الكتاب: صفات الشيعة
المؤلف: الشيخ الصدوق
الجزء:
الوفاة: ٣٨١
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ قسم الفقه
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة: كانون انتشارات عابدي - تهران
الناشر: كانون انتشارات عابدي - تهران
ردمك:
ملاحظات:

صفات الشيعة
تأليف
أبي محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي
المشهور بالصدوق
المتوفى سنة 381 هجري
1

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد وآله الطاهرين
قال جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه الفقيه مؤلف هذا
الكتاب رحمة الله عليه
قال حدثني محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال
حدثنا محمد بن يحيى العطار الكوفي عن أبيه عن موسى بن عمران النخعي عن عمه
الحسين بن زيد النوفلي عن علي بن سالم عن أبيه عن أبي بصير قال قال الصادق (ع)
شيعتنا أهل الورع وا لاجتهاد وأهل الوفاء والأمانة وأهل الزهد والعبادة أصحاب
إحدى وخمسين ركعه في اليوم والليلة القائمون بالليل الصائمون بالنهار يزكون
أموالهم ويحجون البيت ويجتنبون كل محرم
2

حدثنا أبي رضي الله عنه، قال حدثنا علي بن إبراهيم عن
أبيه عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا (ع) قال شيعتنا
المسلمون لامرنا الآخذون بقولنا المخالفون لأعدائنا فمن يكن كذلك فليس منا
حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه الله، قال حدثنا
الحسين بن بن عامر عن عمه عبد الله بن عامر عن محمد أبى عمير عن أبان بن
عثمان عن الصادق جعفر بن محمد (ع) أنه قال لا دين لمن لا تقيه له ولا إيمان لمن
لاورع له
حدثنا محمد بن ماجيلويه رحمة الله عليه، قال حدثني
عمى محمد أبى القاسم عن محمد بن علي الكوفي عن بن سنان عن المفضل بن عمر
قال قال الصادق (ع) كذب من زعم أنه من شيعتنا وهو متمسك بعروة غيرنا
أبى رحمه الله قال حدثني عبد الله بن جعفر عن أحمد
بن محمد عن ابن أبي نجران، قال سمعت أبا الحسن (ع) يقول: من عادى شيعتنا فقد
عادانا ومن والاهم فقد والانا لأنهم منا خلقوا من طينتنا من أحبهم فهو منا ومن
3

أبغضهم فليس منا، شيعتنا ينظرون بنور الله ويتقلبون في رحمه الله ويفوزون بكرامة الله
ما من أحد شيعتنا يمرض إلا مرضنا لمرضه ولا اغتم إلا اغتممنا لغمه، ولا يفرح
إلا فرحنا لفرحه ولا يغيب عنا أحد من شيعتنا أين كان في شرق الأرض أو غربها
ومن ترك من شيعتنا دينا فهو علينا، ومن ترك منهم مالا فهو لورثته، شيعتنا الذين
يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويحجون البيت الحرام، ويصومون شهر رمضان
ويوالون أهل البيت ويتبرؤون من أعدائهم، (من أعدائنا - خ ل) أولئك أهل الايمان
والتقى، وأهل الورع والتقوى، ومن رد عليهم فقد رد على الله، ومن طعن عليهم
فقد طعن على لأنهم عباد الله حقا وأولياؤه صدقا، والله ان أحدهم ليشفع في
مثل ربيعة ومضر فيشفعه الله تعالى فيهم لكرامته الله عز وجل
4

حدثنا أبي رحمه الله، قال حدثنا سعد بن الله عن
يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير عن محمد بن عمران عن أبي عبد الله (ع) قال من
لا اله إلا الله مخلصا دخل الجنة، واخلاصه بها ان يحجبه (أن يحجزه خ ل)
لا اله إلا الله عما حرم الله تعالى.
حدثنا أبي رحمه الله، قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد
بن محمد والحسن بن علي الكوفي وإبراهيم بن هاشم، كلهم عن الحسين بن يوسف
عن سليمان بن عمرو عن مهاجر بن الحسين عن زيد بن أرقم عن النبي (ص) قال
من لا اله إلا الله مخلصا دخل الجنة واخلاصه بها أن يحجزه لا اله إلا الله عما حرم الله
حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال حدثنا
محمد بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد على عن الحسن بن محبوب عن علي
بن رئاب عن أبي عبيده الحذاء قال سمعت أبا عبد (ع) يقول لما فتح
رسول الله (ص) مكة قام الصفا فقال يا بني هاشم يا بنى عبد المطلب إني رسول الله
إليكم وانى شفيق عليكم لا تقولوا إن محمدا منا فوالله ما أوليائي منكم ولا من غيركم
5

إلا المتقون، ألا فلا أعرفكم تأتوني يوم القيامة تحملون الدينا على رقابكم ويأتي
الناس يحملون الآخرة، إلا وانى قد أعذرت فيما بيني وبينكم وفيما بين الله عز وجل
وبينكم، وان لي عملي ولكم عملكم.
حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه الله، قال
حدثنا سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن هاشم عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد
عن محمد بن قيس عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر أبيه عن جده (ع) قال قال
أمير المؤمنين (ع) مجالسة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار، ومجالسة الأخيار
تلحق الأشرار بالأخيار، ومجالسة الفجار للأبرار تلحق الفجار بالأبرار فمن
اشتبه عليكم امره ولم تعرفوا دينه فانظروا إلى خلطائه فان كانوا أهل دين الله فهو
على دين الله وان كانوا على غير دين الله فلا حظ له في دين الله إن رسول الله (ص)
كان يقول من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤاخين كافرا ولا يخالطن فاجرا
6

ومن آخى كافرا أو خالط فاجرا كان كافرا فاجرا
حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار
عن محمد بن عيسى بن عبيد ابن فضال قال سمعت الرضا (ع) يقول: من واصل
لنا قاطعا أو قطع لنا واصلا أو مدح لنا عايبا أو أكرم لنا مخالفا فليس منا ولسنا منه
حدثنا محمد بن موسى المتوكل، قال حدثنا علي بن
الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمد بن خالد عن ابن فضال عن الرضا (ع)
أنه قال: من والى أعداء الله فقد عادى أولياء ومن عادى أولياء الله فقد عادى الله
تبارك وتعالى، وحق على الله عز وجل أن يدخله في نار جهنم.
حدثني محمد بن موسى المتوكل رحمه الله عن
أحمد بن عبد الله عن أبي عبد الله (ع) يقول: والله ما شيعه على صلوا الله عليه الا من
عف بطنه وفرجه وعمل لخالقه ورجا ثوابه وخاف عقابه
7

أبى رحمه الله، قال حدثني محمد بن أحمد عن علي
بن الصلت عن محمد بن عجلان قال كنت مع أبي عبد الله (ع) فدخل رجل فسلم
فسأله كيف خلفت من إخوانك فأحسن الثناء وزكى وأطرى له كيف عيادة
أغنيائهم لفقرائهم قال قليله قال كيف مواصله أغنيائهم لفقرائهم ذات أيديهم فقال إنك
تذكر أخلاقا ما هي فيمن عندنا، قال فكيف يزعم هؤلاء انهم لنا شيعة
حدثنا محمد بن موسى المتوكل عن الحسن بن علي
الخزاز قال سمعت الرضا (ع) يقول: ان ممن يتخذ مودتنا أهل البيت لمن هو أشد
لعنه على شيعتنا من الدجال فقلت له يا بن رسول الله بما ذا قال بموالاة أعدائنا
ومعاداة أوليائنا انه إذا كان كذلك اختلط الحق بالباطل واشتبه الامر فلم يعرف
مؤمن من منافق
8

حدثنا أبي رحمه الله عن العلاء بن الفضيل عن
الصادق (ع) قال من أحب كافرا فقدا بغض الله ومن أبغض كافرا فقد أحب الله ثم
قال (ع) صديق عدو الله عدو الله
حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه الله، قال
حدثني غير واحد من أصحابنا عن جعفر بن محمد (ع) قال من جالس أهل الريب
فهو مريب
حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، قال حدثني عمى
عن المعلى بن خنيس، قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: ليس الناصب من نصب لنا
أهل البيت لأنك لا تجد أحدا يقول انا أبغض محمدا وآل ولكن الناصب من
نصب لكم وهو يعلم انكم تتوالونا وتتبرؤون من أعدائنا وقال (ع): من أشبع عدوا
لنا فقد قتل وليا لنا
أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن
جعفر الحميري جميعا عن أحمد بن محمد بن الحسن عن أبي عبد الله (ع) قال
9

ان شيعة على صلوات الله عليه كانوا خمص البطون ذبل الشفاه وأهل رأفة وعلم وحلم
يعرفون بالرهبانية فأعينوا على ما أنتم عليه بالورع والاجتهاد
حدثني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله
قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد البرقي عن محمد بن
الحسن بن شمون عن عبد الله عمرو ابن أبي المقدام عن أبيه عن أبي جعفر (ع)
أنه قال: يا أبا المقدام إنما شيعة على صلوات الله عليه الشاحبون الناحلون الذابلون
ذابلة شفاههم من القيام خميصة بطونهم مصفرة ألوانهم متغيرة وجوههم إذا جنهم الليل اتخذوا
الأرض فراشا واستقبلوها بجباههم باكية عيونهم، كثيرة دموعهم، صلاتهم كثيرة،
ودعاؤهم كثير، تلاوتهم كتاب الله، يفرحون الناس وهم يحزنون
أبى رحمه الله، قال حدثني محمد بن أحمد بن علي
بن الصلت عن أحمد بن محمد عن السندي بن محمد قال: قوم تبع أمير المؤمنين (ع)
10

فالتفت إليهم قال ما أنتم عليه قالوا شيعتك أمير المؤمنين قال مالي لا أرى عليكم
سيماء الشيعة، قالوا وما سيماء الشيعة قال صفر الوجوه السهر، خمص البطون
من الصيام، ذبل الشفاه من الدعاء عليهم غبرة الخاشعين
حدثني محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله
قال: حدثني علي بن الحسين السعد آبادي عن المفضل، قال قال أبو عبد الله (ع)
إنما شيعة جعفر من عف بطنه وفرجه واشتد جهاده وعمل لخالقه ورجا ثوابه وخاف
عقابه فإذا رأيت أولئك فأولئك شيعة جعفر
أبى رحمه الله قال: حدثني علي بن الحسين
السعد آبادي، عن جابر الجعفي قال قال أبو جعفر (ع) يا جابر يكتفى من اتخذ
التشيع يقول بحبنا أهل البيت، فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا
11

يعرفون إلا بالتواضع والتخشع وأداء الأمانة وكثره ذكر الله والصوم والصلاة
والبر بالوالدين والتعهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام
وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن الناس إلا من خير وكانوا امناء
عشائرهم في الأشياء قال جابر: يا بن رسول الله ما نعرف أحدا بهذه الصفة فقال لي
يا جابر لا تذهبن بك المذاهب حسب أن يقول أحب عليا صلوات الله عليه
وأتولاه فلو قال إني أحب رسول الله (ص) ورسول الله خير من على ثم لا يتبع سيرته
ولا يعمل بسنته ما نفعه حبه إياه شيئا فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله
وبين أحد قرابة أحب العباد إلى الله وأكرمهم اتقاهم له وأعملهم بطاعته
يا جابر ما يتقرب العبد إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة، ما معنا براءة النار ولا
12

على الله لأحد منكم حجة، من كان لله مطيعا فهو لنا ولى ومن كان لله عاصيا فهو
لنا عدو ولا تنال ولايتنا بالعمل والورع
حدثني محمد بن الحسن أحمد بن الوليد
رحمه الله قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار عن ظريف بن ناصح رفعه إلى محمد بن علي
(ع) قال إنما شيعة علي (ع) المتباذلون في ولايتنا المتحابون في مودتنا
المتزاورون لاحياء أمرنا، ان غضبوا لم يظلموا، وان رضوا لم يسرفوا، بركة لمن
جاوروا، وسلم لمن خالطوا
أبى رحمه الله قال: حدثني سعد بن عبد الله
قال حدثني محمد بن عيسى عن عمرو ابن أبي المقدام عن أبيه، قال قال لي أبو جعفر
عليه السلام أنه قال شيعة علي (ع) الشاحبون الناحلون الذابلون، ذبلة شفاههم
خميصة بطونهم، متغيرة ألوانهم وبهذا الاسناد قال قال أبو جعفر (ع) لجابر
13

يا جابر نما شيعة علي (ع) من لا يعدو صوته سمعه ولا شحناؤه بدنه، لا يمدح لنا
قاليا، ولا يواصل لنا مبغضا ولا يجالس لنا عائبا شيعة علي (ع) من لا يهر هرير
الكلب، ولا يطمع طمح الغراب، ولا يسأل الناس وان مات جوعا، أولئك الخفيفة
عيشتهم، المنتقلة ديارهم ان شهدوا لم يعرفوا، وان غابوا لم يفتقدوا وان مرضوا
يعادوا، وان ماتوا لم يشهدوا، في قبورهم يتزاورون قلت، وأين أطلب هؤلاء
قال في أطراف الأرض بين الأسواق، وهو قول الله تعالى عز وجل أذلة على
المؤمنين أعزه على الكافرين
حدثني محمد بن الحسن بن الوليد رضي الله عنه
عن المفضل بن قيس أبى عبد الله (ع)، قال: كم شيعتنا بالكوفة قال قلت
خمسون ألفا قال: فما زال يقول حتى قال: ترجو أن يكونوا عشرين ثم قال (ع)
14

والله لوددت أن يكون بالكوفة خمسة وعشرون رجلا يعرفون أمرنا الذي نحن
عليه ولا يقولون علينا إلا بالحق
حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله عن أبي
عبد الله (ع) قال قال له أبو الدوانيقي بالحيرة أيام أبى العباس: يا أبا عبد الله
ما بال الرجل من شيعتكم يستخرج ما في جوفه في مجلس واحد حتى يعرف مذهبه
فقال (ع): ذلك بحلاوة الايمان في صدورهم من حلاوته يبدونه تبديا
أبى رحمه الله قال حدثني أحمد بن إدريس
قال حدثني محمد بن أحمد عن ابن أبي عمير، يرفعه إلى أحدهم (ع) أنه قال بعضكم
أكثر صلاه من بعض، وبعضكم أكثر حجا من بعض وبعضكم أكثر صدقه من بعض
وبعضكم أكثر صياما من بعض وأفضلكم أفضل معرفه
حدثني محمد بن موسى المتوكل رحمه الله قال
حدثني محمد بن يحيى العطار قال حدثني المفضل بن زياد العبدي عن أبي عبد الله (ع)
15

قال انا أهل بيت صادقون همكم معالم دينكم وهو عدوكم بكم، واشرب قلوبهم
لكم بغضا، يحرفون ما يسمعون منكم كله، ويجعلون لكم أندادا، ثم يرمونكم به
بهتانا، فحسبهم بذلك عند الله معصية
حدثني أحمد بن محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن
يحيى بن سدير قال قال أبو عبد الله (ع) إذا كان يوم القيامة دعى الخلايق بأمهاتهم
ما خلانا وشيعتنا فانا لا سفاح بيننا
حدثني الحسن بن أحمد عن أبيه، عن محمد بن أحمد
عن عبد الله بن خالد الكناني، قال استقبلني أبو الحسن موسى بن جعفر (ع)
وقد علقت سمكة بيدي، قال اقذفها إني لأكره للرجل (السرى خ) ان يحمل الشئ
الدنى بنفسه، ثم قال (ع) انكم قوم أعداؤكم كثير يا معشر الشيعة، انكم قوم
عاداكم الخلق فتزينوا لهم ما قدرتهم عليه
16

حدثني محمد بن علي ماجيلويه، قال حدثني عمى
محمد بن أبي قاسم، عن هارون بن مسلم عن مسعدة صدقه، قال سئل أبو عبد الله (ع)
عن شيعتهم، فقال شيعتنا من قدم ما استحسن وامسك ما استقبح وأظهر الجميل
وسارع بالأمر الجليل رغبة إلى رحمة الجليل فذاك منا والينا ومعنا حيث ما كنا
حدثني محمد بن موسى المتوكل رحمه الله قال
حدثني عبد الله بن جعفر الحميري، عن الأصبغ بن نباتة قال خرج علي (ع) ذات
يوم ونحن مجتمعون فقال من أنتم وما اجتماعكم، فقلنا قوم من شيعتك يا أمير المؤمنين
فقال مالي لا أرى سيماء الشيعة، عليكم، فقلنا وما سيماء الشيعة، فقال (ع) صفر
الوجوه من صلاه الليل، عمش العيون من مخافة، ذبل الشفاه من الصيام، عليهم
غبرة الخاشعين
أبى رحمه الله قال حدثني سعد بن عبد الله عن أبي
بصير عن أبي عبد الله (ع) قال قلت جعلت فداك صف لي شيعتك، قال (ع) شيعتنا
17

من لا يعدو صوته سمعه، ولا شحناؤه بدنه، ولا يطرح كله غيره، ولا يسأل غير
إخوانه، ولو مات جوعا، شيعتنا من لا يهر هرير الكلب، ولا يطمع طمع الغراب
شيعتنا الخفيفة عيشهم المنتقلة ديارهم، شيعتنا الذين في أموالهم حق معلوم
ويتوانسون، وعند الموت لا يجزعون وفى قبورهم يتزاورون، قال قلت جعلت فداك
فأين أطلبهم قال في أطراف الأرض وبين الأسواق، كما قال الله عز وجل في كتابه
(أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين)
حدثني محمد بن الحسن، قال حدثنا علي بن
حسان الواسطي، عن عمه عبد الرحمان بن كثير الهاشمي عن جعفر بن محمد عن
أبيه (ع) قال قام من أصحاب أمير المؤمنين (ع) يقال له همام - وكان عابدا
فقال له يا أمير المؤمنين صف لي المتقين حتى كأني انظر إليهم فتثاقل أمير المؤمنين
18

صلوات الله عليه في جوابه ثم قال (ع) ويحك يا همام اتق وأحسن فان الله مع
الذين اتقوا والذين هم محسنون فقال همام يا أمير المؤمنين أسألك بالذي أكرمك
وبما خصك به وحباك وفضلك بما أنالك وأعطاك لما وصفتهم لي فقام أمير المؤمنين
صلوات الله عليه قائما على قدميه فحمد الله وأثنى عليه وصلى على وآله وسلم
ثم قال أما بعد فان الله عز وجل خلق الخلق حيث خلقهم غنيا عن طاعتهم آمنا من
معصيتهم لأنه لا تضره معصية من عصاه منهم ولا تنفعه طاعة إطاعة وقسم بينهم
معايشهم، ووضعهم من الدنيا مواضعهم وإنما اهبط الله آدم وحواء من الجنة عقوبة
لما صنعا حيث نهاهما فخالفاه وأمرهما فعصياه، فالمتقون فيها أهل الفضائل
منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع: خضعوا لله بالطاعة فبهتوا
غاضين أبصارهم عما حرم الله عليهم، واقفين اسماعهم على العلم النافع لهم، نزلت
19

أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت بهم في الرخاء رضا منهم عن الله بالقضاء
ولولا الآجال التي كتب الله عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا
إلى الثواب، وخوفا من العقاب، عظم الخالق في أنفسهم، وصغر ما دونه في أعينهم
فهم والجنة كمن قدر آها فهم منعمون، وهم والنار كمن قدر آها فهم فيها
معذبون، قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة وأجسادهم نحيفة وحوائجهم
خفيفة، وأنفسهم عفيفة ومؤنتهم من عظيمه، صبروا أياما قليلة قصارا
أعقبتهم راحة طويلة بتجارة مربحة يسرها لهم رب كريم، ارادتهم الدنيا ولم يريدوها
وطلبتهم فأعجزوها، أما الليل فصافون أقدامهم، تالين لاجزاء القرآن يرتلونه
ترتيلا، يحزنون به أنفسهم ويستبشرون به وتهيج أحزانهم بكاء على ذنوبهم ووجع
20

كلوم جوانحهم، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها بمسامع قلوبهم وأبصارهم
فاقشعرت منها جلودهم، ووجلت منها قلوبهم، وظنوا أن صهيل جهنم وزفيرها وشهيقها
في أصول آذانهم وإذا مروا بأية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا، وتطلعت أنفسهم
إليها شوقا، فظنوا أنها نصب أعينهم، جاثين على أوساطهم يمجدون جبارا عظيما
مفترشين جباههم وأكفهم وأطراف أقدامهم وركبهم تجرى دموعهم على خدودهم
يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم واما النهار فحلماء علماء بررة أتقياء قد براهم الخوف
(برى القداح - خ ل) فهم أمثال القداح، ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وبالقوم
من مرض، أو يقول قد خولطوا فقد خالط القوم أمر عظيم، إذا فكروا في عظمة الله
وشدة سلطانه مع يخالطهم من ذكر الموت وأهوال القيامة فزع ذلك قلوبهم و
21

جاشت حلومهم وذهلت قلوبهم (عقولهم - خ ل) وإذا استفاقوا بادروا إلى الله بالأعمال
الزكية لا يرضون لله أعمالهم بالقليل ولا يستكثرون له الجزيل فهم لأنفسهم
متهمون ومن أعمالهم مشفقون، ان زكى أحدهم خاف مما يقولون وقال انا أعلم
بنفسي من غيري، وربى أعلم بنفسي منى، اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني
خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون، فإنك علام الغيوب، وستار العيوب ومن
علامة أحدهم انك ترى له قوة في دين، وحزما في لين وايمانا في يقين وحرصا
على العلم، وكيسا في رفق وشفقة في نفقة، وقصدا في غناء، وخشوعا في عبادة وتحملا
في فاقة وصبرا في شدة ورحمة للجهود واعطاء في حق، ورفقا في كسب وطلبا للحلال
ونشاطا في الهدى وتحرجا عن الطمع، وبرا في استقامة وإغماضا عند شهوة
22

لا يغره ثناء من جهله، ولا يدع احصاء ما قد عمله مستنبطا لنفسه في العمل يعمل
الأعمال الصالحة وهو على وجل، يمسى وهمه الشكر ويصبح وشغله الذكر
يبيت حذرا ويصبح فرحا، حذرا لما حذر من الغفلة وفرحا لما أصاب من الفضل
والرحمة ان استصعب عليه نفسه فيما تكره يعطها سؤلها فيما إليه ضره، وفرحه
فيما يخلد ويطول، وقرة عينه فيما لا يزول ورغبته فيما يبقى وزهادته فيما يفنى
يمزج الحلم بالعلم، ويمزج العلم بالعقل، تراه بعيدا كسله، دائما نشاطه قريبا
أمله، قليلا زلله متوقعا أجله خاشعا قلبه، ذاكرا ربه خائفا ذنبه، قانعة نفسه متغيبا
جهله، سهلا أمره حريزا دينه، ميتة شهوته كاظما غيظه، صافيا خلقه، آمنا منه جاره
23

ضعيفا كبره، ميتا ضره، كثيرا ذكره، محكما امره، يحدث
بما يؤتمن عليه الأصدقاء، ولا يكتم شهادته للأعداء، ولا يعمل شيئا من الحق رياء
ولا يتركه حياءا، الخير منه مأمول، والشر منه مأمون، إن كان في الغافلين كتب
من الذاكرين، وإن كان في الذاكرين لم يكتب من الغافلين، يعفو عمن ظلمه
ويعطى من حرمه، ويصل من قطعه لا يعزب حلمه ولا يعجل فما يريبه، ويصفح
عما قد تبين بعيد (بعد خ ل) جهله، لينا قوله، غائبا مكره (منكره خ ل)، قريبا
معروفه، صادقا قوله، حسنا فعله، مقبلا خيره، مدبرا شره، فهو في الهزاهز
وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، لا يحيف على من يبغض ولا يأثم على
من لا يحب لا يدعى ما ليس له ولا يجحد حقا هو عليه، يعترف بالحق أن يشهد
24

عليه، ولا يضيع ما استحفظ (لا ينسى ما ذكره خ) ولا ينابز بالألقاب، ولا يبغي على
أحد، ولا يهم بالحسد، ولا يضر بالجار، ولا يشمت بالمصائب، سريع إلى الصلوات
مؤد للأمانات، بطئ عن المنكرات، يأمر بالمعروف، وينهى المنكر لا يدخل
في الأمور بجهل، ولا يخرج من الحق بعجز، ان صمت لم يغمه صمته. وان نطق
لم يقل خطأ، وان ضحك لم يعد صوته سمعه، قانعا بالذي قدر له، ولا يجمع به الغيظ
ولا يغلبه الهوى، ولا يقهره الشح، ولا يطمع فيما ليس له يخالط الناس ليعلم ويصمت
ليسلم، ويسأل ليفهم، ينصت ليعجب به، ولا يتكلم ليفخر على من سواه، ان بغى
عليه صبر، حتى يكون الله هو الذي ينتقم له نفسه منه في عناء والناس منه في
25

راحة، أتعب نفسه لآخرته وأراح الناس من شره، بعد من تباعد عنه بغض ونزاهة
ودنو من دنا منه لين ورحمة، فليس تباعده بكبر ولا عظمة، ولا دنوه بخديعة
وخلابة، بل يقتدى بمن كان قبله من أهل الخير، وهو امام لمن خلقه أهل البر
(قال) فصعق همام صعقة كانت نفسه فيها فقال أمير المؤمنين (ع) اما والله لقد كنت
أخافها عليه، وأمر به فجهز وصلى عليه وقال هكذا تصنع المواعظ البالغة باهلها
فقال قائل فما بالك أنت يا أمير المؤمنين قال (ع) ويلك ان لكل اجلا لن يعدوه
وسببا لا يجاوزه، فمهلا لا تعد فإنما نفث لسانك الشيطان
أبى رحمه الله، قال حدثنا سعد بن عبد الله عن
صفوان بن مهران قال قال أبو عبد الله (ع) إنما المؤمن الذي إذا غضب لم يخرجه
غضبه من حق والذي إذا رضى لم يدخله رضاه الباطل، والذي إذا قدر لم يأخذ
أكثر من ماله
26

أبى رحمه الله، قال حدثنا سعد بن عبد الله عن علي
بن عبد العزيز، قال قال أبا عبد الله (ع) يا علي بن عبد العزيز لا يغرنك بكاؤهم
فان التقوى في القلب
حدثنا محمد بن موسى المتوكل رحمه الله عن
عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: أوصيكم عباد الله بتقوى الله ولا تحملوا
الناس على أكتافكم فتذلوا، ان الله عز وجل يقول في كتابه (قولوا للناس حسنا)
ثم قال عودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، واشهدوا ولهم عليهم، وصلوا معهم في
مساجدهم، واقضوا حقوقهم، (ثم قال) أي شئ أشد على قوم يزعمون أنهم يأتمون
بقوم ويأخذون بقولهم فيأمرونهم وينهونهم ولا يقبلون ويذيعون حديثهم عند
عدوهم فيأتي عدوهم إلينا فيقولون لنا ان قوما يقولون ويروون كذا وكذا فنقول
نحن نتبرأ ممن يقول هذا فتقع عليهم البراءة
27

حدثن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد
رحمه الله، عن أبي الخطاب عن عبد الله بن زياد، قال سلمنا على أبى عبد الله (ع) بمنى
ثم قلت يا بن رسول الله انا قوم مجتازون لسنا نطيق هذا المجلس منك كلما أردناه
فأوصنا قال (ع) عليكم بتقوى الله وصدق الحديث وأداء الأمانة وحسن الصحبة لمن
صحبكم وافشاء السلام واطعام الطعام صلوا في مساجدهم وعودوا مرضاهم واتبعوا
جنائزهم فان أبى حدثني ان شيعتنا أهل البيت كانوا خيار من كانوا منهم، إن كان
فقيه كان، منهم وإن كان مؤذن كان منهم، وإن كان امام كان منهم، وإن كان
صاحب أمانة منهم، وإن كان صاحب وديعة كان منهم، وكذلك كونوا حببونا
إلى الناس ولا تبغضونا إليهم
أبى رحمه الله، قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم
عن أبيه عن إسماعيل بن مهران عن حمران بن أعين عن أبي عبد الله (ع) قال كان
علي بن الحسين (ع) قاعدا في بيته إذ قرع قوم عليهم الباب يا جاريه انظري
28

من بالباب فقالوا قوم من شيعتك فوثب عجلان كاد ان يقع فلما فتح الباب ونظر
إليهم رجع وكذبوا فأين السمت في الوجوه أين اثر العبادة، أين سيماء السجود
إنما شيعتنا يعرفون بعبادتهم وشعتهم قد قرحت العبادة منهم الآناف ودثرت الجباه
والمساجد، خمص البطون، ذبل الشفاه، قد هبجت العبادة وجوههم، وأخلق سهر
الليالي وقطع الهواجر جثثهم، المسبحون إذا سكت الناس والمصلون إذا نام الناس
والمحزونون إذا فرح الناس، يعرفون بالزهد، كلامهم الرحمة وتشاغلهم بالجنة
علي بن أحمد بن عبد الله عن أبيه عن جده
عن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن عمرو بن شمر عن عبد الله قال قال الصادق (ع)
من أقر بستة أشياء فهو مؤمن، البراءة من الطواغيت والاقرار بالولاية، والايمان
29

بالرجعة، والاستحلال للمتعة، وتحريم الجرى وترك المسح الخفين
أبى رحمه الله، قال حدثنا عبد الله بن جعفر
الحميري عن مسعدة بن صدقة عن الصادق (ع) انه قيل له ما بال المؤمن أحد شئ
قال (ع) لأن عز القرآن في قلبه، ومحض الايمان في قلبه، وهو يعبد الله عز وجل
مطيع لله، ولرسوله (ع) مصدق (قيل) فما بال المؤمن قد يكون أشح شئ قال لأنه
يكسب الرزق من حله ومطلب الحلال عزيز فلا يحب ان يفارقه لشدة ما يعلم من عسر
مطلبه وان سخت نفسه لم يضعه الا في موضعه (قيل) ما علامات المؤمن قال (ع)
أربعة نومه كنوم الغرقى، وأكله كأكل المرضى، وبكاؤه كبكاء الثكلى، وقعوده
كقعود المواثب (قيل له) فما بال المؤمن قد يكون انكح شئ قال (ع) لحفظه فرجه
عن فروج ما لا يحل له ولكي تميل به شهوته هكذا ولا هكذا، وإذا ظفر بالحلال
30

اكتفى به واستغنى به عن غيره وقال صلوات الله عليه: ان في المؤمن ثلاث خصال
لم تجتمع الا فيه، علمه بالله عز وجل، وعلمه بمن يحب، وعلمه بمن يبغض
(وقال ع) ان قوة المؤمن في قلبه، ألا ترون انكم تجدونه ضعيف البدن نحيف
الجسم، وهو يقوم الليل ويصوم النهار (وقال ع) المؤمن في دينه أشد من الجبال
الراسية وذلك لأن الجبل قد ينحت والمؤمن لا يقدر أحد ان ينحت من دينه
شيئا وذلك لضنه بدينه وشحه عليه
وبهذا الاسناد قال قال رسول الله (ص) ألا
أنبئكم لم سمى المؤمن مؤمنا لائتمان الناس إياه على أنفسهم وأموالهم ألا أنبئكم
من المسلم، المسلم من سلم الناس من يده ولسانه ألا أنبئكم بالمهاجر، من هجر
السيئات وما حرم عز وجل
31

وبهذا الاسناد قال قال رسول الله (ع) من
ساءته سيئه وسرته حسنة فهو مؤمن
أبى رحمه الله، قال حدثنا سعد بن عبد الله عن
حباب الواسطي عن أبي عبد الله (ع) قال ما أقبح بالمؤمن أن تكون له رغبه تذله
وبهذا الاسناد قال قال أبو عبد الله (ع)
البرص شبه اللعنة لا يكون فينا ولا في ذريتنا ولا في شيعتنا
وبهذا الاسناد عن أحمد بن أبي عبد الله عن حصين
بن عمر قال قال أبو عبد الله (ع): ان المؤمن أشد زبر الحديد ان الحديد إذا
أدخل النار تغير وان المؤمن قتل ثم نشر ثم قتل لم يتغير قلبه
حدثنا الحسن بن أحمد رحمه الله عن المفضل
قال أبو عبد الله (ع) ان الله تبارك وتعالى خلق المؤمنين من أصل واحد لا يدخل
فيهم داخل ولا يخرج منهم خارج، مثلهم والله مثل الرأس في الجسد ومثل الأصابع
32

في الكف، فمن رأيتم يخالف ذلك فاشهدوا عليه بتاتا انه منافق
حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله، عن
محمد بن سليمان الديلمي، قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول الشتاء ربيع المؤمن يطول
فيه ليله فيستعين به على قيامه
وبهذا الاسناد عن محمد بن أحمد عن معاوية بن عمار
قال قال أبو عبد الله (ع) ان الله لم يؤمن المؤمن من بلايا الدنيا ولكن آمنه من العمى
في الآخرة ومن الشقاء يعنى عمى البصر
وبهذا الاسناد عن محمد بن أحمد عن سعيد
بن غزوان قال قال أبو عبد الله (ع) المؤمن لا يكون محارفا (مجازفا خ ل)
وبهذا الاسناد عن أحمد بن محمد عن الصالح
بن هيثم (ميثم ظ) أبى عبد الله (ع) قال ثلاث من كن فيه استكمل خصال الايمان
33

من صبر على الظلم فكظم غيظه واحتسب وعفا كان ممن يدخله الله الجنة ويشفع في
مثل ربيعه ومضر
وبهذا الاسناد عن محمد بن أحمد: عن زيد، عن أبي
عبد الله (ع) قال لن تكونوا مؤمنين حتى تكونوا مؤتمنين وحتى تعدوا نغمة
الرخاء مصيبة وذلك إن الصبر على البلاء أفضل من العافية عند الرخاء
وبهذا الاسناد عن محمد بن أحمد عن رجل عن أبي
عبد الله (ع) قال صف لي المؤمن (قال ع) قوة في دين، وحزم في لين، و
ايمان في يقين، وحرص في فقه، ونشاط في هدى، وبر في استقامة وعلم حلم
وشكر في رفق، وسخاء في حق، وقصد في غنى، وتجمل في فاقه، وعفو في قدرة
وطاعة في نصيحة، وورع في رغبة، وحرص في جهاد، وصلاه في شغل. وصبر في شدة
34

وفي الهزاهز وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، ولا يغتاب ولا يتكبر
ولا يقسع الرحم، وليس بواهن ولا فظ ولا غليظ، ولا يسبقه بطره، ولا تفضحه بطنه
ولا يغلبه فرجه، ويحسد الناس، ولا يقتر ولا يبذر ولا يسرف، ينصر المظلوم ويرحم
المساكين، نفسه منه في عناء والناس منه في راحة لا يرغب في الدنيا ولا يفزع
من مهائل الناس، للناس هم قد اقبلوا عليه، وله هم قد شغله، لا يرى في حلمه نقص
ولا في رأيه وهن، ولا في دينه ضياع، يرشد من استشاره، ويساعد من ساعده
ويكيع عن الباطل والخنا والجهل، فهذه صفة المؤمن
وبهذا الاسناد عن محمد بن أحمد عن أبي العلاء
عن أبي عبد (ع) قال: ان المؤمن من يخافه كل شئ وذلك أنه عزيز في دين الله
ولا يخاف من شئ، وهو علامة مؤمن
35

وبهذا الاسناد عن محمد بن أحمد عن صفوان
الجمال، عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته يقول إن المؤمن يخشع له كل شئ
(ثم قال ع) إذا كان مخلصا قلبه لله أخاف الله منه كل شئ حتى هوام الأرض
وسباعها وطير السماء
أبى رحمه الله، قال حدثنا سعد بن عبد الله
قال حدثنا أحمد بن الحسن علي بن فضال عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله (ع)
انه سئل عن أهل السماء هل يرون أهل الأرض (قال ع) لا يرون إلا المؤمنين
لأن المؤمن من نور كنور الكواكب (قيل) فهم يرون أهل الأرض (قال ع)
لا يرون نوره حيث ما توجه (ثم قال ع) لكل مؤمن خمس ساعات القيامة
يشفع فيها
36

أبى رحمه الله، قال حدثنا سعد بن عبد الله
عن الحارثي عن زياد القندي عن أبي عبد الله (ع) قال كفى المؤمن من الله نصرة
أن يرى عدوه يعمل بمعاصي الله
أبى رحمه الله، قال حدثنا سعد بن عبد الله عن
الحارثي عن أبي عبد الله (ع) قال: لا يؤمن رجل فيه الشح والحسد والجبن ولا يكون
المؤمن جبانا ولا شحيحا ولا حريصا
حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (ره)، قال
حدثنا محمد بن يحيى العطار عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع)، قال المؤمن أصدق
على نفسه من سبعين مؤمنا عليه
أبى رحمه الله، عن محمد بن يحيى العطار عن
سهل بن زياد عن الحارث بن الدلهاث مولى الرضا (ع) قال سمعت أبا الحسن (ع)
يقول لا يكون المؤمن مؤمنا حتى تكون فيه ثلاث خصال سنه من ربه، وسنة من
37

نبيه، وسنه من وليه، فالسنة من ربه كتمان سره عز وجل (عالم الغيب فلا يظهر
على غيبه أحدا الا من ارتضى من رسول) وأما السنة من نبيه فمداراة الناس فان الله
عز وجل أمر نبيه بمداراة الناس فقال (خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين)
وأما السنة من وليه فالصبر على البأساء والضراء فان عز وجل يقول (والصابرين
في البأساء والضراء) أبى رحمه الله، قال حدثنا سعد بن عبد الله عن علي
الناسخ عن عبد الله بن موسى بن جعفر (ع)، قال سألته عن الملكين يعلمان
الذنب إذا أراد العبد أن يفعله أو بالحسنة قال فقال (ع) فريح الكنيف والطيب عندك
واحدة قال قلت لا قال (ع) العبد إذا هم بالحسنة خرج نفسه طيب الريح فقال صاحب
اليمين لصاحب الشمال قف فإنه قد هم بالحسنة فإذا هو فعلها كان لسانه قلمه، وريقه
38

مداده، فيثبتها له، وإذا هم بالسيئة خرج نفسه منتن الريح فيقول صاحب الشمال
لصاحب اليمين قف فإنه قد هم بالسيئة فإذا هو فعلها كان لسانه قلمه وريقه مداده
فيثبتها عليه.
حدثني محمد بن صالح عن أبي العباس الدينوري
عن محمد ابن الحنفية قال لما قدم أمير المؤمنين (ع) البصرة بعد قتال أهل الجمل
دعاه الأحنف قيس واتخذ له طعاما فبعث إليه صلوات الله عليه والى أصحابه فاقبل
ثم قال: يا أحنف ادع لي أصحابي فدخل عليه قوم متخشعون كأنهم شنان بوالي
فقال الأحنف بن قيس يا أمير المؤمنين ما هذا الذي نزل بهم أمن قله الطعام أو من
هول الحرب، فقال صلوات الله عليه لا يا أحنف ان الله سبحانه أحب أقواما تنسكوا
له في دار الدنيا تنسك من هجم على ما علم من قربهم من يوم القيامة من قبل
39

أن يشاهدوها فحملوا أنفسهم على مجهودها وكانوا ذكروا صباح يوم العرض
على الله سبحانه توهموا خروج عنق يخرج من النار يحشر الخلائق إلى ربهم تبارك
وتعالى وكتاب يبدو فيه على رؤس الاشهاد فضايح ذنوبهم فكادت أنفسهم تسيل سيلانا
أو تطير قلوبهم بأجنحة الخوف طيرانا وتفارقهم عقولهم إذا غلت بهم من اجل التجرد
إلى الله سبحانه غليانا فكانوا يحنون حنين الواله في دجى الظلم، وكانوا يفجعون
من خوف ما أوقفوا عليه أنفسهم فمضوا ذبل الأجسام، حزينة قلوبهم، كالحة
وجوههم ذابلة شفاههم، خامصة بطونهم، تراهم سكارى سمار وحشة الليل
تخشعون كأنهم شنان بوالي قد أخلصوا لله أعمالهم سرا وعلانية فلم تأمن من فزعه
40

قلوبهم بل كانوا كمن حرسوا قباب خراجهم فلو رأيتهم ليلتهم وقد نامت العيون
وهدأت الأصوات وسكنت الحركات من الطير في الركود وقد منهم بأسنا بياتا وهم نائمون)
فاستيقظوا إليها فزعين وقاموا إلى صلاتهم معولين، باكين تارة وأخرى مسبحين
يبكون في محاريبهم ويرنون يصطفون ليلة مظلمة بهماء يبكون، فلو رأيتهم يا أحنف
في ليلتهم قياما على أطرافهم منحنية ظهورهم يتلون اجزاء القرآن لصلاتهم قد
اشتدت أعوالهم ونحيبهم وزفيرهم، إذا زفروا خلت النار قد اخذت منهم إلى حلاقيمهم
وإذا أعولوا حسبت السلاسل قد صفدت في أعناقهم، فلو رأيتهم في نهارهم إذا لرأيت
قوما يمشون على الأرض هونا ويقولون للناس حسنا (فإذا خاطبهم الجاهلون قالوا
41

سلاما) (وإذا مروا باللغو مروا كراما) قد قيدوا اقدامهم التهمات، وأبكموا
ألسنتهم ان يتكلموا في اعراض، وسجموا اسماعهم أن يلجها خوض خائض
وكحلوا أبصارهم بغض النظر إلى المعاصي وانتحوا دار السلام من دخلها كان
آمنا من الريب والأحزان، فلعلك أحنف شغلك نظرك في وجه واحدة تبدى
الأسقام بغاضرة وجهها، ودار قد أشغلت بنقش رواقها وستور قد علقتها والريح والآجام
موكلة بثمرها، وليست دارك هذه دار البقاء فاحمتك الدار التي خلقها الله سبحانه
لؤلؤة بيضاء فشقق فيها أنهارها وغرس فيها أشجار ها وظلل عليها بالنضج من
ثمارها وكبسها بالعواتق من حورها ثم أسكنها أوليائه وأهل طاعته، فلو رأيتهم أحنف
42

وقد قدموا على زيادات ربهم سبحانه فإذا ضربت جنائبهم صوتت رواحلهم بأصوات
لم يسمع السامعون بأحسن منها، وأظلتهم غمامة فأمطرت عليهم المسك والرادن
وصهلت خيولها بين أغراس تلك الجنان، وتخللت بهم نوقهم بين كثب الزعفران
ويتطأ من تحت اقدامهم اللؤلؤ والمرجان، واستقبلتهم قهارمتها بمنابر الريحان
وهاجت لهم ريح من قبل العرش فنثرت عليهم الياسمين والأقحوان، وذهبوا إلى
بابها فيفتح لهم الباب رضوان، ثم يسجدون لله في فناء الجنان، فقال لهم الجبار
ارفعوا رؤسكم فانى قد رفعت عنكم مؤنة العبادة وأسكنتكم جنة الرضوان، فان
فاتك يا أحنف ما ذكرت لك في صدر كلامي لتتركن في سرابيل القطران
ولتطوفن بينها وبين حميم آن، ولتسقين شرابا حار الغليان، في انضاجه فكم
يومئذ في النار من صلب محطوم ووجه مهشوم، ومشوه مضروب على الخرطوم
43

قد اكلت الجامعة كفه، والتحم الطوق بعنقه فلو رأيتهم يا أحنف ينحدرون في
أوديتها ويصعدون جبالها، وألبسوا المقطعات من القطران، واقرنوا مع فجارها
وشياطينها فإذا استغاثوا بأسوأ أخذ من حريق شدت عليهم عقاربها وحياتها ولو رأيت
مناديا ينادى وهو يقول يا أهل الجنة ونعيمها ويا أهل حليها وحللها خلود فلا موت
فعندها ينقطع رجاؤهم وتغلق الأبواب وتنقطع بهم الأسباب فكم يومئذ من شيخ
ينادى وا شيبتاه وكم شباب ينادي وا شباباه، وكم من امرأة تنادى وا فضيحتاه
هتكت عنهم الستور، فكم يومئذ من مغموس، بين أطباقها محبوس، يا لك غمسة
ألبستك بعد نباس الكتان، والماء المبرد على الجدران، واكل الطعام ألوانا بعد
ألوان، لباسا لم يدع لك شعرا ناعما كنت مطعمه بيضه، ولا عينا كنت تبصر بها
44

إلى حبيب الا تقأها، هذا ما أعد الله للمجرمين وذلك ما أعد الله للمتقين
حدثنا الحسن بن الوليد رحمه الله، قال حدثنا
محمد بن الحسن الصفار، قال حدثنا أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن مسلم وغيره
عن أبي جعفر محمد بن الباقر (ع) قال سئل رسول الله (ص) عن خيار العباد، قال
الذين أحسنوا استبشروا، وإذا أساؤا استغفروا، وإذا أعطوا شكروا وإذا ابتلوا
صبروا، وإذا غضبوا غفروا
حدثنا محمد بن القاسم الاسترآبادي رحمه الله
قال حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار عن أبويهما عن الحسن بن علي
بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي
طالب عن أبيه عن آبائه (ع) قال قال رسول الله (ص) لبعض أصحابه ذات يوم
يا عبد الله حبب في الله، وأبغض في الله، ووال في الله، وعاد في الله فإنك لا تنال ولايته
الا بذلك، ولا يجد رجل طعم الايمان - وان كثرت صلاته وصيامه حتى يكون
45

كذلك وقد صارت مواخاة الناس في يومكم هذا أكثرها الدنيا، عليها يتوادون
وعليها يتباغضون، وذلك لا يغنى عنهم من الله شيئا، فقال له (ع) كيف لي اعلم
انى قد واليت وعاديت في الله عز وجل ومن ولى الله عز وجل حتى أو إليه ومن عدوه
أعاديه فأشار له رسول الله (ص) إلى علي (ع) فقال أترى هذا فقال بلى
فقال (ص) ولى هذا ولى الله فواله وعدو هذا عدو الله فعاده، ووال ولى هذا ولو أنه
قاتل أبيك وولدك وعاد عدو هذا ولو أنه أبوك وولدك
حدثنا الحسن بن أحمد بن إدريس رحمه الله
عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) عن آبائه (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) ان لأهل
الدين علامات يعرفون بها، صدق الحديث، وأداء الأمانة والوفاء بالعهد، وصلة
الرحم، ورحمة الضعفاء، وقلة المؤاتاة للنساء، وبذل المعروف، وحسن الخلق
وسعة الخلق، واتباع العلم، وما يقرب إلى الله عز وجل، طوبى لهم وحسن مآب
46

وطوبى شجرة في الجنة أصلها في دار النبي (ص) وليس مؤمن الا وفي داره غصن
منها لا يخطر على قلبه شهوة شئ الا اتاه ذلك الغصن به ولو أن راكبا مجدا سار
في ظلها مائة عام لم يخرج منها، ولو صار في أسفلها غراب ما بلغ أعلاها حتى يسقط
هرما ألا في هذا فارغبوا إن المؤمن نفسه منه في شغل والناس منه في راحه
إذا جنه الليل افترش وجهه وسجد لله عز وجل بمكارم بدنه، يناجى الذي خلقه في
فكاك رقبته ألا هكذا فكونوا
حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه الله
قال حدثنا أبي عن عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله (ع) قال إن الله تبارك وتعالى
خص رسول الله (ص) بمكارم الأخلاق فامتحنوا أنفسكم فان كانت فيكم فاحمدوا الله
عز وجل وارغبوا إليه في الزيادة منها، فذكرها عشرة اليقين، والقناعة والصبر
47

والشكر، والحلم، وحسن الخلق، والسخاء، والغيرة والشجاعة، والمروة
حدثنا علي بن أحمد بن عمران رضي الله عنه
عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال دخلت على سيدي علي بن محمد بن علي بن
موسى بن جعفر الصادق (ع) فلما أبصرني قال لي مرحبا بك يا أبا القاسم أنت ولينا
حقا فقلت يا بن رسول الله انى أريد ان اعرض عليك ديني فإن كان مرضيا
أثبت عليه حتى القى الله عز وجل، فقال هات يا أبا القاسم، فقلت انى أقول إن الله
تبارك وتعالى واحد ليس كمثله خارج من الحدين حد التعطيل وحد الابطال
وحد التشبيه، وانه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر، بل هو مجسم الأجسام
ومصور الصور، وخالق الاعراض والجواهر، ورب كل شئ، ومالكه وجاعله و
محدثه، وانه حكيم لا يفعل القبيح ولا يخل بالواجب، وأن محمدا عبده ورسوله
خاتم النبيين فلا نبي بعده إلى يوم القيامة وان شريعته خاتمة الشرائع لا شريعة
48

بعدها إلى يوم القيامة وأقول إن الامام والخليفة ووالى الامر بعده أمير المؤمنين
علي بن طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي ثم
جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم أنت يا مولاي
(فقال ع) ومن بعدى، الحسن ابني وكيف الناس بالخلف من بعده، قال فقلت
وكيف ذلك يا مولاي، قال (ع) لأنه لا يرى شخصه ويحل ذكره باسمه حتى بخرج
فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا قال فقلت أقررت، وأقول إن
وليهم ولى الله وعدوهم عدو الله وطاعتهم طاعة الله، ومعصيتهم معصية الله وأقول إن
المعراج حق والمساءلة في القبر حق وان الجنة حق، والنار حق، والصراط حق
والميزان حق وإن الساعة آتية لا ريب فيها وإن الله يبعث من في القبور وأقول
إن الفرائض الواجبة بعد الولاية الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد والأمر
49

بالمعروف والنهى عن المنكر وحقوق الوالدين فقلت هذا ديني ومذهبي وعقيدتي
ويقيني قد أخبرتك به، علي بن محمد (ع) يا أبا القاسم هذا والله دين الله الذي
ارتضاه لعباده فأثبت عليه ثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفى الآخرة
حدثنا أحمد بن الحسن القطان رحمه الله قال
حدثنا محمد بن عمارة عن أبيه قال قال الصادق جعفر بن محمد (ع) ليس من شيعتنا
من أنكر أربعة أشياء المعراج، والمسألة في القبر وخلق الجنة والنار والشفاعة
حدثنا محمد بن إسحاق الطالقاني رحمه الله قال حدثنا
علي بن الحسن بن علي فضال عن أبيه عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا
عليهم السلام أنه قال من كذب بالمعراج فقد كذب رسول الله (ص)
حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار
النيسابوري رضي الله عنه، قال حدثنا علي بن بن قتيبة عن الفضل بن شاذان قال
قال على موسى الرضا (ع): من أقر بتوحيد الله ونفى التشبيه ونزهه عما
50

لا يليق به، وأقر بأن له الحول والقوة والإرادة والمشية والخلق والامر والقضاء
والقدر وأن أفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين، وشهد أن محمدا
رسول الله وأن عليا والأئمة بعده حجج الله ووالى أولياءهم واجتنب الكبائر، وأقر
بالرجعة والمتعتين وآمن بالمعراج والمساءلة في القبر والحوض والشفاعة
وخلق الجنة والنار والصراط والميزان والبعث والنشور والجزاء والحساب فهو
مؤمن حقا، وهو من شيعتنا أهل البيت.
51