمون
36 - وقال عليه السلام: من أطال الأمل أساء العمل (3)
37 - (وقال عليه السلام: وقد لقيه عند مسيره إلى الشام دهاقين الأنبار (4) فترجلو
له واشتدوا بين يديه): ما هذا الذي صنعتموه؟ فقالوا: خلق منا
نعظم به أمراءنا. فقال: والله ما ينتفع بهذا أمراؤكم. وإنكم
10

لتشقون به على أنفسكم في دنياكم (1) وتشقون به في آخرتكم، وما
أخسر المشقة وراءها العقاب، وأربح الدعة معها الأمان من النار
38 - (وقال عليه السلام لابنه الحسن): يا بني احفظ عني أربعا
وأربعا لا يضرك ما عملت معهن: أغنى الغنى العقل. وأكبر الفقر
الحمق. وأوحش الوحشة العجب (2). وأكرم الحسب حسن الخلق
يا بني إياك ومصادقة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك. وإياك
ومصادقة البخيل فإنه يبعد عنك أحوج ما تكون إليه (3)، وإياك
ومصادقة الفاجر فإنه يبيعك بالتافه (4). وإياك ومصادقة الكذاب
فإنه كالسراب يقرب عليك البعيد ويبعد عليك القريب
39 - وقال عليه السلام: لا قربة بالنوافل إذا أضرت بالفرائض (5)
40 - وقال عليه السلام: لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه (وهذا
من المعاني العجيبة الشريفة. والمراد به أن العاقل لا يطلق لسانه
إلا بعد مشاورة الروية ومؤامرة الفكرة، والأحمق تسبق حذفات
11

لسانه وفلتات كلامه مراجعة فكره (1) ومماخضة رأيه. فكأن لسان
العاقل تابع لقلبه، وكأن قلب الأحمق تابع للسانه)
41 - وقد روي عنه عليه السلام هذا المعنى بلفظ آخر وهو قوله:
قلب الأحمق في فيه، ولسان العاقل في قلبه، ومعناهما واحد 42 - (وقال
لبعض أصحابه في علة اعتلها): جعل الله ما كان من شكواك حظا
لسيئاتك، فإن المرض لا أجر فيه ولكنه يحط السيئات، ويحتها
حت الأوراق (2). وإنما الأجر في القول باللسان والعمل بالأيدي
والأقدام. وإن الله سبحانه يدخل بصدق النية والسريرة الصالحة
من يشاء من عباده الجنة
(وأقول: صدق عليه السلام إن المرض لا أجر فيه، لأنه من
قبيل ما يستحق عليه العوض (3)، لأن العوض يستحق على ما كان في
مقابلة فعل الله تعالى بالعبد من الآلام والأمراض وما يجري مجرى ذلك،
12

والأجر والثواب يستحقان على ما كان في مقابلة فعل العبد، فبينهما فرق
قد بينه عليه السلام كما يقتضيه علمه الثاقب ورأيه الصائب)
43 - (وقال عليه السلام في ذكر خباب)
يرحم الله خباب بن الأرت فلقد أسلم راغبا، وهاجر طائعا، وقنع
بالكفاف، ورضي عن الله وعاش مجاهدا
44 - وقال عليه السلام: طوبى لمن ذكر المعاد، وعمل للحساب، وقنع
بالكفاف، ورضي عن الله
45 - وقال عليه السلام: لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني
ما أبغضني (1). ولو صببت الدنيا بجماتها على المنافق على أن يحبني ما
أحبني. وذلك أنه قضى فانقضى على لسان النبي الأمي صلى الله عليه
وآله أنه قال: " يا علي لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق
46 - وقال عليه السلام: سيئة تسوءك خير عند الله من حسنة تعجبك (2)
47 - وقال عليه السلام: قدر الرجل على قدر همته. وصدقه على قدر مروءته
وشجاعته على قدر أنفته وعفته على قدر غيرته
13

48 - وقال عليه السلام: الظفر بالحزم. والحزم بإجالة الرأي. والرأي
بتحصين الأسرار
49 - وقال عليه السلام: احذروا صولة الكريم إذا جاع واللئيم إذا شبع
50 - وقال عليه السلام: قلوب الرجال وحشية فمن تألفها أقبلت عليه
51 - وقال عليه السلام: عيبك مستور ما أسعدك جدك (1)
52 - وقال عليه السلام: أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة
53 - وقال عليه السلام: السخاء ما كان ابتداء، فأما ما كان عن مسألة فحياء وتذمم (2)
54 - وقال عليه السلام: لا غنى كالعقل. ولا فقر كالجهل. ولا ميراث كالأدب
ولا ظهير كالمشاورة
55 - وقال عليه السلام: الصبر صبران: صبر على ما تكره، وصبر عما تحب
56 - وقال عليه السلام: الغنى في الغربة وطن. والفقر في الوطن غربة
57 - وقال عليه السلام: القناعة مال لا ينفد
62 - وقال عليه السلام: إذا حييت بتحية فحي بأحسن منها، وإذا أسديت إليك
يد فكافئها بما يربي عليها، والفضل مع ذلك للبادئ
58 - وقال عليه السلام: المال مادة الشهوات
59 - وقال عليه السلام: من حذرك كمن بشرك
14

60 - وقال عليه السلام: اللسان سبع إن خلي عنه عقر
61 - وقال عليه السلام: المرأة عقرب حلوة اللبسة (1)
63 - وقال عليه السلام: الشفيع جناح الطالب
64 - وقال عليه السلام: أهل الدنيا كركب يسار بهم وهم نيام
65 - وقال عليه السلام: فقد الأحبة غربة
66 - وقال عليه السلام: فوت الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها
67 - وقال عليه السلام: لا تستح من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه
68 - وقال عليه السلام: العفاف زينة الفقر.
69 - وقال عليه السلام: إذا لم يكن ما تريد فلا تبل ما كنت (2)
0 7 - وقال عليه السلام: لا ترى الجاهل إلا مفرطا أو مفرطا
71 - وقال عليه السلام: إذا تم العقل نقص الكلام
15

72 - وقال عليه السلام: الدهر يخلق الأبدان (1)، ويحدد الآمال، ويقرب
المنية، ويباعد الأمنية، من ظفر به نصب، ومن فاته تعب
73 - وقال عليه السلام: من نصب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل
تعليم غيره. وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه. ومعلم
نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم
74 - وقال عليه السلام: نفس المرء خطاه إلى أجله (2)
75 - وقال عليه السلام: كل معدود منقض وكل متوقع آت
76 - وقال عليه السلام: إن الأمور إذا اشتبهت اعتبر آخرها بأولها (3)
77 - (ومن خبر ضرار بن ضمرة الضبابي عند دخوله على معاوية ومسألته)
(له عن أمير المؤمنين، قال: فأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه)
(وقد أرخى الليل سدوله، وهو قائم في محرابه (4) قابض على لحيته،)
(يتململ تململ السليم (5)، ويبكي بكاء الحزين ويقول):
يا دنيا يا دنيا إليك عني، أبي تعرضت، أم إلي تشوقت: لا حان حينك (6)
16

هيهات غري غيري. لا حاجة لي فيك. قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها.
فعيشك قصير، وخطرك يسير، وأملك حقير. آه من قلة الزاد، وطول
الطريق، وبعد السفر، وعظيم المورد (1)
78 - (ومن كلام له عليه السلام للسائل لما سأله أكان مسيرنا)
(إلى الشام بقضاء من الله وقدر بعد كلام طويل هذا مختاره)
ويحك لعلك ظننت قضاء لازما وقدرا حاتما. ولو كان كذلك
لبطل الثواب والعقاب، وسقط الوعد والوعيد (2). وإن الله سبحانه أمر
عباده تخييرا، ونهاهم تحذيرا، وكلف يسيرا ولم يكلف عسيرا،
وأعطى على القليل كثيرا. ولم يعص مغلوبا، ولم يطع مكرها، ولم
يرسل الأنبياء لعبا، ولم ينزل الكتب للعباد عبثا، ولا خلق
السماوات والأرض وما بينهما باطلا " ذلك ظن الذين كفروا فويل
للذين كفروا من النار "
17

79 - وقال عليه السلام: خذ الحكمة أنى كانت، فإن الحكمة تكون في
صدر المنافق فتلجلج في صدره (1) حتى تخرج فتسكن إلى صواحبها
في صدر المؤمن
80 - وقال عليه السلام: الحكمة ضالة المؤمن، فخذ الحكمة ولو من أهل
النفاق.
81 - وقال عليه السلام: قيمة كل امرئ ما يحسنه (وهذه الكلمة التي لا
تصاب لها قيمة، ولا توزن بها حكمة، ولا تقرن إليها كلمة)
82 - وقال عليه السلام: أوصيكم بخمس لو ضربتم إليها آباط الإبل (2) لكانت
لذلك أهلا. لا يرجون أحد منكم إلا ربه، ولا يخافن إلا ذنبه
ولا يستحين أحد إذا سئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم. ولا يستحين
أحد إذا لم يعلم الشئ أن يتعلمه. وعليكم بالصبر فإن الصبر من
الإيمان كالرأس من الجسد، ولا خير في جسد لا رأس معه، ولا في
إيمان لا صبر معه
18

83 - وقال عليه السلام: لرجل أفرط في الثناء عليه وكان له متهما: أنا دون ما
تقول وفوق ما في نفسك
84 - وقال عليه السلام: بقية السيف أبقى عددا وأكثر ولدا (1)
85 - وقال عليه السلام: من ترك قول لا أدري أصيبت مقاتله (2)
86 - وقال عليه السلام: رأي الشيخ أحب إلي من جلد الغلام (3) (وروي)
من مشهد الغلام
87 - وقال عليه السلام: عجبت لمن يقنط ومعه الاستغفار (4)
88 - (وحكى عنه أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام أنه قال):
كان في الأرض أمانان من عذاب الله وقد رفع أحدهما فدونكم
الآخر فتمسكوا به. أما الأمان الذي رفع فهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما الأمان الباقي فالاستغفار قال الله تعالى: " وما كان الله ليعذبهم
19

وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ". (وهذا من محاسن
الاستخراج ولطائف الاستنباط)
89 - وقال عليه السلام: من أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس
ومن أصلح أمر آخرته أصلح الله له أمر دنياه. ومن كان له من نفسه
واعظ كان عليه من الله حافظ
90 - وقال عليه السلام: الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله،
ولم يؤيسهم من روح الله (1)، ولم يؤمنهم من مكر الله
91 - وقال عليه السلام: إن هذه القلوب تمل كما تمل الأبدان، فابتغوا لها
طرائف الحكم (2)
92 - وقال عليه السلام: أوضع العلم ما وقف على اللسان (3)، وأرفعه ما ظهر في
الجوارح والأركان
93 - وقال عليه السلام: لا يقولن أحدكم اللهم إني أعوذ بك من الفتنة لأنه
ليس أحد إلا وهو مشتمل على فتنة، ولكن من استعاذ فليستعذ من
20

مضلات الفتن، فإن الله سبحانه: يقول: " واعلموا أنما أموالكم
وأولادكم فتنة ". ومعنى ذلك أنه يختبرهم بالأموال والأولاد
ليتبين الساخط لرزقه والراضي بقسمه، وإن كان سبحانه أعلم بهم
من أنفسهم، ولكن لتظهر الأفعال التي بها يستحق الثواب والعقاب،
لأن بعضهم يحب الذكور ويكره الإناث، وبعضهم يحب تثمير
المال (1) ويكره انثلام الحال (وهذا من غريب ما سمع منه في التفسير)
94 - (وسئل عن الخير ما هو؟ فقال): ليس الخير أن يكثر مالك وولدك
ولكن الخير أن يكثر علمك ويعظم حلمك، وأن تباهي الناس بعبادة
ربك، فإن أحسنت حمدت الله، وإن أسأت استغفرت الله. ولا خير
في الدنيا إلا لرجلين: رجل أذنب ذنوبا فهو يتداركها بالتوبة،
ورجل يسارع في الخيرات
95 - وقال عليه السلام: لا يقل عمل مع التقوى. وكيف يقل ما يتقبل
96 - وقال عليه السلام: إن أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاءوا به. ثم تلا
" إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا "
21

(ثم قال): إن ولي محمد من أطاع الله وإن بعدت لحمته (1)، وإن
عدو محمد من عصى الله وإن قربت قرابته
97 - (وقد سمع رجلا من الحرورية (2) يتهجد ويقرأ فقال): نوم على
يقين خير من صلاة في شك
98 - وقال عليه السلام: إعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية
فإن رواة العلم كثير ورعاته قليل
99 - (وسمع رجلا يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقال عليه السلام):
إن قولنا: إنا لله إقرار على أنفسنا بالملك. وقولنا: وإنا إليه راجعون
إقرار على أنفسنا بالهلك (3)
100 - (ومدحه قوم في وجهه فقال): اللهم إنك أعلم بي من نفسي وأنا
أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلنا خيرا مما يظنون، واغفر لنا ما لا يعلمون
101 - وقال عليه السلام: لا يستقيم قضاء الحوائج إلا بثلاث: باستصغارها
لتعظم (4)، وباستكتامها لتظهر، وبتعجيلها لتهنؤ
22

102 - وقال عليه السلام: يأتي على الناس زمان لا يقرب فيه إلا الماحل (1)، ولا
يظرف فيه إلا الفاجر، ولا يضعف فيه إلا المنصف. يعدون الصدقة
فيه غرما. وصلة الرحم منا. والعبادة استطالة على الناس. فعند ذلك
يكون السلطان بمشورة النساء وإمارة الصبيان وتدبير الخصيان
103 - (ورؤي عليه إزار خلق مرقوع فقيل له في ذلك فقال): يخشع له
القلب، وتذل به النفس، ويقتدي به المؤمنون
وقال عليه السلام: إن الدنيا والآخرة عدوان متفاوتان وسبيلان مختلفان، فمن
أحب الدنيا وتولاها أبغض الآخرة وعاداها. وهما بمنزلة المشرق والمغرب
وماش بينهما، كلما قرب من واحد بعد من الآخر، وهما بعد ضرتان
104 - (وعن نوف البكالي قال رأيت أمير المؤمنين عليه السلام ذات ليلة
وقد خرج من فراشه فنظر في النجوم، فقال لي يا نوف: أراقد أنت أم
رامق؟ فقلت بل رامق يا أمير المؤمنين (2)، قال يا نوف): طوبى للزاهدين
23

في الدنيا الراغبين في الآخرة. أولئك قوم اتخذوا الأرض بساطا،
وترابها فراشا، وماءها طيبا، والقرآن شعارا (1)، والدعاء دثارا. ثم
قرضوا الدنيا قرضا على منهاج المسيح
يا نوف إن داود عليه السلام قام في مثل هذه الساعة من الليل
فقال: إنها ساعة لا يدعو فيها عبد إلا استجيب له إلا أن يكون
عشارا (2) أو عريفا أو شرطيا أو صاحب عرطبة وهي الطنبور أو
صاحب كوبة وهي الطبل. (وقد قيل أيضا: إن العرطبة الطبل،
والكوبة الطنبور (3))
105 - وقال عليه السلام: إن الله افترض عليكم الفرائض فلا تضيعوها، وحد
لكم حدودا فلا تعتدوها، ونهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها (4)
وسكت لكم عن أشياء ولم يدعها نسيانا فلا تتكلفوها
24

106 - وقال عليه السلام: لا يترك الناس شيئا من أمر دينهم لاستصلاح دنياهم
إلا فتح الله عليهم ما هو أضر منه
107 - وقال عليه السلام: رب عالم قد قتله جهله (1) وعلمه معه لا ينفعه
108 - وقال عليه السلام: لقد علق بنياط هذا الإنسان بضعة هي أعجب ما فيه (2)
وذلك القلب. وله مواد من الحكمة وأضداد من خلافها. فإن سنح
له الرجاء (3) أذله الطمع. وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص. وإن
ملكه اليأس قتله الأسف. وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ
وإن أسعده الرضى نسي التحفظ (4). وإن ناله الخوف شغله الحذر.
وإن اتسع له الأمن استلبته الغرة (5). وإن أفاد مالا أطغاه الغنى. وإن
أصابته مصيبة فضحه الجزع. وإن عضته الفاقة شغله البلاء. وإن
جهده الجوع قعد به الضعف. وإن أفرط به الشبع كظته البطنة (6)
فكل تقصير به مضر وكل إفراط له مفسد
25

109 - وقال عليه السلام: نحن النمرقة الوسطى (1) بها يلحق التالي، وإليها يرجع
الغالي.
110 - وقال عليه السلام: لا يقيم أمر الله سبحانه إلا من لا يصانع (2) ولا يضارع
ولا يتبع المطامع
111 - وقال عليه السلام: (وقد توفي سهل بن حنيف الأنصاري بالكوفة بعد
مرجعه معه من صفين وكان من أحب الناس إليه) لو أحبني جبل لتهافت (3)
(معنى ذلك أن المحنة تغلظ عليه فتسرع المصائب إليه، ولا يفعل
ذلك إلا بالأتقياء الأبرار والمصطفين الأخيار، وهذا مثل قوله
عليه السلام: 112 - من أحبنا أهل البيت فليستعد للفقر جلبابا وقد يؤول
ذلك على معنى آخر (4) ليس هذا موضع ذكره)
113 - وقال عليه السلام: لا مال أعود من العقل (5). ولا وحدة أوحش من
26

العجب. ولا عقل كالتدبير. ولا كرم كالتقوى. ولا قرين كحسن
الخلق. ولا ميراث كالأدب. ولا قائد كالتوفيق. ولا تجارة كالعمل
الصالح. ولا ربح كالثواب. ولا ورع كالوقوف عند الشبهة. ولا
زهد كالزهد في الحرام. ولا علم كالتفكر. ولا عبادة كأداء
الفرائض. ولا إيمان كالحياء والصبر. ولا حسب كالتواضع. ولا
شرف كالعلم ولا مظاهرة أوثق من المشاورة
114 - وقال عليه السلام: إذا استولى الصلاح على الزمان وأهله ثم أساء رجل
الظن برجل لم تظهر منه خزية (1) فقد ظلم. وإذا استولى الفساد على
الزمان وأهله فأحسن رجل الظن برجل فقد غرر
115 - (وقيل له عليه السلام: كيف نجدك يا أمير المؤمنين، فقال عليه السلام):
كيف يكون من يفنى ببقائه (2)، ويسقم بصحته، ويؤتى من مأمنه
116 - وقال عليه السلام: كم من مستدرج بالاحسان إليه (3)، ومغرور بالستر
27

عليه. ومفتون بحسن القول فيه وما ابتلى الله أحدا بمثل الاملاء له
117 - وقال عليه السلام: هلك في رجلان محب غال (1) ومبغض قال
118 - وقال عليه السلام: إضاعة الفرصة غصة
119 - وقال عليه السلام: مثل الدنيا كمثل الحية لين مسها والسم الناقع في
جوفها. يهوي إليها الغر الجاهل ويحذرها ذو اللب العاقل
120 - (وسئل عليه السلام: عن قريش فقال): أما بنو مخزوم فريحانة قريش
نحب حديث رجالهم والنكاح في نسائهم. وأما بنو عبد شمس (2)
فأبعدها رأيا وأمنعها لما وراء ظهورها. وأما نحن فأبذل لما في أيدينا،
وأسمح عند الموت بنفوسنا. وهم أكثر وأمكر وأنكر. ونحن
أفصح وأنصح وأصبح
121 - وقال عليه السلام: شتان ما بين عملين (3): عمل تذهب لذته وتبقى تبعته،
وعمل تذهب مؤونته ويبقى أجره
122 - (وتبع جنازة فسمع رجلا يضحك فقال عليه السلام) كأن الموت فيها
28

على غيرنا كتب. وكأن الحق فيها على غيرنا وجب. وكأن الذي نرى من
الأموات سفر (1) عما قليل إلينا راجعون، نبوئهم أجداثهم ونأكل
تراثهم ثم قد نسينا كل واعظ وواعظة ورمينا بكل جائحة (2)
123 - وقال عليه السلام: طوبى لمن ذل في نفسه وطاب كسبه وصلحت سريرته
وحسنت خليقته (3) وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من
لسانه، وعزل عن الناس شره، ووسعته السنة، ولم ينسب إلى البدعة،
" أقول ومن الناس من ينسب هذا الكلام إلى رسول الله صلى الله
عليه وآله وكذلك الذي قبله "
124 - وقال عليه السلام: غيرة المرأة كفر (4) وغيرة الرجل إيمان
125 - وقال عليه السلام: لأنسبن الاسلام نسبة لم ينسبها أحد قبلي. الاسلام
هو التسليم. والتسليم هو اليقين. واليقين هو التصديق. والتصديق
هو الاقرار. والاقرار هو الأداء. والأداء هو العمل الصالح
126 - وقال عليه السلام: عجبت للبخيل يستعجل الفقر (5) الذي منه هرب،
29

ويفوته الغنى الذي إياه طلب. فيعيش في الدنيا عيش الفقراء.
ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء. وعجبت للمتكبر الذي كان
بالأمس نطفة ويكون غدا جيفة. وعجبت لمن شك في الله وهو
يرى خلق الله. وعجبت لمن نسي الموت وهو يرى الموتى. وعجبت
لمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى. وعجبت لعامر
دار الفناء وتارك دار البقاء
127 - وقال عليه السلام: من قصر في العمل ابتلي بالهم (1) (ولا حاجة لله فيمن
ليس لله في ماله ونفسه نصيب
128 - وقال عليه السلام: توقوا البرد في أوله، وتلقوه في آخره فإنه يفعل في
الأبدان كفعله في الأشجار. أوله يحرق وآخره يورق (2)
129 - وقال عليه السلام: عظم الخالق عندك يصغر المخلوق في عينك
130 - وقال عليه السلام: وقد رجع من صفين فأشرف على القبور بظاهر الكوفة)
30

يا أهل الديار الموحشة (1) والمحال المقفرة، والقبور المظلمة. يا أهل
التربة. يا أهل الغربة، يا أهل الوحدة يا أهل الوحشة أنتم لنا فرط سابق (2)
ونحن لكم تبع لاحق. أما الدور فقد سكنت (3). وأما الأزواج فقد
نكحت. وأما الأموال فقد قسمت. هذا خبر ما عندنا فما خبر
ما عندكم؟ (ثم التفت إلى أصحابه فقال): أما لو أذن لهم في الكلام
لأخبروكم أن خير الزاد التقوى
131 - (وقال عليه السلام وقد سمع رجلا يذم الدنيا): أيها الذام
للدنيا المغتر بغرورها، المخدوع بأباطيلها ثم تذمها. أتغتر بالدنيا
ثم تذمها. أنت المتجرم عليها (4) أم هي المتجرمة عليك؟ متى
استهوتك (5) أم متى غرتك؟ أبمصارع آبائك من البلى (6)؟ أم بمضاجع
أمهاتك تحت الثرى؟ كم عللت بكفيك (7). وكم مرضت بيديك.
31

تبغي لهم الشفاء (1) وتستوضف لهم الأطباء. لم ينفع أحدهم إشفاقك (2)
ولم تسعف فيه بطلبتك. ولم تدفع عنهم بقوتك. قد مثلت لك به الدنيا
نفسك (3) وبمصرعه مصرعك. إن الدنيا دار صدق لمن صدقها، ودار
عافية لمن فهم عنها، ودار غنى لمن تزود منها (4)، ودار موعظة لمن
اتعظ بها. مسجد أحباء الله، ومصلى ملائكة الله، ومهبط وحي الله
ومتجر أولياء الله. اكتسبوا فيها الرحمة، وربحوا فيها الجنة. فمن ذا
يذمها وقد آذنت ببينها (5)، ونادت بفراقها، ونعت نفسها وأهلها
فمثلت لهم ببلائها البلاء، وشوقتهم بسرورها إلى السرور راحت
بعافية (6) وابتكرت بفجيعة. ترغيبا وترهيبا، وتخويفا وتحذيرا،
فذمها رجال غداة الندامة (7)، وحمدها آخرون يوم القيامة. ذكرتهم
الدنيا فتذكروا، وحدثتهم فصدقوا، ووعظتهم فاتعظوا
32

132 - وقال عليه السلام: إن لله ملكا ينادي في كل يوم: لدوا للموت (1)،
واجمعوا للفناء، وابنوا للخراب
133 - وقال عليه السلام الدنيا دار ممر إلى دار مقر. والناس فيها رجلان: رجل
باع فيها نفسه فأوبقها (2)، ورجل ابتاع نفسه فأعتقها
134 - وقال عليه السلام: لا يكون الصديق صديقا حتى يحفظ أخاه في ثلاث (3)
في نكبته، وغيبته ووفاته
135 - وقال عليه السلام: من أعطي أربعا لم يحرم أربعا: من أعطي
الدعاء لم يحرم الإجابة (4) ومن أعطي التوبة لم يحرم القبول، ومن
أعطي الاستغفار لم يحرم المغفرة، ومن أعطي الشكر لم يحرم الزيادة
وتصديق ذلك كتاب الله تعالى قال الله عز وجل في الدعاء " ادعوني أستجب
لكم " وقال في الاستغفار " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر
الله يجد الله غفورا رحيما " وقال في الشكر " لئن شكرتم
33

لأزيدنكم " وقال في التوبة " إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء
بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله
عليما حكيما "
136 - وقال عليه السلام: الصلاة قربان كل تقي. والحج جهاد كل
ضعيف، ولكل شئ زكاة، وزكاة البدن الصيام، وجهاد المرأة
حسن التبعل (1)
137 - وقال عليه السلام: استنزلوا الرزق بالصدقة
138 - وقال عليه السلام: من أيقن بالخلف جاد بالعطية
139 - وقال عليه السلام: تنزل المعونة على قدر المؤونة
140 - وقال عليه السلام: ما أعال من اقتصد (2)
141 - وقال عليه السلام: قلة العيال أحد اليسارين 142 - والتودد نصف العقل
143 - وقال عليه السلام: الهم نصف الهرم
144 - وقال عليه السلام: ينزل الصبر على قدر المصيبة. ومن ضرب يده على
فخذه عند مصيبته حبط عمله (3)
34

145 - وقال عليه السلام: كم من صائم ليس له من صيامه إلا الظمأ. وكم من
قائم ليس له من قيامه إلا السهر والعناء. حبذا نوم الأكياس
وإفطارهم (1)
146 - وقال عليه السلام: سوسوا إيمانكم بالصدقة (2)، وحصنوا أموالكم
بالزكاة وادفعوا أمواج البلاء بالدعاء
147 - (ومن كلام له عليه السلام لكميل بن زياد النخعي)
(قال كميل بن زياد: أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
عليه السلام فأخرجني إلى الجبان (3)، فلما أصحر تنفس الصعداء ثم
قال): يا كميل إن هذه القلوب أوعية (4) فخيرها أوعاها. فاحفظ
عني ما أقول لك
الناس ثلاثة: فعالم رباني (5) ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع
35

أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم
يلجأوا إلى ركن وثيق
يا كميل العلم خير من المال. والعلم يحرسك وأنت تحرس المال.
المال تنقصه النفقة والعلم يزكوا على الانفاق، وصنيع المال يزول
بزواله (1).
يا كميل العلم دين يدان به. به يكسب الإنسان الطاعة في
حياته، وجميل الأحدوثة بعد وفاته. والعلم حاكم والمال محكوم عليه
يا كميل هلك خزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي
الدهر. أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة. ها، إن ههنا
لعلما جما (وأشار إلى صدره) لو أصبت له حملة (2)، بلى أصبت لقنا
غير مأمون عليه (3)، مستعملا آلة الدين للدنيا، ومستظهرا بنعم الله
36

على عباده، وبحججه على أوليائه، أو منقادا لحملة الحق (1) لا بصيرة له
في أحنائه، ينقدح الشك في قلبه لأول عارض من شبهة. ألا لا ذا ولا
ذاك (2)، أو منهوما باللذة (3) سلس القياد للشهوة، أو مغرما بالجمع
والادخار ليسا من رعاة الدين في شئ. أقرب شئ شبها بهما الأنعام
السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه
اللهم بلى، لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة. إما ظاهرا مشهورا
أو خائفا مغمورا (4) لئلا تبطل حجج الله وبيناته. وكم ذا (5)؟ وأين
أولئك؟ أولئك والله الأقلون عددا والأعظمون قدرا. يحفظ الله بهم
حججه وبيناته حتى يودعوها نظراءهم ويزرعوها في قلوب أشباههم
هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين، واستلانوا
ما استوعره المترفون (6)، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا
37

الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى. أولئك خلفاء الله في أرضه
والدعاة إلى دينه. آه آه شوقا إلى رؤيتهم. انصرف إذا شئت.
148 - وقال عليه السلام: المرء مخبوء تحت لسانه (1).
149 - وقال عليه السلام: هلك امرؤ لم يعرف قدره.
150 - وقال عليه السلام: (لرجل سأله أن يعظه): لا تكن ممن يرجوا الآخرة
بغير العمل، ويرجي التوبة (2) بطول الأمل. يقول في الدنيا بقول
الزاهدين، ويعمل فيها بعمل الراغبين. إن أعطي منها لم يشبع، وإن
منع منها لم يقنع. يعجز عن شكر ما أوتي، ويبتغي الزيادة فيما بقي
ينهى ولا ينتهي ويأمر بما لا يأتي. يحب الصالحين ولا يعمل عملهم،
ويبغض المذنبين وهو أحدهم. يكره الموت لكثرة ذنوبه، ويقيم
على ما يكره الموت له (3) إن سقم ظل نادما (4)، وإن صح أمن لاهيا.
يعجب بنفسه إذا عوفي ويقنط إذا ابتلي. إن أصابه بلاء دعا مضطرا
وإن ناله رخاء اعترض مغترا. تغلبه نفسه على ما تظن ولا يغلبها
38

على ما يستيقن (1). يخاف على غيره بأدنى من ذنبه. ويرجو لنفسه
بأكثر من عمله. إن استغنى بطر وفتن (2)، وإن افتقر قنط ووهن.
يقصر إذا عمل، ويبالغ إذا سأل. إن عرضت له شهوة أسلف المعصية (3)
وسوف التوبة. وإن عرته محنة انفرج عن شرائط الملة (4). يصف
العبرة ولا يعتبر (5) ويبالغ في الموعظة ولا يتعظ. فهو بالقول مدل (6)
ومن العمل مقل. ينافس فيما يفنى، ويسامح فيما يبقى. يرى الغنم
مغرما (7)، والغرم مغنما. يخشى الموت ولا يبادر الفوت (8). يستعظم
من معصية غيره ما يستقل أكثر منه من نفسه، ويستكثر من
طاعته ما يحقر من طاعة غيره. فهو على الناس طاعن ولنفسه مداهن.
اللغو مع الأغنياء أحب إليه من الذكر مع الفقراء. يحكم على غيره
لنفسه ولا يحكم عليها لغيره، ويرشد غيره ويغوي نفسه. فهو
39

يطاع ويعصى، ويستوفي ولا يوفي، ويخشى الخلق في غير ربه (1) ولا
يخشى ربه في خلقه
(ولو لم يكن في هذا الكتاب إلا هذا الكلام لكفى به موعظة
ناجعة وحكمة بالغة وبصيرة لمبصر وعبرة لناظر مفكر)
151 - وقال عليه السلام: لكل أمري عاقبة حلوة أو مرة
152 - وقال عليه السلام: لكل مقبل إدبار وما أدبر كأن لم يكن
153 - وقال عليه السلام: لا يعدم الصبور الظفر وإن طال به الزمان
154 - وقال عليه السلام: الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم، وعلى
كل داخل في باطل إثمان إثم العمل به وإثم الرضى به
155 - وقال عليه السلام: اعتصموا بالذمم في أوتادها (2)
156 - وقال عليه السلام: عليكم بطاعة من لا تعذرون بجهالته (3)
157 - وقال عليه السلام: قد بصرتم إن أبصرتم (4)، وقد هديتم إن اهتديتم
وأسمعتم إن استمتعتم
40

158 - وقال عليه السلام: عاتب أخاك بالاحسان إليه، وأردد شره بالإنعام عليه
159 - وقال عليه السلام: من وضع نفسه مواضع التهمة فلا يلومن من أساء به الظن
160 - وقال عليه السلام: من ملك استأثر (1)
161 - وقال عليه السلام: من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها
في عقولها.
162 - وقال عليه السلام: من كتم سره كانت الخيرة بيده (2)
163 - وقال عليه السلام: الفقر الموت الأكبر
164 - وقال عليه السلام: من قضى حق من لا يقضي حقه فقد عبده (3)
165 - وقال عليه السلام: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
166 - وقال عليه السلام: لا يعاب المرء بتأخير حقه (4) إنما يعاب من أخذ ما ليس له
167 - وقال عليه السلام: الاعجاب يمنع من الازدياد (5)
168 - وقال عليه السلام: الأمر قريب (6)، والاصطحاب قليل
41

169 - وقال عليه السلام: قد أضاء الصبح لذي عينين
170 - وقال عليه السلام: ترك الذنب أهون من طلب التوبة
171 - وقال عليه السلام: كم من أكلة منعت أكلات (1)
172 - وقال عليه السلام: الناس أعداء ما جهلوا
173 - وقال عليه السلام: من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ (2)
174 - وقال عليه السلام: من أحد سنان الغضب لله قوي على قتل أشداء الباطل (3)
175 - وقال عليه السلام: إذا هبت أمرا فقع فيه (4) فإن شدة توقيه أعظم مما تخاف منه
176 - وقال عليه السلام: آلة الرياسة سعة الصدر
177 - وقال عليه السلام: ازجر المسئ بثواب المحسن (5)
178 وقال عليه السلام: احصد الشر من صدر غيرك بقلعه من صدرك
179 - وقال عليه السلام: اللجاجة تسل الرأي (6)
180 - وقال عليه السلام: الطمع رق مؤبد
42

181 - وقال عليه السلام: ثمرة التفريط الندامة، وثمرة الحزم السلامة
182 - وقال عليه السلام: لا خير في الصمت عن الحكم كما أنه لا خير في القول بالجهل
183 - وقال عليه السلام: ما اختلفت دعوتان إلا كانت إحداهما ضلالة (1)
184 - وقال عليه السلام: ما شككت في الحق مذ أريته
185 - وقال عليه السلام: ما كذبت ولا كذبت ولا ضللت ولا ضل بي
186 - وقال عليه السلام: للظالم البادي غدا بكفه عضة (2)
187 - وقال عليه السلام: الرحيل وشيك (3)
188 - وقال عليه السلام: من أبدى صفحته للحق هلك (4)
189 - وقال عليه السلام: من لم ينجه الصبر أهلكه الجزع
190 - وقال عليه السلام: واعجباه أتكون الخلافة بالصحابة والقرابة. وروي
له شعر في هذا المعنى:
فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم *
فكيف بهذا والمشيرون غيب (5)
43

وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم (1) *
فغيرك أولى بالنبي وأقرب
191 - وقال عليه السلام: إنما المرء في الدنيا غرض تنتضل فيه المنايا (2)، ونهب
تبادره المصائب. ومع كل جرعة شرق (3)، وفي كل أكله غصص
ولا ينال العبد نعمة إلا بفراق أخرى، ولا يستقبل يوما من عمره إلا
بفراق آخر من أجله. فنحن أعوان المنون (4)، وأنفسنا نصب الحتوف
فمن أين نرجو البقاء وهذا الليل والنهار لم يرفعا من شئ شرفا (5) إلا
أسرعا الكرة في هدم ما بنيا وتفريق ما جمعا
192 - وقال عليه السلام: يا ابن آدم ما كسبت فوق قوتك فأنت فيه خازن لغيرك
193 - وقال عليه السلام: إن للقلوب شهوة وإقبالا وإدبارا فأتوها من قبل شهوتها
وإقبالها فإن القلب إذا أكره عمي
44

194 - (وكان عليه السلام يقول): متى أشفي غيظي إذا غضبت. أحين
أعجز عن الانتقام فيقال لي لصبرت، أم حين أقدر عليه فيقال لي
لو عفوت (1)
195 - وقال عليه السلام (وقد مر بقذر على مزبلة): هذا ما بخل به الباخلون (2)
(وروي في خبر آخر أنه قال): هذا ما كنتم تتنافسون فيه بالأمس
196 - وقال عليه السلام: لم يذهب من مالك ما وعظك (3)
197 - وقال عليه السلام: إن هذه القلوب تمل كما تمل الأبدان، فابتغوا لها
طرائف الحكمة
198 - وقال عليه السلام (لما سمع قول الخوارج لا حكم إلا لله): كلمة حق
يراد بها باطل (4)
199 - وقال عليه السلام (في صفة الغوغاء): (5) هم الذين إذا اجتمعوا غلبوا،
وإذا تفرقوا لم يعرفوا (وقيل بل ما قال عليه السلام): هم الذين إذا
45

اجتمعوا ضروا، وإذا تفرقوا نفعوا (فقيل قد عرفنا مضرة اجتماعهم
فما منفعة افتراقهم؟ فقال): يرجع أصحاب المهن إلى مهنتهم فينتفع
الناس بهم، كرجوع البناء إلى بنائه، والنساج إلى منسجه، والخباز إلى
مخبزه 200 - (وأتي بجان ومعه غوغاء فقال): لا مرحبا بوجوه لا ترى إلا
عند كل سوأة
201 - وقال عليه السلام: إن مع كل إنسان ملكين يحفظانه، فإذا جاء القدر
خليا بينه وبينه، وإن الأجل جنة حصينة (1)
202 - وقال عليه السلام (وقد قال له طلحة والزبير نبايعك على أنا شركاؤك
في هذا الأمر): لا ولكنكما شريكان في القوة والاستعانة، وعونان
على العجز والأود (2)
203 - وقال عليه السلام: أيها الناس اتقوا الله الذي إن قلتم سمع، وإن أضمرتم
علم. وبادروا الموت الذي إن هربتم أدرككم، وإن أقمتم
أخذكم، وإن نسيتموه ذكركم
204 - وقال عليه السلام: لا يزهدنك في المعروف من لا يشكر لك، فقد
46

يشكرك عليه من لا يستمتع منه، وقد تدرك من شكر الشاكر
أكثر مما أضاع الكافر والله يحب المحسنين
205 - وقال عليه السلام: كل وعاء يضيق بما جعل فيه إلا وعاء العلم فإنه يتسع (1)
206 - وقال عليه السلام: أول عوض الحليم من حلمه أن الناس أنصاره على الجاهل
207 - وقال عليه السلام: إن لم تكن حليما فتحلم فإنه قل من تشبه بقوم إلا
أوشك أن يكون منهم
208 - وقال عليه السلام: من حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خسر، ومن
خاف أمن، ومن اعتبر أبصر، ومن أبصر فهم، ومن فهم علم
209 - وقال عليه السلام: لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على
ولدها (2). وتلا عقيب ذلك " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في
الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين "
210 - وقال عليه السلام: اتقوا الله تقية من شمر تجريدا، وجد تشميرا، وكمش
في مهل (3)، وبادر عن وجل، ونظر في كرة الموئل وعاقبة المصدر
47

ومغبة المرجع
211 - وقال عليه السلام: الجود حارس الأعراض. والحلم فدام السفيه (1). والعفو
زكاة الظفر. والسلو عوضك ممن غدر (2). والاستشارة عين الهداية.
وقد خاطر من استغنى برأيه. والصبر يناضل الحدثان (3). والجزع من
أعوان الزمان. وأشرف الغنى ترك المنى (4). وكم من عقل أسير تحت
هوى أمير (5) ومن التوفيق حفظ التجربة. والمودة قرابة مستفادة.
ولا تأمنن ملولا (6)
48

212 - وقال عليه السلام: عجب المرء بنفسه أحد حساد عقله (1).
213 - وقال عليه السلام: أغض على القذى والألم ترض أبدا (2)
214 - وقال عليه السلام: من لان عوده كثفت أغصانه (3)
215 - وقال عليه السلام: الخلاف يهدم الرأي
216 - وقال عليه السلام: من نال استطال (4)
217 - وقال عليه السلام: في تقلب الأحوال علم جواهر الرجال
218 - وقال عليه السلام: حسد الصديق من سقم المودة (5)
219 - وقال عليه السلام: أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع
220 - وقال عليه السلام: ليس من العدل القضاء على الثقة بالظن (6)
221 - وقال عليه السلام: بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد
49

222 - وقال عليه السلام: من أشرف أعمال الكريم غفلته عما يعلم (1)
223 - وقال عليه السلام: من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه
224 - وقال عليه السلام: بكثرة الصمت تكون الهيبة، وبالنصفة يكثر
المواصلون (2)، وبالإفضال تعظم الأقدار، وبالتواضع تتم النعمة،
وباحتمال المؤن يجب السودد (3)، وبالسيرة العادلة يقهر المناوي (4)،
وبالحلم عن السفيه تكثر الأنصار عليه
225 - وقال عليه السلام: العجب لغفلة الحساد عن سلامة الأجساد (5)
226 - وقال عليه السلام: الطامع في وثاق الذل
227 - (وسئل عن الإيمان فقال): الإيمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان
وعمل بالأركان
228 - وقال عليه السلام: من أصبح على الدنيا حزينا فقد أصبح لقضاء الله ساخطا.
ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فقد أصبح يشكو ربه. ومن
أتى غنيا فتواضع لغناه ذهب ثلثا دينه (6). ومن قرأ القرآن فمات
50

فدخل النار فهو ممن كان يتخذ آيات الله هزوا. ومن لهج قلبه بحب
الدنيا التاط قلبه منها بثلاث (1): هم لا يغبه، وحرص لا يتركه،
وأمل لا يدركه
229 - وقال عليه السلام: كفى بالقناعة ملكا، وبحسن الخلق نعيما.
(وسئل عليه السلام عن قوله تعالى " فلنحيينه حياة طيبة " فقال):
هي القناعة
230 - وقال عليه السلام: شاركوا الذي قد أقبل عليه الرزق فإنه أخلق للغنى
وأجدر بإقبال الحظ عليه (2)
231 - (وقال عليه السلام: في قوله تعالى " إن الله يأمر بالعدل والاحسان "):
العدل الانصاف، والاحسان التفضل
232 - وقال عليه السلام: من يعط باليد القصيرة يعط باليد الطويلة (أقول:
ومعنى ذلك أن ما ينفقه المرء من ماله في سبيل الخير والبر وإن كان
يسيرا فإن الله تعالى يجعل الجزاء عليه عظيما كثيرا، واليدان ههنا
عبارتان عن النعمتين، ففرق عليه السلام بين نعمة العبد ونعمة الرب
51

فجعل تلك قصيرة وهذه طويلة لأن نعم الله أبدا تضعف (1) على نعم
المخلوق أضعافا كثيرة إذ كانت نعم الله أصل النعم كلها. فكل
نعمة إليها ترجع ومنها تنزع)
233 - وقال لابنه الحسن عليهما السلام: لا تدعون إلى مبارزة (2)
وإن دعيت إليها فأجب فإن الداعي باغ والباغي مصروع
234 - وقال عليه السلام: خيار خصال النساء شرار خصال الرجال: الزهو والجبن
والبخل (3) فإذا كانت المرأة مزهوة لم تمكن من نفسها. وإذا
كانت بخيلة حفظت مالها ومال بعلها. وإذا كانت جبانة فرقت (4) من
كل شئ يعرض لها
235 - (وقيل له عليه السلام: صف لنا العاقل) فقال عليه السلام: هو الذي يضع الشئ
مواضعه (فقيل فصف لنا الجاهل فقال): قد فعلت (يعني أن الجاهل
هو الذي لا يضع الشئ مواضعه فكأن ترك صفته صفة له إذ كان
بخلاف وصف العاقل).
236 - وقال عليه السلام: والله لدنياكم هذه أهون في عيني من عراق خنزير
52

في يد مجذوم (1)
237 - وقال عليه السلام: إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار (2)، وإن
قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد (3)، وإن قوما عبدوا الله
شكرا فتلك عبادة الأحرار (4)
238 - وقال عليه السلام: المرأة شر كلها وشر ما فيها أنه لا بد منها
239 - وقال عليه السلام: من أطاع التواني ضيع الحقوق، ومن أطاع الواشي
ضيع الصديق
240 - وقال عليه السلام: الحجر الغصيب في الدار رهن على خرابها (5) (ويروى
هذا الكلام عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عجب أن يشتبه الكلامان لأن
مستقاهما من قليب ومفرغهما من ذنوب (6))
241 - وقال عليه السلام: يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على
المظلوم
53

242 - وقال عليه السلام: اتق الله بعض التقى وإن قل، واجعل بينك وبين الله سترا وإن رق
243 - وقال عليه السلام: إذا ازدحم الجواب خفي الصواب (1)
244 - وقال عليه السلام: إن لله في كل نعمة حقا فمن أداه زاده منها، ومن قصر
عنه خاطر بزوال نعمته
245 - وقال عليه السلام: إذا كثرت المقدرة قلت الشهوة (2)
246 - وقال عليه السلام: احذروا نفار النعم فما كل شارد بمردود (3)
247 - وقال عليه السلام: الكرم أعطف من الرحم (4)
248 - وقال عليه السلام: من ظن بك خيرا فصدق ظنه (5)
249 - وقال عليه السلام: أفضل الأعمال ما أكرهت نفسك عليه (6)
250 - وقال عليه السلام: عرفت الله سبحانه بفسخ العزائم وحل العقود (7)
54

251 - وقال عليه السلام: مرارة الدنيا حلاوة الآخرة، وحلاوة الدنيا مرارة
الآخرة (1)
252 - وقال عليه السلام: فرض الله الإيمان تطهيرا من الشرك، والصلاة تنزيها
عن الكبر، والزكاة تسبيبا للرزق، والصيام ابتلاء لإخلاص الخلق،
والحج تقربة للدين (2)، والجهاد عزا للاسلام، والأمر بالمعروف
مصلحة للعوام، والنهي عن المنكر ردعا للسفهاء، وصلة الرحم
منماة للعدد (3)، والقصاص حقنا للدماء، وإقامة الحدود إعظاما للمحارم
وترك شرب الخمر تحصينا للعقل، ومجانبة السرقة إيجابا للعفة، وترك
الزنا تحصينا للنسب، وترك اللواط تكثيرا للنسل، والشهادة استظهارا
على المجاحدات (4)، وترك الكذب تشريفا للصدق، والسلام أمانا
من المخاوف، والأمانة نظاما للأمة (5)، والطاعة تعظيما للإمامة
55

253 - (وكان عليه السلام يقول) أحلفوا الظالم إذا أردتم يمينه بأنه
برئ من حول الله وقوته، فإنه إذا حلف بها كاذبا عوجل العقوبة،
وإذا حلف بالله الذي لا إله إلا هو لم يعاجل لأنه قد وحد الله تعالى
254 - وقال عليه السلام: يا ابن آدم كن وصي نفسك في مالك واعمل فيه ما
تؤثر أن يعمل فيه من بعدك (1)
255 - وقال عليه السلام: الحدة ضرب من الجنون لأن صاحبها يندم، فإن لم
يندم فجنونه مستحكم
256 - وقال عليه السلام: صحة الجسد من قلة الحسد
257 - وقال عليه السلام: يا كميل مر أهلك أن يروحوا في كسب المكارم.
ويدلجوا في حاجة من هو نائم (2) فوالذي وسع سمعه الأصوات ما من
أحد أودع قلبا سرورا إلا وخلق الله له من ذلك السرور لطفا، فإذا
نزلت به نائبة جرى إليها (3) كالماء في انحداره حتى يطردها عنه كما
تطرد غريبة الإبل
56

258 - وقال عليه السلام: إذا أملقتم فتاجروا الله بالصدقة (1)
259 - وقال عليه السلام: الوفاء لأهل الغدر غدر عند الله، والغدر بأهل الغدر
وفاء عند الله
260 - وقال عليه السلام: كم من مستدرج بالاحسان إليه، ومغرور بالستر عليه،
ومفتون بحسن القول فيه. وما ابتلى الله سبحانه أحدا بمثل الاملاء له
(وقد مضى هذا الكلام فيما تقدم إلا أن فيه ههنا زيادة مفيدة)
(فصل نذكر فيه شيوا عن اختيار غريب كلامه المحتاج إلى التفسير)
1 - في حديثه عليه السلام: فإذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين
بذنبه فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف
(اليعسوب: السيد العظيم المالك لأمور الناس يومئذ، والقزع:
قطع الغيم التي لا ماء فيها)
2 - وفي حديثه عليه السلام: هذا الخطيب الشحشح (يريد الماهر
في الخطبة الماضي فيها، وكل ماض في كلام أو سير فهو شحشح،
والشحشح في غير هذا الموضع البخيل الممسك)
3 - وفي حديثه عليه السلام: إن للخصومة قحما (يريد بالقحم
57

المهالك لأنها تقحم أصحابها في المهالك والمتالف في الأكثر، ومن
ذلك قحمة الأعراب وهو أن تصيبهم السنة فتتعرق أموالهم (1)
فذلك تقحمها فيهم. وقيل فيه وجه آخر وهو أنها تقحمهم بلاد
الريف أي تحوجهم إلى دخول الحضر عند محول البدو)
4 - وفي حديثه عليه السلام: إذا بلغ النساء نص الحقاق فالعصبة
أولى (والنص منتهى الأشياء ومبلغ أقصاها كالنص في السير لأنه
أقصى ما تقدر عليه الدابة، وتقول نصصت الرجل عن الأمر إذا
استقصيت مسألته عنه لتستخرج ما عنده فيه. فنص الحقاق يريد به
الادراك لأنه منتهى الصغر والوقت الذي يخرج منه الصغير إلى حد
الكبير. وهو من أفصح الكنايات عن هذا الأمر، فإذا بلغ النساء
ذلك فالعصبة أولى بالمرأة من أمها إذا كانوا محرما مثل الإخوة
والأعمام وبتزويجها إن أرادوا ذلك. والحقاق محاقة الأم للعصبة في
المرأة وهو الجدال والخصومة وقول كل واحد منهما للآخر أنا أحق
منك بهذا، يقال منه حاققته حقاقا مثل جادلته جدالا. وقد قيل
إن نص الحقاق بلوغ العقل وهو الادراك لأنه عليه السلام أراد
58

منتهى الأمر الذي تجب فيه الحقوق والأحكام. ومن رواه نص
الحقائق فإنما أراد جمع حقيقة.
هذا معنى ما ذكره أبو عبيد. والذي عندي أن المراد بنص
الحقاق ههنا بلوغ المرأة إلى الحد الذي يجوز فيه تزويجها وتصرفها في
حقوقها، تشبيها بالحقاق من الإبل وهي جمع حقة وحق (1) وهو الذي
استكمل ثلاث سنين ودخل في الرابعة، وعند ذلك يبلغ إلى الحد
الذي يتمكن فيه من ركوب ظهره ونصه في السير. والحقائق أيضا
جمع حقة. فالروايتان جميعا ترجعان إلى معنى واحد، وهذا أشبه بطريقة
العرب من المعنى المذكور)
5 - وفي حديثه عليه السلام: إن الإيمان يبدو لمظة في القلب كلما
ازداد الإيمان ازدادت اللمظة (2) (واللمظة مثل النكتة أو نحوها من
البياض. ومنه قيل فرس ألمظ إذا كان بجحفلته شئ من البياض (3))
6 - وفي حديثه عليه السلام: إن الرجل إذا كان له الدين الظنون
يجب عليه أن يزكيه لما مضى إذا قبضه (فالظنون الذي لا يعلم
59

صاحبه أيقبضه من الذي هو عليه أم لا، فكأنه الذي يظن به
فمرة يرجوه ومرة لا يرجوه. وهذا من أفصح الكلام. وكذلك
كل أمر تطلبه ولا تدري على أي شئ أنت منه فهو ظنون (1). وعلى
ذلك قول الأعشى
ما يجعل الجد الظنون الذي * جنب صوب اللجب الماطر
مثل الفراتي إذا ما طما * يقذف بالبوصي والماهر
والجد: البئر (2). والظنون التي لا يعلم هل فيها ماء أم لا)
7 - وفي حديثه عليه السلام: (أنه شيع جيشا يغزيه فقال): أعذبوا
عن النساء ما استطعتم (ومعناه اصدفوا عن ذكر النساء (3) وشغل
القلب بهن، وامتنعوا من المقاربة لهن لأن ذلك يفت في عضد الحمية (4)
ويقدح في معاقد العزيمة، ويكسر عن العدو، ويلفت عن الابعاد في
الغزو. وكل من امتنع من شئ فقد أعذب عنه. والعاذب والعذوب
الممتنع من الأكل والشرب)
60

8 - وفي حديثه عليه السلام: كالياسر الفالج ينتظر أول فوزة من
قداحه (الياسرون هم الذين يتضاربون بالقداح على الجزور (1). والفالج
القاهر الغالب، يقال قد فلج عليهم وفلجهم. وقال الراجز:
* لما رأيت فالجا قد فلجا
9 - وفي حديثه عليه السلام: كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله
صلى الله عليه وآله فلم يكن منا أقرب إلى العدو منه (ومعنى ذلك
أنه إذا عظم الخوف من العدو واشتد عضاض الحرب (2) فزع المسلمون
إلى قتال رسول الله صلى الله عليه وآله بنفسه (3) فينزل الله عليهم
النصر به ويأمنون مما كانوا يخافونه بمكانه)
وقوله عليه السلام: إذا احمر البأس (كناية عن اشتداد الأمر. وقد قيل
في ذلك أقوال أحسنها أنه شبه حمى الحرب بالنار (4) التي تجمع الحرارة
والحمرة بفعلها ولونها، ومما يقوي ذلك قول الرسول صلى الله عليه
وآله وقد رأى مجتلد الناس يوم حنين (5) وهي حرب هوازن
61

" حمي الوطيس " فالوطيس مستوقد النار، فشبه رسول الله صلى الله
عليه وآله ما استحر من جلاد القوم (1) باحتدام النار وشدة التهابها)
انقضى هذا الفصل ورجعنا إلى سنن الغرض الأول في هذا الباب
261 - وقال عليه السلام (لما بلغه إغارة أصحاب معاوية على الأنبار فخرج بنفسه
ماشيا حتى أتى النخيلة (2) فأدركه الناس وقالوا يا أمير المؤمنين
نحن نكفيكهم)
فقال عليه السلام: والله ما تكفونني أنفسكم فكيف تكفونني غيركم.
إن كانت الرعايا قبلي لتشكو حيف رعاتها، وإنني اليوم لأشكو حيف
رعيتي، كأنني المقود وهم القادة، أو الموزوع وهم الوزعة (3) (فلما
قال عليه السلام هذا القول، في كلام طويل قد ذكرنا مختاره في جملة الخطب،
تقدم إليه رجلان من أصحابه فقال أحدهما: إني لا أملك إلا نفسي
وأخي فمرنا بأمرك يا أمير المؤمنين ننفذ له)
قال عليه السلام: وأين تقعان مما أريد (4)؟
62

262 - (وقيل إن الحارث بن حوت أتاه فقال: أتراني أظن أصحاب الجمل
كانوا على ضلالة (1))
فقال عليه السلام: يا حارث إنك نظرت تحتك ولم تنظر فوقك فحرت (2)
إنك لم تعرف الحق فتعرف أهله، ولم تعرف الباطل فتعرف من
أتاه. فقال الحارث: فإني أعتزل مع سعيد بن مالك وعبد الله بن عمر
فقال عليه السلام: إن سعيدا وعبد الله بن عمر لم ينصرا الحق ولم
يخذلا الباطل
263 - وقال عليه السلام: صاحب السلطان كراكب الأسد يغبط بموقعه وهو
أعلم بموضعه (3)
264 - وقال عليه السلام: أحسنوا في عقب غيركم تحفظوا في عقبكم (4)
265 - وقال عليه السلام: إن كلام الحكماء إذا كان صوابا كان دواء، وإذا كان
خطأ كان داء (5)
63

266 - (وسأله رجل أن يعرفه الإيمان) فقال عليه السلام:
إذا كان الغد فأتني حتى أخبرك على أسماع الناس، فإن نسيت مقالتي
حفظها عليك غيرك، فإن الكلام كالشاردة ينقفها هذا (1) ويخطئها هذا
(وقد ذكرنا ما أجابه به فيما تقدم من هذا الباب وهو قوله
الإيمان على أربع شعب)
267 - وقال عليه السلام: يا ابن آدم لا تحمل هم يومك الذي لم يأتك على يومك
الذي قد أتاك، فإنه إن يك من عمرك يأت الله فيه برزقك
268 - وقال عليه السلام: أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما
وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما (2)
269 - وقال عليه السلام: الناس للدنيا عاملان: عامل عمل للدنيا قد شغلته دنياه
عن آخرته يخشى على من يخلفه الفقر ويأمنه على نفسه فيفني عمره
في منفعة غيره، وعامل عمل في الدنيا لما بعدها فجاءه الذي له من الدنيا
بغير عمل، فأحرز الحظين معا، وملك الزادين جميعا، فأصبح وجيها
64

عند الله (1) لا يسأل الله حاجة فيمنعه
270 - (وروي أنه ذكر عند عمر بن الخطاب في أيامه حلي الكعبة
وكثرته، فقال قوم لو أخذته فجهزت به جيوش المسلمين كان
أعظم للأجر، وما تصنع الكعبة بالحلي؟ فهم عمر بذلك، وسأل أمير
المؤمنين عليه السلام. فقال عليه السلام:
إن القرآن أنزل على النبي صلى الله عليه وآله والأموال أربعة:
أموال المسلمين فقسمها بين الورثة في الفرائض، والفئ فقسمه على
مستحقيه، والخمس فوضعه الله حيث وضعه، والصدقات فجعلها الله
حيث جعلها. وكان حلي الكعبة فيها يومئذ، فتركه الله على حاله
ولم يتركه نسيانا، ولم يخف عليه مكانا (2) فأقره حيث أقره الله
ورسوله. فقال له عمر: لولاك لافتضحنا، وترك الحلي بحاله
271 - (وروي أنه عليه السلام رفع إليه رجلان سرقا من مال الله:
أحدهما عبد من مال الله، والآخر من عروض الناس (3)
65

فقال عليه السلام: أما هذا فهو من مال الله ولا حد عليه. مال الله أكل
بعضه بعضا، وأما الآخر فعليه الحد فقطع يده
272 - وقال عليه السلام: لو قد استوت قدماي من هذه المداحض لغيرت أشياء (1)
273 - وقال عليه السلام: اعلموا علما يقينا أن الله لم يجعل للعبد وإن
عظمت حيلته واشتدت طلبته وقويت مكيدته أكثر مما سمى له
في الذكر الحكيم (2)، ولم يحل بين العبد في ضعفه وقلة حيلته
وبين أن يبلغ ما سمى له في الذكر الحكيم. والعارف لهذا العامل
به أعظم الناس راحة في منفعة. والتارك له الشاك فيه أعظم الناس شغلا
في مضرة ورب منعم عليه مستدرج بالنعمى (3)، ورب مبتلى مصنوع
له بالبلوى. فزد أيها المستمع في شكرك، وقصر من عجلتك (4)،
وقف عند منتهى رزقك
66

274 - وقال عليه السلام: لا تجعلوا علمكم جهلا ويقينكم شكا (1) إذا علمتم
فاعملوا، وإذا تيقنتم فأقدموا
275 - وقال عليه السلام: إن الطمع مورد غير مصدر (2)، وضامن غير وفي،
وربما شرق شارب الماء قبل ريه (3)، وكلما عظم قدر الشئ المتنافس
فيه عظمت الرزية لفقده. والأماني تعمي أعين البصائر. والحظ يأتي
من لا يأتيه
276 - وقال عليه السلام: اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في لامعة العيون علانيتي
وتقبح فيما أبطن لك سريرتي، محافظا على رئاء الناس من نفسي بجميع
ما أنت مطلع عليه مني، فأبدي للناس حسن ظاهري وأفضي إليك
بسوء عملي تقربا إلى عبادك، وتباعدا من مرضاتك (4)
277 - وقال عليه السلام: لا والذي أمسينا منه في غبر ليلة دهماء تكشر عن
67

يوم أغر ما كان كذا وكذا (1)
278 - وقال عليه السلام: قليل تدوم عليه أرجى من كثير مملول (2)
279 - وقال عليه السلام: إذا أضرت النوافل بالفرائض فارفضوها
280 - وقال عليه السلام: من تذكر بعد السفر استعد
281 - وقال عليه السلام: ليست الروية كالمعاينة مع الأبصار (3). فقد تكذب
العيون أهلها ولا يغش العقل من استنصحه
282 - وقال عليه السلام: بينكم وبين الموعظة حجاب من الغرة (4)
3 28 - وقال عليه السلام: جاهلكم مزداد وعالمكم مسوف (5)
284 - وقال عليه السلام: قطع العلم عذر المتعللين
68

285 - وقال عليه السلام: كل معاجل يسأل الإنظار وكل مؤجل يتعلل
بالتسويف (1)
286 - وقال عليه السلام: ما قال الناس لشئ طوبى له إلا وقد خبأ له الدهر
يوم سوء
287 - (وسئل عن القدر فقال): طريق مظلم فلا تسلكوه، وبحر
عميق فلا تلجوه، وسر الله فلا تتكلفوه (2)
288 - وقال عليه السلام: إذا أرذل الله عبدا حظر عليه العلم (3)
289 - وقال عليه السلام: كان لي فيما مضى أخ في الله، وكان يعظمه في عيني
صغر الدنيا في عينه، وكان خارجا من سلطان بطنه فلا يشتهي ما لا
يجد، ولا يكثر إذا وجد، وكان أكثر دهره صامتا. فإن قال بد
القائلين (4) ونقع غليل السائلين. وكان ضعيفا مستضعفا. فإن جاء
69

الجد فهو ليث غاب وصل واد (1)، لا يدلي بحجة حتى يأتي قاضيا (2).
وكان لا يلوم أحدا على ما يجد العذر في مثله حتى يسمع اعتذاره (3)،
وكان لا يشكو وجعا إلا عند برئه. وكان يفعل ما يقول ولا يقول
ما لا يفعل. وكان إذا غلب على الكلام لم يغلب على السكوت.
وكان على ما يسمع أحرص منه على أن يتكلم. وكان إذا بدهه أمران (4)
نظر أيهما أقرب إلى الهوى فخالفه. فعليكم بهذه الخلائق فالزموها
وتنافسوا فيها، فإن لم تستطيعوها فاعلموا أن أخذ القليل خير من ترك الكثير
290 - وقال عليه السلام: لو لم يتوعد الله على معصيته (5) لكان يجب أن لا يعصى
شكرا لنعمه
291 - (وقال عليه السلام وقد عزى الأشعث بن قيس عن ابن له):
يا أشعث إن تحزن على ابنك فقد استحقت ذلك منك الرحم.
70

وإن تصبر ففي الله من كل مصيبة خلف. يا أشعث إن صبرت جرى
عليك القدر وأنت مأجور. وإن جزعت جرى عليك القدر وأنت
مأزور (1). ابنك سرك وهو بلاء وفتنة (2)، وحزنك وهو ثواب ورحمة
292 - (وقال عليه السلام على قبر رسول الله)
(صلى الله عليه وآله ساعة دفن):
إن الصبر لجميل إلا عنك، وإن الجزع لقبيح إلا عليك، وإن
المصاب بك لجليل، وإنه قبلك وبعدك لجلل (3)
293 - وقال عليه السلام: لا تصحب المائق (4) فإنه يزين لك فعله ويود أن
تكون مثله
4 29 - (وقد سئل عن مسافة ما بين المشرق والمغرب) فقال عليه السلام:
مسيرة يوم للشمس
295 - وقال عليه السلام: أصدقاؤك ثلاثة، وأعداؤك ثلاثة، فأصدقاؤك صديقك
71

وصديق صديقك وعدو عدوك. وأعداؤك عدوك وعدو صديقك
وصديق عدوك
296 - (وقال عليه السلام لرجل رآه يسعى على عدو له بما فيه إضرار بنفسه):
إنما أنت كالطاعن نفسه ليقتل ردفه (1)
297 - وقال عليه السلام: ما أكثر العبر وأقل الاعتبار
298 - (وقال عليه السلام: من بالغ في الخصومة أثم، ومن قصر فيها ظلم (2)
ولا يستطيع أن يتقي الله من خاصم
299 - وقال عليه السلام: ما أهمني ذنب أمهلت بعده حتى أصلي ركعتين (3)
300 - وسئل عليه السلام: (كيف يحاسب الله الخلق على كثرتهم) فقال: كما
يرزقهم على كثرتهم
(فقيل كيف يحاسبهم ولا يرونه)
قال عليه السلام: كما يرزقهم ولا يرونه
301 - وقال عليه السلام: رسولك ترجمان عقلك، وكتابك أبلغ ما ينطق عنك
72

302 - وقال عليه السلام: ما المبتلى الذي قد اشتد به البلاء بأحوج إلى الدعاء
من المعافى الذي لا يأمن البلاء
303 - وقال عليه السلام: الناس أبناء الدنيا، ولا يلام الرجل على حب أمه
304 - وقال عليه السلام: إن المسكين رسول الله (1) فمن منعه فقد منع الله، ومن
أعطاه فقد أعطى الله
305 - وقال عليه السلام: ما زنى غيور قط
306 - وقال عليه السلام: كفى بالأجل حارسا
307 - وقال عليه السلام: ينام الرجل على الثكل ولا ينام على الحرب (2) (ومعنى
ذلك أنه يصبر على قتل الأولاد ولا يصبر على سلب الأموال)
308 - وقال عليه السلام: مودة الآباء قرابة بين الأبناء (3) والقرابة إلى المودة
أحوج من المودة إلى القرابة
309 - وقال عليه السلام: اتقوا ظنون المؤمنين فإن الله تعالى جعل الحق على
ألسنتهم
73

310 - وقال عليه السلام: لا يصدق إيمان عبد حتى يكون بما في يد الله أوثق منه
بما في يده (1)
311 - وقال عليه السلام: لأنس بن مالك وقد كان بعثه إلى طلحة والزبير لما جاء
إلى البصرة يذكرهما شيئا سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله
في معناهما فلوى عن ذلك فرجع إليه فقال (2): (إني أنسيت ذلك الأمر)
فقال عليه السلام: إن كنت كاذبا فضربك الله بها بيضاء لامعة لا تواريها
العمامة (يعني البرص، فأصاب أنسا هذا الداء فيما بعد في وجهه
فكان لا يرى إلا مبرقعا)
312 - وقال عليه السلام: إن للقلوب إقبالا وإدبارا (3) فإذا أقبلت فاحملوها على
النوافل، وإذا أدبرت فاقتصروا بها على الفرائض
313 - وقال عليه السلام: وفي القرآن نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم
ما بينكم (4)
74

314 - وقال عليه السلام: ردوا الحجر من حيث جاء فإن الشر لا يدفعه إلا الشر (1)
315 - وقال عليه السلام لكاتبه عبيد الله بن رافع: ألق دواتك، وأطل جلفة
قلمك (2)، وفرج بين السطور وقرمط بين الحروف فإن ذلك أجدر
بصباحة الخط
316 - وقال عليه السلام: أنا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الفجار (ومعنى
ذلك أن المؤمنين يتبعونني والفجار يتبعون المال كما تتبع النحل
يعسوبها وهو رئيسها)
317 - (وقال له بعض اليهود: ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم فيه)
فقال عليه السلام له: إنما اختلفنا عنه لا فيه (3) ولكنكم ما جفت
أرجلكم من البحر حتى قلتم لنبيكم " اجعل لنا إلها كما لهم آلهة
قال إنكم قوم تجهلون "
318 - (وقيل له بأي شئ غلبت الاقران؟)
فقال عليه السلام: ما لقيت رجلا إلا أعانني على نفسه (يؤمي
75

بذلك إلى تمكن هيبته في القلوب)
319 - وقال عليه السلام لابنه محمد بن الحنفية: يا بني إني أخاف عليك الفقر فاستعذ
بالله منه فإن الفقر منقصة للدين (1) مدهشة للعقل، داعية للمقت
320 - (وقال عليه السلام لسائل سأله عن معضلة (2): سل تفقها ولا تسأل تعنتا،
فإن الجاهل المتعلم شبيه بالعالم، وإن العالم المتعسف شبيه
بالجاهل المتعنت
321 - (وقال عليه السلام لعبد الله بن العباس وقد أشار عليه في شئ لم
يوافق رأيه عليه السلام): لك أن تشير علي وأرى، فإن عصيتك فأطعني (3)
322 - وروي أنه عليه السلام لما ورد الكوفة قادما من صفين مر
بالشباميين (4) فسمع بكاء النساء على قتلى صفين، وخرج إليه حرب
ابن شرحبيل الشبامي وكان من وجوه قومه)
فقال عليه السلام له: تغلبكم نساؤكم على ما أسمع (5)، ألا تنهونهن عن
76

هذا الرنين (وأقبل يمشي معه وهو عليه السلام راكب فقال عليه
السلام له): ارجع فإن مشي مثلك مع مثلي فتنة للوالي ومذلة
للمؤمن (1)
323 - (وقال عليه السلام وقد مر بقتلى الخوارج يوم النهروان): بؤسا لكم،
لقد ضركم من غركم (فقيل له من غرهم يا أمير المؤمنين؟ فقال):
الشيطان المضل والأنفس الأمارة بالسوء غرتهم بالأماني وفسحت
لهم بالمعاصي، ووعدتهم الاظهار فاقتحمت بهم النار
324 - وقال عليه السلام: اتقوا معاصي الله في الخلوات فإن الشاهد هو الحاكم
325 - (وقال عليه السلام لما بلغه قتل محمد بن أبي بكر): إن حزننا عليه على
قدر سرورهم به، إلا أنهم نقصوا بغيضا ونقصنا حبيبا
326 - وقال عليه السلام: العمر الذي أعذر الله فيه إلى ابن آدم ستون
سنة (2)
77

327 - وقال عليه السلام: ما ظفر من ظفر الإثم به، والغالب بالشر مغلوب (1)
328 - وقال عليه السلام: إن الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء
فما جاع فقير إلا بما متع به غني والله تعالى سائلهم عن ذلك
329 - وقال عليه السلام: الاستغناء عن العذر أعز من الصدق به (2)
330 - وقال عليه السلام: أقل ما يلزمكم لله أن لا تستعينوا بنعمه على
معاصيه
331 - وقال عليه السلام: إن الله سبحانه جعل الطاعة غنيمة الأكياس عند
تفريط العجزة (3)
332 - وقال عليه السلام: السلطان وزعة الله في أرضه (4)
333 - (وقال عليه السلام في صفة المؤمن): المؤمن بشره في وجهه (5)، وحزنه
78

في قلبه. أوسع شئ صدرا، وأذل شئ نفسا (1). يكره الرفعة، ويشنو
السمعة. طويل غمه. بعيد همه. كثير صمته. مشغول وقته.
شكور صبور. مغمور بفكرته (2). ضنين بخلته (3) سهل الخليقة.
لين العريكة. نفسه أصلب من الصلد (4) وهو أذل من العبد
334 - وقال عليه السلام: لو رأى العبد الأجل ومصيره لأبغض الأمل وغروره
335 - وقال عليه السلام: لكل امرئ في ماله شريكان: الوارث والحوادث
337 - وقال عليه السلام: الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر (5)
338 - وقال عليه السلام: العلم علمان: مطبوع ومسموع، ولا ينفع المسموع إذا
لم يكن المطبوع (6)
339 - وقال عليه السلام: صواب الرأي بالدول يقبل بإقبالها ويذهب بذهابها (7)
79

340 - وقال عليه السلام: العفاف زينة الفقر، والشكر زينة الغنى
341 - وقال عليه السلام: يوم العدل على الظالم أشد من يوم الجور على المظلوم
343 - وقال عليه السلام: الأقاويل محفوظة، والسرائر مبلوة (1) و " كل نفس
بما كسبت رهينة ". والناس منقوصون مدخولون (2) إلا من عصم
الله. سائلهم متعنت، ومجيبهم متكلف. يكاد أفضلهم رأيا يرده
عن فضل رأيه الرضى والسخط (3)، ويكاد أصلبهم عودا تنكؤه
اللحظة وتستحيله الكلمة الواحدة (4). 344 - معاشر الناس اتقوا الله فكم
من مؤمل ما لا يبلغه، وبان ما لا يسكنه، وجامع ما سوف يتركه.
ولعله من باطل جمعه، ومن حق منعه. أصابه حراما، واحتمل به آثاما،
فناء بوزره، وقدم على ربه آسفا لاهفا قد " خسر الدنيا والآخرة ذلك
هو الخسران المبين "
80

345 - وقال عليه السلام: من العصمة تعذر المعاصي (1)
6 34 - وقال عليه السلام: ماء وجهك جامد يقطره السؤال فانظر عند من تقطره
347 - وقال عليه السلام: الثناء بأكثر من الاستحقاق ملق (2) والتقصير عن
الاستحقاق عي وحسد
348 - وقال عليه السلام: أشد الذنوب ما استهان به صاحبه
349 - وقال عليه السلام: من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره. ومن
رضي برزق الله لم يحزن على ما فاته. ومن سل سيف البغي قتل به.
ومن كابد الأمور عطب (3). ومن اقتحم اللجج غرق. ومن دخل
مداخل السوء اتهم. ومن كثر كلامه كثر خطؤه. ومن كثر
خطؤه قل حياؤه. ومن قل حياؤه قل ورعه. ومن قل ورعه مات قلبه. ومن
مات قلبه دخل النار. ومن نظر في عيوب الناس فأنكرها ثم رضيها لنفسه
فذاك الأحمق بعينه (4) والقناعة مال لا ينفد، ومن أكثر من ذكر الموت
81

رضي من الدنيا باليسير. ومن علم أن كلامه من عمله قل كلامه
إلا فيما يعنيه
350 - وقال عليه السلام: للظالم من الرجال ثلاث علامات: يظلم من فوقه
بالمعصية (1)، ومن دونه بالغلبة، ويظاهر القوم الظلمة.
351 - وقال عليه السلام: عند تناهي الشدة تكون الفرجة. وعند تضايق حلق
البلاء يكون الرخاء
352 - وقال عليه السلام لبعض أصحابه: لا تجعلن أكثر شغلك بأهلك وولدك
فإن يكن أهلك وولدك أولياء الله فإن الله لا يضيع أولياءه. وإن
يكونوا أعداء الله فما همك وشغلك بأعداء الله
353 - وقال عليه السلام: أكبر العيب أن تعيب ما فيك مثله
354 - (وهنأ بحضرته رجل رجلا بغلام ولد له فقال له ليهنك الفارس)
فقال عليه السلام: لا تقل ذلك، ولكن قل: شكرت الواهب
وبورك لك في الموهوب، وبلغ أشده، ورزقت بره
355 - (وبنى رجل من عماله بناء فخما (2)) فقال عليه السلام:
82

أطلعت الورق رؤوسها (1) إن البناء يصف لك الغنى
356 - (وقيل له عليه السلام لو سد على رجل باب بيته وترك فيه من
أين كان يأتيه رزقه؟)
فقال عليه السلام: من حيث يأتيه أجله
357 - (وعزى قوما عن ميت مات لهم) فقال عليه السلام:
إن هذا الأمر ليس بكم بدأ ولا إليكم انتهى (2). وقد كان
صاحبكم هذا يسافر فعدوه في بعض أسفاره، فإن قدم عليكم وإلا
قدمتم عليه
358 - وقال عليه السلام: أيها الناس ليركم الله من النعمة وجلين كما يراكم
من النقمة فرقين (3)، إنه من وسع عليه في ذات يده فلم ير ذلك
83

استدراجا فقد أمن مخوفا. ومن ضيق عليه في ذات يده فلم ير ذلك
اختبارا فقد ضيع مأمولا
359 - وقال عليه السلام: يا أسرى الرغبة أقصروا (1) فإن المعرج على الدنيا لا
يروعه منها إلا صريف أنياب الحدثان (2). أيها الناس تولوا من أنفسكم
تأديبها واعدلوا بها عن ضراوة عاداتها (3)
360 - وقال عليه السلام: لا تظنن بكلمة خرجت من أحد سوءا وأنت تجد لها
في الخير محتملا
361 - وقال عليه السلام: إذا كانت لك إلى الله سبحانه حاجة فابدأ بمسألة
الصلاة على رسوله صلى الله عليه وآله ثم سل حاجتك فإن الله أكرم
من أن يسأل حاجتين (4) فيقضي إحداهما ويمنع الأخرى
362 - وقال عليه السلام: من ضن بعرضه فليدع المراء (5)
363 - وقال عليه السلام: من الخرق المعاجلة قبل الإمكان والأناة بعد الفرصة (6)
84

364 - وقال عليه السلام: لا تسأل عما لم يكن ففي الذي قد كان لك شغل (1)
365 - وقال عليه السلام: الفكر مرآة صافية والاعتبار منذر ناصح (2)
وكفى أدبا لنفسك تجنبك ما كرهته لغيرك
366 - وقال عليه السلام: العلم مقرون بالعمل فمن علم عمل. والعلم يهتف
بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل عنه (3)
367 - وقال عليه السلام: يا أيها الناس متاع الدنيا حطام موبئ فتجنبوا مرعاه (4).
قلعتها أحظى من طمأنينتها (5) وبلغتها أزكى من ثروتها (6). حكم
على مكثر بها بالفاقة (7) وأعين من غني عنها بالراحة (8). ومن راقه
زبرجها أعقبت ناظريه كمها (9).
85

ومن استشعر الشعف بها ملأت ضميره أشجانا (1) لهن رقص على
سويداء قلبه (2) هم يشغله وهم يحزنه، كذلك حتى يؤخذ بكظمه
فيلقى بالقضاء (3). منقطعا أبهراه هينا على الله فناؤه وعلى الإخوان
إلقاؤه (4)، وإنما ينظر المؤمن إلى الدنيا بعين الاعتبار. ويقتات منها
ببطن الاضطرار (5). ويسمع فيها بأذن المقت والأبغاض. إن قيل أثرى
قيل أكدى (6). وإن فرح له بالبقاء حزن له بالفناء. هذا ولم
يأتهم يوم فيه يبلسون (7)
368 - وقال عليه السلام: إن الله سبحانه وضع الثواب على طاعته والعقاب على
معصيته ذيادة لعباده عن نقمته (8) وحياشة لهم إلى جنته (9)
86

370 - (وروي أنه عليه السلام قلما اعتدل به المنبر إلا قال أمام خطبته): أيها
الناس اتقوا الله فما خلق امرؤ عبثا فيلهو، ولا ترك سدى فيلغو (1).
وما دنياه التي تحسنت له بخلف من الآخرة التي قبحها سوء النظر
عنده. وما المغرر الذي ظفر من الدنيا بأعلى همته كالآخر الذي
ظفر من الآخرة بأدنى سهمته (2)
371 - وقال عليه السلام: لا شرف أعلى من الاسلام. ولا عز أعز من التقوى
ولا معقل أحصن من الورع. ولا شفيع أنجح من التوبة. ولا كنز
أغنى من القناعة. ولا مال أذهب للفاقة من الرضى بالقوت. ومن
اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة (3) وتبوأ خفض الدعة.
والرغبة مفتاح النصب (4) ومطية التعب. والحرص والكبر والحسد
دواع إلى التقحم في الذنوب. والشر جامع مساوي العيوب
369 - وقال عليه السلام: يأتي على الناس زمان لا يبقى فيه من القرآن
87

إلا رسمه ومن الاسلام إلا اسمه. مساجدهم يومئذ عامرة من البنى
خراب من الهدى. سكانها وعمارها شر أهل الأرض، منهم تخرج
الفتنة وإليهم تأوي الخطيئة يردون من شذ عنها فيها. ويسوقون من
تأخر عنها إليها يقول الله تعالى " فبي حلفت لأبعثن على أولئك فتنة
أترك الحليم فيها حيران، وقد فعل. ونحن نستقيل الله عثرة الغفلة
372 - (وقال عليه السلام لجابر بن عبد الله الأنصاري) يا جابر قوام الدنيا
بأربعة: عالم مستعمل علمه، وجاهل لا يستنكف أن يتعلم، وجواد
لا يبخل بمعروفه، وفقير لا يبيع آخرته بدنياه. فإذا ضيع العالم
علمه استنكف الجاهل أن يتعلم (1)، وإذا بخل الغني بمعروفه باع
الفقير آخرته بدنياه (2) يا جابر من كثرت نعم الله عليه كثرت
حوائج الناس إليه، فمن قام لله فيها بما يجب عرضها للدوام والبقاء (3)،
ومن لم يقم فيها بما يجب عرضها للزوال والفناء
373 - (وروى ابن جرير الطبري في تاريخه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى
الفقيه - وكان ممن خرج لقتال الحجاج مع ابن الأشعث - أنه قال فيما
كان يحض به الناس على الجهاد: إني سمعت عليا عليه السلام يقول
88

يوم لقينا أهل الشام):
أيها المؤمنون إنه من رأى عدوانا يعمل به ومنكرا يدعى إليه
فأنكره بقلبه فقد سلم وبرئ (1)، ومن أنكره بلسانه فقد أجر
وهو أفضل من صاحبه. ومن أنكره بالسيف لتكون كلمة الله هي
العليا وكلمة الظالمين هي السفلى فذلك الذي أصاب سبيل الهدى
وقام على الطريق ونور في قلبه اليقين
374 - (وفي كلام آخر له يجري هذا المجرى) فمنهم المنكر للمنكر
بيده ولسانه وقلبه فذلك المستكمل لخصال الخير، ومنهم المنكر
بلسانه وقلبه والتارك بيده، فذلك متمسك بخصلتين من خصال
الخير ومضيع خصلة، ومنهم المنكر بقلبه والتارك بيده ولسانه
فذلك الذي ضيع أشرف الخصلتين من الثلاث وتمسك بواحدة (2)،
ومنهم تارك لإنكار المنكر بلسانه وقلبه ويده فذلك ميت الأحياء
وما أعمال البر كلها والجهاد في سبيل الله عند الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر إلا كنفثة في بحر لجي (3)، وإن الأمر بالمعروف
89

والنهي عن المنكر لا يقربان من أجل، ولا ينقصان من رزق.
وأفضل من ذلك كله كلمة عدل عند إمام جائر
375 - (وعن أبي جحيفة قال سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول):
أول ما تغلبون عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم ثم بألسنتكم ثم
بقلوبكم فمن لم يعرف بقلبه معروفا ولم ينكر منكرا قلب فجعل
أعلاه أسفله وأسفله أعلاه
376 - وقال عليه السلام: إن الحق ثقيل مرئ، وإن الباطل خفيف
وبئ (1).
377 - وقال عليه السلام: لا تأمنن على خير هذه الأمة عذاب الله لقوله تعالى
" فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون " ولا تيأسن لشر هذه
الأمة من روح الله (2) لقوله تعالى " إنه لا ييأس من روح الله إلا
القوم الكافرون "
378 - وقال عليه السلام: البخل جامع لمساوي العيوب، وهو زمام يقاد به إلى
كل سوء
90

379 - وقال عليه السلام: الرزق رزقان: رزق تطلبه ورزق يطلبك فإن لم تأته
أتاك فلا تحمل هم سنتك على هم يومك، كفاك كل يوم ما فيه.
فإن تكن السنة من عمرك فإن الله تعالى سيؤتيك في كل غد جديد
ما قسم لك، وإن لم تكن السنة من عمرك فما تصنع بالهم لما ليس
لك؟ ولن يسبقك إلى رزقك طالب، ولن يغلبك عليه غالب. ولن
يبطئ عنك ما قد قدر لك
(وقد مضى هذا الكلام فيما تقدم من هذا الباب إلا أنه ههنا
أوضح وأشرح فلذلك كررناه على القاعدة المقررة في أول الكتاب)
380 - وقال عليه السلام: رب مستقبل يوما ليس بمستدبره، ومغبوط في أول
ليله قامت بواكيه في آخره (1)
381 - وقال عليه السلام: الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به (2)، فإذا تكلمت به
صرت في وثاقه، فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك وورقك. فرب
كلمة سلبت نعمة وجلبت نقمة
382 - وقال عليه السلام: لا تقل ما لا تعلم، بل لا تقل كل ما تعلم، فإن الله
91

فرض على جوارحك فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة
383 - وقال عليه السلام: احذر أن يراك الله عند معصيته ويفقدك عند طاعته (1)
فتكون من الخاسرين، وإذا قويت فاقو على طاعة الله، وإذا ضعفت
فاضعف عن معصية الله
384 - وقال عليه السلام: الركون إلى الدنيا مع ما تعاين منها جهل (2). والتقصير
في حسن العمل إذا وثقت بالثواب عليه غبن. والطمأنينة إلى كل
أحد قبل الاختبار عجز
385 - وقال عليه السلام: من هوان الدنيا على الله أنه لا يعصى إلا فيها ولا ينال ما
عنده إلا بتركها
386 - وقال عليه السلام: من طلب شيئا ناله أو بعضه (3)
387 - وقال عليه السلام: ما خير بخير بعده النار. وما شر بشر بعده الجنة (4).
92

وكل نعيم دون الجنة محقور، وكل بلاء دون النار عافية
388 - وقال عليه السلام: ألا وإن من البلاء الفاقة. وأشد من الفاقة مرض البدن.
وأشد من مرض البدن مرض القلب. ألا وإن من النعم سعة المال،
وأفضل من سعة المال صحة البدن، وأفضل من صحة البدن تقوى القلب
390 - وقال عليه السلام: للمؤمن ثلاث ساعات: فساعة يناجي فيها ربه، وساعة
يرم معاشه (1)، وساعة يخلي بين نفسه وبين لذتها فيما يحل ويجمل.
وليس للعاقل أن يكون شاخصا إلا في ثلاث: مرمة لمعاش، أو خطوة
في معاد، أو لذة في غير محرم
391 - وقال عليه السلام: أزهد في الدنيا يبصرك الله عوراتها، ولا تغفل فلست
بمغفول عنك
392 - وقال عليه السلام: تكلموا تعرفوا فإن المرء مخبوء تحت لسانه
393 - وقال عليه السلام: خذ من الدنيا ما أتاك، وتول عما تولى عنك، فإن أنت
لم تفعل فأجمل في الطلب (2)
93

394 - وقال عليه السلام: رب قول أنفذ من صول (1)
395 - وقال عليه السلام: كل مقتصر عليه كاف (2)
396 - وقال عليه السلام: المنية ولا الدنية. والتقلل ولا التوسل (3). ومن لم
يعط قاعدا لم يعط قائما (4). والدهر يومان يوم لك ويوم عليك، فإذا
كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فاصبر
401 - وقال عليه السلام: مقاربة الناس في أخلاقهم أمن من غوائلهم (5)
402 - وقال عليه السلام لبعض مخاطبيه (وقد تكلم بكلمة يستصغر مثله عن
قول مثلها (6):
لقد طرت شكيرا، وهدرت سقبا (والشكير ههنا أول ما ينبت
من ريش الطائر قبل أن يقوى ويستحصف (7)، والسقب الصغير من
الإبل، ولا يهدر إلا بعد أن يستفحل)
94

403 - وقال عليه السلام: من أومأ إلى متفاوت خذلته الحيل (1)
404 - وقال عليه السلام (وقد سئل عن معنى قولهم لا حول ولا قوة إلا بالله)
إنا لا نملك مع الله شيئا، ولا نملك إلا ما ملكنا، فمتى ما ملكنا ما
هو أملك به منا كلفنا (2)، ومتى أخذه منا وضع تكليفه عنا
405 - وقال عليه السلام: لعمار بن ياسر (وقد سمعه يراجع المغيرة بن شعبة
كلاما): دعه يا عمار فإنه لم يأخذ من الدين إلا ما قاربه من الدنيا،
وعلى عمد لبس على نفسه (3) ليجعل الشبهات عاذرا لسقطاته
406 - وقال عليه السلام: ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلبا لما عند الله،
وأحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء اتكالا على الله (4)
407 - وقال عليه السلام: ما استودع الله امرأ عقلا إلا استنقذه به يوما ما (5)
408 - وقال عليه السلام: من صارع الحق صرعه
95

409 - وقال عليه السلام: القلب مصحف البصر (1)
410 - وقال عليه السلام: التقى رئيس الأخلاق
411 - وقال عليه السلام: لا تجعلن ذرب لسانك على من أنطقك، وبلاغة قولك
على من سددك (2)
412 - وقال عليه السلام: كفاك أدبا لنفسك اجتناب ما تكرهه من غيرك
413 - وقال عليه السلام: من صبر صبر الأحرار وإلا سلا سلو الاغمار (3)
414 - (وفي خبر آخر أنه عليه السلام قال للأشعث بن قيس معزيا)
إن صبرت صبر الأكارم وإلا سلوت سلو البهائم
415 - وقال عليه السلام في صفة الدنيا: تغر وتضر وتمر. إن الله تعالى لم يرضها
ثوابا لأوليائه ولا عقابا لأعدائه، وإن أهل الدنيا كركب بيناهم
حلوا إذ صاح بهم سائقهم فارتحلوا (4)
416 - وقال لابنه الحسن (ع): يا بني لا تخلفن وراءك شيئا من الدنيا، فإنك
96

تخلفه لأحد رجلين: إما رجل عمل فيه بطاعة الله فسعد بما شقيت
به، وإما رجل عمل فيه بمعصية الله فكنت عونا له على معصيته.
وليس أحد هذين حقيقا أن تؤثره على نفسك
(ويروى هذا الكلام على وجه آخر وهو):
أما بعد فإن الذي في يدك من الدنيا قد كان له أهل قبلك،
وهو صائر إلى أهل بعدك، وإنما أنت جامع لأحد رجلين: رجل
عمل فيما جمعته بطاعة الله فسعد بما شقيت به، أو رجل عمل فيه
بمعصية الله فشقي بما جمعت له، وليس أحد هذين أهلا أن تؤثره
على نفسك ولا أن تحمل له على ظهرك، فارج لمن مضى رحمة الله
ولمن بقي رزق الله
417 - وقال عليه السلام (لقائل قال بحضرته أستغفر الله): ثكلتك أمك أتدري
ما الاستغفار؟ الاستغفار درجة العليين. وهو اسم واقع على ستة
معان: أولها الندم على ما مضى. والثاني العزم على ترك العود إليه
أبدا. والثالث أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله
أملس ليس عليك تبعة. والرابع أن تعمد إلى كل فريضة
عليك ضيعتها فتؤدي حقها. والخامس أن تعمد إلى اللحم الذي نبت
97

على السحت (1) فتذيبه بالأحزان حتى تلصق الجلد بالعظم وينشأ
بينهما لحم جديد. والسادس أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته
حلاوة المعصية فعند ذلك تقول أستغفر الله
418 - وقال عليه السلام: الحلم عشيرة (2)
419 - وقال عليه السلام: مسكين ابن آدم مكتوم الأجل، مكنون العلل،
محفوظ العمل، تؤلمه البقة، وتقتله الشرقة، وتنتنه العرقة (3)
420 - (وروي أنه عليه السلام كان جالسا في أصحابه فمرت بهم امرأة
جميلة فرمقها القوم بأبصارهم) فقال عليه السلام:
إن أبصار هذه الفحول طوامح (4)، وإن ذلك سبب هبابها، فإذا
نظر أحدكم إلى امرأة تعجبه فليلامس أهله فإنما هي امرأة كامرأة
(فقال رجل من الخوارج: قاتله الله كافرا ما أفقهه! فوثب القوم
ليقتلوه) فقال:
98

رويدا إنما هو سب بسب أو عفو عن ذنب (1)
421 - وقال عليه السلام: كفاك من عقلك أوضح لك سبيل غيك من رشدك.
422 - وقال عليه السلام: افعلوا الخير ولا تحقروا منه شيئا، فإن صغيره كبير،
وقليله كثير، ولا يقولن أحدكم إن أحدا أولى بفعل الخير مني
فيكون والله كذلك. إن للخير والشر أهلا فما تركتموه منهما
كفاكموه أهله (2)
423 - وقال عليه السلام: من أصلح سريرته أصلح الله علانيته. ومن عمل لدينه
كفاه أمر دنياه، ومن أحسن فيما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه
وبين الناس
424 - وقال عليه السلام: الحلم غطاء ساتر، والعقل حسام قاطع، فاستر خلل
خلقك بحلمك، وقاتل هواك بعقلك
425 - وقال عليه السلام: إن لله عبادا يختصهم الله بالنعم لمنافع العباد فيقرها
في أيديهم ما بذلوها (3)، فإذا منعوها نزعها منعم ثم حولها إلى غيرهم
99

426 - وقال عليه السلام: لا ينبغي للعبد أن يثق بخصلتين: العافية والغنى، بينا
تراه معافى إذ سقم، وبينا تراه غنيا إذ افتقر
427 - وقال عليه السلام: من شكا الحاجة إلى مؤمن فكأنما شكاها إلى الله
ومن شكاها إلى كافر فكأنما شكا الله
428 - وقال عليه السلام في بعض الأعياد: إنما هو عيد لمن قبل الله من صيامه
وشكر قيامه، وكل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد
429 - وقال عليه السلام: إن أعظم الحسرات يوم القيامة حسرة رجل كسب مالا
في غير طاعة الله، فورثه رجل فأنفقه في طاعة الله سبحانه، فدخل به
الجنة ودخل الأول به النار
430 - وقال عليه السلام: إن أخسر الناس صفقة (1) وأخيبهم سعيا رجل أخلق
بدنه في طلب ماله ولم تساعده المقادير على إرادته، فخرج من الدنيا
بحسرته وقدم على الآخرة بتبعته.
431 - وقال عليه السلام: الرزق رزقان: طالب ومطلوب، فمن طلب الدنيا
طلبه الموت حتى يخرجه عنها، ومن طلب الآخرة طلبته الدنيا
حتى يستوفي رزقه منها
100

432 - وقال عليه السلام: إن أولياء الله هم الذين نظروا إلى باطن الدنيا إذا نظر
الناس إلى ظاهرها، واشتغلوا بآجلها (1) إذا اشتغل الناس بعاجلها،
فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم (2)، وتركوا منها ما علموا أنه
سيتركهم، ورأوا استكثار غيرهم منها استقلالا. ودركهم لها فوتا.
أعداء ما سالم الناس، وسلم ما عادى الناس (3). بهم علم الكتاب وبه
علموا. وبهم قام الكتاب وبه قاموا. لا يرون مرجوا فوق ما يرجون،
ولا مخوفا فوق ما يخافون (4)
433 - وقال عليه السلام: اذكروا انقطاع اللذات وبقاء التبعات
434 - وقال عليه السلام: أخبر تقله (5) (ومن الناس من يروي هذا للرسول صلى
الله عليه وآله. ومما يقوي أنه من كلام أمير المؤمنين عليه السلام ما حكاه
ثعلب عن ابن الأعرابي: قال المأمون: لولا أن عليا قال " أخبر تقله "
لقلت: أقله تخبر)
101

435 - وقال عليه السلام: ما كان الله ليفتح على عبد باب الشكر ويغلق عنه
باب الزيادة. ولا ليفتح على عبد الدعاء ويغلق عنه باب الإجابة (1).
ولا ليفتح لعبد باب التوبة ويغلق عنه باب المغفرة
437 - (وسئل عليه السلام أيما أفضل العدل أو الجود) فقال عليه السلام:
العدل يضع الأمور مواضعها، والجود يخرجها من جهتها. والعدل
سائس عام، والجود عارض خاص. فالعدل أشرفهما وأفضلهما
438 - وقال عليه السلام: الناس أعداء ما جهلوا
439 - وقال عليه السلام: الزهد كله بين كلمتين من القرآن قال الله سبحانه
" لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم " ومن لم
يأس على الماضي (2) ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه
440 - وقال عليه السلام: ما أنقض النوم لعزائم اليوم (3)
441 - وقال عليه السلام: الولايات مضامير الرجال (4)
102

442 - وقال عليه السلام: ليس بلد بأحق بك من بلد (1)، خير البلاد ما حملك
443 - وقال عليه السلام (وقد جاءه نعي الأشتر رحمه الله): مالك وما مالك! (2)
لو كان جبلا لكان فندا، لا يرتقيه الحافر ولا يوفي عليه الطائر
(والفند المنفرد من الجبال)
444 - وقال عليه السلام: قليل مدوم عليه خير من كثير مملول منه
445 - وقال عليه السلام: إذا كان في رجل خلة ذائعة فانتظروا أخواتها (3)
446 - (وقال عليه السلام لغالب بن صعصعة أبي الفرزدق في كلام دار بينهما):
ما فعلت إبلك الكثيرة؟ قال ذعذعتها الحقوق (4) يا أمير المؤمنين
فقال عليه السلام: ذلك أحمد سبلها
447 - وقال عليه السلام: من أتجر بغير فقه فقد ارتطم في الربا (5)
103

448 - وقال عليه السلام: من عظم صغار المصائب ابتلاه الله بكبارها (1)
449 - وقال عليه السلام: من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهواته
450 - وقال عليه السلام: ما مزح امرؤ مزحة إلا مج من عقله مجة (2)
451 - وقال عليه السلام: زهدك في راغب فيك نقصان حظ (3)، ورغبتك في زاهد
فيك ذل نفس.
452 - وقال عليه السلام: الغنى والفقر بعد العرض على الله (4)
454 - وقال عليه السلام: ما لابن آدم والفخر، أوله نطفة، وآخره جيفة، لا
يرزق نفسه، ولا يدفع حتفه
455 - (وسئل من أشعر الشعراء) فقال عليه السلام
إن القوم لم يجروا في حلبة تعرف الغاية عند قصبتها (5)، فإن
كان ولا بد فالملك الضليل (يريد امرأ القيس)
104

456 - وقال عليه السلام: ألا حر يدع هذه اللماظة لأهلها (1)؟ إنه ليس لأنفسكم
ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها إلا بها
457 - وقال عليه السلام: منهومان لا يشبعان (2): طالب علم وطالب دنيا
458 - وقال عليه السلام: الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب
حيث ينفعك، وأن لا يكون في حديثك فضل عن عملك (3)، وأن
تتقي الله في حديث غيرك
459 - وقال عليه السلام: يغلب المقدار على التقدير (4) حتى تكون الآفة في
التدبير (وقد مضى هذا المعنى فيما تقدم برواية تخالف هذه الألفاظ)
460 - وقال عليه السلام: الحلم والأناة توأمان ينتجهما علو الهمة (5)
105

461 - وقال عليه السلام: الغيبة جهد العاجز (1)
462 - وقال عليه السلام: رب مفتون بحسن القول فيه (زيادة من نسخة
كتبت في عهد المصنف)
463 - وقال عليه السلام: الدنيا خلقت لغيرها ولم تخلق لنفسها (2)
464 - وقال عليه السلام: إن لبني أمية مرودا يجرون فيه، ولو قد اختلفوا فيما
بينهم ثم كادتهم الضباع لغلبتهم (3)
(والمرود هنا مفعل من الإرواد وهو الإمهال والإنظار. وهذا
من أفصح الكلام وأغربه، فكأنه عليه السلام شبه المهلة التي هم فيها
بالمضمار الذي يجرون فيه إلى الغاية فإذا بلغوا منقطعها انتقض نظامهم
بعدها)
465 - وقال عليه السلام (في مدح الأنصار): هم والله ربوا الاسلام كما يربى
الفلو مع غنائهم بأيديهم السباط وألسنتهم السلاط (4)
106

466 - وقال عليه السلام: العين وكاء السه (1)
(وهذا من الاستعارات العجيبة كأنه شبه السه بالوعاء والعين
بالوكاء، فإذا أطلق الوكاء لم ينضبط الوعاء. وهذا القول في الأشهر
الأظهر من كلام النبي عليه السلام، وقد رواه قوم لأمير المؤمنين
عليه السلام. وذكر ذلك المبرد في كتاب المقتضب في باب اللفظ
بالحروف. وقد تكلمنا على هذه الاستعارة في كتابنا الموسوم
بمجازات الآثار النبوية)
467 - وقال عليه السلام (في كلام له): ووليهم وال فأقام واستقام حتى ضرب
الدين بجرانه (2)
107

468 - وقال عليه السلام: يأتي على الناس زمان عضوض (1) يعض الموسر فيه على
ما في يديه ولم يؤمر بذلك قال الله سبحانه " ولا تنسوا الفضل
بينكم " تنهد فيه الأشرار (2) وتستذل الأخيار. ويبايع المضطرون،
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن بيع المضطرين (3)
469 - وقال عليه السلام: يهلك في رجلان: محب مفرط وباهت مفتر (4) (وهذا
مثل قوله عليه السلام): هلك في رجلان: محب غال، ومبغض قال
470 - (وسئل عن التوحيد والعدل) فقال عليه السلام:
التوحيد أن لا تتوهمه، والعدل أن لا تتهمه (5)
471 - وقال عليه السلام: لا خير في الصمت عن الحكم كما أنه لا خير في القول
بالجهل
472 - وقال عليه السلام (في دعاء استسقى به) اللهم اسقنا ذلل السحاب دون
صعابها (وهذا من الكلام العجيب الفصاحة وذلك أنه عليه السلام شبه
108

السحاب ذوات الرعود والبوارق والرياح والصواعق بالإبل الصعاب
التي تقمص برحالها (1) وتقص بركبانها، وشبه السحاب خالية من
تلك الروائع (2) بالإبل الذلل التي تحتلب طيعة وتقتعد مسمحة (3).
473 - وقيل له عليه السلام (لو غيرت شيبك يا أمير المؤمنين)؟ فقال عليه السلام:
الخضاب زينة ونحن قوم في مصيبة (يريد وفاة رسول الله صلى
الله عليه وآله)
475 - وقال عليه السلام: القناعة مال لا ينفد (وقد روى بعضهم هذا الكلام
لرسول الله صلى الله عليه وآله)
476 - وقال عليه السلام: (لزياد بن أبيه، وقد استخلفه لعبد الله بن العباس على
فارس وأعمالها في كلام طويل كان بينهما نهاه فيه عن تقدم الخراج (4))
استعمل العدل واحذر العسف والحيف، فإن العسف يعود بالجلاء (5)
109

والحيف يدعو إلى السيف
477 - وقال عليه السلام: أشد الذنوب ما استخف به صاحبه
478 - وقال عليه السلام: ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على
أهل العلم أن يعلموا (1)
479 - وقال عليه السلام: شر الإخوان من تكلف له (لأن التكليف مستلزم
للمشقة وهو شر لازم عن الأخ المتكلف له فهو شر الإخوان)
480 - وقال عليه السلام: إذا احتشم المؤمن أخاه فقد فارقه (يقال حشمه وأحشمه
إذا أغضبه، وقيل أخجله واحتشمه طلب ذلك له وهو مظنة مفارقته
وهذا حين انتهاء الغاية بنا إلى قطع المختار من كلام أمير
المؤمنين عليه السلام، حامدين لله سبحانه على ما من به من توفيقنا
لضم ما انتشر من أطرافه، وتقريب ما بعد من أقطاره. وتقرر العزم
كما شرطنا أولا على تفضيل أوراق من البياض في آخر كل باب من
الأبواب ليكون لاقتناص الشارد. واستلحاق الوارد. وما عسى أن
110

يظهر لنا بعد الغموض ويقع إلينا بعد الشذوذ. وما توفيقنا إلا بالله
عليه توكلنا وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وذلك في رجب سنة أربعمائة من الهجرة (1). وصلى الله عليه سيدنا
محمد خاتم الرسل، والهادي إلى خير السبل، وآله الطاهرين، وأصحابه
يوم اليقين.
111