الكتاب: من لا يحضره الفقيه
المؤلف: الشيخ الصدوق
الجزء: ١
الوفاة: ٣٨١
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ قسم الفقه
تحقيق: تصحيح وتعليق : علي أكبر الغفاري
الطبعة: الثانية
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ردمك:
ملاحظات:

كتاب
من لا يحضره الفقيه
للشيخ الجليل الأقدم
الصدوق
أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي
المتوفى سنه 381
صححه وعلق عليه
علي أكبر الغفاري
الجزء الأول
منشورات
جماعة المدرسين في الحوزة العلمية
في قم المقدسة
تعريف الكتاب 1

الطبعة الثانية
حقوق الطبع والتقليد بهذه الصورة الموشحة بالتعاليق والتقدمة
محفوظة للناشر.
تعريف الكتاب 2

كلمة المحشي
بسم الله الرحمن الرحيم
حمدا لك يا من أوضح السبيل لمعالم الاسلام، وجعل السنة دليلا على الشرايع
والأحكام، وبعث رسوله في الأميين، وأرسله إلى كافة الناس أجمعين، وأنزل القرآن
فيه تبيان كل شئ، وأبلغ به الحجة، وأنار للناس المحجة، ثم أضاء لهم المصابيح
بنبينا محمد صلى الله عليه وآله وصنوه وخليله علي عليه السلام وأولاده عيبات علم الملك العلام، الذين
هم أساس الدين، وعماد اليقين، بهم عرفنا الله حدود الحلال والحرام والقربات،
وأنقذنا بهم من شفا جرف الهلكات، لنحيا حياة طيبة سعيدة راقية، وعن الذل والشقاء
والدمار نائية، ولئلا نعيش في الدنية ذليلا كالانعام المعملة، والوحوش المهملة.
وصلاة على رسوله الأمين وعلى عترته أعلام الدين، الذين فيهم كرائم القرآن
وهم كنوز الرحمن، إن نطقوا صدقوا، وإن صمتوا لم يسبقوا.
أما بعد فهذا " كتاب من لا يحضره الفقيه " المعروف صيته بحيث يستغني
عن التنبيه، يعرفه الخاص والعام الساذج والنبيه، وكان كالبدر لا تناله أيدي مناوئيه
ولا يكاد يعادله كتاب ويدانيه، والسالك مهما سلك سبله وبواديه وأشرف على أدانيه
وأقاصيه يلتجئ إلى معاقل عزه وصياصيه، والباحث مهما سبح في أجواء بحره الطامي و
اغترف من عذب ألفاظه ومعانيه يجد ضالته المنشودة ويرى فيه بغيته وأمانيه، والمتحير
في مختلف القول وهواديه يتعوذ بركنه الوثيق من الضلال ودواهيه، ولو اطلع على ما
كلمة المحشي 3

في غضونه العالم الفقيه يقتصد في قوته ليقتنيه، ويبيع شعاره ودثاره ليشتريه، وطالب
العلم العطاش إذا أخبر بعبابه الجياش حل بفناء قدسه ولا يجتويه، والمتحري طريق
الرشد والصواب يعتنق أحكامه بلا ارتياب، والتائه في تيه السدر إذا عمي عليه المصدر
أو الواقع في ضيق الحرج إن أراد الخروج وتعايا عليه المخرج فليلتمس النجاة بهداه
وليقتبس من نوره وضياه.
فيا فوز من يهدى بنور هداه * ويا فخر من يعلو سواء سبيله
سيأكل عفوا من ثمار جنانه * وينهل يوم الحشر من سلسبيله
وصاحبه ذو منة يوم ظعنه * وسعدا يرى والله يوم مقيله
سيكلا حقا من حوادث يومه * ويحفظ صدقا من طوارق ليله
به يمس راق في معارج عزه * ويصبح باق في نعيم جميله
يتراءى للباحث في طي هذه الصحائف الكريمة الخالدة المنهج اللاحب،
والفقه المستدل، والدليل الرصيف، والرأي الجيد الحصيف، والمذهب القويم، و
الصوب المستقيم والحكمة البالغة، والبراهين الساطعة، والقول البليغ، والمنطق السليم
والمعالم والمعارف، والظرائف والطرائف، والأنوار والأزهار، والحكم والآثار،
كلها ترشد إلى مهيع الحق، وتهدي إلى سواء السبيل.
والمؤلف - رضوان الله تعالى عليه - بجده الدائب، وفكره الصائب، وذهنه
الوقاد ودرايته للرواية، وبصيرته بعلم الرجال، وسعة اطلاعه على الخفايا، و
قوة إدراكه للخبايا، وتضلعه في الفقه والأحكام، ومسائل الحلام والحرام، وتبحره
في الفن، وتجنبه عن الوهم والظن صنف الكتاب فأجاد، ودونه فأفاد، أخذ العلم
من معادنه، واقتبس النور من مشكاته ومصابيحه، مضى فيه على ضوء الحقيقة، واتبع
طريقة معبدة، واقتدى بالأئمة الأطهار، واهتدى بهدى النبي والآل، واغترف من
بحار علومهم، واستنار برشدهم، وتمسك بحبل ولائهم، وما مشى إلا وراء ضوئهم.
ولقد حداني إلى إخراج الكتاب على الوجه الذي تراه، وحبب إلي احتمال
كلمة المحشي 4

ما لقيت في سبيله من التعب، وما تكيدني في إصداره من النصب أولا ترغيب مولاي
الحجة الذي هو دليلي على المحجة: فرع الشجرة النبوية، وثمرة الدوحة المباركة
الأحمدية، بطل العلم والفقه والنهى، آية الزهد والتقى، رجل البحث والتنقيب،
أستاذنا في التفسير، سماحة الآية " السيد محمد كاظم الموسوي الگلپايگاني " أدام الله
ظله على رؤوس الأقاصي والأداني حيث حثني على القيام بهذا المشروع في مجالس
عدة وأمرني بالاقدام مرة بعد مرة، فتأملت طويلا، وارتأيت كثيرا فرأيت الامر
خطيرا، والبائع قصيرا، فقلت في نفسي ما قال الشاعر ولنعم ما قال:
قبيح أن تبادر ثم تخطي * وترجع للتثبت دون عذر -
فاعتذرت إلى جنابه بتعسر العمل وتوعر مسلكه وثقل كلفه، وأنه فادح عبؤه
يحتاج إلى عمر جديد، وأمد بعيد، وقلت: ها أنا ذا قد بلغت زهاء الخمسين، واقترب
الأجل، وإن لم أكن من مجيئه على وجل، لكن ذهبت منتي، ونزعت قوتي، ولم
تبق إلا حشاشة نفسي ينتظر الداعي، وصرت معرضا لحدوث الأوجاع والأدواء، ومن
كثرة المطالعة والمراجعة يكاد أن يذهب من العين الضياء، فلم يقبل عذري، ولم يصغ
إلى قولي وخاطبني ويقول: ما بالك ادرعت بالأوهام، وليس هذا شئ يحجمك عن
الاقدام، وما ذلك دأب الحازمين، ولا هو من شيم العاملين.
ثم أكد الامر وبالغ في التأكيد، ورغبني بأجمل الترغيب، وحذرني عن التثبط
والتأخير.
فكنت أغدو وأروح في فجوة الخيال، وعاقني عن الاقدام تبلبل البال وتزاحم
الاشغال: عذت تارة بالتسويف رعاية أمر لا يخفى على إخواني، ولذت أخرى بقصر
الباع خوف أن الامر مما يفوت مسافة إمكاني، ومضت على ذلك شهور، حتى ساقني
الحظ السعيد يوما إلى ملاقاته فاستفسر عن طبع الكتاب وما يلزمه من تهيئ الأسباب
فأعربت عما في خلدي وما كنت فيه من يأسي، واستعفيت منه، فطفق يشافهني بكلام
فما أحلاه، كلام بعث في قلبي بعوث النشاط ونفث في روعي روح الحياة، كلام يعرب
عن مكانته السامية في الولاء، وتفانيه في محبة أهل البيت، ويفصح عن شدة اشتياقه
كلمة المحشي 5

إلى ترويج حقايقهم واعتلاء كلمتهم عليهم السلام، أطال الله حياته ووفقنا لامتثال أمره.
هذا أولا وهو العمدة، وأما ثانيا فايماني القوي بعظمة الكتاب وأهمية موضوعه
وذلك أن سعادة الانسان وحياته الروحية وقيمته في سوق الاعتبار إنما نيطت بأصول
ودعائم، ومعارف ومعالم، ومن المتسالم عليه عند الكل أن المتكفل الوحيد بتلك
الغايات بعد كتاب الله العزيز هو الحنيفية البيضاء الشريعة السهلة السمحة فإن بها
تعرف مسالك الرشد وتوضح منهج الصواب وتتم مكارم الأخلاق وبها تبرز استعدادات
الافراد، ولا يتأتى شئ من ذلك بالمزاعم، ولا يتطرق إليه بالفضول والأوهام.
ثم إني رأيت أن رجالات العلم من أي أمة كانوا أو مذهب أو شعب أو بيئة
قد بذلوا مجهودات موفقة في سبيل رقيهم وانتشار مكاتيبهم على أجود وجه مستطاع
ولا سيما أصولهم المذهبية، ووجدت منشوراتهم الكثيرة جيدة الوضع، قريبة
المنال، دانية القطوف، قد جعلوها لكل طالب على طرف الثمام من غير أن ينوء أحدهم
بحملها، أو يشق عليه البحث فيها، وكان أثر هذا المجهود إثبات ثقافتهم في العالم و
ترويج مرامهم ومسلكهم، سوى ما فيه من حفظ مآثرهم عن الضياع وصونها عن التبار
والبوار، فبالحري أن نكون نحن السابق في هذا المضمار ونقوم باحياء الكتب والآثار
لأنا بالقيام بهذا الواجب أولى وكتبنا بالترويج والحفظ أجدر وأحرى، ولا سيما مثل
هذا الأثر ولو كان فيه بذل العمر وذهاب البصر. فلعلنا أن نكتب بهذا الاقدام صفحة
جديدة في صفحات البر بأعلامنا الذين نعتز بهم ونفاخر العالم بما أسدوا إليه من
حسنات.
وبالجملة كرت على ذلك شهور وأيام وبقي الشغف يرافقني رغبة باطنية ملحة
يوما فيوما إلى أن قيض الله الفرصة وحقق الامل، فانقلب الرغبة إلى الفعل وهو
ولي التوفيق في إكمال الطلب وابتغاء الإرب.
فشمرت عن ساعد الجد وشرعت بتأييده سبحانه في المقصود وجمعت ما تيسر
لي من الأصول، والتمست الحواشي والشروح من العلماء والفحول، فسارعوا إلى
إرسال المخطوطات - أثابهم الله تعالى أفضل المثوبات -.
كلمة المحشي 6

فلما حصلت لي عدة من النسخ المخطوطة والشروح والحواشي الموجودة قابلت
الكتاب على التي منها على المشايخ مقروءة، وصححته على أوسع مدى مستطاع،
اعتمادا على النسخ المعتبرة الصحيحة التي آثار الصحة عليها صريحة، وما يصلح
للاعتماد، وتصح عند الاختلاف للاستناد.
ثم رأيت أن أضبطها تحت شرح لطيف على منهج شريف يضبط ألفاظه ومبانيه
ويبحث عن رواته ومعانيه، بحيث يتوجه له النواظر، وتطمئن إليه الخواطر،
ليكون رغيبة الراغب وبغية الطالب.
فزدت عليه تعليقات هامة رشيقة اقتطفتها مما كان عندي من الشروح كحاشية
المولى مراد التفرشي، وحاشية سلطان العلماء الحسيني الآملي، وحاشية الشيخ محمد
ابن الحسن حفيد زين الدين الشهيد، وشرح المولى محمد تقي المجلسي - قدس الله أسرارهم -
وغيرها من كل كتاب معتمد أو فقيه متبع، واعتمدت على قول من دقق النظر وتعمق
في الكلام وتبصر، وعلى رأي من باحث عن السرائر وكشف عن وجوه المسائل النقاب
الساتر، لا على مذهب من تشبث بالظواهر، واستدل على مشربه الفاتر.
وإلى الله أرفع أكف الضراعة أن يوزعني شكر ما منحني من الهداية والتوفيق
وجنبني من الضلالة والغواية وكل ما لا يليق، وأن ينسأ لي في الأجل إلى تمام العمل،
عسى أن أبذل لأبي جعفر الصدوق - رضي الله عنه - من الوفاء، كفء ما بذل هو في تأليف
الكتاب من الجهد.
علي أكبر الغفاري
1392 - ه‍ ق -
كلمة المحشي 7

المؤلف وموجز من حياته
هو الشيخ الأجل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي المشتهر
بالصدوق، أحد أعلام الدين في القرن الرابع، قد أصفقت الأمة المسلمة على تقدمه
وعلو رتبته وانطلقت ألسنتهم بالتبجيل له والتجليل.
عنونه الشيخ الطوسي - رحمه الله - في الفهرست والرجال وقال: " كان محمد بن
علي بن الحسين حافظا للأحاديث، بصيرا بالفقه والرجال، ناقدا للاخبار، لم ير
في القميين مثله في حفظه وكثرة علمه ".
وقال الرجالي الكبير أبو العباس النجاشي: " أبو جعفر نزيل الري، شيخنا
وفقيهنا، وجه الطائفة بخراسان، وكان ورد بغداد وسمع منه شيوخ الطائفة وهو
حدث السن ".
وأطراه ابن إدريس في السرائر، وابن شهرآشوب في المعالم، والمحقق الحلي في
المعتبر وابن طاووس في إقبال الأعمال، والعلامة في الخلاصة، وابن داود في رجاله
وزمرة كبيرة من رجالات العلم - كالخطيب في تاريخ بغداد والزركلي في الاعلام.
نشأ - رحمه الله - بقم فرحل إلى الري واسترآباد وجرجان ونيشابور ومشهد
الرضا عليه السلام ومروالروذ وسرخس وإيلاق وسمرقند وفرغانة وبلخ من بلاد ما وراء
النهر وهمدان وبغداد والكوفة وفيد ومكة والمدينة.
مشايخه والراوون عنه
أخذ عن جم غفير من المشايخ والحفاظ في أرجاء العالم تبلغ عددهم مائتين
وستين شيخا من أئمة الحديث وغيرهم، وروى عنه أكثر من عشرين رجلا من رواد
العلم راجع مقدمة معاني الأخبار (1) تخبرك بأسمائهم ومواضع اخبارهم.

(1) طبع مكتبة الصدوق ص 37 إلى 72.
المقدمة 8

كان والده علي بن الحسين - رحمهما الله - شيخ القميين وثقتهم في عصره وفقيههم
ومتقدمهم في مصره مع أن بلدة قم يومئذ تعج بالأكابر والمحدثين، وهو - قدس الله
سره - مع مقامه العلمي ومرجعيته في تلك البدة وغيرها كان تاجرا له دكة في السوق
يتجر فيها بزهد وعفاف وقناعة بكفاف، وكان فقيها معتمدا له كتب ورسائل في فنون
شتى ذكرها الطوسي والنجاشي، وقال ابن النديم في الفهرست: " قرأت بخط ابنه محمد بن
علي على ظهر جزء: " قد أجزت لفلان بن فلان كتب أبي وهي مائتا كتاب وكتبي وهي ثمانية
عشر كتابا ". فبيته بيت العلم والفضل والزعامة الروحية.
والمؤلف - رضوان الله تعالى عليه - وليد هذا البيت وعقيد ذاك العز مع ما حباه
الله سبحانه من حدة الذكاء، وجودة الحفظ والفهم، وكمال العقل.
عاش مع أبيه عشرين سنة قرأ عليه وأخذ عنه وعن غيره من علماء قم، فبرع
في العلم وفاق الاقران، ثم غادرها إلى الري بالتماس من أهلها فسطع بها بدره وعلا صيته
مع أنه في حداثة من سنه وباكورة من عمره، فأقام بها مدة ثم استأذن الملك ركن -
الدولة البويهي في زيارة مشهد الرضا سلام الله عليه فأذن له وسافر إليها، ونزل بعد
منصرفه نيشابور - وهي يومئذ تحف بالفطاحل - فاجتمع عليه العظماء والأكابر فأكبروا
شأنه وتبركوا بقدومه وأقبلوا على استيضاح غرة فضله والاستصباح بأنواره فأفاد لهم
بإثارة من علمه الغزير وأنموذج من فضله الكثير، فبهر النواظر والاسماع، وانعقد
على شيخوخته وتقدمه الاجماع.
ولد - رحمه الله - بدعاء الصاحب عليه السلام كما نص عليه الاعلام وصدر فيه من ناحيته
المقدسة بأنه فقيه خير مبارك (1)، فما قيل فيه من جميل الكلام أو يكتب بالأقلام بعد
هذا التوقيع فهو دون شأنه ومقامه. فان قال المولى المجلسي: " هو ركن من أكان الدين "

(1) الفوائد الرجالية ج 3 ص 293، وغيبة الطوسي، وبحار الأنوار، وكمال الدين
طبع مكتبة الصدوق ص 2 50.
المقدمة 9

فليس بعجيب، وإن كان الفقهاء نزلوا كلامه منزلة النص المنقول والخبر المأثور (1)
فما كان بغريب، وإني مهما تتبعت الكتب وتصفحت الأوراق لم أعثر على شئ يوجب
الطعن فيه أو الغمز عليه.
نعم وجدت في بعض الكتب أن بعض أعدائنا المضلين المتأخرين جهل أو تجاهل
وأبذى وتردى في هواه وقال في كلام له: " ابن مابويه الكذوب " (2) والظاهر أن مراده
مؤلفنا العبقري، ولاغرو منه ومن أمثاله أرباب الأقلام المستأجرة، الذين أسلسوا
للعصبية المذهبية قيادهم.
وكأني بروحية الصدوق - طيب الله رمسه - يخاطبني ويقول:
رموني بالعيوب ملفقات * وقد علموا بأني لا اعاب
وإن مقام مثلي في الأعادي * مقام البدر تنبحه الكلاب
وإني لا تدنسني المخازي * وإني لا يروعني السباب
ولما لم يلاقوا في عيبا * كسوني من عيوبهم وعابوا
أو يقول كما قال الرومي البلخي بالفارسية:
مه فشاندنور وسگ عوعو كند * هر كسى برطينت خود ميتند
أو يخاطبه ويقول:
ما شير شكاران فضاى ملكوتيم * سيمرغ بدهشت نگرد بر مكس ما
ونحن وإن جمح بنا القلم في إيفاء المقام حقه لكن نضرب عن ذلك صفحا ولا
نخاطبه إلا سلاما، ونقول:
مقالة السوء إلى أهلها * أسرع من منحدر سائل
والصدوق - رضوان الله عليه - في مقام يعثر في مداه مقتفيه، ومحل يتمنى
البدر لو أشرق فيه.
من كان فوق محل الشمس موضعه * فليس يرفعه شئ ولا يضع

(1) راجع البحار ج 10 ص 405 الطبعة الحروفية.
(2) كذا، راجع السنة والشيعة ص 57.
المقدمة 10

تآليفه القيمة
له - قدس سره - نحو من ثلاثمائة مصنف كما نص عليه شيخ الطائفة في الفهرست
وعد منها أربعين كتابا. وبعدما أطراه الرجالي الكبير أبو العباس النجاشي المتوفى
450 في رجاله ذكر نحو مائتين من كتبه وقال: " أخبرنا بجميعها وقرأت بعضها على والدي علي بن أحمد بن العباس النجاشي " - ا ه‍.
ومن المأسوف عليه أنه ضاع وباد واندرس أكثرها، ومحيت وانطمست تسعة
أعشارها، وطواها الدهر طي السجل ومحا آثارها التي تسموا وتجل، وطال على فقدها
الأمد، وتقضت على ضياعها المدد، ومن أعظمها كتاب " مدينة العلم " الذي هو أكبر
من هذا الكتاب كما صرح به الشيخ في الفهرست وابن شهرآشوب في المعالم (1).
ونقل العلامة الرازي في الذريعة - على المحكي - عن الشيخ حسين بن عبد الصمد
والد شيخنا البهائي أنه قال في درايته: " وأصولنا الخمسة: الكافي، ومدينة العلم، و
من لا يحضره الفقيه، والتهذيب، والاستبصار.. ".
والظاهر كون وجوده في زمانه، ولكن باد فلا يبقى إلا اسمه، وغاب وما كان
يلوح إلا رسمه، حتى أن العلامة المجلسي - رحمه الله - صرف أموالا جزيلة في طلبه
وما ظفر به، وقال العلامة الرازي (ره) في ذريعته " إن السيد محمد باقر الجيلاني
الأصفهاني بذل كثيرا من الأموال ولم يفز بلقائه، وقال: نعم ينقل عنه ابن طاووس

(1) قال الشيخ - رحمه الله - بعد ذكر جملة من كتبه: " وكتاب مدينة العلم أكبر من
من لا يحضره الفقيه ".
وقال ابن شهرآشوب في المعالم " ان مدينة العلم عشرة أجزاء " ومن لا يحضره الفقيه
أربعة أجزاء.
المقدمة 11

في فلاح السائل وغيره من كتبه وكذا الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الفقيه الشامي
تلميذ المحقق في كتابه " الدر النظيم " وذكر السيد الثقة الأمين معين الدين الشامي
الشقاقلي الحيدر آبادي للسيد عزيز - المجاز من الشيخ أحمد الجزائري - أنه توجد
نسخة مدينة العلم عنده واستنسخ عنها نسختين أخريين وذكر أنه ليس مرتبا على
الأبواب بل هو نظير روضة الكافي ".
وبالجملة فقد هذا الأثر النفيس القيم الكبير كأنه صعد به إلى السماء أو
اختطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان بعيد، وهذا من أعظم ما منينا به معاشر
الامامية حيث أتى على كثير من كتبنا العلمية من صروف الدهر ما شاء الله وأخذتها
أيدي الضياع والتبار ولم تنهض الهمة بنا للقيام بحفظها وتكثيرها ونشرها وترويجها
فصارت هدفا للآفات ومعرضا للغارات.
وما بقي من هذه الثروة العلمية الطائلة إلا نزر يسير وهي مطمورة في زوايا المكتبات نسجت عليها عناكب النسيان، ومجهولة في الخبايا تكررت عليها صروف الزمان و
تدهور بها الليالي والأيام إلى أخناء الحدثان، لم يطلع الأكثرون من أبناء العلم على
وجودها، ولا ينهض المطلعون لبذل المجهود في سبيلها والمطبوعة منها غار نجمها في ستار
سخافة طبعها، فآل الامر إلى أن جماعة من ذوي النفوس الغاشمة والأهداف المشؤومة
تلهج أفواههم " بأن الشيعة ليس لها مؤلفات يستفيد بها خلفهم في شتى العلوم،
ولا جرم أنهم متطفلون على موائد غيرهم، مستئلون من البعداء، متكففون في
علومهم ".
أقول: يؤيد هذه الهلجة الممقوتة اقبال أناس من الناشئين
إلى ترجمة كتب هؤلاء البعداء ومنسوجاتهم المذهبية المزورة،
ومحبوكاتهم التي حبكت على نول الخيال، وجودهم الجبارة في
اقتنائها وترجمتها وطبعها وجعلها في متناول الشبان البسطاء من
أبنائنا، وهم غافلون عن مغبة هذا الامر، ذاهلون عن أن وراء
الأكمة نوايا سيئة، ومعاول هدامة، سوى ما فيه من بسط بعض
المقدمة 12

الآراء السخيفة، والشناشن الافنة، والعقليات الطائشة، وما يجر
علينا من الويلات.
وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، وإذا قيل لهم لا تفسدوا
في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون، كأنه غلبت على عقولهم مباهج
هؤلاء الناكبين عن الصراط وظواهر ألفاظهم المعجبة واستولت على
قلوبهم فيتحرون الحقيقة وراء نارهم يزعمون أنها نور لقلة رشدهم
يتطلبون في الماء جذوة نار، ويطلبون الدرياق من فقم الأفاعي مع
ما عندنا ببركة ولاء أهل البيت (ع) - الذين هم عيبة علم الله وموئل
حكمه وجبال دينه - من كتب العلماء والفطاحل وأساطين المذهب
ما تخضع له الأعناق، وتخبت به القلوب، وتصبو إليه النفوس فأين
يتاه بهم وكيف يعمهون وعندهم أضعاف ما عند غيرهم أما ما يعلمون؟!
ويحهم أفحسبوا أن الله عز وجل رفعهم ووضعنا، وأعطاهم وحرمنا
وأدخلهم في رحمته ومنعنا، كلا ما هكذا الظن به.
كل هذه معره التغافل والتسامح، والصفح عن الواجب المأمور به في حفظ الكيان
وذنب التساهل وعدم العناية بشأن الكتب ولا سيما المخطوطات، ونتاج الجموح
عن تحمل المسؤولية أو إحساسها، ولا أريد في هذا المقام أن أزعجك بتطويل الكلام
بل أود أن تقف عند هذه الملاحظة حتى ترى بعيني الحقيقة ودقة النظر ما ينطوي
عليه موقفنا وموقف تراثنا العلمي المذهبي من الخطر، إذ نحن تقاعسنا عن بذل كل
مجهود في هذا السبيل، وليس بعيب لنا أن نواجه الحقائق أو نرى بعين الواقع، فكم
لنا من كتاب مخطوط نفيس ونحن بحاجة ماسة ألية تركناه في رفوف المكتبات مهجورا
وفي هوة الاهمال مستورا ولم نسع خطوة في سبيل طبعه أو قدما لابرازه ونشره، فبقي
مكتوما مغفولا عنه لا يعلم به أحد ولا ينتفع به طالب كالسر المكتوم أو الكنز المدفون.
نعم غاية جهدنا أن نعتز في نوادي الفضلاء ونقول: نسخة الكتاب الفلاني في
مكتبه فلان ونسخة له أخرى عند فلان، ونفتخر ويفتخرون، ونباهي ويباهون، و
نبتهج ويبتهجون وهو كما ترى جعجعة بلا طحن، وجلجلة بلا مطر، وهذا هو الحق
المبين والحق أبلج فلا يحتاج إلى زيادة البراهين.
المقدمة 13

لكن نضرب لك مثالا واحدا يلمسك الحقيقة باليد، وهو أن لجمال الدين
أبي منصور الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر، المشتهر بالعلامة الحلي - قدس الله
روحه - كتابا سماه تذكرة الفقهاء، وهو كتاب كريم كبير جدا في الفقه المقارن
الاستدلالي - أعني الفقه على المذاهب الخمسة: الجعفري، والحنبلي، والحنفي،
والمالكي، والشافعي وكان وافيا ببغية من جنح إلى الاطلاع على موارد الخلاف بين
المذاهب، وطبع مرة بالطبع الحجري على صوره مشوهة لا يرغب فيها دون أي
تحقيق أو تصحيح ولم يقم أحد من العلماء إلى الان بتنميقه وترويجه فلذا ترك كأمثاله
مجهولا مع شدة الحاجة إليه، كرت عليه الأعوام والقرون وأهل العلم عنه منصرفون
وكان نتيجة ذلك: تسرع الطلاب إلى اقتناء نسخ كتاب " الفقه على المذاهب الأربع "
مع أنه لا يوفي بالغرض المقصود وهو صرف نقل الفتاوي كما هو المشهود وتجافى نفوس
المحققين عن الطمأنينة إليه والثقة به فهو كالجدول الصغير، وهيهات بين النهر الكبير
والجدول الصغير، نسأل الله تعالى أن يقيض رجالا للعناية بشأنه والقيام بطبعه ونشره
ليستضئ الجيل الغابر بنوره كما تعطر الماضي بعبيره.
وهذا واحد من مئات بل ألوف، علمه من كان ذا اطلاع ووقوف، أيقظنا الله من
هذه الغفلة العجيبة التي استحوذت على قلوبنا وتلك النومة العميقة التي استولت على
مشاعرنا، ونعتذر إلى القراء الكرام في هذا المقام إذ خرجت عن موضوع الكلام، فتلك
شقشقة هدرت، وكلمة صدرت.
وفاته ومدفنه
توفي - رحمه الله - بالري سنة 381 الهجري القمري في العشر الثامن من عمره و
قبره بالري في بستان عظيم، بالقرب من قبر سيدنا عبد العظيم بن عبد الله الحسني
- رضي الله عنه - وهو اليوم مشهور يزار، له قبة عالية وقد جدد عمارتها السلطان فتح علي
شاه قاجار 1238 تقريبا بعد ما ظهرت كرامة شاع ذكرها في الناس وثبتت للسلطان
وأمرائه وأركان دولته، ذكر تفصيلها جمع من الأعاظم كالخوانساري في الروضات،
المقدمة 14

والتنكابني في قصص العلماء، والمامقاني في تنقيح المقال، والخراساني في منتخب
التواريخ، والقمي في الفوائد الرضوية وغيرهم في غيرها.
قال الخوانساري: ومن جملة كراماته التي قد ظهرت في هذه الاعصار، وبصرت
بها عيون جم غفير من اولي الابصار وأهالي الأمصار أنه قد ظهر في مرقده الشريف
الواقع في رباع مدينة الري المخروبة ثلمة واشتقاق من طغيان المطر، فلما فتشوها
وتتبعوها بقصد إصلاح ذلك الموضع بلغوا إلى سردابة فيها مدفنه الشريف، فلما
دخلوها وجدوا جثته الشريفة هناك مسجاة عارية غير بادية العورة، جسيمة وسيمة
على أظفاها أثر الخضاب، وفي أطرافها أشباه الفتايل من أخياط كفنه البالية على وجه
التراب، فشاع هذا الخبر في مدينة طهران إلى أن وصل إلى سمع الخاقان المبرور
السلطان فتح علي شاه قاجار جد والد الملك زماننا هذا الناصر لدين الله خلد الله ملكه
ودولته، وذلك في حدود ثمان وثلاثين بعد المائتين والألف من الهجرة المطهرة تقريبا
فحضر الخاقان المبرور هناك بنفسه المجللة لتشخيص هذه المرحلة، وأرسل جماعة من
أعيان البلدة وعلماءهم إلى داخل تلك السردابة بعد ما لم يروا امناء دولته العلية
مصلحة في دخول الحضرة السلطانية ثمة بنفسه إلى أن انتهى الامر عنده من كثرة من
دخل وأخبر إلى مرحلة عين اليقين، فأمر بسد تلك الثلمة وتجديد عمارة تلك البقعة
وتزيين الروضة المنورة بأحسن التعظيم وإني لاقيت بعض من حضر تلك الواقعة،
وكان يحكيها أعاظم أساتيذنا الأقدمين من أعاظم رؤساء الدنيا والدين (1) ا ه‍.
وقد ذكر المامقاني تلك الواقعة عن العدل الثقة الأمين السيد إبراهيم اللواساني
الطهراني - قدس سره - (2).
أقول: سمعت زميلنا الفاضل الحاج ميرزا محمد حسن الثقفي يحكي عن والده
المعظم الفقيه البارع والحجة الورع الزاهد الحاج ميرزا محمد الثقفي دام ظله أنه نقل

(1) روضات الجنات: 533.
(2) تنقيح المقال 3: 153.
المقدمة 15

الواقعة عمن رأى جثمان الصدوق - رحمة الله - في تلك الأيام فالتمست من جنابه أن
يكتب لي ذلك بخطه الشريف فتفصل بكتابته وأوردته ههنا بنصه وفصه:
صورة المكتوب:
بسمه تعالى شأنه: قد كان لوالدي رحمة الله تعالى خدام عديدة وكان أكبرهم
سنا وأقربهم منزلة عنده شيخا موسوما بحاج مهدي وكان هو المتصدي لحفاظتي
وتربيتي في صغري حال حياة والدي وبعد وفاته حتى صرت رشيدا بالغا وبلغ عمره
حدود تسعين سنة وكان ملتزما بالعبادات حاضرا في الجماعات للصلاة وجيها بذلك
عند الأئمة، مقبولا في نظر العامة حتى أن العالم العامل الكامل استادي المدعو
بميرزا كوچك الساوجي إمام جماعة مسجد الخان المروي - رحمه الله تعالى - عد له
في بعض المرافعات للحاجة إلى تعديله، وكان رحمه الله بي رؤوفا عطوفا يحدثني
ويؤنسني وكنت أحبه وأستأنس به فقال لي يوما: خرجت في بعض الأيام السابقة
قاصدا زيارة مرقد الشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه القمي - قدس سره -.
فلما حضرت عند مرقده الشريف رأيت عملة مشتغلين بحفر الأرض لتأسيس
أساس البناء الجديد عليه لاندراس البناء القديم فبينما كنت أترحم له وأنظر إليهم
إذ ظهر جسده الطيب الطاهر في فجوة من قبره مكشوفا وجهه إلى صدره فنظرنا
إليه فوجدناه متلئلئا رطبا طريا، في لحيته الشريفة أثر الخضاب كأنما دفن من حين
فعجبنا كل العجب، وأقبل الحاضرون بالسلام والصلاة عليه وأمر المتصدي لإقامة
البناء وهو أحد من العلماء والسادات العظام بسد القبر وتأسيس أساس البناء فتفرقنا
معتقدين بعظم شأن الصدوق وجلالة مقامه ومنزلته عند الله تعالى ضاعف الله قدره في الاسلام ونشر آثاره بين الأنام.
وأنا العبد الآبق الفقير الآثم محمد بن العلامة أبي الفضل بن المحقق أبي القاسم
حشرهم الله مع مواليهم بفضله وإحسانه.
أقول: مقبرة أبيه معروف بقم المشرفة عليها قبة عالية يزوره الصالحون.
المقدمة 16

روضته المنورة بالري
المقدمة 17

قبة روضة أبيه رضوان الله تعالى عليهما بقم المشرفة
المقدمة 18

الأصول المعول عليها في تصحيح الكتاب
1 - نسخة العالم الرباني استاذنا الميرزا أبو الحسن الشعراني مد ظله العالي
وهي نسخة نفيسة ثمينة جدا كاتبها عبد الله بن محمد شريف عبد الرب السمناني. وفي
آخرها قبل المشيخة إجازة الشيخ العاملي بخطه الشريف لمحمد إبراهيم بن محمد
نصير - وكتب هذا المجاز تمام حاشية المولى مراد التفرشي في النسخة وأورد بعض
حواشي الشيخ محمد حفيد الشهيد، وبعض حواشي سلطان العلماء الحسيني الآملي
وكثيرا من شرح المولى محمد تقي المجلسي - رحمهم الله - وقليلا من حاشية المحقق الداماد
- قدس سره - ورمز إليها ب‍ (م ح ق). راجع الصورة الفتوغرافية الأولى.
2 - نسخة نفيسة لخزانة كتب الشريف المعظم السيد محمد باقر السبزواري أستاذ
كلية الإلهيات في جامعة طهران - دام ظله الوارف - تاريخها 1074 الهجري القمري
كاتبها ميرزا محمد الركاوندي. راجع الصورة الفتوغرافية الثانية.
3 - نسخة مصححة للعالم البارع الأديب الشيخ نجم الدين حسن (حسن زاده)
الآملي - أدام الله بقاءه - تاريخها 1075 الهجري القمري، كاتبها محمد صالح بن صفي الدين
محمد، عليها بعض حواشي سلطان العلماء والمولى مراد التفرشي بخط الكاتب المزبور.
راجع الصورة الثالثة. ولمعظم له نسخة أخرى سيأتي ذكرها تحت رقم 10.
4 - نسخة تفضل بارسالها العالم الألمعي المفضال الشيخ حسن المصطفوي التبريزي
نزيل طهران - أدام الله حياته - تاريخها 1030 الهجري القمري كاتبها أبو الحسن،
وقرأها بتمامه المولى خليل بن الغازي القزويني كما هو بخطه الشريف في هامش الكتاب
وأرخ تاريخ فراغه منه 1034. راجع الصورة الرابعة.
5 - نسخة نفيسة مشحونة بالحواشي تفضل بارسالها المحقق المدقق البارع
المقدمة 19

الشريف السيد موسى الزنجاني المحترم - أدام الله بقاءه - والنسخة مصححة مقروءة
على المولى محمد تقي المجلسي - رضوان الله عليه - تاريخها 1057، كاتبها غير مذكور.
وهي من الكتب الموقوفة التي وقفها المرحوم المبرور الميرزا أبو طالب
القمي - رحمه الله - على الطلاب بمحروسة قم المشرفة. راجع الصورة الخامسة.
6 - نسخة ظريفة نفيسة لمكتبة الحجة مولانا المعظم الشيخ حسين مقدس نزيل
المشهد الرضوي عليه السلام وهي في أربعة أجزاء، موشحة بالحواشي الكثيرة العلمية جدا
تاريخها 1101 الهجري القمري، كاتبها محمد صادق بن محمد يوسف المشهدي. راجع الصورة
السادسة وللمعظم له نسخة أخرى يأتي ذكرها تحت رقم 11.
7 - نسخة ثمينة مصححة للفاضل الجليل محمد كاظم " مدير شانه چي "
أستاذ كلية الإلهيات في جامعة مشهد الرضا عليه السلام - دام بقاؤه - كاتبها نور الدين
ابن محب الدين أحمد الكازروني، صححها وقابلها محمد خان بن محمد توسركاني وأروخ
إتمام المقابلة 1097. راجع الصورة السابعة.
8 - نسخة أخرى لمعظم له مزينة بخط الفقيه المتكلم المحقق محمد باقر بن محمد مؤمن المشتهر بالمحقق السبزواري - قدس سره - قرأها عليه بعض تلاميذه كما رقم بخطه الشريف
وأرخ الفراغ من النصف الأول منها منها 1065. راجع الصورة الثامنة.
9 - نسخة جيدة الخط لخزانة كتب العالم البارع المحقق الشريف السيد أبو الحسن المرتضوي الموسوي تاريخها 1092 كاتبها محمد تقي بن أبي القاسم شهريار
الشهميرزادي.
10 - نسخة عتيقة بدون التاريخ بخط نستعليق غير مذكور كاتبها، تفضل
بارسالها الشيخ نجم الدين الآملي المذكور سابقا وهذه النسخة ناقصة من آخرها وريقات، وعلى ما هو الظاهر من خطها كتابتها قبل الألف.
11 - نسخة مصححة لمكتبة المولى المعظم الحاج الشيخ حسين مقدس المذكور
سابقا قابلها السيد فخر الدين محمد الموسوي المجاز من المولى أحمد بن حاج محمد التوني
وقرأها عليه كما رقم في آخرها، كاتبها محمد صالح بن حاج سرور، تاريخها 3 107 ه‍.
المقدمة 20

12 - نسخة نفيسة للخطيب الشريف السيد علي الأحمدي الطهراني، كاتبها
محمد علي بن محب علي، تاريخها 1013 ه‍.
13 - نسخة مشحونة بالحواشي لمكتبة المتتبع المتضلع الحجة الشيخ
عبد الرحيم الرباني تاريخها 1 110 كاتبها علي بن مير بديع الحسيني ونقل في آخرها
عن نسخة صورة إجازة المؤلف للسيد أبي عبد الله نعمة الذي ألف الكتاب بالتماسه.
وهي هكذا: " تمت أسانيد كتاب من لا يحضره الفقيه بحمد الله ومنه والصلاة
على محمد وآله الطاهرين يقول محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي مصنف هذا
الكتاب قد سمع السيد الشريف الفاضل أبو عبد الله محمد بن الحسن العلوي الموسوي
المديني المعروف بنعمة أدام الله تأييده وتوفيقه وتسديده هذا الكتاب من أوله إلى
آخره بقراءتي عليه ورويته عن مشايخي المذكورين وذلك بأرض بلخ في ناحية إيلاق
بخطي حامدا لله وشاكرا، وعلى محمد وآله مصليا ".
14 - نسخة ثمينة تفضل بإرسالها أخيرا بعد خروج جل المجلد الأول من
الطبع " الحجة الشريف السيد موسي الزنجاني " المحترم، تاريخها 1088 كاتبها
عبد الرحيم بن عبد الصمد فرح آبادي.
المقدمة 21

النسخة الأولى
المقدمة 22

النسخة الثانية
المقدمة 23

النسخة الثالثة
المقدمة 24

النسخة الرابعة
المقدمة 25

النسخة الخامسة
المقدمة 26

النسخة السادسة
المقدمة 27

النسخة السابعة
المقدمة 28

النسخة الثامنة
المقدمة 29

الشروح والحواشي
عندي من الشروح شرح المولى محمد تقي المجلسي - رحمه الله - فقط وهو شرح
كبير جدا في مجلدين ضخمين مخطوطين بخط جيد، المجلد الأول منه تفضل بارساله
الألمعي اللوذعي المفضال الحاج السيد عبد الحسين الروضاتي - دام بقاؤه - نجل المرحوم
المبرور حجة الاسلام السيد حبيب الله الروضاتي حفيد العالم المتتبع الخبير والأديب
الأريب قدوة الأنام مرجع الخاص والعام السيد محمد باقر بن زين العابدين الموسوي
الخوانساري صاحب " روضات الجنات، قدس سره، ومن المأسوف عليه أنه النسخة ناقصة
في وريقات من أواسطها.
ونسخة أيضا من المجلد الأول عندي لمكتبة الشريف السيد أبو الحسن المرتضوي
الموسوي المذكور سابقا صاحب النسخة التاسعة من الكتاب، وهي كاملة.
والمجلد الثاني من هذا الشرح النفيس هو لخزانة كتب الشريف الأجل الفقيه
المبجل السيد محمد علي بن السيد محمد صادق الحسيني المدعو بمير محمد صادقي صاحب
التآليف العلمية الممتعة في الفقه والأصول والكلام. طبع منها رسالته المسماة
بالمختار في الجبر والاختيار وغير واحد من كتبه الفقهية نسأل الله عز وجل توفيق طبع
البقية - وهو - حفظه الله - الآن ساكن في بلدة إصفهان ومشتغل بتدريس الفقه والأصول
واجتمع في حوزته جماعة من أفاضل الطلاب يستنيرون بنور علمه ويستضيئون بضياء
فضله.
وأما الحواشي فعندي منها اثنتان إحداهما حاشية سلطان العلماء الآملي الحسيني
- رضوان تعالى الله عليه - تفضل بها العالم المحقق البارع الحجة الشيخ محمد باقر
المقدمة 30

" شريف زاده " الگلپايگاني - أدام الله حياته -.
والأخرى حاشية المولى مراد بن علي خان التفرشي - تلميذ المحقق الحكيم
ميرزا إبراهيم الهمداني والشيخ بهاء الدين محمد العاملي (1).
وهذه النسخة لخزانة كتب العالم الجليل الشيخ محمد كاظم " مدير شانه چي "
أستاذ كلية الإلهيات في جامعة مشهد الرضا عليه السلام.
.

(1) قال في جامع الرواة: مراد بن علي خان التفرشي العلامة المحقق المدقق جليل
القدر عظيم المنزلة دقيق الفطنة فاضل كامل عالم متبحر في جميع العلوم، وأمره في علو قدره
وعظم شأنه وسمو رتبته وتبحره في العلوم العقلية والنقلية ودقة نظره وإصابة رأيه أشهر من
أن يذكر وفوق ما يحوم حوله العبارة، قرأ المعقولات على جماعة كان أكثرهم أخذا عنه سيد الحكماء
المتألهين ميرزا إبراهيم الهمداني - رحمه الله -، والمنقولات على شيخ الطائفة بهاء الملة
والدين محمد العاملي - قدس سره - له تصانيف جيدة منها كتاب موسوم بالتعليقة السجادية
علقها على من لا يحضره الفقيه - إلى آخر ما قاله الأردبيلي - ره -، راجع ج 2 ص 223
المقدمة 31

بيان الرموز:
نرمز إلى شرح المولى محمد تقي المجلسي - رحمه الله - المسمى بروضة المتقين
في شرح أخبار الأئمة المعصومين ب‍ (م ت).
وإلى حاشية المولى مراد بن علي خان التفرشي - رحمه الله - ب‍ (مراد).
وإلى حاشية سلطان العلماء: الحسين بن محمد بن محمود الحسيني - رحمه الله -
ب‍ (سلطان).
وإلى حاشية الحكيم الإلهي السيد محمد باقر الحسيني المعروف بمير داماد
- رحمة الله عليه - ب‍ (م ح ق).
وإلى شرح العلامة المجلسي - قدس سره - على الكافي المعروف بمرآة العقول
ب‍ (المرآة).
ونعبر عن المجلسي الأول بالمولى المجلسي، وعن الثاني بالعلامة المجلسي.
على أكبر الغفاري
المقدمة 32

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إني أحمدك، وأشكرك، وأومن بك، وأتوكل عليك، وأقر بذنبي إليك
وأشهدك أني مقر بوحدانيتك، ومنزهك عما لا يليق بذاتك (1) مما نسبك إليه من
شبهك، وألحد فيك (2) وأقول: إنك عدل فيما قضيت، حكيم فيما أمضيت (3) لطيف
لما شئت (4) لم تخلق عبادك لفاقة، ولا كلفتهم إلا دون الطاقة، وإنك ابتدأتهم بالنعم
رحيما، وعرضتهم للاستحقاق حكيما، فأكملت لكل مكلف عقله، وأوضحت له
سبيله (5) ولم تكلف مع عدم الجوارح مالا يبلغ إلا بها، ولا مع عدم المخبر الصادق
مالا يدرك إلا به.
فبعثت رسلك مبشرين ومنذرين، وأمرتهم بنصب حجج معصومين، يدعون
إلى سبيلك بالحكمة والموعظة الحسنة، لئلا يكون للناس عليك حجة بعدهم، وليهلك
من هلك عن بينة (6) ويحيى من حي عن بينة، فعظمت بذلك منتك على بريتك،
وأوجبت عليهم حمدك، فلك الحمد عدد ما أحصى كتابك، وأحاط به علمك، وتعاليت
عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
قال الشيخ الامام السعيد الفقيه (7) [نزيل الري] أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين

(1) من صفات المخلوقين العاجزين.
(2) أي مال إلى الباطل كالأشاعرة ومن حذا حذوهم.
(3) أي قدرت أو أجريت كما يظهر من بعض الأخبار من أن الامضاء بمعنى القضاء والقدر.
(4) أي لطيف في تدبيرك، أو أنك تفعل الافعال من الألطاف الخاصة المقربة لعبادك
إلى الطاعة، المبعدة إياهم عن المعصية تفضلا عليهم. والفاقة: الحاجة.
(5) قوله: " عقله " لأنه مناط التكليف. وقوله " سبيله " يعنى من الخير والشر كما في
قوله سبحانه " وهديناه النجدين ".
(6) أي بعدها. وقوله " يحيى " أي يهدى.
(7) كذا في جميع النسخ التي رأيناها.
1

ابن موسى بن بابويه القمي مصنف هذا الكتاب - قدس الله روحه -:
أما بعد فإنه لما ساقني القضاء إلى بلاد الغربة، وحصلني القدر منها (1) بأرض
بلخ من قصبة إيلاق (2) وردها الشريف الدين أبو عبد الله المعروف بنعمة (3) - وهو
محمد بن الحسن بن إسحاق بن [الحسن بن] الحسين بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد
ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فدام بمجالسته سروري وانشرح بذاكرته
صدري وعظم بمودته تشرفي، لأخلاق قد جمعها إلى شرفه من ستر وصلاح، وسكينة ووقار
وديانة وعفاف، وتقوى وإخبات (4) فذاكرني بكتاب صنفه محمد بن زكريا المتطبب
الرازي (5) وترجمه بكتاب " من لا يحضره الطبيب " وذكر أنه شاف في معناه، وسألني
أن أصنف له كتابا في الفقه والحلال والحرام، والشرايع والأحكام، موفيا على جميع
ما صنفت في معناه وأترجمه ب‍ " كتاب من لا يحضره الفقيه " (6) ليكون إليه مرجعه
وعليه معتمده، وبه أخذه، ويشترك في أجره من ينظر فيه، وينسخه ويعمل بمودعه،
هذا مع نسخه لأكثر ما صحبني من مصنفاتي (7) وسماعه لها، وروايتها عني، ووقوفه
على جملتها، وهي مائتا كتاب وخمسة وأربعون كتابا.
فأجبته - أدام الله توفيقه - إلى ذلك لأني وجدته أهلا له، وصنفت له هذا
الكتاب بحذف الأسانيد لئلا تكثر طرقه وإن كثرت فوائده، ولم أقصد فيه قصد

(1) في بعض النسخ " بها " فالباء بمعنى " في ".
(2) مدينة من بلا الشاش بما وراء النهر المتصلة ببلاد الترك، أنزه بلاد الله وأحسنها.
(3) له ترجمة ضافية في كتاب جامع الأنساب ج 1 ص 50 من الفصل الثاني تأليف
زميلنا الفاضل الشريف السيد محمد على الروضاتي المحترم.
(4) أخبت الرجل اخباتا: خضع لله وخشع قلبه.
(5) هو جالينوس العرب أصله من الري، ولد سنة 240 كما نقل عن قاموس الاعلام و
282 كما عن غيره، قدم بغداد وتعلم الطب بها وحذق وتوفى 311 كما في الوفيات أو 320 كما في
تاريخ العلماء باخبار الحكماء للقفطي أو 364 كما في المحكى عن تاريخ ابن شيراز، واسم
كتابه كما في مطرح الانظار لفيلسوف الدولة التبريزي: " كتاب إلى من لا يحضره طبيب ".
(6) كذا. وعبر عنه ابن إدريس في السرائر في غير موضع بكتاب من لا يحضره فقيه.
(7) يعنى وقع منه هذا السؤال مع أنه نسخ أكثر ما كان معي من مصنفاتي.
2

المصنفين في إيراد جميع ما رووه، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته (1)
وأعتقد فيه أنه حجة فيما بيني وبين ربي - تقدس ذكره وتعالت قدرته - وجميع ما فيه
مستخرج من كتب مشهورة، عليها المعول وإليها المرجع، مثل كتاب حريز بن
عبد الله السجستاني (2) وكتاب عبيد الله بن علي الحلبي (3) وكتب علي بن مهزيار
الأهوازي (4)، وكتب الحسين بن سعيد (5)، ونوادر أحمد بن محمد بن عيسى (6) وكتاب
نوادر الحكمة تصنيف محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري (7) وكتاب الرحمة

(1) المراد بالصحة هنا كونه من الأصول المعتبرة المنقول عنها مع القرائن للصحة.
(2) ثقة كوفي كان ممن شهر السيف في قتال الخوارج بسيستان في حياة الصادق (ع) قتله
الشراة - الخوارج - له كتب كلها تعد من الأصول.
(3) ثقة صحيح الحديث كوفي، كان متجره هو وأبو وأخوه إلى حلب فغلب عليهم هذا
اللقب، وصنف عبيد الله كتابا عرضه على الصادق (ع) فاستحسنه وقال: ليس لهؤلاء في الفقه مثله.
(4) علي بن مهزيار ثقة جليل القدر من أصحاب الرضا والجواد والهادي عليهم السلام وكان
وكيلا من عندهم، له ثلاثة وثلاثون كتابا. راجع الفهرست للشيخ الطوسي رحمه الله.
(5) الحسين بن سعيد بن حماد الأهوازي ثقة روى عن الرضا وأبى جعفر الجواد وأبى
الحسن الثالث، أصله كوفي وانتقل مع أخيه الحسن رضي الله عنهما إلى الأهواز ثم تحول إلى
قم فنزل على الحسن بن أبان وتوفى بها، وله ثلاثون كتابا. راجع الفهرست للشيخ رحمه الله.
(6) الأشعري يكنى أبا جعفر القمي شيخ قم ووجهها وفقيهها غير مدافع لقى أبا الحسن الرضا
عليه السلام وصنف كتابا ذكر الشيخ أسماء بعضها في الفهرست ومنها كتاب النوادر، وقال: كان
غير مبوب، فبوبه داود بن كورة، وروى ابن الوليد المبوبة عن محمد بن يحيى والحسن بن محمد
ابن إسماعيل عنه.
(7) أبو جعفر القمي جليل القدر، ثقة في الحديث، كثير الروايات له كتاب نوادر الحكمة
يشتمل على كتب جماعة، وهو كتاب كبير حسن يعرفه القميون " بدبة شبيب " قال النجاشي:
وشبيب فامى، بياع الفوم، كان بقم له دبة ذات بيوت يعطى منها ما يطلب منه من دهن، فشبهوا
هذا الكتاب بذلك لاشتماله على ما تشتهيه الأنفس.
3

لسعد بن عبد الله (1) وجامع شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد رضي الله عنه (2) ونوادر
محمد بن أبي عمير (3) وكتب المحاسن لأحمد بن أبي عبد الله البرقي (4) ورسالة أبي - رضي
الله عنه - إلي وغيرها من الأصول والمصنفات التي طرقي إليها معروفة في فهرس الكتب
التي رويتها (5) عن مشايخي وأسلافي - رضي الله عنهم - وبالغت في ذلك جهدي،
مستعينا بالله، ومتوكلا عليه، ومستغفرا من التقصير، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت
وإليه أنيب، وهو حسبي ونعم الوكيل.

(1) يكنى أبا القاسم، جليل القدر واسع الاخبار، كثير التصانيف، ثقة، فمن كتبه
كتاب الرحمة، وهو يشتمل على كتب جماعة، قال النجاشي: هو شيخ الطائفة وفقيهها ووجهها
كان سمع من حديث العامة شيئا كثيرا وسافر في طلب الحديث. وعده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام
الحسن العسكري (ع). توفى سنة 301 وقيل: 299 وفى الخلاصة: قيل: مات يوم
الأربعاء سبع وعشرين من شوال سنة 300.
(2) هو شيخ جليل القدر، عارف بالرجال، موثوق به، مسكون إليه، مات سنة 343
له كتب منها كتاب الجامع وكتاب التفسير وغير ذلك.
(3) يكنى أبا احمد من موالي الأزد، واسم أبى عمير زياد، وكان من أوثق الناس عند
الخاصة والعامة، وأنسكهم نسكا، وأورعهم وأعبدهم، وقد ذكر الجاحظ أنه كان أوحد أهل
زمانه في الأشياء كلها وأدرك من الأئمة عليه السلام ثلاثة: أبا إبراهيم موسى (ع) ولم يرو عنه،
والرضا (ع) وروى عنه، والجواد (ع). وروى عنه أحمد بن محمد بن عيسى كتب مائة رجل
من رجال الصادق (ع)، وله مصنفات كثيرة، وذكر ابن بطة أن له أربعة وتسعين كتابا، منها
كتاب النوادر الكبير حسن، وذكر الكشي أنه ضرب مائة وعشرين خشبة أمام هارون
الرشيد وتولى ضربه السندي بن شاهك، وكان ذلك على التشيع، وحبس فلم يفرج عنه حتى
أدى مائة وأحد وعشرين ألف درهم. وذكر نحو ذلك الجاحظ في البيان والتبيين، توفى
سنة 217.
(4) أبو جعفر أصله كوفي، وكان ثقة في نفسه غير أنه أكثر الرواية عن الضعفاء واعتمد
المراسيل وصنف كتبا كثيرة منها المحاسن وغيرها (فهرست الشيخ).
(5) على ما لم يسم فاعله من باب التفعيل، أي وصل عنهم الرواية إلى.
4

باب
* (المياه (1) وطهرها ونجاستها) *
قال الشيخ السعيد الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه
القمي مصنف هذا الكتاب رحمة الله عليه:
إن الله تبارك وتعالى يقول: " وأنزلنا من السماء ماء طهورا " (2) ويقول عز و
جل: " وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون " (3).
ويقول عز وجل: " ونزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ". (4)
فأصل الماء كله من السماء وهو طهور كله، وماء البحر طهور، وماء البئر طهور.
1 - وقال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: " كل ماء طاهر إلا ما علمت أنه قذر ". (5)
2 - وقال عليه السلام: " الماء يطهر ولا يطهر " (6).
فمتى وجدت ماء ولم تعلم فيه نجاسة فتوضأ منه واشرب، وإن وجدت فيه
ما ينجسه فلا تتوضأ منه ولا تشرب إلا في حال الاضطرار فتشرب منه ولا تتوضأ منه
وتيمم إلا أن يكون الماء كرا فلا بأس بأن تتوضأ منه وتشرب، وقع فيه شئ أو لم
يقع، ما لم يتغير ريح الماء، فإن تغير فلا تشربه (7) ولا تتوض منه.

(1) المياه جمع الماء، قلبت الهاء همزة على خلاف القياس فصار ماء.
(2) الفرقان: 48.
(3) المؤمنون: 18.
(4) الأنفال: 11.
(5) القذر - بفتحتين -: الوسخ وهو مصدر ثم استعمل المصدر اسما وجمع على الأقذار
والنعت منه - ككتف -: بمعنى النجس.
(6) فسر بأنه يطهر غيره ولا يطهر بغيره لئلا يرد تطهير النجس منه بالجاري والكر.
(7) في بعض النسخ " فلا تشرب منه ". والظاهر أن التغيير بالريح وقع مثالا فان تغيير
الطعم واللون كتغيير الريح بالاتفاق وان لم يرد في اخبارنا والموجود في اخبارنا تغيير الريح
والطعم فقط كما في صحيحة ابن بزيع " ماء البئر واسع لا يفسده شئ الا أن يتغير ريحه أو طعمه "
5

والكر ما يكون ثلاثة أشبار طولا، في عرض ثلاثة أشبار، في عمق ثلاثة أشبار.
وبالوزن ألف ومائتا رطل بالمدني (1).
3 - وقال الصادق عليه السلام: " إذا كان الماء قدر قلتين لم ينجسه شئ والقلتان
جرتان " (2).
ولا بأس بالوضوء والغسل من الجنابة والاستياك بماء الورد (3).

نعم نقل المحقق في المعتبر عن النبي صلى الله عليه وآله " خلق الله الماء طهورا ينجسه شئ الا ما غير لونه
أو طعمه أو ريحه ". وقال ابن إدريس في أول السرائر انه متفق عليه.
أقول: رواه ابن ماجة في السنن كتاب الطهارة باب الحياض من حديث أبي أمامة الباهلي
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " ان الماء لا ينجسه شئ الا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه " ورواه
الطبراني في الأوسط والكبير أيضا كما في مجمع الزوائد. وأخرجه البيهقي في الكبرى ج 1
ص 259 كما مر، وروى نحوه الدارقطني في السنن من حديث ثوبان عنه صلى الله عليه وآله هكذا " الماء طهور
الا ما غلب على ريحه أو على طعمه ".
(1) المشهور في الأشبار ثلاثة أشبار ونصف في مثله من العمق في مثله من العرض. وفى
الوزن ألف ومائتا رطل بالعراقي. والمصنف - رحمه الله - اختار في المقدار أقل منه وفى الوزن
أكثر منه (سلطان). أقول: لا يخفى ما في قوله: " لم ينجسه " من تصحيف والصواب " لا ينجسه ".
(2) الجرة - بفتح الجيم - ما يقال لها بالفارسية " خمره بزرگ " وقال الشيخ رحمه الله:
يحتمل أن يكون ورد مورد التقية، ويحتمل أن يكون مقدار القلتين هو مقدار الكر لان القلة
هي الجرة الكبيرة في اللغة انتهى، ونقل في المعتبر عن ابن الجنيد أنه قال: " الكر قلتان و
مبلغ وزنه ألف ومائتا رطل " وفى النهاية الأثيرية " القلة: الحب العظيم ". وفى المحكى
عن ابن دريد " القلة في الحديث من قلال هجر وهي عظيمة، زعموا أن الوحدة تسع خمس قرب ".
(3) هذا مذهب المؤلف (ره) كما صرح به في الهداية ومستنده رواية يونس عن أبي -
الحسن (ع) قال " قلت له: الرجل يغتسل بماء الورد ويتوضأ به للصلاة؟ قال: لا بأس بذلك " وقال
صاحب المدارك ص 17: وهو ضعيف لاشتمال سنده على سهل بن زياد وهو غال. وعلى محمد بن
عيسى عن يونس وقد نقل الصدوق عن شيخه ابن الوليد - رحمهما الله - أنه لا يعتمد على حديث محمد
ابن عيسى عن يونس، وحكم الشيخ - رحمه الله - في التهذيب والاستبصار بشذوذ هذه الرواية وأن
العصابة أجمعت على ترك العمل بظاهرها، ثم أجاب عنها باحتمال أن يكون المراد بالوضوء
التحسين والتنظيف أو أن يكون المراد الماء الذي وقع فيه الورد، دون المصعد منه أو المعتصر
6

والماء الذي تسخنه الشمس لا تتوضأ به، ولا تغتسل به من الجنابة، ولا تعجن
به (1) لأنه يورث البرص.
ولا بأس بأن يتوضأ الرجل بالماء الحميم الحار (2). ولا يفسد الماء (3) إلا ما كانت
له نفس سائلة. وكل ما وقع في الماء مما ليس له دم فلا بأس باستعماله والوضوء منه
مات فيه أو لم يمت.
فإن كان معك إناءان فوقع في أحدهما ما ينجس الماء ولم تعلم في أيهما وقع
فأهرقهما جميعا وتيمم. ولو أن ميزابين سالا: ميزاب بول وميزاب ماء (4) فاختلطا
ثم أصاب ثوبك منه لم يكن به بأس.
4 - وسأل هشام بن سالم أبا عبد الله عليه السلام " عن السطح يبال عليه فتصيبه السماء

وأما الاستياك - بالكاف - (فافتعال من السوك وهو ذلك الشئ وتحريكه) بمعنى التمصمص
- بالمهملتين - فهو الاغتسال من الدنس للتنظيف والتطهير وفى الخبر " القتل في سبيل الله مصمصة "
قال في النهاية أي مطهرة من دنس الخطايا. والتأنيث لإرادة الشهادة من القتل - انتهى. وفى كثير
من النسخ " الاستيال " باللام فهو بمعنى التزيين مطاوع التسويل وهو تحسين الشئ وتزيينه،
يعنى به الاغتسال للنظافة والتزيين.
(1) في بعض النسخ بصيغة الغياب في الثلاثة. وفى الكافي ج 3 ص 15 باسناده عن السكوني
عن الصادق (ع) قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الماء الذي تسخنه الشمس لا توضؤوا به ولا تغتسلوا
به ولا تعجنوا به فإنه يورث البرص ".
(2) عدم البأس اما بورود خبر وصل إليه ولم يصل إلينا، واما بالعمومات أو بالخبر الذي
ورد أن كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهى، نعم ورد جواز الغسل. (م ت)
(3) المراد بالافساد النجاسة أو الأعم من النجاسة ومن عدم جواز الاستعمال. والظاهر
أن المراد به القليل كما يظهر من بعض الأخبار، أو الأعم منه ومن البئر كما يظهر من بعضها.
(4) في الكافي ج 3 ص 12 باسناده عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (ع) " في ميزابين
سألا أحدهما بول والاخر ماء المطر، فاختلطا فأصاب ثوب رجل لم يضره ذلك " وحمل على ما
إذا كان عند نزول المطر ولم يتغير الماء به.
7

فيكف (1) فيصيب الثوب، فقال: لا بأس به، ما أصابه من الماء أكثر منه " (2).
5 - وسئل عليه السلام " عن طين المطر يصيب الثوب فيه البول والعذرة والدم، فقال:
طين المطر لا ينجس " (3).
6 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام " عن البيت يبال على
ظهره ويغتسل من الجنابة، ثم يصيبه المطر أيؤخذ من مائه فيتوضأ به للصلاة؟ فقال:
إذا جرى فلا بأس به ".
7 - وسأله " عن الرجل يمر في ماء المطر وقد صب فيه خمر فأصاب ثوبه هل
يصلي فيه قبل أن يغسله؟ فقال: لا يغسل ثوبه ولا رجله ويصلي فيه ولا بأس به ".
8 - وسأل عمار الساباطي أبا عبد الله عليه السلام " عن القئ يصيب الثوب فلا يغسل
فقال: لا بأس به ".
9 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " كل شئ يجتر (4) فسؤره حلال ولعابه حلال ".
10 - وأتى أهل البادية رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: " يا رسول الله إن حياضنا هذه
تردها السباع والكلاب والبهائم؟ فقال لهم صلى الله عليه وآله: لها ما أخذت أفواهها ولكم سائر
ذلك " (5).
وإن شرب من الماء دابة أو حمار أو بغل أو شاة أو بقرة أو بعير فلا بأس باستعماله

(1) وكف البيت بالمطر وكفا ووكوفا: سال قليلا قليلا أو يقطر. وقوله " فتصيبه " أي السماء
بمطرها، والمراد بالسماء معناه المتعارف.
(2) دفع لتوهم السائل فإنه سأل أن السطح إذا كان يبال عليه دائما وينفذ فيه البول
كيف يصل إليه ماء المطر وكيف يطهره؟ فأجاب بأن الماء أكثر منه (م ت).
(3) يعنى في حال التقاطر كما يفهم من الحديث الآتي.
(4) في النهاية الأثيرية " الجرة ما يخرجه البعير من بطنه ليمضغه ثم يبلعه، يقال:
اجتر البعير يجتر.
(5) لعله محمول على كرية الحياض فلا يمكن الاستدلال على طهارة القليل ولا على
نجاسة السباع لأنهم سألوا أن حياضنا تردها الطاهر والنجس فما حكمه. (م ت)
8

والوضوء منه. فإن وقع وزغ في إناء فيه ماء أهريق ذلك الماء (1). وإن ولغ فيه (2)
كلب أو شرب منه أهريق الماء وغسل الإناء ثلاث مرات: مرة بالتراب ومرتين بالماء
ثم يجفف (3).
وأما الماء الآجن فيجب التنزه عنه إلا أن يكون لا يوجد غيره (4).
ولا بأس بالوضوء بماء يشرب منه السنور، ولا بأس بشربه.
11 - وقال الصادق عليه السلام: " إني لا أمتنع من طعام طعم منه السنور، ولا من
شراب شرب منه ".
ولا يجوز الوضوء بسؤر اليهودي والنصراني وولد الزنا والمشرك وكل من
خالف الاسلام، وأشد من ذلك سؤر الناصب.
وماء الحمام سبيله سبيل الماء الجاري إذا كانت له مادة (5).
12 - وقال الصادق عليه السلام: " في الماء الذي تبول فيه الدواب وتلغ فيه الكلاب
ويغتسل فيه الجنب إنه إذا كان قدر كر لم ينجسه شئ " (6).

(1) لعله لأجل سميته لا للنجاسة، والوزغ: سام أبرص.
(2) كذا في نسخة وفى أكثر النسخ " وقع فيه كلب " والمشهور اختصاص التعفير بالولوغ
ولعله كان في الأصل " ولغ " فصحف كما يظهر من هامش بعض النسخ ففيه: ولغ الكلب في الاناء
أي شرب ما فيه بأطراف لسانه. أو أدخل فيه لسانه وحركه.
(3) لعل التجفيف لإزالة الغسالة والا لا سند له.
(4) الاجن: الماء المتغير اللون والطعم. وبمضمونه خبر في الكافي ج 3 ص 4 وقوله
" فيجب التنزه " حمل على الوجوب ويمكن حمله على الاستحباب كما هو دأب القدماء من اطلاق
الوجوب على الاستحباب المؤكد. ثم اعلم أن هذا إذا كان الماء اجن من قبل نفسه، فاما إذا غيرته
النجاسة فلا يجوز استعماله على وجه البتة كما في التهذيب.
(5) في الكافي ج 3 ص 14 باسناده عن بكر بن حبيب عن أبي جعفر عليه السلام قال:
" ماء الحمام لا بأس به إذا كانت له مادة ". وقالوا: بشرط أن تكون كرا.
(6) يستدل بمفهومه على نجاسة القليل بالملاعقات.
9

13 - وقال الصادق عليه السلام: " كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم قطرة بول
قرضوا لحومهم بالمقاريض (1) وقد وسع الله عز وجل عليكم بأوسع ما بين السماء و
الأرض وجعل لكم الماء طهورا فانظروا كيف تكونون " (2).
فإن دخلت حية في حب ماء وخرجت منه صب من الماء (3) ثلاث أكف، و
استعمل الباقي، وقليله وكثيره بمنزلة واحدة " (4).
ولا بأس بأن يستقى الماء بحبل أتخذ من شعر الخنزير (5).
14 - وسئل الصادق عليه السلام " عن جلد الخنزير يجعل دلوا يستقى به الماء فقال:

(1) لعل ذلك جزاء لبعض أعمالهم كما يفهم من بعض الآيات كقوله " فبظلم من الذين
هادوا حرمنا عليهم - الآية " وقوله فبما نقضهم ميثاقهم، والظاهر أن ذلك من بول يصيب أبدانهم من
خارج، ويحتمل كون أصل الخبر كما في تفسير علي بن إبراهيم هكذا " ان الرجل - من بني إسرائيل -
إذا أصاب شئ من بدنه البول قطعوه " والضمير راجع إلى الرجل يعنى أن بني إسرائيل تركوه
واعتزلوا عنه ولم يعاشروه، لكن الظاهر أن بعض الرواة زعم أن الضمير راجع إلى البول أو البدن
ونقله بالمعنى على مزعمته فصار ذلك سببا لوقوع لباحث في الوحل ولا يدرى ما المراد بقرض
اللحم. وهذا الاحتمال الأخير من إفادات استاذنا الشعراني دام ظله العالي.
(2) أي كيف تقومون بشكر هذه النعمة الجسيمة والفضل الكبير فلا تتركوا تطهير جسدكم
بالماء ولا تسأموا بل اشكروا الله على تسهيل الإزالة.
(3) في بعض النسخ " صب من الاناء ". والحب - بالمهملة -: الخابية.
(4) لم أجد له نصا صريحا ومثله موجود في الفقه الرضوي، نعم روى الشيخ في التهذيب
باسناده عن هارون بن حمزة عن أبي عبد الله (ع): قال: " سألته عن الفأرة والعقرب وأشباه
ذلك يقع في الماء فيخرج حيا هل يشرب من ذلك الماء ويتوضأ منه؟ قال: يسكب منه ثلاث
مرات، وقليله وكثيره بمنزلة واحدة " والحكم بكراهة سؤر الحية للشيخ في النهاية وتبعه
جماعة، والأظهر عدم الكراهة كما اختاره المحقق في المعتبر لصحيحة علي بن جعفر عن -
أخيه (ع) راجع التهذيب ج 1 ص 119. وقوله " وقليله وكثيره بمنزلة واحدة " أي في عدم
التنزه بعد الصب، أو في أصل الصب.
(5) الظاهر نفى البأس يتوجه إلى استعمال الحبل في الاستقاء مع بعد الانفكاك عن الملاقاة
بالرطوبة لليد أو الماء، أو يتوجه إلى ماء البئر وعدم نجاستها بالحبل مع وقوعه فيها.
10

لا بأس به " (1).
15 - وسئل الصادق عليه السلام " عن جلود الميتة يجعل فيها اللبن والماء والسمن
ما ترى فيه؟ فقال: لا بأس بأن تجعل فيها ما شئت من ماء أو لبن أو سمن، وتتوضأ منه
وتشرب، ولكن لا تصل فيها " (2).
لا بأس بالوضوء بفضل الجنب والحائض (3) ما لم يوجد غيره، وإن توضأ رجل
من الماء المتغير (4) أو اغتسل أو غسل ثوبه فعليه إعادة الوضوء والغسل والصلاة وغسل
الثوب وكل آنية صب فيها ذلك الماء.
فإن (5) دخل رجل الحمام ولم يكن عنده ما يغرف (6) به ويداه قذرتان (7)
ضرب يده في الماء وقال: بسم الله وهذا مما قال الله عز وجل: " وما جعل عليكم في الدين
من حرج " (8) وكذلك الجنب إذا انتهى إلى الماء القليل فالطريق ولم يكن معه إناء

(1) يحمل على أن كون السقي لشرب الحيوانات والأرضين، لا لاستعمال ما شرطه
الطهارة. أو على نفى البأس عن الاستقاء بجلد الخنزير، وغايته جواز استعماله أو عدم تنجيسه
ما يسقى منه أو عدم التعدي كما ذهب إليه بعض.
(2) هذا الخبر مع ارساله شاذ ويعارضه عموم قوله تعالى: " حرمت عليكم الميتة " وأيضا
قوله صلى الله عليه وآله: " لا تنتفعوا من الميتة بشئ " وقول أبى الحسين (ع) للفتح بن يزيد الجرجاني " لا
ينتفع من الميتة باهاب ولا عصب - الخ " وأوله العلامة في المختلف بعد المنع من صحة السند باطلاق
الميتة على ما مات بالتذكية، ولعل مراده المذكى من طاهر العين مما لا يؤكل لحمه. لكنه
خلاف الظاهر، والأولى حمله على التقية لان العامة قائلون بتطهيره بشرط الدباغة. ويحتمل
كون المراد جلد ما لا نفس له، والحكم بمنع الصلاة فيه اما محمول على ظاهره وهو عدم
الجواز كما ذهب إليه جماعة، أو للتنزه كما عليه جمع.
(3) أي بقية غسله أو غسالته.
(4) أي المتغير بالنجاسة.
(5) هذا التفريع ليس في محله ولعله ابدل الواو بالفاء.
(6) في بعض النسخ " يغترف ".
(7) تحمل القذرة على الوسخ والدنسن.
(8) الحج: 78.
11

يغرف به ويداه قذرتان يفعل مثل ذلك (1).
16 - وسئل علي عليه السلام (2) " أيتوضأ من فضل وضوء جماعة المسلمين أحب
إليك أو يتوضأ من ركو أبيض مخمر؟ فقال: لا، بل من فضل وضوء جماعة المسلمين فإن
أحب دينكم إلى الله الحنيفية السمحة السهلة (3) ".
فإن اجتمع مسلم مع ذمي في الحمام اغتسل المسلم من الحوض قبل الذمي (4).
ولا يجوز التطهير (5) بغسالة الحمام لأنه يجتمع في غسالة اليهودي والمجوسي
والنصراني والمبغض لآل محمد عليهم السلام وهو أشرهم.
17 - وسئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام " عن مجتمع الماء في الحمام من
غسالة الناس يصيب الثوب منه؟ فقال: لا بأس به " (6).
ولا بأس بالوضوء بالماء المستعمل، وكان النبي صلى الله عليه وآله إذا توضأ أخذ الناس ما يسقط

(1) في الكافي ج 3 ص 4 باسناده عن محمد بن الميسر قال: " سألت أبا عبد الله (ع)
عن الرجل الجنب ينتهى إلى الماء القليل في الطريق ويريد أن يغتسل منه وليس معه اناء
يغرف به ويداه قذرتان؟ قال: يضع يده ويتوضأ ثم يغتسل، هذا مما قال الله عز وجل " ما
جعل عليكم في الدين من حرج ".
(2) في بعض النسخ " وسئل الصادق عليه السلام ".
(3) الظاهر أن قوله: " أيتوضأ " مبتدأ خبره " أحب " اما بتقدير " أن " قبله أو
بإرادة المصدر من الفعل مجازا مثل " تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ". وقوله " وضوء
المسلمين " الظاهر أن يقرء بفتح الواو أي ماء الوضوء وفضله ما يبقى في الاناء، والحمل على
الغسالة بعيد.
والركو: دلو صغير، والمراد بالأبيض لعله غير مدنس، والمخمر ما شد رأسه والمغطى.
والحنيفية المستقيمة والمائلة من الافراط والتفريط إلى الوسط العدل. والسمحة هي الملة
التي من فيها بعيد.
(4) استحبابا، أو المراد بالحوض الصغير الذي لم يبلغ الكر.
(5) في بعض النسخ " التطهر ".
(6) لا منافاة بين هذه المرسلة - كما في الكافي والتهذيب ج 1 ص 107 أيضا - والذي قبلها
لان الأول دال على عدم مطهرية ذلك الماء. وهذا الخبر يدل على كونه طاهرا.
12

من وضوئه فيتوضؤوا به. والماء الذي يتوضأ به الرجل في شئ نظيف فلا بأس أن يأخذه
غيره فيتوضأ به، فأما الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به من الجنابة أو تزال به
نجاسة فلا يتوضأ به.
18 - وسئل الصادق عليه السلام " عن ماء شربت منه دجاجة فقال: إن كان في منقارها
قذر لم يتوضأ منه ولم تشرب، وإن لم يعلم في منقارها قذر توضأ منه واشرب.
وكل ما أكل لحمه فلا بأس بالوضوء والشرب من ماء شرب منه، ولا بأس بالوضوء
من ماء شرب منه باز أو صقر أو عقاب ما لم ير في منقاره دم، فان رئي في منقاره دم لم
يتوضأ منه ولم يشرب " (1).
فإن (2) رعف رجل فامتخط فصار ذلك الدم قطرا صغارا فأصاب إناءه ولم يستبن
ذلك في الماء فلا بأس بالوضوء منه (3)، وإن كان شئ بين فيه لم يجز الوضوء منه.
والدجاجة والطير وأشباههما إذا وطئ شئ منها العذرة ثم دخل الماء فلا يجوز
الوضوء منه إلا أن يكون الماء كرا.

(1) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 65 والكليني في الكافي ج 3 ص 9 بتقديم و
تأخير من حديث موسى بن عمار الساباطي عنه عليه السلام. والباز ضرب من الصقور. و
الصقر - بفتح الصاد وسكون القاف -: كل طائر يصيد ما خلا النسر والعقاب.
(2) التقريع في غير محله ولعله من تصحيف النساخ. وكان أصله " وان " (3) ذلك لاستصحاب طهارة الماء لعدم العلم بوصول الدم الماء وان أيقن بوصوله الاناء
وروى الكليني في الكافي ج 3 ص 74 عن محمد بن يحيى عن العمركي عن علي بن جعفر
عن أخيه عليه السلام قال: " سألته عن رجل رعف فامتخط فصار بعض ذلك الدم قطعا صغارا
فأصاب اناءه، هل يصلح الوضوء منه؟ فقال: ان لم يكن شئ يستبين في الماء فلا بأس
وإن كان شيئا بينا فلا يتوضأ منه ". قال: " وسألته عن رجل رعف وهو يتوضأ فيقطر قطرة
في انائه هل يصلح الوضوء منه؟ قال: لا " فسؤال الأول محمول على أنه أيقن بإصابة
الدم الاناء وشك في وصوله الماء، والثاني أيقن بوصول الدم الماء. لكن الشيخ - رحمه الله -
استدل بخبر المتن على عدم نجاسة الماء بما لم يدركه الطرف من الدم.
13

فإن سقط في راوية ماء فأرة أو جرذ أو صعوة ميتة فتفسخ فيها لم يجز شربه
ولا الوضوء منه، وإن كان غير متفسخ فلا بأس بشربه والوضوء منه وتطرح الميتة إذا
خرجت طرية، وكذلك الجرة وحب الماء والقربة وأشباه ذلك من أوعية الماء (1).
فإن وقعت فارة أو غيرها من الدواب في بئر ماء فماتت فعجن من مائها فلا بأس
بأكل ذلك الخبز إذا أصابته النار (2).
19 - وقال الصادق عليه السلام: " أكلت النار ما فيه ".
فإن وقعت فارة في خابية فيها سمن أو زيت أو عسل وكان جامدا أخذت الفارة
مع ما حولها واستعمل الباقي وأكل (3)، وكذلك إذا وقعت في الدقيق وأشباهه، فإن
وقعت الفارة في دهن غير جامد فلا بأس أن يستصبح به، فإن وقعت فارة في حب دهن
فأخرجت منه قبل أن تموت فلا بأس بأن يدهن منه ويباع من مسلم.
20 - وسئل الصادق عليه السلام " عن بئر أستقي منها فتوضئ به وغسل به الثياب
وعجن به، ثم علم أنه كان فيها ميتة؟ فقال: لا بأس ولا يغسل الثوب منه ولا تعاد منه
الصلاة " (5).

(1) بمضمون هذا الفتوى رواية رواها الشيخ في التهذيب ج 1 ص 117 وفى الاستبصار
ج 1 ص 7 عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين عن علي بن حديد عن حماد
ابن عيسى، عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام، وحمل الشيخ - رحمه الله -
الراوية على ما إذا كان مقدارها كرا وكذا الجرة والحب والقربة. وحمل التفسخ على ما إذا
كان تغير أحد أوصاف الماء. وقال بمثله سلطان العلماء، لكن الحق أن علي بن حديد ضعيف
ولا اعتماد على ما تفرد به سيما إذا كان معارضا لما صح عنهم عليه السلام وهذا مما تفرد به. قال
العلامة في الخلاصة: علي بن حديد بن حكيم ضعفه شيخنا في كتابي الاستبصار والتهذيب،
لا يعول على ما يتفرد بنقله وقال الكشي: انفط حي من أهل الكوفة. ا ه‍.
(2) مبنى على عدم تنجس ماء البئر بالملاقات وفائدة إصابة النار رفع الكراهة. (مراد)
(3) هذا إذا ماتت الفارة فيها، وأما إذا خرجت قبل أن تموت كان الحكم الطهارة
كما يجيئ (م ت).
(4) في بعض النسخ " استسقى منها ".
(5) فبعد ثبوت نبع البئر محمول على ما إذا لم يتغير أحد أوصاف الماء.
14

والفأرة والكلب إذا أكلا من الخبز أو شماه فإنه يترك ما شماه (1) ويؤكل
ما بقي (2).
ولا بأس بالوضوء من الحياض التي يبال فيها إذا غلب لون الماء البول، وإن
غلب لون البول الماء فلا يتوضأ منها (3).
ولا يجوز التوضؤ باللبن لان الوضوء إنما هو بالماء أو الصعيد (4).
ولا بأس بالتوضؤ بالنبيذ لان النبي صلى الله عليه وآله قد توضأ به وكان ذلك ماء قد نبذت
فيه تميرات وكان صافيا فوقها فتوضأ به، فإذا غير التمر لون الماء لم يجز الوضوء به
والنبيذ الذي يتوضأ وأحل شربه هو الذي ينبذ بالغداة ويشرب بالعشي، أو ينبذ
بالعشي ويشرب بالغداة.
فإن اغتسل الرجل في وهدة وخشي أن يرجع ما ينصب عنه إلى الماء
الذي يغتسل منه أخذ كفا وصبه أمامه وكفا عن يمينه وكفا عن يساره وكفا من
خلفه واغتسل منه. (5)

(1) استحبابا إذ الشم لا يوجب النجاسة.
(2) كما في صحيحة علي بن جعفر عن أخيه (ع) راجع قرب الإسناد ص 116.
(3) إن كان المراد بول ما لا يؤكل لحمه فمحمول على كرية الحياض وإن كان المراد
بول ما يؤكل لحمه فالمنع من الوضوء في صورة غلبة لون البول لسلب الاطلاق.
(4) أراد بالوضوء الطهارة ظاهرا.
(5) الوهدة - بالفتح فالسكون - المنخفض من الأرض. وروى الشيخ بهذا المضمون
خبرا في التهذيب ج 1 ص 118، وحكى المحقق في المعتبر ص 22 قولين في بيان
الخبر: أحدهما المراد منه رش الأرض ليجتمع أجزاؤها فيمتنع سرعة انحدار ما ينفصل من
بدنه إلى الماء. والثاني أن المراد به بل جسده ليتعجل الاغتسال قبل أن ينحدر ما ينفصل
منه ويعود إلى الماء انتهى. واستبعد المولى مراد التفرشي هذين القولين وقال: ويحتمل
حمله على إزالة النجاسة من بدنه بتلك الأكف فيقوم أولا في جانب لا ترجع الغسالة عنه إلى
الماء ثم يقرب الماء ويغتسل منه. ويمكن أن يقال: المقصود من صب الأكف دفع ما وقع
على وجه الماء من الكثافة فيصب المأخوذ على الجوانب إذ لو صب على جانب واحد لربما
يرجع إلى الماء فيزيد في كثافته.
15

فإن انتضح على ثياب الرجل أو على بدنه من الماء الذي يستنجى به فلا بأس
بذلك (1).
فإن ترشش (2) من يده في الاناء أو انصب في الأرض فوقع في الاناء فلا بأس به
وكذلك في الاغتسال من الجنابة (3).
وإن وقعت ميتة في ماء جار فلا بأس بالوضوء من الجانب الذي ليس فيه الميتة.
21 - وسئل الصادق عليه السلام " عن الماء الساكن تكون فيه الجيفة، قال: يتوضأ
من الجانب الآخر ولا يتوضأ من جانب الجيفة " (4).
22 - وسئل عليه السلام " عن غدير فيه جيفة، فقال: إن كان الماء قاهرا لها لا توجد
الريح منه فتوضأ واغتسل " (5).
ومن أجنب في سفر [ه] فلم يجد إلا الثلج فلا بأس بأن يغتسل به، ولا بأس بأن
يتوضأ به أيضا يدلك به جلده. (6)
ولا بأس أن يغرف الجنب الماء من الحب بيده (7).
وإن اغتسل الجنب فنزا (8) الماء من الأرض فوقع في الاناء، أو سال من

(1) روى المؤلف في العلل رواية مسندة بمضمون هذه الفتوى. وكذا الشيخ في التهذيب
ج 1 ص 24 ويدل على طهارة ماء الاستنجاء، وحمل على ما لم يكن فيه شئ من النجاسة.
(2) ترشش عليه الماء: تنزل متفرقا، سال.
(3) كما في رواية بريد بن معاوية في التهذيب ج 1 ص 24.
(4) قال الشيخ في الاستبصار ج 1 ص 22 بعد نقله مسندا يحمل على أنه أكثر من كر والامر
بالوضوء من الجانب الذي ليس فيه الجيفة محمول على الاستحباب والتنزه، لان النفس تعاف
مماسة الماء الذي تجاوره الجيفة وإن كان حكمه حكم الطاهر.
(5) رواه الكليني في الصحيح ج 3 ص 4.
(6) المراد بدلك الجلد بالثلج امراره عليه إلى أن يذوب منه ما يتحصل به مسمى
الغسل، وقال السيد المرتضى - رحمه الله - إذا لم يوجد الا الثلج ضرب يده ويتيمم بنداوته. ويدل
عليه ظاهر صحيحة محمد بن مسلم لكن الشيخ - رحمة الله - حملها على التيمم بالتراب.
(7) هذا مأخوذ من كلام الإمام (ع) في رواية شهاب بن عبد ربه في البصائر 64.
(8) نزا ينزو نزوانا: وثب.
16

بدنه في الاناء فلا بأس به (1).
ولا بأس بأن يغتسل الرجل والمرأة من إناء واحد، ولكن تغتسل بفضله ولا يغتسل
بفضلها (2).
وأكبر ما يقع في البئر الانسان فيموت فيها فينزح منها سبعون دلوا (3) وأصغر
ما يقع فيها الصعوة فينزح منها دلو واحد، وفيما بين الانسان والصعوة على قدر ما يقع
فيها، فإن وقع فيها فارة ولم تتفسخ ينزح منها دلو واحد، وإذا انفسخت فسبع دلاء
وإن وقع فيها حمار ينزح منها كر من ماء، وإن وقع فيها كلب نزح منها ثلاثون
دلوا إلى أربعين دلوا، وإن وقع فيها سنور نزح منها سبعة دلاء، وإن وقع فيها دجاجة
أو حمامة نزح منها سبعة دلاء (4) وإن وقع فيها بعير أو ثور أو صب فيها خمر نزح الماء
كله، وإن قطر فيها قطرات من دم استقي منها دلاء، وإن بال فيها رجل استقى منها
أربعون دلوا، وان فيها صبي قد اكل الطعام استقى منها ثلاث دلاء، وإن كان رضيعا
استقى منها دلو واحد، فإن وقع في البئر زبيل (5) من عذرة رطبة أو يابسة أو زبيل من
سرقين فلا بأس بالوضوء منها ولا ينزح منها شئ هذا إذا كانت في زبيل ولم ينزل منه شئ

(1) هذا إذا كانت الأرض واليد طاهرتين، وفيه دلالة ما على جواز استعمال المستعمل
في غسل الجنابة فيحمل على حال الضرورة. وروى الكليني في الكافي ج 3 ص 14 بسند
صحيح عن أبي عبد الله (ع) قال: " في الرجل الجنب يغتسل فينتضح من الماء في الاناء؟ فقال:
لا بأس ما جعل عليكم في الدين من حرج " فيفهم من ذيله أن الحكم مختص بحال الحرج.
(2) لعل المراد أن الرجل يبتدء بالاغتسال كما يجيئ في باب مقدار الماء للوضوء
عن أبي جعفر عليه السلام في صفة اغتسال رسول الله صلى الله عليه وآله.
(3) الأكبرية باعتبار تقدير الدلو، أكثر سبعون وأقله دلو واحد. وقال المولى
مراد التفرشي: الأكبرية باعتبار ما عين فيه العدد فلا يرد بنزح الجميع بالثور وغيره.
(4) في الطير مطلقا الدجاجة والحمامة دلوين والثلاثة والدلاء الخمس أفضل
والسبع أكمل.
(5) الزبيل - كامير، وسكين - فإذ كسرته شددته: القفة أو الحراب أو الوعاء.
17

في البئر، ومتى وقعت في البئر عذرة استقي منها عشرة دلاء (1) فإن ذابت فيها استقي
انها أربعون دلوا إلى خمسين دلوا (2).
والبئر إذا كان إلى جانبها كنيف فإن كانت الأرض صلبة فينبغي أن يكون
بينهما خمسة أذرع وإن كانت رخوة فسبعة أذرع.
23 - وقال الرضا عليه السلام: " ليس يكره من قرب ولا بعد بئر، يغتسل منها
ويتوضأ ما لم يتغير الماء " (3).

(1) أعلم أنه أجمع علماء الاسلام كافة على نجاسة البئر بتغير أحد أوصافه الثلاثة
بالنجاسة واختلف علماؤنا في نجاسته بالملاقات على أقوال أحدها - وهو المشهور بين القدماء
على المحكى - النجاسة مطلقا. وثانيها الطهارة واستحباب النزح ذهب إليه من المتقدمين الحسن
ابن أبي عقيل والشيخ وأبو عبد الله الغضائري والعلامة وشيخه مفيد الدين بن الجهم وولده
فخر المحققين واليه ذهب عامة المتأخرين. وثالثها الطهارة ووجوب النزح تعبدا ذهب إليه
الشيخ في التهذيب في ظاهر كلامه والعلامة في المنتهى. ورابعها الطهارة ان بلغ ماؤه كرا
والنجاسة بدونه ذهب إليه الشيخ أبو الحسن محمد بن محمد البصري من المتقدمين لأنه يعتبر
الكرية في مطلق الجاري والبئر من أنواعه وأرجع الأقوال عندنا هو القول الطهارة (المدارك).
(2) لعله بطريقة التخيير مع كون الخمسين أفضل، ويحتمل أنه من حيث اختلاف
الابار بالصغر والكبر وكثرة العذرة وقلتها وكثرة الماء وقلة النبع وعدمها (سلطان).
(3) أي ليس وجود البالوعة مكروها سواء كان قريبا من البئر أم بعيدا. وقال الموالي
مراد التفرشي: " بئر " مرفوع على أنه أسند إليه " يكره " مبينا للمفعول وحينئذ لابد من
تقدير، ووصفه بقوله " يغتسل منها " يشعر بأن المراد عدم كراهة الاغتسال والوضوء إذ لا
يوصف بالأحكام الخمسة الا أفعال المكلف، ويكن هنا الحمل على حفر بئر أيضا والمراد
القرب من الكنيف حيث إن ذلك مذكور في كلام الراوي وان لم يذكره المصنف رحمه الله
وذكر البعد للاشعار بالتسوية بين القرب والبعد والا فلا يتصور الكراهة في بعد البئر عن
الكنيف ليحتاج إلى الذكر.
وقد يأول بأنه ليس كون الكنيف في قرب بئر أو بعد بئر على أن يكون المضاف إليه
في الأول محذوفا ويرجع ضمير " يكره " إلى كون الكنيف المقدر في نظم الكلام. ولا يخلو -
18

24 - وروي عن أبي بصير (1) أنه قال: " نزلنا في دار فيها بئر إلى جنبها بالوعة
ليس بينهما إلا نحو من ذراعين فامتنعوا من الوضوء منها، فشق ذلك عليهم فدخلنا
على أبي عبد الله عليه السلام فأخبرناه، فقال: توضؤا منها فإن لتلك البالوعة مجاري تصب
في واد ينصب في البحر " (2).
ومتى وقع في البئر شئ فتغير ريح الماء وجب أن ينزح الماء كله، وإن كان
كثيرا وصعب نزحه فالواجب أن يتكارى عليه أربعة رجال يستقون منها على التراوح
من الغدوة إلى الليل.
وأما ماء الحمآت فإن النبي صلى الله عليه وآله نما نهى أن يستشفى بها ولم ينه عن
التوضؤ بها وهي المياه الحارة التي تكون في الجبال يشم منها رائحة الكبريت (4).
25 - وقال عليه السلام: " إنها من فيح جهنم ".
وإن قطر خمر أو نبيذ في عجين فقد فسد (5) فلا بأس ببيعه من اليهود والنصارى
بعد أن يبين لهم (6) والفقاع مثل ذلك.

من بعد. وفى الحديث اشعار بأنه لو تغير الماء بقرب الكنيف كره استعماله - انتهى. وقال سلطان
العلماء: هذا يدل على أن ما ذكره قبل هذا من تحديد البعد بطريق الاستحباب.
(1) الطريق إلى أبي بصير ضعيف بالبطائني.
(2) أي ليس مجرى البالوعة منحصرا فيما ينتهى إلى البئر حتى يلزم من قربها إليها
جريان مائها إليها بل لها مجاري إلى واد فتصب في تلك الوادي والودي تنصب في البحر
وفى بعض النسخ " نضب في واد ينضب في البحر " ونضب الماء غار ويحتمل كون المراد
ارتباط ماء البالوعة بالماء الذي هو تحت الأرض الذي هو بمنزلة الوادي. (مراد).
(3) في بعض النسخ " أن يتعاون ".
(4) روى الكليني في الكافي ج 6 ص 389 بمضمونه خبرا وفى ذيله " قيل: إنها من
فيح جهنم " والفيح الغليان وشويع الحر وفورانه.
(5) قال سلطان العلماء (ره): يحتمل أن هذا لحرمة الخمر لا النجاسة، فلا ينافي
مذهب المصنف.
(6) لنفى وقوع التدليس (سلطان).
19

26 - وسأل عمار بن موسى الساباطي (1) أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يجد
في إنائه فارة وقد توضأ من ذلك الاناء مرارا واغتسل منه أو غسل ثيابه وقد كانت
الفارة منسلخة؟ فقال: إن كان رآها في الاناء قبل أن يغتسل أو يتوضأ أو يغسل ثيابه
ثم فعل ذلك بعد ما رآها في الاناء فعليه أن يغسل ثيابه ويغسل كل ما أصابه ذلك
الماء، ويعيد الوضوء والصلاة، وإن كان إنما رآها بعدما فرغ من ذلك وفعله فلا يمس
من الماء شيئا وليس عليه شئ لأنه لا يعلم متى سقطت فيه. ثم قال: لعله أن يكون
إنما سقطت فيه تلك الساعة التي رآها ".
27 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام (2) " عن الرجل الجنب (3)
هل يجزيه عن غسل الجنابة أن يقوم في المطر حتى يغسل رأسه وجسده وهو يقدر على
ماء سوى ذلك؟ فقال: إذا غسله اغتساله بالماء أجزأه ذلك ".
28 - وروى إسحاق بن عمار (4) عن أبي عبد الله عليه السلام " أن أبا جعفر عليه السلام
كان يقول: لا بأس بسؤر الفارة إذا شربت من الاناء أن تشرب منه أو تتوضأ منه ".
والوزغة إذ وقعت في البئر نزح منها ثلاث دلاء (5).
وإذا ذبح رجل طيرا مثل دجاجة أو حمامة فوقع بدمه في البئر نزح منها دلاء.
29 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام " عن رجل ذبح شاة
فاضطربت فوقعت في بئر ماء وأوداجها تشخب دما هل يتوضأ من تلك البئر؟ قال: ينزح
منها ما بين ثلاثين دلوا إلى أربعين دلوا، ثم يتوضأ منها ".

(1) طريق الصدوق (ره) إلى عمار بن موسى قوى، فيه أحمد بن الحسن بن فضال وهو
فاسد المذهب ثقة. (صه)
(2) طريق المصنف إلى علي بن جعفر صحيح كما في (صه).
(3) في بعض النسخ " المجنب " وفى بعضها " يجنب ".
(4) طريق المصنف إلى إسحاق بن عمار صحيح الا أن في إسحاق قولا. (صه)
(5) كما في رواية معاوية بن عمار عن الصادق (ع) في التهذيب ج 1 ص 69.
20

30 - وسأل يعقوب بن عثيم (1) أبا عبد الله عليه السلام فقال له: " بئر ماء في مائها ريح
يخرج منها قطع جلود؟ فقال: ليس بشئ لان الوزغ ربما طرح جلده، إنما يكفيك
من ذلك دلو واحد ".
31 - وسأل جابر بن يزيد الجعفي (2) أبا جعفر عليه السلام " عن السام أبرص (3) يقع
في البئر، فقال: ليس بشئ حرك الماء بالدلو ".
32 - وسأله يعقوب بن عثيم " عن سام أبرص وجدناه في البئر قد تفسخ فقال:
إنما عليك أن تنزح منها سبعة دلاء، فقال له: فثيابنا قد صلينا فيها نغسلها ونعيد
الصلاة؟ قال: لا ".
والعظاية (4) إذا وقعت في اللبن حرم اللبن ويقال: إن فيها السم.
وإن وقعت شاة وما أشبهها في بئر ينزح منها تسعة دلاء إلى عشرة دلاء.
33 - وقال الصادق عليه السلام: " كانت في المدنية بئر في وسط مزبلة فكانت الريح
تهب فتلقي فيها القذر، وكان النبي صلى الله عليه وآله يتوضأ منها ".
34 - وسأل محمد بن مسلم (5) أبا جعفر عليه السلام " عن البئر تقع فيها الميتة فقال: إن
كان لها ريح نزح منها عشرون دلوا " (6).

(1) الطريق إلى يعقوب بن عثيم صحيح (صه).
(2) الطريق إلى جابر بن يزيد ضعيف (صه).
(3) السام أبرص: كبار الوزغ، هما اسمان جعلا اسما واحدا ويقع على الذكر
الأنثى ويعرف بأبي أبرص.
(4) العظاية: دويبة ملساء أصغر من الحرذون، تمشى مشيا سريعا ثم تقف، تشبه سام
أبرص.
(5) الطريق إلى محمد بن مسلم فيه علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله
عن أبيه أحمد وهما غير مذكورين (صه).
(6) يحتمل أن يكون المراد ما لا نفس له فالنزح لأجل الريح لا النجاسة.
21

35 - وسأل كردويه الهمداني (1) أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام " عن بئر
يدخلها ماء الطريق فيه البول والعذرة وأبوال الدواب وأرواثها وخرء الكلاب
فقال: ينزح منها ثلاثون دلوا وإن كانت مبخرة " (2).
ولا يجوز (3) أن يبول الرجل في ماء راكد، فأما الماء الجاري فلا بأس أن يبول فيه
ولكن يتخوف عليه من الشيطان (4).
وقد روي " أن البول في الماء الراكد يورث النسيان " (5).
باب
* (ارتياد المكان للحدث والسنة في دخوله والآداب) *
* (فيه إلى الخروج منه) *
36 - قال الصادق عليه السلام: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله أشد الناس توقيا للبول حتى
أنه كان إذا أراد البول عمد (6) إلى مكان مرتفع من الأرض أو مكان يكون فيه التراب
الكثير كراهية أن ينضح عليه البول ".

(1) الطريق إلى كردويه الهمداني صحيح (صه) وهو مجهول الحال.
(2) أي البئر التي يشم منها الرائحة الكريهة، يعنى المنتنة.
(3) الظاهر مراده الكراهة بقرينة ما يأتي من التعليل.
(4) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 100 باسناد له فيه ارساله عن أبي عبد الله (ع)
في حديث قال: " قلت له: يبول الرجل في الماء قال: نعم ولكن يتخوف عليه من الشيطان "
أي يمكن أن يعتاد ذلك فيسول ذلك الشيطان في نظره حتى يحرضه على البول في الماء
الراكد.
(5) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 9 و 13 باسناده عن الفضيل عن الصادق (ع) قال:
" لا بأس بأن يبول الرجل في الماء الجاري وكره أن يبول في الماء الراكد ".
(6) قوله: " عمد " أي قصد.
22

37 - " وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أراد دخول المتوضأ (1) قال: " اللهم إني
أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم (2)، اللهم أمت عني
الأذى وأعذني من الشيطان الرجيم ". وإذا استوى جالسا للوضوء (3) قال: " اللهم
أذهب عني القذى والأذى (4) واجعلني من المتطهرين " وإذا تزحر (5) قال: " اللهم
كما أطعمتنيه طيبا في عافية فأخرجه مني خبيثا في عافية ".
38 - وكان علي عليه السلام (6) يقول: " ما من عبد إلا وبه ملك موكل يلوي (7) عنقه
حتى ينظر إلى حدثه، ثم يقول له الملك: يا ابن آدم هذا رزقك فانظر من أين أخذته
وإلى ما صار، فينبغي للعبد عند ذلك أن يقول: " اللهم ارزقني الحلال وجنبني الحرام ".
ولم ير للنبي صلى الله عليه وآله قط نجو (8) لان الله تبارك وتعالى وكل الأرض بابتلاع
ما يخرج منه.
39 - " وكان أمير المؤمنين عليه السلام إذا أراد الحاجة (9) وقف على باب المذهب (10)

(1) المراد بالمتوضأ الكنيف.
(2) الرجس: النجس والقذر، وقد يعبر به عن الحرام والفعل القبيح، والعذاب
واللعنة والكفر والمراد منه - في الحديث - الأول. قال الفراء: إذا بدؤا بالنجس ولم يذكروا
الرجس فتحوا النون والجيم، وإذا بدؤا بالرجس ثم أتبعوه النجس كسروا الجيم والخبيث
ذو الخبث في نفسه، والمخبث الذي أعوانه خبثاء. (النهاية)
(3) أراد بالوضوء قضاء الحاجة كما هو الظاهر بقرينة المقام.
(4) أراد بالقذى النجاسات وبالأذى لوازمها.
(5) التزحر - بالزاي والحاء المهملة المشددة -: التنفس بأنين وشدة، وقيل:
استطلاق البطن بشدة.
(6) في بعض النسخ " وكان عليه السلام " فالضمير راجع إلى النبي صلى الله عليه وآله.
(7) من باب التفعيل أي ثناه وعطفه وعاجه، والمجرد منه بمعناه.
(8) النجو ما يخرج من البطن من ريح أو غائط.
(9) المراد قضاء الحاجة.
(10) يعنى بين الخلاء.
23

ثم التفت عن يمينه وعن يساره إلى ملكيه فيقول: أميطا عني (1) فلكما الله علي أن
لا أحدث (2) بلساني شيئا حتى أخرج إليكما ".
40 - " وكان عليه السلام إذا دخل الخلاء يقول " الحمد لله الحافظ المؤدي " فإذا
خرج مسح بطنه وقال: " الحمد لله الذي أخرج عني أذاه وأبقى في قوته، فيالها
من نعمة لا يقدر القادرون قدرها ".
41 - " وكان الصادق عليه السلام إذا دخل الخلاء يقنع رأسه ويقول في نفسه:
" بسم الله وبالله ولا إله إلا الله، رب أخرج عني الأذى سرحا (3) بغير حساب، واجعلني
لك من الشاكرين فيما تصرفه عني من الأذى والغم الذي لو حبسته عني هلكت
لك الحمد أعصمني من شر ما في هذه البقعة، وأخرجني منها سالما، وحل بيني وبين
طاعة الشيطان الرجيم ".
وينبغي للرجل إذا دخل الخلاء أن يغطي رأسه (4) إقرارا بأنه غير مبرء
نفسه من العيوب، ويدخل رجله اليسرى قبل اليمنى فرقا بين دخول الخلاء ودخول
المسجد، ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لان الشيطان أكثر ما يهم بالانسان
إذا كان وحده، وإذا خرج من الخلاء أخرج رجله اليمنى قبل اليسرى (5).

(1) أي اذهبا عنى وابعدا عنى واتركاني ونفسي.
(2) في نسخة " انى لا أحدث ".
(3) أي بلا انقباض وعسر، متلبسا بان لا تحاسبي على هذه النعمة الجليلة.
(4) قال في الحدائق: لم أقف فيه على خصوص خبر سوى اخبار التقنع، ومن
الظاهر مغايرته له، نعم قال المفيد (ره): " وليغط رأسه إن كان مكشوفا ليأمن بذلك
من عبث الشيطان ومن وصول الرائحة الخبيثة إلى دماغه، وهو سنة من سنن النبي صلى الله عليه وآله، و
فيه اظهار الحياء من الله لكثرة نعمه على العبد وقلة الشكر منه " وفيه دلالة على ورود
النص به وليس ببعيد كون المراد به التقنع لمناسبة التعليل الأخير له دون مجرد التغطية.
(5) الظاهر أنه في خبر وان لم نعثر عليه لان الصدوق (ره) لا يذكر شيئا من ذلك
الا عن نص بلغه فيه ولذا تبعه الأصحاب، وقد اختص بعضهم هذا الحكم بالبنيان نظرا إلى
مسمى الدخول والخروج وخالفه العلامة رحمه الله وصرح بان الأقرب عدم الاختصاص على ما
في الحدائق.
24

42 - ووجدت بخط سعد بن عبد الله حديثا أسنده إلى الصادق عليه السلام أنه قال:
" من كثر عليه السهو في الصلاة فليقل إذا دخل الخلاء: " بسم الله وبالله أعوذ بالله من
الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم ".
43 - وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام: " إذا انكشف أحدكم لبول أو لغير ذلك فليقل:
" بسم الله " فإن الشيطان يغض بصره عنه حتى يفرغ ".
44 - وقال رجل لعلي بن الحسين عليهما السلام: " أين يتوضأ الغرباء؟ فقال: يتقون
شطوط الأنهار، والطرق النافذة (1) وتحت الأشجار المثمرة، ومواضع اللعن، فقيل له:
وأين مواضع اللعن؟ قال: أبواب الدور " (2).
45 - وفي خبر آخر " لعن الله المتغوط في ظل النزل (3) والمانع الماء المنتاب (4)
والساد الطريق المسلوك " (5).

(1) شطوط الأنهار جوانبها، أو مسارع المياه الواردة. وتقييد الطر بالنافذة احتراز
عن المرفوعة فإنها ملك لأربابها فيحرم التخلي فيها قطعا، أو المراد المسلوكة لا
المتروكة.
(2) يمكن أن يكون تعبيره عليه السلام للمثال ويكون الفظ على العموم في كل موضوع
يتأذى به الناس، ويسبون فاعله، وإن كان السبب واللعن حراما.
(3) أي محل ورود المسافرين.
(4) أي الماء المشترك في نوبة الشريك. أو الماء المباح الذي يعتوره المارة على
النوبة.
(5) قال في الحدائق: ظاهر الأصحاب سيما المتأخرين الحكم بالكراهة في الجميع
الا أن الشيخ المفيد في المقنعة عبر في في هذه المواضع بعدم الجواز، وابن بابويه في الفقيه
عبر بذلك في فيئ النزال وتحت الأشجار المثمرة. وقال شيخنا صاحب " الرياض "
- بعد نقل ذلك عنهما - ما لفظه " والجزم بالجواز مع ورود النهى والامر واللعن في البعض
مع عدم المعارض سوى أصالة البراءة مشكل - ا ه‍ ".
وهو جيد الا أنه كثيرا ما قد تكرر منهم عليهم السلام في المحافظة على الوظائف
المسنونة من ضروب التأكيدات في الأوامر والنواهي ما يكاد يلحقها بالواجبات والمحرمات
كما لا يخفى على من تتبع الاخبار وجاس خلال الديار، على أن اللعن هو البعد من رحمة
الله وهو كما يحصل بفعل المحرم يحصل بفعل المكروه ولو في الجملة. انتهى.
25

46 - وفي خبر آخر " من سد طريقا بتر الله عمره " (1).
47 - وسئل الحسن بن علي عليهما السلام " ما حد الغائط؟ قال: لا تستقبل القبلة
ولا تستدبرها (2) ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها " (3).
48 - وفي خبر آخر " لا تستقبل الهلال ولا تستدبره ".
ومن استقبل القبلة في بول أو غائط ثم ذكر فتحرف عنها إجلالا للقبلة لم يقم

(1) البتر القطع يقال: بتره بترا من باب قتل: قطعه على غير تمام.
(2) قال في المدارك: اختلف الأصحاب في تحريم الاستقبال والاستدبار للقبلة على
المتخلي فذهب الشيخ وابن البراج وابن إدريس إلى تحريمهما في الصحارى والبنيان، و
قال ابن الجنيد: يستحب إذا أراد التغوط في الصحراء أن يتجنب استقبال القبلة ولم يتعرض
للاستدبار، ونقل عن سلار الكراهة في الصحارى أيضا أو التحريم.
وقال المفيد في المقنعة: ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها، ثم قال بعد ذلك: وإذا
دخل الانسان دارا قد بنى فيها مقعدة للغائط على استقبال القلبة أو استدبارها لم يضره الجلوس عليه
وإنما يكره ذلك في الصحارى والمواضع التي يتمكن فيها الانحراف عن القبلة.
وقال العلامة في المختلف بعد حكاية ذلك: وهذا يعطى الكراهة في الصحارى والإباحة
في البنيان وهو غير واضح - الخ ".
وفى الشرايع ويحرم استقبال القبلة واستدبارها ويستوى في ذلك الصحارى والأبنية.
أقول: مورد الخبر وإن كان هو الغائط دون البول لكن المراد منه المعنى اللغوي
بالتقريب الذي ذكروه في دلالة قوله تعالى: " أو جاء أحد منكم من الغائط " وحينئذ التعميم
ظاهر، بل الظاهر أن المفسدة في استقبال الريح واستدبارها بالبول أشد فيندرج في باب
مفهوم الموافقة على القول به كما في الحدائق.
(3) ظاهر هذا الخبر وما يليه التحريم لكن المشهور بين الأصحاب الحكم بالكراهة.
26

من موضعه حتى يغفر الله له (1).
49 - " ودخل أبو جعفر الباقر عليه السلام الخلاء فوجد لقمة خبز في القذر فأخذها
وغسلها (2) ودفعها إلى مملوك كان معه فقال تكون معك لآكلها إذا خرجت فلما خرج
عليه السلام قال للمملوك: أين اللقمة؟ قال أكلتها يا ابن رسول الله، فقال: إنها ما استقرت
في جوف أحد إلا وجبت له الجنة، فاذهب فأنت حر، فإني أكره أن استخدم
رجلا من أهل الجنة " (3). 50 - " ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يطمح الرجل ببوله في الهواء من السطح أو
من الشئ المرتفع " (4).
51 - وقال عليه السلام: " البول قائما من غير علة من الجفاء، والاستنجاء باليمين
من الجفاء " (5).
52 - وقد روي " أنه لا بأس إذا كان اليسار معتلة ".
53 - وسأل هشام بن سالم أبا عبد الله عليه السلام فقال له: أغتسل من الجنابة وغير
ذلك في الكنيف الذي يبال فيه وعلي نعل سندية فأغتسل وعلي النعل كما هي؟
فقال: إن كان الماء الذي يسيل من جسدك يصيب أسفل قدميك فلا تغسل [أسفل]
قدميك " (6).
وكذلك إذا اغتسل الرجل في حفرة وجرى الماء تحت رجليه لم يغسلهما، وإن

(1) كما في رواية محمد بن إسماعيل عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في التهذيب
ج 1 ص 100.
(2) يحتمل كون القذر هنا بمعنى الوسخ والغسل لرفع الكراهة.
(3) استدل بتأخيره (ع) على كراهة الاكل وكذا الشرب الحاقا بالاكل في بيت الخلاء
ومن المحتمل أن يكون التأخير من جهة أخرى وهي الركاكة العرفية.
(4) طمح ببوله إذا رماه في الهواء، والخبر مروى في الكافي ج 3 ص 15.
(5) أي ظلم وخلاف للمروءة وبعد عن المقام الانسانية.
(6) رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 45.
27

كانت رجلاه مستنقعتين في الماء غسلهما (1).
54 - وسئل الصادق عليه السلام: " عن الرجل إذا أراد أن يستنجي كيف يقعد؟
قال: كما يقعد للغائط ".
55 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " إذا بال الرجل فلا يمس ذكره بيمينه ".
56 - وقال عليه السلام: " طول الجلوس على الخلاء يورث الباسور " (2).
57 - وسأل عمر بن يزيد أبا عبد الله عليه السلام " عن التسبيح في المخرج (3) وقراءة
القرآن فقال: لم يرخص في الكنيف أكثر من آية الكرسي ويحمد الله (4) أو آية
" الحمد لله رب العالمين ".
ومن سمع الاذان فليقل كما يقول المؤذن ولا يمتنع من الدعاء والتحميد
من أجل أنه على الخلاء فإن ذكر الله تعالى حسن على كل حال.
58 - ولما ناجى الله موسى بن عمران [على نبينا و] عليه السلام قال موسى: يا رب
أبعيد أنت مني فأناديك؟ أم قريب فأناجيك (5)؟ فأوحى الله جل جلاله إليه: أنا

(1) ورد بمضمونه خبر في الكافي ج 3 ص 44. واستنقع في الماء أي مكن فيه، وفى الغدير
نزل واغتسل، وقال العلامة المجلسي في المرآة: ظاهره أنه إن كان رجلاه في الطين المانع
من وصول الماء إليها يجب غسلهما وان لم يكن كذلك بل يسيل الماء الذي يجرى على
بدنه على رجليه فلا يجب الغسل بعد الغسل أو الغسل. أو المراد أنه إن كان يغتسل في الماء
الجاري والماء يسيل على قدميه فلا يجب عليه وإن كان في الماء الواقف القليل فإنه يصير
غسالة ولا يكفي لغسل الرجلين، ولعله أظهر الوجوه.
(2) الباسور: علة معروفة والجمع بواسير، وفى بعض النسخ " الناسور " بالنون و
هي قرحة لها غور يسيل منها القيح والصديد دائما وقلما يندمل وقد يحدث في ماق العين و
قد يحدث في حوالي المقعد.
(3) يعنى بيت الخلاء.
(4) ينبغي أن يقرء منصوبا بتقدير " أن " ليكون عطفا على آية الكرسي، يعنى يقرأ
شيئا مشتملا على حمد الله سبحانه (مراد).
(5) المقصود استعلام كيفية الدعاء من الجهر والاخفات. (م ت)
28

جليس من ذكرني (1) فقال موسى عليه السلام: يا رب إني أكون في أحوال أجلك أن أذكرك
فيها (2) فقال: يا موسى اذكرني على كل حال ".
ولا يجوز للرجل (3) أن يدخل إلى الخلاء ومعه خاتم عليه اسم الله أو مصحف (4)
فيه القرآن، فإن دخل وعليه خاتم عليه اسم الله فليحوله عن يده اليسرى إذا أراد
الاستنجاء (5) وكذلك إن كان عليه خاتم فصه من حجارة زمزم (6) نزعه عند الاستنجاء
فإذا فرغ الرجل من حاجته فليقل: " الحمد لله الذي أماط عني الأذى وهنأني طعامي
[وشرابي] وعافاني من البلوى ".
والاستنجاء بثلاثة أحجار (7)، ثم بالماء (8) فإن اقتصر على الماء أجزأه (9).

(1) أي كالجليس في عدم الاحتياج إلى النداء بل يكفي المسارة. (مراد)
(2) أي أستحيي أن أذكرك في تلك الحال.
(3) وكذا المرأة، ومفهوم اللقب ليس بمعتبر.
(4) أي صحيفة أو هو بمعناه المعروف وقال التفرشي: لعل ذكر قوله فيه القرآن للتنبيه
على سبب المنع من ادخاله.
(5) لرواية أبي بصير عن الصادق (ع) المروية في الكافي ج 3 ص 474.
(6) حكى عن الشهيد - رحمه الله - أنه قال في الذكرى: " في نسخة الكافي ايراد هذه
الرواية بلفظ " حجارة زمرد " فعلى هذا يكون هو المراد من زمزم، وقال: سمعناه مذاكرة "
لكن في التهذيب ج 1 ص 101 وبعض نسخ الكافي ج 3 ص 17 " حجارة زمزم ".
(7) نقل الشهيد - رحمه الله - في الذكرى خبرا عن النبي صلى الله عليه وآله ولم أجده من طريق
الخاصة ولعله من طريق العامة. وفى سنن النسائي ج 1 ص 42 وسنن البيهقي ج 1 ص 103
عنه صلى الله عليه وآله قال: " إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار فليستطب بها فإنها
تجزى عنه ". فإنه يدل بمفهومه على عدم اجزاء ما دون الثلاثة.
(8) يعنى الأكمل الجمع لان الكامل الماء، وفى المعتبر أن الجمع بين الماء والأحجار
مستحب. ويدل عليه ما روى مرفوعا عن الصادق (ع) أنه قال: " جرت السنة في الاستنجاء
بثلاثة أحجار أبكار ويتبع بالماء " التهذيب ج 1 ص 13.
(9) يدل على التخيير وذلك إذا لم يتعد المخرج. ولكن الماء أفضل - لما يأتي
وإذا تعدى فتعين الماء بلا خلاف أجده.
29

ولا يجوز الاستنجاء بالروث والعظم (1)، لان وفد الجان جاؤوا إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله فقالوا: يا رسول الله: متعنا، فأعطاهم الروث والعظم فلذلك لا ينبغي أن
يستنجي بهما (2).
59 - وكان الناس يستنجون بالأحجار (3) فأكل رجل من الأنصار طعاما فلان
بطنه فاستنجى بالماء فأنزل الله تبارك وتعالى فيه " إن الله يحب التوابين ويحب
المتطهرين " فدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله فخشي الرجل أن يكون قد نزل فيه أمر يسوءه،
فلما دخل قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: " هل عملت في يومك هذا شيئا؟ قال: نعم يا رسول الله
أكلت طعاما فلان بطني فاستنجيت بالماء، فقال له: أبشر، فان الله تبارك وتعالى قد
أنزل فيك " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " فكنت أنت أول التوابين
وأول المتطهرين ". ويقال: إن هذا الرجل كان البراء بن معرور الأنصاري (4).

(1) الروث: رجيع ذوات الحوافر واختصه بعضهم بما يكون من الخيل والبغال
والحمير ويأتي الكلام في العظم وظاهر كلامه - رحمه الله - الحرمة كما ذهب إليه جمع من
الأصحاب. وقيل بالكراهة لضعف المستند سندا ومتنا.
(2) قوله: " فأعطاهم الروث والعظم " أي أمر صلى الله عليه وآله الناس بتركهما
لهم ليتمتعوا بهما، والمراد بالعظم: البالي منه كما جاء في سنن النسائي وغيره " كان يأمر
بثلاثة أحجار ونهى عن الروث والرمة " والرمة بكسر الراء وشد الميم -: العظم البالي. و
أما كون العظم والروث طعاما للجن كما في رواية نقلها الشيخ ففي طريقها مفضل بن صالح
فلا عبرة بها لأنه ضعيف كذاب يضع الحديث.
(3) أي كان عادتهم ذلك.
(4) البراء بن معرور كان من النقباء الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة العقبة،
وأجمع المؤرخون على أنه مات في المدينة في صفر قبل قدوم النبي صلى الله عليه وآله بشهر، فلما قدم
انطلق بأصحابه فصلى على قبره.
وفى الكافي ج 3 ص 254 عن الصادق (ع) " كان البراء بن معرور بالمدينة وكان
رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة وانه حضره الموت ورسول الله والمسلمين يصلون إلى بيت المقدس،
فأوصى البراء إذا دفن أن يجعل وجه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى القبلة " وهذا صريح في أنه لم يدرك
رسول الله صلى الله عليه وآله بعد الهجرة، والآية في سورة البقرة: 22 ونزلت بالمدينة. وهذا لا يلائم
كون الرجل البراء بن معرور لما عرفت. ولنا فيه كلام في الخصال ص 192 في نحو هذا الخبر.
30

ومن أراد الاستنجاء فليمسح بإصبعه من عند المقعدة إلى الأنثيين ثلاث مرات
ثم ينتر (1) ذكره ثلاث مرات، فإذا صب الماء على يده للاستنجاء فليقل: " الحمد لله
الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا " ويصب على إحليله من الماء مثلي ما عليه
من البول، يصبه مرتين هذا أدنى ما يجزي، ثم يستنجي من الغائط (2) ويغسل حتى
ينقي ماثمة، والمستنجي يصب الماء إذا انقطعت درة البول (3).
ومن صلى فذكر بعد ما صلى أنه لم يغسل ذكره فعليه أن يغسل ذكره ويعيد
الوضوء والصلاة، ومن نسي أن يستنجي من الغائط (4) حتى صلى لم يعد الصلاة، و
يجزي في الغائط الاستنجاء بالحجارة (5) والخزف والمدر.
60 - وقال الرضا عليه السلام: " في الاستنجاء يغسل ما ظهر على الشرج (6) ولا يدخل
فيه الأنملة ". ولا يجوز الكلام على الخلاء لنهي النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك (7).
61 - وروي " أن من تكلم على الخلاء لم تقض حاجته " (8).

(1) النتر: جذب الشئ بشدة، ومنه نتر الذكر في الاستبراء.
(2) ظاهر الكلام مخالف لما روى الكليني في الكافي ج 3 ص 17 باسناده عن عمار
الساباطي ففيه " سئل الصادق (ع) إذا أراد الرجل أن يستنجى بالماء يبدء بالمقعدة أو بالإحليل؟
فقال: بالمقعدة ثم بالإحليل " وحمل الخبر على الاستحباب، وعلل كلام الصدوق بان لا تنجس اليد
بالغائط عند الاستبراء. وقدم الشيخ المفيد الاستنجاء من الغائط على الاستنجاء من البول في المقنعة.
(3) الدرة - بالكسر والتشديد -: السيلان.
(4) يدل على كلامه بعض الأخبار الصحيحة وفى كثير منها أنه لا يعيد الوضوء و
يعيد الصلاة، وفى كثير منها لا يعيدهما، وفى صحيحة علي بن مهزيار يعيد الصلاة في الوقت
لا في خارجه، والذي يظهر من الاخبار باعتبار الجمع بينهما أن إعادة الوضوء على الاستحباب
وكذا إعادة الصلاة خارج الوقت، وفى الإعادة في الوقت نظر الأحوط الإعادة (م ت).
(5) ولا يكتفى بذوات الجهات ولا خلاف فيه، والخلاف في اجزاء أقل من الثلاث.
(6) الشرح - بالشين المعجمة والجيم -: حلقة الدبر.
(7) كما في رواية صفوان عن الرضا (ع) أنه قال: " نهى النبي صلى الله عليه وآله أن يجيب الرجل
آخر وهو على الغائط - الحديث " التهذيب ج 1 ص 8 وحمل الكراهة.
(8) رواه المصنف مسندا في العلل ص 104 والعيون ص 151.
31

62 - وإن النبي صلى الله عليه وآله قال لبعض نسائه: " مري النساء المؤمنات أن يستنجين
بالماء ويبالغن فإنه مطهرة للحواشي ومذهبة للبواسير ".
ولا يجوز التغوط في فيئ النزال وتحت الأشجار المثمرة، والعلة في ذلك:
63 - ما قال أبو جعفر الباقر عليه السلام: " إن لله تبارك وتعالى ملائكة وكلهم بنبات
الأرض من الشجر والنخل فليس من شجرة لا نخلة إلا ومعها من الله عز وجل ملك
يحفظها وما كان منها، ولولا أن معها من يمنعها لأكلتها السباع وهو أم الأرض إذا
كان فيها ثمرتها ".
64 - وإنما " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يضرب أحد من المسلمين خلاءه تحت
شجرة أو نخلة قد أثمرت لمكان الملائكة الموكلين بها (1)، قال: ولذلك يكون الشجر
والنخل أنسا (2) إذا كان فيه حمله لان الملائكة تحضره " (3).
ومن لا ينقطع بوله ويغلبه فالله (4) أولى بالعذر فليتق علته ما استطاع وليتخذ
خريطة (5).
ومن بال ولم يتغوط فليس عليه الاستنجاء وإنما عليه غسل ذكره، ومن تغوط
ولم يبل فليس عليه أن يغسل ذكره وإنما عليه أن يستنجي.
ومن توضأ ثم خرجت منه ريح فليس عليه الاستنجاء وإنما عليه إعادة الوضوء (6).

(1) فيه اشعار باختصاص الكراهة بوقت الأثمار وصرح بعضهم بتعميمها إذا كان الشجر
قابلا لا ثمار (مراد).
(2) قوله: " أنسا " - بالفتح - وهي ما يأنس به الانسان، وفى الصحاح الانس - بفتح
الهمزة والنون - خلاف الوحشة، وهو مصدر قولك أنست به - بالكسر - أنسا وأنسة. (المراد)
(3) هذا الشرط يشعر بأن حضور الملائكة مخصوص بحال وجود الثمرة فيشعر بأن
كراهة التغوط تحته مخصوص بهذه الحالة والمشهور عمومه (سلطان).
(4) في بعض النسخ " فان الله "
(5) الخريطة: من أدم وغيره يشد على ما فيه.
(6) لان الاستنجاء باعتباره خروج النجاسة لا باعتبار الحدث كما ظنه بعض العامة (م ت).
32

65 - وروي " أن أبا الحسن الرضا عليه السلام كان يستيقظ من نومه فيتوضأ ولا
يستنجي، وقال كالمتعجب من رجل سماه: بلغني أنه إذا خرجت منه ريح استنجى ".
باب
* (أقسام الصلاة) * (1)
66 - قال الصادق عليه السلام: " الصلاة ثلاثة أثلاث: ثلث طهور وثلث ركوع،
وثلث سجود " (2).
باب
* (وقت وجوب الطهور) *
67 - قال أبو جعفر الباقر عليه السلام: " إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة (3)
ولا صلاة إلا بطهور ".
باب
* (افتتاح الصلاة وتحريمها وتحليلها) *
68 - قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: " افتتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير
وتحليلها التسليم ".

(1) لا يخفى أن المناسب أن يقول: الطهور قسم من الصلاة. (مراد)
(2) أي العمدة في أجزائها هذه الاجزاء الثلاثة لا أن ليس بها جزء آخر، أما الطهارة
فلامتناع تحقق الصلاة بدونها، وأما الركوع والسجود فلأنهما جزءان بهما يتميز الصلاة في
الحس عن غيرها بخلاف باقي الاجزاء وان كانت أركانا. (مراد)
(3) قوله (ع) " وجب الطهور " أي استعماله في الطهارة وتطهير الأعضاء به، وظاهر
هذا الحديث يفيد كون الطهارة مطلقا واجبا لغيره. (مراد)
33

باب
* (فرائض الصلاة) *
فرائض الصلاة سبعة: الوقت، والطهور، والتوجه، والقبلة، والركوع،
والسجود، والدعاء (1).
باب
* (مقدار الماء للوضوء والغسل) *
69 - قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: " للغسل صاع من ماء، وللوضوء
مد من ماء، وصاع النبي صلى الله عليه وآله خمسة أمداد، والمد وزن مائتين وثمانين درهما،
والدرهم ستة دوانيق، والدانق وزن ست حبات، والحبة وزن حبتين من شعير
من أوساط الحب، لا من صغاره ولا من كباره " (2).
70 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الوضوء مد والغسل صاع (3)، وسيأتي أقوام

(1) قوله " التوجه الظاهر أن المراد به النية لأنه توجه قلبي، فيدل على التكبير
التزاما، لأنها لا تعتبر الا إذا كانت مقارنة له، ويمكن أن يراد به التكبير، إذ به يتوجه
إلى الصلاة فيفهم النية بالالتزام إذ لا يعتبر شئ من اجزاء الصلاة الا بالنية، ويمكن تعميم
الدعاء بحيث يشمل القراءة والتشهد والتسليم إذ لا يخلو شئ منها من الدعاء والمراد بالوقت
معرفته (المراد).
(2) الوضوء بفتح الواو والغسل بكسر الغين أي ماء الوضوء وماء الغسل. ولو قرء بالضم
لم يكن بد من تقدير المضاف أي ماء الوضوء وماء الغسل (مراد).
(3) فيصير مقدار الصاع مائة ألف وثمانمائة شعيرة، وعلى المشهور الصاع أربعة أمداد
وكل مد رطلان وربع رطل عراقي وكل رطل مائة وستون درهما وكل درهم ثمانية وأربعون
شعيرا، فيكون مقدار المد أربعة عشر ألفا وأربعين شعيرا متوسطا، فمقدار الصاع على المشهور
ستة وخمسون ألفا ومائة وستون شعيرا (سلطان). وفيه وهم فتأمل.
34

بعدي يستقلون ذلك (1) فأولئك على خلاف سنتي، والثابت على سنتي معي في حظيرة
القدس ".
71 - وسئل أبو الحسن الرضا عليه السلام: " عن رجل احتاج إلى الوضوء للصلاة
ولم يقدر على الماء فوجد ماء بقد ما يتوضأ به بمائة درهم، هل يجب عليه أن
يشتريه ويتوضأ به، أو يتيمم؟ فقال: بل يشتري، قد أصابني مثل ذلك فاشتريت
وتوضأت وما يسوءني بذلك مال كثير " (2).
72 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " اغتسل رسول الله صلى الله عليه وآله هو زوجته من خمسة
أمداد من اناء واحد، فقال له زارة: كيف صنع؟ فقال: بدأ هو فضرب يده في الماء
قبلها فأنقى فرجه، ثم ضربت هي فأنقت فرجها، ثم أفاض هو أفاضت هي على
نفسها حتى فرغا، وكان الذي اغتسل به النبي صلى الله عليه وآله ثلاثة أمداد والذي اغتسلت
به مدين (3) وإنما أجزأ عنهما لأنهما اشتركا فيه جميعا، ومن انفرد بالغسل وحده
فلابد له من صاع " (4).

(1)
استقله: عده قليلا. أي يعدون الصاع للغسل والمد للوضوء قليلا.
(2) قوله: " ما يسوءني - الخ " لفظه " ما " نافية أي ما يسوءني بذلك الشراء اعطاء
مال كثير وهو الثمن، ويمكن أن يكون " ما " استفهامية أي أي شئ يسوءني بذلك الشراء،
فمال كثير خبر مبتدأ محذوف أي الذي اشتريته مال كثير، وفى بعض النسخ " وما يشترى
بذلك " فما موصولة أي الذي يشترى بذلك وهو ماء الوضوء مال كثير وبمنزلته لكثرة نفعه.
وفى بعضها " ما يسرني " ببذل ذلك الثمن مال كثير شريته، أو الذي يسرني
بذلك الشراء شراء مال كثير (مراد) وقال سلطان العلماء: " يحتمل كون " ما " نافية أي لا
يسرني عوض هذا الوضوء مال كثير ويحتمل كونها موصولة والمعنى مثل نسخة " ما يشترى ".
(3) لعل وجهه أن كل واحد من الشريكين يضيق في الماء على نفسه ليوسع على الاخر،
ولأنه قد يضيع بعض الماء في الاغتسال فعند الاجتماع بنقص عن الجميع بخلاف الانفراد، و
لان في الاجتماع بركة ليست في الانفراد (مراد).
(4) هذا من تتمة الحديث ولعله قصد (ع) به الجمع بين مضمون الحديث السابق وبيان
ما ذكر، ويمكن أن يقال: بناء هذا الكلام على أن الماء الذي اغتسل منه ينبغي أن يكون
صاعا وان لم يكن المستعمل منه بقدر الصاع وذلك لعدم انفعال هذا القدر انفعالا كثيرا عن
ضرب اليد فيه والاغتراف منه، سواء كان المغترف واحدا أو متعددا، بخلاف ما كان أقل منه،
نظيره الكر بالنسبة إلى النجاسة، وعلى هذا لا حاجة في توجيه ما يقال هنا: " ان المدين لا يكاد
يبلغه الوضوء " إلى أن يقال بدخول ماء الاستنجاء فيه، وكذا الغسل لكن هذا خلاف المشهور
والمشهور أن المستعمل ينبغي أن يكون ذلك المقدار وهو الظاهر وحينئذ يكون مفاد الحديث
أن ذلك مختص بحالة الانفراد، والله أعلم (سلطان).
35

ولابد للوضوء من ثلاثة أكف [ملاء] من ماء: كف للوجه، وكفان للذراعين
فمن لم يقدر إلا على مقدار كف واحد فرقه ثلاث فرق.
73 - وقال الصادق عليه السلام: " إن الرجل ليعبد الله أربعين سنة وما يطيعه في
الوضوء، لأنه يغسل ما أمر الله عز وجل بمسحه ".
باب
* (صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله) *
74 - قال أبو جعفر الباقر عليه السلام: " ألا أحكي لكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله
فقيل له: بلى، فدعا بقعب (1) فيه شئ من ماء فوضعه بين يديه، ثم حسر عن
ذراعيه، ثم غمس فيه كفه اليمنى، ثم قال: هذا إذا كانت الكف طاهرة (2)،
ثم غرف ملأها ماء، ثم وضعه على جبهته (3) وقال: " بسم الله " وسيله على أطراف
لحيته، ثم أمر يده على وجهه وظاهر جبينيه (4) مرة واحدة، ثم غمس يده اليسرى
فغرف بها ملأها، ثم وضعه على مرفقه اليمنى فأمر كفه على ساعده حتى جرى

(1) القعب: قدح من خشب. والحسر: الكشف.
(2) يحتمل أن يكون هذا لتنجس الماء القليل بملاقات النجاسة، أو لوجوب طهارة أعضاء
الوضوء، فلا يمكن الاستدلال به على أحد المطلبين. (سلطان).
(3) في بعض النسخ " على جبينه " وفى الكافي ج 3 ص 25 " وسدله " مكان " وسيله ".
(4) في بعض النسخ " ظاهر جبهته " وفى بعضها " ظاهر جبينه " كما في الكافي.
36

الماء على أطراف أصابعه، ثم غرف بيمينه ملأها فوضعه على مرفقه الأيسر فأمر
كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه، ومسح على مقدم رأسه وظهر
قدميه ببلة بقية مائة " (1).
75 - وروي " أن رسول الله صلى الله عليه وآله توضأ، ثم مسح على نعليه (2) فقال له
المغيرة: أنسيت يا رسول الله؟ قال: بل أنت نسيت (3) هكذا أمرني ربي " (4).

(1) كذا في جميع النسخ ولكن في طبع النجف والكافي " ببلة يساره وبقية بلة يمناه "
وقال العلامة المجلسي - رحمه الله -: حمل هذا الكلام على اللف والنشر المرتب يقتضى
مسحه (ع) رأسه بيساره وهو في غاية البعد، وحمله على المشوش أيضا بعيد. وذكر
البقية في اليمنى دون اليسرى لا يساعده، فالأظهر أن يكون قوله: " ببلة يساره " مع ما عطف
عليه من متعلقات مسح القدمين فقط، وعود القيد إلى كلا المتعاطفين غير لازم كما في قوله تعالى:
" فوهبنا له اسحق ويعقوب نافلة " فان النافلة ولد الولد. وحينئذ في ادراج لفظ البقية
اشعار بأنه (ع) مسح رأسه بيمناه (المرآة).
(2) يمكن أن يكون الممسوح محذوفا أي مسح قدميه حال كونه (ع) على نعليه، فلا ينافي استيعاب المسح لظاهر القدم طويلا، ولعل النعل لم يكن له شسع يمنع ذلك فيكون اعتراض
المغيرة لتوهمه أن ما فعله صلى الله عليه وآله وقع سهوا، وعبر عن خطأ المغيرة بالنسيان للمشاكلة (مراد)
وقال سلطان العلماء: " يحتمل أن يكون المراد أنت نسيت أنى رسول الله وكلما فعلته فهو
بحكم الله وأمره. فلا يحتاج في تصحيح نسبة النسيان إلى المغيرة إلى تكلف المشاكلة ".
(3) نسبة النسيان إليه صلى الله عليه وآله كان باعتبار أنه زعم أن النبي صلى الله عليه وآله كان يغسل رجليه في
الوضوء فإذا رآه لم يخلع نعليه ومسح على ظاهر رجليه تعجب فاعترض عليه فأجاب صلى الله عليه وآله بنسبة
النسيان إليه وقال: أنت توهمت ذلك وأنا أمسح في الوضوء دائما كما أمرني ربى.
(4) اعلم أن هذا الخبر رواه أبو داود في سننه وأحمد في مسنده باسنادهما عن المغيرة
ابن شعبة وفيهما " مسح على الخفين " مكان " مسح على نعليه " والنعل العربي لا يمنع من
وصول الماء إلى ظاهر الرجل بقدر ما يجب بخلاف الخف. ومع قطع النظر عن ضعف السند
- وكون المغيرة من دهاة الناس وقول قبيصة بن جابر في حقه " لو أن مدينة له ثمانية أبواب
لا يخرج من باب الا بمكر لخرج المغيرة من أبوابها كلها " - مسح الخفيه مخالف لصريح
قوله تعالى " وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم " لاقتضائه فرض المسح على الأرجل. ونقل الصدوق
رحمه الله هذه الرواية ردا على قول من قال بوجوب الغسل للرجلين وليس مراده جواز المسح مع
الحائل كما هو ظاهر قوله في الهداية حيث قال: " ومن غسل الرجلين فقد خالف الكتاب والسنة
ومن مسح على الخفين فقد خالف الكتاب: والسنة ".
37

76 - وقال الصادق عليه السلام: " والله ما كان وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله إلا مرة مرة.
وتوضأ النبي صلى الله عليه وآله مرة مرة، فقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به " (1).
فأما الاخبار التي رويت في أن الوضوء مرتين مرتين:
77 - فأحدها بإسناد منقطع يرويه أبو جعفر الأحول ذكره عمن رواه عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: " فرض الله الوضوء واحدة واحدة ووضع رسول الله صلى الله عليه وآله
للناس اثنتين اثنتين " (2).
وهذا على جهة الانكار، لا على جهة الاخبار، كأنه عليه السلام يقول: حد الله
حدا فتجاوزه رسول الله صلى الله عليه وآله وتعداه (3) وقد قال الله تعالى: " ومن يتعد حدود الله
فقد ظلم نفسه ".
78 - وقد روي " أن الوضوء حد من حدود الله ليعلم الله من يطيعه ومن

(1) قال المصنف فالهداية: " الوضوء مرة مرة وهو غسل الوجه واليدين، ومسح
الرأس والقدمين، ومن توضأ مرتين مرتين لم يوجر، ومن توضأ ثلاثا فقد أبدع ".
(2) يمكن الجمع بين الخبر السابق وهذا الخبر اما بأن تحمل المرة على أقل الواجب
والمرتين على الاستحباب كما عليه الأكثر، واما بان تحمل المرتين على من لا يكفيه المرة
كما جمع الكليني (ره) في الكافي ج 3 ص 27) واما بأن يحمل الاثنتين على الغسلتين و
المسحتين كما قاله الشيخ البهائي - رحمه الله - وقال المولى مراد التفرشي: قوله " وضع
رسول الله صلى الله عليه وآله " يمكن أن يكون المعنى وضع وجوبهما عنهم ليسهل عليهم وينتفعوا بذلك
وتعدية الوضع باللام قرينة كونه للتخفيف دون التثقيل ومعنى رفعه عنهم ان الله ببركته سهل
عليهم الامر ووضع عنهم التكرار كما يجئ في تخفيف الصلاة من الخمسين إلى الخمس.
(3) أي كيف يمكن ذلك مع أن الله يقول.. الآية " وهذا البيان غريب جدا.
38

يعصيه. وأن المؤمن لا ينجسه شئ (1) وإنما يكفيه مثل الدهن " (2).
79 - وقال الصادق عليه السلام: " من تعدى في وضوئه كان كناقضه " (3).
80 - وفي ذلك حديث آخر باسناد منقطع رواه عمر بن أبي المقدام قال:
" حدثني من سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: إني لأعجب ممن يرغب أن يتوضأ
اثنتين اثنتين وقد توضأ رسول الله صلى الله عليه وآله اثنتين اثنتين، فإن النبي صلى الله عليه وآله كان يجدد
الوضوء لكل فريضة ولكل صلاة ".
فمعنى الحديث هو اني لأعجب ممن يرغب عن تجديد الوضوء وقد جدده
النبي صلى الله عليه وآله، والخبر الذي روي " أن من زاد على مرتين لم يؤجر " يؤكد ما
ذكرته (4) ومعناه أن تجديده بعد التجديد لا أجر له (5) كالاذان، من صلى الظهر

(1) يعنى لا ينجسه شئ من الاحداث بحيث يحتاج إلى صب الماء الزائد في
ازالته.
(2) لما بين - رحمه الله - بالآية الشريفة أن من تعدى حدا من حدود الله تعالى فهو
ظالم لنفسه أراد أن يبين أن الوضوء حد من حدود الله تعالى ليثبت أن من تعدى تعدى حدا
من حدود الله فيكون ظالما وليس غرضه الاستشهاد بذيل الخبر لان كفاية الدهن لا ينافي
استحاب تكرار الغسل في وضوئه، وفى القاموس: الدهن ويضم قدر ما يبل وجه الأرض من
المطر. (مراد) قول " مثل الدهن " أي أقل مراتب الاجزاء أو لدفع وسواس المؤمنين (م ت)
(3) ظاهر التعدي عدم الاتيان به على وجه زاد فيه أم نقص. وقال الفاضل التفرشي: وجه
الشبه بين المتعدى والناقض عدم جواز الدخول به في الصلاة. وفى بعض النسخ " كان كناقصه " بالصاد المهملة فمعنى التعدي الزيادة عليه أي من
زاده على ما شرع كمن نقصه منه في البطلان. (مراد)
(4) يعنى أن المراد بالاثنين التجديد. وفى التأكيد نظر نعم لا ينافيه (سلطان).
(5) لا يخفى جريان هذا التوجيه في الرواية الأولى أيضا وجريان التوجيه السابق
هنا أيضا بأدنى تكلف بأن يكون التعجب من الرغبة إليه لا من الرغبة عنه ويكون قوله:
" وقد توضأ رسول الله صلى الله عليه وآله " من قول الراغب إليه فصار المعنى انى لأعجب ممن رغب إلى
الاثنين قائلا ان رسول الله صلى الله عليه وآله توضأ اثنين، وأقرب التوجيهات حمل التثنية على الغسلتين
والمسحتين كما ذكره الشيخ البهائي (سلطان). وقال التفرشي (ره): " قوله يؤكد
ما ذكرته " لعل وجه التأكيد أن الغسلة الثانية لا أجر لها والزائدة عليها بدعة كما يجئ في
باب حد الوضوء عن المؤلف رحمه الله وهو مضمون مرسلة ابن أبي عمير فلما جعل الزائد
على المرتين مما لا أجر له لا ما هو بدعة علم أن المراد به تجديد الوضوء دون الغسلة ويؤيد
المؤلف (ره) أيضا أن الوضوء في الغسلة مجاز لا يصار إليه الا لدليل، وأما تأنيث اثنتين فكما
يصح بحمل الوضوء على الغسلات يصح بحمله على معناه لكونه عبارة عن الغسلات والمسحات
ولعل الفرق بين ما لا أجر له وما هو بدعة كما وقعا في مرسلة ابن أبي عمير * مع اشتراكهما
في عدم استحقاق الاجر بهما يرجع إلى أن مالا أجر له لم يتعلق به طلب ولم ينه عنه في
نفسه، وما هو بدعة مما نهى عنه ففي الأول لم يأت المكلف بمنكر في نفسه وان أخطأ في
الاتيان به بقصد الطاعة، فيمكن أن يوجر عليه وان لم يستحقه، وفى الثاني أتى بمنكر يستحق
عليه العقاب. وينبغي للمؤلف - رحمه الله - ان يذكر الأحاديث الدالة على التثنية ويجيب عنها منها
ما روى في التهذيب ج 1 ص 22 عن الحسين بن سعيد عن حماد عن يعقوب عن معاوية بن وهب
قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الوضوء فقال: مثنى مثنى " وأيضا روى باسناده عن أحمد
ابن محمد عن صفوان عن أبي عبد الله (ع) قال: " الوضوء مثنى مثنى " وأيضا بسنده عن
زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال: " الوضوء مثنى مثنى من زاد لم يوجر عليه " فلعله - رحمه الله -
اكتفى عنها بالجواب المذكور وهو الحمل على التجديد وشيخنا (ره) حملها على أنه غسلتان
ومستحتان، ليس كما توهمه العامة انه غسلات ومسح - انتهى.
أقول: ما دل عليه الخبران يخاف ما مر في حكاية وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله وحمله
الشيخ (ره) على استحباب التثنية في الغسل. وهو لا يدفع المخالفة عند التحقيق والمتجه
الحمل على التقية لان العامة تنكر الوحدة وتروى في أخبارهم الثلاث ويحتمل أن يراد تثنية
الغرفة على طريق نفى البأس لا اثبات المزية كما حكى عن صاحب المنتقي.
* في التهذيب ج 1 ص 23 بسنده المتصل عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي
عبد الله (ع) قال: " الوضوء واحدة فرض، واثنتان لا يوجر، واثنتان لا يوجر، والثالث بدعة ".
39

والعصر بأذان وإقامتين أجزأه ومن أذن للعصر كان أفضل، والاذان الثالث بدعة لا
أجر له، وكذلك ما روي أن مرتين أفضل معناه التجديد، وكذلك ما روي مرتين
أنه إسباغ.
40

81 - وروي " أن تجديد الوضوء لصلاة العشاء يمحو له والله وبلى والله ".
82 - وروي في خبر آخر " أن الوضوء على الوضوء نور على نور، ومن
جدد وضوءه من غير حدث آخر جدد الله عز وجل توبته من غير استغفار ".
وقد فوض الله عز وجل إلى نبيه عليه السلام أمر دينه ولم يفوض إليه تعدي حدوده.
83 - وقول الصادق عليه السلام: " من توضأ مرتين لم يؤجر ".
يعني به أنه أتى بغير الذي أمر به (1) ووعد الاجر عليه فلا يستحق الاجر
وكذلك كل أجير إذا فعل غير الذي استؤجر عليه لم يكن له أجرة.
باب
* (صفة وضوء أمير المؤمنين عليه السلام) *
84 - قال الصادق عليه السلام: " بينا أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم جالس مع
محمد بن الحنفية إذ قال [له]: يا محمد ائتني بإناء من ماء أتوضأ للصلاة فأتاه محمد بالماء

(1) لعله أراد بالامر ما يشمل أمر الايجاب والندب، فالوضوء الأول مأمور به بأمر
الايجاب فيكون مأجورا عليه، والوضوء الثاني مأمور به بأمر الندب فيوجر، والوضوء الثالث
غير مأمور به مطلقا فلا يوجر عليه، فقد حمل المرتين على المجددتين وعدم الاجر باعتبار
التجديد الثاني الذي بسببه حصلت الاثنينية فيرجع إلى أن التجديد الثاني لا أجر له، و
يمكن أن يراد بالتوضي بالغسلة. (مراد)
وقال بعض المحشين: لا حاجة في توجيه كلام الصدوق (ره) إلى التكلف الذي ارتكبه
الفاضل التفرشي: بل يمكن توجيهه بان المراد من التوضأ مرتين هو التجديد الواحد، وقوله
" بغير الذي امر به " أي أمرا واجبا كما هو المتبادر وقوله " ووعد الاجر عليه " أي على
وجه اللزوم. وقوله " فلا يستحق الاجر " أي أجرا لازما، فلا ينافي كونه مأمورا به على
وجه الندب وايصال النفع إليه من حيث التفضل، وهذا التوجيه في غاية القرب وهو الظاهر
من كلام الصدوق - رحمه الله - أيضا. وهذا المحشى وجه الحديث بذلك أيضا فيما بعد، فينبغي
له حمل كلام الصدوق - رحمه الله - عليه أيضا من غير تكلف فتدبر.
41

فأكفا (1) بيده اليمنى على يده اليسرى (2) ثم قال: " بسم الله وبالله والحمد لله (3)
الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا " قال: ثم استنجى، فقال: " اللهم حصن
فرجي واعفه، واستر عورتي وحرمني على النار " (4). قال: ثم تمضمض فقال:
" اللهم لقني حجتي يوم ألقاك وأطلق لساني بذكرك وشكرك " (5). ثم استنشق
فقال: " اللهم لا تحرم علي ريح الجنة، واجعلني ممن يشم ريحها وروحها
وطيبها " (6). قال: ثم غسل وجهه فقال: " اللهم بيض وجهي يوم تسود فيه
الوجوه ولا تسود وجهي يوم تبيض فيه الوجوه " (7). ثم غسل يده اليمنى فقال:
" اللهم أعطني كتابي بيميني، والخلد في الجنان بيساري (8) وحاسبني حسابا
يسيرا ". ثم غسل يده اليسرى فقال: " اللهم لا تعطني كتابي بيساري، ولا تجعلها
مغلولة إلى عنقي، وأعوذ بك [ربي] من مقطعات النيران ". (9) ثم مسح رأسه فقال:

(1) في بعض النسخ " فأكفاه " كما في التهذيب.
(2) كذا في الكافي ولكن في التهذيب " بيده اليسرى على يده اليمنى ".
(3) في التهذيب " بسم الله والحمد لله " وفى الكافي ابتدأ بالحمد دون ذكر البسملة.
(4) المراد بتحصين الفرج ستره وصونه عن الحرام، وعطف الاعفاف عليه تفسيري،
وعطف ستر العورة عليه من قبيل عطف العام على الخاص فان العورة في اللغة كلما يستحيي
منه. (شرح الأربعين للشيخ البهائي)
(5) قدم في الكافي الاستنشاق عليه المضمضة وقال في دعائه " اللهم أنطق لساني بذكرك واجعلني ممن ترضى عنه " وفى بعض نسخ الكتاب " لساني بذكراك ".
(6) في الكافي " ريحها وطيبها وريحانها ".
(7) بياض الوجه وسواده اما على حقيقتهما أو كنايتان عن بهجة السرور كآبة الحزن. و
إضافة " ال‍ " بالوجوه الظاهر كونها سهوا من الراوي ولا يلائم الآية " يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ".
(8) يعنى براة الخلد في الجنان فحذف المضاف والباء للظرفية. وقيل فيه وجوها اخر
راجع شرح الأربعين للبهائي رحمه الله ذيل الحديث الخامس.
(9) المقطعات أثواب قطعت كالقميص دون مثل الردا، ولما كان الأول أشمل للبدن
كان العذاب به أكثر، وهو مأخوذ من قوله تعالى: " قطعت لهم ثياب من نار ". (مراد)
والمحكى عن بعض اللغويين المقطعات جمع لا واحد له من لفظه وواحدها ثوب.
42

" اللهم غشني برحمتك وبركاتك وعفوك " (1) ثم مسح رجليه فقال: " اللهم ثبتني
على الصراط يوم تزل فيه الاقدام، واجعل سعيي فيما يرضيك عني [يا ذا الجلال
والاكرام] (2).
ثم رفع رأسه فنظر إلى محمد فقال: يا محمد من توضأ مثل وضوئي وقال مثل قولي
خلق الله تبارك وتعالى من كل قطرة ملكا يقدسه ويسبحه ويكبره، فيكتب الله عز
وجل ثواب ذلك له إلى يوم القيامة " (3).
85 - و " كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا توضأ لم يدع أحدا يصب عليه الماء
فقيل له: أمير المؤمنين لم لا تدعهم يصبون عليك الماء؟ فقال: لا أحب أن أشرك
في صلاتي أحدا " (4).
وقال الله تبارك وتعالى: " فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك
بعبادة ربه أحدا ".
86 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " مسح أمير المؤمنين عليه السلام على النعلين ولم يستبطن
الشراكين " (5).
87 - وكان أمير المؤمنين عليه السلام: إذا توضأ قال: " بسم الله وبالله وخير الأسماء لله، وأكبر الأسماء لله،
وقاهر لمن في السماء، وقاهر لمن في الأرض (6)، الحمد لله

(1) " غشني " بالمعجمات وتشديد الشين أي أعطني بها واجعلها شاملة لي.
(2) ما بين القوسين ليس في بغض النسخ ولا في الكافي والتهذيب.
(3) قوله " إلى يوم القيامة " ليس في الكافي، ويمكن أن يكون متعلقا بيكتب أو
بخلق أو بهما وبالأفعال الخمسة على سبيل التنازع وهو الأظهر. (م ت)
(4) إلى هنا رواه الشيخ (ره) في التهذيب ج 1 ص 101 والظاهر أن ما بعده ليس
من الحديث وان قال به بعض.
(5) النعل العربي شراكه في طول، والذي شراكه في العرض يسمى بالبصرى. (م ت)
وقوله: " لم يستبطن الشراكين " أي لم يدخل يده تحتهما وهو لا يستلزم أن يبقى من طول
ظهر القدم شئ لم يمسح لجواز أن يكون الشراك على الطول دون العرض (مراد)
(6) القاهر في أسمائه تعالى هو الغالب على جميع الخلائق.
43

الذي جعل من الماء كل شئ حي، وأحيا قلبي بالايمان، اللهم تب علي وطهرني
واقض لي بالحسنى، وأرني كل الذي أحب، وافتح لي بالخيرات من عندك يا سميع
الدعاء ".
باب
* (حد الوضوء وترتيبه وثوابه) *
88 - قال زرارة بن أعين لأبي جعفر الباقر عليه السلام: " أخبرني عن حد الوجه
الذي ينبغي أن يوضأ الذي قال الله عز وجل، فقال: الوجه الذي قال الله وأمر الله
عز وجل بغسله الذي لا ينبغي لاحد أن يزيد عليه ولا ينقص منه إن زاد عليه لم يؤجر
وإن نقص منه أثم (1) ما دارت عليه الوسطى والابهام من قصاص شعر الرأس إلى
الذقن (2) وما جرت عليه الإصبعان مستديرا فهو من الوجه وما سوى ذلك فليس من
الوجه، فقال له: الصدغ (3) من الوجه؟ فقال: لا، قال زرارة: قلت له: أرأيت ما أحاط

(1) هذه الشرطية مع الشرطية المعطوفة عليها اما مفسرة لقوله: " لا ينبغي لاحد "
واما معترضة بين المبتدأ والخبر واما صلة ثانية للمصول، وتعدد الصلة وان لم يكن مسطورا
في كتب النحو الا أنه لا مانع فيه كالخبر والحال وقد جوزه التفتازاني في حاشية الكشاف عند
قوله تعالى: " فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين " (شرح الأربعين).
(2) في الوافي: " القصاص منتهى منابت شعر الرأس من مقدمه ومؤخره والمراد هنا
المقدم والمستفاد من هذا الحديث أن كلا من طول الوجه وعرضه شئ واحد، وهو ما اشتمل
عليه الإصبعان عند دورانهما بمعنى أن الخط المتوهم من القصاص إلى طرف الذقن - وهو الذي
يشتمل عليه الإصبعان غالبا - إذا ثبت وسطه وأدير على نفسه حتى يحصل شبه دائرة فذلك
القدر الذي يجب غسله، وقد ذهب فهم هذا المعنى عن متأخري أصحابنا سوى شيخنا المدقق
بهاء الملة والدين محمد العاملي - طاب ثراه - فان الله أعطاه حق فهمه كما أعطاه فهم
الكعب. انتهى. أقول: في التهذيب والكافي " ما دارت عليه السبابة والوسطى والابهام ".
والذقن من الانسان مجتمع لحييه من أسفلهما - ثم اعلم أن ما قاله الفيض في بيان الخبر أخذه
من كلام الشيخ البهائي (ره) وهذا بقول المهندس أشبه من قوله الفقيه، والحق أن التعبير
بالدوران في الجملة الأولى بمناسبة تدوير الوجه بتدوير الرأس وأن وضع الإصبعين يوجب توهم
دائرة، وفى الجملة الثانية بملاحظة تدوير الوجه عرفا باستدارة اللحيين إلى الذقن.
(3) الصدغ هو المنخفض بين أعلى الاذن وطرف الحاجب.
44

به الشعر؟ فقال: كلما أحاط به من الشعر فليس على العباد أن يطلبوه ولا يبحثوا
عنه ولكن يجري عليه الماء ".
وحد غسل اليدين من المرفق إلى أطراف الأصابع، وحد مسح الرأس أن
تمسح بثلاث أصابع مضمومة من مقدم الرأس (1)، وحد مسح الرجلين أن تضع كفيك
على أطراف أصابع رجليك وتمدهما إلى الكعبين (2) فتبدأ بالرجل اليمنى في المسح
قبل اليسرى ويكون ذلك بما بقي في اليدين من النداوة من غير أن تجدد له ماء،
ولا ترد الشعر في غسل اليدين ولا في مسح الرأس والقدمين (3).
89 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " تابع بين الوضوء كما قال الله عز وجل إبدأ
بالوجه ثم باليدين، ثم امسح بالرأس والرجلين، ولا تقدمن شيئا بين يدي شئ
تخالف ما أمرت به (4) فإن غسلت الذراع قبل الوجه فابدء بالوجه وأعد على الذراع

(1) المشهور اجزاء المسمى في مسح الرأس وأوجب السيد المرتضى وابن بابويه
- رحمهما الله - ثلاث أصابع مضمومة وتبعهما الشيخ في النهاية (سلطان).
(2) راجع في تحقيق معنى الكعب شرح الأربعين والبحار ج 18 ص 68 الطبع الحجري
والظاهر من هذا الكلام وجوب مسح الرجلين بتمام الكف ويدل عليه صحيح البزنطي عن
الرضا (ع) المروى في الكافي ج 3 ص 30 " قال: سألته عن المسح على القدمين كيف هو؟
فوضع كفه على الأصابع فمسحا إلى الكعبين إلى ظاهر القدم، فقلت: جعلت فداك لو أن
رجلا قال بإصبعين من أصابعه هكذا؟ فقال: لا الا بكفه ". والمشهور الاكتفاء بمسمى
المسح، ويمكن حمل الخبر على الاستحباب عملا بالمشهور المعتضد بالصحاح من الاخبار.
(3) لعل المراد المنع من النكس في المسح بطريق التحريم أو الكراهة، ويحتمل
أن مراده نفى وجوب التخليل أي لا يجب رد الشعر وايصال الماء إلى تحته كما هو مذهب
البعض (سلطان) وفى بعض النسخ " ولا يرد " ضبط بالتخفيف.
(4) قوله (ع): " تخالف ما أمرت به " قال شيخنا البهائي: تخالف بالرفع حال من
فاعل لا تقدمن، ولا يجوز جزمه على أنه جواب النهى لأنه يصير من قبيل " لا تكفر تدخل
النار " وهو ممتنع على المختار انتهى. وأيضا على تقدير الجزم لابد من التقدير أي لا تقدمن
45

وإن مسحت الرجل قبل الرأس فامسح على الرأس ثم أعد على الرجل، إبدأ بما
بدأ الله به ".
وكذلك في الأذان والإقامة، فابدأ بالأول فالأول، فإن قلت: حي على الصلاة
قبل الشهادتين تشهدت ثم قلت حي على الصلاة.
90 - وروي في حديث آخر فيمن بدأ بغسل يساره قبل يمينه " أنه يعيد على
يمينه ثم يعيد على يساره " (1)، وقد روي " أنه يعيد على يساره " (2).
91 - وقال الصادق عليه السلام: " اغسل يدك من البول مرة، ومن الغائط مرتين
ومن الجنابة ثلاثا ".
92 - وقال الصادق عليه السلام: اغسل يدك من النوم مرة " (3).

شيئا أخره الله عز وجل على شئ قدمه. وقال الفيض (ره) قوله " تابع بين الوضوء "
أي اجعل بعض أفعاله تابعا مؤخرا وبعضها متبوعا مقدما من قولهم تبع فلان فلانا إذا مشى
خلفه فيدل على وجوب الترتيب لا على ترك الفصل والانقطاع.
(1) قوله: " روى في حديث آخر " يمكن التوفيق بين الروايتين بحمل الرواية
الأولى على أن التذكر كان بعد غسل اليسار قبل غسل اليمين والثانية على أنه كان بعد غسل
اليدين وحينئذ فاطلاق الإعادة على غسل اليمين اما من باب المشاكلة أو باعتبار أصل الغسل
أي يعيد الغسل كائنا على يمينه وبحمل الأولى على ما إذا كان قد غسل اليمين بقصد أنه المأمور
به على هذا الوجه أي بأن يغسله بعد غسل اليسار وإن كان ساهيا في ذلك، والثانية على أنه
غسله لا من هذه الحيثية بل من حيث إنه جزء الوضوء وإن كان بالغسل الحكمي المستمر
كما في سائر الأجزاء، واما حمل الرواية الأولى على ما إذا غسل اليمين بعد اليسار وقد جف
اليمين فيعيد عليه ففي غاية البعد على أن جفاف الوجه على هذا التقدير أولى حيث توسط
غسل اليسار بين غسله وغسل اليمين فحينئذ ينبغي أن يستأنف الوضوء (مراد).
(2) يعنى أن في حديث آخر أنه لابد لمن غسل يديه بغير ترتيب من إعادة غسلهما جميعا
وقد روى الاكتفاء بغسل اليسار وحدها. (وافى)
(3) ظاهر الاخبار الاستحباب لادخال الاناء لرفع النجاسة الوهمية أو القذارة فلو
توضأ من الإبريق أو الحوض لم يكن مستحبا لاطلاق بعض الأخبار (م ت).
46

ومن كان وضؤوه من النوم ونسي [أن يغسل يده] فأدخل يده الماء قبل أن
يغسلها فعليه أن يصب ذلك الماء ولا يستعمله (1) فإن أدخلها في الماء من حدث البول
والغائط قبل أن يغسلها ناسيا فلا بأس به. إلا أن يكون في يده قذر ينجس الماء (2).
والوضوء مرة مرة، ومن توضأ مرتين لم يؤجر ومن توضأ ثلاثا فقد أبدع،
ومن مسح باطن قدميه فقد تبع وسواس الشيطان (3).
93 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يمسح ظاهر
قدميه لظننت أن باطنهما أولى بالمسح من ظاهرهما " (4).
ومن كان به في المواضع التي يجب عليها الوضوء قرحة أو جراحة أو دماميل ولم
يؤذه حلها، فليحلها وليغسلها، وإن أضر به حلها، فليمسح يده على الجبائر والقروح
ولا يحلها ولا يعبث بجراحته.
94 - وقد روي في الجبائر عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " يغسل ما حولها ".
ولا يجوز المسح على العمامة ولا على القلنسوة ولا على الخفين والجوربين (5) إلا
في حال التقية والخيفة من العدو أو في ثلج يخاف فيه على الرجلين، تقام الخفان
مقام الجبائر فيمسح عليهما.

(1) الظاهر حمله على الاستحباب، ويمكن الحمل على التقية لأنه مذهب كثير من العامة.
(2) قوله ينجس الماء من كلام الصدوق رحمه الله ولم نجده في الرواية نعم ورد الامر
بالاهراق ويفهم منه النجاسة ظاهرا (م ت).
(3) اما لان الشيطان يأمره بخلاف الحق، أو لأنه يأمره بمسح باطن قدميه بأن الباطن
محل التلطخ فهو أولى من الظاهر كما في الخبر عن أمير المؤمنين (ع). (م ت)
(4) الظاهر أنه (ع) قاله مماشاة مع العامة بأني متأس بالنبي صلى الله عليه وآله ولا أعمل بالقياس
والاستحسان ولو كنت أعملها لكنت أقول مثلكم ان الباطن أو لي بالمسح من الظاهر (م ت)
(5) في أكثر النسخ جعل " الجرموقين " نسخة، والجرموق هو خف واسع قصير يلبس
فوق الخف والجمع جراميق كعصافير.
47

95 - وقال العالم عليه السلام (1): " ثلاثة لا أتقي فيها أحدا: شرب المسكر، والمسح
على الخفين، ومتعة الحج " (2)
96 - وروت عائشة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " أشد الناس حسرة يوم القيامة
من رأى وضوءه على جلد غيره " (3).
97 - وروي عنها (4) أنها قالت: " لئن أمسح على ظهر عير (5) بالفلاة أحب إلي
من أن أمسح على خفي ".
ولم يعرف للنبي صلى الله عليه وآله خف إلا خفا أهداه له النجاشي، وكان موضع ظهر
القدمين منه مشقوقا، فمسح النبي صلى الله عليه وآله على رجليه وعليه خفاه، فقال الناس: إنه
مسح على خفيه على أن الحديث في ذلك غير صحيح الاسناد (6).
98 - وسئل موسى بن جعفر عليهما السلام عن الرجل يكون خفه مخرقا فيدخل
يده ويمسح ظهر قدميه أيجزيه؟ فقال: نعم " (7).
99 - وسئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: " عن رجل قطعت يده من المرفق

(1) المراد بالعالم في الاخبار وفى كلام القدماء المعصوم لا الكاظم (ع) فإنه قول من
لا معرفة له، وكذا الفقيه والمراد به الهادي لا الكاظم (ع) ووقع هذا الغلط من بعض المتأخرين
واشتهر بين الفضلاء، والدليل على الغلط رواية الرواة والمراد بالعالم هنا الصادق (ع) لان
الكليني رواه عنه (ع). (م ت)
(2) كأنه عليه السلام أخبر عن نفسه أنه لا يتقى أحدا، ويجوز أن يكون إنما أخبر
بذلك لعلمه بأنه لا يحتاج إلى ما يتقى فيه في ذلك، ولم يقل: لا تتقوا أنتم فيه أحدا. و
هذا وجه ذكره زرارة بن أعين (الاستبصار)
(3) ان هذه الأخبار من طرق العامة ونقلها الصدوق (ره) للرد عليهم وان أمكن
ورودها من طرقنا أيضا من الأئمة عليهم السلام ردا عليهم.
(4) ان هذه الأخبار من طرق العامة ونقلها الصدوق (ره) للرد عليهم وان أمكن
ورودها من طرقنا أيضا من الأئمة عليهم السلام ردا عليهم.
(5) العير: الحمار الوحشي.
(6) رواه أبو داود ج
ص 34 بسند فيه دلهم بن صالح ضعفه ابن معين وقال ابن
حبان وهو منكر الحديث جدا.
(7) ظاهره عدم وجوب الاستيعاب واطلاق الجواب وعدم الاستفصال يدلان عليه. (م ت)
48

كيف يتوضأ؟ قال: يغسل ما بقي من عضده " (1) وكذلك روي في قطع الرجل (2).
وإذا توضأت المرأة ألقت قناعها عن موضع مسح رأسها في صلاة الغداة والمغرب
وتمسح عليه، ويجزيها في سائر الصلوات أن تدخل إصبعها فتمسح على رأسها من غير
أن تلقي [عنها] قناعها (3).
100 - وقال الرضا عليه السلام: " فرض الله عز وجل على الناس في الوضوء أن تبدأ
المرأة بباطن ذراعها، والرجل بظاهر الذراع " (4).
101 - وقال الصادق عليه السلام: " من ذكر اسم الله على وضوئه فكأنما اغتسل " (5).

(1) رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 29 والشيخ في التهذيب ج 1 ص 102 بسند
صحيح، وتدل على أن المرفق محل الغسل أصالة وهو مركب من رأس العظمين أي عظمي
الذراع والعضد فيكون معناه يجب غسل ما بقي من العضدين مما كان يجب غسله وهو جزء
المرفق، ففيها ايماء إلى أن " إلى " في آية الوضوء بمعى " مع " دون انتهاء الغاية (مراد)
وقال سلطان العلماء: فهذه الرواية حينئذ تكون مؤيدة لكون المرفق يجب غسله أصالة لا من باب
المقدمة ويكون " من " تبعيضية.
(2) في الكافي ج 3 ص 29 باسناده عن محمد بن مسلم عن الباقر (ع) قال: " سألته
عن الأقطع اليد والرجل؟ قال تغسلهما ". والمراد بالنسبة إلى الرجل مسحها.
(3) الظاهر أن هذا بطريق الاستحباب ولعل وجهه أن القاء القناع في هذين الوقتين
أسهل اما بناء على أنهما وقتي الانتقال من الليل إلى النهار أو بالعكس والعادة جرت بتغيير
اللباس فيه، واما بناء على الامن من نظر الأجنبي في هذين الوقتين للظلمة والخلوة
غالبا (سلطان).
(4) الفرض في هذا الخبر بمعنى التقدير فيدل على الاستحباب المؤكد لا الوجوب
وإن كان ظاهره الوجوب، والخبر مروى في الكافي ج 3 ص 29 والتهذيب ج 1 ص 21 و
في السند إسحاق بن إبراهيم بن هاشم القمي وهو مجهول، أو مهمل.
(5) أي ثوابه كثواب الغسل. أو أنه لما كان الوضوء سببا لتطهير الأعضاء من السيئات
التي حصلت منها، والغسل لتطهير جميع البدن من الخطيئات فإذا سمى حصل له التطهير من
الجميع كالغسل ويؤيده الخبر الآتي. (م ت)
49

102 - وروي " أن من توضأ فذكر اسم الله طهر جميع جسده، وكان الوضوء
إلى الوضوء كفارة لما بينهما من الذنوب، ومن لم يسم لم يطهر من جسده إلا ما
أصابه الماء ".
103 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: " من توضأ للمغرب كان
وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في نهاره ما خلا الكبائر، ومن توضأ لصلاة الصبح
كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في ليلته إلا الكبائر ".
104 - وقال رسول الله صلى الله عليه آله: " افتحوا عيونكم عند الوضوء لعلها لا ترى
نار جهنم " (1).
105 - وقال الصادق عليه السلام: " من توضأ وتمندل كتب [الله] له حسنة، ومن توضأ
ولم يتمندل حتى يجف وضوؤه كتب [الله] له ثلاثون حسنة " (2).
وبأس بأن يصلي الرجل بوضوء واحد صلوات الليل والنهار كلها ما لم يحدث
وكذلك بتيمم واحد ما لم يحدث أو يصب ماء (3).

(1) يفهم منه استحباب فتح العين عند الوضوء ولا يفهم ايصال الماء إلى العين كما روى
النهى عنه وأن ابن عباس عمى بسببه لان فتح العين أعم من ايصال الماء إليها، ويمكن أن يكون
لملاحظة ايصال الماء إلى الجوارح أو يكون تعبدا على تقدير صحته. (م ت)
(2) استدل به على كراهة تجفيف الوضوء - بالفتح - أي ماء الوضوء بالمنديل وهو
في محله لأنه مما يقل الثواب ولا يعاقب فاعله عليه، وقد يعم الكراهة بحيث يشمل
التجفيف بمسح غير المنديل بل التجفيف بالنار والشمس وهو يناسب القول بالقياس مع ظهور
الفرق في الاحتمال الثاني. (مراد) (3) قوله " يصب ماء " بالجزم كما في أكثر النسخ عطفا على " يحدث " ليكون
المنفى أحد الامرين أي القدر المشترك بينهما ليلزم منه انتفاء كل واحد منهما
لظهور أن بقاء التيمم مشروط بانتفاء الحدث وإصابة الماء جميعا دون أن يقدر الجازم
في " يصب " ليكون الترديد في النفي حتى يفيد اشتراط بقائه بأحد النفيين فيلزم منه
لو تحقق عدم الحدث بقي التيمم سواء تحقق إصابة الماء أم لا، وكذا بقي بعدم إصابة الماء
سواء تحقق الحدث أم لا. وفى بعض النسخ " يصيب " بالرفع باطل لافادته الترديد بين
50

106 - وقال الصادق عليه السلام: " إذا توضأ الرجل فليصفق وجهه بالماء فإنه إن
كان ناعسا فزع واستيقظ، وإن كان البرد فزع فلم يجد البرد " (1).
فإذا كان مع الرجل خاتم فليدوره (2) في الوضوء، ويحوله عند الغسل.
107 - وقال الصادق عليه السلام: " وإن نسيت حتى تقوم من الصلاة فلا آمرك أن
تعيد ".
وإذا استيقظ الرجل من نومه ولم يبل فلا يدخل يده في الاناء حتى يغسلها فإنه
لا يدري أين باتت يده (4).
وزكاة الوضوء أن يقول المتوضي: " اللهم إني أسألك تمام الوضوء وتمام الصلاة

عدم لحدث وإصابة الماء فيكون كل منهما موجبا لبقائه فيكون إصابة الماء موجبا بقاء
التيمم تحقق الحدث أم لا ومثله عبارة الشرايع في ماء الاستنجاء فإنه طاهر ما لم يتغير بالنجاسة أو
تلاقه نجاسة من خارج. (مراد)
(1) التصفيق: الضرب الشديد الذي يسمع له صوت. وقوله " ناعسا " وكذا " وإن كان
البرد " يشعر ان باختصاص التصفيق بالحالين فلا ينافي ما في الكافي ج 3 ص 28 والتهذيب
ج 1 ص 102 من حديث عبد الله بن المغيرة عن السكوني عن الصادق عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا تضربوا وجوهكم بالماء ضربا إذا توضأتم ولكن شنوا الماء
شنا " والشن التفريق فيحمل التصفيق على جوازه والشن على غيرهما كما قال التفرشي
وجمع الشيخ بينهما بحمل التصفيق على جوازه والشن على أنه الأولى، وقد يحمل أحدهما
على الندب والاخر على الجواز.
(2) التدوير: التحويل وفى نسخة " فليدره " والتدوير محمول على أن لا يكون الخاتم
مانعا من وصول الماء. وكلام المؤلف مضمون خبر في الكافي ج 3 ص 45.
(3) ذلك لان مرجعه إلى الشك بعد الفراغ ولا يعتد به.
(4) كما في خبر عبد الكريم بن عتبة عن الصادق (ع) في الكافي ج 3 ص 11 و
التهذيب ج 1 ص 12 وحمله الشيخ على الاستحباب دون الوجوب. وفيهما وفى العلل زاد في
آخره " فيغسلهما ".
51

وتمام رضوانك والجنة " فهذا زكاة الوضوء (1).
* (باب السواك) *
108 - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ما زال جبرئيل عليه السلام يوصيني بالسواك حتى
خشيت أن احفى أو ادرد (2)، وما زال يوصيني بالجارة حتى ظننت أنه سيورثه، وما زال
يوصيني بالمملوك حتى ظننت أنه سيضرب له أجلا يعتق فيه ".
وفي خبر آخر " وما زال يوصيني بالمرأة حتى ظننت أنه لا ينبغي طلاقها ".
109 - وقال الصادق عليه السلام: " نزل جبرئيل عليه السلام بالسواك والحجامة
والخلال " (3).
110 - وقال موسى بن جعفر عليهما السلام: " أكل الأشنان يذيب البدن، والتدلك
بالخزف يبلي الجسد، والسواك في الخلاء يورث البخر " (4).
111 - وقال الصادق عليه السلام: " أربع من سنن المرسلين: التعطر، والسواك،
والنساء، والحناء ".

(1) المراد بزكاة الوضوء ما يوجب خلوصه كما أن زكاة المال توجب خلوص الباقي
منه، وبتمام الوضوء جعله وضوءا كاملا أي أن يثيب عليه ثواب الوضوء الكامل وكذا بتمام
الصلاة. (مراد)
(2) هما رقة الأسنان وتساقطها، وفى الصحاح " رجل أدرد: ليس في فمه سن، بين
الدرد، والأنثى درداء وفى الحديث " أمرت بالسواك حتى خفت لادردن " أراد بالخوف الظن
والعرب تذهب بالظن مذهب اليقين فتجاب بجوابها فيقولون " ظننت لعبد الله خير منك ". وفى
النهاية: في الحديث " لزمت السواك حتى خشيت حتى خشيت أن يدردنى " أي يذهب بأسناني، والدرد
سقوط الأسنان.
(3) أي بحكمها أو استحبابها أو بآلاتها مع حكمها. (م ت)
(4) " كل الأشنان، كأنهم كانوا يأكلونه لدفع رطوبات المعدة (م ت) والبخر
بالتحريك -: النتن في الفم وغيره.
52

112 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " إن أفواهكم طرق القرآن فطهروها
بالسواك ".
113 - وقال النبي صلى الله عليه وآله في وصيته لعلي عليه السلام: " يا علي عليك بالسواك عند
وضوء كل صلاة ".
114 - وقال عليه السلام: " السواك شطر الوضوء ".
115 - وقال الصادق عليه السلام (1): لما دخل الناس في الدين أفواجا أتتهم
الأزد (2): أرقها قلوبا، وأعذبها أفواها، فقيل: يا رسول الله هذا أرقها قلوبا
عرفناه فلم صارت أعذبها أفواها؟ فقال: إنها كانت تستاك في الجاهلية ".
116 - وقال عليه السلام: " لكل شئ طهور، وطهور الفم السواك ".
117 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يكثر السواك وليس
بواجب فلا يضرك تركه في فرط الأيام " (4).
ولا بأس أن يستاك الصائم في شهر رمضان أي النهار شاء (5). ولا بأس بالسواك

(1) لعله سقط من العبارة شئ وهو " قال رسول الله صلى الله عليه وآله " كما كان في العلل
باب 277.
(2) الأزد: حي من اليمن يقال: أزد شنوءة، وأزد عمان، وأزد السراة.
(3) أي بما رأيناهم من الميل إلى الدين والتقوى والبكاء. (سلطان)
(4) يقال: آتيك فرط يوم أو يومين أي بعدهما، ولقيته، الفرط بعد الفرط أي الحين
بعد الحين. (النهاية)
(5) أي أي وقت من النهار شاء. وقيل بالكراهة في أواخره بالرطب سواء كان بالخشبة
الرطبة أو بترطب الخشبة
والخرقة، لكن المشهور الاستحباب كما قاله الصدوق لكن ينبغي
أن يحتاط في أن لا يبتلع الرطوبة الخارجة سواء كان من السواك أو من ماء الفم إذا أخرجه
وأدخله فإنه يحرم ابتلاع ماء الفم بعد الخروج على المشهور، وقيل بوجوب كفارة الجمع،
وكذا في غير الصوم أيضا يحتاط في عدم ابتلاع مائه لان الغالب في التحريك أن يخرج ماء
الفم ويدخل وان لم نجزم بالتحريم لأنهم كانوا يستاكون كثيرا ولم يبلغ إلينا وجوب المج
مع أنه عام البلوى، ولو كان واجبا لوصل إلينا، لكن يلزم من كلام الأصحاب ذلك لأنهم
قالوا بحرمة فضلات الانسان من النخامة والبصاق مع الخروج من الفم وغيرهما فالاحتياط
التام في المج. (م ت)
53

للمحرم، ويكره السواك في الحمام لأنه يورث وباء الأسنان، والسواك من الحنيفية
وهي عشر سنن: خمس في الرأس وخمس في الجسد، فأما التي في الرأس فالمضمضة،
والاستنشاق، و السواك، وقص الشارب (1) والفرق لمن طول شعر رأسه، ومن لم يفرق
شعر رأسه فرقه الله يوم القيامة بمنشار من نار (2).
وأما التي في الجسد: فالاستنجاء، والختان (3)، وحلق العانة، وقص الأظفار
ونتف الإبطين (4).
118 - وقال الباقر الصادق عليهما السلام: " صلاة ركعتين بسواك أفضل من سبعين
ركعة بغير سواك ".
119 - وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام في السواك: " لا تدعه في كل ثلاثة أيام
ولو أن تمره مرة واحدة ".
120 - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " اكتحلوا وترا، واستاكوا عرضا " (5).
121 - وترك الصادق عليه السلام: " السواك قبل أن يقبض بسنتين وذلك أن
أسنانه ضعفت ".

(1) روى المؤلف في الخصال ص 271 بمضمون كلامه هذا خبرا عن موسى بن جعفر
عليهما السلام وليس فيه قوله " ومن لم يفرق - الخ "
(2) الفرق يكون لمن اتخذ شعرا مستحبا والرواية بأنه " إذا لم يفرقه فرق بمنشار
من نار " محمول على شدة الاستحباب أو على ترك اعتقاد المشروعية أو أنه يمنع المسح في
الوضوء على البشرة. (كنز العرفان)
(3) الختان قبل البلوغ استحبابا وبعده واجبا مطلقا.
(4) لعل المقصود إزالة شعرها وذكر الحلق مبنى على أن النورة لم تكن في زمن
إبراهيم عليه السلام بل كانت إزالة شعرها بالحلق وكذا الكلام في نتف الإبطين. (مراد)
(5) " عرضا " أبأن يمر السواك على عرض الأسنان.
54

122 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام " عن الرجل يستاك
مرة بيده إذا قام إلى صلاة الليل وهو يقدر على السواك، [ف‍] قال: إذا خاف الصبح فلا
بأس به ".
123 - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند
وضوء كل صلاة ".
124 - وروي " لو علم الناس ما في السواك لأباتوه معهم في لحاف ".
125 - وروي " أن الكعبة شكت إلى الله عز وجل ما تقلى من أنفاس المشركين
فأوحى الله تعالى إليها قري يا كعبة، فإني مبدلك بهم قوما يتنظفون بقضبان الشجر
فلما بعث الله عز وجل نبيه محمدا صلى الله عليه وآله نزل عليه الروح الأمين جبرئيل عليه السلام
بالسواك ".
126 - وقال الصادق عليه السلام: " في السواك اثنتا عشرة خصلة: هو من السنة،
ومطهرة للفم، ومجلاة للبصر، ويرضي الرحمن، ويبيض الأسنان، ويذهب بالحفر (1)،
ويشد اللثة، ويشهي الطعام، ويذهب بالبلغم، ويزيد في الحفظ، ويضاعف الحسنات،
وتفرح به الملائكة ".
باب
* (علة الوضوء) *
127 - " جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسألوه عن مسائل فكان فيما
سألوه أخبرنا يا محمد لأي علة توضئ هذه الجوارح الأربع وهي أنظف المواضع في
الجسد (2)؟ قال النبي صلى الله عليه وآله: لما أن وسوس الشيطان إلى آدم عليه السلام دنا من الشجرة

(1) الحفر: صفرة تعلو الأسنان. (القاموس)
(2) لعل المراد أن في الجسد مواضع هي - أي المواضع الأربعة التي هو الوجه واليدان
من المغسولة والرأس والرجلان من الممسوحة - أنظف منها فتلك المواضع وهي ما قرب من
الفرجين بالغسل والمسح أولى لأنها كثيرا ما يكتسب النجاسة منهما وهذا القدر كاف في السؤال
ولا تحتاج إلى أن يكون هذه الجوارح أنظف من جميع الأعضاء ليرد أن الرجل مثلا ليس
أنظف من الصدر. (مراد)
55

فنظر إليها فذهب ماء وجهه (1)، ثم قام ومشى إليها وهي أول قدم مشت إلى الخطيئة
ثم تناول بيده منها ما عليها، فأكل، فطار الحلي والحلل من جسده فوضع
آدم يده على أم رأسه وبكى، فلما تاب الله عز وجل عليه فرض الله عليه وعلى
ذريته تطهير هذه الجوارح الأربع. فأمر الله عز وجل بغسل الوجه لما نظر إلى
الشجرة، وأمره بغسل اليدين إلى المرفقين لما تناول بهما، وأمره بمسح الرأس لما
وضع يده على أم رأسه، وأمره بمسح القدمين لما مشى بهما إلى الخطيئة ".
128 - وكتب أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام إلى محمد بن سنان فيما
كتب من جواب مسائله " أن علة الوضوء التي من أجلها صار على العبد غسل الوجه
الذراعين ومسح الرأس والقدمين فلقيامه (3) بين يدي الله تعالى، واستقباله إياه بجوارحه الظاهرة، وملاقاته بها الكرام الكاتبين (4) فيغسل الوجه للسجود والخضوع

(1) لعل المراد أنه لما نظر إلى الشجرة نظر ميل ورغبة شبيه ميل العاصي إلى المنهى
عنه في أن الأولى واللائق بحاله الاحتراز عنه، تغير لون وجهه استحياء عن ارتكاب ذلك وذلك
هو المراد بالخطيئة. (مراد)
(2) استعارة تبعية حيث شبة ذهاب الحلى والحلل بسرعة طيران الطائر.
(3) حق العبارة قيامه بدون ذكر الفاء وللأم ليكون خبرا عن " ان " لكن لما كان
الكلام جواب سائل صار المقام مقام التفصيل فكأنه قال: أما أن المتوضى يغسل الوجه واليدين
ويمسح الرأس والرجلين فليقامه - الخ. والظاهر أن المراد بالقيام القيام في الصلاة، و
كونه بين يدي الله تمثيل فشبه حال من له القيام في الصلاة والتضرع وينقطع إليه. وأطلق
اللفظ الموضوع للمشبه به على المشبه كما هو شأن التمثيل. (مراد)
(4) لان تلك الجوارح هي محل ملاقاة الانسان في المصافحة وغيرها سواء أريد بالملاقاة
الملاقاة في الصلاة فان المصلى نزل نفسها منزلة الملاقى المتضرع، أو الملاقاة يوم القيامة
عند اتيان الكتاب (مراد).
56

ويغسل اليدين ليقلبهما ويرغب بهما ويرهب ويتبتل (1)، ويمسح الرأس القدمين
لأنهما ظاهران مكشوفان، يستقبل بهما كل حالاته، وليس فيهما من الخضوع
والتبتل ما في الوجه والذراعين ".
باب
* (حكم جفاف بعض الوضوء قبل تمامه) *
قال أبي رضي الله عنه في رسالته إلي (2): إن فرغت من بعض وضوئك وانقطع
بك الماء من قبل أن تتمه فأتيت بالماء فتمم وضوءك إذا كان ما غسلته رطبا، وإن
كان قد جف فأعد وضوءك، وإن جف بعض وضوئك (3) قبل أن تتم الوضوء من غير
أن ينقطع عنك الماء فاغسل ما بقي، جف وضوؤك أو لم يجف.

(1) الرغبة السؤال والطلب، والرهبة: الخوف والفزع. والتبتل: الانقطاع إلى
عبادة الله واخلاص العمل له وأصله من بتلت الشئ أي قطعته ومنه البتول لانقطاعها إلى
عبادة الله عز وجل. وقال الفاضل التفرشي: قوله " ليقلبهما " القلب هو التحويل ولعل المراد أن المصلى
يحولهما في الصلاة من مكان ويجعلهما بحيال وجهه في القنوت والحاصل أن كثيرا
من أفعال الصلاة يتأتى بهما فينبغي أن تغسلا.
(2) لما كان الصدوق - رحمه الله - سافر في طلب الحديث بعد أن كان في قم وروى
عن مشايخه خصوصا عن أبيه وكتب أبوه علي بن الحسين إليه رسالة ليعمل الصدوق عليه اما
بسؤاله أو تبرعا ولما كان الرسالة من الأخبار الصحيحة التي وصل إلى الصدوق يذكر أحيانا
من الرسالة تيمنا وتركا. (م ت)
(3) قوله " وان جف بعض وضوئك " ينبغي أن يقرء الوضوء هنا بفتح الواو وهو
ماء الوضوء والفرق بين المسئلتين وجود المتابعة في الافعال في الثانية دون الأولى فيظهر
منه أن تحقق أحد الامرين أي مراعاة عدم الجفاف والتتابع كاف في صحة الوضوء. (مراد)
قوله " فأعد وضوءك " لأنه مع حصول الجفاف فاتت المتابعة وأيضا من حيث انقطاع الماء وانتظار
حصوله وما بينهما من التراخي غالبا بخلاف ما سيذكر من الجفاف بدون انقطاع الماء فإنه لم
يفت فيه المتابعة وان حصل الجفاف فيكون أحد الامرين بزعمه كافيا (سلطان).
57

باب
* (فيمن ترك الوضوء أو بعضه أو شك فيه) *
129 - قال أبو جعفر عليه السلام: " لا صلاة إلا بطهور " (1).
130 - وروي " أن رجلا من الأحبار (2) أقعد في قبره فقيل له: إنا جالدوك
مائة جلدة من عذاب الله عز وجل، قال: لا أطيقها، فلم يزالوا به (3) حتى ردوه إلى
واحدة فقال: لا أطيقها، فقالوا: لابد منها، قال: فبما تجلدونيها؟ قالوا: نجلدك بأنك
صليت يوما بغير وضوء (4)، ومررت على ضعيف فلم تنصره (5) فجلدوه جلدة من

(1) المشهور أن الطهور - بالضم - هو الطهارة وبالفتح ما يطهر به، فان قرء الحديث
هنا بالضم فالظاهر أنه لا يصح الصلاة الا بالطهارة، وان قرء بالفتح فالظاهر منه أنه لا يجب
الصلاة الا مع وجود ما يتطهر به فلا صلاة مع فاقد الطهورين (سلطان). وقال التفرشي:
قوله " لا صلاة الا بطهور " أي لا صلاة صحيحة الا صلاة مقرونة بطهور، والقصر إضافي بالنسبة
إلى عدم الطهور فيستفاد منه اشتراطها بالطهور. ومن يقدر الكمال في الافعال الشرعية المدخولة
للنفي أي لا صلاة كاملة لم يفهم الشرطية عنده من هذا الحديث والحاجة إلى التقدير على
تقدير أن يكون الفعل الشرعي هو الهيئة المخصوصة، وأما إذا كان عبارة عن المعتبر شرعا
فلا، لصحة ارجاع النفي حينئذ إلى نفس المهية المعتبرة. انتهى.
(2) الأحبار جمع حبر - بالكسر أو الفتح - ففي الصحاح عن الأصمعي قال: لا أدرى
هو الحبر - بالكسر - أو الحبر - بالفتح - للرجل العالم. والحمل على أحبار اليهود غير
مناسب هنا. (مراد)
(3) الا يزالون ينقصون منه.
(4) الظاهر أن الرجل حضر جماعة المسلمين وصلى معهم أو عندهم بدون وضوء عامدا
للتظاهر والا فكيف يتصور كونه منفردا في بيته يصلى بدون الوضوء الا أن يكون مجنونا والمجنون
مرفوع عنه. ويمكن أن يكون صلى معهم بدون الوضوء ثم أعاد مع الوضوء، فيدل الخبر
على حرمة الصلاة بغير وضوء.
(5) يدل على وجوب نصرة الضعيف كما هو ظاهر من الآيات والاخبار.
58

عذاب الله تعالى فامتلأ قبره نارا ".
131 - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " ثمانية لا يقبل الله لهم صلاة العبد الآبق حتى
يرجع إلى مولاه، والناشز عن زوجها، وهو عليها ساخط (2)، ومانع الزكاة، وإمام
قوم يصلي بهم وهم له كارهون (3)، وتارك الوضوء، والمرأة المدركة تصلي بغير خمار،
والزبين (4) وهو الذي يدافع البول والغائط، والسكران ".
وتارك الوضوء ناسيا متى ذكر فعليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة.
132 - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " وضع عن أمتي تسعة أشياء: السهو، والخطأ،
والنسيان، وما أكرهوا عليه، وما لا يعلمون، وما لا يطيقون، والطيرة (5)، والحسد،
والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق الانسان بشفة " (6).

(1) قوله عليه السلام " لا يقبل لهم صلاة " ظاهر الاخبار بل الآيات أن القبول غير
الاجزاء ولكن الخلاف في معناهما فقال السيد المرتضى - رحمه الله - ان القبول هو استحقاق
الثواب والاجزاء هو الخلوص من العقاب، وظاهر الأكثر القبول هو كثرة الثواب والاجزاء
قلته لا عدمه، والظاهر هو قول الأكثر. والمراد بعدم القبول هنا أعم من عدم الصحة والكمال
بالنسبة إلى أفراد العباد (م ت).
(2) النشوز: العصيان وعدم طاعة الزوج. وفى الخصال ص 407 " النشازة عن
زوجها ".
(3) لعله كناية عن كنه مخالفا يصلون خلفه كراهة أن يتضرروا بتركها (مراد).
(4) الزبين - بكسر الزاي المعجمة وشد الباء كسكين - هو الذي يدافع الأخبثين.
(5) الظاهر أن المراد بوضع الطيرة عن الأمة وضع تشأمها عنهم، فلا يكون على نسق ما
قبلها فان المراد من الوضع فيما قبلها وبعدها وضع المؤاخذة والعقاب (سلطان).
(6) الظاهر أن المراد بالخلق المخلوقات أي الناس، والمراد بالتفكر حديث النفس
بعيوبهم وتفتيش أحوالهم والتأمل فيهم فان هذا العمل والحسد وضع عنهما المؤاخذة ما لم
ينطق الانسان بهما. وقيل المراد التفكر في مسألة خلق الأعمال أو التشكيك في خلق الله
ولا يخفى بعده فتأمل (سلطان).
59

133 - وسئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام " عن الرجل يبقى من وجهه
إذا توضأ موضع لم يصبه الماء، فقال: يجزيه (1) أن يبله من بعض جسده " (2).
134 - وقال الصادق عليه السلام: " إن نسيت مسح رأسك فامسح عليه وعلى رجليك
من بلة وضوئك، فإن لم يكن بقي في يدك من نداوة وضوئك شئ فخذ مما بقي منه
في لحيتك وامسح به رأسك ورجليك، وإن لم يكن لك لحية فخذ من حاجبيك
وأشفار عينيك وامسح به رأسك ورجليك، وإن لم يبق من بلة وضوئك شئ أعدت
الوضوء (3) ".
135 - وروى أبو بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل نسي مسح رأسه، قال:
فليمسح، قال: لم يذكره حتى دخل في الصلاة؟ قال: فليمسح رأسه من بلل لحيته " (4).
136 - وفي رواية زيد الشحام والمفضل بن صالح، عن أبي عبد الله عليه السلام " في
رجل توضأ فنسي أن يمسح على رأسه حتى قام في الصلاة قال: فلينصرف فليمسح
برأسه وليعد الصلاة ".
ومن شك في شئ من وضوئه وهو قاعد على حال الوضوء فليعد، ومن قام عن

(1) يشعر بسقوط الترتيب فيما إذا سهى في خروج العضو، والحمل على الاتيان بما
بعده بعيد، ويمكن الحمل على ما إذا لم يتيقن انه لم يصبه الماء بل إنما وجده جافا. (مراد)
(2) ظاهره يشمل ما إذا انتقل إلى عضو آخر بل ما إذا فرغ من الوضوء ولا يخفى حينئذ
فوت الترتيب، ويمكن حمله على ما إذا لم ينتقل إلى عضو آخر فلا يفوت الترتيب أو إذا أتى
به وبما بعده (سلطان). محموله على ما إذا كان في الأثناء مع مراعاة الترتيب ويحمل على الشك
والاستحباب جمعا بين الاخبار (م ت).
(3) خبر أريد به معنى الامر. (مراد)
(4) قوله " حتى دخل في الصلاة " أي تهيا للدخول فيها فلا ينافي قوله في الخبر
الآتي عن زيد الشحام " فلينصرف فليمسح برأسه وليعد الصلاة " وأيضا في هذا الحديث أن
صلاته صحيحة غايته أنه لم يصرح ببطلان الصلاة ولابد من حمل الحديثين على وجوب المسح
على الرجلين وان لم يصرح به (مراد).
60

مكانه ثم شك في شئ من وضوئه فلا يلتفت إلى الشك إلا أن يستيقن، ومن شك
في الوضوء وهو على يقين من الحدث فليتوضأ، ومن شك في الحدث وكان على يقين
من الوضوء فلا ينقض اليقين بالشك إلا أن يستيقن، ومن كان على يقين من الوضوء
والحدث ولا يدري أيهما أسبق فليتوضأ (1).
باب
* (ما ينقض الوضوء) *
137 - سأل زرارة بن أعين أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما السلام " عما ينقض الوضوء
فقالا: ما خرج من طرفيك الأسفلين (2) الذكر والدبر من غائط أو بول أو مني
أو ريح، والنوم (3) حتى يذهب العقل " (4).
ولا ينقض الوضوء (5) ما سوى ذلك من القئ والقلس والرعاف والحجامة

(1) راجع نصوصها الكافي ج 3 ص 33 و 34.
(2) ظاهر هذا الخبر الحصر لكن لم يذكر فيه الدماء ومس الأموات فيمكن أن يكون
الحصر إضافيا بالنسبة إلى ما قاله أكثر العامة من القئ والقلس (والقلس: ما خرج من
البطن إلى الفم من الطعام والشراب فإذا غلب فهو القئ) أو يحمل على الحقيقة بالنظر إلى
الرجال بقرينة الذكر، وفى مس الميت لم يظهر لنا دليل على النقض وان قلنا بوجوب الغسل
نعم الأحوط الوضوء، والأولى النقض ثم الوضوء مع أن الظاهر أنه إذا اغتسل لا يحتاج إلى
الوضوء لعموم الأخبار الصحيحة في أن " أي وضوء أطهر من الغسل " (م ت).
(3) قوله " حتى يذهب العقل " فيه ايماء إلى أن كل ما يذهب به العقل ناقض للوضوء
وقوله " ولا ينقض الوضوء - الخ " تأكيد للحصر المذكور ردا على المخالفين (مراد).
(4) لم يذكر الجنون والاغماء والسكر في الجواب وإن كان في قوله " حتى يذهب
العقل " اشعار بها. (سلطان)
(5) الظاهر أنه من كلام الصدوق - رحمه الله - (م ت).
61

والدماميل والجروح والقروح، ولا يوجب الاستنجاء (1).
138 - وقال الصادق عليه السلام: " ليس في حب القرع والديدان الصغار (2) وضوء
إنما هو بمنزلة القمل ".
وهذا (3 * إذا لم يكن فيه ثفل، فإذا كان فيه ثفل ففيه الاستنجاء والوضوء.
وكلما خرج من الطرفين من دم وقيح ومذي ووذي وغير ذلك فلا وضوء فيه
ولا استنجاء ما لم يخرج بول أو غائط أو ريح أو مني (4).
139 - وقال عبد الرحمان بن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: " أجد الريح في بطني
حتى أظن أنها قد خرجت، فقال: ليس عليك وضوء حتى تسمع الصوت (5)، أو
تجد الريح، ثم قال: إن إبليس يجلس بين أليتي الرجل فيحدث ليشككه ". (6)

(1) قوله " ولا يوجب الاستنجاء " أي ما سوى المذكور يخرج من الذكر والدبر
من وذي أو مذي أو دود وغيرها لا يوجب الاستنجاء كما لا يوجب الوضوء وذلك لا يستلزم
أن يكون كل ما ذكر موجبا للاستنجاء حتى يلزم كون الريح موجبا له واما خروج الدم
من الموضعين وإن كان موجبا للغسل لكن لا يسمى ذلك الغسل استنجاء (مراد).
(2) يطلق حب القرع على يدان عراض في المعا الأعور والقولون يشبه بحب القرع
ولذا سميت به (بحر الجواهر).
(3) من كلام المؤلف ويدل عليه موثق عمار الساباطي المروى في التهذيب ج 1
ص 4 و 58 عن أبي عبد الله (ع) قال: " سئل عن الرجل يكون في صلاته فيخرج منه حب -
القرع كيف يصنع؟ قال: إن كان خرج نظيفا من العذرة فليس عليه شئ ولم ينقض وضوءه
وان خرج متلطخا بالعذرة فعليه أن يعيد الوضوء، وإن كان في الصلاة قطع الصلاة وأعاد
الوضوء والصلاة ".
(4) ففي البول والغائط الاستنجاء والوضوء، وفى الريح الوضوء بدون الاستنجاء،
وفى المنى بالعكس (مراد) يعنى فيه الغسل.
(5) كناية عن تحقيق وقوعه لا بمجرد التوهم أو الظن الذي لا يجرى مجرى العلم مما
يمكن أن يكون من فعل الشيطان. (مراد) والطريق صحيح.
(6) المراد بحدث الشيطان التوهمات التي تحمل للموسوسين (م ت).
62

140 - وسأل زرارة أبا جعفر عليه السلام " عن الرجل يقلم أظافيره ويجز شاربه
ويأخذ من شعر لحيته ورأسه هل ينقض ذلك الوضوء؟ فقال: يا زرارة كل هذا
سنة والوضوء فريضة، وليس شئ من السنة ينقض الفريضة، وإن ذلك ليزيده
تطهيرا " (1).
141 - وسأل إسماعيل بن جابر أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يأخذ من
أظافيره وشاربه أيمسحه بالماء؟ فقال: لا (2) هو طهور " (3).
142 - وسئل " عن إنشاد الشعر هل ينقض الوضوء؟ فقال لا
143 - وسأله سماعة بن مهران " عن الرجل يخفق (4) وهو في الصلاة
قائما أو راكعا؟ قال: ليس عليه وضوء " (5).
144 - وسئل موسى بن جعفر عليهما السلام " عن الرجل يرقد وهو قاعد (6) هل

(1) لعل المراد بالسنة السنة التي وضعت للتطهير اما بان يكون قوله: " وان ذلك
الخ " جملة حالية أو تحمل السنة على هذا الفرد بقرينة ما بعده فلا ينتقض بالجماع لأنه
ليس وضعه للتطهير وعلى التقادير الزام على العامة بمثل ما يعتبرونه من الاستحسانات، و
يوجه بأن الوضوء فريضة من فرائض الله تعالى على عباده وقرر لنقضها الاحداث المذكور في
القرآن والسنة المتواترة فكيف ينقضه ما جعله الله سبحانه للتطهير مثل المذكورات (م ت).
(2) قوله (ع): " لا " الظاهر أن المراد انه لا يجب مسحه بالماء ويمكن أن يكون السائل جعل المسح كناية عن الوضوء. وقوله (ع) " هو طهور " تشبيه أي كالطهور في
التنظيف فلا يحتاج إلى التطهير. (مراد). والطريق إلى إسماعيل بن جابر صحيح (صه)
(3) يحتمل أنه يعنى به الطاهر أي المذكور طاهر فلا حاجة إلى استعمال الماء ويحتمل
انه بمعنى المطهر أي الاخذ المذكور مطهر فكيف يوجب التطهير (سلطان).
(4) الطريق حسن بإبراهيم بن هاشم. ويخفق أي أخذته سنة من النعاس فحرك رأسه
وهو ناعس.
(5) حمل على ما إذا لم يغلب النوم على العقل أي المشاعر.
(6) الرقاد: النوم والمراد بالرقود هنا مقدمته أي النعاس بقرينة قوله " وهو قاعد " إذ
الغالب في القاعد هو النعاس (م ت).
63

عليه وضوء؟ فقال: لا وضوء عليه ما دام قاعدا (1) إن لم ينفرج " (2).
145 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " ليس في القبلة ولا المباشرة ولا مس الفرج
وضوء ".
146 - وروى حريز عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إذا كان الرجل يقطر
منه البول والدم إذا كان حين الصلاة اتخذ كيسا وجعل فيه قطنا ثم علقه عليه
وأدخل ذكره فيه، ثم صلى، يجمع بين الصلاتين الظهر والعصر (3) يؤخر الظهر
ويعجل العصر بأذان وإقامتين، ويؤخر المغرب ويعجل العشاء بأذان إقامتين،
ويفعل ذلك في الصبح " (4).
147 - وسأل عبد الله بن أبي يعفور أبا عبد الله عليه السلام " عن رجل بال ثم توضأ
وقام إلى الصلاة فوجد بللا، قال لا شئ عليه ولا يتوضأ " (5).

(1) إشارة إلى أن المراد بالرقود النعاس إذ الغالب عند عدم انفراج الأعضاء وبقائها
على حالها لا يحصل النوم الذاهب للعقل، ويمكن حمل الكلام على التقية (مراد).
(2) محمول على النعاس الذي يسمع الصوت معه، أو على التقية لموافقته لمذهب كثير
من العامة في أن النوم بنفسه ليس بناقض لي باعتبار خروج الريح، والظاهر من الصدوق
أنه عمل به كما نقل عنه، والعمل على المشهور، ولو احتاط بالنقض بحدث والوضوء بعده
كان أو أولى خروجا من خلافه (م ت).
(3) يدل على أن من به السلس يكفيه وضوء واحد للصلاتين والمشهور خلافه (سلطان)
وقال بعض: لعل الجمع بين الصلاة لعدم إعادة الاذان لأنه إذا فصل بينهما يستحب الاذان، أو
لعدم تعدد الوضوء لكل صلاة، العدم وقوع الحدث الكثير. والطريق صحيح.
(4) قيل: الظاهر أن اسم الإشارة راجع إلى اتخاذ الكيس ويتحمل أن يرجع إلى أصل
الوضوء والى جميع ما تقدم ويكون الجمع مع صلاة الليل. وقال التفرشي: قوله:
" يؤخر الظهر " أي يوقعها في آخر فضيلتها ويوقع العصر في أول وقتها ليقع كل
منهما في الفضيلة، ويستفاد من ظاهر الحديث جواز الاتيان بصلاتين بوضوء واحد لمن
به السلس.
(5) الطريق موثق أو حسن ورواه الكليني ج 3 ص 19 وظاهره الاطلاق وحمل على
ما بعد الاستبراء لاخبار أخر (م ت).
64

148 - وروى غيره (1) " في الرجل يبول، ثم يستنجي، ثم يرى بعد ذلك بللا أنه إذا بال فخرط ما بين المقعدة والأنثيين ثلاث مرات وغمز ما بينهما (2) ثم
استنجى، فإن سال ذلك حتى بلغ السوق فلا يبالي " (3).
وإذا مس الرجل باطن دبره أو باطن إحليله فعليه أن يعيد الوضوء، وإن
كان في الصلاة قطع الصلاة وتوضأ وأعاد الصلاة، وإن فتح إحليله أعاد الوضوء
والصلاة (4).
ومن احتقن أو حمل شيافة [قذرا] فليس عليه إعادة الوضوء وإن خرج ذلك
منه إلا أن يكون مختلطا بالثفل فعليه الاستنجاء والوضوء.
باب
* (ما ينجس الثوب والجسد) *
149 - كان أمير المؤمنين عليه السلام: " لا يرى في المذي وضوء أو لا غسل ما أصاب

(1) هو عبد الملك بن عمرو كما في التهذيب ج 1 ص 7 وسنده حسن كالصحيح وطريق
الصدوق إليه فيه الحكم بن مسكين وهو مهمل.
(2) أي بين الأنثيين، ولعل المراد كون ابتداء الغمز مما بين الأنثيين وهو أصل
الذكر (مراد).
(3) السوق جمع ساق وهو ما بين الركبة إلى الكعب.
(4) هذا مذهب الصدوق - رحمه الله - على ما نقل عنه ووافقه ابن الجنيد واحتج المصنف
بخبر عمار الساباطي المروى في التهذيب ج 1 ص 99 عن أبي عبد الله عليه السلام قال " سئل عن
الرجل يتوضأ ثم يمس باطن دبره؟ قال: نقض وضوؤه وان مس باطن إحليله فعليه أن يعيد
الوضوء وإن كان في الصلاة قطع الصلاة ويتوضأ ويعيد الصلاة - الحديث " وأجيب أولا بكونه
معارضا لصحاح اخر وموافقا لمذهب العامة فيحمل على التقية.
(5) في بعض النسخ بدون " قذرا " وفى بعضها " شيئا قذرا ". وقوله " قذرا " أي نجسا قبله
خصصه بالقذر إذا دخل في الجوف وخرج منه انه لا يلزم الوضوء حيث إن خروج القذر
الذي كان فيه يوجبه وإذا كان حمل القذر لا يوجب الوضوء فحمل الطاهر لا يوجبه بطريق أولى (مراد)
65

الثوب منه " (1).
150 - وروي " أن المذي والوذي بمنزلة البصاق والمخاط (2) فلا يغسل منهما
الثوب ولا الإحليل وهي (3) أربعة أشياء: المني، والمذي، والوذي، والودي.
فأما المني فهو الماء الغليظ الدافق الذي يوجب الغسل.
والمذي ما يخرج قبل المني والوذي ما يخرج بعد المني على أثره، والودي
ما يخرج على أثر البول، لا يجب في شئ من ذلك (4) الغسل ولا الوضوء ولا غسل ثوب
ولا غسل ما يصيب الجسد منه إلا المني.
151 - وسأل عبد الله بن بكير (5) أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يلبس الثوب

(1) قوله و " لا غسل ما - " بالإضافة. وفى بعض النسخ " ولا غسلا " بفتح الغين
مصدر والموصول مفعولة مفعوله. (مراد)
(2) البزاق والبصاق بضم الباء -: ألفاظ مترادفة وهو ماء الفم إذا خرج منه وهو ريق
ما دام فيه، وفى الصحاح المخاط ما يسيل من الانف. (مراد)
(3) " هي " ضمير القصة وما بعدها مفسر لها " وأربعة أشياء " مبتدأ وقوله: " المنى والمذي
والوذي والودي بدل منها، وقوله: " لا يجب شئ من ذلك " خبر له. وفى بعض النسخ " في
أربعة أشياء ".
(4) قوله " شئ من ذلك " بدل من قوله " في أربعة أشياء " فهو متعلق بلا يجب
فيصير الكلام في قوة في شئ من أربعة أشياء لا يجب الغسل ولا الوضوء - الخ، والترتيب
الطبيعي يقتضى تقديم الوضوء لان الغسل أكلم منه فيقال: لا يقدر على هذا وزير ولا أمير
ولو عكس اختل النظم، لكن لما كان المذي أشبه بالمنى فتوهم ايجابه الغسل أقوى من توهم
ايجابه الوضوء فرفع توهم الأول أهم. وفى حاشية المحقق الشيخ على (ره) على الشرايع
المذي ماء لزج يخرج عقيب الملاعبة بعد انكسار الشهوة. والوذي بالمعجمة ما يخرج عقيب
الانزال والودي بالمهملة ماء أبيض غليظ عقيب البول (مراد).
(5) الطريق قوي.
66

وفيه الجنابة (1) فيعرق فيه، فقال: إن الثوب لا يجنب الرجل " (2).
152 - وفي خبر آخر أنه " لا يجنب الثوب الرجل ولا الرجل يجنب الثوب ".
153 - وسأل زيد الشحام أبا عبد الله عليه السلام " عن الثوب يكون فيه الجنابة (3)
وتصيبني السماء حتى يبتل علي، فقال: لا بأس به ".
وإذا نام الرجل على فراش قد أصابه مني فعرق فيه فلا بأس به (4).
ومتى عرق في ثوبه وهو جنب فليتنشف فيه إذا اغتسل (5)، وإن كانت الجنابة
من حلال فحلال الصلاة فيه، وإن كانت من حرام فحرام الصلاة فيه، وإذا عرقت
الحائض في ثوب فلا بأس بالصلاة فيه.
154 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لبعض نسائه: " ناوليني الخمرة (7) فقالت له:
أنا حائض، فقال لها: أحيضك في يدك ".

(1) الضمير راجع إلى الثوب، يعنى رجل لبس ثوبا أصابه المنى فيعرق فيه.
(2) ولعل مقصود السائل تحقيق حكم عرق الجنب فيكون معنى الكلام أن الرجل
يلبس ثوبا حصلت فيه الجنابة سابقا فيعرق فيه فقال عليه السلام: ان الثوب لا يجنب الرجل
أي الثوب الذي حصلت فيه الجنابة وقتا ما لا تأثير له في حال الرجل من تنجسه وغير ذلك بل هو
طاهر. وكذا القول في الخبر الآخر أي لا تأثير لجنابة لرجل في الثوب ولا الثوب الملبوس
حال الجنابة في الرجل لو لبسه بعد ذلك فعرق فيه (سلطان).
(3) في الطريق أبو جميلة وهو ضعيف ورواه الكليني بسند موثق كالصحيح. وكأنه
كناية عن إصابة المنى لكن يوجه بالوجه الذي ذكر في الحديث السابق. يعنى المراد الثوب
الذي كان يلبسه ويجامع فيه سابقا. وقد حمله بعضهم اما على كثرة ماء المطر بحيث يطهر
الثوب أو على التقية.
(4) لان مجرد العرق لا يوجب التنجس الا إذا علم وصول النجاسة إليه.
(5) يعنى لا مانع بالتنشف بالثوب الذي عرق فيه الجنب لأنه لا يتعدى الجنابة إلى الثوب
وأيضا عرق الجنب لا ينجس الثوب. وحمله الشيخ - رحمه الله - على ما كان من حرام.
(6) يعنى لو كانت الجنابة من الحرام لا يجوز الصلاة فيه مطلقا أو حال كونه رطبا
بذلك العرق وذهب إلى كل جماعة.
(7) الخمرة - بالضم -: سجادة صغيرة تعمل من سعف النخل وتزمل بالخيوط.
67

155 - وسأل محمد الحلبي أبا عبد الله عليه السلام " عن رجل أجنب في ثوبه (1) وليس
معه ثوب غيره، قال: يصلي فيه فإذا وجد الماء غسله " (2).
156 - وفي خبر آخر " وأعاد الصلاة " (3).
والثوب إذا أصابه البول غسل في ماء جار مرة، وإن غسل في ماء راكد فمرتين ثم يعصر (4)، وإن كان بول الغلام الرضيع صب عليه الماء صبا، وإن كان قد أكل
الطعام غسل، والغلام والجارية في هذا سواء 5).
157 - وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: " لبن الجارية وبولها
يغسل منه الثوب قبل أتطعم لان لبنها يخرج من مثانة أمها (6)، ولبن الغلام
لا يغسل منه الثوب قبل أن يطعم ولا بوله (7) لان لبن الغلام يخرج من المنكبين
والعضدين ".

(1) الطريق صحيح. و " أجنب ثوبه " يعنى احتلم فيه.
(2) ظاهره صحة الصلاة فيه مطلقا، ويمكن حمله على ما إذا لم يقدر على أن يطرحه عند الصلاة لبرد أو غيره (كوجود ناظر محترم) ويصلى عريانا (مراد).
(3) محمول على الاستحباب. وقال الفاضل التفرشي: " لا منافاة بين هذا الخبر والخبر
الأول إذ ليس فيه أنه لا يعيد الصلاة ". أقول: فيه نظر لاستلزامه تأخير البيان عن وقت الحاجة.
(4) " ثم يعصر " ظاهره الاكتفاء في الغسلتين بعصر واحد بعدهما، ولعل المراد بيان أن
الغسل في الماء الجاري بادخال النجس فيه وفى حكمه الكر لا يحتاج إلى العصر بخلاف
الماء الراكد يصب على المحل فإنه لابد في تحقق الغسل فيه من العصر فكأنه قال: لا يكتفى
في المرتين بورود الماء على المحل بل لابد في كل من عصر. (مراد) أقول: " في
ماء راكد " " في " بمعنى الباء والمراد بالراكد ما كان أقل من الكر ولذا قال: صب
عليه الماء.
(5) أي بعد أكل الطعام.
(6) بيان للحكم وليس استدلالا ليرد أن خروجه من مثانة الام لا يستلزم تنجسه بعد
استحالته لبنا والانتقال إلى جوفها واستحالته بولاء. (مراد).
(7) التقييد باعتبار عطف البول على اللبن إذ لا دخل لهذا القيد في طهارة اللبن
فكأنه عليه السلام قال: ولبن الغلام وبوله لا يغسل منه الثوب قبل أن يطعم لان - ا ه‍ - وذلك لأن مرتبة
العطف على المسند إليه مقدم على مرتبة الحكم لان كونه بحيث يشاركه غيره في الحكم
من صفاته المعتبرة فيه (مراد) وقال الشيخ في التهذيبين: إنما نفى غسل الثوب منه كما
يغسل من بول الرجل أو بوله بعد أن يأكل الطعام ولم ينف أن يصب الماء عليه، وليس كذلك حكم بول الجارية لان بولها لابد من غسله - انتهى.
وقال المجلسي الأول - رحمه الله -: الخبر رواه الشيخ عن النوفلي عن السكوني
والسند ضعيف لكن شهادة الصدوق بصحته تمنع من رده مع كونه منجبرا بعمل الأصحاب ويدل
على الفرق بين بول الرضيع والرضيعة كما هو المشهور بين الأصحاب، فلابد من حمل الخبر
الأول على الفطيم، وان حمل على الرضيع والتسوية بينه وبين الجارية فلابد من حمل الثاني
على الاستحباب أو التقية.
68

158 - وسأل حكم بن حكيم ابن أخي خلاد (1) أبا عبد الله عليه السلام " فقال له:
أبول فلا أصيب الماء وقد أصاب يدي شئ من البول فأمسحه بالحائط وبالتراب ثم
تعرق يدي فأمس وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي، فقال: لا بأس به " (2).
159 - وسأل إبراهيم بن أبي محمود الرضا عليه السلام " عن الطنفسة والفراش
يصيبهما البول كيف يصنع وهو ثخين كثير الحشو؟ فقال: يغسل منه ما ظهر في
وجهه " (3).
160 - وسأل حنان بن سدير أبا عبد الله عليه السلام فقال: " إني ربما بلت فلا

(1) كذا وفى كتب الرجال " حكم بن الحكيم أبو خلاد الصيرفي " والطريق صحيح.
(2) يحتمل توجيهه بان وصول موضع النجاسة إلى الوجه أو بعض الجسد أو الثوب
غير متيقن فلا بأس بالثوب وسائر الجسد والوجه وإن كان اليد نجسة، وهذا إذا لم يكن المس
بكل اليد، ويمكن حمل عدم البأس على صحة الصلاة من حيث عدم الصابة الماء وعدم القدرة
عليه كما يشعر به كلام السائل. (سلطان)
(3) اما محمول على عدم ظهور أن البول دخل في عمق ما سئل عنه، واما على غسل
الظاهر بوضعه في الجاري، أو غسله على وجه لا يصل الماء إلى القطن عند الغسل، أو على
القول بطهارة الغسالة، فلا ينجس الماء المنفصل عن القطن الملاقى لوجه المغسول (مراد).
69

أقدر على الماء ويشتد ذلك علي، فقال: إذا بلت وتمسحت فامسح ذكرك بريقك (1)
فان وجدت شيئا فقل: هذا من ذاك " (2).
161 - وسئل عليه السلام " عن امرأة ليس لها إلا قميص واحد ولها مولود فيبول
عليها كيف تصنع؟ قال: تغسل القميص في اليوم مرة " (3).
162 - وقال محمد بن النعمان لأبي عبد الله عليه السلام: " أخرج من الخلاء فأستنجي
بالماء فيقع ثوبي في ذلك الماء الذي استنجيت به، فقال: لا بأس به وليس عليك شئ " (4).
163 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام " في طين المطر: إنه لا بأس
به أن يصيب الثوب ثلاثة أيام إلا أن يعلم أنه قد نجسه شئ بعد المطر فإن أصابه
بعد ثلاثة أيام غسله، وإن كان طريقا نظيفا لم يغسله " (5).
164 - وسأل أبو الأعز النخاس أبا عبد الله عليه السلام فقال: إني أعالج الدواب
فربما خرجت باليل وقد بالت وراثت فتضرب إحداها بيدها أو برجلها (6) فينضح على

(1) قيل: هذا الخبر متروك عند الأصحاب كما نبه عليه الشهيد (ره) في الذكرى.
(2) " فقل هذا من ذاك " أي هذا الذي وجدت على الثوب أو البدن من رطوبة من ذاك
الريق الذي مسحته على الذكر في غير محل البول لا من البول الباقي على الذكر (مراد)
ولعل المراد مسح ما عدا مخرج البول بالريق لأجل أنه لو رأى بللا بعد ذلك حمله على أنه من
الريق لا من البول. (سلطان)
(3) لعل المراد اليوم بليلته وهذا اطلاق شايع. (مراد)
(4) حمل على ما لم تكن فيه أجزاء النجاسة مميزة. وقال المولى المجلسي: الخبر حسن
كالصحيح دل على طهارة ماء الاستنجاء ظاهرا ويؤيده أخبار آخر، وقيل بالعفو دون الطهارة.
(5) لعل المراد غسله استحبابا (مراد) والمشهور بين الأصحاب استحباب إزالة طين
المطر بعد مضى ثلاثة أيام بعد انقطاعه وانه لا بأس في الثلاثة ما لم يعلم فيه نجاسة (الشيخ محمد).
(6) طريق الصدوق إليه حسن وطريق الكليني إليه صحيح وله كتاب هو معتمد
الصدوقين وعمل به أكثر الأصحاب ويعارضه أخبار أخر عنهم عليهم السلام بالامر بغسل
أبوال الدواب دون أرواثها وحملها أكثر الأصحاب على الاستحباب جمعا بين الاخبار وظاهر
بعضهم وجوب الاجتناب وهو الأحوط (م ت) وقوله " برجلها " في بعض النسخ " بيدها
ورجليها ".
70

ثوبي؟ فقال: لا بأس به ".
ولا بأس بخرء الدجاجة والحمامة يصيب الثوب، ولا بأس بخرء ما طار
وبوله، ولا بأس ببول كل شئ أكل لحمه فيصيب الثوب، ولا بأس بلبن المرأة
المرضعة يصيب قميصها فيكثر وييبس (1).
165 - وسئل الرضا عليه السلام " عن الرجل يطأ في الحمام وفي رجليه الشقاق (2)
فيطأ البول والنورة، فيدخل الشقاق أثر أسود مما وطئه من القذر وقد غسله كيف
يصنع به وبرجله التي وطئ بها أيجزيه الغسل؟ أن يخلل (3) [أظفاره] بأظفاره (4)
ويستنجي فيجد الريح من أظفاره ولا يرى شيئا؟ فقال: لا شئ عليه من الريح
والشقاق (5) بعد غسله ".
ولا بأس أن يتدلك الرجل في الحمام بالسويق والدقيق والنخالة، فليس فيما
ينفع البدن إسراف إنما الاسراف فيما أتلف الماء وأضر بالبدن.
والدم إذا أصاب الثوب فلا بأس بالصلاة فيه ما لم يكن مقداره مقدار درهم

(1) في بعض النسخ " ويلبس ".
(2) قال في الصحاح: " تقول: بيد فلان وبرجله شقوق، ولا تقل شقاق، وإنما الشقاق
داء يكون بالدواب وهو تشقق يصيب أرساغها، وربما ارتفع إلى أوظفتها ".
(3) في بعض النسخ " يحكك ".
(4) قوله " يخلل بأظفاره " في بعض النسخ " أظفاره بدون الباء، وفى بعضها " أظفاره
بأظفاره " والنسخة الأولى أوفق بالسؤال، أو ظاهره السؤال عن كفاية الغسل عن ادخال
الأظفار في تلك الشقوق لا تخليل الأظفار لئلا يبقى فيه شئ من تلك النجاسة الداخل تحتها
عند ازالتها عن الشقوق الا أن يحمل على أن الشقاق تحت أظفاره، وقوله: " ويستنجى فيجد
الريح " عطف على قوله: " يطأ " أي عن الرجل يستنجى فيجد الريح فيكون سؤالا
ثانيا. (مراد)
(5) لعله لموافقة قول السائل أو يكون ما في الصحاح وهما.
71

واف (1)، والوافي ما يكون وزنه درهما وثلثا، وما كان دون الدرهم الوافي فقد
يجب غسله (2) ولا بأس بالصلاة فيه.
وإن كان الدم دون حمصة فلا بأس بأن لا يغسل (3) إلا أن يكون دم الحيض
فإنه يجب غسل الثوب منه ومن البول والمني قليلا كان أو كثيرا وتعاد منه الصلاة
علم به أو لم يعلم.
166 - وقال علي عليه السلام: " ما أبالي أبول أصابني أو ماء إذا لم أعلم " (4).
167 - وقد روي في المني " أنه إذا كان الرجل جنبا حيث قام ونظر وطلب
فلم يجد شيئا فلا شئ عليه، فإن كان لم ينظر ولم يطلب فعليه أن يغسله ويعيد
صلاته ". (5)

(1) الظاهر المراد قدر سعته لا وزنه وحكاية الوزن لتعيين الدرهم وتميزه. (سلطان)
(2) أي فيما يشترط فيه الطهارة غير الصلاة، أو المراد نجاسته بمعنى أنه لا يتوهم من
جواز الصلاة فيه طهارته (م ت).
(3) يمكن الجمع بينهما بان تكون المراد بالدرهم سعته وبالحمصة وزنه، فان قدر
الحمصة إذا وقعت على الثوب أو البدن يصير بقدر الدرهم في السعة، لكن الجمع بين قولي
الصدوق مشكل لان ظاهر كلامه أن العفو عن وزن الدرهم الوافي لا عن السعة الا أن يأول بأن
مراده السعة مع الكبر كما نقل أنه كان بقدر أخمص الراحة أو رؤوس الابهام أو المدور الذي
قطره طول رأس الابهام وفى بعض النسخ " خمصه " بالخاء المعجمة والصاد المهملة بمعنى
أخمص الراحة وكأنه تصحيف أو بحمل الخبر الثاني على الاستحباب. وفى المتفرق خلاف والظاهر
من الاخبار أنه إذا كان قدر الدرهم حال الاجتماع يجب ازالته (م ت).
(4) أي لا حرج على في نفس الامر إذا استمر عدم العلم، فلا ينافي ما ذكر في السابق.
وقال المولى التفرشي: ظاهر المساواة بينهما فيدل ظاهره على عدم وجوب إعادة الصلاة
بذلك في الوقت وخارجه. أقول: في سند هذا الخبر على طريق الكليني والشيخ حفص بن
غياث وهو رجل عامي من قضاتهم ولى القضاء ببغداد الشرقية لهارون ثم ولاه قضاء الكوفة.
(5) ظاهره أنه إذا حصل عند الانسان أمارة الجنابة من رؤيا أو غيره فان تفحص ولم
ير شيئا من المنى في ثوبه وبدنه ثم بعد الصلاة يراه لم يكن عليه شئ، وان لم يتفص فرآه
بعد الصلاة أعادها للتقصير في التفحص (مراد) والخبر مروى في الكافي ج 3 ص 405
وفى التهذيب ج 1 ص 120.
72

ولا بأس بدم السمك في الثوب أن يصلي فيه الانسان قليلا كان أو كثيرا.
ومن أصاب قلنسوته أو عمامته أو تكته أو جوربه أو خفه مني أو بول أو دم
أو غائط فلا بأس بالصلاة فيه (1) وذلك لان الصلاة لا تتم في شئ من هذا وحده.
ومن وقع ثوبه على حمار ميت فليس عليه غسله (2) ولا بأس بالصلاة فيه.
ولا بأس أن يمس الرجل عظم الميت إذا جاز سنة، ولا بأس أن يجعل
سن الميت للحي مكان سنه (3).
ومن أصاب ثوبه كلب جاف ولم يكن بكلب صيد فعليه أن يرشه بالماء، وإن
كان رطبا فعليه أن يغسله، وإن كان كلب صيد وكان جافا فليس عليه شئ (4)، وإن
كان رطبا فعليه أن يرشه بالماء (5).

(1) المشهور عدم العفو عن العمامة لان الهيئة لا مدخل لها في عدم ستر العورتين بها
فيلزم جواز الصلاة في كل ثوب نجس مطوى والظاهر أنه لا يقول به (م ت).
(2) هذا إذا كان يابسا لا رطبا.
(3) ذلك لان الغالب عدم بقاء اللحم والجلد بعد مضى سنة وعظم الميت ليس بنجس. وقال
المولى التفرشي ظاهره: يشمل ميت الانسان وغيره ووجوب الغسل بمس العظم المجرد عند
البعض لا يستلزم نجاسته. واستشكل المجلسي الأول من حيث وجوب الدفن ومن حيث عدم
جواز الصلاة في جزء الحيوان غير المأكول اللحم وقال: يحمل على سن الشاة وما أشبهها.
وقال التفرشي: يدل على طهارة السن وعدم وجوب دفنه ان تفرد عن الميت وعلى جواز
المقلوع من الحي مكان السن. (مراد)
(4) هذا القول مدفوع لعموم رواية الفضل أبى العباس في الصحيح قال قال أبو عبد الله
عليه السلام " إذا أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله، وان مسحه جافا صب الماء عليه "
كذا قال العلامة في المنتهى والشهيد في الذكرى. (سلطان)
(5) المشهور نجاسة الكلب مطلقا ويجب الغسل إن كان رطبا وينضح إن كان يابسا، وما
قاله الصدوق من استثناء كلب الصيد يمكن أن يصل إليه خبر. (م ت)
73

ولا بأس بالصلاة في ثوب أصابه خمر (1) لان الله عز وجل حرم شربها ولم
يحرم الصلاة في ثوب أصابته. فأما في بيت فيه خمر (2) فلا يجوز الصلاة فيه (3).
ومن بال فأصاب فخذه نكتة من بوله فصلى ثم ذكر أنه لم يغسله (4) فعليه
أن يغسله ويعيد صلاته (5).
وإن وقعت فأرة في الماء ثم خرجت فمشت على الثياب فاغسل ما رأيت من أثرها
وما لم تره انضحه بالماء. (6)

(1) ظاهر الصدوق طهارة الخمر، ويمكن حمل كلامه على العفو عنها، والاخبار
متعارضة وحمل أكثر الأصحاب اختار الجواز على التقية ويشكل بأن أكثرهم على النجاسة
الا أن يقال: التقية كانت من ملوك بنى أمية وبنى العباس فإنهم كانوا يشربونها ويزاولونها
والاستدلال بالآية أشكل واحتياط في الدين الاجتناب وإن كان الجمع بالاستحباب أسهل كما
ذكر في المعتبر والله تعالى يعلم. (م ت)
(2) يمكن توجيهه بان عين الخمر هنا موجودة باخلاف إصابة الثوب منها فربما كان
للعين اثر لا يكون للأثر (سلطان).
(3) روى أخبار بالنهي عن الصلاة في بيت فيه خمر وحملها الأصحاب على الكراهة
الصدوق الحرمة وان أمكن حمل كلامه على الكراهة لاستعمالهم عدم الجواز في
الكراهة كثيرا والأحوط أن لا يصلى فيه. (م ت)
(4) " ثم ذكر " يدل على أنه كان عالما بذلك فنسي الإزالة وصلى. (مراد) أقول رواه الشيخ
في التهذيب ج 1 ص 76. باسناده عن الحسن بن زياد عن الصادق عليه السلام.
(5) قد ذكر أن ناسي النجاسة يعيد في الوقت وجوبا على المشهور وفى الخارج
استحبابا، ويمكن حمل الرواية على الأعم، وربما يقال باستحباب الإعادة مطلقا ويؤكد
في الوقت ولا يخلو من قوة جمعا بين الاخبار. (م ت)
(6) كما في رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام وظاهره النجاسة وحمل على
الاستحباب جمعا بينه وبين صحيحه الاخر. (م ت) أقول: الخبر في التهذيب ج 1 ص 74
و 241. والمشهور انه محمول على الاستحباب وذهب الشيخ في النهاية إلى وجوب غسل
ما رؤي من أثرها.
74

وإن كان بالرجل جرح سائل فأصاب ثوبه من دمه فلا بأس بأن لا يغسل
حتى يبرأ أو ينقطع الدم (1).
168 - وسئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام " عن خصي يبول فيلقى من
ذلك شدة ويرى البلل بعد البلل، قال: يتوضأ ثم ينضح ثوبه في النهار مرة واحدة " (2).
169 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام " عن الرجل وقع
ثوبه على كلب ميت، قال: ينضحه ويصلي فيه ولا بأس " (3).
باب
* (العلة التي من أجلها وجب الغسل من الجنابة ولم يجب من) *
* (البول والغائط) *
170 - " جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله أعلمهم عن مسائل وكان

(1) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 73 باسناد فيه جهالة عن سماعة عن الصادق
عليه السلام ويؤيده اخبار صحيحة، ولا ريب في العفو مع السيلان أو عدم الانقطاع. وفيما
ينقطع أحيانا الأحوط الغسل إذا لم يضر، وكذا الأحوط الاجتناب مهما تيسر وإن كان الأظهر
من الاخبار العفو مطلقا ما لم يبرء أو ينقطع الدم فإذا انقطع فالاجتناب عن مقدار الدرهم
والأزيد لازم. (م ت)
(2) رواه الكليني (ج 3 ص 20) بسند فيه جهالة والظاهر أن المراد بالنضح الغسل
ان علم أنه بول، فإن لم يعلم فالمراد به الصب استحبابا وهو الأظهر من الرواية. (م ت)
وقال التفرشي " قوله: ثم ينضح ثوبه " ظاهره الاكتفاء به فيكون معفوا عنه من قبيل نجاسة
ثوب المربية للصبي ببوله وتخصيص ذلك بما إذا انحصر ثوبه في واحد محتمل، كما في
المربية، ويحتمل أن يراد بالنضح الغسل بقرينة تخصيصه بالنهار وإن كان استعمال النضح
في الرش هو الشايع.
(3) ظاهر الخبر الملاقاة باليبوسة بقرينة النضح وليوافق الاخبار الاخر من الغسل
مع الرطوبة والصب مع اليبوسة.
75

فيما سأله أن قال: لأي شئ أمر الله تعالى بالاغتسال من الجنابة ولم يأمر بالغسل
من الغائط والبول؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن آدم لما أكل من الشجرة دب ذلك
في عروقه وشعره وبشره فإذا جامع الرجل أهله خرج الماء من كل عرق وشعرة في
جسده، فأوجب الله عز وجل على ذريته الاغتسال من الجنابة إلى يوم القيامة،
والبول يخرج من فضلة الشراب الذي يشربه الانسان، والغائط يخرج من فضلة الطعام
الذي يأكله الانسان فعليه من ذلك الوضوء، قال اليهودي: صدقت يا محمد " (1).
171 - وكتب الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله:
" علة غسل الجنابة النظافة لتطهير الانسان مما أصاب من إذا (2) وتطهير سائر جسده
لان الجنابة خارجة من كل جسده، فلذلك وجب عليه تطهير جسده كله، وعلة
التخفيف في البول والغائط أنه أكثر وأدوم (3) من الجنابة، فرضي فيه (4) بالوضوء
لكثرته ومشقته ومجيئه بغير إرادة منه ولا شهوة، والجنابة لا تكون إلا بالاستلذاذ

(1) ظاهر هذا الخبر والذي بعده وجوب الوضوء والغسل لنفسهما كما يظهر من أخبار
أخر وان أمكن حمل الوجوب على السببية لكن الظاهر الأول والخبر الذي تقدم في الوضوء
يدل على الوجوب لنفسه بخلاف خبر محمد بن سنان في الوضوء فان ظاهره الوجوب للصلاة
وبالجملة يظهر من بعض الأخبار وظاهر الآية الوجوب لغيره ومن بعضها الوجوب لنفسه،
ولا منافاة بين أن يكون واجبا لنفسه وباعتبار اشتراط الصلاة به يكون واجبا لغيره، والاحتياط
في الغسل قبل الوقت إذا لم يكن مشغول الذمة أن ينوى القربة به من الوجوب والندب و
إن كان الأظهر الاكتفاء بها مطلقا، لكنه يحتاط فيما كان الوجه معلوما بنيتها وفيما لم يكن
معلوما الاحتياط في العدم. وان أراد الخروج من الخلاف ينبغي أن يعلق نيته بصلاة بالنذر و
شبهه حتى ينوى جزما (م ت).
(2) أي أذى الجنابة وتذكير الضمير بتأويل ما يوجب الغسل.
(3) قوله: " أدوم " عطف تفسيري للأكثر.
(4) الضمير راجع إلى كل من البول والغائط.
76

منهم والاكراه (1) لأنفسهم ".
* (باب الأغسال) * (2)
172 - قال أبو جعفر الباقر عليه السلام: " الغسل في سبعة عشر موطنا: ليلة سبعه
عشر (3) من شهر رمضان، وليلة تسعة عشر، وليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث
وعشرين وفيها يرجى ليلة القدر، وغسل العيدين، وإذا دخلت الحرمين، ويوم تحرم
ويوم الزيارة، ويوم تدخل البيت، ويوم التروية، ويوم عرفة، وإذا غسلت ميتا و
كفنته أو مسسته بعد ما يبرد، ويوم الجمعة، وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله فاستيقظت ولم تصل فعليك إن تغتسل وتقضى الصلاة (4)، وغسل الجنابة فريضة ".
173 - وقال الصادق عليه السلام: " غسل الجنابة والحيض واحد " (5).
174 - وأن من قتل وزغا فعليه الغسل " (6).

(1) لما يلزم منهم من الحركة العنيفة والتعب في الجملة. وفى بعض النسخ " ولا اكراه "
أي ليست بغير إرادة، وعليها فالواو للحال.
(2) في بعض النسخ " باب الاغتسال ".
(3) أي غسل ليلة سبعة عشر بقرينة قوله بعد ذلك. ولو كان المراد عد المواطن لم
يستقم ذلك على أن الباب معقود لتعداد الأغسال دون المواطن.
(4) يستحب الغسل لقضاء صلاة الكسوف إذا تركها متعمدا مع استيعاب الاحتراق
وهو مذهب أكثر الأصحاب وقيل بوجوبه.
(5) أي نوع واحد أو يكفي غسل واحد لهما (مراد) وقال المجلسي - رحمه الله -
قوله " واحد " يعنى في الكيفية، وربما يستدل بها على أنه لا يجب في غسل الحيض وضوء
كما ذهب إليه جماعة من الأصحاب، ويؤيده قوله (ع) " أي وضوء أطهر من الغسل " ويمكن
أن يراد به التداخل وهو بعيد.
(6) في روضة الكافي تحت رقم 304 عن عبد الله بن طلحة قال: " سألت أبا عبد الله (ع)
عن الوزغ فقال: رجس وهو مسخ كله فإذا قتلته فاغتسل - الحديث ". وقال في المرآة
المشهور بين الأصحاب استحباب ذلك الغسل.
77

وقال بعض مشايخنا: إن العلة في ذلك أنه يخرج من ذنوبه فيغتسل منها (1).
175 - وروي " أن من قصد إلى مصلوب فنظر إليه وجب عليه الغسل عقوبة " (2).
176 - وسأل سماعة بن مهران أبا عبد الله عليه السلام " عن غسل الجمعة فقال:
واجب (3) في السفر والحضر إلا أنه رخص للنساء في السفر لقلة الماء (4). وغسل
الجنابة واجب، وغسل الحيض واجب، وغسل المستحاضة واجب، وإذا احتشت
بالكرسف فجاز الدم الكرسف فعليها الغسل لكل صلاتين، وللفجر غسل، وإن لم
يجز الدم الكرسف فعليها الوضوء لكل صلاة (5)، وغسل النفساء واجب، وغسل

(1) روى في بعض الأخبار " أن أعداء آل محمد صلى الله عليه وآله يصيرون وزغا بعد الموت فقتلهم
كفارة للذنوب ".
(2) قيده بعض الأصحاب بما بعد ثلاثة أيام، وعمم المصلوب بأعم من الحق والباطل
وبالهيئة الشرعية أو بغيرها وحمل الوجوب على الاستحباب المؤكد (م ت).
(3) ذهب إلى وجوب غسل الجمعة جماعة منهم الكليني والصدوق وشيخنا البهائي رحمهم الله
على ما نقل عنهم لظاهر كثير من الاخبار لكن المشهور استحبابه، والوجوب في تلك الأخبار
منزل على تأكد الاستحباب وفيها قرائن كثيرة على إرادة هذا المعنى كعد غيره من
الأغسال المستحبة في عرض تلك الأخبار.
(4) يعنى إذا كان الماء قليلا أو لكون الماء في السفر قليلا غالبا فلو لم يغتسل لا يضرها
مع وجوب الماء فكأنه رخص لهم مطلقا وهذه علتها، ويؤيد وجوب غسل الجمعة الأخبار الصحيحة
بلفظ الوجوب وعارضها أخبار صحيحة أيضا أنه سنة وليس بفريضة وان أمكن الجمع
بينهما بان ثبت وجوبها بالسنة لكن لما كان اطلاق الوجوب في الاخبار على السنة الوكيدة
شايع أشكل الحكم مع وجود المعارض فالاحتياط أنه لا يترك ولا ينوى الوجوب والندب بل
لقصد القربة. (م ت)
(5) لا خلاف بين الأصحاب في وجوب الأغسال الثلاثة للكثيرة وإنما الخلاف في
المتوسطة وظاهر الخبر وجوبه وان حكمها الكثيرة والذي يظهر من أكثر الاخبار تثنية
حكمها لا التثليث كما هو المشهور (م ت) وقال الفاضل التفرشي: لعل سكوته عن تقسيم
هذا القسم إلى الذي لم يثقب الكرسف ففيه الوضوء فقط، والى ما يثقبه ولم يسل ففيه مع
ذلك غسل لصلاة الغداة لعدم احتياج المخاطبين إليه أو لاغناء اشتهاره عن البيان.
78

المولود واجب (1)، وغسل الميت واجب، وغسل من غسل ميتا (2) واجب، وغسل
المحرم واجب (3)، وغسل يوم عرفة واجب، وغسل الزيارة واجب (4) إلا من
[به] علة، وغسل دخول البيت واجب، وغسل دخول الحرم واجب، ويستحب أن لا
يدخله الرجل إلا بغسل (5) وغسل المباهلة واجب (6)، وغسل الاستسقاء واجب (7)
وغسل أول ليلة من شهر رمضان يستحب، وغسل ليلة إحدى وعشرين سنة، وغسل
ليلة ثلاث وعشرين لا تتركه فإنه يرجى في إحداهما ليلة القدر، وغسل يوم الفطر
وغسل يوم الأضحى لا أحب تركهما، وغسل الاستخارة يستحب " (8).

(1) حمل على تأكد الاستحباب وذهب بعضهم إلى وجوبه وقال: يجب حين الولادة
ولابد فيه من النية وهو متروك والمراد بالوجوب الاستحباب المؤكد لما رواه الشيخ (ره) عن
سماعة عن أبي عبد الله (ع) قال: " وغسل المولود مستحب لأنه خرج من محل الخبث واستحب
غسله ".
(2) في بعض النسخ " غسل من مس ميتا " ولعله تفسير.
(3) يعنى حين يريد الاحرام للحج أو العمرة تجوزا، فالأكثر على الاستحباب وذهب
بعضهم إلى الوجوب. (م ت)
(4) أي زيارة البيت وطوافه.
(5) قرينة على إرادة تأكيد الاستحباب من الوجوب. (سلطان)
وقال الفاضل التفرشي: ذكر ذلك بعد ما ذكر أنه واجب وهو دال على تأكيد
الاستحباب كما في نظائره لعله للفرق بين الرجل والمرأة، فاستحبابه للمرأة مقيد بكون
الدخول لقصد الزيارة وللرجل مطلقا. (مراد)
(6) وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة على المشهور، وقيل الخامس والعشرون
منه (مراد).
(7) يعنى لصلاة الاستسقاء أو الأعم منها ومن الدعاء للاستسقاء (م ت).
(8) ظاهره الاستحباب مطلقا والمشهور أنه لصلاة الاستخارة التي وردت فيها الغسل
ويحمل هذا المطلق على ذلك المقيد (م ت).
وقال الفاضل التفرشي: ظاهره يدل على استحبابه لكل استخارة لئلا يتأخر البيان عن
79

177 - وقال رجل للصادق عليه السلام: " إن لي جيرانا ولهم جوار يتغنين ويضربن
بالعود فربما دخلت المخرج فأطيل الجلوس استماعا مني لهن فقال له الصادق عليه السلام:
لا تفعل، فقال: والله ما هو شئ آتيه برجلي إنما هو سماع أسمعه بأذني (1)، فقال
الصادق عليه السلام: تا لله أنت (2) أما سمعت الله عز وجل يقول: " إن السمع والبصر والفؤاد
كل أولئك كان عنه مسؤولا " فقال الرجل: كأنني لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله
عز وجل من عربي ولا عجمي، لا جرم أني قد تركتها، وأنا أستغفر الله تعالى،
فقال له الصادق عليه السلام: قم فاغتسل وصل ما بدا لك (3)، فلقد كنت مقيما على أمر
عظيم ما كان أسوأ حالك لو مت على ذلك! استغفر الله تعالى واسأله التوبة من كل
ما يكره فإنه لا يكره إلا القبيح والقبيح دعه لأهله فإن لكل أهلا " (4).

وقت الحاجة والأصل عدم علم المخاطبين بما يغنيهم عن البيان لكنهم رضي الله عنهم يخصصون
ذلك بصلاة خاصة للاستخارة.
(1) أي لم أقصد بدخول المخرج استماع الغناء ليكون الاتيان حراما بل الدخول لقضاء
الحاجة، وبعد ما دخلت اتفق السماع.
(2) في بعض النسخ " تالله تب " وفى بعضها " بالله أنت ". وقوله: " تالله أنت "
الظاهر أن " أنت " مبتدأ خبره محذوف، ويمكن أن يكون تقول قولا عجيبا.
(3) أي ما ظهر لك أنه ينبغي أن تصلى وحاصله أي صلاة تريد. وسمعت شيخنا
- رحمه الله - يقول: ان أصحابنا - رضوان الله تعالى عليهم - استدلوا بهذا الحديث على
استحباب غسل التوبة وهو كما يدل على ذلك يدل على استحباب الصلاة لها، والعجب أن
أحدا منهم لم يعد تلك الصلاة من أقسام الصلاة المندوبة، ويمكن أن يقال: قوله عليه
السلام " ما بدا لك " يدل على الاتيان بالصلاة أي صلاة كانت لأنها تذهب السيئة وذلك يشمل
الصلاة الموظفة فلم يدل على استحباب صلاة لأجل التوبة بخلاف الغسل إذ ليس له فرد موظف
في كل يوم ليكتفي به (مراد).
(4) لا خلاف في حرمة الغناء للاخبار الكثيرة وربما يفهم من هذا الخبر أنها كبيرة للامر
بالتوبة بناء على أن الصغائر مكفرة لا يحتاج إليها وفيه أن الاجتناب من الكبائر مكفرة
للصغائر لا مطلقا. (م ت)
80

والغسل كله سنة ما خلا غسل الجنابة (1) وقد يجزي الغسل من الجنابة عن
الوضوء لأنهما فرضان اجتمعا فأكبرهما يجزي عن أصغرهما (2). ومن اغتسل لغير
جنابة فليبدأ بالوضوء ثم يغتسل، ولا يجزيه الغسل عن الوضوء (3)، لان الغسل
سنة والوضوء فرض ولا يجزي السنة عن الفرض.
باب
* (صفة غسل الجنابة) *
قال أبي رضي الله عنه في رسالته إلي: إذا أردت الغسل من الجنابة فاجتهد
أن تبول ليخرج ما بقي في إحليلك من المني، ثم اغسل يديك ثلاثا (4) من قبل أن

(1) أي ثبت وجوبه واستحبابه بالسنة دون الكتاب سوى غسل الجنابة فان وجوبه ثبت
بقوله تعالى: " وان كنتم جنبا فاطهروا " وقوله " ولا جنبا الا عابري سبيل حتى تغتسلوا ".
(2) مضمونه في الخبر فيكون من قبيل بيان العلل الشرعية، واما الاستدلال بمثله
فمشكل لان ثبوت أمرين بالكتاب لا يقتضى كفاية أكبرهما عن أصغرهما بديهة، وليس دليل
يدل عليه وكذا ثبوت أمر بالنسبة لا يقتضى عدم كفايته عما ثبت بالكتاب. (مراد)
وقال المولى المجلسي - رحمه الله -: لو كان هذا القول من الخبر أمكن أن يكون موافقا
للواقع ومما شاة للرد على العامة في استحساناتهم العقلية ولو كان من الصدوق - رحمه الله -
فهو عجيب.
(3) أجمع علماؤنا على أن غسل الجنابة مجز عن الوضوء، واختلف في غيره من
الأغسال فالمشهور أنه لا يكفي بل تجب معه الضوء للصلاة سواء كان فرضا أو سنة، وقال
السيد المرتضى: لا يجب الوضوء مع الغسل سواء كان فرضا أو نقلا وهو اختيار ابن الجنيد
وقواء شيخنا المعاصر (مراد).
(4) الظاهر الاستحباب وان لم يكن من الاناء وان تأكد الاستحباب في الاناء قبل
ادخال اليد فيه لرفع النجاسة الوهمية، والظاهر حصول الاستحباب بالمرة والمرتين وإن كان
الثلاث أفضل. (م ت)
81

تدخلهما الاناء وإن لم يكن بهما قذر، فإن أدخلتهما الاناء وبهما قذر (1) فأهرق
ذلك الماء، وإن لم يكن بهما قذر فليس به بأس، وإن كان أصاب جسدك مني فاغسله
عن بدنك، ثم استنج واغسل وأنق فرجك (2)، ثم ضع على رأسك ثلاث أكف من
ماء، وميز الشعر بأناملك (3) حتى يبلغ الماء إلى أصل الشعر كله.
وتناول الاناء بيدك وصبه على رأسك وبدنك مرتين، وامرر يدك على بدنك
كله، وخلل أذنيك بإصبعيك، وكلما أصابه الماء فقد طهر (4) فانظر أن لا تبقى
شعرة من رأسك ولحيتك إلا [و] يدخل الماء تحتها، ومن ترك شعرة من الجنابة لم
يغسلها متعمدا فهو في النار (5).

(1) المراد بالقذر هنا النجس.
(2) قوله " استنج " أي بعد ما غسلت المنى عن بدنك غير محل الاستنجاء. وقوله
" اغسل " لبيان أن إزالة المنى عن محل الاستنجاء إن كان قد وصل إليه لا يكون الا بالماء.
ويمكن ان يراد بالاستنجاء ما كان بالمسحات الثلاث فيكون جمع الغسل معه للاستحباب.
وقوله " أنق " تأكيد للفعل. (مراد)
(3) هذا قبل الغسل من باب المقدمة الاحتياطية ليصل الماء حين الفعل إلى أصل الشعر
بلا مشقة.
(4) المراد بالإصابة الجريان، فلا يوجب التقديم والتأخير في الجانبين، لكن
المشهور تقديم اليمين على اليسار كما هو ظاهر حسنة زرارة " قال: كيف يغتسل الجنب؟ فقال:
ان لم يكن أصاب كفه شئ غمسها في الماء، ثم بدء بفرجه فأنقاه بثلاث غرف، ثم صب على
رأسه ثلاث اكف، ثم صب على منكبه الأيمن، وعلى منكبه الأيسر مرتين، فما جرى عليه الماء
فقد أجزأه " الكافي ج 3 ص 43 فكما أن الظاهر تقديم الرأس على اليمين تقديم اليمين
على اليسار وان لم يدل عليه اللفظ لغة. ويمكن أن يستدل على وجوب تقديم جانب اليمين
بما دل من الاخبار على أن غسل الميت كغسل الجنابة ويجب الترتيب فيه اجماعا كما صرح به
في المعتبر.
(5) الظاهر أن المراد مقدار شعره أو ما تحت الشعر لأن الظاهر أنه لم يقل أحد
بوجوب غسل الشعر. (م ت)
82

ومن ترك البول على أثر الجنابة أو شك أن يتردد بقية الماء في بدنه فيورثه
الداء الذي لا دواء له.
ومن أحب أن يتمضمض ويستنشق في غسل الجنابة فليفل وليس ذلك بواجب (1)
لان الغسل على ما ظهر لا على ما بطن، غير أن الرجل إذا أراد أن يأكل أو يشرب
قبل الغسل لم يجز له إلا أن يغسل يديه ويتمضمض ويستنشق فإنه إن أكل أو شرب
قبل أن يفعل (2) ذلك خيف عليه [من] البرص (3).
178 - وروي " أن الاكل على الجنابة يورث الفقر " (4).
179 - وقال عبيد الله بن علي الحلبي (5) " سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل
أينبغي له أن ينام وهو جنب؟ فقال: يكره ذلك حتى يتوضأ ".
180 - وفي حديث آخر قال: " أنا أنام على ذلك حتى أصبح وذلك أني أريد
أن أعود " (6).
181 - وقال (7) عن أبيه عليهما السلام: " إذا كان الرجل جنبا لم يأكل ولم يشرب

(1) ظاهره عدم الاستحباب ويحمل على عدم الوجوب للاخبار الكثيرة بالامر بهما
وأقل مراتبه الاستحباب. (م ت)
(2) في بعض النسخ " أن يغسل " وأقول: راجع الوسائل باب استحباب المضمضة
والاستنشاق قبل الغسل.
(3) كما رواه الكليني - رحمه الله - في الكافي ج 3 ص 51.
(4) رواه المصنف في الخصال ص 505 مسندا عن أمير المؤمنين عليه السلام.
(5) طريق الصدوق - رحمه الله - إليه صحيح (كما في الخلاصة للعلامة - رحمه
الله -) وكتابه معروض على الصادق عليه السلام ومدحه، وأصحاب الحديث يعتبرونه غاية
الاعتبار وكأنه عندهم بمنزلة المسموع عنه عليه السلام. (م ت)
(6) ذكر هذا الخبر هنا لبيان الجواز وفيه اشعار بعدم الكراهة لمن يريد العود.
(7) تتمة حديث الحلبي - رحمه الله - يعنى أن أبا عبد الله نقل عن أبيه عليهما السلام.
83

حتى يتوضأ " (1).
182 - وقال: " إني أكره الجنابة حين تصفر الشمس (2) وحين تطلع وهي صفراء. "
183 - قال الحلبي: " وسألته عن الرجل يغتسل بغير إزار حيث لا يراه
أحد،: لا بأس به ".
184 - وقال: " وسئل عن الرجل يصيب المرأة فلا ينزل أعليه غسل؟ قال:
كان علي عليه السلام يقول: إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل ".
185 - وكان علي عليه السلام يقول: " كيف لا يوجب الغسل والحد يجب فيه (3). قال:
يجب عليه المهر والغسل ".
186 - وسئل (4) " عن الرجل يصيب المرأة فيما دون الفرج (5) أعليها غسل

(1) استدل به على كراهة الأكل والشرب للجنب قبل الوضوء.
(2) كناية عن قربها من الغروب كما أن ما بعدها كناية عن قربها من الطلوع (مراد).
(3) الظاهر أن قوله " كان على " ليس من رواية الحلبي إنما هي كما في التهذيب
ج 1 ص 33 من رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام " قال جمع عمر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله
فقال: ما تقولون في الرجل يأتي أهل فيخالطها ولا ينزل؟ فقالت الأنصار الماء من الماء، وقال
المهاجرون: إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل، فقال عمر لعلى عليه السلام:
ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال عليه السلام: أتوجبون عليه الحد والرجم، ولا توجبون عليه
صاعا من الماء، إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل، فقال عمر: القول ما قال
المهاجرون ودعوا ما قالت الأنصار ". وهذا الكلام منه عليه السلام لبيان العلل رفعا لاستبعاد
القول بايجابه الغسل وليس من القياس المحكوم في مذهب أهل البيت عليهم السلام فلذا
صرح بالحكم بعده وقال: " إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ".
(4) هذا من تتمة رواية الحلبي - رحمه الله - كما هو الظاهر من الكافي ج 3 ص
46. وكذا الخبر الآتي.
(5) الفرج في أصل اللغة الشق بين الشيئين كالفرجة، وكنى به عن السوأة لانفراجها
وكثر استعماله حتى صار كالصريح، قال الله تعالى " والذين هم لفروجهم حافظون " والمراد
بالفرج في هذا الخبر مطلق السوأة قبلا ودبرا. ويؤيد ما ذكرنا لفظ الخبر في الكافي فان
فيه " سألت أبا عبد الله عن المفخذ عليه غسل - الحديث ". ويراد بالمفخذ من أصاب فيما
بين الفخذين من دون ايلاج وفى بعض النسخ " دون ذلك ".
84

إن هو أنزل ولم تنزل هي؟ قال: ليس عليها غسل وإن لم ينزل هو فليس عليه غسل ".
187 - وسئل عن الرجل يغتسل ثم يجد بعد ذلك بللا وقد كان بال قبل أن
يغتسل؟ قال: ليتوضأ، وإن لم يكن بال قبل الغسل فليعد الغسل " (1).
88 - وروي في حديث آخر " (2) إن كان قد رأى بللا ولم يكن بال فليتوضأ
ولا يغتسل إنما ذلك من الحبائل ".
قال مصنف هذا الكتاب: أعاد الغسل أصل والخبر الثاني رخصة (3).

(1) يحمل على كون المراد من البلل أحد النواقض يعنى رأى بللا مشتبها بين
المنى والبول لا غير، لان البلل الخارج من الإحليل إذا لم يعلم كونه ماذا لا يوجب غسلا ولا
وضوءا لأصالة البراءة.
(2) هذا الخبر من رواية جميل بن دراج عن الصادق عليه السلام وليس من رواية
الحلبي كما في التهذيب ج 1 ص 40 وحمل على ما إذا كان اجتهد في البول فلم يتأت له فحينئذ
لم يلزم إعادة الغسل. أو يكون ذلك مختصا بمن ترك البول ناسيا كما في خبر أحمد بن هلال المروى
في التهذيب ج 1 ص 40 " قال: سألته عن رجل اغتسل قبل أن يبول فكتب ان الغسل بعد البول
لان أن يكون ناسيا فلا يعيد ومنه الغسل " وقال لفاضل التفرشي: قوله في الخبر السابق " فليعد
الغسل " يمكن حمله على الاستحباب ان لم يقع الاجماع على الوجوب جمعا بينه وبين هذا الخبر
من قوله عليه السلام " فليتوضأ ولا يغتسل " أي وجوبا. وفسر الحبائل بعروق في الظهر، ويستفاد
من ذلك استحباب الوضوء أيضا لان موجبه البول دون ما يخرج من الحبائل فوجه استحباب
الوضوء احتمال كونه مخلوطا بالبول وفى الغسل احتمال كونه مخلوطا بالمنى.
(3) لعل مراد المصنف - رحمه الله - أن الإعادة هي الواجبة وما دل عليه الخبر
الثاني من عدم الغسل للضرورة كأكل الميتة للمضطر ويراد به ما ذكره الشيخ من أن من
لم يقدر على البول لا يعيد الغسل فيكون الرخصة لمن هذا شأنه ولا يخفى ما في هذا الحمل
لان الرخصة لا وجه لها حينئذ إذ الجامع غير قائم في صورة عدم امكان البول فلا يتم معنى
الرخصة وجواب هذا يعلم من معنى الرخصة في الأصول، وبالجملة فمقصود المصنف غير واضح
ويحتمل أن المراد الرخصة في انسان خاص للضرورة وهو بعيد (شيخ محمد).
85

189 - وسئل (1) " عن الرجل ينام ثم يستيقظ فيمس ذكره فيرى بللا ولم
ير في منامه شيئا أيغتسل؟ قال: لا إنما الغسل من الماء الأكبر " (2).
190 - و " عن المرأة (3) ترى في المنام ما ير الرجل، قال: إن أنزلت فعليها
الغسل وإن لم تنزل فليس عليها غسل ".
191 - قال الحلبي حدثني من سمعه يقول: إذا اغتمس الجنب في الماء
اغتماسة واحدة أجزأه ذلك من غسله " (4).
ومن أجنب في يوم أو في ليلة مرارا أجزأه غسل واحد إلا أن يكون يجنب
بعد الغسل أو يحتلم، فإن احتلم فلا يجامع حتى يغتسل من الاحتلام (5).
ولا بأس بأن يقرأ الجنب القرآن كله ما خلا العزائم التي يسجد فيها وهي سجدة
لقمان (6) وحم السجدة، والنجم، وسورة اقرأ باسم ربك.

(1) من تتمة رواية الحلبي على الظاهر.
(2) هذا يدل على عدم وجوب الغسل بالبلل لتوقفه على العلم بكون ذلك من الماء
الأكبر (مراد) والحصر إضافي بالنسبة إلى المياه التي تخرج من مخرج البول ومحمول
على ما لم يعلم كونه منيا.
(3) من تتمة رواية الحلبي - رحمه الله - كما هو الظاهر من التهذيب ج 1 ص 34 والكافي
ج 3 ص 48.
(4) يفهم منه أن الأصل في الغسل الترتيب، والارتماس مجز عنه، وظاهر الاخبار أنه
لا يحتاج إلى نية الترتيب والآن الترتيب الحكمي يحصل منه كما ذكره جماعة من الأصحاب
والظاهر أنه إذا كان أكثره في الماء أيضا وغمس في الماء بعد النية أو نوى بعد الغمس
يكفي ولا يحتاج إلى الخروج عن الماء وإن كان أحوط. (م ت)
(5) لم يقل: أو يتوضأ كما في كثير من الكتب فلعله لم يصل إليه دليل على ارتفاع
الكراهة بالوضوء. (مراد)
(6) أي سورة السجدة التي بعد سورة لقمان وهي ألم تنزيل.
86

ومن كان جنبا أو على غير وضوء فلا يمس القرآن، وجائز له أن يمس الورق
أو يقلب له الورق غيره ويقرأ هو ويذكر الله عز وجل.
ولا يجوز للحائض والجنب أن يدخلا المسجد إلا مجتازين (1) ولهما أن يأخذا
منه وليس لهما أن يضعا فيه شيئا (2) لان ما فيه لا يقدران على أخذه من غيره وهما
قادران على وضع ما معهما في غيره.
وإذا أرادت المرأة أن تغتسل من الجنابة فأصابها حيض فلتترك الغسل إلى أن
تطهر، فإذا طهرت اغتسلت غسلا واحدا للجنابة والحيض.
ولا بأس بأن يختضب الجنب (3) ويجنب وهو مختضب، ويحتجم، ويذكر الله
تعالى، ويتنور، ويذبح، ويلبس الخاتم، وينام في المسجد ويمر فيه (4) ويجنب أول
الليل وينام إلى آخره، ومن أجنب في أرض ولم يجد الماء إلا ماء جامدا ولا يخلص

(1) لا نعرف فيه خلافا الا من سلار من أصحابنا فإنه كرهه. (منتهى المطلب)
(2) هو مذهب علمائنا أجمع الا سلار فإنه كره الوضع (المنتهى)
(3) قال في المنتهى: الخضاب مكروه للجنب وهو اختيار الشيخ والسيد المرتضى
والمفيد، وقال ابن بابويه " لا بأس أن يخضب - الخ " فأسند الخلاف إليه - رحمه الله - و
يمكن حمل كلامه على نفى التحريم فلا مخالفة.
(4) في التهذيب ج 1 ص 105 عن الحسين بن سعيد عن محمد بن القاسم قال: " سألت
أبا الحسن (ع) عن الجنب ينام في المسجد فقال: يتوضأ ولا بأس أن ينام في المسجد ويمر فيه ".
وأفتى المصنف - رحمه الله - بمضمون هذا الخبر ولكن الفقهاء حملوه على الضرورة أو
على التقية فان جماعة من العامة يستبيحون استيطان المساجد للجنب بالوضوء وبعضهم يجوزه
بغير وضوء. وقال الفاضل التفرشي: قوله " وينام في المسجد " ظاهره يفيد جواز اللبث
فيه إذ لابد من النائم فيه أن يلبث زمانا يقظان، الا أن يراد به النوم الذي يحصل له من
غير اختيار.
87

إلى الصعيد (1) فليصل بالمسح (2)، ثم لا يعد إلى الأرض التي يوبق فيها دينه (3).
وقال أبي رحمه الله في رسالته إلي: لا بأس بتبعيض الغسل، تغسل يديك
وفرجك ورأسك وتؤخر غسل جسدك إلى وقت الصلاة، ثم تغسل جسدك إذا أردت
ذلك، فإن أحدثت حدثنا من بول أو غائط أو ريح بعد ما غسلت رأسك من قبل أن تغسل
جسدك فأعد الغسل من أوله (4) فإذا بدأت بغسل جسدك قبل الرأس فأعد الغسل
على جسدك بعد غسل رأسك.
باب
* (غسل الحيض والنفاس) *
192 - قال الصادق عليه السلام: " أول دم وقع على وجه الأرض دم حواء حين
حاضت ".
193 - وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام: " إن الحيض للنساء نجاسة رماهن الله

(1) خلص إليه الشئ: وصل. أي لا يظفر بالتراب أو وجه الأرض للتيمم ولا يجد
طريقا للوصول إلى التراب.
(2) ظاهره أنه يمسح بدنه برطوبة ذلك الجمد أو الثلج فيغتسل بها ويؤيده ما اختار
سابقا من أن الوضوء بالثلج جائز، ويحتمل بعيدا كون مراده التيمم على الجمد والثلج
(سلطان) وقال التفرشي: ظاهره أن المراد انه يمسح الماء الجامد على بدنه ويغتسل بتلك
الرطوبة، ويحتمل أن يريد بالمسح ضرب اليد على وجعله بمنزلة التراب للتيمم، ويؤيد
ذلك قوله " ولا يخلص إلى الصعيد " حيث أخره عن التيمم بالصعيد ولو كان المراد الاغتسال
به كان مقدما على التيمم.
(3) أوبقه ايباقا: أهلكه.
(4) هذا مذهب الشيخ وابن بابويه، وقال ابن البراج: يتم الغسل ولا شئ عليه.
وهو اختيار ابن إدريس، وقال السيد المرتضى: يتم الغسل ويتوضأ إذا أراد الدخول في
الصلاة (سلطان).
88

عز وجل بها، وقد كن النساء (1) في زمن نوح عليه السلام إنما تحيض المرأة في السنة حيضة
حتى خرج نسوة من مجانهن (2) وكن سبعمائة امرأة فانطلقن فلبسن المعصفرات من
الثياب وتحلين وتعطرن، ثم خرجن فتفرقن في البلاد فجلسن مع الرجال، وشهدن
الأعياد معهم، وجلسن في صفوفهم فرماهن الله عز وجل بالحيض عند ذلك في كل
شهر يعني أولئك النسوة بأعيانهن (3) فسالت دماؤهن فأخرجن من بين الرجال فكن
يحضن في كل شهر حيضة فشغلهن الله تعالى بالحيض وكسر شهوتهن قال وكان غيرهن من النساء
اللواتي لم يفعلن مثل ما فعلن يحضن في كل سنة حيضة قال فتزوج بنو اللائي يحضن في كل شهر
بنات اللائي يحضن في كل سنة حيضة فامتزج القوم فحضن بنات هؤلاء وهؤلاء في كل شهر
حيضة، فكثر أولاد اللائي يحضن في كل سنة حيضة لاستقامة الحيض (4) وقل أولاد
اللائي يحضن في كل سنة حيضة لفساد الدم، قال: فكثر نسل هؤلاء وقل نسل أولئك.
194 - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " إن فاطمة (صلوات الله عليها) ليست كأحد منكن
إنها لا ترى دما في حيض ولا نفاس كالحورية ".
195 - وسئل الصادق عليه السلام " عن قول الله عز وجل: " لهم فيها أزواج مطهرة "
قال: الأزواج المطهرة اللائي لم يحضن ولا يحدثن ".
وقال أبي رحمه الله في رسالته إلي: إعلم أن أقل أيام الحيض ثلاثة أيام،
وأكثرها عشرة أيام، فان رأت المرأة الدم ثلاثة أيام وما زاد إلى عشرة أيام فهو حيض

(1) كذا والظاهر وقد كانت النساء من غير ضمير الجمع مع الفاعل الظاهر الا أن
يقال إن سام الظاهر بدل عن الضمير. (سلطان)
(2) المجن: الموضع الذي يستتر فيه. وفى بعض النسخ " محاربيهن " وفى بعضها
حجالهن وفى بعضها " مخازنهن " وفى بعضها " مخابهن ".
(3) أي بأشخاصهن.
(4) إضافة الاستقامة إلى الحيض من قبيل إضافة المسبب إلى السبب أي استقامة المزاج
من جهة الحيض فكثرة الحيض سبب كثرة النسل لاستقامة المزاج المثمرة للحمل على خلاف
الامر في احباس الحيض فان سبب لفساد الدم وعدم استقامة المزاج فتعسر الحمل وتقل النسل
فاللام للتعليل لا للعاقبة كما ربما يتوهم (م ح ق).
89

وعليها أن تترك الصلاة ولا تدخل المسجد إلا أن تكون مجتازة، ويجب عليها (1) عند
حضور كل صلاة أن تتوضأ وضوء الصلاة وتجلس مستقبلة القبلة وتذكر الله بمقدار
صلاتها كل يوم.
فإن رأت الدم يوما أو يومين فليس ذلك من الحيض ما لم تر الدم ثلاثة أيام
متواليات (2) وعليها أن تقضي الصلاة التي تركتها في اليوم أو اليومين، وإن رأت الدم
أكثر من عشرة أيام فلتقعد عن الصلاة عشرة أيام (3) وتغتسل يوم حادي عشر و
تحتشي فإن لم يثقب الدم الكرسف صلت صلاتها كل صلاة بوضوء، وإن
ثقب الدم الكرسف ولم يسل صلت صلاة الليل وصلاة الغداة بغسل وسائر الصلوات
بوضوء. (4) وإن غلب الدم الكرسف وسال صلت بصلاة الليل وصلاة الغداة بغسل، والظهر
والعصر بغسل، تؤخر الظهر قليلا وتعجل العصر وتصلي المغرب والعشاء الآخرة
بغسل واحد (5) تؤخر المغرب قليلا وتعجل العشاء الآخرة إلى أيام حيضها، فإذا
دخلت في أيام حيضها تركت الصلاة.

(1) نقل العلامة - رحمه الله - في المختلف هذا الكلام عن أب المنصف ويحتمل تأكيد
الاستحباب كما مر في نظائره وهو مبالغة في استحبابه.
(2) هل يشترط في الثلاثة الأيام التوالي للأصحاب فيه قولان: قال الشيخ في النهاية:
لا يشترط التوالي بمعنى أنها لو رأت الأول والثالث والخامس مثلا لكان حيضا، وقال في
المبسوط والجمل: يشترط التتابع وبه قال ابن بابويه والسيد المرتضى واتفق الفريقان
على أنه يشترط كون الثلاثة من جملة العشرة. (منتهى المطلب)
(3) هذا في المبتدئة والمضطربة وأما ذات العادة فلا، بل ترجع إلى العادة على
المشهور.
(4) هذا مخالف لما سبق من الحكم بثلاثة أغسال لمطلق ثقب الكرسف، ولعل هذا
مختار أبيه وذلك مختاره. (سلطان)
(5) هذا إذا ما لم يحصل الفاصلة المعتد بها والا اغتسلت غسلين كما ذكره الأصحاب
وكذا في كل جميع. (م ت).
90

ومتى اغتسلت (1) على ما وصفت حل لزوجها أن يأتيها، وأقل الطهر عشرة
أيام وأكثره لا حد له، والحائض تغتسل بتسعة أرطال من الماء بالرطل المدني (2).
وإذا رأت المرأة الصفرة في أيام الحيض فهو حيض، وإن رأت في أيام الطهر
فهو طهر.
196 - وروي " في المرأة ترى الصفرة أنه إن كان ذلك قبل الحيض بيومين فهو
من الحيض، وإن كان بعد الحيض بيومين (3) فليس من الحيض (4) ".
وغسل الجنابة والحيض واحد، ولا يجوز للحائض أن تختضب (5) لأنه يخاف
عليها من الشيطان.
197 - و " سأل سلمان الفارسي رحمة الله عليه أمير المؤمنين عليه السلام عن رزق الولد في بطن أمه، فقال: إن الله تبارك وتعالى حبس عليه الحيضة فجعلها رزقه في
بطن أمه ".
والحبلى إذا رأت الدم تركت الصلاة، فإن الحبلى ربما قذفت الدم وذلك

(1) أي من الحيض فان المستحاضة حل لزوجها بدون الغسل. وظاهر كلامه عدم الحل
لو لم تغتسل بعد الطهر. والمسألة خلافية.
(2) لعل مستنده كتاب الصفار إلى أبى محمد (ع) كما يأتي تحت رقم 393.
(3) خلاف المشهور من الفتوى الا ان يحمل على الزائد على العشرة وحينئذ لا
خصوصية له بيومين. (سلطان)
(4) المفهوم من هذه الرواية أن ذات العادة تترك العبادة بمجرد رؤية الصفرة قبل
أيام عادتها بيومين، وتعمل عمل المستحاضة إذا رأتها بعد أيام عادتها بيومين وهذه الرواية
وما يقرب منها مذكورة في الكافي ج 3 ص 78. (مراد)
(5) الظاهر الكراهة لاخبار صحيحة بالجواز وظاهر كلامه الحرمة مع أنه يمكن
حمل كلامه على الكراهة. (م ت)
(6) لان الزينة ربما يوجب ميل الزوج إلى الجماع.
91

إذا رأت الدم كثيرا أحمر، فإن كان قليلا أصفر فلتصل وليس عليها إلا الوضوء (1)،
والحائض إذا طهرت فعليها أن تقضي الصوم وليس عليها أن تقضي الصلاة، وفي ذلك
علتان إحداهما: ليعلم الناس أن السنة لا تقاس، والأخرى: لأن الصوم إنما هو
في السنة شهر، والصلاة في كل يوم وليلة، فأوجب الله عز وجل عليها قضاء الصوم ولم
يوجب عليها قضاء الصلاة لذلك.
ولا يجوز أن يحضر الجنب والحائض عند التلقين (2) لان الملائكة تتأذى بهما.
ولا بأس بأن يليا غسله ويصليا عليه، ولا ينزلا قبره، فإن حضراه (3) ولم يجدا من
ذلك بدا فليخرجا إذا قرب خروج نفسه.
198 - وقال الصادق عليه السلام: " المرأة إذا بلغت خمسين سنة لم تر حمرة (4) إلا أن
تكون امرأة من قريش (5) ".
وهو حد المرأة التي تيأس من الحيض، والمرأة إذا حاضت أول حيضها (6) فدام دمها
ثلاثة أشهر وهي لا تعرف أيام أقرائها فاقراؤها مثل اقراء نسائها، وإن كن نساؤها
مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيام، والقرء [و] (7) هو جمع الدم بين الحيضتين وهو الطهر

(1) ظاهر الأخبار الصحيحة دل على جواز اجتماع الحيض والحمل، وما ورد بعدم
اجتماعهما محمول على الغالب أو على ما لم يكن في زمان الحيض. (م ت)
(2) حمل على الكراهة الشديدة. والمراد بالتلقين حالة الاحتضار.
(3) أي حين الاحتضار.
(4) ألحق الشيخ - رحمه الله - النبطية بالقرشية في البلوغ إلى الستين (المنتهى).
(5) في بعض النسخ " لا ترى حمرة ".
(6) أي المبتدئة. وقوله: " فدام دمها " أي استمر.
(7) في أكثر النسخ بدون الواو ولا غبار عليه فان خبر المبتدأ لفظ جمع الدم في
بعض النسخ مع الواو وعلى ذلك اما يقدر خبر المبدأ أو الظروف خبر المبدأ بين الحيضتين، وقوله: " وهو جمع الدم " جملة معترضة، والمراد أن القرء ما بين الحيضتين. (سلطان)
وقال الفاضل التفرشي: قوله: " والقرء هو جمع الدم " القرء مبتدأ حذف خبره وأقيم تعليله
مقامه أي القرء سمى قرءا لأن المرأة تقرء الدم - الخ. وفى بعض النسخ " هو جمع الدم ".
92

لأن المرأة تقرأ الدم أي تجمعه في أيام طهرها، ثم تدفعه في أيام حيضها.
والمرأة التي تطهر من حيضها عند العصر (1) فليس عليها أن تصلي [عند] الظهر
إنما تصلي الصلاة التي تطهر عندها، ومتى رأت الطهر في وقت صلاة فأخرت الغسل
حتى يدخل وقت صلاة أخرى (2)، فان كانت فرطت فيها فعليها قضاء تلك الصلاة،
وإن لم تفرط وإنما كانت في تهيئة ذلك (3) حتى دخل وقت صلاة أخرى فليس عليها
القضاة، إنما تصلي الصلاة التي دخل وقتها.
فإن صلت المرأة من الظهر ركعتين ثم رأت الدم من مجلسها وليس
عليها إذا طهرت قضاء الركعتين، فإن كانت في صلاة المغرب وقد صلت منها ركعتين قامت
من مجلسها فإذا طهرت قضت الركعة (4).

(1) أي الوقت المختص بالعصر، وروى الكليني - رحمه الله - في الكافي ج 3 ص 102
باسناده عن معمر بن يحيى قال: سألت أبا جعفر (ع) عن الحائض تطهر عند العصر تصلى
الأولى؟ قال: لا إنما تصلى الصلاة التي تطهر عندها " والمراد وقت المختص لان وقت
الاجزاء موسع.
(2) أي الوقت المختص بها أيضا.
(3) أي في تهيئة أسباب ذلك مثل تحصيل الماء والظرف وغير ذلك من أسباب الغسل.
(4) في الكافي ج 3 ص 103 مسندا عن أبي الورد قال: " سألت أبا جعفر (ع) عن
المرأة التي تكون في صلاة الظهر وقد صلت ركعتين ثم ترى الدم؟ قال تقوم من مسجدها
ولا تقضى الركعتين وان كانت رأت الدم وهي في صلاة المغرب وقد صلت ركعتين فلتقم
من مسجدها، فإذا طهرت فلتقض الركعة التي فاتها من المغرب " فعمل أو أفتى بمضمونه المصنف
- رحمه الله - ورواه الشيخ في التهذيب وقال: " ما يتضمن هذا الخبر من اسقاط قضاء
الركعتين من صلاة الظهر متوجه إلى من دخل في الصلاة في أول وقتها لان من ذلك حكمه
لا يكون فرط وإذا لم يفرط لم يلزمه القضاء، وما يتضمن من الامر بإعادة الركعة من المغرب
متوجه إلى من دخل في الصلاة عند تضيق الوقت ثم حاضت فيلزمها حينئذ ما فاتها ". وقال
العلامة - رحمه الله - في المختلف ج 1 ص 39: " عول ابن بابويه على هذه الرواية
وهي متأولة على من فرطت في المغرب دون الظهر وإنما يتم قضاء الركعة بقضاء باقي الصلاة
ويكون اطلاق الركعة " على الصلاة مجازا " انتهى ولا يخفى بعده من سوق الكلام وتجاوب
الشقين.
93

وإذا كانت في الصلاة فظنت أنها قد حاضت أدخلت يدها ومست الموضع فإن
رأت الدم انصرفت، وإن لم تر شيئا أتمت صلاتها.
199 - وسئل موسى بن جعفر عليهما السلام " عن رجل اشترى جارية فمكثت عنده أشهرا
لم تطمث وليس ذلك من كبر، وذكر النساء أنه ليس بها حبل هل يجوز أن تنكح
في الفرج؟ فقال: إن الطمث قد تحبسه الريح من غير حبل، فلا بأس أن يمسها في
الفرج ".
وإذا احتبس على المرأة حيضها شهرا فلا يجوز أن تسقي دواء الطمث من يومها
لان النطفة إذا وقعت في الرحم تصير إلى علقة، ثم إلى مضغة، ثم إلى ما شاء الله
وإن النطفة إذا وقعت في غير الرحم لم يخلق منها شئ (2)، فإذا ارتفع طمثها شهرا
وجاوز وقتها التي كانت تطمث فيه لم تسق دواء (3).
وإذا اشترى الرجل جارية مدركة ولم تحض عنده حتى مضى لذلك ستة
أشهر وليس بها حبل فإن كان مثلها تحيض لم يكن ذلك من كبر فهذا عيب ترد به.
وليس على الحائض إذا طهرت أن تغسل ثيابها التي لبستها في طمثها أو عرقت
فيها إلا أن يكون أصابها شئ من الدم فتغسل ذلك منها.
فإن أصاب ثوبها دم الحيض فغسلته فلم يذهب أثره صبغته بمشق حتى يختلط

(1) لعل المراد أن ذلك قد يكون بوقوع النطفة في الرحم وصيرورتها علقة فيمنع
الحيض فلا يلزم أن تكون ذلك لمرض لتسقى دواء لرفع ذلك المرض. (مراد)
(2) بخلاف ما إذا وقعت في الرحم فإنه محتمل للحمل فلا يسقى الدواء للطمث لأنه
موجب لقتل انسان.
(3) لاحتمال الحمل.
94

ويذهب (1). وإن انقطع عن المرأة الحيض فخضبت رأسها بالحناء فإنه يعود إليها
الحيض (2). ولا بأس أن تسكب الحائض الماء على يد المتوضي وتناوله الخمرة.
ولا يجوز مجامعة المرأة في حيضها لان الله عز وجل نهى عن ذلك فقال:
" ولا تقربوهن حتى يطهرن " (3) يعني بذلك الغسل من الحيض (4)، فإن كان
الرجل شبقا (5) وقد طهرت المرأة وأراد أن يجامعها قبل الغسل أمرها أن تغسل
فرجها، ثم يجامعها (6).

(1) المشق: الطين الأحمر، وظاهره أن الصبغ به لاذهاب الدم بالاختلاط ويظهر من
الاخبار أن ذلك لاذهاب الكراهة عن النفس بان تحمل الحمرة الباقية من الدم على حمرة
المشق. (مراد) (2) المراد بانقطاع الحيض عن المرأة ارتفاعه بالكلية وهو عيب قد يندفع بالحناء.
(3) قرأ المؤلف بالتشديد بقرينة المعنى الذي ذكره.
(4) لا ريب في جواز الوطي الحل بعد الغسل وحرمة الوطي في الحيض، إنما
الخلاف بعد الانقطاع قبل الغسل، فعلى قراءة التشديد (يعنى في يطهرن) ظاهرها الحرمة
مع تأييدها بقوله تعالى " فإذا تطهرن فآتوهن - الآية " فإنه كالتأكيد لها، وان الطهارة
والتطهير ظاهرهما الغسل. وعلى قراءة التخفيف ظاهرها الجواز لمفهوم الغاية وهو
معتبر عند المحققين ولا ينافيها قوله " فإذا تطهرن " لأنه يمكن أن يكون حراما إلى الانقطاع
ومكروها إلى الغسل كما يظهر من الاخبار، ويمكن تنزيل كل رواية على أخرى بأن يراد
بالأطهار الطهارة أو بالعكس تجوزا، لكن التجوز في العكس أسهل من التجوز في عكسه
(م ت)
(5) الشبق - بالتحريك - الشهوة والميل المفرط إلى الجماع.
(6) قال العلامة في المنتهى: ان مذهب الصدوق تحريم الوطي قبل الغسل فما صرح
بعد هذا يحمل على الضرورة. واستدل فيه على جواز الوطي قبل الغسل لقوله تعالى
" ولا تقربوهن حتى يطهرن " بالتخفيف أي حتى يخرجن من الحيض فيجب القول بالإباحة بعد
هذه الغاية وعلى صورة التشديد يحمل على الاستحباب والأول على الجواز صونا للقرآن عن
التنافي.
95

ومتى جامعها وهي حائض في أول الحيض فعليه أن يتصدق بدينار، فإن كان
في وسطه فنصف دينار، وإن كان في آخره فربع دينار " (1).
200 - وروي أنه " إذا جامعها وهي حائض تصدق على مسكين بقدر شبعه " (2).
ومن جامع أمته وهي حائض تصدق بثلاثة أمداد من طعام، هذا أتاها في
الفرج فإذا أتاها من دون الفرج فلا شئ عليه.
201 - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " من جامع امرأته وهي حائض فخرج الولد
مجذوما أو أبرص فلا يلومن إلا نفسه ".
202 - وسئل الصادق عليه السلام " عن المشوهين في خلقهم، فقال: هم الذين يأتي
آباؤهم نساءهم في الطمث ".
203 - وقال الصادق عليه السلام: " لا يبغضنا إلا من خبثت ولادته أو حملت به أمه في
حيضها ".
وتستبرئ الأمة إذا اشتريت بحيضة، ومن اشترى أمة فدخل بها قبل أن
يستبرأها فقد زنى بماله.
وإذا أرادت المرأة الغسل من الحيض فعليها ان تستبرئ، والاستبراء أن تدخل
قطنة فإن كان هناك دم خرج ولو مثل رأس الذباب فإن خرج لم تغتسل، وإن لم

(1) وجوب الكفارة خلافي فليراجع كتب الفقه. والدينار هو مثقال الذهب الذي
كانت قيمته في أول الاسلام عشرة دراهم ولا يجزى قيمته، والمراد بالأول والوسط والاخر
بحسب عادة المرأة ونفاسها على الأصح وقيل بحسب أكثر الحيض كما في هامش الشرايع.
(2) الشبع نقيض الجوع وهو ما أشبعك من طعام.
96

يخرج اغتسلت، وإذا رأت الصفرة والنتن (1) فعليها أن تلصق بطنها بالحائط وترفع
رجلها اليسرى كما ترى الكلب إذا بال وتدخل قطنة فإن خرج فيها دم فهي
حائض، وإن لم يخرج فليس بحائض.
وإن اشتبه عليها دم الحيض ودم القرحة، فربما كان في فرجها قرحة فعليها
أن تستلقي على قفائها وتدخل إصبعها فإن خرج الدم من الجانب الأيمن فهو من
القرحة، وإن خرج من الجانب الأيسر فهو من الحيض (2).
وان اقتضها زوجها ولم يرقأ دمها ولا تدري دم الحيض هو أم دم العذرة (3)؟
فعليها تدخل قطنة، فإن خرجت القطنة مطوقة بالدم فهو من العذرة، وإن

(1) المراد بالصفرة يشابه الدم ولم يتحقق كونه دما. (مراد)
(2) في الكافي ج 3 ص 94 مرفوعا هكذا " فان خرج الدم من الجانب الأيمن فهو
من الحيض وان خرج من الجانب الأيسر فهو من القرحة ". وقال صاحب المدارك ص 47
كيفما كان الأجود اطراح هذه الرواية كما ذكره المحقق في المعتبر لضعفها وارسالها واضطرابها
ومخالفتها للاعتبار لان القرحة يحتمل كونها من كل من الجانبين والأولى الرجوع إلى
حكم الأصل واعتبار الأوصاف. انتهى
وقال استاذنا الشعراني - مد ظله -: هذا خبر مضطرب المتن لا يحتج به والصيح الموافق
للاعتبار والعقل الذي يحتمل أن يكون أصل الخبر أيضا على طبقه ثم تغير بتصرف النساخ
أو الرواة: أن المرأة إذا أحست بكون الدم خارجا من الأيمن أو الأيسر أو فوق أو تحت من
جدران المهبل فهو من القرحة لان خروجه من جانب بخصوصه علامة كونه من الجدران
ولو كان حيضا لخرج من قعر الرحم ولم تختص بجانب دون جانب ولا يبعد أن يكون الإمام عليه السلام
صرح بأنه لو كان من الأيمن فهو من القرحة من غير أن يصرح بأنه لو كان من
الأيسر فهو من الحيض وألحقه بعض الرواة بتبادر ذهنه وكان غرض الإمام عليه السلام من ذكر
الأيمن التمثيل لا التخصيص وفهمه المخاطب أيضا وبالجملة الدم سواء كان من الأيمن أو الأيسر
أو جانب مخصوص فهو من القرحة ولو كان من قعر الرحم من غير أن يختص بجانب فهو من
الحيض " انتهى.
(3) الاقتضاض - بالقاف -: إزالة البكارة. والافتضاض - بالفاء - بمعناه. والرقاء:
السكون يقال رقأ الدم أو الدمع رقاء إذا سكن. والعذرة - بالضم -: البكارة.
97

خرجت منغمسة فهو من الحيض.
ودم العذرة لا يجوز الشفرين (1) ودم الحيض حار يخرج بحرارة شديدة.
ودم المستحاضة بارد يسيل منها وهي لا تعلم، كذلك ذكره أبي رحمه الله في رسالته إلي.
فإذا رأت الدم خمسة أيام والطهر خمسة أيام أو رأت الدم أربعة أيام والطهر
ستة أيام، فإذا رأت الدم لم تصل، وإذا رأت الطهر صلت، تفعل ذلك ما بينها وبين
ثلاثين يوما، فإذا مضت ثلاثون يوما ثم رأت دما صبيبا (2) اغتسلت واحتشت بالكرسف
واستثفرت (3) في وقت كل صلاة، وإذا رأت صفرة توضأت (4).

(1) الشفران - بالضم فالسكون -: اللحم المحيط بالفرج إحاطة الشفتين بالفم.
(2) الصبيب فعيل من الصب بمعنى السكب. أي مصبوبا.
(3) الاستثفار - بالثاء المثلثة والفاء والراء - أن تدخل إزارها بين فخذيها ملويا،
أو تأخذ خرقة طويلة تشد أحد طرفيها من قدام وتخرجها من بين فخذيها وتشد طرفها الآخر
من خلف مأخوذ من استثفر الكب إذا دخل ذنبه بين رجليه. والاحتشاء بالكرسف أن تدخله
فرجها لتحبس الدم. (الوافي)
(4) روى الشيخ في كتابيه بمضمون هذا الكلام رواية ثم قال في توجيهها وتوجيه
رواية قبلها كلاما طويلا حاصله أن هذا الحكم خاص بالمستحاضة التي اختلطت عليها أيام
عادتها في الحيض وتغيرت واستمرت بها الدم وتشتبه صفة الدم فترى ما يشبه دم الحيض أياما
وما يشبه دم الاستحاضة أياما ولم يتحصل لها العلم بأحدهما فان فرضها أن تترك الصلاة في
الأيام التي يشبه الحيض وتصلى فيما يشبه الاستحاضة إلى شهر وتعمل بعد ذلك عمل المستحاضة.
وقال المولى المجلسي (ره): لما كانت الرواية مخالفة للاخبار الكثيرة الدالة على أن أقل
الطهر عشرة أيام لم يعمل بها أكثر الأصحاب ويعمل عليه القدماء في المبتدئة والمضطربة.
وقال العلامة (ره) في المختلف: " الظاهر مراد ابن بابويه (حيث أفتى بعبارة الخبر) أنها
ترى الدم بصفة دم الحيض أربعة والطهر الذي هو النقاء خمسة أيام وترى تتمة العشرة أو
الشهر بصفة دم الاستحاضة فإنها تحيض بما هو بصفة الحيض " وأنكر عليه بعض المحشين
للفقيه، وقال استاذنا الشعراني - مد ظله - في هامش الوافي: تفسير العلامة في المختلف صحيح
لا غبار عليه، وليس الرواية مخالفة لاخبار كثيرة وكان المحشيين رحمهما الله فرضا الكلام
في امرأة واحدة طرأت عليها أربعة حالات، الدم خمسة أيام ثم الطهر خمسة أيام ثم الدم
98

والمرأة الحائض إذا رأت الطهر في السفر وليس معها ماء يكفيها لغسلها وحضرت
الصلاة فإن كان معها من الماء قدر ما تغسل به فرجها غسلته وتيممت وصلت، وحل
لزوجها أن يأتيها في تلك الحال إذا غسلت فرجها وتيممت، ولا يجوز للنساء أن
ينظرن إلى أنفسهن في المحيض (1) لأنهن قد نهين عن ذلك.
204 - وسأل عبيد الله بن علي الحلبي أبا عبد الله عليه السلام " عن الحائض ما يحل
لزوجها منها؟ قال: تتزر بإزار إلى الركبتين وتخرج سرتها ثم له ما فوق
الإزار " (2).
205 - وذكر عن أبيه عليهما السلام " أن ميمونة (3) كانت تقول: إن النبي صلى الله عليه وآله
كان يأمرني إذا كنت حائضا أن أتزر بثوب ثم أضطجع معه في الفراش ".

أربعة ثم الطهر ستة مع أن غرض السائل التنويع بأن يكون امرأتان إحديهما رأت الدم
خمسة والطهر خمسة ثم استمر عليها الدم، والأخرى رأت الدم أربعة ثم الطهر ستة ثم استمر
الدم وحكم هاتين المرأتين أن تجعلا الطهر مع ما لحقه من الدم إلى آخر الشهر طهرا وما سبق
من الدم على الطهر حيضة فلا يصير الطهر حيضة فلا يصير الطهر أقل من عشرة أيام.
(1) أي إلى فرجهن فيمكن حمله على أنه لا يجوز لهن التزيين أي لا يتوجهن إلى أنفسهن
بان يتزين (مراد) وفى المحكى عن النهاية قوله: " أن ينظرون " من التنظير وهو تزيين
أنفسهن ليصير الزوج مايلا إليهن.
(2) الظاهر المراد بما فوق الإزار أعالي بدنها ويمكن الحمل على ما هو خارج عن
الإزار فيشمل ما تحت الركبتين. (مراد) وقال المولى المجلسي (ره): الخبر الصحيح يدل
على كراهة الاستمتاع من الحائض بما بين السرة والركبة كما عليه أكثر الأصحاب جمعا بين
الاخبار، وذهب جماعة إلى الحرمة عملا بظاهر هذا الخبر وغيره من الاخبار القوية على أنه
يمكن حملها على التقية والحمل الأول أولى.
(3) هي ميمونة بنت الحارث الهلالية من ولد عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة،
تزوج النبي بها وبنى بها بسرف - على عشرة أميال من مكة - بعد عمرة القضاء. وكانت قبل
أن يتزوجها تحت أبى سبرة بن أبي رهم العامري. وتوفيت بسرف سنة ثمان وثلاثين ودفنت
هناك كما في المعارف لابن قتيبة الدينوري.
99

206 - قال: " وكن نساء النبي صلى الله عليه وآله لا يقضين الصلاة (1) إذا حضن ولكن
يتحشين حين يدخل وقت الصلاة ويتوضين، ثم يجلسن قريبا من المسجد (2)
فيذكرن الله عز وجل ".
207 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام " في امرأة ادعت أنها حاضت في شهر واحد
ثلاث حيض: إنه تسأل نسوة من بطانتها (3) هل كان حيضها فيما مضى على ما ادعت؟
فإن شهدن صدقت وإلا فهي كاذبة ".
208 - وسأل عمار بن موسى الساباطي أبا عبد الله عليه السلام " عن الحائض تغتسل
وعلى جسدها الزعفران (4) لم يذهب به الماء، قال: لا بأس به. وعن المرأة تغتسل
وقد امتشطت بقرامل (5) ولم تنقض شعرها كم يجزيها من الماء؟ قال: مثل الذي
يشرب شعرها (6) وهو ثلاث حفنات على رأسها وحفنتان على اليمين وحفنتان على
اليسار، ثم تمر يدها على جسدها كله ".
209 - " وكان بعض نساء النبي صلى الله عليه وآله ترجل شعرها وتغسل رأسها وهي
حائض ".

(1) الظاهر أن القضاء هنا بمعنى الاتيان والفعل لا المعنى المصطلح.
(2) يعنى مسجد المدينة كما هو الظاهر لأنه كانت بيوت النبي صلى الله عليه وآله متصلة بالمسجد،
ولو كان المراد موضع صلاتهن لما قال " قريبا "، وعلله في المعتبر بالتمرين على العبادة.
(3) أي من خواصها وحاصلها أن ذلك أمر خلاف الغالب إذ الغالب أن يرى في كل شهر مرة.
(4) أي لون الزعفران بحيث لا يمنع وصول الماء ولا يصير مضافا بوصوله إليه.
(5) اي فعلت ما تفعله الماشطة من التزيين. والظاهر أن المراد أنها امتشطت مع
كون القرامل بحالها، والقرمل ما تشده المرأة في شعرها من الخيوط أو ما وصلت به من
الشعر والصوف.
(6) أي مثل الماء الذي يشربه شعرها أي مقدار الماء الذي إذا صب على الشعر وصل
إلى البشرة، وفى بعض النسخ " نشرت شعرها " من باب التفعيل. والحفنة ملء الكف.
100

[النفاس وأحكامه] (1)
وإذا ولدت المرأة قعدت عن الصلاة عشرة أيام إلا أن تطهر قبل ذلك فان استمر
بها الدم تركت الصلاة ما بينها وبين ثمانية عشر يوما، لان أسماء بنت عميس نفست
بمحمد بن أبي بكر في حجة الوداع فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله أن تقعد ثمانية عشر
يوما (2).
210 - وقد روي أنه " صار حد قعود النفساء عن الصلاة ثمانية عشر يوما لان
أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام فأوسطه (3) خمسة أيام فجعل الله عز وجل
للنفساء [أيام] أقل الحيض وأوسطه وأكثره ".
والاخبار التي رويت في قعودها أربعين يوما وما زاد إلى أن تطهر معلولة كلها

(1) العنوان زيادة منا وليس في الأصل.
(2) في المحكى عن الذكرى: " أقله انقطاع الدم وأكثره عشرة في المشهور وللمفيد
- رحمه الله - قول بثمانية عشر وهو قول الصدوق وابن الجنيد والمرتضى وسلار - رحمهم الله - وجعله
ابن أبي عقيل (ره) إحدى وعشرين يوما ". وخبر أسماء كما في التهذيب ج 1 ص 50 هكذا " ان "
أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله حين أرادت الاحرام من
ذي الحليفة أن تغتسل وتحتشي بالكرسف وتهل بالحج فلما قدموا ونسكوا المناسك سألت النبي
صلى الله عليه وآله عن الطواف بالبيت والصلاة فقال لها: منذ كم ولدت؟ فقالت: منذ ثماني عشرة
فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله أن تغتسل وتطوف بالبيت وتصلى ولم ينقطع عنها الدم ففعلت ذلك "
وحمل على التقية لمخالفته لكثير من الصحاح ومخالفه من الاخبار أكثر عددا وأصح سندا
وأوضح دلالة على أن أكثر أيام النفاس عشرة وما يدل على أن الحكم بالغسل في هذا الخبر
بعد الثمانية عشر إنما كان عند مضى تلك المدة ولو سألته قبل ذلك لعله يأمرها بالغسل.
وفى المحكى عن الذكرى: خبر أسماء بنت عميس متأول بأن سؤالها كان عقيب الثمانية عشر
فأمرها بالغسل ولو سألته قبيلها لأمرها.
(3) في بعض النسخ " أكثرها عشرة أيام فأوسطها " فالضمير ان يرجعان إلى الأيام.
وعلى ما كان في المتن يرجعان إلى نفس الحيض.
101

ووردت للتقية لا يفتي بها إلا أهل الخلاف.
211 - وروى عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته
عن امرأة أصابها الطلق اليوم واليومين وأكثر من ذلك ترى صفرة أو دما كيف تصنع
بالصلاة؟ قال: تصلي ما لم تلد فإن غلبها الوجع صلت إذا برئت " (1).
(باب التيمم)
قال الله عز وجل: " وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من
الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم
وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم
نعمته عليكم لعلكم تشكرون " (2).

(1) حاصله أنها قبل الولادة لا تكون نفساء فان قدرت على الصلاة وجب أن تصليها
وان أغلبها وجع الولادة وهو الطلق صلت لو قدرت عليها فان كانت الوقت باقيا فأداء
والا فقضاء. (مراد) (2) " وان كنتم مرضى " بحيث يضر استعمال الماء " أو على سفر " على " بمعنى الحال
أي حال سفر كما يقال: زرت فلانا على شربه، وتخصيصه للأغلبية لا لاختصاصه بالإباحة،
بل يباح التيمم حضرا وسفرا مع عدم الماء " أو جاء " كلمة أو بمعنى الواو " أحد منكم " موضعا " من
الغائط " على أن يكون " من " للتبيين، أو من موضع الغائط على أن يكون للابتداء، والغائط
اسم للمكان المطمئن من الأرض، ثم سمى به الحدث الخارج من الانسان تسمية للحال باسم
المحل " أو لامستم النساء " أي جامعتموهن عبر عن الجماع بالملامسة لكونها من أقرب مقدماته
فقد لاح أن المرخص له في التيمم اما محدث أو جنب والحالة المقتضية له في الغالب اما مرض
أو سفر " فلم تجدوا ماء " فلم تتمكنوا من استعماله اما لعدم وجوده أو لسبب آخر، وهو
عطف على " كنتم " لا جواب الشرط لان " لم " يقلب المضارع ماضيا وينفيه بل الجواب " فتيمموا "
أي فاقصدوا " صعيدا " أي شيئا من وجه الأرض " طيبا " أي طاهرا " فامسحوا بوجوهكم
وأيديكم " أي بعضها اما لمكان الباء أو للنص وهو في الوجه من القصاص إلى طرف الأنف
الاعلى، وفى اليد من الزند إلى أطراف الأصابع، " منه " أي من ذلك الصعيد وهو لا يدل على
وجوب علوق شئ من الصعيد لجواز كون " من " ههنا ابتدائية " ما يريد الله " بشرعه " الطهارة
من الوضوء والغسل والتيمم بدلهما " ليجعل عليكم من حرج " أي ضيق " من " هنا بيانية " ولكن
ليطهركم " أي لينظفكم أو ليطهركم عن الذنوب فان الطهارة تكفير للذنوب " وليتم " بشرعه
ما هو مطهر لأبدانكم مكفر لذنوبكم " نعمته عليكم " في الدين " لعلكم تشكرون " على تلك
النعمة. (م ت)
102

212 - وقال زرارة: قلت لأبي جعفر عليه السلام: " ألا تخبرني من أين علمت
وقلت: إن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين؟ فضحك وقال: يا زرارة قاله
رسول الله صلى الله عليه وآله ونزل به الكتاب من الله لان الله عز وجل قال: " فاغسلوا وجوهكم "
فعرفنا أن الوجه كله ينبغي أن يغسل، ثم قال: " وأيديكم إلى المرافق " فوصل
اليدين إلى المرفقين بالوجه فعرفنا أنه ينبغي لهما أن يغسلا إلى المرفقين، ثم فصل
بين الكلام (1) فقال: " وامسحوا برؤوسكم " فعرفنا حين قال: " برؤوسكم " أن المسلح
ببعض الرأس لمكان الباء، ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فقال:
" وأرجلكم إلى الكعبين " فعرفنا حين وصلهما بالرأس أن المسح على بعضهما، ثم
فسر ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله للناس فضيعوه (2) ثم قال: " فلم تجدوا ماء فتيمموا
صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم " فلما أن وضع الوضوء عمن لم يجد الماء أثبت
بعض الغسل مسحا (3) لأنه قال: " بوجوهكم " ثم وصل بها " وأيديكم منه " أي
من ذلك التيمم لأنه علم (4) أن ذلك أجمع لم يجر على الوجه لأنه يعلق من [ذلك]

(1) في بعض النسخ " الكلامين ".
(2) في بعض النسخ " فصنعوه ".
(3) أي جعل بعض ما كان يغسل في الوضوء ممسوحا في التيمم حيث أدخل الباء على الوجوه التي كان أمر بغسلها كلها ووصل بالوجوه الأيدي التي كان قد أمر بغسلها فعلم منه
أن الممسوح في التيمم بعض ما كان مغسولا في الوضوء والممسوح ساقط رأسا. " منه " أي
من ذلك الصعيد الذي يتيمم به، وهذا يشعر بأنه لابد في التيمم من أن يقع المسح ببعض
الصعيد. (مراد)
(4) تعليل لقوله: " أثبت بعض الغسل مسحا " أي جعل بعض المغسول ممسوحا حيث
قال " بوجوهكم " بالباء التبعيضية لأنه تعالى علم أن ذلك الصعيد العالق بالكف لا يجرى على
كل الوجه لأنه يعلق ببعض الكف ولا يعلق ببعضها، ويجوز أن يكون تعليلا لقوله عليه السلام
" قال بوجوهكم " وهو قريب من الأول، ولا يجوز أن يجعل تعليلا لقوله " أي من ذلك
التيمم " سواء أريد بالتيمم معناه المصدري أو المتيمم به أما على الأول فظاهر وكذا على الثاني
إذا جعلت " من " ابتدائية وأما إذا جعلت تبعيضية فلان المراد اما بعض الصعيد المضروب عليه
أو بعضه العالق بالكف وعلى التقديرين لا يستقيم التعليل بعلم الله ان ذلك بأجمعه لا يجرى على
الوجه، ثم تعليل ذلك بأنه تعلق منه ببعض الكف ولا تعلق ببعضها فعليك بالتأمل الصادق.
(الحبل المتين).
103

الصعيد ببعض الكف ولا يعلق ببعضها، ثم قال الله: " ما يريد الله ليجعل عليكم من
حرج " والحرج الضيق ".
213 - وقال زرارة: قال أبو جعفر عليه السلام: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم لعمار
في سفر له: يا عمار بلغنا أنك أجنبت فكيف صنعت؟ قال: تمرغت يا رسول الله في
التراب، قال: فقال له: كذلك يتمرغ الحمار (1) أفلا صنعت كذا؟ ثم أهوى بيديه إلى
الأرض فوضعهما على الصعيد ثم مسح جبينيه بأصابعه وكفيه إحديهما بالأخرى ثم لم يعد ذلك ".
(2) فإذا تيمم الرجل للوضوء ضرب يديه على الأرض مرة واحدة ثم نفضهما و
مسح بهما جبينيه وحاجبيه ومسح على ظهر كفيه، وإذا كان التيمم للجنابة ضرب يديه
على الأرض مرة واحدة، ثم نفضهما ومسح بهما جبينيه وحاجبيه، ثم ضرب يديه على
الأرض مرة أخرى ومسح على ظهر يديه فوق الكف قليلا ويبدأ بمسح اليمنى
قبل اليسرى.

(1) التمرغ: التقلب في التراب ومنه حديث عمار (النهاية).
(2) أي ذلك الوضع كذا فسره شيخنا - رحمه الله - وحينئذ فهو حجة لمن يكتفى
بالضربة الواحدة فيما هو بدل من الغسل أيضا ويمكن حمله على عدم إعادة المسح. (مراد)
أقول هذا إذا قرء " لم يعد " بضم حرف المضارعة، فهو من الإعادة، وان قرء بفتح حرف المضارعة
واسكان العين فمعناه أنه لم يتجاوز عليه السلام عن مسح الجبينين والكفين.
104

214 - وسأل عبيد الله بن علي الحلبي أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل إذا أجنب
ولم يجد الماء، قال: يتيمم بالصعيد، فإذا وجد الماء فليغتسل ولا يعيد الصلاة. و
عن الرجل يمر بالركية وليس (1) معه دلو، قال: ليس عليه أن يدخل الركية
لان رب الماء هو رب الأرض (2) فليتيمم. وعن الرجل يجنب ومعه قدر ما يكفيه
من الماء لوضوء الصلاة أيتوضأ بالماء أو يتيمم؟ قال: لا بل يتيمم، ألا ترى أنه إنما
جعل عليه نصف الوضوء ". (3)
ومتى أصاب المتيمم الماء ورجا أن يقدر على ماء آخر أو ظن أنه يقدر
عليه كما أراده فعسر عليه ذلك، فإن نظره إلى الماء ينقض تيممه وعليه أن يعيد
التيمم، فإن أصاب الماء وقد دخل في الصلاة فليضرب وليتوضأ ما لم يركع، فإن
كان قد ركع فليمض في صلاته فان التيمم أحد الطهورين، ومن تيمم ثم أصاب
الماء فعليه الغسل إن كان جنبا والوضوء إن لم يكن جنبا، فإن أصاب الماء وقد

(1) الركية - بفتح الراء وشد الياء -: البئر ذات الماء.
(2) في بعض النسخ " هو رب الصعيد " وفى بعضها " هو رب التراب ". على أي
حمل على خوف الضرر بالدخول. (م ت)
(3) ذكر في مشرق الشمسين في وجه كون التيمم نصف الوضوء أن الوضوء يحصل منه
الاستباحة والرفع والتيمم يحصل منه الاستباحة لا غير، ويمكن أن يقال: إن الوضوء غسلتان
ومسحتان كما نقل عن ابن عباس، والتيمم مسحتان لا غير.
أقول: روى نحو هذا الخبر الكليني في الكافي ج 3 ص 65 من حديث ابن أبي يعفور
عنه عليه السلام وفيه " إنما جعل عليه نصف الطهور ".
وقال الفاضل التفرشي: قوله: الا ترى أنه إنما - الخ " لعل الراوي توهم أن
بدلية التيمم عن الوضوء أو الغسل باعتبار مشابهته لهما فلو قدر الانسان على ما هو أشبه بهما
ينبغي أن يأتي به، فدفع عليه السلام ذلك التوهم بأن الطاعة الاتيان بالمأمور به وهو التيمم
عند فقد الماء فلا يصح عنه غيره، وأيد ذلك بأن الواجب في التيمم مسح بعض ما يغسل في الوضوء
سواء كان بدلا من الوضوء أو الغسل ولو كان باعتبار الأشبهية لكان ما يمسح في بدل الغسل
أكثر مما يمسح في بدل الوضوء ولما اكتفى في الوضوء أيضا بمسح بعض المغسول.
105

صلى بتيمم وهو في وقت فقد تمت صلاته ولا إعادة عليه. (1)
215 - وقال زرارة ومحمد بن مسلم: قلنا لأبي جعفر عليه السلام: " رجل لم يصب ماء و
حضرت الصلاة فتيمم وصلى ركعتين ثم أصاب الماء أينقض الركعتين أو يقطعهما (2) و
يتوضأ ثم يصلي؟ قال: لا ولكنه يمضي في صلاته فيتمها ولا ينقضها لمكان الماء لأنه
دخلها وهو على طهر بتيمم. وقال زرارة: قلت له: دخلها وهو متيمم فصلى ركعة
ثم أحدث (3) فأصاب ماء؟ قال: يخرج فيتوضأ ثم يبني على ما مضى من صلاته التي
صلى بالتيمم ".

(1) روى الكليني - ره - في الكافي ج 3 ص 63 بسند صحيح عن زارة عن أبي جعفر (ع)
قال: " قلت له: يصلى الرجل بوضوء واحد صلاة الليل والنهار كلها؟ قال نعم ما لم يحدث - إلى
أن قال -: قلت فان أصاب الماء ورجا أن يقدر على ماء آخر وظن أنه يقدر عليه كما أراد
فعسر ذلك عليه؟ قال: ينقض ذلك يتممه وعليه أن يعيد التيمم، قلت: فان أصاب الماء وقد دخل
في الصلاة؟ قال: فلينصرف وليتوضأ ما لم يركع فإن كان قد ركع فليمض في صلاته فان التيمم
أحد الطهورين ". والمؤلف أفتى بمضمون هذا الخبر وقال المفيد في أحد قوليه والسيد المرتضى
وجماعة من الفقهاء: يمضى في صلاته ولو تلبس بمجرد تكبيرة الاحرام. وقال الشيخ: الوجه
في هذا الخبر ضرب من الاستحباب دون الفرض والايجاب ويمكن أن يكون إذا دخل في
الصلاة في أول الوقت لأنا قد بينا أنه لا يجوز التيمم الا في آخر الوقت فلذلك وجب عليه
الانصراف.
(2) قوله " أو يقطعها " الظاهر أن الهمزة للاستفهام دخلت على الواو لتأكيد الهمزة
الأولى، ولو جعلت أو بكمالها للعطف فينبغي ارجاع ضمير ينقض إلى الإصابة أي انتقص إصابة
الماء الركعتين أوله أن يقطعهما باختياره لأجل الإصابة، ويمكن أن يراد بالنقض الابطال و
بالقطع القطع للبناء، ويستفاد من هذا الحديث جواز التيمم في سعة الوقت. (مراد)
(3) قال المفيد - رحمه الله -: إن كان عمدا أعاد وإن كان نسيانا تطهر ويبنى وتبعه
الشيخ في النهاية وابن حمزة في الوسيلة كما في الذكرى، وقال المجلسي - رحمه الله -:
ظاهر الخبر أن الحدث لا ينقض الصلاة وحمله الشيخ على النسيان ولا ينفع لأنه لا خبر يدل
على أن الحدث ناسيا لا ينقض الصلاة، وقيل: إن معنى " أحدث " جاء المطر كما في القاموس ويؤيده التفريع بقوله " فأصاب ماء " وعلى هذا يوافق الخبر سائر الأخبار، وهذا
وجه وجيه لا يطرح الخبر.
وقال سلطان العلماء: قد فسر البعض الحدث بالمطر ولا يخفى بعده ومنافاته لما سبق
من أنه إن كان قد ركع فليمض.
106

216 - وسأل عمار بن موسى الساباطي أبا عبد الله عليه السلام " عن التيمم من الوضوء
ومن الجنابة ومن الحيض للنساء سواء؟ فقال: نعم ".
217 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام " عن الرجل يكون به القروح و
الجراحات فيجنب؟ فقال: لا بأس بأن يتيمم ولا يغتسل " (1).
218 - وقال الصادق عليه السلام: " المبطون والكسير يؤممان ولا يغسلان " (2).
219 - وقيل لرسول الله صلى الله عليه وآله: " يا رسول الله إن فلانا أصابته
جنابة وهو مجدور فغسلوه فمات، فقال: قتلوه، ألا سألوا؟ (3) ألا يمموه، إن شفاء
العي السؤال ". (4)
220 - وسئل الصادق عليه السلام " عن مجدور أصابته جنابة؟ فقال: إن كان أجنب
هو فليغتسل (5)، وإن كان احتلم فليتيمم " (6).
والجنب إذا خاف على نفسه من البرد تيمم.
221 - وسأله معاوية بن ميسرة (7) " عن الرجل يكون في السفر فلا يجد الماء

(1) يفهم ن الاخبار التخيير بين الجبيرة والتيمم فحمل الخبر على الضرر
بالجبيرة (م ت).
(2) في بعض النسخ " يتيممان ولا يغتسلان ".
(3) في بعض النسخ " ألا سألوه " ولعله من باب الحذف والايصال أي الا سألوا
عنه (مراد).
(4) العي - بالمهملة -: الجهل وعدم الاهتداء إلى وجه الصواب.
(5) حمل على عدم خوف النفس لأنه خلاف المشهور من الفتاوى.
(6) رواه الكليني ج 3 ص 68 والشيخ في كتابيه في حديث مرفوع.
(7) الطريق صحيح كما في (صه) وفيه علي بن الحكم وهو مشترك بين الثقة وغيره.
ومعاوية نفسه لم يوثق.
107

فيتيمم ويصلي، ثم يأتي [على] الماء وعليه شئ من الوقت أيمضي على صلاته؟ أم
يتوضأ ويعيد الصلاة؟ قال: يمضي على صلاته فان رب الماء هو رب التراب ". (1)
222 - وأتى أبو ذر رحمه الله النبي صلى الله عليه وآله فقال: " يا رسول الله هلكت،
جامعت على غير ماء، قال: فأمر النبي صلى الله عليه وآله بمحمل فاستترنا به، وبماء (2) فاغتسلت
أنا وهي، ثم قال: يا أبا ذر يكفيك الصعيد عشر سنين ".
وإذا أجنب الرجل في سفر ومعه ماء قدر ما يتوضأ به تيمم (3) ولم يتوضأ إلا
أن يعلم (4) أنه يدرك الماء قبل أن يفوته وقت الصلاة.
223 - وسأل عبد الرحمن بن أبي نجران (5) أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام
" عن ثلاثة نفر كانوا في سفر أحدهم جنب، والثاني ميت، والثالث على غير وضوء و
حضرت الصلاة ومعهم من الماء قدر ما يكفي أحدهم من يأخذ الماء وكيف يصنعون؟
فقال: يغتسل الجنب، ويدفن الميت بتيمم ويتيمم الذي هو على غير وضوء، لان
الغسل من الجنابة فريضة (6)، وغسل الميت سنة (7)، والتيمم للآخر جائز ". (8)

(1) هذا بظاهره على جواز التيمم مع سعة الوقت مطلقا ويحتمل حمله على صورة
اليأس عن الماء وبالجملة ينافي مذهب التضييق مطلقا. (سلطان)
(2) عطف على بمحمل أي أمر أيضا بماء.
(3) يدل على أنه يكفي عدم العلم بوجدان الماء ولا يشترط العلم بالعدم. (سلطان)
(4) هذا الاستثناء من قوله " يتيمم " لا من قوله " ولم يتوضأ " يعنى وجب عليه التيمم
فقط بدون الوضوء الا أن يعلم أنه يدرك الماء في الوقت فيجب عليه أن يؤخر الصلاة إلى وقت
وجدان الماء فان وجد فليغتسل وان لم يجد وضاق عليه الوقت فليتيمم، وعلى أي حال ليس
عليه الوضوء.
(5) الطريق صحيح كما في (صه)
(6) أي ثابت بحكم الكتاب.
(7) أي ثابت بالسنة لا بالكتاب.
(8) لا يقال: التيمم للجنب أيضا جائز فلا ترجيح إذ كل من غسل الجنابة والوضوء
فريضة أي وجوبه بالكتاب لا بمجرد السنة، لأنا نقول: الفرق ظاهر من وجهين أحدهما ان رفع
الحدث الأكبر أولى وأهم، والاخر أن وجوب الوضوء للصلاة بالاتفاق ووجوب الغسل بنفسه
عند البعض. (مراد)
108

224 - وسأل محمد بن حمران النهدي، وجميل بن دراج أبا عبد الله عليه السلام " عن
إمام قوم أصابته جنابة في السفر وليس معه من الماء ما يكفيه للغسل أيتوضأ بعضهم
ويصلي بهم؟ فقال: لا ولكن يتيمم الجنب ويصلي بهم فإن الله عز وجل جعل التراب
طهورا كما جعل الماء طهورا ". (1)
225 - وسأل عبد الله بن سنان أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل تصيبه الجنابة
في الليلة الباردة ويخاف على نفسه التلف إن اغتسل؟ فقال: يتيمم ويصلي فإذا أمن
من البرد اغتسل وأعاد الصلاة ". (2)
وإذا كان الرجل في حال لا يقدر إلا على الطين يتيمم به فإن الله تبارك

(1) المشهور بين الأصحاب كراهة امامة المتيمم بالمتوضين. بل قال في المنتهى:
انه لا نعرف فيه خلافا الا ما حكى عن محمد بن الحسن الشيباني من المنع من ذلك. واستدل
الشيخ - رحمه الله - في كتابي الاخبار بما رواه عن عباد بن صهيب " قال: سمعت أبا عبد الله
عليه السلام يقول: لا يصلى المتيمم بقوم متوضين " وعن السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما
السلام قال: لا يؤم صاحب التيمم المتوضين ولا يؤم صاحب الفالج الأصحاء " وفى الروايتين
ضعف من حيث السند ولولا ما يتخيل من انعقاد الاجماع على هذا الحكم لأمكن القول بجواز
الإمامة على هذا الوجه من غير كراهة. (المرآة)
(2) رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 67 مرسلا والشيخ في التهذيب مسندا وحمل
إعادة الصلاة على فرض صحة الخبر على ما إذا كان أجنب نفسه متعمدا.
وقال سلطان العلماء: لا يخفى منافاته لما سبق في خبر عبيد الله بن علي الحلبي من عدم
إعادة الصلاة فيحمل هذا على الاستحباب أو على احداث الجنابة عمدا مع العلم غير من بعدم التمكن
من استعمال الماء والسابق على غير هذه الصورة كما مر اشعار به في خبر المجدور، ويمكن
حمل هذا على صورة بقاء الوقت وذلك على خارجه الا أنه قد مر أيضا ما يدل على أن لا يعيد
في الوقت أيضا، فلا فائدة في هذا الحمل.
وقال الفاضل التفرشي: يمكن حمله على ما إذا أجنب مع علمه بعدم امكان الغسل
جمعا بينه وبين ما يدل على عدم إعادة صلاة صليت بالتيمم، ويمكن الحمل على الاستحباب.
109

وتعالى أولى بالعذر إذا لم يكن معه ثوب جاف ولا لبد (1) يقدر على أن ينفضه و
يتيمم منه ". (2)
ومن كان في وسط زحام يوم الجمعة أو يوم عرفة (3) ولم يستطع الخروج
من المسجد من كثرة الناس تيمم وصلى معهم وليعد (4) إذا انصرف.
ومن تيمم وكان معه ماء فنسي وصلى بتيمم، ثم ذكر قبل أن يخرج الوقت
فليعد الوضوء والصلاة. (5)
ومن احتلم في مسجد من المساجد خرج منه واغتسل، إلا أن يكون احتلامه
في المسجد الحرام أو في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله فإنه إن احتلم في أحد هذين المسجدين
تيمم وخرج ولم يمش فيهما إلا متيمما. (6)
باب
* (غسل يوم الجمعة ودخول الحمام وآدابه وما جاء في) *
* (التنظيف والزينة) *
226 - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل

(1) تأكيد لقوله " لا يقدر الا على الطين أو يحمل ذلك على القدرة على الماء والتراب
خاصة لا بالنسبة إلى غبار الثوب. (سلطان) واللبد - كحبر -: ما يتلبد من شعر أو صوف
واللبدة أخص منه: واللبد - بالتحريك - الصوف.
(2) في بعض النسخ " ويتيمم به ".
(3) وهو محدث وليس له ماء يتوضأ به.
(4) في أكثر النسخ " ولم يعد ". والصواب ما في المتن كما رواه الشيخ في التهذيب
ج 1 ص 52 بطريق وص 324 بطريق آخر وكذا في الاستبصار ج 1 ص 81. ففيهما " ويصلى معهم
ويعيد إذا انصرف ".
(5) كما في خبر أبي بصير عن الصادق (ع) الكافي ج 3 ص 65 والتهذيب ج 1 ص 60.
(6) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 115.
110

الحمام إلا بمئزر ". و " نهى صلى الله عليه وآله عن الغسل تحت السماء إلا بمئزر ". و " نهى عن
دخول الأنهار إلا بمئزر، فقال: إن للماء أهلا وسكانا ".
وغسل يوم الجمعة واجب على الرجال والنساء في السفر والحضر إلا أنه
رخص للنساء في السفر لقلة الماء (1)
.
ومن كان في سفر ووجد الماء يوم الخميس وخشي أن لا يجده يوم الجمعة فلا بأس
بأن يغتسل يوم الخميس للجمعة، فإن وجد الماء يوم الجمعة اغتسل، وإن لم
يجد أجزأه.
227 - فقد روى الحسن بن موسى بن جعفر عليهما السلام عن أمه وأم أحمد بن موسى
عليه السلام قالتا: " كنا مع أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام في البادية ونحن نريد
بغداد، فقال لنا يوم الخميس: اغتسلا اليوم لغد يوم الجمعة فإن الماء غدا بها قليل
قالتا: فاغتسلنا يوم الخميس للجمعة ".
وغسل يوم الجمعة سنة واجبة، ويجوز من [وقت] طلوع الفجر يوم الجمعة
إلى قرب الزوال، وأفضل ذلك ما قرب من الزوال، ومن نسي الغسل أو فاته لعلة

(1) روى الكليني - رحمه الله - في الكافي ج 3 ص 42 باسناده عن منصور بن حازم
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " الغسل يوم الجمعة على الرجال والنساء في الحضر وعلى
الرجال في السفر وليس على النساء في السفر. " وفى رواية أخرى أنه رخص للنساء في السفر
لقلة الماء " وعن عبد الله بن المغيرة عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: " سألته عن الغسل
يوم الجمعة فقال: واجب على كل ذكر وأنثى، عبد أو حر ". واختلف الأصحاب في حكمه
فالمشهور على استحبابه وظاهر المؤلف والكليني - رحمهما الله - وجوبه فمن قال بالوجوب
استدل بأمثال هذه الأخبار وحمل الوجوب على الفرض ومن قال بالاستحباب حمل الوجوب
على تأكده لعدم العلم بكون الوجوب حقيقة في المعنى المصطلح بين الفقهاء والأصوليين قال
الشيخ في التهذيب ج 1 ص 31: " ما يتضمن هذه الأخبار من لفظ الوجوب فالمراد به أن
الأولى على الانسان أن يفعله وقد يسمى الشئ واجبا إذا كان الأولى فعله ".
111

فليغتسل بعد العصر أو يوم السبت، ويجزي الغسل للجمعة كما يكون للرواح (1).
والوضوء فيه قبل الغسل، ويقول المغتسل للجمعة: " اللهم طهرني وطهر قلبي وأنق
غسلي وأجر على لساني محبة منك ". (2)
228 - وقال الصادق عليه السلام: " من اغتسل للجمعة فقال: " أشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وآل محمد،
واجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين "، كان طهرا من الجمعة إلى الجمعة ".
229 - وقال الصادق عليه السلام: " غسل يوم الجمعة طهور وكفارة لما بينهما من
الذنوب من الجمعة إلى الجمعة ".
230 - وقال الصادق عليه السلام في علة غسل يوم الجمعة: " إن الأنصار كانت تعمل
في نواضحها وأموالها (3)، فإذا كان يوم الجمعة حضروا المسجد فتأذى الناس بأرواح
آباطهم وأجسادهم فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله بالغسل فجرت بذلك السنة ".
231 - وروي " أن الله تبارك وتعالى أتم صلاة الفريضة بصلاة النافلة، وأتم
صيام الفريضة بصيام النافلة، وأتم الوضوء بغسل يوم الجمعة " (4).
232 - وروى يحيى بن سعيد (5) الأهوازي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر،

(1) الرواح بمعنى الذهاب إلى الجمعة وفى النهاية " من راح إلى الجمعة في الساعة
الأولى فكأنما قرب بدنة " أي من مشى إليها. فالمعنى أن غسل الجمعة مجز إذا قصد فيه
وظيفة اليوم كما أنه مجز إذا نوى فيه الرواح إلى صلاة الجمعة ونقل العلامة في التذكرة عن
مالك أنه قال: لا يعتد بالغسل الا أن يقصد به الرواح لقوله عليه السلام " من جاء إلى الجمعة
فليغتسل " فذهب مالك إلى أن الغسل إذا نوى فيه الرواح فهو مجز ومعتد به والا ايقاعه لأنه
وظيفة اليوم فهو غير مجز ومحتاج إلى اعادته بقصد الرواح. فقوله " ويجزى الغسل للجمعة
كما يكون للرواح " رد على مالك.
(2) أي ما يوجب محبتك، وفى نسخة " مدحتك ".
(3) النواضح: الإبل التي يستقى عليها الماء.
(4) يفهم منه الاستحباب بقرينة الأختين.
(5) كذا في النسخ والظاهر هو الحسين بن سعيد وصحف في النسخ لقرب كتابة الحسين
بيحيى في الخط الديواني.
112

عن محمد بن حمران، قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: " إذا دخلت الحمام فقل في
الوقت الذي تنزع فيه ثيابك: " اللهم انزع عني ربقة النفاق، وثبتني على الايمان "
وإذا دخلت البيت الأول فقل: " اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، وأستعيذ بك من
أذاه " وإذا دخلت البيت الثاني فقل: اللهم أذهب عني الرجس النجس، وطهر
جسدي وقلبي "، وخذ من الماء الحار وضعه على هامتك، وصب منه على رجليك
وإن أمكن أن تبلع منه جرعة فافعل فإنه ينقي المثانة (1)، والبث في البيت الثاني
ساعة، وإذا دخلت البيت الثالث فقل: " نعوذ بالله من النار ونسأله الجنة " ترددها
إلى وقت خروجك من البيت الحار، وإياك وشرب الماء البارد والفقاع في
الحمام (2) فإنه يفسد المعدة، ولا تصبن عليك الماء البارد فإنه يضعف البدن، وصب

(1) الذي يظهر من تتبع الاخبار أن الحمامات كانت في عصرهم ذات بيوت أربعة
البيت الأول بارد يابس - وفيه ينزعون ملابسهم -. والثاني بارد رطب - فيه مخزن الماء
البارد - الثالث حار رطب - فيه مخزن الماء الحار. الرابع حار يابس - فيه يحمى المستحم بدنه
فيدلك - (راجع الرسالة الذهبية - طب الرضا عليه السلام - ص 94، مستدرك الوسائل ج 1
ص 54) وكان في البيت الثالث الذي فيه مخزن الماء الحار بئر أو حوض يسيل فيه ماء الغسالة
فقط وكان ممنوعا على المغتسل الارتماس في مخزن الماء سواء كان حارا أو باردا، وكان حول
المخزن مواضع ومصطبات يقوم المغتسل عليها فيأخذ الماء من المخزن بالمشربة فيصب عليه
ويخرج الغسالة منه إلى البئر، وكان في بعض الحمامات حول المخزن حياض صغار يخرج
الماء من المخزن في أنابيب خاصة إلى تلك الحياض ويأخذ كل مستحم الماء بقدر حاجته.
والمراد من حديث المتن من بيوت الحمام البيوت التي كان يدخل المستحم فيها بعد نزع
ثيابه، والمراد من تجرع الماء المنقى للمثانة الاغتراف من ماء المخزن أو الحوض الخاص
الممنوع وروده والتجرع من ذلك الماء لا ماء المخازن التي يغتسل الناس فيه ويدلكون
فيه أبدانهم. بل الظاهر كراهة الاغتسال والارتماس فيه فضلا عن شربه كما في الخبر الذي
رواه الكليني ج 6 ص 503 عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في حديث قال: " ومن اغتسل
من الماء الذي قد اغتسل فيه فأصابه الجذام فلا يلومن الا نفسه ".
(2) يمكن أن يكون المراد ماء الشعير أو الفقاع المحرم وهو وان وكان حراما الا أنه
عليه السلام أكد حرمة شربه في الحمام. لأنه مع قطع النظر عن الاسكار يفسد المعدة.
113

الماء البارد على قدميك إذا خرجت فإنه يسل الداء من جسدك (1)، فإذا لبست
ثيابك فقل: " اللهم ألبسني التقوى، وجنبني الردى " فإذا فعلت ذلك أمنت من
كل داء ".
ولا بأس بقراءة القرآن في الحمام ما لم ترد به الصوت إذا كان عليك
مئزر (2).
233 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام فقال: " أكان أمير المؤمنين عليه السلام
ينهى عن قراءة القرآن في الحمام؟ فقال: لا إنما نهى أن يقرأ الرجل وهو عريان
فإذا كان عليه إزار فلا بأس ".
234 - وقال علي بن يقطين لموسى بن جعفر عليهما السلام: " أقرأ في الحمام و
أنكح فيه؟ قال: لا بأس ".
ويجب على الرجل أن يغض بصره ويستر فرجه من أن ينظر إليه.
235 - وسئل الصادق عليه السلام " عن قول الله عز وجل: " قل للمؤمنين يغضوا من
أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم " فقال: كل ما كان في كتاب الله تعالى من ذكر
حفظ الفرج فهو من الزنا إلا في هذا الموضع فإنه للحفظ من أن ينظر إليه ".
236 - وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " إنما [أ] كره النظر إلى عورة المسلم
فأما النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل النظر إلى عورة الحمار ". (3)

(1) السل: اخراج الشئ بجذب ونزع.
(2) الظاهر كونه من كلام المصنف لا من تتمة الخبر كما توهمه بعض لما في الكافي ج 6
ص 502 من حديث الحلبي عن الصادق عليه السلام قال. " لا بأس للرجل أن يقرأ القرآن في الحمام
إذا كان يريد به وجه الله ولا يريد ينظر كيف صوته " ثم الظاهر من اختيار المصنف مدلول هذه
الرواية والتي تأتى تحت رقم 233.
(3) رواه الكليني أيضا في الكافي ج 6 ص 501 ويظهر من المؤلف والكليني - رحمهما
الله -
القول بمدلول الخبر، ويظهر من الشهيد - رحمه الله - وجماعة عدم الخلاف
في التحريم.
114

237 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " نعم البيت الحمام تذكر فيه النار و
يذهب بالدرن ".
238 - وقال عليه السلام: " بئس البيت الحمام يهتك الستر ويذهب بالحياء ".
239 - وقال الصادق عليه السلام: " بئس البيت الحمام يهتك الستر ويبدي العورة
ونعم البيت الحمام يذكر حر النار " (1).
ومن الآداب: أن لا يدخل الرجل ولده معه الحمام فينظر إلى عورته. (2)
240 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبعث
بحليلته إلى الحمام ". (3)
241 - وقال عليه السلام: " من أطاع امرأته أكبه الله على منخريه في النار، فقيل:
[و] ما تلك الطاعة؟ قال: تدعوه إلى النياحات والعرسات والحمامات ولبس الثياب
الرقاق فيجيبها ". (4)
242 - وسأل أبو بصير أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يدع غسل يوم الجمعة

(1) روى الكليني في الكافي ج 6 ص 496 باسناده عن محمد بن أسلم رفعه قال: قال
أبو عبد الله عليه السلام: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: " نعم البيت الحمام يذكر النار
ويذهب بالدرن " وقال عمر: " بئس البيت الحمام يبدي العورة ويهتك الستر " قال: ونسب
الناس قول أمير المؤمنين عليه السلام إلى عمر وقول عمر إلى أمير المؤمنين ".
(2) في الكافي ج 2 ص 503 باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام. قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: " لا يدخل الرجل مع ابنه الحمام فينظر إلى عورته، وقال ليس للوالدين
أن ينظرا إلى عورة الولد وليس للولد أن ينظر إلى عورة الوالد " وقال: " لعن رسول الله صلى الله عليه وآله
الناظر والمنظور إليه في الحمام بلا مئزر ".
(3) حمل على ما إذا لم تدع إليه الضرورة كما في البلاد الحارة أو على ما إذ بعثه إلى
الحمامات للتنزه والتفريح.
(4) ذلك لان الغالب في تلك الأماكن عدم خلوها عن المنهيات، أما الحمام فبدخول
بعضهن مكشوف العورة وهو حرام والنظر إليها حرام أيضا وهكذا في العرسات والنياحات
من ارتكابهن فيها بعض المنهيات والمحرمات.
115

ناسيا أو متعمدا، فقال: إذا كان ناسيا فقد تمت صلاته، وإن كان متعمدا
فليستغفر الله ولا يعد ".
243 - وقال الصادق عليه السلام: " لا تتك في الحمام فإنه يذيب شحم الكليتين،
ولا تسرح في الحمام فإنه يرقق الشعر، ولا تغسل رأسك بالطين فإنه يسمج الوجه
(وفي حديث آخر: يذهب بالغيرة) ولا تدلك بالخزف فإنه يورث البرص، ولا
تمسح وجهك بالإزار فإنه يذهب بماء الوجه " (1). وروي " أن ذلك طين مصر و
خزف الشام ". (2)
والسواك في الحمام يورث وباء الأسنان. (3)
ولا يجوز التطهير والغسل بغسالة الحمام. (4)
244 - وقال الصادق عليه السلام: " ليتزينن (5) أحدكم يوم الجمعة ويغتسل ويتطيب
ويتسرح ويلبس أنظف ثيابه، وليتهيأ للجمعة، وليكن عليه في ذلك اليوم السكينة
والوقار (6)، وليحسن عبادة ربه، وليفعل الخير ما استطاع (7) فإن الله جل ذكره
يطلع على الأرض (8) ليضاعف الحسنات ".
245 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: " لا تدخلوا الحمام على

(1) أي يقبح الوجه.
(2) أي الذي يسمج الوجه أو يذهب بالغيرة طين مصر، والذي يورث البرص خزف
الشام لا مطلق الطين والخزف. (مراد)
(3) كذا في أكثر النسخ وفى بعضها " ونا الأسنان " بالنون وبالقصر بمعنى الضعف.
(4) كما روى الكليني في الكافي ج 3 ص 14 عن أبي عبد الله عليه السلام. والمراد
بالغسالة ماء البئر الذي يسيل فيه ماء الغسالة.
(5) أمر غائب مؤكد بالنون فكل واحد من الافعال الآتية مجزوم بالعطف عليه.
(6) السكينة هيئة جسمانية تنشأ من استقرار الأعضاء وطمأنينتها، والوقار هيئة
نفسانية تنشأ عن طمأنينة النفس وثباتها.
(7) من الصدقات والزيارات وعيادة المرضى والعبادات وتشييع الجنائز.
(8) أي يلتفت إلى عباده بنظر الرحمة في يوم الجمعة.
116

الريق، ولا تدخلوه حتى تطعموا شيئا ".
246 - وقال بعضهم: " خرج الصادق عليه السلام من الحمام فلبس وتعمم، قال:
فما تركت العمامة عند خروجي من الحمام في الشتاء والصيف ".
247 - وقال موسى بن جعفر عليهما السلام: " الحمام يوم ويوم [لا] (1) يكثر اللحم
وإدمانه كل يوم يذهب شحم الكليتين ".
248 - و " كان الصادق عليه السلام يطلي في الحمام فإذا بلغ موضع العورة قال
للذي يطلي: تنح، ثم يطلي هو ذلك الموضع ".
ومن اطلى فلا بأس أن يلقي الستر عنه لان النورة سترة. (2)
249 - و " دخل الصادق عليه السلام الحمام فقال له صاحب الحمام: نخليه لك؟ فقال: لا إن المؤمن خفيف المؤونة ".
250 - وروي عن عبيد الله المرافقي (3) قال " دخلت حماما بالمدينة فإذا شيخ
كبير وهو قيم الحمام، فقلت [له]: يا شيخ لمن هذا الحمام؟ فقال: لأبي جعفر محمد
ابن علي عليهما السلام، فقلت: أكان يدخله؟ قال: نعم، فقلت: كيف كان يصنع؟ قال: كان
يدخل فيبدأ فيطلي عانته وما يليها، ثم يلف إزاره على أطراف إحليله ويدعوني
فأطلي سائر جسده، فقلت له يوما من الأيام: الذي تكره أن أراه قد رأيته، قال:
كلا إن النورة سترة ". (4)

(1) أي يوم تدخله ويوم لا تدخله. وفى بعض النسخ بزيادة " لا " بعد اليوم الثاني
(مراد). والادمان: الإدامة.
(2) هذا مدلول الخبر الذي يأتي تحت رقم 250.
(3) في بعض النسخ " الواقفي " وفى بعضها " الرافقي " وفى الكافي " الدابقي "
ولم أجده.
(4) رواه الكليني رحمه الله أيضا وقال المولى المجلسي رحمه الله: يفهم
منه أن الحجم ليس بعورة ما لم يظهر اللون كما ذكره بعض الأصحاب ويفهم من بعض الأخبار
كراهته. والسترة بالضم ما يستتر به. وقال سلطان العلماء: يدل على أن عورة رجل
سوأتاه لا غير، وعلى أن الواجب ستر اللون لا الحجم.
117

251 - وقال عبد الرحمن بن مسلم المعروف بسعدان: " كنت في الحمام في البيت
الأوسط فدخل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام وعليه إزار فوق النورة، فقال:
السلام عليكم، فرددت عليه السلام ودخلت البيت الذي فيه الحوض فاغتسلت و
خرجت ".
وفي هذا إطلاق في التسليم في الحمام لمن عليه مئزر، والنهي الوارد عن
التسليم فيه هو لمن لا مئزر عليه.
252 وروى حنان بن سدير، عن أبيه قال: قال: " دخلت أنا وأبي وجدي
وعمي حماما في المدينة، فإذا رجل في بيت المسلخ، فقال لنا: ممن القوم؟ فقلنا: من
أهل العراق، فقال: وأي العراق؟ فقلنا: الكوفيون، فقال: مرحبا بكم يا أهل
الكوفة وأهلا أنتم الشعار دون الدثار، ثم قال: وما يمنعكم من الإزار (1)؟ فإن
رسول الله صلى الله عليه وآله قال: عورة المؤمن على المؤمن حرام، قال: فبعث عمي إلى كرباسة
فشقها بأربعة ثم أخذ كل واحد منا واحدا، ثم دخلنا فيها (2) فلما كنا في البيت
الحار صمد لجدي (3) فقال: يا كهل ما يمنعك من الخضاب؟ فقال له جدي: أدركت
من هو خير مني ومنك لا يختضب، فقال: ومن ذاك الذي هو خير مني؟ فقال:
أدركت علي بن أبي طالب عليه السلام ولا يختضب، فنكس رأسه وتصاب عرقا وقال:
صدقت وبررت، ثم قال: يا كهل إن تختضب فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قد خضب وهو
خير من علي عليه السلام وإن تترك فلك بعلي عليه السلام أسوة، قال: فلما خرجنا من
الحمام سألنا عن الرجل في المسلخ فإذا هو علي بن الحسين ومعه ابنه محمد بن
علي عليهم السلام ".

(1) الشعار: ما يلي شعر الجسد من الثياب، والدثار: ما فوق الشعار من الثياب.
والمراد أنكم من خواص الشيعة فكيف تكونون هكذا بلا ازار.
(2) الظاهر أن الضمير راجع إلى الحمام وهو مذكر. ويجوز ارجاعه إلى الكراباسة.
ويحتمل ارجاعه إلى الحمام بتأويل.
(3) صمد إليه أي وجه الخطاب وقصده.
118

وفي هذا الخبر إطلاق للامام أن يدخل ولده معه الحمام دون من ليس بإمام
وذلك أن الامام معصوم في صغره وكبر لا يقع منه النظر إلى عورة في الحمام ولا
غيره. (1)
253 - وقال الصادق عليه السلام: " الفخذ ليس من العورة ".
254 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " النورة طهور " (2)
255 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: " ألقوا الشعر عنكم فإنه
يحسن ".
256 - وقال الصادق عليه السلام: " من أراد أن يتنور فليأخذ من النورة ويجعله
على طرف أنفه ويقول: " اللهم ارحم سليمان بن داود عليهما السلام كما أمرنا بالنورة " فإنه
لا تحرقه النورة إن شاء الله عز وجل ".
257 - وروي " أن من جلس وهو متنور خيف عليه الفتق ".
258 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " أحب للمؤمن أن يطلي في كل خمسة
عشر يوما ".
259 - وقال الصادق عليه السلام: " السنة في النورة في كل خمسة عشر يوما، فإن أتت
عليك عشرون يوما وليس عندك فاستقرض على الله عز وجل ".
260 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يترك
عانته فوق أربعين يوما، ولا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تدع ذلك منها
فوق عشرين يوما ".

(1) يظهر من الاخبار أن كراهة دخول الابن مع الأب الحمام كان باعتبار التعري
فلذا لا ينكر عليه السلام دخول سدير مع أبيه ودخول أبيه مع جده بعد ما لبسوا الإزار. والصدوق
رحمه الله فهم من الاخبار الحرمة فلذا استثنى المعصوم أو فهم الكراهة ويريد نفيها عنهم
عليهم السلام وغفل عن دخول سدير مع أبيه وجده وتقريره عليه السلام إياهم. (م ت)
(2) هذا من التشبيه البليغ أي كالطهور في إفادة النظافة. (مراد)
119

261 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " احلقوا شعر البطن للذكر والأنثى " (1)
262 - و " كان الصادق عليه السلام يطلي إبطيه في الحمام ويقول: نتف الإبط يضعف
المنكبين ويوهي ويضعف البصر ".
263 - وقال عليه السلام: " حلقه أفضل من نتفه، وطليه أفضل من حلقه ".
264 - وقال علي عليه السلام: " نتف الإبط ينفي الرائحة المكروهة وهو
طهور وسنة مما أمر به الطيب عليه وآله السلام " (2).
265 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا يطولن أحدكم شعر إبطيه فإن الشيطان
يتخذه مجنا يستتر به " (3)
والجنب لا بأس بأن يطلي فإن النورة تزيده نظافة.
266 - وقال الصادق عليه السلام: " قال أمير المؤمنين عليه السلام: ينبغي للرجل أن
يتوقى النورة يوم الأربعاء فإنه يوم نحس مستمر، ويجوز النورة في سائر
الأيام ".
267 - وروي " أنها في يوم الجمعة تورث البرص ". (4)
268 - وروى الريان بن الصلت عمن أخبره عن أبي الحسن عليه السلام قال: " من

(1) " للذكر والأنثى " اللام متعلق بقال أي قال ذلك لهما جميعا، ويحتمل أن يكون
تعليلا للحلق أي تحلق الأنثى لأجل الذكر والذكر لأجل الأنثى. (مراد). وفى بعض النسخ
" شعر الإبط "
(2) يحتمل أن يكون المراد بالنتف الإزالة بأي وجه كان فلا ينافي ما سبق، أو معناه
الخاص ونقول فضيلته لا ينافي أفضلية ذلك. (سلطان)
(3) كذا في بعض النسخ وفى بعضها " مخبأ " كما في الكافي. والمجن كل ما وقى
من السلاح، والمخبأ موضع الاستتار.
(4) روى الكليني رحمه الله في الكافي ج 6 ص 506 في مرفوعة عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: " قيل له يزعم الناس أن النورة يوم الجمعة مكروهة، فقال: ليس حيث ذهبت أي
طهور أطهر من النورة يوم الجمعة ".
120

تنور يوم الجمعة فأصابه البرص فلا يلومن إلا نفسه ".
ولا باس بأن يتدلك الرجل في الحمام بالسويق والدقيق والنخالة، ولا بأس بأن يتدلك بالدقيق الملتوت بالزيت، وليس فيما ينفع البدن إسراف، إنما الاسراف
فيما أتلف المال وأضر بالبدن. (1)
269 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أطلى واختضب بالحناء آمنه الله تعالى
من ثلاث خصال: الجذام والبرص والآكلة إلى طلية مثلها ".
270 - وقال الصادق عليه السلام: " الحناء على أثر النورة أمان من الجذام
والبرص ".
271 - وروي " أن من أطلى وتدلك بالحناء من قرنه إلى قدمه نفى الله
عنه الفقر ".
272 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " اختضبوا بالحناء فإنه يجلو البصر، وينبت
الشعر، ويطيب الريح، ويسكن الزوجة " (3).
273 - وقال الصادق عليه السلام: " الحناء يذهب بالسهك (4) ويزيد في ماء الوجه
ويطيب النكهة (5) ويحسن الولد ".
ولا بأس أن يمس الرجل الخلوق (6) في الحمام، ويمسح به يده من شقاق
يداويه (7)، ولا يستحب إدمانه، ولا أن يرى أثره عليه.

(1) تدل على ذلك روايات راجع الكافي ج 6 ص 500 و 501.
(2) الأثر - بفتحتين، وبكسر الهمزة وسكون المثلثة -: ما بقي من رسم الشئ.
يعنى استعمال الحناء بعد النورة أما من الجذام والبرص.
(3) كذا في النسخ وفى الكافي أيضا وفى نسخة من الكتاب " الروعة ".
(4) السهك - محركة -: ريح كريهة تجدها ممن عرق. (القاموس)
(5) النكهة: راحة الفم.
(6) الخلوق: ضرب من الطيب مايع فيه صفرة. (المغرب)
(7) الشقاق - بضم الشين -: تشقق الجلد، وهو من الأدواء كالسعال والزكام
والسلاق. وفى الكافي باسناده عن عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام قال: " لا بأس أن تمس
الخلوق في الحمام أو تمسح به يدلك تداوى به ولا أحب ادمانه " وفى بعض نسخ الفقيه " شفاف
نداوته " أي من فضلها.
121

274 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " الخضاب هدى (1) محمد صلى الله عليه وآله وهو من السنة.
275 - وقال الصادق عليه السلام: " لا بأس بالخضاب كله ".
276 - ودخل الحسن بن الجهم على أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام وقد
اختضب بالسواد فقال: " إن في الخضاب أجرا والخضاب والتهيئة (2) مما يزيد الله
عز وجل في عفة النساء، ولقد تركت نساء العفة بترك أزواجهن التهيئة، فقال له:
بلغنا أن الحناء تزيد في الشيب، فقال: أي شئ يزيد في الشيب؟ والشيب يزيد في
كل يوم " (3).
277 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام " عن الخضاب، فقال: كان رسول الله
صلى الله عليه وآله يختضب وهذا شعره عندنا ".
278 - وروي " أنه عليه السلام كان في رأسه ولحيته سبع عشرة شيبة ".
279 - و " كان النبي صلى الله عليه وآله والحسين بن علي وأبو جعفر محمد بن علي عليهما السلام
يختضبون بالكتم " (4).
280 - و " كان علي بن الحسين عليهما السلام يختضب بالحناء والكتم ".
281 - قال الصادق عليه السلام: " الخضاب بالسواد انس للنساء، ومهابة للعدو ".

(1) في بعض النسخ " هدى إلى محمد " وضبط على صيغة المجهول ويكون حينئذ بمعنى
اهدى، ويمكن أن يكون هدى بالتخفيف وهدى على فعيل بمعنى هدية (مراد) ويمكن أن
يقرء " هدى محمد صلى الله عليه وآله " بفتح الهاء وسكون الدال بدون " إلى " أي طريقة
محمد صلى الله عليه وآله وسيرته.
(2) التهيئة: الزينة والتنظف في اللباس والجسد.
(3) " الشيب يزيد في كل يوم " اما تكذيب للمشهور، أو إشارة إلى أنه لا يمكن التحرز
منه، أو إلى أنه لا ينبغي الاعتناء به وترك أمر مستحب لأجله.
(4) الكتم - بالفتح والتحريك -: نبات يخضب به الشعر ويصنع منه مداد للكتابة.
122

282 - وقال عليه السلام " في قول الله تعالى: " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة "
قال: منه الخضاب بالسواد (1). وإن رجلا دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وقد صفر لحيته
فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أحسن هذا، ثم دخل عليه بعد هذا وقد أقنى بالحناء (2)
فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: هذا أحسن من ذاك، ثم دخل عليه بعد ذلك وقد خضب
بالسواد فضحك إليه فقال: هذا أحسن من ذاك وذاك " (3).
283 - وقال الصادق عليه السلام: " لا ينبغي للمرأة أن تعطل نفسها ولو أن تعلق
في عنقها قلادة، ولا ينبغي لها أن تدع يدها من الخضاب ولو أن تمسحها بالحناء
مسحا وإن كانت مسنة ".
284 - وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام: " إن الأظافير إذا أصابتها النورة غيرتها
حتى أنها تشبه أظافير الموتى فلا بأس بتغييرها ".
وقد خضب الأئمة عليهم السلام بالوسمة، والخضاب بالصفرة خضاب الايمان،
والاقناء (4) خضاب الاسلام وبالسواد إسلام وإيمان ونور.
285 - وقال رسول الله صلى الله على وآله لعلي عليه السلام: " يا علي درهم في الخضاب أفضل
من ألف درهم في غيره في سبيل الله عز وجل، وفيه أربع عشرة خصلة يطرد الريح
من الاذنين، ويجلو البصر، ويلين الخياشيم ويطيب النكهة، ويشد اللثة، ويذهب
بالضنى (5)، ويقل وسوسة الشيطان، وتفرح به الملائكة، ويستبشر به المؤمن،

(1) يمكن تخصيصه بالجندي لان الكفار يظنونهم شابا.
(2) أي جعلها قانيا أي شديدة الحمرة.
(3) تبسمه وضحك صلى الله عليه وآله اما باعتبار أنه فعل ما فعل لتحسينه إياه واما
لاتيانه بالسنة واهتمامه بها فتبسمه وضحكه للايماء إلى أنه يسر برغبتهم إلى الطاعات
وميلهم إليها.
(4) ينافي ما مر تحت رقم 282 ويقتضي أن يكون الصفرة خضاب الاسلام والاقناء
خضاب الايمان.
(5) الضنى: المرض والهزل والضعف وسوء الحال، وفى الكافي ج 6 ص 482
" ويذهب بالغشيان " وفى بعض نسخه " يذهب بالغثيان ".
123

ويغيظ به الكافر، وهو زينة وطيب، ويستحي منه منكر ونكير، وهو براءة له في
قبره " (1).
286 - وقال الصادق عليه السلام: " إني لأحلق في كل جمعة فيما بين الطلية إلى
الطلية ". (2)
287 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لرجل: " احلق فإنه يزيد في جمالك ".
288 - وقال الصادق عليه السلام: " حلق الرأس في غير حج ولا عمرة مثلة لأعدائكم
وجمال لكم ".
ومعنى هذا في قول النبي صلى الله عليه وآله حين وصف الخوارج فقال: " إنهم يمرقون
من الدين كما يمرق السهم من الرمية وعلامتهم التسبيد " (3) وهو الحلق وترك
التدهن (4).
289 - وقال الصادق عليه السلام: " أخذ الشعر من الانف يحسن الوجه ".
290 - وقال الصادق عليه السلام: " غسل الرأس بالخطمي في كل جمعة أمان من
البرص والجنون ".
291 - وقال عليه السلام: " غسل الرأس بالخطمي ينفي الفقر ويزيد في الرزق ".
292 - وفي خبر آخر قال عليه السلام " غسل الرأس بالخطمي نشرة " (5).

(1) كذا والظاهر أن المعدود لا يطابق العدد. ورواه المصنف في الخصال أيضا هكذا
ويمكن أن يعد الزينة والطيب اثنين ويؤيده ما في الكافي ج 6 ص 482 ففيه " وهو زينة،
وهو طيب ".
(2) الظاهر أن المحذوف في " لا حلق " هو العانة. أو الرأس وهكذا في الآتي
(3) التسبيد: حلق الرأس. سبد الشعر أي حلقه. وفى النهاية في حديث الخوارج
" التسبيد فيهم فاش " هو الحلق واستيصال الشعر وقيل هو ترك التدهن وغسل الرأس وفى حديث
آخر " سيماهم التحليق والتسبيد ". وفى أكثر النسخ " التسبيت " وفى المحكى عن المغرب
السبت القطع ومنه سبت رأسه: حلقه.
(4) يعنى الحلق بدون التدهن كالمثلة وهو التسبيد أو التسبيت الذي علامة الأعداء.
(5) النشرة - بالضم -: رقية يعالج بها المجنون والمريض. (القاموس)
124

293 - قال أمير المؤمنين عليه السلام: " غسل الرأس بالخطمي يذهب بالدرن
وينقي الأقذاء " (1).
294 - و " إن رسول الله صلى الله عليه وآله اغتم فأمره جبرئيل عليه السلام أن يغسل رأسه بالسدر
وكان ذلك سدرا من سدرة المنتهى ".
295 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: " غسل الرأس بالسدر يجلب
الرزق جلبا ".
296 - وقال الصادق عليه السلام: " اغسلوا رؤوسكم بورق السدر فإنه قدسه كل
ملك مقرب وكل نبي مرسل، ومن غسل رأسه بورق السدر صرف الله عنه وسوسة
الشيطان سبعين يوما، ومن صرف الله عنه وسوسة الشيطان سبعين يوما لم يعص الله
ومن لم يعص الله دخل الجنة ".
ومن غسل رجليه بعد خروجه من الحمام فلا بأس، وإن لم يغسلهما فلا بأس.
297 - و " خرج الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام من الحمام فقال له
رجل: طاب استحمامك، فقال له: يا لكع وما تصنع بالاست ههنا (2)؟ فقال: طاب
حمامك، قال: إذا طاب الحمام فما راحة البدن منه؟ فقال: طاب حميمك، فقال:
ويحك أما علمت أن الحميم العرق؟ قال له: كيف أقول؟ قال: قل: طاب ما طهر
منك، وطهر ما طاب منك " (3).
298 - وقال الصادق عليه السلام: " إذا قال لك أخوك وقد خرجت من الحمام:
طاب حمامك، فقل: أنعم الله بالك ". (4)

(1) الأقذاء جمع قذى مقصورا وهو ما يقع في العين.
(2) اللكع عند العرب العبد ثم استعمل في الحمق والذم وقد يطلق على الصغير. وقوله
" وما تصنع بالاست " أي لا مناسبة لحروف الطلب ههنا بعد الخروج من الحمام مع استهجان
لفظ الاست بمعناه الاخر.
(3) لعل المراد بالطهارة النظافة، وبالطيبة: النزاهة من الذنوب.
(4) أي سر الله قلبك.
125

299 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الداء ثلاثة والدواء ثلاثة، فأما الداء فالدم
والمرة، والبلغم. فدواء الدم الحجامة، ودواء البلغم الحمام، ودواء المرة
المشي ". (1)
300 - وقال الصادق عليه السلام: " ثلاثة يهدمن البدن وربما قتلن: أكل القديد
الغاب، ودخول الحمام على البطنة (2) ونكاح العجوز ". روي " الغشيان على الامتلاء ". (3)
[تقليم الأظفار وأخذ الشارب والمشط] (4)
301 - وروى هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " تقليم الأظفار
يوم الجمعة يؤمن من الجذام والجنون والبرص والعمى، فإن لم تحتج فحكها حكا "
302 - وفي خبر آخر: " فإن لم تحتج فأمر عليها السكين أو المقراض ".
303 - روى عبد الرحيم القصير عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " من أخذ
من أظفاره وشاربه كل جمعة وقال حين يأخذه: " بسم الله وبالله وعلى سنة محمد وآل
محمد صلوات الله عليهم " لم تسقط منه قلامة ولا جزازة (5) إلا كتب الله عز وجل له
بها عتق نسمة (6)، ولم يمرض إلا مرضه الذي يموت فيه ".

(1) المرة - بكسر الميم - إحدى الطبائع الأربع. والظاهر أن المراد بالمرة هنا
السوداء وإن كان غالب اطلاقه على الصفراء لان هيجان السوداء أضر وأحوج إلى المشي.
قال في بحر الجواهر: " قال الآملي: المرة في اللغة القوة والشدة أطلقت على الصفراء لأنها
أقوى الاخلاط، وعلى السوداء أيضا لأنها أشدها لاقتضائها الاستمساك والثبات والصلابة ".
والمشي - بفتح الميم وكسر الشين والياء المشددة -: الدواء المسهل لأنه يحمل شاربه على
المشي والتردد إلى الخلاء يقال: شربت مشيا ومشوا. (النهاية)
(2) القديد: اللحم اليابس، وغب اللحم وأغب فهو غاب - بشد الباء في الكل -
إذا أنتن (النهاية) والبطنة: الامتلاء من الطعام.
(3) الغشيان كناية عن الجماع أي الاتيان.
(4) العنوان منا أضفناه للتسهيل.
(5) القلامة - بضم القاف - ما سقط من الظفر، والجزازة ما سقط من الشارب.
(6) النسمة - محركة -: الانسان والمملوك ذكرا كان أو أنثى. (القاموس)
126

304 - وروي في خبر آخر أنه " من يقلم أظافيره يوم الجمعة يبدأ بخنصره
من اليد اليسرى ويختم بخنصره من اليد اليمنى ".
305 - وقال الصادق عليه السلام: " أخذ الشارب من الجمعة إلى الجمعة أمان من
الجذام ".
306 - وقال الحسين بن أبي العلا (1) للصادق عليه السلام: " ما ثواب من أخذ من
شاربه وقلم أظفاره في كل يوم جمعة؟ قال: لا يزال مطهرا إلى الجمعة الأخرى ".
307 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا يطولن أحدكم شاربه فإن الشيطان
يتخذه مجنا يستتر به " (2).
308 - وقال الصادق عليه السلام: " من قلم أظفاره يوم الجمعة لم تشعث أنامله (3) ".
309 - وقال الصادق عليه السلام: " من قص أظفاره يوم الخميس وترك واحدا
ليوم الجمعة نفى الله عنه الفقر ".
310 - وقال عبد الله بن أبي يعفور للصادق عليه السلام: " جعلت فداك يقال: ما
استنزل الرزق بشئ مثل التعقيب فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فقال:
أجل ولكن أخبرك بخير من ذلك أخذ الشارب وتقليم الأظافر يوم الجمعة ".
وتقليم الأظافر يوم الخميس يدفع الرمد.
311 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " من أخذ من أظفاره كل يوم خميس لم يرمد
ولده " (4).

في الكافي عن الحسين، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له:
" ما ثواب. الحديث ".
(2) في بعض النسخ " مخبأ يستتر به " وقد تقدم معناهما.
(3) الشعث هو الانتشار والتفرق حول الأظفار، وفى بعض النسخ " لم تسعف " وفى
الصحاح السعف أيضا: التشعث حول الأظفار، والتشعث: التفرق.
(4) كذا ولعله تصحيف وفى الكافي باسناده عن أبي جعفر (ع) قال: " من أدمن أخذ أظفاره
في كل خميس لم ترمد عينه ".
127

312 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من قلم أظفاره يوم السبت ويوم الخميس و
أخذ من شاربه عوفي من وجع الضرس ووجع العين ".
313 - وقال موسى بن بكر للصادق عليه السلام: " إن أصحابنا يقولون: إنما
أخذ الشارب والأظفار يوم الجمعة، فقال: سبحان الله خذها إن شئت في يوم الجمعة وإن
شئت في سائر الأيام ".
314 وقال - الصادق عليه السلام: " قصها إذا طالت ".
315 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " للرجال: قصوا أظافيركم، وللنساء: اتركن
من أظفاركن فإنه أزين لكن ".
316 - وقال الصادق عليه السلام: " يدفن الرجل أظافيره وشعره إذا أخذ منها و
هي سنة (1) ".
317 - وروي " أن من السنة دفن الشعر والظفر والدم ".
318 - وسئل أبو الحسن الرضا عليه السلام " عن قول الله عز وجل: " خذوا زينتكم
عند كل مسجد "، قال: من ذلك التمشط عند كل صلاة " (2).
319 - وقال الصادق عليه السلام: " مشط الرأس يذهب بالوباء ومشط اللحية
يشد الأضراس ".
320 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: " إذا سرحت لحيتك ورأسك
فأمر المشط على صدرك فإنه يذهب بالهم والونا " (3).
321 - وقال الصادق عليه السلام: " من سرح لحيته سبعين مرة وعدها مرة مرة
لم يقربه الشيطان أربعين يوما ".
ولا بأس بأمشاط العاج، والمكاحل والمداهن (4).

(1) تأنيث الضمير باعتبار الخبر أو باعتبار تعدد المدفون.
(2) حمله بعضهم على استحباب المشط بعد كصلاة والظاهر أن المراد أخذ الزينة
للدخول في الصلاة قبلها. (مراد) (3) فبعض النسخ " الوباء ".
(4) في الكافي ج 6 ص 489 باسناده عن القاسم بن الوليد قال: " سألت أبا عبد الله (ع)
عن عظام الفيل مداهنها وأمشاطها قال: لا بأس بها " والظاهر أنه أراد بعدم البأس الاستحباب كما
قاله الفاضل التفرشي أي يستحب اتخاذ الأمشاط من العاج واتخاذ المكاحل والمداهن. وفى
الصحاح: المكحلة - بضم الميم - التي فيها الحكل وهو أحد ما جاء على الضم من الأدوات
وفيه المدهن - بضم الميم والهاء كقنفذ -: قارورة الدهن وهو أحد ما جاء على مفعل مما يستعمل
من الأدوات، والجمع مداهن - بفتح الميم وكسر الهاء -.
128

322 - وقال موسى بن جعفر عليهما السلام: " تمشطوا بالعاج فإنه يذهب بالوباء ".
223 - وقال الصادق عليه السلام: " المشط (1) يذهب بالوباء " وهو الحمى.
وفي رواية أحمد بن أبي عبد الله البرقي: " يذهب بالونا " وهو الضعف، قال الله
عز وجل: " ولا تنيا في ذكري " أي لا تضعفا.
324 - وقال أبن الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: " ثلاث من عرفهن لم يدعهن:
جز الشعر، وتشمير الثوب، ونكاح الإماء ".
325 - قال الصادق عليه السلام: لبعض أصحابه: " استأصل شعرك يقل درنه و
دواب وسخه (2)، وتغلظ رقبتك، ويجلو بصرك، ويستريح بدنك ".
326 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من اتخذ شعرا فليحسن ولايته أو ليجزه ".
327 - وقال عليه السلام: " الشعر الحسن من كسوة الله تعالى فأكرموه ".
328 - والصادق عليه السلام: " من اتخذ شعرا فلم يفرقه فرقه الله بمنشار
من نار ".
كان شعر رسول الله صلى الله عليه وآله وفرة لم يبلغ الفرق. (4)

(1) زاد في الكافي " للرأس ".
(2) الاستيصال القلع وكأن المراد هنا الحلق بحيث لا يبقى منه شئ وضمير الغائب
في درنه وأمثاله راجع إلى الشعر باعتبار محله. وفى بعض النسخ " ودأبه " أي تعب تحمله
وفى القاموس دأب في عمله - كمنع - جد وتعب.
(3) تقدم مع بيانه. وقال المولى مراد التفرشي: ظاهره يدل على الوجوب بل كون
تركه من الكبائر ويمكن حمله على ترك الفرق تهاونا بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله.
(4) يعنى كان شعره صلى الله عليه وآله يبلغ إلى شحمة الأذن ولم يكن طويلا حتى
يمكن فرقه. ويفهم من الاخبار أنه صلى الله عليه وآله لم يطل شعر رأسه قط ولا غيره من الأنبياء وإنما وقع
منه مرة حين صد في الحديبية أمسك شعره ليحلقه في الحج. (م ت)
أقول: في الكافي ج 6 ص 485 باسناده عن أيوب بن هارون عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: " قلت له: أكان رسول الله صلى الله عليه وآله يفرق شعره؟ قال: لا ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا طال
شعره كان إلى شحمة اذنه ".
129

329 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " حفوا الشوارب واعفوا اللحى، ولا تشبهوا
باليهود ".
330 - و " نظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى رجل طويل اللحية فقال: ما كان هذا
لو هيأ من لحيته (1) فبلغ الرجل ذلك فهيأ من لحيته بين اللحيتين، ثم دخل على
النبي صلى الله عليه وآله فلما رآه قال: هكذا فافعلوا ".
331 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن المجوس جزوا لحاهم ووفروا شواربهم،
وإنا نجز الشوارب ونعفي اللحى وهي الفطرة ".
332 - وقال الصادق عليه السلام: " ما زاد من اللحية عن قبضة فهو في النار ".
333 - وقال محمد بن مسلم: " رأيت أبا جعفر الباقر عليه السلام [والحجام] يأخذ من
لحيته، فقال: دورها ".
334 - وقال الصادق عليه السلام: " تقبض بيدك على لحيتك وتجز ما فضل ".
335 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الشيب في مقدم الرأس يمن، وفي العارضين
سخاء، وفي الذوائب شجاعة، وفي القفا شوم ".
336 - وقال الصادق عليه السلام: " أول من شاب إبراهيم الخليل عليه السلام وإنه ثنى
لحيته فرأى طاقة بيضاء، فقال: يا جبرئيل ما هذا؟ فقال: هذا وقار، فقال إبراهيم:
اللهم زدني وقارا ".
337 - وقال عليه السلام: " من شاب شيبة في الاسلام كانت له نورا يوم القيامة ".
338 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الشيب نور فلا تنتفوه ".

(1) أي شئ يقع على هذا الرجل لو أصلح لحيته، وهو ترغيب في الاصلاح، بين اللحيتين
أي طويلها وقصيرها. (مراد)
130

339 - وكان علي عليه السلام " لا يرى بجز الشيب بأسا ويكره نتفه ".
فالنهي عن نتف الشيب نهي كراهية لا نهي تحريم لان:
340 - الصادق عليه السلام يقول: " لا بأس بجز الشمط (1) ونتفه، وجزه أحب
إلي من نتفه ".
فأخبارهم عليهم السلام لا تختلف في حالة واحدة لان مخرجها من عند الله تعالى
ذكره، وإنما تختلف بحسب اختلاف الأحوال.
341 - وقال الصادق عليه السلام: " أربع من أخلاق الأنبياء عليهم السلام: التطيب،
والتنظيف بالموسى، وحلق الجسد بالنورة، وكثرة الطروقة ".
342 - وقال عليه السلام: " قلموا أظفاركم يوم الثلاثاء، واستحموا يوم الأربعاء،
وأصيبوا من الحجامة حاجتكم يوم الخميس، وتطيبوا بأطيب طيبكم يوم
الجمعة ".
باب
* (غسل الميت) *
343 - قال الصادق عليه السلام: " إن رسول الله صلى الله عليه وآله دخل على رجل من بني هاشم
وهو في النزع فقال له: قل: " لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي
العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما
بينهن وما تحتهن ورب العرش العظيم، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب
العالمين " فقالها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الحمد لله الذي أنقذه من النار " (2).
وهذه الكمات هي كلمات الفرج.
344 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " إنكم تلقنون موتاكم " لا إله إلا الله " عند

(1) مروى في الكافي مسندا والشمط - بالتحريك -: بياض شعر الرأس يخالطه سواد.
(2) في بعض النسخ " استنقذه من النار " كما في الكافي.
131

الموت، ونحن نلقن موتانا محمد رسول الله " (1).
345 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " لقنوا موتاكم " لا إله إلا الله " فإن من كان
آخر كلامه " لا إله إلا الله " دخل الجنة ".
346 - وقال الصادق عليه السلام: " أعقل (2) ما يكون المؤمن عند موته ".
347 - وقال الصادق عليه السلام: " اعتقل لسان رجل من أهل المدينة على عهد
رسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه الذي مات فيه فدخل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له: قل: " لا
إله إلا الله " فلم يقدر عليه، فأعاد عليه رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يقدر عليه، وعند رأس
الرجل امرأة فقال لها: هل لهذا الرجل أم؟ فقالت: نعم يا رسول الله أنا أمه،
فقال لها: أفراضية أنت عنه أم لا؟ فقالت: لا بل ساخطة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله:
فاني أحب أن ترضي عنه، فقالت: قد رضيت عنه لرضاك يا رسول الله، فقال له:
قل: " لا إله إلا الله " فقال: لا إله إلا الله، فقال: قل: " يا من يقبل اليسير ويعفو
عن الكثير، اقبل مني اليسير واعف عني الكثير، إنك أنت العفو الغفور " فقالها،
فقال له: ماذا ترى؟ فقال: أرى أسودين قد دخلا علي، قال: أعدها، فأعادها،
فقال: ما [ذا] ترى؟ فقال: قد تباعدا عني ودخل أبيضان وخرج الأسودان، فما
أراهما ودنا الأبيضان مني الآن يأخذان بنفسي فمات من ساعته ".
348 - وسئل الصادق عليه السلام عن توجيه الميت فقال: " استقبل بباطن قدميه
القبلة " (3).

(1) أي من عندكم من العامة يكتفون في التلقين بالشهادة بالتوحيد ونحن نضم إليها
الشهادة بالرسالة أو نكتفي بذلك لتضمنها شهادة التوحيد أيضا. (مرآة العقول)
(2) أي أشد اعتقالا للسان أو منعا وحبسا له، والحاصل أن المؤمن وقت موته لخوفه
من مقام ربه أعجز كلاما من كل وقت فينبغي للملقن أن لا يلح بالتلقين ولكن يتلطف فربما
لا ينطلق لسان المريض فيشق عليه ذلك ويؤدى إلى استثقاله التلقين وكراهيته للكلمة، أعاذنا
الله من سوء الخاتمة. وفى بعض النسخ " أغفل ".
(3) ظاهر هذا الخبر التوجيه بعد الموت وحمله الأكثر على حال الاحتضار وعلى هذا
أريد بالميت المشرف على الموت وهو الظاهر من الخبر الآتي.
132

349 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " دخل رسول الله صلى الله عليه وآله على رجل من ولد
عبد المطلب وهو في السوق (1) وقد وجه لغير القبلة فقال: وجهوه إلى القبلة فإنكم
إذا فعلتم ذلك أقبلت عليه الملائكة وأقبل الله عز وجل عليه بوجهه، فلم يزل كذلك
حتى يقبض ".
350 - وقال الصادق عليه السلام: " ما من أحد يحضره الموت إلا وكل به إبليس
من شياطينه من يأمره بالكفر ويشككه في دينه حتى يخرج نفسه فإذا حضرتم
موتاكم فلقنوهم شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حتى يموتوا ".
351 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله في آخر خطبة خطبها: " من تاب قبل موته
بسنة تاب الله عليه، ثم قال: إن السنة لكثيرة، من تاب قبل موته بشهر تاب الله عليه
ثم قال: إن الشهر لكثير ومن تاب قبل موته بجمعة تاب الله عليه، ثم قال: إن
الجمعة لكثيرة ومن تاب قبل موته بيوم تاب الله عليه، ثم قال: وإن يوما لكثير،
ومن تاب قبل موته بساعة تاب الله عليه، ثم قال: وإن الساعة لكثيرة ومن تاب
وقد بلغت نفسه هذه وأهوى بيده إلى حلقه تاب الله عليه " (2).
352 - وسئل الصادق عليه السلام " عن قول الله عز وجل " وليست التوبة للذين
يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن " قال: ذاك إذا
عاين أمر الآخرة ".
353 - و " أتى رسول الله صلى الله عليه وآله رجل من أهل البادية له حشم وجمال فقال:
يا رسول الله أخبرني عن قول الله عز وجل: " الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم
البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة " فقال: أما قوله تعالى: " لهم البشرى في الحياة

(1) السوق - بالفتح -: النزع.
(2) المراد أنه يتوب الله عليه في الآخرة والأحاديث الدالة على عدم قبول توبة الناس
المراد عدم قبولها في الدنيا عند حاكم الشرع فان التوبة لا يقبل عنده الا بعد الاستبراء وأقله
أربعون يوما فارتفع التدافع. (م ح ق)
133

الدنيا " فهي الرؤيا الحسنة يراها المؤمن فيبشر بها في دنياه، وأما قول الله عز
وجل: " وفي الآخرة " فإنها بشارة المؤمن عند الموت يبشر بها عند موته إن الله
قد غفر لك ولمن يحملك إلى قبرك ".
354 - وقال الصادق عليه السلام: " قيل لملك الموت عليه السلام: كيف تقبض الأرواح و
بعضها في المغرب وبعضها في المشرق في ساعة واحدة؟ فقال: أدعوها فتجيبني، قال:
فقال ملك الموت عليه السلام: إن الدنيا بين يدي كالقصعة بين يدي أحدكم يتناول منها
ما شاء والدنيا عندي كالدرهم في كف أحدكم يقلبه كيف يشاء ".
355 - وقال الصادق عليه السلام: " ما يخرج مؤمن عن الدنيا إلا برضى منه،
وذلك أن الله تبارك وتعالى يكشف له الغطاء حتى ينظر إلى مكانه من الجنة وما
أعد الله له فيها، وتنصب له الدنيا كأحسن ما كانت له ثم يخير فيختار ما عند الله
عز وجل ويقول: ما أصنع بالدنيا وبلائها، فلقنوا موتاكم كلمات الفرج ".
356 - وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام: " لو أدركت عكرمة عند الموت لنفعته
فقيل للصادق عليه السلام: بماذا كان ينفعه؟ قال: كان يلقنه ما أنتم عليه " (1).
357 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن موت الفجأة تخفيف على المؤمن وراحة،
وأخذة أسف على الكافر " (2).
358 - وقال الصادق عليه السلام: " الموت كفارة كل مؤمن ".
359 - وقال عليه السلام: " إن بين الدنيا والآخرة ألف عقبة أهونها وأيسرها
الموت ".
360 - وقال الصادق عليه السلام: " إن الشيطان ليأتي الرجل من أوليائنا عند موته

(1) عكرمة مولى ابن عباس كان على طريقتنا ولا من أصحابنا وقيل يرى رأى الخوارج.
(2) قوله " تخفيف على المؤمن " حيث خلص من سكرات الموت ومن وساوس الشيطان
وبذلك لا يسقط من منزلته شئ بخلاف الكافر فان شدائد الموت بالنسبة إليه أسهل مما عليه
بعده. (مراد). وقوله " أخذة أسف " أي أخذه غضب أو غضبان يقال: أسف يأسف أسفا فهو آسف
إذا غضب. (النهاية)
134

عن يمينه وعن شماله ليضله عما هو عليه، فيأبى الله عز وجل ذلك وذلك قول الله تعالى
" يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ".
361 - وقال الصادق عليه السلام " في الميت تدمع عيناه عند الموت وإن ذلك عند معاينة
رسول الله صلى الله عليه وآله فيرى ما يسره، ثم قال: أما ترى الرجل يرى ما يسره وما يحب
فتدمع عيناه ويضحك ".
362 - وقال الصادق عليه السلام: " إذا رأيت المؤمن قد شخص ببصره وسالت عينه
اليسرى، ورشح جبينه، وتقلصت شفتاه، وانتشر منخراه (1)، فأي ذلك رأيت فحسبك
به ". (2)
363 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " إن آية المؤمن إذا حضره الموت أن يبيض
وجهه أشد من بياض لونه، ويرشح جبينه، ويسيل من عينيه كهيئة الدموع فيكون
ذلك آية خروج روحه، وإن الكافر تخرج روحه سلا من شدقه كزبد البعير كما
تخرج نفس الحمار ". (3)
364 - وروي " أن آخر طعم يجده الانسان عند موته طعم العنب ".
365 - وسئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " كيف يتوفى ملك الموت المؤمن؟ فقال: إن
ملك الموت ليقف من المؤمن عند موته موقف العبد الذليل من المولى فيقوم وأصحابه
لا يدنو [ن] منه حتى يبدأه بالتسليم ويبشره بالجنة ".
366 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " إن المؤمن إذا حضره الموت وثقه ملك

(1) قلص وتقلص بمعنى انضم وانزوى، يقال: قلصت شفته أي انزوت وتقبضت -
والانتشار: الانبساط، والمنخر: الانف. وفى بعض النسخ " وانتثر منخراه " ولعله تصحيف وفى
الكافي " وانتشرت منخراه ".
(2) أي حسبك بذلك دلالة على حسن حاله أو دلالة لايمانه أو لموته.
(3) الشدق: جانب الفم، وفى الكافي " تخرج نفسه سلا من شدقه كزبد البعير أو كما
تخرج نفس البعير ".
135

الموت (1) فلو لا ذلك لم يستقر ".
وما من أحد يحضره الموت إلا مثل له النبي صلى الله عليه وآله والحجج صلوات الله عليهم
أجمعين حتى يراهم، فإن كان مؤمنا يراهم بحيث يحب، وإن كان غير مؤمن يراهم
بحيث يكره، وقال الله تبارك وتعالى: " فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون
ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون ". (2)
367 - وقال الصادق عليه السلام: " إنه إذا بلغت النفس الحلقوم أري مكانه من
الجنة فيقول: ردوني إلى الدنيا حتى أخبر أهلي بما أرى، فيقال له: ليس إلى ذلك
سبيل ".
368 - وسئل الصادق عليه السلام " عن قول الله عز وجل: " الله يتوفى الأنفس حين
موتها " وعن قول الله عز وجل: " قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم وعن قول
الله عز وجل: " الذين تتوفاهم الملائكة طيبين و " الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي
أنفسهم " وعن قول الله عز وجل: " توفته رسلنا " وعن قوله عز وجل: " ولو ترى إذ
يتوفى الذين كفروا الملائكة " وقد يموت في الساعة الواحدة في جميع الآفاق ما لا يحصيه
إلا الله عز وجل فكيف هذا؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى جعل لملك الموت أعوانا
من الملائكة يقبضون الأرواح بمنزلة صاحب الشرطة له أعوان من الانس ويبعثهم في
حوائجه فتتوفاهم الملائكة ويتوفاهم ملك الموت من الملائكة مع ما يقبض هو ويتوفاها

(1) أي يثبته ويحفظه عن الاضطراب بالبشارة بما أعد الله له أو بإرائته الجنة، أو
وثقه بمشاهدته كما ترى أنه إذا رأى الشخص أسدا كأنه يوثق ولا يمكنه الحركة (م ت)
وقال الفاضل التفرشي: " لعل المراد أن ملك الموت يبشره بماله فيأمن. وأما جعله من الوثاق
بمعنى الحبس بقرينة لم يستقر فغير مناسب بالنسبة إلى المؤمن ويمكن أن يراد أن ملك الموت
يدفع عنه كيد الشيطان كما يجيئ عن قريب.
(2) بقية الآية " فلو لا ان كنتم غيره مدينين ترجعونها ان كنتم صادقين " و " لولا " للتخصيص
والمخصص قوله " ترجعونها " بعد ذلك وهي بما في حيزه دليل جواب الشرط في قوله تعالى
فيما بعد " ان كنتم صادقين " والمعنى انه ان كنتم صادقين في كونكم غير مملوكين مغلوبين فلو لا
ترجعون الأرواح إلى الأبدان بعد بلوغها الحلقوم. (سلطان)
136

الله عز وجل من ملك الموت " (1).
369 - وقال الصادق عليه السلام: " إن ولي علي عليه السلام يراه في ثلاثة مواطن حيث
يسره: عند الموت، وعند الصراط، وعند الحوض ".
وملك الموت يدفع الشيطان عن المحافظ على الصلاة ويلقنه شهادة أن لا إله
إلا الله وأن محمد رسول الله في تلك الحالة العظيمة.
370 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " إن العبد إذا كان في آخر يوم من الدنيا
وأول يوم من الآخرة مثل له ماله وولده وعمله، فيلتفت إلى ماله ويقول: والله إني
كنت عليك لحريصا شحيحا فماذا عندك (2)؟ فيقول: خذ مني كفنك، فيلتفت إلى ولده
فيقول: والله إني كنت لكم محبا وإني كنت عليكم لمحاميا فماذا عندكم؟ فيقولون
نؤديك إلى حفرتك ونواريك فيها، فيلتفت إلى عمله فيقول: والله إنك كنت علي
لثقيلا وإني كنت فيك لزاهدا فماذا عندك؟ فيقول: أنا قرينك في قبرك ويوم حشرك
حتى أعرض أنا وأنت على ربك " (3).

(1) الضمير المنصوب يرجع إلى ما يتوفاه ملك الموت من الملائكة مع ما يتوفاه بنفسه
فاسناده التوفي إلى الله عز وجل باعتبار رجوعه إليه بالآخرة، والى ملك الموت باعتبار أنه
يتوفى ما توفته الملائكة منهم ويتوفى بنفسه أيضا، والى الملائكة المعبر بالرسل أيضا كما
عبر عنهم بالملائكة باعتبار صدور التوفي منهم ابتداء بالنسبة إلى بعض النفوس، وفى بعض
النسخ " يتوفاهم الله عز وجل " وفى بعضها " يتوفاها الله عز وجل " والمال واحد. (مراد)
وحاصل السؤال اشكالان أحدهما التدافع في ظاهر كلام الله تعالى حيث أسند تارة قبض
كل الأنفس إليه تعالى وتارة إلى ملك الموت وتارة إلى الملائكة وتارة إلى الرسل،
والثاني أنه على تقدير تسليم أن المراد من الجميع واحد فكيف يتصور ذلك مع أنه يموت
في الساعة الواحدة في جميع الآفاق ما لا يحصى؟ فأجاب عليه السلام بان استناد القبض إلى
جماعة بلا واسطة والى بعض بالواسطة فيندفع الاشكالان فتدبر حق التدبير. (سلطان) (2) الشحيح: البخيل جدا.
(3) رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 231 بزيادة بعد ذلك في نحو 24 سطرا.
137

371 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة رفع
الله (1) عنه عذاب القبر ".
372 - وقال الصادق عليه السلام: " من مات ما بين زوال الشمس من يوم الخميس
إلى زوال الشمس من يوم الجمعة أمن من ضغطة القبر ".
373 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " ليلة الجمعة ليلة غراء ويومها يوم أزهر وليس
على وجه الأرض يوم تغرب فيه الشمس أكثر معتقا من النار من يوم الجمعة، ومن
مات يوم الجمعة كتب الله له براءة من عذاب القبر، ومن مات يوم الجمعة أعتق
من النار ".
374 - وقال الصادق عليه السلام: " ما من ميت يحضره الوفاة إلا رد الله عز وجل
عليه من بصره وسمعه وعقله (2) آخذا للوصية أو تاركا وهي الراحة التي يقال لها:
راحة الموت ".
وإذا حرك الانسان في حالة النزع يديه أو رجليه أو رأسه فلا يمنع من
ذلك كما يفعل جهال الناس، فإذا اشتد عليه نزع روحه حول إلى مصلاه الذي كان
يصلي فيه أو عليه. (3) ولا يمس في تلك الحالة (9) فإذا قضى نحبه فيجب (5) أن يقال:
" إنا لله وإنا إليه راجعون ".
375 - وسئل الصادق عليه السلام " لأي علة يغسل الميت؟ قال: تخرج منه النطفة
التي خلق منها تخرج من عينيه أو من فيه، وما يخرج أحد من الدنيا حتى يرى
مكانه من الجنة أو من النار ".
376 - وقال الصادق عليه السلام: " من مات محرما بعثه الله ملبيا ".

(1) في بعض النسخ " دفع الله ".
(2) حتى يوصى بوفاء الديون والعبادات وغيرها مما يريد.
(3) كما روى الكليني في الكافي ج 3 ص 125 عن أبي عبد الله (ع) قال: " إذا عسر على
الميت موته ونزعه قرب إلى مصلاه الذي كان يصلى فيه ".
(4) أي حالة الاشتداد بل يترك بحاله. (مراد)
(5) أي لا ينبغي تركه.
138

377 - وقال عليه السلام: " من مات في أحد الحرمين (1) أمن من الفزع الأكبر
يوم القيامة ".
378 - وقال عليه السلام: " المرأة إذا ماتت في نفاسها لم ينشر لها ديوان يوم
القيامة ". (2)
379 - وقال عليه السلام: " موت الغريب شهادة ".
380 - وقال عليه السلام " في قول الله عز وجل: " وما تدري نفس ماذا تكسب غدا
وما تدري نفس بأي أرض تموت " فقال: من قدم إلى قدم " (3).
381 - وقال عليه السلام: " إذا مات المؤمن بكت عليه بقاع الأرض التي كان يعبد الله
عز وجل فيها، والباب الذي كان يصعد منه عمله، وموضع سجوده ".
382 - وقال الصادق عليه السلام: " من عد غدا من أجله (4) فقد أساء صحبة
الموت ".
383 - و " دخل رسول الله صلى الله عليه وآله على خديجة وهي لما بها (5)، فقال لها: بالرغم
منا ما نرى بك يا خديجة (6) فإذا قدمت على ضرائرك فأقرئهن السلام، فقالت:
من هن يا رسول الله؟ قال: مريم ابنة عمران، وكلثم أخت موسى، وآسية امرأة فرعون

(1) يعنى مسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله.
(2) كناية عن أنها لا تحاسب لما طهرت بالمخاض أو بالنفاس عن الذنوب، كما ورد
في بعض الأحاديث.
(3) أي لا يعلم أيكون موته في القدم الأولى أو الثانية أو ما بينهما.
(4) أي من عمره.
(5) أي في الحالة التي بها من النزع.
(6) قوله " بالرغم منا " خبر قدم على المبتدأ وهو " ما نرى بك " لإفادة القصر أي ما
نرى بك من المرض متلبسا بالرغم وخلاف المطلوب وهو خروجك ليس الا ذلك. وفى القاموس
الرغم الكره ويثلث كالمرغمة، رغمة - كعلمه ومنعه -: كرهه، ويمكن أن يراد بالرغم خروجها
من بينهم. وفى الصحاح: المراغمة: المغاضبة، يقال: راغم فلان قومه إذا نابذهم وخرج
عنهم. (مراد)
139

قالت: بالرفاء يا رسول الله ". (1)
384 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " ضمنت لستة الجنة: رجل خرج بصدقة
فمات فله الجنة، ورجل خرج يعود مريضا فمات فله الجنة، ورجل خرج مجاهدا
في سبيل الله فمات فله الجنة، ورجل خرج حاجا فمات فله الجنة، ورجل خرج
إلى الجمعة فمات فله الجنة، ورجل خرج في جنازة رجل مسلم فمات فله
الجنة ". (2)
385 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " كرامة الميت تعجيله ". (3)
386 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا ألفين منكم رجلا مات له ميت ليلا
فانتظر به الصبح، ولا رجلا مات له ميت نهارا فانتظر به الليل، لا تنتظروا بموتاكم
طلوع الشمس ولا غروبها، عجلوا بهم إلى مضاجعهم يرحمكم الله، فقال الناس: وأنت
يا رسول الله يرحمك الله ".
387 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " كان فيما ناجى به موسى بن عمران عليه السلام ربه
عز وجل أن قال: يا رب ما بلغ من عيادة المريض من الاجر؟ قال: أوكل به ملكا
يعوده في قبره إلى محشره، قال: يا رب فما لمن غسل الموتى؟ قال: أغسله من ذنوبه

(1) في النهاية في الحديث " نهى أن يقال للمتزوج بالرفاء والبنين " الرفاء: الالتيام
والاتفاق والبركة والنماء، وهو من قولهم رفأت الثوب - ا ه‍ " أي يكون التزويج مباركا مقرونا
بالألفة والالتيام فإنها كلمة يقال في الجاهلية في التهنئة للمتزوج. فكما قال النبي لها: " على
ضرائرك " استعارة، قالت في الجواب: بالرفاء متناسبا.
(2) هذه الطائف الستة داخلة في قوله تعالى " ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله
ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله ".
(3) أي تعظيمه واكرامه بتعجيل أمور دفنه وتجهيزه ومنها اعلام المؤمنين بموته كما
في الكافي باب أن الميت يؤذن به الناس.
(4) بالفاء بمعنى الوجدان، وفى بعض النسخ بالقاف وعلى كل منهما يحمل على الاخبار
والانشاء.
140

كيوم ولدته أمه ".
388 - وقال عليه السلام: " من غسل ميتا مؤمنا فأدى فيه الأمانة غفر الله له،
قيل: وكيف يؤدي فيه الأمانة؟ قال: لا يخبر بما يراه وحده (2) إلى أن يدفن
الميت ".
389 - وقال الصادق عليه السلام: " أيما مؤمن غسل مؤمنا فقال إذا قلبه: " اللهم
هذا بدن عبدك المؤمن وقد أخرجت روحه منه وفرقت بينها فعفوك عفوك عفوك "
إلا غفر الله ذنوب سنة إلا الكبائر ".
390 - وقال الصادق عليه السلام: " ما من عبد مؤمن يغسل ميتا مؤمنا ويقول وهو
يغسله: " رب عفوك عفوك " إلا عفى الله عنه " (4).
391 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " يغسل الميت أولى الناس به أو من يأمره
الولي بذلك ". (5)
392 - وقال الصادق عليه السلام: " من غسل ميتا فستر وكتم خر من الذنوب
كيوم ولدته أمه ". (6)
393 - وكتب محمد بن الحسن الصفار إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام " كم

(1) في بعض النسخ " كما ولدته أمه ".
(2) الخبر مروى في الكافي والتهذيب إلى قوله " بما يراه " فيمكن أن يكون قوله " وحده - الخ " من كلام الصدوق - رحمه الله - ومعنى الجملة أن حد الاخفاء أوحد الرؤية كان
إلى أن يدفن. وقد قرء بالتخفيف وجعل الواو جزء الكلمة بمعنى أنه يخبر أحدا بما يرى
هو وحده دون غيره من خروج الفضلات والعيوب المستورة فمعنى " إلى أن يدفن " ظاهر
لا غبار عليه.
(3) أي أطلب عفوك له.
(4) ظاهره العامل ويحتمل الميت والأعم تجوزا.
(5) روى صدره الشيخ في التهذيب ج 1 ص 122 بسند فيه جهالة وعليه عمل
الأصحاب.
(6) المناسب تقديم هذا الخبر على سابقيه.
141

حد الماء الذي يغسل به الميت كما رووا أن الجنب يغتسل بستة أرطال من ماء (1)
والحائض بتسعة أرطال (2) فهل للميت حد من الماء الذي يغسل به؟ فوقع عليه السلام
حد غسل الميت يغسل حتى يطهر إن شاء الله تعالى "
وهذا التوقيع في جملة توقيعاته عندي بخطه عليه السلام في صحيفة.
394 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " لا يسخن الماء للميت ".
395 - وروي في حديث آخر: " إلا أن يكون شتاء باردا فتوقي الميت مما
توقي منه نفسك ".
396 - وقال الصادق عليه السلام: " لا تدعن ميتك وحده فإن الشيطان يعبث به
جوفه ".
397 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام " عن الميت يغسل
في الفضاء؟ فقال: لا بأس وإن ستر بستر فهو أحب إلي ".
398 - وسأل عبد الله بن سنان أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل أيصلح له أن
ينظر إلى امرأته حين تموت، أو يغسلها إن لم يكن عندها من يغسلها؟ والمرأة هل
تنظر إلى مثل ذلك من زوجها حين يموت؟ فقال: لا بأس بذلك إنما [لم] يفعل ذلك
أهل المرأة كراهية أن ينظر زوجها إلى شئ يكرهونه منها ".
399 - وسئل الصادق عليه السلام " عن فاطمة عليها السلام من غسلها؟ فقال: غسلها
أمير المؤمنين عليه السلام لأنها كانت صديقة لم يكن ليغسلها إلا صديق ".

(1) يحتمل أن يكون المراد بستة أرطال بالمدني حتى يكون تسعة بالعراقي ويوافق
الصاع فلا ينافي ما سبق من أن الغسل بصاع. (سلطان)
(2) لعله مستند علي بن بابويه - رحمه الله - في غسل الحائض ص 91.
(3) لعل المراد بعبث الشيطان ارسال الحيوانات والديدان إلى جوفه. (المرآة)
(4) يجب المساواة في الذكورية والأنوثية في الغسل الا للزوجين واختلف الأصحاب
في جوازه لهما فذهب جماعة إلى الجواز مطلقا تمسكا بأمثال هذا الخبر، واعتبر بعضهم كونه
من وراء الثياب، وحملوا الاخبار المخالفة على الكراهة.
142

(باب المس)
ومن مس قطعة من جسد (1) أكيل السبع فعليه الغسل إن كان فيما مس عظم
وما لم يكن فيه عظم فلا غسل عليه في مسه، ومن مس ميتة (2) فعليه أن يغسل يديه
وليس عليه الغسل إنما يجب ذلك في الانسان وحده، ومن مس ميتا قبل الغسل
بحرارته فلا غسل عليه، وإن مسه بعدما يبرد فعليه الغسل، ومن مسه بعدما يغسل
فليس عليه غسل.
400 - وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام: " مس الميت عند موته وبعد غسله
والقبلة ليس بها بأس " (3).
ومن أصاب ثوبه جسد الميت فعليه أن يغسل ما أصاب الثوب منه (4).
وغاسل الميت يبدأ بكفنه فيقطعه، يبدأ بالنمط (5) فيبسطه ويبسط عليه الحبرة
وينثر عليه شيئا من الذريرة (6)، ويبسط الإزار على الحبرة وينثر عليه شيئا من
الذريرة، ويبسط القميص على الإزار وينثر عليه شيئا من الذريرة، ويأخذ جريدتين
من النخل خضراوين رطبتين، طول كل واحدة قدر عظم الذراع، وإن كانت قدر
ذراع فلا بأس أو شبر فلا بأس، ويكتب على إزاره وقميصه وحبره والجريدتين: " فلان

(1) أي من جسد الانسان.
(2) أي غير الانسان وغسل اليد محمول على الملاقاة رطبا، وقيل بالوجوب تعبدا.
(3) هكذا في كثير من النسخ وفى التهذيب أيضا وفى بعض النسخ " بعد موته وعند غسله "
فيمكن أن يكون المراد نفى الحرمة أو الكراهة لا نفى وجوب الغسل.
(4) رواه الكليني في الحسن كالصحيح وحمل على الملاقاة رطبا أو على الاستحباب
وقال بعضهم: لو احتاط بغسل الثوب في الملاقاة يابسا لكان أحسن.
(5) النمط: ما يفرش من مفارش الصوف، والمراد هنا ما يفرش تحت الكفن.
(6) الذريرة - بفتح المعجمة - فتاة قصب الطيب وهو قصب يجاء به من الهند أو من
ناحية نهاوند، والمراد هنا الطيب المسحوق كما في المعتبر والتذكرة.
143

يشهد أن لا إله إلا الله " ويلفها جميعا (1).
[وضع الجريدتين] (2)
401 - وسئل الصادق عليه السلام " عن علة الجريدة، فقال: إنه يتجافى عنه العذاب
ما دامت رطبة ".
402 - و " مر رسول الله صلى الله عليه وآله على قبر يعذب صاحبه فدعا بجريدة فشقها
نصفين فجعل واحدة عند رأسه الأخرى عند رجليه " وروي " أن صاحب القبر كان
قيس بن قهد الأنصاري، وروي قيس بن قمير، وأنه " قيل له: لم وضعتهما؟ فقال:
إنه يخفف عنه العذاب ما كانتا خضراوين " (3).
403 - وسئل الصادق عليه السلام " عن الجريدة توضع في القبر؟ فقال: لا بأس " (4).
يعني إن لم توجد إلا بعد حمل الميت إلى قبره أو يحضره من يتقيه فلا يمكنه
وضعهما على ما روي، فيجعلهما معه حيث أمكن.
404 - وكتب علي بن بلال (5) إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام: " الرجل يموت
في بلاد ليس فيها نخل فهل يجوز مكان الجريدة شئ من الشجر غير النخل فإنه
قد روي عن آبائكم عليهم السلام أنه يتجافى عنه العذاب ما دامت الجريدتان رطبتين وأنها

(1) قال بعض الشراح: الموجود عندنا من الاخبار أن الصادق عليه السلام كتب في
حاشية كفن ابنه إسماعيل يشهد أن لا إله إلا الله " ويمكن اطلاق الكفن على الثلاثة
لكن الجريدة التي ذكرها الصدوق - رحمه الله - وتبعه الأصحاب وكتابة شهادة الرسالة و
الإمامة لم نطلع على مستندهما ولعله يكون لهم مستند وروى الكفعمي كتابة الجوشن الكبير
والسيد بن طاوس كتابة الصغير على الكفن.
(2) العنوان منا أضفناه للتسهيل.
(3) روى النسائي نحوه في السنن ج 4 ص 106 باب وضع الجريدة على القبر.
(4) قال الفاضل التفرشي: يستفاد منه أنه إذا نسي جعل الجريدة مع الميت جعل بعد
الدفن في قبره كيف ما كانت.
(5) طريقه إلى علي بن بلال حسن كما في (صه) لان فيه إبراهيم بن هاشم.
144

تنفع المؤمن والكافر؟ فأجاب عليه السلام: يجوز من شجر آخر رطب ".
ومتى حضر غسل الميت قوم مخالفون وجب أن يقع الاجتهاد في أن يغسل
غسل المؤمن وتخفى الجريدة عنهم (1).
405 - وروي عن يحيى بن عباد الملكي أنه قال: " سمعت سفيان الثوري
يسأل أبا جعفر عليه السلام عن الخضير فقال: إن رجلا من الأنصار هلك فأوذن رسول الله
صلى الله عليه وآله بموته، فقال لمن يليه من قرابته: خضروا صاحبكم ما أقل
المخضرين يوم القيامة، قال (2): وما التخضير؟ فقال: جريدة خضراء (3) توضع من
أصل اليدين إلى أصل الترقوة " (4).
406 - وسأل الحسن بن زياد (5) أبا عبد الله عليه السلام " عن الجريدة التي تكون
مع الميت، فقال: تنفع المؤمن والكافر " (6).
407 - وقال زرارة: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أرأيت الميت إذا مات لم تجعل
معه الجريدة؟ فقال: يتجافى عنه العذاب والحساب ما دام العود رطبا إنما الحساب
والعذاب كله في يوم واحد في ساعة واحدة قدر ما يدخل القبر ويرجع القوم (7) وإنما

(1) قال السيد المرتضى - رحمه الله - في الانتصار: " مما انفردت به الإمامية استحبابهم
أن يدرج مع الميت في أكفانه جريدتان خضراوان رطبتان من جرائد النخل طول كل واحد
عظم الذراع. وخالف باقي الفقهاء في ذلك ولم يعرفوه. دليلنا على ذلك الاجماع المتقدم
ثم قال: وقد روى من طرق معروفة أن سفيان الثوري ثم ذكر الخبر الآتي تحت رقم 405.
(2) كذا. وفى الانتصار " قالوا ".
(3) جنس لا ينافي الكثرة والقرينة " توضع من أصل اليدين ".
(4) الترقوة: العظم الذي في أعلى الصدر بين ثغرة النحر والعاتق.
(5) طريقه إلى الحسن بن زياد فيه علي بن الحسين السعد آبادي وهو غير مصرح بالتوثيق
وفيه أيضا أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه. (صه)
(6) انتفاع الكافر بها بتخفيف العذاب في القبر لا ينافي قوله تعالى: " لا يخفف عنهم
العذاب " فإنه عذابه جهنم.
(7) الطريق صحيح ويدل على أن العذاب في القبر في ساعة واحدة وينافى بظاهره ما تضمنه
145

جعلت السعفتان (1) لذلك فلا يصيبه عذاب ولا حساب بعد جفوفهما إن شاء الله تعالى "
[التكفين وآدابه] (2)
408 - وقال الصادق عليه السلام: " تنوقوا (3) في الأكفان فإنهم يبعثون بها " (4).
409 - وقال عليه السلام: " أجيدوا أكفان موتاكم فإنها زينتهم ".
410 - وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام: " إذا كفنت الميت فإن استطعت أن
يكون في كفنه ثوب كان يصلي فيه نظيفا فافعل، فإنه يستحب أن يكفن فيما كان
يصلي فيه " (5).

كثير من الاخبار من اتصال نعيم القبر وعذابه إلى يوم القيامة، اللهم الا ان يجعل اتصال
العذاب مختصا بالكافر كما تضمنه بعض الأخبار كذا ذكره شيخنا البهائي، وقيل: المراد
أن عذاب الروح في بدنه الأصلي يوم يرجع إليه يكون في ساعة واحدة. هذا، ويمكن أن يكون
المراد أن ابتداء جميع أنوع العذاب وأقسامه في الساعة الأولى فإذا لم يبتدء فيها يرتفع
العذاب رأسا (المرآة) أقول: لعل المراد ملازمة الحساب والعذاب وعدم انفكاكهما، لا الحد
الزماني للعذاب.
(1) أريد بهما الجريدتان توسعا، وذلك إشارة إلى رفع العذاب رأسا حيث إنهما ما -
دامتا رطبتين لا يكون عذاب وبعد جفوفهما ينتهى زمان الحساب والعذاب. (مراد)
(2) العنوان زيادة منا للتسهيل.
(3) أي اطلبوا أحسنها وأجودها من قولهم تنوق في مطعمه وملبسه أي تجود وبالغ. وفى
الكافي ج 3 ص 149 " تنوقوا في الأكفان فإنكم تبعثون بها ".
(4) قيل: ظاهره ينافي ما ورد " انهم يحشرون حفاة عراة " وظاهر قوله تعالى " كما
بدأكم تعودون " ويمكن أن يكون الحشر في الأكفان بالنسبة إلى الناجي وهم الشيعة أو إلى الصلحاء
منهم أو يختلف بالنظر إلى أحوالها بان يحشروا عراة أولا ثم يكسون. (م ت)
(5) يمكن أن يقرء على البناء للفاعل ليكون تأكيدا للأول وبيانا للاستحباب وهو
الأظهر وأن يقرء للبناء للمفعول فيكون مستحبا آخر أعم من أن يكون هو يصلى فيه أو غيره
وإن كان إذا صلى فيه هو أفضل (م ت)
146

ولا يجوز أن يكفن الميت في كتان ولا إبريسم، ولكن في القطن (1).
411 - وقال الصادق عليه السلام: " الكتان كان لبني إسرائيل يكفنون به والقطن
لامة محمد صلى الله عليه وآله ".
412 - وسئل أبو الحسن الثالث عليه السلام " عن ثياب تعمل بالبصرة على عمل
العصب (2) اليماني من قز وقطن هل يصلح أن يكفن فيها الموتى؟ فقال: إذا كان
القطن أكثر من القز فلا باس ".
413 - وسئل موسى بن جعفر عليهما السلام " عن رجل اشترى من كسوة الكعبة
شيئا فقضى ببعضه حاجته وبقي بعضه في يده هل يصلح بيعه؟ فقال: يبيع ما أراد،
ويهب ما لم يرده، ويستنفع به، ويطلب بركته، قيل: أيكفن فيه الميت؟ قال: لا ".
414 - وقال الصادق عليه السلام: " ينبغي أن يكون القميص للميت غير مكفوف
ولا مزرر " (3).
415 - وسئل الصادق عليه السلام " عن الرجل يكون له القميص أيكفن فيه؟
فقال: اقطع أزاره، قلت: وكمه؟ قال: لا إنما ذلك إذا قطع له وهو جديد لم
يجعل له أكمام فأما إذا كان ثوبا لبيسا فلا يقطع منه إلا الازرار ".
فإذا فرغ غاسل الميت من أمر الكفن وضع الميت على المغتسل مستقبل القبلة

(1) المشهور بين الأصحاب اشتراط كون الكفن من جنس ما يصلى فيه الرجال وكراهة
الكتان والسواء، واستحباب القطن الأبيض. (م ت)
(2) العصب - بالمهملتين واسكان ثانيها - ضرب من برود اليمن سمى بذلك لأنه يصنع
من العصب وهو نبت باليمن (التذكرة) وفى بعض النسخ " القصب " وهو ثياب ناعمة، وفى النهاية:
العصب: برود يمنية يعصب غزلها أي يجمع ويشد ثم يصبغ وينسج فيأتي موشيا لبقاء ما عصب
منه أبيض لم يأخذه صبغ.
(3) في القاموس كفة القميص - بالضم -: ما استدار حول الذيل أو كل ما استطال كحاشية
الثوب والرمل وحرف الشئ لان الشئ إذا انتهى إلى ذلك كف عن الزيادة ومن الثوب طرته
العليا التي لا هدب فيها وحاشية كل شئ. والمزرر في بعض النسخ " المزرور ".
147

ونزع القميص من فوقه إلى سرته ويتركه إلى أن يفرغ من غسله ليستر به عورته
فإن لم يكن عليه قميص ألقى على عورته ما يسترها به ويلين أصابعه برفق، فإن
تصعبت عليه تركها، ويسمع يده على بطنه مسحا رفيقا، ثم يبدأ بيديه فيغسلهما
بثلاث حميديات (1) بماء السدر، ثم يلف على يده اليسرى خرقه يجعل عليها شيئا
من الحرض - وهو الأشنان - ويدخل يده تحت الثوب ويصب عليه غيره الماء من
فوق إلى سرته، ويغسل قبله ودبره ولا يقطع الماء عنه، ثم يغسل رأسه ولحيته
برغوة السدر، وبعده بثلاث حميديات، ولا يقعده، ثم يقلبه إلى جانبه الأيسر ليبدو له
الأيمن، ويمد يده اليمنى على جنبه الأيمن إلى حيث بلغت، ثم يغسله
بثلاث حميديات من قرنه إلى قدمه (2)، ولا يقطع الماء عنه، ثم يقلبه إلى جانبه
الأيمن ليبدو له الأيسر، ويمد يده اليسرى على جنبه الأيسر إلى حيث بلغت، ثم
يغسله بثلاث حميديات من قرنه إلى قدمه، ولا يقطع الماء عنه، ثم يقلبه عن ظهره،
ويمسح بطنه مسحا رفيقا ويغسله مرة أخرى بماء وشئ من جلال الكافر (3)
مثل الغسلة الأولى، ثم يخضخض الأواني التي فيها الماء (4) ويغسله الثالثة بماء
قراح (5) ولا يمسح بطنه ثالثة، ويقول عند غسله: " اللهم عفوك عفوك " فإنه من

(1) الحميديات: الأباريق الكبيرة في الغاية.
(2) أي من رأسه إلى قدمه بناء على أنه لا ترتيب بين الرأس والبدن، ويحتمل أن يكون
المراد بالقرن انتهاؤه وهو الرقبة، وفى بعض النسخ " إلى قدميه ". (3)
(3) جلال الكافور: القليل منه واليسير، وقيل. كثيره بشرط أن لا يخرجه من الاطلاق.
(4) الخضخضة: تحريك الماء والسويق ونحوه. ولعل المراد قلبها وإراقة مائها -
ليصفو الماء المصبوب فيها للغسل الثالث. (مراد)
(5) الترتيب في المياه واجب لظاهر خبر الكليني (المروى في الكافي ج 3 ص 139)
وقال في الذكرى: " يلوح من كلام ابن حمزة استحباب الترتيب للأصل وحمل الروايات
على الندب، قلنا إن المذكور في بيان الواجب ظاهره الوجوب ". والقراح - بفتح القاف -:
الخالي عن الخليطين وهو الخالص.
148

فعل ذلك عفى الله عنه.
والكافور السائغ للميت وزن ثلاثة عشر درهما وثلث (1) والعلة في ذلك:
416 - " ان جبرئيل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وآله بأوقية كافور من الجنة - والأوقية
أربعون درهما - فجعلها النبي صلى الله عليه وآله ثلاثة أثلاث: ثلثا له، وثلثا لعلي عليه السلام،
وثلثا لفاطمة عليها السلام ".
ومن لم يقدر على وزن ثلاثة عشر درهما وثلث كافورا حنط الميت بوزن
أربعة مثاقيل، فإن لم يقدر فمثقال، لا أقل منه لمن وجده.
وحنوط الرجل والمرأة سواء غير أنه يكله أن يجمر (2) أو يتبع بمجمرة و
لكن يجمر الكفن (3)، ويجمل الكافور على بصره وأنفه وفي مسامعه وفيه ويديه
وركبتيه ومفاصله كلها وعلى أثر السجود منه (4)، فأن بقي منه شئ جعل على صدره.

(1) وهل ذلك كله للحنوط أو بعضه للحنوط؟ قال علي بن بابويه بالأول فإنه قال:
إذا فرغت من كفنه حنطه بوزن ثلاثة عشر درهما وثلثا وبه قال أبو الصلاح وهو قول المفيد
كما نقل في المختلف.
(2) الظاهر أن الاستثناء منقطع ويكره التجمير مطلقا ويحتمل أن يكون المراد كراهة
تجمير الرجل فيكون الاستثناء متصلا (سلطان) وقال المجلسي (ره): المشهور أن تجمير الكفن
مكروه سواء كان الميت رجلا أو امرأة.
(3) المشهور كراهة تجمير الكفن ففي الكافي باسناده " عن أمير المؤمنين عليه السلام
قال: لا تجمروا الأكفان ولا تمسحوا موتاكم بالطيب الا بالكافور " وفيه أيضا عن أبي عبد الله
عليه السلام " أن النبي صلى الله عليه وآله نهى أن تتبع جنازة بمجمرة ".
(4) الظاهر أنه لا خلاف في حنوط المساجد السبعة بل نقل عليه الاجماع واستدل عليه
باخبار تشكل استفادة الوجوب منها لعدم دلالتها أو لاشتمالها غلى ما لا يلتزمون به أو لقصورها
عن إفادة الوجوب أو لضعف سندها ولولا الاجماع المحصل والمنقول لكان استفادة الوجوب
عن النصوص مشكلة. هذا في المواضع السبعة وأما الزائد عليها فمروى في أخبار يعارضها أخبار أخر
بالنهي وما عثرت على قول بوجوبه. نعم بعد القول بالوجوب في المساجد السبعة
لا يبعد وجوب مسح الانف كما ذهب إليه المفيد والعلامة في المنتهى وهذا كله إذا لم يكن الميت
محرما والا فلا يقربه الكافور.
149

فإذا فرغ الغاسل من الغسلة الثالثة فليغسل يديه من المرفقين إلى الأصابع و
ألقى على الميت ثوبا ينشف به الماء عنه (1).
ولا يجوز (2) أن يدخل الماء الذي ينصب عن الميت من غسله في بئر كنيف،
وليكن ذلك في بلاليع أو حفيرة (3).
ولا يجوز أن يقلم أظافيره، ولا يجز شاربه، ولا شيئا من شعره، فإن سقط
منه شئ جعل معه في أكفانه، ثم يغتسل الغاسل يبده بالوضوء (4) ثم يغتسل، ثم
يضع الميت في أكفانه ويجعل الجريدتين معه، إحداها من عند الترقوة يلصقها
بجلده ويمد عليه قميصه من الجانب الأيمن، والجريدة الأخرى عند وركه من
الجانب الأيسر (5) ما بين القميص والإزار، ثم يلفه في إزاره وحبره، ويبدأ بالشق
الأيسر فيمده على الأيمن ثم يمد الأيمن الأيسر، وان شاء لم يجعل الحبرة
معه حتى يدخله قبره فيلقيه عليه ويعممه ويحنكه ولا يعممه عمة الاعرابي (6)

(1) كما في الكافي ج 3 ص 142 في خبر يونس.
(2) الظاهر أن مراده الكراهة ويحتمل الحرمة كما يظهر من خبر الكافي ج 3 ص 151
عن أبي محمد عليه السلام في توقيعه إلى الصفار جوابا لسؤاله.
(3) البلاليع: جمع بالوعة والمشهور كراهة ارسال ماء الغسل في الكنيف الذي يجرى
إليه البول والغائط.
(4) قد عد من الأغسال المندولة الغسل لتكفين الميت وذكره شيخنا الشهيد في الذكرى
فلا يتوهمن انصراف الاغتسال للتكفين في كلام الصدوق - رحمه الله - إلى غسل مس الميت
الذي هو من الأغسال الواجبة على الأصح الأشهر. (م ح ق)
(5) هذا مخالف للمشهور إذ المشهور في الأخرى في الأيسر عند الترقوة إلى ما بلغت
من فوق القميص كما في رواية جميل بن دراج، وفى المحكى عن الغنية " يجعل إحداهما
مع جانب الميت الأيمن، قائمة من ترقوته، ملصقة بجلده، والأخرى من الجانب الأيسر
كذلك الا أنها بين الدرع والإزار ".
(6) أي بلا حنك. وقالوا: الأولى كونه بمقدار يدار على رأس الميت ويجعل طرفاه
تحت حنكه على الصدر، الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن من الصدر.
150

ويلقي طرفي العمامة على صدرة، وقبل أن يلبسه قميصه يأخذ شيئا من القطن وينثر
عليه ذريرة ويحشو به دبره، ويجعل من القطن شيئا على قبله، ويضم رجليه جميعا،
ويشد فخذيه إلى وركه بالمئزر شدا جيدا لئلا يخرج منه شئ.
فإذا فرغ من تكفينه حنطه بما ذكرته من الكافور (1) ثم يجعل على سريره
ويحمل إلى حفرته. ولا يجوز أن يقال: ارفقوا به أو ترحموا عليه، أو يضرب أحد يده
على فخذيه عند المصيبة فيحبط أجره. (2)
فإن خرج منه شئ بعد الغسل فلا يعاد غسله لكن يغسل ما أصاب الكفن إلى
أن يوضع في اللحد، فإن خرج منه شئ في لحده لم يغسل كفنه ولكن يقرض من
كفنه ما أصابه الشئ الذي خرج منه (3)، ويمد أحد الثوبين على الآخر.

(1) لعله أراد بالتكفين تهيئته والقاء الميت عليه قبل أن يلفه في ازاره وحبره إذ لا
يعقل التحنيط بعد اللف. (مراد)
(2) كما في رواية عبد الله بن الفضل الهاشمي عن الصادق عليه السلام قال: " ثلاثة
لا أدرى أيهم أعظم جرما: الذي يمش خلف جنازة في مصيبة غيره بلا رداء، أو الذي يضرب
يده على فخذه عند المصيبة أو الذي يقول: ارفقوا به أو ترحموا عليه يرحمكم الله ". ورواه
الشيخ أيضا عنه عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله. وذلك لان الناس يضعون الرداء
في مصيبة الغير ليراؤون الحزن كذبا ويتقربون بذلك إلى صاحب المصيبة فنهى عنه بقوله صلى الله عليه وآله
" ملعون ملعون من وضع رداءه في مصيبة غيره " وخص وضع الرداء بالمصاب فقط وقال:
" ينبغي لصاحب الجنازة أن لا يلبس رداء وأن يكون في قميص حتى يعرف ". وأما قوله
" ارفقوا به وترحموا " هذا أيضا نهى عما فعلوه بالجنائز حيث كانوا يضعونه على شفير القبر
وأخروا الدفن وينادى عليه رجل " ارفقوا به وترحموا عليه " والسنة في ذلك تعجيل الدفن والدعاء للميت باللهم اغفر له واللهم ارحمه وأمثال ذلك مما ورد. فالمراد بالرفق
عدم الاستعجال في الدفن، وأما ضرب اليد على الفخذ فهو موجب لاحباط الاجر كما جاءت
به الاخبار.
(3) كما في الكافي ج 3 ص 156. وقال أكثر الأصحاب بوجوب الغسل ما لم يطرح في
القبر وبوجوب القرض بعده ونقل عن الشيخ - رحمه الله - أنه أطلق قرض المحل.
151

417 - وقال الصادق عليه السلام: " من كفن مؤمنا فكأنما ضمن كسوته إلى يوم
القيامة، ومن حفر لمؤمن قبرا فكأنما بوأه بيتا موافقا إلى يوم القيامة ".
والجنب إذا مات غسل غسلا وحدا يجزي عنه لجنابته ولغسل الميت لأنهما
حرمتان اجتمعتا في حرمة واحدة. (1)
418 - وسأل أبو الجارود أبا جعفر عليه السلام " عن الرجل يتوفى أتقلم أظافيره و
ينتف إبطاه، وتحلق عانت أطالت به من المرض؟ (2) فقال: لا ".
وإذا أسقطت المرأة وكان السقط تاما غسل حنط وكفن ودفن، وإن لم
يكن تاما فلا غسل عليه ويدفن بدمه، وحد تمامه إذا أتى عليه أربعة أشهر.
والكفن المفروض ثلاثة: قميص وإزار ولفافة سوى العمامة والخرقة فلا
يعدان من الكفن (3) فمن أحب أن يزيد زاد لفافتين حتى يبلغ العدد خمسة أثواب
فلا بأس (4).
419 - و " كفن النبي صلى الله عليه وآله في ثلاث أثواب: في بردتين ظفريتين (5) من ثياب
اليمن، وثوب كرسف، وهو ثوب قطن ".
420 - وروي أنه " حنط بمثقال مسك سوى الكافور ".

(1) كما في خبر زرارة المروى في التهذيب ج 1 ص 122 فما ورد بالغسل من الجنابة محمول على التقية أو الاستحباب. وقوله: " حرمتان " أي أمران لا يحل تركهما اجتمعا في
امر واحد لا يحل تركه.
(2) في بعض النسخ " وان طال به المرض ". والمشهور كراهة حلق رأسه وعانته
وتسريح لحيته وقلم أظفاره، وحكم ابن حمزة بالتحريم وحمل كلامه على تأكد الكراهة.
(3) المشهور أنهما لا يعدان من الكفن الواجب بل هما مستحبان لأنهما لا يسميان كفنا
في النصوص. ومن فائدة عدم عدهما كفنا أنه لو سرقهما سارق لم يقطع لان القبر حرز
الكفن لا غير. وكذا تظهر الفائدة في النذر.
(4) كما في خبر زرارة في التهذيب ج 1 ص 83.
(5) نسبة إلى ظفر - بكسر الفاء -: حصن باليمن.
152

421 - وقال الصادق عليه السلام " كتب أبي عليه السلام في وصيته أن
أكفنه في ثلاثة أثواب: أحدها برد له حبرة كان يصلي فيه يوم الجمعة، وثوب آخر،
وقميص ".
422 - وسئل موسى بن جعفر عليهما السلام " عن الرجل يموت أيكفن في ثلاث أثواب
بغير قميص؟ قال: لا بأس بذلك والقميص أحب إلي ".
423 - وسأل عمار بن موسى الساباطي أبا عبد الله عليه السلام: عن المرأة إذا ماتت
في نفاسها كيف تغسل؟ (1) قال: تغسل مثل ما تغسل الطاهرة وكذلك الحائض وكذلك
الجنب إنما يغسل غسلا واحدا ". (2)
424 - وسئل أبو الحسن الثالث عليه السلام " هل يقرب إلى إلى المسك والبخور
قال: نعم ". (3)
425 - وقال الصادق عليه السلام: " المرأة إذا ماتت نفساء وكثر دمها أدخلت إلى
السرة في الادم (4) أو مثل الادم، وتنظف ثم يحشى القبل والدبر ثم تكفن بعد
ذلك ".
426 - وسئل الصادق عليه السلام " عن المرأة تموت مع رجال ليس معهم
ذو محرم هل يغسلونها وعليها ثيابها؟ فقال: إذا يدخل ذلك عليهم، ولكن يغسلون
كفيها ". (5)

(1) أي من دون أن يكون أحدها قميصا. (مراد)
(2) الحائض والجنب إذا ماتا غسلا كغيرهما من الأموات وقيل: عليه اجماع أهل
العلم سوى الحسن البصري.
(3) ظاهره يعارض ما مر (ص 149) ويدل على أن أخبار النهى محمول على الكراهة،
مع أنها يمكن حملها على التقية. (م ت)
(4) لعل ذلك لئلا يتعدى الدم الكفن، والظاهر كونه بعد التنظيف والغسل والاحتشاء.
والادم - بفتحتين - اسم جمع لاديم وهو الجلد المدبوغ.
(5) قوله " إذا يدخل عليهم " ظاهره أن تغسيلها يصير منقصة عليهم حيث فعلوا ما لا
153

427 - وسأله عبد الله بن أبي يعفور " عن الرجل يموت في السفر مع النساء
وليس معهن رجل كيف يصنعن به؟ قال: يلففنه لفا في ثيابه ويدفنه، ولا
يغسلنه ". (1)
428 - وسأله الحلبي " عن المرأة تموت في السفر وليس معها ذو محرم ولا
نساء قال: تدفن كما هي بثيابها (2)، والرجل يموت وليس معه إلا النساء ليس
معهن رجال؟ قال: يدفنه كما هو بثيابه ".
429 - وسأله أبو النمير مولى الحارث بن المغيرة فقال: " حدثني عن الصبي
إلى كم تغسله النساء؟ فقال: إلى ثلاث سنين ".

ينبغي فعله بالنسبة إليهم، إذ ذلك لا يخلو غالبا عن رؤية ما لا ينبغي رؤيته ومس ما لا ينبغي
مسه. والدخل - بالتحريك -: العيب والريبة - وهي بالكسر - التهمة والشك، ويمكن
رجع الضمير إلى الرجال والميت جميعا من باب التغليب (مراد) وقال الشيخ البهائي في الحبل
المتين: " يدخل " للبناء المفعول أي يعاب، والدخل - بالتحريك -: العيب، والضمير في
" عليهم " راجع إلى أقارب المرأة لدلالة ذكر " عليهم ". وتقرأ للبناء للفاعل ويجعل
الإشارة إلى التلذذ وضمير " عليهم " إلى الرجال الذين يغسلونها - انتهى -. وأما غسل الكفين
فليس ممنوعا شرعا لان الكف موضع لا تجب على المرأة سترها في حال الصلاة.
(1) الطريق صحيح وقيل: حسن وفى معناه أخبار صحيحة. والمشهور سقوط وجوب
الغسل عند فقد المماثل لظاهر الاخبار وحكى عن الشيخ والحلبي ايجاب التغسيل من وراء
الثياب لروايات اخر منها رواية جابر عن أبي جعفر عليه السلام " في رجل مات ومعه نسوة
ليس معهن رجل؟ قال: يصببن عليه الماء من خلف الثوب ويلففنه في أكفانه من تحت الستر
ويصببن عليه صبا ويدخلنه في قبره، والمرأة تموت مع الرجال ليس معهم امرأة؟ قال:
يصبون الماء من خلف الثوب ويلفونها في أكفانها ويصلون ويدفنون " التهذيب ج 1 ص 125.
وحمل على الاستحباب جمعا. واستبعده بعض أعلام المعاصرين.
(2) هذا مختار الشيخ في المبسوط والخلاف والنهاية، وقيل: جاز للأجانب تغسيل
الأجنبية من فوق الثياب مع فقد المماثل وذي الرحم وكذا العكس وهو ظاهر المفيد وقال
أبو الصلاح وابن زهرة مع تغميض العين. (سلطان)
154

وذكر شيخنا محمد بن الحسن - رضي الله عنه - في جامعه في الجارية تموت مع
الرجال في السفر قال: إذا كانت ابنة أكثر من خمس سنين أو ست دفنت ولم تغسل،
وإذا كانت ابنة أقل من خمس سنين غسلت، وذكر عن الحلبي حديثا في معناه عن
الصادق عليه السلام.
430 - وسأله منصور بن حازم " عن الرجل يسافر مع امرأته فتموت أيغسلها؟
قال: نعم وأمه وأخته ونحوهما يلقي على عورتها خرقة ويغسلها ".
431 - وسأله سماعة بن مهران " عن رجل مات وليس معه إلا نساء، فقال:
تغسله امرأة ذات محرم منه وتصب النساء عليه الماء ولا تخلع ثوبه، وإن كانت
امرأة ماتت مع رجال وليس معهم امرأة ولا محرم لها فلتدفن كما هي في ثيابها، وإن
كان معها ذو محرم لها غسلها من فوق ثيابها ".
432 - وسأله عمار الساباطي " عن الصبية لا تصاب امرأة تغسلها (1) قال:
يغسلها أولى الناس بها من الرجال ".
433 - وسأله " عن الرجل المسلم يموت في السفر وليس معه رجل مسلم،
ومعه رجال نصارى وعمته وخالته مسلمتان كيف يصنع في غسله؟ قال: تغسله عمته
وخالته في قميصه ولا تقربه النصارى. وعن المرأة تموت في السفر وليس معها امرأة
مسلمة ومعها نساء نصارى ومعها عمها وخالها مسلمان؟ فقال: يغسلانها ولا تقربها
النصرانية غير أنه يكون عليها درع فيصب الماء من فوق الدر ".
434 - وسأله (2) " عن النصراني يكون في السفر وهو مع المسلمين فيموت
قال: لا يغسله مسلم ولا يدفنه، ولا كرامة، ولا يقوم على قبره وإن كان أباه " (3).

(1) " لا تصاب " على صيغة المجهول بمعنى ادراك الشئ ووجد انه، لا توجد
امرأة. (م ح ق)
(2) روى الكليني - رحمه الله - في الكافي ج 3 ص 159 عن عمار الساباطي عن الصادق
عليه السلام هذه المسائل الثلاث كلها وغيرها مما يأتي في خبر واحد عن محمد بن يحيى
عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمار.
(3) أي لا يصلى عليه ولا يدعو له عند قبره ولا يزوره.
155

435 - وسأله المفضل بن عمر فقال له: " جعلت فداك ما تقول في المرأة تكون
في السفر مع الرجال ليس فيهم لها ذو محرم ولا معهم امرأة فتموت المرأة ما يصنع
بها؟ قال: يغسل منها ما أوجب الله عليه التيمم ولا تمس ولا يكشف لها شئ من
محاسنها التي أمر الله عز وجل بسترها (1)، فقال له: كيف يصنع بها؟ قال: يغسل
باطن كفيها ثم يغسل وجهها ثم يغسل ظهر كفيها " (2).
436 - وسأله عمار بن موسى الساباطي " عن رجل مات وليس معه رجل
مسلم ولا أمرة مسلمة من ذوي قرابته ومعه رجال نصارى ونساء مسلمات ليس
بينهن وبينه قرابة؟ قال: يغتسل النصراني (3) ثم يغسله، فقد اضطر " (4).
437 - وسأله " عن المرأة المسلمة تموت وليس معها امرأة مسلمة ولا رجل
مسلم من ذوي قرابتها ومعها نصرانية ورجال مسلمون؟ فقال: تغتسل النصرانية
ثم تغسلها ".
وخمسة ينتظر بهم ثلاثة أيام إلا أن يتغيروا (5): الغريق، والمصعوق،

(1) المحاسن المواضع الحسنة من البدن، الواحدة محسن - كمقعد - أولا واحد له
أو: جمع حسن - بضم الحاء وسكون السين - من غير قياس. (القاموس)
(2) استدل بهذا الخبر على عدم وجوب ستر الوجه والكفين وكذا عدم وجوب الغض
عنها، وكذا قيل: لا منافاة بينه وبين آية الحجاب لأن النساء قبل نزولها كن مكشوفات الأعناق
والصدور والأكتاف فلما نزلت الآية أمرن بسترها الا الوجه والكفين، واستدلوا لهذا أيضا
بقوله تعالى: " الا ما ظهر منها ".
(3) لعل المراد إزالة الأوساخ من الخمر وغيرها لعدم اجتنابهم عنها.
(4) هذا مخالف للمشهور من نجاسة أهل الكتاب ولا ينفع اغتسالهم ومن امتناع نية
القربة في حقهم ولهذا لم يعمل به بعضهم، ومن قال بطهارتهم أو قال بعدم وجوب النية في
غسل الميت كان أمره أسهل، والظاهر الجواز وان قلنا بنجاستهم وبوجوب النية للنص و
حكم الصدوقين بصحته مع عمل معظم الأصحاب مع أنه مضطر كما في الخبر. (م ت)
(5) أي تغيرا لا يحتمل معه الحياة كتغير الريح وحدوث علامات الموت ونفخ البطن
وأمثالها. (مراد).
156

والمبطون، والمهدوم، والمدخن (1).
والمجدور (2) إذا مات يصيب عليه الماء صبا (3) إذا خيف أن يسقط من جلده
شئ عند المس وكذلك الكسير والمحترق والذي به القروح.
438 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " إذا مات الميت في البحر غسل وحنط
وكفن، ثم يوثق في رجله حجر ويرمى به في الماء ".
439 - وقد روي أنه " يجعل في خابية ويوكى رأسها (4) ويرمى بها في الماء "
هذا كله إذا لم يقدر على الشط (5).
440 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام (6): " المرجوم والمرجومة يغسلان ويحنطان
ويلبسان الكفن (7) قبل ذلك، ثم يرجمان ويصلى عليهما. والمقتص منه بمنزلة ذلك

(1) كما في رواية إسماعيل بن عبد الخالق عن الصادق عليه السلام المروية في الكافي
ج 3 ص 210 والتهذيب ج 1 ص 96 والمصعوق: من أصابته الصاعقة والذي غشى عليه،
والمدخن من مات بسبب الدخان.
(2) المجدور من به الجدري أي ما يقال بالفارسية (آبله).
(3) أي لا يمس جسده ولا يدلك بل يكتفى بالصب لخوف تناثر جلده عند الدلك وفى
المنتهى: " ويصب الماء على المحترق والمجدور وصاحب القروح ومن يخاف تناثر جلده
من المس لأجل الضرورة، ولو خيف من ذلك أيضا يمم بالتراب لأنه محل الضرورة ". وقال
الشهيد في الذكرى: " يلوح من الاقتصار على الصب الاجزاء بالقراح لان المائين الآخرين
لا يتم فائدتهما بدون الدلك غالبا وحينئذ فالظاهر الاجزاء لان الامر لا يدل على التكرار.
أقول: يظهر من سياق الخبر ما ذكره لكن التمسك بعدم الفائدة غير تام. (المرآة)
(4) الخابية: الحب وأصلها الهمز من " خبأت " الا أن العرب تركت همزها.
و " يوكى " بضم الياء وفتح الكاف بدون الهمز - أي يشد رأسها.
(5) الشط: جانب البحر، أو جانب النهر، أو جانب الوادي.
(6) الخبر في الكافي ج 3 ص 214 والتهذيب ج 1 ص 95 مسندا عن أبي عبد الله عليه السلام.
(7) المشهور بين الأصحاب أنه يجب أن يؤمر من وجب عليه القتل بان يغتسل وظاهرهم
غسل الأموات ثلاثا بخليطين وبان يحنط كما صرح به الشيخ وأتباعه. وزاد ابنا بابويه
والمفيد تقديم التكفين أيضا والمستند هذا الخبر، وقال في المعتبر ان الخمسة واتباعهم
أفتوا بذلك ولا نعلم للأصحاب فيه خلافا، ولا يجب تغسيله بعد ذلك، وفى وجوب الغسل
بمسه بعد الموت اشكال وذهب أكثر المتأخرين إلى العدم لان الغسل إنما يجب بمس الميت
قبل غسله وهذا قد غسل. (المرآة).
157

يغسل ويحنط ويلبس الكفن ثم يقاد ويصلى عليه ".
فإذا كان الميت مصلوبا أنزل عن الخشبة بعد ثلاثة أيام وغسل وكفن ودفن
ولا يجوز صلبه أكثر من ثلاثة أيام (1).
441 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام " عن الرجل يأكله
السبع أو الطير فتبقى عظامه بغير لحم كيف يصنع به؟ قال: يغسل ويكفن ويصلى
عليه ويدفن " (2).
442 - وفي خبر آخر " إن عليا عليه السلام لم يغسل عمار بن ياسر ولا هاشم
ابن عتبة - وهو المرقال - ودفنهما في ثيابهما بدمائهما ولم يصل عليهما " (3).
هكذا روى، لكن الأصل أن لا يترك أحد من الأمة إذا مات بغير صلاة.

(1) كما في رواية السكوني في الكافي ج 3 ص 216 و ج 7 ص 269.
(2) عليه عمل الأصحاب إذا كان مجموع العظام كما هو ظاهر الجمع المضاف أو إذا
كان عظام الصدر (م ت) أقول: رواه الكليني ج 3 ص 212 وزاد " إذا كان الميت نصفين صلى
على النصف الذي فيه القلب ".
(3) نقل الشيخ - رحمه الله - هذا الخبر في التهذيب ج 1 ص 345 والاستبصار ج 1
ص 469 باسناده عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام
وقال: ما تضمن هذا الخبر من أنه لم يصل عليهما وهم من الراوي لأنا قد بينا وجوب
الصلاة على كل ميت وهذه مسألة اجماع من الفرقة المحقة، ويجوز أن يكون الوجه حكاية
ما يرويه بعض العامة عن أمير المؤمنين عليه السلام فكأنه المحقة، ويجوز أن يكون الوجه حكاية
ما يرويه بعض العامة عن أمير المؤمنين عليه السلام فكأنه قال: " انهم يروون عن علي عليه السلام
أنه لم يصل عليهما " وذلك خلاف الحق على ما بيناه. أقول: البلاء من مسعدة لأنه عامي بتري
وله كتاب يرويه هارون بن مسلم. والحمل على التقية بعيد جدا لأنهم أجمعوا على أن
رسول الله صلى الله عليه وآله صلى على عمه حمزة. وقال العلامة في التذكرة: الشهيد يصلى عليه عند علمائنا أجمع
وبه قال الحسن وسعيد بن المسيب والثوري وأبو حنيفة والمزني وأحمد في رواية، وقال
الشافعي ومالك وإسحاق وأحمد في رواية: لا يصلى عليه. ومالك والشافعي وإسحاق كانوا
بعد زمان أبى جعفر عليه السلام.
158

443 - وروى أبو مريم الأنصاري، عن الصادق عليه السلام أنه قال: " الشهيد إذا
كان به رمق غسل وكفن وحنط وصلى عليه وإن لم يكن به رمق كفن في أثوابه ".
444 - وسأله أبان بن تغلب " عن الرجل يقتل في سبيل الله أيغسل ويكفن
ويحنط؟ فقال: يدفن كما هو في ثيابه بدمه إلا أن يكون به رمق، فإن كان به رمق
ثم مات فإنه يغسل ويكفن ويحنط ويصلى عليه لان رسول الله صلى الله عليه وآله صلى على
حمزة وكفنه وحنطه لأنه كان جرد " (1).
445 - " واستشهد حنظلة بن أبا عامر الراهب بأحد فلم يأمر النبي صلى الله عليه وآله
بغسله، وقال: " رأيت الملائكة بين السماء والأرض تغسل حنظلة بماء المزن في
صحاف (2) من فضة وكان يسمى غسيل الملائكة ".
446 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " ينزع عن الشهيد الفرو والخف والقلنسوة
والعمامة والمنطقة والسراويل إلا أن يكون أصابه دم (3) فان أصابه دم ترك، ولا يترك
عليه شئ معقود إلا حل ".
والمحرم إذا مات غسل وكفن ودفن وعمل به ما يعمل بالمحل إلا أنه لا يقربه
الكافور.

(1) استدل به الأصحاب على الوجوب ولا يخفى أنه على أن الصلاة تابعة للكفن لأنه
لم يذكر الصلاة في الأول وذكرها فيما إذا اخرج وبه رمق وعلل صلاة حمزة وتكفينه بأنه
كان قد جرد، ويمكن أن يأول بأن التعليل للتكفين فقط، وعدم ذكر الصلاة أولا لا يدل
على النفي، وما ذكره آخرا إذا قطعنا عنه التعليل يدل على لزوم الصلاة مطلقا. (المرآة)
(2) جمع صفحة: قصعة كبيرة منبسطة.
(3) الضمير في " اصابه " اما راجع إلى السراويل أو إلى كل واحد من المذكورات. (المرآة).
159

وقتيل المعركة في غير طاعة الله عز وجل يغسل كما يغسل الميت، ويضم
(رأسه إلى عنقه، ويغسل مع البدن.
وإذا ماتت المرأة وهي حامل وولدها يتحرك في بطنها شق بطنها من الجانب
الأيسر وأخرج الولد (1)، وإن مات الولد في جوفها ولم يخرج وهي حية أدخل إنسان
يده في فرجها وقطع الولد بيده وأخرجه (2).
447 - وروى أنه " لما قبض أبو جعفر الباقر عليه السلام لم يزل أبو عبد الله عليه السلام
يأمر بالسراج في البيت الذي كان يسكنه حتى قبض أبو عبد الله عليه السلام ثم أمر أبو الحسن
موسى بن جعفر عليهما السلام بمثل ذلك في بيت أبي عبد الله عليه السلام حتى أخرج به إلى العراق
ثم لا يدري ما كان " (3).
ومن كان جنبا وأراد أن يغسل الميت فليتوضأ وضوء الصلاة ثم يغسله.
ومن أراد الجماع بعد غسله للميت فليتوضأ ثم يجامع (4).
وإن غسل ميت فخرج منه دم كثير لا ينقطع فإنه يجعل عليه الطين
الحر (5) فإنه ينقطع.

(1) راجع التهذيب ج 1 ص 98 روى أخبارا تدل على ذلك.
(2) المشهور وجوب شق الجوف واخراج الولد واطلاق الروايات يقتضى عدم الفرق
في الجانب بين الأيمن والأيسر، وفى المعتبر ما حاصله أنه وجوب إلى اسقاطه صحيحا بعض العلاج
فان تعذر فالأرفق ثم الأرفق، ويتولاه النساء ثم محارم الرجال ثم الأجانب دفعا عن نفس الحي.
(3) ظاهر الخبر يدل على استحباب الاسراج في بيوت وفاتهم عليهم السلام وربما يتعدى
إلى مشاهدهم مع ما يجب من تعظيمها عقلا ونقلا، وربما يتعدى إلى مشاهد أولاد الأئمة
والصلحاء بالتقريب المذكور، وربما يتعدى إلى بيوت الوفاة مطلقا للتأسي، ومنه الاسراج عند
الميت لو مات ليلا مع عمومات تعظيم المؤمن. (م ت)
(4) رواه الكليني ج 3 ص 250 من حديث شهاب بن عبد ربه عن الصادق عليه السلام ويدل
على استحباب الوضوء للجنب إذا أراد تغسيل الميت أو الجماع، أو لرفع الكراهة.
(5) أي الذي لا رمل فيه والخالص.
160

448 - وسأل سليمان بن خالد أبا عبد الله عليه السلام: " أيغتسل من غسل الميت؟
قال: نعم، قال: فمن أدخله القبر؟ قال: لا إنما مس الثياب ".
449 - وقال الصادق عليه السلام: " لما مات إسماعيل أمرت به وهو مسجى أن
يكشف عن وجهه فقبلت جبهته (1) وذقنه ونحره، ثم أمرت به فغطي، ثم قلت:
اكشفوا عنه فقبلت أيضا جبهته وذقنه ونحره، ثم أمرتهم فغطوه. ثم أمرت به
فغسل، ثم دخلت عليه وقد كفن فقلت: اكشفوا عن وجهه، فقبلت جبهته وذقنه
ونحره وعوذته، ثم قلت: أدرجوه، فقيل له: بأي شئ عوذته؟ فقال: بالقرآن ".
450 - وقال الصادق عليه السلام: " إن رسول الله صلى الله عليه وآله قبل عثمان بن مظعون
- رضي الله عنه - بعد موته ".
باب
* (الصلاة على الميت) *
451 - قال أمير المؤمنين عليه السلام: من تبع جنازة كتب الله له أربعة قراريط
قيراط لاتباعه إياها، وقيراط للصلاة عليها، وقيراط للانتظار حتى يفرغ من دفنها
وقيراط للتعزية ".
452 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " من مشى مع جنازة حتى يصلى عليها، ثم
رجع كان له قيراط، وإذا مشى معها حتى تدفن كان له قيراطان. والقيراط مثل
[جبل] أحد ".
453 - وقال عليه السلام: " من تبع جنازة امرئ مسلم أعطي يوم القيامة أربع
شفاعات، ولم يقل شيئا إلا قال له الملك: ولك مثل ذلك ".
454 - وقال الصادق عليه السلام: " من أخذ بجوانب السرير الأربعة غفر الله له
أربعين كبيرة ".

(1) في نسخة " وجهه ". ولعل الكشف عن وجهه وتقبيله ليروه فلا يبقى لاحد شك في موته.
161

455 - وقال عليه السلام: " من شيع جنازة مؤمن حتى يدفن في قبره وكل الله
به سبعين ملكا (1) من المشيعين يشيعونه ويستغفرون له إذا خرج من قبره إلى
الموقف ".
456 - وقال عليه السلام: " أول ما يتحف به المؤمن في قبره أن يغفر لمن تبع
جنازته ".
457 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " إذا دخل المؤمن قبره نودي: ألا إن أول
حبائك الجنة، ألا وأول حباء من تبعك (2) المغفرة ".
458 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " من حمل أخاه الميت بجوانب السرير الأربعة
محى الله عنه أربعين كبيرة من الكبائر ".
والسنة أن يحمل السرير من جوانبه الأربعة وما كان بعد ذلك فهو تطوع.
459 - وقال الصادق: " من أخذ بقوائم السرير غفر الله له خمسا
وعشرين كبيرة، وإذا ربع خرج من الذنوب ".
460 - وقال عليه السلام لإسحاق بن عمار: " إذا حملت جوانب السرير سرير الميت
خرجت من الذنوب كما ولدتك أمك ".
461 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " إن المشي خلف الجنازة أفضل من المشي من بين
يديها، ولا بأس إن مشيت بين يديها ".
462 - وكتب الحسين بن سعيد إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام يسأله عن سرير
الميت يحمل أله جانب يبدأ به في الحمل من جوانبه الأربعة أو ما خاف على الرجل
يحمل من أي الجوانب شاء؟ فكتب عليه السلام: من أيها شاء ".
463 - وسئل الصادق عليه السلام عن الجنازة يخرج معها بالنار؟ فقال: " إن ابنة
رسول الله صلى الله عليه وآله أخرج بها ليلا ومعها مصابيح " (3).

(1) هكذا في الكافي وفى الأمالي " سبعين ألف ".
(2) الحباء - بالفتح -: العطاء. وفى بعض النسخ " من شيعك ".
(3) اخراج النار مع الميت من سنن الجاهلية وجوابه عليه السلام يتضمن الجواز
بالليل دون النهار.
162

464 - وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " سألته عن المشي مع
الجنازة فقال: بين يديها وعن يمينها وعن شمالها وخلفها ".
465 - وروى عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام أنه قال: " لما مات آدم عليه السلام
فبلغ إلى الصلاة عليه، قال هبة الله لجبرئيل عليه السلام: تقدم يا رسول الله فصل على
نبي الله، فقال جبرئيل عليه السلام: إن الله عز وجل أمرنا بالسجود لأبيك فلسنا نتقدم
أبرار ولده وأنت من أبرهم، فتقدم فكبر عليه خمسا عدة الصلوات التي فرضها
الله تعالى على أمة محمد صلى الله عليه وآله وهي السنة الجارية في ولده إلى يوم القيامة ".
466 - و " كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى على ميت كبر فتشهد ثم كبر
فصلى على النبي وآله ودعا، ثم كبر ودعا للمؤمنين والمؤمنات، ثم كبر الرابعة
ودعا للميت، ثم كبر وانصرف، فلما نهاه الله عز وجل عن الصلاة على المنافقين
فكبر وتشهد، ثم كبر فصلى على النبي وآله، ثم كبر ودعا للمؤمنين والمؤمنات
ثم كبر الرابعة وانصرف فلم يدع للميت " (1).
ومن صلى على ميت فليقف عند رأسه (2) بحيث إن هبت ريح فرفعت ثوبه
أصاب الجنازة ويكبر ويقول: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد
أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة " ويكبر الثانية
ويقول: " اللهم صل على محمد وآل محمد، وارحم محمدا وآل محمد، وبارك على محمد وآل
محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ".

(1) مروى في الكافي بسند حسن كالصحيح.
(2) هذا خلاف المشهور فان المشهور وسط الرجل وصدر المرأة وروى موسى بن بكر عن أبي
الحسن موسى عليه السلام " قال إذا صليت على المرأة فقم عند رأسها وإذا صليت على الرجل فقم عند
صدره " وفى مرسلة عبد الله بن المغيرة عن الصادق عن أمير المؤمنين عليهما السلام قال: " من صلى على
امرأة فلا يقوم في وسطها ويكون مما يلي صدرها وإذا صلى على الرجل فليقم في وسطه ". الكافي ج 3
ص 177 والاستبصار ج 1 ص 471 وقال الشيخ (ره): قوله " مما يلي صدرها " المعنى فيه إذا كان
قريبا من الرأس وقد يعبر عنه بأنه يلي الصدر لقربه منه.
163

ويكبر الثالثة ويقول: " اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات
الاحياء منهم والأموات "، ويكبر الرابعة ويقول: " اللهم عبدك [و] ابن عبدك
ابن أمتك ونزل بك وأنت خير منزول به، اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا (1) وأنت
أعلم به منا، اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه واغفر
له، اللهم اجعله عندك في أعلى عليين، واخلف على أهله في الغابرين، وارحمه برحمتك
يا أرحم الراحمين " ثم يكبر الخامسة.
ولا يبرح من مكانه حتى يرى الجنازة على أيدي الرجال (2).
والعلة التي من أجلها يكبر على الميت خمس تكبيرات أن الله تبارك وتعالى
فرض على الناس خمس فرائض: الصلاة والزكاة، والصوم، والحج، والولاية،
فجعل للميت عن كل فريضة تكبيرة. (3)
467 - وروي " أن العلة في ذلك أن الله تعالى فرض على الناس خمس صلوات
فجعل من كل صلاة فريضة للميت تكبيرة ". (4)
ومن صلى على المرأة وقف عند صدرها، وليس في الصلاة على الميت تسليم إلا
في حال التقية.
468 - " وكبر رسول الله صلى الله عليه وآله على حمزة سبعين تكبيرة " (5).
469 - " وكبر علي عليه السلام على سهل بن حنيف خمسا وعشرين تكبيرة " (6).
470 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " كان [أمير المؤمنين عليه السلام] يكبر خمسا خمسا
كان إذا أدركه الناس قالوا: يا أمير المؤمنين لم ندرك الصلاة على سهل بن حنيف،

(1) حيث مات على الايمان بك والتصديق بنبيك وبكتابك والولاية لأوليائك المعصومين
صلواتك عليهم.
(2) كما في رواية المنقري عن يونس عن الصادق عليه السلام في التهذيب.
(3) كما في العيون في حديث الحسين بن النضر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.
(4) مروى في الكافي ج 3 ص 181 مرفوعا في خبر ومرسلا في آخر.
(5) مروى في الكافي بسند ضعيف وعنه الشيخ في التهذيب.
(6) رواه الكليني بسند حسن كالصحيح.
164

فيضعه فيكبر عليه خمسا حتى انتهى إلى قبره خمس مرات " (1).
ومن كبر على جنازة تكبيرة أو تكبيرتين فوضعت جنازة أخرى معها فان
شاء كبر الآن عليهما خمس تكبيرات، وإن شاء فرغ من الأولى واستأنف الصلاة
على الثانية (2).
ومن صلى على جنازة وكانت مقلوبة (3) فليسوها وليعد الصلاة عليها.
471 - وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إذا أدرك الرجل
التكبيرة والتكبيرتين من الصلاة على الميت فليقض ما بقي متتابعا ".
472 - وروى عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إذا مات المؤمن
فحضر جنازته أربعون رجلا من المؤمنين وقالوا: " اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا
وأنت أعلم به منا " قال الله تبارك وتعالى: قد أجزت شهاداتكم وغفرت له ما علمت
مما لا تعلمون ".
473 - وسأله الفضل بن عبد الملك " هل يصلى على الميت في المسجد؟ قال.
نعم " (4).
474 - وسأله أبو بصير " عن المرأة تموت من أحق بالصلاة عليها؟ قال:
زوجها، فقال له: الزوج أحق من الأب والولد والأخ؟ قال: نعم ويغسلها ".
وقال أبي - رحمه الله - في رسالته إلي: إعلم يا بني أن أولى الناس بالصلاة
على الميت من يقدمه ولي الميت، وإن كان في القوم رجل من بني هاشم فهو أحق
بالصلاة عليه إذا قدمه ولي الميت، فان تقدم من غير أن يقدمه ولي الميت فهو
غاصب.

(1) مروى في الكافي بسند ضعيف.
(2) كما في خبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام المروى في الكافي.
(3) لعل المراد بالمقلوبة كون رأسه موضع رجله كما صرح به في ذيل رواية عمار
المروية في الكافي ج 3 ص 175.
(4) مروى في التهذيب بسند صحيح.
165

475 - وقال الصادق عليه السلام: " إذا فاتتك الصلاة على الميت حتى يدفن فلا بأس
أن تصلي عليه وقد دفن " (1).
476 - و " كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا فاتته الصلاة على الميت صلى على قبره " (2).
477 - وسأل اليسع بن عبد الله القمي أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يصلي
على الجنازة وحده؟ قال: نعم، قلت: فاثنان يصليان عليها؟ قال: نعم ولكن يقوم
الآخر خلف الآخر ولا يقوم بجنبه ".
478 - وقال جابر (3) قال أبو جعفر عليه السلام: " إذا لم يحضر الرجال الميت تقدمت
المرأة وسطهن وقام النسوة عن يمينها وشمالها وهي وسطهن، تكبر حتى تفرغ من
الصلاة ".
479 - وقال الحسن بن زياد الصيقل: " سئل أبو عبد الله عليه السلام كيف تصلي
النساء على الجنائز إذا لم يكن معهن رجل؟ فقال: يقمن جميعا في صف واحد ولا
تتقدمهن امرأة، قيل: ففي صلاة مكتوبة أيؤم بعضهن بعضا؟ قال: نعم ".
480 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " صلوا على المرجوم من أمتي وعلى القاتل
نفسه من أمتي ولا تدعوا أحدا من أمتي بلا صلاة ".
481 - وسأل هشام بن سالم أبا عبد الله عليه السلام " عن شارب الخمر والزاني
والسارق يصلى عليهم إذا ماتوا؟ فقال: نعم ".
482 - وقال عمار بن موسى الساباطي: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما تقول
في قوم كانوا في سفر لهم يمشون على ساحل البحر فإذا هم برجل ميت عريان قد
لفظه البحر وهم عراة ليس معهم إلا إزار فكيف يصلون عليه وهو عريان وليس معهم
فضل ثوب يكفنونه به؟ قال: يحفر له ويوضع في لحده ويوضع اللبن على عورته

(1) حدده الشيخان إلى يوم وليلة، وابن الجنيد إلى ما لم يعلم تغير صورة الميت، وسلار
إلى ثلاثة أيام. الخبر مروى في التهذيب والاستبصار بسند مجهول.
(2) مروى في التهذيب والاستبصار بسند ضعيف.
(3) يعني جابر الجعفي كما في التهذيب.
166

لتستر عورته باللبن وبالحجر ويصلى عليه ثم يدفن ".
483 - وروى إسحاق بن عمار عن الصادق عن أبيه عليهما السلام: أن عليا صلوات
الله عليه وجد قطعا من ميت (*) فجمعت ثم صلى عليها ثم دفنت ".
484 - وروى الفضل بن عثمان الأعور عن الصادق عن أبيه عليهما السلام " في الرجل يقتل فيوجد رأسه في قبيلة، ووسطه وصدره ويداه في قبيلة، والباقي منه في قبيلة؟
قال: ديته على من وجد في قبيلته صدره ويداه، والصلاة عليه " (1).
485 - وقال الصادق عليه السلام: " إذا وجد الرجل قتيلا فإن وجد له عضو من
أعضائه تاما صلى على ذلك ودفن، وإن لم يوجد له عضو تام لم يصل عليه ودفن " (2).
وإذا وسط الرجل بنصفين صلى على النصف الذي فيه القلب، وإن لم يوجد منه
إلا الرأس لم يصل عليه (3).
486 - وروى زرارة وعبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام " أنه
سئل عن الصلاة على الصبي متى يصلى عليه؟ فقال: إذا عقل الصلاة، فقلت: متى تجب
الصلاة عليه (4)؟ قال: إذا كان ابن ست سنين، والصيام إذا أطاقه ".
ومن حضر مع قوم يصلون على طفل فليقل: " اللهم اجعله لأبويه ولنا
فرطا " (5).
487 - و " صلى أبو جعفر عليه السلام على ابن له صبي صغير له ثلاث سنين، ثم قال:

* كذا.
(1) إنما يجب الصلاة على الصدر لا على باقي الأعضاء سواء كان المصلى وجد في قبيلته
الصدر أو غيره. ولا يتوهم ارجاع ضمير " عليه " إلى من وجد حتى يفيد تخصيص وجوب الصلاة
بهم. (سلطان)
(2) الخبر إلى هنا في الكافي والتهذيب وفى سنده ارسال.
(3) في القاموس وسطه توسيطا إذا قطعه بنصفين. وفى الكافي ج 3 ص 213 باسناد فيه
ارسال عن الصادق عليه السلام قال: " إذا وسط الرجل نصفين صلى على الذي فيه القلب "، وفيه
مرسلا " لا يصلى على الرأس إذا أفرد من الجسد ".
(4) الظاهر أن هذا استفسار عن عقله الصلاة فيكون المراد بوجوب الصلاة عليه حيا
كونه مأمورا من الولي بطريق التمرين وحينئذ يطابقه قوله " والصيام إذ أطاقه ". (سلطان)
(5) " فرطا " أي أجرا يتقدمنا، يقال: افترط فلان ابنا له صغيرا إذا مات قبله. (النهاية)
167

لولا أن الناس يقولون: إن بني هاشم لا يصلون على الصغار من أولادهم، ما صليت
عليه " (1).
488 - " وسئل (2) متى تجب الصلاة عليه؟ قال: إذا عقل الصلاة وكان ابن ست
سنين ".
489 - وروى زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " الصلاة
على المستضعف والذي لا يعرف مذهبه: يصلى على النبي صلى الله عليه وآله ويدعو للمؤمنين
والمؤمنات ويقال: " اللهم اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ".
ويقال في الصلاة على من لم يعرف مذهبه: " اللهم إن هذه النفس أنت أحييتها
وأنت أمتها، اللهم ولها ما تولت. واحشرها مع من أحبت ".
490 - وروى صفوان بن مهران الجمال عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " مات
رجل من المنافقين فخرج الحسين بن علي عليهما السلام يمشي فلقي مولى له فقال له: إلى
أين تذهب؟ فقال: أفر من جنازة هذا المنافق أن أصلي عليه، فقال له الحسين عليه السلام:
قم إلى جنبي فما سمعتني أقول فقل مثله، قال: فرفع يديه فقال: " اللهم أخز عبدك
في عبادك وبلادك، اللهم أصله أشد نارك، اللهم أذقه حر عذابك فإنه كان يوالي
أعداءك ويعادي أولياءك ويبغض أهل بيت نبيك ".
491 - وروى عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إذا
صليت على عدو الله عز وجل فقل: " اللهم إنا لا نعلم منه إلا أنه عدو لك
ولرسولك، اللهم فاحش قبره نارا، واحش جوفه نارا، وعجله إلى النار، فإنه
كان يوالي أعداءك ويعادي أولياءك ويبغض أهل بيت نبيك، اللهم ضيق عليه قبره ".
فإذا رفع فقل: " اللهم لا ترفعه ولا تزكه " وإن كان مستضعفا فقل: " اللهم اغفر
للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ". فإذا كنت لا تدري ما حاله فقل:
" اللهم إن كان يحب الخير وأهله فاغفر له وارحمه وتجاوز عنه ".

(1) ظاهره عدم استحباب الصلاة على الصغار.
(2) ظاهره أن المسؤول كان أبا جعفر (ع) ومروي في الكافي عن الصادق عليه السلام.
168

وإن كان المستضعف منك بسبيل (1) فاستغفر له على وجه الشفاعة منك لا على
وجه الولاية ".
492 - و " كان علي عليه السلام إذا صلى على الرجل والمرأة قدم المرأة وأخر
الرجل وإذا صلى على العبد والحر قدم العبد وأخر الحر، وإذا صلى على الكبير
والصغير قدم الصغير وأخر الكبير ".
493 - وروى هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " لا بأس بأن يقدم
الرجل وتؤخر المرأة، أو تقدم المرأة ويؤخر الرجل " (2) يعني في الصلاة على
الميت.
وأفضل المواضع في الصلاة على الميت الصف الأخير، والعلة في ذلك أن النساء
كن يختلطن بالرجال في الصلاة على الجنازة.
494 - فقال النبي صلى الله عليه وآله: " أفضل المواضع في الصلاة على الميت في الأخير "
فتأخرن إلى الصف الأخير فبقي فضله على ما ذكره عليه السلام.
وإذا دعي الرجل إلى وليمة وإلى جنازة أجاب إلى الجنازة لأنها تذكر أمر الآخرة، ويدع الوليمة لأنها تذكر الدنيا.
495 - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " إذا دعيتم إلى الجنائز فأسرعوا، وإذا دعيتم إلى
العرائس فأبطئوا ".
وقال أبي - رضي الله عنه - في رسالته إلي: لا تصل على الجنازة بنعل حذو (4)

(1) أي يكون لك به نوع تعلق كأن يكون قد أحسن إليك أو يكون له قرابة إليك ولكن
الاستغفار لدفع الضرر ترحما لا لأجل المحبة والمودة. (م ت)
(2) يدل على أن التقديم والتأخير الواقعين في الاخبار على سبيل الاستحباب (م ت)
(3) في حديث أبي عبد الله عليه السلام عنه صلى الله عليه وآله " قال: خير الصفوف في الصلاة
المقدم وخير الصفوف في الجنائز المؤخر، قيل: يا رسول الله ولم قال: صار سترة للنساء ".
التهذيب ج 1 ص 343 والكافي ج 3 ص 176.
(4) أي نعل يحتذى به. يعنى ما يستر القدم.
169

ولا تعجل ميتين على جنازة. وقال: إذا صلى رجلان على جنازة قام أحدهما خلف
الامام ولم يقم بجنبه. وقال: إذا اجتمع جنازة رجل وامرأة وغلام ومملوك فقدم
المرأة إلى القبلة، واجعل المملوك بعدها، واجعل الغلام بعد المملوك، واجعل الرجل
بعد الغلام مما يلي الامام ويقف الامام خلف الرجل فيصلي عليهم جميعا صلاة واحدة.
496 - وسأل يونس بن يعقوب أبا عبد الله عليه السلام " عن الجنازة يصلى عليها
على غير وضوء؟ فقال: نعم إنما هي تكبير (1) وتسبيح وتحميد وتهليل كما تكبر
وتسبح في بيتك. وفي خبر آخر " إنه: يتيمم إن أحب ".
497 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام: " أن الحائض تصلي على
الجنازة ولا تصف معهم ".
498 - وفي رواية سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام " في الطامث إذا
حضرت الجنازة تتيمم وتصلي عليها وتقوم وحدها بارزة من الصف ". يعني أنها
تقف ناحية ولا تختلط بالرجال.
والجنب إذا قدم للصلاة على الجنازة تيمم وصلى عليها (2).
وإذا حمل الميت إلى قبره فلا يفاجأ به القبر لان للقبر أهوالا عظيمة، ويتعوذ
حامله بالله من هول المطلع (3)، ويضعه قرب شفير القبر، ويصبر عليه هنيئة، ثم يقدمه
قليلا ويصبر عليه هنيئة ليأخذ أهبته (4) ثم يقدمه إلى شفير القبر، ويدخله القبر

(1) في بعض النسخ " إنما هو تكبير " فتذكير الضمير باعتبار الخبر أي هو ذكر من
الأذكار وليس الصلاة حقيقة حتى لا يصح الا بطهور. (مراد) (2) في هذا التيمم لا ينوى البدلية من الوضوء والغسل أصلا وإنما ينوى التعبد. (م ح ق)
وقال الشهيد في الذكرى: لا يجب في تلك الصلاة الطهارة اجماعا منا.
(3) المطلع - بضم الميم قبل الطاء المشددة المفتوحة ثم فتح اللام قبل العين المهملة
على اسم المكان - من الاطلاع فشاع في الحديث اطلاقه على يوم القيامة والمراد هنا ما بعد الموت
أي ينبغي أن يتعوذ حامله بالله بأن يقول: " أعوذ بالله من هول المطلع ".
(4) أهبة الحرب - بضم الهمزة وفتح الموحدة -: عدتها.
170

من يأمره ولي الميت إن شاء شفعا وإن شاء وترا (1)، ويقال عند النظر إلى القبر:
" اللهم اجعله روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النيران (2).
499 - وقال الصادق عليه السلام: " حد القبر إلى الترقوة. وقال بعضهم: إلى الثديين
وقال بعضهم: قامة الرجل حتى يمد الثوب على رأس من في القبر، وأما اللحد فإنه
يوسع بقدر ما يمكن الجلوس فيه " (3).
وقد روى عن أبي الحسن الثالث عليه السلام إطلاق في أن يفرش القبر بالساج
ويطبق على الميت الساج (4).
ولكل شئ باب وباب القبر عند رجلي الميت. (5)
والمرأة تؤخذ بالعرض من قبل اللحد ويقف زوجها في موضع يتناول وركها
ويؤخذ الرجل من قبل رجليه يسل سلا (6).
وقال أبي - رحمه الله - في رسالته إلي: إذا دخلت القبر فاقرأ أم الكتاب
والمعوذتين وآية الكرسي، فإذا تناولت الميت فقل: " بسم الله وبالله وعلى ملة
رسول الله صلى الله عليه وآله " ثم ضعه في لحده على يمينه مستقبل القبلة وحل عقد كفنه، وضع
خده على التراب وقل: " اللهم جاف الأرض عن جنبيه، وصعد (7) إليك روحه

(1) أي اثنين من الرجال أو واحدا منهم. وقال في الذكرى: لا يعتبر الوتر عندنا.
(2) في بعض النسخ " من حفر النار ".
(3) في الكافي عن سهل بن زياد قال روى بعض أصحابنا أن حد القبر - وساق إلى آخره -
بدون الاسناد إلى الصادق عليه السلام.
(4) كما في خبر علي بن بلال في الكافي ج 3 ص 197. وقوله " اطلاق " أي رخصة وتجويز
من دون تقييد ذلك بضرورة دعية إليه. وقوله: " يطبق " أي يجعل على الميت وأطرافه. والساج:
ضر من الشجر. (مراد)
(5) كما في النبوي المرسل في الكافي ج 3 ص 193.
(6) السل انتزاع الشئ بجذب ونزع كسل السيف من الغمد. (المغرب)
(7) في بعض النسخ " واصعد ". وقوله: " جاف الأرض " أي باعدها، ولعل المراد حفظه
عن ضغطة القبر، أو من أن تأكل الأرض جنبيه. (مراد)
171

ولقه منك رضوانا.
500 - وقد روى سالم بن مكرم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: يجعل له
وسادة من تراب، ويجعل خلف ظهره مدرة لئلا يستلقي، ويحل عقد كفنه كلها،
ويكشف عن وجهه، ثم يدعا له ويقال: " اللهم عبدك وابن عبدك [و] ابن أمتك، نزل بك
وأنت خير منزول به، اللهم افسح له في قبره، ولقنه حجته، وألحقه بنبيه، وقه
شر منكر ونكير ". ثم تدخل يدك اليمنى تحت منكبه الأيمن وتضع يدك اليسرى
على منكبه الأيسر وتحركه تحريكا شديدا وتقول: يا فلان بن فلان الله ربك ومحمد
نبيك والاسلام دينك وعلي وليك وإمامك - وتسمي الأئمة عليهم السلام واحدا واحدا
إلى آخرهم - أئمتك أئمة هدى أبرار، ثم تعيد عليه التلقين مرة أخرى، وإذا
وضعت عليه اللبن فقل: " اللهم ارحم غربته، وصل وحدته، وآنس وحشته، وآمن
روعته، وأسكن إليه من رحمتك رحمة يستغني بها عن رحمة من سواك، واحشره مع من
كان يتولاه.
ومتى زرت قبره فادع له بهذا الدعاء وأنت مستقبل القبلة ويداك على القبر،
فإذا خرجت من القبر فقل - وأنت تنفض يديك من التراب -: " إنا لله وإنا إليه
راجعون ". ثم احث التراب عليه بظهر كفيك ثلاث مرات (1) وقل: " اللهم إيمانا
بك وتصديقا بكتابك، هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله " فإنه من فعل
ذلك وقال هذه الكلمات كتب الله له بكل ذرة حسنة، فإذا سوي قبره فصب على
قبره الماء، وتجعل القبر أمامك وأنت مستقبل القبلة، وتبدأ بصب الماء عند رأسه
وتدور به على قبره من أربع جوانبه حتى ترجع إلى الرأس من غير أن تقطع الماء

(1) قال الأصحاب: لا يهيل ذو الرحم لما ذكر من حصول قسوة القلب (ذكرى) أقول:
روى الكليني باسناده عن عبيد بن زرارة عن الصادق عليه السلام - في حديث -: " من كان
منه ذا رحم فلا يطرح عليه التراب فان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى أن يطرح الوالد أو ذو رحم على ميته
التراب - إلى أن قال - أنهاكم أن تطرحوا التراب على ذوي أرحامكم فان ذلك يورث
القسوة في القلب ومن قسا قلبه بعد من ربه ".
172

فإن فضل من الماء شئ فصبه على وسط القبر، ثم ضع يدك على القبر وادع للميت
واستغفر له ".
501 - وروي عن يحيى بن عبد الله أنه قال: " سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
ما على أهل الميت منكم أن يدرؤوا عن ميتهم لقاء منكر ونكير، فقلت: وكيف
نصنع؟ فقال: إذا أفرد الميت فليتخلف عنده أولى الناس به، فيضع فاه على رأسه
ثم ينادي بأعلى صوته: يا فلان ابن فلان أو يا فلانة بنت فلان! هل أنت على عهد
الذي فارقناك (1) عليه من شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا
صلى الله عليه وآله عبده ورسوله سيد النبيين، وأن عليا أمير المؤمنين وسيد الوصيين، وأن
ما جاء به محمد صلى الله عليه وآله حق، وأن الموت حق، والبعث حق، وأن الساعة آتية لا ريب
فيها، وأن الله يبعث من في القبور ". فإذا قال ذلك قال منكر لنكير: انصرف بنا
عن هذا فقد لقن بها حجته ".
* (باب التعزية) *
* (والجزع عند المصيبة وزيارة القبور والنوح والمأتم (2)) * 502 - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من عزى حزينا كسي في الموقف حلة يحبر
بها " (3).
503 - وروي عن هشام بن الحكم أنه قال: " رأيت موسى بن جعفر عليهما السلام

(1) في بعض النسخ " فارقتنا ".
(2) المأتم في الأصل: مجتمع الرجال والنساء في الغم والفرح، ثم خص باجتماع
النساء للموت وقيل هو للشواب من النساء لا غير (النهاية) ويطلق على الطعام للميت (في)
(3) في الكافي " يحبا بها " من الحباء بمعنى العطاء. وفى الصحاح الحبر: الحبور وهو
السرور، يقال: حبره يحبره - بالضم - حبر أو حبرة. وقال تعالى: " فهم في روضة يحبرونه "
أي ينعمون ويكرمون ويسرون.
173

يعزي قبل الدفن وبعده ".
504 - وقال الصادق عليه السلام: " التعزية الواجبة بعد الدفن ".
505 - وقال عليه السلام: " كفاك من التعزية بأن يراك صاحب المصيبة ".
506 - وأتى أبو عبد الله عليه السلام قوما قد أصيبوا بمصيبة فقال: " جبر الله وهنكم
وأحسن عزاكم (1)، ورحم متوفاكم، ثم انصرف ".
507 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " التعزية تورث الجنة ".
508 - و " عزى الصادق عليه السلام رجلا بابن له فقال له عليه السلام: الله خير لابنك
منك، وثواب الله خير لك منه. فبلغه جزعه بعد ذلك فعاد إليه فقال له: قد مات
رسول الله صلى الله عليه وآله أفما لك به أسوة! فقال له: إنه كان مراهقا (2)، فقال له: إن
أمامه ثلاث خصال: شهادة أن لا إله إلا الله، ورحمة الله، وشفاعة رسول الله صلى الله عليه وآله، فلن
تفوته واحدة منهن شاء الله عز وجل ".
509 - وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام أنه قال: " ينبغي لصاحب الجنازة
أن لا يلبس رداء، وأن يكون في قميص حتى يعرف، وينبغي لجيرانه أن يطعموا
عنه ثلاثة أيام " (3).
510 - وقال عليه السلام: " ملعون ملعون من وضع رداءه في مصيبة غيره ".
511 - و " لما قبض علي بن محمد العسكري عليهما السلام رئي الحسن بن علي عليهما
السلام قد خرج من الدار وقد شق قميصه من خلف وقدام ".

(1) الوهن: الضعف في العمل ويحرك والفعل كوعد وورث وكرم (القاموس)، وقوله:
" أحسن عزاكم " أي صبركم.
(2) المراهق: الغلام الذي قارب الحلم، وفى بعض النسخ " مرهقا " من باب التفعيل
كما في ثواب الأعمال ص 236 والكافي ج 3 ص 204 وهو الذي يأتي المحارم من شرب الخمر
ونحوه وكأنه خاف عليه أن يعذب.
(3) في الكافي ج 3 ص 217 باسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: " يصنع
لأهل الميت مأتم ثلاثة أيام من يوم مات ". وعن أبي بصير عنه عليه السلام قال: " ينبغي لجيران
صاحب المصيبة أن يطعموا الطعام [عنه] ثلاثة أيام ".
174

512 - و " قد وضع رسول الله صلى الله عليه وآله رداءه في جنازة سعد بن معاذ رحمه الله
فسئل عن ذلك، فقال: إني رأيت الملائكة قد وضعت أرديتها فوضعت ردائي ".
513 - وقال الصادق عليه السلام: " لولا أن الصبر خلق قبل البلاء لتفطر المؤمن كما
تتفطر البيضة على الصفا ".
514 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " أربع من كن فيه كان في نور الله عز وجل الأعظم:
من كان عصمة أمره (1) شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، ومن إذا أصابته
مصيبة قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ومن إذا أصاب خيرا قال: الحمد لله رب
العالمين "، ومن أصاب خطيئة قال: " أستغفر الله وأتوب إليه ".
515 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " ما من مؤمن يصاب بمصيبة في الدنيا فيسترجع
عند مصيبته ويصبر حين تفجأه المصيبة إلا غفر الله له ما مضى من ذنوبه إلا الكبائر (2)
التي أوجب الله عز وجل عليها النار، وكلما ذكر مصيبته فيما يستقبل من عمره فاسترجع
عندها وحمد الله عز وجل عندها، غفر الله له كل ذنب اكتسبه فيما بين الاسترجاع الأول
إلى الاسترجاع الأخير إلا الكبائر من الذنوب ".
516 - وروى أبو بصير، عن أبي جعفر عليه السلام (3) أنه قال: " إن ملكا (4) موكلا
بالمقابر، فإذا انصرف أهل الميت من جنازتهم عن ميتهم أخذ قبضة من تراب فرمى

(1) في الصحاح " العصمة: المنع، يقال عصمه الطعام أي منعه من الجوع، والعصمة:
الحفظ، يقال: عصمته فانعصم، واعتصمت بالله إذا امتنعت بلطفه من المعصية ". فالمراد
من يمنعه الشهادتان عن ارتكاب ما لا ينبغي ارتكابه ليحفظ عن المكاره في الدنيا والعقاب في القيامة
أو حفظتاه عنه، أو اعتصم بهما لا يفارقهما. (مراد)
(2) لعل المراد بالكبائر ما يوجب الكفر ولذا قال: " أوجب عليها النار " ولم يقل
أوعد الله عليه. (سلطان)
(3) في بعض النسخ " عن أبي عبد الله عليه السلام ".
(4) خبر " أن " محذوف أي لله أولنا ملكا موكلا بالمقابر (سلطان) ويسمى هذا الملك
المنسية.
175

بها في آثارهم، ثم قال: " انسوا ما رأيتم " فلولا ذلك ما انتفع أحد بعيش ".
517 - وقال الصادق عليه السلام: " من أصيب بمصيبة جزع عليها أو لم يجزع
صبر عليها أم لم يصبر كان ثوابه من الله عز وجل الجنة ". (1)
518 - وقال عليه السلام: " ثواب المؤمن من ولده إذا مات الجنة، صبر أو لم
يصبر " (2).
519 - وقال عليه السلام: " من قدم ولدا كان خيرا له من سبعين يخلفهم بعده، كلهم
قد ركب الخيل وقاتل في سبيل الله عز وجل ".
520 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا يدخل الجنة رجل ليس له فرط، فقال
له رجل ممن لم يولد له ولم يقدم ولدا: يا رسول الله أو لكنا فرط؟ فقال: نعم إن
من فرط الرجل المؤمن أخاه في الله عز وجل ".
521 - و " قال صلى الله عليه وآله لفاطمة عليها السلام حين قتل جعفر بن أبي طالب: لا تدعي بذل
ولا ثكل ولا حرب، وما قلت فيه فقد صدقت ". (3)
522 - وروى مهران بن محمد عن الصادق عليه السلام أنه قال: " إن الميت إذا مات
بعث الله عز وجل ملكا إلى أوجع أهله عليه فمسح على قلبه فأنساه لوعة الحزن،
لولا ذلك لم تعمر الدنيا " (4).

(1) لا يخفى أنه بظاهره ينافي ما سبق من تعليق غفران الذنوب الا الكبائر بالصبر
والاسترجاع فلابد من توجيه أحدهما مثل أن يقال بعدم اعتبار المفهوم مما سبق، أو تخصيص
الثاني بمصيبة خاصة، أو يقال: غفران الذنوب مرتبة فوق دخول الجنة. (سلطان)
(2) يدل على أن الجزع لا يحبط أجر المصيبة، ويمكن حمله على ما إذا لم يقل ولم
يفعل ما يسخط الرب تعالى، أو عدم الاختيار. (المرآة)
(3) الثكل - الضم -: الموت والهلاك وفقدان الحبيب. والحرب - بالتحريك -:
مساوق الحزن والطعنة والسلب، وفى القاموس: لما مات حرب بن أمية قالوا " واحربا " باسكان
الراء - ثم ثقلوا فقالوا " واحربا " بالتحريك. والحرب: الغضب أيضا. أي لا تقولي: وا ذلاه
وا ثكلاه، وا حرباه، وإن كان ما قلت في حق جعفر حقا.
(4) لوعة الحزن: حرقته في القلب. وفى بعض النسخ " لم تقم الدنيا " وفى الكافي كما
في المتن.
176

523 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إذا قبض ولد المؤمن والله أعلم بما قال العبد (1)
فيسأل الملائكة: قبضتم ولد فلان المؤمن، فيقولون: نعم ربنا، فيقول: فماذا قال عبدي
المؤمن؟ فيقولون: حمدك ربنا واسترجع، فيقول الله عز وجل: ابنوا له بيتا في
الجنة وسموه بيت الحمد ".
524 - و " لما مات إسماعيل بن جعفر خرج الصادق عليه السلام فتقدم السرير
بلا حذاء ولا رداء ". (2)
525 - و " كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا رأى جنازة قال: الحمد لله الذي لم
يجعلني من السواد المخترم " (3).
526 - وقال الصادق عليه السلام: " لما مات إبراهيم (4) ابن رسول الله صلى الله عليه وآله قال النبي
صلى الله عليه وآله: حزنا عليك يا إبراهيم وإنا لصابرون، يحزن القلب وتدمع العين ولا نقول ما
يسخط الرب ".
527 - وقال عليه السلام: " إن النبي صلى الله عليه وآله حين جاءته وفاة جعفر بن أبي طالب
عليه السلام وزيد بن حارثة كان إذا دخل بيته كثر بكاؤه عليهما جدا ويقول: كانا يحدثاني
ويؤانساني فذهبا جميعا ".
528 - وقال عليه السلام: " إن البلاء والصبر يستبقان إلى المؤمن فيأتيه البلاء وهو
صبور (5)، وإن الجزع والبلاء يستبقان إلى الكافر فيأتيه البلاء وهو جزوع ".

(1) هذا لرفع توهم أن سؤاله تعالى لعدم علمه بل هو أعلم من ملائكته بما قال، ولكن
يسأل ذلك لكثير من المصالح. (المرآة)
(2) رواه الشيخ في التهذيب بسند حسن كالصحيح. ويدل على الجواز.
(3) اخترم فلان عنا - مبنيا للمفعول -: مات، اخترمته المنية: أخذته. واخترمهم
الدهر وتخرمهم أي اقتطعهم واستأصلهم. وفسر السواد بالشخص وبعامة الناس.
(4) إبراهيم هذا كان ابن رسول الله من مارية القبطية، وولد بالمدينة في ذي الحجة
سنة ثمان ومات في ذي الحجة سنة عشر وقيل: الربيع الأول سنة عشر. (المرآة)
(5) أي صبور باتيانه كالمتراهنين يريد كل منهما أن يسبق الاخر حتى أن البلاء
لا يسبق الصبر بل إنما يرد مع ورود الصبر أو بعده، وكذا الجزع والبلاء بالنسبة إلى الكافر.
177

529 - وروي عن الكاهلي (1) أنه قال: " قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: إن امرأتي وأختي وهي امرأة محمد بن مارد تخرجان في المآتم فأنهاهما،
فقالتا لي: إن كان حراما انتهينا عنه وإن لم يكن حراما فلم تمنعنا فيمتنع الناس من
قضاء حقوقنا (2) فقال عليه السلام: عن الحقوق تسألني كان أبي عليه السلام يبعث أمي وأم فروة تقضيان
حقوق أهل المدينة ". (3)
530 - وقال الصادق عليه السلام: " لا يسأل في القبر إلا من محض الايمان محضا أو
محض الكفر محضا، والباقون ملهو عنهم إلى يوم القيامة " (4).
531 - وسأله سماعة بن مهران " عن زيارة القبور وبناء المساجد فيها، فقال:
أما زيارة القبور فلا بأس بها، ولا يبنى عندها مساجد ".
532 - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجدا فإن الله عز
وجل لعن اليهود حين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ". (5)
533 - وسأل جراح المدايني أبا عبد الله عليه السلام " كيف التسليم على أهل القبور
فقال: [تقف و] تقول: " السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، رحم الله

(1) الطريق إلى عبد الله بن يحيى الكاهلي صحيح الا أن عبد الله هو لا يخلو من كلام.
(2) أي لأي شئ تمنعنا وذلك يوجب أن يمنع الناس من قضاء حقوقنا أي من أن يأتوا بما
يستحق منهم بسبب ما حاق بنا باعتبار الاشتراك في الانسانية والجوار والاسلام. (مراد) (3) يعنى أن من حقوق أهل الايمان بعضهم على بعض التعزية عند المصيبة والتهنئة عند النعمة
فما سؤالك إياي الا عن الحقوق اللازمة، كان أبى عليه السلام يبعث أمي وأم فروة بقضاء
الحقوق. (م ح ق)
(4) " محض الايمان " على صيغة الفعل أي أخلص الايمان، ويحتمل أن يكون بصيغة
المصدر أي لا يسأل الا من الايمان والكفر، ولعل الأول أظهر. وقوله " ملهو عنهم " كناية عن
عدم التعرض لهم إلى يوم القيامة لما سوى الايمان والكفر من الأعمال.
(5) السند قوى، ويمكن أن يكون الوجه فيه أنه قد يسجد على القبر وهو يشبه ما لو سجد
لصاحب القبر، ولعل منع الناس من اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد ذلك لان احتمال وقوع السجدة
لصاحب القبر فيهم أقوى منه في قبور غيرهم. (مراد)
وقال العلامة المجلسي: النهى عن بناء المساجد في المقابر يمكن أن يكون باعتبار كراهة
الصلاة فيها، أو باعتبار تضييق المكان على الأموات، أو باعتبار تغيير الوقف إذا كان وقفا للمقبرة،
والنهى الوارد عن اتخاذ قبر النبي صلى الله عليه وآله قبلة ومسجدا يمكن أن يكون المراد به أن لا تجعلوه بمثل
الكعبة ولا تسجدوا عليه كالكعبة كما فعلته اليهود في قبور أنبيائهم، أو يكون نهيا عن المحاذاة
إليهم في الصلاة لئلا يصير بمرور الأيام قبلة كالكعبة، وكذا النهى عن الصلاة في البيت الذي فيه
القبر، هذا كله على تقدير صحة الخبر، ويحتمل أن يكون وروده تقية لما روى عن عائشة. انتهى.
وقال الشهيد - رحمه الله - في الذكرى: هذه الأخبار رواها الصدوق والشيخان وجماعة المتأخرين
في كتبهم ولم يستثنوا قبرا ولا ريب أن الامامية مطبقة على مخالفة القضيتين من هذه إحداهما
البناء والأخرى الصلاة في المشاهد المقدسة، فيمكن القدح في هذه الأخبار لأنها آحاد وبعضها
ضعيف وقد عارضها أشهر منها - انتهى وقال العلامة المجلسي: نستثني من هذا الحكم (يعنى النهى
عن البناء وكذا الصلاة في بيت فيه قبر) قبور الأنبياء والأئمة عليهم السلام لاطباق الناس على البناء على
قبورهم من غير نكير واستفاضة الروايات بالترغيب في ذلك بل لا يبعد استثناء قبور العلماء
والصلحاء أيضا استضعافا لسند المنع والتفاتا إلى كون ذلك تعظيما لشعائر الاسلام وتحصيلا
لكثير من المصالح الدينية كما لا يخفى. انتهى أقول: في مزار البحار أخبار تؤيد هذا القول
ويفهم منها جواز البناء حول قبور الأئمة عليهم السلام والصلاة عند قبرهم بل رجحانهما فليراجع
وقد قال علي بن الحسين عليهما السلام: " كأني بالقصور وقد شيدت حول قبر الحسين عليه السلام
وكأني بالأسواق قد حفت حول قبره - الخ ".
178

المستقدمين منا والمستأخرين (1) وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ".
534 - و " كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا مر على القبور قال: " السلام عليكم من ديار
قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ".
535 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام لما دخل المقابر: " يا أهل التربة ويا أهل
الغربة أما الدور فقد سكنت وأما الأزواج فقد نكحت وأما الأموال فقد قسمت

(1) في بعض النسخ " المتقدمين منا والمتأخرين ". على أهل الديار من المؤمنين " المراد بالديار ديار الغربة، و " من " بيانية أي الذين هم المؤمنون، أو تبعيضية. (مراد)
179

فهذا خبر ما عندنا (1) وليت شعري ما عندكم، ثم التفت إلى أصحابه وقال: لو أذن لهم
في الجواب لقالوا إن خير الزاد التقوى ".
536 - و " وقف رسول الله صلى الله عليه وآله على القتلى ببدر وقد جمعهم في قليب (2) فقال:
يا أهل القليب إنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟!
فقال المنافقون: إن رسول الله يكلم الموتى، فنظر إليهم فقال: لو أذن لهم في الكلام
لقالوا: نعم وإن خير الزاد التقوى ".
537 - و " كانت فاطمة عليها السلام تأتي قبور الشهداء كل غداة سبت فتأتي
قبر حمزة فتترحم عليه وتستغفر له ". (3)
538 - وقال الصادق عليه السلام: " إذا دخلت الجبانة (4) فقل: السلام على أهل
الجنة ".
539 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: " إذا دخلت المقابر فطأ
القبور (5) فمن كان مؤمنا استروح إلى ذلك (6)، ومن كان منافقا وجد ألمه ".
540 - وروي عن محمد بن مسلم أنه قال: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الموتى

(1) في بعض النسخ " فهذا آخر ما عندنا ".
(2) القليب البئر قبل أن يطوى يذكر ويؤنث، وقيل: البئر العادية القديمة. (الصحاح)
(3) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 121 مسندا عن الصادق عليه السلام.
(4) الجبان والجبانة - بضم الجيم وشد الباء -: الصحراء وتسمى بها المقابر لأنها
تكون في الصحراء تسمية للشئ باسم موضعه. (النهاية)
(5) ذكر الشهيد - رحمه الله - في الذكرى أحاديث تدل على منع المشي على القبور و
حمله على الكراهة، ثم قال: وزاد الشيخ كراهة الاتكاء عليه والمشي ونقله في المعتبر. فما نقله المؤلف
- رحمه الله - عن الكاظم عليه السلام يمكن حمله على القاصد زيارتهم بحيث لا يتوصل إلى القبر
الا بالمشي على الاخر، ويقال: يختص الكراهة بالقعود لما فيه من اللبث المنافى للتعظيم.
(6) استروح: وجد الراحة كاستراح. (القاموس)
180

نزورهم؟ فقال: نعم، قلت: فيعلمون بنا إذا أتيناهم؟ فقال: إي والله إنهم ليعلمون
بكم ويفرحون بكم ويستأنسون إليكم، قال: قلت: فأي شئ نقول إذا أتيناهم؟
قال: قل: " اللهم جاف الأرض عن جنوبهم وصاعد إليك أرواحهم، ولقهم منك
رضوانا، وأسكن إليهم من رحمتك ما تصل به وحدتهم، وتؤنس به وحشتهم، إنك
على كل شئ قدير ".
541 - وقال الرضا عليه السلام: " ما من عبد [مؤمن] زار قبر مؤمن فقرأ عنده إنا
أنزلناه في ليلة القدر سبع مرات إلا غفر الله له ولصاحب القبر " (1).
542 - وسأل إسحاق بن عمار أبا الحسن الأول عليه السلام " عن المؤمن يزور أهله (2)
فقال: نعم، قال: في كم؟ فقال: على قدر فضائلهم، منهم من يزور في كل يوم، ومنهم
من يزور في كل يومين، ومنهم من يزور في كل ثلاثة أيام قال: ثم رأيت في مجرى
كلامه أنه يقول: أدناهم جمعة (3)، فقال له: في أي ساعة؟ قال: عند زوال الشمس أو
قبيل ذلك فيبعث الله معه ملكا يريه ما يسر به يستر عنه ما يكرهه فيرى سرورا
ويرجع إلى قرة عين " (4).
543 - وروى حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام " أن الكافر يزور أهله
فيرى ما يكرهه ويستر عنه ما يحب ".
544 - وقال صفوان بن يحيى لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: " بلغني
أن المؤمن إذا أتاه الزائر آنس به، فإذا انصرف عنه استوحش، فقال: لا يستوحش ".

(1) رواه في ثواب الأعمال باسناده عن أحمد بن محمد قال: " كنت انا وإبراهيم بن هاشم
في بعض المقابر إذ جاء إلى قبر فجلس مستقبل القبلة، ثم وضع يده على القبر فقرأ سبع مرات
" انا أنزلناه " ثم قال: حدثني صاحب هذا القبر - وهو محمد بن إسماعيل بن بزيع - انه من
زار قبر مؤمن فقرأ عنده سبع مرات " انا أنزلناه " غفر الله له ولصاحب القبر ".
(2) أي المؤمن الميت يزور أهله الاحياء.
(3) أي أدناهم يزور جمعة وأريد بها الأسبوع لا اليوم المخصوص بقرينة الكلام.
(4) أي يرجع قرير العين مسرورا.
181

545 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " يصنع للميت مأتم (1) ثلاثة أيام من يوم
مات ".
546 - و " أوصى أبو جعفر عليه السلام بثمانمائة درهم لمأتمه، وكان يرى ذلك
للسنة، لان رسول الله صلى عليه وآله وسلم قال: اتخذوا لآل جعفر بن أبي طالب طعاما فقد
شغلوا ".
547 - و " أوصى أبو جعفر عليه السلام أن يندب في المراسم عشر سنين ".
548 - وقال الصادق عليه السلام: " الاكل عند أهل المصيبة من عمل أهل الجاهلية
والسنة البعث إليهم بالطعام كما أمر به النبي صلى الله عليه وآله في آل جعفر بن أبي طالب عليه السلام
لما جاء نعيه " (3).
549 - وقال عليه السلام: " لما قتل جعفر بن أبي طالب عليه السلام (4) أمر رسول الله
صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام أن تأتي أسماء بنت عميس ونساءها وأن تصنع لهم

(1) المأتم - كمشهد -: كل مجتمع في حزن أو فرح، أو خاص بالنساء للموت وقد
يطلق على الطعام للميت.
(2) الندب تذكر النائحة للميت بأحسن أوصافه وأفعاله والبكاء عليه، وقد روى الكليني
في الكافي ج 5 ص 117 باسناده عن الصادق عليه السلام قال: " قال أبى: يا جعفر أوقف لي من مالي
كذا وكذا النوادب تندبني عشر سنين بمنى أيام منى "، وذلك يدل على رجحان الندبة عليهم عليهم -
السلام وإقامة المأتم لهم لما فيه من تشييد حبهم وبغض مخالفيهم في القلوب، والظاهر اختصاصه
بهم. والنوح عليهم سنة جارية بيننا خلافا للعامة فإنهم نقلوا أخبارا ظاهرها تحريم النياحة
وعلى تقدير صحتها حملت على النوح بالباطل الذي كان عمل الناس في الجاهلية فإنهم وصفوا
الميت بما ليس فيه وقد يظهر هذا الحمل من أخبارهم أيضا.
(3) النعي: الاخبار بالموت، ونعاه أي أخبر بموته، ويظهر من الخبر كراهة الاكل من
طعام صنعه أهل المصيبة لا ما بعث إليهم غيرهم. (م ت)
(4) جعفر بن أبي طالب استشهد بمؤتة وهو ابن أربعين سنة أو أقل، ونقل العسقلاني
في الإصابة عن الطبراني أنه أصيب بتسعين جراحة.
182

طعاما ثلاثة أيام، فجرت بذلك السنة ".
550 - وقال الصادق عليه السلام: " ليس لأحد أن يحد أكثر من ثلاثة أيام إلا
المرأة على زوجها حتى تنقضي عدتها " (1).
551 - وسئل عن أجر النائحة، فقال: " لا بأس به [و] قد نيح على رسول الله صلى الله عليه وآله ".
552 - وروي أنه قال: " لا بأس بكسب النائحة إذا قالت صدقا ". وفى خبر
آخر قال: " تستحله بضرب إحدى يديها على الأخرى ".
553 - و " لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله من وقعة أحد إلى المدينة سمع من كل
دار قتل من أهلها قتيل نوحا وبكاء ولم يسمع من دار حمزة عمه فقال صلى الله عليه وآله لكن
حمزة لا بواكي له، فآلى أهل المدينة (2) أن لا ينوحوا على ميت ولا يبكوه حتى
يبدؤا بحمزة فينوحوا عليه ويبكوه، فهم إلى اليوم على ذلك ".
554 - وقال عمر بن يزيد: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: " يصل عن الميت؟ فقال:
نعم حتى أنه ليكون في ضيق فيوسع الله عليه ذلك الضيق، يؤتى فيقال له: خفف
عنك هذا الضيق بصلاة فلان أخيك عنك، قال: فقلت له: فأشرك بين رجلين في ركعتين
قال: نعم. فقال عليه السلام: " إن الميت ليفرح بالترحم عليه والاستغفار له كما يفرح
الحي بالهدية تهدى إليه " (3).

(1) أحدت المرأة: امتنعت من الزينة، وكذلك حدت - بشد الدال - والحداد:
ثياب المأتم.
(2) آلى يؤلى ايلاء أي حلف.
(3) الاخبار في انتفاع الميت بالصلاة والصوم والحج والصدقة وغيرها من القربات
متواترة جدا أوردها الشهيد - رحمه الله - في الذكرى وبسط الكلام ووفى حق المقام. وربما يستشكل بأن ما جاء في تلك الروايات ينافي قوله تعالى: " وأن ليس للانسان الا
ما سعى " وأجيب تارة بأن الآية منسوخ الحكم في شريعتنا لقوله تعالى " ألحقنا بهم ذريتهم " يعنى
برفع الدرجة ورفع درجة الذرية مما لم يستحقوها بأعمالهم ونحو هذا. وقال بعضهم: ان ذلك لقوم
إبراهيم وموسى فأما هذه الأمة فلهم ما سعى غيرهم نيابة عنهم، وهو كما ترى. وتارة بعدم التنافي
بيانه أن القربات والأعمال الصالحة التي ينتفع بها المؤمن بعد موته على أقسام، قسم منها
كالصدقة الجارية وبناء المساجد والعلم الذي ينتفع به الناس وما شابهها فلا كلام في أنها تكون
من عمله وسعيه فمجزى بها بعد موته، وقسم له دخل ما في تحققه وان لم يكن في ظاهر الامر
من عمله كالوصية بأنواع الخير فهو أيضا يعد من سعيه ويشمله عموم " ما سعى " لأنه ان لم يوص لم
يتحقق، أو كالولد البر التقى الذي أدبه في أيام حياته فيدعو له بعد موته ويصلى ويصوم ويحج عنه
فهو أيضا من كسبه كما جاء في النبوي صلى الله عليه وآله " ان أطيب ما أكل الرجل من كسبه وان ولده من
كسبه ". وقسم لا دخل للميت في وقوعه على الظاهر كاستغفار المؤمنين له والأعمال الصالحة التي
تهدى إليه مثوباتها فذاك اما مرتبط بسعيه في الدخول في زمرة المؤمنين وتكثير سوادهم و
تأييد ايمانهم الذي من آثاره ما يأتون به من القربات والخيرات كما في قوله تعالى: " و
الذي جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان " واما مرتبط
باحسانه ومحبته إليهم في حياته فهو أيضا نتيجة احسانه ومحبته ويشمله عموم السعي أيضا.
وقسم لا يتصور للميت أي مدخل فيه كتبرع ذوي قرباه أو غيرهم له لا من جهة أنه من المؤمنين
بل من أجل القرابة في النسب فحسب أو لمحبوبية التبرع عن الغير عند الشارع ورجحانه
عند الله تعالى فهذا أيضا لا ينافي حكم الآية التشريعي لان لكل عمل عبادي ثوابا مقررا عند الله
تعالى يصل إلى العامل جزاء لعمله وسعيه لا محالة تفضلا كان أو استحقاقا، فحينئذ إذا أهدى
العامل ثواب عمله إلى شخص عينه وسأل الله سبحانه حوالته وأعطى أجره من كان يريده فلا منافاة لان
ذلك جزاء علم المحيل لا غيره. هذا من إفادات استاذنا المعظم السيد محمد كاظم الموسوي
الگلبايگاني دام ظله العالي. هذا وراجع في تحقيق آخر للكلام ج 2. ص 461.
183

ويجوز أن يجعل الرجل حجته (1) أو عمرته أو بعض صلاته أو بعض طوافه
لبعض أوله وهو ميت وينتفع به حتى أنه ليكون مسخوطا عليه فيغفر له، ويكون
مضيقا عليه فيوسع له (2)، ويعلم الميت بذلك، ولو أن رجلا فعل ذلك عن ناصب

(1) الظاهر أنه يفعل ذلك نيابة عن الميت، ويحتمل أن يجعل للميت ثواب ما فعله
سابقا. (مراد)
(2) السخط خلاف الرضا، ولعل المراد بالضيق تضيق القبر وضغطته، وبالتوسع توسعه
ورفع الضغطة، ويحتمل العموم. (مراد)
184

لخفف عنه (1)، والبر والصلة والحج يجعل للميت والحي، فأما الصلاة فلا تجوز
عن الحي (2).
555 - وقال عليه السلام: " ستة يلحقن المؤمن بعد وفاته: ولد يستغفر له،
ومصحف يخلفه، وغرس يغرسه، وصدقة ماء يجريه (3)، وقليب يحفره، وسنة يؤخذ
بها من بعده ".
556 - وقال عليه السلام: " من عمل من المسلمين عن ميت عملا صالحا أضعف له
أجره ونفع الله به الميت ".
557 - وقال عليه السلام: " يدخل على الميت في قبره الصلاة والصوم والحج والصدقة
والبر والدعاء، ويكتب أجره للذي يفعله وللميت ".
558 - " ولما مات (4) ذر بن أبي ذر رحمة الله عليه وقف أبو ذر على قبره
فمسح القبر بيده، ثم قال: رحمك الله يا ذر والله إن كنت بي لبرا ولقد قبضت
وإني عنك لراض، والله ما بي فقدك وما علي من غضاضة (5) وما لي إلى أحد سوى الله
من حاجة، ولولا هول المطلع (6) لسرني أن أكون مكانك، ولقد شغلني الحزن

(1) يمكن أن يكون محمولا على المبالغة بمعنى أنه لو أمكن انتفاعه لانتفع، لكن
يستحيل انتفاعه لان النفع مشروط بالايمان ولا أقل من الاسلام وهو خارج عن الدين ضرورة،
الا أن يراد بالناصب غير المعادي كما هو شايع في الاخبار من اطلاق الناصب فيمكن انتفاعهم
بفضل الله تعالى. (م ت)
(2) الا صلاة الطواف فإنها جزاء للحج.
(3) في بعض النسخ " صدقة ما يجريه " فحينئذ يشمل الماء غيره. (مراد)
(4) رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 250 عن علي بن إبراهيم القمي مرفوعا مقطوعا.
(5) أي ليس على بأس وحزن من فقدك وموتك، أو ما وقع بي فقدك مكروها والحاصل
ليس بي حزن فقدك. والغضاضة: الذلة والمنقصة والغيظ.
(6) المطلع - بتشديد الطاء المهملة والبناء للمفعول -: أمر الآخرة وموقف القيامة
أو ما يشرف عليه عقيب الموت فشبه بالمطلع الذي يشرف عليه من موضع عال.
185

لك (1) عن الحزن عليك، والله ما بكيت لك ولكن بكيت عليك (2)، فليت شعري
ما قلت وما قيل لك؟ اللهم إني قد وهبت له ما افترضت عليه من حقي فهب له ما
افترضت عليه من حقك فأنت أحق بالجود مني والكرم ".
باب النوادر
559 - قال الصادق عليه السلام: " ما من أحد يموت أحب إلى إبليس من موت
فقيه ".
560 - وسئل عليه السلام " عن قول الله عز وجل: " أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها
من أطرافها " فقال: فقد العلماء ".
561 - وسئل عليه السلام عن قول الله عز وجل: " أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من
تذكر " (3) فقال: توبيخ لابن ثمانية عشر سنة " (4).
562 - وسئل عليه السلام " عن قول الله عز وجل: " وإن من قرية إلا نحن مهلكوها
قبل يوم القيامة أو معذبوها " قال: هو الفناء بالموت " (5).

(1) أي في أمر الآخرة وقوله " عن الحزن عليك " أي على مفارقتك.
(2) قوله " ما بكيت لك " أي لفراقك و " بكيت عليك " أي للاشفاق عليك، أو على ضعفك
وعجزك عن الأهوال التي أمامك.
(3) لفظة " ما " على هذا التفسير يراد به العمر والمعنى أو لم نعمركم عمرا يتذكر فيه
من تذكر.
(4) ظاهر الآية توبيخ المعمرين الذين لم يتذكروا ولم يتنبهوا أن الدنيا فانية والآخرة باقية
حتى يسعوا في موجبات الثواب الأبدي. وفسر المعمر بمن كان له من العمر ثمانية عشر سنة،
يعنى هذا المقدار من العمر كاف للتذكر والتنبه وملوم بالتقصير فيه، وكلما زاد فملامته أشد
وأكثر. (م ت)
(5) مرجع الضمير هو الاهلاك المفهوم من قوله: " مهلكوها ".
186

563 - وقال الصادق عليه السلام: " ليس لكم أن تعزونا ولنا أن نعزيكم، إنما
لكم أن تهنئونا لأنكم تشاركوننا في المصيبة " (1).
564 - وسئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام " عن الرجل يقول لابنه أو
لابنته: بأبي أنت وأمي أو بأبوي أنت، أترى بذلك بأسا؟ فقال: إن كان أبواه
حيين فأرى ذلك عقوقا، وإن كان قد ماتا فلا بأس ".
565 - وقال الصادق عليه السلام: " الصبر صبران فالصبر عند المصيبة حسن جميل
وأفضل من ذلك الصبر عندما حرم الله عز وجل عليك فيكون لك حاجزا ".
566 - وقال عليه السلام: " إن الله تبارك وتعالى تطول على عباده بثلاث: ألقى عليهم
الريح بعد الروح (2) ولولا ذلك ما دفن حميم حميما، وألقى عليهم السلوة بعد المصيبة (3)
ولولا ذلك لانقطع النسل، وألقى على هذه الحبة (4) الدابة ولولا ذلك لكنزها
ملوكهم كما يكنزون الذهب والفضة ".
567 - وقال عليه السلام: " إنا أهل بيت نجزع قبل المصيبة فإذا نزل أمر الله
عز وجل رضينا بقضائه وسلمنا لامره وليس لنا أن نكره ما أحب الله لنا ".
568 - وقال عليه السلام: " من خاف على نفسه من وجد بمصيبة (5) فليفض من دموعه
فإنه يسكن عنه ".

(1) ذلك لان شركاء المصيبة لا يعزى بعضهم بعضا بخلاف شركاء النعمة فإنه يهنئ بعضهم
بعضا، ويمكن حمله على أن ليس لكم أن تعزونا في مصيبتنا بل لنا أن نعزيكم فيها لأنكم
تشاركوننا فيها والتعزية أي الحمل على الصبر ينبغي أن يقع من الشريك الذي هو أصبر بالنسبة
إلى الذي هو أقل صبرا. (مراد)
(2) أي النتن بعد ذهاب الروح.
(3) الحميم: القريب، والسلوة التسلي اسم من سلوت عنه سلوا من باب قعد، قال
أبو زيد: السلو طيب نفس الألف عن الفه. (المصباح)
(4) المراد بها الحنطة والشعير وأمثالهما.
(5) الوجد - بفتح الواو - هنا: الحزن.
187

569 - وقال ابن أبي ليلى (1) للصادق عليه السلام: " أي شئ أحلى مما خلق الله عز
وجل فقال: الولد الشاب، فقال: أي شئ أمر مما خلق الله عز وجل؟ قال: فقده،
فقال: أشهد أنكم حجج الله على خلقه ".
570 - وقال عليه السلام: " ما من عبد يمسح يده على رأس يتيم ترحما له إلا أعطاه
الله عز وجل بكل شعرة نورا يوم القيامة ".
571 - وروي " أنه يكتب الله عز وجل له بعدد كل شعرة مرت عليها يده
حسنة ".
572 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أنكر منكم قساوة قلبه فليدن يتيما
فيلاطفه وليمسح رأسه يلين قلبه بإذن الله عز وجل فإن لليتيم حقا ".
وروي أنه قال: " يقعده على خوانه ويمسح رأسه يلين قلبه ".
573 - وقال الصادق عليه السلام: " إذا بكى اليتيم اهتز له العرش، فيقول الله تبارك
وتعالى: من هذا الذي أبكى عبدي الذي سلبته أبويه في صغره؟ فوعزتي وجلالي
وارتفاعي في مكاني لا يسكته عبد مؤمن إلا أوجبت له الجنة ".
574 - وقال الصادق عليه السلام: " من قدم أولادا يحتسبهم عند الله (2) حجبوه من
النار بإذن الله عز وجل ".
575 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن الله تبارك وتعالى كره لي ست خصال و
كرهتهن للأوصياء من ولدي وأتباعهم من بعدي: العبث في الصلاة (3) والرفث في

(1) هو قاض من قضاة العامة.
(2) في الصحاح: واحتسبت بكذا أجرا عند الله والاسم الحسبة - بالكسر - وهي
الاجر، واحتسب فلان ابنا له أو بنتا، إذا ما مات وهو كبير فان مات صغيرا قيل افترطه. انتهى
ولعل معنى الاحتساب هنا موت الولد مطلقا.
(3) " العبث في الصلاة " لعل المراد ما يؤتى به في الصلاة من غير أفعالها مما لا يبطلها
ولا يتعلق به غرض يعتد به، والرفث: الجماع والفحش من القول، والعل المراد مقدمات
الجماع مثل التقبيل وغيره.
188

الصوم، والمن بعد الصدقة، وإتيان المساجد جنبا، والتطلع في الدور، والضحك
بين القبور ".
576 - وقال الصادق عليه السلام: " كلما جعل على القبر من غير تراب القبر فهو ثقل
على الميت ".
577 - وروي أن السندي بن شاهك قال لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام:
" أحب أن تدعني على أن أكفنك، فقال: إنا أهل بيت حج صرورتنا (1) ومهور نسائنا
وأكفاننا من طهور أموالنا ".
578 - وقال الصادق عليه السلام: " إن أعداءنا يموتون بالطاعون وأنتم تموتون بعلة
البطون، ألا إنها علامة فيكم يا معشر الشيعة ".
579 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " من جدد قبرا أو مثل مثالا فقد خرج من
الاسلام ".
واختلف مشائخنا في معنى هذا الخبر فقال محمد بن الحسن الصفار رحمه الله:
هو جدد بالجيم لا غير، وكان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه
يحكي عنه (2) أنه قال: لا يجوز تجديد القبر ولا تطيين جميعه بعد مرور الأيام عليه و
بعد ما طين في الأول ولكن إذا مات ميت وطين قبره فجائز أن يرم سائر القبور
من غير أن يجدد.
وذكر (3) عن سعد بن عبد الله رحمه الله أنه كان يقول: إنما هو من حدد
قبرا بالحاء غير المعجمة يعني به من سنم قبرا.
وذكر (4) عن أحمد بن أبي عبدا لله البرقي أنه قال: إنما هو من جدث قبرا، و
تفسير الجدث (5) القبر فلا ند ري ما عنى به، والذي أذهب إليه أنه جدد بالجيم

(1) المراد بحج الصرورة حجة الاسلام.
(2) يعني عن الصفار - رحمه الله -.
(3) المستتر راجع إلى ابن الوليد ظاهرا.
(4) المستتر راجع إلى ابن الوليد ظاهرا.
(5) تتمة كلام ابن الوليد.
189

ومعناه نبش قبرا لان من نبش قبرا فقد جدده وأحوج إلى تجديده وقد جعله جدثا
محفورا.
وأقول: إن التجديد على المعنى الذي ذهب إليه محمد بن الحسن الصفار، و
التحديد بالحاء غير المعجمة الذي ذهب إليه سعد بن عبد الله، والذي قاله البرقي من
أنه جدث كله داخل في معنى الحديث (1)، وأن من خالف الإمام عليه السلام في التجديد
والتسنيم والنبش واستحل شيئا من ذلك فقد خرج من الاسلام (2).

(1) مراده بهذه الكلام غير معلوم فإنه ان أراد ورود الخبر بكل ما قال فليس كذلك، وان
أراد أن لاحدها معنى عاما شاملا للجميع فليثبته. ثم اعلم أن ما في المتن أقرب الجميع
و " جدث " أبعدها لأنه لم يسمع بفعل من " جدث " سوى " اجتدث " بمعنى اتخذ قبرا فلذا قال
ابن الوليد بعد نقل كلام البرقي " لا ندري ما عنى به " ولكن الشيخ قال في التهذيب ج 1 ص 130
يمكن أن يكون المعنى بهذه الرواية النهى أن يجعل القبر دفعه أخرى قبرا لانسان آخر لان
الجدث هو القبر فيجوز أن يكون الفعل مأخوذا منه - انتهى، ولكن لم يستعمل فعل من جدث
مجردا.
ثم أعلم أن الشيخ - رحمه الله - نسب قول ابن الوليد إلى الصدوق وهذا وهم منه كما عرفت
وتبعه العلامة - رحمه الله -. وقد حكى عن المفيد أنه رواه " خدد " بالخاء المعجمة والدال
مأخوذا من قوله تعالى: " قتل أصحاب الأخدود " والخد الشق. (راجع الاخبار الدخيلة ص 50).
(2) قال بعض الشراح: المعاني المذكورة ليست من ضروريات الدين حتى يخرج مستحلوها
بسبب استحلالها عن الاسلام مع أن الاستحلال ليس في الرواية والذي يدور في خلدي أن معنى الرواية
على التمثيل والاستعارة حيث شبه بدن الجاهل بالقبر، وروحه بالميت لان حياة الروح بالعلم
وترويج أفعاله وأقواله فقد خرج عن الدين وقوله عليه السلام " مثل مثالا " يعنى أبدع في الدين
بدعة كما فسره الصدوق - رحمه الله - انتهى، أقول: أخذه المؤلف مما رواه هو في كتابه معاني الأخبار
عن الصادق عليه السلام أنه قال " من مثل مثالا واقتنى كلبا فقد خرج من الاسلام
فقيل له: هلك إذا كثير من الناس فقال: ليس حيث ذهبتم، إنما عنيت بقولي " من مثل مثالا "
من نصب دينا غير دين الله ودعا الناس إليه وبقولي " من اقتنى كلبا " مبغضا لنا أهل البيت
اقتناه وأطعمه وسقاه، من فعل ذلك فقد خرج من الاسلام ".
190

والذي أقوله في قوله عليه السلام: من مثل مثالا يعني به أنه من أبدع بد ودعا
إليها، أو وضع دينا فقد خرج من الاسلام، وقولي في ذلك قول أئمتي عليهم السلام، فإن
أصبت فمن الله على ألسنتهم وإن أخطأت فمن عند نفسي.
580 - وروي عن عمار الساباطي أنه قال: " سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الميت هل
يبلى جسده؟ فقال: نعم حتى لا يبقى لحم ولا عظم إلا طينته التي خلق منها فإنها لا
تبلى، تبقى في القبر مستديرة (1) حتى يخلق منها كما خلق أول مرة ".
581 - وقال الصادق عليه السلام: " إن الله عز وجل حرم عظامنا على الأرض، و
حرم لحومنا على الدود أن تطعم منها شيئا ".
582 - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " حياتي خير لكم ومماتي خير لكم، قالوا: يا رسول
الله وكيف ذلك؟ فقال صلى الله عليه وآله: أما حياتي فإن الله عز وجل يقول: " وما كان الله
ليعذبهم وأنت فيهم " وأما مفارقتي إياكم فإن أعمالكم تعرض علي كل يوم فما كان
من حسن استزدت الله لكم، وما كان من قبيح استغفرت الله لكم، قالوا: وقد رممت
يا رسول الله يعنون صرت رميما فقال: كلا إن الله تبارك وتعالى حرم لحومنا
على الأرض أن تطعم منها شيئا " (2).
583 - وروي " أن أعمال العباد تعرض على رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى الأئمة عليهم السلام
كل يوم أبرارها وفجارها فاحذروا، وذلك قول الله عز وجل: وقل اعملوا فسيرى الله

(1) لعله مأخوذ من دار يدور دورا بمعنى منتقلة من حال إلى حال ومن شأن إلى شأن، و
الحاصل ما سوى النطفة لا يبقى إنما تبقى الطينة مستديمة مستمرة، ويؤيده ما في بعض النسخ
من لفظ " مستديمة " بدل مستديرة فالنطفة مستديمة في جميع مراتب التغيير دايرة منتقلة
من حال إلى حال مع بقائها في ذاتها حتى يخلق منها كما خلق أول مرة. (سلطان)
(2) هنا كلام وهو أن المعروض عليه هو الروح وصيرورة البدن رميما لا ينافي ذلك ولعل جوابه
صلى الله عليه وآله مبنى على رفع توهم القائل لا على توقف العرض على وجود البدن. (مراد)
191

عملكم ورسوله والمؤمنون ".
584 - وسئل الصادق عليه السلام " عن المصلوب يصيبه عذاب القبر؟ فقال: إن
رب الأرض هو رب الهواء فيوحي الله عز وجل إلى الهواء فيضغطه أشد من ضغطة
القبر ".
585 - وروى عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إن غسلت
رأس الميت ولحيته بالخطمي فلا بأس " وذكر هذا في حديث طويل يصف فيه غسل
الميت. (1)
586 - وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام: " غسل الميت مثل غسل الجنب، فإن كان كثير
الشعر فرد الماء عليه ثلاث مرات ".
587 - وقال الصادق عليه السلام: " لا بأس أن تجعل الميت بين رجليك، وأن تقوم
فوقه فتغسله إذا قلبته يمينا وشمالا تضبطه برجليك كي لا يسقط لوجهه " (2).
588 - و " إن رسول الله صلى الله عليه وآله مشى خلف جنازة رجل من الأنصار فقيل له:
ألا تركب يا رسول الله؟ فقال إني لأكره ان اركب والملائكة يمشون "
589 - وقال الصادق عليه السلام في آخر حديث يذكر فيه غسل الميت: " إياك أن
تحشو مسامعه شيئا، فان خفت أن يظهر من المنخرين شئ فلا عليك أن تصير عليه
قطنا (3)، وإن لم تخف فلا تجعل فيه شيئا " (4).
590 - وقال عليه السلام في آخر حديث طويل يصف فيه غسل الميت: " لا تخلل
أظافيره " (5).

(1) مروى بتمامه في التهذيب ج 1 ص 87 (2) هذا لا ينافي كراهة ذلك على ما صرح به الفقهاء لجواز أن يحمل نفى البأس على
نفى الحرمة وجواز تخصيصه بما إذا لم يكن هنالك من يعين الغاسل في حفظ الميت لئلا يسقط على
وجهه. (مراد)
(3) في بعض النسخ " ثمة قطعا ".
(4) رواه الكليني بتمامه في الكافي ج 3 ص 140 في حديث طويل.
(5) هذا أيضا جزء من الخبر السابق.
192

591 - وقال عليه السلام: " إذا مات لأحدكم ميت فسجوه تجاه القبلة، وكذلك إذا
غسل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة ".
592 - وقال الصادق عليه السلام: " إذا قبضت الروح فهي مظلة فوق الجسد، (1)
روح المؤمن وغيره ينظر إلى كل شئ يصنع به، فإذا كفن ووضع على السرير
وحمل على أعناق الرجال عادت الروح إليه ودخلت فيه فيمد له في بصره فينظر إلى
موضعه من الجنة أو من النار، فينادي بأعلى صوته إن كان من أهل الجنة: عجلوني
عجلوني، وإن كان من أهل النار: ردوني ردوني، وهو يعلم كل شئ يصنع به،
ويسمع الكلام ".
593 - وقال الصادق عليه السلام: " إن الأرواح في صفة الأجساد في شجرة من الجنة
تتساءل وتتعارف فإذا قدمت الروح على الأرواح تقول: دعوها فقد أفلتت من هول
عظيم (2)، ثم يسألونها ما فعل فلان؟ وما فعل فلان؟ فإن قالت لهم: تركته حيا
ارتجوه، وإن قالت لهم: قد هلك، قالوا: هوى هوى " (3).
594 - وقال الصادق عليه السلام (4): " إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى موسى بن
عمران عليه السلام أن أخرج عظام يوسف عليه السلام من مصر (5) ووعده طلوع القمر فأبطأ طلوع

(1) في بعض النسخ " مطلقة " بضم الميم واهمال الطاء المكسورة من أطل عليه كذا أي
أشرف. وفى النهاية " أظلكم " أي أقبل عليكم ودنا منكم لأنه القى عليكم ظله.
(2) أي نجت وتخلصت. وفى الصحاح أفلت الشئ وتفلت وانفلت بمعنى وأفلته غيره. وفى
بعض النسخ " أقلبت ".
(3) أي سقط إلى دركات الجحيم إذ لو كان من السعداء لكان يلحق بنا. (المرآة)
(4) أخرجه في العلل والعيون بتمامه مسندا وفيهما " احتبس القمر عن بني إسرائيل
فأوحى الله تعالى إلى موسى (ع) أن أخرج عظام يوسف (ع) من مصر ووعده طلوع القمر إذا
خرج عظامه - الحديث ".
(5) وذلك كما في بعض الكتب أن يوسف عليه السلام لما مات تنازع بنو إسرائيل وأهل
نواحي مصر في موضع قبره فكل يريد أن يدفن في محلته ليكون لهم افتخار ذلك أو بركته
فأجمع أمرهم على أن يضعوه في تابوت مرمر واستثقلوه ونبذوه في ناحية من النيل وماء النيل
جار في الأنهار وحيث يجرى ينتفع جميع الطوائف به، يتطهرون بمائه ويشربون منه وتكون البركة
لجميعهم على سواء.
193

القمر عليه (1) فسأل عمن يعلم موضعه، فقيل له: ههنا عجوز تعلم علمه، فبعث إليها
فاتي بعجوز مقعدة عمياء، فقال: تعرفين قبر يوسف عليه السلام؟ قالت: نعم، قال: فأخبريني
بموضعه، قالت: لا أفعل حتى تعطيني خصالا: تطلق رجلي، وتعيد إلي بصري، وترد
إلي شبابي، وتجعلني معك في الجنة، فكبر ذلك على موسى، فأوحى الله عز وجل
إليه: إنما تعطي علي فأعطها ما سألت، ففعل فدلته على قبر يوسف عليه السلام فاستخرجه
من شاطئ النيل في صندوق مرمر، فلما أخرجه طلع القمر فحمله إلى الشام.
فلذلك يحمل أهل الكتاب موتاهم إلى الشام " (2).
وهو يوسف بن يعقوب عليهما السلام، وما ذكر الله عز وجل يوسف في القرآن
غيره (3).
595 - وقال الصادق عليه السلام: " أكبر ما يكون الانسان يوم يولد، وأصغر ما يكون
يوم يموت " (4).
596 - وقال عليه السلام: " ما خلق الله عز وجل يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا
يقين فيه من الموت " (5).
597 - وقال عليه السلام: " أول من جعل له النعش (6) فاطمة بنت محمد صلوات الله
عليها ".

(1) أي علق طلوع القمر على اخراج العظام فلما أبطأ اخراج العظام لجهالة موضعها
أبطأ طلوع القمر. (سلطان)
(2) الشاطئ: الجانب، والغرض جواز نقل الجنائز إلى الأماكن المقدمة، بل استحبابه.
(3) بخلاف إسماعيل حيث قيل: ما ذكر في القرآن من إسماعيل رجلان.
(4) يعني أن الانسان يكون في يوم الولادة عزيزا العز والكبر وفى يوم يموت ذليلا
غاية الذل والصغر. ويمكن الأكبرية والأصغرية باعتبار الاستعداد للكمالات وعدمه أو باعتبار
المعصية وعدمها.
(5) أي الموت يقين لا شك فيه وهو يشبه شكا لا يقين فيه حيث تغفل عنه الناس ولا يعملون
على مقتضاه فكأنهم شاكون فيه وليس شئ في هذه الصفة مثل الموت. (مراد)
(6) يعنى أول من جعل السرير لجنازته في الاسلام.
194

أبواب الصلاة وحدودها
598 - قال الرضا عليه السلام: " الصلاة لها أربعة آلاف باب " (1).
599 - وقال الصادق عليه السلام: " الصلاة لها أربعة آلاف حد " (2).
(باب فرض الصلاة)
600 - قال زرارة بن أعين: قلت لأبي جعفر عليه السلام: " أخبرني عما فرض الله
تعالى من الصلوات؟ قال: خمس صلوات في الليل والنهار، قلت له: هل سماهن الله
وبينهن في كتابه؟ فقال: نعم قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله: " أقم الصلاة لدلوك الشمس
إلى غسق الليل " ودلوكها زوالها، ففيما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل (3) أربع
صلوات سماهن الله وبينهن ووقتهن، وغسق الليل انتصافه، ثم قال: " وقرآن الفجر

(1) يمكن أن يراد أن لها أربعة آلاف من الواجبات والمستحبات المتعلقة باللسان والجنان
والأركان بحسب الفعل والترك. (مراد)
(2) الظاهر أن المراد هنا بأربعة آلاف حد أربعة آلاف حكم وكذا المراد بالباب فان
للصلاة أحكاما كثيرة وأبوابا كثيرة يذكر فيها تلك الأحكام. وقد يقال: إن المراد بالأبواب
أبواب السماء التي ترفع منها إليها الصلاة كل من باب، أو الأبواب على التعاقب فكل صلاة تمر
على كل الأبواب، ويمكن أن يراد بأبواب الصلات مقدماتها التي تتوقف صحة الصلاة عليها من
معرفة الله تعالى وغير ذلك (سلطان) وفسر الشهيد - رحمه الله - الخبرين بواجبات الصلاة ومندوباتها
وجعل الواجبات ألفا وشيئا يسيرا زائدا عليه وصنف لها الألفية، وجعل المندوبات ثلاثة آلاف،
وألف لها النفلية بتكلفات كثيرة. والظاهر أن المراد بالأبواب والحدود المسائل المتعلقة
بها وهي تصير أربعة آلاف بلا تكلف. (م ت)
(3) دلكت الشمس دلوكا غربت أو اصفرت أو مالت، أو زالت عن كبد السماء. وغسق
الليل شدة ظلمته. (القاموس)
195

إن قرآن الفجر كان مشهودا " فهذه الخامسة. وقال في ذلك: " أقم الصلاة طرفي النهار "
وطرفاه المغرب والغداة " وزلفا من الليل " وهي صلاة العشاء الآخرة، وقال: " حافظوا
على الصلوات والصلاة الوسطى " وهي صلاة الظهر وهي أول صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وآله
وهي وسط صلاتين بالنهار (1) صلاة الغداة وصلاة العصر، وقال في بعض القراءة " حافظوا
على الصلوات والصلاة الوسطى [و] وصلاة العصر وقوموا لله قانتين " (2) في صلاة الوسطى،
وقيل: أنزلت هذه الآية يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وآله في سفر فقنت فيها وتركها على
حالها في السفر والحضر، وأضاف للمقيم ركعتين وإنما وضعت الركعتان اللتان أضافهما
النبي صلى الله عليه وآله يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الامام فمن صلى يوم الجمعة في
غير جماعة فليصلها أربعا كصلاة الظهر في سائر الأيام.
601 - وقال الصادق عليه السلام " في قول الله عز وجل: " إن الصلاة كانت على المؤمنين

(1) قال الفاضل التفرشي: فعل هذا يكون الوسطى من التوسط وقد يفسر بالفضلى من قولهم
للأفضل أوسط.
(2) في بعض النسخ " والصلاة الوسطى صلاة العصر " بدون الواو، وروى أحمد بن حنبل عن
إسحاق، عن مالك عن زيد بن أسلم عن القعقاع بن حكيم عن أبي يونس مولى عائشة قال:
أمرتني أن اكتب لها مصحفا وقالت: إذا بلغت هذه الآية " حافظوا على الصلوات والصلاة
الوسطى " فأذني، فلما بلغتها آذنتها فأملت على " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى
وصلاة العصر وقوموا لله قانتين " وهكذا رواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك، وقال
ابن جرير حدثني ابن المثنى عن الحجاج عن حماد، عن هشام بن عروة عن أبيه قال: " كان
في مصحف عائشة " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر ". وهكذا رواه
من طريق الحسن البصري أن رسول الله صلى الله عليه وآله قرأها كذلك. وقد روى الامام مالك أيضا عن
زيد بن أسلم عن عمرو بن نافع قال: كنت أكتب مصحفا لحفصة زوج النبي صلى الله عليه وآله فقالت إذا
بلغت هذه الآية فأذني " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " فلما بلغتها آذنتها، فأملت
على " حافظوا على الصلوات الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين " وهكذا رواه
محمد بن إسحاق بن يسار وزاد كما حفظتها من النبي صلى الله عليه وآله وأورد ابن جرير هذا الخبر
بطرق عديدة وكما ترى في كلها عطف صلاة العصر على الوسطى بواو العطف التي تقتضي
المغايرة، وفى قبالها أخبار أخر تقضى عدم المغايرة، روى ابن جرير باسناده عن عروة
قال: كان في مصحف عائشة " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى هي صلاة العصر " وهكذا من
طريق الحسن البصري أن رسول الله صلى الله عليه وآله قرأها كذلك. وروى أبو داود في سننه مسندا عن علي
عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال في يوم الخندق: " حبسونا عن الصلاة
الوسطى صلاة العصر، ملاء الله بيوتهم وقبورهم نارا ".
ورواه مسلم في صحيحه من طريق محمد بن طلحة ولفظه " شغلونا عن الصلاة الوسطى
صلاة العصر - الحديث ". وفى سنن النسائي " شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت
الشمس ".
وفى تفسير الكشاف: في قراءة ابن عباس وعائشة مع الواو وفى قراءة حفصة بدون
الواو. وفى الكافي ج 3 ص 271 أيضا هكذا " وفى بعض القراءة " حافظوا على الصلوات
والصلاة [و] الوسطى صلاة العصر - الآية ". وفى التهذيب مع العاطف.
196

كتابا موقوتا " قال: مفروضا " (1).
602 - وقال عليه السلام " إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما أسري به أمره ربه بخمسين
صلاة، فمر على النبيين نبي نبي لا يسألونه عن شئ حتى انتهى إلى موسى بن عمران
عليه السلام، فقال: بأي شئ أمرك ربك؟ فقال: بخمسين صلاة، فقال: اسأل ربك
التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك، فسأل ربه فحط عنه عشرا، ثم مر بالنبيين
نبي نبي لا يسألونه عن شئ، حتى مر بموسى بن عمران عليه السلام فقال: بأي شئ أمرك
ربك؟ فقال بأربعين صلاة، فقال: اسأل ربك التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك،
فسأل ربه فحط عنه عشرا، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شئ حتى مر
بموسى [بن عمران] عليه السلام فقال: بأي شئ أمرك ربك؟ فقال: بثلاثين صلاة، فقال:
اسأل ربك التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك، فسأل ربه عز وجل فحط عنه عشرا
ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألون عن شئ حتى مر بموسى بن عمران عليه السلام فقال:
بأي شئ أمرك ربك؟ فقال: بعشرين صلاة، فقال: اسأل ربك التخفيف فإن أمتك

(1) المفروض تفسير الموقوف على ما يجيئ في حديث زرارة والفضل وان أمكن هنا كونه
تفسيرا للكتاب فان " كتب " جاء بمعنى " فرض " في قوله تعالى " كتب عليكم الصيام ". (مراد)
197

لا تطيق ذلك، فسأل ربه فحط عنه عشرا، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن
شئ حتى مر بموسى بن عمران عليه السلام فقال: بأي شئ أمرك ربك؟ فقال: بعشر
صلوات، فقال: اسأل ربك التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك فإني جئت إلى بني
إسرائيل بما افترض الله عز وجل عليهم فلم يأخذوا به ولم يقروا (1) عليه، فسأل
النبي صلى الله عليه وآله ربه عز وجل فخفف عنه فجعلها خمسا، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا
يسألونه عن شئ حتى مر بموسى عليه السلام فقال له: بأي شئ أمرك ربك؟ فقال:
بخمس صلوات، فقال: اسأل ربك التخفيف عن أمتك فإن أمتك لا تطيق ذلك،
فقال: إني لأستحي أن أعود إلى ربي، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله بخمس صلوات، وقال
رسول الله صلى الله عليه وآله: جزى الله موسى بن عمران عن أمتي خيرا، وقال الصادق عليه السلام:
جزى الله موسى [بن عمران] عنا خيرا " (2).
603 - وروي عن زيد بن علي بن الحسين عليهما السلام أنه قال: " سألت أبي سيد
العابدين عليه السلام فقلت له: يا أبة أخبرني عن جدنا رسول الله صلى الله عليه وآله لما عرج به إلى
السماء وأمره ربه عز وجل بخمسين صلاة كيف لم يسأله التخفيف عن أمته حتى قال
له موسى بن عمران عليه السلام: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك
فقال: يا بني إن رسول الله صلى الله عليه وآله لا يقترح على ربه عز وجل فلا يراجعه في شئ
يأمره به، فلما سأله موسى عليه السلام ذلك وصار شفيعا لامته إليه لم يجز له أن يرد
شفاعة أخيه موسى عليه السلام فرجع إلى ربه عز وجل فسأله التخفيف إلى أن ردها إلى
خمس صلوات، قال: فقلت له: يا أبة فلم لم يرجع إلى ربه عز وجل ولم يسأله
التخفيف من خمس صلوات وقد سأله موسى عليه السلام أن يرجع إلى ربه عز وجل و

(1) في بعض النسخ " ولم يقووا ".
(2) هذا الخبر مشهور بين العامة والخاصة. واستشكل بالنسخ قبل وقت الفعل بأنه
يلزم البداء وأجيب بأنه يمكن أن تكون الفائدة الشكر على التخفيف وسعى المكلفين فيما أمكنهم من الصلوات فان الصلاة قربان كل تقى. (م ت).
198

يسأله التخفيف؟ فقال: يا بني أراد عليه السلام أن يحصل لامته التخفيف مع أجر خمسين
صلاة لقول الله عز وجل: " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " ألا ترى أنه عليه السلام لما
هبط إلى الأرض نزل عليه جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول:
[لك] إنها خمس بخمسين (1) " ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد (2) " قال: فقلت
له: يا أبة أليس الله جل ذكره لا يوصف بمكان؟ فقال: بلى تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، قلت: فما معنى قول موسى عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله: ارجع إلى ربك؟ فقال:
معناه معنى قول إبراهيم عليه السلام " إني ذاهب إلى ربي سيهدين " ومعنى قول موسى عليه السلام
" وعجلت إليك رب لترضى " ومعنى قوله عز وجل: " ففروا إلى الله " يعني حجوا
إلى بيت الله، يا بني إن الكعبة بيت الله فمن حج بيت الله فقد قصد إلى الله، والمساجد
بيوت الله فمن سعى إليها فقد سعى إلى الله وقصد إليه، والمصلي ما دام في صلاته فهو
واقف بين يدي الله عز وجل فإن لله تبارك وتعالى بقاعا في سماواته، فمن عرج به إلى
بقعة منها فقد عرج به إليه (3) ألا تسمع الله عز وجل يقول: " تعرج الملائكة والروح

(1) يمكن أن يكون إشارة إلى مراده سبحانه في أول الأمر حيث أمر بخمسين كان
هذا أي خمس صلوات تعدل خمسين وهذا أحد توجيهات البداء وهو أن يأمر المكلف بما يوهم
خلاف المراد ثم يظهر المراد، ويحتمل أن يكون تأكيدا لما قبله من الكلام أي ما وعد من
ثواب خمسين ما يبدل فان الله لا يخلف وعده وليس بظلام للعبيد، والله أعلم. (سلطان)
(2) يعنى ما قرر الله لهم خمسين صلاة فلو بدله ولم يعطهم هذا الثواب لكان ظلما عظيما
ولذا نفى كونه ظلاما للعبيد بصيغة المبالغة لأنه أي ظلم يقع منه يكون كثيرا لا أنه نفى مبالغة
الظلم حتى يلزم منه الظلم. (م ت)
وقال الفاضل التفرشي: ربط الآية بالسابق اما باعتبار أنه لا يخلف الميعاد فيعطى
بالخمس ثواب الخمسين البتة، واما باعتبار أن مراده بفرض خمسين فرض ما ثوابه ثواب
خمسين فلم يتبدل القول.
(3) إنما يحتاج إلى هذا التصحيح الرجوع الجسماني والمعراج البدني كما هو الواقع
والا فالرجوع إلى الله تعالى بحسب القلب احتمال ظاهر. (سلطان)
199

إليه "، ويقول [الله] عز وجل في قصة عيسى بن مريم عليهما السلام: " بل رفعه الله إليه " ويقول الله
عز وجل: " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ".
وقد أخرجت هذا الحديث مسندا في كتاب المعارج (1).
والصلاة في اليوم والليلة إحدى وخمسون ركعة، منها الفريضة سبع عشرة ركعة
الظهر أربع ركعات وهي أول صلاة فرضها الله عز وجل، والعصر أربع ركعات، والمغرب
ثلاث ركعات، والعشاء الآخرة أربع ركعات، والغداة ركعتان، فهذه سبع عشرة ركعة
فريضة وما سوى ذلك سنة ونافلة، ولا تتم الفرائض إلا بها، أما نافلة الظهرين فست
عشرة ركعة، ونافلة المغرب أربع ركعات بعدها بتسليمتين، وأما الركعتان بعد العشاء
الآخرة من جلوس فإنهما تعدان بركعة، فإن أصاب الرجل حدث قبل أن يدرك
آخر الليل ويصلي الوتر يكون قد بات على الوتر (2)، وإذا أدرك آخر الليل صلى
الوتر بعد صلاة الليل.
604 وقال النبي صلى الله عليه وآله: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبيتن إلا
بوتر " (3).

(1) ذكروا للمؤلف - رحمه الله - كتابا باسم المعراج ولعله هو.
(2) " يصلى الوتر " الظاهر أنه عطف على " يدرك " والمراد أن من أصابه حدث ومانع
عن ادراك آخر الليل وصلاة الوتر فقد بات على الوتر فلا يكون خارجا عن قوله عليه
السلام: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر " وأما من أدرك آخر الليل ويقدر على الوتر فيصلى
الوتر بعد صلاة الليل، وقد نقل عن شيخنا البهائي أنه جعل الواو للحال في قوله " ويصلى
الوتر " وحمل الوتر على الوتيرة وهو بعيد كما لا يخفى. (سلطان)
(3) حمل أبو حنيفة الوتر على معناه المشهور فذهب إلى وجوب الوتر بعد العشاء
الآخرة فالمصنف - رحمه الله - أورده في هذا المقام تنبيها على أن المراد بالوتر ههنا الوتيرة
كذا قال شيخنا البهائي - رحمه الله - ويمكن حمله على تأكد الاستحباب للوتر في مقامه
المقرر. (سلطان)
200

وصلاة الليل ثماني ركعات والشفع ركعتان [والوتر ركعة] (1) وركعتا الفجر،
فهذه إحدى وخمسون ركعة، ومن أدرك آخر الليل وصلى الوتر مع صلاة الليل
لم يعد الركعتين من جلوس بعد العشاء الآخرة شيئا، وكانت الصلاة له في اليوم و
الليلة خمسين ركعة، وإنما صارت خمسين ركعة لان ساعات الليل اثنتا عشرة ساعة
وساعات النهار اثنتا عشرة ساعة، وفيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ساعة (2)
فجعل الله عز وجل لكل ساعة ركعتين.
605 - وقال زرارة بن أعين: قال أبو جعفر عليه السلام: " كان الذي فرض الله عز وجل
على العباد عشر ركعات وفيهن القراءة وليس فيهن وهم يعني سهو فزاد رسول
الله صلى الله عليه وآله سبعا وفيهن السهو، وليس فيهن القراءة (3)، فمن شك في الأولتين أعاد

(1) ليس في أكثر النسخ هذه الجملة وكأنه سقط من النساخ أو حذفوها زعما أن الوتيرة
هي الوتر، والحق أن الوتيرة صلاة مستقلة غير نافلة العشاء ولذلك لا تسقط في السفر، بل
هي بدل عن الوتر احتياطا كما صرح بذلك كله في كتاب علل الشرايع في حديث.
(2) هذا التقسيم في كلامه - رحمه الله - مأخوذ من رواية رواها الكليني - رحمه الله -
في الكافي ج 3 ص 477 والمؤلف نفسه في العلل والخصال أيضا ويمكن أن يكون وقع موافقا
لاعتقاد السائل لأنه روى أنه كان نصرانيا وصار ذلك سببا لاسلامه وكيف كان أمره سهل ولا
مشاحة في الاصطلاح سيما في تقسيم الساعات. وقد حكى سلطان العلماء عن البيروني أنه
نقل في القانون المسعودي عن براهمة هند أن زمان ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس و
كذلك ما بين غروب الشمس وغروب الشفق خارج عن الليل والنهار بل هما بمنزلة الفصل
المشترك بينهما فلا ينافي هذا ادخال الشارع هذه الساعة في يوم الصوم.
(3) فان قيل: زيادته صلى الله عليه وآله ان كانت بغير أمر الله واذنه يكون منافيا لقوله
تعالى " وما ينطق عن الهوى " وان كانت بأمره تعالى وارادته فلا فرق بين الأولتين والأخيرتين
قلنا: نختار الشق الأخير والفرق بينهما باعتبار أن الركعتين الأولتين مأمور بهما حتما
والأخيرتين مفوضتان فوضهما إلى النبي صلى الله عليه وآله فله أن يزيدهما وأن لا يزيدهما، فلما اختار
الزيادة شرع لها أحكاما تخصها. والمراد بالسهو في هذا الحديث الشك وسيصرح به، يعنى
لا تقبل هذين الركعتين شكا بل الشك موجب لبطلانهما. وقوله " ليس فيهن قراءة " أي لا يتعين
البتة قراءة الحمد فيهن بل يتخير المصلى بين الحمد والتسبيح والتسبيح أفضل على ما يستفاد
من الاخبار. هذا، والمشهور أن المغرب أيضا لا يدخلها السهو.
201

حتى يحفظ ويكون على يقين، ومن شك في الأخيرتين عمل بالوهم.
606 - وقال زرارة والفضيل: قلنا لأبي جعفر عليه السلام: " أرأيت قول الله عز وجل
" إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا "؟ قال: يعني كتابا مفروضا "، وليس
يعني وقت فوتها إن جاز ذلك الوقت ثم صلاها لم تكن صلاة مؤداة (1) ولو كان ذلك كذلك
لهلك سليمان بن داود عليه السلام حين صلاها بغير وقتها، ولكنه متى ما ذكرها صلاها ".
قال مصنف هذا الكتاب: إن الجهال من أهل الخلاف يزعمون أن سليمان
عليه السلام اشتغل ذات يوم بعرض الخيل حتى توارت الشمس بالحجاب، ثم أمر
برد الخيل وأمر بضرب سوقها وأعناقها وقتلها، وقال: إنها شغلتني عن ذكر ربي،
وليس كما يقولون جل نبي الله سليمان عليه السلام عن مثل هذا الفعل لأنه لم يكن
للخيل ذنب فيضرب سوقها وأعناقها لأنها لم تعرض نفسها عليه ولم تشغله وإنما
عرضت عليه وهي بهائم غير مكلفة والصحيح في ذلك:
607 - ما روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " إن سليمان بن داود عليه السلام عرض
عليه ذات يوم بالعشي الخيل فاشتغل بالنظر إليها حتى توارت الشمس بالحجاب فقال
للملائكة: ردوا الشمس علي حتى أصلي صلاتي في وقتها (2) فردوها، فقام فمسح
ساقيه وعنقه، وأمر أصحابه الذين فاتتهم الصلاة معه بمثل ذلك، وكان ذلك وضوءهم
للصلاة، ثم قام فصلى فلما فرغ غابت الشمس وطلعت النجوم، ذلك قول الله عز وجل
" ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد
فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب ردوها علي فطفق

(1) العامة يقولون: الصلاة موقوتة أي موقتة ان جاز ذلك الوقت لا يصح الصلاة
في وقت غير ذلك الوقت المعين ولا يقولون بقضاء الصلاة ومستندهم تلك الآية الشريفة فلذلك
قال عليه السلام في تفسيره مفروضا ردا لمذهبهم (كذا في هامش نسخة).
(2) ظاهره ينافي ما مر في خبر زرارة والفضيل.
202

مسحا بالسوق والأعناق ".
وقد أخرجت هذا الحديث مسندا في كتاب الفوائد.
608 - وقد روي " أن الله تبارك وتعالى رد الشمس على يوشع بن نون وصي
موسى عليه السلام حتى صلى الصلاة التي فاتته في وقتها ".
609 - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " يكون في هذه الأمة كل ما كان في بني إسرائيل
حذو النعل بالنعل و [حذو] القذة بالقذة " (1).
وقال عز وجل: " سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا "
وقال عز وجل: " ولا تجد لسنتنا تحويلا "، فجرت هذه السنة في رد الشمس على
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في هذه الأمة، رد الله عليه الشمس مرتين،
مرة في أيام رسول الله صلى الله عليه وآله، ومرة بعد وفاته صلى الله عليه وآله، أما في أيامه صلى الله عليه وآله:
610 - فروي عن أسماء بنت عميس أنها قالت: " بينما رسول الله صلى الله عليه وآله نائم ذات
يوم ورأسه في حجر علي عليه السلام ففاتته العصر حتى غابت الشمس فقال: " اللهم إن
عليا كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس " قالت أسماء: فرأيتها والله
غربت ثم طلعت بعد ما غربت ولم يبق جبل ولا أرض طلعت عليه حتى قام علي عليه السلام
فتوضأ وصلى ثم غربت " (2).
وأما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله فإنه:
611 - روي عن جويرية بن مسهر أنه قال: " أقبلنا مع أمير المؤمنين علي بن -

(1) القذذ: ريش السهم والواحد القذة - بالضم - وفى القاموس القذة اذن الانسان و
الفرس.
(2) كان ذلك في وقعة بنى النضير حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وآله ست ليال
بأيامها في مسجد هناك يعرف بمسجد الفضيخ وفى ذلك المسجد في تلك الأيام اتفق رد الشمس
لأمير المؤمنين عليه السلام، وفى بعض الأخبار كان ذلك بالصهباء من أرض خيبر، فكيف كان
أخرجه جمع من الحفاظ بأسانيدهم وشدد جمع منهم النكير على من ضعفه أو غمز فيه.
203

أبي طالب عليه السلام من قتل الخوارج حتى إذا قطعنا في أرض بابل (1) حضرت صلاة العصر
فنزل أمير المؤمنين عليه السلام ونزل الناس، فقال علي عليه السلام: أيها الناس إن هذه أرض
ملعونة قد عذبت في الدهر ثلاث مرات وفي خبر آخر مرتين وهي تتوقع الثالثة
وهي إحدى المؤتفكات (2)، وهي أول أرض عبد فيها وثن، وإنه لا يحل لنبي ولا
لوصي نبي أن يصلي فيها، فمن أراد منكم أن يصلي فليصل، فمال الناس عن جنبي
الطريق يصلون وركب هو عليه السلام بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله ومضى، قال جويرية فقلت: والله
لأتبعن أمير المؤمنين عليه السلام ولأقلدنه صلاتي اليوم، فمضيت خلفه فوالله ما جزنا جسر
سوراء (3) حتى غابت الشمس فشككت، فالتفت إلي وقال: يا جويرية أشككت؟
فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، فنزل عليه السلام [عن] ناحية فتوضأ ثم قام فنطق بكلام لا أحسنه
إلا كأنه بالعبراني، ثم نادى الصلاة فنظرت الله إلى الشمس قد خرجت من بين جبلين
لها صرير (4) فصلى العصر وصليت معه، فلما فرغنا من صلاتنا عاد الليل كما كان
فالتفت إلي وقال: يا جويرية بن مسهر الله عز وجل يقول: " فسبح باسم ربك
العظيم " وإني سألت الله عز وجل باسمه العظيم فرد علي الشمس. وروي أن جويرية
لما رأى ذلك قال: [أنت] وصي نبي ورب الكعبة ".
612 - وقال سليمان بن خالد للصادق عليه السلام: " جعلت فداك أخبرني عن الفرائض
التي فرض الله عز وجل على العباد ما هي؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا
رسول الله، وإقام الصلوات الخمس، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصيام شهر رمضان
والولاية. فمن أقامهن وسدد وقارب واجتنب كل منكر (5) دخل الجنة ".

(1) اسم موضع بالعراق قرب الحلة المزيدية اليوم وبالقرب منه مسجد الشمس.
(2) مدائن قوم لوط أهلكها الله بالخسف.
(3) سورى وسوراء بلدة بأرض بابل وبها نهر يقال له: نهر سوراء. وفى القاموس
سورى موضع بالعراق من بلد السريانيين وموضع من أعمال بغداد وقد يمد.
(4) صريصر صرا وصريرا: صوت وصاح شديدا.
(5) في النهاية في الحديث " قاربوا وسددوا " أي اطلبوا بأعمالكم السداد والاستقامة
وهو القصد في الامر والعدل فيه. وفى بعض النسخ " واجتنب كل مسكر ".
204

613 - وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: " إن أفضل ما يتوسل به المتوسلون
الايمان بالله ورسوله، والجهاد في سبيل الله، وكلمة الاخلاص فإنها الفطرة، وإقام
الصلاة فإنها الملة، وإيتاء الزكاة فإنها من فرائض الله عز وجل، والصوم فإنه
جنة من عذابه، وحج البيت فإنه منفاة للفقر ومدحضة (1) للذنب، وصلة الرحم
فإنها مثراة في المال ومنسأة في الأجل (2)، وصدقة السر فإنها تطفئ الخطيئة
وتطفئ غضب الله عز وجل وصنايع المعروف فإنها تدفع ميتة السوء وتقي مصارع
الهوان (3) لا فاصدقوا فإن الله مع الصادقين، وجانبوا الكذب فإنه يجانب الايمان
ألا إن الصادق على شفا منجاة وكرامة، ألا إن الكاذب على شفا مخزاة وهلكة، ألا وقولوا
خيرا تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، وأدوا الأمانة إلى من ائتمنكم،
وصلوا أرحام، من قطعكم، وعودوا بالفضل على من حرمكم " (4).
614 - وروي عن معمر بن يحيى قال: " سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إذا
جئت بالخمس الصلوات لم تسأل عن صلاة، وإذا جئت بصوم شهر رمضان لم تسأل عن
صوم ".
615 - وروي عن عائذ الأحمسي أنه قال: " دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وأنا
أريد أن أسأله عن الصلاة فبدأني فقال: إذا لقيت الله عز وجل بالصلوات الخمس لم يسألك
عما سواهن " (5).

(1) دحضت الحجة دحضا بطلت وزالت.
(2) نسأت الشئ: أخرته. ومثراة أي مكثرة له.
(3) أي من البلاء التي لا يمكن الخلاص منها ويصير به حقيرا بين الناس وكالاتهام
بالأكاذيب وأمثالها أو الذنوب التي يهان بها عند الله وعند أوليائه. (م ت)
(4) من العائدة أي تعفوا بالمعرف والصلة والاحسان على من حرمكم، وحرمه
الشئ يحرمه حرمانا من باب ضرب ويحتمل أن يكون العود بمعنى الرجوع أو بالتشديد
من التعود أي اجعلوا عادتكم الفضل. (سلطان)
(5) أي من النوافل، وقيل مطلقا تفضلا وليس بشئ. والحديث كما رواه الشيخ
رحمة الله عليه في التهذيب عن الحسن بن موسى الحناط هكذا قال: " خرجنا أنا وجميل
ابن دراج وعائذ الأحمسي حجاجا فكان عائذ كثيرا ما يقول لنا في الطريق: أن لي إلى أبى عبد الله
عليه السلام حاجة أريد أن أسأله عنها فأقول له حتى نلقاه فلما دخلنا عليه سلمنا وجلسنا فأقبل علينا
بوجهه مبتديا فقال: " من أتى الله بما افترض عليه لم يسأله عما سوى ذلك " فغمزنا عائذا فلما قلنا ما
كانت حاجتك؟ قال: الذي سمعتم، قال: وكيف كانت هذه حاجتك؟ فقال: أنا رجل لا أطيق
القيام بالليل فخفت أن أكون مأخوذا فأهلك ".
205

616 - وروي عن مسعدة بن صدقة أنه قال: " سئل أبو عبد الله عليه السلام ما بال
الزاني لا تسميه كافرا وتارك الصلاة تسميه كافرا؟ وما الحجة في ذلك؟ فقال: لان
الزاني وما أشبهه إنما يفعل ذلك لمكان الشهوة لأنها تغلبه، وتارك الصلاة لا يتركها
إلا استخفافا بها وذلك لأنك لا تجد الزاني يأتي المرأة إلا وهو مستلذ لاتيانه إياها
قاصدا إليها، وكل من ترك الصلاة قاصدا لتركها فليس يكون قصده لتركها اللذة، فإذا
نفيت اللذة وقع الاستخفاف، وإذا وقع الاستخفاف وقع الكفر " (1).
617 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ليس مني من استخف بصلاته، ولا يرد علي
الحوض لا والله، ليس مني من شرب مسكرا لا يرد علي الحوض لا والله ".
618 - وقال الصادق عليه السلام: " إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة ".
619 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من اتقى على ثوبه في صلاته فليس لله
اكتسى " (2).

(1) يدل بظاهره على أن تارك الصلاة كافر وان لم يكن مستحلا إذ لو اعتبر الاستحلال
لا يبقى بين ترك الصلاة وفعل الزنا مع الاستحلال فرق. (سلطان)
أقول: ولعل الكفر في ترك الصلاة بمعنى غير المصطلح يعنى ما يقرب من الكفر كما في
بعض الأخبار الكفر على خمسة معان ومنها ترك ما أمر الله به.
(2) لعل المراد أنه لا يصلى حفظا لثوبه عن التنقص في الصلاة باعتبار وصوله إلى
التراب ونحو ذلك أو أنه يشتغل في صلاته بحفظ ثوبه فيمنعه ذلك الاشتغال عن اقباله على
الله (مراد) وفى بعض النسخ " من أبقى " وقال سلطان العلماء: أي ترك الزينة واللباس الفاخر
في حال الصلاة محافظة وابقاء للثياب أو ترك الصلاة ابقاء للثياب التي لبسها لخوف اندراسها
وقال: وكذلك نسخة " اتقى ". و " فليس الله اكتسى " أي بل اكتسى للكبر والرياء والسمعة.
206

620 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " فرض الله عز وجل الصلاة وسن
رسول الله صلى الله عليه وآله عشرة أوجه: صلاة السفر، وصلاة الحضر، وصلاة الخوف على ثلاثة
أوجه، وصلاة كسوف الشمس والقمر، وصلاة العيدين، وصلاة الاستسقاء، والصلاة على الميت ".
621 - وقال الصادق عليه السلام: " السجود على الأرض فريضة وعلى غير الأرض
سنة " (1).
باب فضل الصلاة
622 - قال رسول الله صلى الله عليه آله: " الصلاة ميزان فمن وفى استوفى ".
يعني بذلك أن يكون ركوعه مثل سجوده ولبثه في الأولى والثانية سواء،
ومن وفى بذلك استوفى الاجر. (2)

(1) في الذكرى: الظاهر أن المراد بالسنة هنا الجائز لا أنه أفضل. ولا يخفى بعده
بل الظاهر أن المراد بالسنة ما ثبت بالحديث، فان السجود على غير الأرض من النباتات ثبت بالحديث،
والمراد بالفريضة ما ثبت بالقرآن بناء على أن المراد بالسجود وضع الجبهة على الأرض كما
في اللغة وهو مستفاد من القرآن وبذلك استدل العلامة في المنتهى. (سلطان)
(2) كأن الصدوق - رحمه الله - حمل قوله صلى الله عليه وآله " الصلاة ميزان " على
تساوى أجزائه في الكيفيات ووجوب المراعاة كتساوي كفتي الميزان ومن وفى الله بذلك
الميزان العلم أو الاخلاص استوفى الاجر من الله تعالى، فالباء في قوله " بذلك " باء
الاستعانة والآلة وليس صلة لقوله " وفى " كما توهم بعض الفضلاء واعترض على الصدوق (ره) بأنه
قرأها بالتخفيف وحسبها من قولهم وفى بالعهد، واستغرب هذا منه، ثم لا يخفى أنه لا حاجة
في تشبيهها بالميزان اعتبار تساوى أجزائها كما تكلف الصدوق - رحمه الله - بل الظاهر أن
مراده صلى الله عليه وآله أنه كما بالميزان يكال الأشياء فبالصلاة يكال العبودية والعمل
والاخلاص، فمن وفى الله بمكيال الصلاة ما هو مقصود الله تعالى ومطلوبه من الصلاة كالاخلاص
والعبودية في سائر الأعمال كما سيجئ استوفى منه تعالى الاجر، فقوله عليه السلام: " فمن
وفى استوفى " تفريع وتفصيل لقوله ميزان. ومن طرق العامة قال سلمان: " الصلاة مكيال
فمن أوفى أوفى له، ومن طفف طفف. فقد علمتم ما قال الله في المطففين " وفى مجمع البيان
قريب من ذلك. (سلطان)
وقال الفيض - رحمه الله -: الأظهر أن يكون المراد أنها معيار لتقرب العبد إلى الله
سبحانه ومنزلته لديه واستحقاقه الأجر والثواب منه عز وجل، فمن وفى بشروطها وآدابها
وحافظ عليها كما ينبغي استوفى بذلك تمام الأجر والثواب وكمال التقرب إليه سبحانه، ومن
نقص نقص من ذلك بقدر ما نقص. أو المراد انها معيار لقبول سائر العبادات فمن وفى بها
كما ينبغي قبل سائر عباداته واستوفى أجر الجميع.
207

623 - وقال الصادق عليه السلام: " إن طاعة الله عز وجل خدمته في الأرض وليس
شئ من خدمته يعدل الصلاة، فمن ثم نادت الملائكة زكريا عليه السلام وهو قائم يصلي
في المحراب " (1).
624 - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " ما من صلاة يحضر وقتها إلا نادى ملك بين يدي
الناس: أيها الناس قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على ظهوركم فأطفئوها
بصلاتكم " (2).
625 - و " دخل رسول الله صلى الله عليه وآله المسجد وفيه ناس من أصحابه فقال: تدرون
ما قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: إن ربكم يقول: إن هذه الصلوات
الخمس المفروضات، من صلاهن لوقتهن وحافظ عليهن لقيني يوم القيامة وله عندي
عهد ادخله به الجنة، ومن لم يصلهن لوقتهن ولم حافظ عليهن فذاك إلي إن شئت
عذبته وإن شئت غفرت له " (3).
626 - وقال الصادق عليه السلام: " أول ما يحاسب به العبد [على] الصلاة فإذا قبلت
قبل [منه] سائر عمله، وإذا ردت عليه رد عليه سائر عمله ".

(1) أي لأجل فضل الصلاة وشرفها تشرف زكريا بنداء الملائكة لأنهم ينادون في
أشرف الأحوال.
(2) في بعض الأحاديث الشريفة " ان ملك الموت عليه السلام يحضر في كل يوم
خمس مرات في بيوت الناس في أوقات الصلوات الخمس وينادى على أحد من الآحاد وينادى
بهذه أيها الناس قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها ".
(3) رواه أيضا في ثواب الأعمال ص 48 مسندا.
208

627 - وقال عليه السلام: " إن العبد إذا صلى الصلاة في وقتها وحافظ عليها ارتفعت
بيضاء نقية، تقول: حفظتني حفظك الله، وإذا لم يصلها لوقتها ولم يحافظ عليها ارتفعت
سوداء مظلمة، تقول: ضيعتني ضيعك الله ".
628 - وقال الصادق عليه السلام: " أقرب ما يكون العبد إلى الله عز وجل وهو ساجد " (1).
قال الله تعالى: " واسجد واقترب ".
629 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " ما من عبد من شيعتنا يقوم إلى الصلاة إلا
اكتنفته بعدد من خالفه ملائكة يصلون خلفه ويدعون الله عز وجل له حتى يفرغ
من صلاته ".
630 - وروي عن الصادق عليه السلام: " صلاه فريضة خير من عشرين حجة، وحجة
خير من بيت مملوء ذهبا يتصدق منه حتى يفنى ".
631 - وقال عليه السلام: " إياكم والكسل فإن ربكم رحيم، يشكر القليل، إن
الرجل ليصلي الركعتين يريد بهما وجه الله تعالى فيدخله الله بهما الجنة، وإنه
ليتصدق بدرهم تطوعا يريد به وجه الله عز وجل فيدخله الله به الجنة، وإنه ليصوم
اليوم تطوعا يريد به وجه الله عز وجل فيدخله الله به الجنة ".
632 - وقال الصادق عليه السلام: " لا تجتمع الرغبة والرهبة (2) في قلب إلا وجبت
له الجنة، فإذا صليت فأقبل بقلبك على الله عز وجل، فإنه ليس من عبد مؤمن
يقبل بقلبه على الله عز وجل في صلاته ودعائه إلا أقبل الله عز وجل عليه بقلوب المؤمنين
إليه وأيده مع مودتهم إياه بالجنة " (3).
633 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء و

(1) إلى هنا رواه في الثواب ص 56، ولعل الباقي من كلام المؤلف.
(2) المراد بالرغبة الميل إلى ما عند الله من الرضوان أو الثواب، ومن الرهبة الخوف
والخشية من عظمته تعالى أو عقوبته العاصي عن أمره.
(3) كما قال سبحانه " ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ".
209

أبواب الجنان واستجيب الدعاء، فطوبى لمن رفع له عند ذلك عمل صالح ".
634 - وسأل معاوية بن وهب أبا عبد الله عليه السلام عن أفضل ما يتقرب به العباد
إلى ربهم وأحب ذلك إلى الله عز وجل ما هو؟ فقال: ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل
من هذه الصلاة (1) ألا ترى أن العبد الصالح عيسى بن مريم عليه السلام قال: " وأوصاني
بالصلاة " (2).
635 - وأتى رجل رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: " ادع الله أن يدخلني الجنة،
فقال له: أعني بكثرة السجود ".
636 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " للمصلي ثلاث خصال
إذا هو قام في صلاته: حفت به الملائكة من قدميه إلى أعنان السماء (3)، ويتناثر
البر عليه من أعنان السماء إلى مفرق رأسه، وملك موكل به ينادي: لو يعلم المصلي
من يناجي ما انفتل " (4).
637 - وقال أبو الحسن الرضا عليه السلام: " الصلاة قربان كل تقي " (5).
638 - وقال الصادق عليه السلام: " أحب الأعمال إلى اله عز وجل الصلاة، وهي آخر
وصايا الأنبياء عليهم السلام، فما أحسن من الرجل أن يغتسل أو يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم
يتنحى حيث لا يراه أنيس (6) فيشرف الله عز وجل عليه وهو راكع أو ساجد، إن العبد

(1) أي لا أعلم شيئا من بعد المعرفة ذا فضيلة مثل فضيلة حاصلة من هذه الصلاة ويلزم
منه ضرورة أفضيلة الصلاة.
(2) فذكر عليه السلام أولا من بين الأعمال المأمور بها الصلاة لكونها أفضلها.
(3) في الصحاح أعنان السماء صفايحها وما اعترض من أقطارها.
(4) الانفتال: الانصراف. وفتله أي صرفه.
(5) أي بها يتقرب إلى الله عز وجل.
(6) أي يأخذ ناحية أي جانبا حيث لا يراه أحد. يدل على استحباب الاسباغ والمشهور
أن الاسباغ غسل كل عضو مرتين والأحوط الصب مرتين والغسل مرة وملاحظة وصول الماء إلى
أعضائه بل مع الدعوات والإشارات التي تقدم بعضها. (م ت)
210

إذا سجد فأطال السجود نادى إبليس: يا ويلاه أطاعوه وعصيت، وسجدوا وأبيت " (1).
639 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " مثل الصلاة مثل عمود الفسطاط إذا ثبت
العمود ثبتت الاطناب والأوتاد والغشاء، وإذا انكسر العمود لم ينفع وتد ولا طنب
ولا غشاء ".
640 - وقال عليه السلام: " إنما مثل الصلاة فيكم كمثل السري وهو النهر على
باب أحدكم يخرج إليه في اليوم والليلة يغتسل منه خمس مرات، فلم يبق الدرن مع الغسل
خمس مرات، ولم تبق الذنوب مع الصلاة خمس مرات ".
641 - وقال الصادق عليه السلام: " من قبل الله منه صلاة واحدة لم يعذبه، ومن قبل
الله له حسنة لم يعذبه ".
642 - وقال عليه السلام: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من حبس نفسه على صلاة
فريضة ينتظر وقتها فصلاها في أول وقتها فأتم ركوعها وسجودها وخشوعها ثم مجد
الله عز وجل وعظمه وحمده حتى يدخل وقت صلاة أخرى لم يلغ بينهما (2) كتب الله
له كأجر الحاج [و] المعتمر، وكان من أهل عليين ".
وقد أخرجت هذه الأخبار مسندة مع ما رويت في معناها في كتاب فضائل الصلاة.
باب
* (علة وجوب خمس صلوات في خمس مواقيت) *
643 - روي عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام أنه قال: " جاء نفر من
اليهود إلى النبي صلى الله عليه وآله فسأله أعلمهم عن مسائل فكان مما سأله أنه قال: أخبرني

(1) قوله " وسجدوا وأبيت " لعل المعنى وأمروا بالسجود فسجدوا وأمرت بالسجود
فأبيت من السجود المأمور به، فالفرق بينه وبين ما مر أن الأول تأسف على أصل الطاعة والثاني
عليها في خصوص السجدة والا فسجدة الناس للرب تعالى ولم يأب عنها وإنما أبى عن سجدة آدم
عليه السلام، فلا مجال للمتأسف على أنهم سجدوا لله وأبيت عن سجدة آدم. (مراد)
(2) " لم يلغ " من اللغو كأنه عليه السلام أراد أنه لم يتكلم بكلام ليس فيه فائدة
معتبرة في الشرع. (مراد)
211

عن الله عز وجل لأي شئ فرض الله عز وجل هذه الخمس الصلوات في خمس مواقيت
على أمتك في ساعات الليل والنهار؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: إن الشمس عند الزوال
لها حلقة تدخل فيها (1) فإذا دخلت فيها زالت الشمس فيسبح كل شئ دون العرش
بحمد ربي جل جلاله، وهي الساعة (2) التي يصلي علي فيها ربي جل جلاله ففرض
الله علي وعلى أمتي فيها الصلاة، وقال: " أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل " (3)
وهي الساعة التي يؤتى فيها بجهنم يوم القيامة، فما من مؤمن يوافق تلك الساعة أن
يكون ساجدا أو راكعا أو قائما إلا حرم الله جسده على النار، وأما صلاة العصر
فهي الساعة التي أكل آدم عليه السلام فيها من الشجرة فأخرجه الله عز وجل من الجنة فأمر الله
عز وجل ذريته بهذه الصلاة إلى يوم القيامة واختارها لامتي فهي من أحب الصلوات

(1) الظاهر أن المراد بتلك الحلقة دائرة نصف النهار، ولا ريب أنها مختلفة بالنسبة
إلى البقاع والبلاد ويختلف أوقات صلاة أهلا، فالمراد بقوله: " يسبح كل شئ " تسبيح أهل
كل بقعة في وقت بلوغ الشمس إلى نصف نهارها، وأما صلاة الله تعالى على النبي صلى الله عليه
وآله في تلك الساعة فإنما يعتبر إلى نصف نهار بلده أو يلتزم تكرارها بتكرار نصف النهار،
وأما ايتان جهنم في تلك الساعة فالمراد بلوغ نصف نهار الحشر فتأمل. (سلطان)
وقال الفاضل التفرشي: فان قلت: السؤال ليس مختصا بالنبي صلى الله عليه وآله ولا
باله الحرمين بل عام بالنسبة إلى جميع الأمة وظاهر أن الزوال مختلف بالنسبة إلى البقاع
التي تختلف طولها فلا يختص الزوال بوقت معين كما يستفاد من ظاهر العبادة. قلنا: يمكن
الحمل على أنها تدخل في الحلقة في نصف النهار من أول المعمورة وتخرج عنها في آخرها
فكل جزء من ذلك الوقت زوال بالنسبة إلى أهل بقعة تصل الشمس إلى نصف نهارها، فأهل
كل بقعة كانوا في ساعتهم راكعين وساجدين حرم الله عز وجل جسدهم على النار، ولا يبعد
أن يراد بالحلقة مجرى الشمس في الفلك كمجرى الحوت في الماء - ا ه‍. ولفظ " دون " في قوله
صلى الله عليه وآله " دون العرش " بمعنى تحت.
(2) الضمير تعود إلى ما دل عليه سوق الكلام أعني الوقت الذي أوله الزوال. (مفتاح الفلاح)
(3) دلوك الشمس زوالها. وقيل كأنهم إنما سموه بذلك لأنهم كانوا إذا نظروا إليها ليعرفوا
انتصاف النهار يدلكون عيونهم بأيديهم فالإضافة لأدنى ملابسة. و " غسق الليل " منتصفه
كما تقدم في رواية زرارة، لا ظلمة أوله كما قال بعض اللغويين
212

إلى الله عز وجل وأوصاني أن أحفظها من بين الصلوات، وأما صلاة المغرب فهي الساعة
التي تاب الله عز وجل فيها على آدم عليه السلام، وكان بين ما أكل من الشجرة وبين ما
تاب الله عز وجل عليه ثلاثمائة سنة من أيام الدنيا وفي أيام الآخرة يوم كألف سنة
ما بين العصر إلى العشاء (1) وصلى آدم عليه السلام ثلاث ركعات ركعة لخطيئته، وركعة
لخطيئة حواء وركعة لتوبته (2)، ففرض الله عز وجل هذه الثلاث ركعات على أمتي
وهي الساعة التي يستجاب فيها الدعاء فوعدني ربي عز وجل أن يستجيب لمن
دعاه فيها، وهي الصلاة التي أمرني ربي بها في قوله تبارك وتعالى " فسبحان الله حين
تمسون وحين تصبحون "، وأما صلاة العشاء الآخرة فإن للقبر ظلمة وليوم القيامة
ظلمة أمرني ربي عز وجل أمتي بهذه الصلاة لتنور القبر وليعطيني وأمتي النور
على الصراط، وما من قدم مشت إلى الصلاة العتمة إلا حرم الله عز وجل جسدها على
النار، وهي الصلاة التي اختارها الله تعالى وتقدس ذكره للمرسلين قبلي، وأما
صلاة الفجر فإن الشمس إذا طلعت تطلع على قرني الشيطان (3) فأمرني ربي عز
وجل أن أصلي قبل طلوع الشمس صلاة الغداة وقبل أن يسجد لها الكافر لتسجد أمتي
لله عز وجل وسرعتها أحب إلى الله عز وجل، وهي الصلاة التي تشهدها ملائكة الليل

(1) الظاهر أن المراد بالعشاء هو المغرب، وقوله " ما بين العصر إلى العشاء " بيان
لقوله " بين ما أكل من الشجرة وبين ما تاب ". وقوله " في أيام الآخرة يوم كالف سنة "
جملة معترضة فائدتها توضيح أن المراد من ثلاثمائة سنة من أيام الدنيا لا أيام الآخرة فان
يوم الآخرة كألف سنة من أيام الدنيا ولهذا كانت ما بين عصره إلى المغرب الذي هو قريب
إلى ثلث اليوم ثلاثمائة سنة التي هي قريب من ثلث الألف. (سلطان)
(2) " لخطيئته " أي لجبرانها. وقوله " لتوبته " أي شكرا لقبولها. (مراد)
(3) في النهاية في الحديث " الشمس تطلع بين قرني الشيطان " أي ناحيتي رأسه و
جانبيه، وقيل: بين قرنيه أي أمتيه الأولين والآخرين وقيل: القرن: القوة أي
حين تطلع يتحرك الشيطان ويتسلط فيكون كالمعين لها. وكل هذا تمثيل لمن يسجد
للشمس عند طلوعها، فكأن الشيطان سول له ذلك فإذا سجد لها كان كأن الشيطان مقترن
بها. انتهى. وفى بعض النسخ " تطلع بين قرن شيطان " وفى بعضها " تطلع بين قرني شيطان ".
213

وملائكة النهار ".
وعلة أخرى لذلك وهي:
644 - ما رواه الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " لما أهبط
آدم من الجنة ظهرت به شامة سوداء في وجهه من قرنه إلى قدمه (1) فطال حزنه
وبكاؤه على ما ظهر به، فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال له: ما يبكيك يا آدم؟ فقال: من هذه
الشامة التي ظهرت بي، قال: قم يا آدم فصل فهذا وقت الصلاة الأولى (2)، فقام فصلى،
فانحطت الشامة إلى عنقه (3)، فجاءه في الصلاة الثانية فقال: قم فصل يا آدم فهذا وقت
الصلاة الثانية، فقام فصلى فانحطت الشامة إلى سرته، فجاءه في الصلاة الثالثة فقال:
يا آدم قم فصل فهذا وقت الصلاة الثالثة، فقام فصلى فانحطت الشامة إلى ركبتيه، فجاءه
في الصلاة الرابعة فقال: يا آدم قم فصل فهذا وقت الصلاة الرابعة، فقام فصلى فانحطت
الشامة إلى قدميه، فجاءه في الصلاة الخامسة فقال: يا آدم قم فصل فهذا وقت الصلاة
الخامسة، فقام فصلى فخرج منها فحمد الله وأثنى عليه، فقال جبرئيل عليه السلام: يا آدم
مثل ولدك في هذه الصلوات كمثلك في هذه الشامة، من صلى من ولدك في كل يوم
وليلة خمس صلوات خرج من ذنوبه كما خرجت من هذه الشامة ".
علة أخرى لوجوب الصلاة:
645 - كتب الرضا علي بن موسى عليهما السلام إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب
مسائله: " إن علة الصلاة أنها إقرار بالربوبية لله عز وجل، وخلع الأنداد، وقيام
بين يدي الجبار جل جلاله بالذل والمسكنة والخضوع والاعتراف، والطلب للإقالة
من سالف الذنوب، ووضع الوجه على الأرض كل يوم إعظاما لله جل جلاله وأن

(1) في بعض النسخ " شامة سوداء من وجهه إلى قرنه فطال " وفى بعض النسخ " وطال ".
والشامة علامة تخالف لون البدن، وأثر أسود في البدن.
(2) لعل المراد بها صلاة الظهر إذ في عدة أحاديث أنها أول صلاة فرضت.
(3) المراد بالانحطاط على نسخة " إلى قرنه " الانتقال. وعلى نسخة " إلى قدمه " الزوال فتأمل. (سلطان)
214

يكون ذاكرا غير ناس ولا بطر (1)، ويكون خاشعا متذللا راغبا طالبا للزيادة في الدين
والدنيا مع ما فيه من الايجاب والمداومة على ذكر الله عز وجل بالليل والنهار،
لئلا ينسى العبد سيده ومدبره وخالقه فيبطر ويطغى ويكون ذلك في ذكره لربه
جل وعز وقيامه بين يديه زاجرا له عن المعاصي ومانعا له من أنواع الفساد " (2).
وقد أخرجت هذه العلل مسندة في كتاب علل الشرائع والأحكام والأسباب.
باب
* (مواقيت الصلاة) *
646 - سأل مالك الجهني أبا عبد الله عليه السلام " عن وقت الظهر فقال: " إذا زالت
الشمس فقد دخل وقت الصلاتين، فإذا فرغت من سبحتك (3) فصل الظهر متى [ما]
بدا لك " (4).

(1) البطر: الطغيان بالنعمة، وكراهة الشئ من غير أن يستحق الكراهية، وهنا
على صيغة الفاعل بفتح الموحدة وكسر المهملة: المترف بالنعمة والطاغي.
(2) الظاهر أن ما في هذا الخبر علة وجوب الصلاة في كل يوم وما سبق علة تكرارها في
أوقات اليوم، فلا تكرار.
(3) السبحة - بالضم -: النافلة والتطوع من الصلاة والذكر.
(4) قوله عليه السلام " متى بدا لك يشمل آخر الوقت والحديثان الاتيان أيضا يدلان
على اشتراكهما في تمام الوقت والأول منهما حسن والاخر صحيح لان طريق المصنف إلى
زرارة صحيح لكن في طريق حديث الجهني عمرو بن أبي المقدام وفيه كلام، ويتفرع عليها
أن من صلى العصر في أول الزوال ناسيا صحت صلاته وكذا إذا بقي من آخر الوقت مقدار
أربع ركعات وجب الاتيان بالظهر لاشتراكهما في ذلك الوقت وتقدم الظهر على العصر،
بعكس قول من ذهب إلى أن أول الزوال بمقدار أربع ركعات مختص بالظهر ومقدار من آخر
الوقت مختص بالعصر. (مراد)
215

647 - وسأله عبيد بن زرارة " عن وقت الظهر والعصر، فقال: إذا زالت الشمس
دخل وقت الظهر والعصر جميعا إلا أن هذه قبل هذه، ثم أنت في وقت منهما جميعا
حتى تغيب الشمس " (1).
648 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " إذا زالت الشمس
دخل الوقتان الظهر والعصر، فإذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء
الآخرة ".
649 - وروى الفضيل بن يسار، وزرارة بن أعين، وبكير بن أعين، ومحمد بن مسلم
وبريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا: وقت الظهر بعد
الزوال قدمان ووقت العصر بعد ذلك قدمان " (2).

(1) ظاهر هذه الأخبار يدل على اشتراك الوقت من أول الزوال إلى آخره للفرضين
ويعارضها ما رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 140 باسناده عن داود بن فرقد عن بعض
أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى
يمضى مقدار ما يصلى المصلى أربع ركعات - الخبر " وقيل: " هذه الرواية وان كانت
مرسلة الا أنها معمول بها مضافا إلى أنها بحسب السند صحيح إلى الحسن بن علي بن فضال
وبنو فضال ممن أمرنا بأخذ رواياتهم فلا اشكال من حيث السند " أقول: روى في كتاب
الاحتجاج عن الإمام العسكري عليه السلام أنه قال: " خذوا ما رووا وذروا ما رأوا " ومع
قطع النظر عن ارساله ليس فيه دلالة على مأمورية الاخذ بكل ما روى بنو فضال لأن الظاهر
أن الراوي زعم عدم جواز العمل بكتب الفطحية فرد عليه السلام زعمه بأن بطلان عقيدتهم
لا يمنع الاخذ برواياتهم. وهذا لا يدل على كون جميع رواياتهم حقا موافقا للواقع فلا ينافي
وجوب مراعاة سائر شرائط حجية الخبر. كما قاله استاذنا الشعراني - مد ظله -.
واما شرطية الترتيب في خبر عبيد فيقتضى اختصاص مقدار أربع ركعات من أول الوقت
بالظهر ومن آخره بالعصر وذلك وإن كان ظاهره ينافي لفظ " جميعا " لان فائدته صلوح
الوقت لكلا الفرضين لكن الجمود على ظاهر ألفاظ الاخبار مع جواز النقل بالمعنى غير سديد.
(2) " بعد ذلك قدمان " أي بعد وقت الظهر بقدمين وهو وقت نافلتها كما أن قوله
في الظهر " بعد الزوال قدمان " أريد وقت نافلة الظهر. والمراد بالقدم هو سبع الشاخص
ذي الظل أي وقت الظهر بعد زوال الشمس حين يصير الفئ الزائد على الظل الباقي قدمين
وحمل الشيخ - رحمه الله - ذلك على وقته بالنسبة إلى من يصلى النافلة. (مراد)
216

650 - وقال الصادق عليه السلام: " أول الوقت زوال الشمس وهو وقت الله الأول
وهو أفضلهما " (1).
651 - وقال عليه السلام: " أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله، والعفو لا يكون
إلا من ذنب " (2).
652 - وقال عليه السلام: " لفضل الوقت الأول على الأخير خير للمؤمن من ولده
وماله " (3).
653 - وسأل زرارة أبا جعفر الباقر عليه السلام " عن وقت الظهر فقال: ذراع من زوال
الشمس، ووقت العصر ذراعان من وقت الظهر (4) فذاك أربعة أقدام من زوال الشمس
ثم قال: إن حائط مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله كان قامة (5) وكان إذا مضى منه ذراع صلى
الظهر، وإذا مضى منه ذراعان صلى العصر (6) ثم قال: أتدري لم جعل الذراع والذراعان
قلت: لم جعل ذلك؟ قال: لمكان النافلة، لك أن تتنفل (7) من زوال الشمس إلى أن

(1) أي أول الوقت أفضل الوقتين الأول والاخر فيكون من قبيل زيد أفضل الناس
لا من قبيل يوسف أحسن أخوته (مراد) وقال المولى المجلسي - رحمه الله -: أفضل الوقتين
في هذه الأخبار محمول على من لم يصل النوافل، وقيل: المراد بها ما بعد وقت النافلة.
(2) فالذي أخره إلى آخر الوقت كأنه أذنب فلم يؤاخذ عليه للعفو (مراد) وذهبوا
إلى عدم جواز التأخير عن وقت الفضيلة وحمل على الكراهة المغلظة جمعا بين الاخبار (م. ت)
(3) " لفضل " بفتح اللام على تقدير القسم ضمن الفضل معنى الاختيار أي لاختيار
الوقت الأول على الأخير وله الفضل " خير " أي ينبغي أن يكون أهم منها عند المؤمن. (مراد)
(4) أي من أوله وهو الزوال لأنه أول وقته بالنسبة إلى من لا يصلى نافلته. وفى
التهذيب " ذراع من وقت الظهر " أي وقته بالنسبة إلى المتنفل وهو ما بعد الذراع. (مراد)
وقال المولى المجلسي: أي من أول وقتها مع النافلة. والذراع الأول كان بعد ذراع النافلة،
وكل ذراع قدمان غالبا.
(5) أريد بالقامة قامة الانسان. كما في الوافي.
(6) في التهذيب " فكان إذا مضى من فيئه ذارع صلى الظهر، فإذا مضى من فيئه ذراعان
صلى العصر ".
(7) في التهذيب " لمكان الفريضة فان لك أن تتنفل - ".
217

يمضي ذراع فإذا بلغ فيئك ذراعا بدأت بالفريضة (1) وتركت النافلة (2)، وإذا بلغ فيئك
ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة ".
654 - وقال أبو جعفر عليه السلام لأبي بصير: " ما خدعوك فيه من شئ فلا يخدعونك
في العصر (3) صلها والشمس بيضاء نقية، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: الموتور أهله وماله من
ضيع صلاة العصر، قيل: وما الموتور أهله وماله؟ قال: لا يكون له أهل ولا مال في
الجنة، قيل: وما تضييعها؟ قال: يدعها والله حتى تصفر أو تغيب الشمس " (4).
655 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " وقت المغرب إذا غاب القرص ".
656 - وقال سماعة بن مهران: قلت لأبي عبد الله عليه السلام في المغرب: " إنا ربما
صلينا ونحن نخاف أن تكون الشمس خلف الجبل [أ] وقد سترنا منها الجبل، فقال
لي: ليس عليك صعود الجبل " (5).

(1) في التهذيب " إلى أن يمضى الفئ ذراعا، فإذا بلغ فيئك ذراعا من الزوال بدأت
بالفريضة ".
(2) من هنا إلى آخر الحديث ليس في التهذيب.
(3) " ما خدعوك " " ما " شرطية والجزاء محذوف تقديره ان خدعوك في شئ لم
يكن عليك في الانخداع فيه غضاضة مثل الانخداع في العصر فكن على بصيرة لئلا تنخدع
فيه، فقوله عليه السلام: " فلا يخدعونك " خبر في قوة النهى، وفى بعض النسخ " فلا يخدعوك "
على صيغة النهى وعلى التقديرين المطلوب منه الحذر عن الانخداع في العصر إذ لا معنى
لطلب ترك الخدعة التي هي فعل الغير منه. (مراد)
(4) الترديد اما من الراوي ويحتمل كونه من المعصوم فيكون للاشعار بأنه لا فرق بين
اصفرارها وغيبوبتها في التضييع. (م ت)
(5) ظاهر الخبر أن وقتها غيبوبة القرص خلف الجبل ولم يقل به أحد فان من يقول
بغيبوبة القرص يقول بغيبوبتها في الأرض التي لا حائل لها فان كثيرا ما يسترها الجبل وشعاع
الشمس على الأرض والجبال فحمله على التقية أولى، أو يحمل على أنه عليه السلام قال: ليس
عليك صعود الجبل ورؤيتك غيبوبة القرص وهو لا يدل على دخول الوقت بل ربما كان بدون
الصعود إلى الجبل يمكنك ملاحظة غيبوبتها ودخول الوقت بذهاب الحمرة فلا يحتاج إلى الصعود
هذا وفى كثير من الاخبار ما يشعر بأن أخبار ذهاب القرص محمولة على التقية. (م ت)
218

ووقت المغرب لمن كان في طلب المنزل في سفر إلى ربع الليل (1)، والمفيض من
عرفات إلى جمع كذلك (2).
657 - وروى بكر بن محمد عن أبي عبد الله عليه السلام أنه " سأله سائل عن وقت
المغرب فقال: إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه لإبراهيم عليه السلام: " فلما جن عليه
الليل رأى كوكبا قال هذا ربي " فهذا أول الوقت، وآخر ذلك غيبوبة الشفق.
فأول وقت العشاء الآخرة ذهاب الحمرة (3) وآخر وقتها إلى غسق الليل يعني نصف
الليل " (4).
658 - وفي رواية معاوية بن عمار: " وقت العشاء الآخرة إلى ثلث
الليل " (5). وكأن الثلث هو الأوسط
(6)، والنصف هو آخر الوقت.
659 - وروي " فيمن نام عن العشاء الآخرة إلى نصف الليل أنه يقضي، ويصبح

(1) كما في رواية عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام في الكافي ج 3 ص 281.
(2) الجمع هو المشعر الحرام المسمى بمزدلفة. وقوله " لمن كان في طلب المنزل "
لعله على سبيل التمثيل أي لمن كان له مانع من الاتيان بها في أول الوقت. (مراد)
(3) " فلما جن " أي ستره بظلامه والمطلوب من الاستشهاد أن وقت المغرب دخول
الليل وعلامته رؤية الكوكب حيث رتبها الله تعالى على دخول الليل (مراد) وذهاب الحمرة
المشرقية علامة غيبوبة القرص في أفق المغرب. (م ح ق)
(4) قوله عليه السلام " فأول وقت العشاء الآخرة " بناء التفريع على أنه لا يشك في
اتصال وقت العشاء بوقت المغرب فإذا كان آخر وقته غيبوبة الشفق وهو ذهاب الحمرة كان ذلك أول وقت العشاء، فغيبوبة الشفق فصل مشترك بين الوقتين (مراد) أقول: يشبه أن يكون
من قوله " فأول وقت العشاء " قول المصنف لكن رواه الشيخ في التهذيبين إلى آخره في
خبر وليس فيهما كلمة " يعنى ". وفى بعض النسخ " وأول ".
(5) قال في الذكرى: هذه محمولة على وقت الاشتباه أو الضرورة أو على حدها حتى
يظهر النجوم فيكون فراغه عنها عند ذلك كما قاله الشيخ. (سلطان)
(6) من كلام الصدوق - رحمه الله - ولعل المراد بالأوسط الأفضل.
219

صائما عقوبة " (1). وإنما وجب ذلك عليه لنومه عنها إلى نصف الليل.
660 - وروى محمد بن يحيى الخثعمي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " كان
رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي المغرب ويصلي معه حي من الأنصار يقال لهم: بنو سلمة،
منازلهم على نصف ميل فيصلون معه، ثم ينصرفون إلى منازلهم وهم يرون مواضع
سهامهم " (2).
661 - وقال الصادق عليه السلام: " ملعون ملعون من أخر المغرب طلبا لفضلها،
وقيل له: إن أهل العراق يؤخرون المغرب حتى تشتبك النجوم، فقال: هذا من
عمل عدو الله أبي الخطاب " (3).
662 - وقال أبو أسامة زيد الشحام: " صعدت مرة جبل أبي قبيس والناس
يصلون المغرب فرأيت الشمس لم تغب، إنما توارت خلف الجبل عن الناس، فلقيت

(1) حمله الأكثر على الاستحباب، وبعضهم على الوجوب وهو ظاهر الصدوق - رحمه
الله - والأحوط أن لا يترك، وعلى تقدير الوجوب فلو أفطر هل يجب القضاء فقط أو الكفارة
أيضا أولا يجب شئ منهما؟ الكل محتمل والاحتياط القضاء ونهايته في الكفارة أيضا. (م ت)
(2) أي إذا راموا سهامهم يرون موضعها لبقاء ضوء النهار بعد، والمراد أن رسول الله
صلى الله عليه وآله كان يعجل صلاة المغرب (سلطان) أقول: في الصحاح سهم البيت:
جائزه. وقال في " جوز " الجائز: الجذع الذي يقال له بالفارسية " تير " وهو سهم البيت.
(3) هو محمد بن مقلاص الأسدي الكوفي غال ملعون ويكنى مقلاص أبا زينب كان محمد في
عصر الصادق عليه السلام وكان من أصحابه فكفر وادعى أيضا النبوة وزعم أن جعفرا عليه السلام
اله - تعالى الله عز وجل عن قوله - واستحل المحارم كلها، ورخص لأصحابه فيها وكانوا
كلما ثقل عليهم أداء فرض أتوه فقالوا: يا أبا الخطاب خفف عنا فيأمرهم بتركه حتى تركوا
جميع الفرائض واستحلوا جميع المحارم وأباح لهم أن يشهد بعضهم لبعض بالزور، وقال:
من عرف الامام حل له كل شئ كان حرم عليه، فبلغ أمره جعفر بن محمد عليهما السلام فلم
يقدر عليه بأكثر من أن لعنه وتبرأ منه، وجمع أصحابه فعرفهم ذلك وكتب إلى البلدان
بالبراءة منه وباللعنة عليه وعظم أمره على أبى عبد الله عليه السلام واستفظعه واستهاله.
انتهى (المستدرك) وقوله " تشتبك النجوم " أي تكثرت حتى تصير كالشبكة بتعانق بعضها
بعضا وهو كناية عن ذهاب قدر يعتد به من الليل. (مراد)
220

أبا عبد الله عليه السلام فأخبرته بذلك، فقال لي: ولم فعلت ذلك؟ بئس ما صنعت إنما
تصليها إذا لم ترها خلف الجبل غابت أو غارت ما لم يتجللها (1) سحاب أو ظلمة تظلها
فإنما عليك مشرقك ومغربك وليس على الناس أن يبحثوا " (2).
663 - وقال الصادق عليه السلام: " إذا غابت الشمس فقد حل الافطار ووجبت الصلاة
وإذ صليت المغرب فقد دخل وقت العشاء الآخرة إلى انتصاف الليل ".
664 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " ملك موكل يقول: من بات عن العشاء الآخرة
إلى نصف الليل فلا أنام الله عينيه ".
665 - وقال الصادق عليه السلام: " من صلى المغرب ثم عقب ولم يتكلم حتى يصلي
ركعتين كتبتا له في عليين، فان صلى أربعا كتبت له حجة مبرورة ".
ووقت الفجر حين يعترض الفجر ويضئ حسنا ويتجلل الصبح السماء ويكون

(1) في بعض النسخ " يتجلاها ". وقال استاذنا الشعراني - مد ظله - في هامش الوافي:
هذه رواية شاذة مخالفة للاخبار الكثيرة الدالة بان غيبوبة الشمس خلف الجبل لا يكفي، فلعله
نهى عن التفتيش حين اشتغال الناس بالصلاة لأنه يخالف التقية، أو لان الغروب يعرف بزوال
الحمرة فلا حاجة إلى صعود الجبل، أو لان الموضع المرتفع يستلزم انحدار الأفق الحسى
فيرى قرص الشمس فوقه مع أن الذي في أسفل الجبل لو فرض عدم الحاجب بينه وبين
الشمس لم يرها لكون الأفق أعلى بالنسبة إليه وذلك قال عليه السلام " فإنما عليك مشرقك
ومغربك " وهذا مبين في علم الهيئة.
(2) ذم الصادق عليه السلام لأسامة على صعود الجبل كان لإثارة الفساد بأن يقول إنهم
يفطرون والشمس لم يغب بعد، مع أن العامة قائلون بغيبوبة القرص، أو يقول لهم ويحصل
الضرر بسببه إليه عليه السلام والى غيره كما هو الظاهر من الخبر أولا وآخرا، ويمكن
أن يكون المراد بقوله عليه السلام " فإنما عليك مشرقك ومغربك " أنه لا يحتاج إلى صعود
الجبل ويمكن فهم الطلوع والغروب بظهور الحمرة أو ذهابها في المشرق للغروب وعكسه
للطلوع، وظاهر الصدوق - رحمه الله - أنه حمل هذه الأخبار كلها على استتار القرص ولو
كان خلف الجبل كما هو ظاهرها وان أمكن أن تكون ردا على الخطابية أيضا. (م ت)
221

كالقباطي أو مثل نهر سوراء (1).
ومن صلى الغداة في أول وقتها أثبتت له مرتين، أثبتها ملائكة الليل وملائكة
النهار، ومن صلاها في آخر وقتها أثبتت له مرة واحدة، قال الله عز وجل: " وقرآن
الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا " يعني أنه تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار.
666 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " وقت صلاة الجمعة يوم الجمعة ساعة تزول
الشمس، ووقتها في السفر والحضر واحد (2) وهو من المضيق، وصلاة العصر يوم الجمعة
في وقت الأولى في سائر الأيام ".
667 - وروى إسماعيل بن رباح (3) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إذا صليت
وأنت ترى أنك في وقت ولم يدخل الوقت، فدخل الوقت وأنت في الصلاة فقد أجزأت
عنك " (4).
668 - وسأله سماعة بن مهران (5) عن الصلاة بالليل والنهار إذا لم تر الشمس والقمر
ولا النجوم، فقال: تجتهد رأيك وتعمد القبلة بجهدك ".
669 - وروى أبو عبد الله الفراء (6) عن الصادق عليه السلام " إنه قال له رجل من

(1) القباطي - بفتح القاف -: ثياب بيض رقيقة تجلب من مصر، واحدها قبطي -
بضم القاف - نسبة إلى قبط - بالكسر -: جيل من النصارى بمصر. وسورى - بالقصر والمد -
بلدة بأرض بابل وبها نهر يقال له: سوراء.
(2) وجه كون وقتها واحدا وهو أول الزوال أن في السفر تسقط النافلة وفى الحضر
تقدم نافلتها على الزوال الا ركعتين منها فإنهما يصليان في عين الزوال على قول لتحقيق
الزوال فلا ينافي هذا القدر كون صلاة الجمعة في أول الزوال المحقق فتأمل. (سلطان)
(3) " رباح " بالباء الموحدة والطريق إلى إسماعيل بن رباح صحيح عند العلامة (ره)
وفيه محمد بن علي ماجيلويه أحد مشايخ المؤلف ولم يوجد له توثيق ولا مدح الا الترضي
من المؤلف وهو عند جماعة من العلماء يساوق التوثيق.
(4) يدل على الاجزاء إذا كان بعض الصلاة وقع في الوقت، وعليه عمل المشهور.
(5) الطريق إليه قوى بعثمان بن عيسى وفيه إبراهيم بن هاشم وهو حسن (صه).
(6) الطريق إليه صحيح (صه) لكن فيه أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه. (جامع الرواة)
222

أصحابنا: إنه ربما اشتبه علينا الوقت في يوم غيم، فقال: تعرف هذه الطيور التي
تكون عندكم بالعراق يقال لها الديوك؟ فقال: نعم، قال: إذا ارتفعت أصواتها (1
وتجاوبت فعند ذلك فصل ".
670 - وروى الحسين بن المختار عنه عليه السلام أنه قال: " إني مؤذن فإذا كان يوم غيم لم أعرف الوقت، فقال: إذا صاح الديك ثلاثة أصوات ولاء فقد زالت الشمس
ودخل وقت الصلاة ".
ومن صلى لغير القبلة في يوم غيم ثم علم، فإن كان في وقت فليعد، وإن كان
قد مضى الوقت فلا إعادة عليه وحسبه اجتهاده.
671 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " لان أصلي بعد ما يمضي الوقت أحب إلي من
أن أصلي وأنا في شك من الوقت، وقبل الوقت ".
672 - وروى معاوية بن وهب (2) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " كان المؤذن
يأتي النبي صلى الله عليه وآله في الحر في صلاة الظهر فيقول له رسول الله صلى الله عليه وآله:
أبرد أبرد ". (3)
قال مصنف هذا الكتاب: يعني عجل عجل وأخذ ذلك من التبريد.
باب
* (معرفة زوال الشمس) *
673 - روى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " تزول الشمس
في النصف من " حزيران " على نصف قدم، وفي النصف من " تموز " على قدم ونصف، و

(1) يعنى عند الزوال إذا ما شككت في زوال الشمس فلا ينافي ارتفاع صوتها في غير
الزوال. وقال استاذنا الشعراني: متن الحديث مضطرب ويدل على جواز الدخول في الصلاة
بصياح الديك فيجوز الاعتماد على الظن عند التعذر.
(2) الطريق صحيح (صه) وفيه محمد بن علي ماجيلويه وتقدم الكلام فيه.
(3) هو كناية عن الراحة والسرور أو من بر النهار أي أوله.
223

في النصف من " آب " على قدمين ونصف، وفي النصف من " أيلول " على ثلاثة أقدام ونصف
وفي النصف من " تشرين الأول " على خمسة ونصف، وفي النصف من " تشرين الآخر "
على سبعة ونصف، وفي النصف من " كانون الأول " على تسعة ونصف، وفي النصف من
" كانون الآخر " على سبعة ونصف، وفي النصف من " شباط " على خمسة ونصف، وفي
النصف من آذار " على ثلاثة ونصف وفي النصف من " نيسان " على قدمين ونصف، وفي النصف
من " أيار " على قدم ونصف، وفي النصف من " حزيران " على نصف قدم " (1).
674 - وقال الصادق عليه السلام: " تبيان زوال الشمس أن تأخذ عودا طوله ذراع
وأربع أصابع (2)، فتجعل أربع أصابع في الأرض فإذا نقص الظل حتى يبلغ غايته،
ثم زاد فقد زالت الشمس، وتفتح أبواب السماء، وتهب الرياح، وتقضى الحوائج
العظام ".

(1) الظاهر أن هذه التحديدات يختص بالمدينة المشرفة وما والاها في العرض وهو
عرض " كه " (250) فان في أوائل البروج المبتدأ من أول السرطان في هذا العرض أظلال
ارتفاعاتها النصف النهارية تقارب بل تساوى الاقدار المذكورة في الحديث الشريف كما يظهر
بالرجوع إلى البراهين الهندسية، وان شئت الوقوف على صدق ذلك التخمين فانظر في
الأسطرلاب واضعا صفحة عرض " كه " تحت العنكبوت مديرا له حتى تعرف الارتفاعات ثم استعلم
أقدار أظلالها من ظهر الأسطرلاب والله أعلم. كذا في هامش نسخة وقال الأستاذ الشعراني في هاشم
الوافي: الظاهر أن هذه الحاشية من الشيخ البهائي - رحمه الله - وهو الحق بالنسبة إلى أكثر
التقادير المذكورة، ولا يتوهمن أن بيان المقادير في كلام الإمام عليه السلام يجب أن يكون عاما
لجميع المكلفين في جميع البلاد لان الأحكام الإلهية غير مختصة ببعضها، فان هذا صحيح
فيما لم تكن قرينة على الاختصاص. ثم نقل - مد ظله - كلام الفاضل التفرشي واستبعاده، و
بعده اشكال الفقيه الهمداني رضوان الله عليه صاحب مصباح الفقيه حيث قال: ان المقصود
بالرواية بحسب الظاهر بيان ما يعرف به الزوال تقريبا والتنبيه على اختلاف الظل في الفصول
الأربعة وبيان مقدار التفاوت على سبيل الاجمال. وقال في جوابهما كلاما طويلا لا يسعنا ذكره.
وجملة " وفى النصف من حزيران " الأخيرة زيادة زيدت في الأصل المأخوذة عنه الرواية.
(2) هذا بطريق التمثيل والا فذلك يستعلم من كل شاخص.
224

باب
* (ركود الشمس) *
675 - سأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام " عن ركود الشمس (1) فقال: يا محمد
ما أصغر جثتك وأعضل مسألتك، وإنك لأهل للجواب: إن الشمس إذا طلعت
جذبها سبعون ألف ملك بعد أن أخذ بكل شعاع منها خمسة آلاف من الملائكة من
بين جاذب ودافع حتى إذا بلغت الجو وجازت الكو قلبها ملك النور ظهرا لبطن
فصار ما يلي الأرض إلى السماء وبلغ شعاعها تخوم العرش فعند ذلك نادت الملائكة
" سبحان الله ولا إله إلا الله والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له
شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا " فقال له: جعلت فداك
أحافظ على هذا الكلام عند زوال الشمس، فقال: نعم حافظ عليه كما تحافظ على
عينك، فإذا زالت الشمس صارت الملائكة من ورائها يسبحون الله في فلك الجو إلى
أن تغيب " (2).
676 - وسئل الصادق عليه السلام " عن الشمس كيف تركد كل يوم ولا يكون لها
يوم الجمعة ركود؟ قال: لان الله عز وجل جعل يوم الجمعة أضيق الأيام،
فقيل له: ولم جعله أضيق الأيام؟ قال: لأنه لا يعذب المشركين (3) في ذلك اليوم
لحرمته عنده ".
677 - وروي عن حريز بن عبد الله أنه قال: " كنت عند أبي عبد الله عليه السلام

(1) الركود: السكون الذي يفصل بين الحركات (النهاية) والمراد ركود شعائها
وسيأتي بيانه. وفى طريق الرواية مجهولان.
(2) الملائكة الموكلون بالسماوات والكواكب كثيرة لا يحصيهم كثرة الا الله سبحانه
منهم من وكل بالجذب، ومنهم من وكل بالدفع، ومنهم من وكل بالطلوع والأفول، ومنهم من
وكل بالرد والقبول، ومنهم بواب، ومنهم حجاب، ومنهم راكع، ومنهم ساجد، ومنهم
حافون، ومنهم صافون إلى غير ذلك قال الله سبحانه " وما يعلم جنود ربك الا هو " (الوافي).
(3) في بعض النسخ " لا يعذب المشركون ".
225

فسأله رجل فقال له: جعلت فداك إن الشمس تنقض (1) ثم تركد ساعة من قبل أن
تزول، فقال إنها تؤامر أتزول أو لا تزول " (2).

(1) من الانقضاض أي يتحرك سريعا من انقض النجم وهو مضاعف من " قض " لا منقوص
من قضى. وقال في الوافي. وفى بعض النسخ " تنقضي " من الانقضاء.
(2) قوله " ثم تركد ساعة " يحتمل أن يكون المراد بركود الشمس حين الزوال
عدم ظهور حركتها بقدر يعتد بها عند الزوال وعدم ظهور تزايد الظل حينئذ بخلاف الساعات
السابقة واللاحقة، وعبر عن ذلك بالركود بناء على الظاهر وفهم القوم، وجذب الملك عبارة
عن إرادة الله تعالى وخلق القوى فيها، وليس الباعث على الخروج من الظاهر الوقوف
على قول الحكماء من الاستمرار وضع الفلك وغيره بل الباعث أن كل نقطة من مدار الشمس
محاذية لسمت رأس أفق من الآفاق فيلزم سكون الشمس دائما لو سكنت حقيقة عند الزوال وتخصيص
الركود بأفق خاص كمكة أو المدينة مع بعده يستلزم سكونها في البلاد الاخر بحسبها في أوقات
آخر فان ظهر مكة مثلا يكون وقت الضحى في أفق آخر فيلزم ركودها في ضحى ذلك الأفق
ولا يلتزمه أحد فتأمل. (سلطان)
وقال الفيض - رحمه الله - الوجه في ركود الشمس قبل الزوال تزايد شعاعها آنا
فآنا وانتقاص الظل إلى حد ما ثم انتقاص أظل إلى حد الشعاع وتزايد الظل وقد ثبت في
محله أن كل حركتين مختلفتين لابد بينهما من سكون، فبعد بلوغ نقصان الظل وقد ثبت في
وقبل أخذه في الازدياد لابد وأن يركد شعاع الشمس في الأرض ساعة ثم يزيد وهذا ركودها
في الأرض من حيث شعاعها بحسب الواقع وقد حصل بتبعية الظلال كما أن تسخينها واضاءتها
إنما يحصلان بتبعية انعكاس أشعتها من الأرض والجبال على ما زعمته جماعة. وهذا لا ينافي
استمرار حركتها في الفلك على وتيرة واحدة. والمؤامرة: المشاورة، يعنى أنها تشاور
ربها في زوالها وذلك لأنها مسخرة بأمر ربها، لا تتحرك ولا تسكن الا باذن منه عز وجل،
وزمان هذا السكون وإن كان قليلا جدا الا أن الشمس لما لم يحس بحركتها طرفي هذا
الركود فهي كأنها راكدة ساعة ما، وما جاء في أن لا يكون للشمس ركود يوم الجمعة معناه
انهم لاشتغالهم باستماع الخطبة وتهيئهم للصلاة لا يحسون به بل يسرع مروره عليهم وتقصر
مدته لديهم لأنهم في رخاء من العبادة وفى سرور من الطاعة ومدة الرخاء تكون قصراء
عجلاء (الوافي) أقول: في الكافي ج 3 ص 416 عن محمد بن إسماعيل عن الرضا عليه السلام
في علة عدم ركودها يوم الجمعة رواية فليراجع.
226

باب
* (معرفة زوال الليل) *
678 - سأل عمر بن حنظلة (1) أبا عبد الله عليه السلام فقال له: " زوال الشمس نعرفه
بالنهار، كيف لنا بالليل؟ فقال: لليل زوال كزوال الشمس، قال: فبأي شئ نعرفه؟
قال: بالنجوم إذا انحدرت " (2).
باب
* (صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله التي قبضه الله تعالى عليها) *
679 - قال أبو جعفر عليه السلام: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يصلي من النهار شيئا
حتى تزول الشمس، فإذا زالت (3) صلى ثماني ركعات وهي صلاة الأوابين تفتح في
تلك الساعة أبواب السماء ويستجاب الدعاء وتهب الرياح وينظر الله إلى خلقه
فإذا فاء الفئ ذراعا صلى الظهر أربعا وصلى بعد الظهر ركعتين ثم صلى ركعتين أخراوين (4)
ثم صلى العصر أربعا إذا فاء الفئ ذراعا، ثم لا يصلي بعد العصر شيئا حتى تؤوب
الشمس، فإذا آبت وهو أن تغيب صلى المغرب ثلاثا وبعد المغرب أربعا، ثم لا يصلي
شيئا حتى يسقط الشفق، فإذا سقط الشفق صلى العشاء، ثم أوى رسول الله صلى الله عليه وآله

(1) الطريق قوى بداود بن الحصين وفيه محمد بن عيسى والحسين بن أحمد بن إدريس
ولم يوثقا صريحا.
(2) لعل المراد بالنجوم التي طلعت في أول الليل حين غروب الشمس. (سلطان)
(3) في بعض النسخ " حتى يزول النهار فان زال ".
(4) محمول على المؤكد من المستحب ولا ينافي مطلق الاستحباب (الذكرى) أي
استحباب الزيادة كما هو المشهور من كون نافلة العصر ثمان ركعات واستحباب الوتيرة
بعد العشاء، ويمكن أن يقال: إن هذا بيان صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله في آخر عمره
فيحمل على ترك بعض المستحبات لضعف الشيبة. (سلطان)
227

إلى فراشه ولم يصل شيئا حتى يزول نصف الليل، فإذا زال نصف الليل صلى ثماني
ركعات، وأوتر في الربع الأخير من الليل بثلاث ركعات فقرأ فيهن فاتحة الكتاب
وقل هو الله أحد ويفصل بين الثلاث بتسليمة ويتكلم ويأمر بالحاجة، ولا يخرج من
مصلاه حتى يصلي الثالثة التي يوتر فيها، ويقنت فيها قبل الركوع، ثم يسلم ويصلي
ركعتي الفجر قبيل الفجر وعنده وبعيده، ثم يصلي ركعتي الصبح وهو الفجر إذا اعترض
الفجر وأضاء حسنا، فهذه صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله التي قبضه الله عز وجل عليها ".
باب
* (فضل المساجد وحرمتها وثواب من صلى فيها) *
680 - روى خالد بن ماد القلانسي، عن الصادق عليه السلام أنه قال: " مكة حرم الله
وحرم رسوله وحرم علي بن أبي طالب عليهما السلام والصلاة فيها بمائة ألف صلاة، والدرهم
فيها بمائة ألف درهم (1) والمدينة حرم الله وحرم رسوله وحرم علي بن أبي طالب عليهما السلام
الصلاة فيها بعشرة آلاف صلاة، والدرهم فيها بعشرة آلاف درهم، والكوفة حرم الله
وحرم رسوله وحرم علي بن أبي طالب عليهما السلام والصلاة فيها بألف صلاة، وسكت عن
الدرهم ".
681 - وروى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " من صلى في
المسجد الحرام صلاة مكتوبة قبل الله بها منه كل صلاة صلاها منذ يوم وجبت عليه
الصلاة، وكل صلاة يصليها إلى أن يموت ".
682 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الصلاة في مسجدي كألف صلاة
في غيره إلا المسجد الحرام، فإن الصلاة في المسجد الحرام تعدل ألف صلاة في
مسجدي " (2).

(1) أي التصدق فيها.
(2) المراد كثرة الثواب لا خصوصية المقدار فلا ينافي ما مر.
228

683 - وسأل عبد الاعلى مولى آل سام أبا عبد الله عليه السلام " كم كان طول
مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: كان ثلاثة آلاف وستمائة ذراع
مكسرة " (1).
684 - وقال أبو جعفر عليه السلام لأبي حمزة الثمالي: " المساجد الأربعة المسجد
الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله، ومسجد بيت المقدس، ومسجد الكوفة، يا أبا حمزة
الفريضة فيها تعدل حجة، والنافلة تعدل عمرة ".
685 - وسئل أبو الحسن الرضا عليه السلام " عن قبر فاطمة عليها السلام فقال: دفنت في
بيتها فلما زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد ".
686 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أتى مسجدي مسجد قبا فصلى فيه ركعتين
رجع بعمرة ".
وكان عليه السلام يأتيه فيصلي فيه بأذان وإقامة.
ويستحب إتيان المساجد بالمدينة مسجد قبا فإنه المسجد الذي أسس على
التقوى من أول يوم، ومشربة أم إبراهيم، ومسجد الفضيخ، وقبور الشهداء بأحد،
ومسجد الأحزاب وهو مسجد الفتح (2).
ويستحب الصلاة في مسجد الغدير (3) في ميسرة المسجد، فإن ذلك موضع قدم
رسول الله صلى الله عليه وآله حيث قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه، وعاد

(1) قال في المغرب: الذراع المكسر ست قبضات وهي ذراع العامة وإنما وصفت بذلك
لأنها نقصت عن ذراع الملك بقبضة وهو بعض الأكاسرة وكانت ذراعه سبع قبضات. ولعل المراد
بالمكسر المضروب بعضها في بعض أي كان هذا في حاصل ضرب الطول في العرض ويحتمل
الأول كما في المرآة.
(2) بمضمونه بل بلفظه رواية في الكافي ج 4 ص 560 والتهذيب ج 2 ص 6.
(3) في الكافي ج 4 ص 567 باسناده عن أبان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " يستحب
الصلاة في مسجد الغدير لان النبي صلى الله عليه وآله أقام فيه أمير المؤمنين عليه السلام، وهو
موضع أظهر الله عز وجل فيه الحق ". وبمضمون المتن خبر آخر بسند صحيح.
229

من عاداه ".
687 - وأما الجانب الآخر فذلك موضع فسطاط المنافقين الذين لما رأوه رافعا يده
قال بعضهم لبعض انظروا إلى عينيه تدوران كأنهما عينا مجنون، فنزل جبرئيل عليه السلام
بهذه الآية " وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون
إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين ". أخبر الصادق عليه السلام بذلك حسان الجمال لما
حمله من المدينة إلى مكة فقال له: " يا حسان لولا أنك جمالي ما حدثتك بهذا
الحديث ".
688 - وأما مسجد الخيف بمنى فإنه روى جابر عن أبي جعفر عليه السلام أنه
قال: " صلى في مسجد الخيف سبعمائة نبي ".
689 - وروى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " من صلى في
مسجد الخيف بمنى مائة ركعة قبل أن يخرج منه عدلت عبادة سبعين عاما، ومن سبح
الله فيه مائة تسبيحة كتب الله له كأجر عتق رقبة، ومن هلل الله فيه مائة تهليلة عدلت
أجر إحياء نسمة، ومن حمد الله فيه مائة تحميدة عدلت أجر خراج العراقين يتصدق به في سبيل الله عز وجل ".
690 - وقال الصادق عليه السلام: " كان مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله على عهده عند المنارة
التي في وسط المسجد وفوقها إلى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا، وعن يمنيها وعن يسارها
وخلفها نحو [امن] ذلك، فتحر ذلك، وإن استطعت أن يكون مصلاك فيه فافعل فإنه
صلى فيه ألف نبي، وإنما سمي الخيف لأنه مرتفع عن الوادي، وما ارتفع عنه
يسمى خيفا ".
691 - وقال الصادق عليه السلام: " حد مسجد الكوفة آخر السراجين، خطه
آدم عليه السلام، وأنا أكره أن أدخله راكبا، قيل له: فمن غيره عن خطته؟ قال: أما أول
ذلك فالطوفان في زمن نوح عليه السلام، ثم غيره أصحاب كسرى والنعمان، ثم غيره
زياد بن أبي سفيان ".
230

692 - وقال عليه السلام: " كأني أنظر إلى ديراني في مسجد الكوفة في دير له فيما
بين الزاوية والمنبر فيه سبع نخلات وهو مشرف من ديره على نوح يكلمه ".
693 - وقال أبو بصير: " سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: نعم المسجد مسجد
الكوفة، صلى فيه ألف نبي والف وصي، ومنه فار التنور، وفيه نجرت السفينة،
ميمنته رضوان الله، ووسطه روضة من رياض الجنة، وميسرته مكر يعني منازل
الشياطين " (1).
694 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد:
المسجد الحرام، ومسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، ومسجد الكوفة ".
695 - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " لما أسري بي مررت بموضع مسجد الكوفة
وأنا على البراق ومعي جبرئيل عليه السلام فقال لي: يا محمد انزل فصل في هذا المكان، قال:
فنزلت فصليت فقلت: يا جبرئيل أي شئ هذا الموضع؟ قال: يا محمد هذه كوفان وهذا
مسجدها، أما أنا فقد رأيتها عشرين مرة خرابا وعشرين مرة عمرانا، بين كل مرتين
خمسمائة سنة ".
696 - وروي عن الأصبغ بن نباتة أنه قال: " بينا نحن ذات يوم حول أمير -
المؤمنين عليه السلام في مسجد الكوفة إذا قال: يا أهل الكوفة لقد حباكم الله عز وجل بما
لم يحب به أحدا من فضل مصلاكم بيت آدم، وبيت نوح، وبيت إدريس، ومصلى
إبراهيم الخليل، ومصلى أخي الخضر عليهم السلام، ومصلاي، وإن مسجدكم هذا لاحد
الأربعة المساجد التي اختارها الله عز وجل لأهلها، وكأني به قد أتي به يوم القيامة
في ثوبين أبيضين يتشبه بالمحرم ويشفع لأهله ولمن يصلي فيه فلا ترد شفاعته، ولا
تذهب الأيام والليالي حتى ينصب الحجر الأسود فيه، وليأتين عليه زمان يكون
مصلى المهدي من ولدي، ومصلى كل مؤمن، ولا يبقى على الأرض مؤمن إلا

(1) ينبغي أن يراد بالميمنة والميسرة خارج المسجد والوسط داخل المسجد إذ لا ينبغي
أن تكون فيه منازل الشياطين، ويحتمل أن يكون المراد بالميسرة بيوت أهل الكوفة الواقعة
في ميسرته (مراد) وفى بعض النسخ " مبارك الشياطين ".
231

كان به أو حن قلبه إليه، فلا تهجروه، وتقربوا إلى الله عز وجل بالصلاة فيه وارغبوا
إليه في قضاء حوائجكم، فلو يعلم لناس ما فيه من البركة لأتوه من أقطار الأرض
ولو حبوا (1) على الثلج ".
697 - وأما مسجد السهلة فقد قال الصادق عليه السلام: " لو استجار عمي زيد به
لأجاره الله سنة، ذلك موضع بيت إدريس عليه السلام الذي كان يخيط فيه، وهو الموضع
الذي خرج منه إبراهيم عليه السلام إلى العمالقة، وهو الموضع الذي خرج منه داود إلى
جالوت، وتحته صخرة خضراء فيها صورة وجه كل نبي (2) خلقه الله عز وجل،
ومن تحته أخذت طينة كل نبي (3) وهو موضع الراكب، فقيل له: وما الراكب؟
قال الخضر عليه السلام ".
وأما مسجد براثا ببغداد فصلى فيه أمير المؤمنين عليه السلام لما رجع من قتال أهل
النهروان.
698 - وروي عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال: " صلى بنا علي عليه السلام
ببراثا بعد رجوعه من قتال الشراة (4) ونحن زهاء مائة ألف رجل، فنزل نصراني من
صومعته فقال: من عميد هذا الجيش؟ فقلنا: هذا، فأقبل إليه فسلم عليه فقال: يا
سيدي أنت نبي؟ فقال: لا، النبي سيدي قد مات، قال: فأنت وصي نبي؟ قال:
نعم، ثم قال له: اجلس كيف سألت عن هذا؟ قال: أنا بنيت هذه الصومعة من أجل
هذا الموضع وهو براثا، وقرأت في الكتب المنزلة أنه لا يصلي في هذا الموضع بهذا
الجمع (5) إلا نبي أو وصي نبي وقد جئت أسلم، فأسلم وخرج معنا إلى الكوفة، فقال

(1) بفتح الحاء المهملة واسكان الموحدة اما بمعنى المشي أو دب على استه والرجلين
والمشي إلى البطن. (م ح ق)
(2) في بعض النسخ " صورة وجه كل شئ ".
(3) في بعض النسخ " كل شئ ".
(4) الشراة - بالضم وتخفيف الراء -: الخوارج، سموا أنفسهم شراة لزعمهم أنهم
يشرون أنفسهم ابتغاء مرضات الله.
(5) في بعض النسخ " بذا الجمع ".
232

له علي عليه السلام: فمن صلى ههنا؟ قال: صلى عيسى بن مريم عليه السلام وأمه فقال له علي
عليه السلام: أفأخبرك من صلى ههنا؟ قال: نعم، قال: الخليل عليه السلام ".
699 - وقال الصادق عليه السلام: " من تنخم (1) في المسجد، ثم ردها في جوفه لم
تمر بداء إلا أبرأته ".
700 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من كنس المسجد يوم الخميس وليلة الجمعة
فأخرج منه من التراب ما يذر في العين غفر الله تعالى له ".
701 - وقال الصادق عليه السلام: " من مشى إلى المسجد لم يضع رجليه على رطب
ولا يابس إلا يسبح له إلى الأرضين السابعة " (2).
وقد أخرجت هذه الأخبار مسندة وما رويت في معناها في كتاب فضل المساجد
وحرمتها وما جاء فيها.
702 - وقال علي عليه السلام (3): " صلاة في بيت المقدس تعدل ألف صلاة، وصلاة

(1) تنخم فلان: رمى نخامته أي دفع بشئ من صدره أو أنفه، وفى بعض النسخ " تنخع "
أي رمى نخاعته وهي ما يخرج من صدر الانسان أو خيشومه من البلغم والمواد.
(2) في العبارة مسامحة. وفى بعض النسخ " إلى الأرض السابعة فالجمع باعتبار
القطعات أو الأطراف، وعلى النسختين يحتمل أن يكون المراد من تحت قدميه في عمق الأرض
أو من الجوانب الأربع في سطح الأرض.
(3) هذا الخبر رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 327 باب فضل المساجد باسناده عن
محمد بن حسان عن النوفلي عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام. ومحمد
ابن حسان الرازي قال النجاشي فيه: يعرف وينكر بين بين يروى عن الضعفاء وضعفه ابن
الغضائري. وأما النوفلي فقيل فيه انه غلا في آخر عمره، وأما السكوني فكان عاميا. وبهذا
السند أيضا رواه المؤلف في ثواب الأعمال والبرقي في المحاسن ورواه الشيخ في النهاية أيضا
ولم أجد في كتب الخاصة خبرا في فضل مسجد بيت المقدس غير حسنة أبى حمزة الثمالي التي
تقدمت تحت رقم 684 وهذا الخبر الذي رواه السكوني وهو عامي كما عرفت وإن كان موثقا
فكل ما روى في فضل بيت المقدس والثواب الكثير للصلاة فيه سوى خبر أبي حمزة فمن طرق
العامة وجاء في روايتهم " صلاة في مسجد بيت المقدس أفضل مما سواه من المساجد
بخمسمائة صلاة " رواه الطبراني في الكبير وابن خزيمة في صحيحه والبزار واللفظ له.
وروى أحمد بن حنبل في مسند أبي هريرة عنه وكذا في مسند عائشة عنها عن النبي صلى الله عليه وآله
قال: " صلاة في مسجدي خير من ألف صلاة فيما سواء من المساجد الا المسجد الأقصى "
وروى البيهقي باسناده عن أبي ذر " أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وآله عن الصلاة في بيت المقدس أفضل
أو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال: صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه، ولنعم
المصلى، هو أرض المحشر والمنشر، وليأتين على الناس زمان ولقيد سوط - أو قال: قوس
الرجل * - حيث يرى منه بيت المقدس خير له أو أحب إليه من الدنيا جميعا ".
ولا ريب في فضل بيت المقدس لأنه مسجد بناه نبي من أنبياء الله تعالى، ولا شك في كونه
قبلة للمسلمين بضعة عشر شهرا وان لم يرضها النبي صلى الله عليه وآله كما يفهم من كريمة " قد نرى تقلب
وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها " لكن لما كانت هذه الأخبار كلها من طرق العامة
وليس في أخبار الامامية من طريقهم منها شئ يعتمد عليه كيف نطمئن إلى ما رووه من هذا الفضل الكبير
مع أن الكليني - رحمه الله - عقد في كتابه الكبير الكافي أبوابا في فضل المساجد وذكر فيها
فضل المدينة ومسجد النبي ومسجد قبا ومسجد الفضيخ ومسجد الفتح ومسجد الأحزاب ومشربة
أم إبراهيم ومسجد غدير خم ومسجد الكوفة والمسجد الأعظم ومسجد السهلة ومسجد بالخمراء
وغيرها من المساجد (* *) ولم يرو فيها في فضل بيت المقدس شيئا، نعم:
روى باسناده عن إسماعيل بن زيد مولى عبد الله بن يحيى الكاهلي عن عبد الله بن يحيى
عن أبي عبد الله (ع) قال: " جاء رجل إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه فسلم فرد عليه، فقال:
جعلت فداك انى أردت المسجد الأقصى فأردت أن أسلم عليك وأودعك، فقال له: وأي شئ أردت
بذلك؟ فقال: الفضل، قال: فبع راحلتك وكل زادك وصل في هذا المسجد (مسجد الكوفة)
فان الصلاة المكتوبة فيه حجة مبرورة والنافلة عمرة مبرورة والبركة فيه على اثنى عشر ميلا -
الحديث " ج 3 ص 491 وكيف كان قاعدة التسامح في أدلة السنن تسهل الامر. فمن صلى
في بيت المقدس التماس ذلك الثواب يعطيه الله سبحانه إن شاء الله وان لم يكن الحديث كما بلغه.
* في النهاية: قد تكرر ذكر القيد في الحديث يقال: بيني وبينه قيد رمح وقاد رمح
أي قدر رمح.
* * راجع ج 3 ص 489 إلى 495 و ج 4 ص 540 إلى آخر أبواب كتاب الحج.
233

في المسجد الأعظم (1) تعدل مائة ألف صلاة، وصلاة في مسجد القبيلة تعدل خمسا

(1) لعل المراد بالمسجد الأعظم ههنا المسجد الحرام على طباق سائر الأخبار.
234

وعشرين صلاة، وصلاة في مسجد السوق تعدل اثنتي عشرة صلاة، وصلاة الرجل في
بيته تعدل صلاة واحدة ". 703 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " من بنى مسجدا كمفحص قطاة (1) بنى الله له
بيتا في الجنة ".
704 - وقال أبو عبيدة الحذاء: " ومر بي [أبو عبد الله عليه السلام] وأنا بين مكة
والمدينة أضع الأحجار (2)، فقلت: هذا من ذاك؟ فقال: نعم ".
705 - وسأل عبيد الله بن علي الحلبي أبا عبد الله عليه السلام " عن المساجد المظللة (3)
يكره القيام فيها (4)؟ قال: نعم ولكن لا تضركم الصلاة فيها ".

(1) القطاة: طائر في حجم الحمام له طوق يشبه الفاختة والقمارى.
(2) في بعض النسخ " وأنا أصنع الأحجار " وفى بعضها " وأنا أجمع الأحجار " وقوله " هذا
من ذاك " روى الكليني - رحمه الله - في الكافي ج 3 ص 368 عن أبي عبيدة الحذاء قال: " سمعت
أبا عبد الله (ع) يقول: " من بنى مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة، قال: أبو عبيدة: فمر بي
أبو عبد الله (ع) في طريق مكة وقد سويت بأحجار مسجدا، فقلت له: جعلت فداك نرجو أن
يكون هذا من ذاك؟ فقال: نعم ".
(3) لعل المراد بالمظللة المسقفة باللبن والاجر بقرينة المقام والا فمسجد الرسول
صلى الله عليه وآله صار مظللا في حياته بالسعف. (م ت)
(4) قوله " يكره القيام فيها " عبر عن الصلاة فيها بالقيام وذلك شايع كما في التنزيل
" لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه ".
وقال الشيخ في النهاية ص 108 " بناء المسجد فيه فضل كبير وثواب جزيل، ويستحب
أن لا تعلى المساجد بل تكن وسطا، ويستحب أن لا تكون مظللة ولا يجوز أن تكون مزخرفة
أو مذهبة أو فيها شئ من التصاوير، ولا يجوز أن تكون مشرفة بل تبنى جما - بضم الجيم وشد الميم - أي لا شرف لها - انتهى. واعلم أن كراهة الصلاة في المظللة أو المصورة أو المزخرفة من
المساجد مخصوصة بزمان يكون الامام المعصوم (ع) حاضرا متمكنا ففي الكافي بسند حسن
كالصحيح عن الحلبي قال: " سئل أبو عبد الله عليه السلام عن المساجد المظللة أيكره الصلاة
فيها؟ قال: نعم ولكن لا يضركم اليوم ولو قد كان العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك - الحديث "
وروى أيضا عن عمرو بن جميع قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن الصلاة في المساجد
المصورة فقال: أكره ذلك ولكن لا يضركم ذلك اليوم ولو قد قام العدل لرأيتم كيف يصنع
في ذلك " وأما زخرفة المساجد فلا شك في عدم جوازه عند أكثر فقهائنا فيكف برجحانه،
وهكذا التصوير.
235

706 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " أول ما يبدأ به قائمنا سقوف المساجد
فيكسرها، ويأمر بها فيجعل عريشا كعريش موسى " (1).
707 - و " كان علي عليه السلام إذا رأى المحاريب في المساجد كسرها ويقول:
كأنها مذابح اليهود ".
708 - و " رأى علي عليه السلام مسجدا بالكوفة قد شرف قال: كأنه بيعة إن
المساجد لا تشرف، تبنى جما ".
709 - وسئل أبو الحسن الأول عليه السلام " عن الطين فيه التبن يطين به المسجد
أو البيت الذي يصلي فيه، فقال: لا بأس ".
710 - وسئل " عن بيت قد كان الجص يطبخ بالعذرة أيصلح أن يجصص به
المسجد؟ فقال: لا بأس ".
711 - وسئل " عن بيت قد كان حشا زمانا (2) هل يصلح أن يجعل مسجدا؟
فقال: إذا نظف وأصلح فلا باس ".
712 - وسأل عبيد الله بن علي الحلبي أبا عبد الله عليه السلام " في مسجد يكون
في الدار فيبدو لأهله أن يتوسعوا بطائفة منه أو يحولوه عن مكانه، فقال: لا بأس
بذلك، قال: فقلت: فيصلح المكان الذي كان حشا زمانا أن ينظف ويتخذ مسجدا؟

(1) العريش ما يستظل به، فلعل المراد أنه يجعل بدل السقف عريشا من وضع الأخشاب
ووضع الحشيش ونحوه عليها بحيث يندفع به حر الشمس عن أهل المسجد.
(2) في النهاية في الحديث " ان هذه الحشوس محتضرة " يعنى الكنف ومواضع قضاء
الحاجة، والواحد حش - بالفتح - وأصله من الحش: البستان لأنهم كانوا كثيرا ما يتغوطون
في البساتين.
236

قال: نعم (1) إذا ألقي عليه من التراب ما يواريه فإن ذلك ينظفه و يطهره ".
713 - وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: " من اختلف إلى المساجد أصاب
إحدى الثمان: أخا مستفادا في الله عز وجل (2)، أو علما مستطرفا، أو آية محكمة، أو رحمة منتظرة، أو كلمة ترده عن ردى، أو يسمع كلمة تدله على هدى، أو يترك
ذنبا خشية أو حياء " (3).
714 - و " سمع النبي صلى الله عليه وآله رجلا ينشد ضالة في المسجد، فقال: قولوا له:
لا رد الله عليك [ضالتك] فإنها (4) لغير هذا بنيت ".
715 - وقال عليه السلام: " جنبوا مساجدكم صبيانكم، ومجانينكم، ورفع أصواتكم
وشراءكم، وبيعكم، والضالة، والحدود، والأحكام " (5).
وينبغي أن تجنب المساجد إنشاد الشعر فيها وجلوس المعلم للتأديب فيها،
وجلوس الخياط فيها للخياطة.
716 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أسرج في مسجد من مساجد الله سراجا
لم تزل الملائكة وحملة العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوء من السراج ".
717 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " إذا أخرج أحدكم الحصاة من المسجد فليردها

(1) " مسجد يكون في الدار " أي مكان يتخذ للصلاة فيه وذلك لا يستلزم كونه
مسجدا حقيقة وقف للصلاة فيه لئلا يمكن توسيع الدار بأخذ بعضه فيها أو جعله كله فيها
وجعل مكان آخر بدله. (مراد).
(2) أي استفادة اخوته وتحصيلها لله، لا لأغراض الدنيا.
(3) المستطرف من الطرفة وهي النفيس والجديد، والمحكم ما استقل بالدلالة من
غير توقف على قرينة، والردى: الهلاك، الخشية والحياء اما من الله أو من الملائكة أو من
الناس (الوافي) وترك الذنب خشية هو السابع وتركه حياء هو الثامن والترديد بين الأمور
الثانية على سبيل منع الخلو، دون منع الجمع. (مراد)
(4) يعنى المساجد فالضمير باعتبار الجمع.
(5) أي جعلها عادة أو لغير الامام، فلا ينافي ما نقل من قضاء أمير المؤمنين عليه السلام
في مسجد الكوفة في بعض الأوقات. (سلطان)
237

في مكانها أو في مسجد آخر فإنها تسبح " (1).
ولا يجوز للحائض والجنب أن يدخلا المسجد إلا مجتازين (2).
718 - وقال الصادق عليه السلام: " خير مساجد نسائكم البيوت ".
719 - وسئل " عن الوقوف على المساجد، فقال: لا يجوز فإن المجوس
أوقفوا على بيوت النار " (3).

المشهور بين الأصحاب حرمة اخراج الحصى من المسجد ووجوب الرد إليه أو
إلى غيره. (م ت)
(2) واستثنى منه مسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله زادهما الله شرفا وتعظيما فليس للجنب
والحائض الاجتياز فيهما
(3) روى المؤلف في آخر كتاب الوقف، والشيخ في التهذيب ج 2 ص 376 عن
العباس بن عامر عن أبي الصحارى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " قلت له: رجل اشترى
دارا فبقيت عرصة فبناها بيت غلة أتوقف على المسجد؟ فقال: ان المجوس أقفوا على بيت
النار ". والمحكى عن الشهيد - رحمه الله - أنه قال في الذكرى: يستحب الوقف على المساجد
بل هو من أعظم المثوبات لتوقف بقاء عمارتها عليه التي هي من أعظم مراد الشارع، ثم ذكر
- رحمه الله - خبر أبي الصحارى وقال: أجاب عنه بعض الأصحاب بان الرواية مرسلة،
وبامكان الحمل على ما هو محرم فيها كالزخرفة والتصوير - انتهى.
أقول: قوله - قدس سره -: " يستحب الوقف على المساجد " ليس له دليل شرعي
الا العمومات ولا تشمله بعد ورود المنع، وأما توقف بقائها عليه فغير معلوم فان المساجد
التي ليس لها موقوف في عصرنا هذا كلها عامرة بل أشد عمرانا من المساجد التي لها
موقوفات، وان سلمنا ليس هو دليل شرعي يؤخذ به بل هو من قبيل الاستحسانات. وأما ارسال
السند فمدفوع لان طريق الصدوق إلى العباس بن عامر القصباني معلوم في المشيخة، وأما الحمل
على ما هو محرم فيها فلا وجه له.
وقال الفيض - رحمه الله - " المستفاد من الخبر تعليل المنع بالتشبه بالمجوس ولعل
الأصل فيه خفة مؤونة المساجد وعدم افتقارها إلى الوقف إذا بنيت كما ينبغي، وإنما افتقرت إليه للتعدى عن حدها ".
وقال المولى المجلسي - رحمه الله -: " عبارة الخبر محتمل للجواز بأن يكون المراد
أنه إذا كان المجوس أوقفوا عن بيت النار الباطل فإنهم أولى بأن يوقفوا على المسجد الحق "
أقول: هذا الاحتمال في غاية البعد كما ترى. والحق أن عبارة الخبر لا تدل على النهى
التحريمي بل غاية ما يستفاد منه الكراهة ووجهها معلوم عند ذوي البصائر، فان المسجد إذا
لم يكن له موقوف لا مطمع لاحد فيه ولا يتخذ دكانا يتنازع في إمامته وتوليته وغير ذلك، وقال
سلطان العلماء: " يحتمل أن يكون مراده بالسؤال عن الوقوف على المساجد وقوف الأولاد عليها
للخدمة وجوابه عليه السلام والتعليل بان المجوس أوقفوا على بيوت النار يشعر ان بهذا الحمل
وما في القاموس من " وقف يقف وقوفا أي دام قائما، والنصراني وقيفى - بكسر القاف المشددة
كخليقي -: خدم البيعة " يعضده كما لا يخفى على من له ذوق سليم " انتهى. وهو كما ترى مخالف
لصريح الخبر الذي نقلناه عن العباس بن عامر.
238

720 - وروي أن في التوراة مكتوبا " إن بيوتي في الأرض المساجد، فطوبى
لعبد تطهر في بيته ثم زارني في بيتي، ألا إن على المزور كرامة الزائر (1)، ألا بشر
المشائين في الظلمات إلى المساجد بالنور الساطع يوم القيامة ".
721 - وروي " أن البيوت التي يصلى فيها بالليل يضئ نورها لأهل السماء
كما يضئ نور الكواكب لأهل الأرض ".
722 - وروي " أن عليا عليه السلام مر على منارة طويلة فأمر بهدمها، ثم قال:
لا ترفع المنارة إلا مع سطح المسجد " (2).
723 - " وإن الله تبارك وتعالى ليريد عذاب أهل الأرض جميعا حتى لا يحاشي
منهم أحدا فإذا نظر إلى الشيب (3) ناقلي أقدامهم إلى الصلوات والولدان يتعلمون
القرآن رحمهم الله فأخر ذلك عنهم " (4).

(1) روى المؤلف صدر هذا الخبر في ثواب لأعمال ص 45 في حديث وذيله في آخر.
(2) يفهم منه حرمة بناء المنارات العالية لحمرة الاشراف على بيوت المسلمين، وحمله
الأكثر على الكراهة وان حكموا بحرمة الاشراف.
(3) قوله " ليريد " اللام دخلت على خبر " ان " للتأكيد. وقوله: " لا يحاشى " أي
لا يستثنى. والشيب اما - بسكر الشين - فجمع أشيب على القياس، واما بضم الشين وشد الياء
فجمع شائب. وهو المبيض الرأس.
(4) رواه المصنف في ثواب الأعمال باسناده، عن الأصبغ بن بناته، عن أمير المؤمنين
عليه السلام وفيه " ان الله عز وجل ليهم بعذاب أهل الأرض جميعا، لا يحاشى منهم أحدا - "
239

ومن أراد دخول المسجد فليدخل على سكون ووقار فإن المساجد بيوت الله
وأحب البقاع إليه، وأحبهم إلى الله عز وجل [رجلا] أولهم دخولا وآخرهم
خروجا (1).
ومن دخل المسجد فليدخل رجله اليمنى قبل اليسرى، وليقل " بسم الله وبالله
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، اللهم صل على محمد وآل محمد وافتح لنا
أبواب رحمتك، واجعلنا من عمار مساجدك، جل ثناء وجهك ". وإذا خرج فليخرج
رجله اليسرى قبل اليمنى وليقل: " اللهم صل على محمد وآل محمد، وافتح لنا باب
رحمتك " (2).
* (باب) *
* (المواضع التي تجوز الصلاة فيها والمواضع التي لا تجوز فيها) *
724 - قال النبي صلى الله عليه وآله: " أعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي: جعلت لي

(1) الظاهر أن " رجلا " منصوب بتقدير " يكون " وفى بعض النسخ " رجل " وعلى
التقديرين " أولهم " خبر مبتدأ محذوف أي هو أولهم دخولا والجملة صفة رجل. وفى بعضها
" أحبهم إلى الله عز وجل أولهم " بدون لفظ رجل، و " دخولا " تميز يرفع الابهام عن إضافة
أول إلى ضمير، وكذا القول في " آخرهم خروجا " (مراد).
(2) راجع التهذيب ج 1 ص 326 وفيه في حديث عبد الله بن الحسن " وإذا خرجت
فقل " اللهم اغفر لي وافتح لي أبواب فضلك " وفى حديث سماعة " إذا دخلت المسجد فقل:
" بسم الله والسلام على رسول الله ان الله وملائكته يصلون على محمد وآل محمد والسلام عليهم
ورحمة الله وبركاته، رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك " وإذا خرجت فقل مثل ذلك ".
240

الأرض مسجدا وطهورا (1)، ونصرت بالرعب، وأحل لي المغنم (2)، وأعطيت جوامع
الكلم (3)، وأعطيت الشفاعة ".
وتجوز الصلاة في الأرض كلها إلا في المواضع التي خصت بالنهي عن الصلاة
فيها.
725 - وقال الصادق عليه السلام: " عشرة مواضع لا يصلى فيها: الطين، والماء،
والحمام، والقبور، ومسان الطريق (4) وقرى النمل، ومعاطن الإبل، ومجرى الماء،

(1) " مسجدا وطهورا " يمكن أن يراد منه أن وجه الأرض له صلى الله عليه وآله و
لامته كالمسجد في ترتب الثواب فثواب الصلاة في أي مكان كان مثل ثوابها من الأمم السابقة
في المسجد، ويمكن أن يكون صحة صلاتهم مشروطة بايقاعها في مكان خاص لا في أي مكان كان،
وأن يكون المراد بالمسجد مسجد الجبهة وكأن فيهم أمرا غير الأرض وما ينبت منهما. والظاهر
من كونها طهورا أنها تقوم مقام الماء وذلك واقع في التيمم وفى تطهيرها باطن القدم والنعل
ومحل الاستنجاء، ولا يخفى أن ذلك يؤيد قول الشريف المرتضى رضي الله عنه في رفع التيمم
الحدث إلى وجود الماء لان ذلك مقتضى المطرية (مراد)
(2) في النهاية " نصرت بالرعب مسيرة شهر " الرعب الخوف والفزع، كان أعداء
النبي صلى الله عليه وآله قد أوقع الله في قلوبهم الخوف منه فإذا كان بينه وبينهم مسيرة شهرها بوه وفزعوا
منه - ا ه‍. والمشهور أن حل الغنيمة من خصائص هذه الأمة وأن الأمم المتقدمة لم يبح لهم الغنائم،
وقال في السراج المنير: لا يحل لهم منها شئ، بل كانت تجمع فتأتي نار من السماء
فتحرقها.
(3) في النهاية " أوتيت جوامع الكلم " يعنى القرآن جمع الله سبحانه في الألفاظ
اليسيرة معاني كثيرة، واحدها جامعة أي كلمة جامعة.
(4) مسان الطريق - بشد النون -: معظمه والمسلوك منه، وقوله " لا يصلى " أعم
من الحرمة والكراهة. وقال المولى مراد التفرشي: قوله " لا يصلى فيها " أي لا ينبغي أن يصلى
فيها، ويمكن أن يراد منه معنى النهى ولا يدل على حرمة الصلاة في تلك الموضع لان الانشاء
كما يجوز حمله على الطلب مع المنع عن النقيض يمكن حمله على الطلب من غير منع
عن ذلك.
241

والسبخة، والثلج " (1).
426 - وروي " أنه لا يصلى في البيداء، ولا ذات الصلاصل، ولا في وادي الشقرة
ولا في وادي ضجنان " (2).
فإذا حصل الرجل في الطين أو الماء وقد دخل وقت الصلاة ولم يمكنه الخروج
منه صلى إيماء ويكون سجوده أخفض من ركوعه (3) ولا بأس بالصلاة في مسلخ الحمام
وإنما يكره في الحمام لأنه مأوى الشياطين.
727 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام عن الصلاة في بيت
الحمام، فقال: إذا كان الموضع نظيفا فلا بأس [بالصلاة] يعني المسلخ " (4).
وأما القبور فلا يجوز أن تتخذ قبلة ولا مسجدا، ولا بأس بالصلاة بين خللها

(1) " قرى النمل " جمع قرية وهي مجتمع ترابها حول جحرها. والمراد بمعاطن
الإبل مباركها ومقتضى كلام أهل اللغة أنها أخص من ذلك، فإنهم قالوا: معاطن الإبل مباركها
حول الماء لتشرب عللا بعد نهل، والعلل الشرب الثاني، والنهل الشرب الأول. ونقل عن أبي
الصلاح أنه منع من الصلاة في أعطان الإبل، وهو ظاهر المفيد (ره) في المقنع ولا ريب أنه
أحوط وعند المتأخرين محمول على الكراهة. والسبخة: الأرض الملحة أو أرض ذات نزو
يعلو الماء وهي واحدة السباخ: الأراضي التي تعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت شيئا.
(2) في المحكى عن النفلية: ليبدأ موضع في طريق مكة على سبعة أميال من المدينة
أو على رأس ميل من ذي الحليفة. والصلاصل: الطين الأحمر المخلوط بالرمل - انتهى.
وقيل: ذات الصلاصل، ووادي الشقرة - بضم الشين وسكون القاف. وهي موضع في طريق مكة -
والضجنان - بالتحريك وهو جبل بتهامة - والبيداء - بفتح الباء - كلها مواضع خسف. قال في
التذكرة: وكذا كل موضع خسف.
(3) هذه الفتوى تخالف ما أفتى به في آخر باب صلاة الخوف والمطاردة حيث قال:
" والعريان يصلى قاعدا - إلى أن قال: - وفى الماء والطين تكون الصلاة بالايماء والركوع
أخفض من السجود ". وهذا هو الصواب كما سيأتي نقل النصوص عليه هناك.
(4) تأويل الصدوق - رحمه الله - بعيد جدا لان المسلخ ليس ببيت الحمام مع أن عدم
البأس لا ينافي الكراهة. والظاهر أن الكراهة في هذه المواضع بمعنى أقل ثوابا (م ت).
242

ما لم يتخذ شئ منها قبلة (1) والمستحب أن يكون بين المصلى وبين القبور عشرة
أذرع من كل جانب.
وأما مسان الطريق فلا يجوز الصلاة فيها، ولا على الجواد (2) فأما على الظواهر
التي بين الجواد فلا بأس.
728 - وقال الرضا عليه السلام: " كل طريق يوطأ ويتطرق كانت فيه جادة أو لم
تكن لا ينبغي الصلاة فيه، قيل: فأين يصلى؟ قال: يمنة ويسرة ".
729 - وسأل الحلبي أبا عبد الله عليه السلام " عن الصلاة في مرابض الغنم فقال: صل
ولا تصل في أعطان الإبل (3) إلا أن تخاف على متاعك الضيعة فاكنسه ورشه بالماء
وصل فيه، قال: وكره الصلاة في السبخة إلا أن يكون مكانا لينا تقع عليه الجبهة
مستوية " (4).
730 - وسئل الصادق عليه السلام " عن الصلاة في بيوت المجوس وهي ترش بالماء
قال: لا بأس به، ثم قال (5): ورأيته في طريق مكة أحيانا يرش موضع جبهته، ثم يسجد

(1) " أن تتخذ قبلة " بأن تكون بين يدي المصلى، و " لا مسجدا " بأن يصلى فوقها،
وظاهره بطلان الصلاة وان أمكن حمله على الكراهة كما هو دأبهم. (م ت)
وفى المقنعة " روى أنه لا بأس بالصلاة إلى قبلة فيها قبر الإمام عليه السلام " وقال
الشيخ - رحمه الله - في النهاية: " هي محمول على النوافل وإن كان الأصل ما ذكرناه من
الكراهة مطلقا ". (سلطان).
وقال الفاضل التفرشي: قوله: " لا يجوز أن تتخذ قبلة " ان حمل على ظاهره كان
معنى " لا بأس " الجواز وان اشتمل على كراهة، وكان معنى المستحب رفع الكراهة رأسا،
وان أريد بعدم الجواز شدة الكراهة كان معنى " لا بأس " عدم تلك الشدة، وكان معنى
المستحب رفع ما بقي فيه من الكراهة.
(2) الجاد: وسط الطريق أو معظمه والجمع جواد. (المصباح المنير).
(3) في بعض النسخ " معاطن الإبل " يعنى وطن الإبل ومبركها.
(4) يفهم من هذا الخبر وغيره من الاخبار أن علة النهى عدم الاستواء غالبا. (م ت)
(5) يعنى الراوي وهو الحلبي كما في الكافي ج 3 ص 388.
243

عليه رطبا كما هو (1)، وربما لم يرش المكان الذي يرى أنه نظيف ".
731 - وقال صالح بن الحكم " (2) سئل الصادق عليه السلام عن الصلاة في البيع و
الكنائس فقال: صل فيها، قال: فقلت: وإن كانوا يصلون فيها أصلي فيها؟ قال:
نعم أما تقرأ القرآن " قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا "
صل إلى القبلة ودعهم ".
732 - وسأل زرارة أبا جعفر عليه السلام " عن البول يكون على السطح أو في المكان
الذي يصلى فيه، فقال: إذا جففته الشمس فصل عليه فهو طاهر " (3).
733 - وسأل عامر بن نعيم القمي (4) أبا عبد الله عليه السلام " عن المنازل التي ينزلها
الناس، فيها أبوال الدواب والسرجين، ويدخلها اليهود والنصارى كيف نصنع بالصلاة
فيها؟ فقال: صل على ثوبك ".
734 - وسأل علي بن مهزيار (5) أبا الحسن الثالث عليه السلام " عن الرجل يصير
في البيداء فتدركه صلاة فريضة فلا يخرج من البيداء حتى يخرج وقتها كيف يصنع
بالصلاة وقد نهى أن يصلى بالبيداء؟ فقال: يصلي فيها ويتجنب قارعة الطريق " (5).
735 - وروى عنه عليه السلام أيوب بن نوح أنه قال: " يتنحى عن الجواد يمنة
ويسرة ويصلي ".

(1) يفهم منه أن المكان يطهر برش الماء عليه إذ لولا ذلك فرش المكان الذي
يرى أنه ليس بنظيف يوجب تعدية نجاسته إلى الجبهة الا أن يراد بالنظيف ما ليس فيه
كثافة. (مراد)
(2) الطريق إلى صالح بن الحكم صحيح وهو ضعيف. والبيعة معبد النصارى.
(3) يدل على أن الشمس مطهرة وأنه يشترط في محل السجدة الطهارة، ويحتمل أن
يكون الامر بالصلاة باعتبار استحباب طهارة مساقط الأعضاء (م ت) والسند صحيح.
(4) الطريق إليه حسن بإبراهيم بن هاشم وفى الخلاصة انه صحيح. وفى أكثر النسخ
صحف بعمار بن نعيم.
(5) الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.
(6) قارعة الطريق أعلاه، وموضع قرع المارة. (المغرب)
244

736 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام " عن البيت والدار
لا تصيبهما الشمس ويصيبهما البول ويغتسل فيهما من الجنابة أيصلي فيهما إذا جفا؟
قال: نعم. قال: وسألته عن الصلاة بين القبور هل تصلح؟ فقال: لا بأس به ".
737 - وسأل عمار بن موسى الساباطي أبا عبد الله عليه السلام " عن البارية (1) يبل قصبها
بماء قذر هل تجوز الصلاة عليها؟ فقال: إذا جففت فلا بأس بالصلاة عليها " (2).
738 - وسأل زرارة أبا جعفر عليه السلام " عن الشاذكونة (3) تكون عليها الجنابة
أيصلى عليها في المحمل؟ فقال: لا بأس بالصلاة عليها ".
739 - وروى محمد بن مسلم (4) عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " لا بأس بأن تصلي
على [كل] التماثيل إذا جعلتها تحتك ".
740 - وسأل ليث المرادي (5) أبا عبد الله عليه السلام " عن الوسائد تكون في البيت
فيها التماثيل عن يمين أو عن شمال، فقال: لا بأس به ما لم تكن تجاه القبلة، وإن كان
شئ منها بين يديك مما يلي القبلة فغطه وصل ".
741 - وسئل " عن التماثيل تكون في البساط لها عينان وأنت تصلي (6) فقال:

(1) واحد البواري جمع باري وهو الحصير، ويقال له: البوريا بالفارسية (المغرب).
(2) الظاهر أن المراد تجفيفها بالشمس لأنه المعهود والمتعارف دون غيرها كالنار، و
حمله على جفافها بنفسها خلاف الظاهر، وحينئذ يدل على طهارتها بذلك لأنه بظاهره يعطى جواز السجود عليه، وأما حديث علي بن جعفر عليه السلام السابق فاما محمول على مكان يتوهم وقوع
البول فيه واما أن يستثنى موضع الجبهة بدليل خاص. (مراد)
(3) الشاذكونه: ثياب غلاظ مضربة تعمل باليمن والى بيعها نسب الحافظ أبو أيوب
سليمان الشاذكوني لأنه كان يبيعها، وقيل: هي حصير صغير متخذ للافتراش.
(4) في الطريق إليه جهالة كما مر.
(5) هو أبو بصير والطريق إليه ضعيف بعلى بن أبي حمزة البطائني.
(6) في التهذيب ج 1 ص 240 باسناد فيه ارسال عن أبي عبد الله عليه السلام هكذا " قال:
" سألته عن التماثيل يكون في البساط لها عينان وأنت تصلى؟ فقال: ان كانت لها عين واحدة
فلا بأس وان كانت لها عينان فلا ".
245

إن كان لها عين واحدة فلا بأس وإن كان لها عينان وأنت تصلي فلا " (1).
742 - وقال عليه السلام: " لا بأس بالصلاة أنت تنظر إلى التصاوير إذا كانت بعين
واحدة " (2).
743 - وقال الصادق عليه السلام: " لا تصل في دار فيها كلب إلا أن يكون كلب صيد
وأغلقت دونه بابا فلا بأس وإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب (3) ولا بيتا فيه تماثيل
ولا بيتا فيه بول مجموع في آنية ".
ولا يجوز الصلاة في بيت فيه خمر محصورة في أنية (4).
744 - وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام أنه قال: " من كان في موضع لا يقدر
على الأرض (5) فليؤم إيماء وإن كان في أرض منقطعة " (6).
745 - وسأله سماعة بن مهران " عن الأسير يأسره المشركون فتحضره الصلاة

(1) كذا وفى الكافي ج 3 ص 392 " في التمثال يكون في البساط فتقع عينك عليه وأنت
تصلى قال: إن كان بعين واحدة فلا بأس وإن كان له عينان فلا ".
(2) كما في صور الطيور فان يكتفى في تصويرها بعين واحدة تقوم مقام عينيها بخلاف
تصوير الانسان مثلا فإنه يؤتى فيه غالبا بعينين. (مراد)
(3) قوله " وأغلقت دونه بابا " لعل وجهه أنه لولا ذلك لربما دخل البيت الذي يصلى
فيه فيشغل القلب (مراد) وقوله " فان الملائكة لا تدخل - الخ " يمكن أن يجعل تعليلا لمنع الصلاة
في بيت فيه كلب فيراد بالكلب غير كلب الصيد، وأن يجعل تعليلا لاغلاق باب البيت الذي يصلى
فيه لئلا يدخل كلب الصيد فيخرج منه الملائكة. (سلطان)
(4) في التهذيب ج 1 ص 243 باسناده عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: " لا تصلى في بيت فيه خمر أو مسكر ". وكذا في الكافي ج 3 ص 392.
(5) أي على أرض يسجد عليها ويركع فيها كما في الموتحل والغريق. (مراد)
(6) الظاهر أنه معطوف على الشرط السابق فجزاؤه جزاؤه فالتقدير أنه من كان في
موضع لا يقدر على الأرض ومن كان في أرض منقطعة فليؤم ايماء، والظاهر أن المراد بالأرض
المنقطعة أي القطع المنقطعة عن ارض بحيث لا يسع السجود عليها، أو المنقطعة عن
بلاد الاسلام بحيث لا يمكن اظهار شعائر الاسلام فيها فيؤمى للركوع والسجود كما في الخبر
الآتي. (سلطان)
246

فيمنعه الذي اسره منها، فقال: يومي إيماء ".
746 - وسأل معاوية بن وهب (1) أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل والمرأة يصليان
في بيت واحد، فقال: إذا كان بينهما قدر شبر صلت بحذاه وحدها (2) وهو وحده
لا بأس ". 747 - وفى رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام " إذا كان بينها وبينه قدر ما
يتخطى، أو قدر عظم ذراع فصاعدا فلا بأس [أن صلت بحذا وحدها] ".
748 - ورى جميل عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " لا بأس أن تصلي المرأة
بحذاء الرجل وهو يصلي (3) فإن النبي صلى الله عليه وآله كان يصلي وعائشة مضطجعة
بين يديه وهي حائض، وكان إذا أراد أن يسجد غمز رجليها فرفعت رجليها (4)
حتى يسجد ".
ولا بأس أن يكون بين يدي الرجل والمرأة وهما يصليان مرفقة (5) أو شئ.
باب
* (ما يصلى فيه وما لا يصلى فيه من الثياب وجميع الأنواع) *
749 - روى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام " أنه سأله عن جلد الميتة يلبس
في الصلاة إذا دبغ؟ فقال: لا وإن دبغ سبعين مرة ".

(1) الطريق صحيح وقد تقدم وكذا الخبران الاتيان خبر زرارة وجميل.
(2) يمكن أن يراد أن أحدهما لا يقتدى بالآخر بل كل يصلى منفردا، وأن يراد أنهما
لا يصليان معا بل يصلى أحدهما ثم يصلى الاخر. (مراد)
(3) الظاهر - بقرينة التعليل - أن قوله " وهو يصلى " معطوف على مدخول " لا بأس "
وليس الواو للحال، والمعنى لا بأس أيضا أن يصلى الرجل بحذاء المرأة، وقوله فان النبي "
تعليل لهذا. هذا والظاهر من التعليل تصحيف " تضطجع " بتصلى.
(4) في بعص النسخ " فتحت رجليها ".
(5) المرفقة - بالكسر -: المخدة.
247

750 - وسئل الصادق عليه السلام " عن قول الله عز وجل لموسى عليه السلام " فاخلع نعليك
إنك بالواد المقدس طوى " قال: كانتا من جلد حمار ميت ".
751 - وسئل أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما السلام فقيل لهما: " إنا نشتري ثيابا يصيبها
الخمر وودك الخنزير عند حاكتها أنصلي فيها قبل ان نغسلها؟ فقالا: نعم لا بأس إنما
حرم الله اكله وشربه، ولم يحرم لبسه ومسه والصلاة فيه " (1).
752 - وسأل محمد بن علي الحلبي أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يكون له
الثوب الواحد فيه بول لا يقدر على غسله، قال: يصلي فيه ". (2)
753 وسأله عليه اسلام عبد الرحمن بن أبي عبد الله (3) " عن الرجل يجنب في ثوب
وليس معه غيره ولا يقدر على غسله، قال: يصلي فيه ".
754 - وفي خبر آخر قال: " يصلي فيه فإذا وجد الماء غسله وأعاد الصلاة ".
755 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام " عن رجل عريان و
حضرت الصلاة فأصابت ثوبا نصفه دم أو كله دم يصلي فيه أو يصلي عريانا؟ قال: إن

(1) الودك - محركة -: الدسم من اللحم والشحم، الحائك النساخ جمعه حاكة. وقوله
" تصيبها الخمر " أي من شأنها وظاهر حالها أن تصيبها الخمر وودك الخنزير حيث إن حائكها
لا يجتنب عنهما - والضمير في " أكله " راجع إلى الخنزير وفى شربه إلى الخمر بتأويل المشروب
ونحوه وفى " لبسه " وتالييه إلى الثوب المذكور في ضمن الثياب، ولا يخفى ما في ذلك من
التفكيك وهو أيضا يوجب ضعف العمل بهذا الحديث أو يظن أن مثله لا يكون من البليغ و
على التأويل المذكور لابد من حمل " لبسه " على لبس الثوب الذي يتوهم أن يصيبه الخمر و
الودك وكذا الكلام في تالييه، ولعل المراد بمسه مسه بالرطوبة. (مراد)
(2) فيه دلالة على وجوب الصلاة في الثوب النجس لا عاريا، فيقتضى على القواعد
الشرعية عدم وجوب الإعادة والحديث صحيح وكذا ما بعده فيمكن حمل ما دل على الإعادة
على الاستحباب. وفى بعض الروايات ما يدل على الصلاة عريانا لكنه في سنده كلام، ويمكن
الجمع بحمل هذه الأخبار على الضرورة وذلك على عدمها والتخيير مع الأفضلية. (سلطان)
(3) الطريق صحيح كما في الخلاصة.
248

وجد ماء غسله، وإن لم يجد ماء صلى فيه ولا يصل عريانا " (1).
756 - وكتب صفوان بن يحيى (2) إلى أبي الحسن عليه السلام يسأله " عن الرجل
معه ثوبان فأصاب أحدهما بول ولم يدر أيهما هو وحضرت الصلاة وخاف فوتها وليس
عنده ماء كيف يصنع؟ قال: يصلي فيهما جميعا ".
قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: يعني على الانفراد (3).
757 - وقال محمد بن مسلم لأبي جعفر عليه السلام: " الدم يكون في الثوب علي وأنا
في الصلاة؟ فقال: إن رأيته وعليك ثوب غيره فاطرحه (4) وصل في غيره، وإن لم يكن
عليك ثوب غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك ما لم يزد على مقدار درهم فإن كان أقل من
درهم (5) فليس بشئ رأيته أو لم تره، وإذا كنت قد رأيته وهو أكثر من مقدار الدرهم فضيعت
غسله وصليت فيه صلوات كثيرة فأعد ما صليت فيه وليس ذلك بمنزلة المني والبول (6)
ثم ذكر عليه السلام المني فشدد فيه وجعله أشد من البول، ثم قال عليه السلام: إن رأيت المني
قبل أو بعد فعليك الإعادة إعادة الصلاة وإن أنت نظرت في ثوبك فلم تصبه وصليت
فيه فلا إعادة عليك وكذا البول " (7).
758 - وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: " السيف بمنزلة الرداء

(1) فيه دلالة صريحة في المنع من طرح الثوب والصلاة عريانا كما ذهب إليه بعض
وكذا في الخبرين السابقين. (مراد)
(2) الطريق إليه صحيح وهو ثقة.
(3) فيكون معنى " جميعا " كل الافرادي دون المجموعي. (مراد)
(4) الامر بالطرح اما مبنى على كون الدم أزيد من درهم أو الامر محمول على الرجحان
المطلق أعم من الندب والوجوب. (سلطان)
(5) يدل بمفهومه على عدم العفو بمقدار الدرهم فينافي المدلول السابق فيلزم طرح
هذا المفهوم. (سلطان)
(6) حيث لا يعفى عن قليلهما.
(7) مروى صدره في الكافي ج 3 ص 59 مضمرا وذيله في التهذيب ج 1 ص 72 عن أبي
عبد الله عليه السلام.
249

تصلي فيه ما لم تر فيه دما، والقوس بمنزلة الرداء " إلا أنه:
759 - " لا يجوز للرجل أن يصلي وبين يديه سيف لان القبلة أمن " (1)
روى ذلك عن أمير المؤمنين عليه السلام.
760 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام " عن الرجل هل
يصلح له أن يصلي وأمامه مشجب (2) عليه ثياب؟ فقال: لا بأس ".
761 - وسأله " عن الرجل يصلي وأمامه ثوم أو بصل؟ قال: لا بأس ".
762 - وسأله " عن الرجل هل يصلح أن يصلي على الرطبة النابتة؟ (3) قال:
إذا ألصق جبهته على الأرض فلا بأس ".
763 - وسأله " عن الصلاة على الحشيش النابت أو الثيل وهو يصيب أرضا
جددا؟ (4) قال: لا بأس ".
764 - و " عن الرجل هل يصلح له أن يصلي والسراج موضوع بين يديه في
القبلة؟ قال: لا يصلح له أن يستقبل النار ". هذا هو الأصل الذي يجب أن يعمل به.
765 - فأما الحديث الذي روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " لا بأس أن

(1) قوله: " لان القبلة أمن " وجه التعليل غير ظاهر ولا يبعد أن يقال: الامن هنا
بمعنى المأمون ضد من يخاف خيانته والسيف مما تضعه الانسان بينه وبين من يخاف خيانته
فلا ينبغي أن يضعه المصلى بينه وبين القبلة. (مراد)
(2) المشجب - بكسر الميم -: خشبات تضم رؤسها وتفرج قوائمها، يلقى عليها
الثياب وتعلق عليها الأسقية لتبريد الماء.
(3) في الصحاح: الرطبة - بالفتح -: القضب خاصة ما دام رطبا. والقضب والقضبة
الرطبة وهي الاسفست بالفارسية. لعل المراد بالصاق جبهته تمكن الجبهة منها.
(4) الثيل - بالثاء المثلثة - ككيس: ضرب من النبت معروف له قضبان طويلة ذات
عقد تمتد على الأرض، والجدد الأرض الصلبة. وقال الفاضل التفرشي: ولعل معنى اصابته الأرض
الجدد ان هناك أرضا له أن يصلى عليها؟.
250

يصلي الرجل والنار 1 (1) السراج والصورة بين يديه، لان الذي يصلي له أقرب إليه من الذي بين يديه ".
فهو حديث يروى عن ثلاثة من المجهولين باسناد منقطع يرويه الحسن بن علي
الكوفي وهو معروف، عن الحسين بن عمرو، عن أبيه، عن عمرو بن إبراهيم الهمداني
وهم مجهولون يرفع الحديث قال: قال أبو عبد الله عليه السلام ذلك، ولكنها رخصة
اقترنت بها علة (2) صدرت عن ثقات ثم اتصلت بالمجهولين والانقطاع فمن أخذ بها لم
يكن مخطئا، بعد أن يعلم أن الأصل هو النهي، وأن الاطلاق هو رخصة، والرخصة
رحمة.
766 - وسئل الصادق عليه السلام " عن الصلاة في القلنسوة السوداء؟ فقال: لا تصل
فيها فإنها لباس أهل النار " (3).
767 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام فيما علم أصحابه: " لا تلبسوا السواد فإنه
لباس فرعون ".
768 - و " كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكره السواد إلا في ثلاثة: العمامة والخف
والكساء ".

(1)
لعل المراد بنفي البأس عدم الحرمة وبعدم الصلاحية في الخبر السابق الكراهية
فلا منافاة. (مراد) أقول: هذه الأخبار من 759 إلى هنا كلها أجنبية عن الباب.
(2) الظاهر أن المراد بالعلة الحديث الذي هو علة الحكم، ويمكن حملها على
العذر أي إن كان هناك عذر، وحاصله أن الحديث الدال على المنع هو المعتبر المعول عليه
والدال على الجواز مشتمل على جهالة الرواة والرفع، لكن يمكن العمل به من حيث أن
الثقات نقلوه في كتبهم المعتبرة وحكمه مشتمل على التخفيف واليسر الذي هو مطلوب
الشارع بالنسبة إلى المكلفين فلو جعل قرينة على حمل الحديث الدال على المنع على الكراهة
أو على ما إذا لم يكن للمكلف عذر لم يكن خطأ. (مراد)
(3) محمول على الكراهة. ولعل المراد بأهل النار خلفاء بنى العباس لان السواد
شعارهم.
251

769 - وروي " أنه هبط جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله في قباء أسود
ومنطقة فيها خنجر، فقال صلى الله عليه وآله: يا جبرئيل ما هذا الزي فقال: زي ولد عمك
العباس يا محمد، ويل لولدك من ولد عمك العباس، فخرج النبي صلى الله عليه وآله إلى العباس
فقال: يا عم ويل لولدي من ولدك، فقال: يا رسول الله أفأجب نفسي؟ قال: جرى القلم
بما فيه ".
770 - وروى إسماعيل بن مسلم عن الصادق عليه السلام أنه قال: " أوحى الله
عز وجل إلى نبي من أنبيائه قل للمؤمنين: لا يلبسوا لباس أعدائي، ولا يطعموا
مطاعم أعدائي، ولا يسلكوا مسالك أعدائي فيكونوا أعدائي كما هم أعدائي " (2).
فأما لبس السواد للتقية فلا إثم فيه.
771 - فقد روي عن حذيفة بن منصور أنه قال: " كنت عند أبي عبد الله عليه السلام
بالحيرة فأتاه رسول أبي العباس الخليفة يدعوه فدعا بممطر (3) أحد وجهيه أسود
والآخر أبيض فلبسه، ثم قال عليه السلام: أما إني ألبسه وأنا أعلم أنه لباس أهل النار ".

(1) جب يجب - بشد الباء الموحدة - أي قطع، والجب: القطع أي أترخص لي أن
أقطع ذكرى، وفى بعض النسخ " جف القلم بما فيه ".
(2) حمل على الكراهة الشديدة وظاهر المؤلف التحريم ويؤيد ذلك قوله: " فاما
لبس السواد - الخ ". وروى المؤلف نحو هذا الخبر في العيون 193 باسناده عن علي بن أبي طالب
عليه السلام عن رسول الله (ص) وقال بعده: لباس الأعداء هو السواد، ومطاعم الأعداء النبيذ
والمسكر والفقاع والطين والجري من السمك والمار ما هي والزمير والطافي وكل ما لم
يكن له فلوس من السمك، ولحم الأرنب والضب والثعلب وما لم يدف من الطير وما استوى طرفاه
من البيض والدبا من الجراد وهو الذي لا يستقل بالطيران والطحال، ومسالك الأعداء مواضع
التهمة ومجالس شرب الخمر والمجالس التي فيها الملاهي ومجالس الذين لا يقضون بالحق و
المجالس التي يعاب فيها الأئمة عليه السلام والمؤمنون ومجالس أهل المعاصي والظلم والفساد.
(3) الحيرة البلد القديم بظهر الكوفة كان يسكنه النعمان بن المنذر وهي عاصمة
المناذر: بلدان بنواحي خوزستان. والممطر - كمنبر -: ما يلبس في المطر يتوقى به منه.
252

772 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا يصلي الرجل وفي يده خاتم حديد " (1).
773 - وقال عليه السلام: " ما طهر الله يدا فيها حلقة حديد " (2).
774 - وروى عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام " في الرجل يصلي وعليه خاتم
حديد؟ قال: لا ولا يتختم به لأنه من لباس أهل النار ".
775 - وروى أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام " أن النبي صلى الله عليه وآله قال: لعلي
عليه السلام إني أحب لك ما أحب لنفسي وأكره لك ما أكره لنفسي فلا تتختم
بخاتم ذهب فإنه زينتك في الآخرة، ولا تلبس القرمز (3) فإنه من أردية إبليس
ولا تركب بميثرة (4) حمراء فإنها من مراكب إبليس، ولا تلبس الحرير فيحرق الله
جلدك يوم تلقاه ". ولم يطلق النبي صلى الله عليه وآله لبس الحرير لاحد من الرجال إلا لعبد
الرحمن بن عوف وذلك أنه كان رجلا قملا " (5).
776 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام " عن الرجل يصلي و
أمام شئ من الطير؟ قال: لا بأس، وعن الرجل يصلي وأمامه النخلة وفيها حملها؟
قال: لا بأس، وعن الرجل يصلي في الكرم وفيه حمله؟ قال: لا بأس، وعن الرجل
يصلي وأمامه حمار واقف؟ قال: يضع بينه وبينه قصبة أو عودا أو شيئا يقيمه بينهما
ثم يصلي فلا بأس، وعن الرجل يصلي ومعه دبة من جلد حمار أو بغل قال: لا يصلح
أن يصلي وهي معه إلا أن يتخوف عليها ذهابها فلا بأس أن يصلي وهي معه. وعن
الرجل تحرك بعض أسنانه وهو في الصلاة هل ينزعه؟ قال: إن كان لا يدميه فلينزعه

(1) حمل على الكراهة تجنبا لصدائه وخبثه، وفى بعض النسخ " حلقة حديد ".
(2) في بعض النسخ " خاتم حديد ".
(3) القرمز - بالكسر -: صبغ أرمني يكون من عصارة دود يكون في آجامهم.
(4) الميثرة: ما يؤخذ من القطن وغير ذلك يوضع على الجمل ويركب عليه.
(5) القمل - بكسر الميم -: الكثير القمل وهو دويبة معروفة.
253

وإن كان يدمي فلينصرف. (1) وعن الرجل يصلي وفي كمه طير؟ فقال: إن خاف عليه
ذهابا فلا بأس، وعن الرجل يكون به الثالول (2) أو الجرح هل يصلح له أن يقطع
الثالول وهو في صلاته أو ينتف بعض لحمه من ذلك الجرح ويطرحه؟ (3) قال: إن
لم يتخوف أن يسيل الدم فلا بأس وإن تخوف أن يسيل الدم فلا يفعله، وعن
الرجل يكون في صلاته فرماه رجل فشجه فسال الدم فانصرف وغسله ولم يتكلم
حتى رجع إلى المسجد هل يعتد بما صلى أو يستقبل الصلاة؟ قال: يستقبل الصلاة
ولا يعتد بشئ مما صلى، وعن الرجل يرى في ثوبه خرء الطير (4) أو غيره هل
يحكه وهو في صلاته؟ قال: لا بأس، وقال: لا بأس أن يرفع الرجل طرفه إلى
السماء وهو يصلي ".
777 - وسأله عن الخلاخل هل يصلح لبسها للنساء والصبيان؟ قال: إن كن
صماء فلا بأس وإن كان لها صوت فلا يصلح " (5).
778 - وسأله " عن فأرة المسك تكون مع من يصلي وهي في جيبه أو ثيابه؟
قال: لا بأس بذلك ".
779 - وسأله " عن الرجل هل يصلح له أن يصلي وفي فيه الخرز واللؤلؤ؟
قال: إن كان يمنعه من قراءته فلا، وإن كان لا يمنعه فلا بأس ".
780 - وسأل عمار بن موسى أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل هل يجوز له أن

(1) أي من الصلاة وذلك على تقدير وقوع الادماء أو فلينصرف عن هذا الفعل وذلك على
تقدير أنه يظن أن النزع يدمى. (مراد)
(2) كذا في النسخ، وما في كتب اللغة " الثؤلول " وزان عصفور وقال الفيومي:
ويجوز التخفيف. وهو بثر الذي يكون كالحبة يظهر في الجلد كالحمصة فما دونها.
(3) حمل على ما إذا كان جافا لان اللحم المبان من بدن الحي نجس لكونه ميتة و
ان يكن رطبا ينجس اليد بملاقاته.
(4) حمل على ما يؤكل لحمه، والخرء - بالضم - العذرة.
(5) قوله " فلا يصلح " ظاهره الكراهة.
254

يصلي وبين يديه مصحف مفتوح في قبلته؟ قال: لا، قلت: وإن كان في غلافه؟
قال: نعم (1) وعن الرجل يصلي وبين يديه تور فيه نضوح (2) قال: نعم، قلت: يصلي
وبين يديه مجمرة شبه (3) قال: نعم، قال: قلت: فإن كان فيها نار؟ قال: لا يصلي حتى
ينحيها عن قبلته وعن الصلاة في ثوب يكون في علمه (4) مثال طير أو غير ذلك؟
قال: لا. وعن الرجل يلبس الخاتم فيه نقش مثال الطير أو غير ذلك؟ قال: لا تجوز
الصلاة فيه " (5).
781 - وسأل حبيب بن المعلى (6) أبا عبد الله عليه السلام فقال له: " إني رجل كثير السهو
فما أحفظ صلاتي إلا بخاتمي أحوله من مكان إلى مكان؟ فقال: لا بأس به ".
782 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام فقال له: " أيصلي الرجل وهو متلثم؟
فقال: أما على الدابة فنعم، وأما على الأرض فلا " (7).

(1) قوله " نعم " يحتمل أن يكون تصديقا ليجوز، فيفيد الجواز. وأن يكون تصديقا
لقول السائل " وإن كان في غلاف " فيفيد المنع لكن السياق يؤيد الأول فحكم المصحف المفتوح
بين يدي المصلى غير ما كان في غلافه فعلى أي حمل على الكراهة.
(2) التور - بالفتح - اناء صغير يشرب فيه، والنضوح: ضرب من الطيب.
(3) الشبه - بفتحتين - ما يشبه الذهب بلونه من المعادن وهو أرفع من الصفر.
(4) بفتح العين واللام. وفى بعض النسخ " في عمله ".
(5) حمل على الكراهة.
(6) الطريق صحيح كما في (صه) وهو ثقة ثقة.
(7) قال العلامة المجلسي - رحمه الله - قوله " أما على الدابة " كأنه من خوف العدو لان
فائدة اللثام دفعه بان لا يعرفه وأما على الأرض فضرره نادر - انتهى. وقال الفيض (ره): لعل وجه
الفرق أن الراكب ربما يتلثم لئلا يدخل فاه الغبار فليزمه ذلك، بخلاف الواقف على الأرض
- انتهى. واللثام - ككتاب ما على الفم من النقاب وحمل على اللثام الغير المانع من القراءة
وسيأتي عن الحلبي تحت رقم 823 قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام هل يقرء الرجل في
صلاته وثوبه على فيه؟ قال: لا بأس بذلك إذا سمع الهمهمة " وأورده الشيخ في التهذيب دليلا
على ما أول به الروايات الدالة على جواز اللثام في الصلاة من أن المراد بها إذا لم يمنع
اللثام من سماع القرآن. وبالجملة فالحكم محمول على الكراهة.
255

783 - وسأل عبد الرحمن بن الحجاج (1) أبا عبد الله عليه السلام " عن الدراهم السود
تكون مع الرجل وهو يصلي مربوطة أو غير مربوطة؟ فقال: ما أشتهي أن يصلي
ومعه هذه الدراهم التي فيها التماثيل، ثم قال عليه السلام: ما للناس بد من حفظ بضايعهم
فإن صلى وهي معه فلتكن من خلفه ولا يجعل شيئا منها بينه وبين القبلة " (2).
784 - وسأل موسى بن عمر بن بزيع (3) أبا الحسن الرضا عليه السلام فقال له: " أشد
الإزار والمنديل فوق قميصي في الصلاة؟ فقال: لا بأس " (4).
785 - وسأل العيص بن القاسم (5) أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يصلي في ثوب
المرأة [أ] وإزارها ويعتم بخمارها؟ فقال: نعم إذا كانت مأمونة " (6).
786 - وروي عن عبد الله بن سنان أنه قال: " سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل ليس
معه إلا سراويل فقال: يحل التكة منه فيضعها على عاتقه ويصلي، وإن كان معه سيف
وليس معه ثوب فليتقلد السيف ويصلي قائما " (7).
787 - وروى زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " أدنى ما يجزيك أن تصلي

(1) الطريق فيه أحمد بن محمد بن يحيى العطار ولم يوثق صريحا الا أنه يكون من
مشايخ الإجازة فالطريق حسن كالصحيح.
(2) حمل على الاستحباب.
(3) ثقة والطريق إليه حسن اما بإبراهيم بن هاشم أو محمد بن علي ماجيلويه.
(4) نفى البأس محمول على الجواز وما يجئ من المنع على الكراهة. (مراد)
(5) الطريق صحيح كما في (صه) وهو ثقة.
(6) قوله " نعم " لعله محمول على ما إذا لم يكن من الثياب المختصة بهن، ويدل على
كراهة الصلاة في ثوب غير مأمونة وربما يعدى الحكم إلى الرجال أيضا وهو مشكل (المرآة)
(7) الطريق صحيح، وقوله " وإن كان معه سيف " أي مع الذي ليس معه الا سراويل
فحاصل السؤال أنه ليس مع الرجل من الثياب سوى سراويل. وحاصل الجواب أنه يجعل التكة
رداء ويستر العورة بشد سراويله عليه من غير تكة ولو كان حينئذ معه سيف يتقلد به وكان
رداءه، فمعنى قوله عليه السلام: وليس معه ثوب أي ثوب يجعله رداء. (مراد)
256

فيه بقدر ما يكون على منكبيك مثل جناحي الخطاف " (1).
788 - وقال أبو بصير لأبي عبد الله عليه السلام: " ما يجزي الرجل من الثياب أن
يصلي فيه؟ فقال: صلى الحسين بن علي صلوات الله عليهما في ثوب قد قلص عن نصف
ساقه وقارب ركبتيه ليس على منكبيه منه إلا قدر جناحي الخطاف، وكان إذا ركع
سقط عن منكبيه، وكلما سجد يناله عنقه فرده على منكبيه بيده فلم يزل ذلك
دأبه ودأبه مشتغلا به حتى انصرف " (2).
789 - وروى الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام قال: " صلت فاطمة عليها السلام في درع
وخمارها أعلى رأسها، ليس عليها أكثر مما وارت به شعرها وأذنيها " (3).
790 - وروى زرارة عنه أنه قال له: " رجل يرى العقرب والأفعى والحية
وهو يصلي أيقتلها؟ قال: نعم إن شاء فعل ".
791 - وسأل سليمان بن جعفر الجعفري (4) العبد الصالح موسى بن جعفر

(1) الخطاف - كرمان -: طائر أسود. أي بأن تجعله رداء وينبغي أن يجعل " بقدر "
حالا عن ضمير فيه ويجعل " ما يكون " خبراء عن المبتدأ، أي أدنى ما يجزيك. ويجعل " على
منكبيك " حالا عن خبر " يكون " وهو مثل جناحي الخطاف، فالمعنى أدنى ما يجزيك أن تصلى
فيه من الرداء حال كونه بمقدار يكون معه المصلى مرتديا ما يكون مثل جناحي الخطاف
حال كونه على منكبيك. (مراد)
(2) حاصل معنى الحديث أن رداء الحسين عليه السلام كان رقيقا كالتكة وكان طوله
قد تجاوز الركبة وارتفع عن نصف السقا، فإذا ركع انتقل من منكبيه إلى عنقه قليلا، وإذا
سجد انتقل إلى أعالي عنقه فكان يرده على منكبيه بيده. والظاهر أن ضمير دأبه الأول يرجع
إلى الرداء والثاني إليه عليه السلام. (مراد)
وقلص الشئ يقلص قلوصا ارتفع. وقال سلطان العلماء: يدل الخبر على أن مثل هذا
الفعل ليس من الفعل الكثير الذي ينافي الصلاة.
(3) الطريق صحيح، ويفهم من الخبر وجوب مواراة الشعر والأذنين للمرأة
في الصلاة.
(4) هو من أولاد جعفر الطيار ثقة جليل القدر والطريق إليه صحيح كما في (صه).
257

عليهما السلام " عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فراء لا يدري أذكية هي أم غير
ذكية أيصلي فيها؟ فقال: نعم ليس عليكم المسألة إن أبا جعفر عليه السلام كان يقول:
إن الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم إن الدين أوسع من ذلك " (1).
792 - وسأل إسماعيل بن عيسى (2) أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الجلود والفراء
يشتريه الرجل في سوق من أسواق الجبل (3) أيسأل عن ذكاته إذا كان البايع مسلما
غير عارف؟ قال عليه السلام: عليكم أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك وإذا
رأيتموهم يصلون فلا تسألوا عنه " (4).
793 - وروي عن جعفر بن محمد بن يونس (5) " أن أباه كتب إلى أبي الحسن
عليه السلام يسأله عن الفرو والخف ألبسه وأصلي فيه ولا أعلم أنه ذكي؟ فكتب:
لا بأس به " (6).

(1) أي من وجوب العلم بأمثال ذلك بل يكفي البناء على ظاهر الحال. (مراد)
(2) الطريق إليه صحيح وهو لم يوثق صريحا.
(3) كذا في بعض النسخ وفى التهذيب أيضا وفى بعض النسخ " الخيل " وفى بعضها " الجيل "
وفى بعضها " الحثل " وفسر الأخير في هامش المطبوعة بأنهم طائفة من اليهود. والجيل صنف من
الناس وقوم رتبهم كسرى بالبحرين.
(4) إنما يجب السؤال إذا كان البايع مشركا لغلبة الظن حينئذ بأنه غير مذكى الا أن
يخبر هو بأنه من ذبيحة المسلمين فيصير مشكوكا فيه فجاز لبسه حينئذ حتى يعلم كونه
ميتة. (الوافي)
وقال المولى المجلسي - رحمه الله -: الظاهر أن المراد بالسؤال عنها عدم أخذها عنهم
ويمكن أن يكون المراد بالسؤال الحقيقة فبعد أن قال البايع: أنا أخذتها من المسلم وصدقه
المسلم يجوز أخذها أو لم يصدقه لكن علم بوجه آخر أنها مأخوذة من المسلم يعمل بقوله
والا فلا. انتهى، أقول: ولعل المراد مطلق البحث عنه والفحص.
(5) ثقة والطريق إليه حسن بإبراهيم بن هاشم.
(6) محمول على ما إذا كان مأخوذا من المسلم. (م ت)
258

794 - وروي عن هاشم الحناط (1) أنه قال: " سمعت موسى بن جعفر عليهما السلام
يقول: ما أكل الورق والشجر فلا بأس بأن تصلي فيه، وما أكل الميتة فلا
تصل فيه " (2).
795 - وقال زرارة قال أبو جعفر عليه السلام: " خرج أمير المؤمنين عليه السلام على قوم فرآهم يصلون في المسجد قد سدلوا أرديتهم، فقال لهم: ما لكم قد سدلتم ثيابكم
كأنكم يهود قد خرجوا من فهرهم (3) يعني بيعتهم إياكم وسدل ثيابكم ".
796 - وقال زرارة: قال أبو جعفر عليه السلام: " إياك والتحاف الصماء، قال: قلت
وما الصماء؟ قال: أن تدخل الثوب من تحت جناحك فتجعله على منكب واحد " (4).
797 - وروي " في الرجل يخرج عريانا فتدركه الصلاة أنه يصلي عريانا
قائما إن لم يره أحد، وإن رآه أحد صلى جالسا " (5).
798 - وروى أبو جميلة (6) عن أبي عبد الله عليه السلام " أنه سأله عن ثوب المجوسي

(1) هو هاشم بن المثنى الحناط الكوفي الثقة والطريق إليه صحيح، وقد صحف في
أكثر النسخ بقاسم الخياط.
(2) يعنى كل حيوان معتلف يجوز الصلاة في جلده المذكى وكل حيوان آكل للميتة
فلا يجوز الصلاة في جلده، ذكى أم لم يذك.
(3) السدل هو أن يلتحف بثوبه ويدخل يديه من داخل، فيركع ويسجد وهو كذلك
وكانت اليهود تفعله فنهوا عنه، وهذا مطرد في القميص وغيره من الثياب. وقيل: هو أن
يضع وسط الإزار على رأسه ويرسل طرفيه عن يمينه وشماله من غير أن يجعلهما على
كتفيه (النهاية) وفهر اليهود - بالضم -: مدارسهم وبيعهم، والظاهر أن الكلمة أصلها
عبرانية فعربت.
(4) أي جناحك باعتبار الإضافة أو أحدهما ويكون بمعنى التوشح أو الأعم من الجميع
وهو الأظهر من العبارة. (م ت)
(5) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 240 بسند فيه ارسال بعد ابن أبي عمير.
(6) الطريق إليه ضعيف وأبو جميلة هو المفضل بن صالح الأسدي كذاب ضعيف يضع
الأحاديث كما قال ابن الغضائري وغيره.
259

ألبسه وأصلي فيه؟ قال: نعم؟ قال: قلت: يشربون الخمر؟ قال: نعم نحن نشتري
الثياب السابرية (1) فنلبسها ولا نغسلها ".
799 - وروى زياد بن المنذر (2) عن أبي جعفر عليه السلام أنه سأله رجل وهو
حاضر " عن الرجل يخرج من الحمام أو يغتسل فيتوشح ويلبس قميصه فوق إزاره
فيصلي وهو كذلك؟ قال: هذا من عمل قوم لوط، فقلت: إنه يتوشح فوق القميص؟ (3)
قال: هذا من التجبر، قلت: إن القميص رقيق يلتحف به؟ قال: هو وحل الازرار
في الصلاة والخذف بالحصى (4) ومضغ الكندر في المجالس وعلى ظهر الطريق من
عمل قوم لوط ".
وقد رويت رخصة في التوشح بالإزار فوق القميص عن العبد الصالح عليه السلام و
عن أبي الحسن الثالث عليه السلام وعن أبي جعفر الثاني عليه السلام وبها آخذوا فتى (5).
800 - وسأل عبد الله بن بكير أبا عبد الله عليه السلام " في الرجل يصلي ويرسل جانبي

(1) السابرية: ضرب من الثياب الرقاق تعمل بسابور - موضع بفارس - والنسبة
إليها سابري.
(2) زياد بن المنذر أبو الجارود الهمداني كوفي تابعي زيدي أعمى، روى الكشي في
ذمه روايات تضمن بعضها كونها كذابا كافرا.
(3) التوشح: أن يدخل تحت منكبه الأيمن ويلقيه على منكبه الأيسر وكذلك الرجل
يتوشح بحمائل سيفه فيقع الحمائل على عاتقه اليسرى فيكون اليمين مكشوفة. (المغرب)
(4) في التهذيب " قلت إن القميص رقيق يلتحف به؟ قال: نعم، ثم قال: ان حل الازرار
في الصلاة والخذف بالحصى - الحديث " والخذف وضع الحصاة بين السبابتين ورميها، أو وضعها
على الابهام ودفعها بظفر السبابة. وضمير هو في قوله: " هو وحل الازرار " راجع إلى
التوشح. وفى بعض النسخ " وحل الإزار ".
(5) في المعتبر ص 152 " ان التوشح فوق القميص مكروه واما شد المئزر فوقه فليس
بمكروه ".
(6) فطحي الا أنه ثقة والطريق إليه قوى بحسن بن علي بن فضال.
260

ثوبه، قال: لا بأس به " (1).
801 - وسأله أبو بصير " عن الرجل يصلي في حر شديد فيخاف على جبهته من
الأرض؟ قال: يضع ثوب تحت جبهته " (2).
802 - وسأل داود الصرمي (3) أبا الحسن علي بن محمد عليهما السلام فقال له: " إني
أخرج في هذا الوجه وربما لم يكن موضع أصلي فيه من الثلج فكيف أصنع؟ قال:
إن أمكنك أن لا تسجد على الثلج فلا تسجد عليه، وإن لم يمكنك فسوه واسجد
عليه ".
803 - وقال إبراهيم بن أبي محمود (4) للرضا عليه السلام: " الرجل يصلي على سرير
من ساج ويسجد على الساج؟ قال: نعم " (5).
804 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " لا بأس بالصلاة على
البوريا والخصفة وكل نبات إلا الثمرة " (6).
805 - وسأل سماعة بن مهران أبا عبد الله عليه السلام " عن لحوم السباع من الطير و
الدواب؟ قال: أما أكل لحمها فإنا نكرهه (7) وأما الجلود فاركبوا عليها ولا تلبسوا

(1) لعل المراد بالثوب الرداء. (مراد)
(2) يدل على جواز السجود على الثوب في الحر الشديد وعليه عمل الأصحاب (م ت)
وينبغي أن يحمل على عدم وجود ما يسجد عليه مما يجوز السجود عليه.
(3) في طريقه محمد بن عيسى بن عبيد مختلف في شأنه وثقه جماعة، ولم يوثق داود
فالسند حسن.
(4) الطريق صحيح كما في (صه) وهو ثقة.
(5) الساج: ضرب عظيم من الشجر الواحدة ساجة وجمعها ساجات، ولا ينبت الا
بالهند ويجلب منها، وقال الزمخشري: الساج: خشب أسود رزين يجلب من الهند ولا تكاد
الأرض تبليه والجمع سيجان مثل نار ونيران، وقال بعضهم: الساج يشبه الأبنوس وهو أقل سوادا
منه، والساج طيلسان مقور ينسج كذلك. (مصباح المنير)
(6) الخصفة - بالتحريك - الجلة التي تعمل من الخوص للتمر.
(7) المراد هنا الحرمة واطلاقها على الحرمة شايع سيما إذا كانت تقية. (م ت)
261

منها شيئا تصلون فيه ".
وقال أبي رضي الله عنه في رسالته إلي: لا بأس بالصلاة في شعر ووبر كل ما
أكلت لحمه وإن كان عليك غيره من سنجاب أو سمور أو فنك (1) وأردت الصلاة
فانزعه، قد روي في ذلك رخص (2) وإياك أن تصلي في ثعلب ولا في الثوب الذي يليه
من تحته وفوقه.
806 - وقد روي عن سليمان بن جعفر الجعفري أنه قال: " رأيت الرضا عليه السلام
يصلي في جبة خز ".
807 - وروى علي بن مهزيار قال: " رأيت أبا جعفر الثاني عليه السلام يصلي الفريضة
وغيرها في جبة خز طاروني (3) وكساني جبة خز وذكر أنه لبسها على بدنه وصلى
فيها وأمرني بالصلاة فيها ".
808 - وروي عن يحيى بن أبي عمران (4) أنه قال " كتبت إلي أبي جعفر الثاني عليه السلام
في السنجاب والفنك والخز وقلت: جعلت فداك أحب أن لا تجيبني بالتقية في
ذلك فكتب بخطه إلي: صل فيها ".
809 - وروي عن داود الصرمي أنه قال: " سأل رجل أبا الحسن الثالث عليه السلام
عن الصلاة في الخز يغش بوبر الأرانب؟ فكتب: يجوز ذلك (5) ".

(1) السنجاب: حيوان أكبر من الجرذ، له ذنب طويل، كثيث الشعر، ولونه أزرق
رمادي ومنه اللون السنجابي. والسمور حيوان برى يشبه ابن عرس وأكبر منه، لونه أحمر
مائل إلى السواد، يتخذ من جلده الفراء. والفنك: جنس من الثعالب أصغر منه وفروته
أحسن الفراء.
(2) مع الكراهة أو اضطرارا.
(3) الطرن - بالضم -: ضرب من الخز. وفى بعض النسخ " طاروى " والطرية
بلدة باليمن.
(4) الطريق حسن بإبراهيم بن هاشم.
(5) نسبه الشيخ في التهذيبين إلى الشذوذ واختلاف اللفظ في السائل والمسؤول ثم حمله
على التقية
262

وهذه رخصة الآخذ بها مأجور ورادها مأثوم (1) والأصل ما ذكره أبي رحمه الله
في رسالته إلي: وصل في الخز ما لم يكن مغشوشا بوبر الأرانب، وقال فيها: ولا تصل
في ديباج ولا حرير ولا وشي ولا في شئ من إبريسم محض إلا أيكون ثوبا سداه
إبريسم ولحمته قطن أو كتان.
810 - وكتب إبراهيم بن مهزيار إلى أبي محمد الحسن عليه السلام يسأله " عن الصلاة
في القرمز فإن أصحابنا يتوقون (2) عن الصلاة فيه؟ فكتب: لا بأس مطلق، والحمد لله ".
قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: وذلك إذا لم يكن القرمز من إبريسم محض
والذي نهى عنه هو ما كان من إبريسم محض.
811 - وكتب إليه " في الرجل يجعل في جبته بدل القطن قزا (3) هل يصلي فيه؟
فكتب: نعم لا بأس به " يعني به قز المعز لا قز الإبريسم.
وقد وردت الاخبار بالنهي عن لبس الديباج والحرير والإبريسم المحض و
الصلاة فيه للرجال، ووردت الرخصة في لبس ذلك للنساء ولم يرد بجواز صلاتهن
فيه فالنهي عن الصلاة في الإبريسم المحض على العموم للرجال والنساء (4) حتى يخصهن

(1) هذا بناء على أنه ثبت عنده أن ذلك من قول الإمام عليه السلام فلا يصح نفيه
والمنع عنه غايته أن يحمل على الكراهة أو الضرورة ولعل ذلك مراده بالأصل. (مراد)
(2) في بعض النسخ " يتوقفون ".
(3) القز: ما يسوى منه الإبريسم أو الحرير وهو مجاج دود القز.
(4) اما جواز اللبس في غير حال الصلاة للنساء فلا كلام فيه. وأما في حال الصلاة فقد
استدل على الجواز بموثقة ابن بكير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
" النساء تلبس الحرير والديباج الا في الاحرام " (الكافي ج 6 ص 454) فان مقتضى
الاستثناء جواز لبسهن له في الصلاة، لكن يعارضها حسن حريز عن الصادق عليه السلام " كل
ثوب يصلى فيه فلا بأس أن يحرم فيه " (الكافي ج 4 ص 339) حيث إن مقتضاه اما جواز
لبس الحرير وهو مخالف لظاهر الأخبار المستفيضة أو عدم جواز لبسه في الصلاة وهو المطلوب.
وقد أجيب بأخصية الموثقة من هذا الحسن، وليس بشئ لأنه لو كان الموثقة نصا في جواز
الصلاة في الحرير لتم ما أجيب وليس كذلك، ألا ترى أنه إذا قال: أكرم العلماء الا زيدا
يصح اخراج عمرو أيضا بكلام آخر، اللهم الا أن يدعى الأظهرية في مورد التعارض. ومما
يدل على عدم الجواز رواية جابر الجعفي الطويلة المروية في الخصال ص 585 قال: " سمعت
أبا جعفر عليه السلام يقول: " ليس على النساء أذان ولا إقامة ولا جمعة ولا جماعة - إلى
أن قال - ويجوز للمرأة لبس الحرير والديباج في غير صلاة ولا احرام وحرم ذلك على الرجال
الا في الجهاد ويجوز أن تتختم بالذهب وتصلى فيه وحرم ذلك على الرجال الا في الجهاد " وهذه
الرواية في سندها مجاهيل ولا ينجبر ضعفها لان المعمول بها إنما هو في مسأله حرمة لبس الذهب
على الرجال فحسب.
263

خبر بالاطلاق لهن في الصلاة فيه كما خصهن بلبسه
ولم يطلق للرجال لبس الحرير والديباج إلا في الحرب، ولا بأس به وإن
كان فيه تماثيل. روى ذلك سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام (1).
812 - وروى يوسف بن محمد بن إبراهيم عنه أنه قال: " لا بأس بالثوب أن يكون
سداه وزره وعلمه حريرا، وإنما يكره الحرير المبهم للرجال " (2).
813 - وروى عنه مسمع بن عبد الملك البصري (3) أنه قال: " لا بأس أن يأخذ
من ديباج الكعبة فيجعله غلاف مصحف، أو يجعله مصلى يصلى عليه ".
814 - وسأل محمد بن إسماعيل بن بزيع أبا الحسن الرضا عليه السلام " عن الصلاة في
الثوب المعلم فكره ما فيه من التماثيل " (4).
ولا تجوز الصلاة في تكة رأسها من إبريسم، ولا بأس بالصلاة في الفراء
الخوارزمية وما يدبغ بأرض الحجاز (5)، ولا بأس بالصلاة في صوف الميتة لان

(1) الكافي ج 6 ص 453 باسناده عنه قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن لباس
الحرير والديباج فقال: أما في الحرب فلا بأس وإن كان فيه تماثيل ".
(2) الطريق مجهول " والمبهم " كما في الاستبصار والتهذيب معناه الخالص الذي
لا يمازجه شئ ومنه فرس بهيم أي مصمت لا يخالط لونه شئ.
(3) الطريق ضعيف بقاسم بن محمد الجوهري.
(4) المراد بالمعلم المخطط أو الملون.
(5) في التهذيب ج 1 ص 195 في رواية بشر بن بشار قال: " سألته عن الصلاة في
الفنك والفراء والسنجاب والسمور والحواصل التي تصاد ببلاد الشرك أو ببلاد الاسلام أن
أصلى فيه بغير تقية. قال: فقال: صل في السنجاب والحواصل والخوارزمية ولا تصل في الثعالب
ولا السمور ". وفسر الحواصل الخوارزمية بطيور تكون في بلاد خوارزم يعمل من جلودها
بعد نزع الريش مع بقاء الوبر الفراء، وقد ينسج من أوبارها الثياب. وتخصيص الدباغ بأرض
الحجاز لعله مبنى على أنهم يقولون بان الدباغ فيها بخرء الكلاب. (مراد)
264

الصوف ليس فيه روح.
815 - وسأل سماعة بن مهران أبا عبد الله عليه السلام " عن تقليد السيف في الصلاة فيه
الغراء والكيمخت (1) فقال: لا بأس ما لم تعلم أنه ميتة (2).
816 - وسأل علي بن الريان بن الصلت (3) أبا الحسن الثالث عليه السلام " عن
الرجل يأخذ من شعره أظفاره ثم يقوم إلى الصلاة من غير أن ينفضه من ثوبه؟
فقال: لا بأس ".
817 - وسأل يونس بن يعقوب (4) أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يصلي وعليه
البرطله (5) فقال: لا يضره ".
وسمعت مشائخنا رضي الله عنهم يقولون: لا تجوز الصلاة في الطابقية (6) ولا يجوز

(1) الغراء - بالغين المعجمة المفتوحة والمد وككتاب -: ما يلصق به الشئ معمول من
الجلود وقد يعمل من السمك، والغرا مثل العصا لغة فيه. والكيمخت - بكسر الكاف وسكون
المثناة التحتية وضم الميم وسكون الخاء المعجمة -: جلد الكفل المدبوغ من الحمار
والبقر فارسية.
(2) عدم البأس اما باعتبار أنهم لا يستحلون الميتة بالدباغ أو باعتبار أنهم لا يدبغون
بخرء الكلاب بخلاف أهل العراق. (م ت) أي ان السمك الذي أخذ منه الغراء والحيوان
الذي أخذ من جلده الكيمخت. ولو ثبت أن الصلاة في جلد مالا نفس له جائزة وإن كان ميتة وان
جواز الصلاة في جلده يستلزم جوازها في الغراء المأخوذ منه فينبغي ارجاع الضمير إلى مامنه
الكيمخت لقربه. (مراد)
(3) الطريق إليه حسن بإبراهيم بن هاشم.
(4) قد تقدم أن في طريقه حكم بن مسكين ولم يوثق فالطريق حسن.
(5) البرطل - بالضم -: قلنسوة وربما شدد.
(6) الطابقية: العمامة التي لا حنك لها.
265

للمعتم أن يصلي إلا وهو متحنك (1).
818 - وروى عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " من خرج في
سفر لم يدر العمامة تحت حنكه فأصابه ألم لا دواء له فلا يلومن إلا نفسه " (2).
819 وقال الصادق عليه السلام: " ضمنت لمن خرج من بيته معتما [تحت حنكه]
أن يرجع إليهم سالما ".
820 - وقال عليه السلام: " إني لأعجب ممن يأخذ في حاجة وهو على وضوء
كيف لا تقضى حاجته، وإني لأعجب ممن يأخذ في حاجة وهو معتم تحت حنكه
كيف لا تقضى حاجته ".
821 - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " الفرق بين المسلمين والمشركين التلحي
بالعمائم ".
وذلك في أول الاسلام وابتدائه.
822 - وقد نقل عنه صلى الله عليه وآله أهل الخلاف أيضا " أنه أمر بالتلحي ونهى عن
الاقتعاط " (3).
823 - وسأل الحلبي وعبد الله بن سنان أبا عبد الله عليه السلام " هل يقرأ الرجل
في صلاته وثوبه على فيه؟ فقال: لا بأس بذلك ". وفي رواية الحلبي " إذا سمع

(1) أي لم يصل إلينا خبر في استحباب الحنك في الصلاة لكن لما كان منقولا من المشايخ
وظاهر أحوالهم أنهم أرباب النصوص فلا بأس بالعمل به (م ت) والاخبار في استحباب التحنك
مروية في الكافي ج 6 ص 460 واما اختصاصه بحالة الصلاة فما عثرت فيه على خبر.
(2) قال في الوافي: سنة التلحى متروكة اليوم في أكثر بلاد الاسلام كقصر الثياب
في زمن الأئمة عليهم السلام فصارت من لباس الشهرة المنهية عنها.
(3) التحلي تطويق العمامة تحت الحنك والاقتعاط: شد العمامة على الرأس من غير إدارة
تحت الحنك. وفى النهاية في الحديث " أنه نهى عن الاقتعاط وأمر بالتحلي " وهو جعل بعض
العمامة تحت الحنك، والاقتعاط أن لا يجعل تحت حنكه منها شيئا.
266

الهمهمة " (1).
824 - وسأل رفاعة بن موسى أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام " عن المختضب
إذا تمكن من السجود والقراءة أيصلي في خضابه؟ فقال: نعم إذا كانت خرقته طاهرة
وكان متوضيا ".
ولا بأس بأن تصلي المرأة وهي مختضبة ويداها مربوطتان. روى ذلك
عمار الساباطي عن الصادق عليه السلام (2).
825 - وروى علي بن جعفر وعلي بن يقطين، عن أبي الحسن موسى بن جعفر
عليهما السلام أنهما سألاه " عن الرجل والمرأة يختضبان أيصليان وهما مختضبان بالحناء
والوسمة؟ فقال: إذا أبرزوا الفم والمنخر فلا بأس (3) ".
826 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام " عن الرجل يصلي ولا يخرج يديه
ثوبه؟ فقال: إن أخرج يديه فهو حسن، وإن لم يخرج يديه فلا بأس ".
827 - وروى زياد بن سوقة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " (4) لا بأس
أن يصلي أحدكم في الثوب الواحد وأزراره محلولة، إن دين محمد صلى الله عليه وآله
حنيف ".

(1) تقدم الكلام فيه في ذيل الخبر الذي تحت رقم 782.
(2) في التهذيب ج 1 ص 236 باسناده عن عمار الساباطي عنه عليه السلام " عن المرأة
تصلى ويداه مربوطتان بالحناء؟ فقال: ان كانت توضأت للصلاة قبل ذلك فلا بأس بالصلاة وهي
مختضبة ويداها مربوطتان ".
(3) وفى قبال هذه الأخبار خبر أبي بكر الحضرمي المروى في الكافي ج 3 ص 408
والتهذيب ج 1 ص 237 قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يصلى وعليه خضابه؟ قال:
لا يصلى وهو عليه ولكن ينزعه إذا أراد أن يصلى، قلت: ان حناه وخرقته نظيفة؟ فقال:
لا يصلى وهو عليه والمرأة أيضا لا تصلى وعليها خضابها ". وحملوا هذه الرواية على الكراهة
لدلالة أخبار المتن على الجواز كما في الاستبصار وغيره.
(4) الطريق صحيح وهو ثقة. وقوله: " لا بأس " لا ينافي الكراهة التي يفهم مما تقدم.
267

باب * (ما يسجد عليه وما لا يسجد عليه) *
828 - قال الصادق عليه السلام: " السجود على الأرض فريضة وعلى غير ذلك
سنة (1) ".
829 - وقال عليه السلام: " السجود على طين قبر الحسين عليه السلام ينور إلى الأرض
السابعة (2) ".
ومن كان معه سبحة من طين قبر الحسين عليه السلام كتب مسبحا وإن لم يسبح
بها. (3) والتسبيح بالأصابع أفضل منه بغيرها لأنها مسؤولات يوم القيامة (4).
830 - وروى حماد بن عثمان (5) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " السجود على
ما أنبتت الأرض إلا ما أكل أو لبس ".
831 وروي عن ياسر الخادم (6) أنه قال: " مربي أبو الحسن عليه السلام وأنا
أصلي على الطبري (7) وقد ألقيت عليه شيئا، فقال لي: مالك لا تسجد عليه أليس هو

(1) الظاهر المراد بالسنة هنا الجائز لا أنه أفضل. (الذكرى)
(2) الظاهر أن المراد به ينور الساجد نورا يصل إلى الأرض السابعة. (سلطان)
(3) روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 27 عن الحميري مسندا قال: " كتبت إلى الفقيه
عليه السلام أسأله هل يجوز أن يسبح الرجل بطين القبر (قبر الحسين " ع ") وهل فيه فضل
فأجاب، وقرأت التوقيع ونسخت: سبح به فما في شئ من التسبيح أفضل منه فضله أن المسبح
ينسى التسبيح ويدير السبحة فيكتب له ذلك التسبيح ".
(4) أي مسؤولات من أعمالكم فيشهدن لكم بالتسبيح، ويحتمل أن يكون المراد بأنها
مسؤولات مكلفات فكثيرا ما يقع منها المعاصي فالتسبيح بها جبر لها فتأمل. (سلطان)
(5) الطريق صحيح.
(6) الطريق حسن بإبراهيم بن هاشم وفى الخلاصة صحيح.
(7) الطبر قرية بواسط والنسبة إليها طبري (القاموس) ويحتمل النسبة إلى طبرستان
وعلى أي تقدير المراد سجادة من حصير. (سلطان)
268

من نبات الأرض ".
وقال أبي رحمه الله في رسالته إلي: اسجد على الأرض أو على ما أنبتت
الأرض ولا تسجد على الحصر المدنية لان سيورها من جلد (1) ولا تسجد على شعر
ولا صوف ولا جلد ولا إبريسم ولا زجاج ولا حديد ولا صفر ولا شبه ولا رصاص ولا
نحاس ولا ريش ولا رماد، وإن كانت الأرض حارة تخاف على جبهتك الاحتراق أو
كانت ليلة مظلمة خفت عقربا أو شوكة تؤذيك فلا بأس أن تسجد على كمك إذا كان
من قطن أو كتان، وإن كان بجبهتك دمل فاحفر حفرة فإذا سجدت جعلت الدمل
فيها، وان كانت بجبهتك علة لا تقدر على السجود من اجلها فاسجد على قرنك الأيمن
من جبهتك، فإن لم تقدر عليه فاسجد على قرنك الأيسر من جبهتك، فإن لم تقدر
عليه فاسجد على ظهر كفك، فإن لم تقدر عليه فاسجد على ذقنك لقول الله عز وجل
" إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا إلى قوله
ويزيدهم خشوعا " ولا بأس بالقيام ووضع الكفين والركبتين والابهامين على غير
الأرض، وترغم بأنفك، ويجزيك في وضع الجبهة من قصاص الشعر إلى الحاجبين
مقدار درهم، ويكون سجودك كما يتخوى البعير الضامر عند بروكه (2)، تكون
شبه المعلق لا يكون شئ من جسدك على شئ منه.
832 - وسأل المعلى بن خنيس (3) أبا عبد الله عليه السلام " عن الصلاة على القفر (4) والقير
فقال: لا بأس به " (5).

(1) الأظهر في العبارة أن يقال: لان لحمتها أو سداها من جلد لان السير عين الجلد.
(2) يتخوى الرجل أي يجافى بطنه من الأرض في سجوده بان يجنح بمرفقيه ويرفعهما
عن الأرض ولا يفترشهما افتراش الأسد.
(3) ضعيف جدا لا يعول عليه (صه).
(4) شئ يشبه القير والزفت.
(5) في التهذيب ج 1 ص 222 والاستبصار ج 1 ص 334 باسناده عن الحسين بن سعيد
عن النضر عن محمد بن أبي حمزة عن معاوية بن عمار قال: " سأل المعلى بن خنيس أبا عبد الله (ع)
وأنا عنده عن السجود على القفر وعلى القير، فقال: لا بأس "، وقال الشيخ - رحمه الله -: فالوجه
في هذه الرواية أن نحملها على حال الضرورة أو التقية دون حال الاختيار. وذلك لما روى قبله
عن أحمد بن إسماعيل بن عمرو بن سعيد، عن أبي الحسن الرضا (ع) قال:
" لا تسجد على القبر ولا على القفر ولا على الصاروج ".
269

833 - وسأل الحسن بن محبوب أبا الحسن عليه السلام " عن الجص يوقد عليه بالعذرة
وعظام الموتى، ثم يجصص به المسجد أيسجد عليه؟ فكتب عليه السلام إليه بخطه: إن
النار والماء قد طهراه " (1).
834 - وسأل داود بن أبي زيد أبا الحسن الثالث عليه السلام " عن القراطيس والكواغذ
المكتوبة عليها هل يجوز عليها السجود؟ فكتب: يجوز " (2).
835 - وسأل علي بن يقطين أبا الحسن الأول عليه السلام " عن الرجل يسجد على

(1) السند صحيح وقال في المدارك: يمكن أن يستدل بها على طهارة ما أحالته النار
ووجه الدلالة أن الجص يختلط بالرماد والدخان الحاصل من تلك الأعيان النجسة ولولا كونه
طاهرا لما ساغ تطهير المسجد به والسجود عليه والماء غير مؤثر في التطهير اجماعا كما نقله
في المعتبر فتعين استناده إلى النار، وعلى هذا فيكون استناد التطهير إلى النار حقيقة والى الماء
مجازا، أو يراد به فيهما المعنى المجازي وتكون الطهارة الشرعية مستفادة مما علم من الجواب أو
ضمنا من جواز تجصيص المسجد به ولا محذور فيه انتهى. وفيه نظر لأن الظاهر أن عظام الموتى
نجاستها غير معلومة الا أن يراد عظام الكلاب، والعذرة إذا توقد تحت حجر الجص لم تنجسه حتى
تكون النار طهره ودخانها وان قلنا بنجاسته لم يؤثر في الجص، ولعل المراد بتطهير النار
إحالة العذرة رمادا وكذا العظام النجسة، ويمكن أن يكون المراد بتطهير الماء رفع ما يتوهم فيه
من النجاسة كرش المكان بالماء للصلاة كما في بيت المجوسي. ويحتمل أن يكون المراد بقوله
عليه السلام " قد طهراه " أي نظفاه. وأما قول السائل " أيسجد عليه " فيمكن أن يكون المراد أيصلى
عليه فلا يلزم منه تجويز السجود على الجص أو حمل جواز السجود على حال الضرورة أو التقية.
(2) الطريق صحيح ولا ينافي ما رواه الكليني باسناده عن جميل عن الصادق (ع) " أنه كره
أن يسجد على قرطاس عليه كتابة " لأنه محمول على ضرب من الكراهة وخبر داود يدل
على الجواز.
270

المسح (1) والبساط، فقال: لا بأس إذا كان في حال التقية ".
ولا بأس بالسجود على الثياب في حال التقية.
836 - وسأل معاوية بن عمار أبا عبد الله عليه السلام " عن الصلاة على القار فقال:
لا بأس به " (2).
837 - وروى زرارة عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: قلت له: الرجل يسجد و
عليه قلنسوة أو عمامة، فقال: إذا مس شئ من جبهته الأرض فيما بين حاجبيه وقصاص
شعره فقد أجزأ عنه ".
838 - قال يونس بن يعقوب: " رأيت أبا عبد الله عليه السلام يسوي الحصا في موضع سجوده بين السجدتين ".
839 - وروي عن علي بن بجيل (3) أنه قال: " رأيت جعفر بن محمد عليهما السلام كلما
سجد فرفع رأسه أخذ الحصا من جبهته فوضعه على الأرض ".
840 - وروى عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " ما بين قصاص الشعر
إلى طرف الأنف مسجد، فما أصاب الأرض منه فقد أجزأك ". وروى زرارة عنه
عليه السلام مثل ذلك.
841 - وسأل رجل الصادق عليه السلام " عن المكان يكون فيه الغبار فأنفخه إذا أردت
السجود، فقال: لا بأس " (4).
وفي رسالة أبي رضي الله عنه إلي: ولا تنفخ في موضع سجودك فإذا أردت
النفخ فليكن قبل دخولك في الصلاة.
842 وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " إنما يكره ذلك خشية أن يؤذي من

(1) المسح - بالكسر فالسكون -: البلاس يقعد عليه، والكساء من شجر.
(2) هذا الخبر متحد مع خبر المعلى بن خنيس السابق كما هو الظاهر ورواه ابن عمار
تارة مع خصوصياته وتارة بالغاء الخصوصيات.
(3) في الطريق الحكم بن مسكين وهو مهمل
(4) لا ينافي الكراهة التي جاءت في بعض الأخبار.
271

إلى جانبه ".
ويكره أن يمسح الرجل التراب عن جبهته (1) وهو في الصلاة، ويكره أن
يتركه بعد ما صلى فإن مسح التراب من جبهته وهو في الصلاة فلا شئ عليه لورود
الرخصة فيه.
باب
* (علة النهى عن السجود على المأكول والملبوس دون) *
* (الأرض وما أنبتت من سواهما) *
843 - قال هشام بن الحكم (2) لأبي عبد الله عليه السلام: " أخبرني عما يجوز السجود
عليه وعما لا يجوز؟ قال: السجود لا يجوز إلا على الأرض أو على ما أنبتت الأرض
إلا ما أكل أو لبس فقال له: جعلت فداك ما العلة في ذلك؟ قال: لان السجود
خضوع لله عز وجل فلا ينبغي أن يكون على ما يؤكل أو يلبس لان أبناء الدنيا
عبيد ما يأكلون ويلبسون، والساجد في سجوده في عبادة الله عز وجل فلا ينبغي أن
يضع جبهته في سجوده على معبود أبناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها، والسجود على
الأرض أفضل لأنه أبلغ في التواضع والخضوع لله عز وجل ".
* " (باب القبلة) *
844 - قال الصادق عليه السلام (3): " إن الله تبارك وتعالى جعل الكعبة قبلة لأهل
المسجد، وجعل المسجد قبلة لأهل الحرم، وجعل الحرم قبلة لأهل الدنيا ".
845 - وسأل المفضل بن عمر أبا عبد الله عليه السلام " عن التحريف لأصحابنا ذات
اليسار عن القبلة وعن السبب فيه؟ فقال: إن الحجر الأسود لما أنزل من الجنة و

(1) لم نطلع على خبره ويمكن أن يكون لمنافاته حضور القلب فتدبر. (م ت)
(2) الطريق صحيح كما في (صه).
(3) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 146 بسند مرسل.
272

وضع في موضعه جعل أنصاب الحرم من حيث لحقه النور نور الحجر فهو عن يمين
الكعبة أربعة أميال (1)، وعن يسارها ثمانية أميال كله اثنا عشر ميلا، فإذا انحرف

(1) أراد بأصحابه أهل العراق، وروى الكليني في الكافي ج 3 ص 487 عن علي بن محمد
رفعه قال: " قيل لأبي عبد الله (ع): لم صار الرجل ينحرف في الصلاة إلى اليسار؟ فقال لان للكعبة
ستة حدود أربعة منها عن يسارك واثنان منها على يمينك فمن أجل ذلك وقع التحريف إلى اليسار "
وقال في المدارك: " استحباب التياسر هو المشهور وظاهر عبارة الشيخ في النهاية والمبسوط
والخلاف يعطى الوجوب مستدلا باجماع الفرقة وبرواية المفضل بن عمر، وبما رواه الكليني
والروايتان ضعيفتا السند جدا والعمل بهما لا يؤمن معه الانحراف الفاحش عن حد القبلة وإن كان
في ابتدائه قليلا والحكم مبنى على أن البعيد قبلته الحرم كما ذكره المحقق في النافع والعلامة
- رحمهما الله - في المنتهى واحتمل العلامة من المختلف اطراد الحكم على القولين وهو بعيد ".
(المرآة) وقال الفيض - رحمه الله -: حملها الأصحاب على الاستحباب، ان قيل الانحراف بالتياسر إن كان
إلى القبلة فواجب أو عنهما فغير جائز، أجيب بان الانحراف عنها للتوسط فيها فيستحب ".
وقال استاذنا الشعراني في هامش الوافي قوله " عن يمين الكعبة - أي من جانب المغرب فان البر من ذلك الجانب ضيق ينتهى إلى البحر فجعل الحرم من المغرب أضيق واما من جهة المشرق فالبر واسع
جدا وجعل الحرم منه أوسع ومع ذلك فكلاهما للعراقي بمنزلة نقطة واحدة إذا تياسر خرج عن
سمت الحرم الشرقي قطعا مع سعته وخبر علي بن محمد وكذلك رواية المفضل ضعيفان لا يحتج بهما
قطعا، واما التياسر الذي يتضمنه فالظاهر أنه كان مشهورا بين الشيعة والراوي وإن كان ضعيفا
والخبر احتمل كونه موضوعا لكن المعلوم أن الراوي الضعيف إذا نقل عملا مشهورا فان لا يكذب
فيه لئلا يتبين كذبه فالضعف في العلة التي ذكر لا في أصل التياسر وحينئذ فيتوجه قول المجلسي
وغيره - رحمهم الله - في علة التياسر وأن ذلك كان لبناء محاريب ذلك الزمان على الغلط،
فعلى هذا إذا حققنا القبلة وبنى المحاريب على الصحيح كما في زماننا لا يجوز التياسر عن السمت
الصحيح ويسقط اعتراض المحقق الطوسي رحمه الله على ما هو المعروف لأنا لا نعلم مقدار الغلط
في المحاريب القديمة فلعله كان قليلا بحيث لا يخرج المتوجه إليه عن صدق الاستقبال فيكون
التياسر القليل مستحبا لا واجبا، ثم انا لا نعلم أن قدماء الشيعة كانوا يتياسرون وجوبا أو استحبابا
وإنما الثابت من الحديث عملهم لا وجه عملهم وعبر بعض العلماء بالوجوب ". انتهى.
273

الانسان ذات اليمين خرج عن حد القبلة لقلة أنصاب الحرم، وإذا انحرف الانسان
ذات اليسار لم يكن خارجا عن حد القبلة ".
ومن كان في المسجد الحرام صلى إلى الكعبة إلى إي جوانبها شاء، ومصلى
في الكعبة صلى إلى أي جوانبها شاء، وأفضل ذلك أن يقف بين العمودين على لبلاطة
الحمراء (1)، ويستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود، ومن كان فوق الكعبة
وحضرت الصلاة اضطجع وأومأ برأسه إلى البيت المعمور (2)، ومن كاف فوق أبى قبيس
استقبل الكعبة وصلى فان الكعبة ما فوقها إلى السماء.
وصلى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى البيت المقدس بعد النبوة ثلاث عشرة (3) سنة بمكة

(1) البلاط حجرا أحمر مفروش في الكعبة بين العمودين واشتهر أنه محل ولادة أمير -
المؤمنين عليه السلام حتى بين العامة. (م ت)
(2) المشهور عدم العمل به وان ادعى الشيخ الاجماع عليه والامر سهل لندرة الفرض
ولو لم يصل للأخبار الصحيحة لكان أحوط الا مع الضرورة فيتخير بينه وبين الصلاة قائما لكن
لا يسجد على طرف الجدار بحيث لا يبقى له قبلة وهو أحوط. (م ت)
(3) ظاهر هذا الكلام يفيد أن قبلته صلى الله عليه وآله من أول البعثة بيت المقدس وهو ينافي ما ورد
في بعض الروايات ففي الفصول المختارة احتج المفيد - رحمه الله - بحديث ابن مسعود " قال:
أول شئ علمته من أمر رسول الله صلى الله عليه وآله أننا قدمنا مكة فأرشدونا إلى عباس بن عبد المطلب
فانتهينا إليه وهو جالس إلى زمزم فبينا نحن جلوس إذ أقبل رجل من باب الصفا، عليه ثوبان
أبيضان على يمنيه غلام مراهق أو محتلم تتبعه امرأة قد سترت محاسنها حتى قصدوا الحجر
فاستلمه والغلام والمرأة معه ثم طاف بالبيت سبعا والغلام والمرأة يطوفان معه، ثم استقبل
الكعبة وقام فرفع يده فكبر، والغلام على يمينه وقامت المرأة خلفهما فرفعت يديها وكبرت
فأطال الرجل القنوت ثم ركع فركع الغلام والمرأة معه - الحديث " والمراد رسول الله و
على وخديجة سلام الله عليهم كما نص عليه بعد، فظاهر هذا الخبر أن قبلته صلى الله عليه وآله في أول الأمر
الكعبة. وقيل يمكن الجمع بأن يقال: إنه صلى الله عليه وآله بمكة بيت المقدس الا أنه كان يجعل الكعبة بينه وبينه.
وفي الكافي ج 3 ص 286 بسند حسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال:
" سألته هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلى إلى بيت المقدس؟ قال: نعم، فقلت: أكان يجعل
الكعبة خلف ظهره؟ قال: أما إذا كان بمكة فلا، وأما إذا هاجر إلى المدينة فنعم حتى حول
إلى الكعبة " واستشكل بان هذا لا يمكن الا إذا كان المصلى في الناحية الجنوبية وقد كان
المسلمون يصلون في شعب أبى طالب ثلاث سنين وليس الشعب في الناحية الجنوبية وكذا دار
خديجة فإنها في شرقي مكة، وما في الكافي من أنه صلى الله عليه وآله لم يجعل الكعبة خلفه فلا ينافي جعلها إلى
أحد جوانبه. وقول أمير المؤمنين عليه السلام يوم الشورى وتصديقهم إياه، حيث قال: " أمنكم أحد
وحد الله قبلي؟ قالوا لا، أمنكم أحد صلى القبلتين؟ قالوا: لا " يعطينا خبرا بأن القبلة في
أول الأمر أعني قبل يوم الانذار الكعبة لان تصديق القوم باختصاصه (ع) بهذه الفضيلة مع أنهم
اشتركوا معه في الصلاة إلى القبلتين بعد تحولها في المدينة وقبلة في مكة لا يستقيم وان قلنا
بالتوجه إلى القبلتين معا في صلاة واحدة، اللهم الا أن يكون القوم قطعوا بأن مراده (ع)
التوجه أولا إلى الكعبة في السنين الثلاث التي لم يؤمر النبي صلى الله عليه وآله بدعوة القوم وكان يصلى غالبا
في الحرم إلى الكعبة ثم بعد تلك الثلاث إلى بيت المقدس ولا يشاركه في هذا الفضل أحد من القوم.
ثم إن ما في المتن كلام يشبه الحديث وليس بلفظه كما يفهم من قول المؤلف في
آخره " قد أخرجت الخبر في ذلك على وجهه " ونحوه في تفسير علي بن إبراهيم والنعماني.
274

وتسعة عشر شهرا بالمدينة، ثم عيرته اليهود فقالوا له: إنك تابع لقبلتنا فاغتم
لذلك غما شديدا فلما كان في بعض الليل خرج صلى الله عليه وآله وسلم يقلب وجهه في آفاق السماء
فلما أصبح صلى الغداة، فلما صلى من الظهر ركعتين جاءه جبرئيل عليه السلام فقال له:
" قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد
الحرام الآية " ثم أخذ بيد النبي صلى الله عليه وآله فحول وجهه إلى الكعبة وحول من خلفه
وجوههم حتى قام الرجال مقام النساء والنساء مقام الرجال فكان أول صلاته إلى
بيت المقدس وآخرها إلى الكعبة، وبلغ الخبر مسجدا بالمدينة وقد صلى أهله
من العصر ركعتين فحولوا نحو الكعبة، فكانت أول صلاتهم إلى بيت المقدس وآخرها
إلى الكعبة فسمي ذلك المسجد مسجد القبلتين (1) فقال المسلمون: صلاتنا إلى بيت -

(1) في الشمال الغربي قريب من مسجد الفتح.
275

المقدس تضيع يا رسول الله؟ فأنزل الله عز وجل " وما كان الله ليضيع إيمانكم "
يعني صلاتكم إلى بيت المقدس، وقد أخرجت الخبر في ذلك على وجهه في
كتاب النبوة.
846 - وروي عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله أنه سأل الصادق عليه السلام " عن رجل
أعمى صلى على غير القبلة، فقال: إن كان في وقت فليعد، وإن كان قد مضى الوقت
فلا يعيد، قال: وسألت عن رجل صلى وهي متغيمة (1) ثم تجلت فعلم أنه صلى على
غير القبلة، فقال: إن كان في وقت فليعد، وإن كان الوقت قد مضى فلا يعيد " (2).
847 - وروى زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " يجزي المتحير
أبدا (3) أينما توجه إذا لم يعلم أين وجه القبلة ".
848 - وسأله معاوية بن عمار " عن الرجل يقوم الصلاة، ثم ينظر بعد ما
فرغ فيرى قد انحرف عن القبلة يمينا أو شمالا، فقال [له]: قد مضت صلاته، وما
بين المشرق والمغرب قبلة ".
ونزلت هذه في قبلة المتحير " ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم
وجه الله " (4).

(1) يعنى السماء.
(2) في الخبر باطلاقه دلالة على عدم الفرق بين الاستدبار والتشريق والتغريب وما بينهما
وبين القبلة، وحديث معاوية بن عمار الآتي تحت رقم 848 أيضا صحيح لكنه يقيد هذا الحديث
بما بين المشرق والمغرب وإن كان قوله " يمينا وشمالا " يتناوله الا أن قوله (ع) " وما بين المشرق
والمغرب قبلة " يدل على نوع تخصيص لصدره (الشيخ محمد).
(3) المراد المحبوس والأسير والا من كان في مفازة عليه أن يصلى إلى أربع جوانب كما
سيجئ، وفى بعض النسخ " يجزى التحري ". والظاهر أنه من النساخ لما في كتاب الحديث الفقه
جميعا بلفظ " المتحير ". وقال الفاضل التفرشي: الحديث صحيح ويدل على صحة الاكتفاء بصلاة
واحدة وحينئذ ينبغي حمل ما دل على الاتيان بأربع صلوات على الاستحباب.
(4) وردت اخبار بأنها نزلت في النافلة في السفر كما في تفسير العياشي وعلي بن إبراهيم
والتبيان للشيخ - رحمهم الله -.
276

849 - وروى محمد بن أبي حمزة عن أبي الحسن الأول عليه السلام أنه قال: " إذا ظهر
النز (1) من خلف الكنيف وهو في القبلة يستره بشئ ".
ولا يقطع صلاة المسلم شئ يمر بين يديه من كلب أو امرأة أو حمار أو غير
ذلك (2).
850 - و " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن البزاق في القبلة " (3).
851 - و " رأى صلى الله عليه وآله نخامة في المسجد فمشى إليها بعرجون من عراجين ابن طاب
فحكها، ثم رجع القهقرى فبنى على صلاته ". وقال الصادق عليه السلام (4) " وهذا يفتح من
الصلاة أبوابا كثيرة " (5).
852 - و " نهى صلى الله عليه وآله عن الجماع مستقبل القبلة ومستدبرها (6)، ونهى عن استقبال
القبلة ببول أو غائط " (7).
853 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " لا يبزقن أحدكم في الصلاة قبل وجهه، ولا عن
يمينه، وليبزق عن يساره وتحت قدمه اليسرى ".

(1) النز - بالفتح -: ما يتحلب في الأرض من الماء.
(2) لما في موثقة ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) سأله عن الرجل هل يقطع صلاته
شئ مما يمر بين يديه؟ فقال: لا يقطع صلاة المؤمن شئ ولكن ادرأوا ما استطعتم ".
(3) حمل على الكراهة.
(4) قيل: لعله الصدوق فصحف وزيد عليه " عليه السلام ".
(5) لعل المراد أن هذا الفعل من النبي صلى الله عليه وآله يفتح علينا أبواب علوم كثيرة
متعلقة بالصلاة منها جواز المشي فيها للضرورة بل للمستحبات ومنها أنه لابد في المشي أن لا يستدير
والظاهر من البناء أنه لم يقرء في المشي بل بنى بعد الرجوع ومنها جواز المشي القهقرى وجواز
الفعل الكثير ولمثل هذا، ويمكن حمل الصلاة على الصلاة المستحبة (سلطان) أقول: قوله " بعرجون
من عرجون ابن طاب هو اسم رجل معروف يقال: عذق ابن طاب، ورطب ابن طاب وتمر ابن
طاب، ومنه حديث جابر " وفى يده عرجون ابن طاب " كما في النهاية. وفى بعض النسخ " أرطاب "
وهو تصحيف.
(6) محمول على الكراهة.
(7) تقدم الكلام فيه ص 26.
277

854 - قال الصادق عليه السلام: " من حبس ريقه إجلالا لله عز وجل في صلاته أورثه
الله تعالى صحة حتى الممات ".
وقد روى فيمن لا يهتدي إلى القبلة في مفازة أنه يصلي إلى أربع جوانب (1).
855 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " لا صلاة إلا إلى القبلة،
قال: قلت: وأين حد القبلة؟ قال: ما بين المشرق والمغرب قبلة كله، قال: قلت:
فمن صلى لغير القبلة أو في يوم غيم (2) في غير الوقت؟ قال: يعيد " (3).
856 - وقال في حديث آخر ذكره له (4) " ثم استقبل القبلة بوجهك ولا تقلب
بوجهك عن القبلة فتفسد صلاتك، فإن الله عز وجل يقول لنبيه صلى الله عليه وآله في الفريضة
" فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره " فقم
منتصبا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: " من لم يقم صلبه فلا صلاة له، واخشع ببصرك
لله عز وجل ولا ترفعه إلى السماء، وليكن حذاء وجهك في موضع سجودك " (5).

(1) مضمون مأخوذ من الخبر لا لفظه راجع التهذيب ج 1 ص 146 والكافي ج 3
ص 286.
(2) " لغير القبلة " أي غير ما بين المغرب والمشرق،؟ وقوله " في غير الوقت " أي
قبل الوقت.
(3) لعل الإعادة في الحكم الأول (يعنى إذا صلى في غير الوقت) على
الاستدبار أو على الانحراف عمدا، وفى الحكم الثاني (يعنى إذا صلى في غير الوقت) على
ايقاعها قبل الوقت إذ لو كان أوقعها بعد الوقت كما في صلاة الصبح لم يبعد صحتها قضاء. (مراد)
(4) ظاهره قال زرارة في حديث ذكر ذلك الحديث أبو جعفر لزرارة، والمؤلف رحمه الله
أخذ موضع الحاجة من ذلك الحديث. (مراد)
(5) يدل هذا الخبر على وجوب الاستقبال وعلى أن الالتفات مبطل للصلاة كما يدل عليه
أخبار أخر، وحمل على أنه إذا كان بوجهه كله إلى دبر القبلة، ويدل على أن الامر في الآية
بالاستقبال للفريضة وبه قال جماعة من الأصحاب وجوزوا صلاة النافلة اختيارا على خلاف جهة
القبلة والأحوط العدم، ولا ريب في جواز النافلة سفرا وحضرا مع الحاجة على خلاف القبلة فيمكن
278

857 - وقال عليه السلام لزرارة: " لا تعاد الصلاة إلا من خمسة: الطهور، والوقت
والقبلة، والركوع، والسجود " (1).
وقال أبي رضي الله عنه في رسالته إلي: إذا أردت أن تصلي نافلة وأنت
راكب فصلها، واستقبل برأس دابتك حيث توجهت بك مستقبل القبلة ومستدبرها
ويمينا ويسارا، فان صليت فريضة على ظهر دابتك فاستقبل القبلة وكبر تكبيرة
الافتتاح ثم امض حيث توجهت بك دابتك واقرأ، فإذا أردت الركوع والسجود
فاركع واسجد على شئ يكون معك مما يجوز عليه السجود ولا تصلها (2) إلا على حال
اضطرار شديد وتفعل فيها إذا صليت ماشيا مثل ذلك إلا أنك إذا أردت السجود
سجدت على الأرض.
وقال فيها (3): إذا تعرض لك سبع وخفت فوت الصلاة فاستقبل القبلة
وصل صلاتك بالايماء، وإن خشيت السبع وتعرض لك فدر معه كيف دار وصل
بالايماء.

حمله عليه وأول الآية خطاب للنبي صلى الله عليه وآله والتتمة للأمة، أو الأول للقريب والتتمة
للبعيد ويدل على وجوب القيام منتصبا ولا ريب فيه لاخبار أخر أيضا وأما ان الانتصاب التام واجب
فلا يخلو من اشكال وإن كان أحوط، ويدل على استحباب الخشوع بالبصر بان يكون نظره في
حال القيام على موضع سجوده، وعلى كراهية النظر إلى السماء في حال القيام. (م ت)
(1) الظاهر أن الحصر إضافي وأيضا لا يقتضى الا كون هذه الخمس موجبا للإعادة في -
الجملة فلا ينافي عدم ايجاب بعض أفراده للإعادة كسجدة واحدة مثلا (سلطان) وقال الفاضل
التفرشي قوله " الا من خمسة " أي إذا أخل بها عمدا أو سهوا من دون أن يقوم شئ مقامه كما
في الايمان بدلا عن الركوع والسجود في موضعه ولا يرد النية والتكبير والقيام اما النية فإنها لا تنفك
عن التكبير وهي لا تنسى كما وقع في بعض الأحاديث لأنه أول الصلاة لا يشرع فيها الا به وأما القيام
المتصل بالركوع فلانه لا ينفك عنه واما القيام في التكبير والنية فلانه يلزمهما إذا وقعا على وجههما
فانتفاؤه يستلزم انتفاءهما على وجههما.
(2) الضمير للصلاة الفريضة المؤداة على الدابة وكذا ضمير " فيها ". (مراد)
(3) أي في الرسالة.
279

858 - ووري " أنه إذا عصفت الريح بمن في السفينة ولم يقدر على أن يدور
إلى القبلة صلى إلى صدر السفينة " (1).
859 - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " كل واعظ قبلة وكل موعوظ قبلة للواعظ ".
يعني في الجمعة والعيدين وصلاة الاستسقاء في الخطبة يستقبلهم الامام و
يستقبلونه حتى يفرغ من خطبته.
860 - وقال رجل للصادق عليه السلام: " إني أكون في السفر ولا أهتدي إلى القبلة
بالليل فقال: أتعرف الكوكب الذي يقال له الجدي؟ قلت: نعم، قال: فاجعله على
يمينك وإذا كنت على طريق الحج فاجعله بين كتفيك " (2).
باب
* (الحد الذي يؤخذ فيه الصبيان بالصلاة) *
861 - قال الصادق عليه السلام: " إنا نأمر صبياننا بالصلاة وهم أبناء خمس سنين
فمروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا أبناء سبع سنين، ونحن نأمر صبياننا بالصيام إذا
كانوا أبناء سبع سنين ما أطاقوا من صيام اليوم إن كان إلى نصف النهار أو أكثر من
ذلك أو أقل، فإذا غلبهم العطش أو الجوع أفطروا حتى يتعودوا الصوم ويطيقوه
فمروا صبيانكم بالصيام إذا كانوا أبناء تسع سنين ما أطاقوه من صيام اليوم، فإذا غلبهم
العطش أفطروا ".
862 - وروي عن الحسن بن قارن (3) أنه قال: " سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام أو

(1) في بعض النسخ " صار إلى صدر السفينة " أي يتوجه إليه وفى بعضها " صل إلى صدر السفينة "
وحينئذ " لم تقدر " و " أن تدور " على صيغة الخطاب وصدر السفينة هو الذي يقدم في الجري. (مراد)
(2) هذه العلامة إنما تستقيم لأهل العراق وراوي الخبر كأنه محمد بن مسلم وهو كوفي
أو رجل من أهل العراق وإنما سأل عن قبلة بلاده. (الوافي)
(3) في الطريق حمزة بن محمد العلوي وهو مهمل.
280

سئل وأنا أسمع عن الرجل يختن (1) ولده وهو لا يصلي اليوم واليومين، فقال: وكم
أتى على الغلام؟ فقال: ثماني سنين، فقال: سبحان الله يترك الصلاة؟ قال: قلت: يصيبه
الوجع، قال: يصلي على نحو ما يقدر ".
863 - وروى عبد الله بن فضالة (2) عن أبي عبد الله عليه السلام وأبي جعفر عليه السلام قال: " سمعته
يقول: إذا بلغ الغلام ثلاث سنين يقال له: قل " لا إله إلا الله " سبع مرات ثم
يترك حتى يتم له ثلاث سنين وسبعة أشهر وعشرون يوما فيقال له: قل: " محمد رسول
الله " سبع مرات ويترك حتى يتم له أربع سنين ثم يقال له: قل سبع مرات " صلى
الله على محمد وآله، ثم يترك حتى يتم له خمس سنين، ثم يقال له: أيهما يمينك
وأيهما شمالك؟ فإذا عرف ذلك حول وجهه إلى القبلة ويقال له: أسجد، ثم يترك
حتى يتم له سبع سنين فإذا تم له سبع سنين قيل له: اغسل وجهك وكفيك فإذا
غسلهما قيل له: صل، ثم يترك حتى يتم له تسع سنين فإذا تمت له علم الوضوء
وضرب عليه، وأمر الصلاة وضرب عليها، فإذا تعلم الوضوء والصلاة غفر الله عز
وجل له ولوالديه إن شاء الله ".
باب
* (الأذان والإقامة وثواب المؤذنين) *
864 - روى حفص بن البختري (3) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " لما أسري
برسول الله صلى الله عليه وآله حضرت الصلاة فأذن جبرئيل عليه السلام فلما قال: الله أكبر الله أكبر،
قالت الملائكة: الله أكبر الله أكبر، فلما قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قالت الملائكة:
خلع الأنداد، فلما قال: أشهد أن محمدا رسول الله، قالت الملائكة: نبي بعث، فلما

(1) في بعض النسخ " يجبر " والظاهر تصحيفه.
(2) في الطريق محمد بن سنان وهو ضعيف على المشهور.
(3) الطريق صحيح وكذا الخبر الآتي وما يأتي بعده إلى خبر أبي بصير.
281

قال: حي على الصلاة، قالت الملائكة: حث على عبادة ربه، فلما قال: حي على
الفلاح، قالت الملائكة: أفلح من اتبعه " (1).
865 - وروى منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام [أنه] قال: " هبط جبرئيل
عليه السلام بالاذان على رسول الله صلى الله عليه وآله وكان رأسه في حجر علي عليه السلام فأذن جبرئيل
عليه السلام وأقام، فلما انتبه رسول الله صلى الله عليه وآله قال يا علي سمعت؟ قال: نعم يا رسول الله،
قال: حفظت؟ قال: نعم، قال: ادع بلالا فعلمه فدعا بلالا فعلمه ".
866 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " تؤذن وأنت على غير
وضوء في ثوب واحد قائما أو قاعدا وأينما توجهت، ولكن إذا أقمت فعلى وضوء
متهيئا للصلاة " (2).
867 - وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن الرضا عليه السلام أنه قال:
" يؤذن الرجل وهو جالس ويؤذن وهو راكب ".
868 - وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام أنه قال: " لا بأس أن تؤذن راكبا
أو ماشيا أو على غير وضوء، ولا تقم وأنت راكب ولا جالس إلا من عذر (3) أو تكون في

(1) قوله: " فلما قال: الله أكبر الله أكبر - الخ " لعل مراد الإمام (ع) بيان أصول الكلمات
التي أتى به جبرئيل (ع) وما قالت الملائكة عند ذلك، وأما تكرار التكبير فللإشارة إلى أنه
يكرر فيه غير مرة، ويحتمل أن يكون الاذان كذلك أولا ثم زاد. وقوله (ع) " خلع الأنداد " ان رجع الضمير إلى جبرئيل (ع) كان معناه نفى الأنداد عن الله تعلى، وان رجع إلى الله سبحانه
كان كناية عن انتفاء نده تعالى أي مثله. (مراد)
(2) يدل على اشتراط الإقامة بالوضوء كالصلاة مستقبل القبلة بخلاف الاذان، وحملت
على الاستحباب المؤكد في الإقامة وعلى عدم التأكد في الاذان للاجماع على استحباب الطهارة
فيهما. (م ت)
(3) النهى فيه عن الإقامة راكبا وجالسا محمول على الكراهة الشديدة كما أن الجواز
في الاذان لا ينافي الكراهة أيضا، وظاهر القدماء حرمة ايقاع الإقامة على غير حالة الصلاة من
الاستقبال والستر والقيام والاحتياط معهم. (م ت)
282

أرض ملصة " (1).
869 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " للمؤذن فيما بين الأذان والإقامة مثل أجر
الشهيد المتشحط بدمه (2) في سبيل الله عز وجل فقال علي عليه السلام: إنهم يجتلدون (3)
على الاذان؟ فقال: كلا إنه يأتي على الناس زمان يطرحون الاذان على ضعفائهم
فتلك لحوم حرمها الله على النار " (4).
870 - وقال علي عليه السلام " آخر ما فارقت عليه حبيب قلبي صلى الله عليه وآله أنه قال
يا علي إذا صليت فصل صلاة أضعف من خلفك، ولا تتخذن مؤذنا يأخذ على
اذانه أجرا ".
871 - وروى خالد بن نجيح (5) عن الصادق عليه السلام أنه قال: " التكبير
جزم في الاذان مع الافصاح بالهاء والألف " (6).
872 - وروي أبو بصير عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: " إن بلالا كان عبدا

(1) أي وادى اللصوص.
(2) تشحط في دمه أي تلطخ فيه واضطرب وتمرغ.
(3) بالجيم من الجلادة أي يتقابلون ويتنازعون على الاذان رغبة فيه وحرصا عليه وقوله
عليه السلام " يطرحون " أي يطرحون لضعفائهم كبرياء.
(4) أي لحوم هؤلاء الضعفاء المطروح عليهم الاذان لحوم حرم على النار، وفى بعض النسخ
" يختارون على الاذان ".
(5) الطريق إليه صحيح (صه) وهو حسن.
(6) قوله: " التكبير جزم " يعنى بذلك على آخر كل فصل، والافصاح بالهمزة في -
ابتداءات، وبالهاء في أواخر فصول الشهادتين والتهليل (م ح ق) وقال المولى المجلسي
- رحمه الله -: يدل الخبر على تأكد استحباب الوقف على التكبيرات مع اظهار هائها
وألفها، والمراد بالألف ما قبل الهاء، ويمكن أن يكون المراد بها الأعم من الهمزتين في أول
الجلالة وأكبر، ولا ينافي استحبابهما في البواقي وفى الإقامة.
283

صالحا فقال: لا أؤذن لاحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فترك يومئذ (1) حي على
خير العمل ".
873 - وروى الحسن بن السري (2) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " من السنة
إذا أذن الرجل أن يضع أصبعيه في أذنيه ".
874 - وروى خالد بن نجيح عنه أنه قال: " الأذان والإقامة مجزومان ".
وفي خبر آخر " موقوفان ".
875 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام [أنه] قال: " لا يجزيك من الاذان إلا
ما أسمعت نفسك أو فهمته، وأفصح بالألف والهاء. (3) وصل على النبي وآله صلى الله عليه وآله
كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في أذان أو غيره.
وكلما (4) اشتد صوتك من غير أن تجهد نفسك كان من يسمع أكثر وكان أجرك
في ذلك أعظم ".
876 - وسأل معاوية بن وهب (5) أبا عبد الله عليه السلام عن الاذان فقال: " اجهر و
ارفع به صوتك، فإذا أقمت فدون ذلك، ولا تنتظر بأذانك وإقامتك إلا دخول وقت

(1) أي يوم سماع ذلك الكلام من بلال رضي الله عنه لزعمهم أن الناس إذا اعتقدوا بأفضلية
الصلاة لم يهتموا بأمر الجهاد فتركوا " حي على خير العمل " مصلحة استحسانا منهم واجتهادا
قبال النص الصريح وجعلوا بدله التثويب في صلاة الصبح وهو قول المؤذن: " الصلاة خير من
النوم ".
(2) الطريق إليه صحيح كما في (صه) وهو حسن.
(3) من هنا إلى قوله: " غيره " اختلف فيه هل كان جزءا للخبر أو من كلام المؤلف تسوط بين الخبر والحق أنه من الخبر كما فهمه صاحب الوسائل لما في الكافي ج 3 ص 303.
(4) هذا الكلام من تتمة حديث زرارة.
(5) الطريق فيه ماجيلويه ولم يوثق صريحا وقال العلامة (ره) الطريق صحيح.
284

الصلاة، واحدر إقامتك حدرا " (1)
877 - وروى عنه عليه السلام عمار الساباطي أنه قال: " إذا قمت إلى الصلاة الفريضة
فأذن وأقم، وافصل بين الأذان والإقامة بقعود أو بكلام أو تسبيح، وقال: سألته كم
الذي يجزي بين الأذان والإقامة من القول؟ قال: الحمد لله ".
878 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام " عن الرجل يؤذن وهو يمشي وهو
على غير طهر أو هو على ظهر الدابة؟ قال: نعم إذا كان المتشهد (2) مستقبل القبلة فبأس ".
879 - وروى عنه عليه السلام زرارة أنه قال: " إذا أقيمت الصلاة حرم الكلام على
الامام وعلى أهل المسجد إلا في تقديم إمام " (3).
880 - وقال علي عليه السلام: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يؤمكم أقرؤكم، ويؤذن لكم
خياركم " وفي حديث آخر " أفصحكم ".
881 - وقال رسول صلى الله عليه وآله: " من أذن في مصر من أمصار المسلمين سنة
وجبت له الجنة ".
882 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " المؤذن يغفر الله له مد بصره ومد صوته

(1) في النهاية في حديث الاذان: " إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر " أي أسرع، حدر في قراءته وأذانه يحدر حدرا وهو من الحدور ضد الصعود ويتعدى ولا يتعدى. وقال الشهيد
- رحمه الله - في الذكرى: الحدر في الإقامة مستحب مع مراعاة الوقوف على الفصول فيكره
الاعراب فيها كما يكره في الاذان للحديث.
(2) أي المؤذن في حال الشهادة. وفى بعض النسخ " إذا كان التشهد " أي إذا وقع التشهد منه
مستقبل القبلة. وقوله: " لا بأس " بمنزلة التأكيد لنعم، ويمكن أن يكون جزاء الشرط. (مراد)
(3) عمل الشيخان والمرتضى - رحمهم الله - بظاهر خبر تحريم الكلام وأفتوا بالتحريم
الا بما يتعلق بالصلاة من تقديم امام وتسوية صف، والمفيد والمرتضى حرما الكلام في الإمامة
أيضا (الذكرى) وقال سلطان العلماء: قوله " في تقديم امام " أي الا أن يكون الكلام في باب تقديم
الامام ليؤم الناس، كأن يقول بعض البعض: تقدم يا فلان كما ورد في بعض الروايات.
285

في السماء (1) ويصدقه كل رطب ويابس يسمعه، وله من كل من يصلي معه في مسجده
سهم، وله من كل من يصلي بصوته حسنة ".
883 - وقال عليه السلام: " من أذن سبع سنين محتسبا (2) جاء يوم القيامة لا
ذنب له ".
884 - وروي " أن الملائكة إذا سمعت الاذان من أهل الأرض قالت: هذه
أصوات أمة محمد صلى الله عليه وآله بتوحيد الله فيستغفرون الله لامة محمد صلى الله عليه وآله حتى يفرغوا من
تلك الصلاة ".
885 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " إن أدنى ما يجزي من
الاذان أن يفتتح الليل بأذان وإقامة ويفتتح النهار بأذان وإقامة، ويجزيك في سائر
الصلاة إقامة بغير أذان ".
وجمع رسول الله صلى الله عليه وآله (3) بين الظهر والعصر بعرفة بأذان واحد وإقامتين، وجمع

(1) كأنه من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس أي هذا المقدار من الذنب، أو هذا المقدار
من المغفرة، أو يغفر لأجله المذنبين الكائنين في تلك المسافة، أو المراد أن المغفرة منه تعالى تزيد
بنسبة مد الصوت، فكلما يكثر الثاني يزيد الأول وهذا إنما يناسب رواية ليس فيها ذكر مد الصوت
(البحار) وفى النهاية الأثيرية: المد: القدر، يريد به في خبر الاذان قدر الذنوب أي يغفر
له ذلك إلى منتهى مد صوته، وهو تمثيل لسعة المغفرة كقوله الاخر " لو لقيتني بقراب الأرض
خطايا لقيتك بها بمغفرة " ويروى " مدى صوته " والمدى: الغاية، أي يستكمل مغفرة الله إذا استنفد
وسعه في رفع صوته فيبلغ الغاية في المغفرة إذا بلغ الغاية في الصوت.
(2) أي طلبا لوجه الله وثوابه، أو موقنا أن ذلك ذخر له عند الله تعالى. يقال لمن ينوى
بفعله وجه الله: احتسبه.
(3) من كلام المؤلف أخذه من أخبار أخر كخبر معاوية بن عمار في حج النبي صلى الله
عليه وآله.
286

بين المغرب والعشاء بجمع (1) بأذان واحد وإقامتين.
886 - وروى عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام " أن رسول الله صلى الله عليه وآله جمع بين
الظهر والعصر بأذان وإقامتين وجمع بين المغرب والعشاء في الحضر من غير علة بأذان
[واحد] وإقامتين " (2).
887 - وروي " أن من صلى بأذان وإقامة صلى خلفه صفان من الملائكة، و
من صلى بإقامة بغير أذان صلى خلفه صف واحد، وحد الصف ما بين المشرق
والمغرب ".
888 - وفي رواية العباس بن هلال (3) عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال:
" من أذن وأقام صلى وراءه صفان من الملائكة، وإن أقام بغير أذان صلى عن يمينه
واحد، وعن شماله واحد، ثم قال: اغتنم الصفين ".
889 - وفي رواية ابن أبي ليلى عن علي عليه السلام أنه قال: " من صلى بأذان
وإقامة صلى خلفه صفان من الملائكة لا يرى طرفاهما. ومن صلى بإقامة صلى
خلفه ملك ".
890 - وقال الصادق عليه السلام " من قال حين يسمع أذان الصبح: " اللهم إني
أسألك بإقبال نهارك وإدبار ليلك وحضور صلواتك، وأصوات دعاتك أن تتوب
علي إنك أنت التواب الرحيم " وقال مثل ذلك حين يسمع أذان المغرب ثم مات
من يومه أو ليلته مات تائبا، وكان ابن النباح (4) يقول في أذانه: حي على خير العمل

(1) يعنى المزدلفة والمشعر وذلك لأنه صلى الله عليه وآله كان يؤخر المغرب ويجمع
بينه وبين العشاء من غير فصل معتد به.
(2) هذه سيرته صلى الله عليه وآله كلما جمع بين الصلاتين لم يؤذن للثانية وفى قوله:
" من غير علة " دلالة على الجواز.
(3) في طريقة الحسين بن إبراهيم ناتانه - رضي الله عنه - وهو غير مذكور فاسترضاؤهم له
ان أفاد مدحا فالسند حسن به وبإبراهيم بن هاشم.
(4) في القاموس: " نباح - ككتان - والد عامر مؤذن علي رضي الله عنه ".
287

حي على خير العمل، فإذا رآه علي عليه السلام قال: مرحبا بالقائلين عدلا وبالصلاة مرحبا
وأهلا ".
891 - وروى حارث بن المغيرة النضري (1) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:
" من سمع المؤذن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله
فقال مصدقا محتسبا: " وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، و [أشهد] أن محمدا رسول الله أكتفي
بهما (2) عن كل من أبى وجحد، وأعين بهما من أقر وشهد " كان له من الاجر عدد
من أنكر وجحد، وعدد من أقر وشهد ".
892 - وقال أبو جعفر لمحمد بن مسلم: " يا محمد بن مسلم لا تدعن ذكر الله على
كل حال، ولو سمعت المنادي ينادي بالاذان وأنت على الخلاء فاذكر الله عز وجل و
قل كما يقول المؤذن ".
893 - وسأل زيد الشحام أبا عبد الله عليه السلام " عن رجل نسي الأذان والإقامة
حتى دخل في الصلاة، فقال: إن كان ذكر قبل أن يقرأ فليصل على النبي وآله وليقيم،
وإن كان قد دخل في القراءة فليتم صلاته " (3).

(1) الطريق صحيح كما في (صه) الا أن فيه البرقي عن أبيه ومحمد بن علي ماجيلويه.
(2) " اكتفى بهما " على صيغة المتكلم أي اكتفى بهذين الشهادتين عن شهادة كل آب
وجاحد فيقوم هذان الشهادتان مقام شهادتهم. وفى بعض النسخ " بها " مقام " بهما ". أي بهذه
الكلمة.
(3) الطريق ضعيف بأبي جميلة ويدل على جواز ابطال الصلاة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله
والرجوع إلى الإقامة وحملت على السلام كما يدل عليه حسنة الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله
عليه السلام * ويدل على الرجوع قبل القراءة. (م ت)
* قال: " سألته عن الرجل يفتتح صلاته المكتوبة ثم يذكر أنه لم يقم، قال. فان ذكر
أنه لم يقم قبل أن يقرء فليسلم على النبي صلى الله عليه وآله ثم يقيم ويصلى وان ذكر بعدما قرأ بعض السورة
فليتم على صلاته " التهذيب ج 1 ص 215.
288

894 - وروي عن عمار الساباطي أنه قال: " سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل
نسي من الاذان حرفا فذكره حين فرغ من الأذان والإقامة، قال: يرجع إلى
الحرف الذي نسيه فليقله وليقل من ذلك الحرف إلى آخره ولا يعيد الاذان كله ولا الإقامة ".
895 - وسأل معاوية بن وهب أبا عبد الله عليه السلام " عن التثويب (1) الذي يكون
بين الأذان والإقامة، فقال: ما نعرفه " (2).
896 - وكان علي عليه السلام يقول: " لا بأس أن يؤذن الغلام قبل أن يحتلم (3) ولا
بأس أن يؤذن المؤذن وهو جنب، ولا يقيم حتى يغتسل " (4).
897 - وروى أبو بكر الحضرمي، وكليب الأسدي (5) عن أبي عبد الله عليه السلام

(1) ثوب الداعي تثويبا ردد صوته ورجع. والمراد به هنا قول المؤذن في أذان
الصبح بعد قوله " حي على الفلاح ": " الصلاة خير من النوم " فان المؤذن إذا قال: " حي على الفلاح "
فقد دعاهم إليها فإذا قال بعده " الصلاة خير من النوم " فقد رجع إلى كلام معناه المبادرة إليها.
(2) كناية عن أنه ليس من السنة بل هو بدعة لان كل ما هو سنة فقد عرفه أهل البيت (ع)
فكلما لم يعرفوه لم يكن من السنة فكان تشريعا حراما. (مراد)
(3) رواه الشيخ في الموثق عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عن أبيه عن علي عليهم السلام
وقال صاحب المدارك: لا يشترط في الاعتداد بالاذان في الصلاة وقيام الشعار في البلد صدوره من بالغ
بل يكفي كونه مميزا وهو اتفاق علمائنا كما في المعتبر ويدل عليه (سوى خبر المتن) قوله عليه
السلام في صحيحة ابن سنان " لا بأس أن يؤذن الغلام الذي لم يحتلم " اما غير المميز فلا يعتد بأذانه
قطعا لأنه لا حكم لعبادته، والمرجع في التميز إلى العرف، ثم نقل عن جده أنه قال: ان المراد
بالمميز من يعرف الاضر من الضار والأنفع من النافع إذا لم يحصل بينهما التباس.
(4) يستفاد من هذه الرواية اشتراط الطهارة في الإقامة وهو اختيار المرتضى في المصباح
والعلامة في المنتهى - رحمهما الله - وقال في التذكرة بعدم الاشتراط تمسكا بمقتضى الأصل. (المدارك)
(5) أبو بكر عبد الله بن محمد الحضرمي وكليب كلاهما ممدوحان وطريق المصنف إلى
الأول ضعيف بعبد الله بن عبد الرحمن الأصم، والى الثاني صحيح وروى عنهما الشيخ في الموثق.
289

أنه " حكى لهما الاذان فقال: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر أكبر، أشهد أن لا إله إلا
الله، أشهد أن لا إله إلا
الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله،
حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، حي على
خير العمل، حي على خير العمل، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله،
والإقامة كذلك " (1).
ولا بأس أن يقال في صلاة الغداة على أثر حي على خير العمل " الصلاة خير من
النوم " مرتين للتقية.
وقال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: هذا هو الاذان الصحيح لا يزاد فيه ولا ينقص
منه، والمفوضة لعنهم الله قد وضعوا أخبارا وزادوا في الاذان " محمد وآل محمد خير البرية "
مرتين، وفي بعض رواياتهم بعد أشهد أن محمدا رسول الله " أشهد أن عليا ولي الله "
مرتين، ومنهم من روى بدل ذلك " أشهد أن عليا أمير المؤمنين حقا " مرتين
ولا شك في أن عليا ولي الله وأنه أمير المؤمنين حقا وأن محمدا وآله صلوات الله
عليهم خير البرية، ولكن ليس ذلك في أصل الاذان، وإنما ذكرت ذلك ليعرف بهذه

(1) وقال المولى المجلسي - رحمه الله -: " هذا الخبر وإن كان في الاذان موافقا للمشهور
الا أنه في الإقامة خلاف المشهور ". وقال الفاضل التفرشي: " لعل مراد الإمام عليه السلام بيان أصول
الكلمات التي أتى بها جبرئيل وما قالت الملائكة عند ذاك وأما تكرار الله أكبر فللإشارة
إلى أنه يتكرر غير مرة ويحتمل أن يكون الاذان كذلك أولا ثم زاد ". وقال سلطان العلماء:
ظاهر الخبر مساواة الأذان والإقامة في الفصول الا انه لا شك في أن " قد قامت الصلاة " جزء للإقامة
فلعل المراد أنه كذلك في باقي الفصول غيرها وتركها لظهور جزئيتها وبعد ذلك ينبغي أن يحمل
على أن المراد التشبيه في النوع دون عددها.
(2) المفوضة: فرقة ضالة قالت بان الله خلق محمدا صلى الله عليه وآله وفوض إليه خلق الدنيا فهو
خلق الخلائق. وقيل: بل فوض ذلك إلى علي عليه السلام، وهم غير الذين يقولون بتفويض اعمال
العباد إليهم كالمعتزلة وأضرابهم.
290

الزيادة المتهمون بالتفويض، المدلسون أنفسهم في جملتنا (1).
898 - وقال الصادق عليه السلام في المؤذنين: " إنهم الامناء " (2).
899 - وقال عليه السلام: " صل الجمعة بأذان هؤلاء (3) فإنهم أشد شئ مواظبة
على الوقت ".
وينبغي أن يكون بين الأذان والإقامة جلسة إلا المغرب فإنه يجزي [أن يكون]
بين الأذان والإقامة نفس ". (4)
900 - وروى عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق عليه السلام أنه قال: " يجزي
في السفر إقامة بغير أذان ".
901 - وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إذا أذنت في الطريق
أو في بيتك ثم أقمت في المسجد أجزأك ".
902 - و " كان علي عليه السلام يؤذن ويقيم غيره وكان يقيم وقد أذن غيره " (5)

(1) " المتهمون " على البناء للفاعل أي المتهمون على الأئمة (ع) بتفويض أمور الخلق
إليهم ويحتمل كونه مبنيا للمفعول (سلطان) أقول: حاصل كلام المؤلف أن الشهادة بالولاية
من أركان الايمان بل الاسلام لا من فصول الاذان.
(2) أي يستحب فيهم العدالة. وفى الذكرى " يعتد بأذان الفاسق خلافا لابن الجنيد لاطلاق
ألفاظ في شرعية الاذان والحث عليه ولأنه يصح منه الاذان لنفسه فيصح لغيره، نعم العدل أفضل
لقوله صلى الله عليه وآله " يؤذن خياركم " ولان ذوي الأعذار يقلدونه لقوله صلى الله عليه وآله: " المؤذنون
أمناء ".
(3) يعنى العامة والآتيان باسم الإشارة للحصر كما في قوله تعالى: " أهؤلاء إياكم كانوا
يعبدون ". (مراد)
(4) لان وقت المغرب ضيق.
(5) فظهر أن صدورهما عن الاثنين كاف في الاعتداد بهما من غير علة حيث إن في الاتيان
بكان اشعارا بوقوعه غير مرة (مراد) وفى التهذيب ج 1 ص 216 " ان أبا عبد الله عليه السلام
كان يؤذن ويقيم غيره ".
291

903 - وشكا هشام بن إبراهيم (1) إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام سقمه وأنه
لا يولد له، فأمره أن يرفع صوته بالاذان في منزله، قال: ففعلت ذلك فأذهب الله
عني سقمي، وكثر ولدي، قال محمد بن راشد: وكنت دائم العلة ما أنفك منها في نفسي
وجماعة من خدمي وعيالي حتى أني كنت أبقى ومالي أحد يخدمني فلما سمعت ذلك
من هشام عملت به، فأذهب الله عني وعن عيالي العلل والحمد لله ".
904 - وروي " أن من سمع الاذان فقال: كما يقول المؤذن زيد في رزقه ".
905 - وروي عن عبد الله بن علي قال: " حملت متاعي من البصرة إلى مصر
فقدمتها فبينما أنا في بعض الطريق إذا أنا بشيخ طويل شديد الأدمة (2) أبيض الرأس
واللحية، عليه طمران (3) أحدهما أسود والآخر أبيض، فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذا
بلال مولى رسول الله صلى الله عليه وآله، فأخذت ألواحا فأتيته فسلمت عليه فقلت له: السلام عليك
أيها الشيخ، فقال: وعليك السلام، قلت: يرحمك الله تعالى حدثني بما سمعت من
رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: وما يدريك من أنا؟ فقلت: أنت بلال مؤذن رسول الله
صلى الله عليه وآله، قال: فبكى وبكيت حتى اجتمع الناس علينا ونحن نبكي، قال: ثم
قال: يا غلام من أي البلاد أنت؟ قلت: من أهل العراق قال: بخ بخ (4)، ثم سكت
ساعة، ثم قال: اكتب يا أخا أهل العراق " بسم الله الرحمن الرحيم سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول: المؤذنون أمناء المؤمنين على صلواتهم وصومهم ولحومهم ودمائهم (5)،

(1) الطريق إليه حسن بإبراهيم بن هاشم ورواه الكليني في الكافي ج 3 ص 308 عن علي بن
مهزيار عن محمد بن راشد عن هشام.
(2) الأدمة: السمرة الشديدة واللون المائل إلى الغبرة والمائل إلى السواد.
(3) الطمر - بالكسر -: الثوب الخلق والكساء البالي من غير صوف.
(4) كلمة يقال عند المدح والرضا والاعجاب بالشئ ولعله قال ذلك لكون أهل العراق
أكثرهم من شيعة علي عليه السلام في تلك الأيام.
(5) كونهم أمناء المؤمنين في الصلاة والصوم ظاهر حيث إن بيان أوقاتهما موكول
إليهم، وأما كونهم أمناء على اللحوم والدماء كناية عن قبول شهادتهم في جميع الأشياء المتعلقة
بالمؤمنين فان اللحوم والدماء أعز ما يتعلق بهم كما يفهم من قوله صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام " لحمك
لحمي ودمك دمى " فإذا قبل قولهم فيهما قبل في غيرهما بالأولى، وقد يقال: المراد بذلك
أن المسلمين إذا هموا بقتل أهل بلد من بلاد الكفار وجرحهم وسبى ذراريهم إذا سمعوا المؤذن
يؤذن فيها قبلوا قوله في اسلامهم وكفوا عنهم ولذا قيل: لو ترك أهل بلد الاذان قوتلوا (مراد)
أقول: حكى عن البخاري روى في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وآله كان كلما أراد أن يحارب
مع قوم بعث رجلا إليهم فان سمع منهم الاذان لم يحارب معهم فالقوم بسبب أذان المؤذنين عصم
أموالهم ودماؤهم. هذا وقال سلطان العلماء:
هذا مؤيد لما ذهب إليه ابن الجنيد من عدم الاعتداد بأذان الفاسق ولعل المراد بكونهم
أمناء على لحومهم ودمائهم أن بسبب أذانهم صار لحومهم ودماؤهم محفوظا من النار إذ هو الباعث
على صلاتهم أو المراد بسبب أذانهم يعلم أنهم مسلمون فيصيرون محفوظين من القتل والأسر،
ويحتمل أن المراد بلحومهم ودمائهم ذبائحهم فان باذان المؤمنين يعلم اسلام بلدهم فيعلم حل
ذبحهم والله أعلم.
292

لا يسألون الله عز وجل شيئا إلا أعطاهم، ولا يشفعون في شئ إلا شفعوا ".
قلت: زدني يرحمك الله. قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم " سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول: من أذن أربعين عاما محتسبا بعثه الله عز وجل يوم القيامة وله عمل أربعين
صديقا عملا مبرورا متقبلا ".
قلت: زدني يرحمك الله، قال: أكتب بسم الله الرحمن الرحيم " سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من أذن عشرين عاما بعثه الله عز وجل يوم القيامة وله من النور
مثل زنة السماء ".
قلت: زدني يرحمك الله، قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم " سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول: من أذن عشر سنين أسكنه الله عز وجل مع إبراهيم الخليل عليه السلام
في قبته، أو في درجته ".
قلت: زدني يرحمك الله عز وجل، قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم " سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من أذن سنة واحدة بعثه الله عز وجل يوم القيامة وقد غفرت
ذنوبه كلها بالغة ما بلغت ولو كانت مثل زنة جبل أحد ".
قلت: زدني يرحمك الله قال: نعم فاحفظ واعمل واحتسب " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
293

يقول: من أذن في سبيل الله صلاة واحدة إيمانا واحتسابا وتقربا إلى الله عز وجل
غفر الله له ما سلف من ذنوبه ومن عليه بالعصمة فيما بقي من عمره، وجمع بينه وبين
الشهداء في الجنة ".
قلت: زدني يرحمك الله حدثني بأحسن ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
ويحك يا غلام قطعت أنياط (1) قلبي، وبكي وبكيت حتى أني والله لرحمته، ثم
قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إذا كان يوم
القيامة وجمع الله عز وجل الناس في صعيد واحد بعث الله عز وجل إلى المؤذنين
بملائكة من نور ومعهم ألوية وأعلام من نور (2) يقودون جنائب (3) أزمتها زبرجد
أخضر، وحقايبها المسك الأذفر (4) يركبها المؤذنون فيقومون عليها قياما تقودهم
الملائكة ينادون بأعلا صوتهم بالاذان، ثم بكى بكاء شديدا حتى انتحبت (5) وبكيت
فلما سكت قلت: ممن بكاؤك؟ فقال: ويحك ذكرتني أشياء سمعت حبيبي وصفيي
عليه السلام يقول: " والذي بعثي بالحق نبيا إنهم ليمرون على الخلق قياما على النجائب (6)

(1) النياط - ككتاب -: عرق غليظ يناط به القلب إلى الوتين فإذا قطع مات صاحبه
وقوله " ويحك " كلمة رحمة، ويقابلها " ويلك ".
(2) ألوية جمع اللواء وهي العلم - بفتح اللام - والاعلام اما تفسير للألوية واما المعقود
عليها الألوية ويكون اللواء ما يعقد عليه العلم واما أن يكون أحدهما الصغير والاخر الكبير. (م ت)
(3) الجنائب جمع جنيبة وهي فرس تقاد ولا تركب، فعيلة بمعنى مفعولة ومنه جنبته
أجنبه من باب قتل إذا قدته إلى جنبك. والأزمة جمع زمام (المصباح المنير).
(4) الحقائب جمع الحقيبة وهي كل ما يشد في مؤخر القتب وفى المصباح الحقيبة العجيزة
والجمع حقائب: سمى ما يحمل من القماش على الفرس خلف الراكب حقيبة مجازا لأنه محمول
على العجز. وفى كنز اللغة حقايب است وآن توشه دان وخرجين است. وفى بعض
النسخ خفايفها ولعله جمع اخفاف وهي جمع الخف أي خف البعير والمراد بالاذفر الكثير الرائحة
(5) النحيب أشد البكاء ونحب فلان من باب ضرب بكى، وانتحب أي تنفس شديدا ورفع
صوته بالبكاء.
(6) النجيب: الحسيب الكريم ومن الإبل كريمها والجمع نجائب.
294

فيقولون: " الله أكبر، الله أكبر " فإذا قالوا ذلك سمعت لامتي ضجيجا، فسأله أسامة
ابن زيد عن ذلك الضجيج ما هو؟ قال: الضجيج التسبيح والتحميد والتهليل، فإذا
قالوا: " أشهد أن لا إله إلا الله " قالت أمتي: نعم إياه كنا نعبد في الدنيا، فيقال:
صدقتم، فإذا قالوا: " أشهد أن محمدا رسول الله " قالت أمتي: هذا الذي أتانا برسالة
ربنا جل جلاله وآمنا به ولم نره، فيقال لهم: صدقتم هذا الذي أدى إليكم الرسالة
من ربكم وكنتم به مؤمنين، فحقيق على الله عز وجل أن يجمع بينكم وبين
نبيكم، فينتهي بهم إلى منازلهم، وفيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على
قلب بشر.
ثم نظر إلي فقال: إن استطعت - ولا قوة إلا بالله - أن لا تموت إلا وأنت
مؤذن فافعل، فقلت: يرحمك الله تفضل علي وأخبرني فإني فقير محتاج وأد
إلي ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله فإنك قد رأيته ولم أره، وصف لي كيف وصف لك
رسول الله صلى الله عليه وآله بناء الجنة؟ فقال: أكتب بسم الله الرحمن الرحيم " سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول: إن سور الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة ولبنة من ياقوت وملاطها (1)
المسك الأذفر، وشرفها الياقوت الأحمر والأخضر والأصفر، قلت: فما أبوابها؟
قال: إن أبوابها مختلفة باب الرحمة من ياقوتة حمراء، قلت: فما حلقته؟ فقال: و
كف عني فقد كلفتني شططا (2) قلت: ما أنا بكاف عنك حتى تؤدي إلي ما سمعت من
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم " أما باب الصبر فباب صغير، مصراع
واحد من ياقوتة حمراء لا حلق له، وأما باب الشكر فإنه من ياقوتة بيضاء لها مصراعان
مسيرة ما بينهما مسيرة خمسمائة عام، له ضجيج وحنين يقول: " اللهم جئني بأهلي "
قال: قلت: هل يتكلم الباب قال: نعم ينطقه الله ذو الجلال والاكرام، وأما باب البلاء
قلت: أليس باب البلاء هو باب الصبر؟ قال: لا، قلت: فما البلاء؟ قال: المصائب و

(1) الملاط: الطين الذي يجعل بين سافي البناء يملط به الحائط (الصحاح).
(2) الشطط: مجاوزة الحد والقدر أي كلفتني مشكلا.
295

السقام والأمراض والجذام وهو باب من ياقوتة صفراء مصراع واحد، ما أقل من
يدخل فيه.
قلت: يرحمك الله زدني وتفضل علي فإني فقير، فقال: يا غلام لقد كلفتني
شططا، أما الباب الأعظم فيدخل منه العباد الصالحون، وهم أهل الزهد والورع و
الراغبون إلى الله عز وجل المستأنسون به، قلت: يرحمك الله فإذا دخلوا الجنة فماذا
يصنعون؟ قال: يسيرون على نهرين في ماء صاف في سفن الياقوت، مجاذيفها (1) اللؤلؤ،
فيها ملائكة من نور، عليهم ثياب خضر شديدة خضرتها.
قلت: يرحمك الله هل يكون من النور أخضر، قال: إن الثياب هي خضر ولكن
فيها نور من نور رب العالمين جل جلاله ليسيروا على حافتي ذلك النهر، قلت: فما
اسم ذلك النهر؟ قال: جنة المأوى، قلت: هل وسطها غيرها؟ قال: نعم جنة عدن وهي
في وسط الجنان، وأما جنة عدن فسورها ياقوت أحمر وحصاها اللؤلؤ، فقلت: وهل
فيها غيرها؟ قال: نعم جنة الفردوس، قلت: فكيف سورها؟ قال: ويحك كف عني
جرحت علي قلبي (2)، قلت: بل أنت الفاعل بي ذلك، قلت: ما أنا بكاف عنك حتى
تتم لي الصفة وتخبرني عن سورها، قال: سورها نور، قلت: ما الغرف التي فيها؟ قال:
هي من نور رب العالمين عز وجل.
قلت: زدني يرحمك الله، قال: ويحك إلى هذا إنتهى بي رسول الله صلى الله عليه وآله طوبى
لك إن أنت وصلت إلى ماله هذه الصفة، وطوبى لمن يؤمن بهذا، قلت: يرحمك الله
أنا والله من المؤمنين بهذا. قال: ويحك إنه من يؤمن بهذا أو يصدق بهذا الحق

(1) في بعض النسخ " مجاذيفها " في الصحاح: المجذاف: ما تجذف به السفينة وبالدال
أيضا، وفيه عن الكسائي: جدف الطائر يجدف جدوفا إذا كان مقصوصا فرأيته إذا طار كأنه يرد
جناحيه إلى خلفه، وقال الأصمعي: ومنه سمى مجداف السفينة وجناحا الطائر مجدافا،
وقال ابن دريد: مجداف السفينة بالدال والذال جميعا لغتان فصيحتان، وفى الصراح مجداف:
بيل كشتى وبال مرغ.
(2) في بعض النسخ " جرت على قلبي " وفى بعضها " حيرت " وفى بعضها " جربت ".
296

والمنهاج لم يرغب في الدنيا ولا في زينتها وحاسب نفسه بنفسه، قلت: أنا مؤمن بهذا
قال: صدقت ولكن قارب وسدد ولا تيأس، واعمل ولا تفرط، وارج وخف و
احذر (1). ثم بكى وشهق ثلاث شهقات فظننا أنه قد مات، ثم قال: فداكم أبى وأمي
لو رآكم محمد صلى الله عليه وآله لقرت عينه حين تسألون عن هذه الصفة، ثم قال: النجاء النجاء
الوحا الوحا (2) الرحيل الرحيل، العمل العمل، وإياكم والتفريط، وإياكم
والتفريط، ثم قال: ويحكم اجعلوني في حل مما قد فرطت، فقلت له: أنت في حل
مما قد فرطت جزاك الله الجنة كما أديت وفعلت الذي يجب عليك، ثم ودعني
وقال: اتق الله وأد إلى أمة محمد صلى الله عليه وآله ما أديت إليك. فقلت له: أفعل إن شاء
الله، قال: أستودع الله دينك وأمانتك وزودك التقوى وأعانك على طاعته بمشيئته ".
وقد أذن رسول الله صلى الله عليه وآله فكان يقول: أشهد أني رسول الله وقد كان يقول فيه:
أشهد أن محمدا رسول الله لان الاخبار قد وردت بهما جميعا.
وكان لرسول الله صلى الله عليه وآله مؤذنان أحدهما بلال والآخر ابن أم مكتوم، وكان
ابن أم مكتوم أعمى، وكان يؤذن قبل الصبح.
906 - وكان بلال يؤذن بعد الصبح، فقال النبي صلى الله عليه وآله: " إن ابن أم مكتوم
يؤذن بالليل فإذا سمعتم أذانه فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان بلال " فغيرت العامة
هذا الحديث عن جهته وقالوا: إنه عليه السلام قال: " إن بلالا يؤذن بليل فإذا سمعتم أذانه
فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم ".
907 - وروي أنه " لما قبض النبي صلى الله عليه وآله امتنع بلال من الاذان وقال: لا

(1) " قارب " أي اقتصد. " سدد " أي في أمورك. " ولا تيأس " أي من روح الله. " ولا
تفرط " أي لا تقصر في العمل الصالح. " وارج " أي غفران الله تعالى. " وخف " أي من
سخط الله سبحانه. " واحذر " أي من المعاصي. (مراد)
(2) الوحا - بالقصر والمد -: السرعة يعنى البدار البدار وهو منصوب على الاغراء
بفعل مضمر. وكذا النجاء ممدودا: بمعنى السرعة والسبقة.
297

أؤذن لاحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وإن فاطمة عليها السلام قالت ذات يوم: إني أشتهي أن
أسمع صوت مؤذن أبي عليه السلام بالاذان فبلغ ذلك بلالا فأخذ في الاذان، فلما قال:
" الله أكبر، الله أكبر " ذكرت أباها عليه السلام وأيامه فلم تتمالك من البكاء، فلما بلغ
إلى قوله: " أشهد أن محمدا رسول الله " شهقت فاطمة عليها السلام شهقة وسقطت لوجهها
وغشي عليها، فقال الناس لبلال: أمسك يا بلال فقد فارقت ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله الدنيا
وظنوا أنها قد ماتت فقطع أذانه ولم يتمه، فأفاقت فاطمة عليها السلام وسألته أن يتم
الاذان فلم يفعل، وقال لها: يا سيدة النسوان إني أخشى عليك مما تنزلينه بنفسك
إذا سمعت صوتي بالاذان فأعفته عن ذلك ".
908 - وقال الصادق عليه السلام: " ليس على النساء أذان ولا إقامة ولا جمعة ولا
استلام الحجر، ولا دخول الكعبة، ولا الهرولة بين الصفا والمروة (1) ولا الحلق، إنما
يقصرن من شعورهن ".
وروي أنه يكفيها من التقصير مثل طرف الأنملة (2).
909 - وفي خبر آخر قال الصادق عليه السلام: " ليس على المرأة أذان ولا إقامة
إذا سمعت أذان القبيلة وتكفيها الشهادتان، ولكن إذا أذنت وأقامت فهو أفضل ".
وليس في صلاة العيدين أذان ولا إقامة أذانهما طلوع الشمس.
910 - وقال الصادق عليه السلام: " إن تغولت لكم الغول فأذنوا ". (3)

(1) محمول على عدم تأكد الاستحباب في غير الجمعة والهرولة. فإنهما ساقطتان عنهن،
وكذا صلاة العيدين.
(2) في الكافي ج 4 ص 503 باسناد صحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " تقصر
المرأة من شعرها لعمرتها قدر أنملة ".
(3) في النهاية: " الغول: أحد الغيلان وهي جنس من الجن أو الشياطين. كانت
العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراءى للناس فتتغول تغولا: أي تتلون تلونا في صور شتى،
وتغولهم أي تضلهم عن الطريق وتهلكهم - انتهى " أي إذا تشكلت وتلونت لكم الغول فادفعوا
شره بذكر الله تعالى والاذان. وقال الفاضل التفرشي: لعل معناه إذا وقعتم في المهلكة كما
قيل في معنى غالته غول.
298

911 - وقال عليه السلام: " المولود إذا ولد يؤذن في أذنه اليمنى ويقام في اليسرى ".
912 - وقال عليه السلام: " من لم يأكل اللحم أربعين يوما ساء خلقه ومن ساء خلقه
فأذنوا في أذنه ".
913 - وقال عليه السلام: " كان اسم النبي صلى الله عليه وآله يكرر في الاذان فأول من حذفه
ابن أروى ".
وري أنه كان بالمدينة إذا أذن المؤذن يوم الجمعة نادى مناد: حرم البيع
لقول الله عز وجل " يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا
إلى ذكر الله وذروا البيع ".
914 - وفيما ذكره الفضل بن شاذان رحمه الله من العلل عن الرضا عليه السلام
أنه قال: " إنما أمر الناس بالاذان لعلل كثيرة، منها أن يكون تذكيرا للناسي، و
تنبيها للغافل، وتعريفا لمن جهل الوقت واشتغل عنه، ويكون المؤذن بذلك داعيا
لعبادة الخالق ومرغبا فيها، ومقرا له بالتوحيد، ومجاهرا بالايمان، معلنا بالاسلام
مؤذنا لمن ينساها، وإنما يقال له: مؤذن لأنه يؤذن بالاذان بالصلاة (2)، وإنما بدء
فيه بالتكبير وختم بالتهليل لان الله عز وجل أراد أن يكون الا بذكره واسمه،
واسم الله في التكبير في أول الحرف وفي التهليل في آخره، إنما جعل مثنى مثنى
ليكون تكرارا في آذان المستمعين، مؤكدا عليهم إن سها أحد عن الأول لم يسه عن
الثاني ولان الصلاة ركعتان ركعتان فلذلك جعل الاذان مثنى مثنى، وجعل التكبير
في أول الاذان أربعا لان أول الاذان إنما يبدأ غفلة، وليس قبله كلام ينبه المستمع
له فجعل الأوليان تنبيها للمستمعين لما بعده في الاذان، وجعل بعد التكبير الشهادتان
لان أول الايمان هو التوحيد، والاقرار لله تبارك وتعالى بالوحدانية، والثاني الاقرار
للرسول صلى الله عليه وآله بالرسالة وأن إطاعتهما ومعرفتهما مقرونتان، ولان أصل الايمان

(1) يحتمل أن يكون المراد بتكرار اسمه صلى الله عليه وآله تكراره باعتبار الصلاة عليه عند ذكره
في الاذان والمراد بابن أروى هو عثمان لان اسم أمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن
عبد شمس كما في المعارف لابن قتيبة.
(2) الباء الأولى للسببية والثانية للصلة. (مراد)
299

إنما هو الشهادتان فجعل شهادتين شهادتين كما جعل في سائر الحقوق شاهدان فإذا أقر
العبد لله عز وجل بالوحدانية وأقر للرسول صلى الله عليه وآله بالرسالة فقد أقر بجملة الايمان
لان أصل الايمان إنما هو بالله وبرسوله، وإنما جعل بعد الشهادتين الدعاء إلى
الصلاة لان الاذان إنما وضع لموضع الصلاة وإنما هو نداء إلى الصلاة في وسط الاذان
ودعاء إلى الفلاح وإلى خير العمل، وجعل ختم الكلام باسمه كما فتح باسمه ".
باب
* (وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها) *
915 - روي عن حماد بن عيسى (1) أنه قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام يوما:
" تحسن أن تصلي يا حماد؟ قال: قلت: يا سيدي أنا أحفظ كتاب حريز (2) في الصلاة، قال:
فقال عليه السلام: لا عليك (3) قم فصل، قال: فقمت بين يديه متوجها إلى القبلة فاستفتحت
الصلاة وركعت وسجدت، فقال: يا حماد لا تحسن أن تصلي، ما أقبح بالرجل (4) أن
تأتي عليه ستون سنة أو سبعون سنة فما يقيم صلاة واحدة بحدودها تامة، قال حماد:
فأصابني في نفسي الذل، فقلت: جعلت فداك فعلمني الصلاة، فقام أبو عبد الله عليه السلام
مستقبل القبلة منتصبا فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضم أصابعه وقرب بين
قدميه حتى كان بينهما ثلاث أصابع مفرجات، فاستقبل بأصابع رجليه جميعا لم
يحرفهما عن القبلة بخشوع واستكانة (5) فقال: " الله أكبر " ثم قرأ الحمد بترتيل،

(1) الطريق صحيح كما في (صه).
(2) بفتح الحاء كشريف - ثقة كوفي.
(3) أي لا بأس عليك.
(4) زاد في الكافي والتهذيب " منكم " أي من الشيعة أو من خواصهم.
(5) " بخشوع " أي بتذلل وخوف وخضوع. قال الجوهري: خشع ببصره أي غضه.
وقال الفيض - رحمه الله -: الخشوع يكون بالقلب والجوارح فبالقلب أن يجمع الهمة
ويفرغ قلبه عن غير العبادة والمعبود، وبالجوارح أن يغض بصره ويقبل على العبادة ولا
يلتفت ولا يعبث.
300

وقل هو الله أحد، ثم صبر هنيئة بقدر ما يتنفس وهو قائم، ثم قال: " الله أكبر "
وهو قائم، ثم ركع وملا كفيه من ركبتيه (1) مفرجات، ورد ركبتيه إلى خلفه
حتى استوى ظهره حتى لو صب عليه قطرة ماء أو دهن لم تزل لاستواء ظهره
ورد ركبتيه إلى خلفه ونصب عنقه وغمض عينيه (2)، ثم سبح ثلاثا بترتيل (3) وقال:
" سبحان ربي العظيم وبحمده " ثم استوى قائما، فلما استمكن من القيام قال:
" سمع الله لمن حمده " ثم كبر وهو قائم ورفع يديه حيال وجهه (4) وسجد ووضع يديه
إلى الأرض قبل ركبتيه فقال: " سبحان ربي الأعلى وبحمده " ثلاث مرات، ولم يضع
شيئا من بدنه على شئ منه، وسجد على ثمانية أعظم: الجبهة والكفين وعيني الركبتين (5) وأنامل إبهامي الرجلين والأنف. فهذه السبعة فرض، ووضع الانف
على الأرض سنة وهو الارغام (6) ثم رفع رأسه من السجود فلما استوى جالسا قال:

(1) أي ماسها بكلا كفيه ولم يكتف بوضع أطرافها. (الوافي)
(2) قوله " غمض عينيه " لا ينافي ما اشتهر بين الأصحاب من استحباب النظر إلى ما بين
القدمين لان التغميض قول حماد لا قول الإمام (ع) وحكى ما رآه منه وحيث انه (ع) خفض
طرفه في حال الركوع زعم حماد أنه غمض عينيه، والناظر إلى ما بين القدمين يقرب صورته
من صورة المغمض. والمصلى إذا خفض طرفه في حال القيام وقع نظره إلى محل سجدته و
في حال الركوع إلى ما بين قدميه وفى حال السجود إلى طرفي أنفه وفى حال التشهد إلى
حجره وهو من علامات الخشوع وأماراته
(3) الترتيل: التأني وتبيين الحروف، وفى رواية عن أمير المؤمنين (ع) في قوله تعالى " ورتل القرآن ترتيلا " أنه حفظ الوقوف وأداء الحروف.
(4) حيال الوجه محاذاته أي لم يرفع (ع) يديه بالتكبير أزيد من حيال وجهه.
(5) عين الركبة ما يقال له بالفارسية (كاسهء زانو) والتثنية باعتبار الركبتين وقيل
لكل من الركبتين عينان وهما نقرتان مقدمها عند الساق.
(6) في الكافي ج 3 ص 313 " وسجد على ثمانية أعظم: الكفين والركبتين وأنامل
ابهامي الرجلين والجبهة والأنف وقال: سبعة منها فرض يسجد عليها وهي التي ذكرها الله
في كتابه فقال: " وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا " وهي الجبهة والكفان والركبتان
والابهامان، ووضع الانف على الأرض سنة ".
301

الله أكبر " ثم قعد على جانبه الأيسر ووضع ظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسر
وقال: " استغفر الله ربي وأتوب إليه " ثم كبر وهو جالس وسجد الثانية، وقال كما قال
في الأولى ولم يستعن (1) بشئ من بدنه على شئ منه في ركوع ولا سجود، وكان
مجنحا (2) ولم يضع ذراعيه على الأرض، فصلى ركعتين على هذا، ثم قال: يا حماد
هكذا صل " (3).
ولا تلتف ولا تعبث بيديك وأصابعك، ولا تبزق عن يمينك ولا يسارك ولا
بين يديك.
916 - وقال الصادق عليه السلام: " إذا قمت إلى الصلاة فقل: " اللهم إني أقدم إليك
محمدا بين يدي حاجتي وأتوجه إليك به فاجعلني به وجيها في الدنيا والآخرة ومن
المقربين واجعل صلاتي به مقبولة، وذنبي به مغفورا، ودعائي به مستجابا، إنك أنت
الغفور الرحيم ".
فإذا قمت إلى الصلاة فلا تأت بها شبعا (4) ولا متكاسلا ولا متناعسا (5) ولا

(1) في بعض النسخ " لم يضع ".
(2) التجنح: رفع الساعدين من الأرض متجافيا عن الجنبين، معتمدا على الكفين، كالجناحين.
(3) الحديث في الكافي ج 3 ص 312 وفى التهذيب ج 1 ص 157 إلى هنا، و
يمكن أن يكون الباقي من كلام المؤلف - رحمه الله - أمن تتمة الخبر ولم يذكراه وقد
ذكره المؤلف في العلل.
(4) الشبع: ضد الجوع. وفى بعض النسخ " سغبا " أي في حالة الجوع، وفى
بعضها " شعيا " ولعل المراد بالشعي كونه متفرق الخاطر، وفى الصحاح: جاءت الخيل
شواعى وشوايع أي متفرقة.
(5) الكسل: التثاقل عن الامر، والمتناعس هو الذي يأخذه النعاس وهو مقدمة النوم
302

مستعجلا، ولكن على سكون ووقار، فإذا دخلت في صلاتك فعليك بالتخشع والاقبال
على صلاتك فإن الله عز وجل يقول " والذين هم في صلاتهم خاشعون " ويقول " وإنها
لكبيرة إلا على الخاشعين " واستقبل القبلة بوجهك، ولا تقلب وجهك عن القبلة فتفسد
صلاتك، وقم منتصبا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: " من لم يقم صلبه فلا صلاة له " واخشع
ببصرك ولا ترفعه إلى السماء، وليكن نظرك إلى موضع سجودك، واشغل قلبك بصلاتك
فإنه لا يقبل من صلاتك إلا ما أقبلت عليه منها بقلبك، حتى أنه ربما قبل من صلاة
العبد ربعها أو ثلثها أو نصفها، ولكن الله عز وجل يتمها للمؤمنين بالنوافل، وليكن
قيامك في الصلاة قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل، واعلم أنك بين يدي من يراك
ولا تراه، وصل صلاة مودع كأنك لا تصلي بعدها أبدا، ولا تعبث بلحيتك ولا برأسك
ولا بيديك، ولا تفرقع أصابعك، ولا تقدم رجلا على رجل، وزاوج (1) بين قدميك
واجعل بينهما قدر ثلاث أصابع إلى شبر، ولا تتمطأ ولا تتثاءب (2) ولا تضحك فان القهقهة
تقطع الصلاة، ولا تتورك فإن الله عز وجل قد عذب قوما على التورك، كان أحدهم
يضع يديه على وركيه من ملالة الصلاة، ولا تكفر فإنما يصنع ذلك المجوس (3)،
وأرسل يديك وضعهما على فخذيك قبالة ركبتيك فإنه أحرى أن تهتم بصلاتك، ولا
تشغل عنها نفسك فإنك إذا حركتها كان ذلك يلهيك، ولا تستند إلى جدار إلا أن
تكون مريضا، ولا تلتفت عن يمينك ولا عن يسارك، فإن التفت حتى ترى من
خلفك فقد وجب عليك إعادة الصلاة، وإن العبد إذا التفت في صلاة ناداه الله عز وجل
فقال: عبدي إلى من تلتفت إلى من هو خير لك مني، فإن التفت ثلاث مرات صرف
الله عز وجل عنه نظره فلم ينظر إليه بعد ذلك أبدا، ولا تنفخ في موضع سجودك فإذا

(1) فرقع الأصابع أي نقضها وغمزها حتى يسمع لمفاصلها صوت، وزاوج أي قارن.
(2) التمطى: مد اليدين، ما يقال له بالفارسية: (خميازه) والتثاؤب: فتح الفم و
ما يقال له بالفارسية: (دهان دره).
(3) التفكير وضع إحدى اليدين على الأخرى محاذيا للصدر في حال القيام.
303

أردت النفخ فليكن قبل دخولك في الصلاة فإنه يكره ثلاث نفخات (1) في موضع السجود
وعلى الرقي وعلى الطعام الحار، ولا تبزق ولا تمخط، فإن من حبس ريقه إجلالا لله
تعالى في صلاته أورثه الله عز وجل صحة إلى الممات، وارفع يديك بالتكبير (2) إلى نحرك
ولا تجاوز بكفيك أذنيك حيال خديك ثم ابسطهما بسطا وكبر ثلاث تكبيرات وقل
" اللهم أنت الملك الحق المبين، لا إله إلا أنت، سبحانك وبحمدك، عملت سوءا وظلمت
نفسي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت "، ثم كبر تكبيرتين في ترسل (3)
ترفع بهما يديك وقل: " لبيك وسعديك، والخير في يديك، والشر ليس إليك،
والمهدي من هديت، عبدك وابن عبدك بين يديك، منك وبك ولك وإليك، لا ملجأ
ولا منجا ولا مفر منك إلا إليك، تباركت وتعاليت، سبحانك وحنانيك (4)، سبحانك
رب البيت الحرام " ثم كبر تكبيرتين وقل: " وجهت وجهي للذي فطر السماوات
والأرض، على ملة إبراهيم ودين محمد [صلى الله عليه وآله] ومنهاج علي، حنيفا مسلما وما
أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له
وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم،
بسم الله الرحمن الرحيم " وإن شئت كبرت سبع تكبيرات ولاء إلا أن الذي وصفناه

(1) أي يكره النفخ في ثلاثة مواضع. والرقى بالضم - جمع الرقية وهي معروفة.
(2) لعل الباء بمعنى " مع " فيدل على أن ابتداء الرفع مع ابتداء التكبير وانتهاءه
مع انتهائه مبسوط اليدين.
(3) أي بتثبت وتأن وطمأنينة، في النهاية " إذا أذنت فترسل " أي تأن ولا تعجل
وترسل الرجل في كلامه ومشيه إذا لم يعجل وهو والترتيل سواء الا أن الأخير مستعمل في القراءة.
(4) قوله " لبيك وسعديك " أي إقامة على طاعتك بعد إقامة، ومساعدة على امتثال
أمرك بعد مساعدة، وقوله " والشر ليس إليك " أي ليس منسوبا إليك ولا صادرا عنك. والحنان
بتخفيف النون: الرحمة، و " سبحانك وحنانيك " أي أنزهك عما لا يليق بك تنزيها والحال
أنى أسألك رحمة بعد رحمة، أو أطلب ترحمك بعد ترحم، وحنانك بعد حنان، أو ترحم على
مرة بعد مرة.
304

تعبد. (1) وإنما جرت السنة في افتتاح الصلاة بسبع تكبيرات لما رواه زرارة:
917 - عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الصلاة
وقد كان الحسين عليه السلام أبطأ عن الكلام حتى تخوفوا أنه لا يتكلم وأن يكون به
خرس، فخرج صلى الله عليه وآله به حاملا (2) على عاتقه وصف الناس خلفه، فأقامه على يمينه
فافتتح رسول الله صلى الله عليه وآله الصلاة فكبر الحسين عليه السلام، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله
تكبيره عاد فكبر وكبر الحسين عليه السلام حتى كبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبع تكبيرات
وكبر الحسين عليه السلام فجرت السنة بذلك ".
918 - وقد روى هشام بن الحكم، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام لذلك علة
أخرى، وهي " أن النبي صلى الله عليه وآله لما أسري به إلى السماء قطع سبعة
حجب فكبر عند كل حجاب تكبيرة فأوصله الله عز وجل بذلك إلى منتهى الكرامة ".
919 - وذكر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام علة أخرى، وهي " أنه إنما
صارت التكبيرات في أول الصلاة سبعا لان أصل الصلاة ركعتان واستفتاحهما بسبع
تكبيرات، تكبيرة الافتتاح، وتكبيرة الركوع، وتكبيرتي السجدتين، وتكبيرة
الركوع في الثانية، تكبيرتي السجدتين (3)، فإذا كبر الانسان في أول صلاة سبع

(1) لعل المراد بالتعبد الاقرار بالربوبية. ومن قوله: " فإذا قمت إلى الصلاة
فلا تأت بها شبعا " إلى هنا غير معلوم لنا أكله من كلام الصادق (ع) أو جمعه المؤلف من كلماتهم المتفرقة في تضاعيف أخبارهم، والمظنون عندي جدا أنه من كلامه - رحمه الله - أخذه
من أخبار شتى ولا يسعنا تفكيكها وتخريجها.
(2) في بعض النسخ " حامله " وهي بالنصب على الحالية حيث إن الإضافة اللفظية لا تفيد
تعريفا ومعنى التعليل هنا أن ذلك صار سببا لشرع التكبيرات بإذن الله تعالى. (مراد)
(3) لعل المراد باستفتاح الركعتين بالسبع التكبيرات التي يستفتح بها كل فعل و
لهذا لم يعد منها الأربع التي بعد الرفع من السجدات (الوافي) وقال الفاضل التفرشي:
قوله " وتكبيرتي السجدتين " أي التكبيرتين اللتين شرع كل منهما لأجل سجدة وإن كان لكل
سجدة تكبيرتان، فالمقصود ذكر ما لأجله التكبير وهو سبعة، ويمكن أن يراد باستفتاح
الركعتين استفتاح أجزائهما فيكون لكل سجدة تكبيرة واحدة وحينئذ يحمل الاستفتاح على
ظاهره وان احتيج إلى حذف مضاف.
305

تكبيرات ثم نسي شيئا من تكبيرات الافتتاح من بعد أو سهى عنها لم يدخل عليه
نقص في صلاته ".
وهذه العلل كلها صحيحة وكثرة العلل للشئ تزيده تأكيدا، ولا يدخل هذا
في التناقض، وقد يجزي في الافتتاح تكبيرة واحدة.
920 - و " كان رسول الله الله عليه وآله وسلم أتم الناس صلاة وأوجزهم، كان إذا دخل في
صلاة قال: الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم ".
921 - و " سأل رجل أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: يا بن عم خير خلق الله تعالى
ما معنى رفع يديك في التكبيرة الأولى؟ فقال عليه السلام: معناه الله أكبر الواحد الأحد
الذي ليس كمثله شئ، لا يلمس بالأخماس (1) ولا يدرك بالحواس ".
فإذا كبرت تكبيرة الافتتاح فاقرأ الحمد لله وسورة معها موسع عليك أي
السور قرأت في فرائضك إلا أربع سور، وهي سورة والضحى وألم نشرح لأنهما جميعا سورة
واحدة، ولايلاف وألم تر كيف لأنهما جميعا سورة واحدة، فان قرأتهما كان قراءة الضحى
وألم نشرح في ركعة واحدة، ولايلاف وألم تر كيف في ركعة، ولا تنفرد بواحدة من هذه
الأربع السور في ركعة فريضة، ولا تقرن بين سورتين في فريضة فأما في النافلة فاقرن
ما شئت، ولا تقرأ في الفريضة شيئا من العزائم الأربع وهي سورة سجدة لقمان، و
حم السجدة، والنجم، وسورة اقرأ باسم ربك.
ومن قرأ شيئا من العزائم الأربع (2) فليسجد وليقل: " إلهي آمنا بما كفروا
وعرفنا منك ما أنكروا، وأجبناك إلى ما دعوا، إلهي فالعفو العفو " ثم يرفع رأسه
ويكبر.
922 - وقد روي أنه يقول في سجدة العزائم " لا إله إلا الله حقا حقا لا
إله إلا الله إيمانا وتصديقا، لا إله إلا الله عبودية ورقا، سجدت لك يا رب تعبدا

(1) المراد بالأخماس الأصابع الخمس لان اختبار الملموسات بها غالبا. (مراد)
(2) أي في غير الصلاة، أو في الصلاة سهوا. (سلطان).
306

ورقا، لا مستنكفا ولا مستكبرا، بل أنا عبد ذليل خائف مستجير " ثم يرفع رأسه
ثم يكبر.
ومن سمع رجلا يقرأ العزائم فليسجد وإن كان على غير وضوء، ويستحب أن
يسجد الانسان في كل سورة فيها سجدة إلا أن الواجب في هذه العزائم الأربع.
وأفضل ما يقرأ في الصلاة في اليوم والليلة في الركعة الأولى الحمد وإنا أنزلناه
وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد إلا في صلاة العشاء الآخرة ليلة الجمعة، فان
الأفضل أن يقرأ في الأولى منها الحمد وسور الجمعة، وفي الثانية الحمد وسبح اسم
وفي صلاة الغداة والظهر والعصر يوم الجمعة في الأولى الحمد وسورة الجمعة، وفي
الثانية الحمد وسورة المنافقين، وجايز أن يقرأ في العشاء الآخرة ليلة الجمعة وصلاة
الغداة والعصر بغير سورة الجمعة والمنافقين، ولا يجوز أن يقرأ في صلاة الظهر يوم
الجمعة بغير سورة الجمعة والمنافقين، فإن نسيتهما أو واحدة منهما في صلاة الظهر
وقرأت غيرهما ثم ذكرت فارجع إلى سورة الجمعة والمنافقين (1) ما لم تقرأ نصف
السورة (2) فإن قرأت نصف السورة فتمم السورة واجعلهما ركعتي نافلة وسلم فيهما،
وأعد صلاتك بسورة الجمعة والمنافقين.
وقد رويت رخصة في القراءة في صلاة الظهر (3) بغير سورة الجمعة والمنافقين
لا استعملها ولا أفتي بها إلا في حال السفر والمرض وخيفة فوت حاجة.
وفي صلاة الغداة يوم الاثنين ويوم الخميس في الركعة الأولى الحمد وهل أتى

(1) هذا إذا أمكن الرجوع كما إذا كان في الركعة الأولى وقد نسي قراءة الجمعة
أو كان في الركعة الثانية فنسي قراءة المنافقين وكان قد قرأ في الركعة الأولى سورة الجمعة،
أما إذا كان قد نسي قراءة الجمعة في الركعة الأولى وتذكر وهو في الركعة الثانية فلا
يمكن الرجوع، فمعنى قوله: " فان نسيتهما " فان نسيت كل واحدة منهما في موضعهما
كما إذا نسي الجمعة في الركعة الأولى وتذكر قبل تجاوز النصف فيرجع، ثم نسي المنافقين
في الثانية وتذكر قبل تجاوز النصف أيضا. (مراد)
(2) راجع التهذيب ج 1 ص 220.
(3) يعني في يوم الجمعة. وراجع التهذيب ج 1 ص 247.
307

على الانسان، وفي الثانية الحمد وهل أتيك حديث الغاشية، فان من قرأهما في
صلاة الغداة يوم الاثنين ويوم الخميس وقاه الله شر اليومين.
وحكى من صحب الرضا عليه السلام إلى خراسان لما أشخص إليها أنه كان يقرأ
في صلاته بالسور التي ذكرناها فلذلك اخترناها من بين السور بالذكر في هذا الكتاب.
واجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع الصلوات، واجهر بجميع القراءة
في المغرب والعشاء الآخرة والغداة من غير أن تجهد نفسك أو ترفع صوتك شديدا،
وليكن ذلك وسطا لان الله عز وجل يقول: " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها
وابتغ بين ذلك سبيلا ".
ولا تجهر بالقراءة في صلاة الظهر والعصر فان من جهر بالقراءة فيهما أو أخفى
بالقراءة في المغرب والعشاء والغداة متعمدا فعليه إعادة صلاته فان فعل ذلك ناسيا فلا
شئ عليه إلا يوم الجمعة في صلاة الظهر فإنه يجهر فيها.
وفي الركعتين الأخراوين بالتسبيح. (1)
923 - وقال الرضا عليه السلام: " إنما جعل القراءة في الركعتين الأولتين والتسبيح
في الأخيرتين للفرق بين ما ما فرضه الله عز وجل من عنده، وبين ما فرضه الله تعالى
من عند رسول الله صلى الله عليه وآله " (2).

(1) الظاهر أنه معطوف على قوله: " في الركعة الأولى " في قوله " وأفضل ما يقرأ
في الصلاة في اليوم والليلة في الركعة الأولى الحمد ". (سلطان)
(2) ظاهر الصدوق - رحمه الله - تعين التسبيح مطلقا وذكر الخبر للاستشهاد، و
لما كانت الأخبار المتواترة مع الاجماع دالتين على التخيير بينهما فيحمل الخبر على أنه يتعين
الحمد فيما فرضه الله، ويجوز التسبيح فيما فرضه رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا القدر كاف للفرق.
(م ت) وقال الفاضل التفرشي: يمكن حمله على جواز التفويض أي يفوض الله عز وجل
بعض الأحكام إلى نبيه صلى الله عليه وآله وقد دل على ذلك أحاديث نقلت بعضها في أصول الفقه فيكون
القسم الأول مما أوجبه الله تعالى والقسم الثاني مما فوض ايجابه إلى النبي صلى الله عليه وآله فخير بين القراءة
وبين التسبيح فمعنى جعل القراءة في الركعتين الأولتين تعيينها وجعل التسبيح في الأخيرتين
التخيير بينه وبين القراءة فلا منافاة بين هذا الحديث وبين ما دل على التخيير.
308

924 - وسأل محمد بن عمران (1) أبا عبد الله عليه السلام فقال: " لأي علة يجهر في
صلاة الجمعة وصلاة المغرب وصلاة العشاء الآخرة وصلاة الغداة وسائر الصلوات
الظهر والعصر لا يجهر فيهما؟ ولأي علة صار التسبيح في الركعتين الأخيرتين أفضل من
القراءة؟ قال: لان النبي صلى الله عليه وآله لما أسري به إلى السماء كان أول صلاة فرض الله
عليه الظهر يوم الجمعة فأضاف الله عز وجل إليه الملائكة تصلي خلفه وأمر نبيه عليه السلام
أن يجهر بالقراءة ليبين لهم فضله (2)، ثم فرض الله عليه العصر ولم يضف إليه أحدا
من الملائكة (3) وأمره أن يخفي القراءة لأنه لم يكن وراءه أحد، ثم فرض عليه
المغرب وأضاف إليه الملائكة وأمره بالاجهار، وكذلك العشاء الآخرة، فلما كان
قرب الفجر نزل ففرض الله عز وجل عليه الفجر وأمره بالاجهار ليبين للناس فضله
كما بين للملائكة، فلهذه العلة يجهر فيها، وصار التسبيح أفضل من القراءة في
الأخيرتين لان النبي صلى الله عليه وآله لما كان في الأخيرتين ذكر ما رأى من عظمة الله عز
وجل فدهش، فقال: " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر "، فلذلك
صار التسبيح أفضل من القراءة ".
925 - وسأل يحيى بن أكثم القاضي أبا الحسن الأول عليه السلام " (4) عن صلاة
الفجر لم يجهر فيها بالقراءة وهي من صلوات النهار، وإنما يجهر في صلاة الليل؟

(1) في بعض النسخ " محمد بن حمران "، وفى علل الشرايع مسندا عن محمد بن حمزة.
(2) تعليل للإضافة أو للجهر، وقال الفاضل التفرشي: أي بنزول القرآن عليه
صلى الله عليه وآله الذي بلغ في البلاغة إلى ما ليس في طوق البشر.
(3) يعنى لأجل العصر لم يضف إليه أحدا. وظاهر هذا الحديث يخالف المشهور
من أنه (ع) أسرى به ليلة ورجع في تلك الليلة سريعا. وقال سلطان العلماء ما حاصله
أن الله أمره صلى الله عليه وآله في الليل أن يفعل الظهر والعصر لأجل أن يعلم كيف يفعلهما من باب التعليم.
(4) كذا في جميع النسخ وهو وهم ولعل لفظ " الأول " زيد من النساخ فان يحيى
ابن أكثم لم يدرك موسى بن جعفر عليهما السلام، والصواب " الثالث " (ع) كما في علل
الشرايع. ويحيى هو القاضي المعروف ولاه هارون قضاء البصرة بعد ما عزل محمد بن عبد الله
الأنصاري.
309

فقال: لان النبي صلى الله عليه وآله كان يغلس (1) بها فقر بها من الليل ".
926 - وفيما ذكره الفضل من العلل عن الرضا عليه السلام أنه قال: " أمر الناس
بالقراءة في الصلاة لئلا يكون القرآن مهجورا مضيعا، وليكن محفوظا مدروسا
فلا يضمحل ولا يجهل، وإنما بدء بالحمد دون سائر السور لأنه ليس شئ من
القرآن والكلام جمع فيه من جوامع الخير والحكمة ما جمع في سورة الحمد، وذلك
أن قوله عز وجل: " الحمد لله " إنما هو أداء لما أوجب الله عز وجل على
خلقه من الشكر، وشكر لما وفق عبده من الخير، " رب العالمين " توحيد له
وتحميد وإقرار بأنه هو الخالق المالك لا غيره، " الرحمن الرحيم " استعطاف
وذكر لآلائه ونعمائه على جميع خلقه، " مالك يوم الدين " إقرار له بالبعث و
الحساب والمجازاة وإيجاب ملك الآخرة له كايجاب ملك الدنيا، " إياك نعبد "
رغبة وتقرب إلى الله تعالى ذكره وإخلاص له بالعمل دون غيره، " إياك نستعين "
استزادة من توفيقه وعبادته، واستدامة لما أنعم الله عليه ونصره " اهدنا الصراط
المستقيم " استرشاد لدينه، واعتصام بحبله، واستزادة في المعرفة لربه عز وجل،
" صراط الذين أنعمت عليهم " توكيد في السؤال والرغبة، وذكر لما قد تقدم من
نعمه على أوليائه، ورغبة في مثل تلك النعم، " غير المغضوب عليهم " استعاذة من
أن يكون من المعاندين الكافرين المستخفين به وبأمره ونهيه " ولا الضالين "
اعتصام من أن يكون من الذين ضلوا عن سبيله من غير معرفة وهم يحسبون أنهم
يحسنون صنعا، فقد اجتمع فيه من جوامع الخير والحكمة من أمر الآخرة والدنيا
ما لا يجمعه شئ من الأشياء ".
وذكر العلة التي (3) من أجلها جعل الجهر في بعض الصلوات دون بعض، أن
الصلوات التي تجهر فيها إنما هي في أوقات مظلمة فوجب أن يجهر فيها ليعلم المار

(1) التغليس: السير بغلس، والغلس - بفتحتين -: ظلمة آخر الليل.
(2) في عيون الأخبار " وذلك أن قوله: الحمد لله ".
(3) هذا مضمون رواية ابن شاذان لا لفظها.
310

أن هناك جماعة فإن أراد أن يصلي صلى لأنه إن لم ير جماعة علم ذلك من جهة
السماع، والصلاتان اللتان لا يجهر فيهما إنما هما بالنهار في أوقات مضيئة فهي من
جهة الرؤية لا يحتاج فيهما إلى السماع.
فإذا قرأت (1) الحمد وسورة فكبر واحدة وأنت منتصب ثم اركع وضع يدك
اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى وضع راحتيك على ركبتيك، وألقم أصابعك
عين الركبة وفرجها، ومد عنقك ويكون نظرك في الركوع ما بين قدميك (2) إلى
موضع سجودك.
927 - و " سأل رجل أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا ابن عم خير خلق الله عز وجل
ما معنى مد عنقك في الركوع؟ فقال: تأويله آمنت بالله ولو ضربت عنقي ".
فإذا ركعت فقل " اللهم لك ركعت ولك خشعت ولك أسلمت وبك آمنت وعليك
توكلت وأنت ربي، خشع لك وجهي وسمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي
ومخي وعصبي وعظامي، وما أقلت الأرض (3) مني لله رب العالمين " ثم قل: " سبحان
ربي العظيم وبحمده " ثلاث مرات، فإن قلتها خمسا فهو أحسن، وإن قلتها سبعا
فهو أفضل، ويجزيك ثلاث تسبيحات تقول: " سبحان الله سبحان الله سبحان الله "
وتسبيحة تامة تجزي للمريض والمستعجل (4)، ثم ارفع رأسك من الركوع وارفع

(1) هذا من كلام المؤلف - رحمه الله - وجاءت بمضمونه روايات تقدم بعضها.
(2) في الكافي ج 3 ص 319 هكذا " وليكن نظرك بين قدميك " وهكذا في التهذيب
وليس فيهما " إلى موضع سجودك ".
(3) في الكافي " وما أقلته قدماي غير مستنكف ومستكبر ولا مستحسر، سبحان ربى -
الخ " وأقله أي حمله ورفعه.
(4) لعل المراد بالتسبيحة التامة " سبحان الله " فإنه تام لا يحتمل غير معناه، بخلاف
" سبحان ربى " عند الاكتفاء، لان الرب عند الإضافة يحتمل غير المعنى المقصود، كما يقال:
رب الدار، وحينئذ يكون موافقا لما في الشرايع من الحكم وإن كان مخالفا له في اطلاق
التامة، ويحتمل أن يراد بالتامة " سبحان ربى العظيم وبحمده " فيكون مذهبه مخالفا لمذهب
المحقق في الشرايع. (مراد)
311

يديك واستو قائما (1) ثم قل " سمع الله لمن حمده والحمد لله رب العالمين الرحمن
الرحيم أهل الجبروت والكبرياء والعظمة " ويجزيك " سمع الله لمن حمده " (2) ثم
كبر واهو إلى السجود، وضع يديك جميعا معا قبل ركبتيك.
928 - وسأل طلحة السلمي أبا عبد الله عليه السلام " لأي علة توضع اليدان
على الأرض في السجود قبل الركبتين؟ فقال: لان اليدين بهما مفتاح الصلاة ".
وإن كان بين يديك وبين الأرض ثوب في السجود فلا بأس، وإن أفضيت بهما
إلى الأرض فهو أفضل.
929 - وروى إسماعيل بن مسلم عن الصادق عن أبيه عليهما السلام أنه قال: " إذا سجد
أحدكم فليباشر بكفيه الأرض لعل الله يدفع عنه الغل (4) يوم القيامة ".
ويكون سجودك كما يتخوى البعير الضامر عند بروكه (5) وتكون شبه المعلق

(1) يمكن أن يكون المراد رفع اليدين من الركبتين (سلطان) واستحباب الرفع
لصحيحي ابن مسكان ومعاوية بن عمار المرويين في التهذيب ج 1 ص 155 قال معاوية:
" رأيت أبا عبد الله عليه السلام يرفع يديه إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع - الحديث "
والاخر عن أبي عبد الله (ع) قال: " في الرجل يرفع يده كلما أهوى للركوع والسجود وكلما
رفع رأسه من ركوع أو سجود قال: هي العبودية ".
(2) ضمن " سمع " معنى استجاب (مراد).
(3) كذا في جميع النسخ التي عندي والظاهر تصحيفه للتشابه الخطى والصواب طلحة
الشامي فان الألف إذا وصل بالميم يشبه " السلمي " وهو طلحة بن زيد الشامي بتري عامي
له كتاب معتمد كما يظهر من فهرست الشيخ - رحمه الله - وطريق المؤلف إليه صحيح كما
في الخلاصة.
(4) في بعض النسخ " الغلل " ويمكن أن يكون المراد بالغل الجامعة التي تكون
من الحديد، أو العطش ففي القاموس: الغل والغلة - بضمهما - والغلل - محركة وكأمر -:
العطش أو شدته أو حرارة الجوف.
(5) خوى في سجوده تخوية: تجافى وفرج ما بين عضديه وجنبيه. وضمر الفرس
من باب قعد: دق وقل لحمه. (المصباح المنير).
وفى الكافي باسناده عن الصادق (ع) قال: " كان على صلوات الله عليه إذا سجد يتخوى
كما يتخوى البعير الضامر - يعنى بروكه - ".
312

لا يكون شئ من جسدك على شئ منه، ويكون نظرك في السجود إلى طرف أنفك،
ولا تفترش ذراعيك كافتراش السبع، ولكن اجنح بهما (1)، وترغم بأنفك، ويجزيك
في موضع الجبهة من قصاص الشعر إلى الحاجبين مقدار درهم، ومن لا يرغم بأنفه فلا
صلاة له (2)، وتقول في سجودك: " اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت،
وعليك توكلت، سجد لك وجهي وسمعي وبصري وشعري وبشري ومخي وعصبي
وعظامي، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله رب العالمين "
ثم تقول: " سبحان ربي الأعلى وبحمده " ثلاث مرات فان قلتها خمسا فهو أحسن
وإن قلتها سبعا فهو أفضل، ويجزيك ثلاث تسبيحات تقول: " سبحان الله سبحان الله
سبحان الله " وتسبيحة تامة تجزي للمريض والمستعجل، ثم ارفع رأسك من السجود
واقبض يديك إليك قبضا، فإذا تمكنت من الجلوس فارفع يديك بالتكبير
وقل بين السجدتين: " اللهم اغفر لي وارحمني وأجرني (3) واهدني وعافني
واعف عني " ويجزيك " اللهم اغفر لي وارحمني " وارفع يديك وكبر (4) و
اسجد الثانية وقل فيها ما قلت في الأولى، ولا بأس بالاقعاء (5) فيما بين السجدتين،

(1) الأصح " اجتنح بهما " على صيغة الامر من باب الافتعال، قال في المغرب: التجنح
والاجتناح هو أن يعتمد على راحتيه في السجود مجافيا لذراعيه غير مفترشهما.
(2) ظاهره الوجوب وان أمكن حمله على نفى الكمال كما تقدم في خبر حماد " أن
وضع الأنف على الأرض سنة ".
(3) يمكن أن يكون من الاجر من الإجارة بمعنى الحفظ في الكنف، وفى بعض
النسخ " واجبرني " (مراد).
(4) في بعض النسخ " وارفع يديك مكبرا ".
(5) لا ينافي الكراهة وقد روى الكليني في الكافي ج 3 ص 326 باسناده عن أبي
بصير عن الصادق (ع) قال: " لا تقع بين السجدتين اقعاء ".
313

ولا بأس به بين الأولى والثانية وبين الثالثة والرابعة (1) ولا يجوز الاقعاء في موضع
التشهدين (2) لان المقعي ليس بجالس إنما يكون بعضه قد جلس على بعضه فلا يصبر
للدعاء والتشهد، ومن أجلسه الامام في موضع يجب أن يقوم فيه فليتجاف (3).
والسجود منتهى العبادة من ابن آدم لله تعالى ذكره وأقرب ما يكون العبد إلى
الله عز وجل إذا كان في سجوده وذلك قوله عز وجل: " واسجد واقترب ".
930 - و " سأل رجل أمير المؤمنين عليه السلام فقال: له يا ابن عم خير خلق الله ما
معنى السجدة الأولى؟ فقال: تأويلها " اللهم إنك منها خلقتنا " يعني من الأرض
وتأويل رفع رأسك " ومنها أخرجتنا " و [تأويل] السجدة الثانية " وإليها تعيدنا " ورفع
رأسك " ومنها تخرجنا تارة أخرى ".
931 - وسأل أبو بصير أبا عبد الله عليه السلام " عن علة الصلاة كيف صارت ركعتين

(1) أي يجوز الاقعاء بين الركعتين اللتين ليس بينهما التشهد (مراد) أقول:
الاقعاء في الصلاة هو أن يضع أليتيه على عقبيه وجلس على باطن أصابع رجليه بين السجدتين
أو في حال التشهد وهذا تفسير الفقهاء. وفى اللغة أن يلصق الرجل أليتيه بالأرض وينصب
ساقيه ويتساند إلى ظهره.
(2) لما ورد النهى عنه في خبر زرارة عن أبي جعفر (ع) في الوسائل نقلا عن السرائر وفيه
لفظة " لا ينبغي " المشعر بالكراهة، وظاهر المؤلف الحرمة وان أمكن حمله على الكراهة
الشديدة أو على صورة عدم الاستقرار. وكلام المؤلف مضمون خبر رواه في معاني الأخبار
ص 300 باسناده عن الصادق (ع) قال: " لا بأس بالاقعاء في الصلاة بين السجدتين وبين الركعة
الأولى والثانية وبين الركعة الثالثة والرابعة وإذا أجلسك الامام في موضع يجب أن تقوم
فيه فتجافى، ولا يجوز الاقعاء في موضع التشهدين الا من علة، لان المقعي ليس بجالس إنما
جلس بعضه على بعض ".
(3) يعنى أن المأموم إذا أدرك الامام في الركعة الثانية فيلزمه إذا جلس الامام للتشهد
أن يتجافى عن الأرض بأن يجلس مقعيا لأنه أقرب إلى القيام.
314

وأربع سجدات (1)؟ قال: لان ركعة من قيام بركعتين من جلوس " (2).
وإنما يقال في الركوع " سبحان ربي العظيم وبحمده " وفي السجود " سبحان ربي الأعلى
وبحمده " لأنه:
932 - " لما أنزل الله تبارك وتعالى: " فسبح باسم ربك العظيم قال النبي صلى الله عليه وآله:
اجعلوها في ركوعكم، فلما أنزل الله عز وجل " سبح اسم ربك الاعلى " قال النبي
صلى الله عليه وآله: اجعلوها في سجودكم " (3).
ثم ارفع رأسك من السجدة الثانية وتمكن من الأرض وارفع يديك وكبر،
ثم قم إلى الثانية فإذا اتكيت على يديك للقيام قلت " بحول الله وقوته أقوم وأقعد "
فإذا قمت إلى الثانية قرأت الحمد وسورة وقنت بعد القراءة وقبل الركوع، وإنما
يستحب أن يقرأ في الأولى الحمد وإنا أنزلناه، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد
لان إنا أنزلناه سورة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين (4) فيجعلهم
المصلي وسيلة إلى الله تعالى ذكره لأنه بهم وصل إلى معرفة الله تعالى. ويقرأ في
الثانية سورة التوحيد لان الدعاء على أثره مستجاب فيستجاب بعده القنوت (5)

(1) المراد بالركعتين الركوعين على الظاهر.
(2) أي ثواب ركعة من قيام مثل ثواب ركعتين من جلوس فيكون الانحناء للعبادة
قائما مثل انحنائين جالسا في الثواب، وهذا ليس بقياس بل بيان للحكمين والتناسب (مراد)
وقال سلطان العلماء: لعل السؤال عن علة زيادة عدد السجدة عن عدد الركعة فالجواب أن
القيام يقوم مقام تكرارها، ويشكل هذا في الصلاة جالسا الا أن يقال: إنه لما كان الأصل في
الصلاة القيام صار كيفيتها جالسا تابعا لها قائما.
(3) روى نحوه الشيخة في التهذيب ج 1 ص 225 والمصنف في العلل.
(4) باعتبار أنهم أكثر الأوقات يقرؤونها. ولا يخفى أن رواية حماد السابقة تدل على
استحباب قراءة التوحيد في الأولى أيضا.
(5) في بعض النسخ " فيستجاب على اثره القنوت ".
315

والقنوت سنة واجبة من تركها متعمدا في كل صلاة فلا صلاة له قال الله عز وجل:
" وقوموا لله قانتين " يعني مطيعين داعين (1).
وأدنى ما يجزي من القنوت أنواع منها أن تقول: " رب اغفر وارحم وتجاوز
عما تعلم إنك أنت الأعز (2) الأكرم " ومنها أن تقول: " سبحان من دانت له السماوات
والأرض بالعبودية " ومنها أن تسبح ثلاث تسبيحات، ولا بأس أن تدعو في قنوتك
وركوعك وسجودك وقيامك وقعودك للدنيا والآخرة وتسمي حاجتك إن شئت.
933 - وسأل الحلبي أبا عبد الله عليه السلام " عن القنوت فيه قول معلوم؟ فقال: أثن
على ربك وصل على نبيك واستغفر لذنبك ".
934 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " القنوت في كل
ركعتين في التطوع والفريضة ".
935 - وروى عنه زرارة أنه قال: " القنوت في كل الصلوات ".
وذكر شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه عن سعد بن عبد الله
أنه كان يقول: لا يجوز الدعاء في القنوت بالفارسية، وكان محمد بن الحسن الصفار يقول:
إنه يجوز، والذي أقول به إنه يجوز:
936 - لقول أبي جعفر الثاني عليه السلام " لا بأس أن يتكلم الرجل في صلاة الفريضة
بكل شئ يناجي به ربه عز وجل ".

(1) في المختلف: المشهور استحباب القنوت، وقال ابن أبي عقيل من تركه عامدا
بطلب صلاته وعليه الإعادة، ومن تركه ساهيا لم يكن عليه شئ وقال أبو جعفر بن بابويه: " القنوت
سنة واجبة من تركها متعمدا في كل صلاة فلا صلاة له " ثم قال بعد كلام طويل: احتج ابن بابويه
بقوله تعالى: " وقوموا لله قانتين " والجواب المنع من إرادة صورة النزاع إذ ليس فيه دلالة
على وجوب القنوت في الصلاة، أقصى ما في الباب وجوب الامر بالقيام لله ان قلنا
بوجوب المأمور به وكما يتناول الصلاة فكذا غيرها، سلمنا وجوب القيام في الصلاة لكنها كما
يحتمل وجوب القنوت يحتمل وجوب القيام حالة القنوت وهو الظاهر من مفهوم الآية وليست
دلالة الآية على وجوب القيام الموصوف بالقنوت بأولى من دلالتها على تخصيص الوجوب
بحالة القيام، بل دلالتها على الثاني أولى لموافقته البراءة الأصيلة.
(2) " أنت الأجل " خ ل.
316

ولو لم يرد هذا الخبر لكنت أجيزه بالخبر الذي روي:
937 - عن الصادق عليه السلام أنه قال: " كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي " (1).
والنهي عن الدعاء بالفارسية في الصلاة غير موجود، والحمد لله رب العالمين.
938 - وقال الحلبي له: " أسمي الأئمة عليهم السلام في الصلاة؟ قال: أجملهم " (2).
939 - وقال الصادق عليه السلام: " كل ما ناجيت به ربك في الصلاة فليس بكلام " (3).
940 - وسأله منصور بن يونس بزرج " عن الرجل يتباكى في الصلاة المفروضة
حتى يبكي، فقال: قرة عين والله، وقال عليه السلام: إذا كان ذلك فاذكرني عنده " (4).
941 - وروي " أن البكاء على الميت يقطع الصلاة، والبكاء لذكر الجنة والنار
من أفضل الأعمال في الصلاة ".
وروي أنه ما من شئ إلا وله كيل أو وزن إلا البكاء من خشيه الله عز وجل
فان القطرة منه تطفي بحارا من النيران، ولو أن باكيا بكى في أمة لرحموا. (5)

(1) هذا الخبر يدل على أن الأصل في الأشياء الإباحة وينافى القول بأن الأصل في
الصلاة الحرمة.
(2) ظاهره أنى أسميهم بأساميهم في الصلاة عليهم في التشهد كما اسمى النبي صلى الله عليه وآله
ومعنى " أجملهم " أي أذكرهم بأمر شامل لهم مثل " آل محمد " فيمكن أن يفهم منه وجوب
الصلاة على آل محمد (ع). (مراد)
(3) أي فليس بكلام مخل بالصلاة. (مراد)
(4) " قرة عين " كناية عن السرور والفرح أي يوجبهما في الآخرة، ويمكن أن
يكون ذلك إشارة إلى قول النبي صلى الله عليه وآله " قرة عيني في الصلاة " أي التباكي الذي
يترتب عليه البكاء ينبغي أن يكون في الصلاة فيفهم منه معنى آخر لقول النبي صلى الله عليه وآله غير ما
هو المشهور (مراد) أقول: الطريق صحيح، وهو منصور بن يونس القرشي مولاهم يكنى أبا يحيى
من أصحاب الكاظم عليه السلام واقفي.
(5) مضمون مأخوذ من الخبر الذي في ثواب الأعمال ص 200 باسناده عن محمد
ابن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " ما من شئ الا وله كيل ووزن الا الدموع فان القطرة
منها تطفئ بحارا من نار، وإذا اغرورقت العين بمائها لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة فإذا فاضت
حرمه الله على النار، ولو أن باكيا بكى في أمة لرحموا ".
317

942 - و " كل عين باكية يوم القيامة إلا ثلاث أعين، عين بكت من خشية الله، وعين
غضت عن محارم الله، وعين باتت ساهرة في سبيل الله ". (1)
943 - وروي عن صفوان الجمال أنه قال: " صليت خلف أبي عبد الله عليه السلام
أياما فكان يقنت في كل صلاة يجهر فيها أو لا يجهر " (2).
944 - وروي عن زرارة أنه قال: قال أبو جعفر عليه السلام: " القنوت كله جهار ".
والقول (3) في قنوت الفريضة في الأيام كلها إلا في الجمعة " اللهم إني أسألك
لي ولوالدي ولولدي ولأهل بيتي وإخواني المؤمنين فيك اليقين والعفو والمعافاة و
الرحمة والمغفرة والعافية في الدنيا والآخرة " فإذا فرغت من القنوت فركع واسجد
فإذا رفعت رأسك من السجدة الثانية فتشهد وقل: " بسم الله وبالله والحمد لله والأسماء
الحسنى كلها لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده و
رسوله، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة " (4) ثم انهض إلى الثالثة (5) وقل

(1) رواه في الخصال ص 98 باسناده عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام
رفعه عن النبي صلى الله عليه وآله.
(2) أي سواء كانت الصلاة جهرية أو اخفاتية، وفى بعض النسخ " يجهر فيها ولا
يجهر فيها " وحينئذ ينبغي أن يقرء الفعلان على صيغة المعلوم أي يجهر أبو عبد الله (ع)
في بعض تلك الصلوات ولا يجهر في بعضها، ورد الجهر وعدمه إلى القنوت يحتاج إلى تأويل
بعيد في ضمير " فيها " ويدفعه الحديث الآتي. (مراد)
(3) أي القول الكافي وهو اللهم - الخ، إذ لا مانع لهذا القول في الجمعة، وفيه
انه قد مر في رواية الحلبي " اثن على ربك وصل على نبيك واستغفر لذنبك " وليس هذا
القنوت جامعا لتلك الثلاثة. (مراد)
(4) المراد بين يدي الساعة كون تلك البشارة والانذار قريبا من القيامة. (مراد)
(5) ظاهره يدل على القول بعدم وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله كما نسب ذلك إلى المؤلف
- رحمه الله - ونقل عن المعتبر دعوى الاجماع على وجوبها ويجئ في آخر باب الفطرة في
حديث أبي بصير وزرارة عن أبي عبد الله عليه السلام " ولا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله "
وقد يستدل بصحيحة زرارة المتقدمة في باب الاذان عن أبي جعفر عليه السلام. (مراد)
أقول: ما قاله - رحمه الله - في حديث زرارة " وصل - الخ " كونه من كلام الإمام عليه السلام
نوقش فيه كما أشرنا إليه وعلى فرض أنه من كلام الإمام عليه السلام كما هو مسلم عندنا لا يدل على
جزئيتها للتشهد. ويحتمل أنه - رحمه الله - اكتفى بشهرتها عن ذكرها لكن ينافي ما سيأتي من
قوله " ويجزيك في التشهد الشهادتان ".
318

إذا اتكيت على يديك للقيام: " بحول الله وقوته أقوم وأقعد " وقل فالركعتين الأخيرتين
إماما كنت أو غير إمام " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " ثلاث مرات
وإن شئت قرأت في كل ركعة منها الحمد إلا أن التسبيح أفضل، فإذا صليت الركعة
الرابعة فتشهد وقل في تشهدك " بسم الله وبالله والحمد لله والأسماء الحسنى كلها لله،
اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى
ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، التحيات لله والصلوات الطيبات
الطاهرات الزاكيات الناميات (1) الغاديات الرائحات المباركات الحسنات لله، ما طاب
وطهر وزكى وخلص ونمى فلله وما خبث فلغيره، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة. وأشهد
أن الجنة حق وأن النار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من
في القبور، وأشهد أن ربي نعم الرب وأن محمدا نعم الرسول أرسل، وأشهد أن ما
على الرسول إلا البلاغ المبين، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام
على محمد بن عبد الله خاتم النبيين، السلام على الأئمة الراشدين المهديين، السلام على
جميع أنبياء الله ورسله وملائكته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ".
ويجزيك في التشهد الشهادتان، وهذا أفضل لأنها العبادة ثم تسلم وأنت مستقبل
القبلة وتميل بعينك إلى يمينك إن كنت إماما، وإن صليت وحدك قلت: " السلام
عليكم " مرة واحدة وأنت مستقبل القبلة، وتميل بأنفك إلى يمينك، وإن كنت خلف
إمام تأتم به فسلم تجاه القبلة واحدة ردا على الامام، وتسلم على يمينك واحدة وعلى
يسارك واحدة إلا أن لا يكون على يسارك إنسان فلا تسلم على يسارك إلا أن تكون

(1) في بعض النسخ " الناعمات ".
319

بجنب الحائط فتسلم على يسارك (1) ولا تدع التسليم على يمينك كان على يمينك أحد
أو لم يكن.
945 - وقال رجل لأمير المؤمنين عليه السلام: " يا ابن عم خير خلق الله ما معنى رفع
رجلك اليمنى وطرحك اليسرى في التشهد؟ قال: تأويله " اللهم أمت الباطل وأقم
الحق "، قال: فما معنى قول الإمام: " السلام عليكم "؟ فقال: إن الامام يترجم عن
الله عز وجل ويقول في ترجمته لأهل الجماعة: أمان لكم من عذاب الله يوم القيامة ".
فإذا سلمت رفعت يديك وكبرت ثلاثا وقلت: " لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، أنجز وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وغلب الأحزاب وحده، فله الملك وله
الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شئ قدير " وسبح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام
وهي أربع وثلاثون تكبيرة وثلاث وثلاثون تسبيحة وثلاث وثلاثون تحميدة (2).
946 - فإنه روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " من سبح تسبيح فاطمة الزهراء
عليها السلام في دبر الفريضة قبل أن يثني رجليه غفر [الله] له ".
947 - وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام قال لرجل من بني سعد: " ألا أحدثك
عني وعن فاطمة الزهراء أنها كانت عندي فاستقت بالقربة حتى أثر في صدرها، وطحنت
بالرحى حتى مجلت يداها، وكسحت البيت (3) حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت تحت
القدر حتى دكنت ثيابها (4) فأصابها من ذلك ضر شديد، فقلت لها: لو أتيت أباك
فسألته خادما يكفيك حر ما أنت فيه (5) من هذا العمل، فأتت النبي صلى الله عليه وآله فوجدت

(1) ما ذكره المؤلف - رحمه الله - في كيفية السلام رواية رواها في العلل عن الفضل عن أبي
عبد الله عليه السلام في حديث طويل في باب العلة التي من أجلها وجب التسليم في الصلاة.
(2) في بعض النسخ تقدم التحميد على التسبيح كما هو المشهور لكن يجئ ما يؤيد نسخة
المتن.
(3) مجلت يداها أي ظهر فيها المجل، وهو ماء يكون بين الجلد واللحم من كثرة العمل
الشاق والمجلة القشرة الرقيقة التي يجتمع فيها ماء من أثر العلم الشاق. وكسح - كمنع - كنس.
(4) الدكنة لون يضرب إلى السواد، وقد دكن الثوب يدكن دكنا. (الصحاح)
(5) أي شدة ما أنت فيه من التعب والمشقة.
320

عنده حداثا (1) فاستحيت فانصرفت، فعلم صلى الله عليه وآله أنها قد جاءت لحاجة فغدا علينا
ونحن في لحافنا (2) فقال: السلام عليكم، فسكتنا واستحيينا لمكاننا، ثم قال: السلام
عليكم (3) فسكتنا، ثم قال: السلام عليكم فخشينا إن لم نرد عليه أن ينصرف وقد
كان يفعل ذلك (4) فيسلم ثلاثا فإن أذن له وإلا انصرف، فقلنا: وعليك السلام يا
رسول الله أدخل، فدخل وجلس عند رؤوسنا ثم قال: يا فاطمة ما كانت حاجتك أمس
عند محمد؟ فخشيت إن لم نجبه أن يقوم، فأخرجت رأسي فقلت: أنا والله أخبرك يا
رسول الله انها استقت بالقربة حتى أثر في صدرها، وجرت بالرحى حتى مجلت
يداها، وكسحت البيت حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها
فقلت لها: لو أتيت أباك فسألته خادما يكفيك حر ما أنت فيه من هذا العمل،
قال: أفلا أعلمكما ما هو خير لكما من الخادم؟ إذا أخذتما منامكما (5) فكبرا
أربعا وثلاثين تكبيرة، وسبحا ثلاثا وثلاثين تسبيحة، واحمدا ثلاثا وثلاثين تحميدة،
فأخرجت فاطمة عليها السلام رأسها وقالت: " رضيت عن الله وعن رسوله رضيت عن الله وعن
رسوله " (6).

(1) أي جماعة يتحدثون وهو جمع على غير قياس (النهاية) وفى بعض النسخ " أحداثا ".
وفى بعضها " حدثاء ".
(2) في بعض النسخ " ونحن في لفاعنا " واللفاع - ككتاب الملحفة والكساء والنطع
وكلما تتلفع به المرأة. (القاموس)
(3) هذا سلام الاستيذان ووجوب الرد فيلم تثبت بل عدمه مشهور لان صاحب البيت
مخير. والواجب رد سلام التحية.
(4) أي كان ذلك من عادته صلى الله عليه وآله. (مراد)
(5) أي محل نومكما. (مراد)
(6) رواه الصدوق - رحمه الله - مسندا في كتبه عن رجال العامة واعتمد عليه في الترتيب
وعلى تقدير صحته يمكن القول به عند النوم لا مطلقا والظاهر الترتيب المشهور. (م ت)
أقول: روى البخاري ومسلم وأبو داود والفظ له بأسانيدهم عن أمير المؤمنين عليه السلام
أنه قال لابن أعبد ألا أحدثك عنى وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وكانت من أحب أهله إليه
وكانت عندي؟ قال: بلى، قال: انها جرت بالرحى حتى أثرت في يدها، واستقت بالقربة
حتى أثرت في نحرها، وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها، فأتى النبي صلى الله عليه وآله خدم - يعنى سبى -
فقلت: لو أتيت أباك فسألته خادما، فأتته فوجدت عنده حداثا فرجعت، فأتاها من الغد
فقال: ما كان حاجتك؟ فسكتت، فقلت أنا أحدثك يا رسول الله، جرت بالرحى حتى
أثرت في يدها، وحملت القربة حتى أثرت في نحرها فلما أن جاء الخدم أمرتها أن تأتيك
فتستخدمك خادما يقيها حر ما هي فيه، قال: اتقى الله يا فاطمة، وأدى فريضة ربك، اعملي
عمل أهلك وإذا أخذت مضجعك فسبحي ثلاثا وثلاثين، وحمدي ثلاثا وثلاثين، وكبرى أربعا
وثلاثين فتلك مائة، فهو خير لك من خادم، قالت: رضيت عن الله وعن رسول. زاد في
رواية " ولم يخدمها ".
فقف أيها القارئ الكريم وتأمل جيدا في هذا الخبر الشريف المجمع عليه فان بضعة
المصطفى صلى الله عليه وآله وقرة عينه الوحيدة تطلب منه من السبي والغنائم خادما ليعينها في مهام -
منزلها ويزيل عنها شيئا من تعبها وهو سلطان نافذ الكلمة، وراع مسيطر في وقته، بيده
الأموال بل النفوس وله القدرة بأعظم مظاهرها بحيث يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله، مع
ذلك كله يأمر ابنته الوحيدة وفلذة كبده الفريدة بالتقوى والقيام بواجب بيتها والاكثار من ذكر
ربها ولم يرض أن يعطيه من بيت مال المسلمين خادما وقال صلى الله عليه وعليهما: ألا أعلمكما ما
هو خير لكما من الخادم. فتجيب المعصومة سلام الله عليها طائعة مشعوفة مختارة: " رضيت عن الله،
رضيت عن رسول الله ". فخذ هذا مثلا لا يلمسك الحقيقة جدا في معرفة من حذا حذو الرسول صلى الله عليه وآله
ومن مال عن طريقته ونأى بجانبه وحاد عن سنته ممن يدعى الخلافة بعده فرسول الله صلى الله
عليه وآله هو الامام المتبع فعله والرئيس المقتفى أثره.
هذا علي بن أبي طالب ترك التفضيل لنفسه وولده على أحد من أهل الاسلام، دخلت
عليه أخته أم هاني بنت أبي طالب فدفع إليها عشرين درهما، فسالت أم هاني مولاتها العجمية
فقالت: كم دفع إليك أمير المؤمنين؟ فقالت: عشرين درهما، فانصرفت مسخطة، فقال لها:
انصرفي رحمك الله ما وجدنا في كتاب الله فضلا لإسماعيل على إسحاق. وبعث إليه من البصرة
من غوص البحر بتحفة لا يدرى ما قيمتها فقالت ابنته أم كلثوم: أجمل به، ويكون في عنقي؟
فقال: يا أبا رافع أدخله إلى بيت المال، ليس ذلك سبيل حتى لا يبقى امرأة من المسلمين
الا ولها مثل ذلك.
ولما ولى بالمدينة قام خطيبا فقال: يا معشر المهاجرين والأنصار يا معشر قريش اعلموا
والله انى لا أرزؤكم من فيئكم شيئا ما قام لي عذق بيثرب، أفتروني مانعا نفسي وولدي ومعطيكم
ولأسوين بين الأسود والأحمر، فقال إليه عقيل فقال: لتجعلني وأسود من سودان المدينة
واحدا، فقال له: اجلس - رحمك الله - أما كان ههنا من يتكلم غيرك. واشتهر أنه عليه السلام
يقول: والله لقد رأيت عقيلا وقد أملق حتى استماحني من بركم صاعا ورأيت صبيانه شعث
الشعور غبر الألوان من فقرهم كأنما سودت وجوههم بالعظلم وعاودني مؤكدا وكرر على القول
مرددا، فأصغيت إليه سمعي فظن أنى أبيعه ديني وأتبع قياده مفارقا طريقتي فأحميت له حديدة
ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها فضج ضجيج ذي دنف من ألمها - إلى آخر ما قال صلى الله عليه.
وهذا ابن عفان أعطى سعد بن أبي سرح أخاه من الرضاعة جميع ما أفاء الله عليه من فتح
إفريقية بالمغرب وهي طرابلس الغرب إلى طنجة من غير أن يشركه فيه أحدا من المسلمين،
وأعطى أبا سفيان بن حرب مائتي ألف من بيت المال في اليوم الذي أمر فيه لمروان بن الحكم
بمائة ألف، وأتاه أبو موسى بأموال من العراق جليلة فقسمها كلها في بنى أمية - ذلك كله في
شرح ابن أبي الحديد ج 1 ص 67 - وسعد بن أبي صرح هذا هو الذي أباح رسول الله دمه يوم الفتح
كما في سنن أبي داود وأنساب البلاذري، وفى بعض المصادر عبد الله بن أبي سرح. وبالجملة هاتان
السيرتان مقياسان لمن يروم معرفة المحق والمبطل ممن كان بيده بيت المال.
321

فإذا فرغت من تسبيح فاطمة عليها السلام فقال: " اللهم أنت السلام، ومنك السلام
ولك السلام، وإليك يعود السلام، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على
المرسلين والحمد لله رب العالمين، السلام عيك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام
على الأئمة الهادين المهديين، السلام على جميع أنبياء الله ورسله وملائكته، السلام
علينا وعلى عباد الله الصالحين " ثم تسلم على الأئمة واحدا واحدا عليهم السلام وتدعو بما
أحببت.
322

* (باب التعقيب) *
948 - قال الصادق عليه السلام: " أدنى ما يجزيك من الدعاء بعد المكتوبة أن تقول
" اللهم صل على محمد وآل محمد، اللهم إنا نسألك من كل خير أحاط به علمك،
ونعوذ بك من كل شر أحاط به علمك، اللهم إنا نسألك عافيتك في جميع أمورنا
كلها، ونعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ".
323

949 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " من أحب أن يخرج من الدنيا وقد تخلص
من الذنوب كما يتخلص الذهب الذي لا كدر فيه، ولا يطلبه أحد بمظلمة (1)،
فليقل في دبر الصلوات الخمس نسبة الرب تبارك وتعالى اثنى عشرة مرة (2) ثم يبسط
يديه ويقول: " اللهم إني أسألك باسمك المكنون المخزون الطاهر الطهر المبارك،
وأسألك باسمك العظيم، وسلطانك القديم (3) أن تصلي على محمد وآل محمد، يا واهب
العطايا، يا مطلق الأسارى، يا فكاك الرقاب من النار، أسألك أن تصلى على محمد
وآل محمد، وأن تعتق رقبتي من النار، وأن تخرجني من الدنيا آمنا، وآن تدخلني
الجنة سالما، وأن تجعل دعائي أوله فلاحا، وأوسطه نجاحا، وأخره صلاحا، إنك
أنت علام الغيوب " ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام: هذا من المخبيات (4) مما علمني
رسول الله صلى الله عليه وآله وأمرني أن أعلم الحسن والحسين عليهما السلام ".
950 - وقال الصادق عليه السلام: " جاء جبرئيل إلى يوسف عليه السلام وهو في السجن
فقال: يا يوسف قل في دبر كل فريضة: اللهم اجعل لي من أمري فرجا ومخرجا
وارزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب " (5).
951 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " تقول في دبر كل صلاة اللهم اهدني من عندك

(1) اما بطريق الاسقاط واعطاء العوض لصاحب الحق أو كونه بطريق التوفيق برد
المظالم.
(2) نسبة الرب هي سورة قل هو الله أحد، وتسميتها بنسبة الرب لأجل أن اليهود جاءت
إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: انسب لنا ربك فنزل سورة التوحيد. (م ت)
(3) كذا في التهذيب وفى بعض النسخ " وسلطانك العزيز ".
(4) أي المكنونات، وفى بعض النسخ " المنجيات " وفى بعضها " المستجاب " وفى
بعضها " المختار ".
(5) الظاهر استحبابه للخلاص من السجن والسعة في الرزق. (م ت)
324

وأفض علي من فضلك، وانشر علي من رحمتك، وأنزل علي من بركاتك ".
952 - وقال صفوان بن مهران الجمال: " رأيت أبا عبد الله عليه السلام إذا صلى
وفرغ من صلاته رفع يديه فوق رأسه " (1).
953 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " ما بسط عبد يديه إلى الله عز وجل إلا
واستحي الله أن يردها صفرا حتى يجعل فيها من فضله ورحمته ما يشاء، فإذا دعا
أحدكم فلا يرد يديه حتى يمسح بهما على رأسه ووجهه " وفي خبر آخر " على وجهه
وصدره ".
954 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " من أراد أن يكتال بالمكيال الأوفى
فليكن آخر قوله " سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين،
والحمد لله رب العالمين " فإن له من كل مسلم حسنة " (2).
955 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " إذا فرغ أحدكم من الصلاة فليرفع يديه
إلى السماء ولينصب في الدعاء فقال ابن سبا: يا أمير المؤمنين أليس الله عز وجل
بكل مكان؟ قال: بلى، قال: فلم يرفع يديه إلى السماء؟ فقال: أو ما تقرا " وفي
السماء رزقكم وما توعدون " فمن أين يطلب الرزق إلا من موضعه، وموضع الرزق
وما وعد الله عز وجل السماء ".
956 - وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول إذا فرغ من الزوال " اللهم إني

(1) الظاهر أن رفع اليدين لأجل الدعاء ويسمى الابتهال كما فهمه الصدوق - رحمه
الله - ظاهرا، لا كما فهمه بعض الأصحاب من مجرد الرفع، فينبغي أن يدعو حين رفعهما فوق
الرأس بقبول الصلاة وغيره، وينبغي أن يكون حين الرفع مبسوط اليدين والكفين إلى السماء
كأنه يطلب شيئا كما يدل عليه الخبر الآتي. (م ت)
(2) حيث إنه نزه الرب تعالى عما يصفه به المشركون من اتخاذ الشريك له وغير ذلك
مما لا ينبغي بعز جلاله وكان قد انخرط بذلك في جملة المسلمين فتذكر ذلك العهد فقام ذلك
التذكر مقام الدخول في جملتهم فاستحق الاحسان من كل واحد من بنى جنسه، ويمكن أن
يقرء كل مسلم على صيغة اسم المفعول من التفعيل أي كل مسلم عليه وهم الأنبياء (ع). (مراد)
325

أتقرب إليك بجودك وكرمك، وأتقرب إليك بمحمد عبدك ورسولك، وأتقرب
إليك بملائكتك المقربين، وأنبيائك المرسلين وبك، اللهم لك الغنى عني، وبي
الفاقة إليك، أنت الغني وأنا الفقير إليك، أقلني عثرتي، واستر علي ذنوبي، واقض
اليوم حاجتي، ولا تعذبني بقبيح ما تعلم به مني بل عفو ك يسعني وجودك " (1) ثم
يخر ساجدا ويقول: " يا أهل التقوى، ويا أهل المغفرة، يا بر، يا رحيم، أنت
أبر بي من أبي وأمي ومن جميع الخلائق اقلبني بقضاء حاجتي (2)، مجابا دعائي،
مرحوما صوتي، قد كشفت أنواع البلاء عني ".
957 - وقال الصادق عليه السلام: " من قال إذا صلى المغرب ثلاث مرات: " الحمد
لله الذي يفعل ما يشاء، ولا يفعل ما يشاء غيره " أعطي خيرا كثيرا "
958 - وكان عليه السلام يقول بين العشائين: " اللهم بيدك مقادير الليل والنهار
ومقادير الدنيا والآخرة، ومقادير الموت والحياة، ومقادير الشمس والقمر، ومقادير
النصر والخذلان، ومقادير الغنى والفقر، اللهم ادرأ عني شر فسقة الجن والإنس
واجعل منقلبي إلى خير دائم ونعيم لا يزول ".
959 - وروي عن محمد بن الفرج أنه قال: " كتب إلي أبو جعفر محمد بن علي
الرضا عليه السلام بهذا الدعاء وعلمنيه (3) وقال: من دعا به في دبر صلاة الفجر لم يلتمس
حاجة إلا يسرت له وكفاه الله ما أهمه " بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وآله،
وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد فوقاه الله سيئات ما مكروا، لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من الظالمين، فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين
حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء، ما شاء الله
لا حول ولا قوة إلا بالله، ما شاء الله لا ما شاء الناس، ما شاء الله وإن كره

(1) في الكافي " بل عفوك وجودك يسعني ".
(2) أي ردني متلبسا بقضاء حاجتي.
(3) " بهذا الدعاء " الباء للتقوية، و " علمينه " أي بعد ما لقيته مشافهة علمني معاني
الدعاء وكيفية قراءته. (المرآة)
326

الناس، حسبي الرب من المربوبين، حسبي الخالق من المخلوقين، حسبي الرازق
من المرزوقين، حسبي الذي لم يزل حسبي، حسبي من كان منذ كنت [حسبي] لم يزل
حسبي، حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ".
960 - وقال عليه السلام: " إذا انصرفت من صلاة مكتوبة فقال: " رضيت بالله ربا،
وبالاسلام دينا، وبالقرآن كتابا، وبمحمد نبيا وبعلي وليا، والحسن
والحسين وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي
ابن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والحجة بن الحسن بن
علي أئمة، اللهم وليك الحجة فاحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن
شماله ومن فوقه ومن تحته، وامدد له في عمره، واجعله القائم بأمرك، المنتصر لدينك
وأره ما يحب وتقر به عينه في نفسه وفي ذريته وأهله وماله وفي شيعته وفي عدوه، وأرهم
منه ما يحذرون وأره فيهم ما يحب وتقر به عينه، واشف به صدورنا وصدور قوم مؤمنين ".
وكان النبي صلى الله عليه وآله يقول إذا فرغ من صلاته: " اللهم أغفر لي ما قدمت وما
أخرت وما أسررت وما أعلنت وإسرافي على نفسي وما أنت أعلم به مني اللهم (1) أنت
المقدم وأنت المؤخر (2) لا إله إلا أنت بعلمك الغيب وبقدرتك على الخلق أجمعين
ما علمت الحياة خيرا لي فأحيني، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي، اللهم إني أسألك
خشيتك في السر والعلانية، وكلمة الحق في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى

(1) ان قيل: كيف يستغفر النبي صلى الله عليه وآله مع معصوم حتى من الخطأ و
النسيان فضلا عن الاثم؟ قلنا: الاستغفار هو درجة العليين وسبيل المقربين وهو من أعظم القربات ولا يجب أن يكون المعصية أو ذنب، فان السالك إلى الله سبحانه الطالب لمقام القرب مهما جد
واجتهد في السير يرى نفسه بطيئا لا تأتى بما يجب عليه من الاجتهاد في العمل ولذلك يستغفر ربه
عز وجل ويطلب العفو منه دائما.
(2) المقدم والمؤخر على صيغة الفاعل من باب التفعيل من أسماء الله تعالى ومعناهما
على ما ذكره شيخنا الشهيد في قواعده المنزل للأشياء منازلها وترتيبها في التكون والتصوير
والأزمة والأمكنة على ما يقتضيه الحكمة. (سلطان)
327

وأسألك نعيما لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بالقضا وبرد العيش بعد الموت
ولذة النظر إلى وجهك، وشوقا إلى لقائك من غير ضراء مضرة (1) ولا فتنة مظلمة،
اللهم زينا بزينة الايمان، واجعلنا هداة مهديين، اللهم اهدنا فيمن هديت، اللهم
إني أسألك عزيمة الرشاد والثبات في الامر والرشد، وأسألك شكر نعمتك وحسن
عافيتك وأداء حقك، وأسألك يا رب قلبا سليما ولسانا صادقا وأستغفرك لما تعلم، وأسألك
خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم وما لا نعلم، فإنك تعلم ولا نعلم، وأنت علام
الغيوب ".
961 - وقال الصادق عليه السلام " من قال هذه الكلمات عند كل صلاة مكتوبة حفظ
في نفسه وداره وماله وولده: " أجير نفسي ومالي وولدي وأهلي وداري وكل ما هو
مني بالله الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، وأجير
نفسي ومالي وولدي [وأهلي] وداري وكل ما هو مني برب الفلق من شر ما خلق إلى
آخرها وبرب الناس إلى آخرها، وبآية الكرسي إلى آخرها " (2).
962 - وروي عن هلقام بن أبي هلقام أنه قال: " أتيت أبا إبراهيم عليه السلام فقلت له:
جعلت فداك علمني دعاء جامعا للدنيا والآخرة وأوجز، فقال: قل في دبر الفجر
إلى أن تطلع الشمس " سبحان الله العظيم وبحمده، أستغفر الله وأسأله من فضله ".
فقال هلقام: ولقد كنت أسوء أهل بيتي حالا فما علمت حتى أتاني ميراث من قبل رجل
ما علمت (3) أن بيني وبينه قرابة، وإني اليوم أيسر أهل بيتي مالا وما ذاك إلا مما
علمني مولاي العبد الصالح عليه السلام ".
963 - قال زرارة: " سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الدعاء بعد الفريضة أفضل
من الصلاة تنفلا (4) " وبذلك جرت السنة.

(1) الضراء - ممدودا -: الحالة التي تضر وهي نقيض السراء.
(2) أي يقول " بالله لا الله الا هو - الخ " ويحتمل بان يقول: " بآية الكرسي: الله لا اله الا
هو - الخ " بأن يكون التفصيل بدلا للاجمال. (مراد)
(3) في الكافي ج 2 ص 540 " ما ظننت "
(4) الخبر إلى هنا في التهذيب ج 1 ص 164 والكافي ج 3 ص 342.
328

964 - وقال هشام بن سالم لأبي عبد الله عليه السلام: " إني أخرج (1) وأحب
أن أكون معقبا، فقال: إن كنت على وضوء فأنت معقب ".
965 - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " قال الله عز وجل: يا ابن آدم اذكرني بعد الغداة
ساعة وبعد العصر ساعة أكفيك ما أهمك ".
966 - وقال الصادق عليه السلام: " الجلوس بعد الصلاة الغداة في التعقيب والدعاء حتى
تطلع الشمس أبلغ في طلب الرزق من الضرب في الأرض " (2).
باب
* (سجدة الشكر والقول فيها) *
967 - روى عبد الله بن جندب (3) عن موسى بن جعفر عليهما السلام أنه قال: تقول (4)
في سجدة الشكر: " اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك وأنبيائك ورسلك
وجميع خلقك إنك (5) [أنت] الله ربي، والاسلام ديني، ومحمدا نبيي، وعليا والحسن
والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، علي بن
موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والحجة بن الحسن بن علي

(1) أي أخرج في الحاجة.
(2) أي الذهاب فيها لطلب الرزق.
(3) الطريق حسن وعبد الله بن جندب - بضم الجيم - ثقة.
(4) في بعض النسخ " يقول " أي يقول الساجد، خبر أريد به معنى الامر.
(5) " انك " بكسر الهمزة لان المشهور به لا يكون الا جملة كما في قوله تعالى " والله يشهد
ان المنافقين لكاذبون " فلا تضر وحدة العاطف، وكذا المعطوفات المتتالية مع خبرها. وفى
بعض النسخ " أن " عطف جملة على جملة، واما بعطف كل جزء على نظيره كما مر. (مراد)
329

أئمتي بهم أتولى ومن أعدائهم أتبرء، اللهم إني أنشدك (1) دم المظلوم - ثلاثا - اللهم إني
أنشدك بإيوائك على نفسك لأعدائك (2) لتهلكنهم بأيدينا وأيدي المؤمنين، اللهم
إني أنشدك بإيوائك على نفسك لأوليائك لتظفرنهم بعدوك وعدوهم أن تصلي على
محمد وعلى المستحفظين (3) من آل محمد ثلاثا وتقول: اللهم إني أسألك اليسر بعد
العسر ثلاثا، ثم تضع خدك الأيمن على الأرض وتقول: يا كهفي حين تعييني المذاهب
وتضيق على الأرض بما رحبت (4)، ويا بارئ خلقي رحمة بي وكنت عن خلقي غنيا
صل على محمد وآل محمد، وعلى المستحفظين من آل محمد ثلاثا، ثم تضع خدك الأيسر

(1) بفتح الهمزة وضم الشين من نشد الضالة نشدانا: طلبها، أي أسألك بدم المظلوم
وأذكرك إياه وأطلبه منك (سلطان) وقال الفاضل التفرشي: المراد بالمظلوم سبط رسول
الثقلين أبو عبد الله الحسين عليه السلام ومن استشهد معه بل وأمير المؤمنين وسائر أولاده
المعصومين الذين قتلوا بالسم وغيره صلوات الله عليهم.
(2) في الحديث " ان الله تعالى قال: أويت على نفس أن أذكر من ذكرني " قال
القتيبي: هذا غلط الا أن يكون من المقلوب والصحيح وأيت من الوأى وهو الوعد يقول:
جعلته وعدا على نفس (النهاية) وقوله " لتهلكنهم " متعلق بالايواء. وقال التفرشي - رحمه
الله -: لعل قوله " أن تصلى " ثاني مفعول " أنشد " توسطت بينهما جملة قسمية للتوكيد أي
بايوائك أن جعلت ذاتك كهفا لأعدائك يرجعون إليه في كل ما يحتاجون إليه وقد عادوك
بأيدينا وأيدي المؤمنين - الخ كما في قوله تعالى: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات
ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم - الآية ".
(3) يمكن أن يقرء بفتح الفاء على صيغة المفعول المحفوظين عن الخطأ والعصيان،
أو بصيغة الفاعل أي الحافظين للدين.
(4) " تعييني " من الاعياء وهي العجز وقوله " بما رحبت " " ما " مصدرية و
" رحبت " أي وسعت، أي حين تعجزني المذاهب إلى تحصيل أمري وتدبيره ولم أهتد لوجهه
سبيلا وضاقت على الأرض مع سعتها.
330

على الأرض وتقول: يا مذل كل جبار، ويا معز كل ذليل، قد وعزتك بلغ [بي]
مجهودي (1) ثلاثا، ثم تعود للسجود وتقول: مائة مرة " شكرا شكرا " ثم تسأل
حاجتك إن شاء الله ".
ولا تسجد سجدة الشكر عند المخالف واستعمل التقية في تركها.
968 - وروى جهم بن أبي جهم (3) قال: " رأيت أبا الحسن موسى بن جعفر
عليهما السلام وقد سجد بعد الثلاث الركعات من المغرب، فقلت له: جعلت فداك رأيتك سجدت
بعد الثلاث، فقال: ورأيتني؟ فقلت: نعم، قال: فلا تدعها فإن الدعاء فيها
مستجاب ".
969 - وفي رواية إبراهيم بن عبد الحميد (4) " أن الصادق عليه السلام قال: لرجل
إذا أصابك هم فامسح يدك على موضع سجودك، ثم امسح يدك على وجهك من جانب
خدك الأيسر، وعلى جبهتك إلى جانب خدك الأيمن قال: [قال] ابن أبي عمير: (5)
كذلك وصفه لنا إبراهيم بن عبد الحميد ثم قال: بسم الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب
والشهادة الرحمن الرحيم، اللهم اذهب عني الغم والحزن ثلاثا " (6).

(1) أي بلغني مجهودي تبليغا إلى حيث لم يبق لي طاقة. وقال الفاضل التفرشي قوله:
" وعزتك بلغ مجهودي " " وعزتك " جملة قسمية وقعت بين " قد " ومدخوله أي قد بلغ
مجهودي الغاية بحيث لم يبق لي جهد وطاقة، وفى بعض النسخ " بلغ بي مجهودي ".
(2) مع أنهم ذكروها في صحاحهم عن عائشة وغيرها ولكن تركوها رغما للشيعة.
(3) في الطريق سعدان بن مسلم وهو مهمل، وفى بعض النسخ " جهيم " مصغرا وهو بكلا
العنوانين حسن.
(4) الطريق حسن بإبراهيم بن هاشم.
(5) يعنى قال إبراهيم بن هاشم قال ابن أبي عمير: كذلك - الخ وللمصنف إلى إبراهيم
ابن عبد الحميد طريقان أحدهما عن ابن الوليد عن الصفار عن العباس بن معروف عن سعدان
ابن مسلم عن إبراهيم بن عبد الحميد. والأخرى عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي
عمير عنه، وإبراهيم ثقة.
(6) قوله " ثلاثا " قيد في المسح والدعاء جميعا على الظاهر.
331

970 - وروى [عن] سليمان بن حفص المروزي (1) أنه قال: " كتب إلي
أبو الحسن الرضا عليه السلام: قل في سجدة الشكر مائة مرة " شكرا شكرا " وإن شئت
" عفوا عفوا ".
971 - و " كان أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام يسجد بعدما يصلي فلا يرفع
رأسه حتى يتعالى النهار " (2).
972 - وروى عبد الرحمن بن الحجاج (3) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " من
سجد سجدة الشكر وهو متوضئ كتب الله له بها عشر صلوات، ومحى عنه عشر خطايا
عظام ".
973 - وسأل سعد بن سعد الرضا عليه السلام " عن سجدة الشكر فقال: أرى أصحابنا
يسجدون بعد الفريضة سجدة واحدة ويقولون هي سجدة الشكر، فقال: إنما الشكر (4)
إذا أنعم الله على عبده أن يقول " سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين (5) وإنا
إلى ربنا لمنقلبون، والحمد لله رب العالمين ".
974 - وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " كان موسى بن عمران
عليه السلام إذا صلى لم ينفتل حتى يلصق خده الأيمن بالأرض وخده الأيسر بالأرض ".
975 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " أوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى بن عمران عليه السلام
أتدري لم اصطفيتك بكلامي دون خلقي؟ قال موسى: لا يا رب، قال: يا موسى إني
قلبت عبادي ظهرا وبطنا (6) فلم أجد فيهم أحدا أذل نفسا لي منك، يا موسى إنك إذا
صليت وضعت خديك على التراب ".

(1) الطريق إليه صحيح أو حسن كالصحيح.
(2) يظهر من بعض الروايات أن هذا دأبه حين كان عليه السلام في حبس هارون.
(3) الطريق صحيح وقد تقدم الكلام فيه.
(4) حملها الشيخ - رحمه الله - على التقية لأنه موافق للعامة.
(5) مقرنين أي مطيقين مقاومين له في القوة.
(6) في بعض النسخ " ظهرا لبطن ".
332

976 - وقال الصادق عليه السلام: " إن العبد إذا سجد فقال: " يا رب يا رب " حتى
ينقطع نفسه، قال له الرب تبارك وتعالى: " لبيك ما حاجتك " (1).
977 - و " كان علي بن الحسين عليه السلام يقول في سجوده " اللهم إن كنت قد عصيتك
فإني قد أطعتك في أحب الأشياء إليك وهو الايمان بك منا منك علي لا منا مني
عليك، وتركت معصيتك في أبغض الأشياء إليك وهو أن أدعو لك ولدا أو أدعو لك
شريكا منا منك علي لا منا مني عليك، وعصيتك في أشياء (2) على غير وجه مكابرة
ولا معاندة، ولا استكبار عن عبادتك، ولا جحود لربوبيتك، ولكن اتبعت هواي واستزلني
الشيطان بعد الحجة علي والبيان (3)، فإن تعذبني فبذنوبي غير ظالم لي، وإن
تغفر لي وترحمني فبجودك وبكرمك يا أرحم الراحمين ".
وينبغي لمن يسجد سجدة الشكر أن يضع ذراعيه على الأرض ويلصق جؤجؤه (4)
بالأرض.
978 - وفي رواية أبي الحسين الأسدي رضي الله عنه " أن الصادق عليه السلام
قال: إنما يسجد المصلي سجدة بعد الفريضة ليشكر الله تعالى ذكره فيها على ما من به
عليه من أداء فرضه، وأدنى ما يجزي فيها (5) " شكرا لله " ثلاث مرات ".
979 - وروى أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن حريز
عن مرازم، عن أبي عبد الله عليه السلام: " سجدة الشكر واجبة على كل مسلم (6) تتم بها
صلاتك، وترضي بها ربك، وتعجب الملائكة منك، وإن العبد إذا صلى ثم سجد سجدة

(1) في الكافي ج 2 ص 520 نحوه بدون قيد السجود.
(2) ليس هذا الكلام اعترافا بالذنب بل هو اعتراف بالتقصير وهو مقتضى مقام
العبودية، وأقصى مراتب الكمال فيها فمن أجل ذلك وأمثاله سمى عليه السلام: زين العابدين
وسيد الساجدين.
(3) في بعض النسخ " والبرهان ".
(4) جؤجؤ - كهدهد - عظام الصدر.
(5) أي من الذكر الا فالسجدة تتحقق بوضع الجبهة أو الخد على الأرض.
(6) تأكيد للاستحباب أي كالواجبة في استحقاقها الاهتمام بها. (مراد)
333

الشكر فتح الرب تبارك وتعالى الحجاب بين العبد وبين الملائكة فيقول: يا ملائكتي
انظروا إلى عبدي أدى فرضي وأتم عهدي ثم سجد لي شكرا على ما أنعمت به عليه، ملائكتي
ماذا له عندي؟ قال فتقول الملائكة: يا ربنا رحمتك، ثم يقول الرب تبارك وتعالى: ثم ماذا له؟ فتقول الملائكة: يا ربنا جنتك، ثم يقول الرب تبارك وتعالى: ثم ماذا؟
فتقول الملائكة: يا ربنا كفاية مهمه، فيقول الرب تبارك وتعالى ثم ماذا؟ قال:
ولا يبقى شئ من الخير إلا قالته الملائكة، فيقول الله تبارك وتعالى: يا ملائكتي ثم
ماذا؟ فتقول الملائكة ربنا لا علم لنا، [قال:] فيقول الله تبارك وتعالى: أشكر له كما شكر
لي، وأقبل إليه بفضلي، وأريه وجهي ".
قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: موصف الله تعالى ذكره بالوجه كالوجوه فقد كفر
وأشرك، ووجهه أنبياؤه وحججه صلوات الله عليهم وهم الذين يتوجه بهم العباد إلى
الله عز وجل وإلى معرفته ومعرفة دينه، والنظر إليهم في يوم القيامة ثواب
عظيم يفوق على كل ثواب، وقد قال الله عز وجل: " كل من عليها فان ويبقى وجه
ربك ذو الجلال والاكرام " وقال عز وجل: " فأينما تولوا فثم وجه الله " (1) يعني فثم
التوجه إلى الله، ولا يجب أن تنكر من الاخبار ألفاظ القرآن (2).

(1) مقصود المصنف بيان وقوع الوجه في القرآن لغير المعنى المتعارف فيحمل في كل
موضع على ما يناسبه ففي قوله " ويبقى وجه ربك " يحمل على الذات وفى قوله " فثم وجه الله "
على التوجه.
(2) أي الألفاظ الواردة في القرآن وهي بالرفع أسند إليها " ينكر على صيغة المجهول
أي لا موجب لانكار الاخبار التي لا يجوز حملها على ظاهرها إذا كانت مطابقة أو موافقة لألفاظ
القرآن بل يجب تأويلها وحملها على غير الظاهر كما نفعل هكذا في ألفاظ القرآن. فالوجه في هذا
الخبر له تأويل والمراد بوجه الله أنبياؤه وحججه عليه السلام.
334

باب
* (ما يستحب من الدعاء في كل صباح ومساء) *
980 - روى عبد الكريم بن عتبة عن الصادق عليه السلام قال: " من قال عشر مرات
قبل أن تطلع الشمس وقبل غروبها: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله
الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير، وهو على كل شئ قدير " كانت
كفارة لذنوبه في ذلك اليوم ".
981 - وروى عنه حفص بن البختري أنه قال: " كان نوح عليه السلام يقول إذا
أصبح وأمسى: " اللهم إني أشهدك أنه ما أصبح وأمسى بي من نعمة وعافية في دين أو
دنيا فمنك وحدك لا شريك لك، لك الحمد، ولك الشكر بها علي حتى ترضى وبعد
الرضا " يقولها إذا أصبح عشرا وإذا أمسى عشرا فسمي بذلك عبدا شكورا، وإن
رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول بعد صلاة الفجر: " اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن
والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين، وغلبة الرجال، وبوار الأيم
والغفلة والذلة والقسوة والعيلة والمسكنة (1)، وأعوذ بك من نفس لا تشبع، ومن
قلب لا يخشع، ومن عين لا تدمع، ومن دعاء لا يسمع، ومن صلاة لا تنفع، وأعوذ بك

(1) الضلع - محركة -: الاعوجاج، وبسكون اللام: الميل عن الحق فينبغي أن
يقرء الدين بكسر الدال، وقد جاء الضلع - بفتحتين - بمعنى الثقل فحينئذ الدين بفتح الدال،
والظاهر أن المراد بغلبة الرجال غالبية الأعادي منهم أو مغلوبية الرجال من النساء وهو
اما باعتبار افتتانهم بهن لحسنهن أو لسحرهن، وبوار الأيم - ككيس - يعنى كسادها والأيم
من لا زوج لها بكرا كان أو ثيبا وهي مع لا يرغب فيها أحد، والعيلة: الفقر والفاقة
كالمسكنة.
335

من امرأة تشيبني قبل أوان مشيبي (1) وأعوذ بك من ولد يكون علي رباء (2) وأعوذ بك
من مال يكون علي عذابا، وأعوذ بك من صاحب خديعة إن رأى حسنة دفنها، وإن
رأى سيئة أفشاها، اللهم لا تجعل لفاجر عندي يدا ولا منة " (3).
982 - وروى عدة من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " كان أبي عليه السلام
يقول إذا صلى الغداة: " يا من هو أقرب إلي من حبل الوريد، يا من يحول بين المرء
وقلبه، يا من هو بالمنظر الاعلى، يا من ليس كمثله شئ وهو السميع العليم، يا
أجود من سئل، ويا أوسع من أعطى، ويا خير مدعو، ويا أفضل مرجو (4)، ويا أسمع
السامعين، ويا أبصر الناظرين، ويا خير الناصرين، ويا أسرع الحاسبين، ويا أرحم
الراحمين، ويا أحكم الحاكمين، صل على محمد وآل محمد، وأوسع علي في رزقي، وامدد
لي في عمري، وانشر علي من رحمتك واجعلني ممن تنتصر به لدينك ولا تستبدل بي
غيري، اللهم إنك تكفلت برزقي كل دابة فأوسع علي وعلى عيالي من رزقك
الواسع الحلال، واكفنا من الفقر " ثم يقول: مرحبا بالحافظين، وحياكما الله من
كاتبين اكتبا رحمكما الله أني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن
محمدا
عبده ورسوله، وأشهد أن الدين كما شرع (5) وأن الاسلام كما وصف وأن
الكتاب كما أنزل، وأن القول كما حدث، وأن الله هو الحق المبين، اللهم بلغ محمدا
وآل محمد أفضل التحية، وأفضل السلام، أصبحت وربي محمود، أصبحت لا أشرك

(1) بأن تكون سليطة أو غير موافقة.
(2) بفتح الراء قبل الموحدة المخففة وبالمد - كسماء - بمعنى الطول والمنة، و
الرباء: الفضل والمنة يقال لفلان على رباء أي منة وذلك بأن يكون الوالد فقير محتاجا
إلى الولد ويبغى الولد على والده، أو يكون عاقا مسلطا عليه.
(3) قوله: " يدا " أي نعمة يجب عليه مكافاتها.
(4) في جملة من النسخ " ويا أفضل مرتجى ".
(5) " كما شرع " يجوز رجوع الضمير إلى الله عز وجل والى محمد صلى الله عليه وآله لكن بقرينة
" وأن الكتاب كما أنزل " راجع إليه تعالى.
336

بالله شيئا، ولا أدعو مع الله أحدا، ولا أتخذ من دونه وليا، أصبحت عبدا مملوكا لا
أملك إلا ملكني ربي، أصبحت لا أستطيع ان أسوق إلى نفسي خير ما أرجو ولا أصرف
عنها شر ما احذر، أصبحت مرتهنا بعملي، وأصبحت فقيرا لا أجد أفقر مني، بالله
أصبح وبالله أمسي وبالله أحيا وبالله أموت وإلى الله النشور ".
982 - وروى عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " تقول إذا أصبحت
وأمسيت: " أصبحنا والملك والحمد والعظمة والكبرياء والجبروت، والحلم و
العلم والجلال والجمال والكمال والبهاء [والقدرة]، والتقديس والتعظيم والتسبيح
والتكبير والتهليل والتحميد (1) والسماح والجود والكرم، والمجد والمن، و
الخير والفضل والسعة، الحول والسلطان والقوة والعزة والقدرة، والفتق و
الرتق، والليل والنهار، والظلمات والنور، والدنيا والآخرة والخلق جميعا و
الامر كله وما سميت وما لم أسم، وما علمت وما لم أعلم، وما كان وما هو كائن
لله رب العالمين، الحمد لله الذي أذهب بالليل وجاء بالنهار وأنا في نعمة منه وعافية
وفضل عظيم، الحمد لله الذي له ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم [و]
الحمد لله الذي يولج الليل في النهار، ويولج النهار في الليل، ويخرج الحي من
الميت، ويخرج الميت من الحي وهو عليم بذات الصدور، اللهم بك نمسي وبك
نصبح وبك نحيا وبك نموت وإليك نصير، وأعوذ بك من أن أذل أو أذل، أو أضل
أو أضل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي، يا مصرف القلوب ثبت قلبي
على طاعتك وطاعة رسولك، اللهم لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك
رحمة إنك أنت الوهاب " ثم تقول: " اللهم إن الليل والنهار خلقان من خلقك (2)
فلا تبتليني فيهما بجرأة على معاصيك، ولا ركوب لمحارمك، وارزقني فيهما عملا متقبلا
وسعيا مشكورا، وتجارة لن تبور " (3).

(1) في بعض النسخ والتمجيد ".
(2) في بعض النسخ " خلفان " وقال السيد الداماد - رحمه الله -: بكسر الخاء المعجمة
واسكان اللام قبل الفاء أي متعاقبان مترددان على التعاقب يذهب أحدهما ويجيئ الاخر. و
حينئذ يكون معنى " من خلقك " من تقديرك.
(3) البور: الهلاك وكساد السوق.
337

983 - وروي عن مسمع كردين أنه قال: صليت مع أبي عبد الله عليه السلام أربعين
صباحا فكان إذا انفتل رفع يديه إلى السماء وقال: " أصبحنا وأصبح الملك لله، اللهم
إنا عبيدك وأبناء عبيدك، اللهم احفظنا من حيث نحتفظ ومن حيث لا نحتفظ، اللهم
احرسنا من حيث نحترس ومن حيث لا نحترس، اللهم استرنا من حيث نستتر ومن
حيث لا نستتر، اللهم استرنا بالغنى والعافية، اللهم ارزقنا العافية ودوام العافية و
ارزقنا الشكر على العافية ".
باب
* (أحكام السهو في الصلاة) *
984 - روى إسماعيل بن مسلم (1) عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام " أن
رسول الله صلى الله عليه وآله أتاه رجل فقال: يا رسول الله إليك أشكو ما ألقى من الوسوسة في
صلاتي حتى لا أعقل ما صليت من زيادة أو نقصان، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا
دخلت في صلاتك فأطعن فخذك الأيسر بإصبعك اليمنى المسبحة، ثم قل: " بسم الله
وبالله توكلت على الله أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم " فإنك تنحره و
تزجره وتطرده عنك " (2).
985 - وروي عن عمر بن يزيد أنه قال: " شكوت إلى أبى عبد الله عليه السلام السهو
في المغرب فقال: صلها بقل هو الله أحد، وقل يا أيها الكافرون، ففعلت [ذلك]
فذهب عني " (3).
986 - وروى أبو حمزة الثمالي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " أتى النبي

(1) هو السكوني وفى الطريق إليه من لم يوثق.
(2) نحره - كمنعه -: دفعه وزجره أي منعه ونهاء، والطرد الابعاد.
(3) المراد قراءة التوحيد في الأولى والكافرين في الثانية. فحيث أن القراءة في
الثالثة التسبيحات الأربعة فيعينه هذا الترتيب على عدم الشك والظاهر أن المراد بالسهو هنا
الشك.
338

صلى الله عليه وآله رجل فقال: يا رسول الله لقيت من وسوسة صدري شدة وأنا رجل معيل مدين
محوج، فقال له: كرر هذه الكلمات " توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله
الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل
وكبره تكبيرا " قال: فلم يلبث الرجل أن عاد إليه فقال: يا رسول الله أذهب الله عني
وسوسة صدري وقضى ديني ووسع رزقي ".
987 - وفي رواية عبد الله بن المغيرة أنه قال: " لا بأس أن يعد الرجل صلاته
بخاتمه أو بحصا يأخذ بيده فيعد به ".
988 - وقال الرضا عليه السلام: " إذا كثر عليك السهو في الصلاة فامض على
صلاتك ولا تعد ".
989 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إذا كثر عليك السهو فدعه
فإنه يوشك أن يدعك، إنما هو من الشيطان " (1).
990 - وفي رواية ابن أبي عمير، عن محمد بن أبي حمزة " أن الصادق عليه السلام قال: إذا
كان الرجل ممن يسهو في كل ثلاث (2) فهو ممن كثير عليه السهو ".
991 وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " لا تعاد الصلاة إلا من خمسة (3)
الطهور، والوقت، والقبلة، والركوع، والسجود، ثم قال: القراءة سنة والتشهد

(1) لأنه إذا رأى أنه لا يؤثر يترك. (مراد)
(2) لعل التعميم فيما يسهى عنه أي سواء كانت تلك الثلاث من الركعات أو الصلوات
أو مما فيهما بشرط توالى الصلوات. (مراد)
(3) أي من الاخلال بها سواء كان عمدا أو سهوا أما من الطهارة فظاهر، وأما من
الوقت فللاتيان بها قبل دخول وقتها بحيث لا يقع شئ منها في وقتها، وأما الاتيان بها بعد
الوقت كما إذا أخل بها في الوقت ظانا بقاءه فأتى بها بعد الوقت فان قلنا بصحتها فلان ذلك
وقتها المعين له شرعا غايته كان عليه أن ينوى القضاء ولم ينو بل نواها أداء، وذلك لا يوجب
وقوعها في غير وقتها، وأما القلة، فالاخلال بها إنما هو في الاستدبار وهو يوجب
الإعادة، وما وقع بين المشرق والمغرب فليس خارجا عن القبلة، وما وقع على نفس المشرق
والمغرب فقد يوجب الإعادة، ولا ينتقض الحصر بالنسبة إلى النية وتكبيرة الاحرام لان الأولى
لازمة الثانية وهي لا تنسى على ما وقع في الخبر، أو يقال: إن القصر إضافي بالنسبة إلى التشهد
والقراءة. (مراد)
339

سنة ولا تنقض السنة الفريضة " (1).
والأصل في السهو أن من سها في الركعتين الأولتين (2) من كل صلاة فعليه الإعادة
ومن شك في المغرب فعليه الإعادة، ومن شك في الغداة فعليه الإعادة، ومن شك في
الجمعة فعليه الإعادة، ومن شك في الثانية والثالثة أو في الثالثة والرابعة أخذ
بالأكثر، فإذا سلم أتم ما ظن أنه قد نقص.
992 - وقال أبو عبد الله عليه السلام لعمار بن موسى يا عمار " أجمع لك السهو كله في
كلمتين متى [ما] شككت فخذ بالأكثر فإذا سلمت فأتم ما ظننت أنك قد نقصت " (3).
993 - ومعنى الخبر الذي روي " أن الفقيه لا يعيد الصلاة "
(4) إنما هو في الثلاث

(1) يعنى ما ثبت بالسنة لا يرفع حكم ما ثبت بالكتاب فإذا ركع وسجد لا ترتفع صحتها
بالاخلال بالقراءة والتشهد بخلاف العكس سهوا، وأما قوله عز وجل " فاقرأوا ما تيسر
من القرآن " فليس نصا في وجوبها في الصلاة فلا يكون القراءة فريضة ولو سلم فالمستفاد
منه وجوب ما يصدق عليه القراءة والاخلال بها بنسيان الفاتحة والسورة وأبعاضها في جميع
الركعات مما لا يكاد أن يمكن وهذا الحكم اما لبيان الحكمة في خصوص المادة أو لبيان
أن الأصل ذلك فلا يخالف الا لدليل (مراد) أقول: الاستدلال على وجوب القراءة بالآية
غير سديد لان مقتضى الخبر أن القراءة من السنة لا من القرآن والظاهر أن الآية نزلت في القراءة
في الليل مطلقا، أو في صلاة الليل كما يفهم من صدر الآية وذيلها فتأمل.
(2) الظاهر أن المراد الشك في عدد الأوليين لا كل سهو وقع فيهما فإنه لو كان السهو
فيهما عن غير الركن أو عن الركن ويمكن استدراكه في محله فليس عليه إعادة الصلاة. (سلطان)
(3) " أجمع لك السهو " أي أبين لك حكمه. ولعل المراد به الشك الواقع في
الرباعية بعد تحقق الركعتين بكمالهما من غير أن يتجاوز الأربع إذ لو تجاوزها كما إذا تعلق
بالخامسة وما زاد لم يمكن البناء على الأكثر، وقوله " فإذا سلمت فأتم - الخ " يدل على فورية
الاتيان بالنقصان. (مراد)
(4) في التهذيب ج 1 ص 236 مسندا عن حمزة بن حمران عن أبي عبد الله عليه السلام
" قال: ما أعاد الصلاة فقيه، يحتال لها ويدبرها حتى لا يعيدها ". وفى ص 190 في حديث
" لا يعيد الصلاة فقيه ".
340

والأربع لا في الأوليين.
ولا تجب سجدتا السهو إلا على من قعد في حال قيامه، أو قام في حال قعوده،
أو ترك التشهد، أو لم يدر زاد أو نقص، وهما بعد التسليم في الزيادة والنقصان (1).
994 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " سجدتا السهو بعد التسليم وقبل الكلام ".
995 - وأما حديث صفوان بن مهران الجمال عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
" وسألته عن سجدتي السهو، فقال: إذا نقصت فقبل التسليم وإذا زدت فبعده ".
فإني أفتي به في حال التقية (2).
996 - وسأله عمار الساباطي " عن سجدتي السهو هل فيهما تكبير أو تسبيح؟
فقال: لا إنما هما سجدتان فقط (3) فإن كان الذي سها هو الامام كبر إذا سجد و

(1) ظاهره أنه قد علم أن هناك اخلالا لكن شك في أنه بزيادة فعل أو نقصانه فيجب
تخصيصه إذا لم يعلم أن المخل به ركن (مراد) أقول: الحصر إضافي لما سيجيئ في غيرها
الا أن يحمل في غيرها على الاستحباب.
(2) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 191 خبرين نحو هذا أحدهما عن سعد بن سعد
عن الرضا (ع) والاخر عن أبي الجارود عن الباقر (ع) وقال: ان هذين الخبرين محمولان
على ضرب من التقية لأنهما موافقان لمذاهب العامة. ثم نقل كلام المصنف هذا.
(3) في بعض النسخ " لا انهما سجدتان فقط " وهكذا في التهذيب. ويدل على عدم
وجوب التسبيح فيهما ولا يدل على عدم وجوب الذكر، ولا ينافي خبر الحلبي الآتي. وقال الشيخ
- رحمه الله -: المراد بهذا الخبر أنه ليس فيهما تسبيح وتشهد كالتسبيح والتشهد في الصلوات
من التطويل فيها دون أن يكون المراد به نفى التسبيح والتشهد على كل حال، وعندنا أن المسنون أن
يخفف الانسان في التشهد الذي بعد سجدتي السهو ويحمد الله تعالى في السجود ويصلى على نبيه صلى الله عليه وآله
بلا تطويل، والذي يكشف عما ذكرناه ما رواه سعد بن عبد الله عن أبي جعفر عن محمد بن أبي
عمير، عن حماد بن عثمان عن عبيد الله الحلبي عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: إذا لم تدر أربعا
صليت أم خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد وسلم واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءة،
تتشهد فيهما تشهدا خفيفا ". أقول سيأتي الخبر تحت رقم 1019.
341

إذا رفع رأسه (1) ليعلم من خلفه أنه قدسها فليس عليه أن يسبح فيهما (2) ولا فيهما
تشهد بعد السجدتين " (3).
997 - وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " تقول (4) في سجدتي
السهو: " بسم الله وبالله، وصلى الله على محمد وآل محمد " قال: وسمعته مرة أخرى يقول:
" بسم الله وبالله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ".
ومن شك في أذانه وقد أقام الصلاة فليمض، ومن شك في الإقامة بعد ما كبر
فليمض، ومن شك في التكبير بعد ما قرأ فليمض، ومن شك في القراءة بعد ما ركع
فليمض، ومن شك في الركوع بعد ما سجد فليمض، وكل شئ شك فيه وقد
دخل في حالة أخرى فليمض، ولا يلتفت إلى الشك إلا أن يستيقن، ومن استيقن
أنه ترك الأذان والإقامة ثم ذكر ولم يكن [قد] قرأ عامة السورة فلا بأس بترك الاذان
فليصل على النبي صلى الله عليه وآله (5) وليقل: قد قامت الصلاة [قد قامت الصلاة] ومن استيقن أنه

(1) أي كبر إذا أراد أن يسجد، وفى بعض النسخ " فإذا رفع رأسه " فلا يستقيم
المعنى الا أن يقال الفاء أريد بها معنى " ثم " أي ثم كبر إذا رفع رأسه. أي كبر الامام تنبيها
للمأموم لئلا يتبعه ظانا أنه أمر مشترك بينهما كسجدة الشكر فعل المأموم أن ينظر في
حاله فإن كان شريكا مع الامام في السهو فليسجد والا فلا. وقال الشهيد - رحمه الله - في
البيان: " ويستحب فيهما تكبيرة الافتتاح وفى رواية عمار نفى ذلك الا إذا كان إماما
فيكبر إذا سجد وإذا رفع رأسه " وقال السيد الداماد - رحمه الله -: هذه الرواية لا ينفى ذلك
الاستحباب إذ مفادها وجوب تكبيرة الافتتاح فيها على الامام فينفي الوجوب إذا لم يكن إماما
لا الاستحباب كما هو المشهور بناء على أن المعهود من الشرع اقتران النية بتكبيرة الافتتاح
في سائر مواضعها.
(2) قوله " فليس عليه أن يسبح " أي على الامام لحصول الاعلام بالتكبيرين. (مراد)
(3) حمل على التشهد الكبير لاخبار أخر.
(4) وفى بعض النسخ " قال يقول " أي يقول الساهي.
(5) حمل الصلاة على النبي على السلام كما ورد في بعض الأخبار. وقال في المدارك:
" الظاهر أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله إشارة إلى قطع الصلاة، ويمكن أن يكون ذلك نفسه
قاطعا ويكون ذلك من خصوصيات هذا الموضع لان ذلك لا يقطع الصلاة في غير هذا المحل ".
342

لم يكبر تكبيرة الافتتاح فليعد صلاته وكيف له بأن يستيقن (1).
998 - وقد روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " الانسان لا ينسى تكبيرة
الافتتاح ".
999 - وسأل الحلبي أبا عبد الله عليه السلام " عن رجل نسي أن يكبر حتى دخل في
الصلاة، فقال: أليس كان في نيته أن يكبر؟ قال: نعم، قال: فليمض في صلاته ".
1000 - وسأل أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي الرضا عليه السلام " عن رجل نسي أن
يكبر تكبيرة الافتتاح حتى كبر للركوع فقال: أجزأه " (2).
1001 - وقد روى زرارة (3) عن أبي جعفر عليه السلام قال: " قلت له: رجل نسي
أول تكبيرة الافتتاح، فقال: إن ذكرها قبل الركوع كبر ثم قرأ ثم ركع، وإن ذكرها
في الصلاة كبرها في مقامه في موضع التكبير قبل القراءة أو بعد القراءة، قلت: فإن
ذكرها بعد الصلاة؟ قال: فليقضها (4) ولا شئ عليه ".
1002 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " إذا أنت كبرت في أول

(1) أي لا يحصل له هذا اليقين غالبا.
(2) هذه الروايات تخالف اجماع الأصحاب بل اجماع الأمة الا الزهري والأوزاعي
فإنهما لم يبطلا الصلاة بتركها سهوا وحملها الشيخ على الشك (الذكرى) أقول: بعد ما
قال المؤلف - رحمه الله - في فتواه: " ومن استيقن أنه لم يكبر تكبيرة الافتتاح فليعد صلاته
وكيف له بأن يستيقن " أورد هذه الروايات الثلاث لبيان عدم تحقق نسيان تكبيرة الاحرام
فينبغي بل يجب لنا أن نحمل النسيان على الشك يتناقض قوله، وطريق الروايات
صحيح.
(3) الاتيان بلفظ " قد " يشعر بشئ ما ينبغي التأمل فيه.
(4) قال الشيخ: قوله " فليقضها " يعنى الصلاة ولم يرد التكبير وحده، وأما قوله:
" فلا شئ عليه " يعنى من العقاب لأنه لم يتعمد تركها وإنما نسي فإذا أعاد الصلاة فليس عليه
شئ انتهى. وقال سلطان العلماء: في هذا الحمل تأمل لأنه ان حمل النسيان على الشك
كما حمل في الروايات السابقة فلا وجه للحكم بقضاء الصلاة لأن الشك إذا كان بعد الفراغ
لا يلتفت إليه، وان حمل على معناه الحقيقي فلا وجه لصحة الصلاة باتيانه بعد القراءة والركوع
اجماعا.
343

صلاتك بعد الاستفتاح بإحدى وعشرين تكبيرة (1)، ثم نسيت التكبير كله أو لم تكبره
أجزأك التكبير الأول (2) عن تكبيرة الصلاة كلها " (3). 1003 - وروى حريز، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام " في رجل جهر فيما لا
ينبغي الجهر فيه، أو أخفى فيما لا ينبغي الاخفاء فيه؟ فقال: أي ذلك فعل متعمدا
فقد نقض صلاته وعليه الإعادة (4)، وإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا ش ئ عليه
وقد تمت صلاته، فقال: قلت له: رجل نسي القراءة في الأولتين فذكرها في الأخيرتين
فقال: يقضي القراءة والتكبير والتسبيح الذي فاته في الأولتين [في الأخيرتين] ولا
شئ عليه ". (5)
1004 - وروى الحسين بن حماد (6) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال له: " أسهو

(1) يمكن أن يراد بالاستفتاح تكبيرة الاحرام وأن يراد به التكبيرات السبع و
المراد بإحدى وعشرين تكبيرة تكبيرات الرباعية إذ في كل ركعة تكبير للركوع وأربعة
للسجودين فمع تكبير القنوت تصير إحدى وعشرين، فيستفاد من الحديث جواز الاتيان
بها في أول الصلاة مخافة النسيان في محالها، فان أتى بها في محالها أيضا فذلك أفضل و
الا قامت مقامهن سواء نسيت أو تركت عمدا كغسل الجمعة يوم الخميس. (مراد)
(2) أي لا إحدى وعشرين تكبيرة.
(3) في بعض النسخ " فيها ".
(4) ظاهره وجوب الجهر والاخفات في مواضعهما مع أنه ذكر بلفظ " ينبغي " لأنه من
كلام السائل ولو كان من كلامه (ع) أو قرره أيضا فقد ذكر ما يدل على أن المراد به الوجوب
من نقض الصلاة والإعادة وكذا لو قرء بالصاد من النقصان للامر بالإعادة الا أن يحمل على
الاستحباب لصحيحة علي بن جعفر عليه السلام.
(5) لعل المراد بقضاء القراءة الاتيان بها في الأخيرتين لئلا يخلو صلاته عن الفاتحة
ويحتمل استحباب قضائها بعد الصلاة. وأما ذكر التكبير والتسبيح فإفادة جديدة بعد الاتيان
بالجواب، والمراد بهما اما المستحبات أو ما يذكر في الركوع والسجود، وفى بعض النسخ
" في الأخيرتين " بعد قوله " في الأولتين " فهو يتعلق بيقضى القراءة. (مراد)
(6) تقدم أن الطريق إليه قوى.
344

عن القراءة في الركعة الأولى، قال: اقرأ في الثانية، قال: قلت أسهو في الثانية؟ قال:
اقرأ في الثالثة، قال: قلت أسهو في صلاتي كلها، فقال: إذا حفظت الركوع والسجود
فقد تمت صلاتك ".
1005 - وروى زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: " إن الله تبارك وتعالى فرض
الركوع والسجود، والقراءة سنة (1) فمن ترك القراءة متعمدا أعاد الصلاة
ومن نسي فلا شئ عليه ".
1006 - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام " في رجل شك بعد ما سجد أنه لم يركع، فقال: يمضي في صلاته حتى يستيقن أنه لم يركع، فإن
استيقن أنه لم يركع فليلق السجدتين اللتين لا ركوع لهما (2) ويبني على صلاته التي

(1) أي ثبت وجوبها بالسنة دون الكتاب فلا يحسن الاستدلال بوجوبها بقوله تعالى
" فاقرأوا ما تيسر من القرآن " وقد تقدم الكلام فيه.
(2) أي ليطرحهما من البين ويبنى على ما سبقهما من الصلاة الذي وقع على وجه
الكمال وقد يختص ذلك بالركعتين الأخيرتين (مراد) أقول: هذا الخبر صحيح من
حيث السند ويدل على أنه لا يبطل الصلاة بزيادة السجدتين وهو بعد مخالفته للمشهور بين
الفقهاء يعارض صحيحة رفاعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن رجل نسي أن
يركع حتى يسجد ويقوم؟ قال: يستقبل " أي يستأنف الصلاة لأنه أخل بالركن (الكافي
ج 3 ص 348) ويعارض أيضا موثقة إسحاق بن عمار قال: " سألت أبا إبراهيم عليه السلام
عن الرجل ينسى أن يركع قال: يستقبل حتى يضع كل شئ من ذلك مواضعه " (التهذيب
ج 1 ص 177) وكذا صحيحة أبي بصير قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل نسي أن يركع
قال: عليه الإعادة ". ويمكن الحلم على أن المراد بقوله " يبنى " يستأنف، والحاصل
أنه لا يعتد بما أتى به ناقصا ويأتي بصلاة تامة وليس المراد من لبناء جعل ما أتى به ناقصا
صحيحا واكماله، وقد حمله الشيخ - رحمه الله - في الاستبصار على النسيان في الأخيرتين
وأما في الركعتين الأوليين فإنه يجب عليه استيناف الصلاة على كل حال إذا ذكر. وقال
الشهيد - رحمه الله -: لم نقف على وجه هذا الحمل الا ما يظهر من الرواية عن الرضا عليه السلام
" الإعادة في الأولتين والشك في الأخيرتين " لكنه ليس بصريح في المطلوب.
345

على التمام، فإن كان لم يستيقن إلا من بعد ما فرغ وانصرف (1) فليقم وليصل ركعة
وسجدتين (2) ولا شئ عليه ".
1007 - وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إذا
نسيت شيئا من الصلاة ركوعا أو سجودا أو تكبيرا، ثم ذكرت فاقض الذي فاتك
سهوا " (3).
1008 - وروى ابن مسكان، عن أبي بصير قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عمن
نسي أن يسجد واحدة فذكرها وهو قائم؟ قال: يسجدها إذا ذكرها ولم يركع فإن
كان قد ركع فليمض على صلاته فإذا انصرف قضاها وحدها وليس عليه سهو " (4).
1009 - وسأله منصور بن حازم (5) عن رجل صلى فذكر أنه قد زاد سجدة،
فقال: لا يعيد صلاته من سجدة، ويعيدها من ركعة " (6).
1010 - وروى عامر بن جذاعة (7) عنه عليه السلام أنه قال: " إذا سلمت الركعتان

(1) محمول على الشك أي شك بعد ما فرغ من الركوع أو ظن عدم الركوع بعد السلام
فيصلى ركعة استحبابا واحتياطا. (هامش الوافي)
(2) أي ليسجد سجدتين ولعل المراد بهما سجدتا السهو، ولو أريد بالركعة الركوع
كان المراد به وبالسجدتين هو الركعة التي تصير بدلا من الركعة المتروكة بترك ركوعها. (مراد)
(3) محمول على ما إذا ذكر قبل تجاوز المحل. وحمله بعض على ما يستدرك في محله
دون ما تجاوز محله فان منها ما تبطل الصلاة بتركه لو كان المنسي ركنا ومنها ما يتلافى
بعد الصلاة كالسجدة والتشهد ومنها مالا شئ فيه. وحمله الشهيد في الدروس على قضاء
الركوع والسجود وان تجاوز عن محله كما هو ظاهر الحديث.
(4) أي سجدتا السهو ويمكن حمله على أن ليس عليه وبال (مراد) أقول الطريق
صحيح.
(5) الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة، وهو ثقة.
(6) أي من زيادة الركوع لأنه ركن على المشهور بخلاف السجدة الواحدة فإنها
ليست ركنا إنما الركن سجدتان معا ويتحقق بالدخول في الثانية.
(7) تقدم أن فيه الحكم بن مسكين وهو مهمل.
346

الأولتان سلمت الصلاة ". (1)
1011 - وروى علي بن نعمان الرازي (2) أنه قال: " كنت مع أصحاب لي
في سفر وأنا إمامهم فصليت بهم المغرب فسلمت في الركعتين الأولتين، فقال أصحابي:
إنما صليت بنا ركعتين فكلمتهم وكلموني فقالوا: أما نحن فنعيد، فقلت: لكني لا أعيد
وأتم بركعة فأتممت بركعة، ثم سرنا وأتيت أبا عبد الله عليه السلام وذكرت له
الذي كان من أمرنا، فقال: لي أنت أصوب منهم فعلا، إنما يعيد من لا يدري ما
صلى " (3).
1012 - وروى عنه عمار " أن من سلم في ركعتين من الظهر أو العصر أو المغرب
أو العشاء الآخرة، ثم ذكر فليبن على صلاته ولو بلغ الصين ولا إعادة عليه " (4).

(1) قد يخص السلامة بعدد الركعتين الأوليين دون ما يتعلق بهما وهذا الحديث
أيضا يدل على ما يدل عليه الحديث الآتي من أنه إذا اختل الركعة الأخيرة من المغرب أو الأخيرتين
في الظهرين والعشاء سهوا يبنى على الركعتين الأوليين ولم يحتج إلى إعادة الصلاة. (مراد)
(2) الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.
(3) يدل على صحة الصلاة إذا نقص من الأخيرتين وأتى بها بعد ما تكلم، قال الشهيد
- رحمه الله - في الذكرى: لو تكلم عمدا كظنه اكمال الصلاة تم تبين النقصان لم يبطل في
المشهور. وهو المروى في الصحيح وفى هذه الرواية انه تكلم بعد علم النقيصة فيحمل على أنه
اضمر في نفسه أي أضمر أنه لا يعيد وانه يتم ويكون القول عبارة عن ذلك (سلطان) وقال
المولى المجلسي: " يدل على أنه مع النقصان يتم ولو تكلم لأنه بمنزلة من تكلم ناسيا و
يتدارك بسجدتي السهو ".
(4) قد يخصص بما إذا لم يفعل ما ينافي الصلاة من استدبار أو نقض طهارة أو غيرهما،
وبعده ظاهر لان بلوغ الصين من موضع الصلاة أو من موضع التكلم بذلك الكلام وإن كان
على سبيل المبالغة لا يخلو عن وقوع ما ينافيها، فان مثله كالمقطوع به في فاصلة اليومين
والثلاثة (مراد) أقول: ظاهر المؤلف - رحمه الله - هنا العمل بظاهر الخبر كما أفتى
به في المقنع حيث قال " ان صليت ركعتين من الفريضة ثم قمت وذهبت في حاجة لك فأضف
إلى صلاتك ما نقص ولو بلغت إلى الصين، ولا تعد الصلاة فان الإعادة في هذه المسألة مذهب
يونس بن عبد الرحمن ". وقال الشهيد - رحمه الله - في الذكرى: " لو نقص صلاته ساهيا
ركعة فما زاد ثم ذكر قبل فعل ما ينافي الصلاة من حدث أو استدبار أو كلام وغيره أتمها قطعا
وإن كان بعد الحدث أعادها وإن كان بعد الاستدبار أو الكلام فقد سلف. وذكر الشيخ
في التهذيب في صحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: " سألته عن رجل صلى بالكوفة
ركعتين ثم ذكر وهو بمكة أو بالمدينة أو بالبصرة أو ببلدة من البلدان أنه صلى ركعتين؟ قال:
يصلى ركعتين " ثم قال الشيخ: وهذا الخبر وخبر عمار الذي فيه " لا يعيد صلاته ولو بلغ الصين "
فالوجه فيهما أن نحملهما على أنه إذا لم يذكر ذلك علما يقينا وإنما يذكر ظنا ويعتريه مع
ذلك شك فحينئذ يضيف إليها تمام الصلاة استظهارا لا وجوبا لأنا قد بينا أن بعد الانصراف من
حال الصلاة لا يلتفت إلى شئ من الشك، ويحتمل الخبر أيضا أن يكون إنما ذكر ترك
الركعتين من النوافل وليس فيه أنه ترك ركعتين من الفرائض - انتهى. ولا يخفى بعدهما و
كيف كان ما عليه المصنف - رحمه الله - خلاف المشهور والأخبار الكثيرة التي دلت على بطلان
الصلاة بالاستدبار والحدث، وقاعدة لا تعاد المسلمة عند جميع الفقهاء العظام حاكمة الا أن
نخص كلها بالفريضة دون السنة ولكن ينافيه خبر عبيد بن زرارة الآتي لكون الغداة فريضة.
347

1013 - وسأل عبيد بن زرارة أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يصلي الغداة ركعة
ويتشهد وينصرف ويذهب ويجئ ثم ذكر أنه إنما صلى ركعة، قال: يضيف إليها
ركعة " (1).
1014 - وسأل أبو كهمس (2) أبا عبد الله عليه السلام " عن الركعتين الأوليين فإذا
جلست فيهما للتشهد فقلت وأنا جالس: " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته "
انصراف هو؟ قال: لا ولكن إذا قلت: " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو
انصراف ". (3)

(1) حمله الشيخ - رحمه الله - على ما إذا انصرف وذهب وجاء من غير أن يستدبر.
وحمله بعضهم على النافلة. أقول: طريق الصدوق إلى عبيد فيه الحكم بن مسكين ولم يوثق.
لكن رواه الشيخ بسند صحيح.
(2) هو هيثم بن عبد الله الكوفي وفى الطريق إليه مهمل.
(3) يدل على بطلان الصلاة بقول " السلام علينا " في التشهد الأول على أنه سلام وعلى
أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله ليس بسلام فلا تبطل (م ت).
348

1015 - وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إذا لم تدر اثنتين صليت
أم أربعا ولم يذهب وهمك إلى شئ فتشهد وسلم ثم صل ركعتين وأربع سجدات
تقرأ فيهما بأم الكتاب (1) ثم تشهد وتسلم فإن كنت إنما صليت ركعتين كانتا هاتان
تمام الأربع، وإن كنت صليت أربعا كانتا هاتان نافلة ".
1016 - وروى جميل بن دراج (2) عنه عليه السلام أنه قال " في رجل صلى خمسا: إنه إن
جلس في الرابعة مقدار التشهد فعبادته جائزة ". (3)
1017 - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن رجل
صلى الظهر خمسا، فقال: إن كان لا يدري جلس في الرابعة (4) أم لم يجلس فليجعل
أربع ركعات منها الظهر ويجلس ويتشهد، ثم يصلي وهو جالس ركعتين وأربع سجدات
فيضيفهما إلى الخامسة (5) فتكون نافلة ".

(1) يدل على تعين الفاتحة في صلاة الاحتياط ما ذهب إليه ابن إدريس - رحمه
الله - من التخيير بين الفاتحة والتسبيح.
(2) الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.
(3) ظاهره عدم جزئية السلام للصلاة ويمكن ابتناء الجواز على أنه إذا نسي جاز
انفصاله عن الصلاة وذلك لا ينافي جزئيته للصلاة كما مر في الركعتين المنفصلتين وكما في
الأجزاء المنسية (مراد) وفى بعض النسخ " فصلاته جائزة ".
(4) يعنى في حال القيام قبل الركوع سواء كان قبل القراءة أو بعدها أو في أثنائها
ويجب عليه أن يجلس من قيامه ويتشهد ويحتاط بركعتين من جلوس لأن الشك يصير بعد
الجلوس بين الثلاث والأربع.
(5) قال الفاضل التفرشي: لعل وجهه أنه لا يبقى الركعة الخامسة بعد جعل الأربع
ظهرا على ركعة واحدة بل يصير عند ضم الركعتين من الجلوس اللتين تعدان بركعة ركعتين
من قيام إذ لا صلاة مندوبة على ركعة واحدة سوى الوتر، ولعل اختيار الركعتين على ركعة
من قيام لأنهما مشروعتان بانفرادهما مستقلتان أيضا وهذا يرجع إلى أن صلاته قد تمت مع
تمام الركعة الرابعة، وكان قد نسي التشهد فيأتي به بعد الركعة الزائدة، واكتفائه (ع)
بالتشهد يشعر بعدم وجوب السلام. وقوله " فتكون نافلة " أي نافلة كاملة.
349

1018 - وسأل الفضيل بن يسار (1) أبا عبد الله عليه السلام " عن السهو فقال: من يحفظ
سهوه فأتمه فليس عليه سجدتا السهو، وإنما السهو على من لم يدر أزاد في صلاته
أم نقص منها ". (2)
1019 - وروى الحلبي عنه عليه السلام أنه قال: " إذا لم تدر أربعا صليت أو خمسا
أم زدت أم نقصت فتشهد وسلم واسجد سجدتي السهو بغير ركوع ولا قراءة، تتشهد
فيهما تشهدا خفيفا ".
1020 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل " عن رجل دخل مع
الامام في صلاته وقد سبقه بركعة، فلما فرغ الامام خرج مع الناس، ثم ذكر بعد
ذلك أنه قد فاتته ركعة؟ قال: يعيد ركعة واحدة ". (3)
1021 - وروى عبد الرحمان بن الحجاج، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال: " قلت
لأبي عبد الله عليه السلام (4): " رجل لا يدري اثنتين صلى أم ثلاثا أم أربعا؟ فقال: يصلي ركعتين
من قيام (5) ثم يسلم، ثم يصلي ركعتين وهو جالس ".
1022 - ووري عن علي بن أبي حمزة (6) عن العبد الصالح عليه السلام قال: " سألته
عن الرجل يشك فلا يدري أواحدة صلى أو اثنتين أو ثلاثا أو أربعا، تلتبس عليه
صلاته؟ فقال: كل ذا؟ فقلت: نعم، قال: فليمض في صلاته وليتعوذ بالله من الشيطان.

(1) الطريق إليه معتبر وهو ثقة.
(2) لعل المراد بالزيادة والنقصان زيادة الركعة ونقصانها، والمراد بالسهو موجب
صلاة الاحتياط وسجدتا السهو كما في الشك بين الأربع والخمس فلا يخدشه ان من تكلم
ساهيا عليه أن يسجد وهو يدرى أنه زاد (مراد)
(3) يدل على أن الفصل عند السهو غير مبطل كما مر. (مراد)
(4) كذا في جميع النسخ وتعبيره عليه السلام عن أبيه بكنيته غير معهود.
(5) في بعض النسخ " يصلى ركعة من قيام "
(6) مشترك بين البطائني الواقفي الضعيف والثمالي الفاضل الثقة والمظنون البطائني.
350

الرجيم فإنه يوشك أن يذهب عنه ". (1)
1023 - وروى سهل بن اليسع (2) في ذلك عن الرضا عليه السلام أنه قال: " يبني
على يقينه (3) ويسجد سجدتي السهو بعد التسليم ويتشهد تشهدا خفيفا ".
1024 - وقد روي " انه يصلي ركعة من قيام وركعتين وهو جلوس ". (4)
وليست هذه الأخبار بمختلفة وصاحب السهو بالخيار بأي خبر منها أخذ
فهو مصيب.
1025 - وروي عن إسحاق بن عمار أنه قال: " قال لي أبو الحسن الأول عليه السلام:
إذا شككت فابن على اليقين (5)، قال: قلت: هذا أصل؟ قال: نعم ".
1026 - وسأل عبد الله بن أبي يعفور أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يصلي ركعتين
من المكتوبة فلا يجلس فيهما، فقال: إن ذكر وهو قائم في الثالثة فليجلس وإن
لم يذكر حتى ركع فليتم صلاته، ثم يسجد سجدتين (6) وهو جالس قبل أن يتكلم ".

(1) لعل وجهه أنه حينئذ يصير كثير السهو فلا يلتفت إليه وبذلك يشعر قوله عليه السلام
" فإنه يوشك أن يذهب عنه. (مراد)
(2) الطريق حسن بإبراهيم بن هاشم.
(3) ظاهره أنه يبنى على الواحدة لأنها المتيقن، ويمكن أن يحمل على أنه يأتي بما
يبرء ذمته يقينا فيأتي بصلاتي احتياط بركعة من قيام وركعتين من قيام أيضا فيفتقر إلى
قراءة السورة لو كان الواقع ركعة واحدة. (مراد)
(4) لعل وجه ذلك أنه على تقدير أن يكون الواقع منه ركعة واحدة قام ركعتان
من الجلوس مقام ركعتي القيام وكان عدم بطلان صلاته مع تعلق الشك بالواحدة ما مر من
صيرورته كثير السهو (مراد) وفى بعض النسخ " يصلى ركعتين من قيام وركعتين وهو
جالس ".
(5) اليقين هنا محمول على الأكثر لئلا ينافي ما تقدم تحت رقم 992 في خبر عمار
ابن موسى حيث يفيد البناء على الأكثر، وبعده ظاهر، والحمل على الأقل والتخيير كما
ذهب إليه المصنف أقرب.
(6) ظاهره الاكتفاء بهما من دون أن يأتي بالتشهد ولو ادخل قضاء التشهد في اتمام
الصلاة فيشمله. (مراد)
351

1027 - وروى محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إن شك الرجل
بعد ما صلى فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا وكان يقينه حين انصرف أنه كان قد أتم له
يعد الصلاة، وكان حين انصرف أقرب إلى الحق منه بعد ذلك ". (1)
1028 - وفي نوادر إبراهيم بن هاشم (2) أنه سئل أبو عبد الله عليه السلام " عن إمام يصلي
بأربع نفر أو بخمس فيسبح اثنان (3) على أنهم صلوا ثلاثا، ويسبح ثلاثة على أنهم
صلوا أربعا يقول هؤلاء: قوموا، ويقول هؤلاء: اقعدوا، والامام مائل مع أحدهما
أو معتدل الوهم فما يجب عليهم؟ (4) قال: ليس على الامام [سهو] إذا حفظ عليه من خلفه سهوه
باتفاق منهم، وليس على من خلف الامام سهو إذا لم يسه الامام، ولا سهو في سهو (5)
وليس في المغرب سهو ولا في الفجر سهو، ولا في الركعتين الأولتين من كل صلاة سهو (6)

(1) الظاهر أن معناه أن حال الانصراف كان على يقين ثم حصل له الشك فلم يعد لان
الحال الأول أقرب. (سلطان)
(2) الظاهر أن المراد أن هذا الخبر مأخوذ من كتاب نوادر إبراهيم بن هاشم.
(3) قوله. " فيسبح اثنان " يدل على أن اعلام الإمام والمأموم ما في ضميرهم بالآخر
ينبغي أن يكون بالتسبيح فان لا يجوز الكلام، والتسبيح لكونه ذكرا أحسن من الإشارة
بالأصابع وغيرها، وقوله " يقول هؤلاء " أي بالإشارة أو بالتسبيح. (المرآة)
(4) يعنى إذا كان مائلا مع أحدهما أي شئ حكمه وإذا كان معتدل الوهم ما حكمه؟
فشرع عليه السلام بقواعد السهو. (م ت)
(5) أي لا حكم له أصلا، فكأنه لا تحقق له أصلا فلا يلتفت إليه، فظاهر السهو في السهو
أنه يسهو هل سها أم لا، وحمل السهو الثاني على موجب السهو كصلاة الاحتياط احتمال
لا يبعد لو قيل إنه المتبادر عرفا، والظاهر أنه من تتمة الحديث إذ لو جعل من قوله المؤلف
- رحمه الله - لم يف الجواب في الحديث بشقى السؤال الا إذا قيل بمفهوم الشرط فيفهم ان
ليس يحفظ الامام على المأموم ولا المأموم على الامام في الصورة المفروضة فيكون لكل واحد حكم
نفسه (مراد) أقول: لا شك في كونه من تتمة الحديث كما هو في الكافي ج 3 ص 369.
(6) قوله " وليس في المغرب سهو " تغيير الأسلوب يعطى أن نفى السهو في المغرب
ليس بمعنى نفيه في السهو والا كان حق العبارة أن يقال: " ولا في المغرب " فلعل المراد
بنفيه في المغرب ونظائره نفى تلك الصلوات وعدم ترتب الأثر عليها عند السهو فيها. (مراد)
352

فإذا اختلف على الامام من خلفه فعليه وعليهم في الاحتياط والإعادة [و] الاخذ بالجزم ". (1)
وإن نسيت صلاة ولا تدري أي صلاة هي فصل ركعتين، وثلاث ركعات، وأربع
ركعات، فإن كانت الظهر أو العصر أو العشاء الآخرة تكون قد صليت أربعا، وإن كانت
المغرب تكون قد صليت ثلاثا، وإن كان الغداة تكون قد صليت ركعتين.
وإن تكلمت في صلاتك ناسيا فقلت: " أقيموا صفوفكم " فأتم صلاتك واسجد

(1) لما بين عليه السلام أن الامام إذا سها واتفق المأمومون على الحفظ فلا حكم لسهوه
وإذا حفظ الامام ليس لسهو المأمومين حكم بل يجب ان يتبعوا له ولعل هذا شامل لشك المأمومين
بأسرهم واختلافهم في الظن كما مر أراد أن يبين حكم ما إذا اختلفا كما إذا ظن الامام على خلاف
ما ظنه المأمومون أو شك الامام واختلف المأمومون في الظن كما في الشق الثاني من شقى
السؤال فيكون حينئذ لكل من الامام والمأمومين حكم سهوه وحينئذ لابد لكل منهما أن
يأتي. بما يجزم معه براءة ذمته من إعادة الصلاة والآتيان بصلاة الاحتياط، ففي صورة السؤال
يسلم من اعتقد أنه أتى بالأربع ويأتي بركعة أخرى من اعتقد أنه أتى بالثلاث ولما كان
الامام شاكا في الثلاث وأربع ينبغي أن يبنى على الأربع ويأتي بصلاة الاحتياط، ولو ظن
الامام أنه ركع في الخامسة وظن المأموم أنه في الرابعة وجب على المأموم اتمام الصلاة وعلى
الامام اعادتها على القول بها، ولو كان الامام شاكا بين الواحدة والثنتين والمأمومون بين
الثنتين والثلاث بعد السجدتين فعلى الامام إعادة الصلاة على المأمومين البناء على الثلاث
والآتيان بالاحتياط، ويحتمل أن يجعل ذلك من حفظ المأموم مع سهو الامام حيث إنهم
جزموا بوقوع الاثنتين فيرجع إلى شك الامام مع حفظ المأمومين، فالامام يبنى على صلاته
على الاثنين والمأموم على الثلاث (مراد) وقال المولى المجلسي - رحمه الله - الظاهر أن المراد
به أن الاحتياط في هذه الصورة أن يعيدوا صلاتهم حتى يأخذوا بالجزم إذ لم يمكن تصحيحها
ويمكن أن يكون المراد إعادة الصلاة في جميع الصور خصوصا على نسخة الكافي والتهذيب
وبعض نسخ الفقيه من كون العاطف في الاخذ لا في الإعادة، فالاحتياط في الإعادة بعد فعل
ما ذكرناه فيه. وذكر العلامة المجلسي - رحمه الله - شرحا وافيا للحديث يبلغ مائتي
سطر. راجع مرآة العقول ج 3 ص 140 إلى 144.
353

سجدتي السهو (1).
1029 - وروي أنه من تكلم في صلاته ناسيا كبر تكبيرات (2) ومن تكلم في
صلاته متعمدا فعليه إعادة الصلاة و " من أن في صلاته فقد تكلم " (3).
وإن نسيت الظهر حتى غربت الشمس وقد صليت العصر (4) فان أمكنك أن
تصليها قبل ان تفوتك المغرب فابدأ بها والا فصل المغرب ثم صل بعدها الظهر، وان
نسيت الظهر وقد ذكرتها وأنت تصلى العصر فاجعل التي تصليها الظهر - إن لم تخش
أن يفوتك وقتب العص - ثم صل العصر بعد ذلك، فان خفت أن يفوتك وقت العصر
فابدأ بالعصر، وإن نسيت الظهر والعصر ثم ذكرتهما عند غروب الشمس فصل الظهر
ثم صل العصر إن كنت لا تخاف فوات إحديهما، فإن خفت أن يفوتك إحداهما فابدأ
بالعصر ولا تؤخرها فيكون قد فاتتك جميعا (5)، ثم صل الأولى بعد ذلك على أثرها

(1) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 191 والكليني في الكافي ج 3 ص 356 باسناد
صحيح عن ابن الحجاج قال " سألت الصادق عليه السلام عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة
يقول: أقيموا صفوفكم؟ فقال يتم صلاته ثم يسجد سجدتين فقلت: سجدتا السهو قبل التسليم
هما أو بعده؟ قال: بعده ".
(2) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 230 باسناده عن عقبة بن خالد عن أبي عبد الله
عليه السلام " في رجل دعاه رجل وهو يصلى فسها فأجابه لحاجته كيف يصنع؟ قال: يمضى
على صلاته ويكبر تكبيرا كثيرا " وقال الشيخ (ره) هذا الخبر لا ينافي ما قدمناه من
أنه إذا تكلم ساهيا كان عليه سجدتا السهو، لأنه ليس في هذا الخبر أنه ليس عليه ذلك،
ولا يمتنع أن يكون أراد يكبر تكبيرا ثم يسجد سجدتي السهو بعد الفراغ من الصلاة.
أقول: يحتمل أن يكون ما في المتن كلام المؤلف أخذه من الحديث دون نقل لفظه.
(3) في التهذيب باسناده عن طلحة بن زيد عن جعفر عن أبي عن علي عليهم السلام قال:
" من أن في صلاته فقد تكلم " وأن فعل ماض من الأنين.
(4) أي صليتها ساهيا قبل الظهر دون ما قدمتها عمدا فتبطل.
(5) حيث إنه ترك العصر وصلى في غير وقته وهو وقت العصر وهذا يناسب
القول بالاختصاص، والضمير في " فاتتك " يرجع إلى الصلاة المطلقة ومعنى " جميعا "
باعتبار كلا فرديه وحق العبارة " قد فاتتاك ". (مراد)
354

ومتى فاتتك صلاة فصلها إذا ذكرت فإن ذكرتها وأنت في وقت فريضة أخرى فصل
التي أنت في وقتها (1) ثم صل الصلاة الفائتة، ومن فاتته الظهر والعصر جميعا، ثم
ذكرهما وقد بقي من النهار بمقدار ما يصليهما جميعا بدأ بالظهر ثم بالعصر، وإن بقي
بمقدار ما يصلي إحديهما بدأ بالعصر وإن بقي من النهار بمقدار ما يصلي ست ركعات (2)
بدأ بالظهر.
1030 - وقال الصادق عليه السلام: " لا يفوت الصلاة من أراد الصلاة، (3) ولا تفوت
صلاة النهار حتى تغيب الشمس، ولا صلاة الليل حتى يطلع الفجر ". (4)
وذلك للمضطر والعليل والناسي.
وإن نسيت أن تصلي المغرب والعشاء الآخرة فذكرتهما قبل الفجر فصلهما جميعا
إن كان الوقت باقيا، وإن خفت أن تفوتك إحداهما فابدأ بالعشاء الآخرة، فإن
ذكرتهما بعد الصبح فصل الصبح، ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع الشمس (5).

(1) اما محمول على تضييق وقت الحاضرة أو على عدم وجوب تقديم الفائتة - وان كانت
واحدة - على الحاضرة (مراد) وقال سلطان العلماء: ينبغي حملها على تضييق وقت الحاضرة
حتى لا ينافي ما ذكر والا ان أمكنك أن تصليها قبل أن يفوتك المغرب فابدأ بها.
(2) يحتمل أن يكون الست في كلام المصنف بطريق التمثيل (سلطان) والمشهور أنه
إذا بقي من النهار مقدار خمس ركعات بدأ بالظهر.
(3) المراد أنه من فاته الصلاة لابد وأن يكون مقصرا لسعة وقتها فمن غفل عنها
في ذلك الوقت كان لعدم اهتمامه بها فلم يعذر في ذلك فالمراد بالإرادة الاهتمام، و
" لا يفوت " اما من التفويت فالصلاة بالنصب على المفعولية واما من الفوت فهي بالرفع على
الفاعلية. (مراد)
(4) إلى هنا تمام الخبر كما في التهذيب ج 1 ص 208 والاستبصار ج 1 ص 260
والباقي أي من قوله " وذلك - الخ " كلام الصدوق - رحمه الله -.
(5) روى الشيخ - رحمه الله - في التهذيب ج 1 ص 213 والاستبصار ج 1 ص 288 باسناده
عن ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " ان نام رجل أو نسي أن يصلى المغرب و
العشاء الآخرة فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما، وان خاف أن تفوته
إحداهما فليبدأ بالعشاء وان استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع
الشمس ". ويدل على جواز تقديم الحاضرة على الفائتة، وينافى ما تقدم من تقديم الفائتة
ان أمكن حيث قال: " فان أمكنك أن تصليها قبل أن تفوتك المغرب - الخ " ويمكن رفع التنافي بأن مراده - رحمه الله - فيما سبق من أوقاتها الموسعة بحيث لم يخف من تقديم الظهر
عليها فوتها في وقت من أوقاتها وسيعة كانت أو ضيقة.
355

فإن نمت عن الغداة حتى تطلع الشمس فصل الركعتين ثم صل الغداة (1).
وإن نسيت التشهد في الركعة الثانية وذكرته في الثالثة فأرسل نفسك وتشهد
ما لم تركع، فإن ذكرت بعد ما ركعت فامض في صلاتك، فإذا سلمت سجدت سجدتي
السهو وتشهدت فيهما التشهد الذي فاتك (2).
وإن رفعت رأسك من السجدة الثانية في الركعة الرابعة وأحدثت فإن كنت
قلت الشهادتين فقد مضت صلاتك (3) وإن لم تكن قلت ذلك فقد مضت صلاتك فتوضأ
ثم عد إلى مجلسك وتشهد (4).

(1) روى الشيخ في التهذيب باسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
" سألته عن رجل نام عن الغداة حتى طلعت الشمس، فقال: يصلى الركعتين ثم يصلى الغداة "
وقال الفاضل التفرشي: قوله "
يصلى الركعتين " وهما نافلة الصبح يقضيهما أولا، فدل على
أنه كما يجوز الاتيان بالنافلة المرتبة في وقت الفريضة يجوز تقديم قضائها على قضائها.
(2) ظاهره أن التشهد الذي في سجدتي السهو يقوم مقام التشهد الفائت فلا يحتاج
إلى قضائه والمشهور قضاء التشهد والآتيان بسجدتي السهو. (مراد)
(3) يشعر بعدم وجوب التسليم أو عدم جزئيته. (سلطان)
(4) قوله " فان كنت قلت الشهادتين فقد مضت صلاتك - إلى قوله: - وتشهد " مشعر
بعدم وجوب السلام أو عدم جزئيته للصلاة إذ المتبادر منه عدم بقاء شئ من الصلاة عليه، و
لذا قال في ترك التشهد: فتوضأ الخ ليصير قرينة على أنه لم يرد منه ذلك المعنى وقوله " ثم
عد إلى مجلسك " ظاهره وجوب العود لئلا يتأدى صلاة واحدة في مجلسين اختيارا ويؤيده ما مر
في باب القبلة من أنه صلى الله عليه وآله مشى إلى نخامة في المسجد فحكها ثم رجع القهقرى
فبنى على صلاته. (مراد)
356

وإن نسيت التشهد أو التسليم فذكرته وقد فارقت مصلاك فاستقبل القبلة قائما
كنت أو قاعدا وتشهد وسلم (1).
ومن استيقن أنه صلى ستا فليعد الصلاة (2)، ومن لم يدر كم صلى ولم يقع
وهمه على شئ فليعد الصلاة (3).
وإذا صلى رجل إلى جانب رجل فقام على يساره وهو لا يعلم ثم علم وهو في
صلاته حوله إلى يمينه (4).
ومن وجب عليه سجدتا السهو ونسي أن يسجد هما فليسجد هما متى ذكر.
ومن دخل مع قوم في الصلاة وهو يرى أنها الأولى وكانت العصر فليجعلها
الأولى ويصلي العصر من بعد، ومن قام في الصلاة المكتوبة فسها فظن أنها نافلة أو

(1) يحتمل حمله على حال الضرورة والا فالجلوس واجب في التشهد، والظاهر عدم
سقوطه في القضاء (سلطان) ويمكن حمل قوله: " قائما أو قاعدا " على أنهما قيدان لذكرته
والمعنى هكذا: ذكرته قائما كنت أو قاعدا فاجلس وتشهد وسلم. وروى الشيخ في التهذيب
(ج 1 ص 6 22) بسند صحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام " في الرجل يحدث بعد أن رفع رأسه في السجدة الأخيرة وقبل أن يتشهد؟ قال: ينصرف ويتوضأ فان شاء
يرجع إلى المسجد وان شاء ففي بيته وان شاء حيث شاء قعد وتشهد ثم يسلم، وإن كان
الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته " ويدل بظاهره على عدم وجوب السلام وعلى عدم
بطلان الصلاة بتخلل الحدث. (م ت)
(2) روى الشيخ - رحمه الله - في التهذيب ج 1 ص 236 باسناده عن أبي أسامة قال:
" سألته عن رجل صلى العصر ست ركعات أو خمس ركعات قال: ان استيقن أنه صلى خمسا
أو ستا فليعد - الخ ".
(3) في الكافي ج 3 ص 358 وفى التهذيب ج 1 ص 189 عن صفوان عن أبي الحسن
عليه السلام قال: " ان كنت لا تدرى كم صليت ولم يقع وهمك على شئ فأعد الصلاة ".
(4) " إلى جانب رجل " أي مقتديا وقوله " إلى يمينه " أي حول الامام المأموم عن
يساره إلى يمينه. أقول: وردت في صحيح البخاري رواية عن ابن عباس قال: " صليت مع النبي
صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقمت عن يساره فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم برأسي من
ورائي فجعلني من يمينه فصلى " وكثيرا ما يعمل بروايات العامة في السنن.
357

قام في نافلة فظن أنها مكتوبة فهو على ما افتتح الصلاة عليه.
ولا بأس أن يصلي الرجل الظهر خلف من يصلي العصر، ولا يصلي العصر خلف من يصلي
الظهر (1) إلا أن يتوهمها العصر فيصلي معه العصر، ثم يعلم أنها كانت الظهر فتجزي عنها.
1031 - وروى الحسن بن محبوب عن الرباطي، عن سعيد الأعرج قال:
" سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله تبارك وتعالى أنام رسوله صلى الله عليه وآله عن صلاة
الفجر حتى طلعت الشمس، ثم قام فبدأ فصلى الركعتين اللتين قبل الفجر، ثم صلى
الفجر، وأسهاه في صلاته فسلم في ركعتين ثم وصف ما قاله ذو الشمالين. (2) وإنما

(1) قال الشهيد في الذكرى: لم نعلم مأخذه الا أن يكون نظرا إلى أن العصر لا يصح
الا بعد الظهر فإذا صلاها خلف من يصلى الظهر فكأنه صلى العصر مع الظهر مع أنها بعدها
وهو احتمال ضعيف لان عصر المصلى مترتبة على ظهر نفسه لا على ظهر امامه.
(2) إشارة إلى تصحيح حديث ذي الشمالين لان معنى اسهاء الله إياه أنه فعل به ما يشبه
الاسهاء فيكون أسهاه استعارة تبعية، وذلك أن معنى السهو الحقيقي هو أن يغفل الانسان
عن فعل ما في فعله مصلحة أو عن ترك ما في تركه مصلحة بحيث لو علم حاله لما وقع ذلك
منه وهو ليس كذلك بل إنما فعله الله تعالى رحمة للأمة فيكون مشتملا على مصلحة ولو قيل إنه
فعل لتلك المصلحة لاستحسنه العقلاء فهو ليس مما لو علم حاله لم يفعله، فلم يكن سهوا
حقيقيا ولو صح اطلاق السهو على مثله حقيقة فليس من السهو الذي هو منفى عن النبي صلى الله عليه وآله
وعن الأئمة عليهم السلام أي الذي كان فيه مفسدة وقد غفل عنه الفاعل حين الاتيان به وفى
التهذيب عن الحسن بن صدقة قال: " قلت لأبي الحسن الأول عليه السلام: أسلم رسول الله
صلى الله عليه وآله في الركعتين الأولتين؟ فقال: نعم، قلت: وحاله حاله؟ قال: إنما أراد الله أن
يفقههم " (مراد) أقول: حديث ذي الشمالين في الكافي ج 3 ص 355 وحاصله انه صلى الله عليه وآله سلم
في الركعتين في الظهر سوا. وقال العلامة (قده) في التذكرة: خبر ذي الشمالين عندنا باطل
لان النبي صلى الله عليه وآله لا يجوز عليه السهو مع أن جماعة أصحاب الحديث طعنوا فيه لان رواية
أبو هريرة وهو أسلم بعد الهجرة بسبع سنين وذو الشمالين قتل يوم بدر. وكيف كان اتفق علماؤنا
قديما وحديثا سوى الصدوق وشيخه ابن الوليد والكليني على الظاهر - رحمه الله عليهم -
إلى عدم جواز السهو والاسهاء على المعصومين عليهم السلام محتجا بأنه إذا جوز السهو عليهم
لا سيما الأنبياء فلا يأمن المكلف من سهوهم في كل حكم وينتفى فائدة البعثة، لكن الأخبار الواردة
فيه سهوه صلى الله عليه وآله كثيرة من طرق العامة والخاصة. والمسألة معنونة بين
القدماء كالمفيد والسيد المرتضى وغيرهم رضوان الله تعالى عليهم راجع تفصيل كلماتهم البحار
ج 6 ص 297 و 298 و 299 من طبع الكمباني.
358

فعل ذلك به رحمة لهذه الأمة لئلا يعير الرجل المسلم إذا هو نام عن صلاته أو سها
فيها فيقال: قد أصاب ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله " (1).
قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: إن الغلاة والمفوضة لعنهم الله ينكرون
سهو النبي صلى الله عليه وآله ويقولون: لو جاز أن يسهو عليه السلام في الصلاة لجاز أن يسهو في التبليغ
لان الصلاة عليه فريضة كما أن التبليغ عليه فريضة.
وهذا لا يلزمنا، وذلك لان جميع الأحوال المشتركة يقع على النبي صلى الله عليه وآله
فيها ما يقع على غيره، وهو متعبد بالصلاة كغيره ممن ليس بنبي، وليس كل من
سواه بنبي كهو، فالحالة التي اختص بها هي النبوة والتبليغ من شرائطها، ولا
يجوز أن يقع عليه في التبليغ ما يقع عليه في الصلاة (2) لأنها عبادة مخصوصة والصلاة
عبادة مشتركة، وبها (3) تثبت له العبودية وبإثبات النوم له عن خدمة ربه عز وجل
من غير إرادة له وقصد منه إليه نفي الربوبية عنه، لان الذي لا تأخذه سنة ولا

(1) من قوله: " وإنما فعل ذلك " إلى هنا يمكن أن يكون من تتمة الخبر ويمكن
أن يكون من كلام المصنف - رحمه الله - أو أحد الرواة.
(2) استشكل استاذنا الشعراني مد ظله على هذا الكلام وقال " جميع أعمال النبي صلى الله عليه وآله
تبليغ فجواز السهو عليه في أعماله مستلزم لجوز السهو عليه في التبليغ ولا يشك أحد في
أنه لو صدر من النبي صلى الله عليه وآله عمل مرة واحدة في عمره لدل صدور ذلك الفعل منه على جوازه كما
تمسك المسلمون قاطبة في أمور كثيرة بعمل النبي صلى الله عليه وآله ولو صدر منه مرة واحدة "
أقول: إنما يتم هذا الاشكال إذا كان القائل بالاسهاء أو السهو يعتقد جواز السهو عليه
مطلقا لا في موارد خاصة مع اعلامه بلا فصل فبعد أن أعلم - على فرض صحة الروايات -
فلا مجال لهذا الاشكال. والصدوق - رحمه الله - لا يعتقد جواز السهو عليه مطلقا إنما قال:
ان الله سبحانه وتعالى أسهاه في تلك الموار خاصة ليعلم للناس أنه بشر وليثبت له العبودية،
وإن كان ظاهر كلامه ينافي مذهبه في الاعتقاد بالعصمة بمعناها العام.
(3) أي بهذه الصلاة التي وقع فيها السهو.
359

نوم هو الله الحي القيوم، وليس سهو النبي صلى الله عليه وآله كسهونا لان سهوه من الله عز
وجل وإنما أسهاه ليعلم أنه بشر مخلوق فلا يتخذ ربا معبودا دونه، وليعلم الناس
بسهوه حكم السهو متى سهوا، وسهونا من الشيطان وليس للشيطان على النبي صلى الله عليه وآله
والأئمة صلوات الله عليهم سلطان " إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به
مشركون " (1) وعلى من تبعه من الغاوين، ويقول الدافعون لسهو النبي صلى الله عليه وآله:
إنه لم يكن في الصحابة من يقال له: ذو اليدين، وإنه لا أصل للرجل ولا للخبر
وكذبوا (2) لان الرجل معروف وهو أبو محمد بن عمير بن عبد عمرو المعروف بذي اليدين وقد
نقل عن المخالف والمؤالف، وقد أخرجت عنه أخبار في كتاب وصف القتال القاسطين
بصفين (3).
وكان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله يقول: أول درجة
في الغلو نفي السهو عن النبي صلى الله عليه وآله، ولو جاز أن ترد الأخبار الواردة في هذا المعنى
لجاز أن ترد جميع الأخبار (4) وفي ردها إبطال الدين والشريعة. وأنا أحتسب
الاجر في تصنيف كتاب منفرد في إثبات سهو النبي صلى الله عليه وآله والرد على منكريه إن
شاء الله تعالى.
1032 - وسأل حماد بن عثمان أبا عبد الله عليه السلام " عن رجل فاته شئ من الصلوات
فذكر عند طلوع الشمس أو عند غروبها، قال: فليصل حين يذكر " (5).

(1) ذكر الآية لا يناسب المقام لأنه في شأن الفساق أو الكفار الذين يتولونه ويفهم
من كلام المؤلف في ذكر الآية أن السهو الشيطاني لا يكون الا ممن يتخذ الشيطان له وليا مع
أن الصلحاء من المؤمنين يعرض لهم الشك في الصلاة ولم يتخذوا الشيطان لهم وليا.
(2) لا يخفى ما فيه من عدم المتانة.
(3) حديث ذي اليدين معروف عند العامة رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة وهو لم
يدرك ذي اليدين لأنه قتل ببدر باتفاق، وذو اليدين وذو الشمالين واحد وهو عمير بن عبد بن
عمرو بن نضلة.
(4) فيه نظر لان رد دليل لدليل لا يستلزم جواز رد الدليل مطلقا.
(5) أي سواء كان من الأوقات المكروهة أم لا (مراد) فيدل على جواز فعل الفائتة
في الأوقات المكروهة كما تدل عليه أخبار أخر.
360

باب
* (صلاة المريض والمغمى عليه والضعيف والمبطون) *
* (والشيخ الكبير وغير ذلك) *
1033 - قال الصادق عليه السلام: " يصلي المريض قائما، فإن لم يقدر على ذلك
صلى جالسا، فإن لم يقدر أن يصلي جالسا صلى مستلقيا يكبر ثم يقرأ (1)، فإذا
أراد الركوع غمض عينيه ثم سبح فإذا سبح فتح عينيه فيكون فتح عينيه رفع رأسه
من الركوع، فإذا أراد أن يسجد غمض عينيه ثم سبح، فإذا سبح فتح عينيه
فيكون فتح عينيه رفع رأسه من السجود، ثم يتشهد وينصرف " (2).
1034 - وسئل " عن المريض لا يستطيع الجلوس أيصلي وهو مضطجع ويضع على
جبهته شيئا؟ (3) فقال: نعم لم يكلفه الله إلا طاقته ".
1035 - وسأله سماعة بن مهران (4) " عن الرجل يكون في عينيه الماء فينتزع
الماء منها فيستلقي على ظهره الأيام الكثيرة أربعين يوما أو أقل أو أكثر فيمتنع
من الصلاة إلا إيماء وهو على حاله؟ فقال: لا بأس بذلك ".
1036 - وسأله بزيع (5) المؤذن فقال له: " إني أريد أن أقدح عيني (6) فقال

(1) لم يذكر النية لظهورها ولان المراد بالتكبير تكبيرة الافتتاح وهي لا يكون الا
بعد النية (مراد) وقوله " صلى مستلقيا " حمل على ما إذا لم يقدر على الاضطجاع لأنه لا
خلاف ظاهرا في تقديم الاضطجاع. وفى تقديم الأيمن على الأيسر خلاف.
(2) قيل: يدل على عدم وجوب التسليم ويحتمل أن يكون الانصراف إشارة إلى
التسليم.
(3) أي مما يصح السجود عليه.
(4) الطريق إليه حسن أو قوى.
(5) الطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان على المشهور.
(6) قدحت العين إذا خرجت منها الماء الفاسد. (الصحاح)
361

لي: افعل، فقلت: إنهم يزعمون أنه يلقى على قفاه كذا وكذا يوما لا يصلي قاعدا،:
افعل ". (1)
1037 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " المريض يصلي قائما، فإن لم يستطع صلى
جالسا، فإن لم يستطع صلى على جنبه الأيمن، فإن لم يستطع صلى على جنبه الأيسر (2)
فإن لم يستطع استلقى وأومأ إيماء وجعل وجهه نحو القبلة، وجعل سجوده أخفض من
ركوعه ".
ويجوز للمريض أن يصلي الفريضة على الدابة يستقبل به القبلة (3) ويجزيه
فاتحة الكتاب، ويضع جبهته في الفريضة على ما أمكنه من شئ، ويؤمي في النافلة
إيماء.
1038 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " دخل رسول الله صلى الله عليه وآله على رجل من الأنصار
وقد شبكته الريح (4) فقال: يا رسول الله كيف أصلي (5) فقال: إن استطعتم أن تجلسوه
فأجلسوه وإلا فوجهوه إلى القبلة ومروه فليؤم برأسه إيماء ويجعل السجود أخفض
من الركوع، وإن كان لا يستطيع أن يقرأ فاقرؤا عنده وأسمعوه ".
1039 - وروى عمر بن أذينة (6) عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: " سألته
عن المريض كيف يسجد؟ فقال: على خمرة أو على مروحة أو على سواك يرفع إليه

(1) يعنى افعل وان لم تصل قاعدا بل مضطجعا أو مستلقيا. (مراد)
(2) يخالف الترتيب المذكور سابقا في حديث الصادق عليه السلام ويوافق ما في كريمة
" فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم " قال أبو جعفر عليه السلام: " المريض يصلى
جالسا، وعلى جنوبه الذي أضعف من المريض الذي يصلى جالسا ".
(3) في بعض النسخ " يستقبل بها القبلة ".
(4) أي خلطته ودخلت في أعضائه، في القاموس شبكت الأمور واشتبكت وتشابكت
اختلطت والتبست. وفى بعض النسخ " شكته " بتخفيف الكاف بعد الشين المفتوحة المعجمة
على صيغة التأنيث من شكاه يشكوه أي أوجعه. والخطاب للحضار الذين يخدمونه.
(5) كذا ويحتمل تصحيفه عن " فقالوا يا رسول الله كيف يصلى ".
(6) الطريق صحيح.
362

وهو أفضل من الايماء، إنما كره من كره السجود على المروحة (1) من أجل الأوثان
التي كانت تعبد من دون الله وإنا لم نعبد غير الله قط فاسجدوا على المروحة وعلى السواك
وعلى عود ".
1040 - وسأل الحلبي أبا عبد الله عليه السلام " عن المريض هل يقضي الصلوات إذا
أغمي عليه؟ فقال: لا إلا الصلاة التي أفاق فيها " (2).
1041 - وكتب أيوب بن نوح إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام " يسأله عن المغمى
عليه يوما أو أكثر هل يقضي ما فاته من الصلوات أم لا؟ فكتب لا يقضي الصوم ولا يقضي
الصلاة ".
1042 - وسأله علي بن مهزيار عن هذه المسألة فقال: " لا يقضي الصوم ولا الصلاة
وكل ما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر ".
فأما الاخبار التي رويت في المغمى عليه أنه يقضي جميع ما فاته، وما روي أنه
يقضي صلاة شهر، وما روي أنه يقضي صلاة ثلاثة أيام (3)، فهي صحيحة ولكنها على
الاستحباب لا على الايجاب والأصل أنه لا قضاء عليه.
1043 - وروى محمد بن مسلم (1) عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " صاحب البطن
الغالب يتوضأ ويبني على صلاته ". (5)

(1) ان العامة يكرهون السجود على أمثالها ويقولون انه بمنزلة السجود على الصنم مع
أنهم رووا حديث الخمرة في صحاحهم بطرق متكثرة. (م ت)
(2) المشهور سقوط القضاء عمن فاتته بالاغماء في جميع الوقت، لكن نسب إلى المصنف
أنه قال في المقنع بوجوب القضاء مطلقا وقوله " أفاق فيها " أي أدرك وقتها مضيقا ولا ينافي
ما يأتي في صحيحة أيوب بن نوح وصحيحة علي بن مهزيار.
(3) راجع التهذيب ج 1 ص 338 والاستبصار ج 1 ص 458.
(4) في الطريق مهملان.
(5) في القاموس: البطن - محركة - داء البطن. والمراد بالغالب ما يندفع الفضلة
من غير اختيار. (مراد).
363

1044 - وقال مرازم بن حكيم الأزدي (1) " مرضت أربعة أشهر لم أتنفل فيها
فقلت ذلك لأبي عبد الله عليه السلام فقال: ليس عليك قضاء إن المريض ليس كالصحيح
كل ما غلب الله تعالى عليه فالله أولى بالعذر ". (2)
1045 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام " عن الرجل هل يصلح
له أن يستند إلى حائط المسجد وهو يصلي أو يضع يده على الحائط وهو قائم من غير
مرض ولا علة؟ فقال: لا بأس (3)، وعن الرجل يكون في صلاة فريضة فيقوم في الركعتين
الأولتين هل يصلح له أن يتناول جانب المسجد فينهض يستعين به على القيام من غير
ضعف ولا علة؟ فقال: لا بأس به ".
1046 - وقال حماد بن عثمان (4) قلت لأبي عبد الله عليه السلام: " قد اشتد علي القيام
في الصلاة، فقال: إذ أردت أن تدرك صلاة القائم فاقرأ وأنت جالس (5) فإذا بقي من

(1) الطريق حسن بإبراهيم بن هاشم.
(2) " ما غلب الله عليه " على بناء التفعيل أو بحذف العائد أي ما غلب الله به عليه،
وفى بعض النسخ " كل ما غلب الله فالله أولى العذر "، ولا ينافي وجوب القضاء في بعض
الموارد كالنائم ويمكن الفرق بأن ليس لاختيار المكلف دخل في الاغماء غالبا ولذلك فرق
بعضهم بين الاغماء الحاصل بفعل المكلف وبين الحاصل لا بفعله فأوجب القضاء في الأول دون
الثاني بخلاف النوم إذ قل ما لم يكن لاختيار المكلف دخل فيه فيمكن أن يراد بالعذر الذي
يقبل ولا يستتبع القضاء ما يوجد في الاغماء دون النوم وان كانت الحكمة فيه خفية. (مراد)
(3) ظاهره يدل على جواز الاستناد حال القيام اختيارا وحمل على الاستناد الذي
لا يسقط المستند معه إذا زال المستند إليه مع كراهة ذلك.
(4) الطريق صحيح كما في الخلاصة.
(5) الظاهر أن المراد به النافلة ويمكن تعميمه للفريضة بان يكون مريضا أو كبيرا
لا يمكنه القيام في الصلاة بأجمعها ويمكنه القيام للركوع فإنه يجب حينئذ كما قاله
أكثر الأصحاب. (م ت)
364

السورة آيتان فقم وأتم ما بقي واركع واسجد فذاك صلاة القائم ".
1047 - وسأل سهل بن اليسع أبا الحسن الأول عليه السلام " عن الرجل يصلي النافلة
قاعدا وليست به علة في سفر أو حضر، فقال: لا بأس به " (1).
1048 - وقال أبو بصير " قلت لأبي جعفر عليه السلام: " إنا نتحدث ونقول من صلى
وهو جالس من غير علة كانت صلاته ركعتين بركعة وسجدتين بسجدة؟ فقال: ليس هو
هكذا هي تامة لكم ". (2)
1049 - وروي عن حمران بن أعين، عن أحدهما عليهما السلام قال: " كان أبي عليه السلام إذا
صلى جالسا تربع فإذا ركع ثنى رجليه ".
1050 - وروى معاوية بن ميسرة أنه " سأل أبا عبد الله عليه السلام أيصلي الرجل وهو
جالس متربع ومبسوط الرجلين؟ فقال: لا بأس بذلك ". (3)
1051 - وقال الصادق عليه السلام: " في الصلاة في المحمل صل متربعا وممدود الرجلين
وكيف ما أمكنك ".
1052 - وروي عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي (4) أنه قال: " قلت

الطريق حسن كما في الخلاصة.
(2) أي الامامية وان استحب أن يصلى يدل كل ركعتين قائما أربع ركعات جالسا
لصحيحة الحسين بن زياد الصيقل " قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا صلى الرجل جالسا وهو يستطيع
القيام فليضعف " ويمكن حمل خبر أبي بصير على من يشق عليه القيام ويكون المراد بقوله
" لكم " أمثالكم من المشايخ والضعفاء وان استحب التضعيف مع الضعف أيضا لرواية محمد
ابن مسلم عن الصادق عليه السلام " في رجل يكسل أو يضعف فيصلى التطوع جالسا قال: يضعف
ركعتين ركعة " يعنى يجعل الركعتين بدل ركعة. (م ت)
(3) يمكن أن يكون المراد به التربيع المستحب كما ذكر ويكون الجواز باعتبار مقابله
يعنى يجوز أن يكون الجلوس على هيئة المستحب وغيره والتربيع المكروه كما يجلسه أهل التكبر
ويسمى بالفارسية (چهار زانو) (م ت)
(4) الطريق صحيح كما في الخلاصة.
365

لأبي عبد الله عليه السلام: رجل شيخ كبير لا يستطيع القيام إلى الخلاء لضعفه ولا يمكنه الركوع
والسجود فقال: ليؤم برأسه إيماء وإن كان له من يرفع إليه الخمرة فليسجد، فإن لم
يمكنه ذلك فليؤم برأسه نحو القبلة إيماء، قلت: فالصيام؟ قال: إذا كان في ذلك الحد
فقد وضع الله عنه، فإن كان له مقدرة فصدقة مد من الطعام بدل كل يوم أحب
إلي، فإن لم يكن له يسار [ذلك] فلا شئ عليه ".
1053 - وسأل عبد الله بن سليمان أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يأخذه الرعاف
في الصلاة ولا يزيد على أن يستنشفه (1) أيجوز ذلك؟ قال: نعم ".
1054 - وروى بكير بن أعين " أن أبا جعفر عليه السلام رأى رجلا رعف وهو في الصلاة
وأدخل يده في أنفه فأخرج دما فأشار إليه بيده أفركه بيدك وصل ". (2)
1055 - سأل ليث المرادي أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يرعف زوال الشمس
حتى يذهب الليل، قال: يؤمي إيماء برأسه عن كل صلاة ". (3)
1056 - وروى عمر بن أذينة عنه عليه السلام أنه سأله " عن الرجل يرعف وهو في الصلاة
وقد صلى بعض صلاته، فقال: إن كان الماء عن يمينه أو عن شماله أو عن خلفه فليغسله
من غير أن يلتفت وليبن على صلاته، فإن لم يجد الماء حتى يلتفت فليعد الصلاة،
قال: والقئ مثل ذلك ". (4)
1057 - وفي رواية أبي بصير عنه عليه السلام " إن تكلمت أو صرفت وجهك عن القبلة

(1) الطريق صحيح وفى بعض النسخ " ولا يريد أن يستنشفه " أي لا يريد أن يجفه
بخرقة ونحوها أو أن يغسله ويدفعه.
(2) الطريق حسن بإبراهيم بن هاشم والخبر محمول على ما إذا كان أقل من الدرهم
وفرك الثوب: دلكه والشئ عن الثوب حكه حتى تفتت. وفى بعض النسخ " اتركه ".
(3) لعله مبنى على أن الركوع والسجود مع الرعاف يستلزم تنجس المصلى واللباس أزيد مما هو معفو مع تنجس المصلى. (مراد)
(4) " من غير أن يلتفت " أي من القبلة، وقوله " والقئ مثل ذلك " في أن له أن
يغسله من غير أن يلتفت وإذا وقع الالتفات تلزم الإعادة. (مراد)
366

فأعد الصلاة ".
1058 - وقال له أبو بصير: " أسمع العطسة فأحمد الله تعالى وأصلي على النبي
صلى الله عليه وآله وأنا في الصلاة؟ قال: نعم، وإن كان بينك وبين صاحبك اليم ".
1059 - وقال عليه السلام: " الأعمى إذا صلى لغير القبلة فإن كان في وقت فليعد، وإن
كان قد مضى الوقت فلا يعيد ".
1060 - وروي عن الفضيل بن يسار أنه قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أكون
في الصلاة فأجد غمزا في بطني أو أزا أو ضربانا (1) فقال: انصرف وتوضأ وابن علي ما مضى (2)
من صلاتك ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمدا فإن تكلمت ناسيا فلا شئ عليك وهو
بمنزلة من تكلم في الصلاة ناسيا، قلت: وإن قلب وجهه عن القبلة؟ قال: نعم وإن
قلب وجهه عن القبلة ".
1061 - وسأل عبد الرحمن بن الحجاج أبا الحسن عليه السلام " عن الغمز يصيب الرجل
في بطنه وهو يستطيع أن يصبر عليه أيصلي على تلك الحالة أم لا يصلي؟ فقال: ان احتمل
الصبر ولم يخف إعجالا عن الصلاة فليصل وليصبر ".
1062 - وقال الصادق عليه السلام: " لا يقطع التبسم الصلاة ويقطعها القهقهة ولا
تنقض الوضوء ".
باب
* (التسليم على المصلي) *
1063 - سأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام " عن الرجل يسلم على القوم

(1) الاز: الغليان والصوت التهيج، وفى القاموس: ضربان العرق ووجع في الجراح
وفى بعض النسخ بالذال ومعناه واضح. والضربان: شدة الوجع وهياج الألم.
(2) " انصرف وتوضأ " عبر عليه السلام عن قضاء الحاجة بالانصراف وهو شايع.
وطريق الصدوق إلى فضيل بن يسار فيه علي بن الحسين السعد آبادي ولم يوثق لكن رواه
الشيخ بسند صحيح في التهذيب ولذا قال بعض الفقهاء بالبناء في هذا الحال.
367

في الصلاة؟ فقال: إذا سلم عليك مسلم وأنت في الصلاة فسلم عليه تقول: " السلام عليك "
وأشر بإصبعك ".
1064 - وسأل عمار الساباطي أبا عبد الله عليه السلام " عن التسليم على المصلي
فقال: إذ سلم عليك رجل من المسلمين وأنت في الصلاة فرد عليه فيما بينك وبين نفسك
ولا ترفع صوتك " (1).
1065 - وروى عنه منصور بن حازم أنه قال: " إذا سلم على الرجل وهو يصلي
يرد عليه خفيا كما قال ".
1066 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " سلم عمار على رسول الله صل الله عليه وآله وهو في الصلاة
فرد عليه، ثم قال أبو جعفر عليه السلام: إن السلام اسم من أسماء الله عز وجل ".
باب
* (المصلي تعرض له السباع والهوام فيقتلها) *
1067 - سأل الحسين بن أبي العلاء أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يرى الحية
والعقرب وهو يصلي (2) قال: يقتلهما ".
1068 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام " عن الرجل تؤذيه الدابة وهو
يصلي قال: يلقيها عنه إن شاء أو يدفنها في الحصى ".
1069 - وسأل الحلبي أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يحتك وهو في الصلاة
قال: لا باس ".
1070 - وسأله " عن الرجل يقتل البقة والبرغوث والقملة والذباب وهو في

(1) أي لا ترفع رفعا ينافي هيئة الصلاة وظاهر الخبر وجوب الرد خفيا وقد حملت
على التقية لاطلاق الاخبار الاخر في وجوب الرد أو عمومها ففي غير التقية الأحوط الاسماع.
(2) في التهذيب ج 1 ص 230 " وهو يصلى المكتوبة ".
368

الصلاة أينقض ذلك صلاته ووضوءه؟ قال: لا ". (1)
1071 - وسأله سماعة بن مهران " عن الرجل يكون في الصلاة الفريضة قائما
فينسى كيسه أو متاعه يخاف ضيعته أو هلاكه؟ قال: يقطع صلاته ويحرز متاعه، قال:
قلت: فتفلت عليه دابته فيخاف أن تذهب أو يصيبه فيها عنت (2) فقال: لا بأس أن يقطع صلاته ".
ويحرز ويعود إلى صلاته ".
1072 - وسأله عمار الساباطي " عن الرجل يكون في الصلاة فيرى حية
بحياله هل يجوز له أن يتناولها ويقتلها؟ قال: إن كان بينها وبينه خطوة واحدة
فليخط ويقتلها وإلا فلا ".
1073 - وروى حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إذا كنت في صلاة الفريضة (3)

(1) الطريق صحيح ونقل في المنتهى وغيره اجماع علماء الاسلام على تحريم الفعل
الكثير في الصلاة وبطلانها به إذا وقع عمدا واستدل بأنه يخرج به عن كونه مصليا، ثم قال:
والقليل لا يبطل الصلاة بالاجماع، ولم يحد الشارع القلة والكثرة فالمرجع في ذلك إلى
العادة وكلما ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام فعلوه في الصلاة وأمروا به فهو في
حيز القليل كقتل البرغوث والحية والعقرب انتهى، وقال العلامة المجلسي - رحمه الله -:
بعد نقل هذا الكلام في المرآة: لم نجد من الاخبار دليلا على ابطال الفعل الكثير ولا حد
له سوى ما اشتمل على الاستدبار أو الحدث أو التكلم عمدا وقد ورد في أخبارنا قتل الحية
والعقرب وحمل الصبي الصغير وارضاعه والخروج عن المسجد لإزالة النجاسة وغيرها فلذا
اعتبر بعض المتأخرين بطلان هيئة الصلاة ولا أعرف لهذا الكلام أيضا معنى محصلا لان إحالة معنى الصلاة الشرعية على العرف لا وجه له مع أن العرف أيضا
غير منضبط في ذلك فما ثبت عن الشارع كونه منافيا للصلاة فهو يخرجه عن كونه مصليا
ويبطل هيئة الصلاة والا فلا وجه للابطال الا أن يثبت الاجماع في ذلك ودونه خرط القتاد.
انتهى كلامه رفع الله مقامه.
(2) قوله: " فتفلت عليه دابته " اما ماض من باب التفعل أو مضارع من باب الافعال
وفى الصحاح أفلت الشئ وتفلت وانفلت بمعنى وأفلته غيره (مراد) والعنت: التعب.
(3) كذا.
369

فرأيت غلاما لك قد أبق، أو غريما لك عليه مال، أو حية تتخوفها على نفسك فاقطع
الصلاة واتبع غلامك أو غريمك واقتل الحية ".
باب
* (المصلي يريد الحاجة) *
1074 - روى عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام " في الرجل يريد
الحاجة وهو في الصلاة، فقال: يؤمي برأسه ويشير بيده، والمرأة إذا أرادت الحاجة
تصفق ".
1075 - وروى الحلبي أنه سأله " عن الرجل يريد الحاجة وهو يصلي،
فقال: يؤمي برأسه ويشير بيده ويسبح، والمرأة إذا أرادت الحاجة وهي تصلي
تصفق بيدها " (1).
1076 - وسأله حنان بن سدير " أيؤمي الرجل في الصلاة؟ فقال: نعم قد
أومأ النبي صلى الله عليه وآله في مسجد من مساجد الأنصار بمحجن كان معه (2) قال حنان: ولا
أعلمه إلا مسجد بني عبد الأشهل ".
1077 - وسأله عمار بن موسى " عن الرجل يسمع صوتا بالباب وهو في الصلاة
فيتنحنح ليسمع جاريته أو أهله لتأتيه فيشير إليها بيده ليعلمها من الباب لتنظر
من هو، فقال: لا بأس به، وعن الرجل والمرأة يكونان في الصلاة ويريدان شيئا
أيجوز لهما أن يقولا: " سبحان الله "؟ قال: نعم ويؤميا [ن] إلى ما يريدان، والمرأة إذا
أرادت شيئا ضربت على فخذيها وهي في الصلاة ".

(1) المستفاد من أحاديث هذا الباب أنه يجوز للرجل تفهيم حاجته بالايماء برأسه
والإشارة بيده والتسبيح وأن الأولى بالمرأة في التفهيم تصفيق يديها وضربها على الفخذ،
وكراهة تفهيمها بالايماء والإشارة باليد وبالتسبيح، ولعل وجه الأول أنه يوهم معنى كريها،
ووجه الثاني الاحتراز عن أن يسمع صوتها أجنبي. (مراد)
(2) المحجن - بتقديم المهملة على المعجمة -: عود معوج الرأس كالصولجان.
370

1078 - " وروى محمد بن بجيل أخو علي بن بجيل (1) قال: " رأيت أبا -
عبد الله عليه السلام يصلي فمر به رجل وهو بين السجدتين فرماه أبو عبد الله بحصاة فأقبل
الرجل إليه ".
1079 - وروي عن أبي زكريا الأعور (1) قال: " رأيت أبا الحسن عليه السلام
يصلي قائما وإلى جانبه رجل (3) كبير يريد أن يقوم ومعه عصا له فأراد أن يتناولها
فانحط أبو الحسن عليه السلام وهو قائم في صلاته فناول الرجل (4) العصا ثم عاد إلى موضعه
إلى صلاته ".
1080 - وقال أبو حبيب ناجية (5) لأبي عبد الله عليه السلام " إن لي رحى أطحن فيها
السمسم فأقوم وأصلي وأعلم أن الغلام نائم فأضرب الحائط لأوقظه؟ قال: نعم أنت
في طاعة ربك تطلب رزقك لا بأس ".
باب
* (أدب المرأة في الصلاة) *
ليس على المرأة أذان ولا إقامة (6) ولا جمعة ولا جماعة.

() محمد بن بجيل طريقه صحيح في المشيخة لما قيل بتوثيق الهيثم بن أبي مسروق.
(2) الطريق إلى أبى زكريا الأعور فيه محمد بن عيسى العبيدي وان قيل بتوثيقه فصحيح
وهو من أصحاب الكاظم عليه السلام.
(3) في بعض النسخ " إلى جنبه رجل ".
(4) في بعض النسخ " فتناول الرجل ".
(5) لم يوثق صريحا والطريق إليه قوى بمعاوية بن حكيم كما في الخلاصة.
(6) في الكافي ج 3 ص 305 بسند صحيح عن جميل بن دراج قال: " سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن المرأة عليها أذان وإقامة؟ قال: لا " وروى المؤلف في الخصال ص 511
فيما أوصى به النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام " يا علي ليس على النساء جمعة ولا جماعة ولا
أذان ولا إقامة " وقال في المدارك: " قد أجمع الأصحاب على مشروعية الاذان للنساء ولا
يتأكد في حقهن ويجوز أن تؤذن للنساء وأما الأجانب فقد قطع الأكثر بأنهم يعددون وظاهر
المبسوط الاعتداد به ". وروى المؤلف أيضا عن الصادق عليه السلام قال: " ليس على النساء
أذان ولا إقامة ولا جمعة ولا جماعة ولا استلام حجر ولا دخول الكعبة ولا الهرولة بين الصفا
والمروة ولا الحلق إنما يقصرن من شعورهن ". وروى نحوه عن الباقر عليه السلام في
الخصال ص 585.
وقال التفرشي: لعله أراد نفى تأكد الاستحباب في الأذان والإقامة أو أرادا نفى
اجهازها بهما، وكذا أراد بنفي الجماعة نفى استحباب حضورهن في الجماعات.
371

وإذا قامت المرأة في صلاتها جمعت بين قدميها ولم تفرج بينهما، ووضعت يديها
على صدرها لمكان ثدييها، فإذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها لئلا تطأطأ
كثيرا فترتفع عجيزتها، وإذا أرادت السجود جلست ثم سجدت لاطئة بالأرض وتضع
ذراعيها في الأرض فإذا أرادت النهوض إلى القيام (2) رفعت رأسها من السجود وجلست
على أليتيها ليس كما يقعى الرجل، ثم نهضت إلى القيام من غير أن ترفع عجيزتها
تنسل انسلالا (3)، وإذا قعدت للتشهد رفعت رجليها، وضمت فخذيها، والحرة لا تصلي
إلا بقناع، والأمة تصلي بغير قناع.
1081 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " المرأة تصلي في الدرع
والمقنعة إذا كان كثيفا يعني ستيرا ". (4)

(1) " تطأطأ " أصله " تتطأطأ " حذفت إحدى التائين. وفى بعض النسخ " ثديها "
و " يدها " و " فخذها " كلها بالافراد.
(2) في القاموس: لطى - كسعى -: الزق بالأرض، وفيه نهض - كمنع -: قام،
والنبت: استوى، والطائر: بسط جناحيه، ولعل المراد بنهوض المرأة إلى القيام تهيؤها له.
(3) أي تقوم من غير أن يعتمد بيديها على الأرض (مراد) والمراد بالانسلال هنا
قيامها في انتصاب على رسل ورفق وبتأن وتدريج لا كما يقوم البعير رافعا للركبتين من
الأرض قبل اليدين فذلك من آداب الصلاة للرجل دون المرأة. ومن قوله: " وإذا قامت
المرأة " - إلى هنا - مضمون خبر في الكافي ج 3 ص 335. وفى العلل ج 2 ص 44
بزيادة في صدرها.
(4) المقنع والمقنعة - بالكسر -: ما تقنع به المرأة رأسها، والقناع أوسع من
المقنعة. (الصحاح)
372

1082 - وسأل يونس بن يعقوب أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يصل في ثوب
واحد؟ قال: نعم؟ قال: قلت: فالمرأة؟ قال: لا، ولا يصلح للحرة إذا حاضت إلا
الخمار (1) إلا أن لا تجده ".
1083 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام " عن المرأة ليس
لها إلا ملحفة واحدة كيف تصلي؟ قال: تلتف فيها وتغطي رأسها وتصلي، فإن خرجت
رجليها (2) وليس تقدر على غير ذلك فلا بأس ".
1084 - وفي رواية المعلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن المرأة
تصلي في درع وملحفة ليس عليها إزار ولا مقنعة؟ قال: لا بأس إذا التفت بها وإن لم تكن
تكفيها (3) عرضا جعلتها طولا ".
1085 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " ليس على الأمة قناع
في الصلاة، ولا على المدبرة قناع في الصلاة، ولا على المكاتبة إذا اشترط عليها مولاها
قناع في الصلاة وهي مملوكة حتى تؤدي جميع مكاتبتها ويجري عليها ما يجري على
المملوك في الحدود كلها ".
1086 - قال: " وسألته عن الأمة إذا ولدت (4) عليها الخمار؟ قال: لو كان عليها
لكان عليها إذا هي حاضت (5)، وليس عليها التقنع في الصلاة ".

(1) " إذا حاضت أي بلغت فان الغالب فيهن الحيض عند البلوغ كالاحتلام للرجل،
والحيض هنا كناية عن البلوغ والمعنى لا يصلح للحرة في الصلاة بعد البلوغ الا الخمار.
(2) في أكثر النسخ " رجلها " بالافراد للفاعلية، وفى طائفة منها
" رجليها " بالتثنية والنصب.
(3) في بعض النسخ " تلفها ".
(4) يعنى إذا صارت أم ولد.
(5) إشارة إلى تساوى حالها بعد الولادة وقبلها. وقال الفاضل التفرشي: اخبار من
المعصوم بالمساواة بين كونها أم ولد وكونها بالغة من دون أن يكون أم ولد وليس باستدلال
حتى يرد المنع على الملازمة مستندا بان أم الولد صارت في معرض الحرية دونها، نعم فيه
اشعار بان علة جواز صلاتها مكشوفة الرأس هي كونها أمة فقط ويمكن ابقاء ولدت على العموم
ويكون منشأ السؤال استعباد أن تصلى بغير خمار بعد ما صارت ذات وسواء كان من
مولاها أو غيره فحينئذ مناسبة الجواب ظاهرة فان الولادة لا دخل لها في وجوب الخمار فلو
كان لها دخل كان لدلالتها على الاستكمال والبلوغ فكانت مثل الحيض لكن حينئذ منشأ السؤال
ليس مثل منشائه على الأول.
373

1087 - وروى عيص بن القاسم عن أبي عبد الله عليه السلام " في الرجل يصلي في إزار
المرأة وفي ثوبها ويعتم بخمارها؟ قال: إذا كانت مأمونة (1) [فلا بأس] ".
1088 - وروي " أن خير مساجد النساء البيوت، وصلاة المرأة في بيتها أفضل
من صلاتها في صفتها، وصلاتها في صفتها أفضل من صلاتها في صحن دارها، وصلاتها
في صحن دارها أفضل من صلاتها في سطح بيتها، وتكره للمرأة الصلاة في سطح غير
محجر ".
1089 - وقال أبو عبد الله عليه السلام: " لا تنزلوا النساء الغرف ولا تعلموهن الكتابة
ولا تعلموهن سورة يوسف (2)، وعلموهن المغزل وسورة النور ". (3)
فإذا سبحت المرأة عقدت على الأنامل لأنهن مسؤولات يوم القيامة. (4)

(1) أي بالاجتناب عن النجاسات فلا بأس بها وان لم يكن مأمونة فمكروهة في
ثوبها. (م ت)
(2) محمول كلها على الكراهة، كما أن تعليمهن المغزل وسورة النور محمول على
الاستحباب.
(3) إلى هنا تمام الخبر كما يظهر من الكافي ج 5 ص 516 ومروي عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا تنزلوا - الخ ".
(4) أي الأنامل تسأل عما عمل بها صاحبها فإذا أخبرت بأنه عقد عليها صاحبها في
التسبيح وتعديده صارت في معرض الغفران وهذا الحكم والتعليل مشتركان بين المرأة والرجل
بخلاف الأحكام السابقة فذكرهما عند ذكرها ليس لتخصيصهما بها، ويمكن أن يكون ذلك
للايماء إلى أن هذا الحكم أنفع للمرأة لئلا تتصرف في مال بعلها بغير اذنه. (مراد)
374

باب
* (الأدب في الانصراف عن الصلاة) *
1090 - روى محمد بن مسلم أبي جعفر عليه السلام قال: " إذا انصرفت من الصلاة
فانصرف عن يمينك ". (1)
باب
* (الجماعة وفضلها) *
قال الله تبارك وتعالى: " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين "
فأمر الله بالجماعة كما أمر بالصلاة، وفرض الله تبارك وتعالى على الناس من الجمعة
إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة، فيها صلاة واحدة فرضها الله في جماعة وهي الجمعة
فأما سائر الصلوات فليس الاجتماع إليها بمفروض ولكنه سنة، من تركها رغبة عنها
وعن جماعة المسلمين من غير علة فلا صلاة له (2) ومن ترك ثلاث جمعات متواليات
من غير علة فهو منافق وصلاة الرجل في جماعة تفضل على صلاة الرجل وحده
بخمس وعشرين درجة في الجنة، والصلاة في الجماعة تفضل صلاة الفرد بأربع وعشرين

(1) أي فانصرف إلى جانب يمينك، والمراد التوجه إلى اليمين عند القيام عن الصلاة
والكليني - رحمه الله - في الكافي أورد الحديث في باب التسليم كأنه فهم منه التسليم
على اليمين وقال العلامة المجلسي: ما فهمه الصدوق أظهر، وقد ورد في روايات المخالفين
ما يؤيد ذلك روى مسلم عن أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينصرف عن يمنيه " يعنى إذا
صلى صلى الله عليه وآله.
(2) روى الكليني في الكافي ج 3 ص 372 باسناده عن زرارة والفضيل قالا: " قلنا
له: الصلوات في جماعة فريضة هي؟ فقال: الصلوات وليس الاجتماع بمفروض في
الصلاة كلها ولكنها سنة ومن تركها رغبة عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له "
أي كاملة أو صحيحة إذا كان منكرا لفضلها.
(3) في حديث زرارة " طبع الله على قلبه " والطبع علامة النفاق وهو منع الهداية
الخاصة عن القلب.
375

صلاة فيكون خمسا وعشرين صلاة (1).
1091 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " لا صلاة لمن لا يشهد
الصلاة من جيران المسجد إلا مريض أو مشغول ". (2)
1092 - و " قال رسول الله صلى الله عليه وآله لقوم: لتحضرن المسجد أو لأحرقن عليكم
منازلكم ".
1093 - وقال عليه السلام: " من صلى الصلوات الخمس جماعة فظنوا به كل
خير ".
1094 - وقال عليه السلام: " الاثنان جماعة ".
1095 - وسأل الحسن الصيقل أبا عبد الله عليه السلام " عن أقل ما تكون الجماعة قال:
رجل وامرأة ".
وإذا لم يحضر المسجد أحد فالمؤمن وحده جماعة لأنه متى أذن وأقام صلى
خلفه صفان من الملائكة، ومتى أقام ولم يؤذن صلى خلفه صف واحد. (3)
1096 - وقد قال النبي صلى الله عليه وآله " المؤمن وحده حجة، والمؤمن
وحده جماعة ".
1097 - و " صلى رسول الله صلى الله عليه وآله الفجر ذات يوم فلما انصرف أقبل بوجهه
على أصحابه فسأل عن أناس يسميهم بأسمائهم هل حضروا الصلاة؟ قالوا: لا يا رسول الله

(1) في التهذيب ج 1 ص 252 باسناده عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في حديث
قال: " وفضل صلاة الجماعة على صلاة الرجل فردا خمسة وعشرين درجة في الجنة " وفيه عن
عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " الصلاة في جماعة تفضل على كل صلاة
الفذ بأربعة وعشرين درجة تكون خمسة وعشرين صلاة " والفذ بالتشديد: الفرد.
(2) لعل المراد بالمشغول من له ما يمنعه من الحضور فيشمل المطر.
(3) في الكافي ج 3 ص 303 باسناده عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
" إذا أذنت وأقمت صلى خلفك صفان من الملائكة وإذا أقمت صلى خلفك صف من الملائكة ".
376

فقال: غيب هم (1) فقالوا: لا يا رسول الله، قال: أما إنه ليس من صلاة أثقل على
المنافقين من هذه الصلاة وصلاة العشاء الآخرة، ولو علموا الفضل الذي فيهما لاتوهما
ولو حبوا ". (2)
1098 - وقال الصادق عليه السلام: " من صلى الغداة والعشاء الآخرة في جماعة فهو
في ذمة الله عز وجل، ومن ظلمه فإنما يظلم الله ومن حقره فإنما يحقر الله
عز وجل ".
وإذا كان مطر وبرد شديد فجائز للرجل أن يصلي في رحله ولا يحضر المسجد.
1099 - لقول النبي صلى الله عليه وآله: " إذا ابتلت النعال فالصلاة في الرحال ".
وقال أبي رحمه الله في رسالته إلي: اعلم يا بني أن أولى الناس بالتقدم في جماعة
أقرؤهم للقرآن، وإن كانوا في القراءة سواء فأفقههم، وإن كانوا في الفقه سواء فأقدمهم
هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأسنهم، فإن كانوا في السن سواء فأصبحهم وجها
وصاحب المسجد أولى بمسجده، وليكن من يلي الامام منكم أولوا الأحلام والتقى
فإن نسي الامام أو تعايا (4) فقوموه، وأفضل الصفوف أولها وأفضل أولها من دنى
إلى الامام.
1100 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إمام القوم وافدهم، فقدموا أفضلكم ".
1101 - وقال عليه السلام: " إن سركم أن تزكوا [ا] صلاتكم فقدموا خياركم ". (5)

(1) تقديم الخبر على المبتدأ للقصر إشارة إلى أن المانع في المؤمن عن مثل هذا
الامر لا يكون الا الغيبة عن البلد.
(2) حبى الرجل حبوا: مشى عليه يديه وبطنه والصبي على استه. (القاموس)
(3) أي من دار الحرب إلى دار الاسلام. وقيل الهجرة في هذه الأزمان سكنى الأمصار
لأنها يقابل الاعراب لان أهل الأمصار أقرب إلى تحصيل شرائط الإمامة. وبمضمون هذا
الكلام رواية في الكافي ج 3 ص 376.
(4) تفاعل من العى وهو العجز وعدم الاهتداء إلى وجه الصواب.
(5) " تزكو " بالتخفيف والافراد ورفع صلاتكم على الفاعلية أي ان كنتم مسرورين
بأن تكون صلاتكم زاكية خالصة نامية. أو بالتشديد على صيغة الجمع من التزكية ونصب
صلاتكم على المفعولية أي ان سركم أن تكونوا مزكين لصلاتكم.
377

1102 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من صلى بقوم وفيهم من هو أعلم منه لم يزل
أمرهم إلى سفال إلى يوم القيامة ". (1)
وقال أبو ذر: إن إمامك شفيعك إلى الله عز وجل فلا تجعل شفيعك سفيها و
لا فاسقا. (2)
1103 - وروى الحسين بن كثير (3) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه " سأله رجل عن
القراءة خلف الإمام فقال: لا إن الامام ضامن للقراءة، وليس يضمن الامام
صلاة الذين هم من خلفه إنما يضمن القراءة ".
1104 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " خمسة لا يؤمون
الناس ولا يصلون بهم صلاة فريضة في جماعة: الأبرص والمجذوم وولد الزنا والأعرابي
حتى يهاجر والمحدود ". (4)
1105 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " لا يصلين أحدكم خلف الأجذم والأبرص
والمجنون والمحدود وولد الزنا، والأعرابي لا يؤم المهاجر ". (5)
1106 - وقال عليه السلام: " الأغلف لا يؤم القوم ولو كان أقرأهم للقرآن لأنه ضيع
من السنة أعظمها، ولا تقبل له شهادة، ولا يصلي عليه إلا أن يكون ترك ذلك خوفا

(1) إلى سفال أي إلى تنزل وانحطاط وسقوط وذلك لتقديمهم من ليس له حق التقديم
وهو ظلم. أو لرضاهم بمن تقديمهم من غير فضل ومنشأ ذلك الحمق والسفاهة أو خسة النفس
والرذالة والتملق.
(2) كذا مقطوعا ولعله من كلامه - رضي الله عنه - دون الرواية عن المعصوم.
(3) هو غير معنون في المشيخة والخبر مروى في التهذيب ج 1 ص 262.
(4) ظاهره عدم جواز امامة هؤلاء بل بطلان الصلاة خلفهم مع الاطلاع ويمكن الحمل
على الكراهة.
(5) اختلف الأصحاب في امامة الأجذم والأبرص فذهب الشيخ في المبسوط والخلاف
والسيد المرتضى في بعض رسائله وأتباعها إلى المنع، وذهب المفيد والسيد في الانتصار
والشيخ في كتابي الاخبار وابن إدريس وأكثر المتأخرين - رحمهم الله جميعا - إلى
الكراهية جمعا بين الاخبار.
378

على نفسه ". (1)
1107 - وقال الصادق عليه السلام: " لا يؤم صاحب القيد المطلقين ولا يؤم صاحب الفالج الأصحاء ". (2)
1108 - وقال الباقر والصادق عليهما السلام: " لا بأس أن يؤم الأعمى إذا رضوا به و
كان أكثرهم قراءة وأفقههم ".
1109 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " إنما الأعمى أعمى القلب فإنها لا تعمى الابصار
ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ".
1110 - وقال الصادق عليه السلام: " ثلاثة لا يصلى خلفهم: المجهول والغالي وإن كان
يقول بقولك، والمجاهر بالفسق وإن كان مقتصدا ". (3)
1111 - وقال " علي بن محمد، ومحمد بن علي عليهم السلام: " من قال بالجسم فلا تعطوه
شيئا من الزكاة، ولا تصلوا خلفه ".
1112 - وكتب أبو عبد الله البرقي إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام " أيجوز -
جعلت فداك الصلاة خلف من وقف على أبيك وجدك عليهما السلام؟ فأجاب لا تصل
وراءه ".
1113 - وسأل عمر بن يزيد أبا عبد الله عليه السلام " عن إمام لا بأس به في جميع
أموره، عارف غير أنه يسمع أبويه الكلام الغليظ الذي يغيظهما أقرأ خلفه؟ قال:

(1) ظاهر الخبر عدم صحة الصلاة خلف الأغلف وهو من لا يختن وذلك للفسق لان الختان
واجب ومتى ترك الواجب وأصر عليه فهو فاسق بلا اشكال وعلى فرض كونه صغيرة يصير
بالاصرار كبيرة. وأما منع الصلاة على جنازته فمحمول على عدم تأكدها مع وجود من يصلى
عليه والا فلا خلاف في وجوب الصلاة عليه ظاهرا.
(2) قيده بعضهم بمن لا يمكنه القيام فيدخل في ايتمام القاعد، وقد يحمل على الكراهة
مع وجود غيرهما.
(3) أريد بالمجهول المجهول في مذهبه واعتقاده وكذا بالمقتصد المقتصد في الاعتماد
أي غير غال ولا مقصر (الوافي) وقيل: من لا يتجاوز الحد في الذنوب.
379

لا تقرأ خلفه ما لم يكن عاقا قاطعا " (1).
1114 - وروى محمد بن علي الحلبي عنه عليه السلام أنه قال: " لا تصل خلف من
يشهد عليك بالكفر، ولا خلف من شهدت عليه بالكفر ".
1115 - وروى سعد بن إسماعيل (2) عن أبيه عن الرضا عليه السلام أنه قال: " سألته
عن الرجل يقارف الذنب (3) يصلى خلفه أم لا؟ قال: لا ".
1116 - وروي عن إسماعيل بن مسلم أنه سأل الصادق عليه السلام " عن الصلاة
خلف رجل يكذب بقدر الله عز وجل؟ (4) قال: ليعد كل صلاة صلاها خلفه " (5).
1117 - وقال إسماعيل الجعفي لأبي جعفر عليه السلام: " رجل يحب أمير المؤمنين
عليه السلام ولا يتبرأ من عدوه ويقول هو أحب إلي ممن خالفه؟ قال: هذا مخلط
وهو عدو فلا تصل وراءه ولا كرامة إلا أن تتقيه ".
وقال أبي رضي الله عنه في رسالته إلي: لا تصل خلف أحد إلا خلف رجلين
أحدهما من تثق بدينه وورعه، وآخر تتقي سيفه وسطوته وشناعته على الدين،
وصل خلفه على سبيل التقية والمداراة وأذن لنفسك وأقم واقرأ لها غير مؤتم به
فإن فرغت من قراءة السورة قبله فأبق (6) منها آية ومجد الله عز وجل، فإذا ركع
الامام فاقرء الآية واركع بها، فإن لم تلحق القراءة وخشيت أن يركع فقل ما حذفه

(1) لان مطلق الكلام الغليظ ليس عقوقا لجواز أن يكون من باب الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر أو كان من النصيحة. (مراد)
(2) كذا وروى الشيخ في الصحيح عنه وهو غير مذكور في المشيخة ولا في الرجال و
لعله إسماعيل بن سعد سعد الأشعري فصحف بتقديم وتأخير.
(3) قارف فلان الخطيئة أي خالطها. (الصحاح)
(4) يعنى به القدرية، والقدري كل من لا يقول بالاختيار والامر بين الامرين سواء كان
يقول بالتفويض أو بالجبر.
(5) محمول على ما إذا علم اعتقاد الامام وفساده حين الصلاة.
(6) في بعض النسخ " فبق " بشد القاف وفى القاموس: بقي يبقى بقاء وبقى بقيا
ضد فنى وأبقاه وبقاه - من باب التفعيل - وتبقاه.
380

الامام من الأذان والإقامة (1) واركع، وإن كنت في صلاة نافلة وأقيمت الصلاة
فاقطعها وصل الفريضة، وإن كنت في الفريضة فلا تقطعها واجعلها نافلة وسلم في
الركعتين، ثم صل مع الامام إلا أن يكون الامام ممن يتقى فلا تقطع صلاتك
ولا تجعلها نافلة ولكن أخط إلى الصف وصل معه، فإذا قام الامام إلى رابعته فقم
معه وتشهد من قيام وسلم من قيام.
1118 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " إن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى بأصحابه جالسا
فلما فرغ قال: لا يؤمن أحدكم بعدي جالسا " (2).
1119 - وقال الصادق عليه السلام: " كان النبي صلى الله عليه وآله وقع عن فرس فشج (3) شقه
الأيمن فصلى بهم جالسا في غرفة أم إبراهيم " (4).
1120 - وسأل جميل بن صالح " أيهما أفضل يصلي الرجل لنفسه في أول
الوقت أو يؤخر قليلا ويصلي بأهل مسجده إذا كان إمامهم؟ قال: يؤخر ويصلي
بأهل مسجده إذا كان هو الامام ".
1121 - وسأله رجل فقال له: " إن لي مسجدا على باب داري فأيهما أفضل
أصلي في منزلي فأطيل الصلاة أو أصلي بهم وأخفف؟ فكتب عليه السلام صل بهم وأحسن

(1) أي يركع الامام قبل تمام قراءتك فاترك القراءة فإذا كان هناك وقت وسع ما
تركوه في الأذان والإقامة وهو " حي على خير العمل " فقله واركع مع الامام. (مراد)
(2) الظاهر أنها كانت في مرض موته صلى الله عليه وآله حين سمع تقديم عائشة أباها فجاء واحدى
يديه على كتف علي عليه السلام والأخرى على الفضل بن عباس ورجلاه يخطان الأرض فدخل
المسجد وأخر أبا بكر وصلى بالناس وهو جالس والمسلمون من قايم. وهذه الرواية لا سيما
جملة " لا يؤمن أحدكم جالسا " رواها العامة والخاصة ونقلوا الاجماع عليها.
(3) " فشج " أي صار ممزوجا دما من جرح. وفى بعض النسخ " فسحج " - بتقديم
الحاء المهملة على الجيم - وسحجت جلده فانسحج أي قشرته فانقشر.
(4) الظاهر أنه غير الأول ويدل على جواز ايتمام القائم بالقاعد ويمكن أن يكون مكروها
للخبر السابق ويكون الفعل لبيان الجواز ويكون منسوخا أو مخصوصا به صلى الله عليه وآله والاحتياط
في الترك (م ت).
381

الصلاة ولا تثقل " (1).
1122 - و " إن عليا عليه السلام قال في رجلين اختلفا فقال أحدهما: كنت إمامك
وقال الآخر: كنت إمامك قال: صلاتهما تامة، قال: قلت: فإن قال أحدهما: كنت
أئتم بك، وقال: الآخر: كنت أئتم بك، قال: فصلاتهما فاسدة فليستأنفا " (2).
1123 - وسأل جميل بن دراج أبا عبد الله عليه السلام " عن إمام قوم أجنب وليس
معه من الماء ما يكفيه للغسل ومعهم ماء يتوضأون به فيتوضأ بعضهم ويؤمهم، قال:
لا ولكن يتيمم الامام ويؤمهم إن الله عز وجل جعل الأرض طهورا كما جعل الماء
طهورا " (3).
1124 - وروى عنه عمر بن يزيد أنه قال: " ما منكم أحد يصلي صلاة فريضة
في وقتها ثم يصلي معهم صلاة تقية وهو متوضئ إلا كتب الله له بها خمسا وعشرين
درجة، فارغبوا في ذلك ".
1125 - وروى عنه حماد بن عثمان أنه قال: " من صلى معهم في الصف الأول
كان كمن صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وآله في الصف الأول " (4).

(1) أي لا تطل كثيرا بحيث يثقل على المأمومين ولا تترك شيئا من واجباتها بل
مستحباتها التي لا تطول بها الصلاة. والظاهر العدول في الجواب عن القول بالكتابة لغرض
مانع من القول. ويمكن أن يعبر الراوي عن الكتابة بالسؤال أو عن السؤال بالكتابة.
(2) وذلك لان كل منهما قد وكل إلى صاحبه القيام بشرائط الصلاة في الصورة
الأخيرة دون الأولى. (الوافي)
(3) المشهور بين الأصحاب كراهة امامة المتيمم بالمتوضين بل قال في المنتهى انه
لا نعرف فيه خلافا الا ما حكى عن محمد بن الحسن الشيباني من المنع من ذلك، واستدل
عليه الشيخ - رحمه الله - في كتابي الاخبار بما رواه عن عباد بن صهيب قال: " سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا يصلى المتيمم بقوم متوضين " وعن السكوني عن جعفر عن
أبيه عليهما السلام قال: " لا يؤم صاحب التيمم المتوضين ولا يؤم صاحب الفالج الأصحاء ".
وفى الروايتين ضعف من حيث السند، ولولا ما يتخيل من انعقاد الاجماع على هذا الحكم
لأمكن القول بجواز الإمامة على هذا الوجه من غير كراهة (المرآة).
(4) يدل على شدة اهتمامهم عليهم السلام بالتقية وعدم ايجاد الفرقة بين المسلمين.
382

1126 - وروى عنه حفص بن البختري أنه قال: " يحسب لك إذا دخلت معهم،
وإن كنت لا تقتدي بهم حسب لك مثل ما يحسب لك إذا كنت مع من تقتدي به " (1).
1127 - وروى مسعدة بن صدقة " أن قائلا قال لجعفر بن محمد عليهما السلام: " جعلت
فداك إني أمر بقوم ناصبية وقد أقيمت لهم الصلاة وأنا على غير وضوء فإن لم أدخل
معهم في الصلاة قالوا ما شاؤوا أن يقولوا (2) أفأصلي معهم ثم أتوضأ إذا انصرفت
وأصلي؟ قال جعفر بن محمد عليهما السلام: سبحان الله أفما يخاف من يصلي على غير وضوء أن
تأخذه الأرض خسفا (3) ".
1128 - وروى عنه عليه السلام زيد الشحام أنه قال: " يا زيد خالقوا الناس
بأخلاقهم، صلوا في مساجدهم، وعودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، وإن استطعتم
أن تكونوا الأئمة والمؤذنين فافعلوا، فإنكم إذا فعلتم ذلك قالوا: هؤلاء الجعفرية
رحم الله جعفرا ما كان أحسن ما يؤدب أصحابه، وإذا تركتم ذلك قالوا: هؤلاء
الجعفرية فعل الله بجعفر (4) ما كان أسوء ما يؤدب أصحابه ".
1129 - وقال الصادق عليه السلام: " أذن خلف من قرأت خلفه " (5).
1130 - وقال له عليه السلام رجل " أصلي في أهلي ثم أخرج إلى المسجد فيقدموني
فقال: تقدم لا عليك وصل بهم ".
1131 - وروى هشام بن سالم عنه عليه السلام أنه قال: " في الرجل يصلي الصلاة

(1) " وان كنت " جملة مستأنفة والخبر في الكافي هكذا " يحسب لك إذا دخلت
معهم وان لم تقتد بهم مثل ما يحسب - الخبر ".
(2) أي ما يكرهني من الشتم وأمثاله.
(3) فيه دلالة واضحة على عدم جواز الصلاة بدون الوضوء مع التقية أيضا.
(4) يقال في الدعاء على الرجل: فعل الله بفلان ويعنون فعل الله به كذا وكذا،
والاختصار عند العرب دأب شايع وباب واسع (م ح ق) أقول: قوله " ما كان أحسن ما يؤدب
وقوله " ما كان أسود " فعلا تعجب.
(5) يدل على عدم الاعتداد بأذان المخالف واشتراط الايمان في الاذان، ويمكن أن
يكون باعتبار تركهم بعض فصول الاذان. (م ت)
383

وحده ثم يجد جماعة، قال: يصلي معهم ويجعلها الفريضة إن شاء " (1).
1132 - وقد روي " أنه يحسب له أفضلهما وأتمهما " (2).
1133 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام " عن الرجل هل
يصلي بالقوم وعليه سراويل ورداء؟ قال: لا بأس به " (3).
1134 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " إن آخر صلاة صلاها
رسول الله صلى الله عليه وآله بالناس في ثوب واحد، قد خالف بين طرفيه، ألا أريك الثوب؟ قلت:
بلى، قال: فأخرج ملحفة فذرعتها وكانت سبعة أذرع في ثمانية أشبار ".
1135 - وسأل عمر بن يزيد (4) أبا عبد الله عليه السلام " عن الرواية التي يروون
أنه لا ينبغي أن يتطوع في وقت كل فريضة ما حد هذا الوقت؟ فقال: إذا أخذ المقيم

(1) ظاهره جواز العدول وتغيير النية بعد الفعل، ومنهم من أرجع فالع " يجعلها "
إلى الله تعالى كما يظهر من الخبر الآتي، ومنهم من قال: المراد فريضة أخرى من قضاء
وغيره، والأظهر أن المراد أنه ينويها من نوع الفريضة أي الظهر مثلا وان نوى بها الاستحباب.
وجوز الشهيد - رحمه الله - في التهذيب على من صلى ولم يفرغ بعد من صلاته
ووجد جماعة فليجعلها نافلة ثم يصلى في جماعة بنية الفرض، ثم قال: ويحتمل أن يكون
المرد يجعلها قضاء فريضة فائتة من الفراض. وأما الحكم فلا خلاف بين الأصحاب في جواز
إعادة المنفرد إذا وجد جماعة سواء صار امامهم أو ائتم بهم، واختلف فيما إذا صلى جماعة
ثم أدرك جماعة أخرى وحكم الشهيد الذكرى بالاستحباب هنا أيضا لعموم الإعادة، واعترض
عليه صاحب المدارك بأن أكثر الروايات مخصوصة بمن صلى وحده وما ليس بمقيد بذلك
فلا عموم فيه، قال: ومن هنا يعلم أن الأظهر عدم تراسل الاستحباب أيضا وجوزه الشهيدان
وكذا تردد صاحب المدارك فيما إذا صلى اثنان فرادى ثم أرادا الجماعة والأحوط عدم إعادة
ما صلى جماعة مرة أخرى. (المرآة)
(2) إذ ربما كان صلاته منفردا أفضل وأتم.
(3) (أي إذا لم يكن له غيرهما من قميص وغيره فلا بأس وإن كان له فمع قميص أفضل.
(4) الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة وهو بياع السابري الثقة ظاهرا.
384

في الإقامة، فقال له: إن الناس يختلفون في الإقامة؟ قال: المقيم الذي يصلى معه " (1).
1136 - وسأله حفص بن سالم (2) " إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة أيقوم
الناس على أرجلهم أو يجلسون حتى يجئ إمامهم؟ قال: لا بل يقومون على أرجلهم
فإن جاء إمامهم وإلا فليؤخذ بيد رجل من القوم فيقدم ".
1137 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " إذا أقيمت الصلاة حرم
الكلام على الامام وأهل المسجد إلا في تقديم إمام " (3).
1138 - وروي عن محمد بن مسلم أنه " سئل عن الرجل يؤم الرجلين قال:
يتقدمهما ولا يقوم بينهما، وعن الرجلين يصليان جماعة، قال: نعم يجعله عن
يمينه " (4).
1139 - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " أقيموا صفوفكم فإني أراكم من خلفي
كما أراكم من قدامي، ومن بين يدي، ولا تخالفوا (5) فيخالف الله بين قلوبكم ".
1140 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: " إن الصلاة في الصف
الأول كالجهاد في سبيل الله عز وجل ".

(1) في الشرايع: " وقت القيام إلى الصلاة إذا قال المؤذن " قد قامت الصلاة " على الأظهر
" وفى المدارك: هذا هو المشهور بين الأصحاب، وقال الشيخ في المبسوط والخلاف
وقت القيام إلى الصلاة عند فراغ المؤذن من كمال الاذان ولم أقف على مأخذه وحكى العلامة
وقت القيام إلى الصلاة عند فراغ المؤذن من كمال الاذان ولم أقف على مأخذه وحكى العلامة
في المختلف عن بعض علمائنا قولا بأن وقت القيام عند قوله " حي على الصلاة ". ونقل
عن ابن حمزة والشيخ في النهاية أنهما منعا من التنفل بعد الإقامة، قال في الذكرى: وقد
يحمل على ما لو كانت الجماعة واجبة وكان ذلك يؤدى إلى فواتها.
(2) هو أبو ولاد الحناط الثقة والطريق إليه صحيح.
(3) حمل على الكراهة الشديدة.
(4) أيجعل الامام المأموم عن يمينه.
(5) يحتمل أن يكون المراد لا تخالفوا في موضع القدم في الصف حتى يكون الصف
مستقيما، أو لا تنازعوا في التقدم والتأخر في الصفوف (سلطان) أن يكون المراد
ان لا تجعلوا صفوفكم غير متساوية لم ينقص بعضه عن بعض كما قال الفاضل التفرشي.
385

1141 - وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " لا أرى بالصفوف بين
الأساطين بأسا ". (1)
1142 - وقال عليه السلام: " أتموا صفوفكم إذا رأيتم خللا ولا يضرك أن تتأخر وراءك
إذا وجدت ضيقا في الصف الأول إلى الصف الذي خلفك وتمشي منحرفا ". (2)
1143 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " ينبغي للصفوف أن تكون
تامة متواصلة بعضها إلى بعض، ولا يكون بين الصفين ما لا يتخطى (3) يكون قدر
ذلك مسقط جسد إنسان إذا سجد " (4).
1144 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " إن صلى قوم بينهم وبين الامام ما لا يتخطى
فليس ذلك الامام لهم بإمام، وأي صف كان أهله يصلون بصلاة إمام وبينهم وبين الصف
الذي يتقدمهم ما لا يتخطى فليس تلك لهم بصلاة، وإن كان سترا أو جدارا (5) فليس
تلك لهم بصلاة إلا من كان حيال الباب (6) قال: وقال هذه المقاصير إنما أحدثها الجبارون
وليس لمن صلى خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة، قال: وقال: أيما امرأة صلت خلف

(1) أي لا بأس بالأساطين إذا كان خارقة للصف.
(2) أي من دون أن تنحرفوا عن القبلة ومن دون القهقرى. (مراد)
(3) أي مسافة لا يقطع بخطوة بل يكون أكثر منها. (مراد)
(4) قوله " ذلك مسقط جسد انسان " قال العلامة المجلسي: قال العلامة - رحمه الله -
في المنتهى: قال السيد المرتضى - رضي الله عنه - في المصباح: ينبغي أن يكون بين كل
صفين قدر مسقط الجسد فان تجاوز ذلك إلى القدر الذي لا يتخطى لم يجز، وقال الفاضل
التستري - رحمه الله -: كأنه راجع إلى ما بين الصفين الذي ينبغي أن يكون البعد لا يزيد عنه.
(5) أي كان الذي بينهما سترا أو جدارا وفى بعض النسخ والكافي " كان سترا أو جدار "
بالرفع أي بينهما. (مراد)
(6) الظاهر أن الاستثناء منقطع فيفهم منه أن الامام كان في بيت والمأمومين خارجه
فلا يصح صلاة ذلك الصف الا صلاة من في مقابل الباب وإن كان الباقون يرون ذلك المقابل
بلا واسطة أو بواسطة. (مراد)
386

إمام وبينها وبينه ما لا يتخطى فليس لها تلك بصلاة (1) قال: قلت: فإن جاء إنسان
يريد أن يصلي كيف يصنع وهي إلى جانب الرجل (2)، قال: يدخل بينها وبين الرجل
وتنحدر هي شيئا ". (3)
1145 - وفي رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " أقل ما يكون
بينك وبين القبلة (4) مربض عنز وأكثر ما يكون مربط فرس ". (5)
1146 - وقال عمار بن موسى: " سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الامام يصلي وخلفه

(1) أي صلاة صحيحة أو كاملة ورجوع البطلان أو الكراهة إلى صلاة المرأة على
التعيين. (مراد)
(2) الظاهر أن المراد بالرجل هو الانسان الجائي فالمراد أنه إذا قام خلف الامام
تصير هي في جنبه فقال الإمام (ع) انه يدخل الرجل الجائي بينهما حتى لا يقوم بجنبها فتنحدر
المرأة حتى يقوم الرجل في مكانها وهي بعد الرجل، ولو أريد بالرجل الامام فمعنى كونها
إلى جانبه كونها قريبة منه. (مراد)
(3) قال العلامة المجلسي - رحمه الله - في المرآة بعد نقل الخبر: علم أنه لا خلاف
بين الأصحاب في عدم صحة صلاة المأموم إذا كان بينه وبين الامام حائل يمنع المشاهدة، وقال
الشيخ - رحمه الله - في الخلاف: من صلى وراء الشبابيك لا يصح صلاته مقتديا بصلاة الامام
الذي يصلى داخلها واستدل بهذا الخبر، قال في المدارك: وكان موضع الدلالة فيها النهى
عن الصلاة خلف المقاصير فان الغالب فيها أن يكون مشبكة، وأجاب عنه في المختلف بجواز
أن يكون المقاصير فان الغالب فيها أن يكون مشبكة، وأجاب عنه في المختلف بجواز
أن يكون المقاصير المشار إليه فيها غير مخرمة، قيل: وربما كان وجه الدلالة اطلاق قوله
عليه السلام " بينهم وبين الامام مالا يتخطى " وهو بعيد جدا لان المراد عدم التخطي بواسطة
التباعد لا باعتبار الحائل كما يدل عليه ذكر حكم الحائل بعد ذلك ولا ريب أن الاحتياط
يقتضى المصير إلى ما ذكره الشيخ - رحمه الله -، وقال أيضا: لو وقف المأموم خارج
المسجد بحذاء الباب وهو مفتوح بحيث يشاهد الامام أو بعض المأمومين صحت صلاته وصلاة
من على يمنيه وشماله وورائه لأنهم يرون من يرى، ولو وقف بين يدي هذا الصف صف آخر
عن يمين الباب أو يسارها لا يشاهدون من في المسجد لم يصح صلاتهم كما يدل عليه قوله
عليه السلام " فإن كان بينهم ستر أو جدار - الخ " والظاهر أن الحصر إضافي بالنسبة إلى
من كان عن يمين ويسار كما ذكرناه.
(4) لعل المراد بالقبلة من كان في جانب القبلة من الامام أو الصف المقدم. (مراد)
(5) ربوض البقر والغنم والفرس والكلب مثل بروك الإبل. (مراد)
387

قوم أسفل من الموضع الذي يصلي فيه، قال: إن كان الامام على شبه الدكان أو على
أرفع من موضعهم لم تجز صلاتهم (1)، وإن كان أرفع منهم بإصبع أو أكثر أو أقل إذا
كان الارتفاع بقطع سيل (2) وإن كانت الأرض مبسوطة (3) وكان في موضع منها ارتفاع
فقام الامام في الموضع المرتفع وقام من خلفه أسفل منه والأرض مبسوطة إلا أنها في
موضع منحدر فلا بأس به، وسئل فإن قام الامام أسفل من موضع من يصلي خلفه
قال: لا بأس به، وقال عليه السلام: إن كان الرجل فوق بيت أو غير ذلك دكانا كان أو غيره
وكان الامام يصلي على الأرض والامام أسفل منه كان للرجل (4) أن يصلي خلفه ويقتدي
بصلاته وإن كان أرفع منه بشئ كثير ". (5)

(1) قوله: " أرفع من موضعهم " أي بقدر معتد به. وقوله: " وإن كان أرفع منهم "
الظاهر أن كلمة " ان " وصيلة لكنه مخالف للمشهور ويشكل رعايته في أكثر المواضع،
ويمكن حمله على القطع ويكون محمولا على الأرض المنحدرة ويكون " لا بأس " جوابا
لهما معا. (المرآة)
(2) في بعض نسخ التهذيب " إذ كان الارتفاع منهم بقدر شبر " وفى بعضها " بقدر
يسير " ولعله على نسختيه تم الكلام عند قوله: " شبر أو يسير " والجزاء محذوف أي جائزة،
فقوله: " وان كانت " استيناف الكلام لبيان ما إذا كان الارتفاع تدريجيا لا دفعيا، وقيل يمكن
أن يكون قوله: " فان كانت " معطوفا على قوله: " وان " ويكون قوله: " فلا بأس " جزاء
لهما أو قوله: " قال لا بأس به " متعلق بهما وهو بعيد. وفى بعض النسخ " بقطع سئل " فالمراد
إذا كان الارتفاع مما يتخطى والجزاء محذوف، و " سئل " بيان سؤال آخر وقع عن الأرض
المنحدرة. وفى بعضها " بقطع سيل " فيكون بيانا لما إذا كان الارتفاع دفعيا لأنه هكذا
يكون ما يخرقه السيل غالبا وهو قريب مما في الكافي " ببطن مسيل ".
(3) في بعض النسخ " أرضا مبسوطة " وفى بعضها " أرض مبسوطة ".
(4) في الكافي " جاز للرجل ".
(5) قال في المدارك: هذه الرواية ضعيفة السند، متهافتة المتن، قاصرة الدلالة فلا
يسوغ التأويل عليها في حكم مخالف للأصل ومن ثم تردد المحقق - قدس سره - وذهب
الشيخ - رحمه الله - في الخلاف إلى الكراهة وهو متجه، وأما علو المأموم فقد قطع الأصحاب
بجوازه وأسنده في المنتهى إلى علمائنا ثم أنه قال في التذكرة: لو كان علو الامام يسيرا جاز
اجماعا (المرآة) وقال الفاضل التفرشي بعد بيان الخبر: بالجملة اضطراب المتن يمنع
من أن يكون قول المعصوم بعينه وإذا ظن أنه ليس من قول المعصوم لم يصلح للسندية سيما
إذا ضم إليه فساد عقيدة الراوي فلذا حمل الايتمام عند ارتفاع الامام على الكراهة دون
الحرمة. انتهى والمشهور عدم الجواز.
388

1147 - وسأل موسى بن بكر (1) أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام " عن الرجل
يقوم في الصف وحده؟ قال: لا بأس إنما يبدو الصف (2) واحدا بعد واحد ".
1148 - وروي عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله أنه قال: " سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: إذا دخلت المسجد والامام راكع وظننت أنك إن مشيت إليه رفع رأسه فكبر
واركع فإذا رفع رأسه فاسجد مكانك فإذا قام فالحق بالصف (3)، وإن جلس فاجلس
مكانك فإذا قام فالحق بالصف ". (4)
1149 - وروى أنه " يمشي في الصلاة يجر رجليه ولا يتخطى ".
1150 - وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إذا أدركت الامام وقد
ركع فكبرت قبل أن يرفع الامام رأسه فقد أدركت الركعة، وإن رفع رأسه قبل
أن تركع فقد فاتتك الركعة ".
1151 - وروى أبو أسامة أنه سأله " عن رجل انتهى إلى الامام وهو راكع

(1) موسى بن بكير غير معنون في المشيخة ورواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 333
باسناده، عن سعد عن أيوب بن نوح، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح، عن موسى بن جعفر
عليهما السلام.
(2) أي يظهر ويحمل، ويدل على جواز الانفراد عن أصف إذا لم يكن له موقف في
الصف ويؤيده روايات. (م ت)
(3) اشترط الشيخ على - رحمه الله - في حاشية الشرايع أن يكون الموضع صالحا
للاقتداء وأن لا يبلغ في المشي حال التكبيرة ويجر رجله في حال مشيه ولا يرفعهما انتهى
ويؤيده الخبر الآتي.
(4) يدل على ادراك الركعة بادراك الامام حال الركوع وعلى اغتفار الفعل الكثير
في الجماعة للحقوق بالصف.
389

قال: إذا كبر وأقام صلبه ثم ركع، فقد أدرك ". (1)
1152 - وقال رجل لأبي جعفر عليه السلام: " إن إمام مسجد الحي فأركع بهم
وأسمع خفقان نعالهم (2) وأنا راكع، فقال: اصبر ركوعك ومثل ركوعك فإن انقطعوا
وإلا فانتصب قائما ".
1153 - وروى إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " ينبغي للامام
أن يكون صلاته على صلات أضعف من خلفه ".
1154 - وكان معاذ يؤم في مسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ويطيل القراءة
وأنه مر به رجل فافتتح سورة طويلة فقرأ الرجل لنفسه وصلى، ثم ركب راحلته
فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله فبعث إلى معاذ فقال: يا معاذ إياك أن تكون فتانا (4) عليك
بالشمس وضحيها وذواتها ".
1155 - و " إن النبي صلى الله عليه وآله كان ذات يوم يؤم أصحابه فيسمع بكاء الصبي
فيخفف الصلاة ". (4)
وعلى الامام أن يقرأ قراءة وسطا لان الله عز وجل يقول: " ولا تجهر
بصلاتك ولا تخافت بها ".
وإذا فرغ الامام من قراءة الفاتحة فليقل الذي خلفه: " الحمد لله رب
العالمين ". ولا يجوز أن يقال بعد قراءة فاتحة الكتاب " آمين " لان ذلك كانت
تقوله النصارى.
1156 - وروى زرارة، ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " كان
أمير المؤمنين عليه السلام يقول: " من قرأ خلف إمام يأتم به فمات بعث على غير

(1) فيه دلالة على وجوب إقامة الصلب حال التكبير لان القيام قبل الركوع ركن.
(2) الخفق: صوت النعل.
(3) فتان من أبنية المبالغة في الفتنة ومنه الحديث " أفتان أنت يا معاذ ". (النهاية)
(4) لان أمه كانت في الصلاة فخفف صلى الله عليه وآله لأجل أن يدركه أمه.
390

فطرة ". (1)
1157 - وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إذا صليت خلف إمام
تأتم به فلا تقرأ خلفه سمعت قراءته أو لم تسمع إلا أن تكون صلاة يجهر فيها
بالقراءة فلم تسمع فاقرأ ". (2)

(1) أي فطرة الاسلام مبالغة، ولعله محمول على عدم السماع في الجهرية أو على
خصوص صورة سماع الجهرية، ولعله الأخير بهذا الوعيد أنسب، وربما يحتمل شموله ما إذا
وقف خلف صفوف امام يؤتم به فصلى منفردا وقرأ للتكبر عن الايتمام به أو رغبة عن الجماعة.
(المرآة)
(2) اعلم أن في مسألة قراءة المأموم خلف الامام اختلافا كثيرا بين الفقهاء حتى قال
الشهيد الثاني: لم أقف في الفقه على خلاف في مسألة بلغ هذا القدر من الأقوال وتحرير
محل الخلاف (على ما قاله - قدس سره - في شرحه للارشاد أي روض الجنان) أن الصلاة اما جهرية
أو سرية، وعلى الأول اما ان تسمع سماعا ما أم لا، وعلى التقادير اما أن تكون في الأولتين
أو الأخيرتين فالأقسام ستة، فابن إدريس وسلار أسقطا القراءة في الجمع لكن ابن إدريس
جعلها محرمة وسلار جعل تركها مستحبا، وباقي الأصحاب على إباحة القراءة في الجملة
لكن يتوقف تحقيق الكلام على تفصيل:
فنقول: ان كانت الصلاة جهرية فان سمع في أولييها ولو همهمة سقطت القراءة فيهما
اجماعا لكن هل السقوط على وجه الوجوب بحيث تحرم القراءة فيه؟ قولان أحدهما التحريم
ذهب إليه جماعة منهم العلامة في المختلف والشيخان، والثاني الكراهة وهو قول المحقق والشهيد، وان لم تسمع فيهما أصلا جازت القراءة بالمعنى الأعم، لكن ظاهر أبى الصلاح
الوجوب وربما أشعر به كلام المرتضى أيضا والمشهور الاستحباب، وعلى القولين فهل القراءة
للحمد والسورة أو الحمد وحدها؟ قولان صرح الشيخ بالثاني. وأما أخيرتا الجهرية ففيهما
أقوال أحدها وجوب القراءة مخيرا بينها وبين التسبيح وهو قول أبى الصلاح وابن
زهرة، والثاني استحباب قراءة الحمد وحدها وهو قول الشيخ، والثالث التخيير بين
قراءة الحمد والتسبيح استحبابا وهو ظاهر جماعة منهم العلامة في المختلف. وان كانت اخفاتية
ففيها أقوال أحدها استحباب القراءة فيها مطلقا وهو الظاهر من كلام العلامة في الارشاد، وثانيها
استحباب قراءة الحمد وحدها وهو اختياره في القواعد والشيخ (ره) وثالثها سقوط القراءة في
الأولتين ووجوبها في الأخيرتين مخيرا بين الحمد والتسبيح وهو قول أبى الصلاح وابن زهرة
ورابعها استحباب التسبيح في نفسه وحمد الله أو قراءة الحمد مطلقا وهو قول نجيب الدين
يحيى بن سعيد.
391

1158 - وفي رواية عبيد بن زرارة [عنه عليه السلام] " أنه إن سمع الهمهمة فلا يقرأ ".
1159 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " لا تقرأن (1) في الركعتين
الأخيرتين من الأربع الركعات المفروضات شيئا إماما كنت أو غير إمام، قال: قلت
فما أقول فيها؟ قال: إن كنت إماما أو وحدك فقل: سبحان الله والحمد لله ولا إله
إلا الله " ثلاث مرات تكمله تسع تسبيحات ثم تكبر وتركع ".
1160 - وروى وهيب بن حفص، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
أدنى ما يجزي من القول في الركعتين الأخيرتين ثلاث تسبيحات أن تقول: " سبحان
الله، سبحان الله، سبحان الله ".
1161 - وفي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: " وإن كنت خلف إمام فلا
تقرأن شيئا في الأولتين وأنصت قراءته ولا تقرأ " شيئا في الأخيرتين، فإن الله عز وجل
يقول: للمؤمنين: " وإذا قرء القرآن (يعني في الفريضة خلف الامام) فاستمعوا له
وأنصتوا لعلكم ترحمون " فالأخيرتان تبعا للأولتين ". (2)
1162 - وروى بكر بن محمد الأزدي (3) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إني أكره

(1) يعنى سورة الحمد وغيرها من القرآن.
(2) معنى الحديث أنه لا يقرء خلف الامام أما في الركعتين الأولتين فللاية وأما في
الأخيرتين فلكونهما تابعتين للأولتين، ولا يناف يذلك ما يجيئ من الحث على التسبيح لان
التسبيح غير القراءة (مراد) وإنما فصل بين الأولتين والأخيرتين مع أن الحكم واحد فيهما
وهو عدم قراءة المأموم لاختلاف التعليل فان قوله " لان الله - الخ " تعليل لعدم القراءة في
الأولتين وقوله " والأخيرتان تبعا للأولتين " تعليل لعدم القراءة في الأخيرتين. (سلطان)
أقول: في بعض النسخ " والاخريان تبع للأولتين ".
(3) الطريق صحيح. وفى بعض النسخ " بكير بن محمد " وهو تصحيف.
392

للمرء أن يصلي خلف الامام صلاة لا يجهر فيها بالقراءة فيقوم كأنه حمار، قال: قلت:
جعلت فداك فيصنع ماذا؟ قال: يسبح ". (1)
1163 - وروى عمر بن أذينة، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إذا أدرك الرجل
بعض الصلاة وفاته بعض (2) خلف إمام يحتسب بالصلاة خلفه (3) جعل ما أدرك أول صلاته إن
أدرك من الظهر أو العصر أو العشاء الآخرة ركعتين وفاتته ركعتان قرأ في كل ركعة مما أدرك
خلف الامام في نفسه بأم الكتاب (4) فإذا سلم الامام قام فصلى الأخيرتين لا يقرأ فيهما
إنما هو تسبيح وتهليل ودعاء ليس فيهما قراءة، وإن أدرك ركعة قرأ فيها خلف الامام (5)
فإذا سلم الامام قام فقرأ أم الكتاب ثم قعد فتشهد ثم قام فصلى ركعتين ليس فيهما
قراءة ".
1164 - وروى عبيد الله بن علي الحلبي، عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
" سألته عن الرجل يكون خلف الامام فيطيل الامام التشهد؟ قال: يسلم ويمضي
لحاجته إن أحب ". (6)

(1) يدل على استحباب التسبيح في الاخفاتية فيمكن قصره على التسبيح بقوله:
" سبحان الله " فقط وتعميمه لكل ذكر، وأن يكون التسبيحات الأربعة كما تقدم. (م ت)
(2) بان أدرك الامام في الركعة الثانية أو الثالثة أو بعدها.
(3) يحتمل كون هذه الجملة صفة " امام " أي خلف امام يعتد به وتحتسب هذا الفعل
خلفه بالصلاة وحينئذ يكون جزاء الشرط قوله: " جعل - الخ "، ويحتمل كونها جزاء
الشرط أي إذا أدرك بعض الصلاة يحتسب هذه بصلاة الجماعة ويدرك فضلها وحينئذ يكون قاله
" جعل - الخ " جملة مستأنفة. (سلطان)
(4) أي لا يجهر بها وذهب بعض الفقهاء إلى تعيين القراءة لئلا يخلو صلاته عن فاتحة
الكتاب لأنه لا صلاة الا بفاتحة الكتاب وقد فاته والمشهور بقاء التخيير.
(5) يعنى فان أدرك الامام في الركعة الرابعة وقال الفاضل التفرشي " قرأ فيها " أي
قراءة في نفسه بقرينة السابق لا لأنه يقرأ لئلا يخلو صلاته عن الفاتحة لأنه حينئذ يقرأ في
ثانيته بل لان المنع عن القراءة مختص بموضع يقرء فيه الامام كما مر.
(6) يدل على جواز المفارقة مع الحاجة في التشهد، وتدل على الجواز مطلقا صحيحة
أحمد بن محمد بن عيسى. وقال في المدارك: يجوز أن يسلم المأموم قبل الامام وينصرف
لضرورة وغيرها مع أن هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب حتى في كلام القائلين بوجوب
التسليم وتدل عليه روايات.
393

1165 - وسأله إسحاق بن عمار قال له: " أدخل المسجد وقد ركع الامام فأركع
بركوعه وأنا وحدي وأسجد فإذا رفعت رأسي فأي شئ أصنع؟ قال: قم فاذهب إليهم
فإن كانوا قياما فقم معهم، وإن كانوا جلوسا فاجلس معهم ". (1)
1166 - وسأله سماعة " عن الرجل يأتي المسجد وقد صلى أهله يبدأ بالمكتوبة
أو يتطوع؟ فقال: إن كان في وقت حسن فلا بأس بالتطوع قبل الفريضة وإن كان
خاف خروج الوقت أخره وليبدأ بالفريضة وهو حق الله عز وجل ثم ليتطوع
ما شاء ". (2)
1167 - وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام " في الرجل يدخل المسجد
فيخاف أن تفوته الركعة؟ قال: يركع قبل أن يبلغ إلى القوم ويمشي وهو راكع حتى
يبلغهم ".
1168 - وروى إبراهيم بن ميمون (3) عن الصادق عليه السلام " في الرجل يؤم النساء
ليس معهن رجل في الفريضة؟ قال: نعم وإن كان معه صبي فليقم إلى جانبه ".
1169 - وروى عنه عمار الساباطي أنه " سئل عن الرجل يؤذن ويقيم ليصلي
وحده فيجئ رجل آخر فيقول له أتصلي جماعة هل يجوز أن يصليا بذلك الأذان والإقامة
قال: لا ولكن يؤذن ويقيم ". (4)

(1) الطريق موثق ويدل كالاخبار السابقة على ادراك الركعة بادراك الركوع وجواز
المشي حتى يلحقهم. (م ت)
(2) موثق ويدل على تأخير النافلة عن الفريضة بعد خروج وقتها وأما انها قضاء فلا
يظهر منه ومن عدة من الاخبار. (م ت) والمراد بخروج الوقت وقت الفضيلة.
(3) هو بياع الهروي والطريق إليه صحيح لكنه غير معلوم الحال.
(4) يدل على عدم الاكتفاء بالاذان والإقامة منفردا للجماعة وعليه أكثر الأصحاب
394

1170 - وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: " لا بأس أن يؤذن الغلام قبل
أن يحتلم، ولا يؤم حتى يحتلم، فإن أم جازت صلاته وفسدت صلاة من يصلي
خلفه ". (1)
1171 - وسأل عمار الساباطي أبا عبد الله عليه السلام " عن رجل أدرك الامام حين
يسلم قال: عليه أن يؤذن ويقيم ويفتتح الصلاة ". (2)
1172 - وسئل (3) " عن الرجل يأتي المسجد وهم في الصلاة وقد سبقه الامام بركعة
فيكبر فيعتل الامام فيأخذ بيده ويكون أدنى القوم إليه فيقدمه (4) فقال عليه السلام: يتم
بهم الصلاة ثم يجلس حتى إذا فرغوا من التشهد أومأ بيده عن اليمين والشمال، وكان
ذلك الذي يؤمي بيده التسليم أو تقضي صلاتهم (5) وأتم هو ما كان فاته ".
1173 - وروى محمد بن سهل، عن أبيه قال: " سألت الرضا عليه السلام عمن ركع مع
إمام قوم يقتدى به، ثم رفع رأسه قبل الإمام قال: يعيد ركوعه معه ". (6)

(1) فما ورد في بعض الأخبار من جواز إمامته محمول على إمامته للصبيان.
(2) محمول على الاستحباب وان جاز الاكتفاء بهما ما لم يتفرقوا. (م ت)
(3) في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام كما في الكافي ج 3
ص 382 وفيه " بركعة أو أكثر فيعتل ".
(4) يدل على استنابة المسبوق مع العلة، ويحمل أخبار النهى على الكراهة مع
التمكن من غيره، وقال العلامة المجلسي - رحمه الله - في المرآة: لا خلاف في جواز
الاستنابة حينئذ والمشهور عدم الوجوب بل ادعى في التذكرة الاجماع على عدم الوجوب
وظاهر بعض الأخبار الوجوب.
(5) عطف على التسليم على أنه خبر كان أي ذلك الايماء بمنزلة التسليم من الامام
فيتبعونه في التسليم وكأنهم سلموا مع الامام أو ذلك الايماء إشارة إلى تقضى صلاتهم ليسلموا
فلم يكن سلامهم مع الامام (سلطان) أقول: في الكافي " فكان الذي أومأ إليهم بيده التسليم
وانقضاء صلاتهم ".
(6) بقصد المتابعة. وطريق الخبر صحيح ويدل على اغتفار زيادة الركوع في الجماعة
وهذا مستثنى من قاعدة زيادة الركن وكذا قاعدة " لا تعاد ". وهكذا القول في الخبر الآتي
وأما العامد فليس له أن يرجع بل يجب عليه أن يستمر حتى يرفع الامام رأسه بلا خلاف ظاهرا.
395

1174 - وسأل الفضيل بن يسار (1) أبا عبد الله عليه السلام " عن رجل صلى مع إمام
يأتم به ثم رفع رأسه من السجود قبل أن يرفع الامام رأسه من السجود قال:
فليسجد ".
1175 - وروى الحسين بن يسار (2) أنه سمع من يسأل الرضا عليه السلام " عن رجل
صلى إلى جانب رجل (3) فقام عن يساره وهو لا يعلم، كيف يصنع إذا علم وهو في الصلاة؟
قال: يحوله إلى يمينه ".
1176 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " كان النساء يصلين مع النبي صلى الله عليه وآله فكن
يؤمرن أن لا يرفعن رؤوسهن قبل الرجال لضيق الأزر " (4).
1177 - وسأل هشام بن سالم أبا عبد الله عليه السلام " عن المرأة هل تؤم
النساء؟ قال: تؤمهن في النافلة (5) فأما في المكتوبة فلا، ولا تتقدمهن ولكن تقوم

(1) في الطريق إليه علي بن الحسين السعد آبادي ولم يوثق.
(2) في بعض النسخ " الحسين بن بشار " وهو يوافق كتب الرجال ولم يذكر الصدوق
طريقه إليه.
(3) " إلى جانب رجل " أي يأتم به، ويحتمل ارجاع الضمائر كلها إلى الامام
ويحتمل ارجاع ضميري " وهو لا يعلم " إلى المأموم أي كان سبب وقوعه عن يسار الامام أنه
لم يكن يعلم كيف يصنع، وعلى بعض التقادير يحتمل أن يكون " كيف يصنع " ابتداء السؤال
والمشهور في وقوف المأموم عن يمين الاستحباب وانه لو خالف بأن وقف الواحد عن
يسار الامام أو خلفه لم تبطل صلاته. (المرآة)
(4) الأزر - بضم الهمزة والزاي المضمومة قبل الراء - جمع الأزر والمراد السراويل
يعنى بسبب ضيق أزر الرجال ربما كان حجم عورتهم يرى من خلف في حال سجودهم، أو المراد
المئزر يعنى بسبب قصر أزارهم يبدو أفخاذهم في حال الركوع أو السجود فأمرن النساء أن
لا يرفعن رؤوسهن قبل الرجال لئلا يرون عورات الرجال أو أفخاذهم أو حجمها.
(5) لعل المراد بالنافلة الصلاة التي تستحب جماعتها مثل صلاة الاستسقاء والعيدين
على تقدير كونهما مندوبين، والمشهور جواز إمامة المرأة للنساء، بل قال في التذكرة
أنه قول علمائنا أجمع ونقل عن ابن الجنيد والمرتضى - رحمهما الله - جواز امامتها في
النافلة دون الفريضة. ويظهر منه القول بجواز الجماعة في النافلة لهن الا أن يحمل على المعادة
أو العيدين أو الاستسقاء. وقال استاذنا الشعراني - مد ظله العالي - في هامش الوافي:
العمدة في عدم جواز الجماعة في النوافل اعراض الأصحاب عما يدل على جوازها والا فالمحامل
التي ذكروها بعيدة جدا، وكما أن أقوى مؤيدات الرواية شهرتها كذلك أقوى موهناتها
الاعراض عنها، وغرضنا هنا من شهرتها شهرة العمل بها ومن الاعراض عدم العمل، وقد منع
مالك عن امامة النساء مطلقا في الفرائض والنوافل وجوزه الآخرون مطلقا فحمل الروايات
على التقية أيضا غير جائز - انتهى.
396

وسطهن " (1)
1178 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: " قلت له: المرأة تؤم النساء
؟ قال: لا إلا على الميت إذا لم يكن أحد أحد أولى منها، تقوم وسطهن معهن في الصف
فتكبر ويكبرن ".
1179 - وروى هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام صلاة المرأة في مخدعها (2)
أفضل من صلاتها في بيتها، وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في الدار ".
والرجل (3) إذا أم المرأة كانت خلفه عن يمينه سجودها مع ركبتيه (4).
1180 - وسأله الحلبي عن الرجل يؤم النساء؟ قال: نعم وإن كان معهن
غلمان فأقيموهم بين أيديهن وان كانوا عبيدا ".

(1) الوسط بالتسكين قال الجوهري لأنه ظرف قال: وجلست في وسط الدار - بالتحريك -
لأنه اسم، ثم قال: ولك موضع صلح فيه " بين " فهو وسط - بسكون السين - وان لم يصلح
فيه " بين " فهو وسط - بالتحريك.
(2) المخدع - بضم الميم وقد تفتح -: البيت الصغير الذي داخل البيت الكبير. وما
يقال له بالفارسية (پستو). ويفهم من الخبر كراهة صلاتها في المسجد، فكلما كان أقرب
إلى ستره كان أحسن.
(3) الظاهر أنه من كلام الصدوق - رحمه الله - كما يظهر من الوافي وغيره.
(4) هذا لا يلائم القول باستحباب أن تقف المرأة خلف الرجل بمقدار مسقط الجسد
في السجود. (مراد)
397

1181 - وروى داود بن الحصين (1) عنه أنه قال: " لا يؤم الحضري المسافر،
ولا يؤم المسافر الحضري (2)، فان ابتلى الرجل بشئ من ذلك فأم قوما حاضرين
فإذا أتم الركعتين سلم ثم اخذ بيد أحدهم فقدمه فأمهم، فإذا صلى المسافر خلف
قوم حضور فليتم صلاته ركعتين ويسلم ".
1182 - وقد روى أنه " إن خاف على نفسه من أجل من يصلي معه صلى
الركعتين الأخيرتين وجعلهما تطوعا " (3).
1183 - وقد روي أنه " إن كان في صلاة الظهر جعل الأولتين فريضة والأخيرتين
نافلة، وإن كان في صلاة لعصر جعل الأولتين نافلة والأخيرتين فريضة ".
1184 - وقد وري أنه " إن كان في الصلاة الظهر جعل الأولتين الظهر والأخيرتين
العصر ".
وهذه الأخبار ليست مختلفة والمصلي بالخيار بأيها أخذ جاز.
1185 - روى عبد الله بن المغيرة (4) قال: " كان المنصور بن حازم يقول: إذا

(1) في الطريق الحكم بن مسكين ولم يوثق.
(2) محمول على الكراهة لما روى الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي
عبد الله عليه السلام " في المسافر يصلى خلف المقيم؟ قال: يصلى ركعتين ويمضى حيث يشاء ".
(3) يعنى بعد السلام من الأولتين لان العامة يقولون بالتخيير في السفر ويتمون فان
فرغ من الصلاة قبلهم يقولون إنه رافضي (م ت) وقال استاذنا الشعراني: ليس ما يفهم
من اطلاق كلام الشارحين من مذهب أهل السنة في القصر صحيحا وإنما يتم المسافر المقتدى
بالحاضر فقط عندهم واما المسافر ومن يصلى منفردا فمالك والشافعي وأحمد
يرجحون القصر عليه وأبو حنيفة يوجب كما في مذهبنا ويكره عند مالك اقتداء المسافر
بالمقيم حتى لا يلزمه الاتمام وعلى هذا فليس التقصير مطلقا من علامات التشيع الا في الجماعة
في الجملة، والطريق الصحيح للعلم بأقوال العامة الاخذ من كتبهم أو مما نقله علماؤنا عنهم
لا من اشعار هذه الأحاديث والظن والتخمين - انتهى.
(4) الطريق إليه حسن بإبراهيم بن هاشم ومنصور كان من أصحاب الصادق عليه السلام.
398

أتيت الام وهو جالس قد صلى ركعتين فكبر، ثم اجلس فإذا قمت فكبر " (1)
1186 - وقال الصادق عليه السلام " يجزيك من القراءة إذا كنت معهم مثل حديث

(1) كذا مقطوعا. وللمأموم بالنظر إلى وقت دخوله مع الامام أحوال: الأولى أن يدركه
قبل الركوع فيحتسب بتلك الركعة اجماعا، الثانية أن يدركه في حاله ركوعه والأصح ادراك
الركعة بذلك فيكبر تكبيرة الافتتاح وأهوى للركوع ويركع، قال في المنتهى: ولو خاف
الفوات أجزأته تكبيرة الافتتاح غير تكبيرة الركوع اجماعا، الثالثة أن يدركه بعد رفعه
من الركوع ولا خلاف في فوات الركعة بذلك لكنه استحب أكثر علمائنا للمأموم التكبير
ومتابعة الامام في السجدتين وان لم يعتد بهما، واختلفوا في وجوب استيناف النية وتكبيرة
الاحرام بعد ذلك، فقال الشيخ - رحمه الله -: لا يجب، وقطع الأكثر بالوجوب لزيادة
السجدتين، ويظهر من العلامة - قدس سره - في المختلف التوقف في هذا الحكم من أصله
للنهي من الدخول في الركعة عند فوات تكبيرها في رواية محمد بن مسلم *. الرابعة أن
يدركه وقد سجد سجدة واحدة وحكمه كالسابق فعلى المشهور يكبر ويسجد معه الأخرى وفى
الاعتداد بالتكبير الوجهان. الخامسة أن يدركه بعد رفع رأسه من السجدة الأخيرة وقد قطع
الشيخ وغيره بأنه يجلس معه فإذا سلم الامام قام وأتم صلاته بلا استيناف تكبير، ونص في
المعتبر على أنه مخير بين الاتيان بالتشهد وعدمه. (المدارك)
وقوله عليه السلام في هذا الخبر " فإذا قمت فكبر " إذا حمل الصلاة على الثنائية
فالمشهور حينئذ أن يبنى على تلك التكبيرة ويعتد بها ويمكن الجمع بأنه إذا قصد الاستحباب
بالتكبيرة الأولى ومجرد ادراك فضل الجماعة فلابد من تكبيرة الافتتاح بعد القيام وان قصد
بالأولى الافتتاح لم يحتج إلى التجديد، فالحديث يحمل على الأول والمشهور الثاني، ولو
حملت الصلاة على الرباعية أو الثلاثية فلتحمل التكبيرة الأولى على الاستحباب أيضا وزيادة
فضل الجماعة (مراد). وقال المولى المجلسي - رحمه الله -: ينبغي أن يحمل على أنه
إحدى التكبيرتين غير تكبيرة الافتتاح فان زيادة الركن مبطل على المشهور وحمل الثانية
على الاستحباب أظهر، ويمكن أن يكون المراد إذا كان في صلاة الصبح وتكون الأولى
لادراك فضيلة الجماعة فقط لا بقصد كونها تكبيرة الاحرام ويقطعها بالسلام.
* عن الباقر عليه السلام قال لي: " إذا لم تدرك القوم قبل أن يكبر الامام الركعة فلا
تدخل معهم ". وقد أجيب بأنه محمول على الكراهة لدلالة الأخبار الكثيرة على جواز
اللحوق في الركوع.
399

النفس ".
ومن صلى مخالف فقرأ السجدة (1) ولم يسجد فليؤم برأسه.
وإذ قال الام " سمع الله لمن حمده " قال الذين خلفه الحمد لله رب العالمين " (2)
ويخفضون أصواتهم، وإن كان معهم (3) قال: " ربنا لك الحمد ".
1187 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله " من صلى بقوم فاختص نفسه بالدعاء دونهم
فقد خانهم " (4).
1188 - وروى أبو بصير عن أحدهم عليهما السلام قال: " لا تسمعن الامام دعاك
خلفه " (5).
1189 - وقد روى أبي بكر بن أبي سمال (6) قال: " صليت خلف أبي عبد الله
عليه السلام الفجر فلما فرغ من قراءته في الثانية جهر بصوته نحوا مما كان يقرأ
وقال: " اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا في الدنيا والآخرة، إنك على كل
شئ قدير " (7).
1190 - وروى حفص بن البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " ينبغي للامام

(1) أي سورة السجدة.
(2) رواه الحسين بن سعيد في كتابه كما في البحار وقال سلطان العلماء: ظاهره
اختصاص هذا بالمأموم وعبارة بعض الأصحاب يفيد استحبابه للامام والمأموم.
(3) أي مع المخالفين إذ عادتهم قول ذلك. (سلطان)
(4) يدل على استحباب دعاء الامام بلفظ الجمع ويكره بالانفراد وإن كان المنقول
منفردا.
(5) يدل على كراهة اجهار المأموم بالدعوات.
(6) في كتب الرجال والمشيخة " أبى سمال " باللام وهو إبراهيم بن محمد بن
الربيع وفى طريقه عيثم ولا يبعد أن يكون عثمان بن عيسى فيكون ضعيفا. وفى أكثر النسخ
" أبى سماك ".
(7) يعنى دعا عليه السلام في القنوت بلفظ الجمع.
400

أن يجلس حتى يتم من خلفه صلاتهم (1) وينبغي للامام أن يسمع من خلفه التشهد
ولا يسمعونه هم شيئا - يعني الشهادتين - ويسمعهم أيضا السلام علينا وعلى عباد الله
الصالحين ".
1191 - وقال الصادق عليه السلام: " أفسد ابن مسعود على الناس صلاتهم بشيئين
بقوله " تبارك اسمك وتعالى جدك " (2) وهذا شئ قالته الجن بجهالة (3) فحكاه الله
تعالى عنها وبقوله، وبقوله: " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ".
يعني في التشهد الأول، وأما في التشهد الثاني بعد الشهادتين فلا بأس به
لان المصلي إذا تشهد الشهادتين في التشهد الأخير فقد فرغ من الصلاة.
1192 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام " عن الرجل يكون
خلف إمام فيطول التشهد فأخذه البول أو يخاف على شئ أن يفوت أو يعرض له
وجع كيف بصنع؟ قال: يسلم وينصرف ويدع الامام ".
وعلى الامام أن لا يقوم من مصلاه حتى يتم من خلفه الصلاة، فإن قام فلا
شئ عليه.

(1) ظاهره يعم المسبوقين.
(2) في بعض النسخ " تبارك اسم ربك وتعالى جدك " ولعله قراءة ابن مسعود.
(3) أي هذا المذكور وكون " تعالى جدك " مأخوذا من كلام الجن المحكى عنهم في سورة
الجن وهو " وأنه تعالى جد ربنا " ظاهرا، ولعل كون ذلك بجهالة مبنى على أنهم
لم يقصدوا معنى يصح اتصافه تعالى به كأن يقصدوا من الجد الدولة والبخت حقيقة فيمنع
التلفظ به في الصلاة لايهامه ذلك المعنى. قال في جوامع الجامع " تعالى جد ربنا " أي
تعالى جلال ربنا وعظمته من اتخاذ الصاحبة والولد من قولك جد فلان في عيني إذا عظم،
وقيل: جد ربنا سلطانه وملكه وغناه من الجد الذي هو الدولة والبخت مستعار منه. واما
في كون " تبارك اسمك " المستفاد من قوله تعالى في سورة الرحمن " تبارك اسم ربك ذي الجلال
والاكرام " كلام الجن خفاء، ويمكن أن يقال استناد الافساد إلى هذا القول المركب من
القولين باعتبار الفقرة الأخيرة إلى هي من كلام الجن فيكون هذا إشارة إلى الجزء الأخير
دون المجموع، ولعل المراد بالافساد رفع الكمال وقول ما لا ينبغي أن يقال في الصلاة. (مراد)
401

وقال أبي - رحمه الله - في رسالته ألي: إن خرجت منك ريح أو غيرها مما
ينقض الوضوء أو ذكرت أنك على غير وضوء فسلم في أي حال كنت (1) في الصلاة
وقدم رجلا يصلي بالقوم بقية صلاتهم وتوض وأعد صلاتك " (2).
1193 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " ما كان من إمام تقدم في الصلاة وهو
جنب ناسيا أو أحدث حدثا أو رعف رعافا أو أز أزا في بطنه فليجعل (3) ثوبه على أنفه
ثم لينصرف وليأخذ بيد رجل فليصل مكانه ثم ليتوضأ وليتم ما سبقه به من الصلاة (4)
وأن كان جنبا فليغتسل وليصل الصلاة كلها ".
1194 - وروى معاوية بن ميسرة (5) عن الصادق عليه السلام أنه قال: " لا ينبغي

(1) لعل المراد بالتسليم الخروج عن هيئة الصلاة أو تسليم التقدم إلى الغير (مراد)
وقال المولى المجلسي: لعل السلام محمول على الاستحباب ليعلمهم ببطلان صلاته حتى
ينووا الايتمام بالآخر أو الانفراد مع عدمه.
(2) في صورة عدم الوضوء أو فعل المنافى مطلقا فلا ينافي ما سيأتي من الاتمام فإنه
محمول على غير صورة الاتيان بالمنافي. (سلطان)
(3) قوله " ما كان " ما شرطية وقوله: " فليجعل " جزاء الشرط. وقال الفيض - رحمه
الله - إنما أمره عليه السلام أن يأخذ على أنفه ليوهم القوم أن به رعافا، قال صاحب معالم
السنن وفى هذا باب من الاخذ بالأدب في ستر العورة واخفاء القبيح من الامر والتورية
بما هو أحسن منه وليس هذا يدخل في باب الرياء والكذب وإنما هو من باب التجمل
واستعمال الحياء وطلب السلامة من الناس.
(4) ضمير المفعول للامام الثاني والضمير المجرور للموصول أي الامام الأول يتوضأ
ويتم الصلاة التي سبق بها الإمام الثاني، ويحمل على أنه لم يأت بالمنافي. وقال سلطان
العلماء: ضمير الفاعل للامام الأول وضمير المفعول للامام الثاني والضمير المجرور للموصول
وحاصله أن الأول يتوضأ ويتم الصلاة التي سبق الإمام الثاني وينبغي أن يحمل على ما إذا
لم يأت بما ينافي العزم ويحمل كلام الرسالة في إعادة الصلاة على ما إذا أتى بالمنافي كالاستدبار.
(5) الطريق إليه صحيح وهو من أحفاد شريح القاضي.
402

للامام إذا أحدث أن يقدم الا من أدرك الإقامة. فان قدم مسبوقا بركعة (1) فان
عبد الله بن سنان روى عنه عليه السلام أنه قال " إذا أتم صلاته بهم فليؤم إليهم يمينا
وشمالا فلينصرفوا، ثم ليكمل هو ما فاته من صلاته "
1195 - وروى جميل بن دراج عنه عليه السلام " في رجل أم قوما على غير
وضوء فانصرف وقدم رجلا ولم يدر المقدم (2) ما صلى الامام قبله؟ قال: يذكره
من خلفه ".
1196 - وقال زرارة لأبي جعفر عليه السلام: " رجل دخل مع قوم في صلاتهم
وهو لا ينويها صلاة وأحدث أمامهم فأخذ بيد الرجل فقد فصلى بهم أتجزيهم
صلاتهم بصلاته وهو لا ينويها صلاة؟ قال: لا ينبغي للرجل أن يدخل مع قوم في صلاتهم
وهو لا ينويها صلاة، بل ينبغي له أن ينويها وأن كان قد صلى فإن له صلاة أخرى (3)
وإلا فلا يدخلن معهم، وقد يجزي عن القوم صلاتهم وإن لم ينويها " (4).
1197 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام " عن إمام أحدث
وانصرف ولم يقدم أحد ما حال القوم؟ قال: لا صلاة لهم إلا بامام (5) فليقدم بعضهم
بعضهم فليتم بهم ما بقي منها وقد تمت صلاتهم ".
1198 - وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه " سئل عن رجل أم قوما
وصلى بهم ركعة، ثم مات قال: يقدمون رجلا آخر فيعتد بالركعة ويطرحون

(1) علة للجزاء المحذوف بقرينة المذكور أقيمت مقامه وتقدير الكلام فان قدم مسبوقا
بركعة فليؤم فان عبد الله بن سنان - الخ.
(2) أي الذي قدمه الامام.
(3) أي يستحب العبادة ويمكن أن ينوى قضاء أو نافلة. (المرآة)
(4) يدل على أن بطلان صلاة الامام لا يوجب الإعادة على المأمومين مع عدم علمهم
كما هو المشهور. (المرآة)
(5) أي لا صلاة لهم جماعة الا بامام والا فالظاهر جواز اتمامها بل وجوبه منفردا مع عدم
الصالح للإمامة. (م ت)
403

الميت خلفهم ويغتسل من مسه (1). ومن صلى بقوم وهو جنب أو على غير وضوء فعليه
الإعادة وليس عليهم أن يعيدوا وليس عليه أن يعلمهم، ولو كان ذلك عليه لهلك،
قال: قلت: كيف كان يصنع بمن قد خرج إلى خراسان (2)؟ وكيف كان يصنع بمن
لا يعرف؟ قال: هذا عنه موضوع " (3).
1199 - وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إذا فاتك شئ
مع الامام فاجعل أول صلاتك ما استقبلت منها ولا تجعل أول صلاتك آخرها " (4).
ومن أجلسه الامام في موضع يجب أن يقوم فيه تجافي وأقعي إقعاء ولم يجلس
ممكنا (5).

(1) إلى هنا في الكافي ج 3 ص 383 والتهذيب والبقية من تتمة خبر الحلبي ولم
يذكراه، أو من كلام المصنف لكن ينافيه قوله: " قال: قلت ". وقال العلامة المجلسي
- رحمه الله -: محمول على ما إذا مس جسده وقد برد كما رواه في كتاب الاحتجاج عن
عبد الله بن جعفر الحميري أنه كتب إلى الناحية المقدسة " روى لنا عن العالم عليه السلام
أنه سئل عن امام قوم صلى بهم صلاتهم وحدثت عليه حادثة كيف يعمل من خلفه؟ فقال:
يؤخر ويقدم بعضهم ويتم صلاتهم ويغتسل من مسه " فخرج التوقيع ليس على من نحاه الا غسل
اليد وإذا تحدث حادثة تقطع الصلاة تمم صلاته مع القوم - الحديث ". أقول قوله " يطرحون
لميت خلفهم " ظاهره الوجوب وذلك اما بجرهم إياه إلى الخلف من دون استدبار أو
بتقدمهم عليه بالمشي ويدل على اغتقار ذلك للضرورة.
(2) بيان لما أجمله الإمام عليه السلام كأنه قال الراوي نعم إذا كان يجب عليه الاعلام
كيف يصنع بمن خرج إلى كذا ومن خرج إلى كذا.
(3) تأكيد لقوله السابق صلوات الله عليه.
(4) يعنى اقرأ في الأولتين إذا أدركت الامام في الركعة الثالثة في الأولى إذا أمكنك
وفى الثانية. ولا تقرأ في الثالثة والرابعة بتوهم أنه فاتك القراءة في الركعة الأولى فتدركها
في الأخيرتين، وسبح فيهما.
(5) كما في الكافي ج 3 ص 381 يعنى إذا أدرك الامام في الركعة الثانية فإذا جلس الامام
للتشهد يلزم أن يتبعه في الجلوس فقد أجلسه الامام وهو موضع يجب على المأموم القيام.
404

1200 - وروى عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل دخل مع
الامام في الصلاة وقد سبقه بركعة فلما فرغ الامام خرج مع الناس، ثم ذكر أنه
فاتته ركعة، قال: يعيد ركعة واحدة " (1).
1201 - وفي كتاب زياد بن مروان القندي، وفي نوادر محمد بن أبي عمر أن
الصادق عليه السلام قال " في رجل صلى بقوم من حين خرجوا من خراسان حتى
قدموا مكة فإذا هو يهودي أو نصراني قال: ليس عليهم إعادة " (2).
وسمعت جماعة من مشايخنا يقلون: إنه ليس عليهم إعادة شئ مما جهر فيه
وعليهم إعادة ما صلى بهم مما لم يجهر فيه، والحديث المفصل (3) يحكم على المجمل.
1202 - وسئل علي بن حعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام " عن المرأة تؤم
النساء ما حد رفع صوتها بالتكبير والقراءة؟ فقال: قدر ما تسمع ".
1203 - وروى عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سأله عن الرجل
ينسى وهو خلف الامام أن يسبح في السجود أو في الركوع أو ينسى أن يقول بين
السجدتين شيئا، قال: ليس عليه شئ " (4).
1204 - وقال أبو جعفر عليه السلام لرجل: " إي شئ يقول هؤلاء في الرجل
إذا فاتته مع الامام الركعتان؟ قلت: يقولون: يقرأ في الركعتين بالحمد وسورة،
فقال: هذا يقلب صلاته فيجعل أولها آخرها، فقلت: كيف يصنع؟ قال: يقرأ فاتحة
الكتاب في كل ركعة " (5).

(1) تقدم الكلام فيه، ومحمول على ما إذا لم يستدبر القبلة.
(2) نقل عن السيد المرتضى وابن الجنيد - رحمهما الله - أنهما أوجبا فيما إذا ظهر
فسق الامام أو كفره أو حدثه الإعادة مطلقا، والمشهور عدم الإعادة مطلقا.
(3) في بعض النسخ " والحديث المفسر ". وفى بعضها " يحمل على المجمل ". وفى
بعضها " يحمل عليه المجمل ".
(4) يدل على عدم ركنية ذكر الركوع والسجود.
(5) أي في الركعتين الفائتتين لا في الركعتين اللتين أدركهما، فلا ينافي ما تقدم.
والخبر مرسل رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 383 والشيخ في الاستبصار والتهذيب بالاسناد
عن أحمد بن النضر عن رجل عنه عليه السلام.
405

1205 - وسأل عمار الساباطي أبا عبد الله عليه السلام عن رجل سها خلف إمام بعد
ما افتتح الصلاة فلم يقل شيئا ولم يكبر ولم يسبح ولم يتشهد حتى يسلم؟ قال:
قد جازت صلاته وليس عليه شئ إذا سها خلف الامام ولا سجدتا السهو لان الامام
ضامن لصلاة من صلى خلفه " (1).
1206 - وروى محمد بن سهل عن الرضا عليه السلام أنه قال: " الامام يحمل أوهام
من خلفه إلا تكبيرة الافتتاح ".
1207 - والذي رواه أبو بصير عن الصادق عليه السلام حين قال له: " أيضمن الامام
الصلاة؟ فقال: لا ليس بضامن ".
ليس بخلاف خبر عمار وخبر الرضا عليه السلام لان الامام ضامن لصلاة من صلى
خلفه متى سها عن شئ منها غير تكبيرة الافتتاح، وليس بضامن لما يتركه المأموم
متعمدا.
ووجه آخر وهو أنه ليس على الامام ضمان لاتمام الصلاة بالقوم فربما حدث
به حدث قبل أن يتمها أو يذكر أنه على غير طهر وتصديق ذلك:
1208 - ما رواه جميل بن دراج، عن زرارة، عن أحدهما عليهما السلام قال: " سألته
عن رجل يصلي بقوم ركعتين ثم أخبرهم أنه ليس على وضوء، قال: يتم القوم صلاتهم
فإنه ليس على الامام ضمان " (2).

(1) ظاهره يعطى صحة صلاة مأموم سها عن الركوع وغيره من الأركان وحمل على
ما إذا أتى بالافعال والأركان دون الأقوال ويؤيد ذلك قوله " فلم يقل شيئا " فان من لم يركع
ولم يسجد ولم يقم مع الامام لا يقال إنه صلى بصلاته. وأما النية وتكبيرة الاحرام فقد تحققا
بافتتاح الصلاة فإذا سها عنهما فلا معنى لقوله: " بعد ما افتتح الصلاة ". فالمراد بقوله " ولم
يكبر " التكبيرات المستحبة. وقوله: " الامام ضامن لصلاة من خلفه " أي يكون قوله الامام
بمنزلة قوله.
(2) إذ لو كان عليه ضمان كانت صلاتهم تابعة لصلاته فتبطل ببطلانها وما قيل من أن
المراد لا يضمن اتمام صلاتهم فلا يخفى ما فيه من البعد، والمشهور عدم الإعادة فيما إذا علم
فسق الامام أو كفره أو كونه على غير طهارة بعد الصلاة وكذا في أثنائها. (المرآة)
406

جل حجج الله عليهم السلام أن تكون أخبارهم مختلفه إلا لاختلاف الأحول.
1209 - وقال أبو المغرا حميد بن المثنى: " كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسأله حفص الكلبي فقال: " أكون خلف الامام وهو يجهر بالقراءة فأدعو وأتعوذ (1)؟ قال:
نعم فادع "
1210 - وروى الحسين بن عبد الله (2) الأرجاني عنه عليه السلام أنه قال:
" من صلى في مسجده ثم أتى مسجد من مساجدهم فصلى معهم (3) خرج بحسناتهم ".
1211 - وروى عبد الله بن سنان عنه عليه السلام أنه قال: " ما من عبد يصلي في
الوقت ويفرغ ثم يأتيهم ويصلي معهم (4) وهو على وضوء إلا كتب الله خمسا وعشرين
درجه ".
1212 - وقال له أيضا: " إن على بابي مسجدا يكون فيه قوم مخالفون
معاندون فهم يمسون في الصلاة (5) وأنا أصلي العصر، ثم أخرج فأصلي معهم؟ فقال:
أما أن ترضى تحسب لك بأربع وعشرين صلاة " (6).
1213 - وقال الصادق عليه السلام: " إذا صليت معهم غفر لك بعدد من خالفك ".
1214 - وروى الحلبي عنه، عن أبيه عليه السلام قال: " إذا صليت صلاة وأنت في
المسجد فأقيمت الصلاة، فإن شئت فاخرج فصل معهم وجعلها تسبيحا ". (7)
1215 - وروى إسحاق بن عمار عنه عليه السلام أنه قال: " صل وجعلها لما فات ".
1216 - وروى معاوية بن شريح (8) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إذا جاء

(1) " فأدعو " أي عند آية الرحمة، و " أتعوذ " أي عند آية العذاب.
(2) في بعض النسخ " الحسين بن أبي عبد الله " ولم أجده في كتب الرجال بهذا العنوان.
(3) أي مع المخالفين وكذا في الخبر الآتي.
(4) أي يأتيهم تقية ويصلى معهم نافلة وتطوعا.
(5) أي يصلون قرب الغروب، وفى بعض النسخ " يمسون بالصلاة ".
(6) أي تحسب الزيادة أربع وعشرين فلا ينافي كون المجموع خمسا وعشرين (سلطان)
قاله دفعا للمنافاة بينه وبين ما تقدم مع أنه لا منافاة كما هو الظاهر.
(7) قد يطلق التسبيح على صلاة التطوع والنافلة. (النهاية)
(8) طريق المصنف إليه قوى بعثمان بن عيسى، وقيل: ضعيف به وفى الخلاصة انه صحيح.
407

الرجل مبادرا والامام راكع أجزأته تكبيرة واحدة لدخوله في الصلاة والركوع ". (1)
ومن أدرك الامام وهو ساجد كبر وسجد معه ولم يعتد بها (2).
ومن أدرك الامام وهو في الركعة الأخيرة فقد أدرك فضل الجماعة.
ومن أدركه وقد رفع رأسه من السجدة الأخيرة وهو في التشهد فقد أدرك
الجماعة وليس عليه أذان ولإقامة.
ومن أدركه وقد سلم فعليه الأذان والإقامة (3).
ولا يجوز جماعتان في صلاة واحدة (4).
1217 - فقد وروى محمد بن أبي عمير، عن أبي علي الحراني قال: " كنا عند
أبي عبد الله عليه السلام فأتاه رجل فقال: صلينا في مسجد الفجر فانصرف بعضنا وجلس بعض
في التسبيح فدخل علينا رجل المسجد فأذن فمنعناه ودفعناه عن ذلك، فقال أبو عبد الله
عليه السلام: أحسنتم ادفعوه عن ذلك وامنعوه أشد المنع، فقلت له: فإن دخل جماعة
فقال: يقفون في ناحية المسجد ولا يبدو لهم إمام " (5).

(1) " مبادرا " أي مسرعا والمراد باجزاء التكبيرة الواحدة ترتب ثواب التكبيرتين على
هذا التكبير (مراد) ويحتمل أن يكون المراد انه لو خاف المأموم رفع رأس الامام من
الركوع وفوات الركعة يكتفى بتكبيرة الاحرام وهو يجزى عن تكبيرة الركوع. (م ت)
(2) ظاهره يشمل سجدة الركعة الأخيرة وغيرها وأما إذا كان في السجدة الأخيرة أو الأولى
فان سجد معه سجدتين فقد زاد ركنا في صلاته، فحينئذ ان رجع الضمير المجرور في
" لم يعتد بها " إلى السجدة كان ذلك من المواضع التي يغتفر فيها زيادة الركن وان رجع
إلى التكبيرة كانت التكبيرة الأولى مستحبة فيأتي بعد قيام الامام أو بعد تسليمه بالتكبير
الواجب. (مراد)
(3) أي إذا تفرقت الصفوف.
(4) لعل المراد الكراهة الشديدة.
(5) موضع الاستشهاد قوله عليه السلام: " يقومون في ناحية المسجد ولا يبدو لهم امام "
وأنت خبير بأن ذلك لو دل على وجوب قيامهم في ناحية وحرمة أن يؤمهم امام لم يدل على
حرمة أن يصلى جماعتان معا أو أن يصلى الجماعة الثانية بعد تفرق الأولى فظاهر المدعى
تشمل تينك الصورتين فينبغي الحمل على غيرهما. (مراد)
408

ومن نسي التسليم خلف الامام أجزاه تسليم الامام (1) ومن سها فسلم قبل الامام
فليس به بأس.
1218 - وروى الحسن بن محبوب: عن جميل بن صالح، عن سماعة، عن
أبي عبد الله عليه السلام " في رجل سبقه الامام بركعة ثم أوهم الامام (2) فصلى خمسا؟ قال:
يقضي تلك الركعة (3) ولا يعتد بوهم الامام " (4).
باب
* (وجوب الجمعة وفضلها ومن وضعت عنه والصلاة والخطبة فيها) *
1219 - قال أبو جعفر الباقر عليه السلام لزرارة بن أعين: " إنما فرض الله عز وجل
على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة، منها صلاة واحدة فرضها الله
عز وجل في جماعة وهي الجمعة، ووضعها عن تسعة: عن الصغير والكبير والمجنون
والمسافر والعبد والمرأة والمريض والأعمى ومن كان على رأس فرسخين (5).

(1) رواه الشيخ في التهذيب عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام.
(2) الظاهر أن المعنى أن الرجل لما قام إلى رابعته توهم الامام أنه بقي عليه أيضا
ركعة فأتى بركعة. (مراد)
(3) أي الرجل يأتي بتلك الركعة وبه يتم صلاته ولا يضره بطلان صلاة الامام بها،
ويمكن أن يراد بقضاء تلك الركعة ايتانه بها على قصد الانفراد وإذا ائتم به مع علمه بأنها خامسته
فالظاهر حينئذ بطلان صلاته، أما إذا سها في ذلك احتمل صحتها. (مراد)
(4) يحتمل أن يكون المراد أنه لا يضره وهم الامام لولا يقتدى به في الخامسة التي هي
رابعته بل ينفرد. (سلطان)
(5) هذا الحديث دال بظاهره على وجوب الجمعة عينا فمن أثبت التخيير واشترط الامام
أو نائبه فعليه الاثبات وادعى العلامة في التحرير الاجماع على انتفائه العيني وهذا الاجماع كالخبر
فيحتاج مع التعارض إلى الترجيح وكلام المصنف هنا وفيما سبق ينادى بنفي الاجماع وكذا كلام
المفيد في المقنعة (الشيخ محمد ره)
وقال استاذنا الشعراني - مد ظله العالي -: وفيه مواقع للنظر: الأول تمسكه بظاهر
الحديث وعدم تمسكه بالقرآن الكريم فان دلالة قوله تعالى " إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة
فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع " أظهر جدا بل صريح في الوجوب العيني.
الثاني قوله: " فمن أثبت التخيير واشترط الامام أو نائبه فعليه الاثبات " ليس مما ينكره أحد
حتى يستدل عليه بهذا الحديث ويفرعه بالفاء.
الثالث قوله: " هذا الاجماع كالخبر " يريد به أن الاجماع المنقول بمنزلة خبر الواحد،
والأرجح أن الاجماع المنقول ليس بحجة لان خبر الواحد عن حس لا يشتبه على أكثر الناس
غالبا والاجماع يستنبط من قرائن دقيقة حدسية يحتاج الحدس منها إلى مقدمات يختلف الانظار
فيها فاستنباط الاجماع اجتهاد لا يجب قبوله من مجتهد آخر.
الرابع " كلام المصنف يعنى ابن بابويه ينادى بنفي الاجماع " ففيه أن الصدوق رحمه الله
لم يزد هنا على ايراد هذه الرواية واظهار عدم الاعتماد عليها لتفرد حريز عن زرارة به واعتماده
فيما يعتمد عليه من مضامين هذه الرواية على تأيده بروايات أخر على ما يظهر منه وأما كلام
المفيد في المقنعة فقال: والشرائط التي تجب في من يجب معه الاجتماع أن يكون حرا بالغا
طاهرا في ولادته مجنبا من الأمراض: الجذام والبرص خاصة في جلدته، مسلما مؤمنا معتقدا
للحق بأسره في ديانته، مصليا للفرض في ساعته فإذا كان كذلك واجتمع معه أربعة نفر وجب
الاجتماع - انتهى.
وهذا لا ينافي كون وجوبه مشروطا بشرط آخر كنصب الامام الأصل إياه لصلاة الجمعة
أو للأعم ولم يذكره المفيد - رحمه الله - لعلة لا نعلمها أو لأنه لم ير التصريح بعدم صحة نصب خليفة
الوقت إياه مصلحة وعدم وجود الشرط في زمان كما إذا كان الامام غائبا لا ينافي وجوبها تعيينا
في الأصل كسقوط الظهر عن الحائض.
الخامس سلمنا تصريحهما بنفي الاجماع لكن من نقل الاجماع على الاشتراط أكثر
جدا - انتهى كلامه زاد الله تعالى في عمره.
وقال المولى المجلسي - رحمه الله -: اشتمل هذه الصحيحة على أحكام منها وجوب الجمعة
عينا على كل مكلف غير السبعة المستثناة بلفظه الفريضة المكررة مبالغة مع وجوبها تخييرا
على السبعة فيظهر أن الوجوب على غيرهم من المكلفين عيني، ومنها وجوب الجماعة فيها وهو
أيضا مجمع عليه ولا يصح منفردا، ولا شك في وجوب نية الايتمام، ومنها رجحان الجهر بالقراءة
ولا ريب فيه، وأما أنه على الوجوب فغير معلوم وإن كان العمل عليه، ومنها وجوب الغسل والأظهر أن
المراد بالوجوب تأكد الاستحباب، ومنها القنوت مرتين وظاهره الوجوب وحمل على الاستحباب
المؤكد، وأما قوله " وتفرد بهذه الرواية حريز عن زرارة " فمراده في أمر القنوت مرتين،
وكونه في الركعة الأولى قبل الركوع وفى الثانية بعده لمن صلى جماعة ومن صلاها
وحده فعليه قنوت واحد في الركعة الأولى قبل الركوع، واما الحكم الأخير فالظاهر أنه
من المتفردات - انتهى.
409

و (1) القراءة فيها بالجهر والغسل فيها واجب [و] على الامام (2) فيها قنوتان قنوت في
الركعة الأولى قبل الركوع وفي الركعة الثانية بعد الركوع ".
ومن صلاها وحده فعليه قنوت واحد في الركعة الأولى قبل الركوع.
وتفرد بهذه الرواية حريز عن زرارة.
والذي أستعمله وأفتى به ومضى عليه مشايخي - رحمة الله عليهم - هو أن القنوت
في جميع الصلوات في الجمعة وغيرها في الركعة الثانية بعد القراءة وقبل الركوع. (3)
1220 - وقال زرارة: " قلت له: على من يجب الجمعة؟ قال: تجب على سبعة

(1) الخبر في الكافي ج 3 ص 419 والتهذيب ج 1 ص 251 إلى قوله: " على رأس
فرسخين " وظاهر قول المصنف " وتفرد بهذه الرواية حريز عن زرارة " كون التتمة من الحديث
وفى الوسائل نقل تمامها من حديث حريز عن زرارة في تضاعيف الأبواب، ولولا قول المصنف
رحمه الله - " وتفرد بهذه الرواية حريز عن زرارة " هنا لقلنا: قوله والقراءة فيها بالجهر - إلى
آخره - " من كلام المصنف لكن رواه في الخصال ص 422 مسندا إلى قوله " بعد الركوع "
وفى كون الرواية من متفردات حريز عن زرارة نظر لان صدرها مروية في الكافي والتهذيب من
رواية أبي بصير ومحمد بن مسلم وسماعة وذيلها يعنى من قوله " ومن صلاها - الخ " من رواية أبي بصير
عن الصادق عليه السلام كما في الاستبصار ج 1 ص 417 باب القنوت في صلاة الجمعة.
(2) الظاهر أنه خبر تقدم على المبتدأ وهو القنوتان، ويحتمل تعلقه بواجب وحينئذ
يمكن الجمع بين ما دل على وجوب غسل الجمعة وما دل على عدم وجوبه بتخصيص الوجوب
بالامام، وفى بعض النسخ " وعلى الامام " بالواو. (مراد)
(3) ظاهره أن في الجمعة أيضا قنوتا واحدا في الثانية، ويمكن ارجاعه إلى أن القنوت
في الثانية أيضا قبل الركوع كما أنه في الأولى كذلك. (مراد)
411

نفر من المسلمين. ولا جمعة (1) لأقل من خمسة من المسلمين أحدهم الامام. فإذا اجتمع
سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم ".
1221 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " إنما وضعت الركعتان اللتان أضافهما النبي
صلى الله عليه وآله يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الامام، فمن صلى يوم الجمعة في غير جماعة
فليصلها أربعا كصلاة الظهر في سائر الأيام ". (2)
1222 - وقال عليه السلام: " وقت صلاة الجمعة يوم الجمعة ساعة تزول الشمس
، ووقتها في السفر والحضر واحد وهو من المضيق، وصلاة العصر يوم الجمعة في الأولى
في سائر الأيام ". (3)

(1) قال الفاضل التفرشي: لعله من كلام المؤلف. أقول: سمعت بعض الفضلاء المحققين
من تلامذة الحاج آقا حسين البروجردي - قدس سره - نقل عنه أنه قال: من قوله " فإذا
اجتمع سعة - إلى قوله - وخطبهم " كان من قوله المصنف. وقال سلطان العلماء - رحمه
الله -: لم يذكر حكم الخمسة فيحتمل أنه متردد فيه، أو يقول باستحباب الجمعة حينئذ
كما قال به الشيخ - رحمه الله - في الاستبصار، أو التخيير حينئذ، أو يحمل السبعة على
كمالها لا أنه أقل المراتب لكن تنافيه رواية محمد بن مسلم، وهي الآتية تحت رقم 1224.
(2) هذا ذيل الخبر الذي رواه المصنف عن زرارة تحت رقم 600 باب فرض الصلاة.
(3) يحتمل أن يكون ذيل هذه المرسلة مأخوذا من رواية زرارة عن أبي جعفر عليه
السلام المروية في التهذيب ج 1 ص 249 قال: " سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ان من
الأمور أمورا مضيقة وأمورا موسعة وان الوقت وقتان، الصلاة مما فيه السعة فربما عجل رسول الله
صلى الله عليه وآله وربما أخر الا صلاة الجمعة فان صلاة الجمعة من الأمور المضيق إنما لها
وقت واحد حين تزول، ووقت العصر يوم الجمعة وقت الظهر في سائر الأيام ". وقال سلطان
العلماء: قوله: " يوم الجمعة ساعة " كأنه أطلق على الأعم من صلاة الظهر يوم الجمعة
وصلاة الجمعة ولهذا قال: وقتها في السفر والحضر واحد. وقوله: " في وقت الأولى " أي
وقت صلاة الظهر لعدم النافلة يوم الجمعة بعد الظهر مقدما على الفرض فوقعت صلاة الجمعة
موقع نافلة الظهر، والعصر موقع الظهر - ا ه‍. وقال الفاضل التفرشي: قوله " وصلاة العصر
يوم الجمعة في وقت الأولى " أي المفروض الأول وهو الظهر وذلك أن وقت الظهر أول الزوال
وتأخيره في ساير الأيام لمكان النافلة قبله، والنافلة في يوم الجمعة قبل الزوال فيخلص
الزوال للظهر، ولما كان العصر بعد الظهر من دون أن يتقدم عليه نافلة أيضا فلا جرم يصير في
وقت الظهر في سائر الأيام.
412

1223 - وروى عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " لا
بأس أن تدع الجمعة في المطر ". (1)
1224 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " تجب الجمعة على سبعة
نفر من المؤمنين ولا تجب على أقل منهم: الامام وقاضيه، ومدعي حق، وشاهدان
والذي يضرب الحدود بين يدي الامام ". (2)

(1) الأحوط أن لا يتركها الا مع المشقة الشديدة، ويدل بالمفهوم على وجوب
الجمعة، ولا ريب أن المنفى الوجوب العيني والتخيير بحاله. (م ت)
(2) جمع ابن بابويه والشيخ أبو جعفر الطوسي - رحمهما الله - هذا الخبر مع
خبر الخمسة بالحمل على الوجوب العيني في السبعة والوجوب التخييري في الخمسة وهو حمل
حسن، ويكون معنى قوله " لا يجب على أقل منهم " نفى الوجوب العيني لا مطلق الوجوب
وقال في التذكرة الرواية ليست ناصة في المطلوب لان الأقل من السبعة قد يكون أقل من
الخمسة فيحمل عليه جمعا بين الأدلة. وقال الشهيد في الذكرى بعد نقل هذا الكلام: فيه بعد
لأنه خلاف الظاهر ولان " أقل " نكرة في سياق النفي فيعم - ا ه‍. وقال المولى المجلسي: الظاهر
أن المراد منه بيان وجه الحكمة في الاحتياج إلى السبعة كما ذكره جماعة من الأصحاب
لان الاجتماع مظنة التنازع فكل اجتماع فيه تنازع لابد فيه من المدعى والمدعى عليه ولابد
من امام يرفع إليه ومن شاهدين يشهدان على الحق ولو عرض للامام عذر فلابد من نائبه ولو
تعدى أحد المدعيين على الاخر واستحق الحد أو التعزير فلابد ممن يضر الحدود، وحكمة
الاكتفاء بالخمسة أن عروض العذر واستحقاق الحد نادر، ولا دلالة فيه على اشتراط الإمام عليه السلام
كما أنه لا يشترط البواقي اجماعا ولو قيل بالاشتراط فإنما مع حضوره.
أقول: قد وردت روايات في أن الجمعة من مناصب الإمام عليه السلام كالخبر المروى
في دعائم الاسلام ج 1 ص 184 " عن علي بن الحسين عليهما السلام أنه كان يشهد الجمعة
مع أئمة الحور ولا يعتد بها ويصلى الظهر لنفسه ". وعن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه
قال: لا جمعة الا مع امام عدل تقى ". وعن علي عليه السلام أنه قال: " لا يصلح الحكم ولا
الحدود ولا الجمعة الا بامام ". وفى الأشعثيات ص 42 مسندا عن جعفر بن محمد عن آبائه
عن علي عليهم السلام قال: " لا يصلح الحكم ولا الحدود ولا الجمعة الا بامام وفى المحكى
عن رسالة الفاضل ابن عصفور مرسلا عنهم عليهم السلام " ان الجمعة لنا والجماعة لشيعتنا "
وكذا روى عنهم عليهم السلام " لنا الخمس ولنا الأنفال ولنا الجمعة ولنا صفو المال " وفى
النبوي " ان الجمعة والحكومة لإمام المسلمين ". وفى الصحيفة السجادية في دعاء الجمعة
والأضحى " اللهم ان هذا المقام لخلفائك وأصفيائك ومواضع امنائك في الدرجة الرفيعة التي
اختصصتهم بها، قد ابتزوها وأنت المقدر لذلك - إلى أن قال: - حتى عاد صفوتك وخلفاؤك
مغلوبين مقهورين مبتزين يرون حكمك مبدلا - إلى أن قال - اللهم العن أعداءهم من
الأولين والآخرين ومن رضى بفعالهم وأشياعهم لعنا وبيلا ". وهذه الروايات مع تأييدها
بفتاوى العلماء تكون حجة في اشتراط حضور الامام أو نائبه أو من نصبه. وأورد عليه اشكالات وسيأتي
الكلام فيه.
413

1225 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " أول وقت الجمعة ساعة تزول الشمس إلى أن
تمضي ساعة (1) فحافظ عليها، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لا يسأل الله عز وجل عبد فيها
خيرا إلا أعطاه ".
وقال أبي - رضي الله عنه - في رسالته إلي: إن استطعت أن تصلي يوم الجمعة
إذا طلعت الشمس ست ركعات، وإذا انبسطت ست ركعات وقبل المكتوبة ركعتين و
بعد المكتوبة ست ركعات فافعل.
وفي نوادر أحمد بن محمد بن عيسى " وركعتين بعد العصر ".

(1) يمكن الاستدلال به على أن مضى الساعة وهو انتهاء وقتها وفى أكثر الأوقات
يكون قدر القدمين ساعة مستقيمة فيكون موافقا لما فهم من حديث زرارة فتدبر. وقال الفاضل
التفرشي: أي ما بعد ساعة في العرف وهو زمان قليل تختلف باختلاف المقامات وفى الصحاح
الساعة الوقت الحاضر، وأما الحمل على معناها في عرف المنجمين فليس ما يدل عليه فيحمل
هنا على الزمان الحاضر الذي تسع الصلاة - ا ه‍. وقال المولى المجلسي: أي يمكن الابتداء به
إلى مضى الساعة وهو انتهاء وقته وفى أكثر الأوقات يكون قدر القدمين ساعة، ويمكن أن
يكون المراد بالساعة القدمين أو الساعة العرفية، فحافظ على هذه الساعة بايقاع الصلاة فيها.
414

وإن قدمت (1) نوافلك كلها في يوم الجمعة قبل الزوال أو أخرتها إلى بعد
المكتوبة فهي ست عشرة ركعة، وتأخيرها أفضل من تقديمها، فإذا زالت الشمس في يوم
الجمعة فلا تصل إلا المكتوبة، وقرأ في صلاة العشاء الآخر ليلة الجمعة سورة الجمعة
وسبح اسم ربك [الاعلى] وفي صلاة الغداة والظهر والعصر سورة الجمعة والمنافقين،
فإن نسيتهما أو واحدة منهما في صلاة الظهر وقرأت غيرهما ثم ذكرت فارجع إلى سورة
الجمعة والمنافقين ما لم تقرأ نصف السورة، فإذا قرأت نصف السورة فتتم السورة
وجعل الركعتين (2) نافلة وسلم فيهما، وأعد صلاتك بسورة الجمعة والمنافقين، ولا بأس
بأن تصلي العشاء والغداة والعصر بغير سورة الجمعة والمنافقين إلا أن الفضل في أن
تصليها بالجمعة والمنافقين. ومن أراد أن يقرأ في صلاته بسورة فقرأ غيرها فليرجع
إليها إلا أن تكون السورة قل هو الله أحد فلا يرجع منها إلى غيرها إلا يوم الجمعة في
صلاة الظهر فإنه يرجع منها إلى سورة الجمعة والمنافقين، وما روي من الرخص
في قراءة غير الجمعة والمنافقين في صلاة الظهر يوم الجمعة فهي للمريض والمستعجل
والمسافر.
1226 - وروى صفوان ان ابن يحيى، عن علي بن يقطين قال: " سألت أبا الحسن
عليه السلام عن الجمعة في السفر ما أقرأ فيهما؟ قال: اقرأ فيهما قل هو الله أحد ". (3)

(1) قال الفاضل التفرشي: هذا من كلام المؤلف - رحمه الله - بين به مختاره بعد
ما بين مختار أبيه ومختار أحمد بن محمد بن عيسى - رضي الله عنهم - أقول: والظاهر
أنه من تتمة كلام أبيه كما فهمه الشهيد في الذكرى حيث قال في قوله " فهي ست عشرة
ركعة " يلوح من كلام ابن بابويه أن النافلة ست عشرة ركعة لا غير كسائر الأيام وتفصيلها
السالف ينافيه إذ هو عشرون، ويمكن حمله على أن العشرين وظيفة من فرق ذلك التفريق
والست عشر لمن قدم الجميع قبل الزوال أو أخر الجميع إلى ما بعده.
(2) فتضم إليها ركعة ان كانت الركعة المفروضة هي الركعة الأولى. (مراد)
(3) يدل على رجحان الجمعة في السفر الا أن يأول بالظهر كما ورد من اطلاق كل
منهما على الأخرى، وعلى استحباب قراءة التوحيد في الركعتين، وربما كان الوجه تخفيف
التكليف في السفر، ويمكن الحمل على الجواز مع الكراهة لما رواه الكليني ج 3 ص 426
في الحسن كالصحيح عن عمر بن يزيد قال: " قال أبو عبد الله عليه السلام: من صلى الجمعة
بغير الجمعة والمنافقين أعاد الصلاة في سفر أو حضر " وروى " لا بأس في السفر أن يقرأ بقل
هو الله أحد ".
415

1227 - وروى جعفر بن بشير: وعبد الله بن جبلة، عن عبد الله بن سنان عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: " سمعته يقول في صلاة الجمعة: لا بأس أن تقرأ فيها بغير الجمعة
والمنافقين إذا كنت مستعجلا ". (1)
وغسل يوم الجمعة من وقت طلوع الفجر إلى أن تزول الشمس وهو سنة واجبة
ويبدأ فيها بالوضوء. (2)
1228 - و " كان موسى بن جعفر عليه السلام يتهيأ يوم الخميس للجمعة ". (3)
1229 - وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " وقت الجمعة زوال
الشمس ووقت صلاة الظهر في السفر زوال الشمس ووقت العصر يوم الجمعة في الحضر
نحو من وقت الظهر في غير يوم الجمعة ".
1230 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " لا كلام والامام يخطب، ولا التفات ألا كما

(1) ظاهره الاستحباب فان الاستعجال لا يصير سببا لسقوط الواجب. (م ت)
(2) لا منافاة بينهما إذ ليس المراد بالسنة هو المندوب المقابل للواجب بل ما ثبت
بالسنة سواء كان ذكر الواجب لإفادة معناه أو ليفيد تأكيد الاستحباب. وقوله: " يبدأ فيها
بالوضوء " إن كان الضمير راجعا إلى الجمعة فالمراد استحباب تقديم الوضوء على الغسل ليرد
الطهر على الطهر وكان ذلك تكريما لغسل الجمعة، سواء كان الوضوء واجبا أو مندوبا فان
رجع إلى السنة الواجبة وهو الغسل فالظاهر أنه حينئذ من متمماته كما في غسل غير الجنابة
فكما أن مجموع الغسل والوضوء في غير غسل الجنابة يرفع النجاسة الحكمية المانعة من
دخول الصلاة عن بدن المغتسل كذلك هنا مجموع الطهارتين يوجب التنزه عما عرض الانسان
من ارتكاب معصية أو عمل لا يليق بجناب القدس ولا يرتفع ذلك على الوجه الأكمل الا بهما. (مراد)
(3) الظاهر المراد تقديم بعض المستحبات مثل تطهير اللباس وحلق الرأس وتقليم
الأظفار وأخذ الشارب وكل ما لو أخره لاشتغل به يوم الجمعة عن العبادة.
416

يجعل في الصلاة (1) وأنما جعلت الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين، جعلتا مكان الركعتين
الأخيرتين، فهي (2) صلاة حتى ينزل الامام ". (3)
1231 - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " لا بأس
أن يتكلم الرجل إذ فرغ الامام من الخطبة يوم الجمعة ما بينه وبين أن تقام الصلاة (4)
وإن سمع القراءة أو لم يسمع أجزاه ".
1232 - وروى سماعة عنه عليه السلام أنه قال: " صلاة [يوم] الجمعة مع الامام
ركعتان فمن صلى وحده فهي أربع ركعات ". (5)

(1) أي من الالتفات القليل الغير المبطل للصلاة وكذلك الخطبة (سلطان) والظاهر
أن ذلك بالنسبة إلى المأمومين. (مراد)
(2) أي الخطبة كالصلاة فيشترط فيها ما يشترط في الصلاة الا ما أخرجه الدليل
(مراد) وقال سلطان العلماء: مثل ذلك في صحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام
وفيها دلالة على أن الخطيب لابد أن يكون متطهرا كما ذهب إليه الشيخ في الخلاف
[والمبسوط]. وبيان ذلك أن الحقيقة غير مرادة قطعا فيصار إلى أقرب المجازات وهو
مساواتها للصلاة في جميع الأحكام. واعترض عليه العلامة في المختلف بوجوه أحدها أنه
يحتمل ارجاع ضمير " هي " إلى الجمعة. الثاني أن المشابهة لا يلزم أن يكون في الطهارة
لاحتمالها بوجه آخر. الثالث أنه يحتمل أن يكون المراد بالصلاة معناها اللغوي أي الدعاء
نقل ذلك المحقق الشيخ على في شرح القواعد ثم رده. أقول: اختار العلامة في منتهى المطلب
وجوب الطهارة وكذا ابنه فخر المحققين في الايضاح.
(3) قوله " حتى " غاية للخطبتين أي نهاية الخطبتين نزول الامام.
(4) الخبر في الكافي ج 3 ص 421 هكذا " قال عليه السلام: إذا خطب الامام يوم
الجمعة فلا ينبغي لاحد أن يتكلم حتى يفرغ الامام من خطبته وإذا فرغ الامام من الخطبتين
تكلم ما بينه وبين أن تقام الصلاة - الحديث ". ويدل على أن الخطبة قبل الصلاة خلافا
للمؤلف لما سيأتي عنه في آخر الباب.
(5) الطريق حسن بإبراهيم بن هاشم أو قوى بعثمان بن عيسى وقوله " صلاة يوم الجمعة "
أي صلاة ظهر يوم الجمعة والحكم فيها إذا كان امام يخطب فركعتان وإذا لم يكن فأربع ركعات
ولو صليت جماعة، كما فسره الكليني في الكافي ج 3 ص 421.
417

1133 - وروى حماد بن عثمان، عن عمران الحلبي قال: " سئل أبو عبد الله عليه السلام
عن الرجل يصلي الجمعة أربع ركعات (1) أيجهر فيها بالقراءة؟ (2) قال: نعم والقنوت
في الثانية ".
وهذه رخصة الاخذ بها جائز والأصل أنه إنما يجهر فيها إذا كانت خطبة (3)
فإذا صلاها الانسان وحده فهي كصلاة الظهر في سائر الأيام يخفي فيها القراءة وكذلك
في السفر (4) من صلى الجمعة جماعة بغير خطبة جهر بالقراءة وإن أنكر ذلك عليه (5)
وكذلك إذا صلى ركعتين بخطبة في السفر جهر فيها. (6)
1234 - وروى الفضل بن عبد الملك (7) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إذا أدرك
الرجل ركعة فقد أدرك الجمعة (8) وإن فاتته فليصل أربعا ". (9)

(1) الطريق صحيح ويدل على اطلاق الجمعة على ظهر يوم الجمعة.
(2) لفظة " القراءة " قرينة على كون المراد الركعتين الأولتين لتعينهما للقراءة
(3) أي هناك فكانت الصلاة ركعتين. (مراد)
(4) أي يجهر فيها رخصة. (مراد)
(5) في التهذيبين باسناده عن محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام قال: قال لنا:
صلوا في السفر صلاة الجمعة جماعة بغير خطبة واجهروا بالقراءة، فقلت انه ينكر علينا الجهر
بها في السفر؟ فقال: اجهروا بها ".
(6) لعل المراد كون الركعتين مقرونتين بخطبة لا من حيث هما بشرائط الجمعة، و
حاصله أنها إذا صليت في السفر كانت ركعتين لوجوب القصر، فهي من حيث هي ظهر يجهر
فيها رخصة سواء خطب مع الركعتين أم لا، وأما حمل السفر على سفر فيه يقام عشرة أيام ففيه
أن مثله في حكم الحضر كان الجهر واجبا على تقدير الخطبة ولم يكن مما يجهر فيها رخصة
كما يفهم من ظاهر العبارة. (مراد)
(7) الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة وهو ثقة.
(8) يدرك المأموم الجمعة بادراك الركوع اجماعا وبادراكه في الركوع على الأصح
سواء أدى واجب الذكر أم لا. (الذكرى)
(9) يدل على ادراك الجمعة بادراك الامام قبل الركوع وعلى عدم ادراكها بعد الركوع
ويؤيده حسنة الحلبي الآتية ويمكن بالتخيير لعموم الأخبار الصحيحة المتقدمة في ادراك
الصلاة بادراك الركوع، وأما ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان عن الصادق عليه السلام
قال " في الجمعة لا تكون الا لمن أدرك الخطبتين " فمحمول على نفى الكمال جمعا بين الاخبار،
ويمكن أن يكون هذا الحكم من خصوصيات الجمعة. (م ت)
418

1235 - وروى الحلبي عنه عليه السلام أنه قال: " إذا أدركت الامام قبل أن يركع
الركعة الأخيرة أدركت الصلاة. وإن أدركته بعد ما ركع فهي أربع بمنزلة
الظهر ". (1)
1236 - وروى عبد الرحمن بن الحجاج (2) عن أبي الحسن عليه السلام " في رجل صلى
في جماعة يوم الجمعة فلما ركع الامام ألجأه الناس إلى جدار أو أسطوانة فلم يقدر
على أن يركع ولا [أن] يسجد حتى يرفع القوم رؤوسهم أيركع ثم يسجد ويلحق بالصف
وقد قام القوم أم كيف يصنع؟ فقال: يركع ويسجد، ثم يقوم في الصف ولا بأس
بذلك ".
1237 - وروى سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال " سمعت أبا
عبد الله عليه السلام يقول في رجل أدرك الجمعة وقد ازدحم الناس فكبر مع الامام وركع ولم
يقدر على السجود وقام الامام والناس في الركعة الثانية وقام هذا معهم، فركع الامام
فلم يقدر هذا على الركوع في الركعة الثانية من الزحام وقدر على السجود كيف يصنع؟
فقال: أما الركعة الأولى فهي إلى عند الركوع تامة فلما لم يسجد لها حتى دخل
في الركعة الثانية لم يكن له ذلك (3) فلما سجد في الثانية إن كان نوى هاتين السجدتين
للركعة الأولى فقد تمت له الأولى، فإذا سلم الامام قام فصلى ركعة فيسجد بها ثم

(1) أي بمنزلة في سائر الأيام. (مراد)
(2) في طريقه أحمد بن محمد بن يحيى العطار ولم يوثق صريحا الا أنه يكون من مشايخ
الإجازة (جامع الرواة) وعند العلامة الطريق صحيح.
(3) أي الركوع مع الامام وان قدر عليه لئلا يتكرر عليه الركوع، نعم لو كان قد سجد
السجدتين للأولى عند قيام الامام إلى الثانية كان له أن يركع مع الامام في الثانية، كما إذا
منع من الركوع والسجود حتى يرفع القوم رؤوسهم فركع وسجد ولحق بالصف كما مر (مراد)
419

تشهد وسلم، وإن كان لم يكن ينوي السجدتين للركعة الأولى لم تجز عنه الأولى
ولا الثانية وعليه أن يسجد سجدتين وينوي أنها للركعة الأولى (1) وعليه بعد ذلك
ركعة تامة يسجد فيها ".
1238 - وروى ربعي بن عبد الله، وفضيل بن يسار (2) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه
قال: " ليس في السفر جمعة ولا فطر ولا أضحى ". (3)
1239 - وروى أبو بصير عن أبي عبد الله أنه قال: " إن الله تبارك وتعالى
لينادي ليلة جمعة من فوق عرشه من أول الليل إلى آخره: ألا عبد مؤمن يدعوني

(1) إنما وجب أن ينوى بهما الأولى دون باقي السجدات لتخالف سجدتي وسجدتي
امامه ولو نوى بهما للركعة الثانية بطلت صلاته على المشهور لمكان الزيارة، وحكم المرتضى
والشيخ في أحد قوليه بعدم البطلان بذلك وبحذفهما ويأتي بسجدتين للأولى لرواية حفص بن
غياث والرواية ضعيفة السند بحفص والزيادة عمدا مبطلة فالبطلان أوجه. ومال الشهيد في -
الذكرى إلى العمل بمضمونها لشهرتها وعدم وجود ما ينافيها في هذا الباب وزيادة السجود
يغتفر من المأموم إذا سجد قبل امامه، ونقل عن الشيخ جواز الاعتماد على كتاب حفص، ولو
سجد مع الامام والحال هذه من غير نية للأولى ولا الثانية فقولان أيضا أوضحهما الصحة حملا
للاطلاق على ما في ذمته فان لا يجب لكل فعل من أفعال الصلاة نية وإنما يعتبر للمجموع النية أولها
واختار العلامة (ره) البطلان محتجا بأن أفعال المأموم تابعة لامامه لكن الرواية تدل على
الاطراح هنا أيضا (روض الجنان) وقال المولى المجلسي - رحمه الله - قوله " وينوى أنها للركعة
الأولى " يدل على اشتراط النية في السجدتين أنهما للأولى وانه إذا لم ينوهما يسقطهما ويسجد
أخراوين لها والمشهور البطلان لزيادة الركن والاحتياط الاتمام والإعادة ظهرا - ا ه‍. ونقل العلامة
المجلسي - رحمه الله - في المرآة عن بعض الأفاضل أنه قال: " قوله: وان لم يكن ينوى - الخ "
كلام تام. وقوله: " وعليه أن يسجد " كلام مستأنف مؤكد لما تقدم ويصير التقدير أنه ليس له أن
ينوى انها للركعة الثانية فان نواها لها لم يسلم له الأولى والثانية بل عليه أن يسجد سجدتين
ينوى بهما الأولى لا يعد السجود للثانية.
(2) ويأتي تحت رقم 1286.
(3) ظاهره عدم مشروعية صلاة الجمعة والعيدين في السفر وحمل على عدم وجوب
الحضور، روى المؤلف في ثواب الأعمال ص 59 بسند صحيح عن جعفر بن محمد عن أبيه
عليهما السلام أنه قال: " أيما مسافر صلى الجمعة رغبة فيها وحبا لها أعطاه الله أجر مائة جمعة
للمقيم ".
420

لآخرته ودنياه قبل طلوع الفجر فأجيبه؟ ألا عبد مؤمن يتوب إلي من ذنوبه قبل
طلوع الفجر فأتوب عليه؟ ألا من مؤمن قد قترت عليه رزقه (1) يسألني الزيادة في
رزقه قبل طلوع الفجر فأوسع عليه ألا عبد [مؤمن] سقيم يسألني أن أشفه قبل
طلوع الفجر فأعطيه؟ ألا عبد مؤمن محبوس مغموم يسألني أن أطلقه من حبسه
فاخلي سربه (2)؟ ألا عبد مؤمن مظلوم يسألني أن آخذ له بظلامته (3) قبل
طلع الفجر فأنتصر له وآخذ له بظلامته؟ قال: فما يزال ينادي بهذا حتى يطلع
الفجر ".
1240 - وروى عبد العظيم بن عبد الله الحسني - رضي الله عنه - عن إبراهيم بن
أبي محمود قال: قلت للرضا عليه السلام يا ابن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه الناس
عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: إن الله تبارك وتعالى ينزل في كل ليلة جمعة إلى السماء
الدنيا؟ فقال عليه السلام: لعن الله المحرفين الكلم عن واضعه والله ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك
إنما قال عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى ينزل ملكا إلى السماء الدنيا كل ليلة في الثلث
الأخير وليلة الجمعة في أول الليل فيأمره فينادي (4) هل من سائل فأعطيه؟ هل من
تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ يا طالب الخير أقبل، ويا طالب الشر
أقصر (5) فلا يزال ينادي حتى يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر عاد إلى محله من
ملكوت السماء، حدثني بذلك أبي عن جدي، عن آبائه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله ".
1241 - وروى أنه " ما طلعت الشمس في يوم أفضل من يوم الجمعة ". (6)

(1) قتر على عياله قترا وقتورا: ضيق عليهم في النفقة وكذلك التقتير والاقتار.
(2) السرب - بالفتح والكسر -: الطريق والبال والقلب. (القاموس)
(3) الظلامة والظليمة والمظلمة: ما تطلبه عند الظالم وهو اسم ما أخذ منك (الصحاح)
(4) أي من عند الله عز وجل فلذا يقول: فأعطيه بصيغة التكلم فيرجع معنى الحديثين
إلى أمر واحد. (مراد)
(5) أي كف عن الشر، وفى الصحاح أقصرت عنه كففت ونزعت مع القدرة عليه فان عجزت
قلت: قصرت بلا ألف. (مراد)
(6) رواه الكليني ج 4 ص 413 مسندا عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام.
421

وكان (1) اليوم الذي نصب فيه رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام بغدير خم يوم
الجمعة، وقيام القائم عليه السلام يكون في يوم الجمعة، وتقوم القيامة في يوم الجمعة يجمع
الله فيها الأولين والآخرين قال الله عز وجل: " ذلك يوم مجموع له الناس وذلك
يوم مشهود ".
1242 - وروى محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام " في قول يعقوب لبنيه: " سوف
أستغفر لكم ربي " قال أخرها إلى السحر ليلة الجمعة ".
1243 - وروى أبو بصير عن أحدهما عليهما السلام قال: " إن العبد لمؤمن ليسأل
الله جل جلاله الحاجة فيؤخر الله عز وجل قضاء حاجته إلى يوم الجمعة.
ليخصه بفضل يوم الجمعة ". (2)
1244 - وروى داود بن سرحان، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل
" وشاهد ومشهود " قال: الشاهد يوم الجمعة ". (3)
1245 - وروى المعلى بن خنيس عنه عليه السلام أيضا أنه قال: " من وافق
منكم (4) يوم الجمعة فلا يشتغلن بشئ غير العبادة فإن فيها يغفر للعباد وتنزل عليهم
الرحمة ".

(1) من هنا كلام المصنف ظاهرا وأخذه من الاخبار، وروى في الخصال ص 394
بمضمونه خبرا.
(2) رواه الشيخ - رحمه الله - في التهذيب ج 1 ص 246 إلى قوله " إلى يوم الجمعة ".
وقوله " ليخصه بفضل يوم الجمعة " أي ليخص الداعي بان يقضى حاجته في وقت فاضل (مراد)
وقال المولى المجلسي - رحمه الله - أي ليخصه بمعرفة فضيلة يوم الجمعة باعتبار استجابة دعائه
ليسعى في الدعاء فيه أو يقضى حاجته زائدا عما شاء وأكثر مما يقضيه في غيره.
(3) في القاموس: الشاهد: من أسماء النبي صلى الله عليه وآله، واللسان، والملك، ويوم الجمعة،
والنجم، وصلاة الشاهد: صلاة المغرب، والمشهود: يوم الجمعة أو يوم القيامة أو عرفة - انتهى
وقال الفاضل التفرشي: هذا لا ينافي ما مر آنفا من جعل يوم الجمعة مشهودا لان شهود الناس
ليوم الجمعة يستلزم شهود يوم الجمعة لهم فكل واحد شاهد باعتبار مشهود باعتبار آخر.
(4) أي اتفق وجوده فيه أو وافقه في الفرصة والفراغ (سلطان) وقال الفاضل التفرشي
أي اتفق وجوده فيه لم يمت قبل ذلك أو وافقه في صحة العبادة أي كما أن اليوم صالح لان يعبد فيه
هو أينما كان صالحا لان يعبد بأن يكون في صحة خاليا من المرض المانع للعبادة وغيره من
الموانع.
422

1246 - وروى الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: " ليلة الجمعة
ليلة غراء ويومها يوم أزهر (1) من مات ليلة الجمعة كتب [الله] له براءة من ضغطة القبر
ومن مات يوم الجمعة كتب الله له براءة من النار ".
1247 - وروى هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام " في الرجل يريد أن يعمل
شيئا من الخير مثل الصدقة والصوم ونحو هذا، قال: يستحب أن يكون ذلك يوم
الجمعة فإن العمل يوم الجمعة يضاعف ".
1248 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله أطرفوا (2) أهلكم كل يوم جمعة بشئ من
الفاكهة واللحم حتى يفرحوا بالجمعة ".
1249 - وفي روية إبراهيم بن أبي البلاد، عن زرارة (3)، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: " من أنشد بيت شعر يوم الجمعة فهو حظه من ذلك اليوم (4) ".
1250 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إذا رأيتم الشيخ يحدث يوم الجمعة بأحاديث

(1) الغراء: البيضاء من كل شئ. الزهرة - بالضم -: البياض والحسن، وقد زهر
- كفرح وكرم - وهو أزهر. (القاموس)
(2) أطرف فلان إذا جاء بطريفة، يعنى اشتروا لهم من الفاكهة واللحوم التي تكون
طرفة أي حسنة غير معتادة في سائر الأيام. (م ت)
(3) في بعض النسخ وكتاب الخصال للمؤلف عن إبراهيم بن أبي البلاد عمن رواه عن أبي
عبد الله عليه السلام. لكن نقله العلامة - رحمه الله - في المنتهى من حديث زرارة.
(4) ظاهره انحصار حظه وثوابه فيه فلم يكن له حظ مما يعمل فيه من الأعمال الصالحات
وهذا يشعر بالاحباط فالكلام محمول على المبالغة أي أتى بفعل يشبه ما يحبط الأعمال (مراد)
وقال المولى المجلسي - رحمه الله -: يدل على كراهية الشعر وربما يحمل على الشعر
الباطل والترك مطلقا أولى.
423

الجاهلية (1) فارموا رأسه ولو بالحصى " (2).
1251 - وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " من قال في آخر
سجدة من النافلة بعد المغرب ليلة الجمعة وإن قاله كل ليلة فهو أفضل (3): " اللهم
إني أسألك بوجهك الكريم واسمك العظيم أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تغفر
لي ذنبي العظيم " سبع مرات انصرف وقد غفر له، قال: وقال عليه السلام: إذا كانت
عشية الخميس وليلة الجمعة تنزلت الملائكة من السماء ومعها أقلام ذهب وصحف
الفضة لا يكتبون عشية الخميس [و] ليلة الجمعة ويوم الجمعة إلى أن تغيب الشمس
إلا الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله " (4).
1252 - و " يكره السفر والسعي في الحوائج يوم الجمعة بكرة من أجل الصلاة
فأما بعد الصلاة فجائز يتبرك به " (5) ورد ذلك في جواب السري عن أبي الحسن علي
ابن محمد عليهما السلام.
1253 - وسأل أبو أيوب الخزاز أبا عبد الله عليه السلام " عن قول الله عز وجل:
" فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابغوا من فضل الله " قال: الصلاة يوم الجمعة

(1) أي أخبار الكفرة وبيان أحوالهم مما لا موعظة فيه، أو بأحاديث كانوا يتذاكرون
بها قبل البعثة (مراد) والظاهر أن المراد القصص والاخبار الكاذبة أو الإسرائيليات.
(2) أي لو أمكنكم الرمي بأعظم منه فارموه به وان لم يوجد غير الحصى فارموه بها
ويمكن إرادة العكس، هذا مع الامن من الضرر كما هو شرط النهى عن المنكر (م ت) و
أقوال هنا في الخصال ص 393 من رواية إبراهيم بن أبي البلاد.
(3) اعتراض بين المبتدء وهو " من قال " وبين الخبر وهو " انصرف " (مراد)
(4) يعنى أنهم لا يكتبون غير ذلك فلا ينافي كتابة غيرهم سائر العبادات (م ت)
والحاصل أن نزولهم لكتب ثواب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله فحسب. (مراد)
(5) أي بايقاع السفر والسعي في الحوائج يوم الجمعة أي يجعل ذلك مباركا ذا نفع
كثير بسبب ايقاعه في يوم الجمعة (مراد) أقول رواه المؤلف - رحمه الله - في الخصال
ص 395 في ذيل خبر رواه عن أبي عبد الله عليه السلام.
424

والانتشار يوم السبت ".
1254 - وقال عليه السلام: " السبت لبني هاشم والأحد لبني أمية فاتقوا أخذ
الأحد " (1).
1255 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " اللهم بارك لامتي في بكورها يوم سبتها
وخميسها.
1252 - وقال الرضا عليه السلم: " ينبغي للرجل أن لا يدع أن يمس شيئا من
الطيب في كل يوم فإن لم يقدر فيوم ويوم [لا] (2)، فإن لم يقدر ففي كل جمعة
لا يدع ذلك ".
7 125 - و " كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان يوم الجمعة ولم يصب طيبا دعا بثوب
مصبوغ بزعفران فرش عليه الماء، ثم مسح بيده، ثم مسح به وجهه ".
ويستحب أن يعتم الرجل يوم الجمعة وأن يلبس أحسن ثيابه وأنظفها

(1) أي أخذه متبركا، أو أخذ الأشياء في يوم الأحد (سلطان) ويمكن أن يكون
من قبيل ضرب اليوم أي الاخذ الواقع في الأحد. (مراد)
أقول: هذا الخبر ينافي ما رواه المؤلف في الخصال ص 383 باسناده عن أبي عبد الله
على السلام عن النبي صلى الله عليه وآله قال: " يوم الجمعة يوم عبادة فتعبدوا الله عز وجل، ويوم السبت
لآل محمد عليهم السلام، ويوم الأحد لشيعتهم، ويوم الاثنين يوم بنى أمية - الخ ". وما فيه
أيضا ص 394 باسناده صحيح عن ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: " السبت لنا، والأحد لشيعتنا، والاثنين لأعدائنا، والثلاثاء لبنى أمية - الخ " وقال
العلامة المجلسي - رحمه الله - في البحار قوله: " لأعدائنا " أي لجميع المخالفين وإن كان
بنو أمية منهم، والثلاثاء لخصوصهم وشيعتهم.
(2) في بعض النسخ بدون " لا " لكن في الخصال ص 392 والكافي ج 6 ص 510
" فيوم ويوم لا " وقال الفاضل التفرشي: يمكن القول بتقدير " لا " في النسخ التي ليس
فيها. أو المعنى ففي يوم وفى يوم بعد ذلك اليوم بفاصلة.
425

ويتطيب فيدهن بأطيب دهنه (1).
8 125 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " إذا كان بين
القريتين ثلاثة أميال فلا بأس أن يجمع هؤلاء وهؤلاء (2) ولا يكون بين الجمعتين
أقل من ثلاثة أميال " (3).
1259 - وقال عليه السلام " إن الملائكة المقربين يهبطون في كل يوم جمعة معهم
قراطيس الفضة وأقلام الذهب فيجلسون على كل أبواب المساجد على كراسي من

(1) في الخصال والكافي ج 6 ص 510 من حديث أبي عبد الله عليه السلام " الجمعة للتنظف
والتطيب " وفيه عنه عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله " ليتطيب أحدكم يوم الجمعة
ولو من قارورة امرأته " وفى مرفوعة يعقوب بن يزيد عنه عليه السلام " فلا تدع الطيب في
كل جمعة ".
(2) في النهاية: جمعت - بالتشديد - أي صليت يوم الجمعة. وفى نسخة من الكتاب
وفى التهذيب والكافي " يجمع هؤلاء ويجمع هؤلاء " من باب التفعيل أيضا.
(3) المشهور أنه على الحرمة وقيل بالكراهة لعدم دلالة الخبر على الحرمة صريحا
فان النهى لا سيما في الاخبار أعم من الحرمة مع قطع النظر عن طريق الصدوق إلى محمد بن
مسلم فان فيه جهالة لكن رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر
عليه السلام (م ت) راجع الكافي ج 3 ص 419. وقال صاحب المدارك - رحمه الله -:
" أجمع علماؤنا على اعتبار وحدة الجمعة بمعنى أنه لا يجوز إقامة جمعتين بينهما أقل من
فرسخ سواء كانتا في مصر واحد أو مصرين فصل بينهما نهر عظيم كدجلة أم لا ولم يعتبر غيرهم
الفرسخ، لكن اختلفوا فقال الشافعي ومالك: لا تجمع في بلدة وان عظم الا في مسجد واحد
وأجازه أبو حنيفة في موضعين استحسانا، وأجاز بعضهم التعدد في البلد ذي الجانبين إذا
لم يكن بينهما جسر، وقال أحمد: إذا كبر البلد وعظم كبغداد والبصرة جاز أن تقام فيه
جمعتان وأكثر مع الحاجة ولا يجوز مع عدمها - إلى أن قال -: قيل: ويعتبر الفرسخ من
المسجد ان صليت في مسجد والا فمن نهاية المصلين، ويشكل الحكم فيما لو كان بعضهم
بحيث لا يبلغ بعده عن موضع الأخرى النصاب دون من سواهم وتم العدد بغيرهم فيحتمل
بطلان صلاتهم خاصة لانعقاد صلاة الباقي باستجماعهما شرائط الصحة أو بطلان الجمعتين من
رأس لانتفاء الوحدة ولعل الأول أقرب.
426

نور فيكتبون من حضر الجمعة الأول والثاني والثالث حتى يخرج الامام، فإذا
خرج الامام (1) طووا صحفهم ".
0 126 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أتى الجمعة إيمانا واحتسابا استأنف
العمل " (2).
1261 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " لا يشرب أحدكم الدواء يوم الخميس
فقيل: يا أمير المؤمنين ولم [ذلك]؟ قال: لئلا يضعف عن إتيان الجمعة ".
1262 - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " كل واعظ قبلة [للموعوظ] وكل موعظ
قبلة للواعظ " (3).
يعني في الجمعة والعيدين وصلاة الاستسقاء.
1263 - وخطب أمير المؤمنين عليه السلام في الجمعة فقال:
" الحمد لله الولي الحمد الحكيم المجيد، الفعال لما يريد علام الغيوب،
وخالق الخلق، ومنزل القطر، ومدبر أمر الدنيا والآخرة، ووارث السماوات
والأرض، الذي عظم شأنه فلا شئ مثله، تواضع كل شئ لعظمته، وذل كل شئ
لعزته، واستسلم كل شئ لقدرته، وقر كل شئ قراره لهيبته (4) وخضع كل

(1) أي من المسجد، فما دام الامام في المسجد يكتبون ما أتاه سواء وصل إلى
الصلاة أم لا. (مراد)
(2) " احتسابا " أي فعله مخلصا متقربا إلى الله سبحانه وعده من الأعمال الصالحات
التي لها أجر. وقوله: " استأنف العمل " كناية عن غفران الذنوب يعنى غفر الله له ما مضى من
ذنوبه وصار كيوم ولدته أمه.
(3) أي ينبغي توجه المأموم إلى الامام والخطيب واقباله إليه والنظر إليه وكذا
العكس (م ت) وقال الفاضل التفرشي: ويمكن الحمل على الاقبال بالقلب أي يقبل الواعظ
على الموعوظ بالتفهيم والموعوظ بالانفهام.
(4) أي ثبت على حالة ينبغي كونه عليها، فضمير " قراره " لذلك الشئ وهو منصوب
على الظرفية، وفى الصحاح القرار: المستقر من الأرض (مراد) ويمكن ارجاع الضمير
إلى الله تعالى. والهيبة: المهاية.
427

شئ لملكته وربوبيته (1) الذي يمسك السماوات أن تقع على الأرض إلا باذنه وأن
تقوم الساعة إلا بأمره، وأن يحدث في السماوات والأرض شئ إلا بعلمه، نحمده على
ما كان، ونستعينه من أمرنا على ما يكون، ونستغفر ونستهديه، ونشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، ملك الملوك، وسيد السادات، وجبار الأرض والسماوات
القهار الكبير المتعال، ذو الجلال والاكرام، ديان يوم الدين، رب آبائنا الأولين.
ونشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق داعيا إلى الحق، وشاهدا على
الخلق، فبلغ رسالات ربه كما أمره، لا متعديا ولا مقصرا، وجاهد في الله أعداءه،
لا وانيا ولا ناكلا (2) ونصح له في عباده صابرا محتسبا، فقبضه الله إليه وقد رضي عمله
وتقبل سعيه، وغفر ذنوبه صلى الله عليه وآله (3).

(1) أي السلطانة ومالكيته.
(2) الوناء: الفتور والضعف والكلال والاعياء، والناكل: الضعيف، ونكل عن العدو
أي جبن وضعف.
(3) أي أظهر سبحانه للناس أن ليس له ذنب في دعوته إلى التوحيد ورفض الطواغيت
حيث زعموا أنه مخطئ في هذه الدعوة كما قيل في قوله تعالى " انا فتحنا لك فتحا مبينا
ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " والا فلا ربط بين فتحه تعالى له مكة وبين غفران
ذنبه الا أن نقول: المراد بالذنب ما زعمه المشركون من جعل الآلهة إلها واحدا أو أنه
يريد الرئاسة والسلطنة عليهم أو ما ربما يزعمه طائفة من الذين هاجروا معه بعد ما أصابهم.
والظاهر كما يفهم من الفقرات الماضية أن قوله عليه السلام " وغفر ذنبه " إشارة إلى قوله تعالى
" ليغفر لك الله ما تقدم - ألخ " وبعد ما ثبت في أصول المذهب عصمته صلى الله عليه وآله حتى من السهو والنسيان
فلابد من التوجيه، فقيل المراد ذنب أمته لأنهم منسوبون إليه. ولما لم يكن ربط بين فتحه تعالى
عليه مكة وبين غفران ذنبه تعين أن المراد بالذنب ما زعمه الأمة فبعد ما فتح الله سبحانه عليه
صلى الله عليه وآله مكة ودخله من غير دم يريقه ولا استيصال من أهله ولا أخذهم بما قدموا من العداوة له
والبغضاء وقوله " لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم " تبين للمشركين أنه صادق في ادعائه ولا
يرد الرئاسة عليهم، ولعل المراد بما تقدم ما كان قبل الهجرة. وأما ما تأخر فذلك أن طائفة من
الذين هاجروا معه بل أكثرهم لما أصابتهم من جراء هذه الدعوة الشدائد والمحن والفاقة
والفقر والبأساء والضراء والمرض والبعد عن الوطن المألوف وفراق الأهل والأولاد وغيرها ضاق
بهم ذرعا ولم يكن لهم صبر على ما أصابهم فربما ظنوا في أنفسهم ظنونا وقالوا متى نصر الله وجماعة
منهم ظنوا أنهم قد كذبوا فبعد أن جاء النصر من عند الله وفتح الله سبحانه عليهم مكة وخضع لهم
كل شريف، وذل لهم كل متكبر وانقضت أيام البلاء وطلع بياض المجد والرخاء وخرجوا
من ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الزمان إلى عدل الاسلام ودخل الناس في الدين أفواجا
تبين لهم أنهم خاطئون في فكرتهم وهو المصيب في دعوته وسيرته والصادق في وعده ووعيده فصار
ذنبه مغفورا عندهم. وقد روى المؤلف في العيون عن الرضا عليه السلام " أنه سئل عن هذه
الآية فقال: " لم يكن أحد عند مشركي أهل مكة أعظم ذنبا من رسول الله صلى الله عليه وآله لأنهم كانوا
يعبدون ثلاثمائة وستين صنما فلما جاءهم بالدعوة إلى كملة الاخلاص كبر ذلك عليهم وعظم
وقالوا " أجعل الآلهة إلها واحدا - إلى قوله - الا اختلاق " فما فتح الله عليه نبيه صلى الله عليه وآله
مكة قال تعالى: " انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " عند مشركي
مكة بدعائك إلى توحيد الله فيما تقدم وما تأخر " عند مشركي
مكة بدعائك إلى توحيد الله فيما تقدم وما تأخر لان مشركي مكة أسلم بعضهم وخرج بعضهم
عن مكة ومن بقي منهم لم يقدر على انكار التوحيد عليه إذا دعا الناس إليه فصار ذنبه مغفورا
عندهم بظهور عليهم.
428

أوصيكم عباد الله بتقوى الله، واغتنام ما استطعتم عملا به من طاعته في هذه
الأيام الخالية (1) وبالرفض لهذه الدنيا التاركة لكم وإن لم تكونوا تحبون تركها
والمبلية لكم وإن كنتم تحبون تجديدها (2)، فإنما مثلكم ومثلها كركب سلكوا
سبيلا فكأن قد قطعوه، وأفضوا إلى علم فكأن قد بلغوه (3)، وكم عسى المجري

(1) أي الماضية، جعل عليه السلام تلك الأيام ماضية لسرعة مضيها فكأنها ماضية.
والرفض الترك. (مراد)
(2) البلى: الخلق، وهذا كناية عن انقضاء الشباب كل يوم وحصول الضعف بالشيب
في كل ساعة. (م ت)
(3) قوله: " فكان قد قطعوه " كأن " بسكون النون مخفف " كأن " من حروف المشبهة
بالفعل، ولو كان " كان " من الافعال الناقصة لقيل: " كانوا " بالجمع ومثله " فكان قد بلغو "
والمراد بسلكوا وأفضوا أي أرادوا سلوك سبيل والافضاء والوصول إلى علم ويمكن أن يراد بالعلم
الجبل ويراد به العلامة، وحاصل تينك الفقرتين والفقرات الآتية أنه لابد من انقضاء
العمر والوصول إلى ما ليس وراءه منزل، فينبغي للعاقل أن يتفكر في عاقبة أمره ويتزود
للمنزل. (مراد)
429

إلى الغاية أن يجرى إليها حتى يبلغها (1)، وكم عسى أن يكون بقاء من له يوم لا
يعدوه (2)، وطالب حثيث في الدنيا يحدوه حتى يفارقها (3)، فلا تتنافسوا في عز
الدنيا وفخرها (4) ولا تعجبوا بزينتها ونعيمها، ولا تجزعوا من ضرائها وبؤسها فإن
عز الدنيا وفخرها إلى انقطاع، وإن زينتها ونعيمها إلى زوال، وإن ضرها وبؤسها
إلى نفاد، وكل مدة منها إلى منتهى، وكل حي منها إلى فناء وبلاء، أو ليس لكم

(1) قوله: " وكم عيسى المجرى إلى الغاية " على صيغة اسم المفعول من أجريت
الماء وغيره، وكذا " أن يجرى " على صيغة المفعول، ويحتمل أن يكون " المجرى " مصدرا
وفى الصحاح " قوله تعالى: " بسم الله مجراها ومرساها " هما مصدران من أجريت السفينة و
أرسيت ". وحاصله كثيرا ما يجرى الشئ إلى غاية فيجرى حتى يصل ذلك الشئ المجرى إلى
تلك الغاية فهو اما واصل وهو غافل عن الوصول أو أنه يصل عن قريب، وادخال لفظ " عسى "
للاشعار بأن أمر الدنيا من هذا القبيل لا من النادر الذي قد لا يصل إلى الغاية. (مراد)
(2) أي أن يكون البقاء بقاء من له يوم لا يعدوه أي لا يعدو ذلك اليوم بل ينتهى عند
تمام اليوم و " كم " في الموضعين يحتمل كونها خبرية واستفهامية ومميزها محذوف، وهو
مرة (مراد) وقيل: شبه (ع) أهل الدنيا بركب سلكوا طريق ووصلوا إلى غاية في المسافة قد بقي
منها شئ كثير. وهذا بالحقيقة تشبيه الامتداد الزماني بالامتداد المسافتي.
وقوله عليه السلام: " وأفضوا إلى علم " أي ساروا نحو عقبة وبلغوها ولم يعلموا بلوغهم
إياها، وقوله: " كم عسى المجرى إلى الغاية - الخ " مميز " كم " الخبرية التي لانشاء
التكثير محذوف أي المجرى إلى الغاية بقرينة اسم عسى المذكور وهو قوله: " المجرى "
وهو مخفف اسم مفعول من جرى أن الواصل إلى غاية المسافة وخبرها " أن يجرى إليها "
أي توجه إلى غاية المسافة حتى يبلغها يعنى وصل إليها وليس له شعور بوصوله إياها.
(3) قوله: " طالب حثيث " أي كم مرة طالب للدنيا حريص عليها يحدوه أي يسوقه حريصا حيت
يفارقها، وفى بعض النسخ " حبيب " بالبائين الموحدتين بدل " حثيث " بالمثلثتين (مراد).
(4) التنافس في الشئ الرغبة فيه، وفى الصحاح البأساء والضراء: الشدة وهما اسمان
مؤنثان من غير تذكير. (مراد)
430

في آثار الأولين وفي آبائكم الماضين معتبر وتبصرة إن كنت تعقلون، ألم تروا إلى
الماضين منكم لا يرجعون، وإلى الخلف الباقين منكم لا يقفون، قال الله تبارك
وتعالى: " وحرام على قرية أهلكناها، أنهم لا يرجعون " وقال: " كل نفس ذائقة
الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار (1) وادخل الجنة
فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور " أو لستم ترون إلى أهل الدنيا وهم
يصبحون ويمسون على أحوال شتى، فميت يبكى وآخر يعزى، وصريع يتلوى (2)
وعائد ومعود وآخر بنفسه يجود، وطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول
عنه، وعلى أثر الماضين يمضي الباقين، والحمد لله رب العالمين، رب السماوات السبع
ورب الأرضين السبع، ورب العرش العظيم، الذي يبقى ويفنى ما سواه، وإليه يؤول
الخلق ويرجع الامر.
ألا إن هذا اليوم يوم جعله الله لكم عيدا وهو سيد أيامكم وأفضل أعيادكم
وقد أمركم الله في كتابه بالسعي فيه إلى ذكره، فلتعظم رغبتكم فيه، ولتخلص نيتكم
فيه، وأكثروا فيه التضرع والدعاء ومسألة الرحمة والغفران، فإن الله عز وجل
يستجيب لكل من دعاه، ويورد النار من عصاه وكل مستكبر عن عبادته، قال الله
عز وجل " أدعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم
داخرين " وفيه ساعة مباركة لا يسأل الله عبد مؤمن فيها شيئا إلا أعطاه، والجمعة
واجبة على كل مؤمن إلا على الصبي والمريض والمجنون والشيخ الكبير والأعمى
والمسافر والمرأة والعبد المملوك، ومن كان على رأس فرسخين، غفر الله لنا ولكم
سالف ذنوبنا فيما خلا من أعمارنا، وعصمنا وأياكم من اقتراف الآثام بقية أيام
دهرنا، إن أحسن الحديث وأبلغ الموعظة كتاب الله عز وجل، أعوذ بالله من الشيطان

(1) أي باعد عنها.
(2) في بعض النسخ " وآخر معزى " والصريح الساقط على الأرض. وفى بعضها
" وضريع " بالضاد المعجمة ومعناه الذليل. وقوله " يتلوى " أي يضطرب وينعطف وتلوى
تلويا الشئ انعطف والبرق في السحاب اضطرب.
431

الرجيم إن الله هو الفتاح العليم بسم الله الرحمن الرحيم ثم يبدأ بعد الحمد
بقل هو الله أحد، أو بقل يا أيها الكافرون، أو بإذا زلزلت الأرض زلزالها، أو
بألهيكم التكاثر أو بالعصر، وكان مما يدوم عليه قل هو الله أحد
. ثم يجلس جلسة خفيفة، ثم يقوم فيقول: " الحمد لله نحمده ونستعينه ونؤمن
به، ونتوكل عليه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده
ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وآله ومغفرته ورضوانه، اللهم صل على محمد عبدك
ورسولك ونبيك صلاة نامية زاكية، ترفع بها درجته، وتبين بها فضله وصل على
محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل
إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك
ويجحدون آياتك، ويكذبون رسلك، اللهم خالف بين كلمتهم، وألق الرعب في
قلوبهم، وانزل عليهم رجزك ونقمتك وبأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين،
اللهم انصر جيوش المسلمين وسراياهم ومرابطيهم في مشارق الأرض ومغاربها إنك
على كل شئ قدير، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، اللهم
اجعل التقوى زادهم، والايمان والحكمة في قلوبهم، وأوزعهم أن يشكروا نعمتك
التي أنعمت عليهم (1)، وأن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه إله الحق وخالق الخلق
اللهم اغفر لمن توفى من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ولمن هو لاحق
بهم من بعدهم منهم، إنك أنت العزيز الحكيم " إن الله يأمر بالعدل والاحسان
وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون " اذكروا
الله يذكركم فإنه ذاكر لمن ذكره واسألوا الله من رحمته وفضله فإنه لا يخيب عليه
داع دعاه. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ".
1264 - قال أبو عبد الله عليه السلام أول من قدم الخطبة على الصلاة يوم الجمعة (2)

(1) استوزعت الله شكره فأوزعني أي استلهمته فألهمني. (الصحاح)
(2) في نسخة " يوم العيد " والظاهر أنه اصلاح من بعض القراء والذي ذهب إليه الصدوق
- رحمه الله - هو تأخير الخطبة عن الصلاة لهذا الخبر اما لاطلاقه أو لخصوص الجمعة وما رأيناه في الجمعة في شئ من الأصول والاخبار من العامة والخاصة بل ذكر العامة والخاصة تقديم
الخطبة على الصلاة في صلاة العيد وتوهم الصدوق في اطلاقه شموله للجمعة وغفل عن الأخبار المستفيضة
بل المتواترة في تقديم خطبة الجمعة. (م ت)
وقال الفاضل التفرشي: قوله: " أول من قدم الخطبة " لا يخفى ما فيه من الدلالة على
وجوب تقديم الصلاة على الخطبة لان فعل عثمان ليس حجة وقد دل على أنها كانت فعل عثمان
بعد الصلاة والروايات الدالة على تقديمها على الصلاة كثيرة كرواية أبى مريم عن أبي جعفر
عليه السلام قال: " سألته عن خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله أقبل الصلاة أو بعد؟ فقال: قبل الصلاة
ثم يصلى " ولذا اختلف في جواز تقديم الخطبة على الزوال وقد دل مستند كل من المتخالفين
على تقديمها على الصلاة وقد يحمل كلام المؤلف - رحمه الله - على الاشتباه بين خطبة الجمعة
وخطبة العيدين فروى ما ورد في خطبتهما في خطبة الجمعة، ويمكن التوفيق بين هذا الحديث
والأحاديث الدالة على أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقدم الخطبة على الصلاة بأن من
سبق عثمان بعد النبي صلى الله عليه وآله كان يقدم الصلاة ثم قدم الخطبة عثمان للعلة المذكورة لا للتأسي
بالنبي صلى الله عليه وآله. (مراد)
أقول: قد صرح المؤلف - رحمه الله - في كتاب علل الشرايع بتأخير الخطبة عن الصلاة
وقال: ان الخطبتين في الجمعة والعيدين بعد الصلاة لأنهما بمنزلة الركعتين الأخيرتين، ثم
قال: ان أو من قدمهما عثمان، وكذا في العيون في الباب الثالث والثلاثين. وإنما هذا
التحريف وقع في خطبة العيد لا الجمعة. وقيل: إن ذلك شاهد لمن قال بعدم وجوب صلاة
الجمعة تعيينا بالاجماع العملي من الامامية بتركهم للجمعة وان نقلهم رواياتها كنقل روايات
الجهاد، فان الصدوق - رحمه الله - لو كان صلى هو أو غيره من الشيعة في عصره الجمعة لما توهم
هذا التوهم.
432

عثمان لأنه كان إذا صلى لم يقف الناس على خطبته وتفرقوا وقالوا ما نصنع بمواعظه
وهو لا يتعظ بها وقد أحدث ما أحدث، فلما رأى ذلك قدم الخطبتين على الصلاة.
وسألت شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد رضي الله عنه عما يستعمله العامة من
التهليل والتكبير على أثر الجمعة ما هو؟ فقال: رويت أن بني أمية كانوا يلعنون
أمير المؤمنين عليه السلام بعد صلاة الجمعة ثلاث مرات، فلما ولي عمر بن عبد العزيز
نهى عن ذلك وقال للناس: التهليل والتكبير بعد الصلاة أفضل.
433

باب
* (الصلاة التي تصلى في كل وقت) *
1264 - روى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " أربع صلوات يصليها
الرجل في كل ساعة (1) صلاة فاتتك فمتى ما ذكرتها أديتها، وصلاة ركعتي طواف
الفريضة وصلاة الكسوف والصلاة على الميت هذه يصليهن الرجل في الساعات كلها ".
باب
* (الصلاة في السفر) *
1265 - روي عن زرارة ومحمد بن مسلم أنهما قالا: " قلنا لأبي جعفر عليه السلام:
ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي، وكم هي (2)؟ فقال: إن الله عز وجل يقول:
" وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة " فصار التقصير في
السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر، قالا: قلنا: إنما قال الله عز وجل: " فليس
عليكم جناح " ولم يقل: افعلوا، فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر؟
فقال عليه السلام: أو ليس قد قال الله عز وجل في الصفا والمروة: " فمن حج البيت أو اعتمر
فلا جناح عليه أن يطوف بهما " (3) ألا ترون أن الطواف بهما واجب مفروض لان
الله عز وجل ذكره في كتابه وصنعه نبيه عليه السلام وكذلك التقصير في السفر شئ صنعه
النبي صلى الله عليه وآله وذكره الله تعالى ذكره في كتابه. (4)

(1) وان كانت من الساعات التي يكره ابتداء الصلاة فيها كوقت طلوع الشمس
وغروبها. (مراد)
(2) قوله: " كيف هي " أي على العزيمة أو على الرخصة. و " كم هي " أي في كم
يجب القصر، أو كم يصير عدد الركعات.
(3) الاستشهاد لبيان أن نفى الجناح لا ينافي الوجوب إذا دل عليه دليل آخر.
(4) حاصلة أن جواز التقصير في السفر علمناه من الكتاب ووجوبه من فعل النبي صلى الله عليه وآله
وهذا أيضا يؤيد الآيات الدالة على وجوب التأسي. (مراد)
434

قالا: قلنا له فمن صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا؟ قال: إن كان قد قرأت عليه
آية التفسير وفسرت له فصلى أربعا أعاد (1) وإن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا
إعادة عليه، والصلوات كلها في السفر الفريضة ركعتان كل صلاة إلا المغرب فإنها ثلاث
ليس فيها تقصير تركها رسول الله صلى الله عليه وآله في السفر والحضر ثلاث ركعات (2).
وقد سافر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ذي خشب وهي مسيرة يوم من المدينة يكون
إليها بريدان (3) أربعة وعشرون ميلا فقصر وأفطر فصارت سنة (4).
وقد سمى (5) رسول الله صلى الله عليه وآله قوما صاموا حين أفطر: العصاة، قال عليه السلام: فهم
العصاة إلى يوم القيامة (6) وإنا لنعرف أبناءهم وأبناء أبنائهم إلى يومنا هذا ".
1266 - وسأل محمد بن مسلم عليه السلام فقال له: " الرجل يريد السفر

(1) لعل ذكر قراءة الآية بطريق التمثيل فالمراد أنه ان علم وجوب التقصير فعليه
الإعادة والا فلا، فالجاهل معذور هنا. (سلطان)
(2) إلى هنا رواه العياشي في تفسيره ج 1 ص 1 27 وفى دعائم الاسلام ج 1 ص 195
مثله إلى قوله " صنعه النبي صلى الله عليه وآله ". وقال بعض الشراح: من قوله " والصلوات
كلها في السفر " من كلام المصنف وليس بشئ.
(3) هذا مضمون صحيحة أبي بصير حيث قال: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام: في كم يقصر
الرجل؟ فقال: في بياض يوم أو بريدين، قال: فان رسول الله صلى الله عليه وآله خرج إلى ذي خشب فقصر،
فقلت فكم ذي خشب؟ فقال: بريدان " التهذيب ج 1 ص 415.
(4) لعل مرجع الضمير مسيرة يوم أي فصارت مسيرة يوم يؤخذ بها في القصر.
(5) من هنا إلى آخر الحديث مت تتمة حديث زرارة كما في الكافي ج 4 ص 127
والتهذيب ج 1 ص 413.
(6) في الكافي والتهذيب " قوما صاموا حين أفطر عصاة وقال: هم العصاة إلى يوم
القايمة - الخ ". وقال الفاضل التفرشي " قوله: " وانا لنرعف - الخ " فيه اشعار بان معنى
قول النبي صلى الله عليه وآله " فهم العصاة إلى يوم القيامة " أنهم وما توالدوا إلى يوم القيامة عصاة. أي
يتبعون آباءهم.
435

متى يقصر؟ قال: إذا توارى من البيوت (1) قال: قلت [له]: الرجل يريد السفر فيخرج حين تزول الشمس؟ فقال: إذا خرجت فصل ركعتين ".
1267 - وقد روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " إذا خرجت من منزلك (2)
فقصر إلى أن تعود إليه ".
1268 - وسمعه عبد الله بن يحيى الكاهلي يقول " في التقصير في الصلاة: بريد في
بريد (3) أربعة وعشرون ميلا، ثم قال: كان أبي عليه السلام يقول: إن التقصير لم يوضع (3)
على البغلة السفواء والدابة الناجية، وإنما وضع على سير القطار " (5).
ومتى كان سفر الرجل ثمانية فراسخ فالتقصير واجب عليه، وإذا كان سفره
أربعة فراسخ وأراد الرجوع من يومه فالتقصير عليه واجب، وإن كان سفره أربعة
فراسخ ولم يرد الرجوع من يومه فهو بالخيار إن شاء أتم وإن شاء قصر (6).

(1) ظاهره أنه إذا بعد عن بيوته بحيث من كان عند بيوته لا يراه، وقد يقيد بأن لا
يتميز كونه راكبا من كونه راجلا (مراد) وقال سلطان العلماء: ظاهره أنه يكفي تواريه
من البيوت ولا يلزم توارى البيوت منه. وقال المولى المجلسي: ظاهره خفاء الشخص عن
البيوت أي أهلها وحمله الأصحاب على العكس.
(2) يمكن تخصيص الخروج بما إذا وصل إلى محل الترخص وهو التواري المذكور
ويرشد إليه قوله عليه السلام في الحديث السابق: " إذا خرجت فصل ركعتين " والمراد بعد
التواري. (مراد)
(3) المراد منه بريدان بناء على إرادة المعنى اللغوي من لفظة " في " فإنه إذا كان
بريد داخلا في بريد يصير المجموع بريدين. (سلطان)
(4) لما اشتهر أن البريدين مسيرة يوم أراد عليه السلام بيان أن ذلك السير ما هو.
(5) بغلة سفواء أي خفيفة سريعة، والدابة الناجية أي السريعة تنجو بمن ركبها،
والقطار: الإبل (الصحاح) وقال المولى المجلسي: أي الإبل المقطورة، وسيرها في اليوم
المتوسط ثمانية فراسخ غالبا.
(6) ظاهره بقاء الخيار إلى أن يرجع أو يقيم أو يمضى ثلاثون يوما. (مراد)
436

1269 - وروى معاوية بن وهب (1) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إذا دخلت
بلدا وأنت تريد المقام عشرة أيام فأتم الصلاة حين تقدم، وإن أردت المقام دون العشرة
فقصر، وإن أقمت تقول: غدا أخرج وبعد غد، ولم تجمع (2) على عشرة فقصر ما
بينك وبين شهر، فإذا تم الشهر (3) فأتم الصلاة، قال: قلت: إن دخلت بلدا أول
يوم من شهر رمضان ولست أريد أن أقيم عشرا؟ فقال: قصر وأفطر، قلت: فإن مكثت
كذلك أقول غدا أو بعد غد فأفطر الشهر كله وأقصر؟ قال: نعم هذا واحد (4) إذا قصرت
أفطرت وإذا أفطرت قصرت ".
1270 - وقال أبو ولاد الحناط (5) قلت لأبي عبد الله عليه السلام: " إني كنت
نويت حين دخلت المدينة أن أقيم بها عشرا فأتممت الصلاة، ثم بدا لي لا أقيم بها
فما ترى لي أتم أم أقصر؟ فقال لي: إن كنت دخلت المدينة وصليت بها صلاة واحدة
فريضة بتمام فليس لك أن تقصر حتى تخرج منها، وإن كنت حين دخلتها على نيتك
في التمام (6) ولم تصل فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك أن لا تقيم فأنت في
تلك الحال بالخيار، إن شئت فانو المقام عشرا وأتم، وإن لم تنو المقام عشرا فقصر

(1) في الطريق محمد بن علي ماجيلويه ولم يوثق صريحا وعند العلامة - رحمه الله -
صحيح. ورواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 317 بسند صحيح.
(2) الاجماع التصميم والعزم على الامر.
(3) هذا الحكم اجماعي مقطوع به إنما كان الخلاف في الشهر أهو عددي أو هلالي،
والأكثر على الأول. (م ت)
(4) أي هذا الذي ذكرت من حال الصوم والصلاة واحد أي هما متحدان في الحكم
وفى بعض النسخ " واحدا " بالنصب ولعله على الحالية أو كونها اسم الفعل أي خذه واحدا. (مراد)
(5) اسمه حفص بن سالم كوفي جعفي مولى وطريق المصنف إلى عنوان أبى ولاد فيه
الهيثم بن أبي مسروق وهو فاضل ولم يوثق لكن العلامة صحح طريق المؤلف إلى ثوير بن أبي
فاختة وفيه الهيثم بن أبي مسروق. وأما طريقه إلى عنوان حفص بن سالم فصحيح.
(6) ظاهره تعليق التمام على فعل فريضة تماما في المدينة من غير اعتبار نية الإقامة
لكنه مراد بقرينة السؤال فتأمل. (سلطان)
437

وما بينك وبين شهر، فإذ مضى لك شهر فأتم الصلاة (1) ".
1271 - وسأل زرارة أبا جعفر عليه السلام " عن الرجل يخرج مع القوم في سفر (2)
يريده فدخل عليه الوقت وقد خرج من القرية على فرسخين فصلوا وانصرف بعضهم
في حاجة فلم يقض لهم الخروج، ما يصنع بالصلاة التي كان صلاها ركعتين؟ قال:
تمت صلاته ولا يعيد " (3).
1272 - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من صلى في السفر أربعا فأنا إلى الله منه
برئ " يعني: متعمدا (4).
1273 - وقال الصادق عليه السلام: " المتمم في السفر كالمقصر في الحضر ".
1274 - وسأله أبو بصير " عن الرجل يصلي في السفر أربع ركعات ناسيا قال:
إن ذكر في ذلك اليوم فليعد، وإن لم يذكر حتى يمضي ذلك اليوم فلا إعادة عليه " (5).

(1) يدل على أن حكم المدينة حكم ساير المدينة حكم ساير البلاد وسنذكر أخبارا على خلافه فيمكن
حمل المدينة على مطلق البلد أو يحمل الامر بالتقصير على الجواز والامر بالاتمام على
الاستحباب. (م ت)
(2) في بعض السنخ " يخرج مع قوم في السفر ".
(3) هذا الحديث صحيح وصريح في عدم إعادة صلاة المسافر إذا رجع عن قصد السفر
ولا خلاف فيه الا من الشيخ - رحمه الله - في الاستبصار استنادا إلى رواية ضعيفة السند مع
امكان حملها على الاستحباب. (الشيخ محمد ره) وقال المولى المجلسي: ما ورد في الإعادة
محمول على الاستحباب. أقول: المراد رواية سليمان بن حفص وقال الشيخ: يعيد مع بقاء
الوقت. راجع الاستبصار ج 1 ص 228.
(4) رواه المصنف في المقنع والهداية إلى قوله صلى الله عليه وآله " منه برئ " وقوله " يعنى
متعمدا " من كلامه - ره - كما هو الظاهر ولعله أراد بالتعمد قصد التمام مع سماعه وجوب
القصر كما قال التفرشي - رحمه الله -.
(5) يفهم منه أنه ان ذكره في وقت الصلاة لان التذكر في اليوم حينئذ لا يكون الا
في الظهرين ووقتهما ينقضي بانقضاء اليوم فينزل ذلك الجواب منزلة ان ذكر في الوقت والا
لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة لان السؤال كان شاملا للظهرين والعشاء فلو لم يشملها
الجواب لم يتبين بعض المسؤول عنه، وحمل اليوم على اليوم بليلته والإعادة على ما يشمل
القضاء حتى لو ذكر اتمام صلاة النهار بالليل أو اتمام العشاء بعد نصف الليل وجب عليه القضاء
بعيد (مراد) وقال الشهيد في الذكرى: لو أتم الصلاة ناسيا ففيه ثلاثة أقوال أشهرها أنه
يعيد ما دام الوقت باقيا وان خرج فلا إعادة، القول الثاني للصدوق في المقنع: ان ذكر في
يومه أعاد وان مضى اليوم فلا إعادة. وهذا يوافق الأول في الظهرين وأما العشاء الآخرة فان
حملنا اليوم على بياض النهار فيكون حكم العشاء مهملا، وان حملنا على ذلك بناء على الليلة
المستقبلة وجعلنا آخر وقت العشاء آخر الليل وافق القول الأول أيضا والا فلا. الثالث
الإعادة مطلقا وهو قول علي بن بابويه والشيخ في المبسوط.
438

1275 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " أربعة يجب عليهم التمام
في السفر كانوا أو في الحضر: المكاري، الكري، والراعي، والاشتقان، لأنه عملهم " (1)
وروي " الملاح ". والاشتقان البريد.
1276 - وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: " ليس على
الملاحين في سفنهم تقصير، ولا على المكاري والجمال ".
1277 - وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " المكاري إذا لم
يستقر في منزله إلا خمسة أيام أو أقل قصر في سفره بالنهار (2) وأتم صلاة الليل (3)

(1) الكرى في بعض النسخ " المكرى " على صيغة اسم المفعول من الافعال بمعنى
المكترى، وقال الشهيد - رحمه الله - في الذكرى: المراد بالكرى في الرواية المكترى
وقال بعض أهل اللغة: قد يقال الكرى على المكارى. والحمل على المغايرة أولى بالرواية
لتكثر الفائدة وأصالة عدم الترادف. وقال العلامة - رحمه الله - في المنتهى ج 1 ص 393
الاشتقان هو أمين البيدر ذكر أهل اللغة، وقيل: البريد. وقال الفاضل التفرشي: قوله
" أربعة - الخ " ظاهره يفيد وجوب التمام ما صدق عليهم تلك الأسامي وان أقاموا في بلدهم
عشرة إذا لم تكن الإقامة للاعراض عن ذلك العمل وقد تؤيد بالتعليل. وقوله " لأنه " أي
ذكر المذكور المستلزم للسفر عملهم.
(2) حمله العلامة - رحمه الله - في المختلف على تقصير النافلة بمعنى أن يسقط عنه
نوافل النهار. وعمل به الشيخ في النهاية والمبسوط واختاره ابن البراج وابن حمزة ومنعه
ابن إدريس. (سلطان)
(3) المراد بصلاة الليل صلاة العشاء وأكثر الأصحاب على الاتمام في النهار أيضا
للاخبار لكن هذا الخبر خاص وهو مقدم على العام لصحته. (م ت)
439

وعليه صوم شهر رمضان، فإن كان له مقام في البلد الذي يذهب عشرة أيام أو أكثر
وينصرف إلى منزله (1) ويكون له مقام عشرة أيام أو أكثر قصر في سفره وأفطر " (2).
1278 - وقال الصادق عليه السلام: " الجمال والمكاري إذا جد بهما السير قصرا
فيما بين المنزلين، وأتما في المنزلين " (3).
1279 - وروى عبد الله بن جعفر، عن محمد بن جزك (4) قال: " كتبت إلى أبي
الحسن الثالث عليه السلام أن لي جمالا ولي قوام ولست أخرج فيها إلا في طريق

(1) هذا الحديث صحيح وظاهره أن التقصير موقوف على الامرين، ولعل قوله
" وينصرف " الواو فيه بمعنى " أو "، وأما ما تضمنه من أن المكارى إذا لم يستقر الا خمسة
أو أقل ففيه مخالفة للمعروف بين المتأخرين من أن الخلاف منحصر في إقامة الخمسة لا
أقل منها. (الشيخ محمد ره)
(2) قوله: " قصر في سفره " أي سفره الذي ينشئ بعد ذلك وظاهر في أن تقصيره
يتوقف على الامرين أي مقام عشرة في البلد الذي يذهب إليه وعشرة أخرى في منزله وكون
كل واحد منهما مستقلا في ذلك يحتاج إلى التأويل ولعل معنى الواو هنا اشتراك الامرين في
أن السفر الذي يقع بعدها يجب فيه التقصير. (مراد)
(3) أي السير جعلهما باذلين لجهدهما وفى الصحاح الجد: الاجتهاد في الأمور ويمكن
أن يحمل المنزلان على ما لا ينبغي التقصير فيهما لكونهما منزلين لهما أو محلى إقامتهما وما
بينهما بلوغ المسافة كما يفهم من قوله عليه السلام: " جد بهما السير "، والجمال والمكاري
على من لم يثبت له حكم التمام في السفر كما إذا كان أول سفرهما ولم يعد ذلك شغلا لهما
(مراد) وقال الشهيد - رحمه الله - في الذكرى: المراد بجد السير أن يكون مسيرهما
متصلا كالحج والاسفار التي لا يصدق عليها صنعه. وقال الكليني وتبعه الشيخ - رحمهما الله -:
ان المراد أن يجعلوا المنزلين منزلا فيقصرون في الطريق ويتمون في المنزل، قلت:
الظاهر أنه أراد بالمنزل الذي ينتهيان إليه مسافرين لا منزلهما إذ منزلهما لا اشكال فيه
ولعله للمشقة الشديدة بذلك لخروجه عن السير المعتاد - انتهى. وقال بعضهم: لعل المراد
أنه إذا كانا قصدا مكانا من غير شغلهم كالزيارة وأمثالها. وفى بعض النسخ " أتما في المنزل ".
(4) هو جمال من أصحاب الهادي عليه السلام. وفى بعض النسخ " محمد بن شرف "
440

مكة لرغبتي في الحج أو في الندرة (1) إلى بعض المواضع فما يجب علي إذا أنا خرجت
معها أن أعمل؟ أيجب التقصير في الصلاة والصوم في السفر أو التمام؟ فوقع عليه السلام إذا كنت
لا تلزمها ولا تخرج معها في كل سفر إلا إلى مكة فعليك تقصير وفطور " (2).
1280 - وسأل عبد الرحمن بن الحجاج أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل له
الضياع بعضها قريب من بعض فيخرج فيطوف فيها أيتم أو يقصر؟ قال: يتم " (3).
1281 - وروى إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال:
" سبعة لا يقصرون في الصلاة: الجابي الذي يدور في جبايته (4) والأمير الذي يدور في
إمارته، والتاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق، والراعي، والبدوي، و
الذي يطلب مواضع القطر (5) ومنبت الشجر، والرجل يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا
والمحارب الذي يقطع السبيل ".
1282 - وروى موسى بن بكر (6) عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إذا نسي
الرجل صلاة أو صلاها بغير طهور وهو مقيم أو مسافر فذكرها فليقض الذي وجب عليه
لا يزيد على ذلك ولا ينقض، ومن نسي أربعا قضى أربعا حين يذكرها مسافرا كان

(1) عطف على " في طريق مكة ". وفى بعض النسخ " البدرة ".
(2) المراد بفطور: الافطار.
(3) محمول على عدم كون القصد بقدر المسافة وان حصل بالتردد، أو على إقامة
ستة أشهر في هذه الضياع (سلطان) وقال الشيخ في الاستبصار ج 1 ص 231 بعد نقله:
ليس في هذا الخبر ما ينافي ما قدمناه لأنه ليس فيه ذكر مقدار المسافة التي يخرج فيها،
وإذا لم يكن ذلك فيه احتمل أن يكون المراد به إذا كانت الضيعة قريبة إليه فلا يجب حينئذ
عليه التقصير.
(4) الجابي من يجمع الجباية وهي الخراج والزكاة. قال المولى المجلسي: ذلك مع
عدم الإقامة أو الأعم لا يما عمال الجوار.
(5) أي المطر بل هو ما يتسبب عنه وهو العشب. (مراد)
(6) هو واقفي ولم يوثق ولم يعنونه الصدوق - رحمه الله - في المشيخة.
441

أو مقيما، وإن نسي ركعتين صلى ركعتين حين يذكرها مسافرا كان أو مقيما ".
1283 - وقال الصادق عليه السلام: " من الامر المذخور (1) إتمام الصلاة في أربعة
مواطن: بمكة، والمدينة، ومسجد الكوفة، وحائر الحسين عليه السلام (2) ".
قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: يعني بذلك أن يعزم على مقام عشرة
أيام (3) في هذه المواطن حتى يتم وتصديق ذلك:
1284 - ما رواه محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:
" سألته عن الصلاة بمكة والمدينة يقصر أو يتم؟ قال: قصر ما لم تعزم على مقام عشرة

(1) أي المرغوب فيه لان ما يرغب فيه يذخر ولو كان المراد بيان التخيير في تلك
المواضع كما هو المشهور أمكن أن يراد بالمذخور الخفي على العوام. (مراد)
(2) قال في الذكرى: " هل الاتمام مختص بالمساجد نفسها أو يعم البلدان؟ ظاهر أكثر
الروايات أن مكة والمدينة محل لذلك أما الكوفة فمسجدها خاصة قاله في المعتبر، والشيخ
ظاهره الاتمام في البلدان الثلاثة، وأما الحائر فقال ابن إدريس: فهو ما دار سور المشهد
والمسجد عليه دون سور البلد وأفتى بأن التخيير إنما هو في المساجد الثلاثة دون بلدانها.
واختاره العلامة في المختلف، وقول الشيخ هو الظاهر من الروايات وما فيه ذكر المسجد
منها فلشرفها لا لتخصيصها، والشيخ ابن سعيد في كتاب السفر له حكم بالتخيير في البلدان
الأربعة حتى في الحائر المقدس لورود الحديث بحرم الحسين عليه السلام وقدره بخمسة
فراسخ وبأربعة فراسخ والكل حرم وان تفاوتت في الفضل، وابن الجنيد والمرتضى رحمهما الله
عمما في كل المشاهد وظاهرهما نفي التقصير ولعلهما أرادا نفى تحتمه ولم نقف لهما
على مأخذ ".
(3) أي يستحب العزم على المقام، ليتم وهذا لخصوصية هذه المواطن وبهذا يستقيم
كون ذلك من المذخور على توجيه المصنف فتأمل. (سلطان)
وقال الفاضل التفرشي: أطلق الاتمام وأريد سببه وهو العزم على الإقامة، ويمكن
التوفيق بين الخبرين بحمل الاتمام على ما إذا صلى في أحد المسجدين وحلم القصر على
ما إذا صلى في غير المسجدين من مواضع مكة والمدنية.
442

أيام " (1).
1285 - وما رواه محمد بن خالد البرقي، عن حمزة بن عبد الله الجعفري قال:
" أن نفرت من منى نويت المقام بمكة فأتممت الصلاة، ثم جاء خبر من المنزل (2)
فلم أجد بدا من المصير إلى المنزل فلم أدر أتم أم أقصر، وأبو الحسن عليه السلام يؤمئذ
بمكة فأتيته فقصصت عليه القصة فقال لي: ارجع إلى التقصير " (3).
1286 - وروى الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " ليس في السفر
جمعة ولا أضحى ولا فطر " (4).
1287 - وروى إسماعيل بن جابر (5) قال: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام: يدخل
علي وقت الصلاة وأنا في السفر فلا أصلي حتى أدخل أهلي فقال: صل وأتم الصلاة،
قلت: فيدخل علي وقت الصلاة وأنا في أهلي أريد السفر فلا أصلي حتى أخرج؟
قال: صل وقصر فإن لم تفعل فقد خالفت (6) رسول الله صلى الله عليه وآله " (7).
1288 - وأما خبر حريز، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته

(1) الجواب على المشهور من هذه الرواية أن المراد أنه لا يجب التمام علينا حتى
نعزم على الإقامة، ويمكن الجمع بوجه آخر على القول باختصاص التخيير بالمساجد بأن المراد
هنا غير المساجد من البلدين. (سلطان)
(2) في بعض النسخ " جاءني جيران المنزل ".
(3) لا يخفى أنه مناف لما مر في خبر أبي ولاد من قوله: " فقال إن كنت دخلت المدينة
وصليت بها صلاة واحدة فريضة بتمام فليس لك أن تقصر " ولعل قوله " فأتممت الصلاة " بمنزلة
قوله أبى ولاد " نويت متى دخلت المدينة أن أقيم بها عشرا فأتممت الصلاة " لا أنه وقع منى
اتمام الصلاة بعد وقوع النية. (مراد)
(4) تقدم تحت رقم 1238 بتقديم وتأخير.
(5) الطريق صحيح كما في الخلاصة وهو ثقة.
(6) في التهذيب " فقد خالفت والله رسول الله صلى الله عليه وآله ".
(7) يدل على أن الاعتبار بحال الأداء في الدخول والخروج. (سلطان)
443

عن رجل يدخل من سفره (1) وقد دخل وقت الصلاة وهو في الطريق قال: يصلي ركعتين
وإن خرج إلى سفره وقد دخل وقت الصلاة فليصل أربعا " (2).
فإنه يعني به إذا كان لا يخاف فوات خروج الوقت أتم (3) وإن خاف خروج
الوقت قصر، وتصديق ذلك:
1289 - في كتاب الحكم بن مسكين قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: " في الرجل
يقدم من سفره في وقت صلاة، فقال: إن كان لا يخاف خروج الوقت فليتم وإن كان
يخاف خروج الوقت فليقصر " (4).
وهذا موافق لحديث إسماعيل بن جابر (5).
1290 - وسأل إسحاق بن عمار أبا إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السلام " في الرجل

(1) في بعض النسخ " يدخل في سفره ".
(2) على نسخة " من " يكون كلا جزئي الخبر مخالفا لما سبق، وعلى نسخة " في "
يكون المخالفة في الجزء الثاني. (سلطان)
(3) بهذا يندفع المخالفة باعتبار الدخول في المنزل وأما باعتبار الخروج إلى السفر
فلا، فان حديث إسماعيل دل على التقصير وحديث محمد دل على الاتمام الا أن يأول حينئذ
حديث محمد بان الاتمام عند سعة الوقت كالتقصير عند تضيقه، ويمكن التوفيق فيهما بأن يراد
بيدخل في حديث محمد يشرق على الدخول فيكون الحال أي قوله " وهو في الطريق "
معمولا ليدخل ودخل بالتنازع وكذا يكون المراد بالخروج إلى سفره اشرافه على الخروج (مراد)
(4) يعنى أن المسافر في الرجوع من السفر ان لم يخف خروج الوقت ان صبر حتى يدخل
أهله فليصبر وليؤخر الصلاة وليتم في أهله، وان خاف خروج الوقت فليصل في الطريق قصرا.
(5) قال في الوافي: قيد المؤلف حديث حريز عن محمد بما إذا خاف فوات الوقت
أو لم يخف وأيده بحديث الحكم، ثم قال حديث الحكم موافق لحديث إسماعيل بن جابر،
وإنما يصح هذا إذا خص التقييد بالقادم من السفر دون الخارج إليه كما هو في حديث الحكم
وعلى هذا مع ما فيه لم يكن الحديثان متوافقين والأولى أن يعمل على خبر إسماعيل بن جابر
لعلو سنده ووضوح حال رجاله وتأكده بمخالفة رسول الله صلى الله عليه وآله والحلف عليها لو لم يفعل، قال
في المعتبر: وهذه الرواية أشهر وأظهر في العمل يعنى بها رواية إسماعيل.
444

يكون مسافرا ثم يقدم فيدخل بيوت الكوفة أيتم الصلاة أم يكون مقصرا حتى
يدخل إلى أهله؟ قال: بل يكون مقصرا حتى يدخل إلى أهله " (1).
1291 - وروى سيف التمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " قال له بعض أصحابنا
كنا نقضي صلاة النهار إذا نزلنا بين المغرب والعشاء الآخرة، فقال: لا (2) الله أعلم
بعباده حين رخص، إنما فرض الله عز وجل على المسافر ركعتين لا قبلهما ولا بعدهما
شئ إلا صلاة الليل على بعيرك حيث توجه بك " (3).
1292 - وسئل أبو عبد الله عليه السلام " عن صلاة النافلة بالنهار في سفر، فقال: لو
صلحت النافلة في السفر تمت الفريضة " (4).
ولا بأس بقضاء صلاة الليل بالنهار في السفر (5).
1293 - و " كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي على راحلته الفريضة في يوم مطير " (6).

(1) دل بظاهره على عدم اعتبار الترخص وقال الفاضل التفرشي محمول على أن يكون
بين ما دخله من البيوت وبين أهله بعد ما يتوارى كل عن الاخر.
(2) لعل المراد قضاء النوافل أو ما يشمله قضاء الركعتين المتروكتين. (مراد)
(3) قال المولى المجلسي - رحمه الله - يدل على سقوط النافلة في الظهرين وعدم سقوط
نافلة الليل ومنها نافلة المغرب والفجر، وعلى جواز النافلة في السفر على الدابة كما يدل
عليه أخبار كثيرة.
(4) السائل أبو يحيى الحناط كما في التهذيب ج 1 ص 118.
(5) روى الشيخ - رحمه الله - في التهذيب باسناده عن صفوان بن يحيى قال: " سألت
الرضا عليه السلام عن التطوع بالنهار وأنا في سفر فقال: لا ولكن تقضى صلاة الليل بالنهار وأنت
في سفر - الحديث " وأيضا عن ابن عمار عن الصادق عليه السلام قال: " لا بأس بان يصلى
الرجل صلاة الليل في السفر وهو يمشى، ولا بأس ان فاتته صلاة الليل أن يقضيها بالنهار
وهو يمشى - الخ ".
(6) رواه الشيخ (ره) في التهذيب ج 1 ص 320 في الصحيح عن جميل بن دراج عن
الصادق عليه السلام في رواية وعن مندل بن علي العنزي في أخرى ص 319 وقد قيد
في بعض الروايات الضرورة الشديدة ففي صحيحة الحميري في التهذيب ج 1 ص 319
قال: " كتبت إلى أبى الحسن على السلام: " روى - جعلني الله فداك - مواليك عن آبائك
أن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى الفريضة على راحلته في المحمل في يوم مطير، ويصيبنا المطر في
محاملنا والأرض مبتلة والمطر يؤذى فهل يجوز لنا يا سيدي أن نصلى في هذه الحال
في محاملنا أو على دوابنا الفريضة إن شاء الله؟ فوقع عليه السلام يجوز ذلك مع الضرورة
الشديدة ".
445

1294 - وقال إبراهيم الكرخي: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني أقدر أن
أتوجه نحو القبلة في المحمل، فقال: هذا الضيق (1) أمالكم في رسول الله صلى الله عليه وآله أسوة؟ ".
1295 - وسأل سعد بن سعد أبا الحسن الرضا عليه السلام " عن الرجل تكون
معه المرأة الحائض في المحمل أيصلي وهي معه؟ قال: نعم " (2).
1296 - وسأل سعيد بن يسار أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يصلي صلاة الليل
وهو على دابته أله يغطي وجهه وهو يصلي؟ قال: أما إذا قرأ فنعم، وأما إذا أومأ
بوجهه للسجود فليكشفه حيث [ما] أومأت به الدابة " (3).
1297 - وسأل عبد الرحمن بن الحجاج (4) أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يصلي
النوافل في الأمطار وهو على دابته حيثما توجهت به قال: لا بأس ".
1298 - وسأل علي بن يقطين أبا الحسن عليه السلام " عن الرجل يخرج في السفر
ثم يبدو في الإقامة (5) وهو في الصلاة، قال: يتم إذا بدت له الإقامة. وعن الرجل
يشيع أخاه إلى المكان الذي يجب عليه فيه التقصير والافطار، قال: لا بأس بذلك ".

(1) أي هذه مشقة غير لازمة، وفى التهذيب " فقال: ما هذا الضيق أما لك في
رسول الله صلى الله عليه وآله أسوة ".
(2) يدل على عدم البأس بالمحاذاة معها إذا كانت لا تصلى.
(3) أي حيث توجهت به الدابة وإن كان على غير القبلة. والطريق ضعيف بمفضل.
(4) الطريق صحيح، وكذا في الخبر الآتي.
(5) أي ينوى الإقامة في أثناء الصلاة التي عقدها على أنها مقصورة. (مراد)
446

ولا بأس بالجمع بين الصلاتين في السفر والحضر من علة وغير علة (1).
ولا بأس بتأخير المغرب في السفر حتى يغيب الشفق (2).
ولا بأس بتأخير المغرب للمسافر إذا كان في طلب المنزل إلى ربع الليل (3).
1299 - وفي رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " أنت في وقت
المغرب في السفر إلى خمسة أميال من بعد غروب الشمس " (4).
ولا بأس بتعجيل العتمة في السفر قبل مغيب الشفق (5).
1300 - وسأل عمار الساباطي أبا عبد الله عليه السلام " عن حد الطين الذي لا يسجد
فيه ما هو؟ قال: إذا غرقت فيه الجبهة ولم تثبت على الأرض " (6).
1301 - وقال معاوية بن عمار لأبي عبد الله عليه السلام: " إن أهل مكة يتمون الصلاة
بعرفات قال: ويلهم أو ويحهم (7) وأي سفر أشد منه لا، لا يتم " (8).
1302 - وقال الصادق عليه السلام: " إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما نزل عليه جبرئيل

(1) الاخبار بذلك متظاهرة من طرق العامة والخاصة. (م ت)
(2) لا يبعد أن يكون إشارة إلى طريق الجمع بين المغرب والعشاء.
(3) رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان وعمر بن يزيد، وفى بعض الأخبار إلى ثلث الليل قال
الكليني: " وروى أيضا إلى نصف الليل " الكافي ج 3 ص 432.
(4) أي إلى أن يقطع قدرها خمسة أميال وهو فرسخ وثلثا فرسخ. (مراد)
(5) روى الشيخ - رحمه الله - في التهذيب والكليني في الكافي ج 3 ص 431 في
حديث عن الحلبي " قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لا بأس بأن تعجل العشاء الآخرة في
السفر قبل أن يغيب الشفق ".
(6) هذا الخبر كما ترى أجنبي عن الباب، ويناسب أبواب مكان المصلي أو باب
السجود وما يسجد عليه.
(7) الشك من الراوي، والأولى كلمة عذاب، والثانية كلمة رحمة. (مراد)
(8) قوله عليه السلام " لا " أي لا ينبغي لهم الاتمام، و " لا " الثانية ناهية أو نافية فيكون
مدخولها خبرا في معنى النهى. (مراد)
447

بالتقصير، قال له النبي صلى الله عليه وآله: في كم ذلك؟ فقال: في بريد قال: وكم البريد؟ قال:
ما بين ظل عير إلى فيئ وعير (1) فذرعته بنو أمية ثم جزأوه على اثني عشر ميلا

(1) قال السمهودي في وفاء الوفاء: ان " عير " بفتح العين وسكون الياء جبل قرب
ذي الحليفة في جنوبي المدينة المكرمة و " وعيرة " بفتح الواو وآخرها هاء جبل في غربي
أحد وهو شمال المدينة المشرفة. ا ه‍. وقال استاذنا الشعراني - مد ظله - بعد نقل هذا
الكلام:
" لما كان ذرع المسافة بين رأس الجبلين أو مسقط حجرهما غير ممكن اعتبر صلى الله عليه وآله الظل وإنما
قال: " فيئ وعير " لان ظلها قبل الزوال يكون شمالا أو غربا وراء الجبل حيث لا يراه من
هو في جانب المدينة والأنسب أن يعتبر الفيئ أول ظهوره بعد الزوال لا عند الغروب إذ يصير
فيئ الجبل قريب الغروب طويلا جدا بحيث لا يشخص منتهاه، وأما " ظل عير " فالمناسب أن يراد
به ظل وقت الزوال لان هذا الجبل في جنوبي المدينة المشرفة والجانب الشمالي منه يواجه
البلد وظله عند الزوال إلى سمت البلد ويتمكن الواقف عنده من تعيين رأس الظل والمساحة
وأما عند الطلوع فالظل طويل إلى جانب المغرب إلى غير النهاية ولا يتشخص، وبالجملة
فالمسافة المذكورة في الحديث من الشمال إلى الجنوب بريد أربعة فراسخ، والمدني يرى
من البلد شرفة الله تعالى ظل عير في جميع حالاته من طلوع الشمس إلى غروبها والجبل في
الجنوب الشرقي وفيئ وعير بعد الزوال فقط حين يظهر من مشرق الجبل، وأما وعير وأحد
وثور فجميعها من الشمال فأحد معروف وثور جبل صغير غير مشهور وهو غربي أحد وعيرة
غربي ثور ولذا ورد في أحاديث العامة بين عير وثور وفى بعضها بين عير وأحد ومفاد الجميع
مع ما ورد بين عير وعير واحد.
وقال المولى المجلسي - رحمه الله -: الظاهر أنهما جبلان بالمدينة والمشهور
عاير ووعير فعلى تقدير التعدد يمكن أن يكون المراد بظل عير ظله قريبا من طلوع الشمس
ويكون قريبا من فرسخين، وكذا فيئ وعير قريبا من الغرب ويتصلان فيكون أربعة
فراسخ، وعلى تقدير الوحدة يكون كل واحد من ظله وفيئه فرسخين، وفى نسخة " ما بين ظل
عير إلى وعير " لكن في الكافي كالأول " ظل عير إلى فيئ وعير " وفى نسخة منه " عاير " بدل
" عير ". انتهى.
وقال الفاضل التفرشي: يفهم من الحديث أن وعيرا أيضا جبل بالمدينة ولعله مصغر
الوعر، والظل معروف وقد يطلق على ما يبقى من ظل الشاخص بعد تنقصه عند وصول الشمس إلى
دائرة نصف النهار ويسمى الظل الأول أيضا وهو المراد بالظل هنا وما يزيد عليه أو يحدث بعد
انعدامه هو الظل الثاني ويسمى فيئا ولكن الفيئ يزيد شيئا فشيئا ولم يتبين من الحديث
أنه متى يعتبر ولا يبعد أن يعتبر عندما يساوى الظل - انتهى.
وقال الأستاذ: قوله " هو المراد هنا " صحيح على ما قلنا من معنى الحديث، وكون جبل
عير في جهة الجنوب من المدينة المشرفة، وأما ما ذكره من تقدير الفيئ فلم نعلم وجهه
والصحيح ما ذكرناه أولا، ويجب أخذ كل شئ من أهله والسمهودي من أهل هذا البلد
الشريف وعالم باخباره وتاريخه ويظهر به معنى الحديث من غير تكلف.
448

فكان كل ميل ألفا وخمسمائة ذراع (1) وهو أربعة فراسخ ".
يعني أنه إذا كان السفر أربعة فراسخ وأراد الرجوع من يومه فالتقصير عليه
واجب، ومتى لم يرد الرجوع من يومه فهو بالخيار إن شاء أتم وإن شاء قصر وتصديق
ما فسرت من ذلك (2):
1303 - خبر جميل بن دراج، عن زرارة بن أعين قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام
عن التقصير فقال: بريد ذاهب وبريد جائي. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أتى ذبابا (3)

(1) هذا وهم من الراوي وروى نحوه الكليني في الكافي ج 3 ص 432 وفيه " ثلاثة
آلاف وخمسمائة ذراع، وقال الفاضل التفرشي: المشهور أن الميل أربعة آلاف ذراع فالفرسخ
اثنا عشر ألف ذراع، وفى الشرايع: الميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد الذي طوله أربعة
وعشرون إصبعا تعويلا على المشهور بين الناس أو مد البصر من الأرض وفسر ذلك بما يتميز
معه الفارس من الراجل وظاهر أن عمل بنى أمية وأخبارهم ليس بحجة. انتهى.
وقوله " هو أربعة فراسخ " ظاهره من تتمة الخبر والضمير راجع إلى البريد.
(2) لا يخفى أن شيئا من الاحتمالين لا يستقيم في خبر معاوية بن عمار في باب عرفات
إذ ليس في إرادة أهل مكة الرجوع من يومه من عرفات إلى مكة فلا يستقيم الاحتمال الأول
والنهى عن الاتمام مصرح فيه فلا يحتمل الخيار فلا يستقيم الاحتمال الثاني الا أن يحمل النهى
عن التمام على تعيين التمام بخصوصه ردا على توهم أهل مكة وهو بعيد، والعلامة - رحمه
الله - في المختلف حمل الأخبار الدالة على القصر في بريد على إرادة الرجوع ليومه، ولا
يخفى عدم استقامة هذا الحمل في خبر أهل مكة وعرفات كما عرفت فالظاهر ما اختاره ابن أبي
عقيل من عدم تقييد وجوب القصر بإرادة الرجوع ليومه بل يكفي إرادة ما دون عشرة
أيام. (سلطان)
(3) أي روضات الذباب. وأما ذباب بكسر أوله: فجبل بالمدينة.
449

قصر ". وذباب على بريد وإنما فعل ذلك لأنه إذا رجع كان سفره بريد بن ثمانية
فراسخ. (1)
1304 - وسأل زكريا بن آدم (2) أبا الحسن الرضا عليه السلام " عن التقصير في كم
يقصر الرجل إذا كان في ضياع أهل بيته وأمره جائز فيها (3) يسير في الضياع يومين
وليلتين وثلاثة أيام ولياليهن؟ فكتب: التقصير في مسيرة يوم وليلة ". (4)
1305 - وروى محمد بن أبي عمير، عن محمد بن إسحاق بن عمار قال: " سألت أبا الحسن
الرضا عليه السلام عن امرأة كانت في طريق مكة فصلت ذاهبة وجائية المغرب ركعتين ركعتين
فقال: ليس عليها إعادة ".
وفي رواية الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن إسحاق بن عمار عن
أبي الحسن عليه السلام قال: " ليس عليها قضاء ". (5)

(1) إذا كان قوله " وكان رسول الله صلى الله عليه وآله - الخ " داخلا في خبر زرارة يكون صريحا في
المطلوب، ولكنه محتمل لان يكون من كلام الصدوق على أنه يمكن أن يكون المراد رجوعه
قبل العشرة كما ذكرناه سابقا (م ت) أقول: كونه من تتمة خبر زرارة ظاهر ويمكن أن
يكون خبرا برأسه والا لا يستقيم احتجاج المؤلف - رحمه الله - مع أنه أورده احتجاجا.
(2) الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.
(3) أي أمره ماض فيها والمراد أنه بمنزلة وطنه. (مراد)
(4) يدل على أنه إذا كان السفر المقصود مسيرة يوم وليلة وهو ثمانية فراسخ
كما فسر في الاخبار لا ينافيه أن يقطعه [في يوم] أو يومين أو ثلاثة، ويدل على أن الضياع إذا
لم تكن له لا يتم فيها وإن كان أمره نافذا فيها على الظاهر، ويمكن أن يكون المراد أنه لا يقصر
فيها إذا لم يكن السفر مقصودا بأن يقصد ضيعة أقل من المسافة ثم يقصد ضيعة أخرى مثلها وان
تمادى في السفر (م ت)
وقال الفاضل التفرشي: قوله " في مسير يوم وليلة " لعل المراد في مسير كل واحد
لا المجموع فالمقصود بيان اشتراك اليوم والليلة في أن التقصير في مسيرهما وذكره الليلة
لذكرها في السؤال.
(5) يدل على أن الجاهل في قصر المغرب معذور، وهذا خلاف المشهور، وربما
يختص هذا الحكم بالمرأة (م ت) وقال الفاضل التفرشي: دل على أن الجاهل بوجوب
الاتمام في السفر إذا قصر معذور كما أن الجاهل بوجوب التقصير إذا أتم كان معذورا.
وحكم الشيخ - رحمه الله - في التهذيب ج 1 ص 320 بشذوذ هذا الخبر وقال: فمن قصر
في السفر المغرب كان عليه الإعادة.
450

1306 - وفي رواية العلاء (1) عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إذا صلى
المسافر خلف قوم حضور فليتم صلاته ركعتين ويسلم، وإن صلى معهم الظهر فليجعل
الأولتين الظهر والأخيرتين العصر ".
1307 - وسأل إسماعيل بن الفضل (2) أبا عبد الله عليه السلام " عن رجل يسافر من أرض
إلى أرض وإنما ينزل قراه وضيعته، فقال: إذا نزلت (3) قراك وأرضك فأتم الصلاة،
وإذا كنت في غير أرضك فقصر ".
قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: يعني بذلك إذا أراد المقام في قراه وأرضه
عشرة أيام ومتى لم يرد المقام بها عشرة أيام قصر إلا أن يكون لها به منزل يكون فيه
في السنة ستة أشهر، فإن كان كذلك أتم متى دخلها، وتصديق ذلك:
1308 - ما رواه محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:
" سألته عن الرجل يقصر في ضيعته؟ فقال: لا بأس ما لم ينو مقام عشرة أيام إلا أن
يكون له بها منزل يستوطنه، قال: قلت له: ما الاستيطان؟ فقال: أن يكون له بها
منزل يقيم فيه ستة أشهر فإذا كان كذلك يتم فيها متى دخلها ". (4)
1309 - وما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن الأول عليه السلام أنه قال: " كل

(1) يعنى العلاء بن رزين القلاء مولى ثقيف صحب محمد بن مسلم وتفقه عليه وكان
ثقة جليل القدر وجها وطريق المصنف إليه صحيح كما في الخلاصة.
(2) الطريق مجهول ورواه الشيخ - رحمه الله - في التهذيب بسند موثق كالصحيح.
(3) في بعض النسخ " ان نزلت ".
(4) ظاهر هذا الخبر وكلام المصنف استيطان ستة أشهر في كل سنة والأصحاب اكتفوا
بمجرد تحقق ذلك ولو متفرقا والله يعلم.
451

منزل من منازلك لا تستوطنه فعليك فيه التقصير ".
1310 - وقال الصادق عليه السلام: " في الرجل يخرج إلى الصيد مسيرة يوم أو يومين
أو ثلاثة أيقصر أو يتم؟ فقال: إن خرج لقوته وقوت عياله فليقصر وليفطر وإن خرج
لطلب الفضول فلا ولا كرامة ". (1)
1311 - وروى أبو بصير أنه عليه السلام قال: " ليس على صاحب الصيد تقصير ثلاثة
أيام فإذا جاوز الثلاثة لزمه " يعني الصيد للفضول. (2)
1312 - وروى عيص بن القاسم (3) عنه عليه السلام أنه " سئل عن الرجل يتصيد
فقال: إن كان يدور حوله فلا يقصر (4) وإن كان تجاوز الوقت فليقصر ".
ولو أن مسافرا ممن يجب عليه التقصير مال عن طريقه إلى صيد (5) لوجب عليه
التمام لطلب الصيد، فإن رجع من صيده إلى الطريق فعليه في رجوعه التقصير (6).

(1) " لا كرامة " أي في طلب الفضول وهو الذي لا يتعلق به غرض يتقرب به إلى
الله عز وجل سواء كان أمرا دنيويا أو أخرويا (مراد) أقول: الخبر مروى في التهذيب
والكافي بسند فيه ارسال، وقال العلامة المجلسي - رحمه الله -: ظاهره يشمل صيد التجارة
ولعل الأصحاب حملوه على اللغو الذي لا فائدة فيه. وقال في القاموس الفضولي - بالضم -:
المشتغل بما لا يعنيه والخياط.
(2) أي لغير قوته وقوت عياله، والخير حمله الشيخ في التهذيب ج 1 ص 316 على ما
إذا كان صيده لقوته وقوت عياله، فأما من كان صيده للهو فلا يجوز له التقصير.
(3) هو ثقة والطريق إليه صحيح.
(4) أي وقت دورانه حول منزله، ولعل المراد به أنه لم يصل إلى محل الترخص أو
وصل ولم يقصد مسافة التقصير، فتجاوزه يتحقق بتحقق الامرين (مراد) وقال سلطان -
العلماء: لعله كناية عن اشتغاله بالصيد والمراد الصيد الفضول.
(5) أي لم يبلغ المسافة، والظاهر أن المراد الصيد للقوت. (م ت)
(6) كما رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 316 بسند فيه أحمد بن محمد السياري
الضعيف عن بعض أهل العسكر قال: " خرج عن أبي الحسين عليه السلام أن صاحب الصيد يقصر
ما دام على الجادة فإذا عدل عن الجادة أتم فإذا رجع إليها قصر ".
452

ومن كان سفره معصية لله عز وجل فعليه التمام في الصلاة والصوم. (1)
وعلى المسافر أن يقول: في دبر كل صلاة يقصرها " سبحان الله والحمد الله ولا إله
إلا الله والله أكبر " ثلاثين مرة لتمام الصلاة. (2)
1313 - وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إن خشيت أن لا
تقوم في آخر الليل، أو كانت بك علة أو أصابك برد فصل وأوتر في أول الليل في
السفر ".
1314 - وسأل علي بن سعيد أبا عبد الله عليه السلام " عن صلاة الليل والوتر في السفر
في أول الليل، قال: نعم ".
1315 - وسأل سماعة بن مهران أبا الحسن الأول عليه السلام " عن وقت صلاة
الليل في السفر، فقال: من حين تصلي العتمة إلى أن ينفجر الصبح ".
1316 - وروى حريز، عمن حدثه عن أبي جعفر عليه السلام أنه " كان لا يرى
بأسا بأن يصلي الماشي وهو يمشي ولكن لا يسوق الإبل ". (3)

(1) روى المؤلف في كتاب الصوم والكليني في الكافي ج 4 ص 129 باسناده عن عمار
(أو محمد) بن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سمعته يقول: من سافر قصر وأفطر
الا أن يكون رجلا سفره إلى صيد أو في معصية الله أو رسولا لمن يعص الله أو في طلب شحناء
أو سعاية [أو] ضرر على قوم مسلمين ".
(2) روى الشيخ - رحمه الله - في التهذيب ج 1 ص 319 باسناده عن سليمان بن
حفص المروزي قال: قال الفقيه العسكري عليه السلام: " يجب على المسافر أن يقول في
دبر كل صلاة يقصر فيها " سبحان الله والحمد لله ولا الله والله أكثر " ثلاثين مرة
لتمام الصلاة ". وروى المؤلف في العيون مسندا عن رجاء بن أبي الضحاك عن الرضا عليه
السلام " أنه صحبه في سفر فكان يقول في دبر كل صلاة يقصرها - التسبيحات - ثلاثين مرة
ويقول: هذا تمام الصلاة " وقال الفاضل التفرشي قوله: " لتمام الصلاة " أي ليثاب بصلاة
كاملة بحسب عدد الركعات لأنه لجبرانها.
(3) لعل المراد عدم اشتغاله بما هو ليس من أفعال الصلاة سوى المشي، وذكر سوق
الإبل للتمثيل. (مراد)
453

باب
* (العلة التي من أجلها لا يقصر المصلي في صلاة المغرب) *
* (ونوافلها في السفر والحضر) *
1317 - سئل الصادق عليه السلام " لم صارت المغرب ثلاث ركعات وأربعا بعدها ليس
فيها تقصير في حضر ولا سفر؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى أنزل على نبيه صلى الله عليه وآله كل
صلاة ركعتين، فأضاف إليها رسول الله صلى الله عليه وآله لكل صلاة ركعتين في الحضر، وقصر فيها
في السفر إلا المغرب والغداة، فلما صلى عليه السلام المغرب بلغه مولد فاطمة عليها السلام فأضاف
إليها ركعة، شكرا لله عز وجل، فلما أن ولد الحسن عليه السلام أضاف إليها ركعتين شكرا لله
عز وجل، فلما أن ولد الحسين عليه السلام أضاف إليها ركعتين شكرا لله عز وجل،
فقال: " للذكر مثل حظ الأنثيين " فتركها على حالها في الحضر والسفر.
باب
* (علة التقصير في السفر) *
1318 - ذكر الفضل بن شاذان النيسابوري رحمه الله في العلل التي سمعها من
الرضا عليه السلام " أن الصلاة إنما قصرت في السفر لان الصلاة المفروضة أولا إنما هي
عشر ركعات، والسبع إنما زيدت فيها بعد فخفف الله عز وجل عن العبد تلك الزيادة
لموضع سفره وتعبه ونصبه واشتغاله بأمر نفسه وظعنه وإقامته لئلا يشتغل عما لابد منه
من معيشته رحمة من الله عز وجل وتعطفا عليه، إلا صلاة المغرب فإنها لا تقصر لأنها
صلاة مقصرة في الأصل. وإنما وجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقل من ذلك ولا

(1) رواه المؤلف في العلل بسند مجهول، ضعيف، مرسل.
454

أكثر (1) لان ثمانية فراسخ مسيرة يوم للعامة والقوافل والأثقال (2) فوجب التقصير
في مسيرة يوم، ولو لم يجب في مسيرة يوم، ولو لم يجب في مسيرة يوم لما وجب في مسيرة ألف سنة، وذلك لان
كل يوم يكون بعد هذا اليوم فإنما هو نظير هذا اليوم (3) فلو لم يجب في هذا اليوم
لما وجب في نظيره إذ كان نظيره مثله لا فرق بينهما، وإنما ترك تطوع النهار ولم
يترك تطوع الليل لان كل صلاة لا يقصر فيها لا يقصر في تطوعها. وذلك أن المغرب
لا يقصر فيها فلا تقصير فيما بعدها من التطوع، وكذلك الغداة لا تقصير فيها فلا تقصير فيما
قبلها من التطوع، وإنما صارت العتمة مقصورة وليس تترك ركعتيها لان الركعتين
ليستا من الخمسين وإنما هي زيادة في الخمسين تطوعا ليتم بهما بدل كل ركعة
من الفريضة ركعتين من التطوع، وإنما جاز للمسافر والمريض أن يصليا صلاة الليل
وفي أول الليل لاشتغاله وضعفه، وليحرز صلاته، فيستريح المريض في وقت راحته، و
ليشتغل المسافر باشتغاله وارتحاله وسفره ".
1319 - وسأل سعيد بن المسيب (4) علي بن الحسين عليهما السلام فقال له: " متى فرضت
الصلاة على المسلمين على ما هي اليوم عليه؟ فقال: بالمدينة حين ظهرت الدعوة وقوي
الاسلام وكتب الله عز وجل على المسلمين الجهاد زاد رسول الله صلى الله عليه وآله في الصلاة سبع
ركعات: في الظهر ركعتين، وفي العصر ركعتين، وفي المغرب ركعة، وفي العشاء الآخرة
ركعتين، وأقر الفجر على ما فرضت بمكة لتعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء

(1) أي نيط التقصير بثمانية فراسخ ولم ينط بما هو أقل منها أو ما هو أكثر منها
فالمراد بوجوب التقصير فيها نوط الوجوب بها، فلا يرد أن لا مجال لقوله " ولا أكثر "
لظهور أن التقصير واجب فيما زاد على ثمانية فراسخ. (مراد)
(2) أي حاملي الأثقال وهو جمع ثقل - كحمل وأحمال - أو جمع ثقل - بالتحريك -
كفرس وأفراس. (مراد)
(3) أي في وقوعه بعد الليل الذي هو للاستراحة والنوم. (مراد)
(4) هو من فقهاء العامة وثقاتهم وله انقطاع إلى علي بن الحسين عليهما السلام،
وطريق الصدوق - رحمه الله - إليه غير مذكور في المشيخة وقال المولى المجلسي (ره): رواه
الصدوق في الصحيح.
455

ولتعجيل نزول ملائكة النهار إلى الأرض (1) فكانت ملائكة النهار وملائكة الليل
يشهدون مع رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة الفجر فلذلك قال الله تبارك وتعالى " وقرآن
الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا " (2) يشهده المسلمون وتشهده ملائكة النهار
وملائكة الليل ".
باب
* (الصلاة في السفينة) *
1320 - سأل عبيد الله بن علي الحلبي أبا عبد الله عليه السلام " عن الصلاة في السفينة
فقال: يستقبل القبلة ويصف رجليه فإن دارت (3) واستطاع أن يتوجه إلى القبلة
[فليفعل] وإلا فليصل حيث توجهت به. وإن أمكنه القيام فليصل قائما وإلا فليقعد
ثم يصلي " (4).
1321 - وقال له جميل بن دراج: " تكون السفينة قريبة من الجد (5)

(1) ربطه بتعجيل ملائكة الليل ظاهر وهو اما من حيث إنه سبب لتعجيلهم أو مسبب عنه
وأما ربطه بتعجيل ملائكة النهار فغير ظاهر الا أن يقال: إن صلاة الصبح إذا كان قصيرة
يعجلون في النزول ليدركوه بخلاف ما إذا كان طويلة لامكان تأخيرهم النزول إلى الركعة
الثالثة والرابعة، ولكن هذا إنما يستقيم لو لم يكن شهودهم واجبا من أول الصلاة والظاهر
المشهور شهودهم من أول الصلاة فتأمل. (سلطان)
(2) سميت الصلاة قرآنا تسمية للشئ باسم جزئه. (مراد)
(3) " فان دارت " أي السفينة واستطاع المصلى أن يتوجه إلى القيلة بأن يدور على
خلاف ما دارت عليه السفينة فليفعل. (مراد)
(4) روى الكليني في الكافي ج 3 ص 441 مثله في الصحيح عن حماد بن عثمان
عنه عليه السلام وفى الحسن كالصحيح عن حماد بن عيسى ما يقرب منه.
(5) الجد - بضم المعجمة وشد الدال المهملة - شاطئ النهر. وقوله " فأخرج "
استفهام بحذف حرفه.
456

فأخرج وأصلي؟ قال: صل فيها، أما ترضى بصلاة نوح عليه السلام ". (1)
1322 - وقال له إبراهيم بن ميمون (2): " نخرج إلى الأهواز في السفن فنجمع
فيها الصلاة (3) فقال: نعم ليس به بأس، فقال له: فنسجد على ما فيها وعلى القير (4)
قال: لا بأس ".
1323 - وروى عنه منصور بن حازم أنه قال: " القير من نبات الأرض ". (5)
1324 - وسأل زرارة أبا جعفر عليه السلام " في الرجل يصلي النوافل في السفينة،
قال يصلي نحو رأسها ". (6)

(1) قال في الذكرى: " جواز الصلاة فيها فرضا ونفلا وان كانت سائرة هو قول ابن
بابويه وابن حمزة، وكثير من الأصحاب جوزوه ولم يذكروا الاختيار، والأقرب المنع الا
لضرورة " وقال سلطان العلماء: ولا يخفى أن حديث جميل بن دراج مع صحته يدل على
جواز الصلاة اختيارا.
(2) الطريق إليه صحيح ولكنه غير معلوم الحال. ورواه الشيخ في صحيح عنه أيضا.
(3) أي نصلى جماعة. (مراد)
(4) هي مادة سوداء تطلى السفن بها. وقوله: " على ما فيها - الخ " يمكن حمله على
الضرورة وعلى ما إذا كان مما يصح السجود عليه أو بعد القاء ذلك عليه. (مراد)
(5) أي حكمه حكم النبات في جواز السجود عليه في حال الاضطرار أو مطلقا وقد
تقدم الاخبار في المنع والجواز، ويمكن حمل أخبار المنع على الكراهة أو على الحرمة
مع التمكن من غيره (م ت) وقال الفاضل التفرشي: قوله من نبات الأرض أي بمنزلته
والا فليس مما يسمى نباتا، ثم الحكم بكونه بمنزلة النبات لا يستلزم الحكم بصحة السجود
عليه الا إذا ظهر أنه بمنزلة من جهة صحة السجدة عليه وهو غير ظاهر من الحديث، ونقل
المؤلف إياه في هذا البحث لا يوجب حمل الحديث عليه، نعم ذلك يفيد أنه - رحمه الله -
حمله عليه، وحمل الشيخ - رحمه الله - مثله في الاستبصار على الضرورة أو التقية.
أقول: الطريق صحيح كما في الخلاصة.
(6) أي يجعل رأسها قبلة فيتوجه حيث توجهت السفينة وذلك لعدم اشتراط النافلة
بالاستقبال ولعل التخصيص برأسها لأنه بمنزلة رأس الدابة. (مراد)
457

1325 - وسأل يونس بن يعقوب (1) أبا عبد الله عليه السلام " عن الصلاة الفرات
وما هو أصغر منه من الأنهار في السفينة فقال: إن صليت فحسن وإن خرجت فحسن. (2)
وسأله عن الصلاة في السفينة وهي تأخذ شرقا وغربا فقال: استقبل القبلة ثم كبر
ثم در مع السفينة حيث دارت بك ". (3)
1326 - وسأله هارون بن حمزة الغنوي (4) " عن الصلاة في السفينة، فقال: إن
كانت محملة ثقيلة إذا قمت فيها لم تتحرك فصل قائما، وإن كانت خفيفة تكفأ فصل
قاعدا ". (5)
1327 - وسأل علي بن جعفر عليه أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام " عن الرجل يكون
في السفينة هل يجوز له أن يضع الحصير على المتاع أو ألقت (6) والتبن والحنطة و

(1) تقدم مرارا أن في طريقه الحكم بن مسكين ولم يوثق صريحا.
(2) يدل على جواز الصلاة في السفينة مع امكان الخروج كما هو الغالب في الأنهار
الصغيرة، وعلى وجوب الاستقبال مهما أمكن. (م ت)
(3) قوله عليه السلام: " ثم در مع السفينة حيث دارت بك " ظاهره أن المراد
بدوران المصلى دورانه بالعرض بدوران السفينة فلا يلتفت إلى غير ما يتوجه إليه من أجزاء
السفينة وحينئذ ينبغي حمله على ما إذا لم يستطع من الاستقبال اما لمانع أو لسرعة حركتها
بحيث لو دار المصلى مثلها على خلاف جهتها لخروج عن هيئة الصلاة، وفى قول السائل
" وهي تأخذ شرقا وغربا " ايماء إلى ذلك، ويحتمل أن يراد دوران المصلى بالذات إلى
ما لا يفوته الاستقبال فيدور على خلاف ما دارت عليه السفينة، فمعنى " مع السفينة " مع
دوران السفينة وحينئذ يقيد بما إذا لم يكن مانع من دوران المصلى كما مر. (مراد)
(4) ثقة عين وفى طريق المؤلف إليه يزيد بن إسحاق شعر ولم يوثق، لكن الطريق
عند العلامة - رحمه الله - صحيح.
(5) " تكفأ " على صيغة المجهول اما من كفأت الاناء أي كببته وقلبته، وهو مكفوء
أي مكبوب مقلوب، أو من أكفأته من باب الافعال فهو مكفأ بمعناه. (م ح ق)
(6) قال الفيومي في المصباح: ألقت: الفصفصة إذا يبست وقال الأزهري: ألقت حب
برى لا ينبته الآدمي، فإذا كان عام قحط وفقد أهل البادية ما يقتاتون به من لبن وتمر و
نحوهما دقوه وطبخوه واجتزؤا به على ما فيه من الخشونة - انتهى أقول: هو ما يقال له بالفارسية " اسفست ". والتبن: ساق الذرع بعد دياسه. قال المولى المجلسي - رحمه الله - الغرض
من السؤال اما لعدم الاستقرار التام أو لحرمة المأكول، والجواب بعدم اللزوم وعدم الحرمة
أو للاضطرار وإن كان مكروها أو حراما في حال الاختيار.
458

الشعير وغير ذلك (1) ثم يصلي عليه؟ فقال: لا بأس ".
1328 - وقال علي عليه السلام: " إذا ركبت السفينة وكانت تسير فصل وأنت جالس (2)
وإذا كانت واقفة فصل وأنت قائم ".
1329 - وقال أبو جعفر عليه السلام (3) لبعض أصحابه: " إذا عزم الله لك على البحر (4)
فقل الذي قال الله عز وجل " بسم الله مجريها ومرسيها إن ربي لغفور رحيم "
فإذا اضطرب بك البحر فاتك على جانبك الأيمن وقل: " بسم الله أسكن بسكينة الله
وقر بقرار الله، واهدأ (6) بإذن الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله ".
1330 - وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " كان أبي عليه السلام يكره
الركوب في البحر للتجارة " (7)

(1) في بعض النسخ " وأشباه ذلك ".
(2) حمل على التعذر للأخبار المتقدمة وغيرها. (م ت) (3) لعل فيه سهودا.
(4) أي وقع في قلبك العزم على الركوب. والخبر أصله كما في الكافي ج 3 ص
471 مسندا عن علي بن أسباط قال: " قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: جعلت فداك
ما ترى آخذ برا أو بحرا فان طريقنا مخوف شديد الخطر؟ فقال: اخرج برا ولا عليك
أن تأتى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وتصلى ركعتين في غير وقت فريضة ثم لتستخير الله مائة مرة
ومرة ثم تنظر فان عزم الله لك في البحر فقل الذي قال الله عز وجل: وقال اركبوا فيها
بسم الله مجريها ومرسيها - إلى آخر الحديث بلفظه مع زيادة في آخره - " والظاهر أن
السهو من المصنف حيث أسنده إلى أبى جعفر عليه السلام. وقد جاء الخبر في الكافي مكررا
بألفاظ مختلفة كلها من حديث ابن الجهم وعلي بن أسباط عن الرضا عليه السلام.
(5) أي في حال سيرها وحال سكونها ووقوفها. ورسى الشئ يرسوا: ثبت.
(6) أي أسكن، من الهدوء وهو السكون.
(7) في الكافي ج 5 ص 256 مسندا عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبى عبد الله
عليهما السلام " أنهما كرها ركوب البحر للتجارة ".
459

1331 - وسأل محمد بن مسلم أبا عبد الله عليه السلام " عن ركوب البحر في هيجانه
فقال: ولم يغرر الرجل بدينه؟ " (1).
1332 - " ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن ركوب البحر في هيجانه "
1333 - وقال عليه السلام: " ما أجمل في الطلب من ركب البحر " (2).
باب
* (صلاة الخوف والمطاردة والمواقفة والمسايقة) * (3)
1334 - روى عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن الصادق عليه السلام أنه قال: " صلى
النبي صلى الله عليه وآله بأصحابه في غزاة ذات (4) الرقاع ففرق أصحابه فرقتين، فأقام فرقة بإزاء

(1) في الكافي أيضا مسندا عن ابن مسلم " عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " في
ركوب البحر للتجارة يغرر الرجل بدينه " وفيه عن المعلى بن خنيس قال: " سألت أبا
عبد الله عليه السلام عن الرجل يسافر فيركب البحر؟ فقال: ان أبى كان يقول: انه يضر
بدينك هو ذا الناس يصيبون أرزاقهم ومعيشتهم ". وقوله " في هيجانه " اما " في " بمعنى
مع أي مع هيجانه لان الغالب لا يخلو البحر منه أو المراد وقت هيجانه. و " يغرر " من
التغرير أي لم جعل الرجل دينه في معرض الهلاك وقد أمر أن لا يلقى بنفسه إلى التهلكة في
قوله تعالى " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ".
(2) في الكافي ج 5 ص 256 ابن أسباط عن الرضا عليه السلام في حديث - إلى أن
قال: - " وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أجعل في الطلب من ركب البحر ". وفى خبر آخر
عن علي بن إبراهيم رفعه قال: قال علي عليه السلام: " ما أجمل في الطلب من ركب البحر
للتجارة " وقوله " ما " في " ما أجعل " بقرينة ما تقدم نافية، وقيل: يمكن أن يكون " ما
أجمل " فعل تعجب فالمعنى طلب شئ في ركوب البحر مستحسن.
(3) المطاردة في الحرب حملة بعضهم على بعض، والمواقفة: المحاربة ووقوف بعضهم
في قبال بعض محاربا. والمسايفة: المجادلة بالسيوف.
(4) هي غزوة معروفة كان في سنة أربع أو خمس من الهجرة بأرض غطفان من نجد
وقال ابن هاشم: إنما قيل لها ذات الرقاع لأنهم رقعوا فيها راياتهم، ويقال: ذات الرقاع
شجرة بذلك الموضع يقال لها: ذات الرقاع. ونقل عن أبي ذر قال: إنما قيل له ذات الرقاع
لأنهم نزلوا بجبل يسمى بذلك، وقيل: ذات الرقاع: هي بئر جاهلية على ثلاثة أميال من
المدينة وإنما سميت بذلك لان تلك الأرض بها بقع سود وبقع بيض كلها مرقعة برقاع مختلفة.
وفى صحيح البخاري من طريق أبى موسى الأشعري قال: " خرجنا مع النبي صلى الله عليه وآله في غزاة
ونحن ستة بيننا بعير نعتقبه فنقبت أقدامنا ونقبت قدماي وسقطت أظفاري فكنا نلف على أرجلنا
الخرق، فسمين غزوة ذات الرقاع لما كنا نعصب من الخرق على أرجلنا ". فيكف كان قال
ابن إسحاق فلقي رسول الله صلى الله عليه وآله بها جمعا عظيما من غطفان فتقارب الناس ولم يكن بينهم
حرب، وقد خاف الناس بعضهم بعضا، حتى صلى رسول الله صلى الله عليه آله وسلم صلاة
الخوف، ثم انصرف بالناس.
460

العدو وفرقة خلفه فكبر وكبروا فقرأ فأنصتوا فركع وركعوا فسجد وسجدوا، ثم
استمر رسول الله صلى الله عليه وآله قائما (1) فصلوا لأنفسهم ركعة، ثم سلم بعضهم على بعض، ثم
خرجوا إلى أصحابهم فقاموا بإزاء العدو، وجاء أصحابهم فقاموا خلف رسول الله
صلى الله عليه وآله وكبر فكبروا وقرأ فأنصتوا وركع فركعوا وسجد فسجدوا (2)
ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وآله فتشهد ثم سلم عليهم (3) فقاموا، ثم قضوا لأنفسهم ركعة

(1) كذا، وفى الكافي " ثم استتم رسول الله صلى الله عليه وآله قائما ".
(2) من قوله " وكبر فكبروا - إلى قوله - ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وآله "
ليس في الكافي ولا في التهذيب بل فيهما هكذا " وجاء أصحابهم فقاموا خلف رسول الله صلى الله عليه وآله
فصلى بهم ركعة ثم تشهد - الحديث " ولعل قوله " وكبر " زيادة سهوا من النساخ، وقال
الفاضل التفرشي: ظاهر ان هذا التكبير من رسول الله ليس للاحرام فلعله صلى الله عليه وآله أتى به
ليكونوا مقتدين به في التكبير وإن كان تكبيره صلى الله عليه وآله وتكبيرهم للدخول في الصلاة فكان
المقصود من قوله " الله أكبر " قولوا الله أكبر وحينئذ معنى " وقرأ فأنصتوا " قرأ ما بقي من
القراءة وحمل تكبيره على تكبير القنوت وحمل قراءته على قراءة القنوت وحمل انصاتهم
على اتيانهم بالقنوت اخفاتا واستماعهم لقنوت النبي صلى الله عليه وآله لا يخلو من بعد.
(3) فيه ايماء إلى أنه صلى الله عليه وآله قصد المأمومين بالسلام وكذا قوله " ثم سلم
بعضهم على بعض " يشعر بأن بعض المأمومين قصد بالسلام بعضا. (مراد)
461

ثم سلم بعضهم على بعض " (1).
وقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله (2): " وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم
طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة
أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو
تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم إن
كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أو تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله
أعد للكافرين عذابا مهينا * فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم
فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا " (3) فهذه

(1) إلى هنا آخر الحديث كما في الكافي ج 3 ص 456 والتهذيب ج 1 ص 304.
وقال في الدروس: صلاة الخوف أنواع أحدها صلاة ذات الرقاع وشروطها كون العدو
في غير القبلة وقوته بحيث يخاف هجومه، وكثرة المسلمين بحيث يمكنهم الافتراق وأن لا
يحتاج إلى الزيادة على الفرقتين *. وثانيها صلاة بطن النخل وهي أن يكمل الصلاة بكل فرقة
وثانية نفل له. وثالثها صلاة عسفان ونقل لها كيفيتان أن يصلى بكل فرقة ركعة ويسلمون
عليها فيكون له ركعتان ولكل فريق ركعة واحدة رواها الصدوق وابن الجنيد ورواها حريز
في الصحيح وأن يصفهم صفين ويحرم بهم جميعا ويركع بهم فإذا سجد سجد معه الصف الأول
وحرس الثاني فإذا قام سجد الحارسون أولا ويحرس الساجدون سواء انتقل كل صف إلى موضع
الاخر أو لا، وإن كان النقل أفضل. وهذه الصلاة وان لم يذكرها كثير من الأصحاب فيه
ثابتة مشهورة راجع كنز العرفان.
(2) في سورة النساء: 104.
(3) قوله: " كنت فيهم " أي في أصحابك الضاربين في الأرض الخائفين عدوهم أن
يغزوهم " فأقمت لهم الصلاة " بأن تؤمهم " فتقم " في الركعة الأولى " طائفة منهم معك "
وتقوى الأخرى تجاه العدو " وليأخذوا أسلحتهم، لأنه أقرب إلى الاحتياط " فإذا سجدوا "
سجدة الركعة الأولى فصلوا لأنفسهم ركعة أخرى " فليكونوا من ورائكم " أي وقفوا موقف
أصحابهم يحرسونهم " ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا " أي ركعتهم الأولى " معك " وأنت
في الثانية فإذا صليت قاموا إلى ثانيتهم وأتموها ثم جلسوا ليسلموا معك، وليأخذوا حذرهم، يعنى
وليكونوا حذرين من عدوهم متأهبين لقتالهم بأخذ الأسلحة " ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم
وأمتعتكم " أي تمنوا أن يجدوا منكم غرة في الصلاة " فيميلوا عليكم ميلة واحدة " أي يحملون
عليكم حملة واحدة وأنتم متشاغلون بصلاتكم فيصيبون منكم غرة فيقتلونكم ولذا أمرتم بأخذ
السلاح " ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى " فيثقل عليكم حمل
السلاح " أن تضعوا أسلحتكم " أي إذا ضعفتم عن حملها وهذا يدل على أن الامر بأخذ
الأسلحة للوجوب " وخذوا حذركم " أي احترزوا ذلك من عدوكم " ان الله أعد للكافرين
عذابا مهينا " لما كان أمرهم بالحزم يوهم أنه لضعفهم وغلبة الكفار بل أزال الوهم بوعدهم
ان الله يهين عدوهم وينصرهم عليه لتقوى قلوبهم " فإذا قضيتم الصلاة " فرغتم منها وأنتم محاربوا
عدوكم " فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم " أي في كل حال فإذا أردتم فعل الصلاة
حال الخوف فصلوا كيف ما أمكن قياما وإذا كنتم لا تقدرون على القيام فصلوها قعودا وان
لم تقدروا فعلى جنوبكم يعنى منحنين " فإذا اطمأننتم " بالأمن " فأقيموا الصلاة " بحدودها
وشرائطها " ان الصلاة كانت على المؤمنين كتاب موقوتا " أي فرضا واجبا أو منجما.
* اشتراط ذلك في الثنائية واضح أما في الثلاثية فقد قطع الشهيدان بجواز تفريقهم
ثلاث فرق وهو إنما يتم إذا جوزنا الانفراد اختيارا الا أن المروى خلافه.
462

صلاة الخوف التي أمر الله عز وجل بها نبيه صلى الله عليه وآله.
1335 - وقال (1): " من صلى المغرب في خوف بالقوم صلى بالطائفة الأولى
ركعة وبالطائفة الثانية ركعتين ".
ومن تعرض له سبع وخاف فوت الصلاة استقبل القبلة وصلى صلاته بالايماء
فإن خشي السبع وتعرض له فليدر معه كيف دار وليصل بالايماء.
1336 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام " عن الرجل يلقاه

(1) الظاهر أنه من تتمة الحديث فيكون " قال " من قول الراوي وفاعله الصادق
عليه السلام (مراد) أقول: لا وجه لهذا الاستظهار بل قوله " وقال " أي هو خبر مروى عنه عليه
السلام كما يظهر من الاستبصار ج 1 ص 457 والتهذيب ج 1 ص 338 رواه زرارة عنه.
463

السبع وقد حضرت الصلاة فلم يستطع المشي مخافة السبع (1) قال: يستقبل الأسد
ويصلي ويؤمي برأسه إيماء وهو قائم وإن ان الأسد على غير القبلة ".
1337 - وسأل سماعة بن مهران أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يلقاه السبع
وقد حضرت الصلاة فلا يستطيع المشي مخافة الأسد؟ قال: يستقبل الأسد ويصلي
ويؤمي برأسه إيماء وهو قائم وإن كان الأسد على غير القبلة ".
1338 - وسأل سماعة بن مهران أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يأخذه المشركون
فتحضره الصلاة فيخاف أن يمنعوه قال: يؤمي إيماء ".
1339 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: " قلت له: صلاة الخوف
وصلاة السفر تقتصران جميعا؟ قال: نعم، وصلاة الخوف أحق أن تقصر (2) من صلاة
السفر لان فيها خوفا " (3).
1340 - وسمعت شيخنا محمد بن الحسن رضي الله عنه يقول: " رويت أنه سئل
الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل: " وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن
تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا " فقال: هذا تقصير ثان (4) وهو أن

(1) أي إلى مأمن يصلى فيه مستقبلا. (مراد)
(2) صلاة الخوف مقصورة سفرا اجماعا إذا كانت رباعية سواء صليت جماعة أو فرادى
وان صليت حضرا ففيه ثلاثة أقوال: أحدها - وهو الأصح - أنها تقصر للخوف المجرد عن
السفر وعليه معظم الأصحاب، وثانيها أنها لا تقصر الا في السفر على الاطلاق، وثالثا أنها
تقصر في الحضر بشرط الجماعة أما لو صليت فرادى أتمت وهو قوله الشيخ وبه صرح ابن إدريس
. (الذكرى)
(3) في بعض النسخ " لأنه ليس فيها خوف ".
(4) يمكن حمله على أن الخوف سبب ثان للتقصير فيكون للتقصير سببان أحدهما السفر
والثاني الخوف وقد يجتمعان ولا امتناع فيه لان الأسباب الشرعية علامات وظاهر المؤلف - رحمه الله -
أنه تقصير على تقصير حتى يرجع إلى أنه حينئذ يكتفى عن الرباعية بركعة كما قال به بعضهم
وحمل ذلك على صلاة المأمومين فصلى كل فرقة ركعة مع الامام ويكتفى بها ويسلم بعضهم
على بعض وقوله (ع) " وهو أن يرد " معناه على الأول أن التقصير رد ركعتين إلى ركعة فيرد الركعات الأربع إلى ركعتين، وعلى الثاني أن التقصير على التقصير رد للركعتين المقصورتين
إلى ركعة. (مراد)
وقال المولى المجلسي - رحمه الله -: قوله تعالى " ان خفتم أن يفتنكم " المشهور في
التفسير بين الخاصة والعامة أن الشرط باعتبار الغالب في ذلك الوقت وذكر البيضاوي وغيره
أنه قد تظافرت الاخبار على التقصير في حال الامن أيضا. وقوله " أن يفتنكم " أي يقاتلكم
أو يصيبكم بمكروه.
464

يرد الرجل ركعتين إلى ركعة " وقد رواه (1) حريز عن أبي عبد الله عليه السلام.
1341 - وروى عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق عليه السلام " في صلاة
الزحف (2) قال: تكبر وتهلل (3) يقول الله عز وجل: فإن خفتم فرجالا أو
ركبانا " (4).
1342 - وروي عن أبي بصير (5) أنه قال: " سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:

(1) أي الحديث المذكور الذي روى لمحمد بن الحسن - رضى الله تعالى عنه -
وفى التهذيب عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله الله عز وجل: " لا جناح عليكم
أن تصروا من الصلاة ان خفتم أن يفتنكم الذين كفروا " قال: في الركعتين ينقص منهما
واحدة " وظاهره يفيد التقصير في كل ركعتين حتى في صلاة الصبح للجامع والمنفرد الا أن
يشار بلام الركعتين إلى ركعتي المقصورة، ويمكن ارجاع النقص إلى صفة الواحدة وهي
الاقتداء دون ذاتها فلا يلزم منه أن يجعل الخوف الصلاة على ركعة واحدة، بل إنما يجعل إحدى
ركعتيها على الانفراد، ويؤيد ذلك أن الكلام حينئذ لا يحتاج إلى التخصيص بالسفر. (مراد)
(2) زحف إليه زحفا: مشى والزحف: الجيش يزحفون إلى العدو. وقال المولى المجلسي:
أي القتال وشدة الخوف.
(3) في بعض النسخ " تكبير وتهليل " وظاهره الاكتفاء بهما عن القراءة والركوع
والسجود، وقوله: " يقول الله عز وجل " استشهاد على أن في صلاة الخوف لا يلزم الاتيان بجميع
أركانها وليس استشهادا على صحة الاكتفاء بالتكبير والتهليل وهو ظاهر. (مراد)
(4) نقل الآية من حيث إنها تدل على أن صلاة الخوف يرخص فيها تغيير هيئة الصلاة
بمقتضى الضرورة وان لم يدل على خصوص ما نحن فيه. (سلطان)
(5) الطريق ضعيف ورواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 304 بسند موثق كالصحيح.
465

إن كنت في أرض مخوفة فخشيت لصا أو سبعا فصل الفريضة وأنت على دابتك ".
1343 - وفي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: " الذي يخاف اللصوص
يصلي إيماء على دابته " (1).
1344 - وقد رخص في صلاة الخوف من السبع " إذا خشيه الرجل على نفسه
أن يكبر ولا يؤمي " (2)، رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام.
1345 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " الذي يخاف اللصوص
والسبع يصلي صلاة المواقفة إيماء على دابته، قال: قلت: أرأيت إن لم يكن
المواقف (3) على وضوء كيف يصنع ولا يقدر على النزول؟ قال: قلت: يتيمم من لبد دابته
أو سرجه أو معرفة دابته (4) فإن فيها غبارا، ويصلي ويجعل السجود أخفض من
الركوع، ولا يدور إلى القبلة ولكن أينما دارت دابته، غير أنه يستقبل القبلة
بأول تكبيرة حين يتوجه ".
1346 - وروى عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " صلاة
الزحف على الظهر إيماء برأسك (5) وتكبير (6) والمسايفة تكبير بغير إيماء (7)،

(1) في التهذيب في الصحيح عن حريز عن زرارة قال: قال " أبو جعفر عليه السلام: الذي
يخاف اللصوص والسبع يصلى صلاة الموافقة ايماء على دابته " أي صلاة المحاربة مأخوذة من
وقوف كل من الخصمين بحرب الاخر. وقوله " يصلى ايماء " يعنى يصلى بالقراءة ويؤمى
للركوع والسجود مع الامكان.
(2) حمل على عدم الامكان جمعا. (م ت)
(3) الموقف: المحارب وزنا ومعنى، سمى به لوقوفه بين يدي خصمه. (الوافي)
(4) معرفة الدابة: منبت عرفها. والعرف بالضم والضمتين - شعر عنقها. (الوافي)
(5) " على الظهر " أي على ظهر الدابة، وفى بعض النسخ " ايماء برأسه ".
(6) قوله: " وتكبير " حمل على تكبير الاحرام، وقيل بالقراءة مع ذلك، وظاهر
الخبر الاكتفاء بالتكبير فتأمل. (سلطان)
(7) كذا في جميع النسخ، وفى التهذيب " المسايفة تكبير مع ايماء " ويفهم من نسخة
التهذيب وجوب الايماء للركوع والسجود إذا أمكن مع التكبير، وظاهر الأصحاب ان الانتقال
إلى التكبير إنما هو لتعذر الايماء، وما في المتن ظاهر، وحمل التكبير على تكبير الافتتاح بعيد.
466

والمطاردة إيماء يصلي كل رجل على حياله " (1).
1347 - وقال عليه السلام: " فات (2) الناس مع علي عليه السلام يوم صفين صلاة الظهر
والعصر والمغرب والعشاء فأمرهم فكبروا وهللوا وسبحوا، رجالا وركبانا ".
1348 - وفي كتاب عبد الله بن المغيرة (3) " أن الصادق عليه السلام قال: أقل ما

(1) قوله " والمطاردة الايماء " أي مع القراءة، وقوله " على حياله " أي قبال وجهه
وبإزائه مستقبلا أي جهة كانت. (سلطان) وقيل: يعنى منفردا مع عدم التمكن من الجماعة.
وقال المحقق - رحمه الله - في المعتبر: إذا انتهى الحال إلى المسايفة فالصلاة بحسب الامكان
قائما أو ماشيا أو راكبا ويسجد على قربوس سرجه، والا مؤميا، ويستقبل القبلة ما أمكن و
الا بتكبيرة الاحرام ولا يمنعهم الحرب ولا الكر ولا الفر وهو قول أكثر أهل العلم.
وقال في الشرايع: وأما الصلاة المطاردة وتسمى شدة الخوف مثل أن ينتهى الحال إلى
المسايفة فيصلى على حسب امكانه واقفا أو ماشيا أو راكبا، ويستقبل القبلة بتكبيرة الاحرام
ثم يستمر ان أمكنه والا استقبل بما أمكنه، وصلى مع التعذر إلى أي الجهات أمكن وإذا لم
يتمكن من النزول صلى راكبا ويسجد على قربوس سرجه فإن لم يتمكن أومأ ايماء، فان خشي
صلى بالتسبيح ويسقط الركوع السجود ويقول بدل كل ركعة " سبحان الله والحمد لله ولا الله
الا الله والله أكبر ".
(2) ليس هذا من تتمة خبر الحلبي كما ظنه بعض بل هو اما مضمون مأخوذ من ذيل
صحيحة الفضلاء المروية في الكافي ج 3 ص 458 والتهذيب ج 1 ص 304 عن أبي جعفر
عليه السلام أو خبر برأسه أرسله المؤلف (ره) عن أبي عبد الله عليه السلام ويؤدى ذلك مغايرته في
المعنى في الجملة حيث إن في صحيحة الفضلاء " فان أمير المؤمنين عليه السلام صلى ليلة صفين
لم تكن صلاتهم الظهر والعصر والمغرب والعشاء عند وقت كل صلاة الا التكبير والتهليل
والتسبيح والتحميد والدعاء - الحديث " فيفهم من ظاهرها أنهم صلوا معه عليه السلام جماعة
بخلاف ما في هذا الخبر لان ظاهر قوله عليه السلام " فات الناس مع علي عليه السلام " أي
فاتهم جماعة، ويمكن أن يكون المراد فاتهم تامة الامكان فلا يختلف.
(3) رواه الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن بعض أصحابنا
وهو وإن كان مرسلا الا أنه مطابق للعمل والأخبار الصحيحة.
467

يجزي في حد المسابقة من التكبير تكبيرتان (1) لكل صلاة إلا المغرب، فإن لها
ثلاثا [من التكبير] ".
1349 - وسأله سماعة بن مهران " عن صلاة القتال، فقال: إذا التقوا فاقتتلوا
فإنما الصلاة حينئذ تكبير، وإذا كانوا وقوفا (2) لا يقدرون على الجماعة فالصلاة
إيماء ".
والعريان يصلي قاعدا ويضع يده على عورته، وإن كانت امرأة وضعت يدها
على فرجها، ثم يؤميان إيماء ويكون سجودهما أخفض من ركوعهما، ولا يركعان
ولا يسجدان فيبدو ما خلفهما ولكن إيماء برؤوسهما (3).
وإن كانوا جماعة صلوا وحدانا (4). وفي الماء والطين تكون الصلاة بالايماء (5) والركوع

(1) ظاهره كفاية تكبيرة عن كل ركعة، ويمكن أن يراد من التكبير التسبيحات
الأربع فإنها تدل على كبريائه تعالى وتقدس فيأتي بها في كل ركعة بعد النية وتكبيرة الاحرام
وكذا في حديث سماعة " فإنما الصلاة حينئذ تكبيرة ". (مراد)
(2) أي واقفين للحرب. (مراد)
(3) في الكافي ج 3 ص 396 بسند حسن كالصحيح عن زرارة قال: " قلت لأبي جعفر
عليه السلام: رجل خرج من سفينة عريانا أو سلب ثيابه ولم يجد شيئا يصلى فيه؟ فقال:
يصلى ايماء، فان كانت امرأة جعلت يدها على فرجها، وإن كان رجلا وضع يده على سوءته، ثم
يجلسان فيؤميان ايماء، ولا يسجدان ولا يركعان فيبدو ما خلفهما، تكون صلاتهما ايماء
برؤوسهما - الخ ".
(4) لعل المراد بالوحدان جلوسهم في صف واحد لا يكون صف بعد الصف الذي يكون الامام
أيضا فيه (مراد) أقول: في المعتبر ص 5 15: " الجماعة مستحبة للعراة رجالا كانوا أو نساء ويصلون
صفا واحدا جلوسا، يتقدمهم الامام بركبتيه وهو اختيار علمائنا، وقال أبو حنيفة: يصلون
فرادى، وان كانوا في ظلمة صلوا جماعة ".
(5) روى الشيخ - رحمه الله - في التهذيب في حديث موثق عن عمار الساباطي عن أبي
عبد الله عليه السلام " عن الرجل يصيبه مطر وهو في موضع لا يقدر أن يسجد فيه من الطين
ولا يجد موضعا جافا؟ قال: يفتتح الصلاة فإذا ركع فليركع كما يركع إذا صلى فإذا رفع رأسه
من الركوع فليؤم بالسجود ايماء وهو قائم يفعل ذلك حتى يفرغ من الصلاة يتشهد وهو قائم
ثم يسلم ". ورواه ابن إدريس في مستطرفات السرائر ص 483 من كتاب نوادر المصنفين تصنيف
محمد بن علي بن محبوب الأشعري عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن الصادق (ع).
468

أخفض من السجود. (1)
باب
* (ما يقول الرجل إذا أوى إلى فراشه) * 1350 - قال الصادق عليه السلام: " من تطهر ثم أوى إلى فراشه بات وفراشه
كمسجده، فإن ذكر أنه ليس على وضوء فليتيمم من دثاره [و] كائنا ما كان لم يزل في
صلاة ما ذكر الله عز وجل (2) ".
1351 - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: " إذا
توسد الرجل يمينه فليقل: " بسم الله اللهم إني أسلمت نفسي إليك، ووجهت

(1) قال الشيخ المفيد - رحمه الله - في المقنعة: " يصلى السابح في الماء عند غرقه
وضرورته إلى السباحة مؤميا إلى القبلة ان عرفها والا ففي وجهه، ويكون ركوعه أخفض
من سجوده لان الركوع انخفاض والسجود ايماء إلى القبلة. وكذلك صلاة الموتحل " ا ه‍
يعنى يجب على الغريق والموتحل الصلاة مؤميا الا أن ايماءهما في الركوع أخفض من ايمائهما
في السجود، بخلاف صلاة القاعد فان ايماءه في السجود يجب أن يكون أخفض من الركوع.
(2) رواه الشيخ في التهذيب مرسلا وكذا الاخبار الآتية موافقا لما في الفقيه وقال
صاحب المنتقى: يظهر من توافق ترتيب هذه الأخبار في الفقيه والتهذيب أن الشيخ أخذها من
كتاب الفقيه، ولا غرو.
وفى الوافي: الدثار - بالكسر -: ما فوق الشعار من الثياب، وإنما كان لم يزل في
الصلاة ما دام يذكر الله تعالى لأنه أتى بما تيسر له في مثل تلك الحال من أفعال الصلاة أعني
الطهارة والذكر. انتهى
وقال الفاضل التفرشي: لعل الدثار هنا يشمل اللحاف وغيره، وقوله عليه السلام:
" كائنا ما كان " أي من الوضوء والتيمم، ويمكن أن يراد به التعميم فيما يتيمم به.
469

وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، وتوكلت عليك رهبة
منك ورغبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت
وبرسولك الذي أرسلت " ثم يسبح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام. ومن أصابه فزع
عند منامه فليقرأ إذا أوى إلى فراشه المعوذتين وآية الكرسي ".
1352 - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " لا يدع
الرجل أن يقول عند منامه: " أعيذ نفسي وذريتي وأهل بيتي ومالي بكلمات الله
التامات من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة " (1) فذلك الذي عوذ به جبرئيل
عليه السلام الحسن والحسين عليهما السلام ".
1353 - وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال له: " اقرأ قل
هو الله أحد، وقل يا أيها الكافرون عند منامك فإنها براءة من الشرك (2) وقل هو الله
أحد نسبة الرب عز وجل ".
1354 - وروى بكر بن محمد (3) عنه عليه السلام أنه قال: " من قال حين يأخذ مضجعه
ثلاث مرات: " الحمد لله الذي علا فقهر، والحمد لله الذي بطن فخبر، والحمد لله
الذي ملك فقدر، والحمد لله الذي يحيي الموتى ويميت الاحياء وهو على كل شئ
قدير " خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ".
1355 - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " من قرأ هذه الآية عند منامه: " قل إنما أنا

(1) في النهاية: الهامة - بشد الميم - كل ذات سم يقتل والجمع هوام، وفى الصحاح
لا يقع هذا الاسم الا على المخوف من الاحناش. جمع الحنش أي الهامة. واللامة - بشد الميم -
أيضا، والعين اللامة هي التي تصيب بسوء، يقال: " أعيذه من كل هامة ولامة ". وفى الوافي
اللامة: ذات اللممم وهو ضرب من الجنون يعتري الانسان.
(2) الظاهر أن الضمير المؤنث يرجع إلى سورة " قل يا أيها الكافرون ".
(3) رواه الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه، والحسين بن محمد، عن أحمد بن
إسحاق جميعا عن بكر بن محمد.
470

بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد إلى آخرها " سطع له نور إلى المسجد
الحرام (1) حشو ذلك النور ملائكة يستغفرون له حتى يصبح " (2).
1356 - وروى عامر بن عبد الله بن جذاعة (3) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " ما
من عبد يقرأ آخر الكهف حين ينام إلا استيقظ من منامه في الساعة التي يريد ".
1357 - وروى سعد الإسكاف عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " من قال هذه الكلمات
فأنا ضامن أن لا يصيبه عقرب ولا هامة حتى يصبح: أعوذ بكلمات الله التامات التي
لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ذرأ، ومن شر ما برأ، ومن شر كل دابة
هو آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم ".
1358 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إذا خفت الجنابة
فقل في فراشك: اللهم إني أعوذ بك من الاحتلام، ومن سوء الأحلام، ومن أن
يتلاعب بي الشيطان في اليقظة والمنام ".
1359 - وروى العباس بن هلال عن أبي الحسن الرضا عن أبيه عليهما السلام قال:
" لم يقل أحد قط إذا أراد أن ينام: " إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا
ولئن زالتا (4) [إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا] " فسقط عليه البيت ".
باب
* (ثواب صلاة الليل) *
1360 - نزل جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله فقال له: " يا جبرئيل عظني

(1) في الصحاح: سطع الغبار والرائحة والصبح سطوعا إذا ارتفع. وقال الفاضل
التفرشي: لعل: سطع هنا بمعنى انبسط.
(2) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 185 مرسلا كما في الفقيه.
(3) رواه في الكافي ج 2 ص 540 عن أحمد بن محمد الكوفي، عن حمدان القلانسي،
عن محمد بن الوليد، عن أبان عن عامر بن عبد الله بن جذاعة.
(4) في بعض النسخ " إلى الآية ".
471

فقال يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما
شئت فإنك ملاقيه. شرف المؤمن صلاته بالليل، وعزه كف الأذى عن الناس " (1).
1361 - وروى بحر السقاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إن من روح الله
عز وجل ثلاثة: التهجد بالليل، وإفطار الصائم، ولقاء الاخوان ".
1362 - وقال أبو الحسن الأول عليه السلام " في قول الله عز وجل: " ورهبانية
ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله " قال: صلاة الليل ". (2)
1363 - وقال الصادق عليه السلام: " عليكم بصلاة الليل فإنها سنة نبيكم، وأدب
الصالحين قبلكم، ومطردة الداء عن أجسادكم ". (3)
1364 - وروى هشام بن سالم عنه أنه قال: " في قول الله عز وجل " إن ناشئة
الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا " (4) قال: قيام الرجل عن فراشه يريد به وجه الله
عز وجل، لا يريد به غيره ". (5)

(1) حاصل الكلمات الثلاثة أن العيش لابد وأن ينتهى إلى الموت فلا ينبغي أن تريد
طوله وتهتم به، وكذا المحبوب لابد وأن تفارقه فلا ينبغي أن تطمئن قلبك به، والعمل لابد وأن
تلاقيه ولا يفارقك فلابد من أن تهتم به فتأتي بما هو صالح نافع تسرك ملاقاته، وتترك ما هو
مفسد ضار تسوءك ملاقاته. (مراد)
أقول: روى الكليني في الكافي ج 3 ص 488 نحو ذيل الخبر مسندا عن الصادق (ع).
(2) رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 488 بسند مجهول والمؤلف في العيون بهذا
السند أيضا.
(3) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 169 بسند فيه ارسال.
(4) أي النفس الناشئة بالليل أي التي تنشأ من مضجعها إلى العبادة، أو العبادة
الناشئة بالليل أي الحادثة (سلطان) وقوله: " أقوم قيلا " أي أشد وأحكم وأثبت مقالا.
(5) الظاهر أنه عليه السلام فسر الناشئة بالقيام الواقع فيها مخلصا كما فسرت بقيام الليل أو العبادة التي تنشأ بالليل، ويمكن أن يكون حاصل المعنى يقول عليه السلام ان
العبادة المشكلة على النفس والتي تكون القلب موافقا مع اللسان هي العبادة التي يكون خالصة
لوجه الله، والا فلا اشكال فيها ولا موافقة لها كما هو الغالب على الناس. (م ت)
أقول الخبر رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 446 بسند صحيح.
472

1365 - وقال الصادق عليه السلام: " يقوم الناس من فرشهم على ثلاثة أصناف: صنف
له ولا عليه، وصنف عليه ولا له، وصنف لا عليه ولا له، فأما الصنف الذي له ولا عليه
فيقوم من منامه فتوضأ ويصلي ويذكر الله عز وجل فذلك الذي له ولا عليه، وأما
الصنف الثاني فلم يزل في معصية الله عز وجل فذلك الذي عليه ولا له، وأما الصنف
الثالث فلم يزل نائما حتى أصبح فذلك الذي لا عليه ولا له ".
1366 - وسأله عبد الله بن سنان " عن قول الله عز وجل: " سيماهم في وجوههم
من أثر السجود " قال: هو السهر في الصلاة ". (1)
1367 - وروى عنه الفضيل بن يسار أنه قال: " إن البيوت التي يصلى فيها
بالليل بتلاوة القرآن (2) تضئ لأهل السماء كما تضئ نجوم السماء لأهل الأرض ".
1368 - وقال عليه السلام: " في قول الله عز وجل: " إن الحسنات يذهبن السيئات "
قال: صلاة المؤمن بالليل تذهب بما عمل من ذنب بالنهار ". (3)
ومدح الله تبارك وتعالى أمير المؤمنين عليه السلام في كتابه بقيام صلاة الليل (4) فقال
عز وجل: " أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة
ربه " وآناء الليل ساعاته.
1369 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " إن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يصيب

(1) " سيماهم " أي علامتهم. و " من أثر السجود " يمكن أن يكون كناية عن العبادة
وآثارها من رقة القلب والخضوع والخشوع، أو اصفرار الوجه. والسهر - بالتحريك -: عدم
النوم في الليل.
(2) يحتمل أن يكون الباء للسببية أي لسبب ما يتلى في الصلاة من القرآن، وأن يكون
للملابسة أي متلبسة بتلاوة القرآن، فيشمل ما يقرء فيها وما يقرء بعدها أو قبلها. (مراد)
(3) روى المؤلف أكثر هذه الأخبار في ثواب الأعمال مسندا.
(4) كما في رواية عمار الساباطي عن الصادق (ع) المروية في روضة الكفى تحت رقم
246. ويفهم منه أن الآية في علي أمير المؤمنين (ع).
473

أهل الأرض بعذاب قال: لولا الذين يتحابون بجلالي (1)، ويعمرون مساجدي، و
يستغفرون بالاسحار لولاهم (2) لأنزلت عذابي ".
1370 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من كثر صلاته بالليل حسن
وجهه بالنهار ".
1371 - و " جاء رجل إلى أبي عبد الله عليه السلام فشكى إليه الحاجة فأفرط في الشكاية
حتى كاد أن يشكو الجوع، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: يا هذا أتصلي بالليل؟ فقال
الرجل: نعم، فالتفت أبو عبد الله عليه السلام إلى أصحابه فقال: كذب من زعم أنه
يصلي بالليل ويجوع بالنهار، إن الله تبارك وتعالى ضمن صلاة الليل قوت النهار ". (3)
1372 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " إن الله تبارك وتعالى يحب المداعب في الجماعة
بلا رفث، المتوحد بالفكر، المتخلي بالعبر، الساهر بالصلاة ". (4)
1373 - وقال النبي صلى الله عليه وآله عند موته لأبي ذر رحمة الله عليه: " يا أبا ذر احفظ

(1) بالجيم كما في أكثر النسخ. وبالحاء كما في بعضها، وعلى المهملة المعنى: الذين
يحب بعضهم بعضا فيما أحللنا لهم لا فيما أفيما حرمنا عليهم كشرب الخمر والزنا وأمثالهما.
(2) يمكن أن يكون التكرير للمبالغة والتأكيد، وأن يكون جواب " لولا " الأولى لفعلت بهم ما يستحقون، وحذف ليذهب الذاهب إلى أي مذهب شاء. (م ت)
(3) أي جعلها ضامنا للقوت في ايصاله إلى المصلى أو جعلها متضمنا للقوت فكأن قوت
المصلى جزء لها، وعلى التقديرين من باب الاستعارة التبعية (مراد) أقول: لخبر رواه
المصنف في الثواب ص 64 وكذا الشيخ في التهذيب ج 1 ص 169 بسند في ارسال.
(4) في بعض النسخ " المداعب في الجماع " وفى بعضها " الملاعب في الجماع " ولعل
الأنسب ما اخترناه. والدعابة المزاح، والرفث الفحش من القول، والجماع، وقوله
" المتوحد " في بعض النسخ " المتوجد " وتوجد به أي أحبه " والتخلي: التفرغ والانفراد،
و " العبر " اما بكسر العين وفتح الباء الموحدة جمع عبرة - بكسر العين وسكون الموحدة -
وهي العظة وما يتعظ به الانسان ويعمل به ويعتبر، واما بفتح العين والباء فهو جمع عبرة
- بفتح العين وسكون الموحدة - وهي الدمع وسبكه.
474

وصية نبيك تنفعك: من ختم له بقيام الليل (1) ثم مات فله الجنة " والحديث فيه
طويل (2) أخذت منه موضع الحاجة.
1374 - وروى جابر بن إسماعيل (3) عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام " أن
رجلا سأل علي بن أبي طالب عليه السلام عن قيام الليل بالقراءة (4) فقال له: أبشر من صلى من
الليل عشر ليلة لله (5) مخلصا ابتغاء ثواب الله تبارك وتعالى لملائكته: اكتبوا لعبدي
هذا من الحسنات عدد ما أنبت في الليل من حبة وورقة وشجرة وعدد كل قصبة وخوص
ومر (6) ومن صلى تسع ليلة أعطاه الله عشر دعوات مستجابات وأعطاه الله كتابه بيمينه (7)
ومن صلى ثمن ليلة أعطاه الله أجر شهيد صابر صادق النية وشفع في أهل بيته، ومن
صلى سبع ليلة خرج من قبره يوم يبعث ووجهه كالقمر ليلة البدر حتى يمر على الصراط
مع الآمنين، ومن صلى سدس ليلة كتب في الأوابين (8) وغفر له ما تقدم من ذنبه، ومن
صلى خمس ليلة زاحم إبراهيم خليل الرحمن في قبته (9)، ومن صلى ربع ليلة كان في
أول الفائزين (10) حتى يمر على الصراط كالريح العاصف، ويدخل الجنة بغير حساب،

(1) بأن يكون آخر أعماله أو يكون المراد يداوم عليه حتى يموت. (م ت)
(2) مذكور في مكارم الأخلاق بسند فيه مجاهيل والظاهر أن المؤلف حكم بصحته أو
وصل إليه بأسانيد أخر.
(3) الطريق ضعيف بسلمة بن الخطاب وفيه أيضا محمد بن الليث وهو مهمل.
(4) في بعض النسخ " عن قيام الليل بالقرآن ".
(5) كذا في بعض النسخ وكتاب ثواب الأعمال ص 66 وفى بعض النسخ هنا وما يأتي
كلها " ليله لله مخلصا " بإضافة.
(6) كذا. والخوص ورق النخل، الواحدة خوصة كما في الصحاح. وفى ثواب الأعمال
" وخوط ومراعى " والخوط والخوطة: الغصن الناعم.
(7) زاد في الثواب " يوم القيامة ".
(8) جمع أواب وهو الكثير الرجوع إلى الله سبحانه والتواب وقيل: المطيع.
(9) زاحمه أي آنسه وقاربه، وقوله " في قبته " أي في الجنة في مقامه.
(10) يمكن أن يكون الأولية إضافية ويكون داخلا في الجماعة التي يكون نجاتهم
قبل البقية كالأنبياء والأوصياء تفضلا منه تعالى. (م ت)
475

ومن صلى ثلث ليلة لم يبق ملك (1) إلا غبطه بمنزلته من الله عز وجل، وقيل له: أدخل
من أي أبواب الجنة الثمانية شئت، ومن صلى نصف ليلة فلو أعطي ملء الأرض ذهبا
سبعين ألف مرة لم يعدل جزاءه، وكان له بذلك عند الله عز وجل أفضل من سبعين رقبة
يعتقها من ولد إسماعيل، ومن صلى ثلثي ليلة كان له من الحسنات قدر رمل عالج (2)
أدناها حسنة أثقل من جبل أحد عشر مرات، ومن صلى ليلة تامة (3) تاليا لكتاب
الله عز وجل راكعا وساجدا وذاكرا أعطي من الثواب ما أدناه يخرج من الذنوب كما
ولدته أمه (4) ويكتب له عدد ما خلق الله عز وجل من الحسنات ومثلها درجات،
ويثبت النور في قبره، وينزع الاثم والحسد من قلبه، ويجار من عذاب القبر، ويعطى
براءة من النار، ويبعث من الآمنين، ويقول الرب تبارك وتعالى لملائكته: يا ملائكتي
انظروا إلى عبدي أحيا ليلة ابتغاء مرضاتي اسكنوه الفردوس، وله فيها مائة ألف مدينة
في كل مدينة جميع ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين، ولم يخطر على بال سوى ما أعددت
له من الكرامة والمزيد والقربة " (5).

(1) في ثواب الأعمال " لم يلق ملكا " وفى نسخة منه مثل ما في المتن.
(2) أي الرمل المتراكم، قال في النهاية " في حديث الدعاء " وما تحويله عوالج
الرمال " هي جمع عالج - بكسر اللام - وهو ما تراكم من الرمل ودخل بعضه في بعض ".
وفى هامش بعض النسخ " رمل عالج: جبال متواصلة يتصل أعلاها بالدهناء قرب اليمامة
وأسفلها بنجد ".
(3) في بعض النسخ " ليلة بتمامه " وقال في الوافي: الهاء في " ليله " في جميع
المواضع يحتمل الضمير وأن يكون للتنكير. وقوله هنا " ليلة تامة " يؤيد الثاني وما في
بعض النسخ يؤيد الأول.
(4) في بعض النسخ " كيوم ولدته أمه ".
(5) أي تلك العطايا المذكورة مما استحق به وهذه سوى ما أعددت له بالتفضل. (مراد)
476

(باب)
* (وقت صلاة الليل) *
1375 - روى عبيد بن زرارة (1) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " كان
رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى العشاء أوى إلى فراشه فلم يصل شيئا حتى
ينتصف الليل ". (2)
1376 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " وقت صلاة الليل ما بين نصف الليل إلى
آخره ".
1377 - وقال عمر بن حنظلة (3) لأبي عبد الله عليه السلام: " إني مكثت ثمانية عشر
ليلة أنوي القيام فلا أقوم أفأصلي أول الليل؟ قال: لا اقض بالنهار فإني أكره أن يتخذ
ذلك خلقا ". (4)
1378 - وروى عن معاوية بن وهب (5) أنه قال: قلت له: " إن رجلا من
مواليك من صلحائهم شكا إلى ما يلقى من النوم وقال لي: إني أريد القيام لصلاة الليل
فيغلبني النوم حتى أصبح، فربما قضيت صلاتي الشهر المتتابع أو الشهرين أصبر على

(1) في الطريق المؤلف إليه حكم بن مسكين ولم يوثق ورواه الشيخ باسناده عن الحسين
ابن سعيد عن صفوان عن ابن بكير، عن عبد الحميد الطائي، عن محمد بن مسلم عن أبي
عبد الله عليه السلام وهذا السند موثق كالصحيح.
(2) يمكن أن يكون المراد بالعشاء: الصلاة الموظفة في وقت العشاء، فيشمل
الوتيرة. (مراد)
(3) الطريق قوى بداود بن الحصين لكن فيه محمد بن عيسى والحسين بن أحمد بن
إدريس ولم يوثقا صريحا.
(4) أي عادة وسجية. يعنى إذا صليت أول الليل تصير عادة لك لسهولتها.
(5) الطريق صحيح على ما في الخلاصة وفيه محمد بن علي ماجيلويه. ومعاوية بن
وهب البجلي ثقة روى عن أبي عبد الله وأبى الحسن عليهما السلام.
477

ثقله، فقال: قرة عين والله قرة عين والله، ولم يرخص في الوتر أول الليل فقال:
القضاء بالنهار أفضل ". (1)
1379 - وروى عبد الله بن مسكان، عن ليث المرادي قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن الصلاة في الصيف في الليالي القصار صلاة الليل في أول الليل؟ فقال: نعم نعم ما
رأيت ونعم ما صنعت " يعني في السفر. (2)
1380 - وقال: " سألته عن الرجل يخاف الجنابة في السفر أو في البرد فيعجل
صلاة الليل والوتر في أول الليل، فقال: نعم ".
1381 - وروى أبو جرير بن إدريس (3) عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام
قال: قال: " صل صلاة الليل في السفر من أول الليل في المحمل، والوتر، وركعتي
الفجر ".
وكلما روي من الاطلاق في صلاة الليل من أول الليل فإنما هو في السفر لان
المفسر من الاخبار يحكم على المجمل.
1382 - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " ليس من عبد

(1) فيه رخصة ما وان لم يرخص صريحا والخبر له ذيل في الكافي ج 3 ص 447
والتهذيب ج 1 ص 168 يومى إلى أن التقديم مجوز لمن علم أنه لا يقضيها، وهذا وجه
جمع بين الاخبار، قال في المدارك ص 123 عدم جواز تقديمها على انتصاف الليل الا في
السفر أو الخوف من غلبة النوم مذهب أكثر الأصحاب، ونقل عن زرارة بن أعين المنع من
تقديمها على انتصاف مطلقا واختاره ابن إدريس على ما نقل عنه والعلامة في المختلف،
والمعتمد الأول وربما ظهر من بعض الأخبار جواز تقديمها على الانتصاف مطلقا، وقد نص
الأصحاب على أن قضاء النافلة من الغد أفضل من التقديم، ثم استدل - رحمه الله - بخبر ليث
المرادي وغيره من الاخبار المروية في الكافي والتهذيب. وفى بعض النسخ " ولم يرخص في
النوافل ".
(2) قوله " يعنى في السفر " ليس في التهذيبين وهو كلام المؤلف حمل أخبار المنع من
تقديم صلاة الليل قبل انتصاف الليل على الحضر، وأخبار الحث عليه على السفر.
(3) الطريق إليه حسن بإبراهيم بن هاشم.
(4) رواه في التهذيب ج 1 ص 231 باسناده عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله
عليه السلام
478

إلا وهو يوقظ في ليلته مرة أو مرتين فان قام كان ذلك، وإلا جاء الشيطان (1) فبال
في أذنه، أو لا يرى أحدكم أنه إذا قام ولم يكن ذلك منه قام وهو متخثر (2) ثقيل
كسلان ".
1383 - وروى الحسن الصيقل عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إني لامقت
الرجل يأتيني فيسألني عن عمل رسول الله صلى الله عليه وآله فيقول: أزيد؟ كأنه يرى أن
رسول الله صلى الله عليه وآله قصر في شئ، وإني لامقت الرجل قد قرأ القرآن (3) ثم يستيقظ
من الليل فلا يقوم حتى إذا كان عند الصبح قام يبادره بصلاته ".
1384 - وروى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " ما نوى عبد
أن يقوم أية ساعة نوى فعلم الله تبارك وتعالى ذلك منه إلا وكل به ملكين يحركانه
تلك الساعة ".
1385 - وروى عيص بن القاسم (4) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إذا غلب
الرجل النوم وهو في الصلاة فليضع رأسه فلينم فإني أتخوف عليه إن أراد أن يقول:
اللهم أدخلني الجنة أن يقول: اللهم أدخلني النار ".
1386 - وروى زكريا النقاض (5) عن أبي جعفر عليه السلام " في قول الله عز وجل

(1) في التهذيب " والا فجج الشيطان فبال " وهو تباعد ما بين الرجلين ولكنه يشبه
أن يكون تصحيفا لعدم معهودية فك الادغام في مثله.
(2) قوله " لم يكن ذلك منه " أي لم يقع منه القيام بالليل. والمتخثر - بالخاء المعجمة
والثاء المثلثة - المتثقل والكسلان ومن هو غير نشيط، ويمكن أن يقرء بالتاء المثناة وفى
القاموس: تختر: تقتر واسترخى.
وقال الفيض - رحمه الله -، لعل بول الشيطان في أذنه كناية عن غاية تمكنه منه
وتسلطه عليه واستهزائه به من جهة عدم سماعه لداعي ربه وسماعه من الشيطان وطاعته له.
(3) لعل المراد أنه اطلع على الحث على التهجد في الكتاب العزيز مثل قوله تعالى
" ان ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا ". (مراد)
(4) الطريق إليه صحيح وهو ثقة عين. (صه)
(5) زكريا هو ابن مالك ولم يوثق والطريق إليه فيه علي بن إسماعيل السندي وقد
يوثق، ورواه الكليني في الكافي بسند موثق عن زيد الشحام عنه عليه السلام.
479

" لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون " قال: منه سكر النوم ".
باب
* (ما يقول الرجل إذا استيقظ من النوم) *
1387 - كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أوى إلى فراشه قال: " باسمك اللهم أحيا
وباسمك أموت " فإذا استيقظ قال: " الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني وإليه
النشور ".
1388 - وروى جراح المدائني عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إذا قام
أحدكم (1) فليقل: " سبحان الله رب النبيين، وإله المرسلين، ورب المستضعفين،
والحمد لله الذي يحيي الموت وهو على كل شئ قدير " فإنه إذا قال ذلك يقول الله
تبارك وتعالى: صدق عبدي وشكر ".
1389 - وروى عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام أنه كان: " إذا قام
آخر الليل رفع صوته حتى يسمع أهل الدار [و] يقول: اللهم أعني على هول
المطلع، ووسع علي المضجع (2)، وارزقني خير ما قبل الموت، وارزقني خير ما بعد
الموت ".
1390 - وفي خبر آخر (3) عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إذا قمت من فراشك
فانظر في أفق السماء وقل: " الحمد لله الذي رد علي روحي أعبده وأحمده، اللهم إنه
لا يواري منك ليل ساج ولا سماء ذات أبراج، ولا أرض ذات مهاد (4) لا ظلمات

(1) يعنى من الليل كما نص عليه في الكافي وفى نسخة جعله جزء المتن.
(2) في بعض النسخ " المضطجع ".
(3) الظاهر أنه حديث زرارة الذي رواه الكليني في الكافي ج 2 ص 538 و ج 3 ص 445 لكن بينهما اختلاف كثير.
(4) " ليل ساج " أي ساكن وهو وصف بحال المتعلق أي ساكن ما فيه. وفى بعض
النسخ جعل " ليل داج " نسخة. وأبراج جمع برج، والمهاد الفراش،
480

بعضها فوق بعض، ولا بحر لجي يدلج بين يدي المدلج من خلقك (1) تعلم خائنة
الأعين وما تخفي الصدور (2) غارت النجوم ونامت العيون وأنت الحي القيوم، لا تأخذك
سنة ولا نوم، سبحان الله رب العالمين وإله المرسلين وخالق النبيين، والحمد لله رب
العالمين، اللهم اغفر لي وارحمني وتب علي، إنك أنت التواب الرحيم " ثم اقرأ
خمس آيات من آخر آل عمران " إن في خلق السماوات والأرض إلى قوله إنك لا
تخلف الميعاد " (3).
وعليك بالسواك فإن السواك في السحر قبل الوضوء من السنة، ثم توضأ (4).
1391 - وروى أبو عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل:
" تتجافى جنوبهم عن المضاجع " (5) فقال: لعلك ترى أن القوم لم يكونوا ينامون؟
فقلت: الله ورسوله أعلم، فقال: لابد لهذا البدن أن تريحه حتى يخرج نفسه،
فإذا خرج النفس استراح البدن ورجعت الروح فيه وفيه قوة على العمل، فإنما

(1) لجة الماء معظمه، وأدلج القوم إذا ساروا من أول الليل وان ساروا في آخره فقد
ادلجوا بتشديد الدال، والمراد بادلاج البحر بين يدي المدلج - بسكون الدال فيهما أو
بتشديدها فيهما -: تحركه عند حركة السفينة. (مراد)
(2) وحاصل الدعاء أن هذه الأشياء الساترة والمظلمة لا يستر ولا يظلم عليك شيئا
بل كل الأشياء عندك ظاهر وعلمك بها محيط، فكيف يخفى عليك حالي وعبادتي في هذه الليلة
المظلمة. (م ت)
(3) إلى هنا مروى في التهذيب ج 1 ص 175 وفى الكافي بسند حسن كالصحيح مع اختلاف
وبعده فيهما " ثم استك وتوضأ فإذا وضعت يدك في الماء فقل " بسم الله وبالله اللهم اجعلني
من التوابين واجعلني من المتطهرين " فإذا فرغت فقل: " الحمد لله رب العالمين " فإذا
قمت إلى صلاتك فقل: " بسم الله وبالله ومن الله وما شاء الله ولا حول ولا قوة الا بالله، اللهم
اجعلني من زوار بيتك وعمار مساجدك، وافتح لي باب توبتك، وأغلق عنى باب معصيتك وكل
معصية، الحمد لله الذي جعلني ممن يناجيه، اللهم أقبل على بوجهك، جل ثناؤك " ثم افتتح
الصلاة بالتكبير ".
(4) من كلام المؤلف - رحمه الله - أخذه من ذيل حديث زرارة وغيره.
(5) أي لم يلزم مكانه وقام جنوبهم عن فراشهم. (م ت)
481

ذكرهم فقال: " تتجافى جنوبهم على المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا " أنزلت
في أمير المؤمنين عليه السلام وأتباعه من شيعتنا ينامون في أول الليل فإذا ذهب ثلثا الليل
أو ما شاء الله فزعوا إلى ربهم، راغبين راهبين طامعين فيما عنده، فذكرهم الله عز
وجل في كتابه لنبيه عليه السلام وأخبرهم بما أعطاهم وأنه أسكنهم في جواره وأدخلهم
جنته، وآمن خوفهم وآمن روعتهم، قلت: جعلت فداك إن أنا قمت في آخر الليل
أي شئ أقول إذا قمت؟ فقال: قل " الحمد لله رب العالمين وإله المرسلين والحمد لله
الذي يحيي الموتى ويبعث من في القبور " فإنك إذا قلتها ذهب عنك رجز الشيطان
ووسواسه إن شاء الله تعالى ".
باب
* (القول عند صراخ الديك) *
1392 - قال الصادق عليه السلام: " إذا سمعت صراخ الديك فقل: " سبوح قدوس
رب الملائكة والروح، سبقت رحمتك غضبك، لا إله إلا أنت، سبحانك وبحمدك،
عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت " (1).
1393 - وقال عليه السلام: " تعلموا من الديك خمس خصال: محافظته على أوقات
الصلاة، والغيرة، والسخاء، والشجاعة، وكثرة الطروقة " (2).
1394 - وقال عليه السلام: " تعلموا من الغراب ثلاث خصال: استتاره بالسفاد (3)
، وبكوره في طلب الرزق (4) وحذره ".
1395 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " إن لله تبارك وتعالى ملك على صورة ديك

(1) هذا الخبر جزء من حديث زرارة الذي تقدم آنفا.
(2) الطروقة بمعنى الجماع وكذا السفاد. (م ت)
(3) السفاد: نزو الذكر على الأنثى. (مراد)
(4) هذا لا ينافي كراهة الدخول في السوق أولا لان المراد ترك الكسل في طلب الرزق
والجلوس في المصلى حتى تطلع الشمس أعون في طلب الرزق من الضرب في الأرض كما ورد
في الحديث. (مراد)
482

أبيض، رأسه تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرض السابعة، له جناح في المشرق و
جناح في المغرب، لا تصيح الديوك حتى يصيح، فإذا صاح خفق بجناحيه (1) ثم
قال: " سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله العظيم الذي ليس كمثله شئ " قال:
فيجيبه الله تبارك وتعالى ويقول: لا يحلف بي كاذبا من يعرف ما تقول " (2).
1396 - وروي: " أن فيه نزلت: " والطور صافات كل قد لم صلاته و
تسبيحه (3).
1397 - وروى: " أن حمله العرش اليوم أربعة: واحد منهم على صورة الديك
يسترزق الله عز وجل للطير، وواحد على صورة الأسد يسترزق الله تعالى للسباع
وواحد على صورة الثور يسترزق الله تعالى للبهائم، وواحد منهم على صورة بني
آدم يسترزق الله تعالى لولد آدم عليه السلام، فإذا كان يوم القيامة صاروا ثمانية، قال الله
عز وجل: ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ".
باب
* (القول عند القيام إلى صلاة الليل) *
1398 - قال الصادق عليه السلام: " إذا أردت أن تقوم إلى صلاة الليل فقل: " اللهم
إني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة وآله (4) وأقدمهم بين يدي حوائجي، فاجعلني
بهم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، اللهم ارحمني بهم (5) ولا تعذبني بهم

(1) في القاموس: خفق الطائر: طار، وأخفق: ضر بجناحيه.
(2) يعين من عقل الله تعالى بما يدل عليه هذا الصوت من العظمة والجلال لا يجترء
على أن يحلف به تبارك وتعالى حلفا كاذبا. (مراد)
(3) هذا لا ينافي عموم المنزل إذ كثيرا ما ينزل العام في الخاص. (مراد)
(4) أي مستشفعا بهم إليك، متلبسا بعرفانهم، أو مقتديا بهم، مقتفيا آثارهم.
(5) أي بشأنهم ومكانتهم عندك، أو بسببهم وكذا القول في الفقرات الآتية.
483

واهدني بهم ولا تضلني بهم، وارزقني بهم ولا تحرمني بهم، واقض لي حوائجي للدنيا
والآخرة، إنك على كل شئ قدير، وبكل شئ عليم ".
باب
* (الصلوات التي جرت السنة بالتوجه فيهن) *
من السنة التوجه (1) في ست صلوات وهي أول ركعة من صلاة الليل، والمفردة
من الوتر (2) وأول ركعة من ركعتي الزوال، وأول ركعة من ركعتي الاحرام، و
أول ركعة من نوافل المغرب، وأول ركعة من الفريضة (3) كذلك ذكره أبي رضي الله
عنه في رسالته إلي.
باب
* (صلاة الليل) *
قال الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وآله: " ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن
يبعثك ربك مقاما محمودا " فصارت صلاة الليل فريضة على رسول الله صلى الله عليه وآله لقول الله
عز وجل فتهجد، وهي لغيرة سنة ونافلة.
1399 - وقال النبي صلى الله عليه وآله في وصيته لعلي عليه السلام: " يا علي عليك بصلاة
الليل، [و] عليك بصلاة الليل، [و] عليك بصلاة الليل " (4).

(1) المراد بالتوجه التكبيرات الافتتاحية وقول: " وجهت وجهي للذي فطر السماوات
والأرض - الآية ". وقال الشهيد - رحمه الله - في الذكرى: والأقرب عموم استحباب السبع
في جمع الصلوات. وقال علي بن بابويه يختص بالمواضع الستة.
(2) أي المفردة بالسلام من الركعات الثلاث وهذا اطلاق شايع كاطلاق الشفع على
الركعتين منها والوتر على الأخيرة. (مراد)
(3) أي أول كل فريضة (الذكرى) وقال الفاضل التفرشي: من أي فريضة كانت أو أي
فريضة كانت من الخمس.
(4) رواه الكليني في الكافي ج 8 ص 79 في الصحيح بدون التكرار والصدوق في الوصايا.
484

فإذا أردت أن تصليها فكبر الله عز وجل سبعا، واحمده سبعا، ثم توجه ثم
صل ركعتين تقرأ في الأولى الحمد وقل هو الله أحد، وفي الثانية الحمد وقل يا أيها
الكافرون، وتقرأ في الست الركعات بما أحببت إن شئت طولت وإن شئت قصرت.
1400 - وروي " أن من قرأ في الركعتين الأولتين من صلاة الليل في كل
ركعة منهما الحمد مرة وقل هو الله أحد ثلاثين مرة انفتل وليس بينه وبين الله
عز وجل ذنب إلا غفر له " (1).
وتقر في ركعتي الشفع وركعة الوتر قل هو الله أحد، وافصل بين الشفع والوتر
بتسليمة (2).
1401 - وروي (3) " أن من قرأ في الوتر بالمعوذتين وقل هو الله أحد قيل له
أبشر يا عبد الله فقد قبل الله وترك " (4).
والقنوت في كل ركعتين في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة، والقراءة بها
جهارا.
والقنوت في الوتر قبل الركوع.
وإن قمت ولم يكن عليك من الوقت بقدر ما تصلي فيه صلاة الليل على ما تريد
فصلها وأدرجها إدراجا (5)، والادراج أن تقرأ في كل ركعة الحمد وحدها، فإن

(1) مروى في التهذيب ج 1 ص 170 مرسلا أيضا.
(2) كما في رواية سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام المروية في التهذيب
ج 1 ص 171 ورواية معاوية بن عمار عنه عليه السلام.
(3) رواه في ثواب الأعمال ص 158 بسند ضعيف عن الباقر عليه السلام.
(4) الأولى أن يقرأ في الثلاث في كل ركعة بعد الحمد بالمعوذتين والتوحيد وان قرء
في الركعتين من الشفع في إحديهما إحدى المعوذتين والتوحيد وفى الأخرى أخريهما والتوحيد
وفى الوتر بالمعوذتين والتوحيد ثلاث مرات لكان جامعا بين الاخبار أيضا (م ت) راجع
التهذيب ج 1 ص 171.
(5) روى الكليني في الكافي ج 3 ص 449 باسناده عن إسماعيل بن جابر أو عبد الله
ابن سنان قال: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام: انى أقوم آخر الليل وأخاف الصبح، قال: اقرأ
الحمد وأعجل وأعجل ". وفى التهذيب ج 1 ص 233 في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام يقول: إذا قمت وقد طلع الفجر (يعنى الأول) فابدأ بالوتر ثم صل
ركعتين ثم صل الركعات إذا أصبحت ". وهذا الخبر يدل على أن ايقاع الوتر بالطمأنينة أفضل
من ايقاع الجميع مدرجا.
485

خشيت طلوع الفجر فصل ركعتين وأوتر بالثالثة، وإن طلع الفجر فصل ركعتي الفجر
وقد مضى الوقت بما فيه.
وإذا صليت من صلاة الليل أربع ركعات من قبل طلوع الفجر فأتم الصلاة طلع
الفجر أو لم يطلع (1).
وقد رويت رخصة في أن يصلي الرجل صلاة الليل بعد طلوع الفجر المرة بعد
المرة، ولا يتخذ ذلك عادة (2).
وإذا كان عليك قضاء صلاة الليل (3) فقمت وعليك من الوقت بقدر ما تصلي
الفائتة وصلاة ليلتك (4) فابدأ بالفائتة فصل ثم صل صلاة ليلتك، فإن كان الوقت

(1) في التهذيب ج 1 ص 170 باسناده عن أبي جعفر الأحول محمد بن نعمان قال:
قال أبو عبد عليه السلام: " إذا كنت صليت أربع ركعات من صلاة الليل قبل طلوع
فأتم الصلاة طلع الفجر أو لم يطلع ".
(2) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 170 في موثق عن عمر بن يزيد قال: " قلت
لأبي عبد الله عليه السلام: أقوم وقد طلع الفجر فان أنا بدأت بالفجر صليتها في أول وقتها
وان بدأت بصلاة الليل والوتر صليت الفجر في وقت هؤلاء، فقال: ابدأ بصلاة الليل والوتر
ولا تجعل ذلك عادة ".
وفيه ج 1 ص 232 عن في الصحيح سليمان بن خالد قال: " قال: لي أبو عبد الله عليه السلام
ربما قمت وقد طلع الفجر فاصلي صلاة الليل والوتر والركعتين قبل الفجر ثم اصلى الفجر،
قال: قلت: أفعل أنا ذا؟ قال: نعم ولا يكون منك عادة ". وحمل الشيخ أمثال هذه الأخبار
على الرخصة في جواز تأخير صلاة الغداة عن أول الوقت إلى آخره، وقال: إنما يجوز
ذلك إذا كان تأخيره للاشتغال بشئ من العبادات. أقول: هذا الحمل إنما كان لورود النهى
عن التطوع في وقت الفريضة في اخبار.
(3) يعنى ما فاتك من صلاة الليل في الليلة السابقة. (مراد)
(4) راجع الكافي ج 3 ص 453 رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام.
486

بقدر ما تصلي واحدة فصل صلاة ليلتك لئلا تصيرا جميعا قضاء، ثم اقض الصلاة الفائتة
من الغد أو بعد ذلك.
باب
* (دعاء قنوت الوتر) *
1402 - كان النبي صلى الله عليه وآله يقول في قنوت الوتر: " اللهم اهدني فيمن هديت
وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما
قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، سبحانك رب البيت، أستغفرك وأتوب إليك،
وأومن بك، وأتوكل عليك، ولا حول ولا قوة إلا بك يا رحيم ".
1403 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " أطولكم قنوتا في دار الدنيا أطولكم راحة
يوم القيامة في الموقف " (1).
1404 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " القنوت في يوم الجمعة تمجيد [الله] والصلاة
على نبي الله، وكلمات الفرج " ثم هذا الدعاء (2).
والقنوت في الوتر كقنوتك يوم الجمعة (3)، ثم تقول قبل دعائك لنفسك (4):

(1) رواه المصنف - رحمه الله - في ثواب الأعمال ص 55 مسندا. وقوله " دار الدنيا "
أي دار الحياة الدنيا.
(2) من كلام المؤلف - رحمه الله - والإشارة إلى الدعاء المنقول عن النبي صلى الله عليه وآله آنفا
(مراد، م ت، سلطان).
(3) روى المصنف مضمونه في الأمالي ص 235 عن أبيه عن علي عن أبيه عن حماد
عن حريز عن زرارة قال: " قال أبو جعفر عليه السلام: القنوت في الوتر كقنوتك يوم الجمعة
تقول في دعاء القنوت: " اللهم تم نورك فهديت - إلى آخر الدعاء " كما يأتي. ورواه
الشيخ في مجالسه مرسلا مع اختلافات نشير إليها.
(4) يعنى دعاء النبي صلى الله عليه وآله الذي تقدم آنفا. وقال الفاضل التفرشي: لفظ ثم للترقي
في المرتبة فان مرتبة الاتيان بهذا الدعاء أعلى من مرتبة الاكتفاء بما سبق، ويمكن أن يراد
بالدعاء الدعاء الذي يريده المصلى.
487

" اللهم تم نورك فهديت فلك الحمد ربنا (1)، وبسطت يدك فأعطيت فلك الحمد
ربنا، وعظم حلمك فعفوت فلك الحمد ربنا، وجهك أكرم الوجوه وجهتك خير
الجهات وعطيتك أفضل العطيات وأهنؤها، تطاع ربنا فتشكر، وتعصى ربنا فتغفر
لمن شئت، تجيب المضطر وتكشف الضر وتشفي السقيم وتنجي من الكرب العظيم،
لا يجزي بالآئك أحد (2) ولا يحصي نعمائك قول قائل، اللهم إليك رفعت الابصار
ونقلت الاقدام، ومدت الأعناق، ورفعت الأيدي، ودعيت بالألسن وإليك سرهم
ونجواهم في الأعمال (3)، ربنا اغفر لنا وارحمنا وافتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت
خير الفاتحين، اللهم إنا نشكو إليك غيبة نبينا عنا (4)، وشدة الزمان علينا،
ووقوع الفتن بنا، وتظاهر الأعداء علينا وكثرة عدونا وقلة عددنا فرج (5) ذلك يا رب
بفتح منك تعجله، ونصر منك تعزه، وإمام عدل تظهره إليه الحق رب العالمين (6) "
ثم تقول: أستغفر الله ربي وأتوب إليه سبعين مرة (7) وتعوذ بالله من النار
كثيرا (8).

(1) الظاهر نصب " ربنا " على أنه منادى، ويمكن جره على أنه عطف بيان لكاف " لك "
ورفعه على الخبرية أي أنت ربنا. (مراد)
(2) أي لا يقدر أحد على جزاء نعمائك ولا يقابلها بعوض. (سلطان)
(3) في الأمالي والمجالس " ودعيت بالألسن وتحوكم إليك في الأعمال ".
(4) في الأمالي " اللهم إليك نشكو غيبة نبينا " وفى المجالس " اللهم انا نشكو إليك
فقد نبينا وغيبة امامنا وكثرة عدونا وتظاهر الزمان علينا ووقوع الفتن بنا وقلة عددنا
ففرج - الدعاء ".
(5) كذا وفى المجالس والأمالي " ففرج ".
(6) في المجالس " وسلطان حق تظهره وعافية منك تجللناها، ورحمة منك تلبسناها
برحمتك يا أرحم الراحمين آمين رب العالمين ".
(7) في الأمالي والمجالس " ثم تقول في قنوت الوتر بعد هذا الدعاء: أستغفر الله
وأتوب إليه - سبعين مرة - الخ ".
(8) " تعوذ " أمره في صورة الخبر، أصله تتعوذ، وعطف على قوله " تقول " في معنى
" قل ". (مراد)
488

1405 - وروى عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " من قال في
وتره إذا أوتر: " استغفر الله ربي وأتوب إليه " سبعين مرة وواظب على ذلك
حتى تمضي سنة كتبه الله عنده من المستغفرين بالاسحار (1)، ووجبت له الجنة
والمغفرة من الله عز وجل ".
1406 - وروى عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " استغفر الله
في الوتر سبعين مرة تنصب يدك اليسرى (2) وتعد باليمنى الاستغفار.
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يستغفر الله في الوتر سبعين مرة ويقول " هذا
مقام العائذ بك من النار سبع مرات (3) ".
1407 - وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " تدعو في الوتر
على العدو وإن شئت سميتهم وتستغفر وترفع يديك في الوتر حيال وجهك (4) وإن
شئت فتحت ثوبك " (5).
1408 - و " كان علي بن الحسين عليهما السلام سيد العابدين يقول: " العفو العفو "

(1) أي من الذين مدحهم الله تعلى في كتابه العزيز ووعد قبول دعائهم (سلطان)
ايماء بقبول استغفارهم فيغفر لهم والا فمجرد الاستغفار بالسحر يصدق عليه أنه من المستغفرين
بالاسحار، ويمكن أن يقال أيضا: المراد بالمستغفرين بالاسحار ليس كون المجموع مستغفرين
بالاسحار حتى يتحقق على التوزيع بكون كل واحد مستغفرا بسحر، بل المراد كون كل واحد
مستغفرا بالاسحار وظاهر ذلك تقتضي كونه مستغفرا في جميع أسحار عمره فيخصص بالحديث
بأسحار سنة ويكون استغفاره في كل سحر سبعين مرة، وقوله " وواظب على ذلك " يقتضى
اتصال الليالي ولا يكفي في ذلك عدد أيام السنة على التفريق. (مراد)
(2) لعل لمراد بنصبها جعلها حيال الوجه. (مراد)
(3) الظاهر أنه من تتمة خبر ابن يعفور ويمكن أن يكون خبرا آخر ورواه الشيخ عن أبي بصير.
(4) يفهم منه ومن الحديث السابق أن المندوب رفع اليدين الا في وقت الاستغفار فإنه
حينئذ يرفع اليد اليسرى ويرسل اليمنى يعد بها الاستغفار اما بالعقد على الأصابع واما بإدارة
السبحة. (مراد)
(5) أي فترفعها تحت ثوبك، ولعل المراد بالثوب الرداء. (مراد)
489

ثلاثمائة مرة في الوتر في السحر " (1).
1409 - وروى معروف بن خربوذ عن أحدهما يعني أبا جعفر عليه السلام وأبا عبد الله
عليهما السلام قال: قل في قنوت الوتر: " لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا
الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع، وما فيهن
وما بينهن ورب العرش العظيم، اللهم أنت الله نور السماوات والأرض، وأنت الله
زين السماوات والأرض، وأنت الله جمال السماوات والأرض، وأنت الله عماد السماوات
والأرض، وأنت الله قوام السماوات والأرض، وأنت الله صريخ المستصرخين، وأنت الله
غياث المستغيثين، وأنت الله المفرج عن المكروبين، وأنت الله المروح عن المغمومين
وأنت الله مجيب دعوة المضطرين، وأنت الله إله العالمين، وأنت الله الرحمن الرحيم
وأنت الله كاشف السوء، وأنت الله كاشف السوء، وأنت الله بك منزل كل حاجة (2)، يا الله ليس يرد غضبك إلا
حلمك، ولا ينجي من عذابك إلا رحمتك، ولا ينجي منك إلا التضرع إليك (3) فهب
لي من لدنك يا إلهي رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك، بالقدرة التي بها أحييت
جميع ما في البلاد، وبها تنشر ميت العباد، ولا تهلكني غما حتى تغفر لي وترحمني (4)
وتعرفني الاستجابة في دعائي، وارزقني العافية إلى منتهى أجلي، وأقلني عثرتي، ولا
تشمت بي عدوي، ولا تمكنه من رقبتي، اللهم إن رفعتني فمن ذا الذي يضعني، وإن
وضعتني فمن ذا الذي يرفعني، وإن أهلكتني (5) فمن ذا الذي يحول بينك وبيني،
أو يتعرض لك في شئ من أمري، وقد علمت أن ليس في حكمك ظلم، ولا في نقمتك

(1) " العفو " اما منصوب بتقدير اطلب أو يكون مفعولا مطلقا حذف فعله أعف العفو،
أو مرفوع بالخبرية ومبتدأه محذوف أي مطلوبي العفو. وظاهر العبارة ثلاثمائة مكررا
فيكون ستمائة والمشهور " العفو " ثلاثمائة.
(2) في بعض النسخ " بك تنزل كل حاجة " والظاهر أن " كل حاجة " مبتدأ تقدم عليه
خبره وهو " منزل " على صيغة اسم المفعول من الانزال و " بك " متعلق به، وتقديمه عليه
للحصر كما قال الفاضل التفرشي.
(3) القصر إضافي بالنسبة إلى الاستكبار وعدم التضرع، وليس بحقيقي لمكان التفضل.
(4) أي لا تمتني حتى تغفر لي ولولا ذلك لهلكت غما.
(5) أي ان أردت اهلاكي.
490

عجلة، إنما يعجل من يخاف الفوت، وإنما يحتاج إلى الظلم الضعيف، وقد تعاليت
عن ذلك يا إلهي فلا تجعلني للبلاء غرضا، ولا لنقمتك نصبا، ومهلني ونفسني (1)
وأقلني عثرتي، ولا تتبعني ببلاء على أثر بلاء، فقد ترى ضعفي وقلة حيلتي، أستعيذ
بك الليلة فأعذني، وأستجير بك من النار فأجرني، وأسألك الجنة فلا تحرمني.
ثم ادع الله بما أحببت، واستغفر الله سبعين مرة ".
1410 - ووري عن أبي حمزة الثمالي قال: " كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول
في آخر وتره وهو قائم: " رب أسأت وظلمت نفسي وبئس ما صنعت، وهذه يداي جزاء
بما صنعتا " (2) قال: ثم يبسط يديه جميعا قدام وجهه ويقول: " وهذه رقبتي خاضعة
لك لما أتت " قال: ثم يطأطئ رأسه ويخضع برقبته ثم يقول: وها أنا ذا بين يديك
فخذ لنفسك الرضا من نفسي حتى ترضى لك العتبى (3)، لا أعود لا أعود لا أعود "
قال: وكان والله إذا قال: " لا أعود " لم يعد ".
1411 - وروى عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق عليه السلام أنه قال: " القنوت
في الوتر استغفار، وفي الفريضة الدعاء " (4).
1412 - وكان أمير المؤمنين عليه السلام يدعو في قنوت الوتر بهذا الدعاء: " اللهم

(1) من التنفيس أي نفس غمي أو كربتي.
(2) أي هذه الجارحة الخاضعة قد خضعت لأجل الجزاء والتلاقى لما صنعت من العصيان
وافراد المبتداء على قصد الجنس وتثنية الخبر لتحقق ذلك الجنس في ضمنها. (مراد)
(3) أي رجعت عن الذنوب لترضى عنى. وفى الصحاح: أعتبني فلان إذا عاد إلى مسرتي
راجعا من الإساءة، والاسم منه العتبى. وتقديم الخبر وهو " لك " للحصر.
(4) يعنى أن القنوت في الوتر كان لطلب المغفرة والتجاوز عن المعاصي ودفع الضرر، و
في الفريضة لجلب النفع. (مراد) أقول: ويفهم من الخبر أن الاستغفار في قنوت الوتر آكد
منه في قنوت سائر الصلوات، وأيضا الدعاء بسائر المطالب في سائر الصلوات آكد من
الاستغفار.
491

خلقتني بتقدير وتدبير وتبصير بغير تقصير (1) وأخرجتني من ظلمات ثلاث (2)
بحولك وقوتك أحاول الدنيا ثم أزاولها، ثم أزايلها وآتيتني فيها الكلاء
والمرعى، وبصرتني فيها الهدى، فنعم الرب أنت ونعم المولى، فيا من كرمني
وشرفني ونعمني، أعوذ بك من الزقوم، وأعوذ بك من الحميم، وأعوذ بك من
مقيل في النار (3) بين أطباق النار في ظلال النار يوم النار يا رب النار، اللهم
إني أسألك مقيلا في الجنة بين أنهارها وأشجارها وثمارها وريحانها وخدمها وأزواجها
اللهم إني أسألك خير الخير: رضوانك والجنة، وأعوذ بك من شر الشر: سخطك
والنار، هذا مقام العائذ بك من النار ثلاث مرات اللهم اجعل خوفك في جسدي
كله، واجعل قلبي أشد مخافة لك مما هو، واجعل لي في كل يوم وليلة حظا ونصيبا
من عمل بطاعتك واتباع مرضاتك، اللهم أنت منتهى غايتي ورجائي ومسئلتي وطلبتي
أسألك يا إلهي كمال الايمان، وتمام اليقين، وصدق التوكل عليك، وحسن الظن
بك، يا سيدي اجعل إحساني مضاعفا، وصلاتي تضرعا، ودعائي مستجابا، وعملي
مقبولا، وسعيي مشكورا، وذنبي مغفورا، ولقني منك نضرة وسرورا وصلى الله عليه
محمد وآله ".
1413 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " القنوت في كل ركعتين
في التطوع والفريضة ".
1414 - وروى عنه زرارة أنه قال: " القنوت في كل الصلوات ".

(1) قوله " بتقدير " أي بما ينبغي أن أكون عليه من القدر، و " تدبير " أي بما يترتب على
من المصالح من جلب المنافع ودفع المضار، و " تبصير " أي على بصيرة وعلم، " بغير تقصير "
أي بغير أن تجعلني قاصرا عما ينبغي أن أكون عليه. (مراد)
(2) يعنى ظلمة البطن وظلمة الرحم، وظلمة المشيمة ظاهرا.
(3) اما من القيلولة كما في نظيره الذي يأتي في الجنة، أو بمعنى الغموس على صيغة
الفعيل بمعنى الغمس. (سلطان).
492

1415 - وروى أبان بن عثمان، عن الحلبي أنه قال لأبي عبد الله عليه السلام " أسمي
الأئمة عليهم السلام في الصلاة؟ فقال: أجملهم " (1).
1416 - وقال عليه السلام: " كل ما ناجيت به ربك في الصلاة فليس بكلام " (2).
1417 - وروي عن أبي ولاد حفص بن سالم الحناط أنه قال: " سمعت أبا عبد الله
عليه السلام يقول: لا بأس بأن يصلي الرجل ركعتين من الوتر، ثم ينصرف فيقضي
حاجته ثم يرجع فيصلي ركعة " (3).
ولا بأس أن يصلي الرجل ركعتين من الوتر ثم يشرب الماء ويتكلم وينكح
ويقضي ما شاء من حاجة ويحدث وضوءا ثم يصلي الركعة قبل أن يصلي الغداة.
1418 - وسأل معاوية بن عمار أبا عبد الله عليه السلام " عن القنوت في الوتر، قال:
قبل الركوع، قال: فإن نسيت أقنت إذا رفعت رأسي؟ فقال: لا ".
قال مصنف هذا الكتاب: حكم من ينسى القنوت حتى يركع أن يقنت إذا
رفع رأسه من الركوع، وإنما منع الصادق عليه السلام من ذلك في الوتر والغداة خلافا
للعامة لأنهم يقنتون فيهما بعد الركوع وإنما أطلق ذلك في سائر الصلوات لان
جمهور العامة لا يرون القنوت فيها فإذا فرغ الانسان من الوتر صلى ركعتي الفجر
1419 - وقال الصادق عليه السلام " صل ركعتي الفجر قبل الفجر وعنده وبعيده
تقرأ في الأولى الحمد وقل يا أيها الكافرون وفى الثانية الحمد وقل هو الله أحد "
ويجوز للرجل أن يحشوهم في صلاة الليل حشوا (5) وكلما قرب من الفجر فهو

(1) أي أذكرهم مجملا كامام المسلمين ونحوه، أو اكتف فيهم بالصلاة على محمد وآله
أو وآل محمد.
(2) أي كل كلام مبطل للصلاة، وظاهره يشمل المناجاة بغير العربية، ويمكن اجراء
سلب الكلام عنه على ظاهره بحمل المناجاة على حديث النفس. (مراد)
(3) المراد بالوتر ركعات الشفع والوتر وهذا الاطلاق شايع في اخبار صلاة الليل.
(4) أي وإن كان الفجر طالعا. (مراد)
(5) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 173 في الصحيح عن البزنطي قال: " سألت الرضا
عليه السلام عن صلاة الفجر قبل الفجر. قال: احشوا بهما صلاة الليل ".
493

أفضل فإذا طلع الفجر فصل الغداة وافصل بين ركعتي الفجر وبين الغداة باضطجاع
ويجزيك التسليم (1)
1420 - فقد قال الصادق عليه السلام " أي قطع أقطع من التسليم "
1421 - وروي عن سعيد الأعرج أنه قال " قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت
فداك إني أكون في الوتر وأكون قد نويت الصوم وأكون في الدعاء وأخاف الفجر
وأكره أن أقطع على نفسي الدعاء وأشرب الماء وتكون القلة أمامي قال فقال لي:
فاخط إليها الخطوة والخطوتين والثلاث واشرب وارجع إلى مكانك ولا تقطع على
نفسك الدعاء "
1422 - وروي زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إذا أنت انصرفت من الوتر
فقل: " سبحان ربى الملك القدوس العزيز الحكيم " ثلاث مرات، ثم تقول: " يا
حي يا قيوم يا بر يا رحيم يا غنى يا كريم ارزقني من التجارة أعظمها فضلا
وأوسعها رزقا وخيرها لي عاقبة فإنه لا خير فيما لا عاقبة له "
باب
* (القول في الضجعة بين ركعتي الفجر وركعتي الغداة) *
اضطجع بين ركعتي الفجر وركعتي الغداة على يمينك مستقبل القبلة وقل
في ضجعتك استمسكت بعروة الله الوثقى التي لا انفصام لها، واعتصمت بحبل الله
المتين، وأعوذ بالله من شر فسقة العرب والعجم، وأعوذ بالله من شر فسقه الجن والإنس
، سبحان رب الصباح، فالق الاصباح، سبحان رب الصباح، فالق الاصباح،

(1) المراد بالاضطجاع الرقدة دون النوم وظاهر الروايات استحبابه بين صلاة الليل
وركعتي الفجر. وظاهر المؤلف استحبابه بين نافلة الصبح وفريضته كما في الباب الآتي
وروى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 174 باسناده عن سليمان المروزي قال: " قال أبو الحسن
الأخير عليه السلام: إياك والنوم بين صلاة الليل والفجر ولكن ضجعة بلا نوم ". وقال الشيخ
يجوز بدلا من الاضطجاع السجدة والمشي والكلام. ثم استدل بروايتين عن الرضا عليه السلام
وعن الصادق سلام الله عليه.
494

سبحان رب الصباح فالق الاصباح " ثم تقول: " بسم الله وضعت جنبي لله، فوضت
أمري إلى الله أطلب حاجتي من الله توكلت على الله حسبي الله ونعم الوكيل ومن يتوكل
على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا اللهم ومن أصبح
وحاجته إلى مخلوق فإن حاجتي ورغبتي إليك " وتقرأ خمس آيات من آخر آل
عمران " إن في خلق السماوات والأرض - إلى قوله: - إنك لا تخلف الميعاد " (1).
وصل على محمد وآله مائة مرة فإنه:
1423 - روي أنه " من صلى على محمد وآله مائة مرة بين ركعتي الفجر
وركعتي الغداة وقى الله وجهه حر النار ومن قال: مائة مرة " سبحان ربى العظيم
وبحمده أستغفر الله ربى وأتوب إليه " بنى الله له بيتا في الجنة ومن قرأ إحدى
وعشرين مرة " قل هو الله أحد " بنى الله له بيتا في الجنة فإن قرأها أربعين مرة
غفر الله له
باب
* (المواضع التي يستحب أن يقرأ فيها قل هو الله أحد و) *
* (قل يا أيها الكافرون) *
1424 - لا تدع أن تقرأ " قل هو الله أحد و " قل يا أيها الكافرون " في
سبعة مواطن: في الركعتين الأولتين من صلاة الليل وفى الركعتين اللتين قبل
الفجر، وركعتي الزوال، وفي الركعتين اللتين بعد المغرب وركعتي الطواف
وركعتي الاحرام والفجر إذا أصبحت بها (2).

(1) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 174 بتقديم وتأخير وزيادة ونقص عن سليمان
ابن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام.
(2) روى الكليني في الكافي ج 3 ص 316 والشيخ ج 1 ص 155 من التهذيب بهذا
المضمون خبرا عن معاذ بن مسلم عن الصادق عليه السلام.
495

باب
* (أفضل النوافل) *
قال أبى - رضي الله عنه - في رسالته إلي: اعلم يا بنى إن أفضل النوافل
ركعتا الفجر، وبعدهما ركعة الوتر، وبعدها ركعتا الزال، وبعدهما نوافل المغرب،
وبعدها تمام صلاة الليل، وبعدها تمام نوافل النهار.
باب
* (قضاء صلاة الليل) *
1425 - قال الصادق عليه السلام " كلما فاتك بالليل فاقضه بالنهار قال الله تبارك
وتعالى: " وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا " (1).
يعنى أن يقضى الرجل ما فاته بالليل بالنهار، وما فاته بالنهار بالليل. واقض
ما فاتك من صلاة الليل أي وقت شئت من ليل أو نهار ما لم يكن وقت فريضة (2) وإن
فاتتك فريضة فصلها إذا ذكرت فان ذكرتها وأنت في وقت فريضة أخرى فصل التي
أنت في وقتها ثم صل الصلاة الفائتة (3).

(1) رواه الشيخ في الموثق عن عنبسة العابد ج 1 ص 214 من التهذيب.
(2) لعل ذلك لورود النهى في الاخبار عن التطوع في وقت الفريضة، ففي التهذيب
ج 1 ص 183 مسندا عن إسماعيل بن عيسى قال: " سألت الرضا عليه السلام عن الرجل
يصلى الأولى ثم يتنفل فيدركه وقت العصر من قبل أن يفرغ من نافلته فيبطئ بالعصر ثم
يقضى نافلته بعد العصر أو يؤخرها حتى يصليها في وقت آخر؟ قال: يصلى العصر ويقضى
نافلته في يوم آخر ". وفى آخر عن الصادق عليه السلام: " إذا دخل وقت صلاة مفروضة
فلا تطوع " ومثله أيضا عن الباقر عليه السلام.
(3) ظاهر المؤلف تقديم الحاضرة على الفائتة ويدل عليه أخبار منها موثق إسماعيل
ابن همام عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال: " في الرجل يؤخر الظهر حتى يدخل وقت
العصر فإنه يبدأ بالعصر ثم يصلى الظهر " (التهذيب ج 1 ص 213) وفى قبالها أخبار منها
ما رواه الشيخ بسند فيه جهالة عن زرارة أبى جعفر عليه السلام قال: " إذا فاتتك
صلاة فذكرتها في وقت أخرى فان كنت تعلم أنك إذا صليت التي قد فاتتك كنت في الأخرى
في وقت فابدأ بالتي فاتتك فان الله عز وجل يقول: " أقم الصلاة لذكرى "، وان كنت تعلم
أنك ان صليت التي فاتتك فاتتك التي بعدها أيضا فابدأ بالتي أنت في وقتها واقض الأخرى "
وفى آخر عن سهل بن زياد عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: سألته عن رجل نسي الظهر حتى دخل وقت العصر؟ قال: يبدأ بالظهر،
وكذلك الصلوات تبدأ بالتي نسيت الا أن تخاف أن يخرج وقت الصلاة فتبدأ بالتي أنت في
وقتها ثم تقضى ما نسيت ".
496

1426 - وقال الصادق عليه السلام: " قضاء صلاة الليل بعد الغداة وبعد العصر من
سر آل محمد المخزون " (1).
وقد روي نهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها لان الشمس تطلع بين
قرني شيطان وتغرب بين قرني شيطان (2) إلا أنه روي لي جماعة من مشائخنا عن:

(1) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 185 والاستبصار ج 1 ص 290 بسند حسن
كالصحيح، وهو من سرهم المخزون لان العامة يحرمون الصلاة في هذين الوقتين مع أنهم رووا
في كثير من أخبارهم أن النبي كان يصلى في هذين الوقتين وقد أخرجت جملة من رواياتهم
في هامش الخصال (ص 69 إلى 72). وفى التهذيب ج 1 ص 185 باسناده عن لي بن بلال قال:
" كتبت إليه (يعنى الهادي عليه السلام) في قضاء نافلة من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس
ومن بعد العصر إلى أن تغيب الشمس؟ فكتب: لا يجوز ذلك الا للمقتضى فاما لغيره فلا ".
(2) في الكافي ج 3 ص 180 بسند صحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه -
السلام - في حديث - قال: " إنما تكره الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها - إلى أن
قال: - لأنها تغرب بين قرني شيطان وتطلع بين قرني شيطان ".
وفيه أيضا ج 3 ص 290 عن علي بن إبراهيم عن أبيه رفعه قال: " قال رجل لأبي
عبد الله عليه السلام: الحديث الذي روى عن أبي جعفر عليه السلام " ان الشمس تطلع بين
قرني الشيطان، قال: نعم ان إبليس اتخذ عرشا بين السماء والأرض فإذا طلعت الشمس وسجد
في ذلك الوقت الناس قال إبليس لشياطينه: ان بني آدم يصلون لي ".
وطلوع الشمس وغروبها بين قرني الشيطان هو الكناية عن شدة تسلط الشيطان على
بني آدم في هذين الوقتين. وقيل فيه وجوه أخر - راجع الجواهر كتاب الصلاة أوقات
الصلاة في كراهة النوافل المبتدأة عند الطلوع والغروب - وهامش الكافي ج 3 ص 18.
497

1427 - أبى الحسين محمد بن جعفر الأسدي رضي الله عنه أنه ورد عليه فيما ورد من
جواب مسائله من محمد بن عثمان العمري - قدس الله روحه - " وأما ما سألت عنه من الصلاة
عند طلوع الشمس وعند غروبها فلئن كان كما يقول الناس إن الشمس تطلع بين قرني
شيطان وتغرب بين قرني شيطان فما أرغم أنف الشيطان بشئ أفضل من الصلاة فصلها
وأرغم أنف الشيطان " (1).
1428 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن الله تبارك وتعالى ليباهي ملائكته بالعبد
يقضى صلاة الليل بالنهار، فيقول: يا ملائكتي انظروا إلى عبدي يقضى ما لم أفترضه
عليه، أشهدكم أنى قد غفرت له ".
1429 - وروي بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " أفضل
قضاء صلاة الليل في الساعة التي فاتتك آخر الليل، وليس بأس أن تقضيها بالنهار (2)
وقبل أن تزول الشمس ".
1430 - وروي عن مرازم بن حكيم الأزدي أنه قال: " كنت مرضت أربعة

(1) يدل هذا الخبر على أن الخبر المشهور من مفتريات العامة وكان وروده عنهم
عليهم السلام من جهة التقية، ويمكن تأويلها بغير النوافل المبتدأة من قضاء الفرائض والنوافل
الموقتة (م ت). أقول في الاستبصار ج 1 ص 290 باسناده عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: " لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس فان رسول الله صلى الله عليه وآله
قال: ان الشمس تطلع بين قرني الشيطان وتغرب بين قرني الشيطان وقال: لا صلاة بعد
العصر حتى تصلى المغرب " وفيه باسناده عن معاوية بن عمار عنه عليه السلام قال: " لا صلاة
بعد العصر حتى تصلى المغرب ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس "، وقال الشيخ - رحمه
الله -: الوجه في هذه الأخبار وما جانسها أحد شيئين أحدهما أن تكون محمولة على التقية
لأنها موافقة لمذهب العامة، والثاني أن تكون محمولة على كراهة ابتداء النوافل في هذين
الوقتين وان لم يكن ذلك محظورا لأنه قد رويت رخصة في جواز الابتداء بالنوافل في هذين
الوقتين ".
(2) في التهذيب ج 1 ص 213 باسناده الصحيح عن حسان بن مهران قال: " سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن قضاء النوافل قال: " سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن قضاء النوافل قال: ما بين طلوع الشمس إلى غروبها ".
498

أشهر لم أصل نافلة فيها فقلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني مرضت أربعة أشهر لم أصل
نافلة، فقال: ليس عليك قضاء إن المريض ليس كالصحيح، كلما غلب الله عليه فالله
أولى بالعذر فيه " (1).
1431 - وروي محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " قلت له: رجل مرض
فترك النافلة؟ فقال: يا محمد ليست بفريضة إن قضاها فخير يفعله، وإن لم يفعل
فلا شئ عليه ".
1432 - وسأله سليمان بن خالد " عن قضاء الوتر بعد الظهر، فقال: اقضه وترا
أبدا كما فاتك ".
1432 - وسأله حماد بن عثمان فقال له: " أصبح عن الوتر إلى الليل (2) فكيف
أقضي؟ فقال: مثلا بمثل " (3).

(1) في الكافي ج 3 ص 451 عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن مرازم قال:
" سأل إسماعيل بن جابر أبا عبد الله عليه السلام فقال: أصلحك الله ان على نوافل كثيرة
فيكف أصنع؟ قال: اقضها، فقال له: انها أكثر من ذلك، قال: اقضها، قلت: لا أحصيها،
قال: توخ. قال مرازم: وكنت مرضت - الخبر ". وهكذا في التهذيب ج 1 ص 192.
(2) أي صارت صلاتي قضاء وما صليتها إلى الليل.
(3) اعلم أن التأكيدات التي وردت في الاخبار الظاهر أنها للرد على العامة فإنهم يقضون بعد الزوال شفعا، والاخبار التي وردت من طرقنا كذلك محمولة على التقية (م ث)
وفى التذكرة حكى عن الشافعي القول بالمماثلة في القضاء، وقد روى الشيخ في الاستبصار
ج 1 ص 293 باسناده عن الفضيل قال: " سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: " يقضيه من
النهار ما لم تزل الشمس وترا فإذا زالت الشمس فمثنى مثنى " وعن أبي بصير عن الصادق
عليه السلام قال: " الوتر ثلاث ركعات إلى زوال الشمس فإذا زالت فأربع ركعات " وعن
كردويه الهمداني قال: " سألت أبا الحسين عليه السلام عن قضاء الوتر؟ فقال: ما كان بعد
الزوال فهو شفع ركعتين ركعتين " وحملها الشيخ تارة على القضاء قاعدا وتارة على متعمد
الترك عقوبة لما تضمنه مقطوعة زرارة قال: " متى قضيته نهارا بعد ذلك اليوم قضيته شفعا،
تضيف إليه أخرى حتى يكون شفعا، قال: قلت: ولم جعل الشفع؟ قال: لتضييعه الوتر ".
(الاستبصار ج 1 ص 294).
499

1434 - وروي عنه (1) حريز أنه قال: " كان أبى عليه السلام ربما قضى عشرين
وترا في ليلة ".
1435 - وسأل عبد الله بن المغيرة أبا إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السلام " عن الرجل
يفوته الوتر، فقال: يقضيه وترا أبدا ".
باب
* (معرفه الصبح والقول عند النظر إليه) *
1436 - روي علي بن عطيه (2) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " الفجر هو
الذي إذا رأيته كان معترضا كأنه بياض (3) نهر سورى ".

(1) دل على أنه عليه السلام قد منع الوتر كثيرا (مراد) أقول: في الجواهر:
" وبالى أن بعض العامة منع من تعدد الوتر في ليلة واحدة ولو قضاء ".
والظاهر بحسب العبارة ان المروى عنه هو أبو جعفر عليه السلام لكن الظاهر أن
المراد هو الصادق عليه السلام لان حريز بن عبد الله السجستاني كان من أصحابه لا من أصحاب أبي جعفر الباقر عليه السلام. (سلطان)
(2) الطريق فيه علي بن حسان وهو إن كان الواسطي فهو صحيح وإن كان الهاشمي
فضعيف (صه) وقال صاحب منهج المقال: وكأنه الواسطي فان الظاهر رواية الهاشمي عن عمه
عبد الرحمن بن كثير. أقول: رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 283 عن علي عن أبيه، عن
ابن أبي عمير عن علي بن عطية فهو حسن كالصحيح.
(3) كذا في جميع النسخ - يعنى بالباء الموحدة ثم الياء المثناة التحتانية -: ضد
السواد وهو المعروف لكن ذكر الشيخ بها الملة والدين - قدس سره - في الحبل المتين
المراد ببياضها نهرها كما في رواية هشام بن هذيل عن الكاظم عليه السلام وقد سأله " عن وقت
صلاة الصبح، فقال: حين تعرض الفجر فتراه كأنه نهر سورى " انتهى كلامه في المتن وكتب
طاب ثراه في الحاشية: أن النباض بالنون والباء الموحدة وآخره الضاد معجمة وأصله من نبض
الماء إذا سال وربما قرئ بالباء الموحدة ثم الياء المثناة من تحت - انتهى.
والظاهر أن النباض بالنون تصحيف لوجود النهر مع البياض. وقال الفيض في الوافي
النباض بالنون والباء الموحدة من نبض الماء إذا سال، وربما قرء بالموحدة ثم الياء المثناة
من تحت ". وسورى على وزن بشرى موضع بالعراق وهو بلد السريانيين وموضع من
أعمال بغداد.
500

1437 - وروي " أن وقت الغداة: إذا اعترض الفجر فأضاء حسنا " (1).
وأما الفجر الذي يشبه ذنب السرحان فذاك الفجر الكاذب، والفجر الصادق هو
المعترض كالقباطي (2).
1438 - وروي عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " تقول
إذا طلع الفجر: " الحمد لله فالق الاصباح، سبحان [الله] رب المساء والصباح، اللهم
صبح آل محمد ببركة وعافية وسرور وقر عين، اللهم إنك تنزل بالليل والنهار ما تشاء
فأنزل على وعلى أهل بيتي من بركة السماوات والأرض رزقا حلالا طيبا واسعا
تغنيني به عن جميع خلقك ".
باب
* (كراهية النوم بعد الغداة) *
1439 - روي العلاء عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليه السلام قال: " سألته عن النوم
بعد الغداة فقال: إن الرزق يبسط تلك الساعة فأنا أكره أن ينام الرجل تلك الساعة ".
1440 - وروي جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إن إبليس إنما يبث جنود -

(1) روى الشيخ باسناده عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: " كان
رسول الله صلى الله عليه وآله يصلى ركعتي الصبح - وهي الفجر - إذا اعترض الفجر وأضاء حسنا " التهذيب
ج 1 ص 143 والاستبصار ج 1 ص 274.
(2) القباطي: ثياب بيض رقاق يجلب من مصر، واحدها قبطي - بضم القاف - نسبة إلى
القبط - بكسر القاف - وهم أهل مصر.
501

الليل من حين تغيب الشمس إلى مغيب الشفق، ويبث جنود النهار من حين يطلع
الفجر إلى مطلع الشمس، وذكر أن نبي الله عليه السلام كان يقول: أكثروا ذكر الله عز
وجل في هاتين الساعتين، وتعوذوا بالله عز وجل من شر إبليس وجنوده، وعوذوا
صغاركم في هاتين الساعتين فإنهما ساعتا غفلة ".
1441 - وقال الصادق عليه السلام: " نومة الغداة مشومة، تطرد الرزق، وتصفر
اللون وتقبحه وتغيره، وهو نوم كل مشؤوم إن الله تبارك وتعالى يقسم الأرزاق
ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فإياكم وتلك النومة ".
1442 - وقال الباقر عليه السلام: " النوم أول النهار خرق والقايلة نعمة (1)،
والنوم بعد العصر حمق، والنوم بين العشائين يحرم الزرق ".
والنوم على أربعة أوجه (2) نوم الأنبياء عليهم السلم على أقفيتهم لمناجاة الوحي،
ونوم المؤمنين على أيمانهم ونوم الكفار على يسارهم، ونوم الشياطين على وجوههم.

(1) الخرق - بضم الخاء -: الحمق، وضعف العقل، والجهل، والفقر، وفى القاموس
المخروق: المحروم لا يقع في كفه شئ. والقايلة: الظهيرة يقال: أتانا عند القايلة، وقد
يكون أيضا بمعنى القيلولة وهي النوم في الظهيرة.
وقال الفاضل التفرشي: قوله " القايلة نعمة " اما منصوب عطفا على النهار فيكون
القايلة بمعنى الوقت أي النوم القايلة نعمة، واما مرفوع مبتدأ والجملة معطوفة على السابقة
بمعنى النوم في ذلك الوقت وهو الظهيرة.
(2) قوله: " والنوم على أربعة أوجه " يحتمل قويا كونه من كلام المؤلف أخذه
من حديثين أحدهما رواه في العيون والخصال ص 262 عن الرضا عن آبائه عليهم السلام عن
أمير المؤمنين عليه السلام قال: " النوم على أربعة أوجه - الخ " في جواب رجل شامي سأله،
والاخر ما رواه الكليني في الكافي ج 1 ص 513 في حديث عن أحمد بن إسحاق عن أبي
محمد العسكري عليه السلام قال: " فقلت: يا سيدي روى لنا عن آبائك أن نوم الأنبياء على
أقفيتهم ونوم المؤمنين على أيمانهم، ونوم المنافقين على شمائلهم، ونوم الشياطين على
وجوههم؟ قال: كذلك هو ".
502

1443 - وقال الصادق عليه السلام: " من رأيتموه نائما على وجهه فأنبهوه ".
1444 - وقال عليه السلام: " ثلاثة فيهن المقت من الله عز وجل نوم من غير سهر وضحك من غير عجب، وأكل على الشبع " (1).
1445 - و " أتى أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله إني كنت ذكورا
وإني صرت نسيا، فقال: أكنت تقيل؟ قال: نعم، قال: وتركت ذاك؟ قال: نعم،
قال: عد، فعاد فرجع إليه ذهنه " (2).
1446 - وروي أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " خمسة لا ينامون:
الهام بدم يسفكه، وذو المال الكثير لا أمين له، والقائل في الناس الزور والبهتان
عن عرض من الدنيا يناله، والمأخوذ بالمال الكثير ولا مال له، والمحب حبيبا
يتوقع فراقه " (3).
1447 - وروي " قيلوا (4) فإن الله يطعم الصائم في منامه ويسقيه ".
1448 - وروي " قيلوا فإن الشيطان لا يقيل ".
1449 - وقال عليه السلام: " نوم الغداة شؤم يحرم الرزق ويصفر اللون، وكان
المن والسلوى ينزل على بني إسرائيل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فمن
نام تلك الساعة لم ينزل نصيبه، فكان إذا انتبه فلا يري نصيبه احتاج إلى السؤال
والطلب " (5).

(1) رواه المؤلف في الخصال بسند فيه جهالة وارسال.
(2) رواه الحميري في قرب الإسناد ص 34 مسندا عن الصادق عليه عن أبيه عليهما السلام
بلفظ آخر.
(3) رواه المصنف في الخصال بسند حسن ولا مناسبة له بالباب ويمكن أن يقال:
إذا كان هؤلاء الجماعة لا ينامون لأجل أمور سهلة باطلة فلا ينبغي لأناس لهم غرض صحيح
أن يناموا.
(4) بالتخفيف صيغة الامر للجمع من قال يقيل قيلا وقيلولة أي نام نصف النهار.
(5) رواه الشيخ - رحمه الله - في التهذيب مسندا ج 1 ص 174 بزيادة فيه واختلاف.
503

1450 - وقال الرضا عليه السلام: " في قول الله عز وجل: " فالمقسمات أمرا "
قال: الملائكة تقسم أرزاق بني آدم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فمن
ينام فينام بينهما ينام عن رزقه ".
1451 - وروي معمر بن خلاد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: " كان - وهو
بخراسان - إذا صلى الفجر جلس في مصلاه إلى أن تطلع الشمس (1) ثم يؤتى بخريطة (2)
فيها مساويك فيستاك بها واحدا بعد واحد، ثم يؤتى بكندر فيمضغه ثم يدع ذلك
فيؤتى بالمصحف فيقرأ فيه " (3).
1452 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من جلس في مصلاه من صلاة الفجر إلى
طلوع الشمس ستره الله من النار ".
باب
* (صلاة العيدين) *
1453 - وروي جميل بن دراج عن الصادق عليه السلام أنه قال: " صلاة العيدين
فريضة، وصلاة الكسوف فريضة ".

(1) روى الشيخ - رحمه الله - في التهذيب ج 1 ص 227 والاستبصار ج 1 ص 350
بسند حسن عن معمر بن خلاد أيضا قال: " أرسل أبو الحسن الرضا عليه السلام في حاجة
فدخلت عليه فقال: انصرف فإذا كان غدا فتعال ولا تجئ الا بعد طلوع الشمس فانى أنام إذا
صليت الفجر ". قال الشيخ - رحمه الله -: يجوز أن يكون عليه السلام إنما نام لعذر كان به.
وقال المولى المجلسي في بيان خبر المتن: أما ما روى من حواز النوم فمحمول على الضرورة
أو الجواز مع الكراهة الشديدة جمعا.
(2) الخريطة وعاء من أدم وغيره، يشرج على ما فيه. (القاموس)
(3) يدل على استحباب الجلوس في المصلى للتعقيب وعلى استحباب اكثار السواك
بعده لقراءة القرآن أو مطلقا وكذا مضغ الكندر واستحباب قراءة القرآن في المصحف وإن كان
حافظا له وقادرا عليه قراءته عن ظهر القلب كما تدل عليه أخبار. (م ت)
504

يعنى أنهما من صغار الفرائض، وصغار الفرائض سنن، لرواية حريز (1):

(1) الظاهر أن المصنف أراد من كونهما من صغار الفرائض أنهما ليستا بمفروضتين
في القرآن، والمتبادر من الفرض ما كان في القرآن، وقوله: " لرواية حريز " استشهاد
على أن الوجوب في العيدين ليس من القرآن، وقوله: " لرواية حريز " استشهاد
على أن الوجوب في العيدين ليس من القرآن لا على أنهما مستحبتان لان السنة يراد بها
الندب، وحينئذ لا دلالة في كلامه على عدم الوجوب، ولا يخفى أن كلام الصادق عليه السلام
وإن كان ظاهره العموم فيتناول زمن الغيبة فيدل على وجوب العيدين مطلقا الا أنه يمكن أن
يوجه بان الكلام حال وجوده عليه السلام، وبعده حكم آخر. وظاهر المنتهى أن اتفاق
الأصحاب واقع على اشتراط السلطان العادل أو من نصبه، واحتج له بأخبار. وفى الاجماع
تأمل، وأما الاخبار فأورد عليها شيخنا - رحمه الله - بأن الظاهر أن المراد بالامام امام
الجماعة لا امام الأصل كما يظهر من تنكير الامام في بعضها. (الشيخ محمد).
أقول: هذا الحمل لا يلائم قوله عليه السلام في سماعة الآتي " وان صليت وحدك
فلا بأس " مع أنه عليه السلام قال قبلة: " لا صلاة في العيدين الا مع امام " الا أن يقال: المراد
نفى الكمال أي لا صلاة كاملة. وقال استاذنا الشعراني: تنكير الامام لا ينافي اشتراط السلطان
العادل لان من يقول بالاشتراط لا يوجب الصلاة حتما بل يقول بوجوب الصلاة مع امام من
أئمة الدين لهم هذا المنصب سواء كان الامام الأصل أو من نصبه إذ ليس هو بنفسه الشريفة
حاضرا في جميع البلاد في جميع الأزمنة ولا يكفي اقتداء بعض الرعية ببعض ممن ليس الإمامة
منصبا له بل هذا هو المتبادر إلى الذهن من الامام لا امام الجماعة كما يدل عليه حديث سماعة
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " قلت له: متى يذبح؟ قال إذا انصرف الامام، قلت: فإذا كنت
في أرض ليس فيها امام - الخ ". ولا ريب أنه لا يتصور أرض ليس فيها رجل عادل يصح الاقتداء
به بل لا يحسن أن يقال: يشترط في الفعل الفلاني ذلك الا مع امكان عدم وجوده وامام الجماعة
لا يتصور عدم وجوده في زمان ومكان، وأما عدم الامام المنصوب فيمكن أن يتفق كثيرا ولذا
لا تجد مثل هذا الاشتراط في اليومية وجماعتها، وبالجملة لا ريب في اشتراط السلطان العادل
أو من نصبه في فرضية صلاة العيدين، ولو لم يكن لنا دليل على صحة الصلاة ندبا مع عدم
الامام لقلنا بعدم مشروعية الانفراد فيها لان مفاد " لا صلاة الا بامام " عدم الماهية لكن نحملها
على عدم الصلاة المعهودة المجعولة أولا الواجبة بالوجوب العيني وأنها منفية بدون الامام
بقرينة الأدلة الأخرى الدالة على صحتها منفردا.
505

1454 - عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: صلاة العيدين مع الامام سنة (1)
وليس قبلهما ولا بعدهما صلاة ذلك اليوم إلى الزوال ".
ووجوب العيد إنما هو مع إمام عدل (2).
1455 - وروي سماعة بن مهران عن الصادق عليه السلام أنه قال: " لا صلاة في
العيدين إلا مع إمام، وإن صليت وحدك فلا بأس ".
1456 - وروي زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: " لا صلاة يوم الفطر
والأضحى مع إمام [عادل] " (3).
1457 - وسئل الصادق عليه السلام " عن صلاة الأضحى والفطر فقال: صلهما ركعتين

(1) الظاهر أن مراد الصدوق (ره) في الجمع بين الروايتين أنه ظهر وجوبهما من
السنة لا من القرآن لأنه ليس فيه ما يدل صريحا على وجوبهما كما ذكره الأصحاب إذ مراتب
الوجوب مختلفة فما يكون مؤكدا يسمى بالفريضة كصلاة اليومية والجمعة وما لم يكن مؤكدا
يسمى سنة، ويمكن الجمع بينهما بأن يحمل الخبر الثاني على التقية أو على عدم استجماع
الشرائط كما في زمن أكثر الأئمة عليهم السلام من استيلاء أئمة الجور. (م ت)
قال استاذنا الشعراني: وجه الحمل على التقية أن فقهاء أهل السنة متفقون على عدم
كون صلاة العيدين واجبة، والحنفية وان عبروا عنها بالوجوب لكن الوجوب في اصطلاحهم
غيره في اصطلاحنا ويريدون به ما يأثم المكلف بتركه من غير أن يعاقب بالنار وإنما حرم
من الشفاعة.
(2) من كلام المؤلف كما يظهر من التهذيب.
(3) أي لا صلاة واجبة الا مع امام من الأئمة الذين تكون الإمامة لهم منصبا، وقال
الفيض - رحمه الله -: يعنى لا صلاة فريضة الا مع امام مرضى يجوز الاقتداء به كما يشعر به
تنكير لفظ الامام كما في أكثر النسخ وأصحها، ويجوز أن يكون المراد بالامام: المعصوم عليه
السلام فلا تكون واجبة الا مع حضوره صلوات الله عليه فان الاخبار ليست محكمة في أحد
المعنيين بل متشابهة فيهما وقال في الفقيه: " ووجوب العيد إنما هو مع امام عادل " وهو
أيضا متشابه وعلى التقديرين يجوز فعلها مع فقد هذا الشرط على جهة الاستحباب كما
يظهر من الاخبار.
506

في جماعة أو في غير جماعة وكبر سبعا وخمسا " (1).
1458 - وروي منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " مرض أبى عليه السلام
يوم الأضحى فصلى في بيته ركعتين ثم ضحى ".
1459 - وروى جعفر بن بشير، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
" من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل وليتطيب بما وجد، ويصلى في بيته
وحده كما يصلى في جماعة " (2).
1460 - وروي هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " الخروج
يوم الفطر والأضحى إلى الجبانة حسن لمن استطاع الخروج إليها، قال: فقلت:
أرأيت إن كان مريضا لا يستطيع أن يخرج أيصلى في بيته؟ فقال: لا ". (3)
1461 - وروي ابن المغيرة عن القاسم بن الوليد قال: " سألته عن غسل الأضحى
قال: واجب إلا بمنى ". (4)
1462 - وروي " أن غسل العيدين سنة ".
1463 - وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن المرأة
عليها غسل يوم الجمعة والفطر والأضحى ويوم عرفة؟ قال: نعم عليها الغسل كله ".

(1) سبعا في الركعة الأولى أولها لتكبيرة الاحرام وسابعها للركوع. وخمسا للثانية
خامسها للركوع والبقية في الأولى والثانية للقنوت.
(2) قال في المدارك: استحباب الصلاة في العيدين على الانفراد مع تعذر الجماعة قول
أكثر الأصحاب، ونقل عن ظاهر الصدوق (ره) في المقنع وابن أبي عقيل عدم مشروعية
الانفراد فيهما.
(3) أي ليس بواجب عليه ذلك وإن كان لو صلى منفردا في بيته استحق الثواب
كما في التهذيب.
(4) أي سنة لازمة لا ينبغي تركها وقيل بالوجوب، والحق أن قوله: " الا بمنى "
منزل على تأكد الاستحباب لصراحة جملة من الاخبار في عدم وجوبه، ولعل استثناء منى
لتعذر الماء فيه.
507

وجرت السنة أن يأكل الانسان يوم الفطر قبل أن يخرج إلى المصلى، ولا
يأكل في الأضحى إلا بعد الخروج إلى المصلى.
1464 - و " كان علي عليه السلام يأكل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى، ولا
يأكل يوم الأضحى حتى يذبح ".
1465 - وروي حريز، عن زرارة عن أبي جعفر عله السلام قال: " لا تخرج يوم
الفطر حتى تطعم شيئا، ولا تأكل يوم الأضحى شيئا إلا من هديك (1) وأضحيتك
[إن قويت عليه] وإن لم تقو فمعذور. (2) قال: وقال أبو جعفر عليه السلام: " كان أمير المؤمنين
عليه السلام لا يأكل يوم الأضحى شيئا حتى يأكل من أضحيته، ولا يخرج يوم الفطر
حتى يطعم ويؤدي الفطرة، ثم قال: وكذلك نحن ".
6 146 - وروي حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام قال: " السنة
على أهل الأمصار أن يبرزوا من أمصارهم في العيدين إلا أهل مكة فإنهم يصلون في
المسجد الحرام ".
1467 - وروي علي بن رئاب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " لا
ينبغي أن تصلى صلاة العيدين في مسجد مسقف لا في بيت، إنما تصلى في الصحراء
أو في مكان بارز ".
1468 - وروي الحلبي عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام أنه " كان إذا خرج
يوم الفطر والأضحى أبى أن يؤتى بطنفسة (3) يصلي عليها يقول: هذا يوم كان رسول الله
صلى الله عليه وآله يخرج فيه حتى يبرز لآفاق السماء ثم يضع جبهته على الأرض ".
1469 - وروي إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " قلت له: أرأيت
صلاة العيدين هل فيهما أذان وإقامة؟ قال: ليس فيهما أذان ولا إقامة، ولكن ينادي
الصلاة الصلاة - ثلاث مرات وليس فيهما منبر، المنبر لا يحرك من موضعه،

(1) في بعض النسخ " الا من هديتك " ولعله تصحيف.
(2) أي ان لم تقدر على الأضحية.
(3) الطنفسة: البساط الذي له خمل رقيق وهي ما تجعل تحت الرجل على كتفي البعير.
508

ولكن يصنع للامام شبه المنبر من طين فيقوم عليه، فيخطب الناس ثم ينزل ".
1470 - وروي حريز، عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " لا تقض وتر
ليلتك (1) - يعنى في العيدين - أن كان فاتك حتى تصلى الزوال في ذلك اليوم ".
1471 - وروي محمد بن الفضل الهاشمي (2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " ركعتان
من السنة ليس تصليان في موضع إلا بالمدينة وتصلى في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله في
العيدين قبل أن يخرج إلى المصلى، ليس ذلك إلا بالمدينة لان رسول الله صلى الله عليه وآله
فعله " (3).
1472 - وروي إسماعيل بن مسلم، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام قال: " كانت
لرسول الله صلى الله عليه وآله عنزة في أسفلها عكاز (4) يتوكأ عليها ويخرجها في العيدين يصلى
إليها " (5).
1473 - وسأل الحلبي أبا عبد الله عليه السلام " عن الفطر والأضحى إذا اجتمعا يوم

(1) هذا مبالغة في أن لا يصلى قبل صلاة العيد ولا بعده حتى تزول الشمس حيث إنه
إذا منع من قضاء الوتر مع كونه مرفوعا فيه كان ممنوعا من غيره بطريق أولى. (مراد)
(2) في بعض النسخ " محمد بن الفضيل الهاشمي " وهو تصحيف.
(3) لعل المراد أن المنع من التنفل قبل صلاة العيد عام واستثناء الركعتين من ذلك
العموم للتأسي بالنبي صلى الله عليه وآله، وقد يستثنى منه صلاة التحية لمن صلاها في
المساجد. (مراد)
وقال الشهيد - رحمه الله - في الذكرى: يكره التنفل قبل صلاة العيد وبعدها إلى
الزوال الا بمسجد المدينة فان يصلى فيه ركعتين للرواية، وألحق ابن الجنيد المسجد الحرام
وكل موضع شريف يجتاز به.
(4) العنزة بالتحريك - أطول من العصا وأقصر من الرمح وفيه زج كزج الرمح.
والعكازة: عصا ذات زج (الصحاح) فلعل المراد بالعكازة هنا الزج وهو الحديدة التي في
أسفل الرمح. (مراد)
(5) أي ينصبها أو يضعها عند الصلاة في جانب القبلة. (مراد) وفى بعض النسخ " يصلى
عليها " أقول: ذلك للسترة المستحبة وقد تقدم استحبابها سيما في الصحارى.
509

الجمعة قال: اجتمعا في زمان علي عليه السلام فقال: من شاء أن يأتي الجمعة فليأت ومن
قعد فلا يضره وليصل الظهر، وخطب عليه السلام خطبتين جمع فيهما خطبة العيد
وخطبة الجمعة " (1).
1474 - وسئل الصادق عليه السلام " عن قول الله عز وجل: " قد أفلح من تزكى "
قال: من أخرج الفطرة، فقيل له: " وذكر اسم ربه فصلى ": خرج إلى الجبانة
فصلى ".
1475 - وفى رواية السكوني " أن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا خرج إلى العيد لم
يرجع في الطريق الذي بدأ فيه، يأخذ في طريق غيره ".
1476 - وروي أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إذا أردت الشخوص في

(1) فكان عليه السلام قد أخر خطبة العيد إلى وقت يصح معه خطبة الجمعة وذكر فيها
ما لخطبة العيد كالحث على الفطرة في الفطر وعلى الضحية في الأضحى وما لخطبة الجمعة
مثل قوله عليه السلام فيها: " وقد أمركم الله في كتابه بالسعي فيه ". (مراد)
وقال في الشرايع: إذا اتفق عيد وجمعة فمن حضر العيد كان بالخيار في حضور الجمعة،
وعلى الامام أن يعلمهم ذلك في خطبته، وقيل: الترخيص مختص بمن كان نائبا عن البلد
كأهل السواد دفعا لمشقة العود وهو أشبه. أقول روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 292
باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن الحسن بن موسى الخشاب عن غياث بن كلوب،
عن إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه (ع) " أن علي بن أبي طالب عليه السلام كان يقول:
إذا اجتمع عيدان للناس في يوم واحد فإنه ينبغي للامام أن يقول للناس في خطبته الأولى:
انه قد اجتمع لكم عيدان فأنا أصليهما جميعا، فمن كان مكانه قاصيا فأحب أن ينصرف عن الاخر
فقد أذنت له ". وقال محمد بن أحمد بن يحيى: وأخذت هذا الحديث من كتاب محمد
ابن حمزة بن اليسع رواه عن محمد بن الفضيل ولم أسمع أنا منه. وقال المولى المجلسي:
الظاهر أنه عليه السلام اكتفى بخطبتين لهما لان خطبة العيد بعد صلاته وخطبة الجمعة قبلها
فاكتفى بخطبتين لهما، ويحتمل أن يكون المراد بالجمع فراغه عليه السلام عن خطبة
العيد عند الزوال فلما فرغ زالت وشرع في خطبة الجمعة لئلا يلزم المحذور ان ويكون الجمع تجوزا.
510

يوم العيد فانفجر الفجر وأنت في البلد فلا تخرج حتى تشهد ذلك العيد " (1).
1477 - وروى سعد بن سعيد عن الرضا عليه السلام " في المسافر إلى مكة وغيرها
هل عليه صلاة العيدين الفطر والأضحى؟ قال: نعم إلا بمنى يوم النحر ".
1478 - وروى جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: " قال النبي صلى الله عليه وآله: إذا كان
أول يوم من شوال نادى مناد يا أيها المؤمنون اغدوا إلى جوائزكم، ثم قال: يا
جابر جوائز الله ليست كجوائز هؤلاء الملوك، ثم قال: هو يوم الجوائز ".
1479 - و " نظر الحسن بن علي عليه السلام إلى أناس في يوم فطر يلعبون
ويضحكون فقال لأصحابه والتفت إليهم: إن الله عز وجل جعل شهر رمضان مضمارا
لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى رضوانه فسبق فيه قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا
فالعجب كل العجب من الضاحك اللاعب في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون ويخيب
فيه المقصرون، وأيم الله لو كشف الغطاء (2) لشغل محسن بإحسانه ومسئ بإساءته ".
1480 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " ما من عيد للمسلمين أضحى ولا فطر إلا
وهو يجدد فيه لآل محمد حزن، قيل: ولم ذلك؟ قال: لأنهم يرون حقهم في يد
غيرهم " (3).
وصلاة العيدين ركعتان في الفطر والأضحى وليس قبلهما ولا بعدهما شئ ولا
يصليان الا مع إمام في جماعة فلا صلاة له ولا قضاء عليه
وليس لهما أذان ولا إقامة أذانهما طلوع الشمس، يبدأ الامام فيكبر واحدة، ثم

(1) أي إذا أردت المسافرة في يوم العيد فلا تخرج الا بعد الاتيان بالصلاة. فيدل
على كراهة السفر أو حرمته بعد الصبح يصل العيد كما قال المولى المجلسي رحمه الله.
(2) أي لو أزيل الانهماك في الاشتغال بالأمور الدنيوية الذي هو كالغطاء في المنع عن
رؤية الحقائق بالموت. (مراد)
(3) أورد أيضا في باب النوادر من كتاب الصوم تحت رقم 2058 عن حنان بن سدير
عن عبد الله بن دينار عنه عليه السلام.
511

يقرأ الحمد وسبح اسم ربك الاعلى، ثم يكبر خمسا ويقنت بين كل تكبيرتين (1)
ثم يركع بالسابعة ويسجد سجدتين، فإذا نهض إلى الثانية كبر وقرأ الحمد
الشمس وضحيها، ثم كبر تمام أربع تكبيرات مع تكبيرة القيام، ثم ركع
بالخامسة.
1481 - وقد روى محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني قال: " سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن التكبير في العيدين، فقال: اثنتا عشرة تكبيرة، سبع في الأولى

(1) يتراءى منه الاكتفاء بأربع قنوات إذا القنوت الخامس لا يقع بين تكبيرتين من
الخمس الا أن يجعل التكبيرات التي تقع بينها القنوت شاملة لتكبيرة الركوع وهي السابعة،
والمذاهب المنقولة في موضع التكبيرات التسع الزائدة ثلاثة: المشهور أن الخمس التي في
الأولى والأربع التي في الثانية موضعها بعد القراءة، وعن ابن الجنيد أن الخمس قبل
القراءة والأربع التي في الثانية بعدها ويشهد له حديث أبي الصحاح الآتي، وقيل إن واحدة
في الثانية قبل القراءة وهي تكبيرة القيام والثلاث الباقية بعدها، وهو الظاهر من كلام المؤلف
- رضي الله عنه - هنا حيث قال: " فإذا نهض إلى الثانية كبر وقرأ الحمد - الخ " ولو حمل
الأخبار الواردة فيها على التخيير لم يبعد (مراد) وقال العلامة المجلسي - رحمه الله - في
البحار: لا ريب في أن التكبيرات الزائدة في صلاة العيدين خمس في الأولى وأربع في
الأخيرة، واخبار به متظافرة وقد وقع الخلاف في موضع التكبيرات فأكثر الأصحاب على
أن التكبير في الركعتين معا بعد القراءة، وقال ابن الجنيد: التكبير في الأولى قبل القراءة
وفى الثانية بعدها، ونسب إلى المفيد أنه يكبر إذا نهض إلى الثانية، ثم يقرأ ثم يكبر أربع
تكبيرات يركع بالرابعة، ويقنت ثلاثة مرات، وهو المحكى عن السيد والصدوق وأبى
الصلاح، والأول أقوى وإن كان يدل على مذهب ابن الجنيد روايات كثيرة، فإنها موافقة
لمذاهب العامة فينبغي حملها على التقية، ولولا ذلك لكان القول بالتخيير متجها، ولم أر
رواية تدل على مذهب المفيد ومن وافقه. ثم قال - رحمه الله - والمشهور وجوب التكبيرات
وظاهر المفيد استحبابها، وكذا المشهور وجوب القنوتات، وذهب الشيخ في الخلاف إلى
استحبابها والاحتياط في الاتيان بهما، والظاهر عدم وجوب القنوت المخصوص.
512

وخمس في الأخرى. فإذا قمت في الصلاة فكبر واحدة (1) وتقول: " أشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم أنت أهل الكبرياء
والعظمة، وأهل الجود والجبروت، والقدرة والسلطان والعزة، أسألك في هذا اليوم
الذي جعلته للمسلمين عيدا، ولمحمد صلى الله عليه وآله ذخرا ومزيدا، إن تصلى على محمد وآل
محمد، وأن تصلى على ملائكتك المقربين وأنبيائك المرسلين، وأن تغفر لنا ولجميع
المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والأموات، اللهم إني أسألك
من خير ما سألك عبادك الصالحون (2) وأعوذ بك من شر ما عاذ منه عبادك المخلصون
الله أكبر أول كل شئ وآخره، وبديع كل شئ ومنتهاه، وعالم كل شئ ومعاده،
مصير كل شئ إليه ومرده، ومدبر الأمور وباعث من في القبور، قابل الأعمال ومبدئ
الخفيات، ومعلن السرائر. الله أكبر عظيم الملكوت شديد الجبروت، حي لا يموت
دائم لا يزول، إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون. الله أكبر خشعت لك الأصوات
وعنت لك الوجوه وحارت دونك الابصار وكلت الألسن عن عظمتك (3)، والنواصي كلها
بيدك ومقادير الأمور كلها إليك لا يقضى فيها غيرك، ولا يتم منها شئ دونك (4).
الله أكبر أحاط بكل شئ حفظك وقهر كل شئ عزك، ولا يتم منها شئ أمرك، وقام
كل شئ بك، وتواضع كل شئ لعظمتك، وذل كل شئ لعزتك، واستسلم
كل شئ لقدرتك، وخضع كل شئ لملكتك (5). الله أكبر وتقرأ الحمد وسبح اسم ربك
الاعلى وتكبر السابعة وتركع وتسجد، وتقوم وتقرأ الحمد والشمس وضحيها وتقول: الله

(1) يدل على تقديم التكبير في الركعة الأولى قبل القراءة وهو مذهب ابن الجنيد
(سلطان) وحمله الشيخ في التهذيب (ج 1 ص 289) على التقية لموافقته لمذهب العامة
والحمل على التخيير أظهر وإن كان العمل على المشهور أولى. (م ت)
(2) في النسخ " عبادك المرسلون " كما في التهذيب.
(3) أي عن وصفها أو بسبب عظمتك عن وصفك. (م ت)
(4) أي لا تصير تماما الا بمشيتك.
(5) في بعض النسخ " لملكك ".
513

أكبر أشهد أن لا إله ألا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم أنت أهل
الكبرياء والعظمة، تتمه كله كما قلته أول التكبير، يكون هذا القول في كل تكبيرة
حتى يتم خمس تكبيرات
1482 - وخطب أمير المؤمنين عليه السلام يوم الفطر فقال: " الحمد لله الذي خلق
السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، لا نشرك
بالله شيئا، ولا نتخذ من دونه وليا، والحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض
وله الحمد في [الدنيا و] الآخرة وهو الحكيم الخبير، يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج
منها، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور، كذلك الله لا إله إلا هو إليه
المصير، والحمد لله الذي يمسك السماء (1) أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرؤف
رحيم، اللهم ارحمنا برحتمك وأعممنا بمغفرتك، إنك أنت العلى الكبير، والحمد لله الذي
لا مقنوط من رحمته (2) ولا مخلو من نعمته، ولا مؤيس من روحه ولا مستنكف عن عبادته
[الذي] بكلمته قامت السماوات السبع (3) واستقرت الأرض المهاد، وثبتت الجبال الرواسي
وجرت الرياح اللواقح (4) وسار في جو السماء السحاب، وقامت على حدودها البحار (5)
وهو إله لها وقاهر، يذل له المتعززون، ويتضاءل له المتكبرون (6)، ويدين له
طوعا وكرها العالمون، نحمده كما حمد نفسه وكما هو أهله ونستعينه ونستغفره ونستهديه

(1) قيل: المراد المطر أو تقديرات السماء: وقوله " الا باذنه " أي بإرادته لاقتضاء
الحكمة. (م ت)
(2) المقنوط هنا بمعنى القانط لان القنوط لازم وفى الصحاح القنوط: اليأس. (مراد)
(3) إشارة إلى قوله تعالى " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ".
(4) الرواسي: الجبال الثوابت، والرياح اللواقح اللاتي تلقح الأشجار بها وتحمل.
(5) الظاهر أن الضمير راجع إلى الأرض لان البحار تطلب المركز والأرض تمنعها
عنه بالمقاومة (مراد) أقول: يمكن أن يكون راجعا إلى البحار فيلزم الاضمار قبل الذكر
لفظا لا رتبة استقرت البحار في مواضعها.
(6) رجل ضئيل الجسم أي نحيف، والتضاؤل التصاغر.
514

ونشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له، يعلم ما تخفي النفوس، وما تجن البحار (1)
وما توارى منه ظلمة، ولا تغيب عنه غائبة، وما تسقط من ورقة من شجرة ولا حبة
في ظلمات إلا يعلمها، لا إله إلا هو ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين، ويعلم ما يعمل
العاملون وأي مجرى يجرون، وإلى أي منقلب ينقلبون، ونستهدي الله بالهدى،
ونشهد أن محمدا عبده ونبيه ورسوله إلى خلقه، وأمينه على وحيه، وأنه قد بلغ
رسالات ربه، وجاهد في الله الحائدين عنه، العادلين به (2) وعبد الله حتى أتاه
اليقين صلى الله عليه وآله.
أوصيكم [عباد الله] بتقوى الله الذي لا تبرح منه نعمة ولا تنفد منه رحمة (3) ولا
يستغني العباد عنه، ولا يجزي أنعمه الأعمال، الذي رغب في التقوى، وزهد في
الدنيا، وحذر المعاصي، وتعزز بالبقاء، وذلل خلقه بالموت والفناء، والموت غاية
المخلوقين، وسبيل العالمين، ومعقود بنواصي الباقين، لا يعجزه إباق الهاربين، وعند
حلوله (4) يأسر أهل الهوى، يهدم كل لذة، ويزيل كل نعمة، ويقطع كل بهجة،
والدنيا دار كتب الله لها الفناء، ولأهلها منها الجلاء، فأكثرهم ينوي بقاءها ويعظم
بناءها، وهي حلوة خضرة، وقد عجلت للطالب، والتبست بقلب الناظر (5) ويضن
ذو الثروة الضعيف، ويجتويها الخائف الوجل (6) فارتحلوا منها يرحمكم الله بأحسن

(1) جن يجن أي ستر وأجنه يجنه أي ستره وأخفاه. والميت كفنه ودفنه.
(2) الحيد: الميل، وحاد عن الشئ يحيد حيدا: مال عنه وعدل. والعادلين به أي
الذين يعدلون به تعالى غيره أي يساوونه ويشاركونه. (سلطان)
(3) " لا تربح " أي لا تزول. و " لا تنفد " أي لا تنقطع ولا تذهب.
(4) أبق أباقا أي هرب. والضمير في حلوله راجع إلى الموت.
(5) " عجلت " أي صارت معجلة لمن طلبها نقدا. " والتبست بقلب الناظر " أي
اختلطت به وتمكنت فيه. ويضن أي يبخل. وفى كثير من النسخ " ويضنى " من الضنى
بمعنى المرض ولعله تصحيف.
(6) " يجتويها " أي يكره المقام بها واجتوى البلد: كره المقام به، فالخوف من الله
سبحانه أو القيامة.
515

ما بحضرتكم (1) ولا تطلبوا منها أكثر من القليل، ولا تسألوا منها فوق الكفاف،
وارضوا منها باليسير، ولا تمدن أعينكم منها إلى ما متع المترفون به (2) واستهينوا
بها، ولا توطنوها، وأضروا بأنفسكم فيها (3) وإياكم والتنعم والتهلى والفاكهات (4)
فإن في ذلك غفلة واغترار، ألا إن الدنيا قد تنكرت وأدبرت واحلولت (5) وآذنت
بوداع، ألا وإن الآخرة قد رحلت فأقبلت وأشرفت وآذنت باطلاع (6) ألا وإن
المضمار اليوم والسباق غدا، ألا وإن السبقة الجنة والغاية النار (7) ألا فلا تائب

(1) أي بالأعمال الصالحة أي كونوا بحيث إذا ارتحلتم يكون معكم أحسن الأعمال،
وقوله عليه السلام " يرحمكم الله " جملة دعائية معترضة.
(2) المترف - بفتح الراء - المتنعم الموسع في ملاذ الدنيا وشهواتها. (الوافي)
(3) في الصحاح: أضر بي فلان أي دنا منى دنوا شديدا فمعنى " أضروا بأنفسكم "
ادنوا منها دنوا شديدا والتفتوا إليها التفاتا عظيما لئلا يصدر عنها ما كان فيه هلاككم. (مراد)
(4) الفكاهة - بالضم -: المزاح.
(5) احلولت افعيعال من الحلول أي انقضت، والايذان الاعلام والمراد سرعة تصرف
الدنيا وتطرق النقص والفناء إلى متاعها. والوداع بالكسر أو بفتح الواو اسم من التوديع.
(6) في الصحاح: رحلت البعير أرحله رحلا إذا شددت على ظهره الرحل، وفيه رحل فلان وارتحل وترحل بمعنى، والاسم الرحيل. ورحيل الآخرة استعارة من رحل الركب الذين
يصلون عن قريب (مراد) والاطلاع الاشراف من مكان عال، والمقبل إلى الانحدار أحرى
بالوصول.
(7) المضمار: مدة تضمير الفرس وموضعه أيضا وهو أن تعلفه حتى يسمن ثم ترده
إلى القوت وذلك في أربعين يوما، والسباق: المسابقة جمعا للسبقة بالضم أي الذي
يسبق إليه كما توهم. والسبقة - بضم السين وسكون الموحدة - الخطر أي المال يوضع
بين أهل السباق. وقوله " والغاية النار " أي منتهى سعى العصاة إليها.
وقال السيد الرضى - رحمه الله - في قوله عليه السلام " ان السبقة الجنة والغاية النار ":
خالف بين اللفظين لاختلاف المعنيين، ولم يقل: السبقة النار كما قال " السبقة الجنة " لان
الاستباق إنما يكون إلى أمر محبوب وغرض مطلوب وهذه صفة الجنة وليس هذا المعنى
موجودا في النار - نعوذ بالله منها - فلم يجز أن يقول والسبقة النار بل قال: والغاية النار،
لان الغاية ينتهى إليها من لا يسره الانتهاء، ومن يسره ذلك فصلح أن يعبر بها عن الامرين
معا فهي في هذا الموضع كالمصير والمال قال الله تعالى: " قل تمتعوا فان مصيركم إلى النار "
516

من خطيئته قبل يوم منيته (1)، ألا عامل لنفسه قبل يوم بؤسه وفقره (2) جعلنا الله
وإياكم ممن يخافه ويرجو ثوابه.
ألا وإن هذا اليوم يوم جعله الله لكم عيدا، وجعلكم له أهلا، فاذكروا الله
يذكركم، وادعوه يستجب لكم، وأدوا فطرتكم، فإنها سنة نبيكم وفريضة واجبة
من ربكم، فليؤدها كل امرئ منكم عنه وعن عياله كلهم ذكرهم وأنثاهم، صغيرهم
وكبيرهم، وحرهم ومملوكهم، عن كل إنسان منهم صاعا من بر أو صاعا من تمر، أو
صاعا من شعير، وأطيعوا الله فيما فرض الله عليكم وأمركم به من إقام الصلاة، وإيتاء
الزكاة، وحج البيت، وصوم شهر رمضان، والامر بالمعروف، والنهي عن المنكر،
والاحسان إلى نسائكم وما ملكت أيمانكم، وأطيعوا الله فيما نهاكم عنه من قذف
المحصنة، وإتيان الفاحشة، وشرب الخمر، وبخس المكيال، ونقص الميزان، وشهادة
الزور، والفرار من الزحف، عصمنا الله وإياكم بالتقوى، وجعل الآخرة خيرا لنا
ولكم من الأولى، إن أحسن الحديث وأبلغ موعظه المتقين كتاب الله العزيز
الحكيم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، " بسم الله الرحمن الرحيم، قل هو الله أحد
الله الصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفوا أحد ".
ثم يجلس جلسة كجلسة العجلان، ثم يقوم بالخطبة التي كتبناها (3) في آخر
خطبة يوم الجمعة بعد جلوسه وقيامه.
1483 - وخطب أمير المؤمنين عليه السلام في عيد الأضحى فقال: " الله أكبر، الله أكبر
لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، وله الشكر فيما

(1) في الصحاح المنية الموت لأنها مقدرة.
(2) البؤس: الحاجة وشدتها.
(3) في بعض النسخ " ذكرناها " راجع ص 432.
517

أولانا (1) والحمد لله على ما رزقنا من بهيمة الأنعام ".
1484 - وكان علي عليه السلام يبدأ بالتكبير إذا صلى الظهر من يوم النحر، وكان
يقطع التكبير آخر أيام التشريق عند الغداة (2)، وكان يكبر في دبر كل صلاة فيقول
" الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد " فإذا انتهى
إلى المصلى تقدم فصلى بالناس بغير أذان ولا إقامة، فإذا فرغ من الصلاة صعد المنبر،
ثم بدأ فقال: " الله أكبر، الله أكبر الله أكبر زنة عرشه ورضى نفسه وعدد قطر سمائه (3)
وبحاره، له الأسماء الحسنى، والحمد لله حتى يرضى، وهو العزيز الغفور، الله
أكبر كبيرا متكبرا، وإلها متعززا، ورحيما متحننا (4) يعفو بعد القدرة، ولا
يقنط من رحمته إلا الضالون، الله أكبر كبيرا، ولا إله إلا الله كثيرا، وسبحان الله حنانا
قديرا، والحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونشهد أن لا إله إلا هو،
وأن محمدا عبده ورسوله، من يطع الله ورسوله فقد اهتدى، وفاز فوزا عظيما، ومن يعص
الله ورسوله فقد ضل ضلالا بعيدا، وخسر خسرانا مبينا.
أوصيكم عباد الله بتقوى الله وكثرة ذكر الموت والزهر في الدنيا التي لم يتمتع
بها من كان فيها قبلكم، ولن تبقى الأحد من بعدكم، وسبيلكم فيها سبيل الماضين
ألا ترون أنها قد تصرمت وآذنت بانقضاء، وتنكر معروفها، وأدبرت حذاء فهي (5)

(1) في بعض النسخ " على ما أبلانا " وفى الصحاح بلاه الله بلاء وأبلاه ابلاء حسنا
وابتلاه أي اختبره.
(2) كان عليه السلام يكبر عقيب خمس عشرة صلوات إن كان بمنى أولها عقيب الظهر يوم
العيد وآخرها الصبح في اليوم الثالث من أيام التشريق، وفى غير منى يكبر عقيب عشر
صلوات يكون آخرها صبح ثاني أيام التشريق. (م ت)
(3) في بعض النسخ " سماواته ".
(4) أي ذو الرحمة أو وصف ذاته بها. (م ت)
(5) الصرام: القطع وتصرمت الدنيا أي خرجت، وآذنت أي أعلمت عن حالها بانقضاء
وتنكر أي صار منكرا وهو ضد المعروف الذي يعرفه الناس ويحسنونه، أو تغير معروفها وما
يأنس به كل أحد. وأدبرت حذاء بالحاء المهملة والذال المعجمة - أي أدبرت سريعة. وفى
بعض النسخ بالجيم وهو تصحيف، وفى نهج البلاغة " فهي تحفز بالفناء سكانها، وتحدو بالموت
جيرانها " والحفز بالرمح: الطعن به.
518

تخبر بالفناء، وساكنها يحدى بالموت (1) فقد أمر منها ما كان حلوا، وكدر منها ما كان
صفوا، فلم يبق منها إلا سلمة كسلمة الإداوة (2)، وجرعة كجرعة الاناء (3)، يتمززها
الصديان لم تنفع غلته، فأزمعوا عباد الله بالرحيل من هذه الدار (4) المقدور على أهلها
الزوال، الممنوع أهلها من الحياة، المذللة أنفسهم بالموت فلا حي يطمع في البقاء ولا نفس
إلا مذعنة بالمنون، فلا يغلبنكم الامل، ولا يطل عليكم الأمد، ولا تغتروا فيها بالآمال
وتعبدوا الله أيام الحياة، فوالله لو حننتم حنين الواله العجلان (5) ودعوتهم بمثل دعاء الأنام
وجأرتم جؤار متبتل الرهبان (6)، وخرجتم إلى الله من الأموال والأولاد التماس القربة

(1) " يحدى " على صيغة المجهول، ولعل الباء بمعنى " إلى " أو لفظة " إلى " مقدرة في
نظم الكلام (مراد) وفى الصحاح الحدو - كفلس -: سوق الإبل والغناء لها، وقد
حدوت الإبل حدوا وحداء - بضم الأخير -.
(2) السملة - محركة -: القليل من الماء يبقى من الاناء. والإداوة - بكسر
الهمزة -: المطهرة واناء صغير من جلد يتطهر به ويشرب.
(3) في النهج " كجرعة المقلة " - بفتح الميم - وهي حصاة القسم توضع في الاناء إذا
عدموا الماء في السفر ثم يصب الماء عليه حتى يغمر الحصاة فيعطى كل أحد سهمه.
(4) التمزز: تمصمص الماء قليلا قليلا، والمزة: المصة، والصدى: العطش، وقد
صدى يصدى صدى فهو صد، وصاد، وصديان، ونقع الماء العطش نقعا ونقوعا أي سكته - بشد
الكاف -. والغلة والغل شدة العطش وحرارته. وأزمعوا أي أجمعوا، وفى بعض النسخ
" فأجمعوا ".
(5) كذا في جميع النسخ ولعل الصواب " الوله العجال " بضم الواو وكسر العين -
كما في النهج - والعجال: كل أنثى فقدت ولدها فيه واله ووالهة والعجول من الإبل التي
فقدت ولدها.
(6) وجأر - كمنع - جأرا وجؤارا - كصراخ -: تضرع واستغاث رافعا صوته بالدعاء.
والمتبتل: المنقطع للعبادة أو عن النساء أو عن الدنيا، أي لو تضرعتم إلى الله كهؤلاء
بأرفع أصواتكم كما يعل الراهب المتبتل - لكان كذا وكذا.
519

إليه في ارتفاع درجة عنده أو غفران سيئة أحصتها كتبته وحفظتها رسله (1) لكان قليلا
فيما أرجو لكم من ثوابه وأتخوف عليكم من أليم عقابه، وبالله لو انماثت (2) قلوبكم انمياثا
وسالت عيونكم من رغبة إليه ورهبة منه دما، ثم عمرتم في الدنيا ما كانت الدنيا باقية
ما جزت أعمالكم ولو لم تبقوا شيئا من جهدكم لنعمه العظام عليكم وهداه إياكم إلى
الايمان ما كنتم لتستحقوا أبد الدهر ما الدهر قائم بأعمالكم جنته ولا رحمته (3)،
ولكن برحمته ترحمون وبهداه تهتدون، وبهما إلى جنته تصيرون، جعلنا الله وإياكم
من التائبين العابدين.
وإن هذا يوم حرمته عظيمة وبركته مأمولة، والمغفرة فيه مرجوة، فأكثروا
ذكر الله تعالى واستغفره وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم، ومن ضحى منكم
بجذع من المعز (4) فإنه لا يجزي عنه، والجذع من الضأن يجزي.
ومن تمام الأضحية استشراف عينها وأذنها (5) وإذا سلمت العين والاذن

(1) المراد بالرسل هنا الملائكة الموكلون باعمال العباد.
(2) انماث الملح في الماء انمياثا أي ذاب.
(3) " ما جزت أعمالكم " بالرفع على الفاعلية أي التي ذكرت من أعمالكم لا تجزى لما
عليكم من النعم العظام حذف المجزى بقرينة ذكره عن قريب. وقوله " لنعمه العظام - الخ " أي
لجزاء تلك النعم، وقوله عليه السلام " ما كنتم لتستحقوا " جزاء " لو لم تبقوا " فليست " لو " هذه
وصلية. وقوله " بأعمالكم " متعلق بقوله " لتستحقوا "، و " ما " في قوله " ما الدهر قائم " مثلها
في ما دام. (مراد)
(4) الجذع قبل الثنى والجمع جذعان وجذاع والأنثى جذعة والجمع جذعات، تقول
منه لولد الشاة في السنة الثانية، ولولد البقر والحافر في السنة الثالثة، وللابل في السنة الخامسة
أجذع وقد قيل في ولد النعجة انه يجذع في ستة أشهر أو تسعة أشهر وذلك جائز في الأضحية
(كذا في الصحاح) واما الذي ذهب إليه الفقهاء فالمشهور أن المعز يجزى إذا دخل في الثالثة
والضأن إذا دخل في الثانية. يعنى تم له سنة كاملة.
(5) الأضحية الشاة التي طلب الشارع ذبحها بعد شروق الشمس من عيد الأضحى
واستشراف الاذن تفقدها حتى لا يكون مجدوعة أو مشقوقة. وقد يراد من استشراق الاذن
طولها وانتصابها، فيراد بذلك سلامتها من العيب، العضباء: المكسورة القرن، والمنسك:
المذبح. أقول: من قوله عليه السلام: " ومن تمام الأضحية - إلى هنا " منقول في النهج بدون
قوله: " فلا تجزى " وقد سقط من النهج.
520

تمت الأضحية، وإن أنت عضباء القرن أو تجر برجليها إلى المنسك فلا
تجزي (1).
وإذا ضحيتم فكلوا وأطعموا واهدوا واحمدوا الله على ما رزقكم من بهيمة الأنعام
وأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة وأحسنوا العبادة، وأقيموا الشهادة وارغبوا فيما كتب
عليكم وفرض من الجهاد والحج والصيام، فإن ثواب ذلك عظيم لا ينفد، وتركه
وبال لا يبيد (2)، وأمروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، وأخيفوا الظالم، وانصروا
المظلوم، وخذوا على يد المريب (3) وأحسنوا إلى النساء وما ملكت أيمانكم، واصدقوا
الحديث، وأدوا الأمانة، وكونوا قوامين بالحق، ولا تغرنكم الحياة الدنيا ولا
يغرنكم بالله الغرور، إن أحسن الحديث ذكر الله، وأبلغ موعظة المتقين كتاب الله
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد. الله الصمد.
لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفوا أحد ".
ويقرأ قل يا أيها الكافرون إلى آخرها أو ألهاكم التكاثر إلى آخرها أو
والعصر، وكان مما يدوم عليه قل هو الله أحد، فكان إذا قرأ إحدى هذه السور جلس
جلسة كجلسة العجلان، ثم ينهض، وهو عليه السلام كان أول من حفظ عليه الجلسة بين

(2) قال الجوهري: نفد الشئ - بسكر الفاء -: نفادا: فنى، وباد الشئ يبيد بيدا
وبيودا: هلك.
(3) أي الذي يوقع الانسان في الريب بذكر الشبه والأباطيل والقصص التي يوجب
التردد في الاعتقاد، والكلام تمثيل فيه تشبيه حال المريب المفسد للاعتقاد بحال من بيده
سيف أو نحوه يريد افساد والأموال، ويمكن أن يكون من الريب بمعنى الحاجة أي
يحوج الانسان بغصب أمواله من الاضرار (مراد) أقوله: في اللغة أخذ على يده أي منعه عما يريد فعله، فالمناسب بقرينة الفقرات السابقة المعنى الأول.
521

الخطبتين (1) ثم يخطب بالخطبة التي كتبناها بعد الجمعة.
1485 - وفي العلل التي تروى عن الفضل بن شاذان النيسابوري رضي الله عنه
ويذكر أنه سمعها من الرضا عليه السلام أنه " إنما جعل يوم الفطر العيد ليكون
للمسلمين مجتمعا يجتمعون فيه، ويبرزون لله عز وجل، فيمجدونه على ما من عليهم،
فيكون يوم عيد، ويوم اجتماع، ويوم فطر، ويوم زكاة، ويوم رغبة، ويوم تضرع، ولأنه
أول يوم من السنة يحل فيه الأكل والشرب لان أول شهور السنة عند أهل الحق
شهر رمضان فأحب الله عز وجل أن يكون لهم في ذلك مجمع يحمدونه فيه ويقدسونه
وإنما جعل التكبير فيها أكثر منه في غيرها من الصلاة لان التكبير إنما هو تعظيم
لله وتمجيد على ما هدى وعافا كما قال الله عز وجل: " ولتكبروا الله على ما هداكم
لعلكم تشكرون " وإنما جعل فيها اثنتا عشرة تكبيرة لأنه يكون في [كل] ركعتين اثنتا
عشرة تكبيرة (2)، وجعل سبع في الأولى وخمس في الثانية ولم يسو بينهما لان
السنة في الصلاة الفريضة أن تستفتح بسبع تكبيرات فلذلك بدأ ههنا بسبع تكبيرات،
وجعل في الثانية خمس تكبيرات لان التحريم من التكبير في اليوم والليلة (3) خمس
تكبيرات وليكون التكبير في الركعتين جميعا وترا وترا.
1486 - وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال " في صلاة العيدين
إذا كان القوم خمسة أو سبعة فإنهم يجمعون الصلاة (4) كما يصنعون يوم الجمعة،

(1) أي كانت الجلسة محفوظة عليه لم ينفك عنه عليه السلام قط بعد رسول الله صلى الله عليه وآله
بخلاف من كان قبله من الخلفاء فإنه قد يقع منه تلك الجلسة وقد لا يقع. (مراد)
(2) لان في كل ركعة تكبيرة للركوع وأربع تكبيرات للسجدتين لكل سجدة تكبيرتان
في الركعة الأولى تكبيرة الافتتاح وفى الثانية تكبيرة القنوت. (مراد)
(3) أي من جملة جنس التكبيرة تكبيرة الاحرام خمس، لكل صلاة من الصلوات الخمس
واحدة. (مراد)
(4) من التجميع أي يصلونها جماعة. وقوله " كما يصنعونها يوم الجمعة " ظاهره يفيد
اعتبار جميع شرائط الجمعة فيها الا ما أخرجه الدليل. (مراد)
522

وقال: يقنت في الركعة الثانية، قال: قلت: يجوز بغير عمامة؟ قال: نعم والعمامة
أحب إلي ".
1487 - وروى أبو الصباح الكناني (1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته
عن التكبير في العيدين، فقال: اثنتا عشرة سبع في الأولى وخمس في الأخرى فإذا
قمت إلى الصلاة فكبر واحدة، ثم تقول: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم أنت أهل الكبرياء والعظمة، وأهل الجود
والجبروت، والقدرة والسلطان والعزة أسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين
عيدا، ولمحمد صلواتك عليه وآله ذخرا ومزيدا أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن
تصلي على ملائكتك المقربين وأنبيائك المرسلين، وأن تغفر لنا ولجميع المؤمنين
والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والأموات، اللهم إني أسألك من
خير ما سألك به عبادك المرسلون، وأعوذ بك من شهر ما عاذ منه عبادك المخلصون.
الله أكبر أول كل شئ وآخره، وبديع كل شئ ومنتهاه، وعالم بكل شئ ومعاده،
ومصير كل شئ إليه ومرده، ومدبر الأمور، وباعث من في القبور، قابل الأعمال
مبدئ الخفيات، معلن السرائر. الله أكبر عظيم الملكوت، شديد الجبروت، حي لا يموت
دائم لا يزول إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون. الله أكبر خشعت لك الأصوات
وعنت لك الوجوه، وحارت دونك الابصار، وكلت الألسن عن عظمتك، والنواصي
كلها بيدك، ومقادير الأمور كلها إليك، لا يقضي فيها غيرك، ولا يتم منها شئ
دونك. الله أكبر أحاط بكل شئ حفظك وقهر كل شئ عزك، ونفذ كل شئ أمرك
وقام كل شئ بك، وتواضع كل شئ لعظمتك، وذل كل شئ لعزتك، واستسلم
كل شئ لقدرتك، وخضع كل شئ لملكتك. الله أكبر وتقرأ الحمد والشمس وضحيها
وتركع بالسابعة، وتقول في الثانية: الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم أنت أهل الكبرياء والعظمة، تتمه كله كما قلت أول

(1) هذا الخبر تقديم آنفا تحت رقم 1481 برواية محمد بن الفضل عن أبي الصباح.
523

التكبير، يكون هذا القول في كل تكبيرة حتى تتم خمس تكبيرات ".
والخطبة في العيدين بعد الصلاة.
باب
* (صلاة الاستسقاء) *
1488 - روى عبد الرحمن بن كثير عن الصادق عليه السلام أنه قال: " إذا فشت
أربعة ظهرت أربعة: إذا فشى الزنا ظهرت الزلازل، وإذا أمسكت الزكاة هلكت
الماشية، وإذا جار الحكام في القضاء أمسك القطر من السماء، وإذا خفرت الذمة (1)
نصر المشركون على المسلمين ".
1489 - وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " إذا غضب الله تعالى على
أمة ثم لم ينزل بها العذاب غلت أسعارها، وقصرت أعمارها، ولم يربح تجارها، ولم
تزك ثمارها، ولم تغزر أنهارها (2) وحبس عنها أمطارها، وسلط عليها أشرارها ".
1490 - وروى حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال " إن سليمان
ابن داود عليه السلام خرج ذات يوم من أصحابه ليستسقي فوجد نملة قد رفعت قائمة من
قوائمها إلى السماء وهي تقول: " اللهم إنا خلق من خلقك لا غنى بنا عن رزقك فلا
تهلكنا بذنوب بني آدم " فقال سليمان عليه السلام لأصحابه: ارجعوا فقد سقيتم بغيركم " (3).
1491 - وروى حفص بن البختري عنه عليه السلام أنه قال: " إن الله تبارك وتعالى و

(1) خفرت بالرجل أخفر من باب ضرب: غدرت به، وأخفرته بالألف: نقضت
عهده. (المصباح)
(2) زكا الزرع يزكو زكاء - ممدود - أي نما، وأزكاه الله. (الصحاح) وغزر الماء -
بتقديم الزاء المعجمة المضمومة على المهملة - كثر فهو غزير، وقناة غزيرة أي كثيرة
الماء. (المصباح)
(3) يشعر بعدم الاغترار باستجابة الدعاء لو وقعت فإنها ربما كانت بسبب دعاء
الحيوانات. (م ت)
524

تعالى إذا أراد أن ينفع بالمطر أمر السحاب فأخذ الماء من تحت العرش، وإذا لم يرد
النبات أمر السحاب فأخذ الماء من البحر، قيل: إن ماء البحر مالح، قال: إن السحاب
يعذبه ".
1492 - وروى سعدان عنه عليه السلام أنه قال: " ما من قطرة تنزل من السماء إلا
ومعها ملك يضعها الموضع الذي قدرت له ".
1493 - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " ما أتى على أهل الدنيا يوم واحد منذ خلقها
الله عز وجل إلا والسماء فيها تمطر فيجعل الله عز وجل ذلك حيث يشاء ".
1494 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ما خرجت ريح قط إلا بمكيال (1) إلا زمن
عاد فإنها عتت على خزانها فخرجت في مثل خرق الإبرة فأهلكت قوم عاد (2) وما نزل مطر قط إلا بوزن إلا زمن نوح عليه السلام فإنه عتا على خزانه فخرج في مثل خرق الإبرة
فأغرق الله به قوم نوح عليه السلام " (3).
1495 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " السحاب غربال المطر، لولا ذلك لافسد
كل شئ وقع عليه " (4).
1496 - وسأل أبو بصير أبا عبد الله عليه السلام " عن الرعد أي شئ يقول؟ قال:
إنه بمنزلة الرجل يكون في الإبل فيجرها هاي هاي كهيئة ذلك، قال: قلت: جعلت
فداك فما حال البرق؟ فقال: تلك مخاريق الملائكة تضرب السحاب (5) فيسوقه إلى

(1) أي بمقدار صالح لأهل الأرض.
(2) قال الفاضل التفرشي: شبه الريح بما حبس في مكان وله خزان يمنعونه الخروج
عن ذلك المكان فيؤمر عمن ينفذ أمره فيه بالخروج وهو لا يجد منفذا الا مثل خرق الإبرة
فيخرج منها بشدة، وكذا الكلام في عتو الماء على خزانه.
(3) في بعض النسخ " فأغرق الله فيه قوم نوح ".
(4) رواه الحميري في قرب الإسناد ص 84 مسندا.
(5) في النهاية: في حديث على " البرق مخاريق الملائكة " هي جمع مخراق، و
هو في الأصل ثوب يلق ويضرب به الصبيان بعضهم بعضا، أراد أنه آلة تزجر بها الملائكة
السحاب وتسوقه، ويفسره حديث ابن عباس " البرق من نور تزجر به الملائكة السحاب ".
525

الموضع الذي قضى الله عز وجل فيه المطر ".
1497 - وقال عليه السلام: " الرعد صوت الملك، والبرق سوطه ".
1498 - وروي " أن الرعد صوت ملك أكبر من الذباب وأصغر من الزنبور
فينبغي لمن سمع صوت الرعد أن يقول: سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة
من خيفته ".
1499 - وقال الصادق عليه السلام: " جاء أصحاب فرعون إلى فرعون فقالوا له:
غار ماء النيل وفيه هلاكنا، فقال: انصرفوا اليوم فلما كان من الليل توسط النيل
ورفع يديه إلى السماء وقال: " اللهم إنك تعلم أني أعلم أنه لا يقدر على أن يجئ
بالماء إلا أنت فجئنا به " فأصبح النيل يتدفق " (1).
ولا يستسقى إلا بالبراري حيث ينظر إلى السماء ولا يستسقى في شئ من
المساجد إلا بمكة (2).
وإذا أحببت أن تصلي صلاة الاستسقاء فليكن اليوم الذي تصلي فيه الاثنين (3)،
ثم تخرج كما تخرج يوم العيد يمشي المؤذنون بين يديك حتى تنتهي إلى المصلى
فتصلي بالناس ركعتين بغير أذان ولا إقامة ثم تصعد المنبر وتخطب وتقلب رداءك
الذي على يمينك على يسارك، والذي على يسارك على يمينك، ثم تستقبل القبلة
فتكبر الله مائة تكبيرة رافعا بها صوتك، ثم تلتفت إلى يمينك فتسبح الله مائة مرة

(1) الدفق: الصب ومنه ماء دافق. وتدفق انصب بشدة، أي يضرب من جانب إلى
جانب. ثم اعلم أنه لا استبعاد في استجابة دعاء الكافر لأنه سبحانه وتعالى وعد إجابة الداع في الدنيا
إذا دعاه، مؤمنا كان أو كافرا، وقال عز من قائل " فانى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا
لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ".
(2) كما ى رواية وهب بن وهب أبى البختري الضعيف عن الصادق عليه السلام في التهذيب ج 1
ص 297 وقرب الإسناد ص 64.
(3) كما في رواية مرة مولى خالد بن عبد الله القسري عن أبي عبد الله عليه السلام في الكافي
ج 3 ص 462.
526

رافعا بها صوتك، ثم تلتفت إلى يسارك فتهلل الله مائة مرة رافعا بها صوتك، ثم تستقبل
الناس بوجهك فتحمد الله مائة مرة رافعا بها صوتك، ثم ترفع يديك فتدعو ويدعو
الناس ويرفعون أصواتهم، فإن الله عز وجل لا يخيبكم إن شاء الله تعالى (1).
1500 - و " كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا استسقى قال: " اللهم اسق عبادك وبهائمك
وانشر رحمتك وأحي بلادك الميتة يرددها ثلاث مرات ".
1501 - وخطب أمير المؤمنين عليه السلام في الاستسقاء فقال: " الحمد لله سابغ النعم
ومفرج الهم وبارئ النسم، الذي جعل السماوات لكرسيه عمادا (2) والجبال للأرض
أوتادا، والأرض للعباد مهادا (3) وملائكته على أرجائها، وحمله العرش على أمطائها (4)
وأقام بعزته أركان العرش، وأشرق بضوئه شعاع الشمس، وأجبأ بشعاعه ظلمة الغطش (5)

(1) مأخوذ كله من رواية عبد الله بن بكير ومرة عن الصادق عليه السلام في التهذيب
ج 1 ص 297. وقوله: " لا يخيبكم " من خاب يخيب يخيب خيبة أي لم يظفر بما طلب.
(2) قوله " سابغ النعم " أي ذي النعم السابغة الكاملة، وقله: " بارئ النسم " النسم
- بالتحريك - جمع نسمة وهي الانسان أي خالقه. والعماد ما يعتمد عليه.
(3) الأوتاد جمع وتد - بكسر التاء المثناة من فوق - وهو مازر في الحائط أو الأرض
من حشي ونحوه، وامنا جعلت الجبال للأرض أوتادا لئلا تميد بأهلها إذ لولا الصخور والجبال
والأحجار الصلبة (واشتباك الجبال في باطن الأرض على قوله)
ولم يكن القشر الظاهر من
الأرض متصلبا مستحكما لدامت فيها الزلازل والخسف لان باطن الأرض سيال مايع حار تتولد
فيه الأدخنة والأبخرة فتدفع القشر دائما وإذا تكسر جانب منه تغمس في المايع السيال
لو كان القشر رخوا خفيفا لم يكن فيه صخر وجبل (كذا في هامش الوافي). والمهاد:
الفراش.
(4) الارجاء الأطراف والجوانب والنواحي. والامطاء جمع مطا وهو الظهر والضمير
في أرجائها وأمطائها راجع إلى السماوات والأرض، وفى أكثر نسخ مصباح المتهجد على
المحكى " وحمل عرشه على أمطائها " فالضمير راجع إلى الملائكة: وقيل: لعل الضمير راجع
إلى السماوات.
(5) في القاموس: أجبا الشئ: واراه وعلى القوم أشرف. والباء في " بشعاعه "
للتعدية والضمير المذكر راجع إلى العرش ويحتمل ارجاعه إليه تعالى أو إلى الشمس بتأويل
النجم. والغطش: الليل المظلم. والعل المعنى جعل شعاعه مشرقا ومستوليا ومستعليا على
ظلمة الغطش. وفى بعض النسخ " أخبأ " وفى بعضها أحيا " وفى التهذيب والمصباح
" أطفأ ".
527

وفجر الأرض عيونا، والقمر نورا، والنجوم بهورا، ثم علا فتمكن، وخلق فأتقن
وأقام فتهيمن (1) فخله نخوة المتكبر (2) وطلبت إليه خلة المتمسكن (3) اللهم
فبدرجتك الرفيعة، ومحلتك المنيعة، وفضلك السابغ، وسبيل الواسع (4)، أسألك
أن تصلي على محمد وآل محمد كما دان لك (5)، ودعا إلى عبادتك، ووفى بعهدك (6) وأنفذ
أحكامك، واتبع أعلامك، عبدك ونبيك وأمينك على عهدك إلى عبادك، القائم

(1) لعل البهور جمع باهر أي الغالب - كقعود وقاعد -. و " ثم " في قوله " ثم علا "
للترقي في الرتبة (مراد) وقال العلامة المجلسي - رحمه الله -: لعل المعنى أن نهاية علوه و
تجرده وتنزهه صار سببا لتمكنه في خلق ما يريد وتسلطه على من سواه وقال والدي العلامة
ثم علا على عرش العظمة والجلال فتمكن بالخلق والتدبير، أو أنه مع ايجاد تلك الأشياء و
تربيتها لم ينقص من عظمته وجلالته شيئا ولم يزد عليهما شئ و " أقام " كل شئ في مرتبته و
مقامه " فتهيمن " فصار رقيبا وحافظا لها - انتهى. والتهيمن: الارتقاب والحفظ.
(2) في بعض النسخ " نخوة المستكبر " وفى بعضها " بجرة المتكبر " والبجرة:
الوجه والعنق. والنخوة الحماسة والعظمة والتبختر.
(3) الخلة: الحاجة والفقر والخصاصة، وفى بعض النسخ " خلة المتمكن " والمسكين
من لا شئ له والضعيف الذليل وتمسكن: صار مسكينا.
(4) " فبدرجتك الرفيعة " أي بعلو ذاتك وصفاتك. " ومحلتك المنيعة " أي بجلالتك
وعظمتك المانعة من أن يصل إليها أحد أو يدركها عقول الخلائق وأفهامهم، " وفضلك السابغ "
أي الكامل. وفى بعض النسخ " وفضلك البالغ " أي حد الكمال. " وسبيلك الواسع " أي
طريقتك وعادتك في الجود الافصال الشامل للبر والفاجر أو الطريق البين الذي فتحته
لعبادك إلى معرفتك والعلم بشرايعك وأحكامك. وفى بعض النسخ " سيبك الواسع " ولعل
هو الأصوب والسيب العطاء.
(5) أي أطاعك أو تذلل لك.
(6) في المصباح " وفى بعهودك " أي التي عاهدته عليها من العبادات وتبليغ الرسالات
كما في البحار.
528

بأحكامك، ومؤيد من أطاعك، وقاطع عذر من عصاك، اللهم فاجعل محمدا أجزل من
جعلت له نصيبا من رحمتك، وأنضر من أشرق وجهه بسجال عطيتك (1) وأقرب الأنبياء
زلفة يوم القيامة عندك، وأوفرهم حظا من رضوانك، وأكثرهم صفوف أمة في جنانك
كما لم يسجد للأحجار، ولم يعتكف للأشجار، ولم يستحل السباء (2) ولم يشرب
الدماء، اللهم خرجنا إليك حين أجأتنا المضائق الوعرة، وألجأتنا المحابس العسرة (3)
وعضتنا [الصعبة] علائق الشين، وتأثلت علينا لواحق المين (4) واعتكرت علينا حدابير
السنين وأخلفتنا مخائل الجود (5) واستظمأنا لصوارخ العود، فكنت رجاء المبتئس

(1) " أجزل " أي أكمل وأعظم من حيث النصيب من رحمتك العظمى. و " أنضر "
أي أحسن وأبهى. " أشرق وجهه " أضاء. والحال جمع السجل وهو الدلو العظيم
المملوء.
(2) السباء - بالكسر -: الخمر أو شراؤها أو حمل من بلد إلى بلد والكل
محتمل والأول أظهر.
(3) " أجأتنا " في الصحاح أجأته إلى كذا ألجأته واضطررته إليه. وفى المصباح
والتهذيب " فاجأتنا " أي وردت علينا فجأة أي بغته من غير أن يشعر بها. والوعرة - بكسر
العين - الصعبة، والمضائق جمع مضيق وهو ما ضاق من الأماكن والأمور. والحبس: المنع
كالمحبس (القاموس) والعسرة: الضيقة أي الشدائد التي صعب علينا الصبر عليها.
(4) عضه عضا: أمسكه بأسنانه، وعضه الزمان: اشتد عليه. والصعبة: الشديدة
ونقيض الذلول وليست في بعض النسخ وعلى تقديرها فعلائق الشين بدل عنها. والعلائق جمع
العلاقة وهي ما يتعلق بالشئ أو يعلق الشئ به. والشين العيب خلاف الزين. و " تأثلت "
أي استحكمت وتأصلت وعظمت. والمين: الكذب والافتراء.
(5) الاعتكار: الازدحام والاختلاط وفى النهاية في حديث علي عليه السلام في الاستسقاء
" اللهم انا خرجنا إليك حين اعتكرت علينا حدابير السنن " الحدابير جمع حدبار وهي
الناقة التي بدا عظم ظهرها ونشزت حراقيفها من الهزال، فشبه بها السنين التي يكثر فيها
الجدب والقحط. وأخلفه ما وعده هو أن يقول شيئا ولا يفعله. والمخائل جمع مخيلة وهي
السحابة الخليقة بالمطر أو التي يخال بها المطر. وقال الفيومي: " أخالت السحابة إذا رأيتها
وقد ظهرت فيها دلائل المطر فحسبتها ما طرة، فهي مخيلة - بالضم - اسم فاعل - ومخيلة - بالفتح
اسم مفعول لأنها أحسبتك فحسبتها وهذا كما يقال مرض مخيف - بالضم - اسم فاعل لأنه
أخاف الناس ومخوف - بالفتح - لأنهم خافوه ثم قال: قال الأزهري: أخالت السماء: إذا تغيمت
فهي مخيلة - بالضم - فإذا أرادوا السحابة نفسها قالوا: مخيلة - بالفتح - الخ ". والجود
- بفتح الجيم -: المطر الكثير الدر الواسع.
529

والثقة للملتمس (1) ندعوك حين قنط الأنام، ومنع الغمام، وهلك السوام، يا حي يا قيوم
عدد الشجر والنجوم (2)، والملائكة الصفوف، والعنان المكفوف (3)، أن لا تردنا
خائبين ولا تؤخذنا بأعمالنا ولا تحاصنا بذنوبنا (4)، وانشر علينا رحمتك بالسحاب

(1) الصارخة: الاستغاثة وصوتها. والعود - بفتح العين -: الجمل الكبير والمسن
من الشاء. يعنى صرنا عطاشا لصارخة هؤلاء البهائم، أو صرنا طالبين للعطش أو رضينا به مع
زواله عن البهائم. والمبتئس ذو البأس - وهو الضر وسوء الحال - والكاره الحزين.
(2) الغمام جمع الغمامة وهي السحابة وقيل الغمام السحاب والغمامة أخص منه وهي
السحابة البيضاء. والسوام بتخفيف الميم بمعنى السائمة وهي الإبل الراعية. والقيوم الكثير
القيام بأمور الخلائق أو القائم بذاته الذي يقوم به غيره. " عدد الشجر " قائم مقام المفعول
المطلق لقوله " ندعوك " أي دعاء عدد الشجر، أو نقول الاسمين بهذا العدد و
تستحقها بإزاء كل موجود أحييته أو أقمته، والنجوم جمع النجم وهو ما نجم أي طلع من
الأرض من النبات بغير ساق ويحتمل الكوكب والأول أنسب كما في البحار.
(3) في بعض النسخ " ملائكتك الصفوف " أي القائمين في السماوات صفوفا لا تعد ولا
تحصى. والعنان - بفتح العين -: السحاب. والمكفوف: الممنوع، وقال المولى المجلسي
- رحمه الله -: فيه من حسن الشكاية والطلب ما لا يخفى.
واحتمل العلامة المجلسي - رحمه الله - أن يكون المراد بالمكفوف الممنوع من السقوط
ونقل عن الطيبي أنه قال في شرح المشكاة في الحديث " السماء موج مكفوف " أي ممنوع عن
الاسترسال حفظها الله أن تقع على الأرض وهي معلقة بلا عمد، وقال وفى بعض السنخ " المعكوف "
وهو الممنوع من الذهاب في جهة بالإقامة في مكانه ومنه قوله تعالى " والهدى معكوفا أن
يبلغ محله " أي محبوسا من أن يبلغ منحره.
(4) " تحاصنا " المحاصة المقاسمة بالحصص والمراد المقاصة بالاعمال بأن يسقط حصة
من الثواب لأجل الذنوب أو يجعل لكل ذنب حصة من العقاب (البحار) وفى بعض النسخ
" ولا تخاصمنا " فالمعنى واضح.
530

المتئق، والنبات المونق (1) وامنن على عبادك بتنويع الثمرة (2) وأحي بلادك ببلوغ
الزهرة (3) وأشهد ملائكتك الكرام السفرة، سقيا منك نافعة، دائمة غزرها،
واسعا درها، سحابا وابلا سريعا عاجلا (4) تحيي به ما قد مات، وترد به ما قد فات،
وتخرج به ما هو آت، اللهم اسقنا غيثا مغيثا ممرعا طبقا مجلجلا متتابعا خفوقه (5)
منبجسة بروقه، مرتجسة هموعه، وسيبه مستدر، وصوبه مسبطر (6) لا تجعل ظله

(1) المتئق - كمكرم على بناء اسم الفاعل - من أتأقت الاناء إذا امتلاته. أي الذي
يملأ الغدران والجباب والعيون. والمونق: الحسن المعجب. وفى النسخ " المتأق ".
(2) أي باصلاح أنواعها. وقال في الوافي: لعله أريد بتنويع الثمرة تحريكها للايناع
يقال: نوعته الرياح إذا ضريته وحركته.
(3) الزهرة - بالفتح وقد يحرك -: النبات ونوره - بفتح النون - أو الأصفر منه،
والجمع زهر وأزهار.
(4) " أشهد " أي أحضر. والسفرة: الكتبة ولعل المراد باحضارهم هنا اما لان يكتبوا
تقدير المطر وقدره وموضعه أو لان يبلغوا الرسالة إلى جماعة الملائكة الموكلين بالسحاب
والمطر فقوله " سقيا " أي لسقيا متعلق بأشهد أو بمحذوف. و " غزرها " - بالضم - اما جمع
غزر - بفتح الغين - أو بالفتح بالافراد بتضمين معنى الكثرة. أي دائمة كثرتها. " واسعا
درها " أي مطرها وخيرها. والوابل المطر الشديد الضخم.
(5) " ما هو آت " أي لم يأت أوانه بعد. " غيثا مغيثا " المغيث اما من الإغاثة أو من
الغيث أي الموجب لغيث آخر بعده أو المنبت للكلاء. " ممرعا " أي ذا مرع وكلاء وخصب.
" طبقا " في القاموس الطبق - محركة - من المطر: العام. والمجلجل: الشديد الصوت
أو المتتابع. والخفوق: اضطراب البروق وصوت الرعود.
(6) " منبسجة بروقه " أي ينفجر الماء من بروقه أي يصب الماء عقيب كل برق وفى
القاموس بجسه تبجيسا: فجره فانبجس. " مرتجسة هموعه " أي يكون جريانه ذا صوت ورعد،
في القاموس: رجست السماء وارتجست: رعدت شديدا، وقال: همعت عينه همعا وهموما
أسالت الدمع، وسحاب همع - ككتف -: الماطر. والسيب: العطاء والجرى، مصدر ساب أي
جرى. المستدر: الكثير السيلان أو النفع. والصوب النزول والانصباب. وفى القاموس
في " سبطر ": درت واسبطرت أي امتدت. وفى بعض النسخ وفى التهذيب " مستطر "
بفتح الطاء وتخفيف الراء أي مكتوب مقدر عندك نزوله ولعله تصحيف.
531

علينا سموما، وبرده علينا حسوما (1) وضوءه علينا رجوما، وماءه أجاجا، ونباته رمادا
رمددا (2) اللهم إنا نعوذ بك من الشرك وهواديه، والظلم ودواهيه، والفقر ودواعيه (3)،
يا معطي الخيرات من أماكنها، ومرسل البركات من معادنها، منك الغيث المغيث،
وأنت الغياث المستغاث (4) ونحن الخاطئون وأهل الذنوب وأنت المستغفر الغفار،

(1) الظل من السحاب ما وارى الشمس منه أو سواده. والسموم - بالفتح -: الريح
الحارة. و - بالضم - جمع السم القاتل (القاموس) أي لا تجعل سحابه سببا لعذبنا كما عذب
به أقوام من الأمم الماضية عذاب يوم الظلة قالوا غيما تحته سموم. والحسوم - بالضم - الشوم
أو المتتابع إشارة إلى اهلاك قوم عاد بالريح الباردة كما قال تعالى " فأما عاد فاهلكوا بريح
صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما " قال البيضاوي أي متتابعات جمع
حاسم أو نحسات حسمت كل خير واستأصله أو قاطعات قطعت دابرهم.
(2) " ضوءه علينا رجوما " أي برقه أو صاعقته أو عدم امطاره. وفى الصحيفة السجادية
" صوبه ". والرجم: الرمي بالحجارة والقتل والعيب. " وماءه أجاجا " أي ملحا مرا
ويحتمل أن يكون كناية عن ضرره أو عدم نفعه و " رمادا " بكسر الراء وسكون الميم
وكسر الدال وفتحها معا. وفى بعض النسخ " رمدادا " على وزن فعلال - بالكسر. في
القاموس رمدد - كزبرج ودرهم - ورمديد: كثير دقيق جدا أو هالك.
(3) " هواديه " أي مقدماته من الرياء وسائر المعاصي، في القاموس: الهادي:
المتقدم والعنق والهوادى الجمع، يقال: أقبلت هوادى الخيل إذا بدت أعناقها، ودواهيه
أي ما يلزمه من مصيبات الدنيا وعقوبات الآخرة، وفى القاموس: دواهي الدهر نوائبه
وحدثانه. ودواعي الدهر: صروفه ونوائبه أريد ما يستلزم الفقر من الافعال والنيات.
(4) " من أماكنها " أي من محالها التي قررها الله سبحانه فيها كالمطر من السماء
والبركات زيادات الخيرات. و " معادنها " محالها التي هي مظنة حصولها منها. والغياث
الاسم من الإغاثة والمستغاث الذي يفزع إليه في الشدائد. (البحار)
532

نستغفرك للجمات من ذنوبنا، ونتوب إليك من عوام خطايانا (1)، اللهم فأرسل
علينا ديمة مدرارا، واسقنا الغيث واكفا مغزارا (2)، غيثا واسعا، وبركة من الوابل
نافعة يدافع الودق بالودق، ويتلو القطر منه القطر، غير خلب برقه (3) ولا مكذب
رعده، ولا عاصفة جنائبه بل ريا يغص بالري ربابه، وفاض فانصاع به سحابه (4) و
جرى آثار هيدبه جنابه، سقيا منك محيية مروية، محفلة، مفضلة (5) زاكيا نبتها

(1) " للجمات " أي الكثيرات أو جملتها، ونسخة في جميع النسخ " للجهالات
من ذنوبها ". و " من " للبيان فان كل ذنب تلزمه جهالة بعظمة الرب أو شدائد عقوبات الآخرة
" من عوام خطايانا " أي جميعها أو الشاملة لجميع الخلق أو أكثرهم أو لجميع الجوارح
والأول أظهر. (البحار)
(2) الديمة - بالكسر -: المطر الذي ليس فيه رعد ولا برق يدوم في سكون. وفى
القاموس: در السماء بالمطر ودرورا فهي مدرار، ففي الاسناد هنا مجاز. والواكف:
المتقاطر. والغزار: الكثير.
(3) " نافعة " في بعض النسخ بالقاف أي ثابتة في الأرض ينتفع بها طول السنة.
والودق - بسكون الدال -: المطر. ومدافعة الودق هي أن تكثر المطر بحيث تتلاقى
القطرات في الجو يدفع بعضها بعضا. والخلب - بضم الخاء المعجمة وفتح اللام المشددة -
البرق الذي لا غيث معه كأنه خادع، أو السحاب الذي لا مطر فيه.
(4) الجنائب جمع الجنوب وهي ريح تخالف الشمال مهبوبة من مطلع السهيل إلى
مطلع الثريا، وهي مهلكة مفسدة. والري - بالكسر: الارتواء من الماء. والغص
بالغين المعجمة -: الامتلاء، والغصة: ما اعترض في الحلق. والرباب - بالفتح -: السحاب
الأبيض أو السحاب الذي تراه كأنه دون السحاب قد يكون ابيض وقد يكون أسود والواحد
ربابة (الصحاح) في القاموس انصاع: انفتل راجعا مسرعا. أي عيثا يفيض ويجرى منه
الماء كثيرا ثم يرجع سحابه مسرعا بالفيضان فالضمير في قوله " به " راجع إلى الفيضان
المفهوم من قوله: " فاض " وفى الوافي " ايضاع " بالمعجمة قبل المهملة أي
فانساق.
(5) الهيدب المتدلى أو ذيله يعنى الذي يدنو من الأرض وتراه كأنه خيوط عند انصباب
المطر. والجناب: الفناء والناحية. وفى بعض النسخ " خبابة " بالموحدتين كما في التهذيب
وهو بالفتح معظم الماء. ومحفلة أي مالئا للحياض، وحفل الوادي بالسيل جاء بملء جنبيه
وحفل السماء: اشتد مطرها (القاموس) و " مفضلة " في بعض النسخ " مخضلة " أي مبتلة
وأخضل الشئ بله ونداه.
533

ناميا زرعها، ناضرا عودها، ممرعة آثارها، جارية بالخير والخصب على أهلها، تنعش
بها الضعيف من عبادك (1)، وتحيي بها الميت من بلادك، وتنعم بها المبسوط من رزقك،
وتخرج بها المخزون من رحمتك، وتعم بها من نأى من خلقك، حتى يخصب لا مراعها
المجدبون، ويحيا ببركتها المسنتون، وتترع بالقيعان غدرانها، وتورق ذرى
الأكمام زهراتها، ويدهام بذرى الآكام شجرها (2) وتستحق علينا بعد اليأس شكرا،
منة من مننك مجللة، ونعمة من نعمك مفضلة، على بريتك المرملة، وبلادك المغربة
وبهائمك المعملة، ووحشك المهملة (3). اللهم منك ارتجاؤنا، وإليك مآبنا، فلا تحبسه

(1) الخصب - بالكسر -: كثرة العشب وبلد خصيب ومخصب. وتنعش بها الضعيف أي
تقيمه من صرعته وتنهضه من عثرته وتجبر فقره وضعفه.
(2) المجدبون الذين أصابهم الجدب. والمسنتون - بتقديم النون - الذين أصابتهم
شدة السنة. وتترع أي تملئ من قولهم ترع الاناء - كعلم - يترع ترعا: امتلأ. والقيعان
جمع القاع وهي الأرض المطمئنة السهلة. والغدران - بالضم ثم السكون - جمع الغدير. وذرى
الأكمام رؤوسها وهي جمع الكم - بالكسر - وهو وعاء الطلع وغطاء النور - بالفتح -.
و " يدهام " بشد الميم أي يسود، وروضة مدهام أي شديدة الخضرة المتناهية فيها. والآكام:
الآجام. وفى بعض النسخ " الأكمام ".
(3) " مجللة " بكسر اللام أي عامة، في الصحاح جلل الشئ تجليلا أي عم والمجلل
أي السحاب الذي يجلل الأرض بالمطر أي يعم متصلة. و " مفضلة " اسم مفعول من الافضال
والمرملة الذين أصابتهم الحاجة والمسكنة وهو على صيغة اسم الفاعل. والمغربة - بالغين
المعجمة والراء المهملة من الغروب بمعنى البعد والغيبة. وفى بعض النسخ " المعرنة "
بالعين والراء المهملتين والنون، بفتح الراء أو كسرها بعني البعيدة، وفى بعضها " المعزبة "
- بالعين المهملة والزاي - والعازب: الكلاء البعيد، وفى القاموس أعزب بعد وأبعد. والمعملة
اسم مفعول من الأعمال لان الناس يستعملونها في أعمالهم. والمهملة التي لا راعى لها ولا
صاحب ولا مشفق.
534

عنا لتبطنك سرائرنا (1) ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، فإنك تنزل الغيث من
بعد ما قنطوا وتنشر رحمتك، وأنت الولي الحميد ".
ثم بكى وقال: " سيدي ساخت جبالنا، واغبرت أرضنا، وهامت دوابنا
وقنط الناس منا أو من قنط منهم، وتاهت البهائم وتحيرت في مراتعها، وعجت عجيج
الثكالى على أولادها (2) وملت الدوران في مراتعها، حين حبست عنها قطر السماء،
فدق لذلك عظمها وذهب لحمها، وذاب شحمها، وانقطع درها، اللهم ارحم أنين
الآنة، وحنين الحانة (3) ارحم تحيرها في مراتعها وأنينها في مرابضها ".
1502 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي للاستسقاء ركعتين
ويستسقي وهو قاعد، وقال: بدأ بالصلاة قبل الخطبة وجهر بالقراءة ".
1503 - وسئل الصادق عليه السلام " عن تحويل النبي صلى الله عليه وآله رداءه إذا استسقى،
قال: علامة بينه وبين أصحابه تحول الجدب خصبا (4) ".
1504 - وجاء قوم من أهل الكوفة إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فقالوا له:
" يا أمير المؤمنين ادع لنا بدعوات في الاستسقاء فدعا علي عليه السلام الحسن والحسين

(1) " لتبطنك سرائرنا " أي لعلمك ببواطننا وما نسره فيها.
(2) و " ساخت " أي انخسفت وفى النهج " انصاحت جبالنا " أي صاحت ورفعت أصواتها.
و " هامت " أي عطشت من الهيام بمعنى العطش قال الجوهري " الهيمان " العطشان وقوم هيم أي
عطشان. أو ذهبت على وجوهها لشدة المحل من الهيمان. و " تاهت " أي تحيرت أو ضاعت.
والعجيبج رفع الصوت. والثكل - بالضم - فقد الولد. وفى بعض النسخ " الثكلى ".
(3) الانة - بتشديد النون -: الشاة، والحانة أيضا الناقة، يقال: ماله حانة ولا
آنة أي ماله ناقة ولا شاة والأنين: التأوه. والحنين: الشوق وشدة البكاء. ومرابض الغنم
كمعاطن الإبل وهو مبركها حول الحوض واحدها مربض - بكسر الباء وفتحها -.
(4) أراد بذلك أن تحول الجدب خصبا كما رواه المصنف في العلل ص 122
بسند فيه ارسال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته لأي علة حول رسول الله صلى الله عليه وآله في
صلاة الاستسقاء رداءه الذي على يمينه على يساره والذي على يساره على يمينه قال: أراد
بذلك تحول الجدب خصبا ".
535

عليهما السلام فقال: يا حسن ادع، فقال الحسن عليه السلام: " اللهم هيج لنا السحاب بفتح الأبواب
بماء عباب ورباب (1) بانصباب وانسكاب يا وهاب، واسقنا مطبقة مغدقة مونقة، فتح
أغلاقها وسهل إطلاقها، وعجل سياقها بالأندية في الأودية يا وهاب، بصوت الماء (2) يا فعال اسقنا مطرا قطرا، طلا مطلا، طبقا مطبقا، عاما معما، رهما بهما رحما (3)

(1) " بفتح الأبواب " أي أبواب رحمتك أو أبواب سمائك. وفى القاموس: العباب
- كغراب -. معظم السيل وارتفاعه وكثرة أمواجه. وفى النهاية. الربابة - بالفتح -:
السحابة التي يركب بعضها بعضا.
(2) الانسكاب: الانصباب. والتطبيق: تعميم الغيم بمطرة وتغشيته الجو وتغشية الماء
وجه الأرض. وأغدق المطر: كثر قطره. والاغلاق جمع الغلق وهو ما يغلق به الباب
وفتحها كناية عن رفع موانعها التي منها المعاصي. و " سهل اطلاقها " أي ارسالها. والسياق
من سابق الماشية سياقا ولعل الباء زائدة. والأندية جمع الندى وهو المطر أي عجل أجراء
المطر أو المياه في بطون الأودية. والمراد بالصوب: الانصباب.
(3) في الصحاح: القطر - بسكون القاف -: المطر وجمع قطره، وفى القاموس:
وسحاب قطور ومقطار أي كثير القطر كغراب عظيمه. والطل - بشد اللام -: المطر الضعيف
أو أخف المطر وأضعفه أو الندى، والحسن والمعجب من ليل وشعر وماء وغير ذلك، وأطل
عليه أشرف - انتهى. والمراد بالطل اما المطر الضعيف فيكون طلبا للمطر بنوعيه فان لكل
منهما فائدة في الأشجار والزرع، أو المراد ذا طل فإنه ما يقع على الأرض من الندى بعد
المطر بالليل أو المراد به الحسن المعجب. " مطلا " - بفتح الميم والطاء تأكيد. أي
يكون مظنة للطل، أو بضم الميم وكسر الطاء بهذا المعنى أو مشرفا نازلا علينا، أو طلا
يكون سببا لطل آخر. " مطبقا " تأكيد لقوله " طبقا " قال في النهاية: في حديث الاستسقاء
" اللهم اسقنا غيثا طبقا " أي مالئا للأرض مغطيا لها، يقال: غيث طبق: أي عام واسع.
وفى القاموس. عم الشئ عموما: شمل الجماعة، يقال: عمهم بالعطية، وهو معم خير
- بكسر الميم وفتح العين - يعم بخيره وعقله. وفى النهاية: الرهام - بكسر الراء - هي
الأمطار الضعيفة، وحدتها رهمة، وقيل الرهمة أشد وقعا من الديمة. وفى القاموس الرهمة
- بالكسر -: المطر الضعيف الدائم. وفى بعض النسخ " دهما " بالدال المهملة من قوله:
دهمك أي غشيك أو من الدهمة وهي السواد فان المطر يسود الأرض. ولعله تصحيف. وقوله
" بهما " في بعض النسخ " بهميا " وفى بعضها " يهمارا " وفى القاموس البهيم: الأسود
والخالص الذي لم يشبه غيره، ويحشر الناس بهما - بضم الباء - أي ليس بهم شئ مما كان
في الدنيا نحو البرص والعرج، وفى مجمل اللغة هو المطر الصغير القطر. وفى القاموس
اليهمور: الدفعة من المطر، وهمار - كشداد - السحاب السيال، وانهمر الماء: انسكب
وسال. والبيهم المصمت الذي لا يخالط لونه لون غيره. وقوله " رحما " في بعض النسخ و
التهذيب " رحيما " وكلاهما بعيد ولعله " رجما " بالجيم كناية عن سرعته وشدة وقعه كما في البحار.
536

رشا مرشا واسعا كافيا، عاجلا طيبا مباركا، سلاطح بلاطح، يناطح الأباطح
مغدودقا
مطبويقا مغرورقا (1) واسق سهلنا وجبلنا، وبدونا وحضرنا (2) حتى ترخص به أسعارنا
وتبارك به في ضياعنا ومدننا، أرنا الرزق موجودا والغلاء (3) مفقودا آمين يا رب العالمين ".
ثم قال للحسين عليه السلام: ادع فقال الحسين عليه السلام: " اللهم معطي الخيرات
من مظانها، ومنزل الرحمات من معادنها، ومجري البركات على أهلها، منك الغيث
المغيث، وأنت الغياث المستغاث، ونحن الخاطئون وأهل الذنوب، وأنت المستغفر
الغفار، لا إله إلا أنت، اللهم أرسل السماء علينا ديمة مدرارا، واسقنا الغيث واكفا
مغزارا، غيثا مغيثا، واسعا مسبغا مهطلام (4) ريئا مريعا غدقا مغدقا (5) عبابا مجلجلا

(1) " رشا مرشا " في الصحاح الرش: - بشم الراء - المطر القليل الجمع رشاش، ورشت
السماء أي جاءت بالرش. " سلاطح بلاطح " بالسين المهملة في الأول والباء الموحدة في الثاني
واللام والطاء المهملة فيهما اتباع يريد كثرة الماء. وقوله " يناطح الأباطح " في بعض النسخ
بالنون وفى بعضها بالباء: فعلى الأول لعله كناية عن جريه في الأباطح - وهو جمع الأبطح مسيل
واسع فيه دقاق الحصى - بكثرة وقوة كناه ينطحها بقرنه. وعلى الثاني - أعني بالباء -
المراد أن يجعل الأبطح أبطحا أو يوسعه. واغدودق المطر: كثر قطره، وعين الماء:
غزرت وعذبت. و " مطبوبقا " مفعوعلا للمبالغة في تطبيق الأرض بالمطر، وكذا " مغرورقا "
من قولهم اغروقت عيناه أي غرقتا بالدموع وهو افعوعل من الغرق.
(2) السهل ضد الجبل. والبدو: البادية.
(3) والغلاء: ارتفاع الثمن.
(4) الهطل: تتابع المطر والدمع وسيلانه.
(5) في النهاية: في حديث الاستسقاء " اسقنا غيثا مريئا مريعا " يقال: مر أنى
الطعام وأمر أنى إذا لم يثقل على المعدة وانحدر عنها طيبا. وتقدم معنى العباب والغدق
والمجلجل.
537

سحا سحساحا، بسا بساسا، مسبلا عاما، ودقا مطفاحا (1) يدفع الودق بالودق دفاعا
ويطلع القطر منه غير خلب البرق، ولا مكذب الرعد، تنعش به الضعيف من عبادك،
وتحيي به الميت من بلادك، منا علينا منك آمين [يا] رب العالمين ".
فما تم كلامه حتى صب الله الماء صبا، وسئل سلمان الفارسي رضي الله عنه
فقيل له: يا أبا عبد الله هذا شئ علماه؟ فقال: ويحكم ألم تسمعوا قول رسول الله
صلى الله عليه وآله حيث يقول: أجريت الحكمة على لسان أهل بيتي ".
1505 - وروي عن ابن عباس " أن عمر بن الخطاب خرج يستسقي فقال: للعباس
قم فادع ربك واستسق وقال: " اللهم إنا نتوسل إليك بعم نبيك " فقال العباس
فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: " اللهم إن عندك سحابا وإن عندك مطرا فانشر
السحاب وأنزل فيه الماء ثم أنزله علينا، واشدد به الأصل، واطلع به الفرع (2)،
واحي به الزرع (3)، اللهم إنا شفعاء إليك عمن لا منطق له من بهائمنا وأنعامنا
شفعنا في أنفسنا وأهالينا، اللهم إنا لا ندعو إلا إياك، ولا نرغب إلا إليك، اللهم
اسقنا سقيا وادعا (4) نافعا طبقا مجلجلا، اللهم إنا نشكو إليك جوع كل جائع،

(1) قوله " سحا سحساحا " في الضحاح سح الماء سحا أي سال من فوق وكذلك
المطر والدمع، وقال: تسحسح الماء أس سال، ومطر سحساح أي يسح شديدا. والبس:
السوق اللين. وبست الإبل أبسها - بالضم - بسا وبست المال في البلاد فانبس إذا أرسلته
فتفرق فيها مثل بثثته فانبث. أي يكون ذا سوق لين يبس المطر في البلاد. وأسبل المطر
والدمع إذا هطل، وقال أبو زيد: أسبلت السماء والاسم السبل وهو المطر بين السحاب
والأرض حين يخرج من السحاب ولم يصل إلى الأرض. وتقدم معنى الودق. وطفح الاناء
- كمنع طفحا وطفوحا امتلاء وارتفع، والمطفاح: الممتلئ.
(2) أي اجعل فروعه وأغصانه ذا ثمرة.
(3) في بعض النسخ " واحى به الضرع ".
(4) أي واسعا، وفى بعض النسخ " وارعا " أي ساكنا مستقرا.
538

وعرى كل عار، وخوف كل خائف، وسغب كل ساغب يدعو الله (1) ".
باب
* (صلاة الكسوف والزلازل والرياح والظلم وعلتها) *
1506 - قال سيد العابدين علي بن الحسين عليهما السلام " إن من الآيات التي
قدرها الله عز وجل (2) للناس مما يحتاجون إليه البحر الذي خلقه الله بين السماء
والأرض، قال: وإن الله تبارك وتعالى قد قدر منها مجاري الشمس والقمر والنجوم،
وقدر ذلك كله على الفلك، ثم وكل بالفلك ملكا معه سبعون ألف ملك فهو يديرون
الفلك، فإذا أداروه دارت الشمس والقمر والنجوم معه، فنزلت في منازلها التي قدرها
الله تعالى ليومها وليلتها، فإذا كثرت ذنوب العباد وأحب الله أن يستعتبهم (3) بآية
من آياته أمر الملك الموكل بالفلك أن يزيل الفلك عن مجاريه، قال: فيأمر الملك
السبعين ألف الملك أن أزيلوا الفلك عن مجاريه، قال: فيزيلونه فتصير الشمس في
ذلك البحر الذي كان فيه الفلك، فينطمس ضؤوها ويتغير لونها، فإذا أراد الله عز
وجل أن يعظم الآية غمست في البحر (4) على ما يحب أن يخوف عباده بالآية، قال:

(1) السغب: الجوع من التعب والعطش.
(2) كذا في جميع النسخ وفى روضة الكافي تحت رقم 41 مسندا في حديث البحر مع الشمس
" ان من الأقوات التي قدرها الله ".
(3) قال العلامة المجلسي - رحمه الله -: لعله مأخوذ من العتب بمعنى الوجوه
والغضب أي يظهر عليهم غضبه، لكن الاستعتاب في اللغة بمعنى الرضا وطلب الرضا وكلاهما
غير مناسبين في المقام انتهى، وقال أبوه - رحمه الله -: أي يبعثهم على الاستقالة من
الذنوب ليرضى عنهم.
(4) في الكافي " طمست في البحر " وغمس الشمس في البحر أو طمسها كناية عن
طمس ضوئه كله بالكسوف الكلى كما أشير إليه بعد بقوله عليه السلام " وذلك عند انكساف
الشمس يعنى كلها.
539

وذلك عند انكساف الشمس، وكذلك يفعل بالقمر (1) فإذا أراد الله عز وجل أن
يجلبها ويردها إلى مجراها أمر الملك الموكل بالفلك أن يرد الفلك على مجراه فيرد
الفلك وترجع الشمس إلى مجراها، قال: فتخرج من الماء وهي كدرة والقمر مثل ذلك
قال: ثم قال علي بن الحسين عليهما السلام: أما إنه لا يفزع للآيتين ولا يرهب إلا من كان
من شيعتنا، فإذا كان ذلك منهما فافزعوا إلى الله تعالى وراجعوه ".
قال مصنف هذا الكتاب: إن الذي يخبر به المنجمون من الكسوف فيتفق
على ما يذكرونه ليس من هذا الكسوف في شئ. وإنما تجب الفزع إلى المساجد
والصلاة عند رؤيته لأنه مثله في المنظر وشبيه له في المشاهدة، كما أن الكسوف
الواقع مما ذكره سيد العابدين عليه السلام إنما وجب الفزع فيه إلى المساجد والصلاة لأنه
آية تشبه آيات الساعة، وكذلك الزلازل والرياح والظلم وهي آيات تشبه آيات
الساعة، فأمرنا بتذكر القيامة عند مشاهدتها والرجع إلى الله تعالى بالتوبة والإنابة
والفزع إلى المساجد التي هي بيوته في الأرض، والمستجير بها محفوظ في ذمة الله تعالى
ذكره.
1507 - وقد قال النبي صلى الله عليه وآله (2): " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله
يجريان بتقديره وينتهيان إلى أمره (3) ولا ينكسفان لموت أحد ولا لحياة أحد فإذا
انكسف أحدهما فبادروا إلى مساجدكم ".
1508 - و " انكسفت الشمس على عهد أمير المؤمنين عليه السلام فصلى بهم حتى كان

(1) أي يطمس ضوءه في البحر يعنى البحر المحيط بالأرض وهو أيضا بين السماء
والأرض وعلى هذا التوجيه لا منافاة بين الحديث وبين ما يقوله المنجمون الذين لا يتخلف
حسابهم في ذلك الا إذا خرق الله العادة لمصلحة رآها كما يكون في آخر الزمان. وذلك
لأنهم يقولون: ان سبب كسوف الشمس حيلولة جرم القمر بوجهه المظلم بيننا وبينها، وسبب
خسوف القمر حيلولة جرم الأرض مع البحر المحيط بينها وبنيه ويصح حسابهم في ذلك في
جميع الأحيان. (الوافي)
(2) رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 463 بأدنى اختلاف في اللفظ من حديث أبي الحسن
موسى عليه السلام.
(3) أي مطيعان له منقادان لامره تعالى.
540

الرجل ينظر إلى الرجل قد ابتلت قدمه من عرقه " (1).
1509 - وسأل عبد الرحمن بن أبي عبد الله الصادق عليه السلام " عن الريح والظلمة
تكون في السماء والكسوف؟ فقال الصادق عليه السلام: صلاتهما سواء " (2).
1510 - وفي العلل التي ذكرها الفضل بن شاذان رحمه الله عن الرضا عليه السلام
قال: " وإنما جعلت للكسوف صلاة لأنه من آيات الله تبارك وتعالى، لا يدري
الرحمة ظهرت أم لعذاب، فأحب النبي صلى الله عليه وآله أن تفزع أمته إلى خالقها وراحمها عند
ذلك ليصرف عنهم شرها ويقيهم مكروهها، كما صرف عن قوم يونس عليه السلام حين
تضرعوا إلى الله عز وجل، وإنما جعلت عشر ركعات لان أصل الصلاة التي نزل فرضها

(1) يدل على استحاب التطويل إذا ظن طولها.
(2) هذا الحديث صحيح وفيه دلالة على مساواة الكسوف للمذكورين معه وظاهر الحال
الوجوب في الجميع كما هو قول جماعة من الأصحاب، ونقل عن أبي الصلاح أنه لم يتعرض لغير الكسوفين، ونقل المحقق في الشرايع أن هذه الصلاة مستحبة لأخاويف غير الكسوفين
ولم أقف على ذلك، نعم هذا الخبر كما ترى خاص بالريح والظلمة، والمنقول عن بعض
أصحابنا اختصاص الوجوب مع الكسوف بالريح المخوفة والظلمة الشديدة والتقييد غير مستفاد
من هذه الرواية (الشيخ محمد) وقال الأستاذ في هامش الوافي: لا ريب أن صلاة الآيات
للخوف وأن الظلمة غير الشديدة والارياح المعتادة لا توجب الصلاة ومناط وجوب الصلاة
ليس الخوف الشخصي ولا خوف أكثر أهل البلد بل كون الآية من شأنها أن يخاف منها
الناس لدلالتها على تغيير فينظم العالم وأنه في معرض الفناء والزوال وهلاك أهله، والزلزلة
هكذا وان انتفقت في بلد كانت الأبنية بحيث لا يستلزم خطرا غالبا ولا يخاف منه الناس ومع
هذا يجب الصلاة لأنها في معرض الخطر وكذا الكسوف والخسوف لا يستلزمان خوف أكثر
الناس في غالب البلاد لكنهما من شأنهما أن يخاف منهما ومن نوعهما إذ يتذكر كون الشمس
والقمر في معرض التغيير والزوال ولذلك قال جماعة: انهما يوجبان الصلاة وان لم يوجبا
خوفا لغالب الناس، ثم إن الظاهر ما من شأنه أن يهلك به خلق كثير لا مثل الصاعقة والحجر
السماوي وكذلك المراد ما يغير بعض أجزاء الكون ويذكر به خلل نظم العالم لا مثل الطاعون
والوباء والقحط وكثرة السباع في ناحية وبلد وكذلك السيل المجحف وطغيان الماء والرياح
العاصفة غير السواء والحمراء والسموم والبرق الخاطف ونزول البرد وان عظم وأمثال ذلك
مع احتمال الوجوب في بعضها.
541

من السماء أولا في اليوم والليلة إنما هي عشر ركعات (1) فجمعت تلك الركعات ههنا
وإنما جعل فيها السجود لأنه لا تكن صلاة فيها ركوع إلا وفي سجود ولان يختموا
صلاتهم أيضا بالسجود والخضوع، وإنما جعلة أربع سجدات لان كل صلاة نقص
سجودها من أربع سجدات لا تكون صلاة لان أقل الفرض من السجود في الصلاة لا
يكون إلا أربع سجدات، وإنما لم يجعل بدل الركوع سجود لان الصلاة قائما أفضل
من الصلاة قاعدا، ولان القائم يرى الكسوف والا على (2) والساجد لا يرى، وإنما
غيرت عن أصل الصلاة التي افترضها الله عز وجل لان تصلى لعلة تغير أمر من الأمور
وهو الكسوف، فلما تغيرت العلة تغير المعلول ".
1511 - وقال الصادق عليه السلام: " إن ذا القرنين لما انتهى إلى السد جاوزه
فدخل في الظلمات فإذا هو بملك قائم على جبل طوله خمسمائة ذراع فقال له الملك
يا ذا القرنين أما كان خلفك مسلك؟ فقال له ذو القرنين: من أنت؟ قال: أنا ملك من
ملائكة الرحمن موكل بهذا الجبل، وليس من جبل خلقه الله إلا وله عرق متصل
بهذا الجبل فإذا أراد الله عز وجل أن يزلزل مدينة أوحى إلي فزلزلتها ". (3)
وقد تكون الزلزلة من غير ذلك.
1512 - وقال الصادق عليه السلام: " إن الله تبارك وتعالى خلق الأرض فأمر الحوت
فحملتها، فقالت: حملتها (4) بقوتي، فبعث الله عز وجل إليها حوتا قدر فتر (5) فدخلت

(1) المراد بالركعات: الركوعات، وهذا اطلاق شايع وكون ركعات اليومية عشرا
بناءا على ما أوجب أولا، وإنما ألحقت السبع ثانيا. (مراد)
(2) كذا. وفى العيون " الانجلاء " ولعل ما في المتن تصحيف والظاهر أن الناسخ
الأول كتب " الانجلى " بالقصر فصحف فيما بعد بالأعلى لقرب كتابتهما، وعلى فرض
صحة الاعلى المراد به الفوق أو السماء.
(3) مروى في التهذيب ج 1 ص 335 بسند مجهول.
(4) التأنيث باعتبار الحوتة أو السمكة.
(5) الفتر - بكسر الفاء وزان شبر - ما بين طرفي السبابة والابهام إذا فتحتهما.
542

في منخرها فاضطربت أربعين صباحا فإذا أراد الله عز وجل أن يزلزل أرضا تراءت
لها (1) تلك الحوتة الصغيرة فزلزلت الأرض فرقا ". (2)
وقد تكون الزلزلة من غير هذا الوجه.
1513 - وقال الصادق عليه السلام: " إن الله تبارك وتعالى أمر الحوت بحمل الأرض
وكل بلد من البلدان على فلس من فلوسه، فإذا أراد الله عز وجل أن يزلزل أرضا أمر
الحوت أن يحرك ذلك الفلس فيحركه، ولو رفع الفلس لانقلبت الأرض بإذن الله
عز وجل ".
والزلزلة قد تكون من هذه الوجوه الثلاثة وليست هذه الأخبار بمختلفة. (3)
1514 - وسأل سليمان الديلمي أبا عبد الله عليه السلام " عن الزلزلة ما هي؟ فقال
آية، فقال: وما سببها؟ قال: إن الله تبارك وتعالى وكل بعروق الأرض ملكا فإذا
أراد الله أن يزلزل أرضا أوحى إلى ذلك الملك أن حرك عرق كذا وكذا قال: فيحرك
ذلك الملك عرق تلك الأرض التي أمر الله تبارك وتعالى فتتحرك بأهلها، قال: قلت
فإذا كان ذلك فما أصنع؟ قال: صل صلاة الكسوف فإذا فرغت خررت لله عز وجل
ساجدا، وتقول في سجودك: يا من يمسك السماوات والأرض أن تزولا (4) ولئن زالتا

(1) أي ظهرت، أو تظاهرت.
(2) الفرق - بالتحريك -: الخوف.
(3) اعلم أن الصدوق - رحمه الله - ذكر طرق هذه الأخبار في العلل وفيها جهالة وارسال
ولما كانت مختلفة ظاهرا جمع بينها بأن الزلزلة تكون لهذه الأسباب حتى لا يكون بينها
منافاة، ويمكن الجمع بينها - على تقدير صحتها - بوجه آخر بأن يكون عروق البلدان
بيد الملك الذي على جبل قاف المحيط بجميع الأرض ويكون كل بلد على فلس من فلوس
الحوت الحامل لها بقدرة الله، فإذا أراد الله أن يزلزل أرضا أمر الملك أن يحرك عرق تلك
الأرض وأمر الحوتة الصغيرة أن يتراءى الحوت الكبير حتى يفزع لها فيحرك الفلس الذي
تحت الأرض التي أراد الله تعالى زلزلتها (م ت).
(4) أي كراهة أن تزولا، فان الباقي في بقائه يحتاج إلى مؤثر وحافظ، أو لتضمن
الامساك معنى الحفظ والمنع.
543

إن أمسكها من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا، يا من يمسك السماء أن تقع على
الأرض إلا بإذنه أمسك عنا السوء إنك على كل شئ قدير ".
1515 - وروي عن علي بن مهزيار قال: " كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام وشكوت إليه
كثرة الزلازل في الأهواز وقلت: ترى لي التحويل عنها؟ فكتب عليه السلام: لا تتحولوا
عنها وصوموا الأربعاء والخميس والجمعة واغتسلوا وطهروا ثيابكم وأبرزوا يوم الجمعة
وادعوا الله فإنه يرفع عنكم قال: ففعلنا فسكنت الزلازل ".
1516 - وقال الصادق عليه السلام: " إن الصاعقة تصيب المؤمن والكافر، ولا تصيب
ذاكرا ".
1517 - وقال علي عليه السلام: " للريح رأس وجناحان ". (1)
1518 - ووري عن كامل (2) قال: " كنت مع أبي جعفر عليه السلام بالعريض فهبت
ريح شديدة فجعل أبو جعفر عليه السلام يكبر، ثم قال: إن التكبير يرد الريح ".
1519 - وقال عليه السلام: " ما بعث الله عز وجل ريحا إلا رحمة أو عذابا فإذا رأيتموها
فقولوا: " اللهم إنا نسألك خيرها وخير ما أرسلت له، ونعوذ بك من شرها وشر ما
أرسلت له " وكبروا وارفعوا أصواتكم بالتكبير فإنه يكسرها ".
1520 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا تسبوا الرياح فإنها مأمورة، ولا الجبال
ولا الساعات، ولا الأيام، ولا الليالي فتأثموا ويرجع إليكم ". (3)

(1) لعل الكلام مبنى على الاستعارة، أي يشبه الطائر في أنها تطير إلى كل جانب، و
في أنها في بدء حدوثها قليلة ثم تنتشر، كالطائر الذي بسط جناحيه، والله يعلم. (البحار)
(2) يعنى به كامل بن العلاء وهو من أصحاب أبي جعفر الباقر عليه السلام.
(3) أي يرجع السب إليكم، وفى العلل " عليكم " وكيف كان التأنيث باعتبار تضمن
السب معنى اللعنة. وروى السيوطي نحو الخبر في الدر المنثور ج 1 ص 165. والمنع من
السب لأنها مأمورة مبعوثة من جانب الله سواء كانت للبشارة أو للعذاب فسبها باطل لا ينفع
بل يضر.
544

1521 - وقال عليه السلام: " ما خرجت ريح قط إلا بمكيال (1) إلا زمن عاد فإنها
عتت على خزانها فخرجت في مثل خرق الإبرة فأهلكت قوم عاد ".
1522 - وروى علي بن رئاب، عن أبي بصير (1) قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام
عن الرياح الأربع: الشمال، والجنوب، والصبا، والدبور (3) وقلت له: إن الناس
يقولون: إن الشمال من الجنة، والجنوب من النار، فقال: إن لله عز وجل جنودا
من الريح يعذب بها من عصاه، موكل بكل ريح منهن ملك مطاع، فإذا أراد الله
عز وجل أن يعذب قوما بعذاب أوحى الله إلى الملك الموكل بذلك النوع من الريح
الذي يريد أن يعذبهم به، فيأمر بها الملك فتهيج كما يهيج الأسد المغضب، ولكل
ريح منهن اسم، أما تسمع لقول الله عز وجل: " إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم
نحس مستمر " (4) وقال عز وجل: " الريح العقيم " (5) وقال تعالى: " فأصابها إعصار

(1) قد مر هذا الحديث في باب الاستسقاء تحت رقم 1494 مع بيانه. وذكره ههنا للمناسبة
كما هو دأب المحدثين.
(2) رواه الكليني - رحمه الله - في روضة الكافي تحت رقم 63 مع اختلاف يسير.
(3) في القاموس الشمال - بالفتح ويكسر -: الريح التي تهب من قبل الحجر
- بكسر الحاء - أو ما استقبلك عن يمينك وأنت مستقبل، والصحيح أنه ما مهبه بين مطلع
الشمس وبنات نعش إلى مسقط النسر الطائر ويكون اسما وصفة، ولا تكاد تهب ليلا.
وقال: الجنوب: ريح تخالف الشمال، مهبها من مطلع سهيل إلى مطلع الثريا.
وقال: الصباريح مهبها من مطلع الثريا إلى بنات نعش. وقال: الدبور ريح تقابل الصبا.
وفى المحكى عن الشيد - رحمه الله - في الذكرى: الجنوب محلها ما بين مطلع سهيل إلى
مطلع الشمس في الاعتدالين، والصبا محلها ما بين مطلع الشمس إلى الجدي، والشمال
محلها من الجدي إلى مغرب الشمس في الاعتدال، والدبور محلها من مغرب الشمس
إلى سهيل.
(4) " صرصرا " أي باردا، أو شديد الهبوط. " في يوم نحس " أي شوم. " مستمر "
أي استمر شومه، أو استمر عليهم حتى أهلكتهم، أو على جميعهم كبيرهم وصغيرهم فلم يبق
منهم أحدا واشتد مرارته أو استمرت نحوسته بعدهم. (المرآة)
(5) إشارة إلى قوله تعالى " وفى عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم " وإنما سماها عقيما
لأنها أهلكتهم وقطعت دابرهم، أو لأنها لا تتضمن منفعة وهي الدبور أو الجنوب أو النكباء
كما قيل.
545

فيه نار فاحترقت " (1) وما ذكر في الكتاب من الرياح التي يعذب بها من عصاه، والله
عز وجل رياح رحمة لواقح ورياح تهيج السحاب فتسوق السحاب، ورياح تحبس
السحاب بين السماء والأرض، ورياح تعصره فتمطره بإذن الله، ورياح تفرق السحاب
ورياح مما عد الله عز وجل في الكتاب، فأما الرياح الأربع فإنها أسماء الملائكة
الشمال والجنوب والصبا والدبور، وعلى كل ريح منهم ملك موكل بها، فإذا أراد الله
تبارك وتعالى أن يهب شمالا أمر الملك الذي اسمه الشمال فهبط على البيت الحرام
فقام على الركن اليماني (2) فضرب بجناحيه فتفرقت ريح الشمال حيث يريد الله
عز وجل في البر والبحر، وإذا أراد الله تبارك وتعالى أن يبعث الصبا أمر الملك الذي
اسمه الصبا فهبط على البيت الحرام فقام على الركن اليماني فضرب بجناحيه فتفرقت
ريح الصبا حيث يريد الله تعالى في البر والبحر، وإذا أراد الله تبارك وتعالى أن يبعث
جنوبا أمر الملك الذي اسمه الجنوب فهبط على البيت الحرام فقام على الركن اليماني
فضرب بجناحيه فتفرقت ريح الجنوب حيث يريد الله في البر والبحر، وإذا أراد الله
عز وجل أن يبعث دبورا أمر الملك الذي اسمه الدبور فهبط على البيت الحرام فقام
على الركن اليماني فضرب بجناحيه فتفرقت الدبور حيث يريد الله تعالى في
البر والبحر ". (3)

(1) الاعصار: ريح تثير الغبار إلى السماء كأنه عمود. (الصحاح)
(2) في الكافي " الركن الشامي " وكذا في ما يأتي.
(3) قال استاذنا الشعراني - دام ظله العالي - في ذيل شرح الكافي للمولى صالح
المازندراني: هذا الحديث من جهة الاسناد، قريب من جهة الاعتبار، منبه على
طريقتهم عليهم السلام في أمثال هذه المسائل الكونية، والمعلوم من سؤال السائل " أن
الناس يقولون " أن ذهنهم متوجه إلى السبب الطبيعي الموجب لوجود الرياح ومنشأها
وعلة اختلافها من البرودة والحرارة وغيرها، وغاية ما وصل إليه فكرهم أن الشمال لبرودتها
من الجنة، والجنوب لحرارتها من النار، فصرف الإمام عليه السلام ذهنهم عن التحقيق
لهذا الغرض إذ ليس المقصود من بعث الأنبياء والرسل وانزال الكتب كشف الأمور الطبيعية،
ولو كان المقصود ذلك لبين ما يحتاج إليه الناس من أدوية الأمراض كالسل والسرطان وخواص
المركبات والمواليد، ولذكر في القرآن مكررا علة الكسوف والخسوف كما تكرر ذكر
الزكاة والصلاة وتوحيد الله تعالى ورسالة الرسل، ولو رد ذكر الحوت في الروايات متواترا
كما ورد ذكر الإمامة والولاية والمعاد والجنة، وكذلك ما يستقر عليه الأرض وما خلق منه
الماء، مع أنا لا نرى من أمثال ذلك شيئا في الكتاب والسنة المتواترة الا بعض أحاديث
ضعيفة غير معتبرة أو بوجه يحتمل التحريف والسهو، والمعهود في كل ما هو مهم في الشرع
ويجب على الناس معرفته أن يصر الامام أو النبي عليهما السلام على تثبيته وتسجيله وبيانه
بطرق عديدة غير محتملة للتأويل حتى لا يغفل عنه أحد.
وبالجملة لما رأى الإمام عليه السلام اعتناء الناس بالجهة الطبيعية صرفهم بان الواجب
على الناظر في أمر الرياح والمتفكر فيها أن يعتنى بالجهة الإلهية وكيفية الاعتبار بها
واتعاظ بما يترتب عليها من الخير والشر، سواء كانت من الجنة أو من الشام أو من إفريقية
واليمن، فأول ما يجب: أن يعترف بأن جميع العوامل الطبيعية مسخرة بأمر الله تعالى،
وعلى كل شئ ملك موكل به وان الجسم الملكي تحت سيطرة المجرد الملكوتي المفارق
عن الماديات كما ثبت في محله " أن المادة قائمة بالصورة والصورة قائمة بالعقل الفارق "
وهذا أهم ما يدل عليه هذا الحديث الذي يلوح عليه أثر الصدق وصحة النسبة إلى المعصوم،
ثم بعد هذا الاعتراف يجب الاعتبار بما وقع من العذاب على الأمم السالفة بهذه الرياح وما
يترتب من المنافع على جريانها وهذا هو الواجب على المسلم من جهة الدين إذا نظر إلى
الأمور الطبيعية.
546

1523 - وقال الصادق عليه السلام: " نعم الريح الجنوب، تكسر البرد عن المساكين
وتلقيح الشجر وتسيل الأودية " (1).
1524 - وقال علي عليه السلام: " الرياح خمسا منها العقيم فنعوذ بالله من
شرها ".
1525 - و " كان النبي صلى الله عليه وآله إذا هبت ريح صفراء أو حمراء أو سوداء تغير وجهه

(1) سال الماء: جرى وأسال وسيل الماء تسييلا أجراء.
547

واصفر لونه (1) وكان كالخائف الوجل حتى تنزل من السماء قطرة من مطر فيرجع
إليه لونه ويقول: جاءتكم بالرحمة ".
1526 - وروى زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قالا: قلنا له: أرأيت
هذه الرياح والظلم التي تكون هل يصلى بها؟ قال: كل أخاويف السماء من ظلمة
أو ريح أو فزع فصل لها صلاة الكسوف حتى تسكن ". (2)
1527 - وروى محمد بن مسلم وبريد بن معاوية عن أبي جعفر وأبي عبد الله
عليهما السلام قالا: " إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات صلها ما لم تتخوف أن يذهب
وقت الفريضة، فإن تخوفت فابدأ بالفريضة واقطع ما كنت فيه من صلاة الكسوف
فإذا فرغت من الفريضة فارجع إلى حيث كنت قطعت واحتسب بما مضى ". (3)
1528 - ووري عن علي بن الفضل الواسطي أنه قال: " كتبت إلى الرضا عليه السلام
إذا انكسفت الشمس والقمر وأنا راكب لا أقدر على النزول؟ فكتب عليه السلام إلي: صل
على مركبك الذي أنت عليه " (4).

(1) لأنها من أخاويف السماء عند أولى النهى.
(2) " حتى تسكن " يحتمل التعليق والغاية فيفيد التكرار والتويل كلاهما على
الاحتمال الثاني. (سلطان)
(3) ذهب إلى القطع والبناء الشيخان والمرتضى والمصنف وأتباعهم وذهب الشيخ في
المبسوط إلى القطع والاستيناف لتخلل الصلاة الأجنبية، واختاره الشهيد أيضا في الذكرى
وهذا الخبر يدفعه. (سلطان)
وفى المدارك: لو خشي فوات الحاضرة قدمها على الكسوف ولو دخل في الكسوف
قبل تضييق الحاضرة وخشي لو أتم فوات الحاضرة فقطع اجماعا وصلى الحاضرة ثم أتم صلاة
الكسوف من حيث قطع على ما نصل عليه الشيخان والمرتضى وابنا بابويه وأتباعهم وذهب الشيخ
في المبسوط إلى وجوب الاستيناف حينئذ واختاره في الذكرى. أقول: سيأتي مزيد الكلام
فيه أيضا.
(4) يدل على جواز هذه الصلاة راكبا مع عدم القدرة على النزول كغيرها من الفرائض
(م ت) ولا ريب في الجواز مع الضرورة كما هو مدلول الخبر وذهب ابن الجنيد إلى الجواز
مطلقا وهو متروك. (سلطان)
548

1529 - وروي عن محمد بن مسلم والفضيل بن يسار أنهما قالا: " قلنا لأبي جعفر
عليه السلام: أيقضي صلاة الكسوف من إذا أصبح فعلم وإذا أمسى فعلم؟ قال: إن كان
القرصان احترقا كلهما قضيت (1)، وإن كان إنما احترق بعضهما فليس عليك
قضاؤه ". (2)
1530 - وسأل الحلبي أبا عبد الله عليه السلام " عن صلاة الكسوف كسوف الشمس
والقمر قال: عشر ركعات وأربع سجدات، تركع خمسا ثم تسجد في الخامسة، ثم
تركع خمسا ثم تسجد في العاشرة، وإن شئت قرأت سورة في كل ركعة، وإن شئت
قرأت نصف سورة في كل ركعة، فإذا قرأت سورة في كل ركعة فاقرأ فاتحة الكتاب
وإن قرأت نصف سورة أجزأك أن لا تقرأ فاتحة الكتاب إلا في أول ركعة حتى تستأنف
أخرى، ولا تقل سمع الله لمن حمده في رفع رأسك من الركوع إلا في الركعة التي
تريد أن تسجد فيها ".
1531 - وروى عمر بن أذينة (3) " أن القنوت في الركعة الثانية قبل الركوع
ثم في الرابعة ثم في السادسة، ثم في الثامنة، ثم في العاشرة ".
وإن لم تقنت إلا في الخامسة والعاشرة فهو جائز لورود الخبر به.
وإذا فرغ الرجل من صلاة الكسوف ولم تكن انجلت فليعد الصلاة وإن شاء

(1) يدل على وجوب القضاء مع احتراق القرص وإن كان جاهلا ويؤيده صحيحة
زرارة وحريز وأما إذا تعمد تركه أو نسي فان يجب عليه القضاء مطلقا لصحيحة حريز الآتية
الدالة على القضاء مع الغسل في الغد.
(2) هذا إذا كان لم يعلم، أما إذا علم وتعمد تركه أو نسي فإنه يجب عليه القضاء مطلقا
جمعا بينه وبين الاخبار الاخر، كمرسل حريز عن أبي عب الله عليه السلام قال: " إذا انكسف
القمر فاستيقظ الرجل فكسل أن يصلى فليغتسل من غد وليقض الصلاة، وان لم يستيقظ ولم
يعلم بانكساف القمر فليس عليه الا القضاء بغير غسل ".
(3) رواه عن رهط وهم الفضل وزرارة وبريد ومحمد بن مسلم عن الباقر والصادق
عليهما السلام في حديث طويل رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 299.
549

قعد ومجد الله عز وجل حتى ينجلي (1) ".
ولا يجوز أن يصليهما في وقت فريضة حتى يصلي الفريضة (2).
وإذا كان في صلاة الكسوف ودخل عليه وقت الفريضة فليقطعها وليصل الفريضة

(1) قال العلامة المجلسي - رحمه الله - في البحار: " اما إعادة الصلاة ان فرغ
منها قبل الانجلاء فالمشهور استحبابها، ونقل عن ظاهر المرتضى وأبى الصلاح وسلار وجوبها
قال في الذكرى: وهؤلاء كالمصرحين بان آخر وقتها تمام الانجلاء، ومنع ابن إدريس الإعادة
وجوبا واستحبابا، والأول أقرب، وفى الفقه الرضوي ما يدل على التخيير بين الصلاة والدعاء
مستقبل القبلة وهو وجه بين الاخبار، ولم أر قائلا بالوجوب التخييري بينهما وإن كان
الأحوط ذلك ".
أقول روى الشيخ في التهذيب في تطويل الصلاة وإعادة الانجلاء أخبارا منها ما رواه
باسناده عن عمار بن أبي عبد الله عليه السلام قال " قال: ان صليت الكسوف إلى أن يذهب الكسوف
عن الشمس والقمر وتطول في صلاتك فان ذلك أفضل وان أحببت أن تصلى فتفرغ من صلاتك
قبل أن يذهب الكسوف فهو جائز - الحديث " قال استاذنا الشعراني: قوله " وتطول في
صلاتك فان ذلك أفضل " يدل على أن آخر وقت الصلاة هو تمام الانجلاء لا الشروع فيه لان
ذهاب الكسوف هو تمام الانجلاء على أن الشروع في الانجلاء في الجزئي، والكسوف
الكلى وإن كان للشروع في الانجلاء فيه معنى وله مبدء لكن لا يمكن أن يكون أخر الوقت
إذ يجوز بمقتضى هذه الأخبار تطويل الصلاة حتى يظهر له الانجلاء فيتم الصلاة عمدا بعد
الانجلاء ولا يظهر الانجلاء الا مدة بعد حصول واقعا. بل يمكن أن يستفاد من هذه الأخبار
عدم كون صلاة الكسوف مقيدة بالوقت كالصلوات اليومية بل يكفي وقوع شئ منها في الوقت
فلو شرع في الصلاة وانجلى قبل أن يركع الركعة الأولى لكان عليه اتمام الصلاة أداء الا أنه
لا يرجح له التطويل، وبالجملة فتطويل السور في معرض أن يفاجئه الانجلاء في أثناء الصلاة
فتكون مجوزا.
(2) يدل عليه صحيحة بن مسلم وحمله على الكراهة أظهر (م ت) راجع الكافي
ج 3 ص 464.
550

ثم يبني على ما صلى من صلاة الكسوف " (1).
1532 - وروى حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " ذكروا عنده انكساف

(1) قال العلامة - رحمه الله - في المختلف: لو دخل في صلاة الكسوف ثم دخل وقت
الفريضة وكان متسعا لم يجز له قطعها بل يجب عليه اتمامها ثم الابتداء بالحاضرة، وإن كان
وقت الحاضرة قد تضيق قطع الكسوف وابتدأ بالفريضة ثم أتم الكسوف، والشيخ (ره) في
النهاية أطلق ان بدأ بصلاة الكسوف ودخل عليه وقت فريضة قطعها وصلى الفريضة ثم رجع
فتمم صلاته، وقال في المبسوط: فان دخل في صلاة الكسوف فدخل عليه الوقت قطع صلاة
الكسوف ثم صلى الفرض ثم استأنف صلاة الكسوف. وقال ابنا بابويه وابن البراج مثل قول
الشيخ في النهاية وكذا أبو الصلاح وابن حمزة، والأصل ما اخترناه. لنا على وجوب الاتمام
مع سعة وقت الحاضرة أن قد شرع في صلاة واجبة فيجب عليه اكمالها ولا يجوز له ابطالها لان
المقتضى لتحريم الابطال موجود وهو قوله تعالى: " ولا تبطلوا أعمالكم " والنهى عن ابطال
الصلاة، والمانع وهو تفويت الحاضرة مفقود، إذ التقدير مع اتساع الوقت، ولما رواه على
ابن عبد الله (في التهذيب ج 1 ص 299) عن الكاظم عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
" فإذا انكسفتا أو واحدة منهما فصلوا " وهو مطلق وعلى القطع مع التضيق أن فيه تحصيل
الفرضين فيتعين. وما رواه محمد بن مسلم في الصحيح (التهذيب ج 1 ص 299) قال: " قلت: لأبي
عبد الله (ع) جعلت فداك ربما ابتلينا بالكسوف بعد المغرب قبل العشاء الآخرة، فان صليت الكسوف
خشينا أن تفوتنا الفريضة، فقال: إذا خشيت ذلك فاقطع صلاتك واقض فريضتك ثم عد فيها "
وفى الصحيح عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
" سألته عن صلاة الكسوف قبل أن تغيب الشمس وتخشى فوت الفريضة؟ فقال: اقطعوها
وصلوا الفريضة وعودوا إلى صلاتكم (التهذيب ج 1 ص 236). ثم قال:
احتج الشيع على كلامه في النهاية بالحديثين وبان الحاضرة أولى فقطع الكسوف
للأولوية ثم يصلى الحاضرة ثم يعود إلى الكسوف لأنه الصلاة الحاضرة لو كانت مبطلة في أول
الوقت لكانت مبطلة في آخره. وعلى قوله في المبسوط بالاستيناف بأنه فعل كثير فيستأنف.
والجواب أن الحديثين يدلان على التقييد بالتضيق كما ذهبنا إليه أولوية قبل الاشتغال اما
بعده فلا أولوية، وأما كونه فعلا كثيرا مسلم لكن نمنع عمومية ابطال الفعل الكثير مطلقا
ولهذا لو أكثر التسبيح أو التحميد لم يبطل صلاته وكذا الحاضرة. انتهى
551

القمر وما يلقى الناس من شدته، فقال عليه السلام: إذا انجلى منه شئ فقد انجلى " (1).
باب
* (صلاة الحبوة والتسبيح وهي صلاة جعفر بن أبي طالب (ع)) *
1533 - روى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: " قال رسول الله
صلى الله عليه وآله لجعفر بن أبي طالب: يا جعفر ألا أمنحك، ألا أعطيك، ألا أحبوك (2) ألا أعلمك
صلاة إذا أنت صليتها لو كنت فررت من الزحف وكان عليك مثل رمل عالج (3) وزبد
البحر ذنوبا غفرت لك؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: تصلي أربع ركعات إذا شئت إن
شئت كل ليلة، وإن شئت كل يوم، وإن شئت فمن جمعة إلى جمعة، وإن شئت فمن
شهر إلى شهر، وإن شئت فمن سنة إلى سنة، تفتتح الصلاة ثم تكبر خمس عشرة
مرة، تقول: الله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، ثم تقرأ الفاتحة وسورة
وتركع فتقولهن في ركوعك عشر مرات ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولهن عشر
مرات، وتخر ساجدا وتقولهن عشر مرات في سجودك، ثم ترفع رأسك من السجود
فتقولهن عشر مرات، ثم تخر ساجدا وتقولهن عشر مرات، ثم ترفع رأسك من
السجود فتقولهن عشر مرات، ثم تنهض فتقولهن خمس عشرة مرة، ثم تقرأ فاتحة
الكتاب وسورة، ثم تركع فتقولهن عشر مرات، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولهن

(1) استدل به على المشهور من أن آخر وقتها أو الانجلاء، وقال في المعتبر:
لا حجة في لاحتمال أن يريد تساوى الحالين في زوال الشدة لا بيان الوقت.
وقال المولى المجلسي: استدل به على أن وقته إلى الاخذ في الانجلاء وليس بظاهر
الا أن يحمل الشدة على شدة الصلاة وهو غير ظاهر لأنه يمكن حمله على الشدة للخوف،
ويكون الجواب برفع الخوف عند الاخذ في الانجلاء، بل هو أظهر.
(2) أمنحك وأعطيك وأحبوك متقاربة المعاني، والمنحة: العطية. والحباء: العطاء
ومنه الحبوبة باعتبار النبي صلى الله عليه وآله لجعفر عليه السلام.
(3) الرمل العالج أي المتراكم، وعوالج الرمل هو ما تراكم منه.
552

عشر مرات، ثم تخر ساجدا فتقولهن عشر مرات، ثم ترفع رأسك من السجود
فتقولهن عشر مرات، ثم تسجد فتقولهن عشر مرات، ثم ترفع رأسك من السجود
فتقولهن عشر مرات، ثم تتشهد وتسلم، ثم تقوم وتصلي ركعتين أخراوين تصنع
فيهما مثل ذلك ثم تسلم قال أبو جعفر عليه السلام: فذلك خمس وسبعون مرة في كل ركعة
ثلاثمائة تسبيحة تكون ثلاثمائة مرة في الأربع ركعات ألف ومائتا تسبيحة يضاعفها الله
عز وجل ويكتب لك بها اثنتي عشرة ألف حسنة، الحسنة منها جبل أحد و
أعظم ".
1534 - وقد روي " أن التسبيح في صلاة جعفر بعد القراءة، وأن ترتيب
التسبيح سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " (1).
فبأي الحديثين أخذ المصلي فهو مصيب وجائز له.
والقنوت في كل ركعتين منهما قبل الركوع، والقراءة في الركعة الأولى الحمد
وإذا زلزلت، وفي الثانية الحمد والعاديات، وفي الثالثة الحمد وإذا جاء نصر الله، و
في الرابعة الحمد وقل هو الله أحد (2)، وإن شئت صليتها كلها بالحمد وقل هو الله أحد.
1535 - وفي رواية عبد الله بن المغيرة عن الصادق عليه السلام قال: " اقرأ في صلاة
جعفر عليه السلام بقل هو الله أحد، وقل يا أيها الكافرون ".
1536 - وروي عن إبراهيم بن أبي البلاد قال: " قلت لأبي الحسن يعني موسى
ابن جعفر عليهما السلام أي شئ لمن صلى صلاة جعفر؟ قال: لو كان عليه مثل رمل عالج
وزبد البحر ذنوبا لغفرها الله له، قال: قلت: هذه لنا؟ قال: فلمن هي إلا لكم خاصة
قال: قلت: فأي شئ أقرأ فيها؟ قال: وقلت: أعترض القرآن (3)؟ قال: لا إقرأ فيها

(1) وهذه الرواية أشهر وعليه معظم الأصحاب. (الذكرى)
(2) كما في الكافي ج 3 ص 466 في رواية إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن
عليه السلام.
(3) أي أقع فيه واختار منه السور (الوافي) أو أعرضه على نفسي فأقرء منه ما شئت؟
ولعل المنع على سبيل الاستحسان. (مراد)
553

إذا زلزلت، وإذا جاء نصر الله، وإنا أنزلناه في ليلة القدر، وقل هو الله أحد ".
1537 - وسئل أبو عبد الله عليه السلام " عمن صلى صلاة جعفر هل يكتب له من
الاجر مثل ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لجعفر؟ قال: إي والله ".
1538 - وروي عن علي بن الريان أنه قال: " كتبت إلى الماضي الأخير
عليه السلام (1) أسأله عن رجل صلى من صلاة جعفر عليه السلام ركعتين، ثم تعجله عن الركعتين
الأخيرتين (2) حاجة أو يقطع ذلك لحادث يحدث (3) أيجوز له أن يتمها إذا فرغ من
حاجته وإن قام عن مجلسه أم لا يحتسب بذلك إلا أن يستأنف الصلاة ويصلي الأربع
ركعات كلها في مقام واحد؟ فكتب عليه السلام: بلى إن قطعه عن ذلك أمر (4) لابد له منه
فليقطع ثم ليرجع فليبن على ما بقي منها إن شاء الله ".
1539 - وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " صل صلاة جعفر في أي
وقت شئت من ليل أو نهار، وإن شئت حسبتها من نوافل الليل وإن شئت حسبتها من
نوافل النهار تحسب لك من نوافلك، وتحسب لك من صلاة جعفر عليه السلام ".
1540 - وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إذا كنت مستعجلا فصل
صلاة جعفر مجردة، ثم اقض التسبيح ".
1541 - وفي رواية الحسن بن محبوب قال: " تقول في آخر سجدة (5) من صلاة

(1) يعنى به أبا الحسن الثالث عليه السلام.
(2) قوله " تعجله " من باب الافعال أي تزعجه وتعوقه عن الركعتين الأخيرتين.
(م ح ق).
(3) الفرق بين الحاجة والحادث يمكن أن يكون بان الحاجة ما يذكرها في الصلاة
والحادث ما يحدث في أثنائها كتردى طفل. (مراد)
(4) فيه دلالة على أنه لو قطع الاختيار لابد له من الاستيناف ان قلنا بالمفهوم، وان
لم نقل به ففيه اشعار بأنه ينبغي حينئذ الاستيناف. (مراد)
(5) أي في السجدة الأخيرة كما يدل غيره من الاخبار والظاهر عدم اشتراط
الصلاة به (المرآة) وفى بعض النسخ " في آخر ركعة ".
554

جعفر بن أبي طالب عليه السلام: " يا من لبس العز والوقار، يا من تعطف بالمجد (1) تكرم
به، يا من لا ينبغي التسبيح إلا له، يا من أحصى كل شئ علمه، يا ذا النعمة والطول
يا ذا المن والفضل، يا ذا القدرة والكرم، أسألك بمعاقد العز من عرشك (2) ومنتهى
الرحمة من كتابك (3) وباسمك الأعظم الاعلى، وكلماتك التامات (4) أن تصلي على محمد
وآل محمد، وأن تفعل بي كذا وكذا " (5).
* (باب صلاة الحاجة) *
1542 - روى مرازم عن العبد الصالح موسى بن جعفر عليهما السلام قال: " إذا
فدحك أمر عظيم (6) فتصدق في نهارك على ستين مسكينا، على كل مسكين [نصف]
صاع بصاع النبي صلى الله عليه وآله (7) من تمر أو بر أو شعير، فإذا كان بالليل اغتسلت في ثلث

(1) أي ارتدى برداء المجد وفى النهاية " سبحان من تعطف بالعز " أي تردى بالعز،
العطاف والمعطف: الرداء، وسمى عطافا لوقوعه على عطفى الرجل وهما ناحيتا عنقه. والمجد
في كلام العرب: الشرف الواسع، ورجل ماجد: مفضال كثير الخير شريف، والمجيد فعيل
للمبالغة، وقيل: هو الكريم الفعال، وقيل إذا قارن شرف الذات حسن الفعال سمى مجدا.
(2) معاقد العز من العرش: الخصال التي استحق بها العز، أو مواضع انعقادها
منه كذا في النهاية، وقال: وحقيقة معناه بعز عرشك.
(3) اما ناظر إلى قوله تعالى: كتب على نفسه الرحمة " أو يكون " من " بيانية أي
أسألك بكتابك: القرآن الذي هو نهاية رحمتك على عبادك ولا يكون لك رحمة أعظم منه عندنا
أو أسألك بحق نهاية رحمتك التي أثبت في كتابك اللوح المحفوظ أو القرآن.
(4) أي صفاتك الكاملة من العلم والقدرة والإرادة وغيرها مما لا يحصى، أو أنبيائك أو
أوصيائك أو القرآن.
(5) تذكر مكانها الحاجات.
(6) فدحه الدين: أثقله، وفوادح الدهر: خطوبه، والفادحة: النازلة.
(7) وهو خمسة أمداد والصاع المعروف أربعة أمداد. (م ت)
555

الليل الأخير ثم لبست أدنى ما يلبس من تعول من الثياب (1) إلا أن عليك في تلك الثياب
إزار، ثم تصلي ركعتين تقرأ فيهما بالتوحيد وقيل أيها الكافرون، فإذا وضعت
جبينك في الركعة الأخيرة للسجود هللت الله وقدسته وعظمته ومجدته (2)، ثم
ذكرت ذنوبك فأقررت بما تعرف منها تسمي، وما لم تعرف أقررت به جملة، ثم رفعت
رأسك فإذا وضعت جبينك في السجدة الثانية استخرت الله مائة مرة تقول: " اللهم
إني أستخيرك بعلمك (3) " ثم تدعو الله بما شئت من أسمائه وتقول " يا كائنا قبل كل
شئ ويا مكون كل شئ ويا كائنا بعد كل شئ افعل بي كذا وكذا " وكلما سجدت
فأفض بركبتيك إلى الأرض (4) وترفع الإزار حتى تكشف عنهما واجعل الإزار من
خلفك بين أليتيك وباطن ساقيك، فإني أرجو أن تقضى حاجتك إن شاء الله تعالى،
وأبدأ بالصلاة على النبي وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين ".
صلاة أخرى للحاجة
1543 - روى موسى بن القاسم البجلي، عن صفوان بن يحيى، ومحمد بن سهل
عن أشياخهما عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إذا حضرت لك حاجة مهمة إلى الله عز و
جل فصم ثلاثة أيام متوالية: الأربعاء والخميس والجمعة، فإذا كان يوم الجمعة
إن شاء الله تعالى فاغتسل والبس ثوبا جديدا ثم اصعد إلى أعلى بيت في دارك وصل
فيه ركعتين، وارفع يديك إلى السماء ثم قل: " اللهم إني حللت بساحتك لمعرفتي

(1) أي أخشن الثياب التي تلبسها عيالك.
(2) يعنى قلت " لا إله إلا الله " سبحان الله، الله أكبر، لا حول ولا قوة الا بالله " وأمثالها.
(3) أي أطلب منك أن تجعل خيرى في قضاء حاجتي، أو تجعل قضاء حاجتي خيرا
لي، أو تقضى حاجتي إن كان خيرا في علمك وقدرتك عليها وعلى جعلها خيرا. (م ت)
(4) أفضى بيده على الأرض إذا مسها بباطن راحته في سجوده.
556

بوحدانيتك وصمدانيتك (1) وإنه لا قادر على حاجتي غيرك، وقد علمت يا رب
أنه كلما تظاهرت نعمتك علي اشتدت فاقتي إليك، وقد طرقني هم كذا وكذا (2)
وأنت بكشفه عالم غير معلم، واسع غير متكلف (3)، فأسألك باسمك الذي وضعته
على الجبال فنسفت (4) ووضعته على السماء فانشقت، وعلى النجوم فانتثرت، وعلى
الأرض فسطحت، وأسألك بالحق الذي جعلته عند محمد والأئمة عليهم السلام وتسمهم إلى
آخرهم أن تصلي على محمد وأهل بيته وأن تقضي حاجتي وأن تيسر لي عسيرها، و
تكفيني مهمها، فإن فعلت فلك الحمد، وإن لم تفعل فلك الحمد، غير جائر في حكمك
ولا متهم في قضائك ولا حائف في عدلك (5) وتلصق خدك بالأرض وتقول: " اللهم إن
يونس بن متي عبدك دعاك في بطن الحوت وهو عبدك فاستجبت له (6) وأنا عبدك أدعوك
فاستجب لي " ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: لربما كانت الحاجة لي فأدعو بهذا الدعاء
فأرجع وقد قضيت ".
صلاة أخرى للحاجة
1544 - روى سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إن أحدكم إذا مرض

(1) " حللت بساحتك " أي نزلت ووقفت ببابك، والساحة: فناء الدار وفضاء الدار
والصمد: الرفيع والدائم والسند ومن يقصد إليه في الحوائج أي كونك مصمودا إليه في
الحوائج مقصودا فيها.
(2) أي نزل بي هم كذا، وتذكر مكان " كذا وكذا " مهمك.
(3) " عالم " أي لا يحتاج إلى ذكر أسباب الكشف عندك. " واسع " أي واسع القدرة
أو واسع الكرم أو الأعم. " غير متكلف " أي غير شاق عليك.
(4) نسفت البناء نسفا: قلعته، والتعبير بلفظ الماضي لتحقق الوقع أو المراد في
الدنيا أي بأن جعلته رملا.
(5) الحيف: الجور والظلم
(6) يعنى أن العبودية والتذلل والانكسار سبب القضاء الحوائج وهو مشترك، فلا يرد أن بينهما بون بعيد. (م ت)
557

دعا الطبيب وأعطاه، وإذا كانت له حاجة إلى سلطان رشا البواب وأعطاه، ولو أن
أحدكم إذا فدحه أمر فزع إلى الله تعالى فتطهر (1) وتصدق بصدقة قلت أو كثرت ثم
دخل المسجد فصلى ركعتين فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وأهل بيته عليهم السلام،
ثم قال: " اللهم إن عافيتني من مرضي، أو رددتني من سفري، أو عافيتني مما أخاف
من كذا وكذا " إلا آتاه الله ذلك (2) وهي اليمين الواجبة وما جعل الله تبارك وتعالى عليه
في الشكر ".
صلاة أخرى للحاجة
1545 - " كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا حزنه أمر (3) لبس ثوبين من أغلظ
ثيابه وأخشنها، ثم ركع في آخر الليل ركعتين حتى إذا كان في آخر سجدة من
سجوده سبح الله مائة تسبيحة، وحمد الله مائة مرة، وهلل الله مائة مرة، وكبر الله
مائة مرة، ثم يعترف بذنوبه كلها (4) ما عرف منها أقر له تبارك وتعالى به في سجوده
وما لم يذكر منها اعترف به جملة ثم يدعو الله عز وجل ويفضي بركبتيه إلى الأرض ".

(1) لعل المراد الغسل أو الوضوء.
(2) جواب الشرط محذوف مثل قوله " فأنت أهل لذلك " ونحوه. وقيل: الظاهر
أن جوابه التزام نذر من صدقه وغيرها بقرينة ما سبق من قوله " دعا الطبيب وأعطاه ورشا
البواب " ولا يخفى بعده وما جعله قرينة ليس بقرينة لأنه عليه السلام ذكر الصدقة قبل ذلك،
وقوله " الا آتاه الله ذلك " مستثنى من مقدر أي لم يفعل أو ما يفعله الا آتاه الله، المذكور
والمقدر جواب لقوله عليه السلام: " وهي اليمين الواجبة " أي هذه الصلوات والصدقة
والدعاء بمنزلة اليمين الواجب على الله قبولها. قال العلامة المجلسي - رحمه الله -.
(3) في جميع النسخ جعل " حزبه " - بالزاي والباء الموحدة من تحت - نسخة،
وحزبه أمر أي نابه واشتد عليه أو ضغطه، أو نزلت به مهمة واصابه غم.
(4) أي يعترف بالتقصير في العبادة أو القصور فيها في بعض الأحيان، وهو مقتضى مقام
العبودية والا فهو معصوم عصمه الله تعالى من الخطأ والنسيان فضلا عن الذنب وقد تقدم الكلام
في أمثاله.
558

صلاة أخرى للحاجة
1546 - روي عن يونس بن عمار قال: " شكوت إلى أبي عبد الله عليه السلام رجلا
كان يؤذيني، فقال: أدع عليه فقلت: قد دعوت عليه، فقال: ليس هكذا ولكن اقلع عن
الذنوب وصم وصل وتصدق فإذا كان آخر الليل فأسبغ الوضوء، ثم قم فصل ركعتين
ثم قل: وأنت ساجد: " اللهم إن فلان بن فلان قد آذاني اللهم أسقم بدنه، واقطع
أثره وانقص أجله واجعل له ذلك في عامه هذا " قال: ففعلت، فما لبث أن هلك " (1).
صلاة أخرى للحاجة
1547 - روى عمر بن أذينة عن شيخ من آل سعد قال: " كانت بيني وبين رجل
من أهل المدينة خصوصة ذات خطر عظيم، فدخلت على أبى عبد الله عليه السلام فذكرت
له ذلك، وقلت: علمني شيئا لعل الله يرد على مظلمتي (2) فقال: إذا أردت العدو
فصل بين القبر والمنبر ركعتين أو أربع ركعات وإن شئت ففي بيتك، وأسال الله أن
يعينك وخذ شيئا مما تيسر فتصدق به على أول مسكين تلقاه، قال: ففعلت ما
أمرني فقضى لي ورد الله على أرضى ".
صلاة أخرى للحاجة
1548 - روى زياد القندي، عن عبد الرحيم القصير قال: " دخلت على أبى -

(1) في بعض النسخ " فما لبثت أن هلك " والظاهر أن الرجل كان من المخالفين و
أراد قتله ولهذا جوز له الدعاء بالهلاك الا أن يقصد بقطع الأثر الظلم، ويحتمل جواز الدعاء
على الظالم مطلقا بالهلاك لعدم الاستفصال، والأولى الدعاء برفع ظلمه وهدايته فهو أسرع
إجابة فيما جربناه. (م ت)
(2) المظلمة: ما يظلم الرجل وما تطلبه عند الظالم وهو اسم ما اخذ منك. (م ت)
559

عبد الله عليه السلام فقلت: جعلت فداك إني اخترعت دعاء، فقال: دعني من اختراعك (1)
إذا نزل بك أمر فافزع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فصل ركعتين تهديهما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
قلت: كيف أصنع؟ قال: تغتسل وتصلي ركعتين تستفتح بهما افتتاح الفريضة وتتشهد
تشهد الفريضة (2) فإذا فرغت من التشهد وسلمت قلت: " اللهم أنت السلام ومنك السلام
وإليك يرجع السلام (3) اللهم صلى على محمد وآل محمد، وبلغ روح محمد وآل محمد عني
السلام، والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته، اللهم إن هاتين الركعتين هدية مني إلى
رسولك صلى الله عليه وآله فأثبني عليهما (4) ما أملت ورجوت منك وفي رسولك (5) يا ولي المؤمنين "
ثم تخر ساجدا وتقول: " يا حي يا قيوم، يا حيا لا يموت، لا حي لا إله إلا أنت
يا ذا الجلال والاكرام، يا أرحم الراحمين " أربعين مرة، ثم تضع خدك الأيمن على
الأرض فتقولها أربعين مرة، ثم تضع خدك الأيسر فتقول ذلك أربعين مرة، ثم
ترفع رأسك وتمد يديك وتقول ذلك أربعين مرة ثم ترد يدك إلى رقبتك وتلوذ

(1) يدل ظاهرا على النهى عن اختراع الدعاء وحمل على الكراهة لعموم الامر بالدعاء
الا فيمن لا يعرف الله وصفاته العليا، فربما يتكلم بما لا يجوز له، ولا ريب أن الدعاء بالمنقول
أولى، ويمكن أن يكون مراده الدعاء بقضاء الحاجة ويكون النهى لاشتراطه بشرائط كثيرة
من الاستشفاع برسول الله صلى الله عليه وآله وصلاة الهدية والغسل وغيرها (م ت)
أقول: زياد القندي
هو زياد بن مروان واقفي بل من أركان الوقف ولم يوثق، و عبد الرحيم القصير مجهول الحال.
(2) " افتتاح الفريضة " أي بالتكبيرات السبع أو بتكبيرة الاحرام وكذا التشهد
باشتماله على المندوب والواجبات. (م ت)
(3) " أنت السلام " أي السالم من العيوب وصفات النقص أو مما يلحق غيره تعالى
من الفناء والآفات. " ومنك السلام " أي السلامة. " واليك يعود السلام " أي لو وقع من
المخلوقين سلامة العيوب فإليك ترجع لأنها بتأييدك وتوفيقك. (م ت)
(4) من الإثابة بمعنى الجزاء، وفى بعض النسخ " فأتني " من الايتاء بمعنى
الاعطاء.
(5) أي في الاستشفاع برسولك أو في بلاغ السلام والصلاة. (م ت)
560

بسبابتك (1) أربعين مرة، ثم خذ لحيتك بيدك اليسرى فابك أو تباك وقل: " يا محمد
يا رسول الله أشكو إلى الله وإليك حاجتي وأشكو إلى أهل بيتك الراشدين حاجتي و
بكم أتوجه إلى الله في حاجتي " ثم تسجد وتقول: " يا الله يا الله حتى ينقطع نفسك
صل على محمد وآل محمد، وافعل بي كذا وكذا " قال أبو عبد الله عليه السلام: أنا الضامن
على الله عز وجل أن لا يبرح حتى تقضى حاجته ".
(صلاة أخرى للحاجة)
قال أبي رضي الله عنه في رسالته إلي: إذا كانت لك يا بني إلى الله عز وجل
حاجة فصم ثلاثة أيام الأربعاء والخميس والجمعة، فإذا كان يوم الجمعة فأبرز إلى
الله تعالى (2) قبل الزوال وأنت على غسل وصل ركعتين تقرأ في كل ركعة منهما الحمد
وخمس عشرة مرة قل هو الله أحد فإذا ركعت قرأتها عشرا، فإذا رفعت رأسك من
الركوع قرأتها عشرا، فإذا سجدت قرأتها عشرا، فإذا رفعت رأسك من السجود قرأتها
عشرا، فإذا سجدت ثانية قرأتها عشرا، فإذا رفعت رأسك من السجدة الثانية قرأتها
عشرا ثم نهضت إلى الثانية بغير تكبير وصليتها مثل ما وصفت لك، واقنت في الثانية
قبل الركوع وبعد القراءة.
فإذا تفضل الله عليك بقضاء حاجتك فصل ركعتي الشكر تقرأ في الأولى الحمد
وقل هو الله أحد، وفي الثانية الحمد وقل يا أيها الكافرون، وتقول في الركعة الأولى
في ركوعك الحمد لله شكرا وفي سجودك شكرا لله وحمدا وتقول في الركعة الثانية في
الركوع والسجود " الحمد لله الذي قضى حاجتي وأعطاني مسألتي " (3).

(1) لاذ يلوذ لواذ أولياذا: لجأ إليه، ولاذ به التجأ إليه وانضم واستغاث به أي
تتحرك تضرعا وابتهالا إصبعك التي بين الوسطى والابهام يمينا وشمالا.
(2) أي اخرج إلى الفضاء من الصحراء أو السطح أو غيرهما. (م ت)
(3) كما في الكافي ج 3 س 481 باب صلاة الشكر.
561

(صلاة أخرى للحاجة)
1549 - في كتاب محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري عن إبراهيم بن
هاشم، عن محمد بن سنان يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام " في الرجل يحزنه الامر ويريد
الحاجة قال: يصلي ركعتين ويقرأ من إحديهما قل هو الله أحد ألف مرة، وفي الأخرى
مرة ثم يسأل حاجته ".
وقد أخرجت ما رويته من صلوات الحوائج في كتاب ذكر الصلوات التي هي
سوى الخمسين.
(باب صلاة الاستخارة)
1550 - روى هارون بن خارجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إذا أراد أحدكم
أمرا فلا يشاور فيه أحدا من الناس حتى يبدأ فيشاور الله تبارك وتعالى، قال: قلت:
وما مشاورة الله تبارك وتعالى جعلت فداك؟ قال: يبدأ فيستخير الله فيه (1) أولا ثم يشاور
فيه فإنه إذا بدأ بالله تبارك وتعالى أجرى له الخيرة على لسان من يشاء من الخلق ".
1551 - وروى مرازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إذا أراد أحدكم شيئا فليصل
ركعتين ثم ليحمد الله عز وجل وليثن عليه وليصل على النبي صلى الله عليه وآله ويقول: " اللهم
إن كان هذا الامر خيرا لي في ديني ودنياي فيسره لي وقدره لي وإن كان غير ذلك
فاصرفه عني " قال مرازم: فسألت أي شئ يقرأ فيها، فقال: أقرأ فيها ما شئت،
إن شئت فاقرأ فيهما بقل هو الله أحد، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد تعدل
ثلث القرآن ". 1552 - وسأل محمد بن خالد القسري أبا عبد الله عليه السلام " عن الاستخارة فقال:
هامش (1) *
(1) أي يطلب منه تعالى أن يصلح الأمور له وأن يجعل خيرة في الأصلح (م ت) أقول:
ويمكن أن يكون المراد أن يقول: (أستخير الله) وان زاد (برحمته) كما يأتي فهو أحسن.
562

استخر الله في آخر ركعة من صلاة الليل وأنت ساجد مائة مرة ومرة، قال: كيف أقول
قال: تقول: أستخير الله برحمته، أستخير الله برحمته ".
1553 - وروى حماد بن عثمان الناب عنه عليه السلام أنه قال في الاستخارة:
" أن يستخير الله الرجل في آخر سجدة من ركعتي الفجر مائة مرة ومرة، ويحمد
الله ويصلي على النبي وآله، ثم يستخير الله خمسين مرة، ثم يحمد الله ويصلي على
النبي وآله صلى الله عليه وآله ويتم المائة والواحدة ".
1554 - وروى حماد بن عيسى، عن ناجية (1) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه " كان إذا
أراد شراء العبد أو الدابة أو الحاجة الخفيفة أو الشئ اليسير استخار الله عز وجل
فيه سبع مرات، فإذا كان أمرا جسيما استخار الله مائة مرة " (2).
1555 - وروى معاوية بن ميسرة عنه عليه السلام أنه قال: " ما استخار الله عبد
سبعين مرة بهذه الاستخارة إلا رماه الله عز وجل بالخيرة (3) يقول: " يا أبصر الناظرين
ويا أسمع السامعين، ويا أسرع الحاسبين، ويا أرحم الراحمين، ويا أحكم الحاكمين
صل على محمد وأهل بيته وخر لي في كذا كذا ".
وقال أبي رضي الله عنه في رسالته إلى: إذا أردت يا بني أمرا فصل ركعتين
واستخر الله مائة مرة ومرة فما عزم لك فافعل وقل في دعائك: " لا إله إلا الله الحليم
الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، رب بحق محمد وآله صلى على محمد وآله وخر
لي في كذا وكذا للدنيا والآخرة خيرة في عافية ".

(1) هو غير موثق.
(2) أي كان يقول: " أستخير الله ".
(3) أي وقفه للخبر، أو جعل خيره فيما يريد ويخطر فيما يريد ويخطر بباله أو يلقيه على لسان مؤمن
يشاوره وأمثالها. (م ت)
563

باب
* (ثواب الصلاة التي يسميها الناس صلاة فاطمة عليها السلام (1)) *
* (ويسمونها أيضا صلاة الأوابين) *
1556 - روى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " من توضأ فأسبغ
الوضوء، وافتتح الصلاة فصلى أربع ركعات يفصل بينهن بتسليمة، يقرأ في كل ركعة
فاتحة الكتاب [مرة]، وقل هو الله أحد خمسين مرة انفتل حين ينفتل وليس بينه و
بين الله عز وجل ذنب إلا غفر له ".
1557 - وأما محمد بن مسعود العياشي رحمه الله فقد روى في كتابه عن عبد الله
ابن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن السماك، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: " من صلى أربع ركعات فقرأ في كل ركعة بخمسين مرة قل هو
الله أحد (2) كانت صلاة فاطمة عليها السلام وهي صلاة الأوابين ".
وكان شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد رضي الله عنه يروي هذه الصلاة وثوابها
إلا أنه كان يقول: إني لا أعرفها بصلاة فاطمة عليها السلام، وأما أهل الكوفة فإنهم يعرفونها
بصلاة فاطمة عليها السلام.
وقد روى هذه الصلاة وثوابها أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام.
باب
* (ثواب صلاة ركعتين بمائة وعشرين مرة قل هو الله أحد) *
1558 - في رواية بن أبي عمير عن الصادق عليه السلام قال: " من صلى ركعتين
خفيفتين بقل هو الله أحد في كل ركعة ستين مرة انفتل وليس بينه وبين الله عز وجل ذنب ".

(1) المشهور بين الأصحاب أنها صلاة أمير المؤمنين عليه السلام كما في رواية المفضل.
(2) عدم ذكر فاتحة الكتاب لاشتهار حديث " لا صلاة الا بفاتحة الكتاب ".
564

باب
* (ثواب التنفل في ساعة الغفلة) *
1559 - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " تنفلوا في ساعة الغفلة ولو بركعتين خفيفتين
فإنهما تورثان دار الكرامة ".
1560 - وفي خبر آخر " دار السلام " وهي الجنة، وساعة الغفلة بين المغرب
والعشاء الآخرة. (1)
باب
* (نوادر الصلوات) * (2)
1561 - روى بكير بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: " ما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله
الضحى قط ". (3)

(1) كما رواه المصنف - رحمه الله - مسندا في ثواب الأعمال ومعاني الاخبار والمجالس
والعلل. وروى الشيخ - رحمه الله - في المصباح ص 76 عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع)
قال: " من صلى بين العشائين ركعتين يقرأ في الأولى الحمد، وذا النون إذ ذهب مغاضبا - إلى
قوله - وكذلك ننجي المؤمنين " وفى الثانية الحمد وقوله: " وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها
الا هو - إلى آخر الآية - " فإذا فرغ من القراءة رفع يديه وقال: " اللهم إني أسألك
بمفاتح الغيب التي لا يعلمها الا أنت أن تصلى على محمد وآل محمد - وأن تفعل بي كذا
وكذا - اللهم أنت ولى نعمتي، والقادر على طلبتي، تعلم حاجتي فأسألك بحق محمد وآله
عليه وعليهم السلام لما قضيتها لي " وسأل الله حاجته أعطاه الله ما سأل ".
(2) الظاهر أن المراد بالنوادر التي لا يجمعها باب وتكون متفرقة، وقد
يطلق على الاخبار الشاذة. (م ت)
(3) بدل كالاخبار المستفيضة عن أهل البيت (ع) على عدم مشروعية صلاة الضحى (م ت)
والعامة يقولون باستحبابها.
565

1562 - وروى عبد الواحد بن المختار الأنصاري عن أبي جعفر عليه السلام قال: " سألته
عن صلاة الضحى فقال: أول من صلاها قومك، إنهم كانوا من الغافلين فيصلونها ولم يصلها
رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال: إن عليا عليه السلام مر على رجل وهو يصليها فقال علي عليه السلام:
ما هذه الصلاة؟ فقال: أدعها يا أمير المؤمنين؟ فقال عليه السلام: أكون أنهى عبدا إذا
صلى " (1).
1563 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " ما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله
الضحى قط، قال: فقلت له: ألم تخبرني أنه كان عليه السلام يصلي في صدر النهار أربع
ركعات؟ قال: بلى إنه كان يجعلها من الثمان التي بعد الظهر ".
1564 - وسأل عبد الله بن سنان أبا عبد الله عليه السلام " عن الصلاة في شهر رمضان
فقال: ثلاث عشرة ركعة منها الوتر، وركعتان قبل صلاة الفجر، كذلك كان رسول -
الله صلى الله عليه وآله يصلي ولو كان فضلا كان رسول الله صلى الله عليه وآله أعمل به وأحق ". (2)
1565 - وسأله عقبة بن خالد " عن رجل دعاه رجل وهو يصلي فسها فأجابه

(1) أي ان كانت صلاتك صلاة مشروعة فكيف نهيتك عنها مع أن الله تعالى يقول:
" أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى ". وفى الكافي ج 3 ص 452 في مرفوعة قال: " مر
أمير المؤمنين (ع) برجل يصلى الضحى في مسجد الكوفة فغمز جنبه بالدرة وقال: نحرت
صلاة الأوابين نحرك الله، قال: فأتركها؟ قال: فقال: " أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى "
فقال أبو عبد الله عليه السلام: وكفى بانكار علي عليه السلام نهيا ". أي قال أمير المؤمنين
عليه السلام: صلاتك لبست بصلاة حتى لا يجور المنع عنها كما يفهم من الآية بل هي بدعة و
يؤيده قول الصادق عليه السلام " كفى بانكار علي (ع) نهيا ". ونقل المخالفون هذا الخبر
بصورة محرفة وفسروه بما هو أشنع كن تحريفهم. راجع النهاية مادة " نحر ".
وروى البخاري عن مؤرق العجلي " قال قلت لابن عمر: تصلى الضحى؟ قال: لا، قلت:
فعمر؟ قال: لا، قلت: فأبو بكر؟ قال: لا، قلت: فالنبي (ع)؟ قال: لا اخاله ".
(2) يدل على عدم مشروعية نافلة رمضان، وحمل على الجماعة كما يفعله العامة و
يسمونها بالتراويح للاخبار الكثيرة الدالة على مشروعيتها (م ت) وقال سلطان العلماء:
كناية عن انه ليس في شهر رمضان موظف في الليل غير المشهور وهو صلاة الليل والشفع
والوتر وركعتي الفجر. (م ت)
566

بحاجته كيف يصنع؟ قال: يمضي على صلاته ". (1)
1566 - وروى عمران الحلبي عنه أنه قال " ينبغي تخفيف الصلاة من أجل
السهو ". (2)
1567 - وروى سماعة بن مهران عنه عليه السلام أنه قال " يجوز صدقة الغلام، وعتقه
ويؤم الناس إذا كان له عشر سنين ". (3)

(1) يدل على عدم بطلان الصلاة بالكلام ساهيا وقد تقدم الاخبار فيه.
(2) المراد به أعم من الشك ولو أمكن دفعه بالخاتم وغيره فهو مقدم على التخفيف
لما تقدم. (م ت)
(3) يعارض الاخبار التي اشترطت الاحتلام، وحمل على امامة الصبيان. وجوز
الشيخ - رحمه الله - في بعض كتبه إمامة الصبي، وابن الجنيد إذا كان سلطانا كولى عهد
المسلمين، وقال استاذنا الشعراني - مد ظله -: اعلم أن كثيرا منا ومن العامة عند تعريف الصحة
والفساد التزموا بان عبادات الصبي يصح ان يطلق عليها لفظ الصحيح وذلك لأن الصحيح هو المطابق
للامر سواء كان الامر متعلقا بمن جرى على يديه الفعل أو غيره، ألا ترى أنه يقال حج الصبي
صحيح وإن كان رضيعا وذلك لأنه مطابق للامر، وهذا لا يستلزم كونه مخاطبا بالخطاب الشرعي
ومأمورا بالتكليف، قال العلامة - رحمه الله - في المختلف ما حاصله: ان غير البالغ ليس من
أهل التكليف ولا يقع منه الفعل على وجه يعد طاعة لأنها موافقة الامر والصبي ليس مأمورا
اجماعا وأمر الولي بأمرهم بالصلاة ليس أمرا لهم، فان الامر بالامر بالشئ ليس أمرا بذلك
الشئ - انتهى. وهو حق ألا ترى أنك تأمر ابنك بان يأمر عبده بشرا شئ وهذا لك جائز
ولا يستلزم ذلك أن تأمر عبده بغير واسطة لأنه غير جائز إذ ليس لك بالنسبة إلى عبد ابنك مولوية
ولا يجب عليه اجابتك مع أنه يجب عليه إجابة ابنك ويجب على ابنك اجابتك، وبالجملة إذا
كان للامر مولوية على المأمور ومأمور المأمور كليهما بحيث يجب عليهما طاعته
بالامر أمرا، وأما إذ لم يكن للامر مولوية بالنسبة إلى مأمور المأمور ولا يجب عليه طاعته
فالامر بالامر ليس أمرا ومع ذلك فيجوز اطلاق الصحة على عبادات الصبي وان لم يكن مخاطبا،
وقيل: إذا كان غرض الامر امتثال مأمور المأمور بشرط امر المأمور إياه لم يكن الامر
بالامر بالشئ أمرا بذلك الشئ، وليس بجيد لان مأمور المأمور حينئذ مأمور أيضا مشروطا،
والامر المشروط أيضا أمر كامر الزوجة بإطاعة زوجها.
567

1568 - وقال الصادق عليه السلام: " إذا صليت معهم غفر لك بعدد من
خالفك ". (1)
1569 - وروى عنه عبد الرحمن بن أبي عبد الله أنه قال: " إذا صليت فصل في
نعليك إذا كانت طاهرة فإن ذلك من السنة ". (2)
1570 - وروى الحلبي عنه عليه السلام أنه قال: " إذا صليت في السفر شيئا من
الصلوات في غير وقتها فلا يضرك ". (3)
1571 - وروي عن عائذ الأحمسي أنه قال: " دخلت على أبي عبد الله عليه السلام
وأنا أريد أن أسأله عن الصلاة، فابتدأني من غير أن أسأله، فقال: " إذا لقيت الله
عز وجل بالصلوات الخمس المفروضات لم يسألك عما سوى ذلك ". (4)
1572 - وقال الصادق عليه السلام: " المؤمن معقب ما دام على وضوء " (5).
1573 - وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " قلت له: أخبرني
عن رجل عليه من صلاة النوافل ما لا يدري ما هو من كثرتها (6) كيف يصنع؟ قال:
فليصل حتى لا يدري كم صلى من كثرتها، فيكن قد قضى بقدر ما علمه من ذلك (7)

(1) قوله: " معهم " أي المخالفين.
(2) يدل على استحباب الصلاة في النعل العربي إذا كانت طاهرة، وقد تقدمت الاخبار
فيه، واشتراط الطهارة فيه مع أنه مما الصلاة اما على الاستحباب واما على استثنائها
من العمومات مطلقا أو إذا كانت ميتة. (م ت)
(3) يدل على أن السفر عذر في عدم ايقاع الصلاة في وقت الفضيلة (م ت) أو محصول
على النافلة.
(4) تقدم تحت رقم 615 كالخبر الآتي.
(5) رواه الشيخ في الصحيح، ويحتمل أن يكون المراد أن مجرد الكون على الوضوء
كاف في ثواب التعقيب، أو كاف في المصلى، فالأولى أن يكون ذاكرا مع الامكان. (م ت)
(6) الضمير راجع إلى " ما " باعتبار الصلاة وفى التهذيب " من كثرته ".
(7) يمكن أن يكون المراد به الأعم من الظن الغالب أيضا وإن كان تحصيل العلم أولى
لظاهر الخبر، واستدل به على وجوب تحصيل العلم في القضاء إذا لم يعلم مقداره بمفهوم الموافقة
ولا بأس به لتأييده بأخبار آخر وللمقدمة، وإن كان الأحوط في الزائد عن الظن الغالب نية
الاحتياط، ويدل على شدة الاهتمام بالنوافل، وعلى أن التصدق مطلوب مع المشقة وان لم يكن
للمرض. (م ت)
568

ثم قال: قلت له: فإنه لا يقدر على القضاء، فقال: إن كان شغله في طلب معيشة لابد
منها أو حاجة لأخ مؤمن فلا شئ عليه، وإن كان شغله لجمع الدنيا والتشاغل بها
عن الصلاة فعليه القضاء وإلا لقى الله وهو مستخف متهاون مضيع لحرمة رسول الله
صلى الله عليه وآله، قلت: فإنه لا يقدر على القضاء فهل يجزي أن يتصدق؟ فسكت مليا (1)، ثم
قال: فليتصدق بصدقة، قلت: فما يتصدق؟ قال: بقدر طوله (2) وأدنى ذلك مد لكل
مسكين مكان كل صلاة، قلت: وكم الصلاة التي يجب فيها مد لكل مسكين؟ قال:
لكل ركعتين من صلاة الليل مد ولكل ركعتين من صلاة النهار مد، فقلت: لا يقدر، فقال:
مدا إذا لكل أربع ركعات من صلاة النهار، قلت: لا يقدر، قال: فمد إذا لصلاة
الليل ومد لصلاة النهار، والصلاة أفضل، والصلاة أفضل، والصلاة أفضل ".
تم الجزء الأول من كتاب من لا يحضره الفقيه تصنيف الشيخ السعيد أبي
جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي قدس الله روحه ونور ضريحه
ويتلوه في الجزء الثاني أبواب الزكاة. والحمد لله رب العالمين والصلاة [والسلام]
على سيدنا محمد [النبي] وآله الطاهرين
إلى هنا تمت تعاليقنا على هذا الجزء والحمد الله رب العالمين
علي أكبر الغفاري
1392 - ه‍ ق

(1) أي طويلا، كما قوله تعالى " واهجرني مليا " أي طويلا.
(2) الطول - لفتح الطاء -: الوسع والغنى والزيادة.
569