الكتاب: الحاشية على أصول الكافي
المؤلف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني
الجزء:
الوفاة: ١٠٨٢
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ قسم الفقه
تحقيق: محمد حسين الدرايتي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤٢٤ - ١٣٨٢ش
المطبعة: دار الحديث
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
ردمك: ٩٦٤-٧٤٨٩-٦١-٧
ملاحظات: ايران : قم المقدسة ، شارع معلم ، رقم ١٢٥ ، هاتف : ٠٢٥١٧٧٤٠٥٤٥ - ٠٢٥١٧٧٤٠٥٢٣ / لبنان : بيروت ، حارة حريك ، شارع دكاش ، هاتف : ٠٣٥٥٣٨٩٢ - ٠١٢٧٢٦٦٤ / عنوان الاينترنت : www.hadith.net البريد الالكتروني : hadith@hadith.net

بسم الله الرحمن الرحيم
1

مركز بحوث دار الحديث: 66
نائينى، محمد بن حيدر، 998 - 1082 ق.
الحاشية على أصول الكافي / رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني؛ تحقيق محمد حسين الدرايتى. - قم: دار الحديث،
1424 ق = 1382.
671 ص.: - نمونه. (مركز تحقيقات دار الحديث؛ 66، الشروح والحواشي على الكافي؛ (1)
4000 تومان ISBN: 964 - 7489 - 61 - 7
فهرستنويسى بر أساس اطلاعات فيپا.
كتاب نامه: ص 661 - 666؛ همچنين به صورت زيرنويس.
1. كلينى، محمد بن يعقوب، - 329 ق. الكافي. الأصول - نقد وتفسير. 2. أحاديث شيعه - قرن 4 ق. الف. كلينى،
محمد بن يعقوب، - 329 ق. الكافي. الأصول. ب. درايتى، محمد حسين، 1343 -، مصحح. ج. عنوان.
218 / 297
30411382 م 9 خ / 5 / 141 BP
فهرست نويسى توسط كتاب خانه تخصصى دار الحديث
2

الشروح والحواشي على الكافي (1)
الحاشية على أصول الكافي
تأليف
رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني
(م 1082 ق)
تحقيق
محمد حسين الدرايتي
3

الحاشية على أصول الكافي
مؤلف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني
تحقيق: محمد حسين الدرايتي
المساعد: نعمة الله الجليلي
استخراج الفهارس: عبد الحليم الحلي
المقابلة المطبعي: محمود سپاسى، مصطفى اوجى، مهدى جوهرچى
نضد الحروف والإخراج الفني: محمد ضياء السلطاني
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
الطبعة: الأولى، 1424 ق / 1382 ش
المطبعة: دار الحديث
الكمية: 500 نسخة
الثمن: 4000 تومان
دار الحديث للطباعة والنشر
مؤسسة دار الحديث العلمية الثقافية
دار الحديث للطباعة والنشر: قم، شارع معلم، قرب ساحة الشهداء، الرقم 125
الهاتف: 7741650 0251 - 7740523 0251 ص. ب: 4468 / 37185
hadith @ hadith. net
http: / / www. hadith. net
4

تصدير
لا يزال الكافي يحتل الصدارة الأولى من بين الكتب الحديثية عند الشيعة
الإمامية، وهو المصدر الأساس الذي لا تنضب مناهله ولا يمل منه طالبه، وهو
المرجع الذي لا يستغني منه الفقيه، ولا العالم، ولا المعلم، ولا المتعلم، ولا
الخطيب، ولا الأديب. فقد جمع بين دفتيه جميع الفنون والعلوم الإلهية واحتوى
على الأصول والفروع. فمنذ أحد عشر قرنا وإلى الآن اتكا الفقه الشيعي الإمامي
على هذا المصدر لما فيه من تراث أهل البيت (عليهم السلام)، وهو أول كتاب جمعت فيه
الأحاديث بهذه السعة والترتيب. وبعد ظهور الكافي اضمحلت حاجة الشيعة إلى
الأصول الأربعمائة، لوجود مادتها مرتبة، مبوبة في ذلك الكتاب. ولقد أثنى على
ذلك الكتاب القيم المنيف والسفر الشريف كبار علماء الشيعة ثناء كثيرا؛ قال
الشيخ المفيد في حقه: " هو أجل كتب الشيعة وأكثرها فائدة ". وتابعه على ذلك من
تأخر عنه.
ومن عناية الشيعة الإمامية بهذا الكتاب واهتمامهم به أنهم شرحوه أكثر من
عشرين مرة، وتركوا ثلاثين حاشية عليه، ودرسوا بعض أموره، وترجموه إلى غير
العربية، ووضعوا لأحاديثه من الفهارس ما يزيد على عشرات كتب، وبلغت
مخطوطاته في المكتبات ما يبلغ على ألف وخمسمائة نسخة خطية، وطبعوه ما
يزيد على عشرين طبعة.
ومن المؤسوف أن الكافي وشروحه وحواشيه لم تحقق تحقيقا جامعا لائقا به،
5

مبتنيا على أسلوب التحقيق الجديد، على أن كثيرا من شروحه وحواشيه لم تطبع
إلى الآن وبقيت مخطوطات على رفوف المكتبات العامة والخاصة، بعيدة عن
أيدي الباحثين والطالبين.
هذا، وقد تصدى قسم إحياء التراث في مركز بحوث دار الحديث تحقيق
الكافي، وأيضا تصدى في جنبه تحقيق جميع شروحه وحواشيه - وفي مقدمها ما
لم يطبع - على نحو التسلسل.
ومنها هذه الحاشية التي بين يديك أيها القارئ العزيز، التي لم تطبع حتى الآن.
كان مؤلفها هذا - رفيع الدين محمد بن حيدر الحسيني الطباطبائي النائيني،
المعروف ب‍ " ميرزا رفيعا " - من أكابر علماء الإمامية في القرن الحادي عشر، وقد
لمع ضياؤه كالكوكب في سماء الحكمة والفكر، وقضى عمره الشريف في البحث
والتنقيب والتأليف في معارف التشيع، وتلمذ على يد علماء كبار كالشيخ البهائي،
والشيخ عبد الله الشوشتري والأمير أبي القاسم الفندرسكي، وهو شيخ العلامة
المجلسي والمحدث الحر العاملي. تصدى لمدحه كل من ذكره، منها الأردبيلي
في جامع الرواة بهذه الكلمات: " فريد عصره ووحيد دهره، قدوة المحققين، سيد
الحكماء المتألهين، برهان أعاظم المتكلمين. أمره في جلالة قدره وعظم شأنه
وسمو رتبته وتبحره في العلوم العقلية، ودقة نظره وإصابة رأيه وحدثه، وثقته
وأمانته وعدالته، أشهر من أن يذكر، وفوق ما يحوم حوله العبارة ". وحاشيته هذه
من أهم الحواشي على الكافي وأدقها.
واليوم يسر مركز بحوث دار الحديث أن يصدر هذا السفر القيم والتراث
الخالد، ويقدمه هدية لمكتبة أهل البيت (عليهم السلام). نسأل الله تعالى أن يجعل هذا الجهد
ذخرا لنا يوم لا ينفع مال ولا بنون، إنه سميع الدعاء.
قسم إحياء التراث
في مركز بحوث دار الحديث
محمد حسين الدرايتي
6

مقدمة التحقيق
الفصل الأول: في حياة المصنف
الميرزا رفيعا
يعتبر السيد رفيع الدين محمد بن حيدر الحسيني الطباطبائي النائيني الاصفهاني المعروف
ب‍ " الميرزا رفيعا " من أكابر علماء الشيعة في العصر الصفوي، وقد لمع ضياؤه كالكوكب في سماء
الحكمة والفكر، حيث قضى عمره الشريف في البحث والتنقيب في معارف التشيع. وتسنى له
في أعقاب الدراسة على يد علماء كبار من أمثال الشيخ البهائي، والشيخ عبد الله الشوشتري،
والأمير أبو القاسم الفندرسكي، أن يخوض لجج بحر الفكر. وتمخضت عن تلك الجهود القيمة
والكدح المضني كتابات بارعة ومؤلفات قيمة تنم عما كان يتميز به من علم غزير.
ولد الميرزا رفيعا في بلدة زوارة في عام 998 ه‍ المصادف للسنة الثالثة من تتويج الشاه عباس
الأول ملكا على إيران. إلا أنه عرف باسم النائيني بسبب طول إقامته في نائين.
ويحتمل البعض أن يكون المزار المعروف بمزار السيد حيدر في نائين، هو ضريح هذا
السيد الجليل.
نسبه
ينتسب الميرزا رفيعا إلى السلالة الطباطبائية العلوية القاطنة في بلدة " زوارة ". ووالده السيد حيدر
الطباطبائي كان من زهاد وتقاة عصره، وينتهي نسبه من جهة أبيه - بعد أربع وعشرين ظهرا - إلى
الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)، وينتهي نسبه من جهة أمه إلى الإمام الحسين (عليه السلام). (1)

1. للاطلاع على مزيد من المعلومات عن نسب الميرزا رفيعا وشجرة نسبه، راجع:
آتشكده اردستان، أبو القاسم رفيعي مهرآبادي، ص 278، ويضم هذا الكتاب أبحاثا عن تاريخ وجغرافية مدينة
اردستان (التي تعتبر بلدة زوارة من توابعها) ودراسة في نسب السادات الطباطبائيين في إيران.
7

أولاده وأحفاده
خلف الميرزا رفيعا أربعة أولاد ذكور؛ أشهرهم أبو الحسن بهاء الدين محمد، الذي كتب عنه
المرحوم خاتون آبادي في كتابه وقائع السنين والأعوام، عند ذكره لوقائع عام 1087 ه‍ ما يلي:
وفي أواسط هذه السنة كانت وفاة السيد السند الميرزا أبو الحسن، نجل المرحوم
الميرزا رفيعا، الذي كان زميلي في الدراسة، حيث كنا ندرس سوية على يد والده
الكريم شرح التجريد وحاشية الملا جلال (حاشية جلال الدين الدواني على تهذيب
المنطق للملا سعد الدين التفتازاني). (1)
وكاه حفيده الميرزا رفيع الدين محمد من مشاهير علماء عصره، وله ابنان هما: الأمير محمد
حسين الأول، والأمير السيد على الطباطبائي، وكان الأمير محمد حسين الأول المعروف بشيخ
الإسلام، من مشاهير أصفهان، حيث كانت داره موضعا آمنا عندما حاصر الأفاغنة مدينة
أصفهان، وقد توفي هذا السيد عام 1175 ه‍ ودفن في الساحة المعروفة حاليا باسم ساحة الشهداء
في أصفهان. ولكن ضريحه أزيل عند إحداث الساحة المذكورة. وحجر قبره محفوظ حاليا في
بناية " چهل ستون ". (2)
أما بالنسبة إلى نجله الآخر، أي الأمير السيد علي الطباطبائي، فقد درس على يد والده، وغدا
من علماء وفقهاء عصره، وكان متبحرا في علوم النجوم والطب والرياضيات، وكان ينظم الشعر
أيضا. وله عدة كتب منها: حاشية على تفسير البيضاوي، ورسالة في حرمة حلق اللحية، ورسالة
في الوجوب العيني لصلاة الجمعة، ورسالة في إثبات أن القول بالرجعة من ضروريات المذهب
الشيعي. توفي في العاشر من محرم عام 1195 ه‍ وقبره في مزار ستي فاطمة (سيدتي فاطمة) (عليها السلام)
في أصفهان (قرب ساحة چهار سوق).
ومن أحفاده الآخرين الحكيم جلوه وأبوه. كان والد الحكيم جلوه - واسمه سيد محمد
مطهر المتوفي عام 1254 ه‍ - عالما أديبا، وشاعرا مؤرخا، وطبيبا بارعا. وخلف مؤلفا عنوانه
أحوال سلاطين صفوية.
أما بالنسبة إلى الحكيم المعروف الميرزا أبو الحسن جلوه (1238 - 1314 ه‍)، فقد افتخر في

1. وقايع السنين والأعوام، ص 530.
2. چهل ستون (الأربعون عمودا أو الأربعون ركيزة) بناء تاريخي يقع في وسط مدينة أصفهان، ويعتبر في الوقت
الحاضر من العتاحف والأبنية التاريخية الكثيرة في هذه المدينة.
8

سيرته الذاتية التي كتبها بناء على طلب من اعتضاد السلطنة، بانتسابه إلى سلالة الميرزا رفيعا. وقد
نقل كلامه هذا في المجلد الأول من كتاب نامه دانشوران ناصري على النحو التالي:
لأن أكثر أفراد هذه السلالة كانوا منذ قديم الأيام من ذوي الفضل، كما ذكر
صاحب الوسائل الشيخ الحر العاملي (رحمه الله) في المجلد الأول من الوسائل بأن جدي
الأعلى الميرزا رفيع الدين المعروف بالنائيني صاحب مصنفات كثيرة، واعتبره من
مشايخ اجازته. (1)
حظي الميرزا رفيعا برعاية سلاطين وأمراء عصره، وكان في عداد العلماء
الذين حضروا في المجلس الذي أقيم بمناسبة جلوس الشاه سليمان الصفوي على العرش؛ حيث
شارك في ذلك المجلس جميع العلماء الكبار، وكان على الدوام موضع اهتمام الشاه الصفوي. وقد
كتب مؤلف وقائع السنن والأعوام عند سرده لوقائع عام 1078 ه‍ ما يلي:
تربع على العرش ثاني النواب الأشرف، الأقدس، الأرفع، جلالة الملك، ظل الله في
أرضه... في شوال من عام ألف وثمانية وسبعين. وحضر في ذلك المجلس السني
جميع العلماء في دار الحكومة المباركة (في بناية عالي قاپو)، وألقى أستاذي وأستاذ
العلماء مولانا محمد باقر السبزواري خطبة بليغة فصيحة في ذلك المجلس البهي. وفي
أثناء إلقاء الخطبة وقف جميع الأمراء والأعيان والفضلاء والعلماء. وكان من الفضلاء
المعمرين المسنين الميرزا رفيعا النائيني. (2)
ألف الميرزا رفيعا كتابه الشجرة الإلهية في موضوع الاعتقادات باللغة الفارسية، باسم الشاه
صفي الصفوي في عام 1047 ه‍.
الميرزا رفيعا في آراء الآخرين
كل من كتب عن شخصية الميرزا رفيعا أثنى عليه، ووصفه بالفضل والتبحر في العلوم الإسلامية،
وذكره بالرجاحة وسمو الفكر. قال عنه معاصر صاحب قصص الخاقاني، ما يلي:
نابغة علماء وفضلاء العصر، سماحة صاحب الجلالة، شارح نص الكلام الإلهي، قنطرة
بحر الحكمة، قطب الفلك الأعظم للقدرة، سالك طريق الشرع المبين، الحاظي بعناية

1. نامه دانشوران ناصري، الطبعة الحجرية، ج 1، ذيل كلمة جلوه.
2. وقايع السنين والأعوام، ص 529.
9

خير المرسلين، البحر الزخار لعالم العلم، الجبل الشامخ في عالم الحلم، الحاوي
للفروع والأصول، جامع المعقول والمنقول، كاشف الأسرار الباطنية، سماحة الميرزا
محمد رفيعا الطباطبائي النائيني، الذي دوى صيت معرفته الشاملة لكل الآفاق في أجواء
الفلك الأعظم، حتى أن أيا من ذوي المعرفة لم يسمع نظيرا له من أحد آخر سوى
همهمات أحاديث كمال صاحب الإقبال السامي ذاك. إذ أن فطنة فكره امتدت في
رحاب ملك الحقيقة، حتى أن بوارق لمحات بني الإنسان مهما عجلت الجري في
أقطار الحكمة تبقى عاجزة عن اللحاق بركب معرفته. (1)
ووصفه صاحب جامع الرواة بقوله:
رفيع الدين محمد بن حيدر الحسيني الحسني الطباطبائي النائيني، فريد عصره، وحيد
دهره، قدوة المحققين، سيد الحكماء المتألهين، برهان أعاظم المتكلمين، وأمره في
جلالة قدره، وعظم شأنه، وسمو رتبته وتبحره في العلوم العقلية، ودقة نظره، وإصابة
رأيه وحدسه، وثقته وأمانته وعدالته أشهر من أن يذكر، وفوق ما يحوم حوله العبارة. (2)
وذكره العلامة المجلسي في إجازاته أصدرها للحاج محمد الأردبيلي، ومحمد باقر بن أمير علي
رضا، ومحمد فاضل المشهدي محمد المقيم، والسيد نعمة الله الجزائري، واصفا إياه بأنه ثالث
مشايخه، قائلا فيه ما يلي:
سيد الحكماء المتألهين، قدوة الحكماء المتألهين، السيد السند، الأمير رفيع الدين
محمد بن الأمير حيدر الحسيني الحسني الطباطبائي، النائيني. (3)
وقال عنه الأمير محمد صالح خاتون آبادي في كتاب حدائق المقربين:
كانت للميرزا رفيعا أصالة رأي وقوة فكر، خاصة في التحقيق والتدقيق، بين سائر
أفاضل عصره. (4)
واعتبر المحدث النوري في كتابه الموسوم بالفيض القدسي في ترجمة العلامة المجلسي
الميرزا رفيعا في عداد أساتذة المجلسي، واصفا إياه بالعبارات التالية:

1. قصص خاقاني، ج 2، ص 34.
2. جامع الرواة، ج 1، ص 321.
3. إجازات الحديث، ص 122، 174، 186، 239، 274، 299.
4. نقلا عن كتاب علامه مجلسي بزرگ مرد علم ودين، ص 85.
10

سيد الحكماء والمتألهين، وقدوة المحققين والمدققين، السيد النحرير الأفخم، علامة
زمانه، الأمير رفيع الدين محمد بن حيدر الحسيني الحسني الطباطبائي النائيني. (1)
وذكره المحدث القمي في الفوائد الرضوية على النحو التالي:
قدوة المحققين والمدققين، سيد الحكماء والمتكلمين والمتألهين، النحرير الأفخم،
أستاذ العلامة المجلسي. (2)
واعتبره الأستاذ الشهيد مرتضى المطهري في عداد الطبقة الثانية والعشرين من فلاسفة
وحكماء إيران، وقال فيه ما يلي:
هذه الطبقة من تلاميذ الشيخ البهائي والمير داماد والأمير الفندرسكي، يعد رفيع الدين
محمد بن حيدر الحسيني الطباطبائي النائيني المعروف بالميرزا رفيعا الذي كان تلميذا
للشيخ البهائي والأمير الفندرسكي، من السادات الطباطبائيين في نائين وزوارة
واردستان. والمرحوم الميرزا جلوه الفيلسوف المعروف في العهد القاجاري والمتوفى
عام 1314 ه‍ من أولاده وأحفاده، له رسالة في أقسام التشكيك، وقد حظيت هذه
الرسالة باهتمام المتأخرين، وله تعليقات على شرح الإشارات للخواجة، وشرح حكمة
العين للشريف الجرجاني. وكتب رسالة في حل شبهة الاستلزام المعروضة في الكتب
الفلسفية. (3)
أساتذته
كل واحد من أساتذة هذا العالم البارع يعد بحد ذاته كوكبا لامعا في سماء العلم والتقوى. وقد تكامل
هو في مدرسة أمثال هؤلاء المشاهير في العلوم العقلية والنقلية.
ليست لدينا معلومات عن أساتذته في زوارة ونائين. وقد أفاض عليه العلامة الشيخ البهائي
العالم المعروف في العهد الصفوي بدفقات من فيض فكره الواسع عندما كان يدرس على يده حتى
أنه ينقل في بعض آثاره أحاديث عنه (أي عن الشيخ البهائي). ودرس علم الفقه على يد العالم
المتبحر المير داماد. (4)

1. بحار الأنوار، ج 105؛ الفيض القدسي، ص 77.
2. الفوائد الرضوية، ص 183، 531.
3. خدمات متقابل اسلام وإيران، ص 586.
4. زندگى نامه علامه مجلسي (حياة العلامة المجلسي)، ج 1، ص 274.
11

وكانت للمولى عبد الله الشوشتري همة عالية في تربيته العلمية. وكان هذا الفقيه الزاهد
والمحدث الورع على درجة من جلالة القدر بحيث أن المجلسي الأول كتب عند شرح مشيخته في
الفقه، في ترجمته ما يلي:
شيخنا وشيخ الطائفة الامامية في عصره، العلامة المحقق المدقق، الزاهد العابد الورع،
أكثر فوائد هذا الكتاب من إفاداته. (1)
ومن أساتذة الميرزا رفيعا أيضا العارف الكبير وفيلسوف الإمامية، الأمير أبو القاسم
الفندرسكي الذي كانت له مرتبة سامية ومقاما رفيعا في مسلك العرفان. وقد كان الميرزا رفيعا قد
درس على يده كتاب القانون في الشفاء لابن سينا. وكان لأفكار الأمير الفندرسكي العرفانية تأثير
بالغ في صياغة شخصيته المعنوية.
تلاميذه
تسنى للميرزا رفيعا نيل الكثير من المعارف والحقائق في ظل ما توفر له من آراء حكيمة وما كان
يتمتع به من استعداد ذاتي وذوق فطري. وقد أدت سعة مشربه وتواضعه العلمي، واحاطته بالعلوم
الإسلامية، ومقدرته على تبيين المعارف الدينية السامية إلى أن تغدو حوزة درسه موئلا للخاص
والعام؛ فاستقى من معين علمه الثر علماء كثيرون ممن تتلمذوا على يده، ونذكرهم على النحو
التالي:
1. العالم المبرز في عالم التشيع العلامة المجلسي مؤلف الكتاب القيم المعروف ببحار
الأنوار كان من تلاميذه. ويعد هذا من مناقب هذا الحكيم.
2. الشيخ الحر العاملي صاحب الكتاب الثمين وسائل الشيعة يعتبره من مشايخ إجازته،
وينقل الحديث عنه، ويعرب عن اعتزازه لوجود مثل هذا الأستاذ.
3. ابنه المعروف باسم الميرزا أبو الحسن درس على يده إلى أن بلغ مدارج عالية من العلم.
4. حسين بن محمد الخوانساري المعروف بالمحقق الخوانساري، وكان من العلماء
والفقهاء الذين عاصروا الشاه صفي. وكان قد درس الحكمة على يد الأمير الفندرسكي، وكان
يتباحث مع المرحوم رفيعا، وينتفع منه ويأخذ عنه. (2)

1. أمل الآمل، ج 2، ص 309.
2. ذكر هنري كوربان في صفحة 481 من كتاب تاريخ فلسفه اسلامى، أن الميرزا رفيعا كان من تلاميذ المحقق
الخوانساري حين قال:
ونذكر من تلامذة الأمير الفندرسكي الآخرين في الفلسفة، حسين الخوانساري (المولود عام 1016 ه‍ والمتوفي في
أصفهان عام 1098 ه‍). وكان له بدوره تلاميذ كثيرون يمكن أن نشير منهم إلى نجليه: السيد جمال الدين
الخوانساري، والسيد رضي الخوانساري، وكذلك الملا مسيحا الفسائي الشيرازي... محمد باقر السبزواري...
والميرزا رفيعا النائيني.
12

5. محمد باقر الحسيني بن هداية الله. وكان من مشاهير الخطاطين في العهد الصفوي. وفضلا
عن حضور دروس الميرزا رفيعا والانتهال من معين علمه، كان أيضا يخط آثار أستاذه بخط يده.
6. محمد مهدي المشهدي ابن محمد رضا من التلاميذ المعروفين للميرزا
رفيعا. وقد جمع ودون الآراء الفقهية لأستاذه في رسالتين: إحداهما في الطهارة، والأخرى في
الصلاة، وهما باللغة الفارسية. وعرض في المقدمة تعريفا بأستاذه، وقال عنه ما يلي:
عند اهتمامي بدراسة المسائل الضرورية للعبادات والتحقيق في من يكون أفضل علماء
العصر ممن يمكن تقليده، تشرفت بلقاء أفضل الفضلاء، وأعلم العلماء في المشهد
المقدس ودار السلطنة في أصفهان، ودار الفضل في شيراز، ومكة المكرمة والمدينة
المنورة، وهو الميرزا رفيع الدين محمد الحسيني الطباطبائي النائيني، الذي أقر له معظم
أفاضل العصر بالأعلمية والفضل والجامعية. وسألته التعلم على يده عرضت عليه ما
يجول في ذهني من أسئلة رغبة في التعلم ومعرفة المسائل الضرورية للعبادات، وقد
تفضل بالاهتمام بأسئلتي والإجابة عنها. (1)
7. العالم والحكيم المعروف المولا رفيعا الگيلاني.
8. الأمير محمد صالح خاتون آبادي.
9. الأمير عبد الحسين خاتون آبادي من أفاضل العصر الصفوي.
10. الأمير معصوم التبريزي القزويني.
وهؤلاء الأربعة درسوا على يده.
آفاق تبحره
كتب عنه المير محمد صالح خاتون آبادي في كتاب حدائق المقربين:
كان الميرزا رفيع الدين النائيني عليه الرحمة من أعاظم العلماء المحققين، وأفاخم
الفضلاء الموقعين، وأساطين الحكماء والمتكلمين، وكانت له اليد الطولى في جميع

1. تذكرة نجوم السماء، ص 89.
13

العلوم، وكان متميزا بين سائر أفاضل عصره في التحقيق والتدقيق وصواب الرأي وقوة
الفكر. (1)
يمكن للمرء أن يدعي من خلال إلقاء لمحة على آثاره بأنه كان جامعا للعلوم العقلية والنقلية،
حتى أن بعض كتاب التذكرة صرحوا بهذا المعنى. (2)
ومع أن معظم آثاره يغلب عليها الطابع الفلسفي الكلامي، إلا أن شرحه لأصول الكافي،
والشرح الذي كتبه على الصحيفة السجادية يعدان مثالا بارزا لاحاطته العلمية بمصادر الحديث
والروايات المنقولة عن أهل البيت. والطريف في الأمر أنه قد زين مضامينه الكلامية والبرهانية
بأحاديث وروايات. وأسطع دليل على كونه محدثا حكيما هو حصوله على إجازة نقل الحديث من
المولا عبد الله الشوشتري والشيخ البهائي، وإصداره إجازة مماثلة لنقل الحديث لكل من العلامة
المجلسي، والشيخ الحر العاملي.
له رسالة مكتوبة باللغة الفارسية في موضوع الفقه وعنوانها أجوبة المسائل، وله أيضا تعليقات
على الكتب الفقهية. وهذا ما يعد بحد ذاته دليلا على تبحره في الفقه. واعتبرته موسوعة طبقات
الفقهاء ضمن طبقات الفقهاء. (3)
كانت له آراؤه في الفقه، حتى أن الميرزا علي رضا تجلي ذكر في رده على رسالة المحقق
السبزواري اسم الميرزا رفيعا في عداد القائلين بالوجوب التخييري لصلاة الجمعة. (4)
ومن الأوجه الأخرى لاختصاصات هذا العالم الشيعي، إحاطته بتفسير القرآن. ومع أنه لا
يملك أثرا مستقلا في التفسير، ولكن التأمل في بحوثه الفلسفية والكلامية يظهر بكل جلاء
اقتباسه العميق من الآيات القرآنية.
آثاره
تضم آثار الميرزا رفيعا ثلاثة أقسام هي: الرسائل، والشروح، والتعليقات. ومعظمها مكتوبة

1. نقلا عن كتاب علامة مجلسي مرد علم ودين، ص 85.
2. قصص خاقانى، ج 2، ص 34.
3. موسوعة طبقات الفقهاء، ج 11، ص 269.
4. مجله نور علم، العدد 39، ص 118 مقاله پژوهشى در رساله هاى نماز جمعه در دوران صفوى (بحث في رسائل
صلاة الجمعة في العهد الصفوي)، رسول جعفريان.
14

باللغة العربية، وهي كالآتي:
أ - الرسائل:
1. شجره إلهية (في أصول عقائد الشيعة، باللغة الفارسية).
2. ثمره شجره إلهية (وهو عبارة عن خلاصة لكتاب " شجره إلهية " ويضم مباحث تكميلية
أخرى).
3. رسالة في أقسام التشكيك والحقيقة.
4. حل شبهة الاستلزام في الحكمة والفلسفة.
5. أجوبة المسايل (رسالة باللغة الفارسية في العبادات والأحكام).
6. الرسالة التحريمية (في حرمة ذكر الاسم المبارك لصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه
الشريف). (1)
7. رسالة في الطهارة والصلاة. (2)
8. رسالة في سريان الوجود. (3)
ب - الشروح:
9. شرح أصول الكافي (هذه الرسالة الحالية وهي غير تامة).
10. شرح حديث حدوث الأسماء.
11. شرح نهج البلاغة.
ج - الحواشى (التعليقات):
12. حاشية على الصحيفة السجادية.
13. حاشية على مدارك الأحكام للسيد محمد العاملي.
14. حاشية على شرح الإشارات للخواجة نصير الدين الطوسي.
15. حاشية على شرح حكمة العين للأمير السيد شريف الجرجاني.

1. زندگى نامه علامه مجلسي، ج 1، ص 274.
2. المصدر السابق.
3. المصدر السابق.
15

16. حاشية على شرح إرشاد الأذهان للعلامة الحلي.
17. حاشية على مختلف الشيعة للعلامة الحلي.
18. حاشية على القوائد للعلامة الحلي.
19. حاشية على شرح مختصر الأصول للعضدي.
20. حاشية على الإرشاد للشيخ المفيد.
21. حاشية على شرح حكمة العين لمحمد بن مبارك شاه المعروف ب‍ " ميرك نجاري ".
وفاته
وتوفي هذا السيد الألمعي في أصفهان عن عمر 85 سنة قضاه بالبركة والعطاء.
ويختلف كتاب التذكرة في تعيين تاريخ وفاته. فقد ذكر المرحوم النوري في الفيض القدسي
وفي خاتمة المستدرك (1)، والمرحوم الأميني في أعيان الشيعة (2) أن سنة وفاته كانت 1099 ه‍ وذكر
الشيخ عباس القمي في الفوائد الرضوية أنه توفي عام 1099 (3)، وفي الكنى والألقاب 1080 (4). وذكر
المرحوم الأردبيلي في جامع الرواة أنه توفي عام 1079 (5). وقال صاحب الذريعة في بعض
المواضع (6) أن وفاته كانت في عام 1099، بينما قال في مواضع أخرى (7) أن وفاته كانت في أواخر
عام 1080، رغم أنه يؤيد القول الأخير حسب ما يبدو من قوله: صرح تلميذ الملا خليل القزويني
(م 1089) في كتابه مناهج اليقين أن وفاة الميرزا رفيعا كانت في حياة أستاذه الملا خليل حيث يقول
في كتابه هذا عند ذكر اسم الميرزا " رحمه الله " في حين أنه عندما يأتي على ذكر الملا خليل، يذكر
إلى جانب اسمه عبارة " سلمه الله " ويفهم من ذلك أن وفاة الميرزا كانت قبل وفاة الملا خليل. (8)

1. بحار الأنوار، ج 105، ص 77؛ خاتمة مستدرك الوسائل، ج 2، ص 176.
2. أعيان الشيعة، ج 9، ص 271.
3. الفوائد الرضوية، ص 183.
4. الكنى والألقاب، ج 2، ص 279.
5. جامع الرواة، ج 1، ص 321.
6. الذريعة، ج 6، ص 17؛ ج 13، ص 357.
7. الذريعة، ج 5، ص 13.
8. طبقات أعلام الشيعة، ج 5، ص 226؛ الذريعة، ج 5، ص 13.
16

ولعل أصح تاريخ لوفاته هو عام 1082 حسبما هو منقوش بكتابة بارزة بخط النستعليق على
حجر قبره.
فلك سنگ غم زد به جام رفيع * نمود آسمان تلخ كأم رفيع
بگاه هدايت به يك رشته بود * كلام كليم وكلام رفيع
در آفاق وأنفس تجلى نمود * بلندى اقبال ونام رفيع
چه بنمود از بعد هشتاد وپنج * ز دنيا وطن در مقام رفيع
به تاريخ فوتش خردمند گفت * مقام رفيع مقام رفيع
وعند احتساب الحروف الأبجدية للشطر الثاني من البيت الأخير بحساب الجمل يظهر العدد
1082. لكن البعض احتمل أيضا من حيث تصحيح وزن الشعر أن الشطر الأخير كان كالآتي:
" مقام رفيعا مقام رفيع ". (1)
ونظرا إلى أن الألف يساوي بحساب الجمل واحد، قيل أن تاريخ وفاته هو عام 1083. وطبقا لضبطنا فإن وزن الشطر المذكور يستوي تلقائيا بدون الحاجة إلى إضافة.
أما بالنسبة إلى مدفنه فهو في " تخت فولاد " في أصفهان، وشيدت على ضريحه بأمر الشاه
سليمان الصفوي منارة سامقة وقبة واسعة كانت معروفة باسم قبة الميرزا رفيعا. ولم يبق شيء من
ذلك حاليا إلا البقعة التي تقع في القسم الجنوبي من " تخت فولاد " التي أصبحت في الوقت
الحاضر جزءا من منطقة المطار (منطقة عسكرية). وتعتبر هذه البقعة من حيث العمارة
والفسيفساء والتصميم الهندسي من الآثار القيمة في أصفهان، وجرى ترميمها بشكل أساسي عام
1337 ه‍ ش.

1. آتشكده اردستان، ص 278.
17

الفصل الثاني
الحاشية على أصول الكافي (الكتاب الذي بين يديك):
كتب ميرزا رفيعا النائيني هذه الحاشية جوابا لالتماس جمع من تلامذته، وجمع هذه الحواشي
أحد منهم: - أمير معصوم بن محمد فصيح ابن المير أولياء الحسيني التبريزي القزويني (م 1091) -
وصار كتابا مستقلا.
صرح بذلك العلامة الطهراني في الذريعة هكذا:
الحاشية على الكافي للأمير رفيع الدين محمد بن حيدر الحسيني الطباطبائي النائيني،
شيخ العلامة المجلسي والمحدث الحر وتلميذ الشيخ البهائي والمولى عبد الله
التستري... وقد ذكر السيد حسين بن الأمير إبراهيم بن الأمير معصوم القزويني الحسيني
في خاتمة كتابه معارج الأحكام أن جده الأمير معصوم بن محمد فصيح ابن المير أولياء
الحسيني التبريزي القزويني المتوفى فجأة في 1091 كان من تلاميذ الأمير رفيع الدين
محمد النائيني، وبعد قراءته أصول الكافي عليه كتب له بخطه إجازة مع الإطراء له.
وقال: هو الذي جمع حواشي أستاده على أصول الكافي في حياته، وأنشأ له خطبة من
نفسه، وكذا كتب عليها حواشي من نفسه. (1)
نسب هذه الحاشية في جميع كتب التراجم إلى المؤلف بعناوين مختلفة، منها " الحاشية على
أصول الكافي " و " الحاشية على الكافي " و " شرح الكافي " و " التعليقة على الكافي ".
وذكرها المحدث النوري في خاتمة مستدرك الوسائل في ضمن بيان مشايخ العلامة المجلسي
ووصفها بأنها في غاية الجودة، وكتب هكذا:
الثاني: سيد الحكماء والمتألهين، النحرير الأفخم ميرزا رفيع الدين محمد بن حيدر
الحسيني الحسني الطباطبائي النائيني، صاحب الرسائل والحواشي الكثيرة التي منها
حواشيه على أصول الكافي في غاية الجودة. (2)

1. الذريعة، ج 6، ص 184.
2. خاتمة مستدرك الوسائل، ج 2، ص 176.
18

والذي يكشف من أهمية هذا الأثر أن هذه الحاشية كانت من مصادر العلامة المجلسي في
شرحه على الكافي المسمى ب‍ " مرآة العقول "، وكثيرا ما استفاد العلامة في المرآة من نص
عباراتها، وأشار إلى بعضها ب‍ " قال بعض الفضلاء " أو " قيل ". ونحن قابلنا بعض هذه الحاشية على
مرآة العقول وندعي أن أكثرها كان موجودا في المرآة بنصه.
ولا شك أن هذه الحاشية من أدق الحواشي على كتاب الكافي، وكانت ممتازة من جوانب
شتى:
الأول: حيث إن المؤلف كان من أساتيد المعقول، وله دقائق في الفلسفة والكلام، صار أثره
هذا مشحونا بلطائف ودقائق عقلية وكلامية مبتنيا على مذهب الإمامية، بالأخص ما صدر عنه في
شرح كتاب التوحيد. وله في هذا المضمار مطالب بديعة جديدة لا تكون في الشروح التي ألفت
قبل هذه الحاشية.
الثاني: أن المؤلف (رحمه الله) لم يغفل عن سند الأحاديث ولم يتركها كلا، بل له عناية إجمالية
بالأسناد، ولذا تعرض لبعض رواة المشترك أو المجهول، وأشار إلى بعض التصحيفات، وبعض
فوائد أخرى.
الثالث: استفاد المؤلف (رحمه الله) في شرح بعض روايات الكافي من روايات أخرى - في الكافي
وغيرها - للتأييد لما خطر بباله الشريف، وهذا ينبئ عن كثرة أنسه بالروايات وتضلعه فيها. ولا
يخفى أنه كما أن القرآن يفسر بعضه بعضا، كذلك الروايات أيضا يفسر بعضه بعضا.
الرابع: أن هذه الحاشية مشحونة بنكات أدبية كثيرة؛ حيث إن المؤلف ذكر في مواضع متعددة
كيفية ضبط الكلمات وما يحتمل فيها، وأيضا أشار إلى إعراب بعض الجملات وما ينتهي إليه معنى
الحديث في هذا المضمار.
الخامس: اهتم المؤلف اهتماما كثيرا في شرح غريب لغات الأحاديث، وشرح اللغات من
مصادرها المعتبرة، وشرحها في بعض الموارد من المصادر الفارسية وترجم الكلمة أيضا
بالفارسية. وأشار في ترجمة بعض اللغات إلى ما يحتمل في مبدأ اشتقاق اللفظ، واختار ما يناسب
المقام.
السادس: كانت للمؤلف (رحمه الله) عناية خاصة ودقة كثيرة في ذكر نص الأحاديث التي نقلها ورواها
ثقة الإسلام الكليني (رحمه الله) في الكافي، ولم يكتف في نقلها بنسخة واحدة، بل اعتمد على نسخ
مختلفة، واختار أصح العبارات، وأشار إلى بعض المحتملات مستندا إلى النسخ بعبارة: " في
19

بعض النسخ " وإذا كان في كلمة أو جملة إجمال أو اضطراب، ذكر له وجها آخر من نفسه.
ومن المأسوف أن هذه الحاشية لم تتم، وكان حاشيته هذه على الكافي إلى كتاب الحجة، باب
أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيها مقيم، الحديث 3.
(الكافي، ج 1، ص 218، طبع دار الكتب الإسلامية).
خاتمة
عملنا في الكتاب
1. التفحص عن النسخ الخطية. بعد المراجعة إلى الفهارس، وصلنا إلى خمسين نسخة خطية
من هذا الأثر التي كتب بعضها في حياة المؤلف. واعتمدنا من بينها على أربع نسخ قديمة،
معتبرة، مصححة.
وجدير بالذكر أن في بعض الفهارس خلطوا بين هذا الأثر و " شواهد الإسلام " تأليف: محمد
رفيع بن فرج گيلاني المشهور ب‍ " ملا رفيعا " من تلامذة العلامة المجلسي، وعرفوا واحدا مكان
أخرى.
2. المقابلة. قابلنا نسخة " ت " مع ثلاث نسخ أخرى المعتمد عليها، وكتبنا في هذه المرحلة
كل الاختلافات في أوراق خاصة، وأيضا قابلنا متن الكافي في هذه الحاشية مع الكافي المطبوع.
3. التخريجات. قد تم استخراج جميع الآيات والروايات، وقد عمدنا في استخراج
الروايات على المصادر الأولى مع تكثير المصادر حد الإمكان. وتم استخراج الأقوال من كتب
قائلها وإلا فمن أقرب ناقليها.
4. تقويم النص. قمنا في هذه المرحلة - التي كانت من أهم مراحل التحقيق - بتقويم النص
وتصحيح المتن من الخطأ، واختيار الصحيح عند اختلاف النسخ، أو الأرجح مع احتمال الصحة
في الجميع، مع الإشارة إلى المرجوح في الهامش. هذا مع تزيين المتن بالفواصل المعتدلة ووضع
علائم الترقيم ورعاية قواعد الإملاء مما يسهل الأمر على القارئ والطالب.
5. التعليقات. كانت على حواش النسخ الخطية مطالب وفوائد كثيرة من المؤلف وغيرها،
فكتبناها بعد التصحيح في الهامش.
6. جعلنا متن الكافي المطبوع بتمامه فوق الصفحات تسهيلا للقاري، وذلك بعد تصحيح
الكافي عن بعض الأخطاء ووضع علائم الترقيم من جديد وتعريب بعض الكلمات.
20

7. بعد تنضيد الحروف والإخراج الفني للكتاب وضعنا له فهارس عامة، منها " فهرس
اختلاف النسخ " في الكافي التي أشار إليها المؤلف في حاشيته هذه. وهذا أمر بديع لا يخفى
فوائده على الطالب الباحث.
النسخ المعتمدة
اعتمدنا في تحقيق هذا الأثر القيم على أربع نسخ:
1. مخطوطة مكتبة المرحوم آية الله العظمى المرعشي النجفي، المرقمة 6342، كتبها ملا
خليل القزويني (م 1089 ه‍) والنسخة مصححة وعليها تعليقات من الكاتب مع التصريح باسمه
هكذا: " لراقمه خليل ". وعلى الورقة الأولى تملك ملا خليل مع خاتمه: " خليل من العلم ".
وتشتمل هذه النسخة من أول الكتاب إلى كتاب الحجة، باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله...،
ح 3. وهذا أكمل النسخ (رمزها " خ ").
2. مخطوطة مكتبة المرحوم آية الله العظمى گلپايگاني، المرقمه 1553 (103 / 9)، كتبها
محمد رضا بن محمد صفي التبريزي في يوم الجمعة ثاني شهر ذي القعدة، سنة 1081 ه‍. ق.
قوبلت مع نسخة قرئت على المؤلف، وكتب في الصفحة الأخيرة: " بلغ قبالا من أوله إلى آخره من
نسخة مقروءة على المحشي (قدس سره) ". وعلى حواش النسخة تعليقات من المؤلف مع هذه الكلمات:
" منه مد ظله السامي "، " منه سلمه الله "، " منه دام ظله ". وأيضا على حواش النسخة ترجمة بعض
اللغات وبعض المطالب من الوافي. وعلى الورقة الأولى تملك محمد صالح بتاريخ 1090 ه‍ مع
خاتمه: " رب اجعلني من الصالحين ". تشتمل هذه النسخة من أول الكتاب إلى كتاب الحجة،
باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة، ح 3. وكانت نهاية هذه النسخة في
هذه الطبعة ص 612. (رمزها " ل ").
3. مخطوطة مكتبة المرحوم آية الله العظمى المرعشي النجفي، المرقمة 3748، من القرن
الحادي عشر. والنسخة مصححة وعليها تعليقات كثيرة مع رمز " ع ن " وبعضها مع رمز " معصوم "
ويحتمل أن يكون هو " أمير معصوم بن محمد فصيح الحسني التبريزي القزويني (م 1091 ه‍) "
الذي كان من تلاميذ المؤلف، وهو الذي جمع هذه الحواشي. وأيضا على النسخة تعليقات أخرى
من المؤلف، وترجمة بعض اللغات من القاموس والصحاح والغريبين. وتشتمل هذه النسخة من
أول الكتاب إلى كتاب الحجة، باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة، ح 6،
21

وكانت نهاية هذه النسخة في هذه الطبعة ص 617. (رمزها " م ").
4. مخطوطة مركز إحياء التراث الإسلامي، المرقمة 2732، من القرن الحادي عشر،
نسخة مصححة، وعليها تعليقات من المؤلف مع هذه الكلمات: " منه سلمه الله "، " منه حفظه
الله "، " منه دام ظله "؛ وأيضا عليها تعليقات أخرى في ذيلها هذه الرموز: " سمع "، " سمع
مضمونه "، " كذا أفيد ". وتشتمل هذه النسخة من أول الكتاب إلى كتاب الحجة، باب أن أهل
الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام)، ح 3. وكانت نهاية هذه النسخة في هذه
الطبعة ص 621. (رمزها " ت ").
كلمة شكر وثناء
وفي الختام نرى من الواجب علينا أن نقدم جزيل الشكر والثناء إلى جميع الإخوة الذين ساهموا في
مساعدتنا على تحقيق هذا الأثر القيم الخالد، وفي مقدمهم فضيلة الأستاذ حجة الإسلام والمسلمين
الشيخ نعمة الله الجليلي لنهوضه بمهمة مراجعة الكتاب والمساعدة في تقويم النص، وكذلك
سماحة الأخوان الفاضلان الشيخ محمد حسن الدرايتي والسيد محمد الموسوي لمساعدتهما في
مقابلة الكتاب مع النسخ الخطية، وسماحة الأخ الفاضل العزيز السيد محمود الطباطبائي لمساعدته
في إعداد مطالب حول حياة المؤلف، وكذا سماحة المحقق الفاضل الشيخ عبد الحليم الحلي لما قام
به من تنظيم الفهارس العامة. كما أن الواجب يدعونا إلى تقديم جزيل الشكر إلى الأخ محمد ضياء
السلطاني الذي بذل جهوده في تنضيد الحروف والإخراج الفني للكتاب. نسأل الله تعالى أن
يكتب لهم ولنا الأجر في ذلك، وأن يتقبله بأحسن القبول؛ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب
العالمين.
محمد حسين الدرايتي
15 شعبان 1424
20 مهر 1382
22

صورة الصفحة الأولى من نسخة " خ "
23

صورة الصفحة الأخيرة من نسخة " ل "
24

صورة الصفحة الأولى من نسخة " م "
25

الحاشية على أصول الكافي
27

بسم الله الرحمن الرحيم (1)
الحمد لله خالق الأشياء بلا أصول أزلية، وكافي مهمات البرايا بالقدرة الصمدية،
الذي دل بذاته على ذاته، وتنزه عن مشابهة مخلوقاته، تعالى جده، وتعاظم مجده،
ونبتهل إليه في أن نصلي أجم الصلوات، ونسلم أتم التسليمات على صفوته من بريته
وخيرته من خليقته، سيد الكل في الكل، المبشر برسالته أعاظم الرسل، محمد،
المبعوث لإبانة أحق السبل، وعترته الأنجبين، وحامته الأقربين الذين هم روقة
الأصفياء، وسادة الأوصياء إلى يوم طي السماء.
وبعد؛ فهذه تعليقات دقيقة، وتدقيقات أنيقة، متعلقة بإيضاح المقصود، وتبيين
المرام، وإبداء احتمالات الأحاديث المروية عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام) في نبذ من
أصول كتاب الكافي الذي لم يؤلف مثله في الإسلام، علقها عليه باقتراح جم من
المتعلمين سيد الفضلاء، وأستاذ العلماء، ذو القريحة الملكوتية، والفطرة البرهانية،
البارع الفطن، والفائق اللسن، المرتقي في المعقولات إلى الدرجة العليا، والفائز في
المنقولات بالقدح المعلى، لا زال - كاسمه السامي - رفيعا، وما برح ظله ظليلا،
معرضا عن الإسهاب والإطناب، مقتصرا على ما يحتاج إليه في كل باب، كما هو
سجية أولي الألباب، وإلى الله المرجع والمآب. (2)

1. في " ل ": + " وبه ثقتي "؛ وفي " م ": + " وبه نستعين ".
2. أخذنا هذه الخطبة من " م " ولم ترد في سائر النسخ. وفي " خ " بدل هذه الخطبة هكذا: " الحمد لله رب العالمين
والصلاة على سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد وآله الطاهرين الطيبين ".
29

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المحمود لنعمته، المعبود لقدرته، المطاع في سلطانه، المرهوب لجلاله،

1. في " م ": " لنعمه ".
2. في " خ، ل، م ": " وجلبا ".
3. في " خ، ل، م ": " أسند ".
4. في " م ": " في جلاله ".
5. في " خ، ل، م ": " والمعنى ".
6. في " خ، ل، م ": - " به ".
7. المغرب، ص 202 (رهب).
31

المرغوب إليه فيما عنده، النافذ أمره في جميع خلقه؛ علا فاستعلى، ودنا فتعالى،
وارتفع فوق كل منظر؛ الذي لا بدء لأوليته، ولا غاية لأزليته، القائم قبل الأشياء، والدائم
الذي به قوامها، والقاهر الذي لا يؤوده حفظها، والقادر الذي بعظمته تفرد بالملكوت،
وبقدرته توحد بالجبروت، وبحكمته أظهر حججه على خلقه.
اخترع الأشياء إنشاء، وابتدعها ابتداء بقدرته وحكمته، لا من شيء فيبطل
الاختراع، ولا لعلة فلا يصح الابتداء. خلق ما شاء كيف شاء متوحدا بذلك لإظهار حكمته،
وحقيقة ربوبيته.

1. في " ل ": " الموجود ".
32

لا تضبطه العقول، ولا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأبصار، ولا يحيط به مقدار، عجزت
دونه العبارة، وكلت دونه الأبصار، وضل فيه تصاريف الصفات.
احتجب بغير حجاب محجوب، واستتر بغير ستر مستور، عرف بغير رؤية، ووصف بغير
صورة، ونعت بغير جسم، لا إله إلا الله الكبير المتعال، ضلت الأوهام عن بلوغ كنهه،
وذهلت العقول أن تبلغ غاية نهايته، لا يبلغه حد وهم، ولا يدركه نفاذ بصر، وهو السميع
العليم، احتج على خلقه برسله، وأوضح الأمور بدلائله، وابتعث الرسل مبشرين ومنذرين؛
ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة، وليعقل العباد عن ربهم ما جهلوه، فيعرفوه
بربوبيته بعد ما أنكروه، ويوحدوه بالإلهية بعد ما أضدوه.
أحمده حمدا يشفي النفوس، ويبلغ رضاه، ويؤدي شكر ما وصل إلينا، من سوابغ
النعماء، وجزيل الآلاء، وجميل البلاء.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلها واحدا أحدا صمدا لم يتخذ صاحبة

1. في " ل ": " لا تبلغ ".
2. في حاشية " ت ": أي إن لم يكن مستور البطن كالبسيط الصرف لم يكن حاجبا وساترا.
33

ولا ولدا، وأشهد أن محمدا (صلى الله عليه وآله) عبد انتجبه، ورسول ابتعثه، على حين فترة من الرسل،
وطول هجعة من الأمم وانبساط من الجهل، واعتراض من الفتنة، وانتقاض من المبرم،
وعمى عن الحق، واعتساف من الجور، وامتحاق من الدين.
وأنزل إليه الكتاب، فيه البيان والتبيان (قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون) قد
بينه للناس ونهجه، بعلم قد فصله، ودين قد أوضحه، وفرائض قد أوجبها، وأمور قد
كشفها لخلقه وأعلنها، فيها دلالة إلى النجاة، ومعالم تدعو إلى هداه.
فبلغ (صلى الله عليه وآله) ما أرسل به، وصدع بما أمر، وأدى ما حمل من أثقال النبوة، وصبر لربه،
وجاهد في سبيله، ونصح لأمته، ودعاهم إلى النجاة، وحثهم على الذكر، ودلهم على سبيل
الهدى من بعده، بمناهج ودواع أسس للعباد أساسها، ومنائر رفع لهم أعلامها، لكي لا
يضلوا من بعده، وكان بهم رؤوفا رحيما.
فلما انقضت مدته، واستكملت أيامه، توفاه الله وقبضه إليه، وهو عند الله مرضي عمله،
وافر حظه، عظيم خطره، فمضى (صلى الله عليه وآله) وخلف في أمته كتاب الله، ووصيه أمير المؤمنين وإمام
المتقين صلوات الله عليه، صاحبين مؤتلفين، يشهد كل واحد منهما لصاحبه بالتصديق،
ينطق الإمام عن الله في الكتاب بما أوجب الله فيه على العباد، من طاعته، وطاعة الإمام
وولايته، وواجب حقه، الذي أراد من استكمال دينه، وإظهار أمره، والاحتجاج بحججه،
والاستضاءة بنوره، في معادن أهل صفوته ومصطفي أهل خيرته.
فأوضح الله بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا (صلى الله عليه وآله) عن دينه، وأبلج بهم عن سبيل مناهجه؛
وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه، وجعلهم مسالك لمعرفته، ومعالم لدينه، وحجابا بينه
وبين خلقه؛ والباب المؤدي إلى معرفة حقه، وأطلعهم على المكنون من غيب سره.

1. في " م ": " إلى الله ".
34

كلما مضى منهم إمام، نصب لخلقه من عقبه إماما بينا، وهاديا نيرا، وإماما قيما،
يهدون بالحقوبه يعدلون. حجج الله ودعاته ورعاته على خلقه، يدين بهديهم العباد،
وتستهل بنورهم البلاد.
جعلهم الله حياة للأنام، ومصابيح للظلام، ومفاتيح للكلام، ودعائم للإسلام. وجعل
نظام طاعته وتمام فرضه التسليم لهم فيما علم، والرد إليهم فيما جهل، وحظر على غيرهم
التهجم على القول بما يجهلون، ومنعهم جحد ما لا يعلمون؛ لما أراد تبارك وتعالى من
استنقاذ من شاء من خلقه، من ملمات الظلم، ومغشيات البهم. وصلى الله على محمد وأهل
بيته الأخيار الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
أما بعد، فقد فهمت يا أخي ما شكوت من اصطلاح أهل دهرنا على الجهالة وتوازرهم
وسعيهم في عمارة طرقها، ومباينتهم العلم وأهله، حتى كاد العلم معهم أن يأزر كله

1. في " م ": " بتقديم ".
2. في " ل ": " هنا ".
3. في " ت ": " بتقديم ".
4. الكافي، ج 1، ص 340، باب في الغيبة، ح 17.
5. عوالي اللآلئ، ج 1، ص 429، ح 122 وفيه: " إن الإيمان " بدل " إن الإسلام "؛ شرح نهج البلاغة، لابن أبي
الحديد، ج 9، ص 165؛ و ج 19، ص 118.
6. الصحاح، ج 3، ص 864 (أرز).
35

وينقطع مواده، لما قد رضوا أن يستندوا إلى الجهل، ويضيعوا العلم وأهله.
وسألت: هل يسع الناس المقام على الجهالة، والتدين بغير علم، إذا كانوا داخلين في
الدين، مقرين بجميع أموره على جهة الاستحسان، والنشوء عليه، والتقليد للآباء
والأسلاف والكبراء، والاتكال على عقولهم في دقيق الأشياء وجليلها؟
فاعلم يا أخي - رحمك الله - أن الله - تبارك وتعالى - خلق عباده خلقة منفصلة من
البهائم في الفطن والعقول المركبة فيهم، محتملة للأمر والنهي، وجعلهم جل ذكره صنفين:
صنفا منهم أهل الصحة والسلامة، وصنفا منهم أهل الضرر والزمانة. فخص أهل الصحة
والسلامة بالأمر والنهي، بعد ما أكمل لهم آلة التكليف، ووضع التكليف عن أهل الزمانة
والضرر؛ إذ قد خلقهم خلقة غير محتملة للأدب والتعليم، وجعل عز وجل سبب بقائهم أهل
الصحة والسلامة، وجعل بقاء أهل الصحة والسلامة بالأدب والتعليم. فلو كانت الجهالة
جائزة لأهل الصحة والسلامة لجاز وضع التكليف عنهم، وفي جواز ذلك بطلان الكتب
والرسل والآداب، وفي رفع الكتب والرسل والآداب فساد التدبير، والرجوع إلى قول أهل
الدهر؛ فوجب في عدل الله - عز وجل - وحكمته أن يخص من خلق من خلقه خلقة محتملة
للأمر والنهي بالأمر والنهي، لئلا يكونوا سدى مهملين؛ وليعظموه ويوحدوه، ويقروا له
بالربوبية، وليعلموا أنه خالقهم ورازقهم؛ إذ شواهد ربوبيته دالة ظاهرة، وحججه نيرة
واضحة، وأعلامه لائحة تدعوهم إلى توحيد الله عز وجل، وتشهد على أنفسها لصانعها
بالربوبية والإلهية؛ لما فيها من آثار صنعه، وعجائب تدبيره، فندبهم إلى معرفته لئلا يبيح
لهم أن يجهلوه ويجهلوا دينه وأحكامه؛ لأن الحكيم لا يبيح الجهل به، والإنكار لدينه،
فقال جل ثناؤه: (ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتب أن لا يقولوا على الله إلا الحق) وقال: (بل
كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه)، فكانوا محصورين بالأمر والنهي، مأمورين بقول الحق، غير
مرخص لهم في المقام على الجهل، أمرهم بالسؤال والتفقه في الدين فقال: (فلولا نفر من
كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم) وقال: (فسلوا
أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).
فلو كان يسع أهل الصحة والسلامة المقام على الجهل، لما أمرهم بالسؤال، ولم يكن
36

يحتاج إلى بعثة الرسل بالكتب والآداب، وكانوا يكونون عند ذلك بمنزلة البهائم، ومنزلة
أهل الضرر والزمانة، ولو كانوا كذلك لما بقوا طرفة عين، فلما لم يجز بقاؤهم إلا بالأدب
والتعليم، وجب أنه لا بد لكل صحيح الخلقة، كامل الآلة من مؤدب ودليل ومشير، وآمر
وناه، وأدب وتعليم، وسؤال ومسألة.
فأحق ما اقتبسه العاقل، والتمسه المتدبر الفطن، وسعى له الموفق المصيب، العلم
بالدين، ومعرفة ما استعبد الله به خلقه من توحيده، وشرائعه وأحكامه، وأمره ونهيه،
وزواجره وآدابه؛ إذ كانت الحجة ثابتة، والتكليف لازما، والعمر يسيرا، والتسويف غير
مقبول. والشرط من الله - جل ذكره - فيما استعبد به خلقه أن يؤدوا جميع فرائضه بعلم
ويقين وبصيرة، ليكون المؤدي لها محمودا عند ربه، مستوجبا لثوابه وعظيم جزائه؛ لأن
الذي يؤدي بغير علم وبصيرة، لا يدري ما يؤدي، ولا يدري إلى من يؤدي، وإذا كان جاهلا
لم يكن على ثقة مما أدى، ولا مصدقا؛ لأن المصدق لا يكون مصدقا حتى يكون عارفا بما
صدق به من غير شك ولا شبهة؛ لأن الشاك لا يكون له من الرغبة والرهبة والخضوع
والتقرب مثل ما يكون من العالم المستيقن، وقد قال الله عز وجل: (إلا من شهد بالحق وهم
يعلمون) فصارت الشهادة مقبولة لعلة العلم بالشهادة، ولو لا العلم بالشهادة، لم تكن
الشهادة مقبولة.
والأمر في الشاك - المؤدي بغير علم وبصيرة - إلى الله جل ذكره، إن شاء تطول عليه
فقبل عمله، وإن شاء رد عليه؛ لأن الشرط عليه من الله أن يؤدي المفروض بعلم وبصيرة
ويقين؛ كي لا يكونوا ممن وصفه الله، فقال تبارك وتعالى: (ومن الناس من يعبد الله على
حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر

1. الحج (22): 11.
37

الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين) لأنه كان داخلا فيه بغير علم ولا يقين، فلذلك
صار خروجه بغير علم ولا يقين.
وقد قال العالم (عليه السلام): " من دخل في الإيمان بعلم، ثبت فيه، ونفعه إيمانه، ومن دخل فيه
بغير علم، خرج منه كما دخل فيه ".
وقال (عليه السلام): " من أخذ دينه من كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله عليه وآله، زالت الجبال
قبل أن يزول، ومن أخذ دينه من أفواه الرجال، ردته الرجال ".
وقال (عليه السلام): " من لم يعرف أمرنا من القرآن، لم يتنكب الفتن ".
ولهذه العلة انبثقت على أهل دهرنا بثوق هذه الأديان الفاسدة، والمذاهب المستشنعة،
التي قد استوفت شرائط الكفر والشرك كلها، وذلك بتوفيق الله تعالى وخذلانه، فمن أراد
الله توفيقه وأن يكون إيمانه ثابتا مستقرا، سبب له الأسباب التي تؤديه إلى أن يأخذ دينه
من كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله عليه وآله بعلم ويقين وبصيرة، فذاك أثبت في دينه من
الجبال الرواسي، ومن أراد الله خذلانه وأن يكون دينه معارا مستودعا - نعوذ بالله منه -
سبب له أسباب الاستحسان والتقليد والتأويل من غير علم وبصيرة، فذاك في المشيئة، إن
شاء الله تبارك وتعالى، أتم إيمانه، وإن شاء، سلبه إياه، ولا يؤمن عليه أن يصبح مؤمنا
ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا؛ لأنه كلما رأى كبيرا من الكبراء، مال معه،
وكلما رأى شيئا استحسن ظاهره، قبله، وقد قال العالم (عليه السلام): " إن الله عز وجل خلق النبيين
على النبوة، فلا يكونون إلا أنبياء، وخلق الأوصياء على الوصية، فلا يكونون إلا أوصياء،
وأعار قوما إيمانا، فإن شاء تممه لهم، وإن شاء سلبهم إياه " قال: " وفيهم جرى قوله:
(فمستقر ومستودع) ".
وذكرت أن أمورا قد أشكلت عليك، لا تعرف حقائقها لاختلاف الرواية فيها، وأنك تعلم
أن اختلاف الرواية فيها لاختلاف عللها وأسبابها، وأنك لا تجد بحضرتك من تذاكره
وتفاوضه ممن تثق بعلمه فيها.
وقلت: إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع فيه من جميع فنون علم الدين ما
يكتفي به المتعلم، ويرجع إليه المسترشد، ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل به بالآثار
38

الصحيحة عن الصادقين (عليهم السلام) والسنن القائمة التي عليها العمل، وبها يؤدى فرض الله
عز وجل وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله).
وقلت: لو كان ذلك، رجوت أن يكون ذلك سببا يتدارك الله تعالى بمعونته وتوفيقه
إخواننا وأهل ملتنا، ويقبل بهم إلى مراشدهم.
فاعلم يا أخي - أرشدك الله - أنه لا يسع أحدا تمييز شيء مما اختلفت الرواية فيه عن
العلماء (عليهم السلام) برأيه، إلا على ما أطلقه العالم (عليه السلام) بقوله: " اعرضوها على كتاب الله، فما وافق
كتاب الله عز وجل فخذوه، وما خالف كتاب الله فردوه ".
وقوله (عليه السلام): " دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلافهم ".
وقوله (عليه السلام): " خذوا بالمجمع عليه؛ فإن المجمع عليه لا ريب فيه ".
ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلا أقله ولا نجد شيئا أحوط ولا أوسع من رد علم
ذلك كله إلى العالم (عليه السلام) وقبول ما وسع من الأمر فيه بقوله (عليه السلام): " بأيما أخذتم من باب التسليم
وسعكم ".

1. في " خ ": " فيما اختلف "، وفي " ل ": " مما اختلفت ".
2. " التي " خبر للمراد، لا صفة للمختلفة.
3. كذا في النسخ، والصحيح " فيها ".
4. في " ت، م ": " الحقيقة ".
39

وقد يسر الله - وله الحمد - تأليف ما سألت، وأرجو أن يكون بحيث توخيت، فمهما
كان فيه من تقصير فلم تقصر نيتنا في إهداء النصيحة؛ إذ كانت واجبة لإخواننا وأهل ملتنا،
مع ما رجونا أن نكون مشاركين لكل من اقتبس منه، وعمل بما فيه في دهرنا هذا، وفي
غابره إلى انقضاء الدنيا؛ إذ الرب - جل وعز - واحد، والرسول محمد خاتم النبيين - صلوات
الله وسلامه عليه وآله - واحد، والشريعة واحدة، وحلال محمد حلال، وحرامه حرام إلى
يوم القيامة، ووسعنا قليلا كتاب الحجة وإن لم نكمله على استحقاقه؛ لأنا كرهنا أن نبخس
حظوظه كلها.
وأرجو أن يسهل الله - جل وعز - إمضاء ما قدمنا من النية، إن تأخر الأجل صنفنا كتابا
أوسع وأكمل منه، نوفيه حقوقه كلها إن شاء الله تعالى، وبه الحول والقوة، وإليه الرغبة في
الزيادة في المعونة والتوفيق. والصلاة على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين الأخيار.
وأول ما أبتدئ به وأفتتح به كتابي هذا كتاب العقل وفضائل العلم، وارتفاع درجة أهله،
وعلو قدرهم، ونقص الجهل، وخساسة أهله، وسقوط منزلتهم؛ إذ كان العقل هو القطب
الذي عليه المدار، وبه يحتج، وله الثواب، وعليه العقاب، والله الموفق.
40

كتاب العقل والجهل كتاب العقل والجهل

1 - 3. في " خ، ل ": " بفقد ".
4. في " خ، ل ": " فيتبادر ".
5. في " خ، ل، م ": " من ".
6. في حاشية " ت ": وذكر هذا مقويا لدعوى أن الأول هو الكامل من الثاني، فتدبر.
41



1. في " م ": " وبشرط ".
2. في " ل، م ": " بمجرد ".
3. جزاء لقوله: " فإن صح ".
4. في " ت ": " عن ".
5. في " خ ": + " للنفس ".
42

1. أخبرنا أبو جعفر محمد بن يعقوب قال: حدثني عدة من أصحابنا منهم:
محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء
بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " لما خلق الله العقل استنطقه،

1. في " خ، م ": " بكونه ".
2. في " م ": " ويتفرع عليها ".
3. في " خ ": " النكر ".
43

ثم قال له: أقبل، فأقبل، ثم قال له: أدبر، فأدبر، ثم قال: وعزتي وجلالي ما خلقت
خلقا هو أحب إلي منك، ولا أكملتك إلا فيمن أحب، أما إني إياك آمر، وإياك أنهى
وإياك أعاقب، وإياك أثيب.

1. أي إطلاق الإقبال والإدبار.
2. أي ما عبد به الرحمن.
3. في حاشية " خ ": العناية التي يحتاج إليها حمل العقل على الثاني هو أن يقال: إن العقل الكامل الذي يعبد به
الرحمن هو الذي يرد عليه الأمر والنهي وثواب الطاعة وعقاب المعصية، فينقاد للأمر والنهي والطاعة، ويحترز
عن المعصية الموجبة للعقاب، فيذوق في الدنيا ألم الصبر على المعاصي وعلى الطاعات حتى لا يعذب بعقاب
المعاصي في الآخرة. فذوقه باختياره ألم مفارقة الشهوات في الدنيا بمنزلة ذوق ألم عقاب المعاصي في
الآخرة. والعناية الزائدة التي يحتاج إليها حمل العقل هاهنا على أول خلق من الروحانيين أن يقال: إذا كانت
القوة التي يعبد بها الرحمن في النفس من إشراق هذا العقل ومتحدة معه من الجهة التي مر بيانها فإذا ثبت ورود
الأمر والنهي والثواب والعقاب على تلك القوة جاز استناد ورودها على العقل المجرد الذي هو هي من تلك
الجهة، كما لا يخفى، فليتأمل (لراقمه خليل).
4. أي أول خلق من الروحانيين، وفي " م ": " وفي الثالث ".
44

2. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن مفضل بن صالح،
عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام) قال: " هبط جبرئيل (عليه السلام) على
آدم (عليه السلام) فقال: يا آدم، إني أمرت أن أخيرك واحدة من ثلاث، فاخترها ودع اثنتين، فقال له
آدم: يا جبرئيل، وما الثلاث؟ فقال: العقل والحياء والدين، فقال آدم: إني قد اخترت العقل،
فقال جبرئيل للحياء والدين: انصرفا ودعاه، فقالا: يا جبرئيل، إنا أمرنا أن نكون مع العقل
حيث كان، قال: فشأنكما، وعرج ".
3. أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن بعض أصحابنا، رفعه إلى
أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما العقل؟ قال: " ما عبد به الرحمن، واكتسب به الجنان "

1. في حاشية " خ ": تخيير آدم (عليه السلام) واحدة من الثلاث إشارة إلى أن الحقيقة الإنسانية لكونها حقيقة واحدة يجب أن
يكون اقتضاؤها بالذات لأمر واحد، لا غير. فإن اقتضت لأمور أخرى وجب أن يكون اقتضاؤها لها ثانيا وبالتبع
لما هو مقتضاه بالذات، فإذا اقتضى الإنسان لذاته قوة تمييز الخير من الشر الحقيقي واختيار الخير على الشر،
وهو معنى " ويشكر العقل "، لزمه قوة الانزجار عن القبائح الذي هو الحياء والإيمان بمبدئه، وتقديم مقتضيات
مبدئه على مقتضيات نفسه، وهو الدين. والأخيرتان مندرجتان تحت الأولى، تابعتان لها، غير منفكتين عنها.
(لراقمه خليل).
2. في " ت ": " يكتسب ".
45

قال: قلت: فالذي كان في معاوية؟ فقال: " تلك النكراء، تلك الشيطنة، وهي شبيهة
بالعقل، وليست بالعقل ".
4. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن الحسن بن
الجهم، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: " صديق كل امرئ عقله، وعدوه جهله ".
5. وعنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم، قال: قلت لأبي

1. في " ت ": " والارتباط ".
2. في " خ ": " هنا ".
3. في " ل ": " بين الحق والباطل ".
4. في " خ، ل، م ": " يستقلان ".
46

الحسن (عليه السلام): إن عندنا قوما لهم محبة، وليست لهم تلك العزيمة يقولون بهذا القول،
فقال (عليه السلام): " ليس أولئك ممن عاتب الله تعالى، إنما قال الله: (فاعتبروا يا أولى
الأبصار) ".
6. أحمد بن إدريس، عن محمد بن حسان، عن أبي محمد الرازي، عن سيف بن
عميرة، عن إسحاق بن عمار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " من كان عاقلا كان له دين، ومن
كان له دين دخل الجنة ".
7. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن علي بن يقطين،
عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " إنما يداق الله العباد في
الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا ".
8. علي بن محمد بن عبد الله، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن محمد بن سليمان

1. في الكافي المطبوع وفي حاشية " م ": " ليست ".
2. في " خ ": " تقول ".
3. الحشر (59): 2.
47

الديلمي، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): فلان من عبادته ودينه وفضله كذا؟
فقال (عليه السلام): " كيف عقله؟ " قلت: لا أدري، فقال: " إن الثواب على قدر العقل، إن رجلا من بني
إسرائيل كان يعبد الله في جزيرة من جزائر البحر، خضراء، نضرة، كثيرة الشجر، ظاهرة
الماء، وإن ملكا من الملائكة مر به، فقال: يا رب أرني ثواب عبدك هذا، فأراه الله تعالى
ذلك، فاستقله الملك، فأوحى الله تعالى إليه: أن أصحبه، فأتاه الملك في صورة إنسي، فقال
له: من أنت؟ قال: أنا رجل عابد بلغني مكانك وعبادتك في هذا المكان، فأتيتك لأعبد الله
معك، فكان معه يومه ذلك، فلما أصبح، قال له الملك: إن مكانك لنزه، وما يصلح إلا
للعبادة، فقال له العابد: إن لمكاننا هذا عيبا، فقال له: وما هو؟ قال: ليس لربنا بهيمة، فلو
كان له حمار رعيناه في هذا الموضع، فإن هذا الحشيش يضيع، فقال له ذلك الملك: وما
لربك حمار؟ فقال: لو كان له حمار ما كان يضيع مثل هذا الحشيش، فأوحى الله تعالى إلى
الملك: إنما أثيبه على قدر عقله ".
9. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام):
قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إذا بلغكم عن رجل حسن حال، فانظروا في حسن عقله،
فإنما يجازى بعقله ".
10. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال:
ذكرت لأبي عبد الله (عليه السلام) رجلا مبتلى بالوضوء والصلاة، وقلت: هو رجل عاقل، فقال
أبو عبد الله (عليه السلام): " وأي عقل له وهو يطيع الشيطان؟ " فقلت له: وكيف يطيع الشيطان؟
فقال (عليه السلام): " سله: هذا الذي يأتيه من أي شيء هو؟ فإنه يقول لك: من عمل الشيطان ".
11. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه، رفعه، قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ما قسم الله للعباد شيئا أفضل من العقل، فنوم العاقل أفضل من سهر
48

الجاهل، وإقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل؛ ولا بعث الله نبيا ولا رسولا حتى
يستكمل العقل، ويكون عقله أفضل من جميع عقول أمته، وما يضمر النبي (صلى الله عليه وآله) في نفسه
أفضل من اجتهاد المجتهدين، وما أدى العبد فرائض الله حتى عقل عنه، ولا بلغ جميع
العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل، والعقلاء هم أولوا الألباب الذين قال الله تعالى:
(وما يتذكر إلا أولوا الألباب) ".
12. أبو عبد الله الأشعري، عن بعض أصحابنا، رفعه، عن هشام بن الحكم، قال: قال لي
أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام): " يا هشام، إن الله تبارك وتعالى بشر أهل العقل والفهم في
كتابه فقال: (فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله
وأولئك هم أولوا الألباب) ".
يا هشام، إن الله تبارك وتعالى أكمل للناس الحجج بالعقول، ونصر النبيين بالبيان،
ودلهم على ربوبيته بالأدلة، فقال: (وإلهكم إله وحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم * إن في
خلق السموات والأرض واختلف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر
بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل
دابة وتصريف الريح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون).
يا هشام، قد جعل الله ذلك دليلا على معرفته بأن لهم مدبرا، فقال: (وسخر لكم الليل

1. الرعد (13): 19؛ الزمر (39): 9.
2. فاطر (35): 28.
49

والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخر تم بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون).
وقال: (هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا
أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم
تعقلون) وقال: (إن في اختلاف الليل والنهار * وما أنزل الله من
السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها * وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين
السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون) وقال: (يحي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات
لعلكم تعقلون) ". وقال: (وجنت من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى
بماء وحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون)؟ ". وقال:
(ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحي به الأرض بعد
موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون). وقال: (قل
تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا بهى شيئا وبالوالدين إحسنا ولا تقتلوا أولدكم
من إملاق، نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس
التي حرم الله إلا بالحق، ذلكم وصلكم بهى لعلكم تعقلون). وقال: (هل لكم من ما
ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم
كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون).
يا هشام، ثم وعظ أهل العقل ورغبهم في الآخرة، فقال: (وما الحيوة الدنيا إلا لعب
ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون).
يا هشام، ثم خوف الذين لا يعقلون عقابه، فقال تعالى: (ثم دمرنا الآخرين * وإنكم
لتمرون عليهم مصبحين * وبالليل أفلا تعقلون). وقال: (إنا منزلون على أهل هذه
القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون * ولقد تركنا منها آية بينة لقوم
يعقلون).
يا هشام، إن العقل مع العلم، فقال: (وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا
العالمون).
يا هشام، ثم ذم الذين لا يعقلون، فقال: (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل
50

نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون) وقال: (ومثل
الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صمم بكم عمى فهم لا يعقلون)
وقال: (ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون) وقال: (أم
تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا). وقال:
(لا يقتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم
جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) وقال: (وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون
الكتب أفلا تعقلون).
يا هشام، ثم ذم الله الكثرة فقال: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل
الله) وقال: (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل
أكثرهم لا يعلمون) وقال: (ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض منم
بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون).
يا هشام، ثم مدح القلة فقال: (وقليل من عبادي الشكور) وقال: (وقليل ما هم)
وقال: (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله)
وقال: (ومن آمن وما آمن معه إلا قليل). وقال: (ولكن أكثرهم لا يعلمون). وقال:
(وأكثرهم لا يعقلون) وقال: (وأكثرهم لا يشعرون).
يا هشام، ثم ذكر أولي الألباب بأحسن الذكر، وحلاهم بأحسن الحلية، فقال:
(يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا
الألباب) وقال: (والر سخون في العلم يقولون آمنا بهى كل من عند ربنا وما يذكر إلا
أولوا الألباب) وقال: (إن في خلق السموات والأرض واختلف الليل والنهار لآيات
لأولى الألباب) وقال: (أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر
أولوا الألباب) وقال: (أمن هو قنت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا
رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب)
وقال: (كتب أنزلناه إليك مبرك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب). وقال: (ولقد
آتينا موسى الهدى وأورثنا بنى إسرائيل الكتب * هدى
51

وذكرى لأولى الألباب) وقال: (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين).
يا هشام، إن الله تعالى يقول في كتابه: (إن في ذلك لذكرى لمن كان لهو قلب) يعني:
عقل، وقال: (ولقد آتينا لقمان الحكمة) قال: الفهم والعقل.
يا هشام، إن لقمان قال لابنه: تواضع للحق تكن أعقل الناس، وإن الكيس لدى الحق
يسير، يا بني إن الدنيا بحر عميق، قد غرق فيها عالم كثير، فلتكن سفينتك فيها تقوى الله،
وحشوها الإيمان، وشراعها التوكل، وقيمها العقل، ودليلها العلم، وسكانها الصبر.
يا هشام، إن لكل شيء دليلا، ودليل العقل التفكر، ودليل التفكر الصمت، ولكل شيء
52

مطية، ومطية العقل التواضع، وكفى بك جهلا أن تركب ما نهيت عنه.
يا هشام، ما بعث الله أنبياءه ورسله إلى عباده إلا ليعقلوا عن الله، فأحسنهم استجابة
أحسنهم معرفة، وأعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلا، وأكملهم عقلا أرفعهم درجة في الدنيا
والآخرة.
يا هشام، إن لله على الناس حجتين: حجة ظاهرة، وحجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل
والأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، وأما الباطنة فالعقول.
يا هشام، إن العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره، ولا يغلب الحرام صبره.
يا هشام، من سلط ثلاثا على ثلاث فكأنما أعان على هدم عقله: من أظلم نور تفكره
بطول أمله، ومحا طرائف حكمته بفضول كلامه، وأطفأ نور عبرته بشهوات نفسه، فكأنما
أعان هواه على هدم عقله، ومن هدم عقله أفسد عليه دينه ودنياه.
يا هشام، كيف يزكو عند الله عملك، وأنت قد شغلت قلبك عن أمر ربك، وأطعت هواك
على غلبة عقلك؟!
يا هشام، الصبر على الوحدة علامة قوة العقل، فمن عقل عن الله اعتزل أهل الدنيا
والراغبين فيها، ورغب فيما عند الله، وكان الله أنسه في الوحشة، وصاحبه في الوحدة،
وغناه في العيلة، ومعزه من غير عشيرة.
53

يا هشام، نصب الحق لطاعة الله، ولا نجاة إلا بالطاعة، والطاعة بالعلم، والعلم
بالتعلم، والتعلم بالعقل يعتقد، ولا علم إلا من عالم رباني، ومعرفة العلم بالعقل.
يا هشام، قليل العمل من العالم مقبول مضاعف، وكثير العمل من أهل الهوى
والجهل مردود.
يا هشام، إن العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة، ولم يرض بالدون
من الحكمة مع الدنيا، فلذلك ربحت تجارتهم.
يا هشام، إن العقلاء تركوا فضول الدنيا، فكيف الذنوب، وترك الدنيا من الفضل،
وترك الذنوب من الفرض.
يا هشام، إن العاقل نظر إلى الدنيا وإلى أهلها، فعلم أنها لا تنال إلا بالمشقة،
ونظر إلى الآخرة، فعلم أنها لا تنال إلا بالمشقة، فطلب بالمشقة أبقاهما.
يا هشام، إن العقلاء زهدوا في الدنيا ورغبوا في الآخرة؛ لأنهم علموا أن الدنيا
طالبة ومطلوبة، والآخرة طالبة ومطلوبة، فمن طلب الآخرة، طلبته الدنيا حتى

1. في " خ، ل، م ": " يحصل ".
2. في " خ ": " الطالبة ".
3. في " م ": " المطلوبية ".
4. في " ل، م ": " الطالبية ".
54

يستوفي منها رزقه، ومن طلب الدنيا طلبته الآخرة، فيأتيه الموت، فيفسد عليه دنيا هو آخرته.
يا هشام، من أراد الغنى بلا مال، وراحة القلب من الحسد، والسلامة في الدين،
فليتضرع إلى الله عز وجل في مسألته بأن يكمل عقله، فمن عقل قنع بما يكفيه، ومن قنع
بما يكفيه استغنى، ومن لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغنى أبدا.
يا هشام، إن الله حكى عن قوم صالحين أنهم قالوا: (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا
وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) حين علموا أن القلوب تزيغ وتعود إلى عماها
ورداها.
إنه لم يخف الله من لم يعقل عن الله، ومن لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه على معرفة

1. في حاشية " ت ": يعني إذا طلبته الدنيا استوفى منها رزقه ولا يحتاج إلى أن يطلبها.
2. في حاشية " ت ": يعني إذا طلبته الآخرة أدركه الموت، وإذا حصل له العلم بذلك ينبغي أن يطلبها لتهيأ أسبابها،
فلا يفارق أحدهما عن الآخر، فيلائم التقارن العطف بالواو.
3. في " ل ": " معرفة بالله ".
4. في " ل ": " ظاهرا ".
55

ثابتة يبصرها ويجد حقيقتها في قلبه، ولا يكون أحد كذلك إلا من كان قوله لفعله
مصدقا، وسره لعلانيته موافقا؛ لأن الله - تبارك اسمه - لم يدل على الباطن الخفي من
العقل إلا بظاهر منه، وناطق عنه.
يا هشام، كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: ما عبد الله بشيء أفضل من العقل، وما تم عقل
امرئ حتى يكون فيه خصال شتى: الكفر والشر منه مأمونان، والرشد والخير منه
مأمولان، وفضل ماله مبذول، وفضل قوله مكفوف، ونصيبه من الدنيا القوت، لا يشبع
من العلم دهره، الذل أحب إليه مع الله من العز مع غيره، والتواضع أحب إليه من
الشرف، يستكثر قليل المعروف من غيره، ويستقل كثير المعروف من نفسه، ويرى
الناس كلهم خيرا منه، وأنه شرهم في نفسه، وهو تمام الأمر.

1. في " ل ": " ظاهرا ".
2. في " خ، ل، م ": " لم يكن يجد ".
3. في حاشية " ت ": وهي من عمل العقل.
56

يا هشام، إن العاقل لا يكذب وإن كان فيه هواه.
يا هشام، لا دين لمن لا مروءة له، ولا مروءة لمن لا عقل له، وإن أعظم الناس قدرا
الذي لا يرى الدنيا لنفسه خطرا، أما إن أبدانكم ليس لها ثمن إلا الجنة، فلا تبيعوها
بغيرها.
يا هشام، إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول: إن من علامة العاقل أن يكون فيه ثلاث
خصال: يجيب إذا سئل، وينطق إذا عجز القوم عن الكلام، ويشير بالرأي الذي يكون

1. في " خ ": " عاقلا عارفا ".
57

فيه صلاح أهله، فمن لم يكن فيه من هذه الخصال الثلاث شيء فهو أحمق.
إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: لا يجلس في صدر المجلس إلا رجل فيه هذه الخصال
الثلاث، أو واحدة منهن، فمن لم يكن فيه شيء منهن فجلس، فهو أحمق.
وقال الحسن بن علي (عليهما السلام): إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها، قيل: يا ابن
رسول الله، ومن أهلها؟ قال: الذين قص الله في كتابه وذكرهم، فقال: (إنما يتذكر أولوا
الألباب) قال: هم أولوا عقول.
وقال علي بن الحسين (عليهما السلام): مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح، وآداب العلماء
58

زيادة في العقل، وطاعة ولاة العدل تمام العز، واستثمار المال تمام المروءة، وإرشاد
المستشير قضاء لحق النعمة، وكف الأذى من كمال العقل، وفيه راحة البدن عاجلا وآجلا.
يا هشام، إن العاقل لا يحدث من يخاف تكذيبه، ولا يسأل من يخاف منعه ولا يعد
ما لا يقدر عليه، ولا يرجو ما يعنف برجائه، ولا يقدم على ما يخاف فوته بالعجز عنه.
13. علي بن محمد، عن سهل بن زياد رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " العقل
غطاء ستير، والفضل جمال ظاهر، فاستر خلل خلقك بفضلك، وقاتل هواك بعقلك، تسلم لك
المودة، وتظهر لك المحبة ".

1. في " ل ": " لنعم ".
2. في " خ ": " تستر "؛ وفي " ت ": " يستتر ".
59

14. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن سماعة بن
مهران، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) وعنده جماعة من مواليه، فجرى ذكر العقل
والجهل، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " اعرفوا العقل وجنده، والجهل وجنده تهتدوا " قال
سماعة: فقلت: جعلت فداك، لا نعرف إلا ما عرفتنا، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " إن الله عز وجل
خلق العقل - وهو أول خلق من الروحانيين - عن يمين العرش من نوره، فقال له: أدبر

1. في حاشية " ت ": احتراز عما أدركه للحس المشترك من داخل، أعني إدراك النفس؛ فافهم.
2. في " ل، م ": " بواسطة ".
60

فأدبر؛ ثم قال له: أقبل فأقبل؛ فقال الله تبارك وتعالى: خلقتك خلقا عظيما، وكرمتك
على جميع خلقي ". قال: " ثم خلق الجهل من البحر الأجاج ظلمانيا، فقال له: أدبر فأدبر؛ ثم
قال له: أقبل فلم يقبل، فقال له: استكبرت، فلعنه، ثم جعل للعقل خسمة
وسبعين جندا، فلما رأى الجهل ما أكرم الله به العقل وما أعطاه، أضمر له العداوة، فقال
الجهل: يا رب، هذا خلق مثلي خلقته وكرمته وقويته، وأنا ضده ولا قوة لي به،
فأعطني من الجند مثل ما أعطيته، فقال: نعم، فإن عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك
من رحمتي قال: قد رضيت، فأعطاه خمسة وسبعين جندا، فكان مما أعطى العقل من
الخمسة والسبعين الجند:
الخير، وهو وزير العقل، وجعل ضده الشر، وهو وزير الجهل؛ والإيمان، وضده الكفر؛

1. في " ل ": " بواسطتها ".
2. في " خ، ل، م ": " كل واحد ".
3. في " ل ": " از كس بهترين بودن وبهترى برگزيدن ".
61

والتصديق، وضده الجحود؛ والرجاء، وضده القنوط؛ والعدل، وضده الجور؛ والرضا،
وضده السخط؛ والشكر، وضده الكفران؛ والطمع، وضده اليأس؛ والتوكل، وضده
الحرص؛ والرأفة، وضدها القسوة؛ والرحمة، وضدها الغضب؛ والعلم، وضده الجهل؛

1. في " ل ": " الرد باللسان والإنكار، بل بترك ".
2. في " خ، ل، م ": " كالنعم ".
62

والفهم، وضده الحمق؛ والعفة، وضدها التهتك؛ والزهد، وضده الرغبة؛ والرفق، وضده
الخرق؛ والرهبة، وضده الجرأة؛ والتواضع، وضده الكبر؛ والتؤدة، وضدها التسرع؛
والحلم، وضدها السفه؛ والصمت، وضده الهذر؛ والاستسلام، وضده الاستكبار؛
والتسليم، وضده الشك؛ والصبر، وضده الجزع؛ والصفح، وضده الانتقام؛ والغنى،

1. في " خ، م ": " هاهنا ".
2. كذا في النسخ.
3. في " ل ": " فبالاعتبار ".
4. في " ل ": " بالاعتبار ".
63

وضده الفقر؛ والتذكر، وضده السهو؛ والحفظ، وضده النسيان؛ والتعطف، وضده
القطيعة؛ والقنوع، وضده الحرص؛ والمؤاساة، وضدها المنع؛ والمودة، وضدها العداوة؛
والوفاء، وضده الغدر؛ والطاعة، وضدها المعصية؛ والخضوع، وضده
التطاول؛ والسلامة، وضدها البلاء؛ والحب، وضده البغض؛ والصدق، وضده الكذب؛

1. في " م ": " ومقابله الحرص ".
64

والحق، وضده الباطل؛ والأمانة، وضدها الخيانة؛ والإخلاص، وضده الشوب؛
والشهامة، وضدها البلادة؛ والفهم، وضده الغباوة؛ والمعرفة، وضدها الإنكار؛
والمداراة، وضدها المكاشفة؛ وسلامة الغيب، وضدها المماكرة؛ والكتمان، وضدها
الإفشاء؛ والصلاة، وضدها الإضاعة؛ والصوم، وضده الإفطار؛ والجهاد، وضده

1. في " خ، م ": " ها هنا ".
2. في حاشية " م ": " المكاشفة: التصريح بالمكروه ". راجع: القاموس المحيط، ج 3، ص 196 (كشف).
3. التذكير باعتبار الإتيان.
65

النكول؛ والحج، وضده نبذ الميثاق؛ وصون الحديث، وضده النميمة؛ وبر الوالدين،
وضده العقوق؛ والحقيقة، وضدها الرياء؛ والمعروف، وضده المنكر؛ والستر، وضده
التبرج؛ والتقية، وضدها الإذاعة؛ والإنصاف، وضده الحمية؛ والتهيئة، وضدها البغي؛

1. الكافي، ج 4، ص 186، باب بدء الحجر والعلة في استلامه، ح 3؛ الفقيه، ج 2، ص 191، باب علل الحج،
ح 2114؛ علل الشرائع، ج 2، ص 431، باب العلة التي من أجلها وضع الحجر في الركن، ح 1.
2. في حاشية " م ": اعلم أن المفصل من جنود العقل والجهل هنا ثمانية وسبعون، ولعل النقصان في المجمل
لإرجاع ثلاثة منها إلى البعض الباقي؛ لكون التفاوت قليلا جدا، إما بالإجمال والتفصيل كما ذكرنا في الحكمة،
وإما بالشدة والضعف أو الزيادة والنقصان، وإما يعتبر ذلك، أو لأن ثلاثة منها لا توجد حقيقته في الأنبياء
والأوصياء مطلقا، أو في زمان إمامتهم، وهي الاستغفار والطاعة وأضدادها. قيل: لعل الثلاثة الزائدة إحدى
فقرتي الرجاء والطمع، وإحدى فقرتي الفهم، وإحدى فقرتي السلامة والعافية، فجمع الناسخون من البدلين
غافلين عن البدلية، كما ذكرنا عند الطمع واليأس.
66

والنظافة، وضدها القذر؛ والحياء، وضدها الجلع؛ والقصد، وضده العدوان؛
والراحة، وضدها التعب؛ والسهولة، وضدها الصعوبة؛ والبركة، وضدها المحق؛ والعافية،
وضدها البلاء؛ والقوام، وضده المكاثرة؛ والحكمة، وضدها الهوى؛

1. في الكافي المطبوع: " القوام وضده المكاثرة ".
67

والوقار، وضده الخفة؛ والسعادة، وضدها الشقاوة؛ والتوبة، وضدها الإصرار؛
والاستغفار، وضده الاغترار؛ والمحافظة، وضدها التهاون؛ والدعاء، وضده الاستنكاف؛
والنشاط، وضده الكسل؛ والفرح، وضده الحزن؛ والألفة، وضدها
الفرقة؛ والسخاء، وضده البخل.
68

فلا تجتمع هذه الخصال كلها من أجناد العقل إلا في نبي أو وصي نبي، أو مؤمن قد
امتحن الله قلبه للإيمان، وأما سائر ذلك من موالينا فإن أحدهم لا يخلو من أن يكون
فيه بعض هذه الجنود حتى يستكمل، وينقى من جنود الجهل، فعند ذلك يكون في الدرجة
العليا مع الأنبياء والأوصياء، وإنما يدرك ذلك بمعرفة العقل وجنوده، وبمجانبة الجهل
وجنوده؛ وفقنا الله وإياكم لطاعته ومرضاته ".
15. جماعة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن
فضال، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " ما كلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) العباد بكنه
عقله قط ". وقال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنا - معاشر الأنبياء - أمرنا أن نكلم الناس
على قدر عقولهم ".
16. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر، عن
أبيه (عليهما السلام) قال: " قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن قلوب الجهال تستفزها الأطماع، وترتهنها المنى،
69

وتستعلقها الخدائع ".
17. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبيد الله الدهقان،
عن درست، عن إبراهيم بن عبد الحميد قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " أكمل الناس عقلا
أحسنهم خلقا ".
18. علي، عن أبي هاشم الجعفري قال: كنا عند الرضا (عليه السلام) فتذاكرنا العقل والأدب، فقال:
" يا أبا هاشم، العقل حباء من الله، والأدب كلفة، فمن تكلف الأدب قدر عليه،
ومن تكلف العقل، لم يزدد بذلك إلا جهلا ".

1. في الكافي المطبوع: " تستعلقها ".
2. في " خ ": + " في بيعته ".
70

19. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق
ابن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك، إن لي جارا كثير الصلاة، كثير
الصدقة، كثير الحج لا بأس به؟ قال: فقال: " يا إسحاق، كيف عقله؟ "، قال: قلت له: جعلت
فداك ليس له عقل، قال: فقال: " لا يرتفع بذلك منه ".
20. الحسين بن محمد، عن أحمد بن محمد السياري، عن أبي يعقوب البغدادي، قال:
قال ابن السكيت لأبي الحسن (عليه السلام) لماذا بعث الله موسى بن عمران (عليه السلام) بالعصا ويده البيضاء

1. في حاشية " م ": قوله: " فمن تكلف العقل " أي ادعى العقل ولم يكن عاقلا، أو ادعى مرتبة من العقل هو دونها،
كمن تصدى للإمامة أو القضاء بين الناس وليس أهلا لذلك.
2. في حاشية " ت ": لأنه ارتكب أمرا يمتنع حصوله بكسب، وعدم علمه بذلك جهل آخر.
3. في الكافي المطبوع: " لا يرتفع ".
4. في " ت، خ، م ": " موقع ".
71

وآلة السحر؟ وبعث عيسى بآلة الطب؟ وبعث محمدا - صلى الله عليه وآله وعلى جميع
الأنبياء - بالكلام والخطب؟
فقال أبو الحسن (عليه السلام): " إن الله لما بعث موسى (عليه السلام) كان الغالب على أهل عصره السحر،
فأتاهم من عند الله بما لم يكن في وسعهم مثله، وما أبطل به سحرهم، وأثبت به الحجة

1. في " م ": " من باب ".
2. في " ل ": " بما يستكمل ".
3. في " خ ": " لو تداولوه ".
72

عليهم، وإن الله بعث عيسى (عليه السلام) في وقت قد ظهرت فيه الزمانات، واحتاج الناس إلى الطب،
فأتاهم من عند الله تعالى بما لم يكن عندهم مثله، وبما أحيا لهم الموتى، وأبرأ الأكمه
والأبرص بإذن الله تعالى، وأثبت به الحجة عليهم. وإن الله تعالى بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) في وقت
كان الغالب على أهل عصره الخطب والكلام - وأظنه قال: الشعر - فأتاهم من عند الله
تعالى من مواعظه وحكمه ما أبطل به قولهم، وأثبت به الحجة عليهم ".
قال: فقال ابن السكيت: تالله ما رأيت مثلك قط، فما الحجة على الخلق اليوم؟ قال:
فقال (عليه السلام): " العقل، يعرف به الصادق على الله فيصدقه، والكاذب على الله فيكذبه " قال:
فقال ابن السكيت: هذا - والله - هو الجواب.
21. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء عن المثنى الحناط، عن
قتيبة الأعشى، عن ابن أبي يعفور، عن مولى لبني شيبان، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " إذا
73

قام قائمنا وضع الله يده على رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم وكملت به أحلامهم ".
22. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن علي بن إبراهيم،
عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " حجة الله على العباد النبي، والحجة فيما
بين العباد وبين الله العقل ".
23. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد مرسلا، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " دعامة
الإنسان العقل، والعقل منه الفطنة والفهم والحفظ والعلم؛ وبالعقل يكمل، وهو دليله

1. في حاشية " ل ": يعني ما يقطع به عذرهم في تركهم لما به يتوصلون إلى سعادتهم وفيه نجاتهم هو النبي بعد
تصديقهم بالله سبحانه، وما يقطع به عذرهم في تركهم لمعرفة الله سبحانه والتصديق به قبل ذلك هو العقل، ولما
كانت الحجة في الأول موصلة لهم إلى شيء آخر غير الله - أعني سعادتهم - وكانوا معتقدين لإلهيته سبحانه،
أضاف الحجة إلى الله وأورد لفظة " على ". ولما كانت في الثانية موصلة لهم إليه تعالى وكانوا غير معتقدين بعد
لإلهيته، وهي قد تكون حجة [لهم وقد تكون حجة] عليهم لاختلاف مراتب عقولهم، قال " فيما بينهم وبين الله ".
الوافي، ج 1، ص 113.
2. بكته: غلبه بالحجة. الصحاح، ج 1، ص 244 (بكت).
74

ومبصره ومفتاح أمره، فإذا كان تأييد عقله من النور كان عالما، حافظا، ذاكرا، فطنا،
فهما، فعلم بذلك كيف ولم وحيث، وعرف من نصحه ومن غشه، فإذا عرف ذلك عرف
مجراه وموصوله ومفصوله، وأخلص الوحدانية لله، والإقرار بالطاعة، فإذا فعل ذلك كان
مستدركا لما فات، وواردا على ما هو آت، يعرف ما هو فيه، ولأي شيء هو هاهنا، ومن
أين يأتيه، وإلى ما هو صائر؛ وذلك كله من تأييد العقل ".
24. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن بعض رجاله،
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " العقل دليل المؤمن ".
25. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن حماد بن عثمان، عن
السري بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، لا فقر أشد من الجهل،

1. في " ل ": " متقوما ".
75

ولا مال أعود من العقل ".
26. محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن العلاء بن رزين، عن
محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " لما خلق الله العقل، قال له: أقبل، فأقبل.
ثم قال له: أدبر، فأدبر، فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أحسن منك، إياك آمر،
وإياك أنهى، وإياك أثيب، وإياك أعاقب ".
27. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي،
عن الحسين بن خالد، عن إسحاق بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): " الرجل آتيه
وأكلمه ببعض كلامي، فيعرفه كله، ومنهم من آتيه فأكلمه بالكلام، فيستوفي كلامي كله،
ثم يرده علي كما كلمته، ومنهم من آتيه فأكلمه، فيقول: أعد علي؟ فقال: " يا إسحاق،

1. في " خ ": " الأخيرين ".
2. في " ت ": - " سبب ".
76

وما تدري لم هذا؟ " قلت: لا، قال: " الذي تكلمه ببعض كلامك فيعرفه كله، فذاك من
عجنت نطفته بعقله؛ وأما الذي تكلمه فيستوفي كلامك ثم يجيبك على كلامك، فذاك الذي
ركب عقله فيه في بطن أمه؛ وأما الذي تكلمه بالكلام فيقول: أعد علي، فذاك الذي ركب
عقله فيه بعدما كبر، فهو يقول لك: أعد علي ".
28. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن بعض من رفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)
قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا رأيتم الرجل كثير الصلاة، كثير الصيام، فلا تباهوا به حتى

1. في " خ، ل ": " حالها ".
2. في " خ ": " فذلك ".
77

تنظروا كيف عقله؟
29. بعض أصحابنا، رفعه، عن مفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " يا مفضل،
لا يفلح من لا يعقل، ولا يعقل من لا يعلم، وسوف ينجب من يفهم، ويظفر من يحلم، والعلم جنة،

1. في حاشية " خ ": الأولى أن يقال: من يفهم الأشياء ويميز بين خيرها وشرها وحسنها وقبيحها، ويفهم أن
من اختار الخير والحسن فهو نجيب، ومن اختار الشر والقبيح فهو خسيس، فسوف يختار الأول وينجب
(لراقمه خليل).
2. في " خ، ل ": " الشبهة ".
78

والصدق عز، والجهل ذل، والفهم مجد، والجود نجح، وحسن الخلق مجلبة للمودة،
والعالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس، والحزم مساءة الظن، وبين المرء والحكمة نعمة

1. في " م ": " السالفة ".
2. جواب " لما ذكر ".
3. في " م ": " قلما ترى ".
4. في " خ، ل ": " في إظهار السداد والصلاح ".
5. في " خ، ل ": " يقوى ".
79



1. في " خ، ل ": " هذا الزمان ".
2. في حاشية " ل ": والمراد بمساءة الظن التجويز العقلي الذي يقع به الاحتياط، لا اعتقاد الفساد أو القول
بالسوء رجما بالغيب، فإنه مذموم. بل ينبغي أن يكون الإنسان حسن الظن بالخلائق، ولا منافاة بين الأمرين.
الوافي، ج 1، ص 119.
3. في " خ ": " منه ".
4. الضمير المستتر في " يترتب " راجع إلى " إحكام الأمر ".
5. في " م، ل ": " لم يتبع ".
6. في " خ ": " يعني ".
7. في " ت ": " يتبنى ".
80

العالم، والجاهل شقي بينهما، والله ولي من عرفه، وعدو من تكلفه، والعاقل غفور،

1. في حاشية " م ": " وبين المرء والحكمة ". البين قد يكون اسما بمعنى الوصلة، مثل قولك: " رأيته غداة البين ".
وبمعنى الفرقة كما في " غراب البين ".
قد يكون ظرفا متمكنا. وهو هنا اسم بمعنى الوصلة، مرفوع على الابتداء. ويحتمل أن يكون ظرفا
منصوبا. ويضاف " شقي " إلى " بينهما " على الأول كقوله تعالى: (وإن خفتم شقاق بينهما) لا على الثاني.
ومضى معنى الحكمة في ثاني عشر الباب أنها الفهم والعقل، يعني إن العالم يفرح أن يكون المرء حكيما، فيكون
عالما بزمانه جازما، والجاهل يسوء أن يكون المرء حكيما. فقوله " نعمة " مضاف إلى " العالم " إضافة لامية.
والمراد بالشقاء التعب والمشقة، وهو ضد السعادة الأخروية. وضمير " بينهما " للمرء والحكمة. والحاصل على
الثاني أن في الوصلة بين المرء والحكمة نعمة للعالم؛ لالتذاذه بها، وشقاء للجاهل لنفرته عن تلك الوصلة، فإنه
يحب أن يكون الناس على السفه وخلاف الحق؛ ليتيسر له ترويج الجهلة، أو ليكون الناس مثله. ولو حمل
الفقرتان السابقتان على الأمر بالتقية، احتمل أن يراد هاهنا أن المرء إذا كان عالما كان اتصافه بالحكمة سهلا
فيتقي، وإذا كان جاهلا صعبت عليه الحكمة فلا يتقي.
2. في حاشية " ل ": " نعمة العالم " بفتح النون يعني أن الموصل للمرء إلى الحكمة تنعم العالم بعلمه، فإنه إذا رآه
المرء انبعث نفسه إلى تحصيل الحكمة. أو إضافة النعمة - بالكسر - بيانية، أي العالم الذي هو نعمة من الله
سبحانه موصل المرء إلى الحكمة بتعليمه له إياها. " والجاهل شقي بينهما " أي له شقاوة حاصلة من بين المرء
والحكمة أو التعلم والعالم. وذلك لأنه لا يزال يتعب نفسه إما بالحسد أو الحسرة على الفوت أو السعي في
التحصيل مع عدم القابلية للفهم. (الوافي، ج 1، ص 119).
3. جامع الأخبار، ص 73، الفصل 34 في تارك الصلاة؛ وعنه في بحار الأنوار، ج 79، ص 203، باب فضل الصلاة
وعقاب تاركها، ح 2، ومستدرك الوسائل، ج 3، ص 45، أبواب أعداد الفرائض ونوافلها وما يناسبها، ح 2978.
81

والجاهل ختور، وإن شئت أن تكرم فلن، وإن شئت أن تهان فاخشن، ومن كرم أصله لان قلبه،

1. في " ت ": " الأول ".
2. في " خ ": + " هنا ".
3. في حاشية " خ ": الله ولي من عرفه معرفة أخذته من نفسه وسلبته صفات نفسه وكسبته صفات الإيمان
والتخلق بأخلاق الله حقيقة، وعدو من تكلف الاتصاف بهذا العرفان وليس من أهله.
4. في " خ، ل، م ": " خيانة ".
82

ومن خشن عنصره غلظ كبده، ومن فرط تورط، ومن خاف العاقبة تثبت عن التوغل فيما
لا يعلم، ومن هجم على أمر بغير علم جدع أنف نفسه، ومن لم يعلم لم يفهم، ومن لم يفهم
لم يسلم، ومن لم يسلم لم يكرم، ومن لم يكرم يهضم، ومن يهضم كان ألوم، ومن كان

1. في " خ ": " بالقلب ".
2. في " ل ": " التذلل ".
83

كذلك كان أحرى أن يندم ".
30. محمد بن يحيى رفعه، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " من استحكمت لي فيه خصلة
من خصال الخير احتملته عليها، واغتفرت فقد ما سواها، ولا أغتفر فقد عقل ولا دين؛

1. في " خ ": " تهضم ".
2. في " م ": - " خصال ".
84

لأن مفارقة الدين مفارقة الأمن، فلا يتهنأ بحياة مع مخافة، وفقد العقل فقد الحياة،
ولا يقاس إلا بالأموات ".

1. في " خ، ل ": " والدين ".
2. في " ت، ل، م ": " المفارقة ".
3. في " خ ": " بإصابة ".
4. في " خ ": " حقيقة ".
5. في " خ ": " يأخذه "، والضمير راجع إلى العلم.
85

31. علي بن إبراهيم بن هاشم، عن موسى بن إبراهيم المحاربي، عن الحسن بن
موسى، عن موسى بن عبد الله، عن ميمون بن علي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال
أمير المؤمنين (عليه السلام): إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله ".
32. أبو عبد الله العاصمي، عن علي بن الحسن، عن علي بن أسباط، عن الحسن بن
الجهم، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: ذكر عنده أصحابنا وذكر العقل، قال: فقال (عليه السلام): " لا
يعبأ بأهل الدين ممن لا عقل له ". قلت: جعلت فداك، إن ممن يصف هذا الأمر قوما لا بأس
بهم عندنا وليست لهم تلك العقول؟ فقال: " ليس هؤلاء ممن خاطب الله، إن الله تعالى خلق

1. في " خ ": " من ".
86

العقل فقال له: أقبل، فأقبل، وقال له: أدبر، فأدبر، فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت شيئا
أحسن منك أو أحب إلي منك، بك آخذ، وبك أعطي ".
33. علي بن محمد، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن بعض أصحابنا، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " ليس بين الإيمان والكفر إلا قلة العقل ". قيل: وكيف ذاك يا بن
رسول الله؟ قال: " إن العبد يرفع رغبته إلى مخلوق، فلو أخلص نيته لله لأتاه الذي يريد في
أسرع من ذلك ".

1. في " ت، خ، م ": " قل ".
2. في حاشية " ت، ل، م ": يحتمل أن يكون المراد بكون قلة العقل بين الإيمان والكفر كونه حاجزا بينهما، ومانعا
من الانتقال من الكفر إلى الإيمان، أو كونه وسيلة للانتقال من الإيمان إلى الكفر، أو كونه فاصلا بينهما، سببا
لحصولهما حتى لولاه لانقلب الكفر إيمانا، ولم يكن إلا الإيمان. وأما ما ظن من أن الكفر هنا بمعنى الكفران،
فيأباه الإيمان، فإن مقابل الكفران الشكر، لا الإيمان. (" ت، م ": منه رحمه الله؛ " ل ": منه مد ظله السامي).
87

34. عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبيد الله الدهقان، عن أحمد بن عمر
الحلبي، عن يحيى بن عمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول:
بالعقل استخرج غور الحكمة، وبالحكمة استخرج غور العقل، وبحسن السياسة يكون
الأدب الصالح. قال: وكان يقول: التفكر حياة قلب البصير، كما يمشي الماشي في الظلمات

1. في حاشية " م ": قوله: " استخرج " إما ماض مجهول، أو المضارع المتكلم، أو فعل الأمر. كذا قيل.
قوله: " بالعقل استخرج " يعني أن كلا من العقل والفهم يقوي الآخر شيئا فشيئا حتى يبلغ كل منهما أعلى مراتبه،
فإذا تأمل ضعيف تأملا صادقا في واضح الدليل، حدث له بذلك في فهمه قوة يتمكن بها من التأمل الصادق في
أدق من الأول وهكذا. ويمكن أن يجعل كل مرتبة لاحقة من العقل والحكمة غورا بالنسبة إلى سابقتها.
88

بالنور بحسن التخلص وقلة التربص ".
35. عدة من أصحابنا، عن عبد الله البزاز، عن محمد بن عبد الرحمن بن حماد، عن
الحسن بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل: " إن أول الأمور ومبدأها وقوتها
وعمارتها - التي لا ينتفع شيء إلا به - العقل الذي جعله الله زينة لخلقه ونورا لهم، فبالعقل
عرف العباد خالقهم، وأنهم مخلوقون، وأنه المدبر لهم، وأنهم المدبرون، وأنه الباقي وهم
الفانون؛ واستدلوا بعقولهم على ما رأوا من خلقه، من سمائه وأرضه، وشمسه وقمره،
وليله ونهاره، وبأن له ولهم خالقا ومدبرا لم يزل ولا يزول، وعرفوا به الحسن من القبيح،
وأن الظلمة في الجهل، وأن النور في العلم، فهذا ما دلهم عليه العقل ".
قيل له: فهل يكتفي العباد بالعقل دون غيره؟ قال: " إن العاقل لدلالة عقله - الذي جعله
الله قوامه وزينته وهدايته - علم أن الله هو الحق، وأنه هو ربه، وعلم أن لخالقه محبة، وأن
له كراهية، وأن له طاعة، وأن له معصية، فلم يجد عقله يدله على ذلك، وعلم أنه لا يوصل
إليه إلا بالعلم وطلبه، وأنه لا ينتفع بعقله إن لم يصب ذلك بعلمه، فوجب على العاقل طلب
العلم والأدب الذي لا قوام له إلا به ".

1. في " م ": " من ".
89

36. علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن ابن أبي عمير، عن النضر بن سويد، عن
حمران وصفوان بن مهران الجمال، قالا: سمعنا أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " لا غنى أخصب من
العقل، ولا فقر أحط من الحمق، ولا استظهار في أمر بأكثر من المشورة فيه ".
وهذا آخر كتاب العقل [والجهل] والحمد لله وحده وصلى الله على محمد وآله وسلم
تسليما.
90

كتاب فضل العلم
باب فرض العلم ووجوب طلبه والحث عليه
1. أخبرنا محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الحسن بن
أبي الحسين الفارسي، عن عبد الرحمن بن زيد، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال

1. في " خ، ل ": " يؤيده ".
2. رجال النجاشي، ص 377، الرقم 1026.
3. الفهرست، للطوسي، ص 135، الرقم 591.
91

رسول الله (عليه السلام): طلب العلم فريضة على كل مسلم، ألا إن الله يحب بغاة العلم ".

1. في " خ ": " أو غيرها ".
92

2. محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله، عن عيسى بن
عبد الله العمري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " طلب العلم فريضة ".
3. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن بعض
أصحابه، قال: سئل أبو الحسن (عليه السلام): هل يسع الناس ترك المسألة عما يحتاجون إليه؟
فقال: " لا ".
4. علي بن محمد وغيره، عن سهل بن زياد؛ ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد
بن عيسى، جميعا عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة، عن أبي إسحاق
السبيعي، عمن حدثه، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: " أيها الناس، اعلموا أن كمال
الدين طلب العلم والعمل به، ألا وإن طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال؛ إن المال
مقسوم مضمون لكم، قد قسمه عادل بينكم، وضمنه وسيفي لكم، والعلم مخزون عند
أهله، وقد أمرتم بطلبه من أهله، فاطلبوه ".
5. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن يعقوب بن يزيد، عن أبي
عبد الله - رجل من أصحابنا - رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طلب
العلم فريضة ".

1. في " ت ": " بالطلب ".
93

* وفي حديث آخر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طلب العلم فريضة
على كل مسلم، ألا وإن الله يحب بغاة العلم ".
6. علي بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن
علي بن أبي حمزة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " تفقهوا في الدين؛ فإنه من لم يتفقه
منكم في الدين فهو أعرابي؛ إن الله تعالى يقول في كتابه: (ليتفقهوا في الدين ولينذروا
قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) ".
7. الحسين بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن القاسم بن الربيع، عن مفضل بن عمر،
قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " عليكم بالتفقه في دين الله، ولا تكونوا أعرابا، فإنه من
لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة، ولم يزك له عملا ".

1. التوبة (9): 97.
2. في " خ، ل ": " لم ينظر الله ".
94

8. محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج،
عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " لوددت أن أصحابي ضربت رؤوسهم بالسياط
حتى يتفقهوا ".
9. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عمن رواه، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال: قال له رجل: جعلت فداك، رجل عرف هذا الأمر، لزم بيته ولم يتعرف إلى
أحد من إخوانه؟ قال: فقال: " كيف يتفقه هذا في دينه؟ ".
باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء
1. محمد بن الحسن وعلي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن
عبيد الله بن عبد الله الدهقان، عن درست الواسطي، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن
أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: " دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) المسجد، فإذا جماعة قد أطافوا برجل،
فقال: ما هذا؟ فقيل: علامة، فقال: وما العلامة؟ فقالوا له: أعلم الناس بأنساب العرب
ووقائعها، وأيام الجاهلية، والأشعار العربية، قال: فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ذاك علم لا يضر
من جهله، ولا ينفع من علمه؛ ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله): إنما العلم ثلاثة: آية محكمة، أو

1. التوبة (9): 122.
95

فريضة عادلة، أو سنة قائمة، وما خلاهن فهو فضل ".

1. في " ل ": " ومعرفة ".
96

2. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن أبي
البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن العلماء ورثة الأنبياء، وذاك أن الأنبياء لم يورثوا درهما
ولا دينارا، وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظا وافرا،

1. في حاشية " م ": أي لا ورثة لأنبياء من حيث إنهم أنبياء إلا العلماء، فلا ينافي إيراثهم المال أيضا؛ لأنه ليس
العمدة في ميراثهم.
2. الكافي، ج 2، ص 577، باب دعوات موجزات... ح 1؛ مصباح المتهجد، ص 270؛ البلد الأمين، ص 69؛ جمال
الأسبوع، ص 199.
3. في حاشية " ت ": مثلا أن يكون تصرف الذائقة في المذوقات، وتصرف الشامة في المشمومات مثلا. ويمكن
أن يتصرف كل واحد منهما في مواد تصرفها بأن تتصرف الباصرة في الشيء الحلو بسبب الأنس الذي له في
حالة الذوق مثلا، فافهم.
4. في " خ ": " وذلك ".
5. في " خ ": " ورثوا ".
97

فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه؟ فإن فينا - أهل البيت - في كل خلف عدولا ينفون عنه
تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين ".

1. معاني الأخبار، ص 35، باب معنى الصراط، ح 4؛ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام)، ص 47، ح 21؛
الجعفريات، ص 245، كتاب الطب والمأكول؛ دعائم الإسلام، ج 1، ص 81، ذكر الرغائب في العلم.
2. الكافي، ج 2، ص 414، باب أدنى ما يكون به العبد مؤمنا، ح 1؛ الأمالي، للصدوق، ص 415، المجلس 64،
ح 15؛ معاني الأخبار، ص 90، باب معنى الثقلين، ح 1 - 4؛ كمال الدين، ج 1، ص 234، باب 22، ح 44؛ عيون
أخبار الرضا (عليه السلام)، ج 2، ص 30، باب 31، ح 40؛ الأمالي، للطوسي، ص 161، المجلس 6، ح 268 / 20.
3. في " خ ": " الواسطة ".
4. كذا في النسخ، والصحيح " المجاوزون " لأنه خبر.
98

3. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن حماد بن
عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين ".
4. محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن
عبد الله، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: " الكمال كل الكمال: التفقه في الدين،
والصبر على النائبة، وتقدير المعيشة ".

1. في حاشية " ت ": أي تبيين مرجعه الذي ليس مرجعا له في الواقع، والجاهل كذلك.
2. في " خ ": + " هو ".
3. في حاشية " ت، م، ل ": هذا إذا جعل قوله: " تقدير المعيشة عطفا على قوله: " والصبر ". وإن جعل عطفا على
" النائبة ". فالمعنى: والصبر على تقدير المعيشة؛ من قدر بمعنى قتر. (منه رحمه الله).
99

5. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن
إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " العلماء أمناء، والأتقياء حصون، والأوصياء
سادة ".
* وفي رواية أخرى: " العلماء منار، والأتقياء حصون، والأوصياء سادة ".
6. أحمد بن إدريس، عن محمد بن حسان، عن إدريس بن الحسن، عن أبي إسحاق
الكندي، عن بشير الدهان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " لا خير فيمن لا يتفقه من أصحابنا، يا
بشير، إن الرجل منهم إذا لم يستغن بفقهه احتاج إليهم، فإذا احتاج إليهم أدخلوه في باب
ضلالتهم وهو لا يعلم ".
100

7. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي
عبد الله (عليه السلام)، عن آبائه قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا خير في العيش إلا لرجلين: عالم مطاع،
أو مستمع واع ".
8. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن
محمد، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
" عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد ".
9. الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن معاوية بن
عمار قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): رجل راوية لحديثكم يبث ذلك في الناس، ويشدده في
قلوبهم وقلوب شيعتكم، ولعل عابدا من شيعتكم ليست له هذه الرواية، أيهما أفضل؟ قال:

1. في " خ ": " تسديدا ".
101

الراوية لحديثنا يشد به قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد ".
باب أصناف الناس
1. علي بن محمد، عن سهل بن زياد؛ ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن
عيسى جميعا، عن ابن محبوب، عن أبي أسامة، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة، عن
أبي إسحاق السبيعي، عمن حدثه ممن يوثق به، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: " إن
الناس آلوا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى ثلاثة: آلوا إلى عالم على هدى من الله قد أغناه الله بما

1. في حاشية " م ": قوله (عليه السلام): " أفضل من ألف عابد " لا ينافي ما سبقه؛ لأنه لم يذكر قدر الأفضلية، أو لأنهما بحسب
التفاوت في مراتب العلم والرواية، أو لأنه باعتبار ضميمة الكلام مع المخالفين في زمن التقية، أو لأنه قد يعبر
بالألف ونحوه عن الكثير الذي لا يعد ولا يحصى، وليس المقصود به تعيين العدد.
2. في " ل ": " لا تنافي ".
3. في " خ ": " تشد به ".
102

علم عن علم غيره، وجاهل مدع للعلم لا علم له، معجب بما عنده قد فتنته الدنيا
وفتن غيره، ومتعلم من عالم على سبيل هدى من الله ونجاة، ثم هلك من ادعى،
وخاب من افترى ".

1. في " خ ": " من ".
2. في " ل ": + " له ".
103

2. الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن
أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة سالم بن مكرم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " الناس ثلاثة:
عالم، ومتعلم، وغثاء ".
3. محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن العلاء بن رزين،
عن محمد بن مسلم، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): " اغد عالما، أو
متعلما، أو أحب أهل العلم، ولا تكن رابعا فتهلك ببغضهم ".
4. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن جميل، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: " يغدوا الناس على ثلاثة أصناف: عالم، ومتعلم، وغثاء،

1. في " م ": " العلم ".
104

فنحن العلماء، وشيعتنا المتعلمون، وسائر الناس غثاء ".
باب ثواب العالم والمتعلم
1. محمد بن الحسن وعلي بن محمد، عن سهل بن زياد؛ ومحمد بن يحيى، عن
أحمد بن محمد جميعا، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون القداح؛ وعلي
بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة
لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به، وإنه يستغفر لطالب العلم من في السماء ومن في الأرض

1. في " خ ": " من ".
2. في " خ ": " يوصله ".
3. في " ل ": " يتيسر ".
105

حتى الحوت في البحر، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة

1. في حاشية " م ": قوله (عليه السلام) " ليضع أجنحتها " أي تفرشها لتكون تحت أقدامه إذا مشى. وهذا إما للتبرك، وإما
لحفظه عن التردي في بئر أو التأذي من دخل ونحوه. ويمكن أن يكون معناه عبارة عن الشفقة والرحمة
والتواضع له تعظيما لحقه، كما في قوله تعالى: (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة). وقيل: أراد بوضع
الأجنحة نزولهم عند مجالس العلماء وترك الطيران. قيل: أراد به إظلالهم بهما.
2. في حاشية " م ": والأولى أن المراد: أن الله تعالى يغفر لطالب العلم بعدد الأحياء؛ إذ هو السبب لنعمته تعالى
وإبقائها، فكان كل حي يستغفر له ويستجاب له.
106

البدر، وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، ولكن ورثوا العلم،
فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر ".
2. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن
صالح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " إن الذي يعلم العلم منكم له أجر مثل
أجر المتعلم، وله الفضل عليه، فتعلموا العلم من حملة العلم، وعلموه إخوانكم كما علمكموه
العلماء ".
3. علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد البرقي، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي
حمزة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " من علم خيرا فله مثل أجر من عمل به ".

1. في حاشية " ت ": هذا معنى قوله (عليه السلام): " له أجر مثل أجر المتعلم ". ويكون مساواة المعلم للمتعلم في الأجر
باعتبار تعليمه، لا باعتبار تعلمه من الأستاد.
2. في " خ ": " المتعلم ".
107

قلت: فإن علمه غيره يجري ذلك له؟ قال: " إن علمه الناس كلهم جرى له ". قلت: فإن
مات؟ قال: " وإن مات ".
4. وبهذا الإسناد، عن محمد بن عبد الحميد، عن العلاء بن رزين، عن أبي عبيدة

1. في حاشية " ت ": أي يكون للمعلم مثل أجر المتعلم الذي علم هذا المتعلم متعلما آخر.
2. في حاشية " م ": احتمال معلم الضلال مثل أوزار من عمل به، ليس السبب عمل الغير لينافي قوله تعالى:
(ولا تزر وازرة وزر أخرى)؛ بل معناه أن استحقاق الوزر في التعلم لباب ضلال بعدد أوزار جميع الخلق ممن
يمكن أن يعمل به في العمل به.
3. في " ت ": " العالم ".
108

الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " من علم باب هدى فله مثل أجر من عمل به، ولا ينقص
أولئك من أجورهم شيئا، ومن علم باب ضلال كان عليه مثل أوزار من عمل به، ولا ينقص
أولئك من أوزارهم شيئا ".
5. الحسين بن محمد، عن علي بن محمد بن سعد، رفعه، عن أبي حمزة، عن علي بن
الحسين (عليه السلام) قال: " لو يعلم الناس ما في طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللجج،
إن الله - تبارك وتعالى - أوحى إلى دانيال أن أمقت عبيدي إلي الجاهل المستخف بحق أهل
العلم، التارك للاقتداء بهم، وأن أحب عبيدي إلي التقي الطالب للثواب الجزيل، اللازم

1. في " خ ": " المتعلم ".
2. في حاشية " م ": قوله (عليه السلام): " ولو بسفك المهج " يحتمل أن يكون المراد: ولو بسفك المهج لو كان يمكن بذله
وخوض اللجج لو كان يمكن خوضها، كما يقال: أعطيك حقك ولو من عيني ولا أعطيك ولو صعدت السماء.
والمراد من مثله الفعل على تقدير إمكان هذا الأمر، والحث على فعله لو تركه، فلا ينافيه قوله تعالى: (ولا تلقوا
بأيديكم إلى التهلكة).
109

للعلماء، التابع للحلماء، القابل عن الحكماء ".
6. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن
حفص بن غياث، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): " من تعلم العلم، وعمل به، وعلم لله دعي
في ملكوت السماوات عظيما، فقيل: تعلم لله، وعمل لله، وعلم لله ".

1. في حاشية " م ": الترتيب يشعر بوجوب تقديم العمل على التعليم.
2. في حاشية " م ": قوله (عليه السلام): " ملكوت السماوات " أي ملائكة السماوات؛ تسمية المتعلق باسم المتعلق، فإن
الملكوت وصف لله تعالى، وهو مصدر من " الملك " بضم الميم وسكون اللام: السلطنة، بني للمبالغة، كالرهبوت
من الرهبة.
3. في حاشية " خ ": الملك نسبة المالك إلى ما يملكه ويتصرف فيه من ماله من غير ذوي العقول والاختيار،
والملكوت نسبة الملك إلى من يملكهم ويتصرف في نفوسهم وإراداتهم بالأمر والنهي. فما سوى الله تعالى إن
كان انقياده وطاعته له تعالى بلا علم وإرادة واختيار ظاهر، فهو من عالم الملك؛ وإن كان انقياده وطاعته له بعلم
وإرادة واختيار تابع لأمره ونهيه تعالى، فهو من عالم الأمر وعالم الملكوت. وعن ظاهر الحسن: " لا ملكوتي إلا
الإنسان " وفي باطن العقل كل جزء من السماوات والأرض له علم وإرادة واختيار، تابع لأمره ونهيه، وكل جزء
من عالم الملكوت له شأن خاص وأمر مخصوص هو منشؤه ومصدره ومورده بإذن خالقه. والشؤون المتداولة
بين الملكوتيين متفاوتة في الكلية والجزئية، مندرجة جزئياتها تحت كلياتها، ومستخدمة شرائفها خسائسها،
مرتبة فمرتبة إلى أن ينتهي إلى الإنسان الكلي الذي لا غاية له إلا ظهور الذات الأحدي باسمه العظيم الأكبر
الجامع لجميع الأسماء والصفات، وهو اسم الألوهية. فشأن ملكوت هذا الاسم هو الشأن العظيم الذي لا شأن
في ملكوت السماوات والأرض أعظم منه، فمن كان تعلمه لله وعمله وتعليمه لله، كان في الملكوتيين من طبقة
هذا الاسم الأعظم. وكان علمه وعمله بالنظر إلى غايتهما كليا، فيكون مبدؤهما أيضا كليا، بناء على قولهم: أول
البغية آخر الدرك وآخر الدرك أول البغية؛ فلذلك يدعى هذا الشخص في الملكوت عظيما. (لراقمه خليل).
110

باب صفة العلماء
1. محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب
عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " اطلبوا العلم، وتزينوا معه بالحلم
والوقار، وتواضعوا لمن تعلمونه العلم، وتواضعوا لمن طلبتم منه العلم، ولا تكونوا علماء
جبارين فيذهب باطلكم بحقكم ".

1. في " خ ": " الملك والجلالة والسلطنة ".
2. في " خ، م ": " تسميه ".
3. في " خ ": " هي ".
4. في " خ ": " صفات ".
5. في حاشية " ت ": هذا الاختصاص يفهم من فعل المضارع.
111

2. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد بن عثمان، عن
الحارث بن المغيرة النصري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (إنما يخشى الله من
عباده العلماء) قال: " يعني بالعلماء من صدق فعله قوله، ومن لم يصدق فعله قوله فليس
بعالم ".

1. في حاشية " خ ": يحتمل أن يكون المراد من التواضع الواجب بالنسبة إلى المعلم والمتعلم الإقرار بالحقية،
والإذن بقول كل واحد منهما إن قال في المقابل عند المباحثة والمعارضة كلمة حقة. وحينئذ فالمراد بالعالم
الجبار من ينكر كلمة حق سمعها من معلمه أو متعلمه إذا رآها مخالفة لقول نفسه بمجرد العصبية والحمية، فلا
ينصف لخصمه من نفسه، فيكون عالما جبارا [؟] تبطل كلماته الباطلة كلماته الحقة وتذهب بها. ولعل هذا أوفق
وأظهر وأخصر. (لراقمه خليل).
2. في " خ، ل، م ": " ارتحل ".
3. في حاشية " خ ": يحتمل أن يكون المراد من تصديق الفعل للقول مطابقة الفعل للعقائد العقلية؛ لتطابق
القوة العقلية من النفس القوة العملية منها واتحادهما من جهة كمال انقياد الثانية للأولى، فيجري في القوة
العاملة من النفس، أي في القوة الجسمانية منها الخوف الذي يوجبه القوة العاقلة من النفس، فيحصل في
البدن وقواه الجسمانية الخشية والخوف من المعقول المجرد الذي يقضي العقل بوجوب الخوف منه، فيتضح
بذلك قوله تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) [فاطر (35): 28] ويتضح الفرق بين الخوف
والخشية. (لراقمه خليل).
112

3. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي
سعيد القماط، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ألا أخبركم بالفقيه
حق الفقيه؟ من لم يقنط الناس من رحمة الله، ولم يؤمنهم من عذاب الله، ولم يرخص لهم

1. في حاشية " م ": " ألا أخبركم " بهمزة الاستفهام و " لا " النافية. ففي الكلام حذف بعد تمام الجملة الاستفهامية،
أي " قالوا: بلى ". ويحتمل أن يكون حرف تنبيه، فلا حذف.
2. في حاشية " م ": يحتمل أن يكون فائدة قوله (عليه السلام) " رغبة عنه إلى غيره " احترازا عما لو ترك القرآن، لا رغبة عنه
إلى غيره، بل لاحتياجه إلى الغير ورغبته فيه لذلك. والرغبة في الغير أعم من الرغبة عن القرآن. ولعل هذا أوجه
وأنسب، وهو ينطبق على ترك التلاوة في الجملة بشغل غيرها يجب عليه الاشتغال به، أو يجوز الرغبة فيه،
وعلى ترك الأحكام التي لا يمكن تحصيلها. وقد ينطبق على ترك التعلم. وفيه ما مر، والله تعالى أعلم.
113

في معاصي الله، ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره، ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم، ألا
لا خير في قراءة ليس فيها تدبر، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفكر ".
* وفي رواية أخرى: " ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم، ألا لا خير في قراءة ليس

1. في " خ ": " تفهيم ".
في حاشية " م ": قوله " تفهم " لو أريد بالعلم معناه الحقيقي كان المراد بالتفهم التفكر في فائدته بحيث يفضي به
إلى العمل. وذلك بتعرف أن فائدته العمل، وأنه لو لا العمل لكان شرا من الجهل.
2. في " ل ": " ناظر ".
3. في " خ، م ": " لم يجترئوا ".
4. في " خ، م ": " ناظر ".
5. في حاشية " م ": قوله (عليه السلام): " ألا لا خير في عبادة لا فقه فيها " معناه أن لا يعرف معاني ما يقول فيها. ويحتمل أن
يراد أن لا يعلم المسائل المتعلقة بها.
114

فيها تدبر، ألا لا خير في عبادة لا فقه فيها، ألا لا خير في نسك لا ورع فيه ".
4. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى؛ ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل
بن شاذان النيسابوري جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: " إن
من علامات الفقه الحلم والصمت ".
5. أحمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد البرقي، عن بعض أصحابه، رفعه، قال:
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " لا يكون السفه والغرة في قلب العالم ".
6. وبهذا الإسناد، عن محمد بن خالد، عن محمد بن سنان، رفعه، قال: قال عيسى
ابن مريم (عليه السلام): " يا معشر الحواريين، لي إليكم حاجة اقضوها لي "، قالوا: قضيت حاجتك
يا روح الله، فقام فغسل أقدامهم، فقالوا: كنا نحن أحق بهذا يا روح الله، فقال: " إن أحق
الناس بالخدمة العالم، إنما تواضعت هكذا لكيما تتواضعوا بعدي في الناس كتواضعي
115

لكم " ثم قال عيسى (عليه السلام): " بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبر، وكذلك في السهل ينبت
الزرع، لا في الجبل ".
7. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عمن ذكره، عن معاوية بن وهب،
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: يا طالب العلم، إن للعالم ثلاث
علامات: العلم والحلم والصمت، وللمتكلف ثلاث علامات: ينازع من فوقه بالمعصية،
ويظلم من دونه بالغلبة، ويظاهر الظلمة ".

1. في " خ، ل ": " فلا يزداد به ".
2. في حاشية " م ": لما كان العالم يقتدي به الناس في أفعاله الحسنة وتشتهر بصدورها عنه بين الناس، فتصير دأبا
مستمرا بينهم، كان أولى بالأفعال الحسنة حتى الخدمة من الجاهل. والأحقية من هذه الحيثية لا تنافي كونه
أحق بالمخدومية من حيثية أخرى، وهي النظر إلى مرتبة الجاهل والعالم في نفسهما مع قطع النظر عن التعليم.
ولذا قال (عليه السلام): " إنما تواضعت هكذا " إلى آخر.
3. في " خ ": - " هو ".
4. في حاشية " م ": يحتمل أن يراد بالصمت هاهنا أن لا يتكلم في مجالس الظلمة بغير ما علم المصلحة فيه؛ لأن
لا ينجر إلى معاونة ظالم.
5. في " ل ": " الطاعة ".
116

باب حق العالم
1. علي بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن سليمان
بن جعفر الجعفري، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول:
إن من حق العالم أن لا تكثر عليه السؤال، ولا تأخذ بثوبه، وإذا دخلت عليه وعنده

1. في حاشية " م ": قوله (عليه السلام): " يا طالب العلم... " يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون نداء لمن يريد تحصيل العلم،
فنبهه (عليه السلام) بأن للعالم ثلاث علامات، فإذا رأيتهن في عالم فاطلب منه العلم وحصله. وهذا أيضا يفيده أنه ينبغي
أن يكون هكذا ليكون عالما. والوجه الثاني: أن يكون نداء بحسب الظاهر، فإنه يسمى طالب العلم إما توبيخا
لمن لم يكن فيه هذه العلامات، وإما تنبيها على أنه ينبغي أن تكون فيه وأن لا تكون خاليا منها. وعلى
التقديرين أتى (عليه السلام) بصيغة هذه البعيد للتنبيه على أن من لم يكن فيه هذه العلامات لا يكون عالما وأنه بعيد عنه.
2. في " خ، م ": " لا يكثر ".
3. في " م ": " ويحفظه ".
117

قوم فسلم عليهم جميعا، وخصه بالتحية دونهم، واجلس بين يديه، ولا تجلس خلفه،
ولا تغمز بعينك، ولا تشر بيدك، ولا تكثر من القول: قال فلان وقال فلان، خلافا لقوله،
ولا تضجر بطول صحبته، فإنما مثل العالم مثل النخلة تنتظرها حتى يسقط عليك منها
شيء، والعالم أعظم أجرا من الصائم القائم، الغازي في سبيل الله ".

1. في " خ ": " يجل ويعظم ".
2. في " ت، ل، م ": " لطول ".
3. في " ل ": " مما تتوقع ".
4. في " ل ": " مما تتوقع ".
5. في حاشية " م ": قوله (عليه السلام): " والعالم أعظم أجرا... " لأن كف نفسه وأصحابه عن المذاهب الباطلة أفضل من كف
الصائم، وقيامه ليلة للمطالعة أفضل من قيام القائم في الليل للصلاة، ودفع الشكوك عن الحق أفضل من غزو
الغازي في سبيل الله. وقد روي أن " مداد العلماء أفضل من دماء الشهداء ".
118

باب فقد العلماء
1. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي
أيوب الخزاز، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " ما من أحد يموت من
المؤمنين أحب إلى إبليس من موت فقيه ".
2. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال: " إذا مات المؤمن الفقيه ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء ".

1. في " خ ": " الذي "؛ وفي " ت ": " للذين ".
2. في " ت، م ": " استمعه ".
3. في حاشية " م ": قوله (عليه السلام): " ثلم " إما بضم الثاء على صيغة المجهول، وإما بفتحها على صيغة المعلوم، وعلى
التقديرين فثلمة إما منصوب على المصدرية، أو نيابة المصدر، مثل توضأ وضوء، وإما مرفوع على الفاعلية،
مثل جد جده، أو بناء الفاعل للمبالغة. وعلى التقادير الثمانية فثلم إما متعد والأصل: ثلم موته، أو المؤمن الفقيه
حصنا في الاسلام ثلمة أو ثلمه. وإما لازم والأصل: فثلم حصن في الاسلام ثلمة أو ثلمه. ولو جعل " ثلم "
بالضم و " ثلمة " منصوبا كان نائب الفاعل الظرف، ويبعد كون ثلمة بالفتح مصدرا قوله: " لا يسدها " لأن السد
يتعلق حقيقة بالخلل، ولا يتعلق بالمصدر إلا مسامحة.
119

3. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن علي بن أبي حمزة،
قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) يقول: " إذا مات المؤمن بكت عليه الملائكة
وبقاع الأرض التي كان يعبد الله عليها، وأبواب السماء التي كان يصعد فيها بأعماله،

1. في " م ": " يزول ".
2. في " خ، ل ": " الآخر ".
3. في حاشية " م ": المراد بالملائكة الموكلون به وبأعماله أو جميعهم. وهذا نوع من المجاز والمراد حبهم له
ولأعماله، وإلا فالرضاء بقضاء الله تعالى من أوجب الواجبات قال تعالى: (لكيلا تأسوا على ما فاتكم
ولا تفرحوا بما آتاكم). ولا يتصور في الملائكة رقة الجنسية ولا التأثير من مصارفة المألوف، بل لا يتصور
لهم حقيقة إلا الفرح بانتقال المؤمن إلى دار الكرامة.
4. في " خ، ل، م ": " يوقع ".
120

وثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء؛ لأن المؤمنين الفقهاء حصون الإسلام كحصن سور
المدينة لها ".
4. وعنه، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن سليمان بن خالد،
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " ما من أحد يموت من المؤمنين أحب إلى إبليس من موت فقيه ".
5. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن
سالم، عن داود بن فرقد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " إن أبي كان يقول: إن الله - عز وجل - لا
يقبض العلم بعد ما يهبطه، ولكن يموت العالم فيذهب بما يعلم، فتليهم

1. في " ل ": " الدموع ".
2. في " خ ": " الشبهة ".
3. في " خ ": " المؤمن الفقيه ".
4. في " خ ": " دخول شبهة ".
121

الجفاة، فيضلون ويضلون، ولا خير في شيء ليس له أصل ".
6. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عمن ذكره، عن جابر،
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: إنه يسخي نفسي في سرعة الموت
والقتل فينا قول الله: (أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها)
وهو ذهاب العلماء ".
باب مجالسة العلماء وصحبتهم
1. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، رفعه، قال: قال لقمان لابنه:
" يا بني، اختر المجالس على عينك، فإن رأيت قوما يذكرون الله جل وعز فاجلس معهم؛
فإن تكن عالما نفعك علمك، وإن تكن جاهلا علموك، ولعل الله أن يظلهم برحمته فيعمك

1. في " ل ": " مجالس ".
2. في " خ ": " عينيك ".
122

معهم، وإذا رأيت قوما لا يذكرون الله فلا تجلس معهم، فإن تكن عالما لم ينفعك علمك،
وإن كنت جاهلا يزيدوك جهلا، ولعل الله أن يظلهم بعقوبة فيعمك معهم ".
2. علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا، عن ابن
محبوب، عن درست بن أبي منصور، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن موسى بن
جعفر (عليه السلام) قال: " محادثة العالم على المزابل خير من محادثة الجاهل على الزرابي ".
3. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي
قرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قالت الحواريون لعيسى: يا روح الله، من
نجالس؟ قال من تذكركم الله رؤيته، ويزيد في علمكم منطقه، ويرغبكم في الآخرة عمله ".
4. محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن
حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة ".
5. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، عن سليمان بن داود
المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن مسعر بن كدام، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول:
" لمجلس أجلسه إلى من أثق به أوثق في نفسي من عمل سنة ".
123

باب سؤال العالم وتذاكره
1. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن مجدور أصابته جنابة، فغسلوه فمات، قال: " قتلوه ألا سألوا، فإن
دواء العي السؤال ".
2. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن حماد بن عيسى، عن حريز،
عن زرارة ومحمد بن مسلم وبريد العجلي، قالوا: قال أبو عبد الله (عليه السلام) لحمران بن أعين في
شيء سأله: " إنما يهلك الناس لأنهم لا يسألون ".
3. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبد الله بن
ميمون القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: " إن هذا العلم عليه قفل، ومفتاحه المسألة ".
* علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله.
4. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن
أبي جعفر الأحول، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " لا يسع الناس حتى يسألوا ويتفقهوا ويعرفوا
إمامهم. ويسعهم أن يأخذوا بما يقول وإن كان تقية ".

1. في " خ، ل ": " بوجه ".
2. في " خ، ل ": " التنبيه ".
124

5. علي، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): أف لرجل لا يفرغ نفسه في كل جمعة لأمر دينه، فيتعاهده ويسأل عن دينه ".
وفي رواية أخرى: " لكل مسلم ".

1. في حاشية " م ": " أف " بضم الهمزة وتشديد الفاء، وفيه ست لغات: كسر الفاء وفتحها وضمها، وكل منها مع
التنوين وبدونه. وهو مبني وتنوينه للتنكير. وأصله صوت إذا صوت به الإنسان علم أنه منضجر منكثرة، ثم
استعمل بمعنى الاستقذار. وقيل: بمعنى الاحتقار والاستعلال. ومحله الوقوع على الابتداء وما بعده خبره.
ويحتمل النصب بتقدير فعل، أي " الزم الله أف ". وقيل: نصب نصب المصادر. وقد يقام مقام الجملة، كقوله تعالى:
(فلا تقل لهما أف). وقيل: اسم فعل بمعنى الضجر، إذا أريد به تضجر خاص أو من شيء خاص جرد عن
التنوين، وإلا نون للتنكير، كما في " صه " بمعنى " أسكت ". وقيل أصل الأف من وسخ الإصبع إذا فتل.
2. في " خ ": " بقاؤه ".
3. في " خ ": " بقاؤه ".
4. في حاشية " ت ": وفي المفاعلة إذا اعتبر الفاعلية بالنسبة إلى أحدهما يلزم أن يكون الآخر مفعولا، ولذا قال:
ثم لا يكون بين الاثنين، فافهم.
125

6. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله - عز وجل - يقول: تذاكر العلم بين عبادي مما
تحيا عليه القلوب الميتة إذا هم انتهوا فيه إلى أمري ".

1. في حاشية " م ": المراد بأمره قوله تعالى: (فسلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) والمراد بالانتهاء إلى أمره
الكف عن جميع ما يتوهم أنه طريق العلم متوجها إلى أمره. ففيه دلالة على أنه غيره منهي عنه.
2. الشورى (42): 52.
126

7. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي
الجارود، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: " رحم الله عبدا أحيا العلم ". قال: قلت: وما
إحياؤه؟ قال: " أن يذاكر به أهل الدين وأهل الورع ".
8. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن محمد الحجال، عن بعض
أصحابه، رفعه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " تذاكروا وتلاقوا وتحدثوا، فإن الحديث جلاء
للقلوب، إن القلوب لترين كما يرين السيف، وجلاؤها الحديث ".

1. في " خ، ل ": + " الحقة ".
2. في " خ، ل، م ": - " به ". وفي " خ، ل ": " تذاكر ".
3. المائدة: (5): 32.
4. في الكافي المطبوع: - " العلم " في حاشية " م ": الواو للجمع المطلق، ويحتمل باعتبار الترتيب الذكري أن
يكون الأمر بالمذاكرة مطلقا، والأمر بالتلاقي للحديث.
127

9. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن فضالة بن أيوب،
عن عمر بن أبان، عن منصور الصيقل، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: " تذاكر العلم دراسة،
والدراسة صلاة حسنة ".

1. في " خ، م ": " الصيقل ".
2. في " خ، ل ": " دراسته ".
3. هود (11): 114.
128

باب بذل العلم
1. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع،
عن منصور بن حازم، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قرأت في كتاب
علي (عليه السلام): إن الله لم يأخذ على الجهال عهدا بطلب العلم حتى أخذ على العلماء عهدا ببذل
العلم للجهال؛ لأن العلم كان قبل الجهل ".

1. في حاشية " م ": قوله (عليه السلام): " إن الله لم يأخذ... " يحتمل - والله أعلم - أن يكون المراد أن الله تعالى أخذ العهد على
العلماء في الميثاق أن يبذلوا العلم لمن لا يعلمه أولا، ثم أخذ العهد على الجهال بتعلمه منهم. ووجه تقديم الأخذ
على العلماء أنه تعالى خلق العلم قبل الجهل المقابل للعلم. كما يدل عليه حديث العقل وجنوده من أن إليه
تعالى خلق العقل أولا ثم خلق الجهل، ثم أعطى العقل جنوده، ثم أعطى الجهل جنوده. ومن جنود العقل العلم،
ومن جنود الجهل - المقابل للعقل - الجهل المقابل للعلم. فالحاصل أن تقديم أخذ الميثاق على العلماء لتقدم
وجود العلم. و " العلماء " يحتمل أن يكون المراد بهم الأنبياء والأوصياء؛ ليكون وجوب التعلم على غيرهم من
العلماء معلوما من جهة أخرى، وأن يكون مطلق العلماء، وهو أظهر.
129

2. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة
ومحمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في هذه الآية: (ولا تصعر خدك
للناس) قال: " ليكن الناس عندك في العلم سواء ".

1. في " خ، ل ": " إلى ".
2. في حاشية " م ": (ولا تصعر خدك للناس) المراد بالتصعير هاهنا أن المعلم لا ينبغي أن يتفاوت الناس
عنده في التعليم، لشرف دنيوي وغنى نحوه، بل يكونون عنده بمنزلة سواء في التعليم وبذل العلم، وأن تفاوت
مراتب العلم ببذل لكل ما يناسب حاله وفهمه، فإن هذا لا يشترط فيه المساواة؛ بل عدمها، وليس فيه ميل
وجور؛ بل عدل وانصاف.
3. لقمان (31): 18.
130

3. وبهذا الإسناد، عن أبيه، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن
أبي جعفر (عليه السلام) قال: " زكاة العلم أن تعلمه عباد الله ".
4. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عمن
ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قام عيسى بن مريم (عليه السلام) خطيبا في بني إسرائيل، فقال: يا
بني إسرائيل، لا تحدثوا الجهال بالحكمة فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم ".
باب النهي عن القول بغير علم
1. محمد بن يحيى، عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم،
عن سيف بن عميرة، عن مفضل بن يزيد قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): " أنهاك عن خصلتين

1. في حاشية " م ": المراد بالجهال هنا غير الجهال في الحديث السابق في أول الباب، فإن معنى الجاهل في
الأول: الذي لم يكن له علم، وهاهنا: من لم يكن من أهل الحكمة.
2. في حاشية " م ": قوله (عليه السلام): " أن تدين الله بالباطل " كلمة " باء " للصلة، والمراد بالباطل ما يكون كاللهو واللعب،
والمراد النهي عن أن يكون في صورة العبادة فقط وخاليا عن حقيقتها. أو المراد بالباطل ما لا يطابق الواقع من
التصديق والتكذيب ونحوهما.
131

فيهما هلاك الرجال: أنهاك أن تدين الله بالباطل، وتفتي الناس بما لا تعلم ".
2. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن عن
عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): " إياك وخصلتين ففيهما هلك من هلك:
إياك أن تفتي الناس برأيك، أو تدين بما لا تعلم ".

1. في " خ ": " لا يأخذه ".
2. العشواء: الناقة التي لا تبصر أمامها، فهي تخبط بيديها كل شيء. الصحاح، ج 6، ص 2427 (عشا).
3. في " م ": + " الله ".
4. في " خ ": " بما لا تعلمه ثبوته "؛ وفي " ل ": " بما لا تعلم ثبوته "؛ وفي " م ": " بما لا يعلم بثبوته ".
5. في " م ": " أن يتخذ ما لا يعلم ".
6. في " خ، م ": " بما لا يعلم ".
132

3. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن
علي بن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " من أفتى الناس بغير علم ولا
هدى لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه ".
4. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن
أبان الأحمر، عن زياد بن أبي رجاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " ما علمتم فقولوا، وما لم تعلموا

1. في " خ ": " يعبد ".
2. في حاشية " م ": في قوله (عليه السلام): " ولا هدى... " تنبيه على أن العلم وحده غير كاف في جواز الإفتاء، بل لا بد معه
من الهدى. والظاهر أن المراد به التقوى والورع ونحوهما، فإن العالم غير المهتدي لا يتحرج عن الإقدام على
ما لا يجوز، وظاهره أنه لا يجوز له أن يفتي وإن كانت فتواه موافقة للصواب، ولا يجوز العمل بفتواه كذلك؛
لأن المراد - والله أعلم -: من أفتى الناس من غير أن يجمع بين الأمرين: العلم والهدى. لا من غير أن يكون
فيه أحدهما. ففي الحديث دلالة على العدالة التي اشترطت في الإفتاء، فإن غير العدل لا هدى [له ولو]
عمل بعلمه.
3. في " خ ": " تهتدى ".
133

فقولوا: الله أعلم، إن الرجل لينتزع الآية من القرآن يخر فيها أبعد ما بين السماء والأرض ".
5. محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن
عبد الله، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " للعالم إذا سئل عن شيء وهو لا
يعلمه أن يقول: الله أعلم، وليس لغير العالم أن يقول ذلك ".
6. علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن
عبد الله، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إذا سئل الرجل منكم عما لا يعلم
فليقل: لا أدري، ولا يقل: الله أعلم، فيوقع في قلب صاحبه شكا، وإذا قال المسؤول: لا أدري،

1. أي بين المراد وبين ما وقع عليه.
2. في " م ": " لأن ".
134

فلا يتهمه السائل ".
7. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن جعفر بن سماعة،
عن غير واحد، عن أبان، عن زرارة بن أعين، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام): ما حق الله على
العباد؟ قال: " أن يقولوا ما يعلمون، ويقفوا عند ما لا يعلمون ".

1. في " ل ": " ولا يتهم ".
2. في " ل ": " يعلمونه ". وفي حاشية " م ": قوله (عليه السلام): " أن يقولوا... " يحتمل وجهين: أحدهما القول في الفتيا و
الأحكام الشرعية، والثاني تعميم القول بحيث يشمل التدريس.
3. في " خ ": " مقولتهم ".
4. الأعراف (7): 105.
135

8. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يونس [بن عبد الرحمن] عن
أبي يعقوب إسحاق بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن الله خص عباده بآيتين من
كتابه: أن لا يقولوا حتى يعلموا، ولا يردوا ما لم يعلموا، وقال عز وجل: (ألم يؤخذ عليهم
136

ميثاق الكتب أن لا يقولوا على الله إلا الحق) وقال: (بل كذبوا بما لم يحيطوا
بعلمه ولما يأتهم تأويله) ".
9. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن داود بن فرقد، عمن حدثه،
عن ابن شبرمة قال: ما ذكرت حديثا سمعته عن جعفر بن محمد (عليه السلام) إلا كاد أن يتصدع قلبي،
قال: " حدثني أبي، عن جدي، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ". قال ابن شبرمة: وأقسم بالله ما كذب
أبوه على جده، ولا جده على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من عمل بالمقاييس
فقد هلك وأهلك، ومن أفتى الناس بغير علم وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من
المتشابه فقد هلك وأهلك ".

1. في " خ ": " من ".
137

باب من عمل بغير علم
1. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن
طلحة بن زيد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " العامل على غير بصيرة كالسائر على غير
الطريق، لا يزيده سرعة السير إلا بعدا ".

1. في حاشية " ت ": كالأصول الخمسة، فإنه يحصل الجزم بها بعد إجراء الدليل، وكبعض الأخبار المتواترة مثلا.
2. في حاشية " ل ": " التفحص ".
3. في " ل ": " المجتهد ".
4. في " خ، ل ": " هاهنا ".
5. في " خ ": " على غير بصيرة ".
138

2. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن ابن
مسكان، عن حسين الصيقل قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " لا يقبل الله عملا إلا بمعرفة،
ولا معرفة إلا بعمل، فمن عرف دلته المعرفة على العمل، ومن لم يعمل فلا معرفة له،

1. في " خ ": " غير طريق ".
2. في " م ": " هذا شأنه ".
3. في " خ ": " من ".
4. في " خ ": " بالعمل ".
5. في " خ ": " لا تعد ".
139



1. في " خ ": " لم تكن ".
140

ألا إن الإيمان بعضه من بعض ".
3. عنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
" قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح ".
باب استعمال العلم
1. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن
أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام)
يحدث عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال في كلام له: " العلماء رجلان: رجل عالم آخذ بعلمه، فهذا
ناج، وعالم تارك لعلمه، فهذا هالك، وإن أهل النار ليتأذون من ريح العالم التارك لعلمه،

1. في " خ، ل، م ": " لغير ".
141

وإن أشد أهل النار ندامة وحسرة رجل دعا عبدا إلى الله، فاستجاب له وقبل منه، فأطاع
الله، فأدخله الله الجنة وأدخل الداعي النار بتركه علمه، واتباعه الهوى وطول الأمل، أما
اتباع الهوى فيصد عن الحق، وطول الأمل ينسي الآخرة ".

1. في حاشية " م ": وجه زيادة الندامة والحسرة أنه قد أتى بما يوجب الندامة، وهو ترك العمل واتباع الهوى
وطول الأمل، ويرى مع ذلك من كان هو السبب في إدخاله الجنة بتعليمه إياه وقبوله منه ودخوله الجنة، فتزيد
ندامته وحسرته؛ من حيث دخوله الجنة بسبب ما اكتسبت منه، ودخوله النار مع كونه راعيا ومعلما؛ بسبب تركه
ما علمه غيره، واتباعه هواه وطول أمله.
2. في " م ": + " تعالى ".
3. في " خ ": " يترتب ".
4. في " م ": " أو وصلته ".
5. في حاشية " خ ": " اتباع الهوى " أي الحركة للدواعي الباطلة تصد عن اتباع الدواعي الحقة؛ لأن إحدى
الجزءين المتضادين مانعة عن الأخرى، " وطول الأمل " أي تخيل حصول المرافق الدنيوية على سبيل الأماني
يجلب القلب إليها، ويمنع تخيل حصول المرافق الأخروية في ميل القلب إليها لمثل ما ذكر. والحاصل أن بين
الجزءين وبين مبدئهما تضادا يمنع كل واحد منهما من الآخر، فلا تكثر في طول الأمل وتخيل حصول
المشتهيات لأنها مانعة عن تخيل المراتب الأخروية.
142

2. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر،
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " العلم مقرون إلى العمل، فمن علم عمل، ومن عمل علم، والعلم
يهتف بالعمل، فإن أجابه، وإلا ارتحل عنه ".
3. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن محمد القاساني،
عمن ذكره، عن عبد الله بن القاسم الجعفري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن العالم إذا

1. في حاشية " م ": قوله: " فمن علم عمل... " أي من كان علمه باقيا في مدة طويلة، كان ذلك لعمله بعلمه،
ومن عمل بعلمه كان علمه باقيا مدة طويلة، أي ما دام يعمل به، فلا ينافي أول الباب، ويؤيده تفسيره (عليه السلام):
" العلم يهتف... ".
2. في حاشية " ل ": أعم من الكامل وغيره.
143

لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل المطر عن الصفا ".
4. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن علي بن هاشم
بن البريد، عن أبيه، قال: جاء رجل إلى علي بن الحسين (عليه السلام) فسأله عن مسائل فأجاب، ثم
عاد ليسأل عن مثلها، فقال علي بن الحسين (عليه السلام): " مكتوب في الإنجيل: لا تطلبوا علم
ما لا تعلمون ولما تعملوا بما علمتم، فإن العلم إذا لم يعمل به لم يزدد صاحبه إلا كفرا،

1. في " ل ": " ليلين ".
2. في " ل ": " لا تستفز ".
3. في " خ، ل ": " الإنكار ".
144

ولم يزدد من الله إلا بعدا ".
5. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن المفضل
بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: بم يعرف الناجي؟ قال: " من كان فعله لقوله موافقا
فأثبت له الشهادة، ومن لم يكن فعله لقوله موافقا فإنما ذلك مستودع ".

1. في حاشية " ل ": كان هذا إذا لم يكن الجحد بترك العمل ببعض الضروريات على سبيل الإصرار والاستحلال،
أو كان المراد ببعض الضروريات غير الضروريات الدينية.
2. في " م ": " سنذكر ".
145



1. في " م ": " بالأمر ".
2. في الكافي والمحاسن: " فأثبت ".
3. الكافي، ج 2، ص 419، باب في علامة المعار، ح 1؛ المحاسن، ج 1، ص 252، باب الإخلاص...، ح 274.
4. في حاشية " م ": أي يسلب عنه الشهادة يوم القيامة، أي يحكم فيها ببطلان شهادته وبأنها لم تكن مع تصديق
بما شهد به.
146

6. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، رفعه، قال: قال
أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلام له خطب به على المنبر: " أيها الناس، إذا علمتم فاعملوا بما
علمتم لعلكم تهتدون، إن العالم العامل بغيره كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق عن جهله، بل
قد رأيت أن الحجة عليه أعظم، والحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ من علمه منها على

1. في حاشية " م ": قوله (عليه السلام): " العالم بغيره " أي بغير العلم، وهو الهوى وطول الأمل.
2. في حاشية " م ": وفي التعبير بالمنسلخ تنبيه على أن هذا العلم الذي قد انسلخه وفارقه موجب لتمام الضرر
وعدم بقاء الحياة المعنوية، كما أن من انسلخ عنه جلده من الحيوانات لا يبقى له حياة ظاهرة؛ على أن بقاء
العلم مع العمل كبقاء ذي الجلد مع الجلد من جهة الحياة، وما يترتب عليها من أنواع المنافع. ومنه يظهر أيضا
وجه دوام الحسرة من الجاهل؛ حيث إنه لم يكن له جلد ينسلخ عنه. وفي التعبير بالمنسلخ أيضا تنبيه على أنه
هو الفاعل والباعث على حتفه. ولم يقل " المنسلخ عنه علمه " لأن الإنسان وعاء العلم، كما أن البحار وعاء لما
يحتوي عليه.
147

هذا الجاهل المتحير في جهله، وكلاهما حائر بائر، لا ترتابوا فتشكوا، ولا تشكوا فتكفروا،

1. في حاشية " م ": يعني أن الطلب في العلوم المتيقن لكراهيته عنه يكثر التعمق في الرأي، وكثرة الخصومات فيه
تورث الشك في ذلك المعلوم، كما في قوله تعالى: (أنلزمكموها وأنتم لها كارهون) [هود (11): 28] كما
سيجيء في باب النهي عن الكلام في الكيفية من قوله: " وإياك والخصومات، فإنها تورث الشك ". [الكافي ج
1، ص 92، ح 4].
2. كشف الغمة، ج 1، ص 535، في ذكر إمامته وبيعته؛ بحار الأنوار، ج 71، ص 214، باب ما لا ينبغي مجالسته
ومصادقته، ذيل ح 47 وفيهما: " فإن الكذب ريبة ".
3. في حاشية " م ": قوله (عليه السلام): " فتكفروا... " إما الكفر الحقيقي كما لو أدى الشك إلى ما يقتضيه، أو الكفر المنافي
لكمال الإيمان كما هو كثير متعارف، أو الشامل لهما باعتبار ما يصدق عليهما بالتواطؤ والتشكيك، وصرف كل
إلى ما يناسبه.
148

ولا ترخصوا لأنفسكم فتدهنوا، ولا تدهنوا في الحق فتخسروا، وإن من الحق أن تفقهوا،
ومن الفقه أن لا تغتروا، وإن أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه، وأغشكم لنفسه أعصاكم لربه،
ومن يطع الله يأمن ويستبشر، ومن يعص الله يخب ويندم ".
7. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عمن ذكره، عن

1. في " خ ": " أي ".
2. في " خ ": " ما تضمرونه ".
3. في " ل ": " تعرفونه ".
4. في " خ ": " بالحقيقة ".
5. في " خ ": + " علم ".
6. في " خ ": " لا تخدعوا "؛ وفي " ل ": " لا تتخدعوا ".
149

محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: " إذا سمعتم
العلم فاستعملوه، ولتتسع قلوبكم، فإن العلم إذا كثر في قلب رجل لا يحتمله قدر الشيطان
عليه، فإذا خاصمكم الشيطان فأقبلوا عليه بما تعرفون، فإن كيد الشيطان كان ضعيفا ".
فقلت: وما الذي نعرفه؟ قال: " خاصموه بما ظهر لكم من قدرة الله عز وجل ".

1. في " ل ": " واحفظوه ".
2. في " خ ": " تشكك ".
3. في " خ ": " ترك ".
4. في " ل ": " فيه ".
5. في " ل ": " ألوهيته ".
150

باب المستأكل بعلمه والمباهي به
1. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى؛ وعلي بن إبراهيم، عن أبيه
جميعا، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس،
قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): منهومان لا يشبعان:
طالب دنيا، وطالب علم، فمن اقتصر من الدنيا على ما أحل الله له سلم، ومن تناولها

1. في " ل ": " تزول ".
151

من غير حلها هلك، إلا أن يتوب أو يراجع، ومن أخذ العلم من أهله وعمل بعلمه
نجا، ومن أراد به الدنيا فهي حظه ".

1. في " خ، ل ": " للعقاب ".
2. عطف على جواب " لما حكم " أي " استثنى ".
3. في حاشية " م ": قوله (عليه السلام): " إلا أن يتوب... " يحتمل أن يكون شكا من الراوي، وأن يكون المراد بالتوبة ما يكون
في حق الله تعالى كالربا الذي أخذ أو أخذ وأتلف؛ والمراجعة ما يكون في حق الناس كالغصب والسرقة، فإنه
يجب حينئذ رد حقوقهم أو أمثالها إليهم حتى يصح التوبة.
4. في " م ": " إليه ".
5. كذا في جميع النسخ، وفي الكافي المطبوع " بعلمه ".
152

2. الحسين بن محمد بن عامر، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن
أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " من أراد الحديث لمنفعة الدنيا
لم يكن له في الآخرة نصيب، ومن أراد به خير الآخرة أعطاه الله خير الدنيا والآخرة ".
3. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، عن المنقري، عن
حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له في
الآخرة نصيب ".
4. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم، عن المنقري، عن حفص بن غياث عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال: " إذا رأيتم العالم محبا لدنياه فاتهموه على دينكم، فإن كل محب لشيء
يحوط ما أحب ".

1. في " خ ": " بحقيقته ".
2. نهج البلاغة، ص 486، الحكمة 103. وعنه في بحار الأنوار، ج 70، ص 129، باب حب الدنيا وذمها...، ح 134.
153

وقال (عليه السلام): " أوحى الله إلى داود (عليه السلام): لا تجعل بيني وبينك عالما مفتونا بالدنيا، فيصدك
عن طريق محبتي، فإن أولئك قطاع طريق عبادي المريدين، إن أدنى ما أنا صانع بهم

1. في حاشية " م ": " أولئك " إشارة إلى الجماعة؛ لأن المراد بقوله " عالما " الاستغراق؛ لأنه نكرة في سياق النهي،
وهو كالنفي في معنى الجمع.
2. في حاشية " م ": قوله (عليه السلام): " قطاع... " يحتمل أن يكون قطع الطريق بمعنى أن الناس إذا رأوهم على علمهم
حريصين على الدنيا، متهالكين، كان ذلك سببا لحرص الناس؛ من حيث توهمهم أن علمه اقتضى حب الدنيا،
ودله عليه. فمن أراد الوصول يتوهم أن مثل هذا الطريق موصل. أو يقولون: إذا كان هذا كذلك مع علمه، فنحن
أولى بالحرص؛ فيكون هذا باعثا على ترك العلم والعمل. وقريب من احتمال أنه إذا أحب الدنيا كان سلوكه مع
الناس بمقتضى طباعهم وميلهم، والناس عبيد الدنيا وأسارى الشهوات، وأمور الآخرة شاقة، بحرصه يبعثه على
المساهلة وتسويغ ما لا يجوز، فمن يريد الوصول يجعل هذا العالم بينه وبين ما يريد أولا؛ فهو قاطع طريقه.
154

أن أنزع حلاوة مناجاتي عن قلوبهم ".
5. علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله): " الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا، قيل: يا رسول الله، وما دخولهم في
الدنيا؟ قال: " اتباع السلطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم ".
6. محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله،
عمن حدثه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " من طلب العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء،
أو يصرف به وجوه الناس إليه، فليتبوأ مقعده من النار، إن الرئاسة لا تصلح إلا لأهلها ".

1. في " م ": " تخلص ".
2. في " خ ": " أي ".
3. في " ت " و " م ": " لا يراجعوهم ".
155



1. في حاشية " م ": قوله (عليه السلام): " فليتبوأ... " قال ابن أثير فيه: " تكررت هذه اللفظة في الحديث، والمعنى: لينزل
منزله من النار. يقال: بوأه الله منزلا، أي أسكنه إياه، وتبوأ منزلا، أي اتخذه " انتهى [النهاية، ج 1، ص 159]
وهذا نحو ما تقدم يقتضي زيادة عذاب هذا العالم عن غيره ممن ليس بعالم. وحاصل معناه أنه قد اتخذ النار
منزلا ومستوى ينزل به ويستقر، كمن كان على ثقة ويقين واطمئنان بمنزل اتخذه وهيأه ليكون به يستقر عن
الحركة في السعي والمشقة، وهذا يستقر عن الحركة والسعي في غير الشقاء والعذاب.
156

باب لزوم الحجة على العالم وتشديد الأمر عليه
1. علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن
حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: " يا حفص، يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن
يغفر للعالم ذنب واحد ".

1. الصحيفة السجادية، ص 93، الدعاء 20، في دعائه (عليه السلام) في مكارم الأخلاق، وفيه: " ولا ترفعني في الناس درجة
إلا حططتني عند نفسي مثلها، ولا تحدث لي عزا ظاهرا إلا أحدثت لي ذلة باطنة عند نفسي بقدرها ".
2. في حاشية " ت، م ": فإن العلم بما يترتب عليه فقط مع عدم العلم بالمكلف به بنحو من النحوين لا ينقص في
الجهل رتبة عن عدم العلم مطلقا (منه سلمه الله تعالى).
3. في " خ ": + " بها "، وفي " ل ": + " به ".
157

2. وبهذا الإسناد قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " قال عيسى بن مريم - على نبينا وآله
وعليه السلام -: ويل للعلماء السوء كيف تلظى عليهم النار ".
3. علي بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن
ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " إذا بلغت النفس هاهنا
- وأشار بيده إلى حلقه - لم يكن للعالم توبة، ثم قرأ: (إنما التوبة على الله للذين
يعملون السوء بجهلة) ".

1. في حاشية " ت، م ": يحتمل حمل العالم على كامل العلم، أعني العالم بالأصول والفروع من العلوم الدينية على
ما ينبغي، وبالجاهل خلافه؛ أو كون المراد بالعالم من يعد عالما عرفا ومن له تلك المرتبة، وبالجاهل خلافه (منه
سلمه الله تعالى).
158

4. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن
سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي سعيد المكاري، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في
قول الله عز وجل: (فكبكبوا فيها هم والغاوون) قال: " هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ثم
خالفوه إلى غيره ".
باب النوادر
1. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، رفعه، قال:
كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: " روحوا أنفسكم ببديع الحكمة، فإنها تكل كما تكل الأبدان ".

1. النساء (4): 17.
2. في " خ، ل، م ": " بالحقيقة ".
3. في حاشية " م ": المراد بالنوادر أحاديث متفرقة مناسبة للأبواب السابقة لا يجمعها باب وعنوان، كما يجمع
الأبواب السابقة.
4. في " ت ": " و ".
159

2. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن نوح بن شعيب النيسابوري، عن
عبيد الله بن عبد الله الدهقان، عن درست بن أبي منصور، عن عروة بن أخي شعيب
العقرقوفي، عن شعيب، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " كان
أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: يا طالب العلم، إن العلم ذو فضائل كثيرة؛ فرأسه التواضع، وعينه
البراءة من الحسد، وأذنه الفهم، ولسانه الصدق، وحفظه الفحص، وقلبه حسن النية،

1. في حاشية " م ": قوله: " ذو فضائل كثيرة " أي يحتاج بقاؤه على فضائل كثيرة لصاحبه، بعضها بمنزلة الأعضاء
له، وبعضها بمنزلة ما يصعب بقاؤه بدونه كما في الإنسان.
2. في " م ": " يتبعه ".
160

وعقله معرفة الأشياء والأمور، ويده الرحمة، ورجله زيارة العلماء، وهمته السلامة،
وحكمته الورع، ومستقره النجاة، وقائده العافية، ومركبه الوفاء، وسلاحه لين الكلمة،

1. في حاشية " م ": المراد بالمعرفة هنا التدبر والتأمل ليعرف حسن كل فعل أراد أو قبحه، والفرق بين الأشياء
والأمور أن الأولى من العقائد، والثاني من الأفعال.
161

وسيفه الرضا، وقوسه المداراة، وجيشه محاورة العلماء، وماله الأدب، وذخيرته اجتناب الذنوب،

1. في حاشية " م ": من المعارضات الوهمية الحاصلة من شبه المنكرين لأصول الديانات وأصحاب العقائد
الفاسدة، فإن حسن التخلص عنها يوجب استقرار العلم والعالم.
2. في " ت ": " بما يجب "؛ في " ل، م ": " مما يجب ".
3. في حاشية " م ": يمكن أن يراد بالرضا التسليم، أي ترك الجدال كان محتاجا له.
4. في " م ": " غايته ".
5. في " خ ": " من ".
162

وزاده المعروف، ومأواه الموادعة، ودليله الهدى، ورفيقه محبة الأخيار ".
3. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر،
عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): نعم وزير الإيمان العلم،
ونعم وزير العلم الحلم، ونعم وزير الحلم الرفق، ونعم وزير الرفق الصبر ".

1. في " خ ": " يقوى ".
2. في الكافي المطبوع: " مأواه ".
163

4. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبد الله بن
ميمون القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: " جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا
رسول الله، ما العلم؟ قال: الإنصات، قال: ثم مه؟ قال: الاستماع، قال: ثم مه؟ قال: الحفظ،

1. في حاشية " م ": الرفق - بكسر الراء المهملة - ضد العنف، وهو من الأفعال، فالفرق بين الحلم والرفق أن الأول
من صفات النفس وهو الملكة، والثاني من الأفعال، فقد يتحقق الرفق مع التحلم.
2. وفي الكافي المطبوع: " الصبر "، وفي هامشه: " في بعض النسخ: العبرة ".
3. في حاشية " م ": قوله: " العلم " أي ما الذي يجب إعانته على طالب العلم حتى يحصل له العلم لينتفع به.
4. تاريخ مدينة دمشق، ج 17، ص 54؛ الإصابة، لابن حجر، ج 7، ص 111؛ كنز العمال، ج 7، ص 265، ح 18830.
164

قال: ثم مه؟ قال: العمل به، قال: ثم مه يا رسول الله؟ قال: نشره ".
5. علي بن إبراهيم، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " طلبة العلم ثلاثة فأعرفهم
بأعيانهم وصفاتهم: صنف يطلبه للجهل والمراء، وصنف يطلبه للاستطالة والختل، وصنف

1. في حاشية " م ": الظاهر أن المراد ما يشمل الحفظ عن ظهر القلب، والحفظ بكتابة ونحوها.
2. في " خ، ل، م ": " وهو ".
3. في " ت ": " وجود علامات "؛ وفي " خ ": " علامات ما هو ".
4. في " خ، ل، م ": " الآخر ".
5. في حاشية " م ": أي بأشخاصهم إذا كانوا حاضرين، وصفاتهم المنقولة عنهم إذا كانوا غائبين.
6. في " ل ": " أو ".
165

يطلبه للفقه والعقل، فصاحب الجهل والمراء موذ، ممار، متعرض للمقال في أندية الرجال

1. في حاشية " ت ": فإن الحقائق الصنفية إنما تتحصل وتتحقق باعتبار أمور فيها يخص الصنف الذي اعتبرت هي
فيه، فمعرفة الحقيقة الصنفية بما هي حقيقة صنفية إنما تكون بمعرفة الخواص المعتبرة فيها، فإذا حملنا العين
على الذات والحقيقة - كما هو الظاهر - يكون معرفة حقائق الأصناف بما اعتبر فيها من الخواص التي يحصل
الحقيقة الصنفية بها (منه سلمه الله).
2. في حاشية " م ": قوله (عليه السلام): " للجهل... " اللام يحتمل معنيين: أحدهما: التعليل، وهو يحتمل ثلاثة وجوه:
أحدها: أن يكون المعنى أنه يطلبه للجهل على غيرها ويماريه، بمعنى أنه يفعل به فعل الجاهل، ويتعدى عليه
بتضمينه معناه... ثانيها: أنه يطلبه لإظهار جهل غيره ومماراته. ثالثها: أنه يطلبه لرفع الجهل عن نفسه بحيث
يسمى عالما ولا يسمى جاهلا. ومنه قولك: زيد يجمع المال لأجل الفقر، والظاهر أن معناه: لأجل رفع الفقر.
المعنى الثاني: أن يكون اللام للغاية، كما في قوله تعالى: (ليكون لهم عدوا وحزنا) [القصص (28): 8]...
فكانت عاقبة هذا الطالب وغايته الجهل، أي استحقاق أن يسمى جاهلا، فإن الطالب إذا لم يكن عاملا لا يحصل
من ثمرة العلم إلا الجهل، ولعدم جمعه الشرائط يكون المماراة.
3. في " خ ": " يستعمل ".
166

الرجال بتذاكر العلم وصفة الحلم، قد تسربل بالخشوع، وتخلى من الورع، فدق الله
من هذا خيشومه، وقطع منه حيزومه، وصاحب الاستطالة والختل ذو خب وملق،
167

يستطيل على مثله من أشباهه، ويتواضع للأغنياء من دونه، فهو لحلوائهم هاضم، ولدينه
حاطم، فأعمى الله على هذا خبره، وقطع من آثار العلماء أثره، وصاحب الفقه والعقل

1. في " خ، ل ": " خباءته ".
2. في " خ ": " أجرة ".
3. في حاشية " م ": في ذكر الحلواء المتعلقة بما يؤكل على وجه الميل الزائد... هي شهوة البطن والهضم كناية عن
أكله برغبته وميل زائد واشتهاء كاشتهاء من يهضم كل ما يأكله.
4. في " ل ": " تستعد ".
5. في " خ ": " تصير جزءا ".
168

ذو كآبة وحزن وسهر، قد تحنك في برنسه، وقام الليل في حندسه، يعمل ويخشى

1. في حاشية " م ": قوله (عليه السلام): " فأعمى الله على هذا " دعاء منه على هذا الصنف، وهو من قبيل قوله تعالى: (فعميت
عليهم الأنباء) [القصص (28): 66]... والتعبير بأعمى لما فيه مع الظلمة من النقص الكامل الحاصل من
العمى... أي: أعمى الله تعالى على هذا الطالب خبره، وهو عبارة عن قطع خبره بهلاكه. ويحتمل أن يكون
المعنى: أعمى الله تعالى خبره لأجل هذا الفعل الذي يفعله.
2. في " خ ": " ينقص ".
3. في " خ ": " تنقيص ".
169



1. في " خ، ل ": " لم يريدا ".
2. في حاشية " م ": تذكر الحزن إما من قبيل عطف الخاص على العام، أو السبب على المسبب.
3. الصحاح، ج 3، ص 908 (برنس).
4. في " خ ": " في المكاسب ".
170

وجلا داعيا مشفقا، مقبلا على شأنه، عارفا بأهل زمانه، مستوحشا من أوثق إخوانه،
فشد الله من هذا أركانه، وأعطاه يوم القيامة أمانه ".
* وحدثني به محمد بن محمود أبو عبد الله القزويني، عن عدة من أصحابنا منهم جعفر
بن محمد الصيقل بقزوين، عن أحمد بن عيسى العلوي، عن عباد بن صهيب البصري، عن
أبي عبد الله (عليه السلام).
6. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، قال: سمعت
أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " إن رواة الكتاب كثير، وإن رعاته قليل، وكم من مستنصح للحديث

1. كذا في النسخ، والأولى: " مجازاتهما ".
2. في " ت ": " لم يكن ".
171

مستغش للكتاب، فالعلماء يحزنهم ترك الرعاية، والجهال يحزنهم حفظ الرواية، فراع
يرعى حياته، وراع يرعى هلكته، فعند ذلك اختلف الراعيان، وتغاير الفريقان ".

1. في " ل ": " المقارنة ".
2. في " خ، ل ": " عنهم عاجلا ".
172

7. الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن
عبد الرحمن بن أبي نجران، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " من حفظ من أحاديثنا
أربعين حديثا، بعثه الله يوم القيامة عالما فقيها ".
8. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عمن ذكره، عن زيد
الشحام، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (فلينظر الإنسان إلى طعامه) قال: قلت
ما طعامه؟ قال: " علمه الذي يأخذه، عمن يأخذه ".
9. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن
عبد الله بن مسكان، عن داود بن فرقد، عن أبي سعيد الزهري، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
" الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة، وتركك حديثا لم تروه خير من

1. في " خ، ل " وحاشية " ت ": " إلقاء ".
173

روايتك حديثا لم تحصه ".

1. في حاشية " ت ": المراد بالابتداء المعرفة اليقينية بالمسائل، والمراد بالثاني المعرفة الظنية بالمسائل، ولكن
يعلم من الخارج أن يعمل بالظن فيحصل له علم بعد الرجوع إلى هذا؛ فافهم.
2. في " ل ": " لم يحمل ".
3. في " ل ": " لم يحمل من يروي ".
4. في " ل ": " لم يصيره ".
5. قوله " مجرد " عطف على قوله: " مجهول "، أي والفعل مجرد. وفي " خ ": " مجردا ".
6. في " م ": " ولا ترويه ".
174

10. محمد، عن أحمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن حمزة بن الطيار، أنه عرض
على أبي عبد الله (عليه السلام) بعض خطب أبيه، حتى إذا بلغ موضعا منها، قال له: " كف واسكت " ثم

1. كلمة " ترك " مبتدأ، وكلمة " خير " خبره، والجملة خبر لقوله: " فما لم يكن ".
2. قوله: " لم يزدد " عطف على " بالغ " وكذا " لم يدع " أي: وإن لم يزدد ولم يدع.
3. في " م ": " حقيقته ".
4. في " خ، م ": " ما أفاده ".
175

قال أبو عبد الله (عليه السلام): " لا يسعكم فيما ينزل بكم مما لا تعلمون إلا الكف عنه، والتثبت والرد
إلى أئمة الهدى حتى يحملوكم فيه على القصد، ويجلوا عنكم فيه العمى، ويعرفوكم فيه
الحق، قال الله تعالى: (فسلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) ".
11. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن سفيان بن
عيينة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " وجدت علم الناس كله في أربع: أولها: أن تعرف
ربك، والثاني: أن تعرف ما صنع بك، والثالث: أن تعرف ما أراد منك، والرابع: أن
تعرف ما يخرجك من دينك ".

1. في حاشية " م ": قوله (عليه السلام): " أولها... " المطابق للقاعدة " أربعة " بالتاء، أو " الأولى " و " الثانية " وما وقع في
الحديث من هذا القبيل إما من حيث النقل بالمعنى مع عدم تمكن الراوي من طرق هذا الفن، أو من تحريف
النساخ، أو من اشتباه في الخط على الناسخ، ونحو ذلك.
2. في " خ ": " إلى أقسام ".
3. في " ت ": " أو ".
4. في " ل ": " لما صنع ".
176

12. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال: قلت لأبي
عبد الله (عليه السلام): ما حق الله على خلقه؟ فقال: " أن يقولوا ما يعلمون، ويكفوا عما لا يعلمون، فإذا
فعلوا ذلك فقد أدوا إلى الله حقه ".
13. محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن ابن سنان، عن محمد بن مروان العجلي،
عن علي بن حنظلة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " اعرفوا منازل الناس على قدر
روايتهم عنا ".

1. في حاشية " ت ": المراد من المآخذ الأئمة الهدى (عليهم السلام) ولو بوسائط.
2. الكافي، ج 2، ص 414، باب أدنى ما يكون به العبد مؤمنا، ح 1؛ الأمالي، للصدوق، ص 415، المجلس 64،
ح 15؛ معاني الأخبار، ص 90، باب معنى الثقلين، ح 1 - 4، كمال الدين، ج 1، ص 334، باب 22، ح 44؛
عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ج 2، ص 30، باب 31، ح 40؛ الأمالي، للطوسي، ص 161، المجلس 6، ح 268 / 20.
177

14. الحسين بن الحسن، عن محمد بن زكريا الغلابي، عن ابن عائشة البصري، رفعه،
أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال في بعض خطبه: " أيها الناس، اعلموا أنه ليس بعاقل من انزعج
من قول الزور فيه، ولا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه؛ الناس أبناء ما يحسنون،

1. في " م ": " لم يرفعه ".
2. في " خ ": " إلا بمشاكله ".
3. في حاشية " خ ": والأظهر الأوفق بما قبله أن يقال: إن الابن كما أنه لا يعرف ولا يميز إلا بأبيه، فيقال: فلان بن
فلان، فكذلك كل امرئ لا يعرف ولا يتميز عند العقلاء إلا بما يحسنه، فيقال: فلان الكاتب أو الشاعر أو الفقيه أو
غير ذلك مما كان يحسن فعله وصنعته، فيجب أن يحسن الحكيم فعل ما يحب أن يمدح بفعله حتى يكون
محمودا ممدوحا به في نفس الأمر، لا في لسان الجاهلين الواصفين بالكذب (لراقمه خليل).
178

وقدر كل امرئ ما يحسن، فتكلموا في العلم تبين أقداركم ".
15. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن
عبد الله بن سليمان، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول وعنده رجل من أهل البصرة يقال له:
" عثمان الأعمى " وهو يقول: إن الحسن البصري يزعم أن الذين يكتمون العلم يؤذي ريح
بطونهم أهل النار، فقال أبو جعفر (عليه السلام): " فهلك إذن مؤمن آل فرعون، ما زال العلم مكتوما
منذ بعث الله نوحا (عليه السلام)، فليذهب الحسن يمينا وشمالا، فوالله ما يوجد العلم إلا هاهنا ".

1. في " ل ": " ولا بالمدح ".
2. في " ل ": " يتبين ويتضح ".
179

باب رواية الكتب والحديث
وفضل الكتابة والتمسك بالكتب
1. على بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن
أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) قول الله جل ثناؤه: (الذين يستمعون القول فيتبعون
أحسنه)؟ قال: " هو الرجل يسمع الحديث، فيحدث به كما سمعه، لا يزيد

1. في حاشية " م ": تخصيص ذكر نوح (عليه السلام) هاهنا لأنه أول أولي العزم. وقد ذكر علوم أولي العزم وأولها نوح (عليه السلام)،
ولهذا جعل زمانه مبدأ.
2. في " خ ": " الكتاب ".
3. في حاشية " خ ": أقول: الأليق بهذا التفسير للآية أن يجعل " أحسنه " قائما مقام المصدر، والضمير راجعا إلى
" الاتباع " لا إلى " القول ". يعني: الذين يستمعون القول ويتبعونه في الرواية والتحديث اتباعا أحسن الاتباع،
وهو الاتباع بلا زيادة ولا نقصان. وأما على جعل الضمير عائدا إلى " القول " وفهم عدم الزيادة والنقصان من
مجرد الاتباع - كما فعله المحشي طاب ثراه - فلا وجه لتخصيص القول بالأحسن؛ لأن الراوي إذا اتبع في
روايته محاذاة ما سمعه بلا زيادة ونقصان، استحق البشارة والمدح، سواء كان ما رواه حسنا أو أحسن، والحكم
في سياق الآية منساق لعلة اتباع الأحسن، وترجيحه على اتباع الحسن كما لا يخفى (لراقمه خليل).
180

فيه ولا ينقص منه ".
2. محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن
محمد بن مسلم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أسمع الحديث منك فأزيد وأنقص؟ قال: " إن
كنت تريد معانيه، فلا بأس ".
3. وعنه، عن محمد بن الحسين، عن ابن سنان، عن داود بن فرقد، قال: قلت لأبي
عبد الله (عليه السلام): إني أسمع الكلام منك، فأريد أن أرويه كما سمعته منك فلا يجيء؟ قال:

1. الزمر (39): 18.
2. الزمر (39): 55.
3. في حاشية " م ": ويحتمل أن يكون المراد بإرادة المعاني إظهار أنه نقل بالمعنى، ومنه النقل إلى الأعجمي بلغته،
ومنه قوله تعالى: (إن هذا لفي الصحف الأولى) [الأعلى (87): 18] وكذا قصة موسى في سور متعددة.
4. في " خ، ل ": " ولا يجيء ".
181

" فتعمد ذلك؟ " قلت: لا، فقال: " تريد المعاني؟ " قلت: نعم، قال: " فلا بأس ".
4. وعنه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن
محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الحديث أسمعه
منك أرويه عن أبيك، أو أسمعه من أبيك أرويه عنك؟ قال: " سواء، إلا أنك ترويه

1. أصله " فتتعمد " حذفت إحدى التاءين.
2. في " ل ": " يقيمه به ويصلحه ".
3. في حاشية " ت ": السؤال الأول بالنسبة إلى المروي، والثاني بالنسبة إلى الرواية.
182

عن أبي أحب إلي ". وقال أبو عبد الله (عليه السلام) لجميل: " ما سمعت مني فاروه عن أبي ".
5. وعنه، عن أحمد بن محمد؛ ومحمد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن

1. في " خ ": " عن ".
2. في حاشية " ت، م، ل ": قوله: " ويمكن تعلقه بالقرينتين " على الاحتمال الأول يكون المعنى: رواية المسموع
مني عن أبي أحب إلي من رواية المسموع من أبي عني. وعلى الاحتمال الثاني على تقدير تعلقه بالجميع يكون
المعنى: رواية كل منهما عن أبي أحب إلي من روايته عني. وعلى تقدير تعلقه بالأخيرة يكون المعنى: رواية
المسموع من أبي عنه أحب إلي من روايته عني؛ لأن في رواية المسموع من أبيه عنه توهم كونه مسموعا عنه
بخصوصه، وهو خلاف الواقع. وفي رواية المسموع منه عن أبيه رعاية التقية، واشتهار الرواية عن الأعلى الذي
إنكار أهل الزمان له أقل (منه سلمه الله).
183

سنان قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) يجيئني القوم فيستمعون مني حديثكم، فأضجر ولا أقوى،
قال: " فاقرأ عليهم من أوله حديثا، ومن وسطه حديثا، ومن آخره حديثا ".
6. عنه، بإسناده عن أحمد بن عمر الحلال قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): الرجل
من أصحابنا يعطيني الكتاب ولا يقول: " اروه عني " يجوز لي أن أرويه عنه؟ قال: فقال:
" إذا علمت أن الكتاب له، فاروه عنه ".
7. علي بن إبراهيم، عن أبيه وعن أحمد بن محمد بن خالد، عن النوفلي، عن
السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " إذا حدثتم بحديث فأسندوه إلى
الذي حدثكم، فإن كان حقا فلكم، وإن كان كذبا فعليه ".
184

8. علي بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن أبي أيوب المدني، عن ابن
أبي عمير، عن حسين الأحمسي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " القلب يتكل على الكتابة ".
9. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن عاصم
بن حميد، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " اكتبوا، فإنكم لا تحفظون حتى
تكتبوا ".
10. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال،
عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " احتفظوا بكتبكم، فإنكم سوف
تحتاجون إليها ".
11. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن بعض أصحابه، عن
أبي سعيد الخيبري، عن المفضل بن عمر، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): " اكتب وبث
علمك في إخوانك، فإن مت فأورث كتبك بنيك، فإنه يأتي على الناس زمان هرج

1. في " ل ": " عنه ".
2. في " ل ": " عنه ".
3. في " ت، خ، م ": " لوقوع ".
4. في " م ": " من ".
5. في حاشية " م ": قوله (عليه السلام): " فأورث... " توريث البنين إما لأنه كان عالما بالراوي له بنون فقط، أو بنون هم أهل
الانتفاع دون البنات، أو باعتبار التغليب (ع سلمه الله تعالى).
185

لا يأنسون فيه إلا بكتبهم ".
12. وبهذا الإسناد، عن محمد بن علي، رفعه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " إياكم
والكذب المفترع ". قيل له: وما الكذب المفترع؟ قال: " أن يحدثك الرجل بالحديث
فتتركه وترويه عن الذي حدثك عنه ".

1. الفائق في غريب الحديث، للزمخشري، ج 3، ص 399؛ تاج العروس، ج 2، ص 115؛ النهاية، لابن الأثير
(هرج) وعنه في بحار الأنوار، ج 33، ص 368، باب قتل الخوارج واحتجاجاتهم...، ذيل ح 599.
2. في حاشية " خ ": إن كان مجيء افتعل بمعنى فعل وحمل الكذب المفترع على معنى الكذب المتفرع لكان لهذا
الكلام معنى أحسن مما ذكره المحشي، وهو أن الذي يروي حديث الغير بإسقاط راويه من البين يلزمه في
تحديثه هذا كذب ليس أصله فيه، بل هو متفرع على الكذب الذي عمد به غيره ممن حدثه، فيظهر منه الكذب
الذي أتى به غيره، بخلاف ما لو أسنده إلى المحدث الكاذب، فإنه حينئذ يخصه الكذب ولا يتعداه، ولا يتفرع
على كذبه كذب غيره ممن روى عنه (لراقمه خليل).
3. في " خ ": " ترتب ".
186

13. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي
نصر، عن جميل بن دراج قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " أعربوا حديثنا، فإنا قوم فصحاء ".
14. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز،
عن هشام بن سالم وحماد بن عثمان وغيره، قالوا: سمعنا أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " حديثي
حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث الحسين، وحديث الحسين
حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين (عليهم السلام) وحديث أمير المؤمنين حديث
رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحديث رسول الله قول الله عز وجل ".
15. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن بن أبي خالد
شينولة، قال: قلت لأبي جعفر الثاني (عليهم السلام): جعلت فداك، إن مشايخنا رووا عن أبي جعفر

1. في " خ ": " والحركات ".
2. في " خ ": " الحروف ".
3. في حاشية " ت ": أي لا يجوز رجوع أحد من الحجة من القول بعده، واختلاف أحد من الحجة الآخر منها
في القول.
187

وأبي عبد الله (عليهما السلام) وكانت التقية شديدة، فكتموا كتبهم ولم ترو عنهم، فلما ماتوا صارت
الكتب إلينا، فقال: " حدثوا بها، فإنها حق ".
باب التقليد
1. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عبد الله بن يحيى، عن ابن
مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم
أربابا من دون الله)؟ فقال: " أما والله، ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم، ولو دعوهم

1. في الكافي المطبوع: " ولم ترو ".
2. في " ل ": " روايتهم ".
3. في الكافي المطبوع: " فلما ماتوا صارت الكتب ".
4. في حاشية " م ": أي مما يجب العمل به من خبر الواحد كالمسموع منهم من وجوب العمل، وليس المراد أنها
تفيد القطع بالحكم، أو يصدق رواياتهم عند أهل البيت (عليهم السلام).
5. في " خ ": " عنهم ".
6. في حاشية " م ": الحبر: العالم، والراهب: المتخلي عن اشتغال الدنيا التارك لملاذها، الزاهد فيها، المعتزل عن
أهلها، المتحمل للمشاق.
7. التوبة (9): 31.
188

ما أجابوهم، ولكن أحلوا لهم حراما، وحرموا عليهم حلالا، فعبدوهم من حيث لا يشعرون ".
2. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن إبراهيم بن محمد الهمذاني، عن محمد بن
عبيدة قال: قال لي أبو الحسن (عليه السلام): " يا محمد، أنتم أشد تقليدا، أم المرجئة؟ " قال: قلت

1. يونس (10): 89.
2. في حاشية " م ": إن قلت: إذا لم يعلموا ذلك لم يكفروا؛ بقبح تكليف غير العالم.
قلت: تكليف غير العالم ليس قبيحا إلا في صورة عدم تمكنه من العلم، وأيضا المجهول عندهم كون التقليد
عبادة لهم؛ فليس هذا من تكليف ما لا يطاق.
3. في " خ ": " يوجب ".
4. في حاشية " ت ": " نفيا " بالنسبة إلى أول الحديث، وهو قوله (عليه السلام): " ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ". و " إثباتا "
بالنسبة إلى قوله (عليه السلام): " فعبدوهم ". والفرق بين حل الثاني والثالث بالعموم والخصوص.
189

قلدنا وقلدوا، فقال: " لم أسألك عن هذا، فلم يكن عندي جواب أكثر من الجواب الأول "
فقال أبو الحسن (عليه السلام): " إن المرجئة نصبت رجلا لم تفرض طاعته وقلدوه، وأنتم نصبتم

1. في رجال الكشي والبحار: " فقالوا ".
2. في حاشية " ت ": أي قال النصارى: لا قدر، يعني لا تأثير من جانب المبدأ، ولا قدر في الأزل، بل العباد
مستقلة في أفعالهم.
3. في حاشية " ت ": يعني أن اليهود قالوا: " الله أعلم " بمعنى أن علم الواجب محيط بالكل وعلة لوجود الكل، ولا
تأثير لغيره في فعل من الأفعال. وهذا قريب من مذهب الأشعري.
4. اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) ص 56، ح 106؛ وعنه في بحار الأنوار، ج 42، ص 153، باب أحوال
سائر أصحابه، ج 20. وإليك نص الحديث: "... رجل من أهل طائف قال: أتينا ابن عباس - رحمة الله عليهما -
نعوده في مرضه الذي مات فيه، قال: فأغمي عليه في البيت، فأخرج إلى صحن الدار، قال: فأفاق، فقال: إن
خليلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إني سأهجر هجرتين وإني سأخرج من هجرتي، فهاجرت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهجرة
مع علي (عليه السلام)؛ وإني سأعمى، فعميت؛ وإني سأغرق، فأصابني حكة، فطرحني أهلي في البحر، فغفلوا عني
فغرقت، ثم استخرجوني بعد؛ وأمرني أن أبرأ من خمسة: من الناكثين وهم أصحاب الجمل... الحديث. ثم قال:
اللهم إني أحيا على ما حي عليه علي بن أبي طالب، وأموت على ما مات عليه علي بن أبي طالب، قال: ثم مات
فغسل وكفن وصلي على سريره، قال: فجاء طائران أبيضان، فدخلا في كفنه، فرأى الناس إنما هو فقهه، فدفن ".
5. في " خ ": " لا في الواقع ".
6. في حاشية " م ": من باب مجاز المشاكلة، فإن الرجل منصوب من عند الله، أي قلتم بإمامة رجل، والمراد
بالرجل نفسه (عليه السلام).
190

رجلا وفرضتم طاعته ثم لم تقلدوه، فهم أشد منكم تقليدا ".
3. محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن
عبد الله، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله جل وعز: (اتخذوا أحبارهم
ورهبانهم أربابا من دون الله) فقال: " والله ما صاموا لهم ولا صلوا لهم، ولكن أحلوا لهم
حراما، وحرموا عليهم حلالا، فاتبعوهم ".
باب البدع والرأي والمقاييس
1. الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء؛
وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال جميعا، عن عاصم بن حميد، عن
محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) الناس، فقال: أيها الناس،
إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع، وأحكام تبتدع، يخالف فيها كتاب الله، يتولى فيها رجال

1. في حاشية " م ": فيه أيضا مجاز مشاكلة، فإن الفارض هو الله تعالى ورسوله، أي قلتم بأنه مفترض الطاعة، لا
يجوز مخالفته بالاجتهاد، معصوم في كل فتاويه عن الخطأ.
2. في حاشية " م ": قوله (عليه السلام): " فهم أشد... " هذا شكاية عظيمة منه للشيعة في زمانه (عليه السلام)، ولعل باعثها عدم اهتمام
بعض الشيعة بالتبعية مع صدور التشديد في أمرها.
3. في " خ ": " تختبر به ".
191

رجالا، فلو أن الباطل خلص لم يخف على ذي حجى، ولو أن الحق خلص لم يكن اختلاف،
ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا، فهنالك استحوذ الشيطان
على أوليائه، ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى ".
2. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور العمي يرفعه، قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إذا ظهرت البدع في أمتي، فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه
لعنة الله ".

1. في " خ ": " مبدؤها ".
192

3. وبهذا الإسناد، عن محمد بن جمهور، رفعه، قال: من أتى ذا بدعة فعظمه، فإنما
يسعى في هدم الإسلام.
4. وبهذا الإسناد عن محمد بن جمهور، رفعه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أبى الله
لصاحب البدعة بالتوبة ". قيل: يا رسول الله، وكيف ذلك؟ قال: " إنه قد أشرب قلبه حبها ".
5. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن
معاوية بن وهب، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن عند كل بدعة
- تكون من بعدي يكاد بها الإيمان - وليا من أهل بيتي موكلا به يذب عنه، ينطق بإلهام

1. في " ل ": " فتعمى ".
2. في الكافي المطبوع: " تكون ".
3. في " خ ": " ويحارب ".
193

من الله، ويعلن الحق وينوره، ويرد كيد الكائدين، يعبر عن الضعفاء، فاعتبروا يا أولي
الأبصار، وتوكلوا على الله ".
6. محمد بن يحيى، عن بعض أصحابه؛ وعلي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن
مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)؛ وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، رفعه،
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: " إن من أبغض الخلق إلى الله عز وجل لرجلين: رجل وكله الله
إلى نفسه، فهو جائر عن قصد السبيل، مشعوف بكلام بدعة، قد لهج بالصوم والصلاة؛
194

فهو فتنة لمن افتتن به، ضال عن هدي من كان قبله، مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد
موته، حمال خطايا غيره، رهن بخطيئته.
ورجل قمش جهلا في جهال الناس، عان بأغباش الفتنة، قد سماه أشباه الناس عالما،
ولم يغن فيه يوما سالما، بكر فاستكثر، ما قل منه خير مما كثر، حتى إذا ارتوى من آجن

1 و 2. في " خ ": " هنا " بدل " هاهنا ".
3. في " خ ": " من ".
195

واكتنز من غير طائل جلس بين الناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره، وإن
خالف قاضيا سبقه، لم يأمن أن ينقض حكمه من يأتي بعده كفعله بمن كان قبله، وإن
نزلت به إحدى المبهمات المعضلات هيأ لها حشوا من رأيه، ثم قطع به، فهو من لبس

1. في " م ": " واستكثر ".
2. في " ل ": " مواضع ".
196

الشبهات في مثل غزل العنكبوت لا يدري أصاب أم أخطأ، لا يحسب العلم في شيء
مما أنكر، ولا يرى أن وراء ما بلغ فيه مذهبا، إن قاس شيئا بشيء لم يكذب نظره، وإن
أظلم عليه أمر اكتتم به؛ لما يعلم من جهل نفسه، لكيلا يقال له: لا يعلم، ثم جسر فقضى،
فهو مفتاح عشوات، ركاب شبهات، خباط جهالات، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم، ولا يعض

1. في الكافي المطبوع: - " ما ".
2. العشوة، الناقة التي لا تبصر أمامها، وهي تخبط بيدها كل شيء. وركب فلان العشواء: إذا خبط أمره على غير
بصيرة. الصحاح، ج 6، ص 2427 (عشا).
197

في العلم بضرس قاطع فيغنم، يذري الروايات ذرو الريح الهشيم، تبكي منه المواريث،
وتصرخ منه الدماء؛ يستحل بقضائه الفرج الحرام، ويحرم بقضائه الفرج الحلال، لا مليء
بإصدار ما عليه ورد، ولا هو أهل لما منه فرط، من ادعائه علم الحق ".
7. الحسين بن محمد؛ عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبان بن
عثمان، عن أبي شيبة الخراساني، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " إن أصحاب المقاييس
طلبوا العلم بالمقاييس، فلم تزدهم المقاييس من الحق إلا بعدا، وإن دين الله لا يصاب
بالمقاييس ".

1. الهشيم من النبات اليابس المتكسر. الصحاح، ج 5، ص 2058 (هشم).
2. في " ل ": " تبكي ".
198

8. علي بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، رفعه، عن
أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالا: " كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة سبيلها إلى النار ".
9. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حكيم، قال: قلت لأبي
الحسن موسى (عليه السلام): جعلت فداك، فقهنا في الدين وأغنانا الله بكم عن الناس، حتى أن
الجماعة منا لتكون في المجلس ما يسأل رجل صاحبه تحضره المسألة ويحضره جوابها
فيما من الله علينا بكم، فربما ورد علينا الشيء لم يأتنا فيه عنك ولا عن آبائك شيء،
فنظرنا إلى أحسن ما يحضرنا وأوفق الأشياء لما جاءنا عنكم، فنأخذ به؟ فقال: " هيهات

1. في " خ، ل، م ": " ليكون ".
2. في حاشية " ت، ل، م ": " ما " هاهنا إما موصولة حذف عائدها لكونه مفعولا، والخبر قوله " يحضره " وتأكيد
العائد ب‍ " المسألة " لعطف جوابها عليه؛ أو موصوفة، وهي كصاحبتها؛ أو مصدرية؛ أو نافية والحالية بحالها،
ويفارقها الأخيرة باستيناف " يحضره المسألة ". (منه رحمه الله تعالى).
3. في " خ ": " رجل منهم ".
4. في الكافي المطبوع: " تحضره ".
5. في " خ ": + " صاحبه ".
6. في " ل ": " ليكون ".
7. في " خ، ل " ": " تغير ".
199

هيهات، في ذلك والله هلك من هلك يا ابن حكيم ". قال: ثم قال: " لعن الله أبا حنيفة، كان
يقول: قال علي، وقلت ". قال محمد بن حكيم لهشام بن الحكم: والله ما أردت إلا أن
يرخص لي في القياس.
10. محمد بن أبي عبد الله، رفعه، عن يونس بن عبد الرحمن، قال: قلت لأبي الحسن
الأول (عليه السلام): بما أوحد الله؟ فقال: " يا يونس، لا تكونن مبتدعا، من نظر برأيه هلك، ومن ترك
أهل بيت نبيه (صلى الله عليه وآله) ضل، ومن ترك كتاب الله وقول نبيه كفر ".

1. في " خ ": " بالجواب ".
2. في " خ ": " المخالفة ".
200

11. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن مثنى الحناط، عن أبي
بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب الله، ولا سنة،
فننظر فيها؟ فقال: " لا، أما إنك إن أصبت لم تؤجر، وإن أخطأت كذبت على الله عز وجل ".
12. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن عمر بن
أبان الكلبي، عن عبد الرحيم القصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كل بدعة
ضلالة، وكل ضلالة في النار ".

1. الكافي، ج 2، ص 414، باب أدنى ما يكون به العبد مؤمنا، ح 1؛ الأمالي، للصدوق، ص 415، المجلس 64،
ح 15؛ معاني الأخبار، ص 90، باب معنى الثقلين، ح 1 - 4؛ كمال الدين، ج 1، ص 234، باب 22، ح 44؛ عيون
أخبار الرضا (عليه السلام) ج 2، ص 30، باب 31، ح 40؛ الأمالي، للطوسي، ص 161، المجلس 6، ح 268 / 20.
2. في " ل ": + " والاستنباط ".
201

13. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن
سماعة بن مهران، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: قلت: أصلحك الله، إنا نجتمع فنتذاكر
ما عندنا، فلا يرد علينا شيء إلا وعندنا فيه شيء مسطر، وذلك مما أنعم الله به علينا بكم،
ثم يرد علينا الشيء الصغير ليس عندنا فيه شيء، فينظر بعضنا إلى بعض، وعندنا ما يشبهه،
فنقيس على أحسنه؟ فقال: " وما لكم وللقياس؟ إنما هلك من هلك من قبلكم بالقياس " ثم
قال: " إذا جاءكم ما تعلمون، فقولوا به، وإن جاءكم مالا تعلمون فها - وأهوى بيده إلى
فيه - " ثم قال: " لعن الله أبا حنيفة، كان يقول: قال علي وقلت أنا، وقالت الصحابة وقلت "
ثم قال: " أكنت تجلس إليه؟ " فقلت: لا، ولكن هذا كلامه. فقلت: أصلحك الله، أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
الناس بما يكتفون به في عهده؟ قال: " نعم، وما يحتاجون إليه إلى يوم القيامة ". فقلت:

1. " للحال " خبر لقوله: " قوله ".
2. المائدة (5): 3.
3. المائدة (5): 67.
202

فضاع من ذلك شيء؟ فقال: " لا، هو عند أهله ".
14. عنه، عن محمد، عن يونس، عن أبان، عن أبي شيبة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)
يقول: " ضل علم ابن شبرمة عند الجامعة، إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخط علي (عليه السلام) بيده، إن

1. مر تخريجه قبل هذه الصفحة.
2. التوحيد، ص 307، باب حديث ذعلب، ح 1؛ الأمالي، للصدوق، ص 343، المجلس 55، ح 1؛ عيون أخبار
الرضا (عليه السلام)، ج 2، ص 66، باب 31، ح 298؛ الخصال، ص 574، ح 1؛ الأمالي، للطوسي، ص 558، المجلس
20، ح 8؛ العمدة، ص 285، الفصل 35؛ شواهد التنزيل، ج 1، ص 104، ح 118؛ شرح نهج البلاغة، لابن أبي
الحديد، ج 7، ص 219؛ وسائل الشيعة، ج 27، ص 34، باب تحريم الحكم بغير الكتاب، ح 33146.
3. في " ل ": " عن ".
203

الجامعة لم تدع لأحد كلاما، فيها علم الحلال والحرام، إن أصحاب القياس طلبوا العلم
بالقياس، فلم يزدادوا من الحق إلا بعدا، إن دين الله لا يصاب بالقياس ".
15. محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن
بن الحجاج، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن السنة لا تقاس، ألا ترى أن
المرأة تقضي صومها ولا تقضي صلاتها؛ يا أبان، إن السنة إذا قيست محق الدين ".
16. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، قال: سألت
أبا الحسن موسى (عليه السلام) عن القياس، فقال: " ما لكم والقياس، إن الله لا يسأل كيف
أحل وكيف حرم ".

1. كذا في النسخ، والصحيح: " حكم خاص صادر " لأنه اسم كان.
2. في " م ": " بالقياس ".
3. في " خ ": " لا يقال ".
4. في " خ، ل ": " الالتباس ".
204

17. علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، قال: حدثني جعفر،
عن أبيه (عليهما السلام): " أن عليا - صلوات الله عليه - قال: من نصب نفسه للقياس، لم يزل دهره في
التباس، ومن دان الله بالرأي، لم يزل دهره في ارتماس ".
قال: وقال أبو جعفر (عليه السلام): " من أفتى الناس برأيه، فقد دان الله بما لا يعلم، ومن دان الله
بما لا يعلم، فقد ضاد الله؛ حيث أحل وحرم فيما لا يعلم ".
18. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن الحسين
بن مياح، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن إبليس قاس نفسه بآدم، فقال: خلقتني من
نار وخلقته من طين، ولو قاس الجوهر الذي خلق الله منه آدم بالنار، كان ذلك أكثر نورا
وضياء من النار ".

1. في الكافي المطبوع: " ولو ".
205

19. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن حريز، عن زرارة،
قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحلال والحرام؟ فقال: " حلال محمد حلال أبدا إلى يوم
القيامة، وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة، لا يكون غيره ولا يجيء غيره ". وقال: " قال
علي (عليه السلام): ما أحد ابتدع بدعة إلا ترك بها سنة ".
20. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن عبد الله العقيلي، عن عيسى بن عبد الله
القرشي، قال: دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له: " يا أبا حنيفة، بلغني أنك
تقيس؟ " قال: نعم، قال: " لا تقس، فإن أول من قاس إبليس حين قال: خلقتني من نار
وخلقته من طين، فقاس ما بين النار والطين، ولو قاس نورية آدم بنورية النار عرف فضل
ما بين النورين، وصفاء أحدهما على الآخر ".
21. علي، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن قتيبة، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام)
عن مسألة، فأجابه فيها، فقال الرجل: أرأيت إن كان كذا وكذا ما يكون القول فيها؟ فقال له:
" مه، ما أجبتك فيه من شيء فهو عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لسنا من " أرأيت " في شئ ".
22. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، مرسلا، قال: قال
206

أبو جعفر (عليه السلام): " لا تتخذوا من دون الله وليجة فلا تكونوا مؤمنين، فإن كل سبب ونسب
وقرابة ووليجة وبدعة وشبهة منقطع إلا ما أثبته القرآن ".
باب
الرد إلى الكتاب والسنة وأنه ليس شيء من الحلال والحرام
وجميع ما يحتاج الناس إليه إلا وقد جاء فيه كتاب أو سنة
1. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن حديد، عن مرازم،
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كل شيء، حتى

1. في " خ، ل ": " هنا ".
2. في حاشية " ت، م ": ذكر الوليجة بعد ذكر السبب والنسب والقرابة من ذكر العام بعد الخاص، وتقديمها على
البدعة والشبهة لأنهما منحطتان عن أن تعدا وليجة، أو مما له وليجة (منه رحمه الله تعالى).
3. في " خ، ل ": " لا يبقى ".
207

والله ما ترك الله شيئا يحتاج إليه العباد - حتى لا يستطيع عبد يقول: لو كان هذا أنزل في
القرآن - إلا وقد أنزله الله فيه ".
2. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حسين بن المنذر، عن عمر
بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: " إن الله تبارك وتعالى لم يدع شيئا يحتاج
إليه الأمة إلا أنزله في كتابه، وبينه لرسوله (صلى الله عليه وآله) وجعل لكل شيء حدا، وجعل عليه دليلا يدل
عليه، وجعل على من تعدى ذلك الحد حدا ".

1. في حاشية " خ ": أي توسيط قوله " حتى لا يستطيع... " بين قوليه " ما ترك شيئا " و " إلا وقد أنزله الله فيه " إما
لكمال اتصال الغاية بذي الغاية، أي قوله " حتى " بقوله " ما ترك ". أو يجعل قوله: " إلا وقد أنزله " في الآخر
مفسرا لمثله المحذوف قبل " حتى ".
208

3. علي، عن محمد، عن يونس، عن أبان، عن سليمان بن هارون، قال: سمعت أبا
عبد الله (عليه السلام) يقول: " ما خلق الله حلالا ولا حراما إلا وله حد كحد الدار، فما كان من الطريق
فهو من الطريق، وما كان من الدار فهو من الدار حتى أرش الخدش فما سواه، والجلدة
ونصف الجلدة ".
4. علي، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
سمعته يقول: " ما من شيء إلا وفيه كتاب أو سنة ".
5. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد، عن عبد الله بن
سنان، عن أبي الجارود، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): " إذا حدثتكم بشيء فاسألوني من كتاب
الله " ثم قال في بعض حديثه: " إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهى عن القيل والقال، وفساد المال،
وكثرة السؤال ". فقيل له: يا ابن رسول الله أين هذا من كتاب الله؟ قال: " إن الله عز وجل
يقول: (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس)
وقال: (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيما) وقال: (لا تسلوا عن أشياء إن
تبد لكم تسؤكم) ".
6. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عمن
حدثه، عن المعلى بن خنيس قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا وله
أصل في كتاب الله عز وجل، ولكن لا تبلغه عقول الرجال ".

1. في حاشية " خ ": أقول: يحتمل أن يشمل الكلام في فرض المسائل الفرضية الاستنباطية التي لا يقع الحاجة
إلى العلم بالحكم فيه داخلا في كثرة السؤال المنهي عنه.
209

7. محمد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة،
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أيها الناس، إن الله - تبارك وتعالى - أرسل
إليكم الرسول (صلى الله عليه وآله) وأنزل إليه الكتاب بالحق وأنتم أميون عن الكتاب ومن أنزله، وعن
الرسول ومن أرسله، على حين فترة من الرسل، وطول هجعة من الأمم، وانبساط من
الجهل، واعتراض من الفتنة، وانتقاض من المبرم، وعمى عن الحق، واعتساف من الجور،
وامتحاق من الدين، وتلظ من الحروب، على حين اصفرار من رياض جنات الدنيا، ويبس

1. في " م ": " من ".
210

من أغصانها، وانتثار من ورقها، ويأس من ثمرها، واغورار من مائها، قد درست أعلام
الهدى، فظهرت أعلام الردى، فالدنيا متهجمة في وجوه أهلها، مكفهرة، مدبرة غير مقبلة،
ثمرتها الفتنة، وطعامها الجيفة، وشعارها الخوف، ودثارها السيف، مزقتم كل ممزق، وقد
أعمت عيون أهلها، وأظلمت عليها أيامها، قد قطعوا أرحامهم، وسفكوا دماءهم، ودفنوا
في التراب الموؤودة بينهم من أولادهم، يجتاز دونهم طيب العيش ورفاهية خفوض الدنيا؛

1. الضمير في " عليه " راجع إلى دروس الأعلام.
2. في " خ ": " و ".
3. في " ل ": " كالمعظم ".
4. في الكافي المطبوع: " يجتاز ".
211

لا يرجون من الله ثوابا، ولا يخافون والله منه عقابا؛ حيهم أعمى نجس، وميتهم في النار
مبلس، فجاءهم بنسخة ما في الصحف الأولى، وتصديق الذي بين يديه، وتفصيل الحلال
من ريب الحرام.
ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق لكم، أخبركم عنه، إن فيه علم ما مضى، وعلم ما
يأتي إلى يوم القيامة، وحكم ما بينكم، وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون، فلو سألتموني عنه
لعلمتكم ".
8. محمد بن يحيى، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن حماد بن عثمان،
عن عبد الأعلى بن أعين، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " قد ولدني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا
أعلم كتاب الله، وفيه بدء الخلق، وما هو كائن إلى يوم القيامة، وفيه خبر السماء وخبر
الأرض، وخبر الجنة وخبر النار، وخبر ما كان، وخبر ما هو كائن، أعلم ذلك كما أنظر

1. في الكافي المطبوع: " نجس ". قال العلامة المجلسي في مرآة العقول: " وفي بعض النسخ بالحاء المهملة من
النحوسة. وربما يقرأ بالباء الموحدة والخاء المعجمة المكسورة من البخس بمعنى نقص الحظ، وهو تصحيف ".
2. في " خ ": " إذا أيئس ".
212

إلى كفي، إن الله يقول: (فيه تبيان كل شيء) ".
9. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن
إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم،
وفصل ما بينكم، ونحن نعلمه ".
10. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن
سيف بن عميرة، عن أبي المغراء، عن سماعة، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: قلت له:
أكل شيء في كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) أو تقولون فيه؟ قال: " بل كل شيء في كتاب الله وسنة
نبيه (صلى الله عليه وآله) ".
باب اختلاف الحديث
1. علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر
اليماني، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، قال: قلت لأمير المؤمنين (عليه السلام):

1. في الكافي المطبوع: " تقولون ".
213

إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي الله (صلى الله عليه وآله)
غير ما في أيدي الناس، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس
أشياء كثيرة من تفسير القرآن، ومن الأحاديث عن نبي الله (صلى الله عليه وآله) أنتم تخالفونهم فيها،
وتزعمون أن ذلك كله باطل؛ أفترى الناس يكذبون على رسول الله (صلى الله عليه وآله) متعمدين،
ويفسرون القرآن بآرائهم؟
قال: فأقبل علي، فقال: " قد سألت فافهم الجواب: إن في أيدي الناس حقا وباطلا،
وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وعاما وخاصا، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما، وقد
كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) على عهده حتى قام خطيبا فقال: أيها الناس، قد كثرت علي
الكذابة، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ثم كذب عليه من بعده، وإنما
أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس:

1. في " خ ": " نقله ".
214

رجل منافق يظهر الإيمان، متصنع بالإسلام، لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على
رسول الله (صلى الله عليه وآله) متعمدا؛ فلو علم الناس أنه منافق كذاب، لم يقبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم
قالوا هذا قد صحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورآه وسمع منه، وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله. وقد
أخبره الله عن المنافقين بما أخبره، ووصفهم بما وصفهم، فقال عز وجل: (وإذا رأيتهم
تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم) ثم بقوا بعده، فتقربوا إلى أئمة
الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان، فولوهم الأعمال، وحملوهم على رقاب
الناس، وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله، فهذا أحد
الأربعة.
ورجل سمع من رسول الله شيئا لم يحمله على وجهه ووهم فيه، ولم يتعمد كذبا، فهو
في يده، يقول به، ويعمل به، ويرويه، فيقول: أنا سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلو علم
المسلمون أنه وهم لم يقبلوه، ولو علم هو أنه وهم لرفضه.

1. في " خ ": " المنسوخ ".
215

ورجل ثالث سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئا أمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم، أو سمعه
ينهى عن شيء ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ، ولو علم أنه
منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.
وآخر رابع لم يكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، مبغض للكذب خوفا من الله وتعظيما
لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، لم ينسه، بل حفظ ما سمع على وجهه، فجاء به كما سمع، لم يزد فيه ولم
ينقص منه، وعلم الناسخ من المنسوخ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ، فإن أمر النبي (صلى الله عليه وآله)
مثل القرآن ناسخ ومنسوخ، وخاص وعام، ومحكم ومتشابه قد كان يكون من رسول
الله (صلى الله عليه وآله) الكلام له وجهان: كلام عام، وكلام خاص مثل القرآن، وقال الله عز وجل في كتابه:
(وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر
ما عنى الله به ورسوله (صلى الله عليه وآله)، وليس كل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يسأله عن الشيء

1. في " خ، ل، م ": " تحقق ".
2. في " خ ": " لقوله ".
3. الحشر (59): 7.
216

فيفهم، وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه، حتى أن كانوا ليحبون أن يجيء الأعرابي
والطارئ، فيسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى يسمعوا.
وقد كنت أدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل يوم دخلة وكل ليلة دخلة، فيخليني فيها، أدور
معه حيث دار، وقد علم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري،
فربما كان في بيتي يأتيني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أكثر ذلك في بيتي، وكنت إذا دخلت عليه بعض
منازله أخلاني وأقام عني نساءه، فلا يبقى عنده غيري، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي
لم تقم عني فاطمة ولا أحد من بني، وكنت إذا سألته أجابني، وإذا سكت عنه وفنيت
مسائلي ابتدأني، فما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي،
فكتبتها بخطي، وعلمني تأويلها وتفسيرها، وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها،
وخاصها وعامها، ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علما
أملاه علي وكتبته منذ دعا الله لي بما دعا، وما ترك شيئا علمه الله من حلال ولا حرام،

1. كمال الدين، ج 1، ص 238، الباب 22، باب اتصال الوصية من لدن آدم، ح 57؛ الخصال، ص 486، ح 63؛
تحف العقول، ص 30، خطبته في حجة الوداع؛ العمدة، ص 68، الفصل 11، ح 82.
217

ولا أمر ولا نهي، كان أو يكون، ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلا
علمنيه وحفظته، فلم أنس حرفا واحدا، ثم وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ
قلبي علما وفهما وحكما ونورا، فقلت: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي، منذ دعوت الله لي بما
دعوت لم أنس شيئا، ولم يفتني شيء لم أكتبه، أفتتخوف علي النسيان فيما بعد؟ فقال: لا،
لست أتخوف عليك النسيان والجهل ".
2. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيوب
الخراز، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما بال أقوام يروون عن
فلان وفلان عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يتهمون بالكذب، فيجئ منكم خلافه؟ قال: " إن
الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن ".
3. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن منصور
بن حازم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما بالي أسألك عن المسألة فتجيبني فيها بالجواب،
ثم يجيئك غيري فتجيبه فيها بجواب آخر؟ فقال: " إنا نجيب الناس على الزيادة والنقصان.
قال: قلت: فأخبرني عن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) صدقوا على محمد (صلى الله عليه وآله) أم كذبوا؟ قال: " بل
صدقوا ". قال: قلت: فما بالهم اختلفوا؟ فقال: " أما تعلم أن الرجل كان يأتي رسول الله (صلى الله عليه وآله)
فيسأله عن المسألة، فيجيبه فيها بالجواب، ثم يجيبه بعد ذلك ما ينسخ ذلك الجواب؛
فنسخت الأحاديث بعضها بعضا ".

1. في " خ ": " يكون ".
2. في " خ ": " الخلاف ".
218

4. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي
عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال لي: " يا زياد، ما تقول لو أفتينا رجلا ممن يتولانا بشيء
من التقية؟ ". قال: قلت له: أنت أعلم، جعلت فداك. قال: " إن أخذ به فهو خير له وأعظم
أجرا ".
* وفي رواية أخرى: " إن أخذ به أوجر، وإن تركه والله أثم ".
5. أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي، عن ثعلبة بن
ميمون، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن مسألة فأجابني، ثم جاءه
رجل فسأله عنها، فأجابه بخلاف ما أجابني، ثم جاء رجل آخر، فأجابه بخلاف ما أجابني
وأجاب صاحبي، فلما خرج الرجلان قلت: يا ابن رسول الله، رجلان من أهل العراق من
شيعتكم قدما يسألان، فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه؟ فقال: " يا زرارة،
إن هذا خير لنا، وأبقى لنا ولكم، ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس علينا، ولكان
أقل لبقائنا وبقائكم ".
219

قال: ثم قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): شيعتكم لو حملتموهم على الأسنة أو على النار لمضوا،
وهم يخرجون من عندكم مختلفين قال: فأجابني بمثل جواب أبيه.
6. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن نصر
الخثعمي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " من عرف أنا لا نقول إلا حقا فليكتف بما يعلم
منا، فإن سمع منا خلاف ما يعلم، فليعلم أن ذلك دفاع منا عنه ".
7. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، والحسن بن محبوب جميعا، عن
سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر
كلاهما يرويه: أحدهما يأمر بأخذه، والآخر ينهاه عنه، كيف يصنع؟ فقال: " يرجئه حتى

1. في " خ ": " ترجح ".
2. في " ت ": " فيفتي ".
220

يلقى من يخبره، فهو في سعة حتى يلقاه ".
* وفي رواية أخرى: " بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك ".
8. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن
بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " أرأيتك لو حدثتك بحديث العام، ثم جئتني من
قابل، فحدثتك بخلافه، بأيهما كنت تأخذ؟ " قال: قلت: كنت آخذ بالأخير. فقال لي:
" رحمك الله ".
9. وعنه، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن داود بن فرقد، عن المعلى
بن خنيس، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إذا جاء حديث عن أولكم، وحديث عن آخركم،
بأيهما نأخذ؟ فقال: " خذوا به حتى يبلغكم عن الحي، فإن بلغكم عن الحي، فخذوا بقوله ".
قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): " إنا - والله - لا ندخلكم إلا فيما يسعكم ".

1. في " ل، م ": " التغير ".
221

* وفي حديث آخر: " خذوا بالأحدث ".
10. محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عيسى، عن صفوان بن
يحيى، عن داود بن الحصين، عن عمر بن حنظلة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلين
من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث، فتحا كما إلى السلطان وإلى القضاة، أيحل
ذلك؟ قال: " من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت، وما يحكم له

1. في " ل ": " الحكمة ".
222

فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقا ثابتا له؛ لأنه أخذه بحكم الطاغوت، وقد أمر الله أن يكفروا
به، قال الله تعالى: (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا بهى).
قلت: فكيف يصنعان؟ قال: " ينظران إلى من كان منكم ممن قد روى حديثنا، ونظر

1. في " خ ": " التعيين ".
2. في " ل ": " على ما في الكتاب والأدلة من الروايات ".
223

في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكما، فإني قد جعلته عليكم حاكما،

1. في " خ ": " الأبصار ".
2. الزخرف (43): 19.
224



1. في " خ ": " تثبت ".
2. في " خ ": " إذا ".
225

فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما استخف بحكم الله وعلينا رد، والراد علينا الراد على
الله، وهو على حد الشرك بالله ".
قلت: فإن كان كل رجل اختار رجلا من أصحابنا، فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما،
واختلفا فيما حكما، وكلاهما اختلفا في حديثكم؟
قال: الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما،
226

ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر ".
قال: قلت: فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا، لا يفضل واحد منهما على الآخر؟
قال: فقال: " ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه من
أصحابك، فيؤخذ به من حكمنا، ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك، فإن
المجمع عليه لا ريب فيه؛ وإنما الأمور ثلاثة: أمر بين رشده فيتبع، وأمر بين غيه

1. في " خ، ل ": + " الأربع ".
2. في " خ ": " من الأربع ".
227

فيجتنب، وأمر مشكل يرد علمه إلى الله وإلى رسوله، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حلال بين وحرام
بين وشبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات، ومن أخذ بالشبهات ارتكب
المحرمات، وهلك من حيث لا يعلم ".
228

قلت: فإن كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟ قال: " ينظر، فما
وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة، فيؤخذ به، ويترك ما خالف حكمه حكم
الكتاب والسنة ووافق العامة ".
قلت: جعلت فداك، أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة، ووجدنا
أحد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا لهم، بأي الخبرين يؤخذ؟ قال: " ما خالف العامة
ففيه الرشاد ".
فقلت: جعلت فداك، فإن وافقهما الخبران جميعا؟ قال: " ينظر إلى ما هم إليه أميل

1. في " خ ": " عن ".
2. في الكافي المطبوع و " خ، ل، م ": " وافقهما ".
229

حكامهم وقضاتهم، فيترك ويؤخذ بالآخر ".
قلت: فإن وافق حكامهم الخبرين جميعا؟ قال: " إذا كان ذلك فأرجه حتى تلقى إمامك،
فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات ".
باب الأخذ بالسنة وشواهد الكتاب
1. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
" قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن على كل حق حقيقة، وعلى كل صواب نورا، فما وافق كتاب الله
فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه ".
230

2. محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان،
عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: وحدثني حسين بن أبي العلاء أنه حضر ابن أبي يعفور في
هذا المجلس قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم من
لا نثق به؟ قال: " إذا ورد عليكم حديث، فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول

1. في " م ": " بالرواية ".
231

رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإلا فالذي جاءكم به أولى به ".
3. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد،
عن يحيى الحلبي، عن أيوب بن الحر، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " كل شيء مردود
إلى الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف ".

1. في " خ ": " بعدم ".
2. في حاشية " ت ": وأما احتياجنا في قول العامة إلى شاهد من الكتاب لما ورد في الحديث من أنه إذا لم يأت
بكم حكم من أحكامنا ووجدتم في كلام العامة حديثا منقولا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) اعملوا به، فإذا وقع الخلاف
بينهم في هذا الحديث يحتاج إلى الشاهد من الكتاب.
3. في " ت ": " فإن ".
4. في " ل ": " وأن يكون عنده لا يتجاوزه ".
232

4. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن علي بن
عقبة، عن أيوب بن راشد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو
زخرف ".
5. محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم
وغيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " خطب النبي (صلى الله عليه وآله) بمنى فقال: أيها الناس، ما جاءكم عني
يوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله ".
6. وبهذا الإسناد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)
يقول: " من خالف كتاب الله وسنة محمد (صلى الله عليه وآله) فقد كفر ".
7. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، رفعه، قال: قال علي
بن الحسين (عليه السلام): " إن أفضل الأعمال عند الله ما عمل بالسنة وإن قل ".
8. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي
سعيد القماط وصالح بن سعيد، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه سئل عن مسألة
فأجاب فيها، قال: فقال الرجال: إن الفقهاء لا يقولون هذا، فقال: " يا ويحك، وهل رأيت

1. في " م ": " برسوله ".
2. في " خ ": " من ".
3. في " ل ": + " هي ".
233

فقيها قط؟! إن الفقيه حق الفقيه الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة، المتمسك بسنة
النبي (صلى الله عليه وآله) ".
9. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي إسماعيل
إبراهيم بن إسحاق الأزدي، عن أبي عثمان العبدي، عن جعفر، عن آبائه، عن
أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا قول إلا بعمل، ولا قول ولا عمل إلا بنية، ولا
قول ولا عمل ولا نية إلا بإصابة السنة ".
10. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن
أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: " ما من أحد إلا وله شرة وفترة، فمن كانت فترته إلى سنة فقد

1. في حاشية " ل ": " يكون ".
234

اهتدى، ومن كانت فترته إلى بدعة فقد غوى ".
11. علي بن محمد، عن أحمد بن محمد البرقي، عن علي بن حسان؛ ومحمد بن يحيى
عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن حسان، عن موسى بن بكر، عن زرارة بن أعين، عن
أبي جعفر (عليه السلام) قال: " كل من تعدى السنة رد إلى السنة ".
12. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن
آبائه (عليهم السلام) قال: " قال أمير المؤمنين (عليه السلام): السنة سنتان: سنة في فريضة، الأخذ بها هدى،
وتركها ضلالة؛ وسنة في غير فريضة، الأخذ بها فضيلة، وتركها إلى غير خطيئة ".

1. في " ل ": " ينتهي ".
2. في " خ، ل ": " صلى الله عليه وآله ".
235

تم كتاب فضل العلم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

1. في حاشية " ل ": كانتهاء الشيء إلى غايته وترتبها عليه. قوله: " أو هو من غير خطيئة " بيان لاحتمال آخر لتلك
العبارة، أي تركها مستند إلى غير خطيئة وناش من غير خطيئة، ولا يكون بين منشئه وقوله " أو هو غير خطيئة "
بيان لاحتمال ثالث لها، وهو أن تركها لا ينجر إلى كون الترك نفسه خطيئة، ولا يخفى شيوع إرادة كل من هذه
المعاني من نحو هذا الكلام (منه رحمه الله).
236

كتاب التوحيد
باب حدوث العالم وإثبات المحدث
1. أخبرنا أبو جعفر محمد بن يعقوب، قال: حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم، عن
أبيه، عن الحسن بن إبراهيم، عن يونس بن عبد الرحمن، عن علي بن منصور، قال: قال لي

1. في حاشية " ت، ل، م ": روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): " التوحيد أن لا تتوهمه، والعدل أن لا تتهمه ". وروي
عن الصادق (عليه السلام): " التوحيد أن لا تجوز على ربك ما جاز عليك، والعدل أن لا تنسب إلى خالقك ما لامك عليه ".
(منه رحمه الله تعالى).
2. في " خ ": " ها هنا ".
237

هشام بن الحكم: كان بمصر زنديق تبلغه عن أبي عبد الله (عليه السلام) أشياء، فخرج إلى المدينة
ليناظره، فلم يصادفه بها، وقيل له: إنه خارج بمكة، فخرج إلى مكة ونحن مع أبي عبد الله،
فصادفنا ونحن مع أبي عبد الله (عليه السلام) في الطواف، وكان اسمه " عبد الملك " وكنيته " أبو
عبد الله " فضرب كتفه كتف أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): " ما اسمك؟ " فقال: اسمي
عبد الملك، قال: " فما كنيتك؟ " قال: كنيتي أبو عبد الله، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): " فمن هذا
الملك الذي أنت عبده؟ أمن ملوك الأرض، أم من ملوك السماء؟ وأخبرني عن ابنك، عبد
إله السماء، أم عبد إله الأرض؟ قل: ما شئت تخصم ". قال هشام بن الحكم: فقلت
للزنديق: أما ترد عليه، قال: فقبح قولي.
فقال أبو عبد الله: " إذا فرغت من الطواف فأتنا ". فلما فرغ أبو عبد الله أتاه الزنديق، فقعد
بين يدي أبي عبد الله ونحن مجتمعون عنده، فقال أبو عبد الله (عليه السلام) للزنديق: " أتعلم أن
للأرض تحتا وفوقا؟ " قال: نعم، قال: " فدخلت تحتها؟ " قال: لا، قال: " فما يدريك

1. في " ل ": " يتم ".
2. في " ت ": " يظهر ".
3. في " خ ": " من ".
238

ما تحتها؟ " قال: لا أدري، إلا أني أظن أن ليس تحتها شيء. فقال: أبو عبد الله (عليه السلام): " فالظن
عجز لما لا تستيقن ".
ثم قال أبو عبد الله: " أفصعدت السماء؟ " قال: لا، قال: " أفتدري ما فيها؟ " قال: لا؛
قال: " عجبا لك لم تبلغ المشرق، ولم تبلغ المغرب، ولم تنزل الأرض، ولم تصعد السماء،
ولم تجز هناك فتعرف ما خلفهن وأنت جاحد بما فيهن، وهل يجحد العاقل ما لا يعرف؟! ".
قال الزنديق: ما كلمني بهذا أحد غيرك. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " فأنت من ذلك في شك،
فلعله هو ولعله ليس هو؟ " فقال الزنديق: ولعل ذلك.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " أيها الرجل، ليس لمن لا يعلم حجة على من يعلم، ولا حجة
للجاهل. يا أخا أهل مصر، تفهم عني، فإنا لا نشك في الله أبدا، أما ترى الشمس والقمر
والليل والنهار يلجان فلا يشتبهان ويرجعان، قد اضطرا، ليس لهما مكان إلا مكانهما،
239

فإن كانا يقدران على أن يذهبا فلم يرجعان؟ وإن كانا غير مضطرين فلم لا يصير الليل
نهارا والنهار ليلا؟ اضطرا والله يا أخا أهل مصر إلى دوامهما، والذي اضطرهما أحكم

1. في " ل ": " لا تختلف ".
2. في " خ ": " بها ".
3. في " خ، م ": " وإذا ".
4. في " ل، م ": " طبيعية ".
240

منهما وأكبر ". فقال الزنديق: صدقت.

1. في " ل ": " إذ ".
2. في " خ ": " فقال ".
241

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): " يا أخا أهل مصر، إن الذي تذهبون إليه وتظنون أنه الدهر إن
كان الدهر يذهب بهم لم لا يردهم؟ وإن كان يردهم لم لا يذهب بهم؟ القوم مضطرون يا
أخا أهل مصر، لم السماء مرفوعة والأرض موضوعة؟ لم لا يسقط السماء على الأرض؟

1. في حاشية " ت ": أي الذهاب والخروج من الوجود إلى العدم. والرجوع والدخول تفسير للرد، يعني أن
الموت والحياة ليسا فعلين اختياريين للقوم، بل هما اضطراريان. وعبر عن حدوث القوم ووجودهم بعد عدم
الأول بالرجوع لأن الممكن من حيث هو ممكن - أي مع قطع النظر عن الفاعل - معدوم، الفاعل يرده
ويرجعه إلى الوجود.
242

لم لا تنحدر الأرض فوق طباقها، ولا يتماسكان، ولا يتماسك من عليها؟ "، قال الزنديق:
أمسكهما الله ربهما وسيدهما.

1. في " خ، م ": " أو التحدر ".
2. في حاشية " خ ": أي لا تمسك السماء الأرض عن الانحدار، والأرض السماء عن الانهباط؛ لأنهما لا
يتمالكان، أي لا يملك أحدهما شيئا من أمر صاحبه، وما لا يملك لنفسه شيئا لا يملك لغيره بطريق أولى.
3. في " خ، ل ": " لا تسقط ".
4. في " خ، ل ": " لا تنحدر ".
5. في " خ ": " لا ترتفع ".
6. في " خ ": " لا تتماسكان ولا تتماسك ".
243



1. الضمير راجع إلى المقدمة الأولى.
2. في " ل ": " لا تخلو ".
3. في " خ، ل ": " لوجودها ".
244



1. التوحيد، ص 290، باب (41) أنه عز وجل لا يعرف إلا به، ح 10. وعنه في بحار الأنوار، ج 3، ص 51، باب
إثبات الصانع والاستدلال...، ح 23.
2. في " خ ": + " بديهية "؛ وفي " ل ": + " بديهة ".
3. في " ل ": - " بديهة ".
245



1. في " خ ": " طبعية ".
2. في " خ ": " إذن ".
3. في " ل ": " فلها ".
4. في " خ ": " يحضر ".
5. في " ت ": " إذ "؛ وفي " ل ": " إذ قد عرفت ".
246

قال: فآمن الزنديق على يدي أبي عبد الله (عليه السلام). فقال له حمران: جعلت فداك، إن آمنت
الزنادقة على يدك فقد آمن الكفار على يدي أبيك، فقال المؤمن الذي آمن على يدي أبي
عبد الله (عليه السلام): اجعلني من تلامذتك، فقال أبو عبد الله: " يا هشام بن الحكم، خذه إليك
وعلمه "، فعلمه هشام، فكان معلم أهل الشام وأهل مصر الإيمان، وحسنت طهارته حتى
رضي بها أبو عبد الله.
2. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن
عبد الرحمن بن محمد بن أبي هاشم، عن أحمد بن محسن الميثمي، قال: كنت عند أبي
منصور المتطبب، فقال: أخبرني رجل من أصحابي قال: كنت أنا وابن أبي العوجاء وعبد الله
بن المقفع في المسجد الحرام، فقال ابن المقفع: ترون هذا الخلق - وأومأ بيده إلى موضع
الطواف - ما منهم أحد أوجب له اسم الانسانية إلا ذلك الشيخ الجالس - يعني أبا عبد الله
جعفر بن محمد (عليهما السلام) - فأما الباقون فرعاع وبهائم. فقال له ابن أبي العوجاء: وكيف أوجبت
هذا الاسم لهذا الشيخ دون هؤلاء؟ قال: لأني رأيت عنده ما لم أره عندهم. فقال له ابن أبي
العوجاء: لا بد من اختبار ما قلت فيه منه، قال: فقال له ابن المقفع: لا تفعل، فإني أخاف أن
يفسد عليك ما في يدك، فقال: ليس ذا رأيك، ولكن تخاف أن يضعف رأيك عندي في

1. في " ل ": " الأولى ".
247

إحلالك إياه المحل الذي وصفت؟ فقال ابن المقفع: أما إذا توهمت علي هذا فقم إليه وتحفظ
ما استطعت من الزلل، ولا تثني عنانك إلى استرسال فيسلمك إلى عقال، وسمه ما لك أو
عليك. قال: فقام ابن أبي العوجاء وبقيت أنا وابن المقفع جالسين، فلما رجع إلينا ابن أبي
العوجاء قال: ويلك يا ابن المقفع، ما هذا ببشر، وإن كان في الدنيا روحاني يتجسد إذا شاء
ظاهرا ويتروح إذا شاء باطنا فهو هذا. فقال له: وكيف ذلك؟ قال: جلست إليه،

1. في " خ، ل، م ": " تمسك ".
2. في " خ، ل ": " تمسك ".
3. في " خ، ل ": " وما عليك "؛ وفي الكافي المطبوع: " أو عليك ".
4. في " ل ": " وإعطائه ".
248

فلما لم يبق عنده غيري ابتدأني فقال: " إن يكن الأمر على ما يقول هؤلاء، وهو على ما
يقولون - يعني أهل الطواف - فقد سلموا وعطبتم، وإن يكن الأمر على ما تقولون - وليس
كما تقولون - فقد استويتم وهم ".
فقلت له: يرحمك الله وأي شيء نقول، وأي شيء يقولون؟ ما قولي وقولهم إلا واحد.
فقال: " وكيف يكون قولك وقولهم واحدا، وهم يقولون: إن لهم معادا وثوابا وعقابا، ويدينون
بأن في السماء إلها وأنها عمران، وأنتم تزعمون أن السماء خراب ليس فيها أحد؟! ".
قال: فاغتنمتها منه، فقلت له: ما منعه - إن كان الأمر كما يقولون - أن يظهر لخلقه
ويدعوهم إلى عبادته حتى لا يختلف منهم اثنان؟ ولم احتجب عنهم وأرسل إليهم الرسل؟
ولو باشرهم بنفسه كان أقرب إلى الإيمان به. فقال لي: " ويلك وكيف احتجب عنك من
أراك قدرته في نفسك: نشوءك ولم تكن، وكبرك بعد صغرك، وقوتك بعد ضعفك،

1. في " ل ": " خفي ".
249

وضعفك بعد قوتك، وسقمك بعد صحتك، وصحتك بعد سقمك، ورضاك بعد غضبك،
وغضبك بعد رضاك، وحزنك بعد فرحك، وفرحك بعد حزنك، وحبك بعد بغضك،
وبغضك بعد حبك، وعزمك بعد أناتك، وأناتك بعد عزمك، وشهوتك بعد كراهتك،
وكراهتك بعد شهوتك، ورغبتك بعد رهبتك، ورهبتك بعد رغبتك، ورجاءك بعد يأسك،

1. في " خ، ل ": " لظهور ".
2. في " خ ": + " من ".
3. في " ل ": " بعض من ".
250

ويأسك بعد رجائك، وخاطرك بما لم يكن في وهمك، وعزوب ما أنت معتقده عن
ذهنك ". وما زال يعدد علي قدرته التي هي في نفسي التي لا أدفعها حتى ظننت أنه
سيظهر فيما بيني وبينه.

1. في " خ، ل، م ": " الترجيح ".
251

* عنه، عن بعض أصحابنا، رفعه، وزاد في حديث ابن أبي العوجاء حين سأله أبو
عبد الله (عليه السلام) قال: عاد ابن أبي العوجاء في اليوم الثاني إلى مجلس أبي عبد الله (عليه السلام) فجلس وهو
ساكت لا ينطق، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " كأنك جئت تعيد بعض ما كنا فيه؟ " فقال: أردت ذلك
يا ابن رسول الله. فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): " ما أعجب هذا، تنكر الله وتشهد أني ابن رسول
الله! ". فقال: العادة تحملني على ذلك. فقال له العالم (عليه السلام): " فما يمنعك من الكلام؟ " قال:
إجلالا لك ومهابة ما ينطلق لساني بين يديك، فإني شاهدت العلماء وناظرت المتكلمين
فما تداخلني هيبة قط مثل ما تداخلني من هيبتك، قال: " يكون ذلك، ولكن أفتح عليك
بسؤال " وأقبل عليه، فقال له: " أمصنوع أنت أو غير مصنوع؟ " فقال عبد الكريم بن أبي
العوجاء: بل أنا غير مصنوع، فقال له العالم (عليه السلام): " فصف لي لو كنت مصنوعا كيف كنت
تكون؟ " فبقي عبد الكريم مليا لا يحير جوابا، وولع بخشبة كانت بين يديه، وهو يقول:
طويل، عريض، عميق، قصير، متحرك، ساكن، كل ذلك صفة خلقه، فقال له العالم: " فإن
كنت لم تعلم صفة الصنعة غيرها، فاجعل نفسك مصنوعا لما تجد في نفسك مما يحدث من
هذه الأمور ".
فقال له عبد الكريم: سألتني عن مسألة لم يسألني عنها أحد قبلك، ولا يسألني أحد
بعدك عن مثلها، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " هبك علمت أنك لم تسأل فيما مضى، فما علمك
أنك لا تسأل فيما بعد، على أنك يا عبد الكريم نقضت قولك؛ لأنك تزعم أن الأشياء من
الأول سواء، فكيف قدمت وأخرت؟! ". ثم قال: " يا عبد الكريم، أزيدك وضوحا: أرأيت لو
كان معك كيس فيه جواهر، فقال لك قائل: هل في الكيس دينار؟ فنفيت كون الدينار في
الكيس، فقال لك صف لي الدينار وكنت غير عالم بصفته، هل كان لك أن تنفي كون الدينار
عن الكيس وأنت لا تعلم؟ " قال: لا، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " فالعالم أكبر وأطول وأعرض
من الكيس، فلعل في العالم صنعة من حيث لا تعلم صفة الصنعة من غير الصنعة ". فانقطع
عبد الكريم، وأجاب إلى الإسلام بعض أصحابه، وبقي معه بعض.
فعاد في اليوم الثالث، فقال: أقلب السؤال، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): " سل عما شئت ".
فقال: ما الدليل على حدث الأجسام؟ فقال: " إني ما وجدت شيئا صغيرا ولا كبيرا إلا وإذا
252

ضم إليه مثله صار أكبر، وفي ذلك زوال وانتقال عن الحالة الأولى، ولو كان قديما ما زال
ولا حال؛ لأن الذي يزول ويحول يجوز أن يوجد ويبطل فيكون بوجوده بعد عدمه دخول
في الحدث، وفي كونه في الأزل دخوله في العدم، ولن تجتمع صفة الأزل والعدم
والحدوث والقدم في شيء واحد ".
فقال عبد الكريم: هبك علمت في جري الحالتين والزمانين على ما ذكرت واستدللت
بذلك على حدوثها، فلو بقيت الأشياء على صغرها من أين كان لك أن تستدل على
حدوثهن؟ فقال العالم (عليه السلام): " إنما نتكلم على هذا العالم الموضوع، فلو رفعناه ووضعنا عالما
آخر كان لا شيء أدل على الحدث من رفعنا إياه ووضعنا غيره، ولكن أجيبك من حيث
قدرت أن تلزمنا، فنقول: إن الأشياء لو دامت على صغرها لكان في الوهم أنه متى ضم
شيء إلى مثله كان أكبر، وفي جواز التغيير عليه خروجه من القدم، كما أن في تغييره دخوله
في الحدث ليس لك وراءه شيء يا عبد الكريم " فانقطع وخزي.
فلما كان من العام القابل التقى معه في الحرم، فقال له بعض شيعته: إن ابن أبي العوجاء
قد أسلم، فقال العالم (عليه السلام): " هو أعمى من ذلك لا يسلم ". فلما بصر بالعالم قال: سيدي
ومولاي، فقال له العالم (عليه السلام): " ما جاء بك إلى هذا الموضع؟ " فقال: عادة الجسد، وسنة
البلد، ولننظر ما الناس فيه من الجنون والحلق ورمي الحجارة؟ فقال له العالم (عليه السلام): " أنت
بعد على عتوك وضلالك يا عبد الكريم ". فذهب يتكلم، فقال له (عليه السلام): " لا جدال في الحج "
ونفض رداءه من يده وقال: " إن يكن الأمر كما تقول وليس كما تقول، نجونا ونجوت، وإن
يكن الأمر كما نقول وهو كما نقول، نجونا وهلكت ". فأقبل عبد الكريم على من معه، فقال:
وجدت في قلبي حزازة فردوني، فردوه، فمات لا رحمه الله.
3. حدثني محمد بن جعفر الأسدي، عن محمد بن إسماعيل البرمكي الرازي، عن
الحسين بن الحسن بن برد الدينوري، عن محمد بن علي، عن محمد بن عبد الله الخراساني
خادم الرضا (عليه السلام) قال: دخل رجل من الزنادقة على أبي الحسن (عليه السلام) وعنده جماعة. فقال
أبو الحسن (عليه السلام): " أيها الرجل، أرأيت إن كان القول قولكم، وليس هو كما تقولون، ألسنا
وإياكم شرعا سواء، لا يضرنا ما صلينا وصمنا وزكينا وأقررنا؟ ". فسكت الرجل، ثم
253

قال أبو الحسن (عليه السلام): " وإن كان القول قولنا، وهو قولنا، ألستم قد هلكتم ونجونا؟ ".
فقال: رحمك الله، أوجدني كيف هو؟ وأين هو؟ فقال: " ويلك، إن الذي ذهبت إليه
غلط، هو أين الأين بلا أين، وكيف الكيف بلا كيف، فلا يعرف بالكيفوفية ولا بأينونية،

1. في حاشية " ت ": أي وإن لم يكن في ظنه دليل العدم، لكن يكون دليل عدم ربوبيته؛ لأنه حينئذ يكون موجودا
ضعيفا كما كان في بعض الأعراض كالإضافة.
2. في حاشية " ت، م ": البيان الأول لأدنى النفوس وأقربها من الطبائع المادية، والثاني للمتوسط، والثالث
لأعلاها وأرفعها عن الطبائع المقارنة وأحراها بمعرفة خواص الوجود الواجب لذاته (منه دام ظله العالي).
3. أي فعلية الوجود وقابليته.
254

ولا يدرك بحاسة، ولا يقاس بشيء ".
فقال الرجل: فإذا إنه لا شيء إذا لم يدرك بحاسة من الحواس؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام):
" ويلك، لما عجزت حواسك عن إدراكه أنكرت ربوبيته ونحن إذا عجزت حواسنا عن

1. في " خ، ل " والكافي المطبوع: " فقال ".
255

إدراكه أيقنا أنه ربنا، بخلاف شيء من الأشياء ".
قال الرجل: فأخبرني متى كان؟ قال أبو الحسن (عليه السلام): " أخبرني متى لم يكن فأخبرك
متى كان ".
قال الرجل: فما الدليل عليه؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): " إني لما نظرت إلى جسدي ولم يمكني
فيه زيادة ولا نقصان في العرض والطول، ودفع المكاره عنه، وجر المنفعة إليه، علمت أن

1. التوحيد، ص 250، باب الرد على الثنوية والزنادقة، خ 3.
2. هذه العبارة موجودة في الكافي المطبوع وأيضا في بعض نسخ الكافي.
256

لهذا البنيان بانيا، فأقررت به، مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته، وإنشاء السحاب،
وتصريف الرياح، ومجرى الشمس والقمر والنجوم، وغير ذلك من الآيات العجيبات
المبينات، علمت أن لهذا مقدرا ومنشئا ".
4. علي بن إبراهيم، عن محمد بن إسحاق الخفاف أو عن أبيه، عن محمد بن
إسحاق، قال: إن عبد الله الديصاني سأل هشام بن الحكم، فقال له: ألك رب؟ فقال: بلى،
قال أقادر هو؟ قال: نعم قادر قاهر، قال: يقدر أن يدخل الدنيا كلها البيضة لا تكبر

1. في حاشية " ت ": قيد الصفات بالذاتية لأنها مقابلة للإضافية، والتغير في الإضافية لا تستلزم التغير في
موصوفها كما في المجردات أو غيرها.
2. في حاشية " ت، ل، م ": لهذه الرواية تتمة أوردها ابن بابويه في التوحيد (منه دام ظله العالي).
3. في " ل ": " المتسعة ".
4. " على " متعلقة بقوله: " استدلال ".
257

البيضة ولا تصغر الدنيا؟ قال هشام: النظرة، فقال له: قد أنظرتك حولا. ثم خرج عنه،

1. في حاشية " ت، م ": والملخص أن توهم الاستحالة لحصول الضدين في محل واحد أو اتصافه بالضدين ساقط
لحصول الصورة الكبيرة في المادة الخالية في نفسها عن المقدار بحسب مرتبتها في نفسها وحصول مقدار فيها
بحسب تقومها بصورتها، فلم يحصلا لمحل واحد حقيقة ولعدم ترتب الاتصاف على الوجود الظلي، فلم يلزم
الاتصاف بالضدين (منه دام ظله العالي).
2. في حاشية " ت، م ": هذه الروايات الثلاث أوردها الشيخ أبو جعفر ابن بابويه في كتاب التوحيد بإسناده
(منه دام ظله العالي). راجع: التوحيد، ص 125، باب القدرة، ح 1 و 4؛ وص 250، باب الرد على الثنوية
والزنادقة، ح 3.
258



1. التوحيد، ص 130، باب القدرة، ح 11؛ وعنه في بحار الأنوار، ج 4، ص 143، باب القدرة والإرادة، ح 12.
2. في " ل ": " إليه العجز ".
3. التوحيد، ص 130، باب القدرة، ح 9؛ وعنه في بحار الأنوار، ج 4، ص 143، باب القدرة والإرادة، ح 10.
4. في " خ ": " لا يصغر ".
5. التوحيد، ص 130، باب القدرة، ح 10؛ ومثله في التوحيد، ص 127، ح 5؛ وعنه في بحار الأنوار، ج 4،
ص 143، باب القدرة والإرادة، ح 11.
259

فركب هشام إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فاستأذن عليه، فأذن له، فقال له: يا ابن رسول الله، أتاني
عبد الله الديصاني بمسألة ليس المعول فيها إلا على الله وعليك. فقال له أبو عبد الله (عليه السلام):
" عما ذا سألك؟ " فقال: قال لي: كيت وكيت، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " يا هشام، كم حواسك؟
قال خمس، قال: " أيها أصغر؟ " قال: الناظر، قال: " وكم قدر الناظر " قال: مثل العدسة أو
أقل منها، فقال له: " يا هشام، فانظر أمامك وفوقك وأخبرني بما ترى " فقال: أرى سماء
وأرضا ودورا وقصورا وبراري وجبالا وأنهارا، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): " إن الذي قدر أن
يدخل الذي تراه العدسة أو أقل منها قادر أن يدخل الدنيا كلها البيضة، لا تصغر الدنيا ولا
تكبر البيضة " فأكب هشام عليه وقبل يديه ورأسه ورجليه، وقال: حسبي يا ابن رسول الله،
وانصرف إلى منزله؛ وغدا عليه الديصاني، فقال له: يا هشام، إني جئتك مسلما ولم أجئك
متقاضيا للجواب، فقال له هشام: إن كنت جئت متقاضيا فهاك الجواب، فخرج الديصاني
عنه حتى أتى باب أبي عبد الله (عليه السلام) فاستأذن عليه، فأذن له، فلما قعد قال له: يا جعفر بن
محمد، دلني على معبودي فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): " ما اسمك؟ " فخرج عنه ولم يخبره
باسمه، فقال له أصحابه: كيف لم تخبره باسمك؟ قال: لو كنت قلت له: عبد الله، كان يقول:
من هذا الذي أنت له عبد، فقالوا: له عد إليه وقل له: يدلك على معبودك ولا يسألك عن
اسمك، فرجع إليه، فقال له: يا جعفر بن محمد، دلني على معبودي ولا تسألني عن اسمي
فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): " اجلس " وإذا غلام له صغير في كفه بيضة يلعب بها، فقال له
أبو عبد الله (عليه السلام): " ناولني يا غلام البيضة " فناوله إياها فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): " يا ديصاني:
هذا حصن مكنون له جلد غليظ، وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق، وتحت الجلد
260

الرقيق ذهبة مائعة وفضة ذائبة، فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضة الذائبة، ولا الفضة الذائبة

1. في " ل ": " طبيعته ".
2. في " خ ": " من ".
3. في " ل ": " يدل ". وهذا خبر " أن " في قوله: " أن ما في البيضة ".
4. في " ل ": " تنبه ".
261

تختلط بالذهبة المائعة، فهي على حالها لم يخرج منها خارج مصلح فيخبر عن صلاحها،
ولا دخل فيها مفسد فيخبر عن فسادها، لا يدرى للذكر خلقت، أم للأنثى، تنفلق عن مثل
ألوان الطواويس، أترى لها مدبرا؟ " قال: فأطرق مليا، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله

1. في التوحيد للصدوق: " نستدل ".
2. في " ل ": " بيضة ".
3. في التوحيد وروضة الواعظين: " لطيف ".
4. في التوحيد: " الرويات ".
5. التوحيد، ص 293، باب إثبات حدوث العالم، ح 1؛ الإرشاد، ج 2، ص 201؛ إعلام الورى، ص 290، الفصل
الرابع في ذكر طرف من مناقبه، روضة الواعظين، ج 1، ص 22، باب الكلام في فساد التقليد. وفي حاشية " ت،
ل، م ": رواه الصدوق ابن بابويه في كتاب التوحيد بإسناده (منه دام ظله العالي).
262

وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله وأنك إمام وحجة من الله على خلقه، وأنا
تائب مما كنت فيه.
5. علي بن إبراهيم عن أبيه، عن عباس بن عمرو الفقيمي، عن هشام بن الحكم
في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبد الله (عليه السلام) وكان من قول أبي عبد الله (عليه السلام): " لا يخلو
قولك إنهما اثنان من أن يكونا قديمين قويين، أو يكونا ضعيفين، أو يكون أحدهما
قويا والآخر ضعيفا، فإن كانا قويين فلم لا يدفع كل واحد منهما صاحبه ويتفرد
بالتدبير، وإن زعمت أن أحدهما قوي والآخر ضعيف ثبت أنه واحد كما نقول؛ للعجز
الظاهر في الثاني، فإن قلت: إنهما اثنان، لم يخل من أن يكونا متفقين من كل جهة،

1. أي انفراده.
2. في الكافي المطبوع: " وإن ".
263

أو مفترقين من كل جهة، فلما رأينا الخلق منتظما، والفلك جاريا، والتدبير واحدا، والليل
والنهار والشمس والقمر، دل صحة الأمر والتدبير وائتلاف الأمر على أن المدبر واحد، ثم
يلزمك إن ادعيت اثنين فرجة ما بينهما حتى يكونا اثنين، فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديما

1. في الكافي المطبوع: " لم يخل ".
2. في حاشية " خ ": لا يخفى ما فيه، فإن المبدءان لو كانا متفقين من كل جهة، لم يكونا اثنين، فيكفي في إبطاله أن
يقال: هذا خلف، ولا يحتاج فيه إلى مقدمة زائدة (لراقمه خليل).
264

معهما، فيلزمك ثلاثة، فإن ادعيت ثلاثة لزمك ما قلت في الاثنين حتى تكون بينهم فرجة،
فيكونوا خمسة، ثم يتناهى في العدد إلى ما لا نهاية له في الكثرة ".

1. في حاشية " خ ": والحاصل أن ضمير " يتناهى " إما راجع إلى الكلام، فيكون المعنى أن الكلام والقول ينتهي
إلى القول بما لا نهاية له. وإما راجع إلى عدد المبادي، أي ينتهي عدد المبادي إلى ما لا نهاية له، أي إلى غير
المتناهي. وإما راجع إلى المعدود، أي ينتهي المعدود إلى كثرة لا واحد له (لراقمه خليل).
2. في حاشية " ت ": والحاصل أن كل عدد ينتهي إلى واحد، وهذا المعدود لا ينتهي إليه، بل كل ما فرض اثنين
يلزم أن يكون ثلاثة، وهكذا إلى غير النهاية.
3. في حاشية " ت ": لا يقال: ما ذكرته من ثالث الاحتمالات معتبر في الأولين والثالث؛ لأن الكلام ينجر منه
إليها، فكيف يعتبر انضمامه مع أنه منضم في نفس الأمر. قلت: هذا حل الحديث على طريق البرهان، ويمكن أن
يحل بطريق الجدل، فيكون الأولين جدليا، والثالث برهانيا.
265

قال هشام: فكان من سؤال الزنديق أن قال: فما الدليل عليه؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " وجود
الأفاعيل دلت على أن صانعا صنعها، ألا ترى أنك إذا نظرت إلى بناء مشيد مبني، علمت أن
له بانيا، وإن كنت لم تر الباني ولم تشاهده ". قال: فما هو؟ قال: " شيء

1. في حاشية " ت ": وإن كان ينتزع منه الشيئية بحسب المفهوم؛ لأن ذاته عين الشيئية ومناط انتزاعها منه، فلا
يكون انتزاعها بعنوان التجرد.
2. أي: تتجرد.
266

بخلاف الأشياء، ارجع بقولي إلى إثبات معنى وأنه شيء بحقيقة الشيئية، غير أنه
لا جسم ولا صورة، ولا يحس ولا يجس، ولا يدرك بالحواس الخمس، لا تدركه

1. في حاشية " ت ": أي ذاته محقق الشيئية ومناطها، بخلاف الممكنات، فإن الشيئية الزائدة على ذاتها تكون
محققة الشيئية ومناطها، وإطلاق الموصوف والصفة والاتصاف وانتسابها إلى المبدأ على سبيل التجوز.
2. في حاشية " ت ": تخصيص الموجود العيني بالذكر للإشارة إلى بطلان ما ذهب إليه جماعة من إنكار الوجود
الذهني، وإلا فيفهم من قوله: " والشيء مساو للموجود إذا أخذ " أعميته من كل الموجود الذهني والعيني؛ فافهم.
3. في " خ، ل ": " بعقولنا ".
4. في " ل ": - " التي ".
5. في " خ، ل ": " للصورة والصورة ".
267

الأوهام، ولا تنقصه الدهور، ولا تغيره الأزمان ".

1. في حاشية " ت، م ": قال أرسطو طاليس: إن أفاضل الفلاسفة ذكروا أن النفس في الجرم إنما هي بمنزلة صورة
بها تكون الجسم متنفسا، كما أن الهيولى بالصورة تكون جسما، انتهى. وقال أيضا: والعقل الذي هو السيد
يوجد في النفس كثيرا، والنفس متصلة به، إلا أن تتعدى حدودها وتريد مفارقتها، فإذا فارقته كان ذلك موتها
وفسادها، فإذا اتصلت به حتى يصيرا كأنهما شيء واحد حيت بحياة دائمة (منه دام ظله العالي).
2. آل عمران (3): 52.
3. مريم (19): 98.
4. في " ل، م ": + " كما في بعض النسخ ".
5. في حاشية " خ ": الظاهر أن المراد بما هو واقع في الدهر النفوس المجردة عن المادة في ذواتها المفتقرة إليها
في أفعالها. والمراد بما هو واقع في الزمان الحركة والسكون، وما لا يخلو وجوده عن الحركة والسكون أي
الأجسام. فكل نفس وإن كانت ثابتة من حيث الذات لكنها من حيث استكمالها بأفعالها لا محالة قد تخلو قبل
الفعل عما يقبله ويستحقه بعد الفعل، أو يتصف قبل الفعل بما يتوقع زواله بعد الفعل. فهذا أيضا نوع من التغير
يجب تنزيه الرب عنه. وأما التنزه عن الحركة والسكون اللذين هما شأن الزمانيات فهو أبين من أن يحتاج إلى
البيان (لراقمه خليل).
6. في حاشية " ت ": نسبة الفلك مثلا إلى أوضاعها " دهر ". ونسبة أحد الأوضاع إلى الآخر " زمان ". ونسبة
أحد العقول إلى الآخر " سرمد " ونسبة أحد العقول إلى معلولاته الحادثة أيضا " دهر ".
268

6. محمد بن يعقوب، قال: حدثني عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي،
عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن داود بن فرقد، عن أبي سعيد الزهري،
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " كفى لأولي الألباب - بخلق الرب المسخر، وملك الرب

1. في " خ ": " للتغير ".
269

القاهر، وجلال الرب الظاهر، ونور الرب الباهر، وبرهان الرب الصادق، وما أنطق به ألسن
العباد، وما أرسل به الرسل، وما أنزل على العباد - دليلا على الرب ".
270

باب إطلاق القول بأنه شيء
1. محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن
أبي نجران، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن التوحيد، فقلت: أتوهم شيئا؟ فقال: " نعم، غير
معقول ولا محدود، فما وقع وهمك عليه من شيء فهو خلافه، لا يشبهه شيء ولا تدركه
الأوهام، كيف تدركه الأوهام وهو خلاف ما يعقل، وخلاف ما يتصور في الأوهام؟! إنما
يتوهم شيء غير معقول ولا محدود ".
2. محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن الحسين بن الحسن، عن بكر
بن صالح، عن الحسين بن سعيد، قال: سئل أبو جعفر الثاني (عليه السلام): يجوز أن يقال لله: إنه
شيء؟ قال: " نعم، يخرجه من الحدين: حد التعطيل، وحد التشبيه ".

1. في " ل، م ": " أأدركه ".
2. في " ل ": - " نعم ".
3. في حاشية " ل ": " الحسية ".
271

3. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي المغراء، رفعه، عن
أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: " إن الله خلو من خلقه، وخلقه خلو منه، وكل ما وقع عليه اسم شيء
فهو مخلوق ما خلا الله ".

1. في حاشية " ت ": والصفات الفعلية أعم من الإضافية المحضة؛ لأن القبلية والبعدية في الواجب إضافة محضة،
بخلاف الخالقية والرازقية فإنهما مع فعل.
2. في " خ، ل ": + " ولا يتقوم به ".
3. في حاشية " ت، م ": وتقومه بمخلوقه اللازم على تقدير كون غيره جزءا له، أو كونه صفة لغيره ظاهر
الاستحالة، غني عن البيان. وباستحالة اتصافه بمخلوقه يظهر استحالة جزئيته لغيره المستلزمة * للاتصاف
بغيره أو التقوم به. ففيما في الشرح كفاية للفطن (منه دام ظله العالي).
* واللازم أحد الأمرين، أي الاتصاف بغيره، أو التقوم به. أما لزوم الاتصاف بغيره، فإما باعتبار حلول الثالث
فيهما، والمراد بالغير في هذه الصورة الثالث؛ وإما باعتبار حلول الغير فيه؛ لأن جهة الاتحاد لا تحصل بين
جزءين مثلا إلا بحلول أحدهما في الآخر أو الثالث فيهما، فتدبر. وأما لزوم التقوم به، أي بالغير فباعتبار حلوله
في الغير، فافهم (سمع مضمونه).
4. في حاشية " ت، م ": فإن كل استكمال خروج من قوة وعدم إلى الوجود وفعلية. وفي مثل ذلك التبيان لمن
يستأهله فوق الكفاية، والعادل إلى الأصرح ظالم الحكمة بسوء الرعاية (منه دام ظله العالي).
5. في " ل ": " أو للأتم "؛ وفي " خ ": " والأتم ".
272

4. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن النضر بن
سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن زرارة بن أعين، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)
يقول: " إن الله خلو من خلقه وخلقه خلو منه، وكل ما وقع عليه اسم شيء ما خلا الله فهو
مخلوق، والله خالق كل شيء، تبارك الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ".
273

5. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير. عن علي بن عطية، عن خيثمة، عن
أبي جعفر (عليه السلام) قال: " إن الله خلو من خلقه، وخلقه خلو منه، وكل ما وقع عليه اسم شيء ما
خلا الله تعالى، فهو مخلوق، والله خالق كل شيء ".
6. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن العباس بن عمرو الفقيمي، عن هشام بن الحكم عن
أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال للزنديق حين سأله: ما هو؟ قال: " هو شيء بخلاف الأشياء، ارجع بقولي
إلى إثبات معنى، وأنه شيء بحقيقة الشيئية غير أنه لا جسم ولا صورة، ولا يحس ولا يجس،
ولا يدرك بالحواس الخمس، لا تدركه الأوهام ولا تنقصه الدهور، ولا تغيره الأزمان ".
فقال له السائل: فتقول: إنه سميع بصير؟ قال: " هو سميع بصير: سميع بغير جارحة،
وبصير بغير آلة، بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه؛ ليس قولي: إنه سميع يسمع بنفسه وبصير
يبصر بنفسه أنه شيء والنفس شيء آخر، ولكن أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسؤولا،
وإفهاما لك إذ كنت سائلا، فأقول: إنه سميع بكله لا أن الكل منه له بعض، ولكني أردت
إفهامك، والتعبير عن نفسي، وليس مرجعي في ذلك إلا إلى أنه السميع البصير العالم
الخبير، بلا اختلاف الذات ولا اختلاف المعنى ".

1. في " ت، ل ": " في ذلك مرجعي ".
274

قال له السائل: فما هو؟ قال أبو عبد الله: " هو الرب، وهو المعبود، وهو الله، وليس
قولي: " الله " إثبات هذه الحروف: ألف ولام وهاء، ولا راء، ولا باء ولكن ارجع إلى معنى
وشئ خالق الأشياء وصانعها ونعت هذه الحروف، وهو المعنى سمي به الله والرحمن
والرحيم والعزيز وأشباه ذلك من أسمائه، وهو المعبود جل وعز.

1. في " خ ": " المبصر ".
2. في " ل ": " كما سبق ".
3. في الكافي المطبوع: " هو ".
275

قال له السائل: فإنا لم نجد موهوما إلا مخلوقا، قال أبو عبد الله (عليه السلام): " لو كان ذلك كما
تقول لكان التوحيد عنا مرتفعا؛ لأنا لم نكلف غير موهوم، ولكنا نقول: كل موهوم بالحواس

1. في " ل ": " بالوهم ".
2. في حاشية " ت، م ": وفي بعض النسخ: " لم نكلف " (منه). وفي الكافي المطبوع: " لم نكلف ".
3. في " ل ": " يدرك ".
4. في " ل ": " التمثيل ".
276

مدرك بها، تحده الحواس وتمثله، فهو مخلوق؛ إذ كان النفي هو الإبطال والعدم. والجهة
الثانية: التشبيه؛ إذ كان التشبيه هو صفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف، فلم يكن بد من
إثبات الصانع لوجود المصنوعين والاضطرار إليهم أنهم مصنوعون، وأن صانعهم غيرهم
وليس مثلهم؛ إذ كان مثلهم شبيها بهم في ظاهر التركيب والتأليف وفيما يجري عليهم من
حدوثهم بعد إذ لم يكونوا، وتنقلهم من صغر إلى كبر، وسواد إلى بياض، وقوة إلى ضعف،
وأحوال موجودة لا حاجة بنا إلى تفسيرها لبيانها ووجودها ".
قال له السائل: فقد حددته إذ أثبت وجوده، قال أبو عبد الله (عليه السلام): " لم أحده ولكني أثبته
277

إذ لم يكن بين النفي والإثبات منزلة ".
قال له السائل: فله إنية ومائية؟ قال: " نعم، لا يثبت الشيء إلا بانية ومائية ".

1. في حاشية " ت ": في قوله: " ولكني أثبته " إشعار إلى أن الثبوت محمول مرتبط بنفسه إلى الموضوع، لا بثبوت
آخر رابط للمحمول إلى الموضوع ردا على السائل فيما كان كلامه مشعرا به من ارتباط الوجود والثبوت
بثبوت آخر (منه مد ظله العالي).
2. في " خ، ل " والكافي المطبوع: - " و ".
3. في " خ، ل، م ": " ولا يثبت ".
4. في حاشية " ت، م ": وهاهنا نكتة ينبغي التنبيه لها، وهي أن الموجودية بمصحح الانتزاع، لا بالمنتزع،
لكن الإثبات والحكم لصحة الانتزاع إنما يتم بملاحظة المنتزع، فلا يلزم من زيادة المنتزع تحديده به، كما
قال (عليه السلام): " لم أحده ولكني أثبته " أي بملاحظة المنتزع حكمت بأنه ليس بمنتف، فيكون ثابتا إذ لا منزلة
بينهما. وفي الحديث إشعار بكون الثبوت وجودا باشتراك معنى الإنية والوجود بين الأشياء، كما هو
التحقيق (منه رحمه الله تعالى).
278

قال له السائل: فله كيفية؟ قال: " لا، لأن الكيفية جهة الصفة والإحاطة، ولكن لا بد من
الخروج من جهة التعطيل والتشبيه؛ لأن من نفاه فقد أنكره ودفع ربوبيته وأبطله، ومن شبه
بغيره فقد أثبته بصفة المخلوقين المصنوعين الذين لا يستحقون الربوبية، ولكن لا بد من
إثبات أن له كيفية لا يستحقها غيره، ولا يشارك فيها ولا يحاط بها، ولا يعلمها غيره ".

1. في " خ، ل، م ": " ففعليته "؛ وفي حاشية " ت ": " ففعلية ".
279

قال السائل: فيعاني الأشياء بنفسه؟ قال أبو عبد الله (عليه السلام): " هو أجل من أن يعاني الأشياء
بمباشرة ومعالجة؛ لأن ذلك صفة المخلوق الذي لا تجيء الأشياء له إلا بالمباشرة
والمعالجة، وهو متعال نافذ الإرادة والمشيئة، فعال لما يشاء ".

1. في " خ، ل ": " التنبيه ".
2. قوله: " فيه " متعلق بقوله: " استعمل ".
3. في " ل ": " معاشرته ".
4. في حاشية " ل ": " يصالحها ".
280

7. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن عيسى، عمن
ذكره قال: سئل أبو جعفر (عليه السلام): أيجوز أن يقال: إن الله شيء؟ قال: " نعم، يخرجه من
الحدين: حد التعطيل وحد التشبيه ".
باب أنه لا يعرف إلا به
1. علي بن محمد، عمن ذكره، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن حمران،
عن الفضل بن السكن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " اعرفوا الله بالله،
والرسول بالرسالة، وأولي الأمر بالأمر بالمعروف والعدل والإحسان ".
ومعنى قوله (عليه السلام): " اعرفوا الله بالله " يعني أن الله خلق الأشخاص والأنوار والجواهر
281



1. في حاشية " ت، م ": قوله تعالى: (والذين اتبعوهم بإحسان) [التوبة (9): 100] أي باستقامة وسلوك للطريق
الذي درج عليه السابقون؛ غريبين (منه).
2. في " خ ": " من ".
3. في " خ ": " الرسول ".
282

والأعيان؛ فالأعيان: الأبدان، والجواهر: الأرواح، وهو جل وعز لا يشبه جسما ولا روحا،
وليس لأحد في خلق الروح الحساس الدراك أمر ولا سبب، هو المتفرد بخلق الأرواح
والأجسام، فإذا نفى عنه الشبهين - شبه الأبدان، وشبه الأرواح - فقد عرف الله بالله، وإذا
شبهه بالروح أو البدن أو النور فلم يعرف الله بالله.
2. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن علي بن
عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ربيحة مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام): بم
عرفت ربك؟ قال: " بما عرفني نفسه ". قيل: وكيف عرفك نفسه؟ قال: " لا يشبهه صورة،
ولا يحس بالحواس، ولا يقاس بالناس، قريب في بعده، بعيد في قربه، فوق كل شيء ولا

1. التوحيد، ص 290، باب أنه عز وجل لا يعرف إلا به، ذيل ح 10.
2. في " خ ": " فإن المعرفة ".
3. في حاشية " ل ": " زنيحة ".
283

يقال: شي فوقه، أمام كل شيء ولا يقال: له أمام، داخل في الأشياء، لا كشئ داخل

1. في " ل ": " يحد ".
284

في شيء، وخارج من الأشياء، لا كشئ خارج من شيء، سبحان من هو هكذا ولا هكذا
غيره، ولكل شيء مبتدأ ".
3. محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن
حازم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إني ناظرت قوما فقلت لهم: إن الله - جل جلاله - أجل
وأعز وأكرم من أن يعرف بخلقه، بل العباد يعرفون بالله، فقال: " رحمك الله ".

1. في " خ ": " عن ".
2. في الكافي المطبوع: - " هو ".
3. في " ل ": " مبدأ ".
4. في " خ ": + " من ".
285

باب أدنى المعرفة
1. محمد بن الحسن، عن عبد الله بن الحسن العلوي؛ وعلي بن إبراهيم، عن المختار
بن محمد بن المختار الهمداني جميعا، عن الفتح بن يزيد، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سألته
عن أدنى المعرفة، فقال: " الإقرار بأنه لا إله غيره، ولا شبه له ولا نظير، وأنه قديم مثبت

1. في حاشية " ت ": لأن الله تعالى خلق نفس الإنسانية بحالة تدرك بها المقدمات لمعرفة الواجب من غير أن
يلتفت إلى الخلق أو المخلوقية، مثلا كإدراكها بمعنى الإمكان، وينتقل منه إلى الواجب؛ فتدبر.
2. في حاشية " ت ": أي يستدلون بكون وجود المطلق على وجود الخاص للواجب، وبالوجود الخاص على
الصفات الكمالية، وبالصفات الكمالية على وجود الممكنات.
286

موجود، غير فقيد، وأنه ليس كمثله شيء ".

1. في حاشية " ت ": والحاصل أن الإنسان يدرك شيئا بشرط أن يكون قريبا منه بقرب خاص، فإذا تجاوز عن
ذلك الحد في جانب القرب فلا يدركه، كما في المبصرات، فإنها مشروط في الرؤية بقرب خاص، وكذلك في
المعقولات، وكذا مشروط في جانب الظهور بمرتبة خاصة؛ فافهم.
2. في حاشية " ت ": رواه ابن بابويه بإسناده في التوحيد عن ابن عباس (منه دام ظله العالي).
3. التوحيد، ص 284، باب أدنى ما يجزئ من معرفة التوحيد، ح 5؛ وعنه في بحار الأنوار، ج 3، ص 296، باب
أدنى ما يجزئ من المعرفة، ح 4؛ جامع الأخبار، ص 5، الفصل الأول في معرفة الله؛ وعنه في بحار الأنوار، ج 3،
ص 14، باب ثواب الموحدين والعارفين، ح 36.
287

2. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن طاهر بن حاتم في حال استقامته أنه كتب
إلى الرجل: ما الذي لا يجتزأ في معرفة الخالق بدونه؟ فكتب إليه: " لم يزل عالما وسامعا
وبصيرا، وهو الفعال لما يريد ". وسئل أبو جعفر (عليه السلام) عن الذي لا يجتزأ بدون ذلك من
معرفة الخالق، فقال: " ليس كمثله شيء، ولا يشبهه شيء، لم يزل عالما سميعا بصيرا ".

1. رجال النجاشي، ص 208، الرقم 551؛ خلاصة الأقوال، ص 231، الرقم 2.
2. في " ل ": + " إلى ".
3. في " ل ": " وروى ".
4. في " خ، م " والتوحيد: " لا تجزئ معرفة الخالق ".
5. التوحيد، ص 284، باب أدنى ما يجزئ من معرفة التوحيد، ح 4؛ وعنه في بحار الأنوار، ج 3، ص 269، باب
أدنى ما يجزئ من المعرفة، ح 5.
6. في حاشية " ت، م ": يؤيد هذا الاحتمال عدم اشتمالها في رواية ابن بابويه على نقل قول أبي جعفر (عليه السلام) (منه
دام ظله العالي).
288

3. محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن الحسن بن علي بن يوسف بن بقاح،
عن سيف بن عميرة، عن إبراهيم بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن أمر الله كله
عجيب، إلا أنه قد احتج عليكم بما قد عرفكم من نفسه ".
باب المعبود
1. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن الحسن بن محبوب، عن ابن
رئاب، وعن غير واحد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " من عبد الله بالتوهم فقد كفر، ومن عبد
الاسم دون المعنى فقد كفر، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك، ومن عبد المعنى بإيقاع

1. في حاشية " ت ": كخلق العالم، فإنه لم يطلع عن كيفية خلقه، ولم يحتج على أحد على كيفيته ولم يكلفه.
289

الأسماء عليه بصفاته التي وصف بها نفسه، فعقد عليه قلبه، ونطق به لسانه في سرائره
وعلانيته، فأولئك أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) حقا ".
* وفي حديث آخر: " أولئك هم المؤمنون حقا ".
2. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن الحكم أنه سأل أبا
عبد الله (عليه السلام) عن أسماء الله واشتقاقها: الله مما هو مشتق؟ قال: فقال لي: " يا هشام، الله مشتق
من إله، والإله يقتضي مألوها، والاسم غير المسمى، فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر

1. في حاشية " ت ": تفسير الأول ناظر إلى أن " عبد " بمعنى " عرف "، والثاني إلى أنه بمعنى العبادة. وقوله:
" اعتقادا جازما صادقا " بالنظر إلى كل واحد منهما.
2. في الكافي المطبوع: " سرائره ".
3. في " خ ": + " اختيارا ".
4. في " خ ": " مفهوم الإلهية ".
290

ولم يعبد شيئا، ومن عبد الاسم والمعنى فقد كفر وعبد اثنين، ومن عبد المعنى دون الاسم
فذاك التوحيد؛ أفهمت يا هشام؟ "، قال: فقلت: زدني، قال: " إن لله تسعة وتسعين اسما،
فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلها، ولكن الله معنى يدل عليه بهذه الأسماء،
وكلها غيره. يا هشام، الخبز اسم للمأكول، والماء اسم للمشروب، والثوب اسم للملبوس،
والنار اسم للمحرق، أفهمت يا هشام فهما تدفع به وتناضل به أعداءنا والمتخذين مع الله
- جل وعز - غيره؟ "، قلت: نعم، قال: فقال: " نفعك الله به وثبتك يا هشام "، قال هشام:
فوالله ما قهرني أحد في التوحيد حتى قمت مقامي هذا.
3. علي بن إبراهيم، عن العباس بن معروف، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، قال:
كتبت إلى أبي جعفر (عليه السلام) أو قلت له: جعلني الله فداك، نعبد الرحمن الرحيم الواحد الأحد
الصمد؟ قال: فقال: " إن من عبد الاسم دون المسمى بالأسماء أشرك وكفر وجحد ولم يعبد
شيئا، بل أعبد الله الواحد الأحد الصمد المسمى بهذه الأسماء، دون الأسماء، إن الأسماء
صفات وصف بها نفسه ".
291

باب الكون والمكان
1. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة،
قال: سأل نافع بن الأزرق أبا جعفر (عليه السلام) فقال: أخبرني عن الله متى كان؟ فقال: " متى لم يكن
حتى أخبرك متى كان، سبحان من لم يزل ولا يزال فردا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ".
2. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر،
قال: جاء رجل إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) من وراء نهر بلخ، فقال: إني أسألك عن مسألة،
فإن أجبتني فيها بما عندي قلت بإمامتك، فقال أبو الحسن (عليه السلام): " سل عما شئت " فقال:
أخبرني عن ربك متى كان؟ وكيف كان؟ وعلى أي شيء كان اعتماده؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام):
292

" إن الله تبارك وتعالى أين الأين بلا أين، وكيف الكيف بلا كيف، وكان اعتماده على
قدرته ". فقام إليه الرجل فقبل رأسه وقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله،
وأن عليا وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) والقيم بعده بما قام به رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنكم الأئمة الصادقون،
وأنك الخلف من بعدهم.
3. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم
بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: جاء رجل إلى أبي جعفر (عليه السلام)
فقال له: أخبرني عن ربك متى كان؟ فقال: " ويلك، إنما يقال لشيء لم يكن: متى كان، إن

1. التوحيد، ص 125، باب القدرة، ح 3.
293

ربي - تبارك وتعالى - كان ولم يزل حيا بلا كيف، ولم يكن له كان، ولا كان لكونه كون
كيف، ولا كان له أين، ولا كان في شيء، ولا كان على شيء، ولا ابتدع لمكانه مكانا،

1. في " خ، ل، م ": " ينتفي ".
294

ولا قوى بعد ما كون الأشياء، ولا كان ضعيفا قبل أن يكون شيئا، ولا كان مستوحشا قبل
أن يبتدع شيئا، ولا يشبه شيئا مذكورا، ولا كان خلوا من الملك قبل إنشائه، ولا يكون

1. في " ل، م ": " ولأنه ".
2. في الكافي المطبوع: " قبل أن يكون شيئا ".
295

منه خلوا بعد ذهابه؛ لم يزل حيا بلا حياة، وملكا قادرا قبل أن ينشئ شيئا، وملكا جبارا

1. التوحيد، ص 173، باب نفي المكان والزمان، ح 2؛ وعنه في بحار الأنوار، ج 4، ص 299، باب جوامع التوحيد،
ح 28، وفيهما: " لا يشبه شيئا مكونا ".
2. كذا في النسخ والكافي المطبوع، وفي سورة مريم (19): 67 هكذا: (أو لا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم
يك شيئا)، وفي سورة يس (36): 77 هكذا: (أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين).
3. الإنسان (76): 1.
4. الكافي، ج 1، ص 147، باب البداء، ح 5.
5. في " خ ": " لذاتها ".
296

بعد إنشائه للكون، فليس لكونه كيف، ولا له أين، ولا له حد، ولا يعرف بشيء يشبهه، ولا
يهرم لطول البقاء، ولا يصعق لشيء؛ بل لخوفه تصعق الأشياء كلها، كان حيا بلا حياة
حادثة، ولا كون موصوف، ولا كيف محدود، ولا أين موقوف عليه، ولا مكان جاور شيئا،

1. في " م ": " الكون ".
297

بل حي يعرف، وملك لم يزل له القدرة والملك، أنشأ ما شاء حين شاء بمشيئته، لا يحد
ولا يبعض ولا يفنى، كان أولا بلا كيف، ويكون آخرا بلا أين، وكل شيء هالك إلا وجهه،

1. في " ل ": + " هو ".
298

له الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين. ويلك، أيها السائل، إن ربي لا تغشاه
الأوهام، ولا تنزل به الشبهات، ولا يحار، ولا يجاوزه شيء، ولا تنزل به الأحداث،

1. في حاشية " ت ": لأن ذاته غاية لإيجاد كل المخلوقات؛ لأن ذاته خير محض، والوجود خير، فيصدر الوجود
عنه لذاته، فذاته يكون غاية لإيجاده؛ لأن الغاية تكون علة لفاعلية الفاعل.
2. في " خ ": + " أو الموجودات ".
3. في " خ، ل ": " الالتباس ".
4. في الكافي المطبوع: " ولا يحار ولا يجاوزه شيء ".
299

ولا يسأل عن شيء، ولا يندم على شيء، ولا تأخذه سنة ولا نوم، له ما في السماوات
وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ".

1. في الكافي المطبوع: " ولا ينزل ".
2. في " ل ": " لما نفى عنه سبحانه أنحاء التغيرات ".
300

4. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، رفعه، قال: اجتمعت
اليهود إلى رأس الجالوت، فقالوا له: إن هذا الرجل عالم - يعنون أمير المؤمنين (عليه السلام) - فانطلق
بنا إليه نسأله، فأتوه، فقيل لهم: هو في القصر، فانتظروه حتى خرج، فقال له رأس
الجالوت: جئناك نسألك، فقال: " سل يا يهودي عما بدا لك "، فقال: أسألك عن ربك متى
كان؟ فقال: " كان بلا كينونية، كان بلا كيف، كان لم يزل بلا كم وبلا كيف، كان ليس له قبل،

1. في " ل، م ": " بالأيون ".
301

هو قبل القبل بلا قبل ولا غاية ولا منتهى، انقطعت عنه الغاية، وهو غاية كل غاية ". فقال
رأس الجالوت: امضوا بنا، فهو أعلم مما يقال فيه.
5. وبهذا الإسناد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الموصلي، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاء حبر من الأحبار إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين متى
كان ربك؟ فقال له: " ثكلتك أمك، ومتى لم يكن حتى يقال: متى كان؟ كان ربي قبل القبل
بلا قبل، وبعد البعد بلا بعد، ولا غاية ولا منتهى لغايته، انقطعت الغايات عنده، فهو منتهى
كل غاية ". فقال: يا أمير المؤمنين، أفنبي أنت؟ فقال: " ويلك، إنما أنا عبد من عبيد محمد (صلى الله عليه وآله) ".

1. كذا، والأصح: " لا بما يزيد على ذاته ".
302

* وروي أنه سئل (عليه السلام): أين كان ربنا قبل أن يخلق سماء وأرضا؟ فقال (عليه السلام): " أين سؤال
عن مكان، وكان الله ولا مكان ".
6. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن يحيى، عن
محمد بن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رأس الجالوت لليهود: إن المسلمين
يزعمون أن عليا (عليه السلام) من أجدل الناس وأعلمهم، اذهبوا بنا إليه لعلي أسأله عن مسألة
وأخطئه فيها، فأتاه، فقال: يا أمير المؤمنين، إني أريد أن أسألك عن مسألة، قال: " سل عما
شئت "، قال: يا أمير المؤمنين، متى كان ربنا؟ قال له: " يا يهودي، إنما يقال: متى كان لمن
لم يكن، فكان متى كان هو كائن بلا كينونية كائن، كان بلا كيف يكون، بلى يا يهودي،

1. في " ل، م ": " أن يسأل ".
2. في حاشية " ل ": " كينونة ".
303

ثم بلى يا يهودي، كيف يكون له قبل؟ هو قبل القبل بلا غاية، ولا منتهى غاية،

1. في " ل ": " أي ".
304

ولا غاية إليها، انقطعت الغايات عنده، هو غاية كل غاية ". فقال: أشهد أن
دينك الحق، وأن ما خالفه باطل.
7. علي بن محمد، رفعه، عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أكان الله ولا شيء؟
قال: " نعم، كان ولا شيء ". قلت: فأين كان يكون؟ قال: وكان متكئا، فاستوى جالسا
وقال: أحلت يا زرارة، وسألت عن المكان إذ لا مكان ".

1. في " ل ": " نهاية الزمان " بدل " الزمان بحده ".
2. في حاشية " ت، م ": فالأول كالحركة الحاصلة في الزمان المنطبقة عليه. والثاني كالحوادث الآنية من الوصول
والمحاذاة وغيرها، فهي بابتداء وجوداتها في طرف الزمان وحده، فالزمان منتهى إليها بحده. والثالث كالكائن
في الزمان لا آن بعينه لحدوثه، وهو موجود في كل آن يفرض في الزمان وجوده بعد طرفه من اللا وصول
واللا محاذاة وأشباهه، فهي بابتداء وجوداتها لا آن لها بعينه، وببقائها موجودة في كل آن يفرض في زمان
وجودها بعد زمانها. (منه دام ظله العالي).
305

8. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد، عن ابن أبي نصر، عن
أبي الحسن الموصلي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " أتى حبر من الأحبار
أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين متى كان ربك؟ قال: ويلك، إنما يقال: متى كان لما
لم يكن، فأما ما كان فلا يقال: متى كان، كان قبل القبل بلا قبل، وبعد البعد بلا بعد، ولا
منتهى غاية لتنتهي غايته. فقال له: أنبي أنت؟ فقال: لأمك الهبل، إنما أنا عبد من عبيد
رسول الله (صلى الله عليه وآله) ".
باب النسبة
1. أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أيوب،
عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن اليهود سألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا: انسب
لنا ربك، فلبث ثلاثا لا يجيبهم، ثم نزلت (قل هو الله أحد) إلى آخرها ".
306

* ورواه محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب.
2. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى؛ ومحمد بن الحسين، عن
ابن محبوب، عن حماد بن عمرو النصيبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألت أبا
عبد الله عن (قل هو الله أحد) فقال: " نسبة الله إلى خلقه أحدا صمدا أزليا صمديا،

1. في " ل ": " هاهنا ".
2. في " م ": " بقوله ".
3. في " خ ": + " قال ".
4. في المصدر: " تقسم ".
5. في حاشية " ت ": يعني لا يسع المقام هذا السؤال؛ لأنه (عليه السلام) مشغول بترتيب العسكر من القلب والجناح
وغير ذلك.
307



1. في " خ " والمصدر: + " به ".
2. في المصدر: " واحد ".
3. في المصدر: + " عليه ".
4. التوحيد، ص 83، باب معنى الواحد والتوحيد والموحد، ح 3؛ وعنه في بحار الأنوار، ج 3، ص 207، باب
التوحيد ونفي الشرك... ح 1؛ الخصال، ص 2، ح 1؛ معاني الأخبار، ص 5، باب معنى الواحد، ح 2.
5. في " ل ": " به ".
6. في حاشية " ل ": " مقصورا ".
7. في " خ ": " للمتفاخم ".
308

لا ظل له يمسكه، وهو يمسك الأشياء بأظلتها، عارف بالمجهول، معروف عند كل جاهل،

1. في " ل ": " الفردي ".
2. في " م ": " في الأجسام ".
3. كذا في النسخ، والأولى: " واحدة ".
4. في " خ ": " هاهنا ".
5. في " خ، ل ": " ما من ".
309

فردانيا، لا خلقه فيه، ولا هو في خلقه، غير محسوس ولا مجسوس، لا تدركه الأبصار،
علا فقرب، ودنا فبعد، وعصي فغفر، وأطيع فشكر، لا تحويه أرضه ولا تقله سماواته،

1. في الكافي المطبوع: " ولا مجسوس ".
2. في " ل ": " المحسوسية ".
3. في الكافي المطبوع: " ولا تدركه ".
4. في حاشية " ت ": أي المهيات كلها، سواء كانت مجردة أو مادية. والماديات يكون لها جهتان: جهة التجرد
وجهة المادية، واتحادها بالعقل باعتبار التجرد، وجهة التجرد في الماديات كلياتها. وجهة المادية فيها أفرادها
وأشخاصها. والمقصود من ذكر قوله: " وذلك لاتحاد... " دفع توهم أن العلم والمعرفة من أحوال الموجودات
العينية، وجهة التجرد التي يكون المادي بحسبها متحدا بالعقل تكون كلية، والكلي لا يكون موجودا عينيا. فإذا
بين أن المادي بتلك الجهة يكون متحدا بالعقل، والعقل موجود خارجي، يندفع هذا التوهم، وأما بيان كيفية
اتحادها بالعقل وتصورها، من غوامض الحكمة ومشكلاتها، لا يكون مقصودا في هذا المقام.
310

حامل الأشياء بقدرته، ديمومي أزلي، لا ينسى ولا يلهو، ولا يغلط ولا يلعب،
ولا لإرادته فصل، وفصله جزاء، وأمره واقع، لم يلد فيورث، ولم يولد فيشارك،

1. في " ل ": " فعصي ".
2. في " ل ": - " المجسوسية ".
3. في الكافي المطبوع: - " و ".
4. في الكافي المطبوع: " سماواته ".
311

ولم يكن له كفوا أحد ".

1. يس (36): 82.
2. في " ل ": " بالحقيقة ".
312

3. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد،
عن عاصم بن حميد، قال: قال: سئل علي بن الحسين (عليهما السلام) عن التوحيد فقال: " إن الله عز
وجل علم أنه يكون في آخر الزمان أقوام متعمقون، فأنزل الله تعالى (قل هو الله أحد)
والآيات من سورة الحديد إلى قوله: (وهو عليم بذات الصدور) فمن رام وراء ذلك فقد
هلك ".

1. في " خ، ل، م ": " الإنيتين ".
2. في " خ ": " بينهما ".
3. في " خ ": " لا يجوز على تقدير التعدد ".
4. الحديد (57): 6.
5. الحديد (57): 1.
313

4. محمد بن أبي عبد الله، رفعه، عن عبد العزيز بن المهتدي، قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن
التوحيد فقال: " كل من قرأ (قل هو الله أحد) وآمن بها فقد عرف التوحيد ". قلت: كيف
يقرؤها؟ قال: " كما يقرؤها الناس وزاد فيه: كذلك الله ربي، كذلك الله ربي ".

1. الحديد (57): 2.
314

باب النهي عن الكلام في الكيفية
1. محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب،
عن أبي بصير، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): " تكلموا في خلق الله، ولا تتكلموا في الله، فإن
الكلام في الله لا يزداد صاحبه إلا تحيرا ".

1. كلمة " قوله " و " قال " مشطوبة في " ل ".
2. في " خ، ل ": " فينبغي ".
315

* وفي رواية أخرى عن حريز: " تكلموا في كل شيء، ولا تتكلموا في ذات الله ".
2. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن
الحجاج، عن سليمان بن خالد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " إن الله - عز وجل - يقول: (وأن
إلى ربك المنتهى) فإذا انتهى الكلام إلى الله فأمسكوا ".
3. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن
مسلم، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " يا محمد، إن الناس لا يزال بهم المنطق حتى يتكلموا في
الله، فإذا سمعتم ذلك، فقولوا: لا إله إلا الله الواحد الذي ليس كمثله شيء ".
4. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن
محمد بن حمران، عن أبي عبيدة الحذاء، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): " يا زياد، إياك
والخصومات، فإنها تورث الشك، وتهبط العمل، وتردي صاحبها، وعسى أن يتكلم بالشيء

1. في الكافي المطبوع: " بهم "؛ وفي " ل ": " لا يجوز لهم ".
2. في " ل ": " لم يسلم ".
3. في " خ ": " بشيء ".
316

فلا يغفر له، إنه كان تورث الشك، وتهبط العمل، وتردي صاحبها، وعسى أن يتكلم
بالشيء فلا يغفر له، إنه كان فيما مضى قوم تركوا علم ما وكلوا به، وطلبوا علم ما كفوه،
حتى انتهى كلامهم إلى الله فتحيروا، حتى أن كان الرجل ليدعى من بين يديه فيجيب من
خلفه، ويدعى من خلفه فيجيب من بين يديه ".
* وفي رواية أخرى: " حتى تاهوا في الأرض ".
5. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه، عن الحسين
بن المياح، عن أبيه، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " من نظر في الله كيف هو، هلك ".

1. في " خ، ل ": " يعجز ".
2. في " خ ": " يزيدها ".
3. في الكافي المطبوع: - " منهم ".
4. في " خ، م ": " تعجز ".
5. في " خ ": " فهلك ".
317

6. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن
زرارة بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن ملكا عظيم الشأن كان في مجلس له، فتناول
الرب تبارك وتعالى، ففقد، فما يدرى أين هو ".
7. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن عبد الحميد، عن
العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " إياكم والتفكر في الله، ولكن
إذا أردتم أن تنظروا إلى عظمته، فانظروا إلى عظيم خلقه ".
8. محمد بن أبي عبد الله، رفعه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " يا ابن آدم، لو أكل قلبك
طائر لم يشبعه، وبصرك لو وضع عليه خرق إبرة لغطاه، تريد أن تعرف بهما ملكوت

1. في الكافي المطبوع: " مجلس له ".
2. في الكافي المطبوع: " عظيم ". وفي " خ ": " عظمة ".
3. في " خ، ل ": " يوصف ".
318

السماوات والأرض، إن كنت صادقا فهذه الشمس خلق من خلق الله، فإن قدرت أن تملأ
عينيك منها فهو كما تقول ".
9. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عن البعقوبي، عن بعض أصحابنا،
عن عبد الأعلى - مولى آل سام - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن يهوديا يقال له: سبخت جاء
إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله، جئت أسألك عن ربك، فإن أنت أجبتني عما أسألك
عنه، وإلا رجعت، قال: سل عما شئت، قال: أين ربك؟ قال: هو في كل مكان، وليس في
شيء من المكان المحدود. قال: وكيف هو؟ قال: وكيف أصف ربي بالكيف والكيف

1. في " خ ": " وإن لم يكن الأمر ".
2. غاية لقوله: " فأبطل لازمه ".
319

مخلوق، والله لا يوصف بخلقه. قال: فمن أين يعلم أنك نبي الله؟ قال: فما بقي حوله حجر
ولا غير ذلك إلا تكلم بلسان عربي مبين: يا سبخت، إنه رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال سبخت: ما
رأيت كاليوم أمرا أبين من هذا، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ".
10. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن يحيى الخثعمي، عن
عبد الرحمن بن عتيك القصير، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن شيء من الصفة، فرفع يده إلى
السماء، ثم قال: " تعالى الجبار، تعالى الجبار، من تعاطى ما ثم هلك ".

1. في الكافي المطبوع: " ما ثم ".
320

باب في إبطال الرؤية
1. محمد بن أبي عبد الله، عن علي بن أبي القاسم، عن يعقوب بن إسحاق، قال: كتبت
إلى أبي محمد (عليه السلام) أسأله: كيف يعبد العبد ربه وهو لا يراه؟ فوقع (عليه السلام): " يا أبا يوسف، جل
سيدي ومولاي، والمنعم علي وعلى آبائي أن يرى " قال: وسألته: هل رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
ربه؟ فوقع (عليه السلام): " إن الله تبارك وتعالى أرى رسوله بقلبه من نور عظمته ما أحب ".

1. في حاشية " ل ": " كان ".
321

2. أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، قال: سألني أبو
قرة المحدث أن أدخله على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فاستأذنته في ذلك، فأذن لي، فدخل
عليه، فسأله عن الحلال والحرام والأحكام حتى بلغ سؤاله إلى التوحيد، فقال أبو قرة: إنا
روينا أن الله قسم الرؤية والكلام بين نبيين، فقسم الكلام لموسى، ولمحمد الرؤية، فقال
أبو الحسن (عليه السلام): " فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين من الجن والإنس: لا تدركه الأبصار، ولا
يحيطون به علما، وليس كمثله شيء؟ أليس محمد؟ " قال: بلى، قال: " كيف يجيء رجل
إلى الخلق جميعا فيخبرهم أنه جاء من عند الله وأنه يدعوهم إلى الله بأمر الله، فيقول:
لا تدركه الأبصار، ولا يحيطون به علما، وليس كمثله شيء، ثم يقول أنا رأيته بعيني
وأحطت به علما وهو على صورة البشر؟! أما تستحون؟! ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا

1. الأنعام (6): 103.
2. طه (30): 110.
3. الشورى (42): 11.
4. في " خ ": " وهو ".
5. في الكافي المطبوع: + " أما تستحيون ".
322

أن يكون يأتي من عند الله بشيء، ثم يأتي بخلافه من وجه آخر؟! ". قال أبو
قرة: فإنه يقول: (ولقد رآه نزلة أخرى) فقال أبو الحسن (عليه السلام): " إن بعد هذه الآية ما يدل
على ما رأى. حيث قال: (ما كذب الفؤاد ما رأى) يقول: ما كذب فؤاد محمد ما رأت
عيناه، ثم أخبر بما رأى، فقال (لقد رأى من آيات ربه الكبرى) فآيات الله غير الله

1. في " خ " وحاشية " ت ": " أجمله ".
2. في " خ ": + " إليه ".
3. النجم (53): 11.
4. متعلق بقوله: " معارضة ".
5. النجم (53): 11.
6. النجم (53): 18.
7. في " خ ": + " له ".
323

وقد قال الله: (ولا يحيطون بهى علما) فإذا رأته الأبصار فقد أحاطت به العلم ووقعت
المعرفة ". فقال أبو قرة: فتكذب بالروايات؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): " إذا كانت الروايات

1. في " ل ": " بها ".
2. في " ل ": " بالعين ".
324

مخالفة للقرآن كذبتها. وما أجمع المسلمون عليه: أنه لا يحاط به علما، ولا تدركه
الأبصار، وليس كمثله شيء ".
3. أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن سيف، عن محمد
بن عبيد قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أسأله عن الرؤية وما ترويه العامة والخاصة،
وسألته أن يشرح لي ذلك، فكتب بخطه: " اتفق الجميع، لا تمانع بينهم أن المعرفة من جهة
الرؤية ضرورة، فإذا جاز أن يرى الله بالعين وقعت المعرفة ضرورة، ثم لم تخل تلك

1. كذا في النسخ، والأولى: " فيه ".
2. كذا في النسخ، والأولى: " به ".
3. في " خ ": " يرويه ".
325

المعرفة من أن تكون إيمانا أو ليست بإيمان، فإن كانت تلك المعرفة من جهة الرؤية إيمانا
فالمعرفة التي في دار الدنيا من جهة الإكتساب ليست بإيمان؛ لأنها ضده، فلا يكون في
الدنيا مؤمن؛ لأنهم لم يروا الله عز ذكره، وإن لم تكن تلك المعرفة التي من جهة الرؤية
إيمانا لم تخل هذه المعرفة التي من جهة الإكتساب أن تزول ولا تزول في المعاد؛ فهذا

1. في " خ ": " أن ".
2. في " خ ": + " عند الرؤية ".
3. في " ل ": " لم تكن ".
4. في " خ ": " بمتكيف ".
5. في " خ، ل ": " يقينا ".
326



1. كذا في النسخ، والأولى: " زواله ".
2. في " ل ": " لم تكن ".
327

دليل على أن الله - عز وجل - لا يرى بالعين؛ إذ العين تؤدي إلى ما وصفناه ".
4. وعنه، عن أحمد بن إسحاق قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث (عليه السلام) أسأله عن الرؤية
وما اختلف فيه الناس، فكتب: " لا تجوز الرؤية، ما لم يكن بين الرائي والمرئي هواء لم
ينفذه البصر، فإذا انقطع الهواء عن الرائي والمرئي لم تصح الرؤية، وكان في ذلك
الاشتباه؛ لأن الرائي متى ساوى المرئي في السبب الموجب بينهما في الرؤية وجب

1. القائل هو المولى محمد أمين الأسترآبادي (1036 ق) في حاشيته على أصول الكافي المطبوع أخيرا في
ميراث حديث شيعه، ج 8، ص 306.
2. في حاشية " ت ": لأن زوال الضعف لا يستلزم زوال الموصوف بالضعف، كما أن مراتب الإيمان في شخص
واحد متفاوتة بالشدة والضعف حتى يكمل؛ فتأمل.
3. في " ل ": " لم تصح ".
328

الاشتباه، وكان ذلك التشبيه لأن الأسباب لا بد من اتصالها بالمسببات ".

1. في " خ ": + " في ".
2. في " ل ": " من ".
3. في " ل ": - " حتى ".
4. في " ل ": " لم ينفذه ".
5. في " ل ": " لا تجوز ".
329

5. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن عبد الله بن سنان، عن أبيه، قال:
حضرت أبا جعفر (عليه السلام) فدخل عليه رجل من الخوارج، فقال له: يا أبا جعفر أي شيء تعبد؟

1. ما بين المعقوفين من التوحيد والاحتجاج.
2. في " ل ": والتوحيد: " لم تصح ".
3. ما بين القوسين من " خ ".
4. التوحيد، ص 109، باب ما جاء في الرؤية، ح 3؛ الاحتجاج، ج 2، ص 449، احتجاج أبي الحسن علي بن محمد
العسكري (عليه السلام) في شيء من التوحيد.
5. في حاشية " ت ": الذاهب الواهم مولانا خليل القزويني سلمه الله تعالى.
6. ما بين المعقوفين أضيف بمقتضى السياق.
7. في " خ ": " الخطأ ".
330

قال: " الله تعالى ". قال: رأيته؟ قال: " بل لم تره العيون بمشاهدة الأبصار، ولكن رأته
القلوب بحقائق الإيمان، لا يعرف بالقياس، ولا يدرك بالحواس، ولا يشبه بالناس،
موصوف بالآيات، معروف بالعلامات، لا يجور في حكمه؛ ذلك الله، لا إله إلا هو ". قال:

1. في " خ، ل، م ": " يطلق ".
331

فخرج الرجل وهو يقول: الله أعلم حيث يجعل رسالته.
6. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر،
عن أبي الحسن الموصلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاء حبر إلى أمير المؤمنين صلوات لله
عليه، فقال: يا أمير المؤمنين، هل رأيت ربك حين عبدته؟ قال: فقال: " ويلك، ما كنت

1. البقرة (2): 73؛ غافر (40): 13 و 81.
332

أعبد ربا لم أره "، قال: وكيف رأيته؟ قال: " ويلك، لا تدركه العيون في مشاهدة الأبصار،
ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ".
7. أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن عاصم بن
حميد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ذاكرت أبا عبد الله (عليه السلام) فيما يروون من الرؤية، فقال:
" الشمس جزء من سبعين جزءا من نور الكرسي، والكرسي جزء من سبعين جزءا من نور
العرش، والعرش جزء من سبعين جزءا من نور الحجاب، والحجاب جزء من سبعين جزءا
من نور الستر، فإن كانوا صادقين فليملؤوا أعينهم من الشمس ليس دونها سحاب ".
8. محمد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي نصر، عن أبي
الحسن الرضا (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما أسري بي إلى السماء بلغ بي جبرئيل مكانا

1. في الكافي المطبوع: " يروون ".
333

لم يطأه قط جبرئيل، فكشف له، فأراه الله من نور عظمته ما أحب ".
في قوله تعالى: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار)
9. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي نجران، عن عبد الله
بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: (لا تدركه الأبصار) قال: " إحاطة الوهم، ألا ترى
إلى قوله: (قد جاءكم بصائر من ربكم) ليس يعني بصر العيون (فمن أبصر فلنفسه)
ليس يعني من البصر بعينه (ومن عمى فعليها) ليس يعني عمى العيون، إنما

1. الأنعام (6): 103.
2. الأنعام (6): 104.
334

عنى إحاطة الوهم، كما يقال: فلان بصير بالشعر، وفلان بصير بالفقه، وفلان بصير
بالدراهم، وفلان بصير بالثياب؛ الله أعظم من أن يرى بالعين ".
10. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبي هاشم الجعفري، عن أبي
الحسن الرضا (عليه السلام) قال: سألته عن الله هل يوصف؟ فقال: " أما تقرأ القرآن؟ " قلت: بلى، قال:
" أما تقرأ قوله تعالى: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار)؟ " قلت: بلى،
قال: " فتعرفون الأبصار؟ " قلت: بلى، قال: " ما هي؟ " قلت: أبصار العيون، فقال:
" إن أوهام القلوب أكبر من أبصار العيون، فهو لا تدركه الأوهام وهو يدرك
الأوهام ".
11. محمد بن أبي عبد الله، عمن ذكره، عن محمد بن عيسى، عن داود بن القاسم
أبي هاشم الجعفري، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار؟ فقال:
" يا أبا هاشم، أوهام القلوب أدق من أبصار العيون أنت قد تدرك بوهمك السند والهند
والبلدان التي لم تدخلها، ولا تدركها ببصرك، وأوهام القلوب لا تدركه،
فكيف أبصار العيون؟! ".
335

12. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن هشام بن الحكم، قال: الأشياء
كلها لا تدرك إلا بأمرين: بالحواس والقلب؛ والحواس إدراكها على ثلاثة معان: إدراكا
بالمداخلة، وإدراكا بالمماسة، وإدراكا بلا مداخلة ولا مماسة. فأما الإدراك الذي
بالمداخلة، فالأصوات والمشام والطعوم، وأما الإدراك بالمماسة فمعرفة الأشكال من
التربيع والتثليث ومعرفة اللين والخشن والحر، والبرد، وأما الإدراك بلا مماسة ولا مداخلة
336

فالبصر، فإنه يدرك الأشياء بلا مماسة ولا مداخلة في حيز غيره ولا في حيزه؛ وإدراك
البصر له سبيل وسبب، فسبيله الهواء وسببه الضياء، فإذا كان السبيل متصلا بينه وبين
المرئي، والسبب قائم، أدرك ما يلاقي من الألوان والأشخاص، فإذا حمل البصر على ما لا
سبيل له فيه رجع راجعا، فحكى ما وراءه كالناظر في المرآة لا ينفذ بصره في المرآة، فإذا

1. في " ل ": " وبلا مداخلة ".
2. في " خ، ل، م ": " أو ".
3. في " خ، ل، م ": " أو ".
337

لم يكن له سبيل رجع راجعا يحكي ما وراءه، وكذلك الناظر في الماء الصافي يرجع راجعا
فيحكي ما وراءه؛ إذ لا سبيل له في إنفاذ بصره، فأما القلب فإنما سلطانه على الهواء، فهو يدرك
جميع ما في الهواء ويتوهمه، فإذا حمل القلب على ما ليس في الهواء موجودا رجع راجعا

1. في الكافي المطبوع: " بصره ".
2. في " خ، ل ": + " بل الإدراك العقلائي ".
3. في " خ، م ": " متحيزة ".
4. في الكافي المطبوع: - " في ".
338

فحكى ما في الهواء، فلا ينبغي للعاقل أن يحمل قلبه على ما ليس موجودا في الهواء من
أمر التوحيد جل الله وعز، فإنه إن فعل ذلك لم يتوهم إلا ما في الهواء موجود كما قلنا في
أمر البصر تعالى الله أن يشبهه خلقه.
باب النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه تعالى
1. علي بن إبراهيم، عن العباس بن معروف، عن ابن أبي نجران، عن حماد بن عثمان،
عن عبد الرحيم بن عتيك القصير، قال: كتبت على يدي عبد الملك بن أعين إلى أبي
عبد الله (عليه السلام): أن قوما بالعراق يصفون الله بالصورة وبالتخطيط، فإن رأيت - جعلني الله

1. في " خ ": " يشبهه ".
339

فداك - أن تكتب إلي بالمذهب الصحيح من التوحيد؟ فكتب إلي: " سألت - رحمك الله -
عن التوحيد وما ذهب إليه من قبلك، فتعالى الله الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير،
تعالى عما يصفه الواصفون المشبهون الله بخلقه المفترون على الله، فاعلم - رحمك الله - أن
المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات الله جل وعز، فآنف عن الله تعالى
البطلان والتشبيه، فلا نفي ولا تشبيه، هو الله الثابت الموجود، تعالى الله عما يصفه
الواصفون، ولا تعدوا القرآن فتضلوا بعد البيان ".
2. محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن
عبد الحميد، عن أبي حمزة، قال: قال لي علي بن الحسين (عليهما السلام): " يا أبا حمزة، إن الله
لا يوصف بمحدودية، عظم ربنا عن الصفة، فكيف يوصف بمحدودية من لا يحد،
340

ولا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير ".
3. محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن الحسين بن الحسن، عن بكر

1. في " خ ": " المدركات ".
2. في الكافي المطبوع: " ولا تدركه ".
3. القائل هو المولى محمد أمين الأسترآبادي (1036 ق) في حاشيته على أصول الكافي المطبوع أخيرا في
ميراث حديث شيعه، ج 8، ص 308.
341

ابن صالح، عن الحسن بن سعيد، عن إبراهيم بن محمد الخزاز ومحمد بن الحسين قالا:
دخلنا على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فحكينا له أن محمدا (صلى الله عليه وآله) رأى ربه في صورة الشاب
الموفق في سن أبناء ثلاثين سنة وقلنا: إن هشام بن سالم وصاحب الطاق والميثمي
يقولون: إنه أجوف إلى السرة والبقية صمد؟ فخر ساجدا لله ثم قال: " سبحانك ما عرفوك
ولا وحدوك، فمن أجل ذلك وصفوك، سبحانك لو عرفوك لوصفوك بما وصفت به نفسك،
سبحانك كيف طاوعتهم أنفسهم أن يشبهوك بغيرك، اللهم لا أصفك إلا بما وصفت به
نفسك، ولا أشبهك بخلقك، أنت أهل لكل خير، فلا تجعلني من القوم الظالمين ". ثم التفت

1. في " خ ": " قولهم ".
2. في " خ ": - " ولا بآلة ".
342

إلينا فقال: " ما توهمتم من شيء فتوهموا الله غيره، ثم قال: نحن - آل محمد - النمط
الأوسط الذي لا يدركنا الغالي ولا يسبقنا التالي، يا محمد، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين نظر إلى

1. الأمالي، للمفيد، ص 3، المجلس الأول، ح 3؛ الأمالي، للطوسي، ص 125، ح 1292، المجلس 30، ح 905.
2. في " خ ": " يلازمه ".
343

عظمة ربه كان في هيئة الشاب الموفق وسن أبناء ثلاثين سنة، يا محمد، عظم ربي
- عز وجل - أن يكون في صفة المخلوقين ". قال قلت: جعلت فداك، من كانت رجلاه في
خضرة؟ قال: " ذاك محمد، كان إذا نظر إلى ربه بقلبه جعله في نور مثل نور الحجب حتى
يستبين له ما في الحجب، إن نور الله منه أخضر، ومنه أحمر، ومنه أبيض، ومنه غير ذلك،
يا محمد، ما شهد له الكتاب والسنة فنحن القائلون به ".
4. علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن بشير البرقي،

1. في " ل، م ": " يتوجه ".
344

قال: حدثني عباس بن عامر القصباني، قال: أخبرني هارون بن الجهم، عن أبي حمزة،
عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: قال: " لو اجتمع أهل السماء والأرض أن يصفوا الله
بعظمته لم يقدروا ".
5. سهل، عن إبراهيم بن محمد الهمداني، قال: كتبت إلى الرجل (عليه السلام): أن من قبلنا من
مواليك قد اختلفوا في التوحيد، فمنهم من يقول: جسم، ومنهم من يقول: صورة،

1. متعلق بقوله: " وصف ".
345

فكتب (عليه السلام) بخطه: " سبحان من لا يحد ولا يوصف، ليس كمثله شيء، وهو السميع العليم
- أو قال: البصير - ".
6. سهل، عن محمد بن عيسى، عن إبراهيم، عن محمد بن حكيم، قال: كتب أبو
الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) إلى أبي: " أن الله أعلى وأجل وأعظم من أن يبلغ كنه صفته،
فصفوه بما وصف به نفسه، وكفوا عما سوى ذلك ".
7. سهل، عن السندي بن الربيع، عن ابن أبي عمير، عن حفص أخي مرازم، عن
المفضل، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن شيء من الصفة فقال: " لا تجاوز ما في القرآن ".
8. سهل، عن محمد بن علي القاساني قال: كتبت إليه (عليه السلام) أن من قبلنا قد اختلفوا
في التوحيد، قال: فكتب (عليه السلام): " سبحان من لا يحد ولا يوصف، ليس كمثله شيء وهو
السميع البصير ".
9. سهل، عن بشر بن بشار النيسابوري، قال: كتبت إلى الرجل (عليه السلام): أن من قبلنا
قد اختلفوا في التوحيد، فمنهم من يقول: هو جسم، ومنهم من يقول: هو صورة، فكتب
إلي: " سبحان من لا يحد ولا يوصف، ولا يشبهه شيء، وليس كمثله شيء، وهو السميع
البصير ".
10. سهل، قال: كتبت إلى أبي محمد (عليه السلام) سنة خمس وخمسين ومائتين: قد اختلف يا
سيدي أصحابنا في التوحيد، منهم من يقول: هو جسم، ومنهم من يقول: هو صورة، فإن
346

رأيت يا سيدي أن تعلمني من ذلك ما أقف عليه ولا أجوزه، فعلت متطولا على عبدك.
فوقع بخطه (عليه السلام): " سألت عن التوحيد وهذا عنكم معزول، الله واحد، أحد، لم يلد ولم يولد
ولم يكن له كفوا أحد، خالق وليس بمخلوق، يخلق تبارك وتعالى ما يشاء من الأجسام
وغير ذلك، وليس بجسم، ويصور ما يشاء وليس بصورة، جل ثناؤه وتقدست أسماؤه أن
يكون له شبه، هو لا غيره، ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير ".
11. محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن
عبد الله، عن الفضيل بن يسار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " إن الله لا يوصف،
وكيف يوصف وقد قال في كتابه: (وما قدروا الله حق قدره) فلا يوصف بقدر إلا
كان أعظم من ذلك ".
12. علي بن محمد، عن سهل بن زياد أو عن غيره، عن محمد بن سليمان، عن
علي بن إبراهيم، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: " إن الله عظيم رفيع، لا
يقدر العباد على صفته، ولا يبلغون كنه عظمته، لا تدركه الأبصار، وهو

1. في حاشية " خ " والكافي المطبوع: " وهذا ".
2. الشورى (42): 11.
3. الأنعام (6): 91؛ الحج (22): 74؛ الزمر (39): 67.
347

يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير، ولا يوصف بكيف ولا أين وحيث، وكيف أصفه
بالكيف وهو الذي كيف الكيف حتى صار كيفا، فعرفت الكيف بما كيف لنا من الكيف،
أم كيف أصفه بأين! وهو الذي أين الأين حتى صار أينا، فعرفت الأين بما أين لنا من
الأين، أم كيف أصفه بحيث! وهو الذي حيث الحيث حتى صار حيثا، فعرفت الحيث بما
حيث لنا من الحيث، فالله - تبارك وتعالى - داخل في كل مكان، وخارج من كل شيء،

1. في " خ " وحاشية " ل ": " أمثاله ".
2. في " ل ": " طبائعنا ".
348

لا تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار، لا إله إلا هو العلي العظيم، وهو اللطيف الخبير ".
باب النهي عن الجسم والصورة
1. أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن علي بن
أبي حمزة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): سمعت هشام بن الحكم يروي عنكم أن الله جسم،
صمدي، نوري، معرفته ضرورة، يمن بها على من يشاء من خلقه، فقال (عليه السلام): " سبحان من

1. في " ل ": " دليل على ".
349

لا يعلم أحد كيف هو إلا هو، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، لا يحد، ولا يحس،
ولا يجس، ولا تدركه الأبصار ولا الحواس، ولا يحيط به شيء ولا جسم ولا صورة
ولا تخطيط ولا تحديد ".
2. محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن حمزة بن محمد، قال: كتبت إلى
أبي الحسن (عليه السلام) أسأله عن الجسم والصورة؟ فكتب: " سبحان من ليس كمثله شيء،
لا جسم ولا صورة ".
* ورواه محمد بن أبي عبد الله، إلا أنه لم يسم الرجل.
3. محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمد
بن زيد، قال: جئت إلى الرضا (عليه السلام) أسأله عن التوحيد؟ فأملى علي: " الحمد لله فاطر الأشياء

1. في الكافي المطبوع: " ولا يحس ولا يجس ".
350

إنشاء، ومبتدعها ابتداعا بقدرته وحكمته، لا من شيء فيبطل الاختراع، ولا لعلة فلا يصح
الابتداع، خلق ما شاء كيف شاء، متوحدا بذلك لإظهار حكمته وحقيقة ربوبيته، لا تضبطه
العقول، ولا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأبصار، ولا يحيط به مقدار، عجزت دونه العبارة،

1. في " ل " والكافي المطبوع: " لا تضبطه ".
2. في " خ، ل ": " معرفته ".
3. كذا في النسخ، والصحيح كما في الكافي المطبوع: " ولا تدركه ".
351

وكلت دونه الأبصار، وضل فيه تصاريف الصفات، احتجب بغير حجاب محجوب، واستتر
بغير ستر مستور، عرف بغير رؤية، ووصف بغير صورة، ونعت بغير جسم؛ لا إله إلا الله
الكبير المتعال ".
4. محمد بن أبي عبد الله، عمن ذكره، عن علي بن العباس، عن أحمد بن محمد بن

1. في " ل ": " إليها ".
352

أبي نصر، عن محمد بن حكيم، قال: وصفت لأبي إبراهيم (عليه السلام) قول هشام بن سالم
الجواليقي، وحكيت له قول هشام بن الحكم: إنه جسم، فقال: " إن الله تعالى لا يشبهه شيء،
أي فحش أو خنا أعظم من قول من يصف خالق الأشياء بجسم أو صورة أو بخلقة أو
بتحديد وأعضاء؟ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ".
5. علي بن محمد، رفعه، عن محمد بن الفرج الرخجي، قال: كتبت إلى أبي
الحسن (عليه السلام) أسأله عما قال هشام بن الحكم في الجسم وهشام بن سالم في الصورة، فكتب:
" دع عنك حيرة الحيران واستعذ بالله من الشيطان، ليس القول ما قال الهشامان ".

1. في " ل ": + " عنه ".
2. في الكافي المطبوع: + " خالق الأشياء ".
3. في الكافي المطبوع: " ما قال ".
353

6. محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن الحسين بن الحسن، عن بكر
بن صالح، عن الحسن بن سعيد، عن عبد الله بن المغيرة، عن محمد بن زياد، قال: سمعت
يونس بن ظبيان يقول: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت له: إن هشام بن الحكم يقول قولا
عظيما إلا أني أختصر لك منه أحرفا: فزعم أن الله جسم لأن الأشياء شيئان: جسم وفعل
الجسم، فلا يجوز أن يكون الصانع بمعنى الفعل ويجوز أن يكون بمعنى الفاعل.

1. والظاهر الصحيح " عنهما " كما استظهره في حاشية " ل ".
2. في " خ ": " في القول " وفي " ل ": " النعل والتعبير في القول ".
3. في " خ ": " مجازاته ".
354

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " ويحه، أما علم أن الجسم محدود متناه، والصورة محدودة متناهية،
فإذا احتمل الحد احتمل الزيادة والنقصان، وإذا احتمل الزيادة والنقصان كان مخلوقا ".
قال: قلت: فما أقول؟ قال: " لا جسم ولا صورة، وهو مجسم الأجسام ومصور الصور، لم
يتجزأ ولم يتناه ولم يتزايد ولم يتناقص، لو كان كما يقولون لم يكن بين الخالق والمخلوق
فرق، ولا بين المنشئ والمنشأ، لكن هو المنشئ، فرق بين من جسمه وصوره وأنشأه؛

1. في " خ، ل ": - " أي بين من جسمه ".
355

إذ كان لا يشبهه شيء ولا يشبه هو شيئا ".
7. محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن العباس، عن الحسن بن
عبد الرحمن الحماني، قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام): إن هشام بن الحكم زعم
أن الله جسم ليس كمثله شيء، عالم، سميع، بصير، قادر، متكلم، ناطق، والكلام والقدرة
والعلم يجري مجرى واحد، ليس شيء منها مخلوقا. فقال: " قاتله الله، أما علم أن الجسم
محدود، والكلام غير المتكلم، معاذ الله وأبرأ إلى الله من هذا القول، لا جسم ولا صورة

1. في " ل ": " وبين كل ممن ". وفي حاشية " ل ": " كل من ".
2. في " خ ": " غير ناعتة ".
3. في الكافي المطبوع: " إلى الله ".
356

ولا تحديد، وكل شيء سواه مخلوق، إنما تكون الأشياء بإرادته ومشيئته من غير كلام،
ولا تردد في نفس، ولا نطق بلسان ".
8. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد بن حكيم قال:
وصفت لأبي الحسن (عليه السلام) قول هشام الجواليقي وما يقول في الشاب الموفق ووصفت له قول
هشام بن الحكم، فقال: " إن الله لا يشبهه شيء ".
باب صفات الذات
1. علي بن إبراهيم، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن صفوان بن يحيى، عن ابن
مسكان، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " لم يزل الله - عز وجل - ربنا،
والعلم ذاته ولا معلوم، والسمع ذاته ولا مسموع، والبصر ذاته ولا مبصر، والقدرة ذاته ولا

1. في الكافي المطبوع: " تكون ".
357

مقدور، فلما أحدث الأشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم، والسمع على
المسموع، والبصر على المبصر، والقدرة على المقدور ". قال: قلت: فلم يزل الله متحركا؟
قال: فقال: " تعالى الله عن ذلك، إن الحركة صفة محدثة بالفعل ". قال: قلت: فلم يزل
الله متكلما؟ قال: فقال: " إن الكلام صفة محدثة ليست بأزلية، كان الله - عز وجل -
ولا متكلم ".
358

2. محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم،
عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: " كان الله - عز وجل - ولا شيء
غيره، ولم يزل عالما بما يكون، فعلمه به قبل كونه كعلمه به بعد كونه ".
359



1. كذا في النسخ، والصحيح: رفع المذكورات لا نصبها.
360

3. محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن الكاهلي، قال:
كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام): في دعاء: الحمد لله منتهى علمه؛ فكتب إلي: " لا تقولن منتهى
علمه، فليس لعلمه منتهى، ولكن قل: منتهى رضاه ".
4. محمد بن يحيى، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن أيوب بن نوح،
أنه كتب إلى أبي الحسن (عليه السلام) يسأله عن الله عز وجل، أكان يعلم الأشياء قبل أن خلق الأشياء
وكونها، أو لم يعلم ذلك حتى خلقها وأراد خلقها وتكوينها، فعلم ما خلق عندما خلق، وما
كون عندما كون؟ فوقع بخطه: " لم يزل الله عالما بالأشياء قبل أن يخلق الأشياء، كعلمه
بالأشياء بعد ما خلق الأشياء ".

1. في " ل، م ": ينتهي.
2. في " خ، ل ": " معلوماته ".
3. البقرة (2): 185.
361

5. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد بن حمزة، قال: كتبت إلى
الرجل (عليه السلام) أسأله: أن مواليك اختلفوا في العلم، فقال بعضهم: لم يزل الله عالما قبل فعل
الأشياء، وقال بعضهم: لا نقول: لم يزل الله عالما؛ لأن معنى يعلم: يفعل، فإن أثبتنا العلم
فقد أثبتنا في الأزل معه شيئا، فإن رأيت - جعلني الله فداك - أن تعلمني من ذلك ما
أقف عليه ولا أجوزه؟ فكتب (عليه السلام) بخطه: " لم يزل الله عالما، تبارك وتعالى ذكره ".
362

6. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن
محمد، عن عبد الصمد بن بشير، عن فضيل بن سكرة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): جعلت
فداك، إن رأيت أن تعلمني هل كان الله - جل وجهه - يعلم قبل أن يخلق الخلق أنه وحده؟
فقد اختلف مواليك، فقال بعضهم: قد كان يعلم قبل أن يخلق شيئا من خلقه، وقال بعضهم:
إنما معنى يعلم: يفعل، فهو اليوم يعلم أنه لا غيره قبل فعل الأشياء، فقالوا: إن أثبتنا
أنه لم يزل عالما بأنه لا غيره فقد أثبتنا معه غيره في أزليته؟ فإن رأيت يا سيدي أن
تعلمني ما لا أعدوه إلى غيره؟ فكتب (عليه السلام): " ما زال الله عالما، تبارك وتعالى ذكره ".

1. في " خ ": " لتقدسه ".
363

باب آخر وهو من الباب الأول
1. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن حماد، عن حريز، عن محمد
بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال في صفة القديم: " إنه واحد صمد، أحدي المعنى،
ليس معان كثيرة مختلفة ". قال: قلت: جعلت فداك، يزعم قوم من أهل العراق أنه يسمع
364

بغير الذي يبصر، ويبصر بغير الذي يسمع، قال: فقال: " كذبوا وألحدوا وشبهوا، تعالى
الله عن ذلك، إنه سميع بصير، يسمع بما يبصر، ويبصر بما يسمع ". قال: قلت:
يزعمون أنه بصير على ما يعقلونه، قال: فقال: " تعالى الله، إنما يعقل ما كان بصفة
المخلوق، وليس الله كذلك ".
365

2. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن العباس بن عمرو، عن هشام بن الحكم، قال
في حديث الزنديق الذي سأل أبا عبد الله (عليه السلام): أنه قال له: أتقول: إنه سميع بصير؟ فقال أبو
عبد الله (عليه السلام): " هو سميع بصير، سميع بغير جارحة، وبصير بغير آلة؛ بل يسمع بنفسه، ويبصر
بنفسه، وليس قولي: إنه سميع بنفسه أنه شيء والنفس شيء آخر، ولكني
أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسؤولا، وإفهاما لك إذ كنت سائلا، فأقول: يسمع بكله،
لا أن كله له بعض؛ لأن الكل لنا له بعض، ولكن أردت إفهامك والتعبير عن نفسي،
وليس مرجعي في ذلك كله، إلا أنه السميع البصير العالم الخبير، بلا اختلاف الذات
ولا اختلاف معنى ".
366

باب الإرادة أنها من صفات الفعل وسائر صفات الفعل
1. محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري، عن الحسين بن
سعيد الأهوازي، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت:
لم يزل الله مريدا؟ قال: " إن المريد لا يكون إلا لمراد معه، لم يزل الله عالما قادرا ثم أراد ".
2. محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن الحسين بن الحسن، عن بكر
بن صالح، عن علي بن أسباط، عن الحسن بن الجهم، عن بكير بن أعين، قال: قلت لأبي
عبد الله (عليه السلام): " علم الله ومشيئته هما مختلفان أو متفقان؟ فقال: " العلم ليس هو المشيئة،
ألا ترى أنك تقول: سأفعل كذا إن شاء الله، ولا تقول: سأفعل كذا إن علم الله؛ فقولك إن شاء

1. في الكافي المطبوع: " لمراد ".
2. في حاشية " ت ": ولا ينافي هذا قوله: إن الإرادة عين الذات؛ لأن معناه أن لا تكون زائدة على الذات، وهاهنا
كذلك وصفات الذات منقسمة إلى أن يكون الذات مناطا لها وأن لا يكون كما في الإرادة التي هي من صفات
الفعل، وصفات الفعل بالاصطلاح الذي سيجيء في هذا الباب.
3. في حاشية " ت ": " سأعلم ".
367

الله دليل على أنه لم يشأ، فإذا شاء كان الذي شاء كما شاء، وعلم الله السابق للمشيئة ".
3. أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، قال: قلت لأبي

1. في الكافي المطبوع: " للمشيئة ".
368

الحسن (عليه السلام): أخبرني عن الإرادة من الله ومن الخلق؟ قال: فقال: " الإرادة من الخلق الضمير
وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل، وأما من الله تعالى فإرادته إحداثه لا غير ذلك؛ لأنه لا
يروي ولا يهم ولا يتفكر، وهذه الصفات منفية عنه، وهي صفات الخلق، فإرادة الله، الفعل،
لا غير ذلك، يقول له: كن فيكون بلا لفظ ولا نطق بلسان ولا همة ولا تفكر ولا كيف لذلك،
كما أنه لا كيف له ".
369

4. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال: " خلق الله المشيئة بنفسها، ثم خلق الأشياء بالمشيئة ".

1. في حاشية " ت ": كون المشية مخلوقة له تعالى مجاز، والمعنى أنه تعالى منشأ للمشية ومصدرها، وكذا في
سائر الصفات؛ فافهم كذا أفيد.
2. في " خ ": " هاهنا ".
3. في حاشية " ت ": أي أعم من عالم الأمر وعالم الخلق وعالم يشمل المجردات والانكشافات والإحداث
والإيجاد مثلا.
4. في " خ ": " استناده "، وفي " ل ": " إسنادها ".
370

5. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن محمد بن عيسى، عن المشرقي
حمزة بن المرتفع، عن بعض أصحابنا، قال: كنت في مجلس أبي جعفر (عليه السلام) إذ دخل عليه
عمرو بن عبيد، فقال له: جعلت فداك، قول الله تبارك وتعالى: (ومن يحلل عليه غضبى فقد
هوى) ما ذلك الغضب؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): " هو العقاب، يا عمرو، إنه من زعم أن الله قد
زال من شيء إلى شيء فقد وصفه صفة مخلوق، وإن الله تعالى لا يستفزه شيء فيغيره ".
6. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن العباس بن عمرو، عن هشام بن الحكم في حديث
الزنديق الذي سأل أبا عبد الله (عليه السلام) فكان من سؤاله أن قال له: فله رضا وسخط؟ فقال أبو
عبد الله (عليه السلام): " نعم، ولكن ليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين؛ وذلك أن الرضا حال
تدخل عليه فتنقله من حال إلى حال؛ لأن المخلوق أجوف، معتمل، مركب، للأشياء فيه

1. في حاشية " ت ": والصفة تطلق أيضا على معنى حاصل في الموصوف، بخلاف الوصف، فإنه مخصوص
بالمعنى المصدري.
2. في " خ ": " تدخل ".
371

مدخل، وخالقنا لا مدخل للأشياء فيه؛ لأنه واحد، واحدي الذات، واحدي المعنى، فرضاه
ثوابه، وسخطه عقابه من غير شيء يتداخله فيهيجه وينقله من حال إلى حال؛ لأن ذلك من
صفة المخلوقين العاجزين المحتاجين ".
7. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن
ابن أذينة، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " المشيئة محدثة ".
جملة القول في صفات الذات وصفات الفعل
إن كل شيئين وصفت الله بهما وكانا جميعا في الوجود فذلك صفة فعل. وتفسير هذه

1. في " خ ": - " لما سبق ".
372



1. التوحيد، ص 139 - 149، باب صفات الذات وصفات الأفعال، ح 1 - 19.
373

الجملة: أنك تثبت في الوجود ما يريد وما لا يريد، وما يرضاه وما يسخطه، وما يحب وما
يبغض، فلو كانت الإرادة من صفات الذات - مثل العلم والقدرة - كان ما لا يريد ناقضا
لتلك الصفة، ولو كان ما يحب من صفات الذات كان ما يبغض ناقضا لتلك الصفة، ألا ترى
أنا لا نجد في الوجود ما لا يعلم وما لا يقدر عليه، وكذلك صفات ذاته الأزلي لسنا نصفه
بقدرة وعجز وعلم وجهل وسفه وحكمة وخطاء وعز وذلة، ويجوز أن يقال: يحب من
أطاعه ويبغض من عصاه، ويوالي من أطاعه، ويعادي من عصاه، وإنه يرضا ويسخط،
ويقال في الدعاء: اللهم ارض عني ولا تسخط علي وتولني ولا تعادني؛ ولا يجوز أن
يقال: يقدر أن يعلم ولا يقدر أن لا يعلم، ويقدر أن يملك ولا يقدر أن لا يملك، ويقدر
374

أن يكون عزيزا حكيما ولا يقدر أن لا يكون عزيزا حكيما، ويقدر أن يكون جوادا ولا
يقدر أن لا يكون جوادا، ويقدر أن يكون غفورا ولا يقدر أن لا يكون غفورا؛ ولا يجوز
أيضا أن يقال: أراد أن يكون ربا وقديما وعزيزا وحكيما ومالكا وعالما وقادرا؛ لأن هذه
من صفات الذات، والإرادة من صفات الفعل، ألا ترى أنه يقال: أراد هذا ولم يرد هذا،
وصفات الذات تنفي عنه بكل صفة منها ضدها، يقال: حي وعالم وسميع وبصير وعزيز
وحكيم، غني، ملك، حليم، عدل، كريم، فالعلم ضده الجهل، والقدرة ضدها العجز، والحياة
ضدها الموت، والعزة ضدها الذلة، والحكمة ضدها الخطاء، وضد الحلم العجلة والجهل،
وضد العدل الجور والظلم.

1. في الكافي المطبوع: " ولا يقدر ".
2. في " ل ": " أو يقدر ".
3. في " م ": " المتابعة ".
375

باب حدوث الأسماء
1. علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن الحسين بن يزيد، عن الحسن بن
علي بن أبي حمزة، عن إبراهيم بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن الله - تبارك وتعالى -
خلق اسما بالحروف غير متصوت، وباللفظ غير منطق، وبالشخص غير مجسد، وبالتشبيه

1. في " ل ": " الحروف ".
2. أي الاسم. وفي " م ": " لم يجعل الاسم ".
376

غير موصوف، وباللون غير مصبوغ، منفي عنه الأقطار، مبعد عنه الحدود، محجوب عنه
حس كل متوهم، مستتر غير مستور، فجعله كلمة تامة على أربعة أجزاء معا، ليس منها
واحد قبل الآخر، فأظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الخلق إليها، وحجب منها واحدا، وهو

1. في " ت، م ": " بالتوسط ".
2. في " خ ": " تعرف ".
3. في " خ، ل ": " غير منطق ".
4. في " ل ": " ولا ستر ".
5. في " ل ": " فيه لواحد ".
377

الاسم المكنون المخزون؛ فهذه الأسماء التي ظهرت، فالظاهر هو الله تبارك وتعالى. وسخر
سبحانه لكل اسم من هذه الأسماء أربعة أركان، فذلك اثنا عشر ركنا، ثم خلق لكل ركن منها
ثلاثين اسما فعلا منسوبا إليها، فهو الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، الخالق، البارئ،
المصور، الحي القيوم، لا تأخذه سنة ولا نوم، العليم، الخبير، السميع، البصير، الحكيم،
العزيز، الجبار، المتكبر، العلي، العظيم، المقتدر، القادر، السلام، المؤمن، المهيمن،
البارئ، المنشي، البديع، الرفيع، الجليل، الكريم، الرازق، المحيي، المميت، الباعث،

1. في " ل ": العبادات ".
2. في الكافي المطبوع: + " سبحانه ".
3. في " خ ": + " الثلاثة ".
4. في الكافي المطبوع: + " منها ".
378

الوارث؛ فهذه الأسماء وما كان من الأسماء الحسنى حتى تتم ثلاث مائة وستين اسما،
فهي نسبة لهذه الأسماء الثلاثة. وهذه الأسماء الثلاثة أركان، وحجب الاسم الواحد
المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة، وذلك قوله تعالى: (قل ادعوا الله أو ادعوا
الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى) ".
2. أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبد الله، عن محمد بن عبد الله وموسى بن عمر؛

1. في " خ ": " تنسب ".
2. في " ل، م ": " يعتمد ".
3. الإسراء (17): 110.
379

والحسن بن علي بن عثمان، عن ابن سنان قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام): هل كان الله
- عز وجل - عارفا بنفسه قبل أن يخلق الخلق؟ قال: " نعم "؛ قلت: يراها ويسمعها؟ قال:
" ما كان محتاجا إلى ذلك؛ لأنه لم يكن يسألها ولا يطلب منها، هو نفسه ونفسه هو،
قدرته نافذة، فليس يحتاج أن يسمي نفسه، ولكنه اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها؛

1. في حاشية " ت، م ": الظاهر أنه " يسمعها " من المجرد، ويحتمل أن يكون من باب الإفعال. والأول أنسب بقوله:
" يراها " فحمله عليه (منه).
380

لأنه إذا لم يدع باسمه لم يعرف، فأول ما اختار لنفسه: العلي العظيم؛ لأنه أعلى الأشياء
كلها؛ فمعناه الله، واسمه العلي العظيم، هو أول أسمائه، علا على كل شيء ".
3. وبهذا الإسناد عن محمد بن سنان، قال: سألته عن الاسم ما هو؟ قال: " صفة
لموصوف ".
4. محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن بعض أصحابه، عن بكر بن
صالح، عن علي بن صالح، عن الحسن بن محمد بن خالد بن يزيد، عن عبد الأعلى، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " اسم الله غيره، وكل شيء وقع عليه اسم شيء فهو مخلوق ما خلا الله،

1. في حاشية " ت، ل، م ": قوله: " عن الحسن بن محمد بن خالد بن يزيد... " في كتاب التوحيد لابن بابويه
[التوحيد، ص 192، باب أسماء الله تعالى، ح 6]: " الحسن بن محمد، عن خالد [بن يزيد] " (منه دام ظله).
381

فأما ما عبرته الألسن، أو عملت الأيدي فهو مخلوق، والله غاية من غاياته، والمغيى غير
الغاية، والغاية موصوفة، وكل موصوف مصنوع، وصانع الأشياء غير موصوف بحد

1. في الكافي المطبوع: " والله غاية من غاياته " وكذا فيما بعد.
2. النهاية، ج 3، ص 314 (عنا).
3. المصدر.
4. المصدر.
5. النهاية، ج 3، ص 315 (عنا).
6. كذا، والظاهر " تعقله ". وفي " خ ": " تتعقله ". وفى " ل ": " نتعقله ".
7. كذا، والظاهر: " تعقله ". وفي " خ، ل ": " نعقله ".
382

مسمى، لم يتكون فيعرف كينونيته بصنع غيره، ولم يتناه إلى غاية إلا كانت غيره، لا يزل

1. في " ل ": " فنلابسه أو نسخره أو نهتم به ".
2. في " خ، ل ": " العانية ".
3. الكافي، ج 7، ص 120، باب ميراث ذوي الأرحام، ح 1، مع تفاوت.
4. النهاية، ج 3، ص 314 (عنا).
383

من فهم هذا الحكم أبدا، وهو التوحيد الخالص، فارعوه وصدقوه وتفهموه بإذن الله، من
زعم أنه يعرف الله بحجاب أو بصورة أو بمثال فهو مشرك؛ لأن حجابه ومثاله وصورته غيره،
وإنما هو واحد متوحد، فكيف يوحده من زعم أنه عرفه بغيره، وإنما عرف الله من عرفه
بالله، فمن لم يعرفه به فليس يعرفه، إنما يعرف غيره، ليس بين الخالق والمخلوق شيء،
والله خالق الأشياء لا من شيء كان، والله يسمى بأسمائه وهو غير أسمائه والأسماء غيره ".

1. في حاشية " خ ": " مذعنين ".
384

باب معاني الأسماء واشتقاقها
1. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن القاسم بن يحيى، عن جده
الحسن بن راشد، عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن تفسير بسم الله الرحمن
الرحيم قال: " الباء بهاء الله، والسين سناء الله، والميم مجد الله ". وروى بعضهم: " الميم

1. في " خ ": " لكل طالب ".
385

ملك الله، والله إله كل شيء، الرحمن بجميع خلقه، والرحيم بالمؤمنين خاصة ".
2. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن الحكم، أنه سأل
أبا عبد الله (عليه السلام) عن أسماء الله واشتقاقها: الله مما هو مشتق، فقال: " يا هشام، الله مشتق من
إله، وإله يقتضي مألوها، والاسم غير المسمى، فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر

1. في " ل ": " للعبودية ".
2. في حاشية " ل ": " فهو ".
3. في حاشية " ت ": وإنما قال: " كصفات الذات " لأن شمول صفات الذات باعتبار المشتق منها فقط، بخلاف
" الرحمن " فإنه ليس كذلك، بل باعتبار ضم معنى المبالغة.
4. الكافي، ج 1، ص 87، باب المعبود، ح 2.
5. الصحاح، ج 6، ص 2425؛ القاموس المحيط، ج 2، ص 1631 (أله).
386

ولم يعبد شيئا، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك وعبد اثنين، ومن عبد المعنى دون
الاسم فذاك التوحيد، أفهمت يا هشام؟! " قال: قلت: زدني قال: " لله تسعة وتسعون اسما،
فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلها، ولكن الله معنى يدل عليه بهذه الأسماء،
وكلها غيره، يا هشام، الخبز اسم للمأكول، والماء اسم للمشروب، والثوب اسم للملبوس،
والنار اسم للمحرق، أفهمت يا هشام فهما تدفع به وتناضل به أعداءنا المتخذين مع

1. في " ل ": " غير متغاير ".
387

الله عز وجل غيره؟ " قلت: نعم، فقال: " نفعك الله به وثبتك يا هشام ". قال: فوالله ما قهرني
أحد في التوحيد حتى قمت مقامي هذا.
3. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن القاسم بن يحيى، عن جده
الحسن ابن راشد، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: سئل عن معنى الله، فقال:
" استولى على ما دق وجل ".
4. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن العباس بن هلال،
قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن قول الله: (الله نور السموات والأرض) فقال: " هاد لأهل
السماء، وهاد لأهل الأرض ".

1. في الكافي المطبوع: " تناضل ".
2. صحيح مسلم، ج 8، ص 217؛ السنن الكبرى، للنسائي، ج 6، ص 508، ح 11653؛ كنز العمال، ج 14،
ص 373، ح 38985؛ الدر المنثور، ج 3، ص 267.
388

* وفي رواية البرقي: " هدى من في السماء، وهدى من في الأرض ".
5. أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن فضيل بن
عثمان، عن ابن أبي يعفور، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (هو الأول
والآخر) وقلت: أما الأول فقد عرفناه، وأما الآخر فبين لنا تفسيره، فقال: " إنه ليس شيء
إلا يبيد أو يتغير، أو يدخله التغير والزوال، أو ينتقل من لون إلى لون، ومن هيئة إلى هيئة،
ومن صفة إلى صفة، ومن زيادة إلى نقصان، ومن نقصان إلى زيادة إلا رب العالمين، فإنه
لم يزل ولا يزال بحالة واحدة، هو الأول قبل كل شيء، وهو الآخر على ما لم يزل، ولا
تختلف عليه الصفات والأسماء كما تختلف على غيره، مثل الإنسان الذي يكون ترابا مرة،
389

ومرة لحما ودما، ومرة رفاتا ورميما، وكالبسر الذي يكون مرة بلحا، ومرة بسرا، ومرة
رطبا، ومرة تمرا، فتتبدل عليه الأسماء والصفات، والله - جل وعز - بخلاف ذلك ".
6. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن محمد بن حكيم،
عن ميمون ألبان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) وقد سئل عن " الأول والآخر " فقال: الأول لا
عن أول قبله، ولا عن بدء سبقه، والآخر لا عن نهاية كما يعقل من صفة المخلوقين، ولكن
قديم، أول، آخر، لم يزل ولا يزول بلا بدء ولا نهاية، لا يقع عليه الحدوث ولا يحول من
حال إلى حال، خالق كل شيء ".
7. محمد بن أبي عبد الله، رفعه إلى أبي هاشم الجعفري، قال: كنت عند أبي جعفر
الثاني (عليه السلام) فسأله رجل، فقال: أخبرني عن الرب تبارك وتعالى له أسماء وصفات في كتابه؟
وأسماؤه وصفاته هي هو؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): " إن لهذا الكلام وجهين إن كنت تقول: هي
390

هو، أي أنه ذو عدد وكثرة، فتعالى الله عن ذلك؛ وإن كنت تقول: هذه الصفات والأسماء لم
تزل، فإن " لم تزل " محتمل معنيين؛ فان قلت: لم تزل عنده في علمه وهو مستحقها، فنعم؛
وإن كنت تقول: لم يزل تصويرها وهجاؤها وتقطيع حروفها، فمعاذ الله أن يكون معه شيء
غيره، بل كان الله ولا خلق، ثم خلقها وسيلة بينه وبين خلقه، يتضرعون بها إليه ويعبدونه

1. كذا في النسخ، والصحيح: " أن تكون موجودة بذاتها، مخرجة ".
391

وهي ذكره وكان الله ولا ذكر، والمذكور بالذكر هو الله القديم الذي لم يزل. والأسماء
والصفات مخلوقات، والمعاني والمعني بها هو الله الذي لا يليق به الاختلاف ولا الائتلاف،
392

وإنما يختلف ويأتلف المتجزئ فلا يقال: الله مؤتلف، ولا الله قليل ولا كثير، ولكنه
القديم في ذاته؛ لأن ما سوى الواحد متجزئ، والله واحد لا متجزئ، ولا متوهم
بالقلة والكثرة، وكل متجزئ أو متوهم بالقلة والكثرة فهو مخلوق دال على خالق له.
فقولك: إن الله قدير خبرت أنه لا يعجزه شئ، فنفيت بالكلمة العجز وجعلت العجز سواه؛
393

وكذلك قولك: عالم، إنما نفيت بالكلمة الجهل وجعلت الجهل سواه، وإذا أفنى الله الأشياء
أفنى الصورة والهجاء والتقطيع، ولا يزال من لم يزل عالما ".
فقال الرجل: فكيف سمينا ربنا سميعا؟ فقال: " لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأسماع،
ولم نصفه بالسمع المعقول في الرأس؛ وكذلك سميناه بصيرا لأنه لا يخفى عليه ما يدرك
بالأبصار، من لون أو شخص أو غير ذلك، ولم نصفه ببصر لحظة العين؛ وكذلك سميناه
لطيفا لعلمه بالشيء اللطيف، مثل البعوضة وأخفى من ذلك، وموضع النشوء منها، والعقل
والشهوة للسفاد والحدب على نسلها، وإقام بعضها على بعض ونقلها الطعام والشراب إلى
أولادها في الجبال والمفاوز والأودية والقفار، فعلمنا أن خالقها لطيف بلا
394

كيف، وإنما الكيفية للمخلوق المكيف؛ وكذلك سمينا ربنا قويا لا بقوة البطش المعروف
من المخلوق، ولو كانت قوته قوة البطش المعروف من المخلوق لوقع التشبيه ولاحتمل

1. في " م ": + " واحد ".
2. في " خ ": " بوجهين ".
395

الزيادة، وما احتمل الزيادة احتمل النقصان، وما كان ناقصا كان غير قديم، وما كان غير
قديم كان عاجزا؛ فربنا - تبارك وتعالى - لا شبه له ولا ضد ولا ند ولا كيف ولا نهاية
ولا تبصار بصر، ومحرم على القلوب أن تمثله، وعلى الأوهام أن تحده، وعلى الضمائر أن

1. في " ل ": " عن ".
2. في " ل ": " شبيه ".
3. في الكافي المطبوع: - " له ".
4. في " خ، م ": " التقدير ".
5. النبأ (78): 28.
6. في " ل ": " حرم ".
7. في " خ، ل ": " يأخذ ".
8. في " خ، ل ": + " قوله ".
396

تكونه، جل وعز عن أداة خلقه وسمات بريته، وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ".
8. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عمن ذكره، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال: قال رجل عنده: الله أكبر، فقال: " الله أكبر من أي شئ؟ " فقال: من كل شئ،

1. في " خ، ل ": " يخرجه ".
2. في " ل ": " يكون ".
3. في الكافي المطبوع: " أداة ".
397

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " حددته ". فقال الرجل: كيف أقول؟ قال: " قل: الله أكبر من أن
يوصف ".
9. ورواه محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن مروك بن عبيد، عن
جميع بن عمير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " أي شئ الله أكبر؟ " فقلت: الله أكبر من كل شئ،

1. في " ل ": " محدود ".
2. في " ت ": " الاشتراط ".
3. في " ل ": " ما يدرك ".
398

فقال: " وكان ثم شئ فيكون أكبر منه؟ " فقلت: وما هو؟ قال: " الله أكبر من أن يوصف ".
10. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن هشام بن الحكم،
قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن سبحان الله، فقال: " أنفة لله ".
11. أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن علي بن أسباط، عن
سليمان مولى طربال، عن هشام الجواليقي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل:
(سبحان الله) ما يعني به؟ قال: " تنزيهه ".

1. في " م ": + " في ".
2. في " ل ": " فما ".
3. في " خ ": " المصدرية ".
4. أي في أصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام).
5. رجال الطوسي، ص 137، الرقم 1448.
6. رجال الطوسي، ص 219، الرقم 2907.
7. في الكافي المطبوع: " تنزيهه ".
399

12. علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد؛ ومحمد بن يحيى، عن أحمد
بن محمد بن عيسى جميعا، عن أبي هاشم الجعفري، قال: سألت أبا جعفر الثاني (عليه السلام): ما
معنى الواحد؟ فقال: " إجماع الألسن عليه بالوحدانية، كقوله تعالى: (ولئن سألتهم من
خلقهم ليقولن الله) ".
باب آخر وهو من الباب الأول
إلا أن فيه زيادة وهو الفرق ما بين المعاني
التي تحت أسماء الله وأسماء المخلوقين
1. علي بن إبراهيم، عن المختار بن محمد بن المختار الهمداني؛ ومحمد بن
الحسن، عن عبد الله بن الحسن العلوي جميعا، عن الفتح بن يزيد الجرجاني، عن أبي
الحسن (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: " وهو اللطيف الخبير السميع البصير الواحد الأحد الصمد، لم
يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، لو كان كما يقول المشبهة لم يعرف الخالق من
المخلوق، ولا المنشئ من المنشأ، لكنه المنشئ، فرق بين من جسمه وصوره وأنشأه،

1. الزخرف (43): 87.
400

إذ كان لا يشبهه شئ ولا يشبه هو شيئا ".
قلت: أجل، جعلني الله فداك، لكنك قلت: الأحد الصمد، وقلت: لا يشبهه شئ والله
واحد والإنسان واحد، أليس قد تشابهت الوحدانية؟ قال: " يا فتح، أحلت ثبتك الله، إنما
التشبيه في المعاني، فأما في الأسماء فهي واحدة، وهي دالة على المسمى؛ وذلك أن
الإنسان وإن قيل واحد فإنه يخبر أنه جثة واحدة وليس باثنين، والإنسان نفسه ليس

1. في " خ ": " بالوحدانية ".
2. في " خ ": " وإنما ".
3. في الكافي المطبوع: " فهي ".
401

بواحد؛ لأن أعضاءه مختلفة، وألوانه مختلفة، ومن ألوانه مختلفة غير واحد، وهو أجزاء
مجزاة، ليست بسواء؛ دمه غير لحمه، ولحمه غير دمه، وعصبه غير عروقه، وشعره غير
بشره، وسواده غير بياضه، وكذلك سائر جميع الخلق؛ فالإنسان واحد في الاسم ولا واحد
في المعنى، والله - جل جلاله - هو واحد، لا واحد غيره، لا اختلاف فيه ولا تفاوت ولا
زيادة ولا نقصان، فأما الإنسان المخلوق المصنوع المؤلف من أجزاء مختلفة وجواهر شتى،
غير أنه بالاجتماع شئ واحد ".
قلت: جعلت فداك، فرجت عني، فرج الله عنك، فقولك: اللطيف الخبير فسره لي كما
فسرت الواحد، فإني أعلم أن لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل، غير أني أحب أن تشرح
ذلك لي، فقال: " يا فتح، إنما قلنا: اللطيف، للخلق اللطيف، ولعلمه بالشيء اللطيف،
402

أو لا ترى - وفقك الله وثبتك - إلى أثر صنعه في النبات اللطيف وغير اللطيف، ومن الخلق
اللطيف، ومن الحيوان الصغار، ومن البعوض والجرجس وما هو أصغر منها ما لا يكاد
تستبينه العيون، بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الأنثى، والحدث المولود من القديم،
فلما رأينا صغر ذلك في لطفه واهتداءه للسفاد، والهرب من الموت، والجمع لما يصلحه
وما في لجج البحار، وما في لحاء الأشجار والمفاوز والقفار، وإفهام بعضها عن بعض منطقها
وما يفهم به أولادها عنها، ونقلها الغذاء إليها، ثم تأليف ألوانها، حمرة مع صفرة، وبياض
مع حمرة، وأنه ما لا تكاد عيوننا تستبينه لدمامة خلقها، لا تراه عيوننا، ولا تلمسه أيدينا
علمنا أن خالق هذا الخلق لطيف، لطف بخلق ما سميناه بلا علاج ولا أداة ولا آلة، وأن كل
صانع شئ فمن شئ صنع، والله الخالق اللطيف الجليل، خلق وصنع لا من شئ ".
2. علي بن محمد، مرسلا، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: قال: " اعلم علمك الله
الخير أن الله - تبارك وتعالى - قديم، والقدم صفته التي دلت العاقل على أنه لا شئ قبله

1. في " خ، م ": " التوحيد ".
2. في حاشية " ت ": لامتناع وجوده في مرتبة علته، ويكون ذاته مع قطع النظر عن إيجاد موجده معدوما؛ فلا
يكون سرمديا.
403

ولا شئ معه في ديموميته، فقد بان لنا بإقرار العامة معجزة الصفة أنه لا شئ قبل الله، ولا
شئ مع الله في بقائه، وبطل قول من زعم أنه كان قبله، أو كان معه شئ، وذلك أنه لو
كان معه شئ في بقائه لم يجز أن يكون خالقا له؛ لأنه لم يزل معه، فكيف يكون خالقا لمن
لم يزل معه، ولو كان قبله شئ كان الأول ذلك الشئ لا هذا، وكان الأول أولى بأن يكون
خالقا للأول. ثم وصف نفسه - تبارك وتعالى - بأسماء دعا الخلق إذ خلقهم وتعبدهم

1. في الكافي المطبوع: + " فكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه ".
2. الزخرف (43): 87.
404

وابتلاهم إلى أن يدعوه بها، فسمى نفسه سميعا، بصيرا، قادرا، قائما، ناطقا، ظاهرا،
باطنا، لطيفا، خبيرا، قويا، عزيزا، حكيما، عليما وما أشبه هذه الأسماء، فلما رأى ذلك من
أسمائه القالون المكذبون - وقد سمعونا نحدث عن الله أنه لا شئ مثله ولا شئ من الخلق
في حاله - قالوا: أخبرونا - إذا زعمتم أنه لا مثل لله ولا شبه له - كيف شاركتموه في أسمائه
405

الحسنى فتسميتم بجميعها؟ فإن في ذلك دليلا على أنكم مثله في حالاته كلها، أو في
بعضها دون بعض؛ إذ جمعتم الأسماء الطيبة؟
قيل لهم: إن الله - تبارك وتعالى - ألزم العباد أسماء من أسمائه على اختلاف المعاني؛
وذلك كما يجمع الاسم الواحد معنيين مختلفين. والدليل على ذلك قول الناس الجائز عندهم
الشائع، وهو الذي خاطب الله به الخلق، فكلمهم بما يعقلون ليكون عليهم حجة في تضييع

1. في " خ ": " العليا ".
406

ما ضيعوا، فقد يقال للرجل: كلب وحمار وثور وسكرة وعلقمة وأسد، كل ذلك على خلافه
وحالاته، لم تقع الأسامي على معانيها التي كانت بنيت عليه؛ لأن الإنسان ليس بأسد ولا
كلب، فافهم ذلك رحمك الله.
وإنما سمي الله تعالى بالعلم بغير علم حادث علم به الأشياء، استعان به على حفظ ما
يستقبل من أمره والروية فيما يخلق من خلقه، ويفسد ما مضى مما أفنى من خلقه مما لو لم
يحضره ذلك العلم ويغيبه كان جاهلا ضعيفا، كما أنا لو رأينا علماء الخلق إنما سموا بالعلم

1. في " خ، ل ": " وقد ".
2. في " ل ": " لم تبقه بتأثيره " وفي حاشيته: " تباشره ".
3. في الكافي المطبوع: " يغيبه ".
407

لعلم حادث؛ إذ كانوا فيه جهلة، وربما فارقهم العلم بالأشياء، فعادوا إلى الجهل، وإنما
سمي الله عالما لأنه لا يجهل شيئا، فقد جمع الخالق والمخلوق اسم العالم، واختلف المعنى
على ما رأيت.
وسمي ربنا سميعا لا بخرت فيه، يسمع به الصوت ولا يبصر به، كما أن خرتنا الذي به

1. في حاشية " ت، خ، م ": لما كان الخلق حادثا، لم يكن حدوث العلم واضح الدلالة على كونهم جهلة بذواتهم،
فاحتاج إلى البيان بقوله: " وربما فارقهم ". (منه دام ظله العالي).
2. في الكافي المطبوع: " فيه ".
408

نسمع لا نقوى به على البصر، ولكنه أخبر أنه لا يخفى عليه شئ من الأصوات، ليس على
حد ما سمينا نحن، فقد جمعنا الاسم بالسمع واختلف المعنى.
وهكذا البصر لا بخرت منه أبصر، كما أنا نبصر بخرت منا لا ننتفع به في غيره، ولكن
الله بصير لا يحتمل شخصا منظورا إليه، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.
وهو قائم، ليس على معنى انتصاب وقيام على ساق في كبد كما قامت الأشياء، ولكن
قائم يخبر أنه حافظ، كقول الرجل: القائم بأمرنا فلان، والله هو القائم على كل نفس بما

1. في " خ ": " أو قيام ".
2. في " ل ": " يشتمل ".
3. في " خ ": " حافظه ".
4. في " ل ": " عند ".
5. قوله: " فلان " خبر لقوله: " الذي ".
6. في " ت ": " أو ".
7. في " خ ": " فلان أقام ".
409

كسبت، والقائم أيضا في كلام الناس: الباقي والقائم أيضا يخبر عن الكفاية كقولك للرجل:
قم بأمر بني فلان، أي اكفهم، والقائم منا قائم على ساق، فقد جمعنا الاسم ولم نجمع
المعنى.
وأما اللطيف، فليس على قلة وقضافة وصغر، ولكن ذلك على النفاذ في الأشياء
والامتناع من أن يدرك، كقولك للرجل: لطف عني هذا الأمر ولطف فلان في مذهبه وقوله:

1. في النسخ: " لم يجمع " والسياق يقتضي ما اخترناه كما في الكافي المطبوع.
2. في " خ ": " اللطيف ".
410

يخبرك أنه غمض فيه العقل وفات الطلب وعاد متعمقا متطلفا لا يدركه الوهم، فكذلك لطف
الله - تبارك وتعالى - عن أن يدرك بحد، أو يحد بوصف، واللطافة منا الصغر والقلة، فقد
جمعنا الاسم واختلف المعنى.
وأما الخبير، فالذي لا يعزب عنه شئ ولا يفوته ليس للتجربة ولا للاعتبار بالأشياء،
فعند التجربة والاعتبار علمان، ولولاهما ما علم؛ لأن من كان كذلك كان جاهلا، والله لم
يزل خبيرا بما يخلق، والخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم، فقد جمعنا الاسم
واختلف المعنى.

1. في " خ، ل ": " هنا ".
411

وأما الظاهر، فليس من أجل أنه علا الأشياء بركوب فوقها وقعود عليها وتسنم لذراها،
ولكن ذلك لقهره ولغلبته الأشياء وقدرته عليها، كقول الرجل: ظهرت على أعدائي
وأظهرني الله على خصمي يخبر عن الفلج والغلبة؛ فهكذا ظهور الله على الأشياء. ووجه
آخر: أنه الظاهر لمن أراده ولا يخفى عليه شئ، وأنه مدبر لكل ما برأ، فأي ظاهر أظهر
وأوضح من الله تبارك وتعالى؟ لأنك لا تعدم صنعته حيثما توجهت، وفيك من آثاره ما
يغنيك، والظاهر منا البارز بنفسه والمعلوم بحده، فقد جمعنا الاسم ولم يجمعنا المعنى.

1. في " خ، ل ": " لغيره ".
2. في " خ ": " هاهنا ".
412

وأما الباطن، فليس على معنى الاستبطان للأشياء بأن يغور فيها، ولكن ذلك منه على
استبطانه للأشياء علما وحفظا وتدبيرا، كقول القائل: أبطنته، يعني خبرته وعلمت مكتوم
سره، والباطن منا الغائب في الشئ المستتر، وقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.
وأما القاهر، فليس على معنى علاج ونصب واحتيال ومداراة ومكر، كما يقهر العباد
بعضهم بعضا، والمقهور منهم يعود قاهرا، والقاهر يعود مقهورا، ولكن ذلك من الله تبارك
وتعالى، على أن جميع ما خلق ملبس به الذل لفاعله وقلة الامتناع لما أراد به، لم يخرج
منه طرفة عين أن يقول له: كن فيكون، والقاهر منا على ما ذكرت ووصفت؛ فقد جمعنا
الاسم واختلف المعنى.

1. في الكافي المطبوع: " الغائب ".
2. في الكافي المطبوع: " وقد جمعنا ".
413

وهكذا جميع الأسماء وإن كنا لم نستجمعها كلها، فقد يكتفي الاعتبار بما ألقينا إليك،
والله عونك وعوننا في إرشادنا وتوفيقنا ".
/
باب تأويل الصمد
1. علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد - ولقبه
شباب الصيرفي - عن داود بن القاسم الجعفري، قال: قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام): جعلت
فداك، ما الصمد؟ قال: " السيد المصمود إليه في القليل والكثير ".

1. كذا في النسخ، ولا يبعد كونه في الأصل " بمعنى ".
2. في " ل ": " فأجاب ".
3. قوله: " فقده " عطف على " الخلو " المجرور بإضافة " عدم " إليه.
414

2. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن
عبد الرحمن، عن الحسن بن السري، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)
عن شئ من التوحيد، فقال: " إن الله - تباركت أسماؤه التي يدعا بها وتعالى في علو
كنهه - واحد، توحد بالتوحيد في توحده، ثم أجراه على خلقه، فهو واحد، صمد، قدوس،
يعبده كل شئ، ويصمد إليه كل شئ، ووسع كل شئ علما ".

1. في " خ، ل، م ": " يملكه ".
415

فهذا هو المعنى الصحيح في تأويل الصمد، لا ما ذهب إليه المشبهة: أن تأويل
الصمد: المصمت الذي لا جوف له؛ لأن ذلك لا يكون إلا من صفة الجسم، والله جل ذكره
متعال عن ذلك، هو أعظم وأجل من أن تقع الأوهام على صفته، أو تدرك كنه
عظمته، ولو كان تأويل الصمد في صفة الله - عز وجل - المصمت، لكان مخالفا لقوله
عز وجل: (ليس كمثله شئ) لأن ذلك من صفة الأجسام المصمتة التي لا أجواف
لها، مثل الحجر والحديد وسائر الأشياء المصمتة التي لا أجواف لها، تعالى الله عن
ذلك علوا كبيرا.
فأما ما جاء في الأخبار من ذلك، فالعالم (عليه السلام) أعلم بما قال، وهذا الذي قال (عليه السلام) أن الصمد
هو السيد المصمود إليه هو معنى صحيح موافق لقول الله عز وجل: (ليس كمثله شئ)
والمصمود إليه: المقصود في اللغة، قال أبو طالب في بعض ما كان يمدح به النبي (صلى الله عليه وآله) من
شعره:
وبالجمرة القصوى إذا صمدوا لها * يؤمون قذفا رأسها بالجنادل
يعني قصدوا نحوها يرمونها بالجنادل، يعني الحصا الصغار التي تسمى بالجمار.
وقال بعض شعراء الجاهلية شعرا:
ما كنت أحسب أن بيتا ظاهرا * لله في أكناف مكة يصمد
يعني يقصد.
وقال ابن الزبرقان: ولا رهيبة إلا سيد صمد
وقال شداد بن معاوية في حذيفة بن بدر:
علوته بحسام ثم قلت له * خذها حذيف فأنت السيد الصمد
ومثل هذا كثير، والله - عز وجل - هو السيد الصمد الذي جميع الخلق من الجن والإنس
إليه يصمدون في الحوائج، وإليه يلجأون عند الشدائد، ومنه يرجون الرخاء ودوام النعماء،
ليدفع عنهم الشدائد.
416

باب الحركة والانتقال
1. محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل البرمكي، عن علي بن عباس
الجراذيني، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر الجعفري، عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال:
ذكر عنده قوم يزعمون أن الله - تبارك وتعالى - ينزل إلى السماء الدنيا، فقال: " إن الله لا
ينزل ولا يحتاج إلى أن ينزل، إنما منظره في القرب والبعد سواء، لم يبعد منه قريب، ولم
يقرب منه بعيد، ولم يحتج إلى شئ، بل يحتاج إليه وهو ذو الطول، لا إله إلا هو العزيز
الحكيم. أما قول الواصفين: إنه ينزل تبارك وتعالى، فإنما يقول ذلك من ينسبه إلى نقص
أو زيادة، وكل متحرك محتاج إلى من يحركه أو يتحرك به، فمن ظن بالله الظنون هلك،

1. في الكافي المطبوع: - " منه ".
417

فاحذروا في صفاته من أن تقفوا له على حد تحدونه بنقص أو زيادة، أو تحريك أو
تحرك، أو زوال أو استنزال، أو نهوض أو قعود، فإن الله جل وعز عن صفة الواصفين،
ونعت الناعتين، وتوهم المتوهمين؛ وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم
وتقلبك في الساجدين ".
418

2. وعنه، رفعه، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر، عن أبي إبراهيم (عليه السلام) أنه
قال: " لا أقول: إنه قائم فأزيله عن مكانه، ولا أحده بمكان يكون فيه، ولا أحده أن يتحرك
في شئ من الأركان والجوارح، ولا أحده بلفظ شق فم، ولكن كما قال الله تبارك وتعالى:
(كن فيكون) بمشيئته من غير تردد في نفس، صمدا فردا، لم يحتج إلى شريك يذكر له
ملكه، ولا يفتح له أبواب علمه ".
3. وعنه، عن محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن داود بن عبد الله،

1. في حاشية " ت، م ": " عليه ".
2. في حاشية " ت ": أي كتب في بعض النسخ نسخة بدلا، وفي بعض النسخ قيدا وبيانا، وفي هذه النسخة جمع
بينهما.
419

عن عمرو بن محمد، عن عيسى بن يونس، قال: قال ابن أبي العوجاء لأبي عبد الله (عليه السلام) في
بعض ما كان يحاوره: ذكرت الله فأحلت على غائب، فقال أبو عبد الله: " ويلك، كيف يكون
غائبا من هو مع خلقه شاهد، وإليهم أقرب من حبل الوريد، يسمع كلامهم، ويرى
أشخاصهم، ويعلم أسرارهم؟ ".
فقال ابن أبي العوجاء: أهو في كل مكان، أليس إذا كان في السماء كيف يكون في
الأرض؟ وإذا كان في الأرض كيف يكون في السماء؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " إنما وصفت
المخلوق الذي إذا انتقل عن مكان اشتغل به مكان وخلا منه مكان، فلا يدري في المكان
الذي صار إليه ما يحدث في المكان الذي كان فيه، فأما الله العظيم الشأن الملك الديان،
فلا يخلو منه مكان، ولا يشتغل به مكان، ولا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان ".
420

4. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، قال: كتبت إلى أبي
الحسن علي بن محمد (عليهما السلام): جعلني الله فداك يا سيدي، قد روي لنا: أن الله في موضع دون
موضع على العرش استوى، وأنه ينزل كل ليلة في النصف الأخير من الليل إلى السماء
الدنيا، وروي: أنه ينزل عشية عرفة ثم يرجع إلى موضعه، فقال بعض مواليك في ذلك: إذا
كان في موضع دون موضع فقد يلاقيه الهواء ويتكنف عليه، والهواء جسم رقيق يتكنف
على كل شئ بقدره، فكيف يتكنف عليه جل ثناؤه على هذا المثال؟ فوقع (عليه السلام): " علم ذلك
عنده، وهو المقدر له بما هو أحسن تقديرا، واعلم أنه إذا كان في السماء الدنيا فهو كما هو
على العرش، والأشياء كلها له سواء علما وقدرة وملكا وإحاطة ".
* وعنه، عن محمد بن جعفر الكوفي، عن محمد بن عيسى مثله.
في قوله تعالى: (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم).
5. عنه، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن يعقوب بن يزيد،
عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: (ما يكون من

1. المجادلة (58): 7.
421

نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) فقال: " هو واحد واحدي الذات، بائن
من خلقه، وبذاك وصف نفسه: (وهو بكل شئ محيط) بالإشراف والإحاطة والقدرة
(لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر) بالإحاطة
والعلم، لا بالذات؛ لأن الأماكن محدودة تحويها حدود أربعة، فإذا كان بالذات لزمها
الحواية ".
في قوله: (الرحمن على العرش استوى)
6. علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن موسى

1. في " ل ": " مثقال ".
2. في " ل ": " بالإحاطة والعلم ".
3. طه (20): 5.
422

الخشاب، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل عن قول الله عز وجل: (الرحمن
على العرش استوى) فقال: " استوى على كل شئ، فليس شئ أقرب إليه من شئ ".
7. وبهذا الإسناد، عن سهل، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن مارد: أن أبا
عبد الله (عليه السلام) سئل عن قول الله عز وجل: (الرحمن على العرش استوى) فقال:
" استوى من كل شئ، فليس شئ أقرب إليه من شئ ".
8. وعنه، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن عبد
الرحمن بن الحجاج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى: (الرحمن على العرش
استوى) فقال: " استوى في كل شئ، فليس شئ أقرب إليه من شئ، لم يبعد منه بعيد،
ولم يقرب منه قريب، استوى في كل شئ ".
9. وعنه، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد،
عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " من

1. في الكافي المطبوع: " على ".
2. في " ل ": " إلى ".
3. في " خ ": " هاهنا "، في " ل ": " هذا ".
423

زعم أن الله من شئ، أو في شئ، أو على شئ فقد كفر ". قلت: فسر لي؟ قال: " أعني
بالحواية من الشئ له، أو بإمساك له، أو من شئ سبقه ".
* وفي رواية أخرى: " من زعم أن الله من شئ فقد جعله محدثا، ومن زعم أنه في
شئ فقد جعله محصورا، ومن زعم أنه على شئ فقد جعله محمولا ".
في قوله تعالى: (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله)
10. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، قال: قال أبو
شاكر الديصاني: إن في القرآن آية هي قولنا، قلت: ما هي؟ فقال: (وهو الذي في

1. الزخرف (43): 84.
424

السماء إله وفي الأرض إله) فلم أدر بما أجيبه، فحججت فخبرت أبا عبد الله (عليه السلام) فقال:
" هذا كلام زنديق خبيث، إذا رجعت إليه فقل له: ما اسمك بالكوفة؟ فإنه يقول: فلان، فقل
له: ما اسمك بالبصرة؟ فإنه يقول: فلان، فقل: كذلك الله ربنا، في السماء إله، وفي الأرض
إله، وفي البحار إله، وفي القفار إله، وفي كل مكان إله ". قال: فقدمت فأتيت أبا شاكر،
فأخبرته، فقال: هذه نقلت من الحجاز.
باب العرش والكرسي
1. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، رفعه، قال: سأل الجاثليق أمير
المؤمنين (عليه السلام) فقال: أخبرني عن الله - عز وجل - يحمل العرش أم العرش يحمله؟ فقال أمير
المؤمنين (عليه السلام): " الله - عز وجل - حامل العرش والسماوات والأرض وما فيهما وما بينهما،
وذلك قول الله عز وجل: (إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن
أمسكهما من أحد منم بعده إنه كان حليما غفورا)، قال: فأخبرني عن قوله: (ويحمل
عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) فكيف قال ذلك وقلت: إنه يحمل العرش والسماوات
والأرض؟! فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): " إن العرش خلقه الله تعالى من أنوار أربعة:

1. في الكافي المطبوع: " عز وجل ".
2. فاطر (35): 41.
425

نور أحمر، منه احمرت الحمرة، ونور أخضر، منه اخضرت الخضرة، ونور أصفر، منه
اصفرت الصفرة، ونور أبيض، منه أبيض البياض، وهو العلم الذي حمله الله الحملة،

1. في حاشية " ت ": قوله: " وما ارتبط به من النفوس الكاملة " مبتدأ، وخبره إما قوله: " يعلم به ما فيه "، وقوله:
" فهو الحامل الحافظ لذلك العقل " متفرع عليه؛ أو قوله " فهو الحامل ". والمراد بالنفوس الكاملة النفوس
الإنسانية، فهي حامله، كما سيجيء في الحديث الآتي تفسير الثمانية الحاملة بالنفوس الكاملة للإنسان الكامل.
2. جواب " لما كان العرش... ".
3. الحاقة (69): 17.
4. في " خ، ل، م ": " متناسبة ".
5. في " خ، ل ": " واحدة ".
6. في حاشية " ت ": وعلى هذا يكون معنى قول أمير المؤمنين (عليه السلام): " إن العرش خلقه الله تعالى من أنوار أربعة: نور
أحمر... " أنه خلقه من العلم بآثار الملك وغلبة السلطانية والقهر ولواحقها. وعلى هذا القياس في أنوار أخر.
426

وذلك نور من عظمته، فبعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين، وبعظمته ونوره عاداه
الجاهلون، وبعظمته ونوره ابتغى من في السماوات والأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة
بالأعمال المختلفة والأديان المشتبهة؛ فكل محمول يحمله الله بنوره وعظمته وقدرته لا
يستطيع لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، فكل شئ، محمول، والله -
تبارك وتعالى - الممسك لهما أن تزولا، والمحيط بهما من شئ وهو حياة كل شئ،
سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا ".
قال له: فأخبرني عن الله - عز وجل - أين هو؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): " هو هاهنا
وهاهنا وفوق وتحت ومحيط بنا ومعنا، وهو قوله: (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو

1. في الكافي المطبوع: + " عز وجل ".
427

رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا)
فالكرسي محيط بالسماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى، وإن تجهر بالقول فإنه
يعلم السر وأخفى، وذلك قوله تعالى: (وسع كرسيه السموات والأرض ولا يئوده حفظهما
وهو العلى العظيم) فالذين يحملون العرش هم العلماء الذين حملهم الله علمه، وليس يخرج
عن هذه الأربعة شئ خلق الله في ملكوته الذي أراه الله أصفياءه،

1. البقرة (2): 255.
2. في الكافي المطبوع: " خلق الله في ملكوته ".
3. الأنعام (6): 76.
4. الأنعام (6): 77.
428

وأراه خليله (عليه السلام) فقال: (وكذلك نرى إبر هيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين)
وكيف يحمل حملة العرش الله، وبحياته حييت قلوبهم، وبنوره اهتدوا إلى معرفته؟! ".
2. أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، قال: سألني أبو
قرة المحدث أن أدخله على أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فاستأذنته، فأذن لي، فدخل فسأله عن
الحلال والحرام، ثم قال له: أفتقر أن الله محمول؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): " كل محمول مفعول
به مضاف إلى غيره، محتاج، والمحمول اسم نقص في اللفظ، والحامل فاعل وهو في اللفظ
مدحة، وكذلك قول القائل: فوق وتحت وأعلا وأسفل، وقد قال الله: (وله الأسماء الحسنى
فادعوه بها) ولم يقل في كتبه إنه المحمول، بل قال: إنه الحامل في البر، والبحر،
والممسك السماوات والأرض أن تزولا، والمحمول ما سوى الله، ولم يسمع أحد آمن بالله
وعظمته قط قال في دعائه: يا محمول ".
قال أبو قرة: فإنه قال: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) وقال: (الذين
يحملون العرش). فقال أبو الحسن (عليه السلام): " العرش ليس هو الله، العرش اسم علم وقدرة،
وعرش فيه كل شئ، ثم أضاف الحمل إلى غيره: خلق من خلقه؛ لأنه استعبد خلقه بحمل

1. في " خ ": " عينا ".
429

عرشه، وهم حملة علمه وخلقا يسبحون حول عرشه وهم يعملون بعلمه، وملائكة يكتبون
أعمال عباده، واستعبد أهل الأرض بالطواف حول بيته، والله على العرش استوى، كما قال:
والعرش ومن يحمله ومن حول العرش والله الحامل لهم، الحافظ لهم، الممسك القائم على
كل نفس وفوق كل شئ، وعلى كل شئ، ولا يقال: محمول ولا أسفل، قولا مفردا لا
يوصل بشئ؛ فيفسد اللفظ والمعنى ".
قال أبو قرة: فتكذب بالرواية التي جاءت أن الله إذا غضب إنما يعرف غضبه أن

1. في حاشية " ت ": وقوله: " والعرش ومن يحمله ومن حول العرش " أي هم محمولون بقرينة قوله: " والله الحامل
لهم... " وما سبق من قوله: " كل محمول مفعول به " إلى قوله: " ولم يسمع أحد... " ويحتمل عطفه على قوله: " كل
محمول " وإن لم يخل عن بعد؛ لبعده عنه، والفصل بالسؤال (منه رحمه الله تعالى)
430

الملائكة الذين يحملون العرش يجدون ثقله على كواهلهم، فيخرون سجدا، فإذا ذهب
الغضب خف ورجعوا إلى مواقفهم؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): " أخبرني عن الله - تبارك وتعالى -
منذ لعن إبليس إلى يومك هذا هو غضبان عليه، فمتى رضي وهو في صفتك لم يزل غضبان
عليه وعلى أوليائه وعلى أتباعه، كيف تجترئ أن تصف ربك بالتغيير من حال إلى حال،
وأنه يجري عليه ما يجري على المخلوقين؟! سبحانه وتعالى، لم يزل مع الزائلين، ولم
يتغير مع المتغيرين، ولم يتبدل مع المتبدلين، ومن دونه في يده وتدبيره، وكلهم إليه
محتاج، وهو غني عمن سواه ".
3. محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد
الله، عن الفضيل بن يسار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله جل وعز: (وسع كرسيه
السموات والأرض) فقال: يا فضيل، كل شئ في الكرسي، السماوات

1. في " ل ": " أو حال ".
2. في " خ ": + " حالة " وفي " ل ": + " صفة ".
3. في " خ ": + " الله ".
431

والأرض وكل شئ في الكرسي ".
4. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن ثعلبة، عن
زرارة بن أعين، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله جل وعز: (وسع كرسيه السموات
والأرض) السماوات والأرض وسعن الكرسي، أم الكرسي وسع السماوات والأرض؟
فقال: " بل الكرسي وسع السماوات والأرض، والعرش وكل شئ وسع الكرسي ".
432

5. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب،
عن عبد الله بن بكير، عن زرارة بن أعين، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل:
(وسع كرسيه السموات والأرض) السماوات والأرض وسعن الكرسي، أو الكرسي
وسع السماوات والأرض؟ فقال: " إن كل شئ في الكرسي ".
6. محمد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن
محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " حملة العرش - والعرش:
العلم - ثمانية: أربعة منا، وأربعة ممن شاء الله ".
7. محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن كثير،
عن داود الرقي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وكان عرشه على
الماء)؟ فقال: " ما يقولون؟ " قلت: يقولون: إن العرش كان على الماء والرب فوقه، فقال:
" كذبوا، من زعم هذا فقد صير الله محمولا ووصفه بصفة المخلوق، ولزمه أن الشئ الذي
يحمله أقوى منه ". قلت: بين لي جعلت فداك؟ فقال: " إن الله حمل دينه وعلمه الماء قبل أن
يكون أرض أو سماء أو جن أو إنس أو شمس أو قمر، فلما أراد الله أن يخلق الخلق نثرهم

1. الأنبياء (21): 30.
433

بين يديه، فقال لهم: من ربكم؟ فأول من نطق رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة
صلوات الله عليهم، فقالوا: أنت ربنا، فحملهم العلم والدين، ثم قال للملائكة: هؤلاء حملة
ديني وعلمي وأمنائي في خلقي وهم المسؤولون، ثم قال لبني آدم: أقروا لله بالربوبية
ولهؤلاء النفر بالولاية والطاعة، فقالوا: نعم ربنا أقررنا، فقال الله للملائكة: اشهدوا. فقالت
الملائكة: شهدنا على أن لا يقولوا غدا: (إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك
آباؤنا من قبل وكنا ذرية منم بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون). يا داود، ولايتنا مؤكدة
عليهم في الميثاق ".
باب الروح
1. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن ابن
أذينة، عن الأحول، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الروح التي في آدم (عليه السلام)، قوله: (فإذا
سويته ونفخت فيه من روحي)؟ قال: " هذه روح مخلوقة، والروح التي في عيسى
مخلوقة ".

1. الحجر (15): 39؛ ص (38): 72.
434

2. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن ثعلبة، عن
حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وروح منه) قال: " هي روح الله
مخلوقة خلقها الله في آدم وعيسى ".
3. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن القاسم بن عروة،
عن عبد الحميد الطائي، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله
عز وجل: (ونفخت فيه من روحي) كيف هذا النفخ؟ فقال: " إن الروح متحرك كالريح، وإنما
سمي روحا لأنه اشتق اسمه من الريح، وإنما أخرجه عن لفظة الريح لأن الأرواح مجانسة
للريح، وإنما أضافه إلى نفسه لأنه اصطفاه على سائر الأرواح، كما قال لبيت من البيوت:
بيتي، ولرسول من الرسل: خليلي، وأشباه ذلك، وكل ذلك مخلوق، مصنوع، محدث،
مربوب، مدبر ".
4. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن بحر،
عن أبي أيوب الخراز، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عما يروون أن الله
خلق آدم على صورته، فقال: " هي صورة محدثة مخلوقة، واصطفاها الله واختارها على

1. في " خ ": " لفظ ".
435

سائر الصور المختلفة، فأضافها إلى نفسه، كما أضاف الكعبة إلى نفسه، والروح إلى نفسه،
فقال: بيتي، ونفخت فيه من روحي.
باب جوامع التوحيد
1. محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا، رفعاه إلى أبي عبد الله (عليه السلام): " أن
أمير المؤمنين (عليه السلام) استنهض الناس في حرب معاوية في المرة الثانية، فلما حشد الناس قام
خطيبا، فقال:
الحمد لله الواحد الأحد الصمد المتفرد الذي لا من شئ كان، ولا من شئ خلق ما كان،
قدرة بان بها من الأشياء وبانت الأشياء منه، فليست له صفة تنال، ولا حد تضرب له

1. في " ل " وحاشية " ت ": " إيجاده ".
436



1. في " خ ": + " له ".
2. في " خ، ل، م ": " المتغايرة ".
437

الأمثال، كل دون صفاته تحبير اللغات، وضل هناك تصاريف الصفات، وحار في
ملكوته عميقات مذاهب التفكير، وانقطع دون الرسوخ في علمه جوامع التفسير،
وحال دون غيبه المكنون حجب من الغيوب، تاهت في أدنى أدانيها طامحات العقول
في لطيفات الأمور.
فتبارك الله الذي لا يبلغه بعد الهمم، ولا يناله غوص الفطن، وتعالى الذي ليس له وقت
معدود، ولا أجل ممدود، ولا نعت محدود، سبحان الذي ليس له أول مبتدأ، ولا غاية
منتهى، ولا آخر يفنى، سبحانه، هو كما وصف نفسه، والواصفون لا يبلغون نعته، وحد
الأشياء كلها عند خلقه إبانة لها من شبهه، وإبانة له من شبهها، لم يحلل فيها فيقال: هو فيها
كائن، ولم ينأ عنها فيقال: هو منها بائن، ولم يخل منها فيقال له: أين، لكنه سبحانه أحاط
438

بها علمه وأتقنها صنعه وأحصاها حفظه، لم يعزب عنه خفيات غيوب الهواء، ولا غوامض
مكنون ظلم الدجى، ولا ما في السماوات العلى إلى الأرضين السفلى، لكل شئ منها
حافظ ورقيب، وكل شئ منها بشئ محيط، والمحيط بما أحاط منها.

1. في " خ ": " أحصاها ".
2. في " خ، ل ": " لا يغيره ".
439

الواحد الأحد الصمد الذي لا يغيره صروف الأزمان، ولا يتكأده صنع شئ كان، إنما
قال لما شاء: كن، فكان، ابتدع ما خلق بلا مثال سبق، ولا تعب ولا نصب، وكل صانع شئ

1. في " خ، ل): " محل ".
2. في " خ ": " مبدئية ".
440

فمن شئ صنع، والله لا من شئ صنع ما خلق، وكل عالم فمن بعد جهل تعلم، والله لم يجهل
ولم يتعلم، أحاط بالأشياء علما قبل كونها، فلم يزدد بكونها علما، علمه بها قبل أن يكونها
كعلمه بعد تكوينها، لم يكونها لتشديد سلطان ولا خوف من زوال ولا نقصان، ولا استعانة
على ضد مناو، ولا ند مكاثر، ولا شريك مكابر، لكن خلائق مربوبون، وعباد داخرون.
فسبحان الذي لا يؤوده خلق ما ابتدأ، ولا تدبير ما برأ، ولا من عجز ولا من فترة بما
خلق اكتفى، علم ما خلق، وخلق ما علم، لا بالتفكير في علم حادث أصاب ما خلق،

1. في " خ ": " لا بالتفكر ".
441

ولا شبهة دخلت عليه فيما لم يخلق، لكن قضاء مبرم، وعلم محكم، وأمر متقن، توحد
بالربوبية، وخص نفسه بالوحدانية، واستخلص بالمجد والثناء، وتفرد بالتوحيد والمجد
والسناء، وتوحد بالتحميد، وتمجد بالتمجيد، وعلا عن اتخاذ الأبناء، وتطهر وتقدس
عن ملامسة النساء، وعز وجل عن مجاورة الشركاء، فليس له فيما خلق ضد، ولا له فيما

1. في " خ، ل ": " فيه ".
2. في " ل ": " كل شئ ".
442

ملك ند، ولم يشركه في ملكه أحد، الواحد الأحد الصمد، المبيد للأبد، والوارث للأمد،
الذي لم يزل ولا يزال وحدانيا أزليا قبل بدء الدهور، وبعد صروف الأمور، الذي لا يبيد
ولا ينفد، بذلك أصف ربي، فلا إله إلا الله من عظيم ما أعظمه، ومن جليل ما أجله، ومن
عزيز ما أعزه، وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا ".
وهذه الخطبة من مشهورات خطبه (عليه السلام) حتى لقد ابتذلها العامة، وهي كافية لمن طلب
علم التوحيد إذا تدبرها وفهم ما فيها، فلو اجتمع ألسنة الجن والإنس ليس فيها لسان نبي

1. في حاشية " ت، م ": " المبيد " اسم فاعل من أباد يبيد من باب الإفعال من باد، بمعنى ذهب وانقطع. والهمزة
للإزالة، أي مزيل بطلانه وذهابه وانقطاعه بإعطاء وجوده وإبقائه فهو خالقه ومبقيه، ويمكن أن يحمل الإبادة
على الإذهاب، أي المذهب لما لا ينتهي من الزمان أو الدهر، فإنه في الذهاب دائما، وهو سبحانه مذهبه كما أنه
مجدده (منه). وفي حاشية " خ ": الظاهر " المؤبد " وإن كان رسم الخط لا يساعده (لراقمه خليل).
2. في " ل ": " على ".
3. في حاشية " ت ": وتفسير " وحدانيا " بهذا المعنى لأن قوله: " المبيد للأبد " رد على الدهري، والدهر والزمان
ينقسمان. وقوله: " ولم يزل ولا يزال وحدانيا " مناسب لهذا المعنى في هذا المقام.
4. في " خ، ل، م ": " لا بالدخول ".
443

على أن يبينوا التوحيد بمثل ما أتى به - بأبي وأمي - ما قدروا عليه، ولولا إبانته (عليه السلام) ما
علم الناس كيف يسلكون سبيل التوحيد، ألا ترون إلى قوله: " لا من شئ كان، ولا من
شئ خلق ما كان " فنفى بقوله: " لا من شئ كان " معنى الحدوث. وكيف أوقع على ما
أحدثه صفة الخلق والاختراع بلا أصل ولا مثال، نفيا لقول من قال: إن الأشياء كلها محدثة
بعضها من بعض، وإبطالا لقول الثنوية الذين زعموا أنه لا يحدث شيئا إلا من أصل، ولا
يدبر إلا باحتذاء مثال.
فدفع (عليه السلام) بقوله: " لا من شئ خلق ما كان " جميع حجج الثنوية وشبههم؛ لأن أكثر ما
يعتمد الثنوية في حدوث العالم أن يقولوا لا يخلو من أن يكون الخالق خلق الأشياء من
شئ أو من لا شئ، فقولهم: من شئ خطأ، وقولهم من لا شئ مناقضة وإحالة؛ لأن
" من " توجب شيئا و " لا شئ " تنفيه؛ فأخرج أمير المؤمنين (عليه السلام) هذه اللفظة على أبلغ الألفاظ
وأصحها، فقال: " لا من شئ خلق ما كان " فنفى " من " إذ كانت توجب شيئا، ونفى
" الشئ " إذ كان كل شئ مخلوقا محدثا لا من أصل أحدثه الخالق، كما قالت الثنوية: إنه
خلق من أصل قديم، فلا يكون تدبير إلا باحتذاء مثال.
ثم قوله (عليه السلام): " ليست له صفة تنال ولا حد تضرب له فيه الأمثال، كل دون صفاته تحبير
اللغات " فنفى (عليه السلام) أقاويل المشبهة حين شبهوه بالسبيكة والبلورة، وغير ذلك من أقاويلهم
من الطول والاستواء، وقولهم: " متى ما لم تعقد القلوب منه على كيفية، ولم ترجع إلى
إثبات هيئة لم تعقل شيئا، فلم تثبت صانعا " ففسر أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه واحد بلا كيفية،
وأن القلوب تعرفه بلا تصوير ولا إحاطة.
ثم قوله (عليه السلام): " الذي لا يبلغه بعد الهمم ولا يناله غوص الفطن، وتعالى الذي ليس له
وقت معدود، ولا أجل ممدود، ولا نعت محدود "؛ ثم قوله (عليه السلام): " لم يحلل في الأشياء،
فيقال: هو فيها كائن، ولم ينأ عنها، فيقال: هو منها بائن " فنفى (عليه السلام) بهاتين الكلمتين صفة
الأعراض والأجسام؛ لأن من صفة الأجسام التباعد والمباينة، ومن صفة الأعراض الكون
في الأجسام بالحلول على غير مماسة، ومباينة الأجسام على تراخي المسافة.
ثم قال (عليه السلام): " لكن أحاط بها علمه وأتقنها صنعه " أي هو في الأشياء بالإحاطة والتدبير
444

وعلى غير ملامسة.
2. علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن الحسين بن يزيد، عن الحسن بن
علي بن أبي حمزة، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " إن الله - تبارك اسمه وتعالى
ذكره وجل ثناؤه - سبحانه وتقدس وتفرد وتوحد، ولم يزل ولا يزال، وهو الأول والآخر،
والظاهر والباطن، فلا أول لأوليته، رفيعا في أعلى علوه، شامخ الأركان، رفيع البنيان،
عظيم السلطان، منيف الآلاء، سني العلياء، الذي عجز الواصفون عن كنه صفته،

1. في حاشية " ت، م ": أي في علوه الموصوف بأنه الأعلى من كل علو يدرك أو يعبر عنه. والمفضل عليه غير
مذكور، كما في المعنى الأول. وإضافة " أعلى " إلى " علوه " من إضافة الصفة إلى الموصوف المجوزة عند
الكوفيين، أو بتأويل كما هو على مذهب البصريين. والمفضل عليه المعبر عنه بكل علو يصل إليه أو يدركه
الأوهام والأذهان، يراد به كل علو يدرك بوجه من الوجوه لذهن من الأذهان، أو يعبر عنه بعبارة ولسان كيفما
كان، فإن حمل الإضافة إلى المفضل عليه الذي هو علوه، لاستقام بلا تكلف؛ لأن إضافة " العلو " إليه
سبحانه لا تنافي كونه مدركا بوجه من الوجوه للأذهان والأوهام، أو معبرا عنه بعبارة وافية بالدلالة على المرام
(منه سلمه الله تعالى).
445

ولا يطيقون حمل معرفة إلهيته، ولا يحدون حدوده؛ لأنه بالكيفية لا يتناهى إليه ".
3. علي بن إبراهيم، عن المختار بن محمد بن المختار؛ ومحمد بن الحسن، عن عبد
الله بن الحسن العلوي جميعا، عن الفتح بن يزيد الجرجاني، قال: ضمني وأبا الحسن (عليه السلام)
الطريق في منصرفي من مكة إلى خراسان وهو سائر إلى العراق، فسمعته يقول: " من اتقى
الله يتقى، ومن أطاع الله يطاع "، فتلطفت في الوصول إليه، فوصلت، فسلمت عليه، فرد
علي السلام، ثم قال: " يا فتح، من أرضى الخالق لم يبال بسخط المخلوق، ومن أسخط
الخالق فقمن أن يسلط الله عليه سخط المخلوق، وإن الخالق لا يوصف إلا بما وصف به

1. في الكافي المطبوع: " عجز ".
2. في الكافي المطبوع: " حمل معرفة إلهيته ".
3. في الكافي المطبوع: " فتلطفت ".
446

نفسه، وأنى يوصف الذي تعجز الحواس أن تدركه، والأوهام أن تناله، والخطرات أن
تحده، والأبصار عن الإحاطة به، جل عما وصفه الواصفون، وتعالى عما ينعته الناعتون،
نأى في قربه، وقرب في نأيه، فهو في نأيه قريب، وفى قربه بعيد، كيف الكيف فلا يقال:
كيف، وأين الأين فلا يقال: أين؛ إذ هو منقطع الكيفوفية والأينونية ".

1. في حاشية " ت، ل، م ": الإطلاق إشارة إلى شمول الأبصار لأبصار العيون وأبصار الأوهام (منه دام ظله).
447

4. محمد بن أبي عبد الله، رفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: بينا أمير المؤمنين (عليه السلام)
يخطب على منبر الكوفة إذ قام إليه رجل يقال له: ذعلب، ذو لسان بليغ في الخطب،
شجاع القلب، فقال: يا أمير المؤمنين، هل رأيت ربك؟ قال: " ويلك يا ذعلب، ما كنت
أعبد ربا لم أره ". فقال: يا أمير المؤمنين، كيف رأيته؟ قال: " ويلك يا ذعلب، لم تره
العيون بمشاهدة الأبصار، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، ويلك يا ذعلب، إن ربي
لطيف اللطافة لا يوصف باللطف، عظيم العظمة لا يوصف بالعظم، كبير الكبرياء لا يوصف
بالكبر، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ، قبل كل شئ، لا يقال شئ قبله، وبعد كل شئ،

1. في " خ ": " بعد ".
2. في " ل ": " منقطع ".
448

لا يقال له: بعد، شاء الأشياء لا بهمة، دراك لا بخديعة، في الأشياء كلها غير متمازج بها

1. في حاشية " ت ": خدع الضب في جحرها، أي دخل. وخدعه، أي ختله وأراد به المكروه من حيث لا يعلم.
وسوقهم خادعة، أي مختلفة. ودينار خادع، أي ناقص. والخديعة اسم يطلق لهذه المعاني، فكل ما يتم بدخول
آلة أو بحركة نفسانية أو بأمور مختلفة يصح فيه أنه بخديعة، ولذا عبر عن نفي الخديعة بنفي الآلة والحركة
النفسانية إلى المقاصد وما يشبهها من الحيل والخوادع... وأما القاهر فليس على معنى علاج ونصب واحتيال
ومداراة ومكر، كما يقهر العباد بعضهم بعضا. والدراك لغة أعم مأخذا من القاهر، وإن كان قد يستعمل المدرك
بغلبة. والواقع في هذا الكلام يصح على الوجهين (منه).
449



1. في " خ، ل ": " بمقارنة ".
450

ولا بائن منها، ظاهر لا بتأويل المباشرة، متجل لا باستهلال رؤية، ناء لا بمسافة، قريب لا
بمداناة، لطيف لا بتجسم، موجود لا بعد عدم، فاعل لا باضطرار، مقدر لا بحركة، مريد لا
بهمامة، سميع لا بآلة، بصير لا بأداة، لا تحويه الأماكن، ولا تضمنه الأوقات، ولا تحده
الصفات، ولا تأخذه السنات، سبق الأوقات كونه، والعدم وجوده، والابتداء أزله، بتشعيره
المشاعر عرف أن لا مشعر له، وبتجهيره الجواهر عرف أن لا جوهر له، وبمضادته بين

1. في الكافي المطبوع: " لا تضمنه ".
2. في " ل ": " لا بصفة ".
451

الأشياء عرف أن لا ضد له، وبمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له، ضاد النور بالظلمة،
واليبس بالبلل، والخشن باللين، والصرد بالحرور، مؤلف بين متعادياتها، ومفرق بين
متدانياتها، دالة بتفريقها على مفرقها وبتأليفها على مؤلفها، وذلك قوله تعالى: (ومن كل

1. في " خ ": " المحدودة ".
452

شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) ففرق بين قبل وبعد ليعلم أن لا قبل له ولا بعد له،
شاهدة بغرائزها أن لا غريزة لمغرزها، مخبرة بتوقيتها أن لا وقت لموقتها، حجب بعضها عن
بعض ليعلم أن لا حجاب بينه وبين خلقه، كان ربا إذ لا مربوب، وإلها إذ لا مألوه، وعالما إذ
لا معلوم، وسميعا إذ لا مسموع ".

1. الذاريات (51): 49.
2. في " ل ": " المتحدد ".
453

5. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن شباب الصيرفي - واسمه محمد بن الوليد -
عن علي بن سيف بن عميرة، قال: حدثني إسماعيل بن قتيبة، قال: دخلت أنا وعيسى
شلقان على أبي عبد الله (عليه السلام)، فابتدأنا، فقال: " عجبا لأقوام يدعون على أمير المؤمنين (عليه السلام) ما
لم يتكلم به قط، خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) الناس بالكوفة، فقال: الحمد لله الملهم عباده
حمده، وفاطرهم على معرفة ربوبيته، الدال على وجوده بخلقه، وبحدوث خلقه على أزله،
وباشتباههم على أن لا شبه له، المستشهد بآياته على قدرته، الممتنعة من الصفات ذاته،
454

ومن الأبصار رؤيته، ومن الأوهام الإحاطة به، لا أمد لكونه، ولا غاية لبقائه، لا تشمله
المشاعر، ولا تحجبه الحجب، والحجاب بينه وبين خلقه خلقه إياهم، لامتناعه مما يمكن
في ذواتهم، ولإمكان مما يمتنع منه، ولافتراق الصانع من المصنوع، والحاد من المحدود،

1. في " ل ": " عنه ".
455

والرب من المربوب، الواحد بلا تأويل عدد، والخالق لا بمعنى حركة، والبصير لا بأداة، والسميع
لا بتفريق آلة، والشاهد لا بمماسة، والباطن لا باجتنان، والظاهر البائن لا بتراخي مسافة،

1. في حاشية " ت ": لأن الوحدة المعتبرة في الممكنات وحدة زائدة على ماهياتها، بخلاف الوحدة المعتبرة في
الواجب، وإن كان العقل ينتزع منها وحدة. ونسبة الوحدة إلى الممكنات والواجب كنسبة الوجود إليهما.
2. في الكافي المطبوع: " لا بتفريق ".
3. في حاشية " ت ": المراد بآلة السمع إما ما تشتمل على القوة المدركة على أنه محلها أو مشتمل على محلها،
وإما ما يحصل به الكيفية المسموعة. والأول كباطن الأذن المحيط بخرقها، فبإدخال شيء ذي هيئة صوتية في
خرقها إلى الحاملة للقوة تصير مستعملة، وإنما يحصل بتفريق الآلة. والثاني كالمقلوع بقلعه والمقروع بقرعه
المحصل للصوت كما ذكر في الاحتمال. والتفريق حينئذ واضح. وحمل الآلة على ما يشمل القسمين أشمل
وأحسن (منه).
456

أزله نهية لمجاول الأفكار، ودوامه ردع لطامحات العقول، قد حسر كنهه نوافذ
الأبصار، وقمع وجوده جوائل الأوهام، فمن وصف الله فقد حده، ومن حده فقد عده،

1. كذا في النسخ وفي " ج ": " لمجال " وفي الكافي المطبوع: " نهية لمجاول ". وفي حاشية " ت، م ": في كثير من
النسخ " أزله نهية " بضم النون وفتح الياء المثناة من تحت بعد الهاء. والنهية اسم بمعنى النهي، ومجاول - بالجيم -
جمع المصدر الميمي بمعنى الفاعل. وفي بعض النسخ " محاول " بالحاء غير المعجمة، ومعناه جودة النظر.
والمعنى لا يختلف، لكن قوله: " وقمع وجوده جوائل الأوهام " يقوي كون " مجاول " بالجيم كما في أكثر النسخ؛
لنظر إحدى القرينتين إلى الأخرى (منه حفظه الله تعالى).
2. كذا في النسخ والكافي المطبوع، ولكن في حاشية " ت، م ": في بعض النسخ: " نوافذ الأبصار " مكان " نواقد
الأبصار ". وهذه القرينة ناظرة إلى القرينة التي قبلها وهي: " دوامه ردع لطامحات العقول " كما أن ما بعده من
قوله: " وقمع وجوده جوائل الأوهام " ناظر إلى قوله: " وأزله نهي لمحاول الأفكار " والناظران كالمبين والمؤكد
للمنظور إليهما (منه).
457

ومن عده فقد أبطل أزله، ومن قال: أين؟ فقد غياه، ومن قال: علام؟ فقد أخلى منه، ومن
قال فيم؟ فقد ضمنه ".
6. رواه محمد بن الحسين، عن صالح بن حمزة، عن فتح بن عبد الله مولى بني هاشم،
قال: كتبت إلى أبي إبراهيم (عليه السلام) أسأله عن شيء من التوحيد، فكتب إلي بخطه: " الحمد لله
الملهم عباده حمده " وذكر مثل ما رواه سهل بن زياد إلى قوله: " وقمع وجوده جوائل
الأوهام ".
ثم زاد فيه: " أول الديانة به معرفته، وكمال معرفته توحيده، وكمال توحيده نفي
458

الصفات عنه، بشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة الموصوف أنه غير الصفة،
وشهادتهما جميعا بالتثنية الممتنع منه الأزل؛ فمن وصف الله فقد حده، ومن حده فقد عده،
ومن عده فقد أبطل أزله، ومن قال: كيف؟ فقد استوصفه، ومن قال: فيم؟ فقد ضمنه، ومن

1. في " خ ": + " بحد ".
459

قال علام؟ فقد جهله، ومن قال: أين؟ فقد أخلى منه، ومن قال ما هو؟ فقد نعته، ومن قال:
إلى ما؟ فقد غاياه، عالم إذ لا معلوم، وخالق إذ لا مخلوق، ورب إذ لا مربوب، وكذلك
يوصف ربنا وفوق ما يصفه الواصفون ".
7. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أحمد بن النضر
وغيره، عمن ذكره، عن عمرو بن ثابت، عن رجل سماه، عن أبي إسحاق السبيعي، عن

1. في الكافي المطبوع: " جهله ".
460

الحارث الأعور، قال: خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) خطبة بعد العصر، فعجب الناس من حسن
صفته وما ذكره من تعظيم الله جل جلاله. قال أبو إسحاق: فقلت للحارث: أوما حفظتها؟
قال: قد كتبتها، فأملاها علينا من كتابه: " الحمد لله الذي لا يموت ولا تنقضي عجائبه، لأنه
كل يوم في شأن من إحداث بديع لم يكن، الذي لم يلد فيكون في العز مشاركا، ولم

1. في " ل ": + " هو ".
461

يولد فيكون موروثا هالكا، ولم تقع عليه الأوهام فتقدره شبحا ماثلا، ولم تدركه الأبصار
فيكون بعد انتقالها حائلا، الذي ليست في أوليته نهاية، ولا لآخريته حد ولا غاية، الذي
لم يسبقه وقت، ولم يتقدمه زمان، ولا يتعاوره زيادة ولا نقصان، ولا يوصف بأين
ولا بم ولا مكان، الذي بطن من خفيات الأمور، وظهر في العقول بما يرى في خلقه من

1. في " خ " والكافي المطبوع: " لم تقع ".
2. في الكافي المطبوع: " ماثلا ".
3. في الكافي المطبوع: " انتقالها ".
4. في الكافي المطبوع: " حائلا ".
5. في الكافي المطبوع: " لا غاية ".
6. في " خ ": " القول ".
462

علامات التدبير، الذي سئلت الأنبياء عنه فلم تصفه بحد ولا ببعض، بل وصفته بفعاله،
ودلت عليه بآياته، لا تستطيع عقول المتفكرين جحده، لأن من كانت السماوات والأرض
فطرته وما فيهن وما بينهن، وهو الصانع لهن، فلا مدفع لقدرته، الذي نأى من الخلق، فلا
شيء كمثله، الذي خلق خلقه لعبادته، وأقدرهم على طاعته بما جعل فيهم وقطع عذرهم
463

بالحجج، فعن بينة هلك من هلك، وبمنه نجا من نجا، ولله الفضل مبدئا ومعيدا، ثم إن
الله - وله الحمد - افتتح الحمد لنفسه، وختم أمر الدنيا ومحل الآخرة بالحمد لنفسه، فقال:
(وقضى بينهم بالحق، وقيل الحمد لله رب العالمين).
الحمد لله اللابس الكبرياء بلا تجسيد، والمرتدي بالجلال بلا تمثيل، والمستوي على

1. الزمر (39): 75.
464

العرش بغير زوال، والمتعالي على الخلق بلا تباعد منهم ولا ملامسة منه لهم، ليس له حد
ينتهي إلى حد، ولا له مثل فيعرف بمثله، ذل من تجبر غيره، وصغر من تكبر دونه،
وتواضعت الأشياء لعظمته، وانقادت لسلطانه وعزته، وكلت عن إدراكه طروف العيون،
وقصرت دون بلوغ صفته أوهام الخلائق، الأول قبل كل شيء ولا قبل له، والآخر بعد كل
شيء ولا بعد له، الظاهر على كل شيء بالقهر له، والمشاهد لجميع الأماكن بلا انتقال إليها،
لا تلمسه لامسة، ولا تحسه حاسة، هو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم

1. في " خ، ل ": " تعبده ".
465

العليم، أتقن ما أراد من خلقه من الأشباح كلها، لا بمثال سبق إليه، ولا لغوب دخل عليه في
خلق ما خلق لديه، ابتدأ ما أراد ابتداءه، وأنشأ ما أراد إنشاءه على ما أراد من الثقلين الجن
والإنس، ليعرفوا بذلك ربوبيته، وتمكن فيهم طاعته، نحمده بجميع محامده كلها على
جميع نعمائه كلها، ونستهديه لمراشد أمورنا، ونعوذ به من سيئات أعمالنا، ونستغفره
للذنوب التي سبقت منا، ونشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، بعثه بالحق نبيا
دالا عليه وهاديا إليه، فهدى به من الضلالة واستنقذنا به من الجهالة، من يطع الله ورسوله
فقد فاز فوزا عظيما، ونال ثوابا جزيلا، ومن يعص الله ورسوله فقد خسر خسرانا مبينا،
واستحق عذابا أليما، فأنجعوا بما يحق عليكم من السمع والطاعة وإخلاص النصيحة
وحسن المؤازرة.
وأعينوا على أنفسكم بلزوم الطريقة المستقيمة، وهجر الأمور المكروهة، وتعاطوا الحق
بينكم وتعاونوا به دوني، وخذوا على يد الظالم السفيه، ومروا بالمعروف، وانهوا عن
المنكر، واعرفوا لذوي الفضل فضلهم، عصمنا الله وإياكم بالهدى، وثبتنا وإياكم على
التقوى، وأستغفر الله لي ولكم ".

1. في الكافي المطبوع: " وتعاطوا ".
466

باب النوادر
1. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن سيف
بن عميرة، عمن ذكره، عن الحارث بن المغيرة النصري، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول
الله تبارك وتعالى: (كل شئ هالك إلا وجهه): فقال: " ما يقولون فيه؟ " قلت: يقولون:
يهلك كل شيء إلا وجه الله، فقال: " سبحان الله لقد قالوا قولا عظيما، إنما عنى بذلك وجه
الله الذي يؤتى منه ".
2. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر،
عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (كل شئ هالك إلا وجهه)
قال: " من أتى الله بما أمر من طاعة محمد (صلى الله عليه وآله) فهو الوجه الذي لا يهلك، وكذلك قال: (من
يطع الرسول فقد أطاع الله) ".
3. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي

1. في " خ ": + " والهلاك ".
467

سلام النخاس، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " نحن المثاني الذي أعطاه الله
نبينا محمدا (صلى الله عليه وآله)، ونحن وجه الله نتقلب في الأرض بين أظهركم، ونحن عين الله في خلقه،

1. كذا في النسخ والصحيح " أعطاه " كما في الكافي المطبوع.
2. في " خ ": " كتاب ".
3. التوحيد، ص 164، باب معنى جنب الله عز وجل، ح 1؛ بصائر الدرجات، ص 64، باب في الأئمة أنهم حجة الله
وباب الله...، ح 13 مع اختلاف يسير.
4. في " خ، ل ": " تأخذ ".
5. في " خ ": " آخر ".
6. الحجر (15): 87.
468

ويده المبسوطة بالرحمة على عباده، عرفنا من عرفنا، وجهلنا من جهلنا وإمامة المتقين ".
4. الحسين بن محمد الأشعري ومحمد بن يحيى جميعا، عن أحمد بن إسحاق، عن
سعدان بن مسلم، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (ولله
الأسماء الحسنى فادعوه بها) قال: " نحن والله الأسماء الحسنى التي لا يقبل الله من العباد
عملا إلا بمعرفتنا ".
5. محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن الحسين بن الحسن، عن بكر
بن صالح، عن الحسن بن سعيد، عن الهيثم بن عبد الله، عن مروان بن صباح، قال: قال أبو
عبد الله (عليه السلام): " إن الله خلقنا فأحسن خلقنا، وصورنا فأحسن صورنا، وجعلنا عينه في عباده،

1. في " خ ": + " بعلم ".
469

ولسانه الناطق في خلقه، ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة، ووجهه الذي يؤتى
منه، وبابه الذي يدل عليه، وخزانه في سمائه وأرضه، بنا أثمرت الأشجار وأينعت الثمار،

1. في " ل ": " تظهر ".
2. الذاريات (51): 56.
470

وجرت الأنهار، وبنا ينزل غيث السماء، وينبت عشب الأرض، وبعبادتنا عبد الله، ولولا
نحن ما عبد الله ".
6. محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمه
حمزة بن بزيع، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (فلما آسفونا انتقمنا منهم)
فقال: " إن الله - عز وجل - لا يأسف كأسفنا، ولكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون ويرضون وهم
مخلوقون مربوبون، فجعل رضاهم رضا نفسه وسخطهم سخط نفسه؛ لأنه جعلهم الدعاة
إليه والأدلاء عليه، فلذلك صاروا كذلك، وليس أن ذلك يصل إلى الله ما يصل إلى خلقه،
لكن هذا معنى ما قال من ذلك، وقد قال: " من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ودعاني

1. في الكافي المطبوع: " عز وجل ".
2. في " خ، ل، م ": " من ".
471

إليها " وقال: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) وقال: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله
يد الله فوق أيديهم) فكل هذا وشبهه على ما ذكرت لك، وهكذا الرضا والغضب وغيرهما
من الأشياء مما يشاكل ذلك، ولو كان يصل إلى الله الأسف والضجر، وهو الذي خلقهما
وأنشأهما لجاز لقائل هذا أن يقول: إن الخالق يبيد يوما ما، لأنه إذا دخله الغضب والضجر
دخله التغيير، وإذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الإبادة، ثم لم يعرف المكون من المكون، ولا
القادر من المقدور عليه، ولا الخالق من المخلوق، تعالى الله عن هذا القول علوا كبيرا، بل
هو الخالق للأشياء لا لحاجة، فإذا كان لا لحاجة استحال الحد والكيف فيه؛ فافهم إن شاء الله
تعالى ".
7. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن محمد بن حمران
عن أسود بن سعيد، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فأنشأ يقول ابتداء منه من غير أن أسأله:
" نحن حجة الله، ونحن باب الله، ونحن لسان الله، ونحن وجه الله، ونحن عين الله في خلقه،
ونحن ولاة أمر الله في عباده ".
472

8. محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن
حسان الجمال، قال: حدثني هاشم بن أبي عمار الجنبي، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام)
يقول: " أنا عين الله، وأنا يد الله، وأنا جنب الله، وأنا باب الله ".
9. محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمه
حمزة بن بزيع، عن علي بن سويد، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) في قول الله
عز وجل: (يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله) قال: " جنب الله: أمير
المؤمنين (عليه السلام)، وكذلك ما كان بعده من الأوصياء بالمكان الرفيع إلى أن ينتهي الأمر إلى
آخرهم ".
10. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن علي بن
الصلت، عن الحكم وإسماعيل ابني حبيب، عن بريد العجلي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام)
يقول: " بنا عبد الله، وبنا عرف الله، وبنا وحد الله تبارك وتعالى، ومحمد حجاب الله تبارك
وتعالى ".

1. معاني الأخبار، ص 306، باب معنى القميص والرداء، ح 1؛ الخصال، ص 481، ح 55، وفيهما: " إن الله تبارك
وتعالى خلق نور محمد قبل أن خلق السماوات والأرض و... "؛ عوالي اللئالي، ج 4، ص 99، ح 140.
473

11. بعض أصحابنا، عن محمد بن عبد الله، عن عبد الوهاب بن بشر، عن موسى بن
قادم، عن سليمان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: (وما
ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) قال: " إن الله تعالى أعظم وأعز وأجل وأمنع من
أن يظلم ولكنه خلطنا بنفسه، فجعل ظلمنا ظلمه، وولايتنا ولايته، حيث يقول: (إنما وليكم
الله ورسوله والذين آمنوا) يعني الأئمة منا ".
* ثم قال في موضع آخر: (وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) ثم
ذكر مثله.

1. المائدة (5): 55.
2. البقرة (2): 57؛ الأعراف (7): 160.
474

باب البداء
1. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن أبي إسحاق
ثعلبة، عن زرارة بن أعين، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: " ما عبد الله بشيء مثل البداء ".

1. الرعد (13): 39.
2. في " خ ": " ثابتا ".
475

* وفي رواية ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام): " ما عظم الله
بمثل البداء ".
2. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم وحفص بن
البختري وغيرهما، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال في هذه الآية: (يمحوا الله ما يشاء ويثبت)
قال: فقال: " وهل يمحى إلا ما كان ثابتا، وهل يثبت إلا ما لم يكن؟ ".
3. علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " ما بعث الله نبيا حتى يأخذ عليه ثلاث خصال: الاقرار له بالعبودية،
وخلع الأنداد، وأن الله يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء ".
4. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة،
عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: (قضى أجلا وأجل مسمى
عند هو) قال: " هما أجلان: أجل محتوم، وأجل موقوف ".

1. في " خ، ل ": " بحقيقة ".
2. في " خ ": " لقربهم "، وفي " ل، م ": " يقربهم ".
476

5. أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن علي بن أسباط، عن
خلف بن حماد، عن ابن مسكان، عن مالك الجهني قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله
تعالى: (أولم ير الانسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا) قال: فقال: " لا مقدرا ولا
مكونا ". قال: وسألته عن قوله: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا
مذكورا) فقال: " كان مقدرا غير مذكور ".
6. محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله،
عن الفضيل بن يسار، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: " العلم علمان: فعلم عند الله مخزون
477

لم يطلع عليه أحدا من خلقه، وعلم علمه ملائكته ورسله، فما علمه ملائكته ورسله فإنه
سيكون، لا يكذب نفسه ولا ملائكته ولا رسله، وعلم عنده مخزون يقدم منه ما يشاء،
ويؤخر منه ما يشاء، ويثبت ما يشاء ".
7. وبهذا الإسناد، عن حماد، عن ربعي، عن الفضيل، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول:
" من الأمور أمور موقوفة عند الله، يقدم منها ما يشاء، ويؤخر منها ما يشاء ".
8. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن جعفر بن
عثمان، عن سماعة، عن أبي بصير ووهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)
قال: " إن لله علمين: علم مكنون مخزون، لا يعلمه إلا هو، من ذلك يكون البداء، وعلم
478

علمه ملائكته ورسله وأنبياءه، فنحن نعلمه ".
9. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسن بن
محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " ما بدا لله في شيء إلا كان في
علمه قبل أن يبدو له ".
10. عنه، عن أحمد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن داود بن فرقد، عن عمرو بن
عثمان الجهني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن الله لم يبد له من جهل ".
11. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس. عن منصور بن حازم، قال:
سألت أبا عبد الله (عليه السلام) هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله بالأمس؟ قال: " لا، من قال
هذا فأخزاه الله ". قلت: أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة أليس في علم الله؟ قال:
" بلى، قبل أن يخلق الخلق ".
12. علي، عن محمد، عن يونس، عن مالك الجهني قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:

1. في " ل ": " التغيير ".
2. في " خ، ل ": - " أي ".
3. في " ت، م ": " الله ".
479

لو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه ".
13. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن محمد بن
عمرو الكوفي أخي يحيى، عن مرازم بن حكيم، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " ما تنبأ
نبي قط حتى يقر لله بخمس خصال: بالبداء، والمشيئة، والسجود، والعبودية، والطاعة ".
14. وبهذا الإسناد، عن أحمد بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن يونس، عن جهم بن
أبي جهمة، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن الله - عز وجل - أخبر محمدا (صلى الله عليه وآله) بما
كان منذ كانت الدنيا، وبما يكون إلى انقضاء الدنيا، وأخبره بالمحتوم من ذلك، واستثنى
عليه فيما سواه ".
15. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: " ما
بعث الله نبيا قط إلا بتحريم الخمر، وأن يقر لله بالبداء ".
16. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، قال: سئل العالم (عليه السلام): كيف علم الله؟ قال:
" علم وشاء، وأراد، وقدر، وقضى، وأمضى؛ فأمضى ما قضى، وقضى ما قدر، وقدر ما

1. في " م ": " معه ".
480

أراد، فبعلمه كانت المشيئة، وبمشيئته كانت الإرادة، وبإرادته كان التقدير، وبتقديره كان
القضاء، وبقضائه كان الإمضاء؛ والعلم متقدم على المشيئة، والمشئية ثانية، والإرادة
ثالثة، والتقدير واقع على القضاء بالإمضاء.
فلله - تبارك وتعالى - البداء فيما علم متى شاء، وفيما أراد لتقدير الأشياء، فإذا وقع
القضاء بالإمضاء فلا بداء، فالعلم في المعلوم قبل كونه، والمشيئة في المنشأ قبل عينه،

1. في " ل ": " هنا ".
481

والإرادة في المراد قبل قيامه، والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عيانا
ووقتا، والقضاء بالإمضاء هو المبرم من المفعولات، ذوات الأجسام المدركات بالحواس من
ذوي لون وريح ووزن وكيل وما دب ودرج من إنس وجن وطير وسباع، وغير ذلك مما
يدرك بالحواس.
فلله - تبارك وتعالى - فيه البداء مما لا عين له، فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا
بداء، والله يفعل ما يشاء، فبالعلم علم الأشياء قبل كونها، وبالمشيئة عرف صفاتها

1. في " خ " والكافي المطبوع: " فلله ".
2. في " ل ": + " وقع ".
482

وحدودها، وأنشأها قبل إظهارها، وبالإرادة ميز أنفسها في ألوانها وصفاتها، وبالتقدير قدر
أقواتها وعرف أولها وآخرها، وبالقضاء أبان للناس أماكنها ودلهم عليها، وبالإمضاء شرح
عللها وأبان أمرها، وذلك تقدير العزيز العليم ".
باب في أنه لا يكون شيء في السماء والأرض إلا بسبعة
1. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه؛ ومحمد بن يحيى، عن

1. في " خ، ل ": + " معرفة ".
2. في " خ، ل ": " في الأرض ولا في السماء "؛ وفي " م ": " في الأرض والسماء ".
483

أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد ومحمد بن خالد، جميعا عن فضالة بن
أيوب عن محمد بن عمارة، عن حريز بن عبد الله وعبد الله بن مسكان جميعا، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " لا يكون شيء في الأرض ولا في السماء إلا بهذه الخصال السبع:
بمشيئة، وإرادة، وقدر، وقضاء، وإذن، وكتاب، وأجل، فمن زعم أنه يقدر على نقض
واحدة فقد كفر ".

1. في " ل ": " عدد ".
2. في حاشية " ت، ل، م ": أي الإذن في الشيء الإعلام بإجازته والرخصة فيه وإفاضة العلم بالرخصة والإباحة.
قال الراغب: الإذن في الشيء: إعلام بإجازته والرخصة فيه. وفي القاموس: أذن له في الشيء - كسمع - إذنا
وأذينا: أباحه له. وأما حمل الإذن هنا على العلم فلا يخلو عن بعد، إلا أن يحمل على علم خاص، كالمشية
والإرادة، فلا يخلو عن غرابة (منه مد ظله العالي).
3. في " خ ": " الأول ".
484

* ورواه علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن حفص، عن محمد بن عمارة، عن
حريز بن عبد الله وابن مسكان مثله.
2. ورواه أيضا، عن أبيه، عن محمد بن خالد، عن زكريا بن عمران، عن أبي الحسن
موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: " لا يكون شيء في السماوات ولا في الأرض إلا بسبع: بقضاء،
وقدر، وإرادة، ومشيئة، وكتاب، وأجل، وإذن، فمن زعم غير هذا فقد كذب على الله، أو
رد على الله عز وجل ".
باب المشيئة والإرادة
1. علي بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن محمد بن
سليمان الديلمي، عن علي بن إبراهيم الهاشمي قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام)
يقول: " لا يكون شيء إلا ما شاء الله وأراد وقدر وقضى ". قلت: ما معنى " شاء؟ " قال:
" ابتداء الفعل ". قلت: ما معنى " قدر؟ " قال: " تقدير الشيء من طوله وعرضه ". قلت:
485

ما معنى " قضى؟ " قال: " إذا قضى أمضاه، فذلك الذي لا مرد له ".
2. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبان، عن
أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): شاء وأراد وقدر وقضى؟ قال: " نعم ". قلت: وأحب؟
قال: " لا ". قلت: وكيف شاء وأراد وقدر وقضى ولم يحب؟! قال: " هكذا خرج إلينا ".

1. في " خ، م ": " التعينات ".
2. في الكافي المطبوع: " إذا قضى ".
3. قوله: " لأن " خبر " لعل "، وقوله: " وأن لا يحبه " عدل مدخول " بين " أي عدم المنافاة بين تعلقهما بشيء وعدم
حبه لأجل هذا.
4. في " م ": " لأن ".
5. في " ت، خ، م ": " لا يقاوم ".
486

3. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن واصل بن سليمان، عن عبد الله
بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: " أمر الله ولم يشأ؛ وشاء ولم يأمر، أمر
إبليس أن يسجد لآدم وشاء أن لا يسجد، ولو شاء لسجد، ونهى آدم عن أكل الشجرة،
وشاء أن يأكل منها، ولو لم يشأ لم يأكل ".
4. علي بن إبراهيم، عن المختار بن محمد الهمداني؛ ومحمد بن الحسن، عن عبد الله
بن الحسن العلوي جميعا، عن الفتح بن يزيد الجرجاني، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: " إن لله
إرادتين ومشيئتين: إرادة حتم وإرادة عزم، ينهى وهو يشاء، ويأمر وهو لا يشاء، أو ما

1. في " خ، ل ": " فعل ".
487

رأيت أنه نهى آدم وزوجته أن يأكلا من الشجرة، وشاء ذلك، ولو لم يشأ أن يأكلا لما
غلبت مشيئتهما مشيئة الله تعالى، وأمر إبراهيم أن يذبح إسحاق، ولم يشأ أن يذبحه، ولو
شاء لما غلبت مشيئة إبراهيم مشيئة الله تعالى ".
5. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن درست بن أبي منصور، عن
فضيل بن يسار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " شاء وأراد ولم يحب ولم يرض: شاء
أن لا يكون شيء إلا بعلمه، وأراد مثل ذلك، ولم يحب أن يقال: ثالث ثلاثة، ولم يرض
لعباده الكفر ".
6. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قال
أبو الحسن الرضا (عليه السلام): " قال الله: يا ابن آدم بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء،

1. في " خ، ل ": " تغيره ".
488

وبقوتي أديت فرائضي، وبنعمتي قويت على معصيتي، جعلتك سميعا، بصيرا، قويا؛ ما
أصابك من حسنة فمن الله، وما أصابك من سيئة فمن نفسك، وذاك أني أولى بحسناتك
منك، وأنت أولى بسيئاتك مني، وذاك أنني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون ".

1. في " خ، ل ": " لأنها ".
2. في " خ ": " لأن ".
489

باب الابتلاء والاختبار
1. علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن
حمزة بن محمد الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " ما من قبض ولا بسط إلا ولله فيه مشيئة
وقضاء وابتلاء ".
2. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن فضالة بن أيوب،
عن حمزة بن محمد الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إنه ليس شيء فيه قبض أو بسط مما
أمر الله به أو نهى عنه إلا وفيه لله عز وجل ابتلاء وقضاء ".
باب السعادة والشقاء
1. محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن
حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن الله خلق السعادة والشقاء قبل أن يخلق خلقه، فمن

1. في حاشية " ت ": أي لم يصلا إلى القضاء، وبعد إيجادهما في السعيد والشقي وصلا إلى القضاء. والسعادة عبارة
عن تعلق النفس بطينة الأشرف الغالب بالذات، والشقاوة عبارة عن تعلق النفس بطينة الأخرى الأخس الغالب.
490

خلقه الله سعيدا لم يبغضه أبدا، وإن عمل شرا أبغض عمله ولم يبغضه، وإن كان شقيا لم
يحبه أبدا، وإن عمل صالحا أحب عمله وأبغضه لما يصير إليه، فإذا أحب الله شيئا لم يبغضه
أبدا وإذا أبغض شيئا لم يحبه أبدا ".
2. علي بن محمد، رفعه، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي بصير قال: كنت بين يدي
أبي عبد الله (عليه السلام) جالسا وقد سأله سائل، فقال: جعلت فداك يا ابن رسول الله من أين لحق
الشقاء أهل المعصية حتى حكم الله لهم في علمه بالعذاب على عملهم؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام):
" أيها السائل حكم الله - عز وجل - لا يقوم له أحد من خلقه بحقه، فلما حكم بذلك

1. في الكافي المطبوع: " عز وجل ".
2. في " خ ": + " سابقا ".
491

وهب لأهل محبته القوة على معرفته، ووضع عنهم ثقل العمل بحقيقة ما هم أهله، ووهب
لأهل المعصية القوة على معصيتهم لسبق علمه فيهم، ومنعهم إطاقة القبول منه، فوافقوا ما
سبق لهم في علمه، ولم يقدروا أن يأتوا حالا تنجيهم من عذابه؛ لأن علمه أولى بحقيقة
التصديق، وهو معنى شاء ما شاء، وهو سره ".
3. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن
سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن معلى أبي عثمان، عن علي بن حنظلة، عن
أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: " يسلك بالسعيد في طريق الأشقياء حتى يقول الناس: ما أشبهه
بهم بل هو منهم ثم يتداركه السعادة، وقد يسلك بالشقي في طريق السعداء حتى يقول
الناس: ما أشبهه بهم، بل هو منهم ثم يتداركه الشقاء، إن من كتبه الله سعيدا وإن لم يبق
من الدنيا إلا فواق ناقة ختم له بالسعادة ".

1. في حاشية " خ، ل " والكافي المطبوع: " فوافقوا ".
2. في " خ ": " والشقاوة ".
3. الكافي، ج 3، ص 117، باب كم يعاد المريض و...، ح 2.
492

باب الخير والشر
1. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن محبوب وعلي بن الحكم،
عن معاوية بن وهب، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " إن مما أوحى الله إلى موسى (عليه السلام)
وأنزل عليه في التوراة: أني أنا الله لا إله إلا أنا، خلقت الخلق وخلقت الخير وأجريته على
يدي من أحب، فطوبى لمن أجريته على يديه، وأنا الله لا إله إلا أنا، خلقت الخلق وخلقت
الشر وأجريته على يدي من أريده، فويل لمن أجريته على يديه ".

1. في " خ، ل ": " يجريها ".
2. في " خ ": + " ما يفيده ".
493

2. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن
حكيم، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: " إن في بعض ما أنزل الله من
كتبه أني أنا الله لا إله إلا أنا، خلقت الخير وخلقت الشر، فطوبى لمن أجريت على يديه
الخير، وويل لمن أجريت على يديه الشر، وويل لمن يقول: كيف ذا وكيف ذا ".
3. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن بكار بن كردم، عن مفضل
بن عمر، وعبد المؤمن الأنصاري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال الله عز وجل: أنا الله لا إله
إلا أنا، خالق الخير والشر، فطوبى لمن أجريت على يديه الخير، وويل لمن أجريت على
يديه الشر، وويل لمن يقول: كيف ذا وكيف هذا ". قال يونس: يعني من ينكر هذا الأمر
بتفقه فيه.
باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين
1. علي بن محمد، عن سهل بن زياد وإسحاق بن محمد وغيرهما، رفعوه، قال: كان
أمير المؤمنين (عليه السلام) جالسا بالكوفة بعد منصرفه من صفين إذ أقبل شيخ فجثا بين يديه، ثم
قال له: يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن مسيرنا إلى أهل الشام، أبقضاء من الله وقدر؟ فقال
أمير المؤمنين (عليه السلام) " أجل يا شيخ، ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد إلا بقضاء من الله
494

وقدر ". فقال له الشيخ: عند الله أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين؟ فقال له: " مه يا شيخ،
فوالله لقد عظم الله الأجر في مسيركم وأنتم سائرون، وفي مقامكم وأنتم مقيمون، وفي
منصرفكم وأنتم منصرفون، ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ولا إليه
مضطرين ".
فقال له الشيخ: وكيف لم نكن في شيء من حالاتنا مكرهين ولا إليه مضطرين وكان
بالقضاء والقدر مسيرنا ومنقلبنا ومنصرفنا؟ فقال له: " وتظن أنه كان قضاء حتما وقدرا لازما؟

1. في " ل ": " وأعاد ".
495

إنه لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهي والزجر من الله، وسقط معنى الوعد
والوعيد، فلم تكن لائمة للمذنب ولا محمدة للمحسن، ولكان المذنب أولى بالإحسان من
المحسن، ولكان المحسن أولى بالعقوبة من المذنب، تلك مقالة إخوان عبدة الأوثان،

1. في " خ ": " بطل ".
496

وخصماء الرحمن، وحزب الشيطان، وقدرية هذه الأمة ومجوسها.

1. في " خ ": " وجوبهما ".
2. كذا في النسخ، والصحيح: " المنكرون ".
3. كذا في النسخ، والصحيح إفراد الشر، أو تأنيث الكلمات الثلاث: ليس، مستندا، داخلا.
497

إن الله تبارك وتعالى كلف تخييرا، ونهى تحذيرا، وأعطى على القليل كثيرا، ولم يعص
مغلوبا، ولم يطع مكرها، ولم يملك مفوضا، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما

1. اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي)، ص 56، ح 106؛ وعنه في بحار الأنوار، ج 42، ص 152، باب أحوال
سائر أصحابه، ح 20.
2. في الكافي المطبوع: + " تبارك وتعالى ".
3. في " خ ": " على ".
498

باطلا، ولم يبعث النبيين مبشرين ومنذرين عبثا؛ ذلك ظن الذين كفروا، فويل للذين كفروا
من النار "، فأنشأ الشيخ يقول:
أنت الإمام الذي نرجو بطاعته * يوم النجاة من الرحمن غفرانا
أوضحت من أمرنا ما كان ملتبسا * جزاك ربك بالإحسان إحسانا
2. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسين بن علي الوشاء، عن حماد بن
عثمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله قال: " من زعم أن الله يأمر بالفحشاء فقد كذب على
الله، ومن زعم أن الخير والشر إليه فقد كذب على الله ".
499

3. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبي
الحسن الرضا (عليه السلام) قال: سألته فقلت: الله فوض الأمر إلى العباد؟ قال: " الله أعز من ذلك ".
قلت: فجبرهم على المعاصي؟ قال: " الله أعدل وأحكم من ذلك "، قال: ثم قال: " قال الله:
يا ابن آدم أنا أولى بحسناتك منك، وأنت أولى بسيئاتك مني، عملت المعاصي بقوتي التي
جعلتها فيك ".

1. في " خ ": " هاهنا ".
500

4. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس بن عبد الرحمن،
قال: قال لي أبو الحسن الرضا (عليه السلام): يا يونس، لا تقل بقول القدرية، فإن القدرية لم يقولوا

1. في حاشية " ت ": كنور الشمس إذا أشرقت على البلورة الملونة بألوان مختلفة، فإنه قبل وصوله إليها يكون
نورا خالصا، فإذا أشرق إليها يصير ملونا بألوانها من الحمرة والصفرة والخضرة.
2. في " ل ": " نفسها ".
3. في " خ ": " يستند ".
4. النساء (4): 79.
5. في " خ ": " هاهنا ".
501

بقول أهل الجنة، ولا بقول أهل النار، ولا بقول إبليس، فإن أهل الجنة قالوا (الحمد لله الذي
هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) وقال أهل النار: (ربنا غلبت علينا شقوتنا
وكنا قوما ضالين) وقال إبليس: (رب بما أغويتني) ". فقلت: والله ما أقول بقولهم،
ولكني أقول: لا يكون إلا بما شاء الله وأراد وقدر وقضى، فقال: " يا يونس، ليس هكذا، لا
يكون إلا ما شاء الله وأراد وقدر وقضى. يا يونس، تعلم ما المشيئة؟ " قلت: لا،
قال: " هي الذكر الأول، فتعلم ما الإرادة؟ " قلت: لا، قال: " هي العزيمة على ما يشاء، فتعلم
ما القدر؟ " قلت: لا، قال: " هي الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء "، قال: ثم قال:

1 و 2. في " ل ": " إسناد ".
3. في " خ، ل ": " ضلالتهم ".
4. في " ل، م ": " إسناد ".
502

" والقضاء هو الإبرام وإقامة العين ". قال: فاستأذنته أن أقبل رأسه، وقلت: فتحت لي شيئا
كنت عنه في غفلة.
5. محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن
عمر اليماني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن الله خلق الخلق فعلم ما هم صائرون إليه، وأمرهم
ونهاهم، فما أمرهم به من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى تركه، ولا يكونون

1. في " ل ": " الوجود ".
2. في " ل ": " لعلته ".
3. في " ل ": " لوجود ".
503

آخذين ولا تاركين إلا بإذن الله ".
6. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن حفص
بن قرط، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من زعم أن الله يأمر بالسوء
والفحشاء فقد كذب على الله، ومن زعم أن الخير والشر بغير مشيئة الله فقد أخرج الله من
سلطانه، ومن زعم أن المعاصي بغير قوة الله فقد كذب على الله، ومن كذب على الله أدخله
الله النار ".
7. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن إسماعيل
بن جابر، قال: كان في مسجد المدينة رجل يتكلم في القدر والناس مجتمعون، قال: فقلت:
يا هذا، أسألك؟ قال: " سل ". قلت: يكون في ملك الله تبارك وتعالى ما لا يريد؟ قال:
فأطرق طويلا، ثم رفع رأسه إلي، فقال لي: " يا هذا، لئن قلت إنه يكون في ملكه ما لا
يريد، إنه لمقهور، ولئن قلت لا يكون في ملكه إلا ما يريد، أقررت لك بالمعاصي ".

1. في " ل ": " بفعلها ".
504

قال: فقلت لأبي عبد الله (عليه السلام): سألت هذا القدري، فكان من جوابه كذا وكذا، فقال: " لنفسه
نظر، أما لو قال غير ما قال لهلك ".
8. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن زعلان، عن
أبي طالب القمي، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت أجبر الله العباد على المعاصي؟
قال: " لا ". قلت: ففوض إليهم الأمر؟ قال: قال: " لا ". قال: قلت: فماذا؟ قال: " لطف
من ربك بين ذلك ".
9. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن غير واحد،
عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالا: " إن الله أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثم
يعذبهم عليها، والله أعز من أن يريد أمرا فلا يكون " قال: فسئلا (عليهما السلام): هل بين الجبر والقدر
منزلة ثالثة؟ قالا: " نعم، أوسع مما بين السماء والأرض ".

1. في " خ ": " هاهنا ".
505

10. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن صالح بن
سهل، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال، سئل عن الجبر والقدر، فقال:
" لا جبر ولا قدر، ولكن منزلة بينهما، فيها الحق التي بينهما، لا يعلمها إلا العالم، أو
من علمها إياه العالم ".
11. علي بن إبراهيم، عن محمد بن يونس، عن عدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال له
رجل: جعلت فداك، أجبر الله العباد على المعاصي؟ فقال: " الله أعدل من أن يجبرهم على
المعاصي ثم يعذبهم عليها ". فقال له: جعلت فداك، ففوض الله إلى العباد؟ قال: فقال: " لو
فوض إليهم لم يحصرهم بالأمر والنهي ". فقال له: جعلت فداك، فبينهما منزلة، قال:
فقال: " نعم، أوسع ما بين السماء والأرض ".
12. محمد بن أبي عبد الله وغيره، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر
قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): إن بعض أصحابنا يقول بالجبر، وبعضهم يقول
بالاستطاعة، قال: فقال لي: " أكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، قال علي بن الحسين: قال الله
506

عز وجل: يا ابن آدم، بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء، وبقوتي أديت إلي فرائضي، وبنعمتي
قويت على معصيتي، جعلتك سميعا بصيرا، ما أصابك من حسنة فمن الله، وما أصابك من
سيئة فمن نفسك، وذلك أني أولى بحسناتك منك، وأنت أولى بسيئاتك مني، وذلك أني لا
أسأل عما أفعل وهم يسألون. قد نظمت لك كل شيء تريد ".
13. محمد بن أبي عبد الله، عن حسين بن محمد، عن محمد بن يحيى، عمن حدثه، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " لا جبر ولا تفويض، ولكن أمر بين أمرين ". قال: قلت وما أمر بين
أمرين؟ قال: " مثل ذلك رجل رأيته على معصية فنهيته فلم ينته فتركته، ففعل تلك
المعصية، فليس حيث لم يقبل منك فتركته كنت أنت الذي أمرته بالمعصية ".

1 و 2. في " خ ": " هاهنا ".
507

14. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن علي بن الحكم، عن هشام بن
سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " الله أكرم من أن يكلف الناس ما لا يطيقون، والله أعز من
أن يكون في سلطانه ما لا يريد ".
باب الاستطاعة
1. علي بن إبراهيم، عن الحسن بن محمد، عن علي بن محمد القاساني، عن علي بن
أسباط، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن الاستطاعة، فقال: " يستطيع العبد بعد أربع
خصال: أن يكون مخلى السرب، صحيح الجسم، سليم الجوارح، له سبب وارد من الله ".
قال: قلت: جعلت فداك فسر لي هذا. قال: " أن يكون العبد مخلى السرب، صحيح
الجسم، سليم الجوارح، يريد أن يزني فلا يجد امرأة ثم يجدها، فإما أن يعصم نفسه
فيمتنع كما امتنع يوسف (عليه السلام)، أو يخلي بينه وبين إرادته، فيزني فيسمى زانيا، ولم يطع
الله بإكراه، ولم يعصه بغلبة ".

1. في " خ ": + " العبد ".
508

2. محمد بن يحيى وعلي بن إبراهيم جميعا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم
وعبد الله بن يزيد جميعا، عن رجل من أهل البصرة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن
الاستطاعة، فقال: " أتستطيع أن تعمل ما لم يكون؟ " قال: لا، قال: " فتستطيع أن تنتهي
عما قد كون؟ " قال: لا، قال، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): " فمتى أنت مستطيع؟ " قال: لا أدري،
قال: فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): " إن الله خلق خلقا، فجعل فيهم آلة الاستطاعة، ثم لم يفوض
إليهم، فهم مستطيعون للفعل وقت الفعل مع الفعل إذا فعلوا ذلك الفعل، فإذا لم
يفعلوه في ملكه لم يكونوا مستطيعين أن يفعلوا فعلا لم يفعلوه، لأن الله - عز وجل -
أعز من أن يضاده في ملكه أحد ". قال البصري، فالناس مجبورون؟ قال: " لو كانوا
509

مجبورين كانوا معذورين "، قال: ففوض إليهم، قال: " لا ". قال: فماهم؟ قال: " علم منهم
فعلا فجعل فيهم آلة الفعل، فإذا فعلوا كانوا مع الفعل مستطيعين ". قال البصري: أشهد أنه
الحق وأنكم أهل بيت النبوة والرسالة.
3. محمد بن أبي عبد الله، عن سهل بن زياد؛ وعلي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد؛
ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا، عن علي بن الحكم، عن صالح النيلي، قال:
سألت أبا عبد الله (عليه السلام): هل للعباد من الاستطاعة شيء؟ قال: فقال لي: " إذا فعلوا الفعل كانوا
مستطيعين بالاستطاعة التي جعلها الله فيهم ". قال: قلت وما هي؟ قال: " الآلة مثل الزاني إذا
زنى كان مستطيعا للزنى حين للزنى، ولو أنه ترك الزنى ولم يزن كان مستطيعا لتركه إذا
ترك "، قال: ثم قال: " ليس له من الاستطاعة قبل الفعل قليل ولا كثير، ولكن من الفعل
والترك كان مستطيعا ". قلت: فعلى ماذا يعذبه؟ قال: " بالحجة البالغة والآلة التي ركب

1. كذا في النسخ، والصحيح: " كل " أو " كلاهما ".
510

فيهم، إن الله لم يجبر أحدا على معصيته، ولا أراد - إرادة حتم - الكفر من أحد، ولكن حين
كفر كان في إرادة الله أن يكفر، وهم في إرادة الله وفي علمه أن لا يصيروا إلى شيء من
الخير ". قلت: أراد منهم أن يكفروا؟ قال: " ليس هكذا أقول، ولكني أقول: علم أنهم
سيكفرون، فأراد الكفر لعلمه فيهم، وليست هي إرادة حتم، إنما هي إرادة اختيار ".

1. كذا في النسخ، والأولى: " ليس موجبا ".
511

4. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن بعض
أصحابنا، عن عبيد بن زرارة، قال: حدثني حمزة بن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن
الاستطاعة، فلم يجبني، فدخلت عليه دخلة أخرى، فقلت: أصلحك الله، إنه قد وقع في
قلبي منها شيء لا يخرجه إلا شيء أسمعه منك، قال: " فإنه لا يضرك ما كان في قلبك ".
قلت: أصلحك الله إني أقول: إن الله تبارك وتعالى لم يكلف العباد ما لا يستطيعون، ولم
يكلفهم إلا ما يطيقون، وإنهم لا يصنعون شيئا من ذلك إلا بإرادة الله ومشيئته وقضائه
وقدره، قال: فقال: " هذا دين الله الذي أنا عليه وآبائي " أو كما قال.
باب البيان والتعريف ولزوم الحجة
1. محمد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد،
عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن ابن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن الله
احتج على الناس بما آتاهم وعرفهم ".
512

* محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج
مثله.
2. محمد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير،
عن محمد بن حكيم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): المعرفة من صنع من هي؟ قال: " من صنع
الله، ليس للعباد فيها صنع ".
3. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن
ميمون، عن حمزة بن محمد الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (وما كان
الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) قال: " حتى يعرفهم ما يرضيه وما
يسخطه، وقال: (فألهمها فجورها وتقولها) قال: بين لها ما تأتي وما تترك، وقال: (إنا
هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) قال: عرفناه إما آخذ وإما تارك ". وعن قوله: (وأما
ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى) قال: " عرفناهم فاستحبوا العمى على الهدى
وهم يعرفون ". * وفي رواية: " بينا لهم ".
4. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن ابن بكير،
عن حمزة بن محمد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: (وهديناه
النجدين) قال: " نجد الخير والشر ".
5. وبهذا الإسناد، عن يونس، عن حماد، عن عبد الأعلى قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):
513

" أصلحك الله، هل جعل في الناس أداة ينالون بها المعرفة؟ قال: فقال: " لا "، قلت:
فهل كلفوا المعرفة؟ قال: " لا، على الله البيان (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) (ولا يكلف الله
نفسا إلا ما آتاها) "، قال: وسألته عن قوله: (وما كان الله
ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) قال: " حتى يعرفهم ما
يرضيه وما يسخطه ".
6. وبهذا الإسناد، عن يونس، عن سعدان، رفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن الله لم
ينعم على عبد نعمة إلا وقد ألزمه فيها الحجة من الله، فمن من الله عليه فجعله قويا، فحجته
عليه القيام بما كلفه، واحتمال من هو دونه ممن هو أضعف منه، ومن من الله عليه فجعله
موسعا عليه فحجته عليه ماله، ثم تعاهده الفقراء بعد بنوافله، ومن من الله عليه فجعله
شريفا في بيته، جميلا في صورته، فحجته عليه أن يحمد الله تعالى على ذلك، وأن لا
يتطاول على غيره، فيمنع حقوق الضعفاء لحال شرفه وجماله ".
باب اختلاف الحجة على عباده
1. محمد بن أبي عبد الله، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن الحسين بن
زيد، عن درست بن أبي منصور، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " ستة أشياء ليس
للعباد فيها صنع: المعرفة، والجهل، والرضا، والغضب، والنوم، واليقظة ".
514

باب حجج الله على خلقه
1. محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أبي شعيب المحاملي، عن درست ابن
أبي منصور، عن بريد بن معاوية، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " ليس لله على خلقه أن يعرفوا،
وللخلق على الله أن يعرفهم، ولله على الخلق إذا عرفهم أن يقبلوا ".
2. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن ثعلبة بن
ميمون، عن عبد الأعلى بن أعين، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) من لم يعرف شيئا هل عليه
شيء؟ قال: " لا ".

1. في " ل ": " ليست ".
2. الإسراء (17): 15.
515

3. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن داود بن
فرقد، عن أبي الحسن زكريا بن يحيى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " ما حجب الله عن العباد
فهو موضوع عنهم ".
4. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم، عن أبان
الأحمر، عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لي: " أكتب " فأملى علي: " إن
من قولنا إن الله يحتج على العباد بما آتاهم وعرفهم، ثم أرسل إليهم رسولا وأنزل عليهم

1. في " خ، ل ": " هاهنا ".
516

الكتاب، فأمر فيه ونهى، أمر فيه بالصلاة والصيام، فنام رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الصلاة، فقال:
أنا أنيمك وأنا أوقظك، فإذا قمت فصل ليعلموا إذا أصابهم ذلك كيف يصنعون، ليس كما
يقولون: إذا نام هلك، وكذلك الصيام أنا أمرضك وأنا أصحك، فإذا شفيتك فاقضه ".
ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): " وكذلك إذا نظرت في جميع الأشياء لم تجد أحدا في ضيق،
ولم تجد أحدا إلا ولله عليه الحجة ولله فيه المشيئة، ولا أقول: إنهم ما شاؤوا صنعوا "، ثم
قال: " إن الله يهدي ويضل " وقال: " وما أمروا إلا بدون سعتهم، وكل شيء أمر الناس به
فهم يسعون له، وكل شيء لا يسعون له فهو موضوع عنهم، ولكن الناس لا خير فيهم " ثم
تلا (عليه السلام): (ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج)
فوضع عنهم (ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم * ولا على الذين إذا ما أتوك
لتحملهم) قال: " فوضع عنهم لأنهم لا يجدون ".
517

باب الهداية أنها من الله عز وجل
1. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل، عن
أبي إسماعيل السراج، عن ابن مسكان، عن ثابت أبي سعيد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " يا
ثابت، ما لكم وللناس، كفوا عن الناس ولا تدعوا أحدا إلى أمركم، فوالله لو أن أهل
السماوات وأهل الأرضين اجتمعوا على أن يهدوا عبدا يريد الله ضلالته ما استطاعوا على

1. في الكافي المطبوع: " وأهل الأرضين ".
518

أن يهدوه، ولو أن أهل السماوات وأهل الأرضين اجتمعوا على أن يضلوا عبدا يريد الله
هدايته ما استطاعوا أن يضلوه، كفوا عن الناس ولا يقول أحد: عمي وأخي وابن عمي
وجاري؛ فإن الله إذا أراد بعبد خيرا طيب روحه، فلا يسمع معروفا إلا عرفه، ولا منكرا إلا
أنكره، ثم يقذف الله في قلبه كلمة يجمع بها أمره ".
2. علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن
سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: " إن الله - عز وجل - إذا أراد بعبد خيرا نكت
في قلبه نكتة من نور، وفتح مسامع قلبه، ووكل به ملكا يسدده، وإذا أراد بعبد
519

سوءا نكت في قلبه نكتة سوداء، وسد مسامع قلبه، ووكل به شيطانا يضله " ثم تلا هذه
الآية: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره
ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء).
3. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن
أبيه، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " اجعلوا أمركم لله، ولا تجعلوه للناس، فإنه ما كان
لله فهو لله، وما كان للناس فلا يصعد إلى الله، ولا تخاصموا الناس لدينكم، فإن المخاصمة
ممرضة للقلب، إن الله تعالى قال لنبيه (صلى الله عليه وآله): (إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من
يشاء) وقال: (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) ذروا الناس، فإن الناس

1. في " ل ": " ويتركه ".
2. في " خ، ل ": " تمرض ".
3. في " خ، ل ": " تزيدهم ".
4. القصص (28): 56.
520

أخذوا عن الناس، وإنكم أخذتم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إني سمعت أبي (عليه السلام) يقول: إن الله
- عز وجل - إذا كتب على عبد أن يدخل في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره ".
4. أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن محمد بن
مروان، عن فضيل بن يسار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ندعو الناس إلى هذا الأمر؟
فقال: " لا، يا فضيل إن الله إذا أراد بعبد خيرا أمر ملكا فأخذ بعنقه، فأدخله في هذا
الأمر طائعا أو كارها ".

1. يونس (10): 99.
2. في الكافي المطبوع: + " عز وجل ".
521

تم كتاب العقل والعلم والتوحيد من كتاب الكافي، ويتلوه كتاب الحجة [في الجزء الثاني
من كتاب الكافي تأليف الشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني رحمة الله عليه].
522

كتاب الحجة
باب الاضطرار إلى الحجة
[قال أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني مصنف هذا الكتاب (رحمه الله): حدثنا]
1. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن العباس بن عمرو الفقيمي، عن هشام بن الحكم، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال للزنديق الذي سأله: من أين أثبت الأنبياء والرسل؟ قال: " إنا لما
أثبتنا أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق، وكان ذلك الصانع حكيما متعاليا لم
523

يجز أن يشاهده خلقه، ولا يلامسوه، فيباشرهم ويباشروه، ويحاجهم ويحاجوه، ثبت أن له
سفراء في خلقه، يعبرون عنه إلى خلقه وعباده، ويدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به
بقاؤهم وفي تركه فناؤهم، فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه والمعبرون
عنه جل وعز، وهم الأنبياء (عليهم السلام) وصفوته من خلقه، حكماء مؤدبين بالحكمة، مبعوثين بها،
غير مشاركين للناس - على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب - في شيء من أحوالهم،
مؤيدين من عند الحكيم العليم بالحكمة، ثم ثبت ذلك في كل دهر وزمان مما أتت به
الرسل والأنبياء من الدلائل والبراهين، لكيلا تخلو أرض الله من حجة يكون معه علم يدل
على صدق مقالته وجواز عدالته ".
2. محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن
حازم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) إن الله أجل وأكرم من أن يعرف بخلقه، بل الخلق يعرفون
بالله، قال: " صدقت " قلت: إن من عرف أن له ربا، فينبغي له أن يعرف أن لذلك الرب رضا

1. في الكافي المطبوع: " فينبغي ".
524

وسخطا، وأنه لا يعرف رضاه وسخطه إلا بوحي أو رسول، فمن لم يأته الوحي فقد ينبغي
له أن يطلب الرسل، فإذا لقيهم عرف أنهم الحجة وأن لهم الطاعة المفترضة، وقلت للناس:
تعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان هو الحجة من الله على خلقه؟ قالوا: بلى، قلت: فحين مضى
رسول الله (صلى الله عليه وآله) من كان الحجة على خلقه؟ فقالوا: القرآن، فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم

1. في " ل ": " بينه ".
525

به المرجي والقدري والزنديق الذي لا يؤمن به حتى يغلب الرجال بخصومته، فعرفت أن
القرآن لا يكون حجة إلا بقيم، فما قال فيه من شيء كان حقا، فقلت لهم: من قيم القرآن؟
فقالوا: ابن مسعود قد كان يعلم، وعمر يعلم، وحذيفة يعلم، قلت: كله؟ قالوا: لا، فلم أجد
أحدا يقال: إنه يعرف ذلك كله إلا عليا (عليه السلام)، وإذا كان الشيء بين القوم فقال هذا: لا أدري،
وقال هذا: لا أدري، وقال هذا: لا أدري، وقال هذا: أنا أدري، فأشهد أن عليا (عليه السلام) كان قيم
القرآن، وكانت طاعته مفترضة، وكان الحجة على الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأن ما قال في
القرآن فهو حق. فقال: " رحمك الله ".

1. في حاشية " ت، ل، م ": كما في الأحاديث الدالة على أن كتاب الله والعترة الطاهرة لا يفترقان إلى يوم القيامة
(منه رحمه الله تعالى).
526

3. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن إبراهيم، عن يونس بن يعقوب، قال: كان
عند أبي عبد الله (عليه السلام) جماعة من أصحابه منهم حمران بن أعين، ومحمد بن النعمان، وهشام
بن سالم، والطيار، وجماعة فيهم هشام بن الحكم وهو شاب، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " يا
هشام، ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد وكيف سألته؟ "، فقال هشام: يا ابن رسول
الله، إني أجلك وأستحييك، ولا يعمل لساني بين يديك، فقال أبو عبد الله: " إذا أمرتكم
بشيء فافعلوا ".
قال هشام: بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة، فعظم ذلك
علي، فخرجت إليه ودخلت البصرة يوم الجمعة، فأتيت مسجد البصرة، فإذا أنا بحلقة كبيرة
فيها عمرو بن عبيد، وعليه شملة سوداء متزرا بها من صوف، وشملة مرتديا بها والناس
يسألونه، فاستفرجت الناس فأفرجوا لي، ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي، ثم قلت:
أيها العالم إني رجل غريب تأذن لي في مسألة؟ فقال لي: نعم، فقلت له: ألك عين؟ فقال:
يا بني أي شيء هذا من السؤال؟ وشئ تراه كيف تسأل عنه؟ فقلت هكذا مسألتي، فقال:
يا بني سل وإن كانت مسألتك حمقاء، قلت: أجبني فيها، قال لي: سل.
قلت: ألك عين؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع بها؟ قال: أرى بها الألوان والأشخاص،
قلت: فلك أنف؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع به؟ قال: أشم به الرائحة، قلت: ألك فم؟ قال:
نعم، قلت: فما تصنع به؟ قال: أذوق به الطعم، قلت: فلك أذن؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع
بها؟ قال: أسمع بها الصوت، قلت ألك قلب؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع به؟ قال: أميز به
كل ما ورد على هذه الجوارح والحواس، قلت: أوليس في هذه الجوارح غنى عن القلب؟
527

فقال: لا، قلت: وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة، قال: يا بني إن الجوارح إذا شكت في
شيء شمته أو رأته أو ذاقته أو سمعته، ردته إلى القلب، فيستيقن اليقين ويبطل الشك، قال
هشام: فقلت له: فإنما أقام الله القلب لشك الجوارح؟ قال: نعم، قلت: لا بد من القلب وإلا
لم تستيقن الجوارح؟ قال: نعم، فقلت له: يا أبا مروان، فالله تبارك وتعالى لم يترك
جوارحك حتى جعل لها إماما يصحح لها الصحيح، ويتيقن به ما شك فيه، ويترك هذا الخلق
كلهم في حيرتهم وشكهم واختلافهم، لا يقيم لهم إماما يردون إليه شكهم وحيرتهم، ويقيم
لك إماما لجوارحك ترد إليه حيرتك وشكك؟! قال: فسكت ولم يقل لي شيئا.
ثم التفت إلي، فقال لي: أنت هشام بن الحكم؟ فقلت: لا، قال: أمن جلسائه؟ قلت: لا،
قال: فمن أين أنت؟ قال: قلت: من أهل الكوفة، قال: فأنت إذا هو، ثم ضمني إليه،
وأقعدني في مجلسه، وزال عن مجلسه وما نطق حتى قمت.
قال: فضحك أبو عبد الله (عليه السلام) وقال: " يا هشام، من علمك هذا؟ "، قلت: شيء أخذته
منك وألفته، فقال: " هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى ".
528

4. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عمن ذكره، عن يونس بن يعقوب، قال: كنت عند أبي
عبد الله (عليه السلام) فورد عليه رجل من أهل الشام فقال: إني رجل صاحب كلام وفقه وفرائض وقد
جئت لمناظرة أصحابك، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " كلامك من كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو من
عندك؟ " فقال: من كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن عندي، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " فأنت إذا شريك
رسول الله؟ "، قال: لا، قال: " فسمعت الوحي عن الله عز وجل يخبرك؟ "، قال: لا، قال:
" فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ "، قال: لا، فالتفت أبو عبد الله (عليه السلام) إلي
529

فقال: " يا يونس بن يعقوب، هذا قد خصم نفسه قبل أن يتكلم "، ثم قال: " يا يونس، لو
كنت تحسن الكلام كلمته ". قال يونس: فيا لها من حسرة، فقلت: جعلت فداك، إني سمعتك
تنهى عن الكلام وتقول: ويل لأصحاب الكلام يقولون: هذا ينقاد وهذا لا ينقاد، وهذا
ينساق وهذا لا ينساق، وهذا نعقله وهذا لا نعقله، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " إنما قلت: فويل
لهم إن تركوا ما أقول وذهبوا إلى ما يريدون ".
ثم قال لي: " أخرج إلى الباب، فانظر من ترى من المتكلمين فأدخله؟ " قال: فأدخلت
حمران بن أعين وكان يحسن الكلام، وأدخلت الأحول وكان يحسن الكلام، وأدخلت هشام
بن سالم وكان يحسن الكلام، وأدخلت قيس الماصر وكان عندي أحسنهم كلاما، وكان قد
تعلم الكلام من علي بن الحسين (عليهما السلام)، فلما استقر بنا المجلس - وكان أبو عبد الله (عليه السلام) قبل

1. في " خ، ل ": " ولهذا ".
2. في الكافي المطبوع: " خصم ".
3. في " ل ": " ومما ليس ".
530

الحج يستقر أياما في جبل في طرف الحرم في فازة له مضروبة - قال: فأخرج أبو
عبد الله (عليه السلام) رأسه من فازته، فإذا هو ببعير يخب، فقال: " هشام ورب الكعبة "، قال: فظننا
أن هشاما رجل من ولد عقيل كان شديد المحبة له.
قال فورد هشام بن الحكم وهو أول ما اختطت لحيته، وليس فينا إلا من هو أكبر سنا
منه، قال: فوسع له أبو عبد الله (عليه السلام) وقال: " ناصرنا بقلبه ولسانه ويده " ثم قال: " يا حمران،
كلم الرجل " فكلمه، فظهر عليه حمران، ثم قال: " يا طاقي، كلمه " فكلمه، فظهر عليه
الأحول، ثم قال: " يا هشام بن سالم، كلمه " فتعارفا، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام) لقيس الماصر:
" كلمه " فكلمه، فأقبل أبو عبد الله (عليه السلام) يضحك من كلامهما مما قد أصاب الشامي.
فقال للشامي: " كلم هذا الغلام ". يعني هشام بن الحكم، فقال: نعم، فقال لهشام: يا
غلام، سلني في إمامة هذا، فغضب هشام حتى ارتعد، ثم قال للشامي: يا هذا، أربك أنظر
لخلقه أم خلقه لأنفسهم؟ فقال الشامي: بل ربي أنظر لخلقه، قال: ففعل بنظره لهم ما ذا؟
قال: أقام لهم حجة ودليلا كيلا يتشتتوا أو يختلفوا، يتألفهم ويقيم أودهم ويخبرهم بفرض

1. في الكافي المطبوع: " كي لا يتشتتوا أو يختلفوا ".
531

ربهم، قال: فمن هو؟ قال: رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال هشام: فبعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: الكتاب
والسنة، قال هشام: فهل نفعنا اليوم الكتاب والسنة في رفع الاختلاف عنا؟ قال الشامي:
نعم، قال: فلم اختلفنا أنا وأنت وصرت إلينا من الشام في مخالفتنا إياك؟ قال: فسكت
الشامي، فقال أبو عبد الله (عليه السلام) للشامي: " ما لك لا تتكلم؟ " قال الشامي: إن قلت: لم نختلف
كذبت، وإن قلت: إن الكتاب والسنة يرفعان عنا الاختلاف أبطلت؛ لأنهما يحتملان الوجوه،
وإن قلت: قد اختلفنا وكل واحد منا يدعي الحق فلم ينفعنا إذن الكتاب والسنة إلا أن لي
عليه هذه الحجة، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " سله تجده مليا ".
فقال الشامي: يا هذا، من أنظر للخلق، أربهم أو أنفسهم؟ فقال هشام: ربهم أنظر لهم
منهم لأنفسهم، فقال الشامي: فهل أقام لهم من يجمع لهم كلمتهم ويقيم أودهم ويخبرهم
بحقهم من باطلهم؟ قال هشام: في وقت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو الساعة؟ قال الشامي: في وقت
رسول الله رسول الله (صلى الله عليه وآله) والساعة من؟ فقال هشام: هذا القاعد الذي تشد إليه الرحال،
ويخبرنا بأخبار السماء والأرض وراثة عن أب عن جد، قال الشامي: فكيف لي أن أعلم
532

ذلك؟ قال هشام: سله عما بدا لك، قال الشامي، قطعت عذري فعلي السؤال.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " يا شامي، أخبرك كيف كان سفرك؟ وكيف كان طريقك؟ كان كذا
وكذا " فأقبل الشامي يقول: صدقت، أسلمت لله الساعة، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " بل آمنت
بالله الساعة، إن الإسلام قبل الإيمان، وعليه يتوارثون ويتناكحون، والإيمان عليه يثابون "،
فقال الشامي: صدقت، فأنا الساعة أشهد أن لا إله لا إلا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنك
وصي الأوصياء.

1. في حاشية " خ ": + " والأرض ".
533

ثم التفت أبو عبد الله (عليه السلام) إلى حمران، فقال: " تجري الكلام على الأثر فتصيب "؛ والتفت
إلى هشام بن سالم، فقال: " تريد الأثر ولا تعرفه "، ثم التفت إلى الأحول، فقال: " قياس
رواع، تكسر باطلا بباطل، إلا أن باطلك أظهر "، ثم التفت إلى قيس الماصر، فقال: " تتكلم
وأقرب ما تكون من الخبر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبعد ما تكون منه، تمزج الحق مع الباطل،

1. في الكافي المطبوع: " تكون " وكذا بعده.
2. في " ل " والكافي المطبوع: " قفازان ".
534

وقليل الحق يكفي عن كثير الباطل، أنت والأحول قفازان حاذقان ". قال يونس: فظننت والله
أنه يقول لهشام قريبا مما قال لهما، ثم قال: " يا هشام، لا تكاد تقع تلوي رجليك، إذا
هممت بالأرض طرت، مثلك فليكلم الناس، فاتق الزلة، والشفاعة من ورائها إن شاء الله ".

1. في " ل " والكافي المطبوع: " قفازان ".
535

5. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبان،
قال: أخبرني الأحول: أن زيد بن علي بن الحسين (عليهما السلام) بعث إليه وهو مستخف، قال: فأتيته
فقال لي: يا أبا جعفر ما تقول إن طرقك طارق منا؟ أتخرج معه؟ قال: فقلت له: إن كان أباك
أو أخاك خرجت معه، قال: فقال لي: فأنا أريد أن أخرج أجاهد هؤلاء القوم، فأخرج معي،
قال: قلت: لا، ما أفعل جعلت فداك، قال: فقال لي: أترغب بنفسك عني؟ قال: قلت له:
536

إنما هي نفس واحدة، فإن كان لله في الأرض حجة فالمتخلف عنك ناج والخارج معك
هالك، وإن لا تكن لله حجة في الأرض فالمتخلف عنك والخارج معك سواء.

1. في " خ ": " لم يكن ".
537

قال: فقال لي: يا أبا جعفر، كنت أجلس مع أبي على الخوان فيلقمني البضعة السمينة
ويبرد لي اللقمة الحارة حتى تبرد، شفقة علي، ولم يشفق علي من حر النار، إذا أخبرك
بالدين ولم يخبرني به، فقلت له: جعلت فداك من شفقته عليك من حر النار لم يخبرك،
خاف عليك أن لا تقبله فتدخل النار، وأخبرني أنا، فإن قبلت نجوت، وإن لم أقبل لم يبال
أن أدخل النار، ثم قلت له: جعلت فداك، أنتم أفضل أم الأنبياء؟ قال: بل الأنبياء، قلت:
يقول يعقوب ليوسف: (يبنى لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا) لم لم يخبرهم
حتى كانوا لا يكيدونه، ولكن كتمهم ذلك، فكذا أبوك كتمك لأنه خاف عليك، قال: فقال:
أما والله، لئن قلت ذلك لقد حدثني صاحبك بالمدينة أني أقتل وأصلب بالكناسة، وأن عنده
لصحيفة فيها قتلي وصلبي.

1. يوسف (12): 5.
2. في " ل ": " لم تكن ".
3. في " ل ": " إن ".
4. في " ل ": " يشك ".
538

فحججت فحدثت أبا عبد الله (عليه السلام) بمقالة زيد وما قلت له، فقال لي: " أخذته من بين
يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه، ولم تترك له
مسلكا يسلكه ".
باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)
1. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبي يحيى الواسطي، عن هشام بن
سالم؛ ودرست بن أبي منصور، عنه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " الأنبياء والمرسلون على
أربع طبقات: فنبي منبأ في نفسه لا يعدو غيرها، ونبي يرى في النوم ويسمع الصوت ولا
يعاينه في اليقظة، ولم يبعث إلى أحد وعليه إمام مثل ما كان إبراهيم على لوط (عليهما السلام)،

1. في " ل ": " قفازان ".
539

ونبي يرى في منامه ويسمع الصوت ويعاين الملك، وقد أرسل إلى طائفة قلوا أو كثروا،
كيونس قال الله ليونس: (وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون) قال: يزيدون ثلاثين ألفا
وعليه إمام، والذي يرى في نومه ويسمع الصوت ويعاين في اليقظة وهو إمام مثل أولي
العزم، وقد كان إبراهيم (عليه السلام) نبيا وليس بإمام حتى قال الله: (إني جاعلك للناس إماما قال ومن
ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) من عبد صنما أو وثنا لا يكون إماما ".

1. البقرة (2): 124.
540

2. محمد بن الحسن، عمن ذكره، عن محمد بن خالد، عن محمد بن سنان، عن زيد
الشحام، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " إن الله - تبارك وتعالى - اتخذ إبراهيم عبدا قبل
أن يتخذه نبيا، وإن الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا وإن الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه
خليلا، وإن الله اتخذه خليلا قبل أن يجعله إماما، فلما جمع له الأشياء قال: (إني جاعلك
للناس إماما) قال: فمن عظمها في عين إبراهيم قال: (قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي
الظالمين) قال: لا يكون السفيه إمام التقي ".
3. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى الخثعمي، عن هشام،
عن ابن أبي يعفور، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " سادة النبيين والمرسلين خمسة،
وهم أولو العزم من الرسل، وعليهم دارت الرحى: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى،
ومحمد صلى الله عليه وآله وعلى جميع الأنبياء ".
4. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسين، عن إسحاق بن عبد العزيز
أبي السفاتج، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: " إن الله اتخذ إبراهيم عبدا
قبل أن يتخذه نبيا، واتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا، واتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا،
واتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما، فلما جمع له هذه الأشياء - وقبض يده - قال له:

1. البقرة (2): 124.
541

يا إبراهيم إني جاعلك للناس إماما، فمن عظمها في عين إبراهيم (عليه السلام) قال: يا رب ومن
ذريتي، قال: لا ينال عهدي الظالمين ".
باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث
1. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن ثعلبة
بن ميمون، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وكان رسولا نبيا)
ما الرسول؟ وما النبي؟ قال: " النبي الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك،
والرسول: الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك ". قلت: الإمام ما منزلته؟
قال: " يسمع الصوت ولا يرى ولا يعاين الملك " ثم تلا هذه الآية: (وما أرسلنا من قبلك
من رسول ولا نبي) ولا محدث.

1. في حاشية " ت ": أي بضم قوله: " ولا محدث " إلى قوله تعالى: " ولا نبي " (منه). والآية في سورة الحج (22):
52، وليس فيه: " ولا محدث ".
542

2. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، قال: كتب الحسن بن العباس
المعروفي إلى الرضا (عليه السلام): جعلت فداك، أخبرني ما الفرق بين الرسول والنبي والإمام؟
قال: فكتب أو قال: " الفرق بين الرسول والنبي والإمام: أن الرسول الذي ينزل عليه
جبرئيل فيراه ويسمع كلامه وينزل عليه الوحي، وربما رأى في منامه نحو رؤيا إبراهيم (عليه السلام)،
والنبي ربما سمع الكلام وربما رأى الشخص ولم يسمع، والإمام هو الذي يسمع الكلام
ولا يرى الشخص ".
3. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن الأحول، قال
سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الرسول والنبي والمحدث، قال: " الرسول الذي يأتيه جبرئيل قبلا
فيراه ويكلمه، فهذا الرسول، وأما النبي فهو الذي يرى في منامه نحو رؤيا إبراهيم ونحو
ما كان رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أسباب النبوة قبل الوحي، حتى أتاه جبرئيل (عليه السلام) من عند الله
بالرسالة وكان محمد (صلى الله عليه وآله) حين جمع له النبوة وجاءته الرسالة من عند الله يجيئه بها جبرئيل
543

ويكلمه بها قبلا، ومن الأنبياء من جمع له النبوة، ويرى في منامه، ويأتيه الروح ويكلمه
ويحدثه، من غير أن يكون يرى في اليقظة، وأما المحدث فهو الذي يحدث فيسمع، ولا
يعاين ولا يرى في منامه ".
4. أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن حسان، عن
ابن فضال، عن علي بن يعقوب الهاشمي، عن مروان بن مسلم، عن بريد، عن أبي جعفر
وأبي عبد الله (عليهما السلام) في قوله عز وجل: " (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي) ولا
محدث ". قلت: جعلت فداك، ليست هذه قراءتنا، فما الرسول والنبي والمحدث؟ قال:
الرسول: الذي يظهر له الملك فيكلمه والنبي هو الذي يرى في منامه، وربما اجتمعت النبوة
والرسالة لواحد، والمحدث: الذي يسمع الصوت ولا يرى الصورة "، قال: قلت: أصلحك
الله كيف يعلم أن الذي رأى في النوم حق، وأنه من الملك؟ قال: " يوفق لذلك حتى يعرفه،
لقد ختم الله بكتابكم الكتب، وختم بنبيكم الأنبياء ".
باب أن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام
1. محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن
الحسن بن محبوب، عن داود الرقي، عن العبد الصالح (عليه السلام) قال: " إن الحجة لا تقوم لله على
خلقه إلا بإمام حتى يعرف ".
544

2. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسين بن علي الوشاء، قال: سمعت
الرضا (عليه السلام) يقول: إن أبا عبد الله (عليه السلام) قال: " إن الحجة لا تقوم لله - عز وجل - على خلقه إلا
بإمام حتى يعرف ".
3. أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن عباد بن سليمان، عن سعد بن سعد،
عن محمد بن عمارة، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: " إن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا
بإمام حتى يعرف ".
4. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن البرقي، عن خلف بن حماد، عن أبان بن
تغلب، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " الحجة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق ".

1. الذاريات (51): 56.
2. في " خ ": " تبقى ".
545

باب أن الأرض لا تخلو من حجة
1. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن
الحسين بن أبي العلاء قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): تكون الأرض ليس فيها إمام؟ قال:
" لا "، قلت: يكون إمامان؟ قال: " لا، إلا وأحدهما صامت ".
2. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن منصور بن يونس وسعدان
بن مسلم، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: " إن الأرض لا تخلو
إلا وفيها إمام، كيما إن زاد المؤمنون شيئا ردهم، وإن نقصوا شيئا أتمه لهم ".
3. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن ربيع بن محمد
المسلي، عن عبد الله بن سليمان العامري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " ما زالت الأرض إلا
ولله فيها الحجة، يعرف الحلال والحرام، ويدعو الناس إلى سبيل الله ".
546

4. أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: تبقى الأرض بغير إمام؟ قال: " لا ".
5. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي
بصير، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: قال: " إن الله لم يدع الأرض بغير عالم، ولولا ذلك لم يعرف
الحق من الباطل ".
6. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد،
عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن الله أجل وأعظم من أن
يترك الأرض بغير إمام عادل ".
7. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أسامة؛ وعلي
بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أسامة وهشام بن سالم، عن أبي
حمزة، عن أبي إسحاق، عمن يثق به من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) أن أمير المؤمنين (عليه السلام)
قال: " اللهم إنك لا تخلي أرضك من حجة لك على خلقك ".
8. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن
أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: " والله ما ترك الله أرضا منذ قبض آدم (عليه السلام) إلا وفيها إمام يهتدى به
إلى الله، وهو حجته على عباده، ولا تبقى الأرض بغير إمام حجة لله على عباده ".
547

9. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن أبي علي بن
راشد، قال: قال أبو الحسن (عليه السلام): " إن الأرض لا تخلو من حجة، وأنا والله ذلك الحجة ".
10. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، قال:
قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أتبقى الأرض بغير إمام؟ قال: " لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت ".
11. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن
الرضا (عليه السلام) قال: قلت له: أتبقى الأرض بغير إمام؟ قال: " لا "، قلت: فإنا نروى عن
أبي عبد الله (عليه السلام) أنها لا تبقى بغير إمام إلا أن يسخط الله تعالى على أهل الأرض أو على
العباد، فقال: " لا، لا تبقى إذا لساخت ".
12. علي، عن محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله المؤمن، عن أبي هراسة، عن أبي جعفر (عليه السلام)
قال: " لو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها، كما يموج البحر بأهله ".
13. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، قال: سألت أبا الحسن
الرضا (عليه السلام): هل تبقى الأرض بغير إمام؟ قال: " لا "، قلت: إنا نروى أنها لا تبقى إلا أن
يسخط الله - عز وجل - على العباد؟ قال: " لا تبقى، إذا لساخت ".
باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة
1. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن الطيار، قال:
سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " لو لم يبق في الأرض إلا اثنان لكان أحدهما الحجة ".

1. في " خ، م ": " يبقى ".
2. في " ل ": " تصير ".
548

2. أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى جميعا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن
عيسى بن عبيد، عن محمد بن سنان، عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " لو
بقي اثنان لكان أحدهما الحجة على صاحبه ".
* محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى مثله.
3. محمد بن يحيى، عمن ذكره، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن جعفر بن محمد
عن كرام قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " لو كان الناس رجلين لكان أحدهما الإمام ". وقال: " إن
آخر من يموت الإمام، لئلا يحتج أحد على الله عز وجل أنه تركه بغير حجة لله عليه ".
4. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن علي بن إسماعيل، عن ابن
سنان، عن حمزة بن الطيار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " لو لم يبق في الأرض إلا
اثنان لكان أحدهما الحجة - أو - الثاني الحجة " الشك من أحمد بن محمد.
5. أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن النهدي، عن أبيه، عن يونس بن
يعقوب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: " لو لم يكن في الأرض إلا اثنان لكان
الإمام أحدهما ".
باب معرفة الإمام والرد إليه
1. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، قال: حدثنا
محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): " إنما يعبد الله من يعرف الله،
فأما من لا يعرف الله فإنما يعبده هكذا ضلالا ". قلت: جعلت فداك، فما معرفة الله؟ قال:
549

" تصديق الله عز وجل، وتصديق رسوله (صلى الله عليه وآله)، وموالاة علي (عليه السلام) والائتمام به وبأئمة
الهدى (عليهم السلام)، والبراءة إلى الله عز وجل من عدوهم، هكذا يعرف الله عز وجل ".
2. الحسين، عن معلى، عن الحسن بن علي، عن أحمد بن عائذ، عن أبيه، عن ابن

1. في " ل ": " تحصل ".
550

أذينة، قال: حدثنا غير واحد، عن أحدهما (عليهما السلام) أنه قال: " لا يكون العبد مؤمنا حتى يعرف
الله ورسوله والأئمة كلهم وإمام زمانه، ويرد إليه ويسلم له " ثم قال: " كيف يعرف الآخر
وهو يجهل الأول؟! ".
3. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم،
عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أخبرني عن معرفة الإمام منكم واجبة على جميع
الخلق؟ فقال: " إن الله - عز وجل - بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) إلى الناس أجمعين رسولا وحجة لله على
جميع خلقه في أرضه، فمن آمن بالله وبمحمد رسول الله واتبعه وصدقه فإن معرفة الإمام
منا واجبة عليه؛ ومن لم يؤمن بالله وبرسوله ولم يتبعه ولم يصدقه ويعرف حقهما، فكيف
يجب عليه معرفة الإمام وهو لا يؤمن بالله ورسوله ويعرف حقهما؟! ".

1. كمال الدين، ج 2، ص 409، باب 38، ح 9؛ الإقبال، ص 460، فصل فيما نذكره من فضل الله؛ العمدة، ص 471،
فصل في ذكر شيء من الأحداث بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ح 992؛ كشف الغمة، ج 2، ص 528، الفصل الثالث في ذكر
النص عليه...؛ وسائل الشيعة، ج 16، ص 246، باب تسمية المهدي، ح 21475.
551

قال: قلت: فما تقول فيمن يؤمن بالله ورسوله ويصدق رسوله في جميع ما أنزل الله،

1. في " خ، ل، م ": " الاختلال ".
2. في حاشية " ت، ل، م ": ولا يبعد أن يقال: إيجاب معرفة الإمام وإطاعته بالخطاب الصريح مخصوص
بالمسلمين، وأما وجوبها لتوقف الواجب من الفروع أو الأصول عليها - إن قلنا بوجوب المقدمة - فلا ينكر
شمول الكل وعدم اختصاصه بالمسلمين (منه رحمه الله تعالى).
3. في " ل ": " يثبت ".
552

يجب على أولئك حق معرفتكم؟ قال: " نعم، أليس هؤلاء يعرفون فلانا وفلانا؟ " قلت: بلى،
قال: " أترى أن الله هو الذي أوقع في قلوبهم معرفة هؤلاء؟ والله ما أوقع ذلك في قلوبهم
إلا الشيطان، لا والله، ما ألهم المؤمنين حقنا إلا الله عز وجل ".
4. عنه، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن
جابر، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: " إنما يعرف الله - عز وجل - ويعبده من عرف الله
وعرف إمامه منا أهل البيت، ومن لا يعرف الله عز وجل ولا يعرف الإمام منا أهل البيت،
فإنما يعرف ويعبد غير الله، هكذا والله ضلالا ".
5. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن فضالة
بن أيوب، عن معاوية بن وهب، عن ذريح، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الأئمة
بعد النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: " كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إماما، ثم كان الحسن (عليه السلام) إماما، ثم كان

1. في " ل، م ": " إذا ".
553

الحسين (عليه السلام) إماما، ثم كان علي بن الحسين إماما، ثم كان محمد بن علي إماما، من
أنكر ذلك كان كمن أنكر معرفة الله تبارك وتعالى، ومعرفة رسوله (صلى الله عليه وآله) "، ثم قال: قلت: ثم
أنت جعلت فداك؟ - فأعدتها عليه ثلاث مرات - فقال لي: " إني إنما حدثتك لتكون
من شهداء الله - تبارك وتعالى - في أرضه ".
6. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عمن ذكره، عن محمد
بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إنكم لا تكونون صالحين

1. في " خ، ل، م ": " لا يصلح ".
554

حتى تعرفوا، ولا تعرفوا حتى تصدقوا، ولا تصدقوا حتى تسلموا أبوابا أربعة، لا يصلح
أولها إلا بآخرها، ضل أصحاب الثلاثة وتاهوا تيها بعيدا، إن الله - تبارك وتعالى - لا يقبل
إلا العمل الصالح، ولا يقبل الله إلا الوفاء بالشروط والعهود، فمن وفى لله - عز وجل -
بشرطه، واستعمل ما وصف في عهده، نال ما عنده واستكمل ما وعده، إن الله تبارك
وتعالى أخبر العباد بطرق الهدى، وشرع لهم فيها المنار، وأخبرهم كيف يسلكون، فقال:
(وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صلحا ثم اهتدى) وقال: (إنما يتقبل الله من
المتقين) فمن اتقى الله فيما أمره لقي الله مؤمنا بما جاء به محمد (صلى الله عليه وآله)، هيهات هيهات،

1. في الكافي المطبوع: " تبارك وتعالى ".
555

فات قوم وماتوا قبل أن يهتدوا، وظنوا أنهم آمنوا، وأشركوا من حيث لا يعلمون.
إنه من أتى البيوت من أبوابها اهتدى، ومن أخذ في غيرها سلك طريق الردى؛ وصل
الله طاعة ولي أمره بطاعة رسوله، وطاعة رسوله بطاعته، فمن ترك طاعة ولاة الأمر لم

1. طه (20): 82.
2. المائدة (5): 27.
3. النساء (4): 59.
556

يطع الله ولا رسوله، وهو الإقرار بما أنزل من عند الله عز وجل، خذوا زينتكم عند كل
مسجد، والتمسوا البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فإنه أخبركم أنهم رجال
لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه
القلوب والأبصار، إن الله قد استخلص الرسل لأمره، ثم استخلصهم مصدقين بذلك في

1. في " م " وحاشية " ت، خ، ل " والكافي المطبوع: " بما أنزل ".
2. في " ل ": " أي طلبها "، وفي " ت، خ، م ": " وطلبها ". والصحيح ما أثبتناه؛ لأنه خبر " التماس ".
3. النور (24): 37.
4. فاطر (35): 24.
557

نذره، فقال: (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) تاه من جهل، واهتدى من أبصر وعقل، إن الله
عز وجل يقول: (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) وكيف
يهتدي من لم يبصر؟ وكيف يبصر من لم يتدبر؟ اتبعوا رسول الله وأهل بيته وأقروا بما نزل
من عند الله واتبعوا آثار الهدى، فإنهم علامات الأمانة والتقى، واعلموا أنه لو أنكر رجل
عيسى بن مريم (عليه السلام) وأقر بمن سواه من الرسل لم يؤمن، اقتصوا الطريق بالتماس المنار،
والتمسوا من وراء الحجب الآثار تستكملوا أمر دينكم وتؤمنوا بالله ربكم ".
7. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن
الحسين بن صغير، عمن حدثه، عن ربعي بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " أبى
الله أن يجري الأشياء إلا بأسباب، فجعل لكل شيء سببا وجعل لكل سبب شرحا، وجعل
558

لكل شرح علما، وجعل لكل علم بابا ناطقا، عرفه من عرفه، وجهله من جهله، ذاك
رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونحن ".
8. محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن
رزين، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: كل من دان الله - عز وجل -
بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول، وهو ضال متحير، والله شانئ
لأعماله، ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها، فهجمت ذاهبة وجائية يومها، فلما

1. في " ل " والكافي المطبوع: " فهجمت ".
2. في " ل ": " فيهجم ".
559

جنها الليل بصرت بقطيع غنم مع راعيها، فحنت إليها واغترت بها، فباتت معها في مربضها،
فلما أن ساق الراعي قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها، فهجمت متحيرة تطلب راعيها
وقطيعها، فبصرت بغنم مع راعيها، فحنت إليها واغترت بها، فصاح بها الراعي: الحقي
براعيك وقطيعك، فأنت تائهة متحيرة عن راعيك وقطيعك، فهجمت ذعرة، متحيرة، تائهة،
لا راعي لها يرشدها إلى مرعاها أو يردها، فبينا هي كذلك إذا اغتنم الذئب ضيعتها،
فأكلها، وكذلك والله يا محمد، من أصبح من هذه الأمة لا إمام له من الله - عز وجل -
ظاهر عادل، أصبح ضالا تائها، وإن مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق، واعلم
يا محمد أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلوا وأضلوا، فأعمالهم
التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، لا يقدرون مما كسبوا على شيء،
ذلك هو الضلال البعيد ".
9. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن عبد الله بن
عبد الرحمن، عن الهيثم بن واقد، عن مقرن، قال، سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: جاء ابن
الكواء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: يا أمير المؤمنين (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلام
بسيماهم)؟ فقال: " نحن على الأعراف، نعرف أنصارنا بسيماهم، ونحن الأعراف

1. في " خ، ل ": " فردها ".
560

الذي لا يعرف الله - عز وجل - إلا بسبيل معرفتنا، ونحن الأعراف يعرفنا الله - عز وجل -
يوم القيامة على الصراط، فلا يدخل الجنة إلا من عرفنا وعرفناه، ولا يدخل النار إلا من
أنكرنا وأنكرناه.

1. في الكافي المطبوع: " عز وجل ".
2. في الكافي المطبوع: " عز وجل ".
561

إن الله - تبارك وتعالى - لو شاء لعرف العباد نفسه، ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله
والوجه الذي يؤتى منه، فمن عدل عن ولايتنا أو فضل علينا غيرنا، فإنهم عن الصراط
لناكبون؛ فلا سواء من اعتصم الناس به، ولا سواء حيث ذهب الناس إلى عيون كدرة
يفرغ بعضها في بعض، وذهب من ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربها، لا نفاد
لها ولا انقطاع ".
10. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن محمد، عن بكر بن صالح،
عن الريان بن شبيب، عن يونس، عن أبي أيوب الخراز، عن أبي حمزة، قال: قال
562

أبو جعفر (عليه السلام): " يا أبا حمزة، يخرج أحدكم فراسخ فيطلب لنفسه دليلا، وأنت بطرق السماء
أجهل منك بطرق الأرض، فاطلب لنفسك دليلا ".
11. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أيوب بن الحر، عن
أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا
كثيرا) فقال: " طاعة الله ومعرفة الإمام ".
12. محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان، عن
أبي بصير، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): " هل عرفت إمامك؟ "، قال: قلت: إي والله، قبل أن
أخرج من الكوفة، فقال: " حسبك إذا ".
13. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بن
يونس، عن بريد، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قول الله تبارك وتعالى: (أو من كان
ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشى به في الناس) فقال: " ميت: لا يعرف شيئا،

1. في " ل " والكافي المطبوع: " ميت ".
2. الأنعام (6): 122.
563

ونورا يمشي به في الناس: إماما يؤتم به، كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها، قال:
الذي لا يعرف الإمام ".
14. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن أورمة ومحمد بن عبد الله،
عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أبو جعفر (عليه السلام):
" دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنين، فقال (عليه السلام): يا أبا عبد الله ألا أخبرك بقول الله
عز وجل: (من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون * ومن جاء بالسيئة
فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون)؟ " قال: بلى يا أمير المؤمنين
جعلت فداك، فقال: " الحسنة معرفة الولاية وحبنا أهل البيت، والسيئة إنكار الولاية وبغضنا
أهل البيت " ثم قرأ عليه هذه الآية.
باب فرض طاعة الأئمة
1. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن
أبي جعفر (عليه السلام) قال: " ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورضا الرحمن - تبارك
وتعالى - الطاعة للإمام بعد معرفته "، ثم قال: " إن الله - تبارك وتعالى - يقول: (من يطع
الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا).

1. في حاشية " ت، م ": أي لكون معرفة الولاية. وهذا تعليل لقوله (عليه السلام): " الحسنة معرفة الولاية ". (منه رحمه الله).
2. النساء (4): 80.
564

2. الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء،
عن أبان بن عثمان، عن أبي الصباح، قال: أشهد أني سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " أشهد
أن عليا إمام فرض الله طاعته، وأن الحسن إمام فرض الله طاعته، وأن الحسين
إمام فرض الله طاعته، وأن علي بن الحسين إمام فرض الله طاعته، وأن محمد بن علي
إمام فرض الله طاعته ".
3. وبهذا الإسناد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي، قال: حدثنا حماد بن
عثمان، عن بشير العطار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " نحن قوم فرض الله طاعتنا،
وأنتم تأتمون بمن لا يعذر الناس بجهالته ".
4. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى،
عن الحسين بن المختار، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل:
(وآتيناهم ملكا عظيما) قال: " الطاعة المفروضة ".

1. النساء (4): 80.
2. النساء (4): 59.
565

5. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي خالد
القماط، عن أبي الحسن العطار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " أشرك بين الأوصياء
والرسل في الطاعة ".
6. أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح
الكناني، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " نحن قوم فرض الله - عز وجل - طاعتنا، لنا الأنفال،
ولنا صفو المال، ونحن الراسخون في العلم، ونحن المحسودون الذين قال الله: (أم
يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) ".
7. أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، قال: ذكرت لأبي
عبد الله (عليه السلام) قولنا في الأوصياء إن طاعتهم مفترضة، قال: فقال: " نعم، هم الذين قال الله
تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم) وهم الذين قال الله عز وجل:
(إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) ".
8. وبهذا الإسناد، عن أحمد بن محمد، عن معمر بن خلاد، قال: سأل رجل فارسي
أبا الحسن (عليه السلام) فقال: طاعتك مفترضة؟ فقال: " نعم "، قال: مثل طاعة علي ابن أبي طالب (عليه السلام)؟
566

فقال: " نعم ".
9. أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير،
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الأئمة هل يجرون في الأمر والطاعة مجرى واحد؟
قال: " نعم ".
10. وبهذا الإسناد، عن مروك بن عبيد، عن محمد بن زيد الطبري، قال: كنت قائما
على رأس الرضا (عليه السلام) بخراسان وعنده عدة من بني هاشم وفيهم إسحاق بن موسى بن
عيسى العباسي، فقال: " يا إسحاق، بلغني أن الناس يقولون: إنا نزعم أن الناس عبيد لنا،
لا، وقرابتي من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ما قلته قط ولا سمعته من آبائي قاله، ولا بلغني عن
أحد من آبائي قاله؛ ولكني أقول: الناس عبيد لنا في الطاعة، موال لنا في الدين، فليبلغ
الشاهد الغائب ".
11. علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن أبي سلمة،
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: " نحن الذين فرض الله طاعتنا، لا يسع الناس
إلا معرفتنا، ولا يعذر الناس بجهالتنا، من عرفنا كان مؤمنا، ومن أنكرنا كان كافرا،
567

ومن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالا حتى يرجع إلى الهدى الذي افترض الله عليه من
طاعتنا الواجبة، فإن يمت على ضلالته يفعل الله به ما يشاء ".
12. علي، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد بن الفضيل قال: سألته عن
أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله عز وجل، قال: " أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله -
عز وجل - طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر ". قال أبو جعفر (عليه السلام): " حبنا إيمان،
وبغضنا كفر ".
13. محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن فضالة بن أيوب،
عن أبان، عن عبد الله بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أعرض
عليك ديني الذي أدين الله - عز وجل - به؟ قال: فقال: " هات "، قال: فقلت: أشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله والإقرار بما جاء به من عند الله، وأن
عليا كان إماما فرض الله طاعته، ثم كان بعده الحسن إماما فرض الله طاعته، ثم كان بعده
الحسين إماما فرض الله طاعته، ثم كان بعده علي بن الحسين إماما فرض الله طاعته، حتى
انتهى الأمر إليه، ثم قلت: أنت يرحمك الله قال: فقال: " هذا دين الله ودين ملائكته ".

1. النساء (4): 98.
2. في " ل ": + " حد ".
568

14. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة،
عن أبي إسحاق، عن بعض أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " اعلموا
أن صحبة العالم واتباعه دين يدان الله به، وطاعته مكسبة للحسنات، ممحاة للسيئات،
وذخيرة للمؤمنين، ورفعة فيهم في حياتهم وجميل بعد مماتهم ".
15. محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن
حازم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن الله أجل وأكرم من أن يعرف بخلقه، بل الخلق
569

يعرفون بالله، قال: " صدقت "، قلت: إن من عرف أن له ربا، فقد ينبغي له أن يعرف أن
لذلك الرب رضا وسخطا، وأنه لا يعرف رضاه وسخطه إلا بوحي أو رسول، فمن لم يأته
الوحي فينبغي له أن يطلب الرسل، فإذا لقيهم عرف أنهم الحجة، وأن لهم الطاعة
المفترضة، فقلت للناس: أليس تعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان هو الحجة من الله على خلقه؟
قالوا: بلى، قلت: فحين مضى (صلى الله عليه وآله) من كان الحجة؟ قالوا: القرآن، فنظرت في القرآن فإذا هو
يخاصم به المرجئ والقدري والزنديق الذي لا يؤمن به حتى يغلب الرجال بخصومته،
فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم، فما قال فيه من شيء كان حقا، فقلت لهم: من قيم
القرآن؟ قالوا: ابن مسعود قد كان يعلم، وعمر يعلم، وحذيفة يعلم، قلت: كله؟ قالوا: لا،
فلم أجد أحدا يقال إنه يعلم القرآن كله إلا عليا صلوات الله عليه، وإذا كان الشيء بين القوم
فقال هذا: لا أدري، وقال هذا: لا أدري، وقال هذا: لا أدري، وقال هذا: أنا أدري، فأشهد
أن عليا (عليه السلام) كان قيم القرآن، وكانت طاعته مفترضة، وكان الحجة على الناس بعد رسول
الله (صلى الله عليه وآله) وأن ما قال في القرآن فهو حق. فقال: " رحمك الله ". فقلت: إن عليا (عليه السلام) لم يذهب
حتى ترك حجة من بعده كما ترك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأن الحجة بعد علي الحسن بن علي،
وأشهد على الحسن أنه لم يذهب حتى ترك حجة من بعده كما ترك أبوه وجده، وأن الحجة
بعد الحسن الحسين وكانت طاعته مفترضة فقال: " رحمك الله " فقبلت رأسه وقلت: وأشهد
على الحسين (عليه السلام) أنه لم يذهب حتى ترك حجة من بعده علي بن الحسين، وكانت طاعته
مفترضة. فقال: " رحمك الله " فقبلت رأسه وقلت: وأشهد على علي بن الحسين أنه لم
يذهب حتى ترك حجة من بعده محمد بن علي أبا جعفر، وكانت طاعته مفترضة، فقال:
" رحمك الله ". قلت: أعطني رأسك حتى أقبله، فضحك. قلت: أصلحك الله قد علمت أن
أباك لم يذهب حتى ترك حجة من بعده كما ترك أبوه، وأشهد بالله أنك أنت الحجة وأن
طاعتك مفترضة، فقال: " كف رحمك الله "، قلت: أعطني رأسك أقبله، فقبلت رأسه،
570

فضحك وقال: " سلني عما شئت، فلا أنكرك بعد اليوم أبدا ".
16. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن
القاسم بن محمد الجوهري، عن الحسين بن أبي العلاء، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):
الأوصياء طاعتهم مفترضة؟ قال: " نعم، هم الذين قال الله عز وجل: (أطيعوا الله وأطيعوا
الرسول وأولى الأمر منكم) وهم الذين قال الله عز وجل: (إنما وليكم الله ورسوله
والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) ".
17. علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن حماد، عن
عبد الأعلى، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " السمع والطاعة أبواب الخير، السامع
المطيع لا حجة عليه، والسامع العاصي لا حجة له، وإمام المسلمين تمت حجته
571

واحتجاجه يوم يلقى الله عز وجل "، ثم قال: " يقول الله تبارك وتعالى: (يوم ندعوا كل
أناسم بإمامهم) ".
باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه
1. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن زياد القندي، عن
سماعة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد
وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) قال: " نزلت في أمة محمد (صلى الله عليه وآله) خاصة، في كل قرن منهم إمام
منا شاهد عليهم، ومحمد (صلى الله عليه وآله) شاهد علينا ".
2. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن
عائذ، عن عمر بن أذينة، عن بريد العجلي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله
عز وجل: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس) قال: " نحن الأمة

1. الإسراء (17): 71.
572

الوسطى، ونحن شهداء الله على خلقه وحججه في أرضه ". قلت: قول الله عز وجل: (ملة
أبيكم إبر هيم)؟ قال: " إيانا عنى خاصة (هو سماكم المسلمين من قبل) في الكتب التي
مضت (وفي هذا) القرآن (ليكون الرسول عليكم شهيدا) فرسول الله (صلى الله عليه وآله) الشهيد علينا بما
بلغنا عن الله عز وجل، ونحن الشهداء على الناس، فمن صدق صدقناه يوم القيامة، ومن
كذب كذبناه يوم القيامة ".
3. وبهذا الإسناد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن أحمد بن عمر
الحلال، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (أفمن كان على بينة من ربه
ويتلوه شاهد منه)؟ فقال: " أمير المؤمنين صلوات الله عليه الشاهد على رسول الله (صلى الله عليه وآله)،
ورسول الله (صلى الله عليه وآله) على بينة من ربه ".
4. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد
العجلي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله تبارك وتعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا
لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) قال: " نحن الأمة الوسط،

1. في " ل ": " طاعته ".
2. في الكافي المطبوع: " صلوات الله عليه ".
573

ونحن شهداء الله - تبارك وتعالى - على خلقه، وحججه في أرضه ". قلت: قوله تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون *
وجهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم) قال: " إيانا عنى، ونحن المجتبون، ولم يجعل
الله - تبارك وتعالى - في الدين من حرج، فالحرج أشد من الضيق (ملة أبيكم إبراهيم) إيانا
عنى خاصة، و (سماكم المسلمين) الله سمانا المسلمين (من قبل) في الكتب التي مضت
(وفي هذا) القرآن (ليكون الرسول عليكم شهيدا وتكونوا شهداء على الناس) فرسول
الله (صلى الله عليه وآله) الشهيد علينا بما بلغنا عن الله تبارك وتعالى، ونحن الشهداء على الناس، فمن صدق
يوم القيامة صدقناه، ومن كذب كذبناه ".
5. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن
سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه، قال: " إن الله - تبارك وتعالى -
طهرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه، وحجته في أرضه، وجعلنا مع القرآن، وجعل

1. الحج (22): 77.
2. في " خ ": " المقصودون ".
574

القرآن معنا، لا نفارقه ولا يفارقنا ".
باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم الهداة
1. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النصر بن سويد
وفضالة بن أيوب، عن موسى بن بكر، عن الفضيل قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله
عز وجل: (ولكل قوم هاد) فقال: " كل إمام هاد للقرن الذي هو فيهم ".
2. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد
العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) فقال:
" رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنذر ولكل زمان منا هاد يهديهم إلى ما جاء به نبي الله (صلى الله عليه وآله)، ثم الهداة
من بعده علي، ثم الأوصياء واحد بعد واحد ".
3. الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن

1. في " ل ": " لحفظ ".
2. في " ل ": " نبذة ".
575

محمد بن إسماعيل، عن سعدان، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): (إنما أنت
منذر ولكل قوم هاد)؟ فقال: " رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنذر، وعلي الهادي يا أبا محمد، هل من هاد
اليوم؟ "، قلت: بلى جعلت فداك، ما زال منكم هاد بعد هاد حتى دفعت إليك، فقال: " رحمك
الله يا أبا محمد، لو كانت إذا نزلت آية على رجل ثم مات ذلك الرجل، ماتت الآية، مات
الكتاب، ولكنه حي يجري فيمن بقي، كما جرى فيمن مضى ".
4. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن
منصور، عن عبد الرحيم القصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى: (إنما أنت
منذر ولكل قوم هاد) فقال: " رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنذر، وعلي الهادي، أما والله ما ذهبت منا،
وما زالت فينا إلى الساعة ".
باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة أمر الله وخزنة علمه
1. محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن أبي زاهر، عن الحسن بن موسى، عن علي
بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " نحن ولاة أمر الله،
وخزنة علم الله، وعيبة وحي الله ".

1. في " ل ": " أمره ".
576

2. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن
أسباط، عن أبيه أسباط، عن سورة بن كليب، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): " والله إنا لخزان
الله في سمائه وأرضه، لا على ذهب ولا على فضة إلا على علمه ".
3. علي بن موسى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد؛ ومحمد بن خالد
البرقي، عن النضر بن سويد، رفعه، عن سدير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت
فداك، ما أنتم؟ قال: " نحن خزان علم الله، ونحن تراجمة وحي الله، ونحن الحجة البالغة
على من دون السماء ومن فوق الأرض ".
4. محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن النضر بن شعيب، عن محمد بن
الفضيل، عن أبي حمزة، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله
تبارك وتعالى: استكمال حجتي على الأشقياء من أمتك من ترك ولاية علي
والأوصياء من بعدك، فإن فيهم سنتك وسنة الأنبياء من قبلك، وهم خزاني على
علمي من بعدك، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لقد أنبأني جبرئيل (عليه السلام) بأسمائهم وأسماء
آبائهم ".

1. في " ل ": " سنتهم ".
577

5. أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن خالد، عن فضالة
بن أيوب، عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " يا ابن أبي يعفور، إن الله
واحد متوحد بالوحدانية، متفرد بأمره، فخلق خلقا فقدرهم لذلك الأمر، فنحن هم يا ابن أبي
يعفور، فنحن حجج الله في عباده، وخزانه على علمه، والقائمون بذلك ".
6. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم بن معاوية؛ ومحمد بن
يحيى، عن العمركي بن علي جميعا، عن علي بن جعفر، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال:
قال أبو عبد الله (عليه السلام): " إن الله - عز وجل - خلقنا فأحسن خلقنا، وصورنا فأحسن صورنا،
وجعلنا خزانه في سمائه وأرضه، ولنا نطقت الشجرة، وبعبادتنا عبد الله عز وجل،
ولولانا ما عبد الله ".

1. عوالي اللئالي، ج 4، ص 99، ح 140؛ بحار الأنوار، ج 15، ص 24، باب بدء خلقه وما جرى له...، ح 44 عن
أحمد بن حنبل.
2. الأمالي، للصدوق، ص 232، المجلس 41، ح 10؛ الخصال، ص 31، ح 108؛ عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، ج 2،
ص 58، باب 31، ح 219؛ معاني الأخبار، ص 56، باب معاني أسماء محمد وعلي و...، ح 4؛ العمدة، ص 91،
الفصل الثالث عشر في الكناية عن أمير المؤمنين...، ح 112؛ روضة الواعظين، ج 1، ص 129؛ عوالي اللئالي،
ج 4، ص 124، ح 211.
578

باب أن الأئمة (عليهم السلام) خلفاء الله عز وجل في أرضه وأبوابه التي منها يؤتى
1. الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن أبي
مسعود، عن الجعفري، قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: " الأئمة خلفاء الله - عز وجل -
في أرضه ".
2. عنه، عن معلى، عن محمد بن جمهور، عن سليمان بن سماعة، عن عبد الله بن
القاسم، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " الأوصياء هم أبواب الله - عز وجل - التي
يؤتى منها، ولولاهم ما عرف الله عز وجل، وبهم احتج الله - تبارك وتعالى - على خلقه ".
3. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان، قال: سألت
أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله جل جلاله: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات

1. في " ل ": " يؤتى منها ".
2. في الكافي المطبوع: " عز وجل " وكذا فيما بعده.
579

ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) قال: " هم الأئمة ".
باب أن الأئمة (عليهم السلام) نور الله عز وجل
1. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن مرداس، قال: حدثنا صفوان
بن يحيى والحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن أبي خالد الكابلي، قال: سألت
أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا) فقال: " يا
أبا خالد، النور والله نور الأئمة من آل محمد (عليهم السلام) إلى يوم القيامة، وهم والله نور الله الذي
أنزل، وهم والله نور الله في السماوات وفي الأرض، والله يا أبا خالد لنور الإمام في

1. النور (24): 55.
2. راجع: الكافي، ج 2، ص 412، باب أدنى ما يكون به العبد مؤمنا، ح 1؛ الأمالي للصدوق، ص 415، المجلس
64، ح 15؛ معاني الأخبار، ص 90، الباب معنى الثقلين، ح 1 - 4؛ كمال الدين، ج 1، ص 234، الباب 22، ح 44؛
عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، ج 2، ص 30، الباب 31، ح 40؛ الأمالي، للطوسي، ص 161، المجلس السادس، ح 20.
3. الأمالي، للصدوق، ص 343، المجلس 55، ح 1؛ التوحيد، ص 307، باب حديث ذعلب، ح 1؛ الخصال، ص
574؛ عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، ج 1، ص 231، الباب 23، ح 1؛ تفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام)،
ص 627؛ تفسير القمي، ج 1، ص 68؛ الاختصاص، ص 237؛ الإرشاد، ج 1، ص 33.
4. في الكافي المطبوع: + " نور ".
580

قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار؛ وهم والله ينورون قلوب المؤمنين،
ويحجب الله - عز وجل - نورهم عمن يشاء، فتظلم قلوبهم؛ والله يا أبا خالد لا يحبنا عبد
ويتولانا حتى يطهر الله قلبه، ولا يطهر الله قلب عبد حتى يسلم لنا ويكون سلما لنا، فإذا

1. في " خ، ل ": " والحقيقة ".
2. وسائل الشيعة، ج 27، ص 34، باب تحريم الحكم فيه كتاب، ح 33147.
3. في الكافي المطبوع: + " عز وجل ".
4. في الكافي المطبوع: " فتظلم ".
5. في " ل ": " بحجاب ".
581

كان سلما لنا سلمه الله من شديد الحساب، وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر ".
2. علي بن إبراهيم بإسناده، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تعالى: (الذين يتبعون
الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم
بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع
عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه
واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) قال: " النور في هذا الموضع
علي أمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام) ".
3. أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون،
عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): لقد آتى الله أهل الكتاب خيرا كثيرا، قال: " وما
ذاك؟ " قلت: قول الله تعالى: (الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون - إلى قوله -
أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا) قال: فقال: " قد آتاكم الله كما آتاهم "، ثم تلا:
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا
تمشون به) يعني إماما تأتمون به.
4. أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن علي بن أسباط
والحسين بن محبوب، عن أبي أيوب، عن أبي خالد الكابلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)
عن قول الله تعالى: (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا) فقال: " يا أبا خالد، النور
والله الأئمة (عليهم السلام) يا أبا خالد، لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس
المضيئة بالنهار، وهم الذين ينورون قلوب المؤمنين، ويحجب الله نورهم عمن يشاء،
فتظلم قلوبهم ويغشاهم بها ".
582

5. علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن
شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن القاسم، عن صالح بن سهل
الهمداني، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في قول الله تعالى: (الله نور السماوات والأرض مثل
نوره كمشكاة): " فاطمة (عليها السلام) (فيها مصباح): الحسن (المصباح في زجاجة):
الحسين (الزجاجة كأنها كوكب درى): فاطمة كوكب دري بين نساء أهل
الدنيا (يوقد من شجرة مباركة): إبراهيم (عليه السلام) (زيتونة لا شرقية ولا غربية):
لا يهودية ولا نصرانية (يكاد زيتها يضيء): يكاد العلم ينفجر بها (ولو لم تمسسه
583

نار نور على نور): إمام منها بعد إمام (يهدى الله لنوره من يشاء): يهدي الله للأئمة من
يشاء " (ويضرب الله الأمثال للناس)، قلت: (أو كظلمات) قال: " الأول وصاحبه
(يغشاه موج): الثالث (من فوقه موج [من فوقه سحاب] ظلمات): الثاني (بعضها
فوق بعض): معاوية لعنه الله وفتن بني أمية (إذا أخرج يده) المؤمن في ظلمة فتنتهم
(لم يكد يراها ومن لم يجعل الله لهو نورا) إماما من ولد فاطمة (عليها السلام) (فما لهو من نور): إمام
يوم القيامة ".
وقال في قوله: (يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم): " أئمة المؤمنين يوم القيامة
تسعى بين يدي المؤمنين وبأيمانهم حتى ينزلوهم منازل أهل الجنة ".
* علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم
البجلي؛ ومحمد بن يحيى، عن العمركي بن علي جميعا، عن علي بن جعفر (عليه السلام)، عن
أخيه موسى (عليه السلام) مثله.
6. أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبيد الله، عن محمد بن الحسين وموسى بن

1. النور (24): 35.
2. النور (24): 40.
3. في الكافي المطبوع: + " لعنه الله ".
4. في " ل ": " بدعتهم ".
584

عمر، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سألته عن
قول الله تبارك وتعالى: (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم) قال: " يريدون ليطفئوا ولاية
أمير المؤمنين (عليه السلام) بأفواههم ". قلت قوله تعالى: (والله متم نوره) قال: " يقول: والله متم
الإمامة، والإمامة هي النور، وذلك قوله عز وجل: (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي
أنزلنا) قال: النور هم الإمام ".
باب أن الأئمة هم أركان الأرض
1. أحمد بن مهران، عن محمد بن علي؛ ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد
جميعا، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " ما جاء به
علي (عليه السلام) آخذ به، وما نهى عنه أنتهي عنه، جرى له من الفضل مثل ما جرى لمحمد (صلى الله عليه وآله)،
ولمحمد (صلى الله عليه وآله) الفضل على جميع من خلق الله عز وجل، المتعقب عليه في شيء من أحكامه

1. في " ل ": " التابع ".
2. في " ل، م ": " لعترته ".
585

كالمتعقب على الله وعلى رسوله، والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله، كان
أمير المؤمنين (عليه السلام) باب الله الذي لا يؤتى إلا منه، وسبيله الذي من سلك بغيره هلك، وكذلك
يجري لأئمة الهدى واحدا بعد واحد، جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بأهلها وحجته
البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى، وكان أمير المؤمنين - صلوات الله عليه -
كثيرا ما يقول: أنا قسيم الله بين الجنة والنار، وأنا الفاروق الأكبر، وأنا صاحب العصا

1. في " ل، م ": " العترة ".
2. في الكافي المطبوع: " لأئمة ".
3. في حاشية " ل ": " حفظتها ".
4. في " خ، ل، م ": " حجته ".
586

والميسم، ولقد أقرت لي جميع الملائكة والروح والرسل بمثل ما أقروا به لمحمد (صلى الله عليه وآله)،
ولقد حملت على مثل حمولته وهي حمولة الرب، وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يدعى فيكسى، وأدعى
فأكسى، ويستنطق وأستنطق، فأنطق على حد منطقه، ولقد أعطيت خصالا ما سبقني إليها
أحد قبلي، علمت المنايا والبلايا، والأنساب وفصل الخطاب، فلم يفتني
ما سبقني، ولم يعزب عني ما غاب عني، أبشر بإذن الله وأؤدي عنه، كل ذلك من الله مكنني
فيه بعلمه ".
* الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور العمي، عن

1. في " ل ": " احتمل ".
2. في " ل ": " يحتمل ".
587

محمد بن سنان، قال: حدثنا المفضل، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول، ثم ذكر
الحديث الأول.
2. علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد شباب
الصيرفي، قال: حدثنا سعيد الأعرج، قال: دخلت أنا وسليمان بن خالد على أبي عبد الله (عليه السلام)
فابتدأنا، فقال: " يا سليمان، ما جاء عن أمير المؤمنين (عليه السلام) يؤخذ به، وما نهى عنه ينتهى
عنه، جرى له من الفضل ما جرى لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولرسول الله (صلى الله عليه وآله) الفضل على جميع من خلق
الله، المعيب على أمير المؤمنين (عليه السلام) في شيء من أحكامه كالمعيب على الله عز وجل وعلى
رسوله (صلى الله عليه وآله)، والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله، كان أمير المؤمنين
- صلوات الله عليه - باب الله الذي لا يؤتى إلا منه، وسبيله الذي من سلك بغيره هلك،
وبذلك جرت الأئمة (عليهم السلام) واحد بعد واحد، جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بهم، والحجة
البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى ".
وقال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " أنا قسيم الله بين الجنة والنار، وأنا الفاروق الأكبر، وأنا
صاحب العصا والميسم، ولقد أقرت لي جميع الملائكة والروح بمثل ما أقرت لمحمد (صلى الله عليه وآله)
ولقد حملت على مثل حمولة محمد (صلى الله عليه وآله) وهي حمولة الرب، وإن محمدا (صلى الله عليه وآله) يدعى فيكسى،
ويستنطق وأدعى فأكسى، وأستنطق فأنطق على حد منطقه، ولقد أعطيت خصالا لم يعطهن
أحد قبلي، علمت علم المنايا والبلايا، والأنساب وفصل الخطاب، فلم يفتني ما سبقني،
ولم يعزب عني ما غاب عني، أبشر بإذن الله، وأؤدي عن الله عز وجل، كل ذلك مكنني الله
فيه بإذنه ".
588

3. محمد بن يحيى وأحمد بن محمد جميعا، عن محمد بن الحسن، عن علي بن
حسان، قال: حدثني أبو عبد الله الرياحي، عن أبي الصامت الحلواني، عن أبي جعفر (عليه السلام)
قال: " فضل أمير المؤمنين (عليه السلام): ما جاء به آخذ به، وما نهى عنه أنتهي عنه، جرى له من
الطاعة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما لرسول الله (صلى الله عليه وآله) والفضل لمحمد (صلى الله عليه وآله)، المتقدم بين يديه كالمتقدم
بين يدي الله ورسوله، والمتفضل عليه كالمتفضل على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والراد عليه في
صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) باب الله الذي لا يؤتى إلا منه،
وسبيله الذي من سلكه وصل إلى الله عز وجل، وكذلك كان أمير المؤمنين (عليه السلام) من بعده،
وجرى للأئمة (عليهم السلام) واحدا بعد واحد، جعلهم الله - عز وجل - أركان الأرض أن تميد بأهلها،
وعمد الإسلام، ورابطة على سبيل هداه، لا يهتدي هاد إلا بهداهم، ولا يضل خارج من
الهدى إلا بتقصير عن حقهم، أمناء الله على ما أهبط من علم أو عذر أن نذر، والحجة
البالغة على من في الأرض، يجري لآخرهم من الله مثل الذي جرى لأولهم، ولا يصل أحد
إلى ذلك إلا بعون الله.
589

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا قسيم الله بين الجنة والنار، لا يدخلها داخل إلا على حد
قسمي، وأنا الفاروق الأكبر، وأنا الإمام لمن بعدي، والمؤدي عمن كان قبلي، لا يتقدمني
أحد إلا أحمد (صلى الله عليه وآله) وإني وإياه لعلى سبيل واحد إلا أنه هو المدعو باسمه، ولقد أعطيت
الست: علم المنايا والبلايا؛ والوصايا؛ وفصل الخطاب؛ وإني لصاحب الكرات ودولة
الدول؛ وإني لصاحب العصا والميسم؛ والدابة التي تكلم الناس ".
/
باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته
1. أبو محمد القاسم بن العلاء (رحمه الله) رفعه، عن عبد العزيز بن مسلم، قال: كنا مع
الرضا (عليه السلام) بمرو، فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا، فأداروا أمر الإمامة
وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها، فدخلت على سيدي (عليه السلام) فأعلمته خوض الناس فيه،
فتبسم (عليه السلام) ثم قال: " يا عبد العزيز، جهل القوم، وخدعوا عن آرائهم، إن الله - عز وجل - لم
يقبض نبيه (صلى الله عليه وآله) حتى أكمل له الدين، وأنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شيء، بين فيه الحلال
والحرام، والحدود والأحكام، وجميع ما يحتاج إليه الناس كملا، فقال عز وجل: (ما فرطنا
590

في الكتب من شئ) وأنزل في حجة الوداع وهي آخر عمره (صلى الله عليه وآله): (اليوم أكملت لكم دينكم
وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) وأمر الإمامة من تمام الدين، ولم
يمض (صلى الله عليه وآله) حتى بين لأمته معالم دينهم، وأوضح لهم سبيلهم، وتركهم على قصد سبيل
الحق، وأقام لهم عليا (عليه السلام) علما وإماما. وما ترك لهم شيئا يحتاج إليه الأمة إلا بينه، فمن
زعم أن الله - عز وجل - لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله، ومن رد كتاب الله فهو كافر به.
هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم، إن الإمامة أجل قدرا
وأعظم شأنا وأعلى مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم، أو ينالوها
بآرائهم، أو يقيموا إماما باختيارهم، إن الإمامة خص الله - عز وجل - بها إبراهيم الخليل (عليه السلام)
بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة، وفضيلة شرفه بها وأشاد بها ذكره، فقال: (إني جاعلك للناس
إماما) فقال الخليل (عليه السلام) سرورا بها: (ومن ذريتي) قال الله تبارك وتعالى:

1. في " ل ": " تقضي ".
2. المائدة (5): 3.
591

(لا ينال عهدي الظالمين). فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة وصارت في
الصفوة، ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة، فقال: (ووهبنا له
إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين * وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم
فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين).

1. البقرة (2): 124.
2. في " ل ": " لأن الظلم مانع ".
3. في " خ، م ": " فبعده ".
4. الأنبياء (21): 72.
5. الأنبياء (21): 72 و 73.
6. في " ل ": " عن ".
592

فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض، قرنا فقرنا حتى ورثها الله تعالى النبي (صلى الله عليه وآله)،
فقال جل وتعالى: (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله
ولي المؤمنين) فكانت له خاصة، فقلدها (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) بأمر الله تعالى على رسم ما فرض
الله، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والإيمان، بقوله تعالى: (وقال الذين
أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتب الله إلى يوم البعث) فهي في

1. الصحاح، ج 6، ص 2180 (قرن).
2. القاموس المحيط، ج 2، ص 1606 (قرن).
3. آل عمران (3): 68.
4. في " ل، م ": " لا تقبل ".
5. الروم (30): 56.
593

ولد علي (عليه السلام) خاصة إلى يوم القيامة؛ إذ لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه وآله) فمن أين يختار هؤلاء الجهال؟
إن الإمامة هي منزلة الأنبياء، وإرث الأوصياء، إن الإمامة خلافة الله وخلافة
الرسول (صلى الله عليه وآله) ومقام أمير المؤمنين (عليه السلام) وميراث الحسن والحسين (عليهما السلام) إن الإمامة زمام الدين،
ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا وعز المؤمنين، إن الإمامة أس الإسلام النامي، وفرعه
السامي، بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد، وتوفير الفيء والصدقات،
وإمضاء الحدود والأحكام، ومنع الثغور والأطراف.
الإمام يحل حلال الله، ويحرم حرام الله، ويقيم حدود الله، ويذب عن دين الله، ويدعو
إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، والحجة البالغة، الإمام كالشمس الطالعة المجللة
بنورها للعالم، وهي في الأفق بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار.
الإمام البدر المنير، والسراج الزاهر، والنور الساطع، والنجم الهادي في غياهب الدجى
وأجواز البلدان والقفار، ولجج البحار، الإمام الماء العذب على الظماء، والدال على الهدى،
والمنجي من الردى، الإمام النار على اليفاع، الحار لمن اصطلى به، والدليل في المهالك،
من فارقه فهالك، الإمام السحاب الماطر، والغيث الهاطل، والشمس المضيئة، والسماء
الظليلة، والأرض البسيطة، والعين الغزيرة، والغدير والروضة.

1. في " ل ": " على سابقه ".
2. في " ل ": " ابتداء كلام ممهد ".
594

الإمام الأنيس الرفيق، والوالد الشفيق، والأخ الشقيق، والأم البرة بالولد الصغير، ومفزع
العباد في الداهية النآد، الإمام أمين الله في خلقه، وحجته على عباده وخليفته في بلاده،
والداعي إلى الله، والذاب عن حرم الله.
الإمام المطهر من الذنوب، والمبرأ عن العيوب، المخصوص بالعلم، الموسوم بالحلم،
نظام الدين، وعز المسلمين، وغيظ المنافقين، وبوار الكافرين.
الإمام واحد دهره، لا يدانيه أحد، ولا يعادله عالم، ولا يوجد منه بدل، ولا له مثل ولا
نظير، مخصوص بالفضل كله من غير طلب منه له ولا اكتساب، بل اختصاص من المفضل
الوهاب.
فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام، أو يمكنه اختياره؟ هيهات هيهات، ضلت العقول،
وتاهت الحلوم، وحارت الألباب، وخسأت العيون، وتصاغرت العظماء، وتحيرت
الحكماء، وتقاصرت الحلماء، وحصرت الخطباء، وجهلت الألباء، وكلت الشعراء، وعجزت
الأدباء، وعييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه، أو فضيلة من فضائله، وأقرت بالعجز
والتقصير، وكيف يوصف بكله، أو ينعت بكنهه، أو يفهم شيء من أمره، أو يوجد من يقوم
مقامه ويغني غناه، لا كيف وأنى؟ وهو بحيث النجم من يد المتناولين، ووصف الواصفين،
فأين الاختيار من هذا؟ وأين العقول عن هذا؟ وأين يوجد مثل هذا؟!.

1. في الكافي المطبوع: " أو ".
2. في " خ ": " الناس ".
595

أتظنون أن ذلك يوجد في غير آل الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) كذبتهم والله أنفسهم، ومنتهم
الأباطيل فارتقوا مرتقا صعبا دحضا، تزل عنه إلى الحضيض أقدامهم، راموا إقامة الإمام
بعقول حائرة بائرة ناقصة، وآراء مضلة، فلم يزدادوا منه إلا بعدا، قاتلهم الله أنى يؤفكون،
ولقد راموا صعبا، وقالوا إفكا، وضلوا ضلالا بعيدا، ووقعوا في الحيرة، إذ تركوا الإمام عن
بصيرة، وزين لهم الشيطان أعمالهم، فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين.
رغبوا عن اختيار الله واختيار رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته إلى اختيارهم، والقرآن يناديهم:
(وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما

1. في الكافي المطبوع: - " و ".
2. في حاشية " ت ": أي خدعتها (منه).
3. في " ل ": " إمامة ".
4. في " خ ": " فتكون "؛ وفي " ت، ل ": " فيصير ".
5. في " ل ": " ما فعلوه ".
596

يشركون) وقال عز وجل: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن
يكون لهم الخيرة من أمرهم) الآية وقال: (ما لكم كيف تحكمون * أم لكم كتاب فيه
تدرسون * إن لكم فيه لما تخيرون * أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة
إن لكم لما تحكمون * سلهم أيهم بذلك زعيم * أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن

1. جمع بين آيتين: القصص (28): 68 وفيه: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله
وتعالى عما يشركون) وليس فيه " من أمرهم "؛ والأحزاب (33): 36 وفيه: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا
قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم).
2. في " ل ": " طاعته ".
3. في " ل ": " بحق الحق ".
4. في " ل " بدل: " من الحق إلى الباطل... هو المعصوم ": " إلى الباطل عن الحق، وإلى الخطأ عن الصواب؛ فهو
المعصوم ".
597

كانوا صادقين) وقال عز وجل: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) أم (طبع الله
على قلوبهم فهم لا يفقهون) أم (قالوا سمعنا وهم لا يسمعون * إن شر الدواب عند الله
الصم البكم الذين لا يعقلون * ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم
معرضون) أم (قالوا سمعنا وعصينا)، بل هو فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل
العظيم.
فكيف لهم باختيار الإمام؟! والإمام عالم لا يجهل، وراع لا ينكل، معدن القدس
والطهارة، والنسك والزهادة، والعلم والعبادة، مخصوص بدعوة الرسول (صلى الله عليه وآله) ونسل المطهرة
البتول، لا مغمز فيه في نسب، ولا يدانيه ذو حسب، في البيت من قريش، والذروة من
هاشم، والعترة من الرسول (صلى الله عليه وآله)، والرضا من الله عز وجل، شرف الأشراف، والفرع من
عبد مناف، نامي العلم، كامل الحلم، مضطلع بالإمامة، عالم بالسياسة، مفروض الطاعة،
قائم بأمر الله عز وجل، ناصح لعباد الله، حافظ لدين الله.
إن الأنبياء والأئمة - صلوات الله عليهم - يوفقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه
وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم، فيكون علمهم فوق علم أهل الزمان في قوله تعالى: (أفمن
يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) وقوله
تبارك وتعالى: (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا) وقوله في طالوت: (إن الله
اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله وسع
عليم) وقال لنبيه (صلى الله عليه وآله): (أنزل [الله] عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان
فضل الله عليك عظيما) وقال في الأئمة من أهل بيت نبيه وعترته وذريته صلوات الله
عليهم: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب
والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما * فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم
سعيرا).
وإن العبد إذا اختاره الله عز وجل لأمور عباده، شرح صدره لذلك، وأودع قلبه ينابيع
الحكمة، وألهمه العلم إلهاما، فلم يعي بعده الجواب، ولا يحير فيه عن الصواب، فهو
معصوم مؤيد، موفق، مسدد، قد أمن من الخطايا والزلل والعثار، يخصه الله بذلك
598

ليكون حجته على عباده، وشاهده على خلقه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله
ذو الفضل العظيم.
فهل يقدرون على مثل هذا فيختارونه، أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدمونه،
تعدوا - وبيت الله - الحق، ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم، كأنهم لا يعلمون، وفي كتاب
الله الهدى والشفاء، فنبذوه واتبعوا أهواءهم، فذمهم الله ومقتهم وأتعسهم، فقال جل
وتعالى: (ومن أضل ممن اتبع هوله بغير هدى من الله إن الله لا يهدى القوم الظالمين)
وقال: (فتعسا لهم وأضل أعملهم) وقال: (كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك
يطبع الله على كل قلب متكبر جبار) وصلى الله على النبي محمد وآله وسلم تسليما
كثيرا ".
2. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن
إسحاق بن غالب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في خطبة له يذكر فيها حال الأئمة (عليهم السلام) وصفاتهم: " إن
الله - عز وجل - أوضح بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا عن دينه، وأبلج بهم عن سبيل

1. في " ل ": " يميل ".
599

منهاجه، وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه، فمن عرف من أمة محمد (صلى الله عليه وآله) واجب حق إمامه،
وجد طعم حلاوة إيمانه، وعلم فضل طلاوة إسلامه، لأن الله - تبارك وتعالى - نصب الإمام
علما لخلقه، وجعله حجة على أهل مواده وعالمه، وألبسه الله تاج الوقار، وغشاه من نور

1. في " خ ": " موصل ".
2. كذا، والصحيح: " منقطعة ".
3. في " ل ": " وإيجاد ".
600

الجبار، يمد بسبب إلى السماء، لا ينقطع عنه مواده، ولا ينال ما عند الله إلا بجهة أسبابه،
ولا يقبل الله أعمال العباد إلا بمعرفته، فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الدجى،
ومعميات السنن، ومشبهات الفتن، فلم يزل الله تبارك وتعالى يختارهم لخلقه من ولد

1. في " ل ": " أولي ".
2. في " ل ": " أو ما تحت ".
3. في " ل " بدل قوله: " فيكون حجة على... غير محدودة ": أو عطف على " أهل مواده " فيكون الحجة على أهل
عالمه وهو من كان داخلا في زيادة الربط والاختصاص، أو على " عالمه " فيكون " عالمه " بمنزلة " أهل مواده ".
4. في الكافي المطبوع: " بجهة أسبابه ".
5. في الكافي المطبوع: " بمعرفته ".
601

الحسين (عليه السلام) من عقب كل إمام، يصطفيهم لذلك ويجتبيهم، ويرضى بهم لخلقه ويرتضيهم،
كلما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماما، علما بينا، وهاديا نيرا، وإماما قيما،
وحجة عالما، أئمة من الله، يهدون بالحق وبه يعدلون، حجج الله ودعاته ورعاته على
خلقه، يدين بهديهم العباد، وتستهل بنورهم البلاد، وينمو ببركتهم التلاد، جعلهم الله حياة
للأنام، ومصابيح للظلام، ومفاتيح للكلام، ودعائم للإسلام، جرت بذلك فيهم مقادير الله
على محتومها.

1. في " ل ": " فالإمامة ".
2. آل عمران (3): 34.
3. في " ل ": " إشعار بأن اتصالهم لازم ".
4. في " خ " والكافي المطبوع: " تستهل ".
5. في الكافي المطبوع: " وينمو ".
602

فالإمام هو المنتجب المرتضى، والهادي المنتجى، والقائم المرتجى، اصطفاه الله بذلك،
واصطنعه على عينه في الذر حين ذرأه، وفي البرية حين برأه، ظلا قبل خلق نسمة عن
يمين عرشه، محبوا بالحكمة في علم الغيب عنده، اختاره بعلمه، وانتجبه لطهره، بقية من
آدم (عليه السلام) وخيرة من ذرية نوح، ومصطفى من آل إبراهيم، وسلالة من إسماعيل، وصفوة من
عترة محمد (صلى الله عليه وآله)، لم يزل مرعيا بعين الله، يحفظه ويكلؤه بستره، مطرودا عنه حبائل إبليس
وجنوده، مدفوعا عنه وقوب الغواسق ونفوث كل فاسق، مصروفا عنه قوارف السوء، مبرءا
من العاهات، محجوبا عن الآفات، معصوما من الزلات، مصونا عن الفواحش كلها،

1. في " ل " وحاشية " ت ": " يصيرها ".
2. في " خ، ل ": " إلى أن ينتهي "؛ وفي " م ": " حتى تنتهي ".
3. في " ل ": " لعدم قيام مانع يصير "؛ وفي " خ، م ": - " منه ".
4. في " ل ": " محتوما " بدل: " على محتومها ".
603

معروفا بالحلم والبر في يفاعه، منسوبا إلى العفاف والعلم والفضل عند انتهائه، مسندا
إليه أمر والده، صامتا عن المنطق في حياته.
فإذا انقضت مدة والده، إلى أن انتهت به مقادير الله إلى مشيئته وجاءت الإرادة من الله
فيه إلى محبته، وبلغ منتهى مدة والده (عليه السلام)، فمضى وصار أمر الله إليه من بعده، وقلده دينه،
وجعله الحجة على عباده، وقيمه في بلاده، وأيده بروحه، وآتاه علمه، وأنبأه فصل

1. في " ل ": " والإحسان والاتصاف بمحاسن الصفات " بدل: " ومحاسن الصفات ".
2. في " ل ": " كتمانه ".
604

بيانه، واستودعه سره، وانتدبه لعظيم أمره، وأنبأه فضل بيان علمه، ونصبه علما لخلقه،
وجعله حجة على أهل عالمه، وضياء لأهل دينه، والقيم على عباده، رضي الله به إماما لهم،
استودعه سره، واستحفظه علمه، واستخبأه حكمته، واسترعاه لدينه وانتدبه لعظيم أمره،
وأحيا به مناهج سبيله وفرائضه وحدوده، فقام بالعدل عند تحير أهل الجهل وتحيير أهل
الجدل بالنور الساطع، والشفاء النافع، بالحق الأبلج، والبيان اللائح من كل مخرج، على
طريق المنهج، الذي مضى عليه الصادقون من آبائه (عليهم السلام)، فليس يجهل حق هذا العالم إلا
شقي، ولا يجهده إلا غوي، ولا يصد عنه إلا جري على الله جل وعلا ".
باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الأمر وهم الناس المحسودون الذين ذكرهم الله U
1. الحسين بن محمد بن عامر الأشعري، عن معلى بن محمد، قال: حدثني الحسن بن
علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن ابن أذينة، عن بريد العجلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)
عن قول الله عز وجل: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم) فكان جوابه:

1. في " م ": " من ".
2. في " م ": + " قال ".
605

(ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا
هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا): يقولون لأئمة الضلالة والدعاة إلى النار: هؤلاء
أهدى من آل محمد سبيلا (أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا * أم
لهم نصيب من الملك) يعني الإمامة والخلافة (فإذا لا يؤتون الناس نقيرا) نحن الناس
الذين عنى الله، والنقير: النقطة التي في وسط النواة (أم يحسدون الناس على ما آتاهم
الله من فضله) نحن الناس المحسودون على ما آتانا الله من الإمامة، دون خلق الله
أجمعين (فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) يقول: جعلنا منهم
الرسل والأنبياء والأئمة، فكيف يقرون به في آل إبراهيم (عليه السلام) وينكرونه في آل محمد (عليهم السلام)
(فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا * إن الذين كفروا بآياتنا
سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان
عزيزا حكيما).
2. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن
الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى: (أم يحسدون الناس على ما
آتاهم الله من فضله) قال: " نحن المحسودون ".
3. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد
عن يحيى الحلبي، عن محمد الأحول، عن حمران بن أعين، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):
قول الله عز وجل: (فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب)؟ فقال: " النبوة "، قلت: (الحكمة)؟
قال: " الفهم والقضاء "، قلت: (وآتيناهم ملكا عظيما)؟ فقال: " الطاعة ".
4. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن حماد بن عثمان، عن

1. في " ل ": " الكتاب والحكمة " بدل قوله: " لمن آتاه الملك والحكمة ".
606

أبي الصباح، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (أم يحسدون الناس على ما
آتاهم الله من فضله) فقال: " يا أبا الصباح، نحن والله الناس المحسودون ".
5. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد
العجلي عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى: (فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب
والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) قال: " جعل منهم الرسل والأنبياء والأئمة، فكيف يقرون
في آل إبراهيم (عليه السلام) وينكرونه في آل محمد (صلى الله عليه وآله)؟! ". قال: قلت: (وآتيناهم ملكا عظيما)؟
قال: " الملك العظيم أن جعل فيهم أئمة؛ من أطاعهم أطاع الله، ومن عصاهم عصى الله، فهو
الملك العظيم ".
باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه
1. الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن أبي داود المسترق، قال:
حدثنا داود الجصاص، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (وعلمت وبالنجم هم يهتدون)
قال: " النجم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والعلامات هم الأئمة (عليهم السلام) ".

1. النحل (16): 15.
2. النحل (16): 16.
607

2. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أسباط بن سالم، قال:
سأل الهيثم أبا عبد الله (عليه السلام) وأنا عنده عن قول الله عز وجل: (وعلمت وبالنجم هم
يهتدون) فقال: " رسول الله (صلى الله عليه وآله) النجم، والعلامات هم الأئمة (عليهم السلام) ".
3. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء قال: سألت الرضا (عليه السلام)
عن قول الله تعالى: (وعلمت وبالنجم هم يهتدون) قال: " نحن العلامات، والنجم
رسول الله (صلى الله عليه وآله) ".
باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام)
1. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن أحمد
بن هلال، عن أمية بن علي، عن داود الرقي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تبارك
وتعالى: (وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) قال: " الآيات هم الأئمة،

1. في " خ ": " منه صلى الله عليه وآله ".
608

والنذر هم الأنبياء (عليهم السلام) ".
2. أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن موسى بن محمد
العجلي، عن يونس بن يعقوب، رفعه، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (كذبوا
بآياتنا كلها) " يعني الأوصياء كلهم ".
3. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي عمير، أو غيره، عن
محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك، إن الشيعة
يسألونك عن تفسير هذه الآية: (عم يتساءلون * عن النبأ العظيم) قال: " ذلك إلي إن
شئت أخبرتهم، وإن شئت لم أخبرهم "، ثم قال: " لكني أخبرك بتفسيرها "، قلت: (عم
يتساءلون)؟ قال: فقال: " هي في أمير المؤمنين صلوات الله عليه، كان أمير المؤمنين
صلوات الله عليه يقول: ما لله عز وجل آية هي أكبر مني، ولا لله من نبأ أعظم مني ".

1. القمر (54): 42.
2. في الكافي المطبوع: " صلوات الله عليه ".
3. في " خ ": " نزلت ".
4. في " خ، ل ": " وعلى التقديرين فالنبأ ".
5. في الكافي المطبوع: " عز وجل ".
609

باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام)
1. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء عن أحمد بن عائذ، عن ابن
أذينة، عن بريد بن معاوية العجلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (اتقوا
الله وكونوا مع الصدقين) قال: " إيانا عنى ".
2. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)
قال: سألته عن قول الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصدقين)
قال: " الصادقون هم الأئمة، والصديقون بطاعتهم ".

1. التوبة (9): 119.
610

3. أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن عبد
الحميد، عن منصور بن يونس، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أحب أن يحيا حياة تشبه حياة الأنبياء، ويموت ميتة تشبه ميتة الشهداء،
ويسكن الجنان التي غرسها الرحمن فليتول عليا، وليوال وليه، وليقتد بالأئمة
من بعده، فإنهم عترتي، خلقوا من طينتي، اللهم ارزقهم فهمي وعلمي، وويل للمخالفين

1. في " م ": " مواضع ".
611

لهم من أمتي، اللهم لا تنلهم شفاعتي ".

1. في " خ، ل " بدل ما بين المعقوفين هذه العبارة: " ومن ليس من عترته من المشايخ والعلماء، والعترة وإن كان قد
يطلق على غير الأولاد من الأقارب لكن الظاهر الأولاد، ومع ذلك أردفه بقوله: " خلقوا من طينتي " فإنه
كالصريح في أن المراد الأولاد، فخرج بنو العباس وسائر الهاشميين والعلويين غير السبطين وأولادهما ".
2. في " ل، خ ": بدل ما بين المعقوفين: " من العترة بطلب ".
3. في " خ، ل، م ": " من أولاده (عليه السلام) ".
4. في " خ، ل، م ": " الفرح ".
5. في " خ، ل ": " وفي مماته يكون ".
6. في " خ، ل ": + " كالأحياء ".
7. في " خ، ل، م ": " مثواه ما ".
8. هنا تمت نسخة " ل ".
612

4. محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن النضر بن شعيب، عن محمد بن
الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله
تبارك وتعالى يقول: استكمال حجتي على الأشقياء من أمتك: من ترك ولاية علي

1. بدل ما بين المعقوفين في " خ " هكذا: " فلا يطلبه ولا يحصل الشفاعة منه إلا بإذنه؛ لقوله تعالى ".
2. البقرة (2): 255.
3. في " خ، م ": " وفاعله ".
4. في " خ ": " أي يجب للشفاعة ".
5. في " خ ": " تمكن ".
6. في " خ ": " أو تحسر على كونها غير مقدورة له، أو غير ممكن الوقوع ".
7. في " خ " بدل ما بين المعقوفين هذا: " أو المراد بالولاية الإمارة والسلطنة، ويكون ترك الولاية عبارة عن ترك
العمل بمقتضى الإمارة والسلطنة ".
613

ووالى أعداءه، وأنكر فضله وفضل الأوصياء من بعده، فإن فضلك فضلهم، وطاعتك
طاعتهم، وحقك حقهم، ومعصيتك معصيتهم، وهم الأئمة الهداة من بعدك، جرى فيهم

1. في " خ ": " يوجب ".
614

روحك، وروحك ما جرى فيك من ربك، وهم عترتك من طينتك ولحمك ودمك، وقد
أجرى الله عز وجل فيهم سنتك وسنة الأنبياء قبلك، وهم خزاني على علمي من بعدك، حق
علي لقد اصطفيتهم وانتجبتهم وأخلصتهم وارتضيتهم، ونجا من أحبهم ووالاهم وسلم
لفضلهم، ولقد آتاني جبرئيل (عليه السلام) بأسمائهم وأسماء آبائهم وأحبائهم والمسلمين لفضلهم ".
5. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن
فضالة بن أيوب، عن أبي المغرا، عن محمد بن سالم، عن أبان بن تغلب، قال: سمعت
أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أراد أن يحيا حياتي، ويموت ميتتي ويدخل
جنة عدن التي غرسها الله ربي بيده، فليتول علي بن أبي طالب، وليتول وليه، وليعاد
عدوه، وليسلم للأوصياء من بعده، فإنهم عترتي من لحمي ودمي، أعطاهم الله فهمي

1. في " خ، م ": " فيه ".
2. في " خ ": + " الفاعلي ".
3. في " خ ": + " وتثبيت ".
615

وعلمي، إلى الله أشكو أمر أمتي المنكرين لفضلهم، القاطعين فيهم صلتي، وأيم الله ليقتلن
ابني، لا أنالهم الله شفاعتي ".
6. محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن
القاسم، عن عبد القهار، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من
سره أن يحيا حياتي، ويموت ميتتي، ويدخل الجنة التي وعدنيها ربي، ويتمسك بقضيب
غرسه ربي بيده، فليتول علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأوصياءه من بعده، فإنهم لا يدخلونكم في
باب ضلال، ولا يخرجونكم من باب هدى، فلا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، وإني

1. في " خ ": " من ".
2. في " خ " بدل ما بين المعقوفين هكذا: " يعلم ما في أول هذا الحديث مما ذكرناه في الحديث السابق، وما في هذا
الحديث ".
3. في " خ ": " تثنية ".
4. في " ت ": " فإنه ".
616

سألت ربي ألا يفرق بينهم وبين الكتاب حتى يردا علي الحوض هكذا - وضم بين
أصبعيه - وعرضه ما بين صنعاء إلى أيلة، فيه قدحان فضة وذهب عدد النجوم ".
7. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن فضالة بن
أيوب، عن الحسن بن زياد، عن الفضيل بن يسار، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): " وإن الروح
والراحة والفلج والعون والنجاح والبركة والكرامة والمغفرة والمعافاة واليسر والبشرى
والرضوان والقرب والنصر والتمكن والرجاء والمحبة من الله عز وجل لمن تولى عليا وائتم
به، وبرئ من عدوه، وسلم لفضله وللأوصياء من بعده، حقا علي أن أدخلهم في شفاعتي،

1. في " خ ": " سعته ".
2. في " خ ": " وطرق تداولها كالقدحان ".
3. هنا تمت نسخة " م ".
4. في " خ ": " وطرقها نفيسة شريفة ".
5. في " خ ": بدل ما بين المعقوفين هكذا: " وإن اختلف بالشرف والعزة كالذهب والفضة، ومتكثرة في شرافتها
بكثرة النجوم ".
617

وحق على ربي - تبارك وتعالى - أن يستجيب لي فيهم، فإنهم أتباعي، ومن تبعني
فإنه مني ".
باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام)
1. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن عجلان، عن
أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (فسلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون): " قال

1. النحل (16): 43؛ الأنبياء (21): 7. وفي حاشية " ت ": هذه الآية من صدرها في سورة الأنبياء: (وما أرسلنا
قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، وفي سورة النحل من أول: (وما أرسلنا
من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون * بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر
لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) والمذكور في الحديث مشترك بين الآيتين، وقوله: (وما أرسلنا
قبلك إلا رجالا نوحي إليهم) في سورة النحل رد على ما قبله من قوله: (لا يبعث الله من يموت) [النحل
(16): 37]. بعد ما رد عليه سابقا، ثم التفت من الرد على المنكرين إلى الخطاب بالمصدقين بقوله: (فسلوا
أهل الذكر) أي إذا عرفتم بطلان قول المنكرين فاسألوا أهل الذكر إن لم تكونوا من أهل الذكر، فتكونوا
جاهلين بالبينات والزبر. ثم بين أهل الذكر بقوله: (وأنزلنا إليك الذكر) الآية، وكذا في سورة الأنبياء إلا أن
قوله: (وما أرسلنا) رد على ما قبله من قولهم: (هل هذا إلا بشر مثلكم) إلى آخره [الأنبياء (21): 2]. (منه
رحمه الله تعالى).
2. في " خ ": " عند التكرار كما هو في دأب المحدثين ".
618

رسول الله (صلى الله عليه وآله): الذكر أنا، والأئمة أهل الذكر "، وقوله عز وجل: (وإنه لذكر لك ولقومك
وسوف تسئلون) قال أبو جعفر (عليه السلام): " نحن قومه ونحن المسؤولون ".

1. الزخرف (43): 44.
2. في " خ ": + " صار ".
3. في " خ ": " فيطلق ".
4. الطلاق (65): 10 - 11.
5. المنافقون (63): 9.
6. المنافقون (63): 5.
619



1. الجمعة (62): 9.
2. في " خ ": " لا يأتي ".
3. الحديد (57): 21؛ الجمعة (62): 4.
4. الجمعة (62): 3.
620

2. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن أورمة، عن علي بن
حسان، عن عمه عبد الرحمن بن كثير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): (فسلوا أهل الذكر إن
كنتم لا تعلمون)؟ قال: " الذكر محمد (صلى الله عليه وآله)، ونحن أهله المسؤولون ". قال: قلت:
قوله: (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون) قال: " إيانا عنى، ونحن أهل الذكر، ونحن
المسؤولون ".
3. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، قال: سألت الرضا (عليه السلام) فقلت
له: جعلت فداك (فسلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)؟ فقال: " نحن أهل الذكر، ونحن
المسؤولون "، قلت: فأنتم المسؤولون ونحن السائلون؟ قال: " نعم "، قلت: حقا علينا أن
نسألكم؟ قال: " نعم "، قلت: حقا عليكم أن تجيبونا؟ قال: " لا، ذاك إلينا إن شئنا فعلنا وإن

1. العنكبوت (29): 45.
2. هنا تمت نسخة " ت ".
621

شئنا لم نفعل؛ أما تسمع قول الله تبارك وتعالى: (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير
حساب) ".
4. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن
سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل:
(وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون) فرسول الله (صلى الله عليه وآله) الذكر، أهل بيته (عليهم السلام) المسؤولون
وهم أهل الذكر ".
5. أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد، عن ربعي، عن الفضيل، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى: (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون) قال:
" الذكر القرآن، ونحن قومه، نحن المسؤولون ".

1. ص (38): 39.
2. الزخرف (43): 44.
622

6. محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بن
يونس، عن أبي بكر الحضرمي، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) ودخل عليه الورد أخو
الكميت، فقال: جعلني الله فداك، اخترت لك سبعين مسألة ما تحضرني منها مسألة واحدة،
قال: " ولا واحدة يا ورد؟ " قال: بلى، قد حضرني منها واحدة، قال: " وما هي؟ " قال: قول
الله تبارك وتعالى: (فسلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) من هم؟ قال: " نحن ". قال:
قلت: علينا أن نسألكم؟ قال: " نعم "، قلت: عليكم أن تجيبونا؟ قال: " ذاك إلينا ".
7. محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن
رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " إن من عندنا يزعمون أن قول الله
عز وجل: (فسلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) أنهم اليهود والنصارى، قال: إذا
يدعونكم إلى دينهم. قال: - قال بيده إلى صدره - نحن أهل الذكر، ونحن المسؤولون ".
8. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال:
سمعته يقول: " قال علي بن الحسين (عليهما السلام): على الأئمة من الفرض ما ليس على شيعتهم،
وعلى شيعتنا ما ليس علينا، أمرهم الله - عز وجل - أن يسألونا، قال: (فسلوا أهل الذكر إن
كنتم لا تعلمون) فأمرهم أن يسألونا وليس علينا الجواب، إن شئنا أجبنا، وإن شئنا
أمسكنا ".
623

9. أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: كتبت إلى الرضا (عليه السلام) كتابا
فكان في بعض ما كتبت: قال الله عز وجل: (فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) وقال الله
عز وجل: (وما كان المؤمنون لينفروا كآفة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في
الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) فقد فرضت عليهم المسألة، ولم
يفرض عليكم الجواب؟ قال: " قال الله تبارك وتعالى: (فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما
يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه) ".

1. القصص (28): 50.
2. كذا في النسخة، وكذا فيما بعده موارد من التأمل.
624

باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام)
1. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد المؤمن بن القاسم
الأنصاري، عن سعد، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (هل يستوي الذين
يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب) قال أبو جعفر (عليه السلام): " إنما

1. الزمر (39): 9.
625

نحن الذين يعلمون، والذين لا يعلمون عدونا، وشيعتنا أولو الألباب ".
2. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن
سويد، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله عز وجل: (هل يستوي الذين يعلمون والذين
لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب) قال: " نحن الذين يعلمون، وعدونا الذين لا يعلمون،
وشيعتنا أولو الألباب ".
626

باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)
1. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن
سويد، عن أيوب بن الحر وعمران بن علي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " نحن
الراسخون في العلم، ونحن نعلم تأويله ".
2. علي بن محمد، عن عبد الله بن علي، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد،
عن بريد بن معاوية، عن أحدهما (عليهم السلام) في قول الله عز وجل (وما يعلم تأويله إلا الله
والر سخون في العلم) فرسول الله (صلى الله عليه وآله) أفضل الراسخين في العلم، قد علمه الله - عز وجل -
جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل، وما كان الله لينزل عليه شيئا لم يعلمه تأويله،
وأوصياؤه من بعده يعلمونه كله، والذين لا يعلمون تأويله إذا قال العالم فيهم بعلم،
فأجابهم الله بقوله: (يقولون آمنا بهى كل من عند ربنا) والقرآن خاص وعام

1. آل عمران (3): 7.
627

ومحكم ومتشابه وناسخ منسوخ، فالراسخون في العلم يعلمونه ".
3. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن أورمة، عن علي بن حسان،
عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " الراسخون في العلم أمير المؤمنين
والأئمة من بعده (عليهم السلام) ".
باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم
1. أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن
المختار، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في هذه الآية: " (بل هو آيات
بينات في صدور الذين أوتوا العلم) فأومأ بيده إلى صدره ".
2. عنه، عن محمد بن علي، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) قال:
" هم الأئمة (عليهم السلام) ".
3. وعنه، عن محمد بن علي، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، قال:
قال أبو جعفر (عليه السلام) في هذه الآية: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم)
ثم قال: " أما والله يا أبا محمد ما قال بين دفتي المصحف؟ "، قلت: من هم جعلت فداك؟

1. العنكبوت (29): 49.
628

قال: " من عسى أن يكونوا غيرنا ".
4. محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن يزيد شعر، عن هارون بن حمزة، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) قال:
" هم الأئمة (عليهم السلام) خاصة ".
5. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن
الفضيل، قال: سألته عن قول الله عز وجل: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا
العلم) قال: " هم الأئمة (عليهم السلام) خاصة ".
باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام)
1. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن حماد بن
عيسى، عن عبد المؤمن، عن سالم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (ثم
أورثنا الكتب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق
بالخيرات بإذن الله) قال: " السابق بالخيرات: الإمام، والمقتصد: العارف للإمام،

1. فاطر (35): 32.
629

والظالم لنفسه: الذي لا يعرف الإمام ".
2. الحسين، عن معلى، عن الوشاء، عن عبد الكريم، عن سليمان بن خالد، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قوله تعالى: (ثم أورثنا الكتب الذين اصطفينا من عبادنا)
فقال: " أي شيء تقولون أنتم؟ " قلت: نقول: إنها في الفاطميين؟ قال: " ليس حيث تذهب،
ليس يدخل في هذا من أشار بسيفه ودعا الناس إلى خلاف ". فقلت: فأي شيء

1. جواب " لما ".
630

الظالم لنفسه؟ قال: " الجالس في بيته لا يعرف حق الإمام، والمقتصد: العارف بحق الإمام،
والسابق بالخيرات: الإمام ".
3. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن، عن أحمد بن عمر، قال:
سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (ثم أورثنا الكتب الذين اصطفينا من
عبادنا) الآية؟ قال: فقال: " ولد فاطمة (عليها السلام) والسابق بالخيرات: الإمام، والمقتصد: العارف
بالإمام، والظالم لنفسه: الذي لا يعرف الإمام ".
4. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد، قال: سألت
أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك
يؤمنون به) قال: " هم الأئمة (عليهم السلام) ".

1. في الكافي المطبوع: - " منهم ".
2. في الكافي المطبوع: " عز وجل ".
3. البقرة (2): 121.
631

باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان:
إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار
1. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن
غالب، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: " لما نزلت هذه الآية: (يوم ندعوا كل أناسم
بإمامهم) قال المسلمون: يا رسول الله، ألست إمام الناس كلهم أجمعين؟ قال: فقال رسول
الله (صلى الله عليه وآله): أنا رسول الله إلى الناس أجمعين، ولكن سيكون من بعدي أئمة على الناس من الله
من أهل بيتي، يقومون في الناس فيكذبون، ويظلمهم أئمة الكفر والضلال
632

وأشياعهم، فمن والاهم واتبعهم وصدقهم فهو مني ومعي وسيلقاني، ألا ومن ظلمهم
وكذبهم فليس مني ولا معي، وأنا منه بريء ".
2. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد؛ ومحمد بن الحسين، عن محمد بن يحيى،
عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: " إن الأئمة في كتاب الله - عز وجل -
إمامان، قال الله تبارك وتعالى: (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا) لا بأمر الناس، يقدمون
أمر الله قبل أمرهم، وحكم الله قبل حكمهم، قال: (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار)
يقدمون أمرهم قبل أمر الله، وحكمهم قبل حكم الله، ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب
الله عز وجل ".
باب أن القرآن يهدي للإمام
1. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب قال:
سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن قوله عز وجل: (ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان
والأقربون والذين عقدت أيمانكم)؟ قال: " إنما عنى بذلك الأئمة (عليهم السلام) بهم عقد

1. الإسراء (17): 71.
2. الأنبياء (21): 73.
3. القصص (28): 41.
633

الله - عز وجل - أيمانكم ".
2. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن
موسى بن أكيل النميري، عن العلاء بن سيابة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: (إن هذا
القرآن يهدى للتي هي أقوم) قال: " يهدي إلى الإمام ".
باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام)
1. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن بسطام بن مرة، عن إسحاق بن حسان،
عن الهيثم بن واقد، عن علي بن الحسين العبدي، عن سعد الإسكاف، عن الأصبغ قال:

1. النساء (4): 33.
634

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " ما بال أقوام غيروا سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعدلوا عن وصيه، لا
يتخوفون أن ينزل بهم العذاب " ثم تلا هذه الآية: (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا
وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم)، ثم قال: " نحن النعمة التي أنعم الله بها على عباده، وبنا
يفوز من فاز يوم القيامة ".
2. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، رفعه، في قول الله عز وجل: (فبأي آلاء
ربكما تكذبان): أبا لنبي أم بالوصي تكذبان؟ نزلت في " الرحمن ".
3. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن عبد الله بن عبد
الرحمن، عن الهيثم بن واقد، عن أبي يوسف البزاز قال: تلا أبو عبد الله (عليه السلام) هذه الآية:
(فاذكروا آلاء الله) قال: " أتدري ما آلاء الله؟ " قلت: لا، قال: " هي أعظم نعم الله على
خلقه، وهي ولايتنا ".
4. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن أورمة، عن علي بن حسان،
عن عبد الرحمن بن كثير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (ألم تر إلى الذين
بدلوا نعمت الله كفرا) الآية، قال: " عنى بها قريشا قاطبة الذين عادوا رسول الله (صلى الله عليه وآله)
ونصبوا له الحرب وجحدوا وصية وصيه ".
635

باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام)
والسبيل فيهم مقيم
1. أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن ابن أبي عمير، قال:
أخبرني أسباط بياع الزطي قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فسأله رجل عن قول الله
عز وجل: (إن في ذلك لآيات للمتوسمين * وإنها لبسبيل مقيم) قال: فقال: " نحن
المتوسمون، والسبيل فينا مقيم ".

1. الحجر (15): 75.
636

2. محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن يحيى بن إبراهيم، قال: حدثني
أسباط بن سالم، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل عليه رجل من أهل هيت، فقال له:
أصلحك الله ما تقول في قول الله عز وجل: (إن في ذلك لآيات للمتوسمين)؟ قال: " نحن
المتوسمون، والسبيل فينا مقيم ".
3. محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن
عبد الله، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (إن في ذلك لآيات
للمتوسمين) قال: " هم الأئمة (عليهم السلام)؛ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور
الله عز وجل في قول الله تعالى: (إن في ذلك لآيات للمتوسمين) ".
4. محمد بن يحيى، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عبيس بن هشام، عن عبد الله
ابن سليمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (إن في ذلك لآيات للمتوسمين)
فقال: " هم الأئمة (عليهم السلام) " (وإنها لبسبيل مقيم) قال: " لا يخرج منا أبدا ".
5. محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن أسلم، عن إبراهيم بن
أيوب، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في
قوله تعالى: (إن في ذلك لآيات للمتوسمين) قال: " كان رسول الله (صلى الله عليه وآله): المتوسم، وأنا من
بعده والأئمة من ذريتي المتوسمون ".

1. الحجر (15): 75.
637

الفهارس العامة
1. فهرس الآيات القرآنية
2. فهرس الأحاديث
3. فهرس الأعلام
4. فهرس الكتب الواردة في المتن
5. فهرس المذاهب والقبائل والفرق
6. فهرس اختلاف النسخ
7. فهرس مصادر التحقيق
8. فهرس المطالب
639

(1)
فهرس الآيات القرآنية
سورة البقرة (2)
متن الآية رقم الآية الصفحة
(وهو بكل شئ عليم) 29 314
(وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم) 57 474
(ويريكم آياته) 73 332
(الذين آتيناهم الكتب) 121 631
(إني جاعلك للناس إماما) 124 541
(لا ينال عهدي الظالمين) 124 540
(من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) 255 613
(وسع كرسيه السموات والأرض) 255 428
سورة آل عمران (3)
(يقولون آمنا بهى كل من عند ربنا) 7 627
(ذرية بعضها من بعض) 34 602
(فلما أحس عيسى منهم الكفر) 52 268
641

سورة النساء (4)
(إنما التوبة) 17 159
(ولكل جعلنا موالي مما ترك) 33 634
(أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) 59 565، 566
(ما أصابك من حسنة فمن الله) 79 501
(من يطع الرسول فقد أطاع) 80 564، 565
(إلا المستضعفين من الرجال) 98 568
سورة المائدة (5)
(اليوم أكملت لكم دينكم) 3 202، 591، 635
(إنما يتقبل الله من المتقين) 27 556
(ومن أحياها فكأنما أحيا الناس) 32 127
(إنما وليكم الله ورسوله والذين) 55 474، 609
(يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) 67 202
سورة الأنعام (6)
(فلما رءا كوكبا) 76 428
(وما قدروا الله حق قدره) 91 347
(لا تدركه الأبصار) 103 334
(قد جاءكم بصائر من ربكم) 104 334
(نورا يمشى بهى في الناس) 122 563
سورة الأعراف (7)
(حقيق على أن لا أقول على الله) 105 135
642

(وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) 160 474
سورة التوبة (9)
(اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من) 31 188
(الاعراب أشد كفرا ونفاقا) 97 94
(وكونوا مع الصدقين) 119 610
(ليتفقهوا في الدين) 122 95
سورة يونس (10)
(أجيبت دعوتكما) 89 189
(أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) 99 521
سورة هود (11)
(إن الحسنات يذهبن السيئات) 114 128
سورة يوسف (12)
(قال يبنى لا تقصص رؤياك على إخوتك) 5 537
سورة الرعد (13)
(إنما يتذكر أولوا الألباب) 19 49
(يمحوا الله ما يشاء ويثبت) 39 475
سورة الحجر (15)
(ونفخت فيه من روحي) 39 434
(إن في ذلك لآيات للمتوسمين) 75 637
(ولقد آتيناك سبعا من المثاني) 87 468
643

سورة النحل (16)
(لعلكم تهتدون) 15 607
(وبالنجم هم يهتدون) 16 608
(فسلوا أهل الذكر) 43 36، 618
سورة الإسراء (17)
(وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) 15 515
(يوم ندعوا كل أناسم بإمامهم) 71 572، 633
(قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن) 110 379
سورة مريم (19)
(أو لا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل) 67 296
(هل تحس منهم من أحد) 98 268
سورة طه (20)
(الرحمن على العرش استوى) 5 422
(وإني لغفار لمن تاب) 82 555
(لا يحيطون بهى علما) 110 324
سورة الأنبياء (21)
(فسلوا أهل الذكر) 7 36، 618
(من الماء كل شئ حي) 30 433
(ووهبنا لهو إسحق ويعقوب نافلة) 72 592
(وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا) 73 592، 633
644

سورة الحج (22)
(ومن الناس من يعبد الله على حرف) 11 37
(وما أرسلنا من قبلك من رسول) 52 542
(ما قدروا الله حق قدره) 74 347
(يا أيها الذين آمنوا) 77 574
سورة النور (24)
(الزجاجة كأنها كوكب درى) 35 583
(رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع) 37 557
(وعد الله الذين آمنوا منكم) 55 580
سورة القصص (28)
(وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار) 41 633
(فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما) 50 624
(إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله) 56 520
(وربك يخلق ما يشاء) 68 597
سورة العنكبوت (29)
(إن الصلوة تنهى عن الفحشاء) 45 621
(في صدور الذين أوتوا العلم) 49 628
سورة الروم (30)
(وقال الذين أوتوا العلم والإيمان) 56 593
645

سورة لقمان (31)
(ولا تصعر خدك للناس) 18 130
سورة فاطر (35)
(وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) 24 557
(إنما يخشى الله من عباده العلماء) 28 49
(ثم أورثنا الكتب الذين اصطفينا من) 32 629
(إن الله يمسك السموات) 41 425
سورة يس (36)
(إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول) 82 312
سورة الزمر (39)
(واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم) 18 181
(وما قدروا الله حق قدره) 67 347
(وقضى بينهم بالحق) 75 464
سورة ص (38)
(هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك) 39 622
(ونفخت فيه من روحي) 72 434
سورة غافر (40)
(يريكم آياته) 13 332
646

سورة الشورى (42)
(ليس كمثله شئ وهو السميع البصير) 11 347
(وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا) 52 126
سورة الزخرف (43)
(وجعلوا الملائكة الذين هم عبد الرحمن) 19 224
(وإنه لذكر لك ولقومك وسوف) 43 619، 622
(وهو الذي في السماء إله) 84 424
(لئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله) 87 400، 404
سورة الذاريات (51)
(ومن كل شئ خلقنا زوجين) 49 453
(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) 56 545، 470
سورة النجم (53)
(ما كذب الفؤاد ما رأى) 11 323، 324
(ولقد رآه نزلة أخرى) 13 323، 324
(ما زاغ البصر وما طغى) 17 324
(لقد رأى من آيات) 18 324
سورة القمر (54)
(كذبوا بآياتنا كلها) 42 609
سورة الحديد (57)
(سبح لله ما في السموات والأرض) 1 313
647

(وهو على كل شئ قدير) 2 314
(ثم استوى على العرش) 4 314
(لهو ملك السموات والأرض) 5 314
(يولج الليل في النهار) 6 314
(وهو عليم بذات الصدور) 6 313
(ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) 21 620
سورة المجادلة (58)
(ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) 7 421
سورة الحشر (59)
(وما آتاكم الرسول فخذوه) 7 216
(فاعتبروا يا أولى الأبصار) 2 47
سورة الجمعة (62)
(وآخرين منهم لما يلحقوا بهم) 3 620
(ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) 4 620
(فاسعوا إلى ذكر الله) 9 620
سورة المنافقون (63)
(وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم) 5 619، 620
(لا تلهكم أموالكم ولا أولدكم عن ذكر الله) 9 619
سورة الطلاق (65)
(قد أنزل الله إليكم ذكرا) 10 619
648

(رسولا يتلوا عليكم آيات الله مبينات) 11 619
سورة الحاقة (69)
(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ) 17 426
سورة الإنسان (76)
(هل أتى على الإنسان حين من الدهر) 1 296
سورة النبأ (78)
(وكذبوا بآياتنا كذابا) 28 396
649

(2)
فهرس الأحاديث
صفحة
الآخرة طالبة ومطلوبة 54
اللهم لا تجعل لي عزا خاطرا إلا... 157
اللهم متعني بسمعي وبصري 97
أنا كتاب الله الناطق 581
أنا كلام الله الناطق 468، 561
أنا مدينة العلم وعلي بابها 203، 580
أنا وعلي من نور واحد 578
إن الإسلام ليأرز إلى المدينة 35
إن الله لا ينسب إلى العجز 259
إن الحسرة والندامة والويل 146
إني تارك فيكم الثقلين 98، 177، 201، 203، 580
إني سأهجر الهجرتين 497، 498
أول ما خلق الله نوري 578
بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل 388
بين العبد والكفر ترك الصلاة 81
بين يدي الساعة هرج 186
جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: أيقدر الله 259
650

الخال وارث من لا وارث له 383
خير هذه الأمة النمط الأوسط 343
دعوه فإن الذي يريده الأعرابي 307
الدنيا طالبة مطلوبة 54
سلني في إمامة هذا 529
سمعت رسول الله يقول: دع ما يريبك 148
العقل يعرف به الصادق 73
العيادة قدر فواق ناقة 492
فمن أحب الدنيا وتولاها أبغض الآخرة 153
فيأرز العلم كما يأرز الحية في جحرها 35
قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): هل يقدر ربك 259
كان مقدرا غير مذكور 296
لا يجوز الرؤية ما لم يكن 329
لا يشبهه شيء مكون 296
ليس بين الإيمان والكفر 87
ليس كمثله شيء لم يزل سميعا وعليما 288، 416
ليس هؤلاء ممن خاطب الله 87
ما صنعت في رأس العلم حتى تسأل 287
مقدرا ولا مكونا 296
من مات ولم يعرف إمام زمانه 551
نعم، بقلبه رآه، أما سمعت الله 324
نعم، في أصغر من البيضة 259
وجدت نفسي لا يخلو من إحدى 244
والحزم مساءة الظن 80
ولا ينبغي أن يضجر بطول صحبته 118
ولسانه الناطق في خلقه 472
يا أيها الناس إني تركت فيكم من إن أخذتم 217
يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله 98
يستدل عليه بأقرب الأشياء 262
651

(3)
فهرس الأعلام
أبان: 231
أبان بن عثمان: 259
إبراهيم (عليه السلام): 428، 487، 539، 542، 583،
592، 593
ابن أبي العوجاء: 420
ابن أبي يعفور: 231
ابن الزبرقان: 415، 416
ابن شبرمة: 203
ابن عباس: 189، 287، 497
أبو بصير: 622
أبو جعفر (عليه السلام): 288، 605، 610، 617، 618،
619
أبو جعفر، ابن بابويه الصدوق: 244، 282،
288، 293، 296، 307، 324، 329، 373
أبو الحسن: 324
أبو الحسن الثالث (عليه السلام): 329
أبو الحسن الرضا (عليه السلام)، الرضا (عليه السلام): 259، 288،
334
أبو ذؤيب: 164
أبو شاكر الديصاني: 244، 262
أبو طالب: 416
أبو عبد الله (عليه السلام): 146، 231، 244، 258، 259،
275، 296، 333، 472، 529، 539، 548،
622
أبو قرة: 323، 324
أحمد بن إسحاق: 329
أحمد بن محمد بن أبي نصر: 258، 293
أحول: 539
آدم: 45، 129، 205، 435، 487، 545
إسحاق: 487، 488
إسماعيل: 488
أمير المؤمنين (عليه السلام)، علي (عليه السلام): 66، 153، 180،
200، 203، 290، 307، 454، 468، 473،
498، 526، 566، 573، 575، 581، 582،
585، 586، 593، 609، 611، 613، 616
الأنصاري: 498
652

الباقر (عليه السلام): 229
جابر: 81
الجاحد: 567
جالوت: 301
جبرئيل (عليه السلام): 45، 334، 543، 615
الجهني: 479
الجوهري: 35
الحسن (عليه السلام)، الحسن بن أمير المؤمنين (عليه السلام):
148، 546، 583
الحسنين (عليهما السلام): 616
الحسين (عليه السلام): 546، 583، 602، 616
الحسين بن أبي العلاء: 231
الحسين بن أحمد: 329
الخليل (عليه السلام): 540
رأس الجالوت: 301
رفيع: 29
زيد: 536، 538، 631
السبطين (عليهما السلام): 611
سفيان بن عيينة: 123
سفيان الثوري: 123
سليم مولى طربال: 399
سليمان بن خالد: 315، 631
سليمان مولى طربال: 399
شداد بن معاوية: 415
شريح بن هاني: 307
الشيخ: 91
صاحب الطاق: 342
الصادق (عليه السلام): 194، 229
الصادقين (عليهما السلام): 39
طاهر بن حاتم: 288
العالم (عليه السلام): 38، 39، 485
عبد القاهر: 32
العلامة: 341
علان: 45
علي بن الحسين (عليهما السلام): 530، 534
علي بن الحكم: 231
علي بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ربيعة:
283
علي بن محمد بن إبراهيم بن أبان الرازي: 45
علي بن محمد بن عبد الله بن أذينة: 47
علي بن منصور: 262
عمر بن أذينة: 259
عيسى (عليه السلام)، عيسى بن مريم (عليه السلام): 435، 558
فاطمه (عليها السلام): 583
قيس: 534
قيس بن الماصر: 530
قيس الماصر: 539
الليث: 331
محمد، محمد بن عبد الله، الرسول، رسول
الله، النبي (صلى الله عليه وآله): 29، 32، 34، 39، 40، 66،
74، 85، 96، 126، 140، 177، 180، 186،
189، 200، 201، 202، 203، 206، 208،
212، 215، 216، 217، 226، 232، 287،
303، 321، 323، 324، 332، 334، 341،
343، 344، 416، 419، 469، 474، 486،
498، 520، 521، 525، 526، 529، 532،
653

533، 534، 544، 545، 550، 551، 553،
554، 556، 557، 558، 565، 572، 573،
574، 575، 576، 578، 580، 581، 583،
585، 586، 587، 589، 591، 592، 593،
599، 600، 608، 614، 617، 618، 619،
621، 624، 625، 627، 629، 634، 635،
636
محمد بن الفضيل: 324
محمد بن مسلم: 315
محمد بن يحيى: 307
محمد بن يعقوب، الكليني: 91، 186، 330،
334
مسعر بن كدام: 123
مطرزي: 31
معاوية: 584
موسى (عليه السلام): 135
موسى بن جعفر (عليهما السلام)، الكاظم (عليه السلام): 296، 468،
536
الميثمي: 342
الناصري: 190
نوح (عليه السلام): 180
الهروي: 331
هشام: 258، 529، 533، 534
هشام بن الحكم: 244، 262، 336، 345،
349، 354
هشام بن سالم: 342، 345، 354، 531
يعقوب (عليه السلام): 537
يوسف (عليه السلام): 508، 537
يونس (عليه السلام): 539
يونس بن يعقوب: 530
654

(4)
فهرس الكتب الواردة في المتن
القرآن، كتاب الله، كتاب العزيز: 114، 134، 207، 208، 210، 213، 216، 217، 231، 232،
233، 306، 340، 468، 525، 526، 561، 574، 575، 597، 619، 621، 622، 634
التوحيد: 282، 288، 293، 307، 324، 329، 372
رجال الشيخ: 399
صحاح اللغة: 593
الغريبين: 268، 331
القاموس المحيط: 593
الكافي: 29، 91، 410، 522
النهاية: 382، 383
المصادر: 52، 85، 458
655

(5)
فهرس المذاهب والقبائل والفرق
آل آدم: 545
آل إبراهيم: 606
آل محمد: 343، 545، 569، 585، 596
الأئمة: 468، 474، 539، 564، 576، 581،
605، 608، 619، 621، 625، 626، 627،
628
الأشاعرة: 497، 499
أصحاب الجمل: 189، 498
أمة محمد (صلى الله عليه وآله) = أمة الرسول: 572، 580،
619، 630
أهل الباطل: 519
أهل البيت: 212، 217، 223، 229، 330،
466، 474، 536، 554، 578، 580، 583،
632، 636، 637
أهل الشام = أصحاب الشام: 190، 495، 498
أهل النهروان: 190، 498
الباغي: 466
بنو أمية = الأموية: 330، 584، 611
بنو فاطمة = ولد فاطمة: 630، 631
الجبرية: 508
الحجج، حجج الله: 524، 561، 603
الحكماء: 328، 359
الخوارج: 190، 330، 498
الزنديق: 525
الزيدية: 631
الشامي: 531، 532، 533
الشيعة: 536
الضالون: 405، 568
العامة: 325، 530، 536
عبدة الأوثان: 497
العرب: 503
الغالي: 343
الفاطميون: 631
الفلاسفة: 294، 384
القاسطون: 190، 498
القدرية: 190، 497، 498، 501، 525، 530
656

الكافر: 511، 555، 567
المتكلمون: 359
المجوس: 497، 499
المرجئة (المرجئ): 190، 498، 525، 530
المسلمون: 526، 552، 572، 574، 620
المشاؤون: 328
المعتزلة: 499، 502
المؤمنون: 546، 566، 580
الناكثون: 189، 498
النصارى: 623
الهاشميون: 611
اليهود: 190، 301، 304، 475، 498، 623
657

(6)
فهرس اختلاف النسخ
متن الشارح في بعض النسخ الصفحة
أن يأزر أن يأرز (احتمال المصنف) 35
التفكر التذكر 64
يهضم تهضم 84
لأتاه لآتاه 88
كتاب فضل العلم، باب فرض العلم باب فرض العلم 91
يسدده يشدده 101
فتأمهم الجفاة فتليهم الجفاة 122
الحديد الحديث 128
حض خص 136
سرعة السير كثرة السير 139
فأثبت له فأبت له 145
لحلوانهم لحلوائهم 168
يختار يحتاز 211
تم كتاب العقل هذا آخر كتاب فضل العلم من كتاب الكافي 236
ولا تثن ولا تثني 248
658

متن الشارح في بعض النسخ الصفحة
بن أبي ربيحة بن أبي زيحة 283
لا يحاوره لا يخاوره 299
لا يحاوره لا يجاوره 300
لا يحاوره لا يجاوزه 300
ولا غاية إليها ولا غاية انتهاء 305
ومحمد بن يحيى وعن محمد بن يحيى 307
لهم المنطق بهم المنطق 316
عظم خلقه عظيم خلقه 318
لم ينفذه البصر (متن الكافي)
لم ينفذ البصر (متن الشارح) ينفذه البصر 329
فيما يرون فيما يروون 333
الله أعظم الله أعلم 335
خلق أسماء خلق اسما 376
غاية عانة (احتمال المصنف) 383
فارعوه فاوعوه 384
فارعوه فادعوه 384
تثاقل به تناضل به 388
عن آداب عن أداة 397
سليمان مولى طربال سليم مولى طربال 399
تنزيه تنزيهه 399
يعينه يغيبه 407
فئة فيه 408
مؤلفا مؤلف 452
659

متن الشارح في بعض النسخ الصفحة
مفرقا مفرق 452
نقص واحدة نقض واحدة 485
ما يكون ما تكون 535
في بدء قدومنا في ندء قدومنا 590
صعبا دحضا صعبا ودحضا 596
من الخطأ قد أمن الخطأ 597
وفتح بهم ومنح بهم 600
يدين بهديهم العباد يدين بهم العباد 602
إلى محبته إلى حجته 604
660

(7)
فهرس مصادر التحقيق
1. القرآن الكريم.
2. الاحتجاج؛ لأبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، من علماء القرن السادس
الهجري، نشر المرتضى، مشهد المقدس، 1403 ق.
3. الاختصاص؛ للشيخ أبي عبد الله محمد بن محمد النعمان التلعكبري البغدادي، المعروف
بالشيخ المفيد (م 413 ه‍. ق) تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، المعتمر العالمي لألفية
الشيخ المفيد، قم، 1413 ق.
4. اختيار معرفة الرجال (رجال الكشى)؛ لأبي جعفر محمد بن الحسن، المعروف بالشيخ
الطوسي (م 460 ق) تصحيح وتعليق: حسن المصطفوي، جامعة مشهد المقدسة،
1348 ش.
5. الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد؛ للشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان البغدادي
(م 413 ق) المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد، قم، 1413 ق.
6. الإقبال (إقبال الأعمال)؛ للسيد علي بن طاووس الحلي (م 664 ه‍. ق) تحقيق: جواد
القيومي، مكتبة الإعلام الإسلامي، قم، 1414 ق.
7. إعلام الورى بأعلام الهدى؛ للشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (م 502 ه‍. ق) دار
الكتب الإسلامية، تهران.
* إكمال الدين وإتمام النعمة = كمال الدين وتمام النعمة،
661

8. أمالي الصدوق؛ للشيخ الأقدم أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي
المعروف بالشيخ الصدوق (م 381 ق) دار الكتب الإسلامية، تهران، 1362 ش.
9. أمالي الطوسي؛ للشيخ محمد بن الحسن الطوسي (م 460 ق) تحقيق: مؤسسة البعثة،
دار الثقافة، قم، 1414 ق.
10. بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار؛ للشيخ محمد باقر بن محمد تقي المجلسي
(م 1111 ق) دار الكتب الإسلامية، تهران.
11. بصائر الدرجات الكبرى في فضائل آل محمد؛ لأبي جعفر محمد بن الحسن بن فروخ
الصفار القمي (م 290 ق)، تحقيق: محسن كوچه باغي، مكتبة آية الله المرعشي، قم،
1404 ق.
12. البلد الأمين؛ للشيخ إبراهيم الكفعمي من علماء القرن التاسع، الطبعة الحجرية.
13. تاج العروس من جواهر القاموس؛ للسيد محمد بن محمد مرتضى الحسيني الواسطي
الزبيدي الحنفي (م 1205 ق) دار مكتبة الحياة، بيروت، بالأفست من طبع مصر، 1306.
14. تاريخ مدينة دمشق؛ لأبي القاسم علي بن الحسين بن هبة الله، المعروف لابن عساكر
الدمشقي (م 571 ق) تحقيق: علي شيري، دار الفكر، بيروت، 1415 ق.
15. تحف العقول عن آل الرسول؛ للشيخ أبي محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة
الحراني (من أعلام القرن الرابع) تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر
الإسلامي، قم، 1404 ق.
16. تفسير القمي؛ لأبي الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم القمي من أعلام القرن الثالث والرابع
الهجري، تحقيق: السيد طيب الموسوي الجزائري، مؤسسة دار الكتاب، قم، 1404 ق.
17. التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام)؛ تحقيق ونشر: مؤسسة الإمام المهدي (عج) قم،
1409 ق.
18. التعليقة على الكافي؛ للسيد محمد باقر الحسيني، المعروف بمير داماد (م 1041 ق)
تحقيق: السيد مهدي الرجائي، مطبعة خيام، 1403 ق.
662

19. التوحيد؛ لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، المعروف بالشيخ
الصدوق (م 381 ه‍. ق) تحقيق: السيد هاشم الحسيني الطهراني، مؤسسة النشر
الإسلامي، قم، 1398 ق.
20. جامع الأخبار؛ للشيخ محمد بن محمد الشعيري السبزواري من أعلام القرن السابع
الهجري، منشورات الرضي، قم، 1363 ش.
21. الجعفريات (الأشعثيات) لأبي الحسن محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي، من أعلام
القرن الرابع، مكتبة نينوى، تهران.
22. جمال الأسبوع لكمال العمل المشروع؛ لرضي الدين علي بن موسى بن طاووس الحلي (م
664 ه‍. ق) منشورات الرضي، قم.
* الحاشية على أصول الكافي؛ لمحمد أمين الأسترآبادي (م 1036 ق) = ميراث حديث شيعه.
23. الخصال؛ لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، المعروف بالشيخ
الصدوق (م 381 ه‍. ق) تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي،
قم، 1403 ق.
24. الدر المنثور في التفسير بالمأثور؛ للشيخ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (م
911 ق) دار المعرفة، جدة.
25. دعائم الإسلام؛ للقاضي نعمان بن محمد بن محمد بن منصور التميمي المغربي (م 363 ق)
تحقيق: آصف علي أصغر فيضي، دار المعارف، مصر، 1385 ق.
* رجال الكشي = اختيار معرفة الرجال.
26. رجال النجاشي (فهرس أسماء مصنفي الشيعة)؛ لأحمد بن علي بن أحمد بن العباس
النجاشي (م 450 ق) تحقيق سيد موسى الشبيري الزنجاني، مؤسسة النشر الإسلامي، قم
1407 ق.
27. روضة الواعظين؛ للفتال النيسابوري (م 508 ق) منشورات الرضي، قم.
28. السنن الكبرى؛ لأحمد بن الحسين بن علي البيهقي (م 458 ق) دار الفكر، بيروت.
29. شرح نهج البلاغة، لعز الدين عبد الحميد بن محمد بن أبي الحديد المعتزلي، المعروف
بابن أبي الحديد (م 656 ق) مكتبة آية الله المرعشي، 1404 ق.
663

30. شواهد التنزيل لقواعد التفضيل؛ لعبيد الله بن أحمد، المعروف بالحاكم الحسكاني (من
أعلام القرن الخامس) تحقيق: الشيخ محمد باقر المحمودي، مؤسسة الطبع والنشر
التابعة لوزارة الإرشاد الإسلامي، إيران، 1411 ق.
31. الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية) لإسماعيل بن حماد الفارابي الجوهري (م 393 ق)
تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، دار العلم للملايين، بيروت، 1407 ق.
32. الصحيفة السجادية؛ للإمام علي بن الحسين (عليهما السلام)، نشر الهادي، قم، 1376 ش.
33. صحيح مسلم؛ لمسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (م 261 ق) دار الفكر، بيروت.
34. علل الشرائع؛ للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، المعروف
بالشيخ الصدوق (م 381 ه‍. ق) مكتبة الداوري، قم.
35. العمدة (عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار) ليحيى بن الحسن المعروف
بابن البطريق الحلي الأسدي (م: نحو سنة 600 ق) مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1407 ق.
36. عوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث الدينية؛ لمحمد بن علي بن إبراهيم الأحسائي،
المعروف بابن أبي جمهور (م 897 ق) تحقيق: مجتبى العراقي، مطبعة سيد الشهداء،
قم، 1405 ق.
37. عيون أخبار الرضا (عليه السلام)؛ للشيخ محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ
الصدوق (م 381 ه‍. ق) تصحيح: السيد مهدى الحسيني اللاجوردي، منشورات جهان،
تهران، 1378 ق.
38. الفائق في غريب الحديث؛ لجار الله محمود بن عمر الزمخشري (م: 538 ق) دار الكتب
العلمية، بيروت، 1417 ق.
39. الفقيه (كتاب من لا يحضره الفقيه)؛ لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه
القمي، المعروف بالشيخ الصدوق (م 381 ه‍. ق) مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1413 ق.
40. الفهرست؛ لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (م 460 ه‍. ق) تصحيح:
محمد صادق آل بحر العلوم، المكتبة المرتضوية، النجف الأشرف.
41. القاموس المحيط والقابوس الوسيط؛ لمحمد بن يعقوب الشيرازي الفيروزآبادي الشافعي
(م 817 ه‍. ق) دار الجيل، بيروت.
664

42. الكافي؛ لمحمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني، المعروف بثقة الإسلام (م 329 ق)
تصحيح: علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية، تهران، 1365 ش.
43. كشف الغمة في معرفة الأئمة؛ لأبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الإربلي (م 693 ق)
تحقيق: السيد هاشم الرسولي، مكتبة بني هاشمي، تبريز، 1381 ق.
44. كمال الدين وتمام النعمة (إكمال الدين وإتمام النعمة)؛ لأبي جعفر محمد بن علي بن
الحسين بن بابويه القمي، المعروف بالشيخ الصدوق (م 381 ق) تحقيق: علي أكبر
الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1405 ق.
45. كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال؛ لعلاء الدين علي المتقي ابن حسام الدين الهندي (م
975 ق) تصحيح: الشيخ بكري حياني والشيخ صفوة السقا، مؤسسة الرسالة، بيروت.
46. المحاسن؛ للشيخ أبي جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقي (م 280 ق) تصحيح: السيد
جلال الدين الحسيني المشتهر بالمحدث الأرموي، دار الكتب الإسلامية، قم.
47. مرآة العقول في شرح اخبار آل الرسول؛ للمولى محمد باقر المجلسي (م 1111 ه‍. ق)
تحقيق: السيد هاشم الرسولي، دار الكتب الإسلامية، تهران، 1394 ق.
48. مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل؛ للميرزا حسين النوري الطبرسي (م 1320 ق) تحقيق و
نشر: مؤسسة آل البيت (عليهم السلام)، قم، 1408 ق.
49. مصباح المتهجد؛ لمحمد بن الحسن الطوسي المعروف بشيخ الطائفة (م 460 ه‍) تحقيق:
على أصغر مرواريد، مؤسسة الفقه الشيعة، بيروت، 1411 ق.
50. معاني الاخبار؛ لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (م 381 ق) تصحيح:
علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1361 ش.
51. المغرب في ترتيب المعرب؛ لأبي الفتح ناصر بن عبد السيد بن علي المطرزي (م 616 ق)
دار الكتاب العربي، بيروت.
52. مكارم الأخلاق؛ لأبي نصر الحسن بن الفضل الطبرسي (من أعلام القرن السادس الهجري)
منشورات الرضي، قم، 1412 ق.
665

53. ميراث حديث شيعه؛ مهدي المهريزي وعلي صدرايي الخوئي، الدفتر الثامن (ص 277 -
410: الحاشية على أصول الكافي؛ للمولى محمد أمين الأسترآبادي م 1036 ق) دار
الحديث، قم، 1381 ش.
54. النهاية في غريب الحديث والأثر؛ لأبي السعادات مبارك بن مبارك الجزري، المعروف
بابن أثير (م 606 ق) تحقيق: ظاهر أحمد الزاوي، مؤسسة نشر إسماعيليان، قم،
1367 ش.
55. نهج البلاغة؛ الشريف الرضي (م 406 ق) دار الهجرة، قم.
56. الوافي؛ لمحمد محسن الكاشاني المعروف بالفيض الكاشاني (م 1091 ق) مكتبة الإمام
أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، أصفهان، 1412 ق.
57. وسائل الشيعة (تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة)؛ شيخ محمد بن
الحسن الحر العاملي (م 1104 ق) تحقيق ونشر: مؤسسة آل البيت (عليهم السلام)، قم، 1409 ق.
666